سيرة نبي الرحمة صلى الله عليه وسلم في حلقات

الْمَنّ عَلَى سَبْيِ هَوَازِنَ

وَقَدِمَ وَفْدُ هَوَازِنَ عَلَى رَسُولِ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ وَهُمْ أَرْبَعَةَ عَشَرَ رَجُلًا فَسَأَلُوهُ أَنْ يُمَنّ عَلَيْهِمْ السّبْيَ وَالْأَمْوَالَ فَقَالَ إنّ مَعِي مَنْ تَرَوْنَ ، وَإِنّ أَحَبّ الْحَدِيثِ إلَيّ أَصْدَقُهُ . فَأَبْنَاؤُكُمْ وَنِسَاؤُكُمْ أَحَبّ إلَيْكُمْ أَمْ أَمْوَالُكُمْ ؟ فَقَالُوا : مَا كُنّا نَعْدِلُ بِالْأَحْسَابِ شَيْئًا . فَقَالَ " إذَا صَلّيْت الْغَدَاةَ فَقُومُوا ، فَقُولُوا إنّا نَسْتَشْفِعُ بِرَسُولِ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَبِالْمُؤْمِنِينَ عَلَى رَسُولِ اللّهِ أَنْ يَرُدّ إلَيْنَا سَبْيَنَا " . فَلَمّا صَلّى رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ الْغَدَاةَ قَامُوا ، فَقَالُوا ذَلِكَ فَقَالَ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ أَمَا مَا كَانَ لِي وَلِبَنِي عَبْدِ الْمُطّلِب ِ : فَهُوَ لَكُمْ وَسَأَسْأَلُ لَكُمْ النّاسَ . فَقَالَ الْمُهَاجِرُونَ وَالْأَنْصَارُ : مَا كَانَ لَنَا فَهُوَ لِرَسُولِ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ . وَقَالَ الْأَقْرَعُ بْنُ حَابِسٍ أَمّا أَنَا وَبَنُو تَمِيمٍ فَلَا . وَقَالَ عُيَيْنَةُ بْنُ حِصْنٍ أَمّا أَنَا وَبَنُو فَزَارَةَ فَلَا . وَقَالَ عَبّاسُ بْنُ مِرْدَاسٍ أَمّا أَنَا وَبَنُو سُلَيْمٍ فَلَا . فَقَالَتْ بَنُو سُلَيْمٍ مَا كَانَ لَنَا فَهُوَ لِرَسُولِ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ وَقَالَ الْعَبّاسُ وَهَنْتُمُونِي . فَقَالَ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ " إنّ هَؤُلَاءِ الْقَوْمَ قَدْ جَاءُوا مُسْلِمِينَ . وَقَدْ اسْتَأْنَيْت بِسَبَبِهِمْ وَقَدْ خَيّرْتهمْ فَلَمْ يَعْدِلُوا بِالْأَبْنَاءِ وَالنّسَاءِ شَيْئًا : فَمَنْ كَانَ عِنْدَهُ شَيْءٌ فَطَابَتْ نَفْسُهُ بِأَنْ يَرُدّهُ فَسَبِيلُ ذَلِكَ . وَمَنْ أَحَبّ أَنْ يَسْتَمْسِكَ بِحَقّهِ فَلْيَرُدّهُ عَلَيْهِمْ . وَلَهُ بِكُلّ فَرِيضَةٍ سِتّ فَرَائِضَ مِنْ أَوّلِ مَا يَفِيءُ اللّهُ عَلَيْنَا " فَقَالَ النّاسُ قَدْ طَيّبْنَا ذَلِكَ لِرَسُولِ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ . فَقَالَ " إنّا لَا نَعْرِفُ مَنْ رَضِيَ مِنْكُمْ مِمّنْ لَمْ يَرْضَ فَارْجِعُوا حَتّى يَرْفَعُ إلَيْنَا عُرَفَاؤُكُمْ أَمْرَكُمْ . فَرُدّوا عَلَيْهِمْ أَبْنَاءَهُمْ وَنِسَاءَهُمْ وَكَسَا النّبِيّ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ السّبْيَ قِبْطِيّةً قِبْطِيّةً <145>


فَصْلٌ [ الحكم المستفاد من غزوة حنين ]

لَمّا تَمّ لِرَسُولِ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ وَالْمُسْلِمُونَ مَعَهُ فَتْحُ مَكّةَ : اقْتَضَتْ حِكْمَةُ اللّهِ أَنْ أُمْسِكَ قُلُوبَ هَوَازِنَ عَنْ الْإِسْلَامِ لِتَكُونَ غَنَائِمُهُمْ شُكْرَانًا لِأَهْلِ الْفَتْحِ وَلِيُظْهِرَ حِزْبَهُ عَلَى الشّوْكَةِ الّتِي لَمْ يَلْقَ الْمُسْلِمُونَ مِثْلَهَا . فَلَا يُقَاوِمُهُمْ أَحَدٌ بَعْدُ مِنْ الْعَرَبِ . وَأَذَاقَ الْمُسْلِمِينَ أَوّلًا مَرَارَةَ الْكِسْرَةِ مَعَ قُوّةِ شَوْكَتِهِمْ لِيُطَمْئِنَ رُءُوسًا رُفِعَتْ بِالْفَتْحِ وَلَمْ تَدْخُلْ حَرَمَهُ كَمَا دَخَلَهُ رَسُولُهُ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ وَاضِعًا رَأْسَهُ مُنْحَنِيًا عَلَى فَرَسِهِ حَتّى إنّ ذَقْنَهُ لَيَكَادُ يَمَسّ قُرْبُوسَ سُرُجِهِ تَوَاضُعًا لِرَبّهِ . وَلِيُبَيّنَ سُبْحَانَهُ - لِمَنْ قَالَ " لَنْ نُغْلَبَ الْيَوْمَ عَنْ قِلّةٍ " - إنّ النّصْرَ إنّمَا هُوَ مِنْ عِنْدِهِ سُبْحَانَهُ وَأَنّ مَنْ يُخَذّلْهُ فَلَا نَاصِرَ لَهُ غَيْرُهُ . وَأَنّهُ سُبْحَانَهُ الّذِي تَوَلّى نَصْرَ دِينِهِ لَا كَثْرَتُكُمْ . فَلَمّا انْكَسَرَتْ قُلُوبُهُمْ أَرْسَلَ إلَيْهَا خَلْعَ الْجَبْرِ مَعَ بَرِيدِ النّصْرِ ( 9 : 26 ) ثُمّ أَنْزَلَ اللّهُ سَكِينَتَهُ عَلَى رَسُولِهِ وَعَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَأَنْزَلَ جُنُودًا لَمْ تَرَوْهَا <146> وَقَدْ اقْتَضَتْ حِكْمَتُهُ أَنْ خِلَعَ النّصْرِ إنّمَا تُفِيضُ عَلَى أَهْلِ الِانْكِسَارِ ( 28 : 6 ) وَنُرِيدُ أَنْ نَمُنّ عَلَى الّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ

.
 
الحلقة الخامسة عشر ة (( غزواته ... 6 ))


غَزْوَةُ الطّائِفِ

وَلَمّا أَرَادَ الْمَسِيرَ إلَى الطّائِفِ - وَكَانَتْ فِي شَوّالٍ سَنَةَ ثَمَانٍ - بَعَثَ الطّفَيْلَ بْنَ عَمْرٍو إلَى ذِي الْكَفّيْنِ - صَنَمِ عَمْرِو بْنِ حُمَمَةَ الدّوْسِيّ - يَهْدِمَهُ وَأَمَرَهُ أَنْ يَسْتَمِدّ قَوْمَهُ يُوَافِيهِ بِالطّائِفِ . فَخَرَجَ سَرِيعًا . فَهَدَمَهُ وَجَعَلَ يَحْثُو النّارَ فِي وَجْهِهِ وَيَقُولُ

يَا ذَا الْكَفّيْنِ لَسْت مِنْ عُبّادِكَا

مِيلَادُنَا أَكْبَرُ مِنْ مِيلَادِكَا




إنّي حَشَوْت النّارَ فِي فُؤَادِكَا


وَانْحَدَرَ مَعَهُ مِنْ قَوْمِهِ أَرْبَعُمِائَةٍ سِرَاعًا . فَوَافَوْا النّبِيّ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ بِالطّائِفِ بَعْدَ مَقْدِمِهِ بِأَرْبَعَةِ أَيّامٍ - وَقَدِمَ بِدَبّابَةِ وَمَنْجَنِيقٍ .


قَالَ ابْنُ سَعْدٍ : لَمّا انْهَزَمُوا مِنْ أَوْطَاسٍ دَخَلُوا حِصْنَهُمْ وَتَهَيّئُوا لِلْقِتَالِ . وَسَارَ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ . فَنَزَلَ قَرِيبًا مِنْ حِصْنِ الطّائِفِ . وَعَسْكَرَ هُنَاكَ . فَرَمَوْا الْمُسْلِمِينَ بِالنّبْلِ رَمْيًا شَدِيدًا ، كَأَنّهُ رَجُلٌ جَرَادٌ حَتّى أُصِيبَ نَاسٌ مِنْ الْمُسْلِمِينَ بِجِرَاحَةِ . وَقُتِلَ مِنْهُمْ اثْنَيْ عَشَرَ رَجُلًا . فَارْتَفَعَ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ إلَى مَوْضِعِ مَسْجِدِ الطّائِفِ الْيَوْمَ . فَحَاصَرَهُمْ ثَمَانِيَةَ عَشَرَ يَوْمًا . وَنَصَبَ عَلَيْهِمْ الْمَنْجَنِيقَ - وَهُوَ أَوّلُ مَنْ رَمَى بِهِ فِي الْإِسْلَامِ - وَأَمَرَ بِقَطْعِ أَعْنَابِ ثَقِيفٍ . فَوَقَعَ النّاسُ فِيهَا يَقْطَعُونَ فَسَأَلُوهُ أَنْ يَدَعَهَا لِلّهِ وَلِلرّحِمِ . فَقَالَ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ فَإِنّي أَدَعُهَا لِلّهِ وَلِلرّحِمِ


وَنَادَى مُنَادِيهِ " أَيّمَا عَبْدٍ نَزَلَ مِنْ الْحِصْنِ وَخَرَجَ إلَيْنَا : فَهُوَ حُرّ " فَخَرَجَ مِنْهُمْ بِضْعَةَ عَشَرَ رَجُلًا ، فِيهِمْ أَبُو بَكْرَةَ بْنُ مَسْرُوحٍ ، فَأَعْتَقَهُمْ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ وَدَفَعَ كُلّ رَجُلٍ مِنْهُمْ إلَى رَجُلٍ مِنْ الْمُسْلِمِينَ يَمُونُهُ .


وَلَمْ يَأْذَنْ فِي فَتْحِ الطّائِفِ ، فَأَمَرَ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ عُمَرَ بْنَ الْخَطّابِ رَضِيَ اللّهُ عَنْهُ فَأَذِنَ بِالرّحِيلِ فَضَجّ النّاسُ مِنْ ذَلِكَ وَقَالُوا : نَرْحَلُ وَلَمْ يُفْتَحْ عَلَيْنَا ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ فَاغْدُوَا عَلَى الْقِتَالِ فَغَدَوَا ، فَأَصَابَهُمْ جِرَاحَاتٌ . فَقَالَ النّبِيّ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ إنّا قَافِلُونَ إنْ شَاءَ اللّهُ " فَسُرّوا بِذَلِكَ وَجَعَلُوا يَرْحَلُونَ وَرَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ يَضْحَكُ


<147> فَلَمّا ارْتَحَلُوا وَاسْتَقَلّوا قَالَ قُولُوا : آيِبُونَ تَائِبُونَ ، عَابِدُونَ لِرَبّنَا حَامِدُونَ وَقِيلَ يَا رَسُولَ اللّهِ اُدْعُ اللّهَ عَلَى ثَقِيفٍ ، فَقَالَ اللّهُمّ اهْدِ ثَقِيفًا وَأْتِ بِهِمْ


ثُمّ خَرَجَ إلَى الْجِعِرّانَةِ . فَدَخَلَ مِنْهَا إلَى مَكّةَ مُحْرِمًا بِعُمْرَةِ فَقَضَاهَا . ثُمّ رَجَعَ إلَى الْمَدِينَةِ .

فَصْلٌ


قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ : وَقَدِمَ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ الْمَدِينَةَ مِنْ تَبُوك َ فِي رَمَضَانَ . وَقَدِمَ عَلَيْهِ فِي ذَلِكَ الشّهْرِ وَفْدُ ثَقِيفٍ .


وَكَانَ مِنْ حَدِيثِهِمْ " أَنّ رَسُولَ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ لَمّا انْصَرَفَ عَنْهُمْ اتّبَعَ أَثَرَهُ عُرْوَةُ بْنُ مَسْعُودٍ حَتّى أَدْرَكَهُ قَبْلَ أَنْ يَدْخُلَ الْمَدِينَةَ . فَأَسْلَمَ وَسَأَلَهُ أَنْ يَرْجِعَ إلَى قَوْمِهِ بِالْإِسْلَامِ فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ إنّ فِيهِمْ نَخْوَةَ الِامْتِنَاع فَقَالَ يَا رَسُولَ اللّهِ أَنَا أَحَبّ إلَيْهِمْ مِنْ أَبْكَارِهِمْ . وَكَانَ فِيهِمْ كَذَلِكَ مُحَبّبًا مُطَاعًا .


فَخَرَجَ يَدْعُوهُمْ إلَى الْإِسْلَامِ رَجَاءَ أَنْ لَا يُخَالِفُوهُ لِمَنْزِلَتِهِ فِيهِمْ . فَلَمّا أَشْرَفَ لَهُمْ عَلَى عَلِيّةٍ - وَقَدْ دَعَاهُمْ إلَى الْإِسْلَامِ - رَمَوْهُ بِالنّبْلِ مِنْ كُلّ وَجْهٍ . فَأَصَابَهُ سَهْمٌ فَقَتَلَهُ فَقِيلَ لَهُ مَا تَرَى فِي دَمِك ؟ فَقَالَ كَرَامَةٌ أَكْرَمَنِي اللّهُ بِهَا ، وَشَهَادَةٌ سَاقَهَا اللّهُ إلَيّ . فَلَيْسَ فِيّ إلّا مَا فِي الشّهَدَاءِ الّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللّهِ مَعَ رَسُولِ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ قَبْلَ أَنْ يَرْتَحِلَ عَنْكُمْ . فَادْفِنُونِي مَعَهُمْ فَدَفَنُوهُ مَعَهُمْ . فَزَعَمُوا أَنّ رَسُولَ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ قَالَ إنّ مَثَلَهُ فِي قَوْمِهِ كَمَثَلِ صَاحِبِ يس فِي قَوْمِهِ


ثُمّ أَقَامَتْ ثَقِيفٌ بَعْدَ مَقْتَلِ عُرْوَةَ شَهْرًا . ثُمّ ائْتَمَرُوا بَيْنَهُمْ . وَرَأَوْا أَنّهُمْ لَا طَاقَةَ لَهُمْ بِحَرْبِ مَنْ حَوْلَهُمْ مِنْ الْعَرَبِ ، وَقَدْ أَسْلَمُوا وَبَايَعُوا . فَأَجْمَعُوا أَنْ يُرْسِلُوا إلَى رَسُولِ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ رَجُلًا ، كَمَا أَرْسَلُوا عُرْوَةَ .


فَكَلّمُوا عَبْدَ يَالَيْلَ بْنَ عَمْرٍو ، وَعَرَضُوا عَلَيْهِ ذَلِكَ . فَأَبَى ، وَخَشِيَ أَنْ يُصْنَعَ بِهِ كَمَا صُنِعَ بِعُرْوَةِ فَقَالَ لَسْت فَاعِلًا حَتّى تُرْسِلُوا مَعِي رِجَالًا . فَأَجْمَعُوا أَنْ يُرْسِلُوا مَعَهُ رَجُلَيْنِ مِنْ الْأَحْلَافِ وَثَلَاثَةً مِنْ بَنِي مَالِكٍ مِنْهُمْ عُثْمَانُ بْنُ أَبِي الْعَاصِ . فَلَمّا دَنَوْا مِنْ الْمَدِينَةِ وَنَزَلُوا قَنَاةً ، أَلْفَوْا بِهَا الْمُغِيرَةَ بْنَ شُعْبَةَ ، فَاشْتَدّ لِيُبَشّرَ رَسُولَ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ بِقُدُومِهِمْ . فَلَقِيَهُ أَبُو بَكْرٍ فَقَالَ أَقْسَمْت عَلَيْك بِاَللّهِ لَا تَسْبِقْنِي <148> إلَى رَسُولِ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ حَتّى أَكُونَ أَنَا أُحَدّثُهُ فَفَعَلَ . ثُمّ خَرَجَ الْمُغِيرَةُ إلَى أَصْحَابِهِ . فَرَوّحَ الظّهْرَ مَعَهُمْ . وَعَلّمَهُمْ كَيْفَ يُحَيّونَ رَسُولَ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ . فَلَمْ يَفْعَلُوا إلّا بِتَحِيّةِ الْجَاهِلِيّةِ . فَضَرَبَ عَلَيْهِمْ قُبّةً فِي نَاحِيَةِ الْمَسْجِدِ .


وَكَانَ فِيمَا سَأَلُوهُ أَنْ يَدَعَ لَهُمْ اللّاتِ لَا يَهْدِمَهَا ثَلَاثَ سَنَوَاتٍ فَأَبَى . فَمَا بَرِحُوا يَسْأَلُونَهُ سَنَةً فَيَأْبَى حَتّى سَأَلُوهُ شَهْرًا وَاحِدًا . فَأَبَى عَلَيْهِمْ أَنْ يَدَعَهَا شَيْئًا مُسَمّى . وَإِنّمَا يُرِيدُونَ بِذَلِكَ - فِيمَا يَظْهَرُونَ - أَنْ يَسْلَمُوا بِتَرْكِهَا مِنْ سُفَهَائِهِمْ وَنِسَائِهِمْ وَيَكْرَهُونَ أَنْ يُرَوّعُوهُمْ بِهَدْمِهَا ، حَتّى يَدْخُلَهُمْ الْإِسْلَامُ . فَأَبَى إلّا أَنْ يَبْعَثَ أَبَا سُفْيَانَ بْنَ حَرْبٍ وَالْمُغِيرَةَ بْنَ شُعْبَةَ يَهْدِمَانِهَا .


فَلَمّا أَسْلَمُوا أَمّرَ عَلَيْهِمْ عُثْمَانَ بْنَ أَبِي الْعَاصِ - وَكَانَ مِنْ أَحْدَثِهِمْ سِنّا - وَذَلِكَ أَنّهُ كَانَ مِنْ أَحْرِصْهُمْ عَلَى التّفَقّهِ فِي الدّينِ وَتَعَلّمِ الْقُرْآنِ .


فَلَمّا تَوَجّهُوا رَاجِعِينَ بَعَثَ مَعَهُمْ أَبَا سُفْيَانَ وَالْمُغِيرَةَ بْنَ شُعْبَةَ ، حَتّى إذَا قَدِمُوا الطّائِفَ أَرَادَ الْمُغِيرَةُ أَنْ يَقْدَمَ أَبَا سُفْيَانَ فَأَبَى ، وَقَالَ اُدْخُلْ أَنْتَ عَلَى قَوْمِك . وَأَقَامَ أَبُو سُفْيَانَ بِمَالِهِ بِذِي الْهَدْمِ . فَلَمّا دَخَلَ الْمُغِيرَةُ عَلَاهَا يَضْرِبُهَا بِالْمِعْوَلِ . وَقَامَ دُونَهُ بَنُو مُغِيثٍ خَشْيَةَ أَنْ يُرْمَى ، كَمَا فَعَلَ بِعُرْوَةِ وَخَرَجَ نِسَاءُ ثَقِيفٍ حُسّرًا يَبْكِينَ عَلَيْهَا . فَلَمّا هَدَمَهَا أَخَذَ مَالَهَا وَحُلِيّهَا وَأَرْسَلَ بِهِ إلَى أَبِي سُفْيَانَ .


 
مَافِي غَزْوَةِ الطّائِفِ مِنْ الْفِقْهِ



فِيهَا مِنْ الْفِقْهِ جَوَازُ الْقِتَالِ فِي الْأَشْهُرِ الْحُرُمِ . وَنَسْخُ تَحْرِيمِ ذَلِكَ .

وَفِيهَا : أَنّهُ لَا يَجُوزُ إبْقَاءُ مَوَاضِعِ الطّوَاغِيتِ وَالشّرْكِ بَعْدَ الْقُدْرَةِ عَلَيْهَا يَوْمًا وَاحِدًا . فَإِنّهَا شَعَائِرُ الْكُفْرِ . وَهِيَ أَعْظَمُ الْمُنْكَرَاتِ وَهَكَذَا حُكْمُ الْمَشَاهِدِ الّتِي بُنِيَتْ عَلَى الْقُبُورِ الّتِي اُتّخِذَتْ أَوْثَانًا تُعْبَدُ مِنْ دُونِ اللّهِ وَكَذَلِكَ الْأَحْجَارُ وَالْأَشْجَارُ الّتِي تُقْصَدُ لِلتّعْظِيمِ وَالتّبَرّكِ وَالنّذْرِ لَهَا . وَكَثِيرٌ مِنْهَا بِمَنْزِلَةِ اللّاتِ وَالْعُزّى ، أَوْ أَعْظَمَ شِرْكًا عِنْدَهَا ، وَبِهَا .


وَلَمْ يَكُنْ أَحَدٌ مِنْ أَرْبَابِ هَذِهِ الطّوَاغِيتِ يَعْتَقِدُ أَنّهَا تُخْلِفُ وَتَرْزُقُ وَتُمِيتُ وَتُحْيِي . وَإِنّمَا كَانُوا يَفْعَلُونَ عِنْدَهَا مَا يَفْعَلُهُ إخْوَانُهُمْ مِنْ الْمُشْرِكِينَ الْيَوْمَ عِنْدَ طَوَاغِيتِهِمْ فَاتّبَعَ هَؤُلَاءِ سَنَنَ مَنْ كَانَ قَبْلَهُمْ . وَغَلَبَ الشّرْكُ عَلَى أَكْثَرِ النّفُوسِ لِظُهُورِ الْجَهْلِ وَخَفَاءِ الْعِلْمِ وَغَلَبَةُ التّقَالِيدِ . وَصَارَ الْمَعْرُوفُ مُنْكَرًا ، وَالْمُنْكَرُ <149> مَعْرُوفًا ، وَالسّنّةُ بِدْعَةٌ وَالْبِدْعَةُ سُنّةٌ وَنَشَأَ فِي ذَلِكَ الصّغِيرِ وَهَرِمَ عَلَيْهِ الْكَبِيرُ . وَطُمِسَتْ الْأَعْلَامُ . وَاشْتَدّتْ غُرْبَةُ الْإِسْلَامِ .


وَلَكِنْ لَا تَزَالُ طَائِفَةٌ مِنْ الْعِصَابَةِ الْمُحَمّدِيّةِ بِالْحَقّ قَائِمِينَ وَلِأَهْلِ الشّرْكِ وَالْبِدَعِ مُجَاهَدِينَ إلَى أَنْ يَرِثَ اللّهُ الْأَرْضَ وَمَنْ عَلَيْهَا وَهُوَ خَيْرُ الْوَارِثِينَ . وَفِيهَا : صَرَفَ الْإِمَامُ الْأَمْوَالَ الّتِي تَصِيرُ إلَى هَذِهِ الْمَشَاهِدِ مِنْ عَابِدِيهَا . فَيَجِبُ عَلَى الْإِمَامِ أَنْ يَصْرِفَهَا فِي الْجِهَادِ وَمَصَالِحِ الْمُسْلِمِينَ وَكَذَلِكَ أَوْقَافُهَا تُصْرَفُ فِي مَصَالِحِ الْمُسْلِمِينَ .


فَصْلٌ حَوَادِثُ سَنَةِ تِسْعٍ

وَلَمّا قَدِمَ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ الْمَدِينَة ، وَدَخَلَتْ سَنَةُ تِسْعٍ بَعَثَ الْمُصَدّقِينَ يَأْخُذُونَ الصّدَقَاتِ مِنْ الْأَعْرَابِ .


وَفِيهَا : بَعَثَ عَلِيّا رَضِيَ اللّهُ عَنْهُ إلَى صَنَمِ طَيّئّ لِيَهْدِمَهُ . فَشَنّوا الْغَارّةَ عَلَى مَحَلّةِ آلِ حَاتِمٍ مَعَ الْفَجْرِ . فَهَدَمُوهُ وَمَلَئُوا أَيْدِيَهُمْ مِنْ السّبْيِ وَالنّعَمِ وَالشّاءِ . وَفِي السّبْيِ سُفَانَةُ أُخْتُ عَدِيّ بْنِ حَاتِمٍ ، وَهَرَبَ عَدِيّ إلَى الشّامِ . وَوَجَدَ فِي خِزَانَتِهِ ثَلَاثَةَ أَسْيَافٍ وَثَلَاثَةَ أَدْرُعٍ . وَقَسَمَ عَلَيّ الْغَنَائِمَ فِي الطّرِيقِ وَلَمْ يُقْسِمْ السّبْيَ مِنْ آلِ حَاتِمٍ حَتّى قَدِمَ بِهِمْ الْمَدِينَةَ .


قَالَ عَدِيّ : مَا كَانَ رَجُلٌ مِنْ الْعَرَبِ أَشَدّ كَرَاهَةً لِرَسُولِ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ مِنّي ، حِينَ سَمِعْت بِهِ . وَكُنْت رَجُلًا شَرِيفًا نَصْرَانِيّا . وَكُنْت أَسِيرُ فِي قَوْمِي بِالْمِرْبَاعِ . وَكُنْت فِي نَفْسِي عَلَى دِينٍ . فَقُلْت لِغُلَامِ لِي رَاعٍ لِإِبِلِي : اُعْدُدْ لِي مِنْ إبِلِي أَجْمَالًا ذُلُلًا سِمَانًا . فَإِذَا سَمِعْت بِجَيْشِ مُحَمّدٍ قَدْ وَطِئَ هَذِهِ الْبِلَادَ فَآذِنّي . فَأَتَانِي ذَاتَ غَدَاةٍ فَقَالَ مَا كُنْت صَانِعًا إذَا غَشِيَتْك خَيْلُ مُحَمّدