اشعار فاروق جويدة / متجدد /

سيبقى نشيدي
وما زلت ألمح شيئا بعيدا
يداعب عيني.. كطيف السراب
فحينا أراه ضياء نحيلا
يصارع ليلا.. كثيف الضباب
وحينا أراه.. صباحا عنيدا
يزمجر في الأفق خلف السحاب
ودربي طويل.. وقيدي ثقيل..
وأحمل عمرا كسيح الشباب
وما زلت أحمل نايا حزينا
تكسر مني.. على كل باب
أدور بحلمي على كل بيت
أعاتب صمتا طويلا طويلا..
أصارع حزنا كئيبا.. كئيبا
أردد لحنا بأرض خراب
وألقي بعمري على كل باب
وأغرس حلمي فيأبى التراب
ورغم القيود.. ورغم العذاب
سيبقى نشيدي على كل باب..
 
خطيئة
أسقطت حبك من سنين حياتي
وصلبته شبحا على الطرقات
وجمعت أيام الفضائل كلها
فوجدت بُعدي أجمل الحسنات
قد كنتِ في ليل الضلال خطيئة
لا الصوم يغفرها ولا صلواتي
 
مع العراف
لماذا صارت الأحلام أشواكا
تمزقنا بأيدينا؟!
لماذا نترك الأحزان تقهرنا
وتصفعنا.. وتلقينا؟
لماذا نقتل الأشواق
والنجوى لهيب في مآقينا؟
لماذا نكره الأحياء.. والموتى
ونكره كل ما فينا؟
كأن الأرض لم تنجب
سوى زمن يعادينا
وظل الليل بالأحزان
يسقينا.. ويسقينا
وطيف اليأس بالكلمات
يغرينا.. ويغرينا
ذهبت اليوم للعراف أسأله..
لماذا ترفع الأحزان قامتها بوادينا؟!
دنا العراف في همس
وقال: الخوف يا ولدي
أراه الآن يقتلنا ويهزمنا.. ويردينا
لأن الله يخلقنا ويطعمنا.. ويسقينا
ولا نرضى بأن نبقى له دوما مطيعينا
دعونا نطلق الكلمات ترحمنا.. تواسينا
دعونا نرفض الأشياء
مثل الناس أو نحكي مآسينا
لماذا يأكل الصبار أزهارا
رعاها.. كل ما فينا؟!
حياة الناس أغنية
وما جدوى أغانينا؟
وليل الصمت يخنقنا
ويطحننا.. ويبكينا
* * *
رعينا الحب في أرض
عشقناها.. محبينا
جعلناها سفينتنا رأيناها مراسينا
تركنا الظلم ينخرها
لتغرق بين أيدينا
وهبنا النيل قربانا
جعلنا ماءه طينا
تركنا الفقر يهزمنا
يعربد في أمانينا
وقلبي بات يسألني:
متى الأفراح تحيينا؟
متى ستضيء قريتنا؟ متى تشدو ليالينا؟
فدمعي قد غدا نارا و دربي صار سكينا
و جوع الطفل يجعلني أسائل أدمعي حينا:
لماذا الفقر يا ولدي يدمر كل ما فينا؟!!
 
وتاب القلب
وظللت أبحث عنك بين الناس تنهرني خطايا
وسنون عمري في زحام الحزن تتركني شظايا
في كل درب من دروب الأرض من عمري.. بقايا
وعلى جدار الحزن صاح اليأس فارتعدت دمايا
ودفنت في أنقاض عمري أجمل الأحلام يبكيها صبايا
حتى رأيتك بين أعماقي وجودا.. في الحنايا
من كان يا عمري يصدق أنني
يوما أضعت العمر أبحث عن هوايا
قد كان في قلبي يعيش
وكان يسخر من خطايا؟!
* * *
لا تعجبي إن قلت إني قد رأيتك
قبل أن تأتي الحياة
وبأنني يوما عشقتك في ضمير الغيب
سرا.. لا أراه
كم تاه عقلي في دروب الحب
وانتحرت.. خطاه
كم عاش ينبش في بقايا اليأس
يسأل عن هواه
لكن قلبي كان يصمت
كان يدرك منتهاه
فلقد أحبك قبل أن تأتي الحياة
* * *
عاتبت قلبي كيف يتركني وحيدا في الدروب
كم ظل يخدعني فيحملني الضلال إلى الذنوب
قد كنت في قلبي
ولم أعرف سراديب القلوب
إني أضعت العمر معصية
وجئت الآن عندك كي أتوب
وأمام بابك جئت أحمل توبتي
لا حب غيرك.. لا ضلال.. ولا ذنوب!!
 
مدينتي.. بلا عنوان
ما عاد يا دنياي وقت للهوى
ما عاد همس الحب.. في وجداني
ما عاد نبض الحب ينطق بالمنى
و كفرت بالدنيا.. و بالإنسان
فحملت أحلاما تلاشى سحرها
كرفات قلب ضاق بالأكفان
و نسيت أزهارا غرسناها معا
و جنى عليها الدهر بالحرمان
و جنيت منها الحزن كأسا ظالما
كم ذبت يا عمري من الأحزان
و حسبت أن العمر بحر هادئ
فرأيت موج البحر كالبركان
و غرقت في ألم الحياة و هدني
عبث السنين.. و حيرة الفنان
فالكأس أيام نعيش بحزنها
و العمر سجن خانق الجدران
و الناس أطياف تمر كأنها
أشباح صيف شاحب الأغصان
هم كالسكارى في الحياة و خمرهم
أمل عقيم.. أو شعار فان
و تعربد الأيام فيهم ما ترى
في العمر في الأخلاق.. في الوجدان
ما أجبن الإنسان يدفن عمره
ليعيش تحت السوط.. و السجان
و يقول حظي أن أعيش ممزقا
و أظل صوتا.. لا يراه لساني
* * *
ما عاد يا دنياي وقت للهوى
ما عاد نبض الحب.. في وجداني
الحب أن نجد الأمان مع المنى
ألا يضيع العمر في القضبان
ألا تمزقنا الحياة بخوفها
أن يشعر الإنسان.. بالإنسان
أن نجعل الأيام طيفا هادئا
أن نغرس الأحلام كالبستان
ألا يعاني الجوع أبنائي غدا
ألا يضيق المرء.. بالحرمان
أخشى بأن يقف الزمان بحسرة
و يقول كانوا.. لعنة الإنسان
فغدا سيذكرنا الزمان بأننا
بعنا الهواء الطلق.. بالدخان
* * *
كلماتنا صارت تباع و تشترى
و بأبخس الأسعار.. بالمجان
كلماتنا يوما أضاءت دربنا
فلقد عرفنا الله في القرآن
و نساؤنا صغن الحياة رواية
كلماتها شيء.. بغير معاني
الفقر حطم في النساء حياءها
صارت تباع بأرخص الأثمان
و شبابنا جعلوا الحياة قضية
إما يمين.. أو يسار قاني
و نسوا تراب الأرض ويح عقولهم
هل بعد ((طين الأرض)) من أوطان؟
و شيوخنا بخلوا علينا بالمنى
من يا ترى يحيا.. بغير أماني؟
قالوا لنا: إن الحياة تجارب
و الويل كل الويل.. للعصيان
تركوا لنا وطنا حزينا ضائعا
تركوا الربيع ممزق الأغصان
* * *
كم قلت من يأس سأرحل علني
أجد الظلال على ربى النسيان
حتى يعود الحب يملأ مهجتي
و يشع نورا في سماء كياني
لكنني أدركت أن بدايتي
و نهايتي.. ستكون في أوطاني
و سأسأل الأيام علّ مدينتي
يوما تعرف قيمة الإنسان
فمتى شجون الليل تهجر عشنا؟
و متى الزهور تعود للأغصان؟
و متى أعود لكي أراك مدينتي
فرحى بغير اليأس.. و الأحزان؟
أترى سنرجع ذات يوم بيتنا
و نراه كالأمل الوديع.. الحاني؟
أترى سترحمني مدينتنا التي
قد صرت أجهل عندها.. عنواني؟
قد أنكرتني في الزحام و ما درت
أني يمزقني لظى.. حرماني
إني وليدك يا مدينتنا فهل
صار الجحود.. طبيعة الأوطان؟!
هل صار قتل الابن فيك محللا
أم صار حكم الأرض للشيطان؟
إني تجاوزت الحديث و إنما
حقي عليك.. سماحة الغفران
فإذا غضبت فأنت أمي فارحمي
و إذا عتبت فذاك من أحزاني
 
غدا.. نحب
جاء الرحيل حبيبتي جاء الرحيل..
لا تنظري للشمس في أحزانها
فغدا سيضحك ضوؤها بين النخيل
ولتذكريني كل يوم عندما
يشتاق قلبك للأصيل
وستشرق الأزهار رغم دموعها
وتعود ترقص مثلما كانت على الغصن الجميل
* * *
ولتذكريني كل عام كلما
همس الربيع بشوقه نحو الزهر
أو كلما جاء المساء معذباً
كي يسكب الأحزان في ضوء القمر
عودي إلى الذكرى وكانت روضة
نثر الزمان على لياليها الزهر؟
إن كانت الشمس الحزينة قد توارى دفؤها
فغدا يعود الدفء يملأ بيتنا
والزهر سوف يعود يرقص حولنا
لا تدعي أن الهوى سيموت حزنا.. بعدنا
فالحب جاء مع الوجود وعاش عمرا.. قبلنا
وغدا نحب كما بدأنا من سنين.. حبنا
 
عتاب..
وقفت أعاتب فيك الزمان
لماذا بخلت بهذا الحنان؟
عرفتك خوفا وليلا كئيبا
وفي ظلمة اليأس جاء.. الأمان
حرام حرام.. وربي حرام
إذا جاءنا الحب بعد الأوان
 
عيناك نور انار دربي ::::::::عينك شمس ارني الطريق
عيناك ماء شربة منهو::::::::عيناكي جنة اذا رايتها
يسلمو على الابداع
 
زمان الخوف
عمري وعمرك دمعتان..
الدمعة الفرحى لقاء يجمع الأشواق
ترقص في الجوانح فرحتان
الدمعة الثكلى وداع
يخنق الأشواق.. يشطرنا فتنزف.. مهجتان
لم يا زمان الخوف تأبى أن يكون لنا مكان؟
عنواننا ليل كئيب الوجه يخدعنا
و يسرق فرحة الأيام منا.. والأمان
ونموت في فرح اللقاء كما نموت.. مع الوداع
أيامنا طفل.. كلون الصبح مخنوق الشعاع
* * *
يوم لمحتك كان موج البحر
يدفعني وحيدا بين أنياب الصخور
تتخبط الأحلام في صدري وفي يأس تدور
والعمر يوهمني بأن الشاطئ الموعود منا يقترب
وغدا ستهدأ في جوانحنا.. الرياح
الشاطئ الموعود في عيني سراب
ظالم الأحزان يعبث بالجراح
* * *
وسمعت صوت الموج يصرخ في عناق
والخوف علمني
بأن الحب يحمل في اللقا دمع الفراق
ورأيت زورقك البعيد
يلوح من بين الزوارق.. كالضياء
وتعانقت موجاتنا
ألقيت فيك متاعبي
وهمست في نفسي: سنبدأ من جديد
كم من عجوز صار رغم العمر.. كالطفل الوليد
قد كنت من زمن عشقت البحر والإبحار
والسفر البعيد
ونسيت شطآن الأمان
ونسيت أن ارتاح يوما في.. مكان
ورأيت في عينيك شطآن الأمان
* * *
ووقفت عند الشاطئ الموعود استرضي الزمان
صافحته قبلت في عينيه حلما
عشت أحلمه وثارت دمعتان
وبكيت في فرحي وعانقت الزمان
* * *
وبدأت أبحث عن مكان
ضحك الزمان وقال في غضب:
من قال إن الشاطئ الموعود يمنحك الأمان؟
الشاطئ الموعود مثل البحر أمواج وخوف وامتهان
الشاطئ الموعود مقبرة
يفر الناس منها كلما صرخ القدر
تترنح الأعمار بين دروبها
أحلامها عرجاء
تسقط كل ما قام وتأكلها الحفر
أواه يا شط الأمان
جئنا لنبحث في حطام الناس
عن وطن يلملم شملنا
صرنا بقايا.. من حطام
جئنا عرايا
نسأل الأيام ثوبا كي نداري عرينا
صرنا حيارى في الظلام
فالشاطئ الموعود مقبرة تئن بها العظام
ماذا سنفعل..؟!
هل نترك الأيام تسقط في شواطئ حزننا؟
أيامنا في الموج أحلام نزفناها وضاعت بيننا
وجراحنا في الشاطئ الموعود
بحر من دماء الخوف يسري حولنا
والآن نبحر في مرافئ دمعنا
لا تحزني..
ما زلت ألمح في حطام الناس
أزهارا ستملأ دربنا
لا تحزني..
إن صارت الدنيا حطاما حولنا
فالصبح سوف يجيء من هذا الحطام
الصبح سوف يجيء من هذا الحطام

 
طيف نـسميه الحنين
‏'‏إلي أمي‏..‏ وكل أم‏..‏ في عيد الأم‏'‏
***
في الركن يبدو وجه أمي
لا أراه لأنه
سكن الجوانح من سنين
فالعين إن غفلت قليلا لا تري
لكن من سكن الجوانح لا يغيب
وإن تواري‏..‏ مثل كل الغائبين
يبدو أمامي وجه أمي كلما
اشتدت رياح الحزن‏..‏ وارتعد الجبين
الناس ترحل في العيون وتختفي
وتصير حزنـا في الضلوع
ورجفة في القلب تخفق‏..‏ كل حين
لكنها أمي
يمر العمر أسكنـها‏..‏ وتسكنني
وتبدو كالظلال تطوف خافتة
علي القلب الحزين
منذ انشطرنا والمدي حولي يضيق
وكل شيء بعدها‏..‏ عمر ضنين
صارت مع الأيام طيفـا
لا يغيب‏..‏ ولا يبين
طيفـا نسميه الحنين‏..
‏‏***‏
في الركن يبدو وجه أمي
حين ينتصف النهار‏..‏
وتستريح الشمس
وتغيب الظلال
شيء يؤرقني كثيرا
كيف الحياة تصير بعد مواكب الفوضي
زوالا في زوال
في أي وقت أو زمان سوف تنسحب الرؤي
تكسو الوجوه تلال صمت أو رمال
في أي وقت أو زمان سوف نختتم الرواية‏..‏
عاجزين عن السؤال
واستسلم الجسد الهزيل‏..‏ تكسرت
فيه النصال علي النصال
هدأ السحاب ونام أطيافـا
مبعثرة علي قمم الجبال
سكن البريق وغاب
سحر الضوء وانطفأ الجمال
حتي الحنان يصير تـذكارا
ويغدو الشوق سرا لا يقال
في الركن يبدو وجه أمي
ربما غابت‏..‏ ولكني أراها
كلما جاء المساء تداعب الأطفال
‏***‏
فنجان قهوتها يحدق في المكان
إن جاء زوار لنا
يتساءل المسكين أين حدائق الذكري
وينبوع الحنان
أين التي ملكت عروش الأرض
من زمن بلا سلطان
أين التي دخلت قلوب الناس
أفواجا بلا استئذان
أين التي رسمت لهذا الكون
صورته في أجمل الألوان
ويصافح الفنجان كل الزائرين
فإن بدا طيف لها
يتعثر المسكين في ألم ويسقط باكيا
من حزنه يتكسر الفنجان
من يوم أن رحلت وصورتها علي الجدران
تبدو أمامي حين تشتد الهموم وتعصف الأحزان
أو كلما هلت صلاة الفجر في رمضان
كل الذي في الكون يحمل سرها
وكأنها قبس من الرحمن
لم تعرف الخط الجميل
ولم تسافر في بحور الحرف
لم تعرف صهيل الموج والشطآن
لكنها عرفت بحار النور والإيمان
أمية‏..‏
كتبت علي وجهي سطور الحب من زمن
وذابت في حمي القرآن
في الأفق يبدو وجه أمي
كلما انطلق المؤذن بالأذان
كم كنت ألمحها إذا اجتمعت علي رأسي
حشود الظلم والطغيان
كانت تلم شتات أيامي
إذا التفت علي عنقي حبال اليأس والأحزان
تمتد لي يدها بطول الأرض‏..‏
تنقذني من الطوفان
وتصيح يا الله أنت الحافظ الباقي
وكل الخلق ياربي إلي النسيان
‏***‏
شاخت سنين العمر
والطفل الصغير بداخلي
مازال يسأل‏..‏
عن لوعة الأشواق حين يذوب فينا القلب
عن شبح يطاردني
من المهد الصغير إلي رصاصة قاتلي
عن فـرقة الأحباب حين يشدنا
ركب الرحيل بخطوه المتثاقل
عن آخر الأخبار في أيامنا
الخائنون‏..‏ البائعون‏..‏ الراكعون‏..‏
لكل عرش زائل
عن رحلة سافرت فيها راضيا
ورجعت منها ما عرفت‏..‏ وما اقتنعت‏..‏ وما سلمت‏..‏
وما أجبتك سائلي
عن ليلة شتوية اشتقت فيها
صحبة الأحباب
والجلاد يشرب من دمي
وأنا علي نار المهانة أصطلي
قد تسألين الآن يا أماه عن حالي
وماذا جد في القلب الخلي
الحب سافر من حدائق عمرنا
وتغرب المسكين‏..‏
في الزمن الوضيع الأهطـل
ما عاد طفلك يجمع الأطيار
والعصفور يشرب من يدي
قتلوا العصافير الجميلة
في حديقة منزلي
أخشي عليه من الكلاب السود
والوجه الكئيب الجاهل
أين الذي قد كان‏..‏
أين مواكب الأشعار في عمري
وكل الكون يسمع شدوها
وأنا أغني في الفضاء‏..‏ وأنجـلي
شاخ الزمان وطفلك المجنون‏..‏
مشتاق لأول منزل
مازال يطرب للزمان الأول
شيء سيبقي بيننا‏..‏ وحبيبتي لا ترحلي
‏***‏
في كل يوم سوف أغرس وردة
بيضاء فوق جبينها
ليضيء قلب الأمهات
إن ماتت الدنيا حرام أن نقول
بأن نبع الحب مات
قد علمتني الصبر في سفر النوارس‏..‏
علمتني العشق في دفء المدائن‏..‏
علمتني أن تاج المرء في نبل الصفات
أن الشجاعة أن أقاوم شح نفسي‏..‏
أن أقاوم خسة الغايات
بالأمس زارتني‏..‏ وفوق وسادتي
تركت شريط الذكريات
كم قلت لي صبرا جميلا
إن ضوء الصبح آت
شاخت سنين العمر يا أمي
وقلبي حائر
مابين حلم لا يجيء‏..‏
وطيف حب‏..‏ مات
وأفقت من نومي
دعوت الله أن يحمي
جميع الأمهات‏
 
هذا عتاب الحب للأحباب
«تساءلوا: كيف تقول:
هذى بلاد لم تعد كبلادى؟!
فأجبت:
هذا عتاب الحب للأحباب»
لا تغْضَبى من ثوْرَتِى.. وعتابى
مازالَ حُّبكِ محنتى وعذابى
مازالتِ فى العين الحزينةِ قبلة ً
للعاشقين بسحْركِ الخَلاَّبِ
أحببتُ فيكِ العمرَ طفلا ً باسما
جاءَ الحياة َ بأطهر الأثوابِ
أحببتُ فيكِ الليلَ حين يضمنا
دفءُ القلوبِ.. ورفقة ُ الأصحابِ
أحببتُ فيكِ الأم تسْكنُ طفلهَا
مهما نأى.. تلقاهُ بالترْحَابِ
أحببتُ فيكِ الشمسَ تغسلُ شَعْرها
عندَ الغروبِ بدمعها المُنسَابِ
أحببتُ فيكِ النيلَ يجرى صَاخبا
فيَهيمُ رَوْضٌ..فى عناق ِ رَوَابِ
أحببتُ فيكِ شموخَ نهر جامح ٍ
كم كان يُسكرنى بغير شَرَابِ
أحببتُ فيكِ النيلَ يسْجُد خاشعِا
لله ربا دون أى حسابِ
أحببتُ فيكِ صلاة َ شعبٍ مُؤْمن
رسمَ الوجودَ على هُدَى مِحْرَابِ
أحببتُ فيكِ زمانَ مجدٍ غَابر ٍ
ضيَّعتهِ سفها على الأذنابِ
أحببتُ فِى الشرفاء عهدًا باقيا
وكرهتُ كلَّ مُقامر ٍ كذابِ
إِنى أحبكِ رغم أَنى عاشقٌ
سَئِم الطوافَ.. وضاق بالأعْتابِ
كم طاف قلبى فى رحابكِ خاشعًا
لم تعرفى الأنقى.. من النصابِ
أسرفتُ فى حبى.. وأنت بخيلة ٌ
ضيعتِ عمرى.. واسْتبَحْتِ شَبَابى
شاخت على عينيكِ أحلامُ الصبا
وتناثرت دمعا على الأهدابِ
من كان أولى بالوفاء ؟!.. عصابة َُ
نهبتكِ بالتدليس.. والإرهابِ ؟
أم قلبُ طفل ذاب فيك صبابة ً
ورميتهِ لحمًا على الأبوابِ ؟!
عمر من الأحزان يمرح بيننا..
شبحُ يطوف بوجههِ المُرْتابِ
لا النيلُ نيلكِ.. لا الضفافُ ضفافهُ
حتى نخيلك تاهَ فى الأعشابِ !
باعُوكِ فى صخبِ المزادِ.. ولم أجد
فى صدركِ المهجور غيرَ عذابى
قد روَّضُوا النهرَ المكابرَ فانحنى
للغاصبين.. وَلاذ بالأغْرَابِ
كم جئتُ يحملنى حَنِينٌ جارفٌ
فأراكِ.. والجلادُ خلفَ البَابِ
تترَاقصين على الموائد فرحة ً
ودَمِى المراقُ يسيل فى الأنخابِ
وأراكِ فى صخب المزاد وليمة ً
يلهو بها الأفاقُ.. والمُتصابى
قد كنتُ أولى بالحنان ِ.. ولم أجدْ
فى ليلِ صدرك غيرَ ضوءٍ خابِ
فى قِمة الهَرَم ِ الحزين ِ عصابة ٌ
ما بين سيفٍ عاجز ٍ.. ومُرَابِ
يتعَبَّدُون لكل نجم ٍ سَاطِع ٍ
فإذا هَوَى صاحُوا: «نذيرَ خَرَابِ»
هرمُ بلون ِالموت ِ.. نيلٌ ساكنٌ
أسْدٌ محنطة ٌبلا أنيَابِ
سافرتُ عنكِ وفى الجوانح وحشة ٌ
فالحزنُ كأسِى.. والحَنِينُ شَرَابى
صوتُ البلابل ِغابَ عن أوكاره
لم تعبئى بتشردى.. وغيابى
كلُّ الرفاق رأيتهم فى غربتى
أطلالَ حُلم.. فى تلال ِ ترَابِ
قد هاجروا حُزْنا.. وماتوا لوعة ً
بين الحنين ِ.. وفرقةِ الأصحابِ
بينى وبينك ألفُ ميل ٍ.. بينما
أحضانك الخضراءُ للأغْرَابِ!
تبنين للسفهاء عشا هادئا
وأنا أموتُ على صقيع شبابى !
فى عتمةِ الليل ِ الطويل ِ يشدنى
قلبى إليكِ.. أحِنُّ رغم عذابى
أهفو إليك.. وفى عُيُونِكِ أحتمى
من سجن طاغيةٍ وقصفِ رقابِ
* * *
هل كان عدلا ً أن حبَّكِ قاتلى
كيف استبحتِ القتلَ للأحبابِ؟!
ما بين جلادٍ.. وذئب حاقدٍ
وعصابةٍ نهبتْ بغير ِ حسابِ
وقوافلٍ للبُؤس ِ ترتعُ حولنا
وأنين ِ طفلٍ غاص فى أعصابى
وحكايةٍ عن قلبِ شيخ عاجز
قد مات مصلوبًا على المحرابِ
قد كان يصرخ: «لى إلهٌ واحدٌ
هو خالق الدنيا.. وأعلمُ ما بى»
ياربِّ سطرت الخلائقَ كلهَّا
وبكل سطر ٍ أمة ٌ بكتابِ
الجالسونَ على العروش توحَّشُوا
ولكل طاغيةٍ قطيعُ ذئابِ
قد قلتُ:إن الله ربٌّ واحدٌ
صاحوا:»ونحن» كفرتَ بالأرْبَابِ؟
قد مزَّقوا جسدى.. وداسُوا أعظمى
ورأيتُ أشلائى على الأبوابِ
* * *
ماعدتُ أعرفُ أيْنَ تهدأ رحلتى
وبأى أرض ٍ تستريح ركابى
غابت وجوهٌ.. كيفَ أخفتْ سرَّها ؟
هرَبَ السؤالُ.. وعز فيه جوابى
لو أن طيفا عاد بعد غيابه
لأرى حقيقة رحلتى ومآبى
لكنه طيفٌ بعيدٌ.. غامضٌ
يأتى إلينا من وراء حجابِ
رحل الربيعُ.. وسافرت أطيارُه
ما عاد يُجدى فى الخريفِ عتابى
فى آخر المشوار تبدُو صورتى
وسْط َ الذئاب بمحنتى وعذابى
ويطل وجهُك خلفَ أمواج ِ الأسى
شمسًا تلوِّحُ فى وداع ِ سحابِ
هذا زمانٌ خاننى فى غفلةٍ
منى.. وأدْمى بالجحودِ شبابى
شيَّعتُ أوهامى.. وقلتُ لعَلنى
يوما أعودُ لحكمتى وصوابى
كيف ارْتضيتُ ضلالَ عَهْدٍ فاجر
وفسادَ طاغيةٍ.. وغدرَ كِلابِ؟!
ما بين أحلام ٍ توارى سحْرُها
وبريق ِ عُمر صارَ طيفَ سَرَابِ
شاختْ ليالى العُمر منى فجأة ً
فى زيف حلم ٍ خادع كذابِ
لم يبق غيرُ الفقر يسْتر عَوْرَتى
والفقرُ ملعونٌ بكل كِتابِ
سِربُ النخيل ِعلى الشواطئ ينحَنى
وتسيلُ فى فزع ٍ دِماءُ رقاب ِ
ما كان ظنى أن تكونَ نهايتى
فى آخر المشوار ِ دَمْعَ عتابِ!
ويضيعُ عمرى فى دروبَ مدينتى
ما بين نار القهر ِ.. والإرْهابِ
ويكون آخرَ ما يُطلُّ على المدى
شعبٌ يُهرْولُ فى سوادِ نقابِ
وطنٌ بعَرض ِالكون ِيبدو لعبة ً
للوارثين العرشَ بالأنسابِ
قتلاكِ يا أمَّ البلادِ تفرقوا
وتشردُوا شِيَعًا على الأبْوَابِ
رَسَمُوكِ حُلما..ثم ماتوا وَحشة ً
ما بين ظلم ِ الأهل ِ.. والأصْحَابِ
لا تخجلى ِ إن جئتُ بابَكِ عاريا
ورأيتِنى شَبَحا بغير ثيابِ
يَخْبُو ضياءُ الشمس ِ.. يَصغُر بيننا
ويصيرُ فى عَيْنى.. كعُودِ ثقابِ
والريحُ تزأرُ.. والنجومُ شحيحة ٌ
وأنا وراءَ الأفق ِ ضوءُ شهابِ
غضبٌ بلون العشق ِ.. سخط ٌ يائسٌ
ونزيفُ عمر ٍ.. فى سُطور كتابِ
رغْمَ انطفاءِ الحُلِم بين عيوننا
سيعودُ فجرُكِ بعدَ طول غيابِ
فلترحمى ضعْفِى .. وقلة َ حِيلتى
هذا عِتابُ الحُبِّ.. للأَحْبابِ .
 
لك مني ايفوووو كل الشكر على روعةالانتقاء..فهو يعكس جمال روحك..لا زلت موفقة ايفووووو مدى الأيام وتقبلي مروري مولاتي
 
بين العمر.. والأماني
إذا دارت بنا الدنيا وخانتنا أمانيناوأحرقنا قصائدَنا وأسكتنا أغانينا... ولم نعرف لنا بيتا من الأحزان يؤويناوصار العمر أشلاء ودمّر كلّ مافينا ... وصار عبيرنا كأسا محطّمةً بأيديناسيبقى الحب واحَتنا إذا ضاقت ليالينا إذا دارت بنا الدنيا ولاحَ الصيف خفّاقاوعادَ الشعرُ عصفورا إلى دنيايَ مشتاقا... وقالَ بأننا ذبنا ..مع الأيام أشواقاوأن هواكِ في قلبي يُضئ العمرَ إشراقا ... سيبقى حُبُنا أبدا برغم البعدِ عملاقاوإن دارت بنا الدنيا وأعيتنا مآسيها... وصرنا كالمنى قَصصا مَعَ العُشّاقِ ترويهاوعشنا نشتهي أملا فنُسمِعُها ..ونُرضيها... فلم تسمع ..ولم ترحم ..وزادت في تجافيهاولم نعرف لنا وطنا وضاع زمانُنا فيها... وأجدَب غصنُ أيكتِنا وعاد اليأسُ يسقيهاعشقنا عطرها نغما فكيف يموت شاديها ؟ وإن دارت بنا الدنيا وخانتنا أمانينا ..وجاء الموت في صمتٍ وكالأنقاض يُلقينا ... وفي غضبٍ سيسألنا على أخطاء ماضينافقولي : ذنبنا أنا جعلنا حُبنا دينا سأبحث عنك في زهرٍ ترعرع في مآقيناوأسأل عنك في غصن سيكبر بين أيدينا وثغرك سوف يذكُرني ..إذا تاهت أغانيناوعطرُك سوف يبعثنا ويُحيي عمرنا فينا
 
وكلانا في الصمت سجين
لن أقبل صمتك بعد اليوم
لن أقبل صمتي
عمري قد ضاع على قدميك
أتأمل فيك.. وأسمع منك..
ولا تنطق..
أطلالي تصرخ بين يديك
حرك شفتيك
أنطق كي أنطق
أصرخ كي أصرخ
ما زال لساني مصلوبا بين الكلمات
عار أن تحيا مسجونا فوق الطرقات
عار أن تبقى تمثالا
وصخورا تحكي ما قد فات
عبدوك زمانا واتحدت فيك الصلوات
وغدوت مزارا للدنيا
خبرني ماذا قد يحكي صمت الأموات
* * *
ماذا في رأسك خبرني..
أزمان عبرت..
وملوك سجدت..
وعروش سقطت
وأنا مسجون في صمتك
أطلال العمر على وجهي
نفس الأطلال على وجهك
الكون تشكل من زمن
في الدنيا موتى.. أو أحياء
لكنك شيء أجهله
لا حي أنت.. ولا ميت
وكلانا في الصمت سواء
* * *
أعلن عصيانك لم أعرف لغة العصيان
فأنا إنسان يهزمني قهر الإنسان..
وأراك الحاضر والماضي
وأراك الكفر مع الإيمان
أهرب فأراك على وجهي
وأراك القيد يمزقني
وأراك القاضي.. والسجان..
* * *
أنطق كي أنطق
أصحيح أنك في يوم طفت الآفاق
وأخذت تدور على الدنيا
وأخذت تدور مع الأعماق
تبحث عن سر الأرض..
وسر الخلق..
و سر الحب
وسر الدمعة والأشواق..
وعرفت السر ولم تنطق
* * *
ماذا في قلبك خبرني..
ماذا أخفيت؟
هل كنت مليكا وطغيت..
هل كنت تقيا وعصيت
ظلموك جهارا
صلبوك لتبقى تذكارا
قل لي من أنت..؟
دعني كي أدخل في رأسك
ويلي من صمتي.. من صمتك
سأحطم رأسك كي تنطق..
سأهجم صمتك كي أنطق..
* * *
أحجارك صوت يتوارى
يتساقط مني في الأعماق
والدمعة في قلبي نار
تشتعل حريقا في الأحداق
رجل البوليس يقيدني
والناس تصيح:
هذا المجنون
حطم تمثال أبي الهول
لم أنطق شيئا بالمرة
ماذا.. سأقول
ماذا سأقول
 
موتى.. بلا قبوركثيرون ماتوا.. بكينا عليهم
أقمنا عليهم صلاة الرحيل
وقلنا مع الناس صبرا جميلا
فهل كل صبر لدينا جميل؟
قرأنا الفواتح بين البخور
وقلنا: الحياة متاع قليل
نثرنا الفطائر فوق القبور
وفي الأفق تبكي ظلال النخيل
كثيرون ماتوا..
أهلنا عليهم تلال التراب
ولكنا لم نمت بعد لكن
لماذا يهال علينا التراب؟!
فما زلت حيا
ولكن رأسي بقايا ضريح
وما زلت أمشي
يقيد خطوي درب كسيح
وينبض قلبي
وإن كنت أحيا.. بقلب ذبيح
* * *
كثيرون ماتوا..
وما زلت انشد لحنا حزينا
أطوف به بين هذي القبور
هناك بعيدا
تغرد في الصمت بعض الطيور
حروف تعانق بعض الحروف
وتصنع سطرا
نجوم تطوف بعين السماء
وتنسج فجرا
وفي جبهة الأرض تسري دماء
وينبت في الأرض شيء غريب
عظام تقوم..
وبين الجماجم همس يدور
فما زلت أسمع همسا غريبا
وبين التراب قبور تثور
وتصحو الشواهد.. تعلو وتعلو
وتصنع تاجا..
يزين في الليل صمت القبور
وينطق شيئا..
فماذا يقول..
ماذا يقول؟!
 
الحرف يقتلني
أنا شاعر ..
مازلت أرسم من نزيف الجُرح
أغنية جديدة ..
ما زلت أبني في سجون القهر
أزماناً سعيدة
مازلت أكتبُ
رغم أن الحرف يقتلني
ويلقيني أمام الناس
أنغاماً شريدة ..
أو كلما لاحت أمام العين
أمنية عنيده ..
ينساب سهم طائش في الليل ..
يُسقِطُها .... شهيدة ...
 
الوسوم
اشعار جويدة فاروق متجدد
عودة
أعلى