سلسله اعمال الشاعر احمد مطر



عقوبة إبليس

طمأن إبليس خليلته : لا تنزعجي يا باريس .
إن عذابي غير بئيس .
ماذا يفعل بي ربي في تلك الدار ؟
هل يدخلني ربي ناراً ؟ أنا من نار !
هل يبلسني ؟ أنا إبليس !
قالت: د ع عنك التدليس
أعرف أن هراء ك هذا للتنفيس .
هل يعجز ربك عن شيء ؟!
ماذا لو علمك الذوق ، و أعطاك براءة قديسْ
و حبا ك أرقّ أحاسيسْ
ثم دعاك بلا إنذارٍ … أن تقرأ شعر أ د و نيس ؟!



 

حديث الحمام

حدّث الصياد أسراب الحمام
قال: عندي قفصٌ أسلاكه ريش نعام
سقفه من ذهب
و الأرض شمعٌ و رخام.
فيه أرجوحة ضوء مذهلة و زهورٌ بالندى مغتسلة.
فيه ماءٌ و طعامٌ و منام
فادخلي فيه و عيشي في سلام .
قالت الأسراب : لكن به حرية معتقلة.
أيها الصياد شكراً…
تصبح الجنة ناراً حين تغدو مقفلة !
ثم طارت حرةً ،
لكن أسراب الأنام حينما حدثها بالسوء صياد النظام
دخلت في قفص الإذعان حتى الموت…
من أجل وسام !



 
تشخيص

من هناك ؟
لا تخف.. إني ملاك.
- اقترب حتى أرى… لا، لن تراني
بل أنا وحدي أراك.
- أيّ فخرٍ لك يا هذا بذاك ؟!
لست محتاجاً لأن تغدو ملاكاً
كي ترى من لا يراك.
عندنا مثلك آلاف سواك !
إن تكن منهم فقد نلت مناك
أنا معتادٌ على خفق خطاك.
و أنا أسرع من يسقط سهواً في الشباك
و إذا كنت ملاكاً
فبحق الله قل لي
أيّ شيطان إلى أرض الشياطين هداك ؟!

 

درس في الإملاء

كتب الطالب : ( حاكِمَنا مُكـْتأباً يُمسي
و حزيناً لضياع القدس ) .
صاح الأستاذ به: كلاّ … إنك لم تستوعب درسي .
إ رفع حاكمنا يا ولدي
و ضع الهمزة فوق ) الكرسي ( .
هتف الطالب : هل تقصدني … أم تقصد عنترة ا لعــبسـي ؟!
أستوعبُ ماذا ؟! و لماذا ؟!
د ع غيري يستوعب هذا
واتركني أستوعب نفسي .
هل درسك أغلى من رأسي ؟!



 
وسائل النجاة

و قاذفات الغرب فوقي
و حصار الغرب حولي
و كلاب الغرب دوني .
ساعدوني ما لذي يمكن أن أفعل
كيلا يقتلوني ؟!- أنبذ الإرهاب…
ملعونٌ أبو الإرهاب..
( أخشى يا أخي أن يسمعوني! )
أي إرهاب ؟!
فما عندي سلاح غير أسناني
و منها جردوني !
- لم تزل تؤمن بالإسلام
كلا … فالنصارى نصّروني .
ثم لما اكتشفوا سر ختاني … هودوني !
و اليهود إ ختبر وني ثم لما اكتشفوا طيبة قلبي
جعلوا ديني ديوني .
أيّ إسلام ؟
أنا "نَصَرا يهُوني "
- لا يزال اسمك " طه "… لا… لقد أصبحت " جـو ني " !
- لم تزل عيناك سوداوين …
لا … بالعدسات الزرق أبدلت عيوني …
- ربما سحنتك السمراء كلا… صبغوني
- لنقل لحيتك الكثّة … كلا …
حلقوا لي الرأس و اللحية و الشارب،
لا… بل نتفوا لي حاجب العين و أهداب الجفون !
- عربيٌ أنت.
No, don't be Silly, they
ترجموني !
- لم يزل فيك دم الأجداد !!
ما ذنبي أنا ؟ هل بإ ختيا ري خلّفوني ؟
- دمهم فيك هو المطلوب ، لا أنت…
فما شأنك في هذي الشؤون ؟
قف بعيداً عـنهـما…
كيف، إذن، أضمن ألاّ يذبحوني ؟!
- إ نتحر أو مُتْ
أو استسلم لأنياب المنون !





