الاضحيه

أحاديث لا تصح في الأضحية للألباني


عن أبي سعيد رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يا فاطمة قومي إلى أضحيتك فاشهديها فإن لك بأول قطرة تقطر من دمها أن يغفر لك ما سلف من ذنوبك . قالت يا رسول الله ألنا خاصة أهل البيت أو لنا وللمسلمين قال بل لنا وللمسلمين.

ورواه أبو القاسم الأصبهاني عن علي ولفظه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال يا فاطمة قومي فاشهدي أضحيتك فإن لك بأول قطرة تقطر من دمها مغفرة لكل ذنب أما إنه يجاء بلحمها ودمها توضع في ميزانك سبعين ضعفا . قال أبو سعيد يا رسول الله هذا لآل محمد خاصة فإنهم أهل لما خصوا به من الخير أو للمسلمين عامة قال لآل محمد خاصة وللمسلمين عامة .المصدر ضعيف الترغيب والترهيب للألباني

* أمرت بيوم الأضحى عيدا جعله الله عز وجل لهذه الأمة قال الرجل أرأيت إن لم أجد إلا أضحية أنثى أفأضحي بها قال لا ولكن تأخذ من شعرك وأظفارك وتقص شاربك وتحلق عانتك فتلك تمام أضحيتك عند الله عز وجل (قال الشيخ الألباني : ضعيف سنن النسائي).

* عن عبد الله بن عمرو قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أمرت بيوم الأضحى عيدا جعله الله لهذه الأمة . قال له رجل يا رسول الله أرأيت إن لم أجد إلا منيحة أنثى أفأضحي بها ؟ قال لا ولكن خذ من شعرك وأظفارك وتقص من شاربك وتحلق عانتك فذلك تمام أضحيتك عند الله . رواه أبو داود والنسائي ضعيف مشكاة المصابيح.

* يا فاطمة قومي إلى أضحيتك فاشهديها فإنه يغفر لك عند أول قطرة من دمها كل ذنب عملتيه وقولي ( إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين لاشريك له وبذلك أمرت وأنا من المسلمين ) قال عمران بن حصين قلت يا رسول الله هذا لك ولأهل بيتك خاصة وأهل ذاك أنتم أم للمسلمين عامة قال لا بل للمسلمين عامة (السلسله الضعيفه).

 
بحث عن الأضحية

الأضحية شعيرة أهل الإسلام تذبح أيام عيد الأضحى من بعد صلاة العيد إلى أخر ساعة من نهار أخر أيام التشريق وينتهي وقتها بمغيب شمس يوم الثالث عشر من ذي الحجة وهي سنة النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه من بعد وبها أمر رب العالمين قال عز وجل ( فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ) (الكوثر:2) أي انحر البدن والأضاحي قربة لله كما قال قتادة وسعيد بن جبير وصححه ابن كثير فهي قربة يتقرب بها إلى الله عز وجل رجاء ثوابه وحصول موعوده مع كونه تعالى غني عنها قال عز وجل ( لَنْ يَنَالَ اللَّهَ لُحُومُهَا وَلا دِمَاؤُهَا وَلَكِنْ يَنَالُهُ التَّقْوَى مِنْكُمْ كَذَلِكَ سَخَّرَهَا لَكُمْ لِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَبَشِّرِ الْمُحْسِنِينَ) (الحج:37)
وقد ذهب إلى وجوبها على الأعيان ذوي اليسار جماعة من أهل العلم لظاهر قول النبي صلى الله عليه وسلم ( من كان له سعة ولم يضحِ فلا يقربن مصلانا ) رواه أحمد وابن ماجه عن أبي هريرة مرفوعاً بسند حسن ولحديث جندب بن عبدالله البجلي في البخاري ومسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( من ذبح قبل أن يصلي فليعد مكانها أخرى ، ومن لم يذبح فليذبح ) قالوا فقوله لمن ذبح قبل الصلاة ( فليعد ) أمر يدل على الوجوب فلا يصرف عنه إلاّ بصارف .
وذهب جماعة من أهل العلم إلى تأكيد وجوبها حتى على غير ذوي اليسار فأوجبوا عليهم الاستدانة من أجل تحصيل الأضحية وإراقة الدم . والقول الراجح في حكم الأضحية أنها سنة مؤكدة لا يحسن تركها والتهاون فيها لفعل النبي صلى الله عليه وسلم . قال عز وجل ( لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيراً) (الأحزاب:21)
واقتداء أصحابه من بعده رضي الله عنهم ولما رتب عليها من الثواب كما في حديث عائشة رضي الله عنها مرفوعاً للنبي صلى الله عليه وسلم أنه قال ( ما عمل ابن آدم يوم النحر عملاً أحب إلى الله من إراقة دم ، وإنه يؤتى يوم القيامة بقرونها وأظلافها وأشعارها ، وإن الدم ليقع من الله عز وجل بمكان قبل أن يقع على الأرض فطيبوا بها نفساً ) رواه الترمذي و ابن ماجه .
ومن عزم على الأضحية فإنه يمسك عن شعره وأظافره وبشرته قبل دخول العشر أو من حين عزمه ولو بعد دخولها لحديث أم سلمة رضي الله عنها قالت قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا دخلت العشر وأراد أحدكم أن يضحي فلا يمس من شعره وبشرته شيئا ) رواه مسلم وفي رواية لأبي داود ( فليمسك عن شعره وأظافره ) وعليه فإن الإمساك عن الأخذ من الشعر ونحوه يكون مستمراً إلى أن يذبح أضحيته ولو أخر أيام التشريق كما دل عليه منطوق الحديث

الأصل في الأضحية
والأصل في الأضحية أنها مشروعة في حق الأحياء إذ لم ينقل عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه ضحى عن الأموات من الصحابة كعمه حمزة وزوجه خديجة وزينب بنت خزيمة وبناته رضي الله عن الجميع
وعليه فالأضحية إذا وقعت من الأحياء للأموات فلها ثلاث صور فقط :
1 / أن يضحى عن الأموات تبعاً للأحياء كأن يضحي الرجل عن أهل بيته أحياءهم ومواتهم وعلى هذا يحمل حديث أنس بن مالك في أضحية النبي صلى الله عليه وسلم
2 / أن يضحى عن الأموات بقتضى وصاياهم فإن كانت من مال المتوفى وجب تنفيذها وكذلك إن وصى بها الميت ابنه لحديث النبي صلى الله عليه وسلم (أنت ومالك لأبيك ) فيلزم الابن إنفاذ وصية أبيه
3 / أن يضحي عن الأموات تبرعاً مستقلين عن الأحياء فجوزه الفقهاء ومنعه آخرون لعدم وروده . وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم

شروط الأضحية
ويشترط في الأضحية خمسة شروط

الشرط الأول : أن تكون من بهيمة الأنعام فلا تصح من الطيور والأسماك وغيرها قال تعالى ( لِيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَى مَا رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ )(الحج: من الآية34)
قال ابن القيم رحمه الله تعالى ( ولم يعرف عنه صلى الله عليه وسلم ولا عن الصحابة هدي ولا أضحية ولا عقيقة من غيرها )
وبهيمة النعام هي : ( الضأن ، والماعز ، الإبل ، والبقر )

الشرط الثاني : أن تبلغ السن المقدرة شرعاً بأن تكون جذعة من الضأن وهو ما تم له نصف سنة أو ثنية إبل وهو ما تم له خمس سنين أو الثني من البقر وهو ما تم له سنتان أو الثني من الماعز وهو ما تم له سنة يدل عليه قوله صلى الله عليه وسلم ( لا تذبحوا إلاّ مسنة ( يعني ثنية ) إلاّ أن تعسر عليكم فتذبحوا جذعة من الضأن ) رواه مسلم
وفي سنن أبي داود بسند صحيح عن مجاشع بن سليم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ( إن الجذع يوفي مما يوفي منه الثني )

الشرط الثالث : أن تخلو من العيوب المانعة من الإجراء وهي أربعة عيوب
العيب الأول / العور البين وهو انخفاس العين أو بروزها أو ابيضاضها ومن باب أولى العمياء .
العيب الثاني / المرض البين وهو الذي يظهر عرضه على البهيمة كالحمى والجرب الظاهر المفسد للحم والجرح العميق ومثلها المبشومة حتى تثلط ويزول الخطر ، ومثلها التي تعسرت ولادتها حتى يزول الخطر .
العيب الثالث / العرج البين وهو ما يمنع مسايرة السليمة ومن باب أولى مقطعة اليد أو الرجل .
العيب الرابع / الهزال المزيل للمخ ومثلها الزمنى وهي العاجزة عن السير لعاهة .
ويدل عليه حديث البراء بن عازب عند أحمد أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لمن سأل ما يتقي من الضحايا ( أربعاً وأشار بيده العرجاء البين ضلعها والعوراء البين عورها ، والمريضة البين مرضها ، والعجفاء التي لا تنقي )
وعن علي رضي الله عنه نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن عضباء الأذن والقرن رواه أبو داود وسنده صحيح والعضب قطع النصف أو أكثر وعن علي رضي الله عنه قال ( أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نستشرف العين والأذن ـ أي نتأمل سلامتها ـ وألاّ نضحي مقابلة ـ وهي ما قطع أذنها ، ولا مدابرة ـ وهي ما قطع من جانب أذنها ، ولا شرقاء ـ وهي مشقوقة الأذن ، ولا خرقاء ـ وهي مثقوبة الأذن ) ومثلها المصفرة وهي ما بدأ صماخها ، والمستأصلة وهي ما ذهب قرنها كله ، والبخقاء وهي ما ذهب بصرها مع بقاء العين سليمة ، والمشيعة وهي التي لا تتبع السليمة من الغنم لهزالها ـ أي ضعفها ـ
وذهب بعض أهل العلم إلى كراهة التضحية بما قطع منها ما لا تتضرر بقطعه .
كالبتراء وهي ما قطع منها نصف ذنبها فأكثر ، من الإبل والبقر والماعز ، وما قطع من إليته نصفها فأقل من الضأن ومثلها المجبوب وهو ما قطع ذكره بخلاف الموجوء فإنه من أطيب الأضاحي لفعل النبي صلى الله عليه وسلم ومثلها الهتماء والدقماء وهي ما سقطت أسنانها لعلة عارضة والأحوط أنها لا تجزء ولا يضحى بها فيعدل عنها إلى غيرها من الأضاحي السليمة لعموم الأمر باستشراف الأذن والعين كما في حديث علي رضي الله عنه المتقدم ، ولعموم قوله تعالى ( وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ)(الحج: من الآية32)

الشرط الرابع : أن نضحي بها في الوقت المحدد شرعاً وهو من بعد صلاة العيد ( يوم النحر ) إلى غروب شمس الثالث عشر من الشهر وهو أخر أيام التشريق ، والأصل في هذا حديث البراء بن عازب أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( من ذبح قبل الصلاة " أي صلاة عيد النحر " فليس من النسك في شيء وإنما هو لحم قدمه لأهله ) رواه البخاري ومسلم ومثل حديث أنس بن مالك مرفوعاً وفيه ( ... ومن ذبح بعد الصلاة فقد تم نسكه وأصاب سنة المسلمين ) ومثله حديث ابن عمر قال : ( كان الرسول عليه الصلاة والسلام يذبح وينحر بالمصلى أي بعد انصرافه من الصلاة وعليه فأفضل أوقات النحر بعد الصلاة مباشرة وقبل الاشتغال بالعيد والتهنئة به لأن تمام التهنئة تكون بتمام العمل وتمامه بالنحر وإراقة الدم . ثم يتدرج التفضيل بقرب وقت الذبح من صلاة العيد إلى أخر نهار الثالث عشر من الشهر قال تعالى ( فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ )(البقرة: من الآية148)
ويجوز ذبح الأضحية في أي وقت ليلاً أو نهاراً على الصحيح من أقوال أهل العلم ، ومن كره الذبح ليلاًُ قال لتعذر التفريق بين اللحم ولاحتمال إضرار الذابح لنفسه قاله ابن قدامة وهو احتمال منتفٍ في وقتنا هذا ، فيبقى الحكم على جواز الذبح ليلاً أو نهاراً وساعات النهار أفضل .

الشرط الخامس : أن تكون ملكاً للمضحي أو مأذوناً له فيها من قبل الشرع كالوارث أو من قبل المالك كالموكل على أضحية غيره ، فلا تصح التضحية بمغصوبة أو مسروقة ولا تجزء ( والله طيب لا يقبل إلا طيباً )
والسنة أن يتولى المضحي ذبح أضحيته لحديث أنس في صحيح البخاري أن النبي صلى الله عليه وسلم ضحى بكبشين أملحين قال أنس : فرأيته واضعاً قدمه على صفاحهما - والصفاح جانب الوجه – يسمي ويكبر فذبحهما بيده )
خصوصا وأن أكثر من يتولى الذبح في زماننا لا يعلم حال كونهم ملتزمين بالصلوات من عدمه .
وأطيب الأضاحي على القول الراجح المخصي من الكباش لفعل النبي صلى الله عليه وسلم ثم البدن أي الإبل لسوقه صلى الله عليه وسلم لها في حجة الوداع وقد بلغت المائة سنام وفي توجيهها إلى القبلة حديث جابر أن النبي صلى الله عليه وسلم ذبح كبشين أقرنين أملحين موجؤين فلما وجههما قال صلى الله عليه وسلم : ( وجهت وجهي للذي فطر السموات والأرض على ملة إبراهيم حنيفا وما أنا من المشركين إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين لا شريك له وبذلك أمرت وأنا أول المسلمين اللهم منك ولك عن محمد وأمته بسم الله والله أكبر ) ثم ذبح . رواه أبو داود وابن ماجه .
وتجوز الأضحية الواحد عن أهل البيت ولو كثروا وتجزء عن الجميع لفعله صلى الله عليه وسلم ولفهم الصحابة إذ لم يذبح أحد من آل بيته عن نفسه لاكتفائهم بأضحية النبي صلى الله عليه وسلم وقوله ( هذا عن محمد وآله ) رواه عبدالرزاق وابن ماجه من حديث أبي هريرة .
والأفضل تقسيمها أثلاثاً يأكل ثلثاً ويتصدق بثلث ويهدي ثلثاً لحديث ابن عباس مرفوعاً حسنه ابن قدامه في المغني وهو اختار . أحمد بن حنبل
ومن الأحكام المتعلقة بالأضحية :
1 / أنه يحرم بيع شيء منها سواء من صوفها أو شعرها أو شحمها لمنافاته لقول النبي صلى الله عليه وسلم ( فطيبوا بها نفساً)
2 / أنها تلزم ورثة من عينها ثم مات قبل ذبح أضحيته .
3 / لا يجوز نقل الملك فيها أو بيعها إلى إذا كان بأحسن منها .
4 / لا يجوز استعمالها في حرث أو حمل أو ركوب إلا لحاجة ولذلك كانت عائشة تفتل القلائد لهدي النبي صلى الله عليه وسلم
حتى تعرف فلا تمتهن " متفق عليه "
5 / لا يحلب من لبنها ما ينقصها أو يحتاجه ولدها إلا إن كان أنفع لها فيحلب ويتصدق به أو يهدى ولا يباع ومثله لو تأذت الأضحية من صوفها .
6 / إذا تعيبت الأضحية بعد التعيين :
أ / إن كان بتفريط المضحي أو وكيله لزمه إبدالها بمثلها أو أكمل صفة .
ب / إن كان من غير تفريطه يذبحها وتجزؤه والأحوط الاستبدال بأكمل .
7 / إن هلكت الأضحية بعد التعيين :
أ / إن كان مفرطاً لزمه الضمان والاستبدال .
ب / إن كان غير مفرط فلا ضمان والأحوط الاستبدال .
ج / إن كان المتلف غير المالك فيلزم المتلف الضمان مطلقاً .
8 / إن ولدت بعد التعيين فحكم ولدها حكمها فلا يجوز بيعه بل يذبح لانسحاب الحكم عليه وهو ما نص عليه فقهاء المذهب .
9 / ليس للوكيل التصرف في أضحية المالك إلا بالذبح فقط وما يتبعه من سلخ فلا يتصدق ولا يهدي ولا يأخذ إلا بإذن المالك .
10 / لا يعطي الجزار منها شيئاً مقابل الذبح والسلخ لأن ذلك بمعنى الأجرة والبيع لكن يهديه إن شاء .
11 / يظن العوام أن من أراد أن يضحي ثم أخذ من شعره أو ظفره أو بشرته شيئاً أن أضحيته لا تقبل وأن أجرها ينقص بقدر ما أخذ ، وهذا قول باطل لا أصل له والذي دلت عليه الأحاديث وفهم العلماء إجزاء الأضحية مع حصول الإثم بأخذ ما حرم عليه أخذه بمجرد عزمه على الأضحية .
12 / من احتاج إلى أخذ شيء من الشعر أو الظفر أو البشرة لعذر فلا حرج لقوله تعالى ( فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ )(التغابن: من الآية16)
13 / من له أضحية وعزم على الحج فإنه لا يأخذ من شعره وظفره وبشرته شيئا إذا أراد الإحرام لأن هذا سنة فيرجح جانب الترك على جانب الأخذ ما لم يكن متمتعا فإنه يأخذ من شعره عند إتمام عمرته لأنه نسك .
14 / قال الفقهاء إذا أراد أن يضحي بأكثر من واحدة جاز له الأخذ من شعره وظفره إذا ذبح إحداهن والأحوط الإمساك حتى يضحي بالجميع والله أعلم

 

الأضـحـيـة

يحيى بن موسى الزهراني
إمام الجامع الكبير بتبوك المقدمة

الحمد الله رب العالمين ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله ، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه وسلم تسليماً كثيراً . . . أما بعد :
فإن حاجة المسلمين إلى معرفة كثير من أحكام الشريعة هي حاجة ماسة حتى يُعبد الله على بصيرة ، فلا يعبد الله إلا بما شرع ، وبما شرعه نبيه صلى الله عليه وسلم ، وكي لا يقع المسلم فيما ينقص ثواب عمله أو يحبطه ، فلذا وجب عليه تعلم المسائل المهمة التي يقوم عليها الدين القويم ومن أعظم ذلك أركان الإسلام الخمسة ، فطلب العلم فريضة على كل مسلم ، وطلب العلم الشرعي ذو منزلة عالية عند الله تعالى ، قال تعالى : " قل هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون " ، وقال جل شأنه : " يرفع الله الذين آمنوا منكم والذين أوتوا العلم درجات " وقال صلى الله عليه وسلم : " من سلط طريقاً يلتمس فيه علماً سهل الله له به طريقاً إلى الجنة " والأدلة في فضل طلب العلم كثيرة ، فجدير بكل مسلم أن يقبل على طلب العلم وتحصيله .
وبما أننا في أيام العشر من ذي الحجة ، وبما تمتاز به هذه الأيام عن سائر أيام السنة من فضل عظيم وأجر كبير ، وبما تتضمنه من فوائد وفضائل ، ولأنها تشتمل على شعيرة عظيمة من شعائر الدين الحنيف ، ألا وهي الأضحية ، فهذه جملة من أحكام الأضحية ، جمعتها حتى يكون المسلم على علم وبصيرة من تلك الأحكام فيستفيد ويفيد غيره ، وعناصر هذه المحاضرة كما يلي :
1- تعريف الأضحية :
2- سبب التسمية :
3- حكمها :
4- حكمة مشروعيتها :
5- فضلها :
6- أدلة مشروعيتها :
7- متى شُرعت الأضحية :
8- وقت ذبحها :
9- وقت انتهاء الذبح :
10- الأفضل من الأضاحي :
11- فائدة مهمة :
12- السن المعتبرة في الأضاحي :
13- من يذبح الأضحية :
14- التسمية على الذبيحة :
15- متى تجب الأضحية :
16- الأضحية عن الأموات :
17- الصدقة بثمن الأضحية :
18- الأضحية بغير بهيمة الأنعام :
19- العيوب المانعة من الإجزاء :
20- تنبيه مهم :
21- العيوب المكروهة مع صحة الإجزاء بها :
22- تنبيه مهم :
23- فائدة :
24- هل تجزيء الأضحية إذا وجد بها مرضاً بعد ذبحها ؟
25- حكم ولد الأضحية :
26- تلف الأضحية بعد ذبحها :
27- تلف الأضحية بعد إيجابها :
28- فائدة مهمة :
29- فوائد :
30- إبدال الأضحية :
31- بيع الأضحية بعد إيجابها :
32- فوات وقت الأضحية :
33- ذبح الأضحية ليلاً :
34- ما يترتب على من أراد أن يضحي :
35- أحكام تتعلق بالمضحي وغيره :
36- فائدة مهمة :
37- شروط الأضحية :
38- الأضحية والحاج :
39- فائدة 1 :
40- فائدة 2 :
41- أفضل الألوان في الأضاحي :
42- كثرة اللحم في الأضحية :
43- الأضحية بأكثر من واحدة :
44- الاشتراك في الأضحية :
45- فائدة 1 :
46- فائدة 2 :
47- توزيع لحم الأضحية :
48- موضع ذبح الأضحية :
49- الأضحية والدين :
50- الأضحية والاقتراض :
51- شروط الذكاة :

 

تعريف الأضحية

تُطلق على الشاة التي تُذبح ضحوة ، أي وقت ارتفاع النهار الأضحية :.
وقيل : هي التي تُذبح يوم الأضحى .
اصطلاحاً :
ما يذبح من بهيمة الأنعام أيام الأضحى بسبب العيد تقرباً إلى الله تعالى .
الأضحية : بضم الهمزة وبكسرها ، وجمعها ( أضاحي ) أو ( ضحايا ) أو ( أضحاة ).
وتسمىّ أضحية أو ضحية .
سبب التسمية :
وأما سبب تسميتها بأضحية ، فقال الشوكاني رحمه الله ، سميت بذلك : لأنها تُفعل في الضحى وهو ارتفاع النهار . وقيل غير ذلك .
حكمها :
ذهب جمهور العلماء ، ومنهم الشافعية والحنابلة وهو أرجح القولين عند مالك وإحدى الروايتين عن أبي يوسف إلى أن الأضحية سنة مؤكدة ، وهذا قول أبي بكر وعمر رضي الله عنهما وغيرهما من بعض الصحابة رضوان الله عليهم أجمعين .
ودليلهم قوله صلى الله عليه وسلم " إذا دخل العشر وأراد أحدكم أن يضحيّ فلا يمسّ من شعره شيئاً حتى يضحي ".
وفي هذا دليل على أنها غير واجبة وإلاّ لما قال النبي صلى الله عليه وسلم ( وأراد ) لأنه جعل ذلك راجعاً إلى إرادة الإنسان ، فدلّ ذلك على مشروعيتها وأنه لا ينبغي للإنسان المسلم أن يترك هذه الشعيرة العظيمة ، وقد دلّت على ذلك أحاديث أُخر ، ومنها انه صلى الله عليه وسلم لم يكن يتركها من يوم أن شرعت حتىّ مات .
وهذا لمزيد اهتمامه بها ، ولكن ذلك الاهتمام لا يدلّ على الوجوب وإلاّ لألحق الإثم بتاركها ، وأيضاً كان أبو بكر وعمر رضي الله عنهما يتركانها السنة والسنتين أي لا يضحيان السنة والسنتين حتىّ لا يعتقد الناس أنها واجبة ، وهذا الصنيع منهما يدلّ أنهما علما من النبي صلى الله عليه وسلم عدم الوجوب ، بل إنها متأكدة السنية ، فينبغي للمسلم ألاّ يتركها بحال ، بل يُكره تركها مع القدرة عليها .
وقال بعض العلماء أنها واجبة ، وهو قول أبي حنيفة وقول شيخ الإسلام ، ودليلهم في ذلك 1 / قوله تعالى " فصل لربك وانحر ". وقالوا أن مطلق الأمر للوجوب .
ويُجاب عن ذلك بأن المراد أنك تصلي لله ويكون ذبحك لله ، وليس أمر بوجوب الأضحية .
2 / قوله صلى الله عليه وسلم " من ذبح قبل الصلاة فليعد مكانها أخرى " .
قالوا : هنا أمر والأمر يقتضي الوجوب .
ويُجاب عن ذلك بأنه قد يكون هذا الذي ذبح قد نذرها أو عينها فتعينت ، وعندما ذبحها قبل الصلاة وجب علبه إعادتها لأنه هو أوجبها على نفسه ، أو يُقال بأن الأمر معروف للاستحباب والصارف له عن الوجوب قرائن كقوله صلى الله عليه وسلم " إذا أراد أحدكم أن يضحي .. ".
3 / قوله صلى الله عليه وسلم " من كان له سعة ولم يضح فلا يقربنّ مصلانا ".
ويجاب عن ذلك بأن الذي عنده سعة يضحي ومن ليس عنده سعة فلا أضحية عليه ، بل ويصرف هذا الحديث عن الوجوب إلى الاستحباب قوله صلى الله عليه وسلم " غسل الجمعة واجب على كل محتلم " .
وقوله صلى الله عليه وسلم " من أكل من هذه الشجرة فلا يقربنّ مصلاّنا " ، فكل ذلك محمول على الاستحباب . .
فالمقصود : أن الذي عليه جمهور الفقهاء رحمهم الله أن الأضحية سنة مؤكدة .
وهذا هو القول الصواب في ذلك إن شاء الله تعالى ، وهو الراجح عندي لما تقدم والله تعالى أعلم .
حكمة مشروعيتها :
شرعت الأضحية لحكم منها :
1_ التعبد لله بذلك .
2_ إحياء لسنة إبراهيم عليه الصلاة والسلام ، عندما أُمر بذبح إبنه وبكره إسماعيل عليه السلام ، ثم فداه الله تعالى بذبح عظيم ، فكانت سنة من ذلك الوقت .
3_ إتباعاً لنبينا محمد صلى الله عليه وسلم ، فإنه دعا إليها ورغب فيها .
4_ التوسعة على الأهل .
5_ إدخال الفرح والسرور على الفقراء والمساكين .
6_ دليل قاطع على طاعة الله وطاعة رسوله .
فضلها :
للأضحية فضائل عظيمة عند الله تعالى ، فقد روى الترمذي من حديث عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم قال " ما عمل آدمي من عمل يوم النحر أحب إلى الله من إهراق الدم ، إنها لتأتي يوم القيامة بقرونها وأشعارها وأظلافها ، وإن الدم ليقع من الله بمكان قبل أن يقع على الأرض فطيبوا بها نفساً "
والحديث وإن كان ضعيفاً فمعناه صحيح فالله تعالى لا يضيع أجر من أحسن عملاً ، وفي ذبح الأضحية تقرب إلى الله سبحانه وإظهار للتقوى من عدمها ، والمحبة له سبحانه وطاعته في ذلك ، وإتباعاً لسنة نبيه صلى الله عليه وسلم ، فقد قال الله تعالى " لن ينال الله لحومها ولا دماؤها ولكن ينال التقوى منكم " .
أدلة مشروعيتها :
الأضحية مشروعة بالكتاب والسنة وأقوال جميع العلماء ولا خلاف في ذلك ، وإنما الخلاف في حكمها ، أماّ مشروعيتها فالإجماع منعقد على ذلك .
ومن أدلة مشروعيتها :

أولاً / من الكتاب الكريم :
قوله تعالى " قل إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين ".
وقوله تعالى " والبدن جعلناها لكم من شعائر الله لكم فيها خير ".
وقوله تعالى " فصل لربك وانحر ".
ثانياً / من السنة النبوية :
حديث أنس رضي الله عنه قال " ضحىّ رسول الله صلى الله عليه وسلم بكبشين أملحين أقرنين ، ذبحهما بيده وسمىّ وكبّر ، ووضع رجله على صفاحهما ". ومعنى صفاحهما أي جنبهما .
وقال صلى الله عليه وسلم " من كان له سعة ولم يضح فلا يقربنّ مصلانا ".
وعن جابر رضي الله عنه قال " صليت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم عيد الأضحى ، فلماّ انصرف أُتي بكبش فذبحه وقال : بسم الله والله أكبر ، اللهمّ هذا عنيِّ وعمن لم يضح من أُمتي ".
وعن أم سلمة : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال " إذا رأيتم هلال ذي الحجة وأراد أحدكم أن يُضحي فليمسك عن شعره وأظفاره ".
ولفظ أبي داود ، وهو لمسلم والنسائي أيضاً " من كان له ذبح يذبحه فإذا أهلّ هلال ذي الحجة فلا يأخذنّ من شعره وأظفاره حتىّ يضحي " [ .
وعن عبدالله بن عمر رضي الله عنهما ، " أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نحر يوم الأضحى بالمدينة ، قال : وقد كان إذا لم ينحر يذبح بالمصلىّ ".
والأحاديث في مشروعيتها كثيرة والكفاية بما ذكرت .
ثالثاً / أقوال العلماء :
لقد جاءت أقوال العلماء في مشروعية الأضحية مستفيضة بها كتبهم رحمهم الله تعالى ، ومن ذلك :
2_ قال الشيخ عبدالله الجاسر " وأجمع المسلمون على مشروعية الأضحية ".
3_ وقال ابن الملقن " لا خلاف أنها من شرائع الدين ".
4_ وقال الشوكاني " وأحاديث الباب تدل على مشروعية الأضحية ولا خلاف في ذلك ، وأنها أحب الأعمال إلى الله يوم النحر .. ".
5_ وقال ابن المنذر " وأجمعوا على أنّ الضحايا لا يجوز ذبحها قبل طلوع الفجر من يوم النحر ".
وهذا دليل على مشروعيتها ، وأن العلماء مُجمعون على مشروعيتها وتأكدها في حق الموسر والقادر عليها .
متى شُرعت الأضحية :
شُرعت في السنة الثانية من الهجرة ..



وقت ذبحها :
للأضحية وقتان ، وقت لبدء الذبح والذي لا يجزئ قبله ، ووقت لنهاية الذبح والذي لا يجزئ بعده ما لم يكن هناك عذراً مقبول شرعاً .
أولاً / وقت بدء الذبح :
لقد أجمع العلماء على أن ذبح الأضحية لا يجوز قبل طلوع الشمس وقبل صلاة العيد في ذلك اليوم أو ما يعادل ذلك الوقت ممن كان خارجاً عن المصلىّ وبعيداً عنه أي بمقدار وقت الصلاة والخطبة .
قال أبو حنيفة وأصحابه والثوري والليث بن سعد : لا يجوز ذبح الأضحية قبل الصلاة ، ويجوز بعد الصلاة قبل أن يذبح الإمام ، وحجتهم قوله صلى الله عليه وسلم " من نسك قبل الصلاة ، فإنما هي شاة لحم " .
وقوله صلى الله عليه وسلم " من كان ذبح قبل الصلاة فليعد ". وكان هذا في خطبة يوم النحر .
وعن جندب قال : خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم أضحى ، فرأى قوماً قد ذبحوا ، وقوماً لم يذبحوا ، فقال " من كان ذبح قبل صلاتنا فليُعد ، ومن لم يذبح فليذبح باسم الله " .
قالوا : فهذه الآثار كلها تدل على اعتبار مراعاة وقت الصلاة دون ما سواها .
وقال أحمد بن حنبل : إذا انصرف الإمام فاذبح .
وقال إسحاق : إذا فرغ الإمام من الخطبة فاذبح .
واعتبر الطبري قدر مُضي وقت صلاة النبي صلى الله عليه وسلم وخطبته بعد ارتفاع الشمس .
وقال الشوكاني _ قال مالك : لا يجوز ذبحها _ أي الأضحية _ قبل صلاة الإمام وخطبته وذبحه .
وقال الثوري : يجوز بعد صلاة الإمام قبل خطبته وأثنائها .
وقال الشافعي مع داود وآخرون : إن وقت التضحية من طلوع الشمس فإذا طلعت ومضى قدر صلاة العيد وخطبته أجزأ الذبح بعد ذلك ، وسواءً كان من أهل القرى والبوادي أو من الأمصار أو من المسافرين ..
والراجح : أن وقت ذبح الأضحية يكون بعد صلاة العيد ، سواءً صلىّ المضحيّ أم لا . وهو الذي يدل عليه الدليل ، فعن أنس رضي الله عنه قال ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " من كان ذبح قبل الصلاة فليعد " .
وعن البخاري " من ذبح قبل الصلاة فإنما يذبح لنفسه ، ومن ذبح بعد الصلاة فقد تم نُسُكه وأصاب سنة المسلمين ".
فالصواب : أن وقت الذبح بعد صلاة العيد لمن كان في المدن ، أماّ أهل القرى ومن ليس عليهم صلاة عيد ، فعليهم أن يقدروا وقت الصلاة ، فإذا علموا أن الصلاة قد انتهت تقديراً ذبحوا "
قال الشيخ عبد الله البابطين : من ضحىّ بعد صلاة الإمام فأضحيته مجزئة ، ولو لم يصلي ، لأن العبرة بصلاة الإمام لا صلاة الإنسان نفسه . .
ثانياً / وقت انتهاء الذبح :
أماّ وقت انتهاء الذبح فحدث فيه نزاع أيضاً كل حسب ما ترتب وترجح لديه من الدليل :
والراجح أنه ينتهي بنهاية اليوم الثالث عشر من أيام التشريق وقبل غروب الشمس في ذلك اليوم ، وهو رواية عن الإمام أحمد ومذهب الشافعي وعطاء والحسن وعلي بن أبي طالب واختيار شيخ الإسلام وابن القيم وابن سعدي وابن عثيمين ، وهذا هو القول الراجح .
أي أن أيام الذبح يوم العيد وثلاثة أيام بعده ، وينتهي وقت الذبح بغروب شمس يوم الثالث عشر من شهر ذي الحجة ، ودليلهم في ذلك قوله صلى الله عليه وسلم " كل أيام التشريق أيام ذبح ".
وقوله صلى الله عليه وسلم " أيام التشريق أيام أكل وشرب وذكرٍ لله " .
قال ابن القيم : إن الأيام الثلاثة تتفق في كونها أيام منى ، وأيام تشريق ، ويحرم صومها ، ويُشرع التكبير فيها ، فهي اخوة في هذه الأحكام ، فكيف تفترق في جواز الذبح بغير نصٍّ ولا إجماع .
الأفضل من الأضاحي :
دلت السنة المطهرة على أن أفضل ما يُضحىّ به الإبل إن كانت كاملة ، أي يضحي ببعير كامل ، ثم بقرة كاملة ، أما لو ذبح بعيراً عن سبع شياهٍ ، فسبع الشياه أفضل من البعير ، لأنها أكثر نفعاً وأطيب لحماً .
والمجزئ في الأضحية الإبل والبقر والغنم ، ويجزئ من ذلك المُسنة وهي الثني فما فوق إلاّ الضأن فيجوز من الجذع فما فوقه .
وقد ضحىّ النبي صلى الله عليه وسلم بالإبل والبقر والغنم ، ولكل واحدة دليل يدل على مشروعية التضحية بها .
فائدة مهمة :
مماّ قد يشتبه على بعض الناس أنه يجوز الأضحية بالجذع من المعز ، ولا شك أن هذا خلاف السنة ، فالحديث الذي سنورده إن شاء الله تعالى يدل على منع التضحية بجذعة المعز وأنها كانت مخصوصة في حق أحد الصحابة كما ذكر ذلك جمع من علماء الحديث ، فعن البراء قال : " ضحىّ خالي أبو بردة قبل الصلاة ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : تلك شاة لحم ، فقال : يا رسول الله إن عندي جذعة من المعز ، فقال : ضح بها ، ولا تصلح لغيرك " ، وفي رواية " اذبحها ولن تجزئ عن أحدٍ بعدك " ، وفي أخرى " ولا تجزئ جذعة عن أحد بعدك " [
أما الجذع من الضأن وهي الخراف فجائزة لقوله صلى الله عليه وسلم : " ضحواّ بالجذع من الضأن " .
قال ابن عبد البر : وهو أمر مجتمع عليه عند العلماء أن الجذع من المعز لا تجزئ اليوم عن أحد ، لأنّ أبا بردة خُصّ بذلك ".
فالجذعة من المعز لا تجزئ في الأضحية ، أما الجذع من الضأن فهو على الإجزاء كما في الحديث السابق والله تعالى أعلم .
لكن من لم يجد الثني وهي المسنة من المعز فله أن يذبح الجذعة

 

وقت ذبحها :
للأضحية وقتان ، وقت لبدء الذبح والذي لا يجزئ قبله ، ووقت لنهاية الذبح والذي لا يجزئ بعده ما لم يكن هناك عذراً مقبول شرعاً .
أولاً / وقت بدء الذبح :
لقد أجمع العلماء على أن ذبح الأضحية لا يجوز قبل طلوع الشمس وقبل صلاة العيد في ذلك اليوم أو ما يعادل ذلك الوقت ممن كان خارجاً عن المصلىّ وبعيداً عنه أي بمقدار وقت الصلاة والخطبة .
قال أبو حنيفة وأصحابه والثوري والليث بن سعد : لا يجوز ذبح الأضحية قبل الصلاة ، ويجوز بعد الصلاة قبل أن يذبح الإمام ، وحجتهم قوله صلى الله عليه وسلم " من نسك قبل الصلاة ، فإنما هي شاة لحم " .
وقوله صلى الله عليه وسلم " من كان ذبح قبل الصلاة فليعد ". وكان هذا في خطبة يوم النحر .
وعن جندب قال : خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم أضحى ، فرأى قوماً قد ذبحوا ، وقوماً لم يذبحوا ، فقال " من كان ذبح قبل صلاتنا فليُعد ، ومن لم يذبح فليذبح باسم الله " .
قالوا : فهذه الآثار كلها تدل على اعتبار مراعاة وقت الصلاة دون ما سواها .
وقال أحمد بن حنبل : إذا انصرف الإمام فاذبح .
وقال إسحاق : إذا فرغ الإمام من الخطبة فاذبح .
واعتبر الطبري قدر مُضي وقت صلاة النبي صلى الله عليه وسلم وخطبته بعد ارتفاع الشمس .
وقال الشوكاني _ قال مالك : لا يجوز ذبحها _ أي الأضحية _ قبل صلاة الإمام وخطبته وذبحه .
وقال الثوري : يجوز بعد صلاة الإمام قبل خطبته وأثنائها .
وقال الشافعي مع داود وآخرون : إن وقت التضحية من طلوع الشمس فإذا طلعت ومضى قدر صلاة العيد وخطبته أجزأ الذبح بعد ذلك ، وسواءً كان من أهل القرى والبوادي أو من الأمصار أو من المسافرين ..
والراجح : أن وقت ذبح الأضحية يكون بعد صلاة العيد ، سواءً صلىّ المضحيّ أم لا . وهو الذي يدل عليه الدليل ، فعن أنس رضي الله عنه قال ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " من كان ذبح قبل الصلاة فليعد " .
وعن البخاري " من ذبح قبل الصلاة فإنما يذبح لنفسه ، ومن ذبح بعد الصلاة فقد تم نُسُكه وأصاب سنة المسلمين ".
فالصواب : أن وقت الذبح بعد صلاة العيد لمن كان في المدن ، أماّ أهل القرى ومن ليس عليهم صلاة عيد ، فعليهم أن يقدروا وقت الصلاة ، فإذا علموا أن الصلاة قد انتهت تقديراً ذبحوا "
قال الشيخ عبد الله البابطين : من ضحىّ بعد صلاة الإمام فأضحيته مجزئة ، ولو لم يصلي ، لأن العبرة بصلاة الإمام لا صلاة الإنسان نفسه . .
ثانياً / وقت انتهاء الذبح :
أماّ وقت انتهاء الذبح فحدث فيه نزاع أيضاً كل حسب ما ترتب وترجح لديه من الدليل :
والراجح أنه ينتهي بنهاية اليوم الثالث عشر من أيام التشريق وقبل غروب الشمس في ذلك اليوم ، وهو رواية عن الإمام أحمد ومذهب الشافعي وعطاء والحسن وعلي بن أبي طالب واختيار شيخ الإسلام وابن القيم وابن سعدي وابن عثيمين ، وهذا هو القول الراجح .
أي أن أيام الذبح يوم العيد وثلاثة أيام بعده ، وينتهي وقت الذبح بغروب شمس يوم الثالث عشر من شهر ذي الحجة ، ودليلهم في ذلك قوله صلى الله عليه وسلم " كل أيام التشريق أيام ذبح ".
وقوله صلى الله عليه وسلم " أيام التشريق أيام أكل وشرب وذكرٍ لله " .
قال ابن القيم : إن الأيام الثلاثة تتفق في كونها أيام منى ، وأيام تشريق ، ويحرم صومها ، ويُشرع التكبير فيها ، فهي اخوة في هذه الأحكام ، فكيف تفترق في جواز الذبح بغير نصٍّ ولا إجماع .
الأفضل من الأضاحي :
دلت السنة المطهرة على أن أفضل ما يُضحىّ به الإبل إن كانت كاملة ، أي يضحي ببعير كامل ، ثم بقرة كاملة ، أما لو ذبح بعيراً عن سبع شياهٍ ، فسبع الشياه أفضل من البعير ، لأنها أكثر نفعاً وأطيب لحماً .
والمجزئ في الأضحية الإبل والبقر والغنم ، ويجزئ من ذلك المُسنة وهي الثني فما فوق إلاّ الضأن فيجوز من الجذع فما فوقه .
وقد ضحىّ النبي صلى الله عليه وسلم بالإبل والبقر والغنم ، ولكل واحدة دليل يدل على مشروعية التضحية بها .
فائدة مهمة :
مماّ قد يشتبه على بعض الناس أنه يجوز الأضحية بالجذع من المعز ، ولا شك أن هذا خلاف السنة ، فالحديث الذي سنورده إن شاء الله تعالى يدل على منع التضحية بجذعة المعز وأنها كانت مخصوصة في حق أحد الصحابة كما ذكر ذلك جمع من علماء الحديث ، فعن البراء قال : " ضحىّ خالي أبو بردة قبل الصلاة ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : تلك شاة لحم ، فقال : يا رسول الله إن عندي جذعة من المعز ، فقال : ضح بها ، ولا تصلح لغيرك " ، وفي رواية " اذبحها ولن تجزئ عن أحدٍ بعدك " ، وفي أخرى " ولا تجزئ جذعة عن أحد بعدك " [
أما الجذع من الضأن وهي الخراف فجائزة لقوله صلى الله عليه وسلم : " ضحواّ بالجذع من الضأن " .
قال ابن عبد البر : وهو أمر مجتمع عليه عند العلماء أن الجذع من المعز لا تجزئ اليوم عن أحد ، لأنّ أبا بردة خُصّ بذلك ".
فالجذعة من المعز لا تجزئ في الأضحية ، أما الجذع من الضأن فهو على الإجزاء كما في الحديث السابق والله تعالى أعلم .
لكن من لم يجد الثني وهي المسنة من المعز فله أن يذبح الجذعة .
السن المعتبرة في الأضاحي :
السن المعتبرة في الأضحية أن تكون ثنيةً من المعز والبقر والإبل وجذعاً من الضأن ، فالثنية من المعز ما لها سنة ، والثنية من البقر ما لها سنتان ، والثنية من الإبل ما لها خمس سنين ، والجذع من الضأن ما له ستة أشهر .
هذا هو القول الصواب والراجح في ذلك وإلاّ ففي السن المجزئة في الأضحية خلاف بين العلماء .
من يذبح الأضحية :
يُستحب للمضحي أن يتولىّ ذبح أضحيته بنفسه إن كان يُحسن الذبح ، لأن الذبح عبادة وقربة إلى الله تعالى ، فيُستحب مباشرة الإنسان لها بنفسه ، ولأن ذلك فعل النبي صلى الله عليه وسلم ، فقد كان ينحر الإبل ويذبح البقر والغنم ، فلنا فيه صلى الله عليه وسلم أُسوة حسنة وقدوة طيبة .
وإن لم يكن المضحيّ ممن يُحسن الذبح دفعها إلى من يذبحها له ولا يعطيه منها شيئاً مقابل الذبح بل يعطيه مالاً أو غيره ، ويُستحب له أن يحضر ذبح أضحيته .
قال في المقنع " فإن ذبحها بيده كان أفضل ، فإن لم يفعل أُستحب له أن يشهدها ، لقوله صلى الله عليه وسلم لفاطمة رضي الله عنها ( أحضري أضحيتك فإنه يغفر لك بأول قطرة من دمها )
وقد أجمع العلماء على أن ذبح المضحيّ أضحيته مستحب وليس بواجب ، فإن كان يحسن الذبح ذبحها بنفسه وإلاّ استناب من يقوم بذلك عنه .
ويدل على ذلك حديث علي ابن أبي طالب رصي الله عنه قال " امرني رسول الله صلى الله عليه وسلم أن أقوم على بُدُنِهِ ، وأن أقسم لحومها وجلودها وجلالها على المساكين ولا أعطي في جزارتها شيئاً منها " ، وفي رواية " نحن نعطيه من عندنا ".
فالحديث يدل على جواز التوكيل على ذبح ونحر الأضحية والهدي .
فوائد الحديث :
1_ عدم جواز بيع جلودها ، فإماّ أن ينتفع بها صاحبها ، أو يهديها ، أو يتصدق بها على الفقراء والمساكين .
2_ عدم إعطاء جازرها منها شيئاً مقابل جِزارته ، ولكن يُعطى منها هدية إن كان غنيّاً ، أو صدقةً إن كان فقيراً .
3_ أجمع العلماء على أنه لا يجوز بيع لحوم الأضاحي أو الهدي ، وذهب الجمهور إلى أنه لا يجوز أيضاً بيع جلودها وأصوافها وأوبارها وشعرها .
وأجاز أبو حنيفة بيع الجلود والشعر ونحوه بعروض لا بنقود ، ملاحظاً في ذلك أن المعاوضة بالنقود بيع صريح .
وأما بالعروض ففيه شبه انتفاع كل من المتبادلين بمتاع الآخر ، والمنع من ذلك مقدم لما عليه الجمهور ..
التسمية على الذبيحة :
اختلف العلماء رحمهم الله في حكم التسمية على الذبيحة لعدة أقوال ، فمنهم من قال أن التسمية شرط لصحة الذكاة .
فيُشترط أن يقول الذابح عند حركة يده بالذبح بسم الله ، لقوله تعالى : " ولا تأكلوا مما لم يُذكر اسم الله عليه وإنه لفسق "
وقوله صلى الله عليه وسلم : "ما أنهر الدم وذكر اسم الله عليه فكلوا " .
فدلت الآية والحديث على أن التسمية شرط لصحة الذكاة ، وهذا هو اختيار شيخ الإسلام رحمه الله ، وأنها _ أي التسمية _ لا تسقط لا بالجهل ولا بالنسيان ، لكن إن نسي أن يسميّ على الذبيحة فلا إثم عليه والذبيحة لا تحل بحال .
وقال بعض العلماء أن من نسي التسمية فالذكاة صحيحة ، مستدلين بقوله صلى الله عليه وسلم : " ذبيحة المسلم حلال ، وإن لم يسم إذا لم يتعمد ".
وبقوله تعالى : " ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا " .
ومن قالوا بالوجوب ، قالوا : هذا صحيح فقد ثبت أن الله قال : قد استجبت ، وذلك أن الإنسان لا يُؤاخذ بالخطأ والنسيان في أحوال ، أي أنه لا إثم عليه في النسيان في أحوال مع بطلان العمل ، فمثلاً في الصلاة ، لو صلىّ إنساناً بغير وضوء نسياناً فلا إثم عليه وصلاته باطلة لأن الوضوء شرط لصحة الصلاة وكذلك التسمية شرط لصحة الذكاة ، فمن نسيها فلا إثم عليه وذبيحته حرام ، فيكتوي بنار النسيان ، ثم بعد ذلك إذا أراد أن يذبح سمىّ الله تعالى عشر مرّات حتى لا ينسى .
الراجح :
والصحيح في ذلك أن التسمية واجبة عند الذكر ، سنة حال النسيان .
وأماّ قوله : الله أكبر ، فمستحب وليس بواجب ، وأجمع العلماء على أن التكبير عند الذبح مستحب وليس بواجب .
فيقول الذابح عند ذبح البهيمة ومع حركة اليد يقول : بسم الله ، الله أكبر .
وإن قال : اللهم هذا منك ولك ، أو قال : اللهم تقبل من فلان _ ويذكر اسمه أو اسم نائبه _ فلا بأس بذلك .
وإن اقتصر على التسمية فقط فيكفي ، لكن التسمية لا بد منها على الذبيحة ، ويكفي فيها قول " بسم الله " ، بدون ذكر الرحمن الرحيم ، لأن ذلك لم يرد عن النبي صلى الله عليه وسلم ، والاقتصار عليها فقط هو الأفضل لأنها هي السنة .
متى تجب الأضحية :
تتعين الأضحية وتصبح واجبة إذا اشتراها بنية الأضحية أو عينها بأن قال هذه أضحية ، لأنه لفظ يقتضي الإيجاب . لكن لا يقول نويت أن أضحي بهذه الأضحية ، لأن التلفظ بالنية بدعة منكرة .
لكن يقول هذه أضحيتي أو يقول لله عليّ أن أضحي بهذه الأضحية ويعينها فتتعين .
أو يقلدها أو يشعرها ، فالتقليد : وهو أن يعلق في عنق البهيمة شيئاً تعرف به أنها هدي .
والإشعار : أن يشق جانب السنام الأيمن للبهيمة . ، فإذا تعينت الأضحية وجب ذبحها .
الأضحية عن الأموات :
إذا أوصىّ الميت بالتضحية عنه ، أو وقّف وقفاً لذلك _ أي ليذبحوا منه أضحية عن الميت _ جاز ذلك بالاتفاق .
فإن كانت الأضحية واجبة بالنذر وغيره ، وجب على الوارث إنفاذ ذلك ، أماّ إذا لم يوصي بها وأراد الوارث أو غيره أن يضحي عنه من مال نفسه ، فذهب الحنفية والمالكية والحنابلة إلى جواز التضحية عنه . إلاّ أن المالكية أجازوا ذلك مع الكراهة ، وإنما أجازوه لأن الموت لا يمنع التقرب عن الميت كما في الصدقة والحج .
وذهب الشافعية إلى أن الذبح عن الميت لا يجوز بغير وصية أو وقف . .
لكن يجب أن يعلم المسلم أن الأصل في الأضحية أنها في حق الحي .
وقد اختلف العلماء .. هل الأضحية عن الميت أفضل أم الصدقة بثمنها ؟
فذهب الحنابلة وكثير من الفقهاء إلى أن ذبحها أفضل من الصدقة بثمنها ، وهذا اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية .
وذهب بعضهم إلى أن الصدقة بثمنها أفضل ، وهذا القول أقوى في النظر ، لأن التضحية عن الميت لم يكن معروفاً عن السلف .
والأمر في ذلك واسع ، ففضل الله عظيم وعطاؤه جزيل .
والصدقة بثمن الأضحية هذا في حق الأموات ، أماّ الأحياء فسيأتي بيان ذلك إن شاء الله تعالى في النقطة التي تلي .
فالمقصود من ذلك أن إدخال الأموات تبعاً للأحياء في الأضحية ، قد دلّت عليه السنة ، فإن النبي صلى الله عليه وسلم " ضحىّ عنه وعن أهل بيته "
وأهل بيته فيهم الأحياء وفيهم من مات ، وقد ضحىّ عليه الصلاة والسلام وقال " اللهمّ هذا عن أمتي جميعاً " .
ويدخل فيهم الأحياء والأموات .
أماّ أن يستقل الحي بأضحيةٍ عن نفسه وأضحية أخرى يخصُّ بها الميت ، فقد كره ذلك بعض أهل العلم ، والصحيح جوازها ، لأنها تكون صدقةً من الصدقات ، بل قال بعض العلماء أنها صدقةٌ ينتفع بها الميت ويصل إليه ثوابها .
والدليل على ذلك قوله صلى الله عليه وسلم : " إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلاّ من ثلاث : صدقة جارية ، أو علم يُنتفع به ، أو ولد صالح يدعو له ".
بل قال بعضهم أن الأضحية عن الميت أفضل منها عن الأحياء ، لأن الميت عاجزٌ ويحتاج إلى الثواب ..
لكن هذا القول مرجوح ، لأنه لم يكن من هدي النبي صلى الله عليه وسلم ، فقد ماتت قبله بعض زوجاته وبعض بناته وجميع الذكور من أبنائه ، وكذلك عمّه حمزة ، ومع ذلك لم يثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه ضحّى عن أحدٍ منهم .
وعموماً من ضحى عن أمواته ببهيمة الأنعام فله أجر بإذن الله تعالى ، ومن تصدق بالثمن جاز بإذن الله تعالى ، وله أجر ذلك ، ولا ينبغي التحجير والتضييق في المسألة ، فالأمر في ذلك واسع ولله الحمد والمنّة . .


 

الصدقة بثمن الأضحية :

المعهود من عهد النبي صلى الله عليه وسلم إلى وقتنا هذا أن الناس قد دأبوا على ذبح الأضحية في يوم الأضحى ، لِما في ذلك من القربة إلى الله تعالى ، فهي تقع من الله بمكان قبل أن يقع الدم على الأرض ، فينبغي للمسلم أن يطيب بها نفساً ، وفيها توسعة على الفقراء والمساكين .
فذبح الأضحية أفضل من الصدقة بثمنها ، لأنها واجبة أو سنة مؤكدة عللا خلاف بين العلماء كما سبق بيانه ، وهي شعيرةٌ من شعائر الإسلام ، صرح بذلك الحنفية والشافعية وغيرهم .
وصرّح المالكية بأن الضحية أفضل أيضاً من عتق الرقبة ولو زاد ثمن الرقبة على أضعاف ثمن الضحية .
وقال الحنابلة : الأضحية أفضل من الصدقة بقيمتها ، نصّ عليه أحمد ..
قال ابن قدامة : ولأن إيثار الصدقة على الأضحية يُفضي إلى ترك سنة سنها رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وأيضاً لأن النبي صلى الله عليه وسلم ضحّى وضحّى الخلفاء الراشدون من بعده ، ولو علموا أن الصدقة أفضل لعدلوا إليها ..
أماّ أن يعدل الناس عن الأضحية إلى الصدقة بثمنها ، فهذا خلاف السنة ، بل إنه ليس عليه عمل النبي صلى الله عليه وسلم ولا أصحابه .
قال صلى الله عليه وسلم " من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد " ، وقال صلى الله عليه وسلم " من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد " ، والحديثان صحيحان .
قال سعيد بن المسيّب : لأن أُضحي بشاة أحب إليّ من أن أتصدق بمائة درهم ..
الأضحية بغير بهيمة الأنعام :
شاع في وقت من الأوقات بعض الفتاوى المريضة التي تنم عن ضعف اتباعٍ لهدي النبي صلى الله عليه وسلم ، ممن استهوته الشياطين فشغلته بالدنيا عن الدين فأصبح من المفتين الضالين ، الذين أفتوا بخلاف الدليل فضلوا وأضلوا كثيراً وضلوا عن سواء السبيل .
لقد أفتوا جموع المسلمين بجواز التضحية بغير بهيمة الأنعام ظناً منهم بالتيسير أو لأمور تخفيها ضمائرهم ، وتكنها صدورهم ، فمن لم يكن مستطيعاً أن يضحي فالأضحية سنة مؤكدة ، لا تجب على المعسر ، ولا تجب على غير القادر عليها كالفقير والمسكين وصاحب الدين ، فمن وجد سعة ضحى ومن لم يجد سعة سقطت عنه الأضحية لعدم القدرة عليها ، أما أن يتكلف ويعمل بخلاف سنة النبي صلى الله عليه وسلم في أمر له فيه سعة وأناة ، فهذا أمر لا يجوز ، فمن لم يجد أضحية من بهيمة الأنعام فإنه لا يكلف غيرها .
قال ابن عبدالبر : والذي يضحى به بإجماع من المسلمين الأزواج الثمانية وهي / الضأن والمعز والإبل والبقر .
ومقصوده بالأزواج الثمانية أي الذكر منها والأنثى ، كما في قوله تعالى : " ثمانية أزواج من الضأن اثنين ومن المعز . . . إلى قوله تعالى " ومن الإبل اثنين ومن البقر اثنين " ، فالكل مجزئ في الأضحية الذكر والأنثى ، إذا بلغ السن المعتبرة في ذلك وهي / الجذع من الضأن والثني فيما عداه .
وعلى ذلك فمن ضحّى بغير بهيمة الأنعام فأضحيته غير صحيحة ، لأن النبي صلى الله عليه وسلم ضحّى بالإبل وبالبقر وبالغنم وكذلك أصحابه من بعده ، ولم يؤثر عن أحد منهم أنه ضحّى بغير بهيمة الأنعام .
ولا عبرة بقول قائل من قال أن الأضحية بغير بهيمة الأنعام جائزة ، لأننا لا نأخذ الأحكام إلاّ من الكتاب والسنة والإجماع ، وقد ثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه ضحّى ببهيمة الأنعام ، ومعلومٌ أنه في ذلك الوقت كان هناك الفقراء الذين لا يستطيعون التضحية ، فلو جازت التضحية بغير بهيمة الأنعام لدلّ النبي صلى الله عليه وسلم أصحابه لذلك ، إذ كان موجوداً في ذلك الوقت الطيور والدواب وغيرها من الحيوانات الصغيرة والتي قد يكون لبعضها قيمة وبعضها لا قيمة له إذ قد يسهل الحصول عليه من جراّء صيد أو غيره .
فلماّ لم يثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه حثّ أصحابه على التضحية بغير بهيمة الأنعام عُرف أن ذلك مخالف لهديه صلى الله عليه وسلم ، وأنه من الابتداع في دين الله تعالى .
وأماّ من أجاز التضحية بالدجاج فقد غلط في ذلك غلطاً فادحاً ، لأنه عارض قول النبي صلى الله عليه وسلم وفعله وإقراره في التضحية ببهيمة الأنعام ، وإنما قد يكون من أجاز التضحية بالدجاج قد استند إلى حديث " الدجاج غنم فقراء أمتي ، والجمعة حج فقرائها " .
فالحديث موضوع لا تقوم به قائمة ولا تنهض له ناهضة ، ولا تشد به الظهور ، ولا يفرح به إلا مغرور ، فصاحبه صاحب بضاعة مزجاة .
وأماّ قول بلال رضي الله عنه : ما أبالي لو ضحيت بديك ..
فقال عنه الراوي : فلا أدري أسويد قاله من قِبل نفسه أو هو من قول بلال .
وعلى فرض صحة هذا القول فهو معارض بأمر النبي صلى الله عليه وسلم وفعله وتقريره لمن ضحىّ ببهيمة الأنعام . فلا حجة لأحد في أثر بلال ، ولا قول لأحد من الناس في مقابل قول النبي صلى الله عليه وسلم ، ولو كان من كان .
قال ابن رشد : أجمع العلماء على جواز الضحايا من بهيمة الأنعام .
ثم قال : وروي عن بلال أنه ضحىّ بديك ، وكل حديث ليس بوارد في الغرض الذي يحتج فيه به فالاحتجاج به ضعيف ..
فأقول : الواجب على المسلم إتباع ما جاء في الكتاب والسنة وإجماع العلماء ، فمن خالف الإجماع فقد شذّ ولا عبرة بقوله ما لم يكن مستنداً إلى دليل صحيح يخالف فيه غيره ، وإلاّ فالواجب على المسلم إتباع سنة النبي صلى الله عليه وسلم ، فقد أُوتي الكتاب ومثله معه وهو سنته الصحيحة التي لا التباس فيها .
فكل الناس يؤخذ منه ويُرد عليه إلاّ النبي صلى الله عليه وسلم فهو لا ينطق عن الهوى إن هو إلاّ وحي يوحى .
فعلم من ذلك أن الأضحية بغير بهيمة الأنعام أمر منكر ، وخطير ، ومصادم للكتاب والسنة .
فعلى المسلمين جميعاً أن يتقوا الله تعالى حق تقاته ، وأن يعملوا بمقتضى الكتاب والسنة الصحيحة ، وما أجمع عليه علماء هذه الأمة الأجلاء ، وأن نترك الخلافات ، وننبذ شعارات الفرقة ، وأن نحذر ممن يدسون السم في الدسم لتفريق كلمة المسلمين ، والواجب على المسلمين أجمعين حكاماً ومحكومين أن يتخذوا علماء فضلاء يُشهد لهم بالعلم الشرعي الصحيح ، وأن يحذروا علماء الضلال والسوء ، وأن يعتصموا بكتاب الله تعالى ، وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم ، ففيهما الخير كل الخير ، وفيهما النجاة والخلاص يوم القيامة .


العيوب المانعة من الإجزاء :
وهذه العيوب تكون في الهدي والأضحية والعقيقة ، من كان منها في واحدة من تلك القرابين فهي غير مجزئة ، ومن هذه العيوب ما يلي :
وقبل أن أذكر العيوب أود أن أذكر الأحاديث المانعة من الإجزاء فمن الأحاديث ما يلي :
1_ في حديث البراء بن عازب وفيه " أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن ذبح الجذع من المعز ، وقال لأبي بردة : ( اذبحها ولا تصلح لغيرك ) .
2_ وعن علي رضي الله عنه قال " نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يضحى بأعضب القرن والأذن " .
3_ وعن البراء بن عازب قال " قال رسول اله صلى الله عليه وسلم أربع لا تجوز في الأضاحي : العوراء البين عورها ، والمريضة البين مرضها ، والعرجاء البين ضلعها ، والكسيرة التي لا تنقي ".
4_ وحديث يزيد ذو مصر " نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن المصفرة والمستأصلة والبخقاء والمشيعة والكسراء ".
5_ وعن أبي سعيد قال " اشتريت كبشاً أُضحي به فعدا الذئب فأخذ الألية ، فسألت النبي صلى الله عليه وسلم فقال : ضح به " . وهذا دليل على أن العيب بعد التعيين لا يضر .
6_ وعن علي رضي الله عنه قال " أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نستشرف العين والأُذن وأن لا نضحي بمقابلة ولا مدابرة ولا شرقاء ولا خرقاء ولا ثرماء ".
7_ وعن أبي أُمامة بن سهل قال " كناّ نسمن الأضحية بالمدينة وكان المسلمون يسمنون ".
8_ وعن أبي سعيد قال " ضحىّ رسول الله صلى الله عليه وسلم بكبشٍ أقرن فحيل ، يأكل في سواد ، ويمشي في سواد ، وينظر في سواد " .
9_ عن أبي رافع قال " ضحىّ رسول الله صلى الله عليه وسلم بكبشين أملحين موجوأين خصيين ".
10_ وعن عائشة رضي الله عنها قالت " ضحى رسول الله صلى الله عليه وسلم بكبشين سمينين عظيمين أملحين أقرنين موجوأين ".
وأبين الآن إن شاء الله تعالى العيوب المانعة من الإجزاء :
1_ العوراء البين عورها : وهي التي انحسفت عينها فإن كانت العين قائمة أجزأت ولو لم تبصر أو يكون في العين بياضاً بيناً يدل دلالة بينة على عورها ..
2_ العمياء : وهي أشد من العوراء فمن باب أولى ألاّ تجزئ ، وذكر النووي الإجماع على ذلك في الجموع ، ولأن العمياء لا تستطيع المشي مع رفيقاتها فلا تستطيع المشاركة في العلف ..
3_ مقطوعة اللسان : فلا تُجزيء لأنها ناقصة الخلقة ، وكذلك ما ذهب من لسانها مقدار كثير ..
4_ الجدعاء : وهي مقطوعة الأنف ..
5_ المريضة البين مرضها : لأن المرض يمنعها من الأكل ويفسد لحمها ويهزل جسمها.
6_ الجرباء : وهي من باب أولى بالنسبة للمريضة البين مرضها .
7_ العرجاء البين عرجها : وهي التي لا تقدر على المشي مع جنسها الصحيح إلى المراعي .
8_ الكسيرة : وهي من باب أولى ، ومقطوعة الرجل واليد والتي لا رجل لها ولا يد ، فكل ذلك لا يجزئ .
9_ العجفاء : وهي الهزيلة التي لا مخ فيها ، وهي الهزيلة التي لا تنقي ، لأنه لا لحم فيها وإنما هي عظام مجتمعة .
10_ مقطوعة الألية أو أكثرها : لأن ذلك أبلغ في الإخلال بالمقصود ، أماّ إذا ذهب أقل من النصف فتجزيء مع الكراهة إلاّ إذا تعيبت بعد التعيين ، لما جاء في حديث أبي سعيد السابق وهو الحديث رقم ( 5 ) في هذه النقطة ، أماّ إذا كانت بلا ألية من خلقتها فإنها تجزيء بلا كراهة ..
11_ المبشومة حتى تثلط : لأن البشم عارض خطير كالمرض البين ..
12_ ما كانت والدة : أي التي في حالة ولادة حتى تلد وتنجو لأن ذلك خطر قد يودي بحياتها .
13_ ما أصابها سبب الموت : كالمنخنقة والموقوذة والمتردية والنطيحة وما أكل السبع ، لأنها أولى بعدم الإجزاء من المريضة البين مرضها ..
14_ الجلالة : وهي التي تأكل العذرة أي النجاسة ، فلا يضحى بها حتىّ تحبس ويطيب لحمها .


 

تنبيه مهم :
ما ذكر سابقاً مماّ لا يُجزئ في الأضحية يشمل الهدي الواجب والتطوع ودم المتعة والقران والعقيقة ، فكل ما لا يُجزئ في الأضحية لا يُجزئ في ذبائح القرب التي يتقرب بها العبد إلى ربه سبحانه وتعالى ، لأن الله تعالى يقول : " يا أيها الذين آمنوا أنفقوا من طيبات ما كسبتم ومما أخرجنا لكم من الأرض ولا تيمموا الخبيث منه تنفقون ولستم بآخذيه إلا أن تغمضوا فيه واعلموا أن الله غني حميد " .
العيوب المكروهة مع صحة الإجزاء بها :
يقول ابن القيم رحمه الله " وكان من هديه صلى الله عليه وسلم اختيار الأضحية ، واستحسانها ، وسلامتها من العيوب ، ونهى _ نهي كراهة _ أن يضحى بها ، ومن هذه العيوب المكروهة ما يلي :
1_ عضباء الأذُن والقرن : وهي مقطوعة الأذُن ومكسورة القرن ، النصف فما زاد .
2_ المقابلة : وهي التي قُطع مقدم أذنها عرضاً .
3_ المدابرة : وهي التي قُطع مؤخر أذنها عرضاً .
4_ الشرقاء : التي شُقت أذنها طولاً .
5_ الخرقاء : التي خُرقت أذنها .
6_ المصفرة : التي قُطعت أذنها حتى يبدو صماخها .
7_ المستأصلة : التي استأصل قرنها من أصله .
8_ البخقاء : التي بُخقت عينها فذهب بصرها وبقيت عينها بحالها .
9_ المشيعة : وهي التي لا تتبع الغنم إلاّ بمن يشيعها فيسوقها لتلحق بها ، وذلك لضعفها وعجفها.
10_ البتراء : من الإبل والبقر والمعز وهي التي قطع نصف ذنبها فأكثر .
11_ ما قُطع ذكره وأنثياه معاً ..
12_ مقطوع الذكر فقط ..
13_ ما سقط بعض أسنانه ، ولو كانت الثنايا أو الرباعيات ، فإن فقد بأصل الخلقة لم تكره .
14_ ما قُطع شيء من حلمات ثديها : فإن فقد بأصل الخلقة لم تكره ، وإن توقف لبنها مع سلامة ثديها فلا بأس ..
تنبيه مهم :
ما كان ناقصاً بأصل الخلقة فيجزئ ما عدا المذكور في حديث البراء بن عازب ، فلا يُجزئ لورود النص فيه .
فيُجزئ ما يلي :
1_ الجماء : التي لم يُخلق لها قرن .
2_ الصمعاء : صغيرة الأذن .
3_ البتراء : التي لا ذنب لها خلقة .
4_ التي لا إلية لها بأصل الخلقة .
5_ الخصي : لأن النبي صلى الله عليه وسلم ضحىّ به ، ولأن الإخصاء يزيد في سمنه وطيب لحمه .
فائدة :
لا يمنع الإجزاء أي عيب حدث أثناء الذبح ، كأن أصابت السكين _ آلة الذبح _ عين المذبوح فقلعتها ، أو تعاصى فألقاه الذابح بعنف وقوة ، فكسر رجله أو غلاف قرنه ونحوه ..
وقال ابن قدامة : " إذا عالج ذبحها فقلعت السكين عينها أجزأت ، استحساناً . ولنا أنه عيب أحدثه بها قبل الذبح ، فلم تجزئه كما لو كان قبل معالجة الذبح ".
وأماّ إذا ذبحها فوجد فيها مرضاً ولم يعلم به إلاّ بعد الذبح ،فقال ابن حزم رحمه الله : " إن لم يكن اشترط السلامة فله الرجوع بما بين قيمتها حيّة صحيحة وبين قيمتها معيبة ، أما إن كان اشترط السلامة ثم ظهرت بعد الذبح معيبة فيضمنها البائع ويسترد المشتري الثمن " .
هل تجزيء الأضحية إذا وجد بها مرضاً بعد ذبحها ؟
اختلف أعضاء اللجنة الدائمة في ذلك ، فالأكثر منهم على جوازها ، وحجتهم في ذلك أنها حين الذبح ليست بينة المرض ، وعارض البعض ذلك بحجة أن الحديث ليس فيه تقييد بيان المرض قبل الذبح ولا بعده ، ولأن القصد من الهدي والأضحية وغيرها من القرب هو الفائدة منها ، فإذا عدمت فات القصد ، ولأن العيب معتبر شرعاً في البيع بعد تلف المبيع ..
الراجح :
والراجح والله تعالى أعلم بالصواب أنه إذا ظهر فيها عيب ولم يعلم به إلاّ بعد الذبح أنها تُجزيء ، نظراً لبراءة الذمة في ذلك ، وأنها عند الذبح كانت سليمة خالية من العيوب .
ولو أن القول بعدم الإجزاء قويٌّ جداً ، إلاّ إن استطاع أن يبدلها بغيرها فهو أحسن وأحوط ، وإلاّ فليس كل الناس يستطيع أن يستبدل المعيبة بغيرها .




حكم ولد الأضحية :
وإذا ولدت الأضحية بعد تعيينها فيذبح ولدها تبعاً لها وله حكم أمه فيما يخص الأضحية من أحكام ، أماّ إذا ولدت قبل التعيين والإيجاب فهو مستقل عنها ولا يأخذ حكمها .
تلف الأضحية بعد ذبحها :
إذا تلفت الأضحية بعد ذبحها بسرقة أو أكلها حيوان مفترس أو غير ذلك ، فلا يخلو الأمر من حالين :
1_ أن يكون بتفريط من صاحبها بأن تركها في مكان الذبح مكشوفة بدون حرز مثلاً ، فعليه ضمان ما يجب به الصدقة فيتصدق به وإن استبدلها بغيرها فحسن .
2_ ألاّ يكون فيه تفريط ، ففي هذه الحالة لا ضمان على صاحبها .
تلف الأضحية بعد إيجابها :
إذا تلفت أو تعيبت الأضحية بعد إيجابها ، فلا يخلو الأمر من حالين :
1_ أن يكون بتفريط من صاحبها ، فعليه ضمانها أو إبدالها .
2_ أن يكون بغير تفريط من صاحبها ، فلا ضمان عليه ويذبحها وتجزئه ..
فائدة مهمة :
من أتلف أضحية غيره وجب عليه قيمتها حين أتلفها ..
فوائد :
1_ من أوجب أضحيةً معيبةً عيباً يمنع الإجزاء ، وجب عليه ذبحها ولا تجزئه عن الأضحية الشرعية ، لكنه يذبحها ويثاب على ما يتصدق به منها ، كما يُثاب على الصدقة بما لا يصلح أن يكون هدياً ، وإن ذبحها ثم استبدلها بما يُجزئ في الأضحية ، فله الأجر مرتين وفضل الله عظيم وعطاؤه جزيل .
2_ من أوجب أضحيةً ثم مات ، فعلى ورثته أن يقوموا مقامه من حيث التصرف بها كأضحيةً فيذبحونها ويوزعونها أثلاثاً ، ولا يجوز بيعها ولو كان عليه ديناً ، لأنه متعلقة بالذمة .
إبدال الأضحية :
لإبدال الأضحية لا يخرج من حال من ثلاث :
فإما أن يبدلها بأحسن منها ، أو مثلها ، أو أقل منها .
فإذا أراد المضحيّ أن يبدل أضحيته بأخرى أفضل منها ، فله ذلك وهذا قول الإمام احمد ومالك وأبو حنيفة .
أماّ إذا أبدلها بأقل منها فلا يجوز بلا خلاف .
وإذا أراد إبدالها بمثلها فإنه لا يجوز لعدم الفائدة من ذلك .
بيع الأضحية بعد إيجابها :
لا يجوز بيعها وهذا ما ذهب إليه الخرقي من علماء الحنابلة رحمة الله عليهم أجمعين .
وقال القاضي يجوز بيعها ويشتري خيراً منها وهو قول أبي حنيفة . وهذا القول هو الصواب .
أي أنه يجوز بيعها وشراء أفضل منها وذبحها كأضحية ، أمّا أن يبيعها ثم يشتري ما هو أقل منها فلا يجوز ذلك .
فوات وقت الأضحية :
من المعلوم أن وقت الذبح يبدأ من بعد صلاة العيد يوم النحر _ على الراجح _ ويستمر لثلاثة أيام بعده ، أي أن أيام الذبح أربعة ، يوم العيد وأيام التشريق الثلاثة وهي : الحادي عشر والثاني عشر والثالث عشر .
فلا تجزئ الأضحية قبل ذلك مطلقاً .
أما بعد نهاية أيام التشريق فلا يخلو الأمر من حالين :
أولاً / أن تكون واجبة :
فمن أوجبها بالتعيين _ أي حدد البهيمة المراد التضحية بها _ أو أوصي إليه بذبحها _ أو أوجبها قبل التعيين كالمنذورة كما لو قال :" لله عليّ أن أضحي هذا العام "
فكل تلك الأمور لا تخلو من حالين أيضاً :
1 _ أن يكون متعمداً في عدم ذبح الأضحية حتى انتهت أيام الذبح ، فهذا لا يؤمر بالقضاء ولا ينفعه لأنّ " من أخرّ العبادة عن وقتها عمداً بلا عذر فإنه لا يقضيها " هذه هي القاعدة .
وهذا يشبه من ترك صلاة حتى خرج وقتها متعمداً ، فإنها لا تصح منه ، فقيل يذبحها ولو خرج وقت الذبح لأنها متعلقة بالذمّة .
2 _ أن يكون غير متعمد في ذلك : كأن هربت منه الأضحية أو نسي أو جهل وقت الذبح فإنه يذبحها متى وجدها ، ومتى تذكر وعلم وقت الذبح ، فيذبحها ولو خرج الوقت لأنه معذور .
ثانياً / أن تكون تطوعاً :
كمن أوجب أضحية يضحي بها ، ومعها أخرى يريد أن يذبحها أضحية متطوعاً بها غير ملزم ، فهذه إذا فات وقت الذبح فإنه لا يذبحها لفوات وقتها ، ولو ذبحها فهي صدقة وليست أضحية .
ويسقط التطوع بخروج وقت الذبح لأنه سنه فات محلها .
ذبح الأضحية ليلاً :
ذهب جمهور العلماء إلى كراهة الذبح ليلاً أي ليالي أيّام التشريق .
والصحيح في ذلك هو جواز الذبح ليلاً ونهاراً لدخول الليالي في الأيام
والأفضل أن يذبح نهاراً ، إلاّ إذا ترك الذبح نهاراً وذبح ليلاً لعذر ، فإن ترك الذبح ليلاً فهو أفضل وأحسن وأحوط وخروجاً من خلاف العلماء ، وإن ذبح جاز .
ما يترتب على من أراد أن يضحي :
عن أم سلمة رضي الله عنها عن النبي صلى الله عليه وسلم قال " من رأى هلال ذي الحجة ، فأراد أن يضحي فلا يأخذ من شعر ولا من ظفره ، حتى يضحي "
وفي رواية لها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال " إذا دخلت العشر _ يعني عشر ذي الحجة _ فأراد أحدكم أن يضحي ، فلا يأخذ من شعره ولا من بشره شيئاً "
وفي رواية أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال " من كان له ذبح يذبحه ، فإذا أهلّ هلال ذي الحجة فلا يأخذنّ من شعره ولا من أظفاره شيئاً حتى يضحي " فالأحاديث السابقة تدل على تحريم حلق الشعر أو تقليم الأظافر أو أخذ أي شيء من البشرة إذا دخلت أيام عشر ذي الحجة وأراد الإنسان أن يضحي .
فيحرم إزالة الشعر بحلق أو تقصير أو نتف أو إحراق أو أخذ بأي مزيل كان ، ويدخل في ذلك شعر الرأس والإبط والعانة وجميع شعر البدن .
والظفر كذلك فلا يقلمه ولا يكسره بيده إلاّ إذا كان فيه إيذاء للإنسان فإنه يأخذه للضرورة .
ويقاس على ذلك جميع أجزاء البدن ، لأنه جاء في رواية " فلا يمس من شعره وبشره شيئا "
أحكام تتعلق بالمضحي وغيره :
التحريم ويشمل من سيضحي فقط سواء كان المضحي رجلا أو امرأة .
غير المضحي لا يحرم عليه أخذ شيء من شعره أو ظفره أو بشرته ، لأنه غير مقصود بذلك ، لأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يضحي عن آل محمد ولم ينقل عنه أنه كان يأمرهم بالإمساك عن الحلق والتقليم ، ولو كان ذلك محرماً في حق من ضُحي عنه لنقل إلينا ، فلمّا لم يحصل ذلك عُلم أنه لا يحرم على المُضحى عنه الإمساك عن شيء من ذلك والله أعلم .
من تبرع بأضحية عن شخص ما ، تعلق التحريم بالمتَبَرِّع دون المُتَبَرَّعِ عنه لأنه هو الذي سيشتريها من ماله وهو الذي سيذبحها أو يوكل من يذبحها ولأنه قام بها تطوعاً دون أن يكون للمتبرع عنه دخل في ذلك ، فوقع الحكم على المتبرع دون غيره .
من توكل عن شخص في ذبح أضحيته تعلق الحكم بالموكل دون الوكيل ، لأنه طُلب منه ذلك الأمر دون أن يتبرع هو بها . فالحكم يشمل الموكل فيمسك عن الشعر والأظافر والبشره .
الوصي لا يتعلق به حكم ، فمن مات وأوصى بذبح أضحيته من ماله أو عقاره أو ما شابه ذلك فالحكم لا يتعلق بمن سينفذ الوصية لأنه كالوكيل الموكل بذبحها فقط .
فائدة مهمة :
من أخذ شيئاً من شعره وظفره وبشرته متعمداً وهو يريد أن يضحي فهو آثم لارتكابه ما نهى عنه صلى الله عليه وسلم ، وعليه التوبة والاستغفار إلى الله تعالى وأضحيته صحيحة .
فالأضحية صحيحة سواءً أخذ شيئاً أم لا ، لأن التحريم لا يتعلق بالأضحية وإنما التحريم يتعلق بالإثم من عدمه . والله أعلم .
شروط الأضحية :
والشروط المتعلقة بالأضحية ما يلي :
الأول :
أن تكون من بهيمة الأنعام ، وهي الإبل والبقر والغنم ضأنها ومعزها ، لقوله تعالى " ولكل أمةٍ جعلنا منسكاً ليذكروا اسم الله على ما رزقهم من بهيمة الأنعام "
الثاني :
أن تبلغ السن المعتبرة شرعاً ، وذلك بأن تكون جذعةً من الضأن أو ثنيةً ممّا سواها .
وقد اختلف العلماء رحمهم الله في تحديد السن المحددة شرعاً :
والراجح ما قاله الشيخ ابن جبرين " الإبل ما بلغ خمس سنين ودخل في السادسة ، والبقر ماله سنتان ودخل في الثالثة ، والمعز ماله سنة ، والضأن ماله ستة أشهر " فهذا هو القول الراجح في ذلك والله أعلم .
الثالث :
الخلو من العيوب المانعة للإجزاء ، وقد ذكرناها .
الرابع :
أن تكون ملكاً للمضحي أو مأذوناً له فيها من قبل الشرع أومن قبل المالك ، فلا تصح التضحية بما لا يملكه كالمغصوب والمسروق والمأخوذ بدعوى باطلة ونحوه لأنه لا يصح التقرب إلى الله بمعصية ، وتصح تضحية ولي اليتيم له من ماله إذا جرت به العادة وكان ينكسر قلبه بعدم الأضحية .
وتصح تضحية الوكيل من مال موكله بإذنه .
الخامس :
ألاّ يتعلق بها حق للغير ، فلا تصح التضحية بالمرهونة .
السادس :
أن يضحي بها في الوقت المحدد شرعاً ، وهو من بعد صلاة العيد يوم النحر إلى غروب شمس من آخر يوم من أيام التشريق ، وهو اليوم الثالث عشر من ذي الحجة .
الأضحية والحاج :
يخطئ كثير من الناس في أمر الأضحية والحج فيعتقد أن الأضحية هي الهدي بينما هما موضوعان مختلفان ، فالحاج إن كان متمتعاً أو قارناً وجب على هدي التمتع والقران ، وإن كان مستطيعاً وقادراً على الأضحية لزمته الأضحية أيضاً عند من يرى الوجوب مثل شيخ الإسلام وغيره ، فالأضحية لا دخل لها بالحج ، فهي سنة مؤكدة في حق الحاج وغيره ، فمن استطاع أن يضحي فله ذلك علاوةً على الهدي الواجب عليه . لا سيّما إن كان أهل الحاج في بلدهم فإنه يكلفهم بذبح الأضحية ويوكلهم في ذلك فيصبح في حق الحاج المتمتع والقارن ذبيحتان واحدة هدي والثانية أضحية ، أمّا المفرد فواحدة فقط وهي الأضحية .
قال النووي " قال الشافعي : الأضحية سنة على كل من وجد السبيل من المسلمين من أهل المدائن والقرى وأهل السفر والحضر ، والحج بمنى وغيرهم من كان معه هدي ومن لم يكن معه هدي ، قال النووي : وهذا هو الصواب أن التضحية سنة للحاج بمنى كما هي سنة في حق غيره "
وجاء عند البخاري في صحيحه ما يدل على جواز الأضحية في حق الحاج وذلك من حديث عائشة رضي الله عنها قالت : خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم لخمس بقين من ذي القعدة لا نُرى إلى الحج فلماّ دنونا من مكة أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم من لم يكن معه هدي إذا طاف وسعى بين الصفا والمروة أن يحل . قالت فدُخل علينا يوم النحر بلحم بقر ، فقلت : ما هذا ؟ قال : نحر رسول الله صلى الله عليه وسلم عن أزواجه "
قال ابن حجر " وقوله : ضحّى النبي صلى الله عليه وسلم عن أزواجه بالبقر " ظاهر في أن الذبح المذكور على سبيل الأضحية .
وعند الإمام مسلم " ضحى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن نسائه البقر "
وحاصل الأمر أن الأضحية سنة مؤكدة في حق الرجل والمرأة والمقيم والمسافر والحاج والحر والعبد .
وقال ابن حزم " الأضحية مستحبة للحاج بمكة وللمسافر كما هي للمقيم ولا فرق ، وكذلك العبد والمرأة ، لقول الله تعالى " وافعلوا الخير "
والأضحية فعل خير ، وكل من ذكرنا محتاج لفعل الخير مندوب إليه . ولم يخص النبي صلى الله عليه وسلم بادياً من حاضر ، ولا مسافراً من مقيم ، ولا ذكراً من أنثى ، ولا حراً من عبد ، ولا حاجاً من غيره ، فتخصيص شيء من ذلك باطل لا يجوز ،وقد ذكرنا قبل أن النبي صلى الله عليه وسلم ضحىّ بالبقر عن نسائه بمكة وهن حاجات معه .
فالمقصود من ذلك أن الحاج يستحب له أن يضحي والأفضل أن يوكل أهله في بلده بالأضحية ويقوم هو بالهدي إن كان عليه هدي .
فائدة 1 :
إذا أراد الحاج أن يضحي ودخل عليه العشر ويريد أن يحرم مثلاً فلا يأخذ من شعره ولا ظفره ولا بشرته شيئاً ، لأن الأخذ لمريد الإحرام سنة والأخذ بعد دخول العشر لمريد الأضحية حرام ، فيرجح جانب الترك على جانب الأخذ .
فائدة 2 :
إذا حل المتمتع من عمرته في عشر ذي الحجة فإنه لا يحرم عليه الحلق أو التقصير ولو أراد التضحية لأن الحلق والتقصير واجب من واجبات الحج .
فليس بملوم لو أخذ شيئاً من شعره من أجل عمرته وحجه ، لأنه نسك لا يتم الحج إلا به ، ولا تتم العمرة إلا به .

 

أفضل الألوان في الأضاحي :

عن أنس بن مالك رضي الله عنه ، : " أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يضحي بكبشين أملحين أقرنين ويسمي ويكبر ويضع رجله على صفاحهما " وعن عائشة رضي الله عنها قالت : " أمر بكبش أقرن يطأ في سواد ويبرك في سواد وينظر في سواد فأُتي به ليضحي به ، فقال لها : يا عائشة هلمّي المدية ، ثم قال : اشحذيها بحجر ففعلت ، ثم أخذها وأخذه فأضجعه ، ثم ذبحه ، ثم قال : بسم الله اللهمّ تقبل من محمد وآل محمد ومن أمة محمد ، ثم ضحى به "
في هذين الحديثين فوائد جمة وكثيرة لكن سأقتصر على أفضل ما يضحى به .
فينبغي على المسلم إذا أراد الأضحية أن يختار أسمنها وأحسنها وأغلاها ثمناً لأنها قربة لله تعالى ، فلا يتقرب العبد إلى ربه إلاّ بأفضل القربات ، وفي الضحايا بأفضلها على الإطلاق .
فينبغي أن يكون الكبش أقرن وهو الذي له قرنان كاملان بلا نقص فيهما ، وأن يكون أملح ، وقد اختلف العلماء في معنى الأملح إلى عدة أقوال ذكرها غير واحد من العلماء وممن ذكر تلك النزاعات عن معنى الأملح ابن الملقن حيث قال : وأحسن ما قيل في ذلك هو الذي بياضه أكثر من سواده .
وهذا التعليل والتوضيح لمعنى الأملح هو الذي يشهد له حديث عائشة فإن معنى يطأ في سواد : أن قوائمه سود ، ومعنى يبرك في سواد : أن بطنه أسود ، ومعنى ينظر في سواد : أن ما حول عينيه أسود .
فالواجب على المضحي أن يتخير من الضحايا ما هو كامل الخلقة من غير نقص ، ويجب أن يتجنب العيوب المانعة من الإجزاء وكذلك يكره له التضحية بما فيه عيب ونقص ما لم يرد الشرع بجواز التضحية به .
المقصود : استحباب أن تكون الأضحية حسنة وسمينة وأن تكون بأحسن الألوان فتكون من جنس الغنم ، ومن الذكور أفضل ، وأن تكون بيضاء أو بياضها أكثر من سوادها ، وأن تكون قرناء ، لأن ذلك دليل القوة .
كثرة اللحم في الأضحية :
كثرة اللحم في الأضحية مطلوب ، لأنه فيه إغناءً للفقراء والمحتاجين ، وفيه توسيع على الأهل والأقارب ، وبه يستطيع أن يدعو أقاربه وجيرانه للأكل من أضحيته ، فمن ضحىّ ببعير كامل أو بقرة كاملة فهي أفضل من كبش واحد ، لكثرة لحمها وغلاء ثمنها فهي أنفع من الكبش الواحد .
الأضحية بأكثر من واحدة :
من ضحّى بسبعة أكباش فهي أفضل من بعير واحد أو بقرة واحدة ، لكثرة إراقة الدم التي هي المقصود من ذبح الأضحية ، فكثرة الأضاحي دليل على زيادة التقوى ، فالنبي صلى الله عليه وسلم أتقى الناس لربه ، وذبح وضحى وأهدى بالعديد من الإبل والأكباش والبقر ، فالمحب يقدم لحبيبه أكثر ما يستطيعه إجلالاً وتعظيماً له ، فالله تعالى أحق بذلك ممّا سواه من البشر ، تعالى وتقدس سبحانه في علاه .
والسبعة أكباش أفضل من بعير واحد لكثرة لحمها ووفرته ولذته ، لأنه أطيب من لحم البعير والبقر ، ولأنه أنفع للفقراء والمساكين ولأنها أغلى ثمناً من البعير الواحد في الغالب .
الاشتراك في الأضحية :
تنازع العلماء رحمهم الله في التشريك في الأضحية ما بين مجيز ومانع في غير الإبل والبقر ، أمّا الغنم وسُبع الإبل والبقر فهنا النزاع .
بمعنى هل يجوز التشريك في سبع البعير وسبع البقرة وفي الغنم الواحدة أم لا ؟
والجواب على ذلك ما يلي :
التشريك ينقسم إلى قسمين :
أولاً / التشريك في الثواب :
فهذا جائز ، فقد نقل العظيم أبادي أقوال العلماء في ذلك فقال : قال الترمذي في باب الشاة الواحدة تجزئ عن أهل البيت ، والعمل على هذا عند بعض أهل العلم وهو قول أحمد واسحاق وأجازه مالك والأوزاعي والشافعي ، بل روي عن أبي هريرة وابن عمر رضي الله عنهما .
وروي عن علي رضي الله عنه أنه كان يضحي بالضحية الواحدة عن جماعة أهله .
وأخرج الحاكم عن عبدالله بن هشام قال : " كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يضحي بالشاة الواحدة عن جميع أهله " وقال صحيح الإسناد .
وهو _ أي هذا الحديث _ خلاف من يقول إنها لا تجزئ إلاّ عن الواحد .
قال العظيم أبادي : والحاصل أن الشاة الواحدة تجزئ في الأضحية دون الهدي عن الرجل وعن أهله وإن كثروا ، كما تدل عليه الروايات .
وأما الأحاديث الدالة على جواز الإشراك في الثواب فحديث عائشة رضي الله عنها " … اللهمّ تقبل من محمد وآل محمد ومن أمة محمد " ثم ضحى به
وحديث عائشة وأبي رافع رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يضحي بكبشين أحدهما عنه وعن آله والآخر عن أمته جميعاً
وحديث جابر وأبي سعيد رضي الله عنهما : كان صلى الله عليه وسلم يضحي بكبشين عنه وعمن لم يضحي من أمته .
ولُيعلم أن سبع البعير أو سبع البقرة قائم مقام الشاة الواحدة في الإجزاء عن الرجل وأهل بيته ، فله أن يشرك في سبع بدنه من الإبل أو سبع البقرة ، وله أن يشرك معه في الأجر والثواب من شاء من الأحياء والأموات حتى الجنين في بطن أمه يدخل معهم في ذلك الثواب ، فعن جابر قال " نحرنا مع النبي صلى الله عليه وسلم بالحديبية البدنة عن سبعة والبقرة عن سبعة " .
وهنا أمر يفيد من هو متزوج أو عقد النكاح ولم يدخل بزوجته بعد ، فله أن يضحي عنه وعنها ، كما له أن يخرج زكاة الفطر عنه وعنها ، فالأضحية واضحة بالأدلة ، وأما زكاة الفطر فلا بد من أخذ إذنها إن كانت قادرة على أن تخرج زكاتها بنفسها من مالها إن كان لها مال من وظيفة أو إرث أو نحو ذلك ، وإذا لم يكن لها مال أخرج عنها الزكاة علمت أم لم تعلم .


ثانياً / الاشتراك في التمليك :
فإذا أراد شخصان أو أكثر الاشتراك في أضحية واحدة من الغنم ، أو الاشتراك في سبع بدنة بالمال ، فهذا لا يجوز ولا يصح أضحية ، إلاّ إذا كان الاشتراك في الإبل والبقر كل واحدة عن سبعة فقط ، ويدفع قيمة السبع ، أما أن يدفع شخصان أو أكثر قيمة السبع أو يشتركون في قيمة الغنم الواحدة فهذا لا يجوز ولا يصح منهم ذلك .
لأنه عمل لم يكن على عهد النبي صلى الله عليه وسلم ولم يعمل به الخلفاء الراشدون من بعده ، بل إنه كان هناك فقراء في عهده عليه الصلاة والسلام ولم يرشدهم للاشتراك في التملك ، لأن ذلك لو كان جائزاً لأرشدهم إليه لحاجتهم الماسة إلى ذلك ، ولأنه ليس كل الناس يستطيعون أن يضحوا ، فكانت الحاجة إلى بيان جواز الأمر ملحة ، وحيث أنه لم يحصل ذلك دلّ على عدم الجواز .
أما حديث أبي الأشر الذي فيه اشتراك السبعة كل بدرهم فاشتروا أضحية وذبحوها ، قال عنه الهيثمي : أبو الأشر لم أجد من وثقه ولا جرحه وكذلك أبوه ، وقال في بلوغ الأماني شرح ترتيب المسند " والظاهر أن هذه الأضحية كانت من البقر ، لأن الكبش لا يجزئ عن سبعة ، ولها قرون فتعين أن تكون من البقر. والله أعلم .
ولأن الكبش لا يحتاج أن يمسك به السبعة وفي إمساكهم به عسر وضيق ، ويكفي في إمساكه واحد ، اللهم إلاّ أن يقال أن تكلف إمساكهم به ليس من أجل استعصائه بل من أجل أن يحصل اشتراك الجميع في ذبحه ، والله أعلم .
فعلم من ذلك عدم جواز الاشتراك في الكبش الواحد أو سبع البدنة ، لما ثبت من الأحاديث وأقوال العلماء في ذلك .
فائدة 1 :
لو كان هناك وصايا بذبح أضحية لكل واحد من الموصين ، ولم تكف النفقة فإنه لا يجوز أن تكمل بعضها ببعض ، لأنه لا يجوز الاشتراك في الملك .

فائدة 2 :
إذا اشترك شخصان فأكثر في شراء أضحية واحدة من الغنم أو سبع بدنة ثمّ ضحيا بها عن قريب لهما فإنه يجوز ذلك لأنها أصبحت في ملك المضحى عنه وهو في الحقيقة شخص واحد .
وهذا كما لو دفعت قيمتها إلى المضحى عنه فضحى بها فهذا جائز بلا ريب .
توزيع لحم الأضحية :
السنة في الأضحية أن يأكل الرجل وأهل بيته ثلثاً ويهدي ثلثاً ولو لغني ، ويتصدق بالثلث على الفقراء والمساكين . فإن أكلها كلها أو تصدق بها أو أهداها جاز كل ذلك .
موضع ذبح الأضحية :
السنة أن ينحر الإمام أمام المسلمين في المصلّى ، هكذا جاء في حديث ابن عمر رضي الله عنهما قال : " كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يذبح وينحر بالمصلّى .
وقال النووي : محل التضحية موضع المضحي ، سواءً كان بلده ، أو موضعه من السفر ، بخلاف الهدي ، فإنه يختص بالحرم "
وقال : الأفضل أن يضحي في داره بمشهد أهله .
وذبح الأضحية في بيت المضحي أفضل حتّى يشهدها الأهل ويستبشروا بها ، ويشعروا بفرحة ذلك اليوم ، ويأكلوا منها ، ومن كبدها لسرعة نضوجها ، فالكبد أسرع نضجاً من اللحم ، هذا هو الأفضل في حق من أراد أن يذبح أضحيته ، أن يذبحها في بيته بمشهد أهله ، لما في ذلك من تعلم الجميع لطريقة الذبح الصحيحة إن كان الذابح ممن يحسن الذبح ، ويجوز أن يذبح الرجل والمرأة والصغير جميعاً بشرط التسمية عند الذبح.



الأضحية والدين :
من كان عليه ديناً فلا تجب في حقه الأضحية لأن وفاء الدين وقضاؤه أحق من الاستدانة مرة أخرى من أجل الأضحية ، فيتراكم عليه الدين ، بل على المسلم أن يسارع بسداد ديونه حتىّ لا يداهمه الموت وفي ذمته للناس شيء ، فالواجب على المسلم ألاّ يماطل الناس بديونهم ، بل يسارع إلى سدادها إبراءً لذمته ، وتخلصاً من تلك الأمانة التي بين يديه ، ولا بد للمسلم أن يعامل الناس كما يحب أن يعاملوه .
أما الأضحية على المدين فغير مستحبة ، إلاّ إذا كان لديه فضل مال ، ولم يحل موعد سداده ، فإنه يضحي من المال المتبقي لديه .
وتأخذ المرأة من مال زوجها ما تضحي به عن أهل البيت ، وإن لم يأذن لها زوجها ، ويضحي المدين إذا لم يطالب بالوفاء .
الأضحية والاقتراض :
إذا كان للمقترض وفاءً يوفي به بعد الاقتراض ، فلا بأس بأن يقترض ويحيي شعيرة عظيمة من شعائر الدين ، وسنة من سنن الأنبياء ، ويرد ما اقترضه بعد ذلك ، متى ما توفر له السداد ، وألا يؤخر الدين عن صاحبه لأن تعالى يقول : " هل جزاء الإحسان إلا الإحسان " ، ويقول النبي صلى الله عليه وسلم : " مطل الغني ظلم " ولأدلة أخرى كثيرة تدل على تحريم أكل أموال الناس بالباطل ، وفي النية عدم السداد .
قال شيخ الإسلام رحمه الله : من لا يقدر على الأضحية وكان له وفاءًُ واستدان ما يضحي به فحسن ، ولا يجب عليه أن يفعل ذلك .
ويجوز أن يأخذ أضحية من صاحبها ديناً على أن يسدده متى ما تيسر له [ فتاوى اللجنة الدائمة 11 / 411 ] .
شروط الذكاة :
يشترط لها أربعة شروط :
1 أهلية المذكي : أن يكون الذابح عاقلاً مسلماً أو كتابيًّا .
2 توفر الآلة : فتباح الذكاة بكل محدد ينهر الدم بحدّة ، سواء كان من حديد أو حجر أو غير ذلك ، ما عدا السن والظفر والعظام .
3 قطع الحلقوم : وهو مجرى النفس ، وقطع المريء ،وهو مجرى الطعام والشراب ، وأحد الودجين ، وهما الوريدان .
4 التسمية أثناء الذبح .

 

خالد الطيب
جَزاكـ الله خَيراً وَبارَكـَ الله فِيكـ..
 
اخي العزيز خالد
=============
لا شك بأن هذا الجهد مميز ومميز جداً

تستحق الشكر والثناء

بارك الله بك.وجزاك كل خير

تحيااااتي

اخنتون
 
تسلم خالد الغالي





images

 
الوسوم
الاضحيه
عودة
أعلى