سلسله اعمال الشاعر احمد مطر



ديوان المسائل


إن كان الغرب هو الحامي

فلماذا نبتاع سلاحه؟

وإذا كان عدواً شرساً

فلماذا ندخله الساحة؟!
**
إن كان البترول رخيصاً

فلماذا نقعد في الظلمة؟

وإذا كان ثميناً جداً

فلماذا لا نجد اللقمة؟!
**
إن كان الحاكم مسئولاً

فلماذا يرفض أن يسأل؟

وإذا كان سُمُوَّ إلهٍ

فلماذا يسمو للأسفل؟!
**
إن كان لدولتنا وزن

فلماذا تهزمها نمله؟

وإذا كانت عـفطة عـنـز

فلماذا ندعوها دولة؟
**
إن كان الثوري نظيفاً

فلماذا تتسخ الثورة؟

وإذا كان وسيلة بول

فلماذا نحترم العورة؟!
**
إن كان لدى الحكم شعور

فلماذا يخشى الأشعار؟

وإذا كان بلا إحساس

فلماذا نعـنو لِحمار؟!
**
إن كان الليل له صبح

فلماذا تبقى الظلمات؟

وإذا كان يخلِّف ليلاً

فلماذا يمحو الكلمات؟!
**
إن كان الوضع طبيعياً

فلماذا نهوى التطبيع؟

وإذا كان ر هين الفوضى

فلماذا نمشي كقطيع؟!

إن كان الحاكم مخصياً


فلماذا يغضبه قولي؟

وإذا كان شريفاً حرا

فلماذا لا يصبح مثلي؟
**
إن كان لأمريكا عِهر

فلماذا تلقى ا لتبر يكا؟

وإذا كان لديها شرف

فلماذا تدعى(أمريكا) ؟!
**
إن كان الشيطان رجيماً

فلماذا نمنحه السلطة؟

وإذا كان ملاكاً برا

فلماذا تحرسه الشرطة؟
**
إن كنت بلا ذرة عقل

فلماذا أسأل عن هذا؟

وإذا كان برأسي عقل

فلماذا(إن كان.. لماذا)؟!

 


أعـيـاد


قال الراوي:


للناس ثلاثة أعياد

عيد الفطر،

وعيد الأضحى،

والثالث عيد الميلاد.

يأتي الفطر وراء الصوم

ويأتي الأضحى بعد الرجم

ولكنّ الميلاد سيأتي

ساعة إعدام الجلاد.

قيل له : في أي بلاد؟

قال الراوي:

من تونس حتى تـطـوا ن

من صنعاء إلى عمّان

من مكة حتى بغداد

قُتل الراوي.

لكنّ الراوي يا موتى

علمكم سر الميلاد.


 



البكاء الأبيض



كنت طفلا

عندما كان أبي يعمل جنديا

بجيش العاطلين!

لم يكن عندي خدين.

قيل لي

إن ابن عمي في عداد الميتين

وأخي الأكبر في منفاه، والثاني سجين.

لكنِ الدمعة في عين أبي

سر دفين.

كان رغم الخفض مرفوع الجبين.

غير أني، فجأة،

شاهدته يبكي بكاء الثاكلين!

قلت: ماذا يا أبي؟!

رد بصوت لا يبين:

ولدي.. مات أمير المؤمنين.

نازعتني حيرتي

قلت لنفسي:

يا ترى هل موته ليس كموت

الآخرين؟!

كيف يبكيه أبي، الآن،

ولم يبكِ الضحايا الأقربين؟!
**
ها أنا ذا من بعد أعوام طوال

أشتهي لو أنني

كنت أبي منذ سنين.

كنت طفلاً..

لم أكن أفهم ما معنى

بكاء الفرِحِين!

 


مـفـتـرق


يولد الناس جميعاً أبرياء.

فإذا ما دخلوا مختبر الدنيا

رماهم وفق مرماهم بأرحام النساء

في اتجاهين:

فأما أن يكونوا مستقيمين… وأما أن

يكونوا رؤساء


 


منافسة



أُعلن الإضراب في دور البغاء.

البغايا قلن:

لم يبق لنا من شرف المهنة

إلا ألا د عاء!

إننا مهما أتسعنا

ضاق باب الرزق

من زحمة فسق الشركاء.

أبغايا نحن؟!

كلا.. أصبحت مهنتنا أكل هواء.

وكان العهر مقصورا

على جنس النساء.

ما الذي نصنعه؟

ما عاد في الدنيا حياء!

كلما جئنا لمبغى

فتح الأوغاد في جانبه مبغى

وسموه: اتحاد الأدباء!


 


عكاظ


الأرض : ثغـرى أنهر

لكن قلبي نار.

البحر: أُبدي بسمتي..

وأضمر الأخطار.

الريح : سِلمي نسمة

وغضبتي إعصار.

الغيم : لي صواعق

تمشي مع الأمطار.

الصمت : في بالي أنا.. تزمجر

الأفكار.

الصخر: أدنى كرمي أن أمنح الأحجار

لأشرف الثوار.

النسر: رأيي مخلب ومنطقي منقار

النمر: نابي دعوتي .. وحجتي الأظفار
.
الكلب : لست خائناً ولست بالغدار.

بل أنا أحمي صاحبي ، وأعقر الأشرار.

الجحش : نوبتي أنا بعد الأخ المنهار
.
العربي : ليس لي شيء سوى الأعذار والنفي والإنكار

والعجز والإدبار

والابتهال ، مرغماً ، للواحد القهار

بأن يطيل عمر من يقصِّر الأعمار!

بالشكل إنسان أنا .. لكنني حمار
.
الجحش : طارت نوبتي

وفخر قومي طار
.
أي افتخار يا ترى .. من بعد هذا العار؟

 

أقسى من الإعدام

الإعدام أخف عقاب

يتلقاه الفرد العربي.

أهناك أقسى من هذا؟

- طبعاً..

فالأقسى من هذا

أن يحيا في الوطن العربي!



 

المفترى عليه




قال مِحقان بن بلا ّع ا ل.. عصير:

قيل إني لي عقارات ولي مال وفير

إنه وهم كبير

كل ما أملكه خمسون قصراً

أتّقي القيظ بها والزمهرير

أين أمضي

من سياط الحر والبرد؟

أطير؟!

ورصيدي كله

ليس سوى عشرين مليارا

فهل هذا كثير؟!

آه لو يدري الذي يحسدني

كيف أحير.

منه مأكولي ومشروبي

وملبوسي و مر كوبي

وبترول الفوانيس .. وأقساط السرير.

وعليه الشاي والقهوة والتبغ

وفاتورة ترقيع الحصير.

لا.. وهذا غير(حـفّا ظا ت(

مِحقان الصغير!

ما الذي يـبغـو نه مني؟

أأستجدي.. لكي يقتنعوا أني فقير؟
**
وأشاعوا أنني أنظر للشعب

كما أنظر للدود الحقير!

فووووو وو!!

إلهي.. أنت جاهي بك منهم أستجير.

قسماً باسمك إني عندما أرنو لشعبي

لا أرى إلا الحمير!
**
ويقولون ضميري ميت!

كيف يصير؟!

هل لأتاهم خبر عما بنفسي

أم هم الله الخبير؟!

كذبوا.. فالله يدري أنني من بدء عمري

لم يكن عندي ضمير




 


الممكن والمستحيل


لو سقط الثقب من الإبرة!

لو هوت الحفرة في حفرة!

لو سكِرت قنينة خـمره!

لو مات الضِّحك من الحسرة!

لو قص الغيم أظافره

لو أنجبت النسمة صخرة!

فسأؤمن في صحة هذا

وأُقِرُّ وأبصِم بالعشرة.

لكنْ.. لن أؤمن بالمرة

أن بأوطاني أوطانا

وأن بحاكمها أملاً

أن يصبح، يوماً، إنسانا

أو أن بها أدنى فرق

ما بين الكلمة والعورة

أو أن الشعب بها حر

أو أن الحرية.. حرة !

 


مكتوب


من طرف الداعي..

إلى حضرة حمّال القُرَح:

لك الحياة والفرح.

نحن بخير، وله الحمد، ولا يهمنا شيء

سوى فراقكم.

نود أن نعلمكم أن أباكم قد طفح.

وأمكم توفيت من فرط شدة الرشح

وأختكم بألف خير.. إنما

تبدو كأنها شبح.

تزوجت عبد العظيم جاركم

وزوجها في ليلة العرس ا نذبح.

ولم يزل شقيقكم

في السجن.. لارتكابه أكثر من عشر

جُنح.

وداركم عامرة .. أنقاضها

وكلبكم مات لطول ما نبح

وما عدا ذلك لا ينقصنا

سوى وجودكم هنا.

أخوكم الداعي لكم

) قوس قزح (

ملحوظة: كل الذي سمعته

عن مرضي بالضغط والسكرِ.. صح.

ملحوظة ثانية: دماغ عمك انفتح.

وابنة خالك اختفت. لم ندر ماذا فعلت

لكن خالك ا نفضح!

ملحوظة أخيرة : لك الحياة والفرح !




 



أمام الأسوار

احتمالان أمام الشاعر الحر
إذا واجه أسوار السكوت.
احتمالان:
فأما أن يموت
أو يموت!

 



الـلعـبـة
الغربُ يبكي خيفـةً
إذا صَنعتُ لُعبـةً
مِـن عُلبـةِ الثُقابِ .
وَهْـوَ الّذي يصنـعُ لي
مِـن جَسَـدي مِشنَقَـةً
حِبالُها أعصابـي !
والغَـربُ يرتاعُ إذا
إ ذعتُ ، يومـاً ، أَنّـهُ
مَـزّقَ لي جلبابـي .
وهـوَ الّذي يهيبُ بي
أنْ أستَحي مِنْ أدبـي
وأنْ أُذيـعَ فرحـتي
ومُنتهى إعجابـي ..
إنْ مارسَ اغتصـابي !
والغربُ يلتـاعُ إذا
عَبـدتُ ربّـاً واحِـداً
في هـدأ ةِ المِحـرابِ .
وَهْـوَ الذي يعجِـنُ لي
مِـنْ شَعَـراتِ ذيلِـهِ
ومِـنْ تُرابِ نَعلِـهِ
ألفـاً مِـنَ الأربابِ
ينصُبُهـمْ فـوقَ ذُرا
مَز ا بِـلِ الألقابِ
لِكي أكـونَ عَبـدَهُـمْ
وَكَـيْ أؤدّي عِنـدَهُـمْ
شعائرَ الذُبابِ !
وَهْـوَ .. وَهُـمْ
سيَضرِبونني إذا
أعلنتُ عن إضـرابي .
وإنْ ذَكَـرتُ عِنـدَهُـمْ
رائِحـةَ الأزهـارِ والأعشـابِ
سيصلبونني علـى
لائحـةِ الإرهـابِ !

رائعة

 
رائعة
رائعـةٌ كُلُّ فعـالِ الغربِ والأذنابِ
أمّـا أنا، فإنّني
مادامَ للحُريّـةِ انتسابي
فكُلُّ ما أفعَلُـهُ
نـوعٌ مِـنَ الإرهـابِ !
هُـمْ خَرّبـوا لي عالَمـي
فليحصـدوا ما زَرَعـوا
إنْ أثمَـرَتْ فـوقَ فَمـي
وفي كُريّـاتِ دمـي
عَـولَمـةُ الخَـرابِ
هـا أ نـا ذ ا أقولُهـا .
أكتُبُهـا .. أرسُمُهـا ..
أَطبعُهـا على جبينِ الغـرْبِ
بالقُبقـابِ :
نَعَـمْ .. أنا إرهابـي !
زلزَلـةُ الأرضِ لهـا أسبابُها
إنْ تُدرِكوهـا تُدرِكـوا أسبابي .
لـنْ أحمِـلَ الأقـلامَ
بلْ مخالِبـي !
لَنْ أشحَـذَ الأفكـارَ
بـلْ أنيابـي !
وَلـنْ أعـودَ طيّباً
حـتّى أرى
شـريعـةَ ا لغابِ بِكُلِّ أهلِها
عائـدةً للغا بِ .



 

انا إرهابي
نَعَـمْ .. أنا إرهابـي .
أنصَـحُ كُلّ مُخْبـرٍ
ينبـحُ، بعـدَ اليـومِ، في أعقابـي
أن يرتـدي دَبّـابـةً
لأنّني .. سـوفَ أدقُّ رأسَـهُ

إنْ دَقَّ ، يومـاً، بابـي !

 

تفاؤل

دق بابي كائن يحمل أغلال العبيد بشع..
في فمه عدوى وفي كفه نعيٌ
وبعينيه وعيد.
رأسه ما بين رجليه ورجلاه دماء
وذراعاه صديد.
قال: عندي لك بشرى.
قلت: خيرا؟!
قال: سجل..
حزنك الماضي سيغدو محض ذكرى.
سوف يستبدل بالقهر الشديد!
إن تكن تسكن بالأجر
فلن تدفع بعد اليوم أجرا.
سوف يعطونك بيتا فيه قضبان حديد!
لم يعد محتملا قتلك غدرا.
إنه أمر أكيد!
قوة الإيمان فيكم ستزيد.
سوف تنجون من النار
فلا يدخل في النار شهيد!

 

ابتهج

حشر مع الخرفان عيد!
قلت ما هذا الكلام؟!
إن أعوام الأسى ولت، وهذا خير عام
إنه عام السلام.
عـفط الكائن في لحيته.. قال: بليد.
قلت: من أنت؟!
وماذا يا ترى مني تريد؟!
قال: لا شيء بتاتاً .. إنني العام الجديد!






 

الرجل المناسب

باسم والينا المبجّل…
قرروا شنق الذي اغتال أخي
لكنه كان قصيراً
فمضى الجلاد يسأل…: رأسه لا يصل الحبل
فماذا سوف أفعل ؟… بعد تفكير عميق
أمر الوالي بشنقي بدلاً منه
لأني كنت أطول…


 

وظيفة القلم

عندي قلم
ممتلئٌ يبحث عن دفتر
و الدفتر يبحث عن شعر
و الشعر بأعماقي مضمر
و ضميري يبحث عن أمن
و الأمن مقيم في المخفر
و المخفر يبحث عن قلم
- عندي قلم
- وقع يا كلب على المحضر

 

قطعان ورعاة

يتهادى في مراعيه القطيع .
خلفه راعٍ ، و في أعقابه كلبٌ مطيع .
مشهد يغفو بعيني و يصحو في فؤادي .
هل أسميه بلادي ؟!
أ بلادي هكذا ؟
ذاك تشبيه فظيع ! ألف لا…
يأبى ضميري أن أساوي عامداً
بين وضيعٍ و رفيع .
هاهنا الأبواب أبواب السماوات
هنا الأسوار وأعشاب الربيع
و هنا يدرج راعٍ رائعٌ في يده نايٌ
و في أعماقه لحنٌ بديع.
و هنا كلبٌ وديع
يطرد الذئب عن الشاة
و يحدو حَمَلاً كاد يضيع
و هنا الأغنام تثغو دون خوف
و هنا الآفاق ميراث الجميع .
أ بلادي هكذا ؟
كلاّ… فراعيها مريع . ومراعيها نجيع .
و لها سور و حول السور سور
حوله سورٌ منيع !
و كلاب الصيد فيها تعقر الهمس
و تستجوب أحلام الرضيع !
و قطيع الناس يرجو لو غدا يوماً خرافا
إنما… لا يستطيع !

 


مسألة مبدأ

قال لزوجه: اسكتي . و قال لابنه: ا نكتم.
صوتكما يجعلني مشوش التفكير.
لا تنبسا بكلمةٍ أريد أن أكتب عن
حرية التعبير !


عقوبة إبليس

 
الوسوم
احمد اعمال الشاعر سلسله مطر
عودة
أعلى