 

فتوى أبي العينين

يا أبا العينين…ما فتواك في هذا الغلام ؟
- هل دعا -في قلبه-يوماً إلى قلب النظام ؟
لا…
- و هل جاهر بالتفكير أثناء الصيام ؟
لا…
- و هل شوهد يوماً يمشي للأ مام ؟
لا…
- إذن صلّى صلاة الشافعية.
لا…
- إذن أنكر أنّ الأرض ليست كرويّة.
لا…
- ألا يبدو مصاباً بالزكام ؟
لا…
- لنفرض أنه نام
و في النوم رأى حلماً
و في الحلم أراد ا لإ بتسام.
لم ينم منذ اعتقلناه…
- إذن… متهمٌ دون إ تـها م !
بدعةٌ واضحةٌ مثل الظلام.
اقطعوا لي رأسه
لكنه قام يصلي…
- هل سنلغي ا لشرع
من أجل صلاة ابن الحرام ؟!
كل شيء و له شيء
تمام.
صدرت فتوى الإمام:
( يقطع الرأس
و تبقى جثة الوغد تصلي
آه… يا للي.
و السلام ) !

 
حبسة حرة
إ ختفى صوتي
فراجعت طبيبي في الخفاء.
قال لي: ما فيك داء.
حبسه في الصوت لا أكثر…
أدعوك لأن تدعو عليها بالبقاء !
قَدَرٌ حكمته أنجتك من حكم ( القضاء (
حبسه الصوت
ستعفيك من الحبس
و تعفيك من الموت
و تعفيك من الإرهاق
ما بين هروبٍ و اختباء.
و على أسوأ فرض
سوف لن تهتف بعد اليوم صبحاً و مساء
بحياة اللقطاء.
باختصار…
أنت يا هذا مصابٌ بالشفاء !
أربعة أو خمسة

 
أربعة أو خمسة
أربعة أو خمسة
يأتون في دبابة
فيملكون وحدهم
حرية الكتابة
والحق في الرقابة
والمنع والإجابة
والأمن والمهابة
والمال والآمال
والتصويب والإصابة
وكل من دب
ولم يلق لهم أسلابه
تسحقه الدبابة

 

مـنـفـيـون
لمن نشكو مآسينا ؟
ومن يصغي لشكوانا ، ويجدينا ؟
أنشكو موتنا ذلا لوالينا ؟
وهل موت ســيحـيـيـنا ؟
قطيع نحن والجزار راعينا ،
ومنفيون نمشي في أراضينا ،
ونحمل نعشنا قسرا بأيدينا ،
ونعرب عن تعازينا لنا فينا ،
فوالينا ، أدام الله والينا ،
رآنا أمة وسطا ، فما أبقى لنا دنيا ،
ولا أبقى لنا دينا ،
ولاة الأمر : ما خنتم ، ولا هنتم ،
ولا أبديتم ا للينا ،
جزاكم ربنا خيرا ، كفيتم أرضنا بلوى أعادينا ،
وحققتم أمانينا ،
وهذي القدس تشكركم ،
ففي تنديدكم حينا ،
وفي تهديدكم حينا ،
سحبتم أنف أمريكا ،
فلم تنقل سفارتها ،
ولو نقلت ــ معاذ الله لو نقلت ــ لضيعنا فلسطينا ،
ولاة الأمر هذا النصر يكفيكم ، ويكفينا ،
تهانينا
حصافة

 

حصافة
حيـن رآنـي

مهمـوماً، مُنكسِـر الهمَّـةْ

قال حذائـي

هـل مازلتَ تؤمّـلُ حقّـاً

أن توقِـظَ ميتـاً بالنأْمــهْ ؟

أو أن تُشـعِلَ مـاءَ البَحـرِ

بضـوءِ النَّجْمـــةْ ؟

لا جَـدوى ...

خُـذْ منّي الحِكْمـَــةْ

فأنـا، مُنــذُ وجِـدتُ، حِـذاءٌ

ثُمّ دعاني البعضُ مَداسـاً

ثُمّ تقطّعْــتُ بلا رحمّـهْ ...

فإذا باسمـي :

جوتي، سباط، جزمـهْ

نَعْـلٌ، كندرة، مرْكـوبٌ

خـفٌّ، يمَنـيٌّ، حاط

بوتينٌ، بابـوجٌ، صُـرْمَـةْ .

وإلى آخـرِ هـذي الزّحمَـةْ

أيُّ حِـوارٍ ؟

أيُّ خُـوارٍ ؟

أيُّ حضيـضٍ ؟

أيّـةُ قِمّــةْ ؟

إنْ كنتُ أنا التّافِـهُ وحْـدي

أدخلتُ الأُمّــةَ في أزْمَــةْ

وعليَّ تفرّقـتِ الكِلْمَـةْ

فعلى أيّ قضـايا كُـبرى

يُمكِـنُ أن تتّفـقَ الأَمّــة ؟



 
أَعِـدْ قَـدَمـي ..

لِكَـيْ أمشـي إلَيـكَ مُعَـزّياً فينـا
فَحالـي صارَ مِن حالِكْ .
أعِـدْ كَفّـي ..
لكـي أُلقـي أزا هـيـر ي
علـى أزهـارِ آمالِكْ .
أعِـدْ قَلبـي ..
لأقطِـفَ وَردَ جَـذوَتِهِ
وَأُوقِـدَ شَمعَـةً فـي صُبحِـكَ الحالِكْ !
أَعِـدْ شَـفَتي ..
لَعَـلَّ الهَـولَ يُسـعِفُني
بأن أُعطيكَ تصـويراً لأهـوالِكْ .
أَعِـدْ عَيْـني ..
لِكَـي ابكـي على أرواحِ أطفـالِكْ .
أتَعْجَـبُ أنّنـي أبكـي ؟!
نَعَـمْ .. أبكـي
لأنّـي لَم أكُـن يَـومـاً
غَليـظَ القلبِ فَـظّاً مِثـلَ أمثـالِكْ !
***
لَئِـن نَـزَلَتْ عَلَيْـكَ اليـومَ صاعِقَـةٌ
فَقـد عاشتْ جَميـعُ الأرضِ أعوامـاً
وَمـازالـتْ
وَقـد تَبقـى
على أ شفا رِ زِلزالِكْ !
وَكفُّـكَ أضْـرَمَتْ فـي قَلبِهـا نـاراً
وَلم تَشْـعُرْ بِهـا إلاّ
وَقَـد نَشِـبَتْ بأذيالِكْ !
وَلم تَفعَـلْ
سِـوى أن تَقلِبَ الدُّنيـا على عَقِـبٍ
وَتُعْقِـبَهـا بتعديـلٍ على رَدّا ت ا فعـالِكْ !
وَقَـد آ لَيْـتَ أن تَـرمـي
بِنَظـرةِ رَيْبِـكَ الدُّنيـا
ولم تَنظُـرْ، ولو عَرَضَـاً، إلى آلِـكْ !
أَتَعـرِفُ رَقْـمَ سِـروالٍ
على آلافِ أميـالٍ
وَتَجهَلُ أرْقَـماً في طـيِّ سِـروالِكْ ؟!
أرى عَيْنَيكَ في حَـوَلٍ ..
فَـذلِكَ لـو رمـى هـذا
تَرى هـذا وتَعْجَبُ لاسـتغاثَتـهِ
ولكنْ لا تـرى ما قـد جَنـى ذلِـكْ !
ا ر ى كَفَّيْـكَ في جَـدَلٍ ..
فواحِـدَةٌ تَـزُفُّ الشَّمـسَ غائِبَـةً
إلـى الأعمـى !
وواحِـدَةٌ تُغَطِّـي الشَّمـسَ طالِعةً بِغِـربالِكْ !
وَمـا في الأمـرِ أُحجِيَـةٌ
وَلكِنَّ العَجائِبَ كُلَّهـا مِن صُنْـعِ مِكيـالِكْ !
***
بِفَضْـلِكَ أسـفَرَ الإرهـابُ
نَسّـاجاً بِمِنـوالِكْ
و َمعـتاشا بأمـوالِكْ
وَمَحْمِيّـاً بأبطالِكْ .
فَهل عَجَـبٌ
إذا وافاكَ هـذا اليـومَ مُمْتَنّـاً
لِيُـرجِعَ بَعضَ أفضـالِكْ ؟!
وَكَفُّكَ أبدَعَتْ تِمثـال( مـيـد و ز ا(
وتَـدري جَيِّـداً أنَّ الّذي يَرنـو لَـهُ هـالِكْ
فكيفَ طَمِعتَ أن تَنجو
وَقَـد حَـدَّقتَ في أحـداقِ تِمثالِكْ ؟!
خَـرابُ الوضـعِ مُختَصَـرٌ
بِمَيْـلِ ذِراعِ مِكيـالِكْ .
فَعَـدِّلْ وَضْـعَ مِكيالِكْ .
ولا تُسـرِفْ
و إلاّ سَـوفَ تأتـي كُـلُّ بَلبَلَـةٍ
بِمـا لَم يأتِ فـي بالِكْ !
***
إذا دانَتْ لَكَ الآفـاقُ
أو ذَلَّـتْ لَكَ الأعنـاقُ
فاذكُـرْ أيُّهـا العِمـلاقُ
أنَّ الأرضَ لَيْسـتْ دِرْهَمـاً في جَيْبِ بِنطـا لِكْ .
وَلَو ذَلَّلتَ ظَهْـرَ الفِيلِ تَذليـلاً
فأن بعوضةً تكفي ... لإذلالك



 

لافتة الكبش

الكبش تظلّم للراعي
ما دمت تفكر
في بيعي
فلماذا ترفض
إشباعي؟
قال له الراعي:
ما الداعي؟
كل رعاة بلادي مثلي
وأنا لا أشكو و أ داعي.
إ حسب نفسك
ضمن قطيعٌ عربي
وأنا الإقطاعي!

 


من أين أنت سيدي؟

فوجئت بالسؤال
أوشكت أن أكشف عن عروبتي،
لكنني خجلت أن يقال
بأنني من وطن تسومه البغال
قررت أن أحتال
قلت بلا تردد:
أنا من الأدغال
حدق بي منذ هلا
وصاح بانفعال:
حقا من الأدغال؟!
قلت: نعم
فقال لي:
من عرب الجنوب.. أم
من عرب الشمال؟!

 

عائدون

هرم الناس وكانوا يرضعون،
عندما قال المغني عائدون،
يا فلسطين وما زال المغني يتغنى،
وملايين ا للـحـو ن،
في فضاء الجرح تفنى،
واليتامى من يتامى يولدون،
يا فلسطين وأرباب النضال المدمنون،
ساءهم ما يشهدون،
فمضوا يستنكرون،
ويخوضون ا لنضا لات على هز القنا ني
وعلى هز البطون،
عائدون،
ولقد عاد الأسى للمرة الألف،
فلا عدنا ولاهم يحزنون!


 
إهانة


رأتِ الدول الكبرى تبديل الأدوارْ
فأقرّت إعفاء الوالي
واقترحت تعيينَ حِمارْ!
ولدى توقيع الإقرار ْ نهقتْ كلُّ حمير الدنيا باستنكارْ:
نحن حميرَ الدنيا لا نرفضُ أن نُتعَبْ
أ و أ ن نُركَبْ أو أن نُضربْ أو حتى أن نُصلبْ
لكن نرفضُ في إصرارْ أن نغدو خدماً للاستعمارْ.
إن حُمو ر يـتنا تأبى أن يلحقنا هذا العارْ!


 


أوصاف ناقصة


قال: ما الشيءُ الذي يمشي كما تَهوي القَدَمْ؟
قلتُ : شعبي قال: كلاّ .. هُوَ جِلدٌ ما به لحمٌ ودَمْ
قلتُ : شعبي قال : كلاً ..
هو ما تركبُهُ الأممْ .. قلت : شعبي
قال : فكّر جيّداً.. فيه فمٌ من غير فم
ولسانٌ موثقٌ لا يشتكي رغم الألمْ قلت : شعبي
قال : ما هذا الغباء؟!
إنني أعني الحِذاءْ!
قلت : ما الفرقُ؟ هما في كلِّ ما قلت سواءْ!
لم تقلْ لي إنهُ ذو قيمةٍ أو إنهُ لم يتعرّض للتُّهمْ
لم تقل لي هُو ضاق برِجْلٍ وَرَّمَ الرِّجْلَ ولم يشكُ الورَمْ
لم تقل لي هو شيءٌ لم يقلْ يوماً نعم

حالات

 

حالات
بالتّمـادي
يُصـبِحُ اللّصُّ بأوربّـا
مُديراً للنـوادي .
وبأمريكـا
زعيمـاً للعصاباتِ وأوكارِ الفسـادِ .
و بإ و طا نـي التي
مِـنْ شرعها قَطْـعُ الأيادي
يُصبِـحُ اللّصُّ
.. رئيساً للبـلادِ !

 

إعتـذار
صِحـتُ مِـن قسـوةِ حالـي :
فـوقَ نَعلـي
كُلُّ أصحـابِ المعالـي !
قيـلَ لي : عَيبٌ
فكرّرتُ مقالـي .
قيلَ لي : عيبٌ
وكرّرتُ مقالي .
ثُـمّ لمّا قيلَ لي : عيبٌ
تنبّهتُ إلى سـوءِ عباراتي
وخفّفتُ انفعالـي .
ثُـمّ قدّمـتُ اعتِـذاراً
.. لِنِعالـي !
صنـدوق العجائب

 

صنـدوق العجائب
فـي صِغَـري
فَتَحْـتُ صُـندوقَ اللُّعَـبْ .
أخْرَجـتُ كُرسيّاً موشّـى بالذّهَـبْ
قامَـتْ عليـهِ دُميَـةٌ مِنَ الخَشَـبْ
في يدِهـا سيفُ قَصَـبْ
خَفَضـتُ رأسَ دُميَتي
رَفعْتُ رأسَ دُمـيتي
خَلَعتُهـا .
نَصَبتُهـا .
خَلعتُها .. نَصبتُها
حـتّى شَعَرتُ بالتّعَـبْ
فما اشتَكَـتْ مـن اختِلافِ رغبتي
ولا أحسـّتْ بالغَضـبْ !
وَمثلُها الكُرسـيُّ تحتَ راحَـتي
مُزَوّقٌ بالمجـدِ .. وهـوَ مُستَلَبْ .
فإنْ نَصَبتـهُ انتصـبْ
وإنْ قَلبتُـهُ انقَلَـبْ !
أمتَعني المشهـدُ،
لكـنّ أبـي
حينَ رأى المشهدَ خافَ واضطَرَبْ
وخَبّـأَ اللعبـةَ في صُـندوقِها
وشَـدَّ أُذْنـي .. وانسحَـبْ !
**
وَعِشتُ عُمـري غارِقـاً في دهشتي .
وعنـدما كَبِرتُ أدركتُ السّببْ
أدركتُ أنَّ لُعبتي
قـدْ جسّـدَتْ
كُلَّ سلاطينِ العـرَبْ !

 

التكفير والثـورة
كفرتُ بالأقـلامِ والدفاتِـرْ .
كفرتُ بالفُصحـى التي
تحبـلُ وهـيَ عاقِـرْ .
كَفَرتُ بالشِّعـرِ الذي
لا يُوقِفُ الظُّلمَ ولا يُحرِّكُ الضمائرْ .
لَعَنتُ كُلَّ كِلْمَةٍ
لمْ تنطَلِـقْ من بعـدها مسيرهْ
ولـمْ يخُطِّ الشعبُ في آثارِها مَصـيرهْ .
لعنتُ كُلَّ شاعِـرْ
ينامُ فوقَ الجُمَلِ النّديّـةِ الوثيرةْ
وَشعبُهُ ينـامُ في المَقابِرْ .
لعنتُ كلّ شاعِـرْ
يستلهِمُ الدّمعـةَ خمـراً
والأسـى صَبابَـةً
والموتَ قُشْعَريـرةْ .
لعنتُ كلّ شاعِـرْ
يُغازِلُ الشّفاهَ والأثداءَ والضفائِرْ
في زمَنِ الكلابِ والمخافِـرْ
ولا يرى فوهَـةَ بُندُقيّـةٍ
حينَ يرى الشِّفاهَ مُستَجِيرةْ !
ولا يرى رُمّانـةً ناسِفـةً
حينَ يرى الأثـداءَ مُستديرَةْ !
ولا يرى مِشنَقَةً
حينَ يرى الضّفـيرةْ !
**
في زمَـنِ الآتينَ للحُكـمِ
على دبّابـةٍ أجـيرهْ
أو ناقَـةِ العشيرةْ
لعنتُ كلّ شاعِـرٍ
لا يقتـنى قنبلـةً
كي يكتُبَ القصيـدَةَ الأخيرةْ !


 
الوسوم
احمد اعمال الشاعر سلسله مطر
عودة
أعلى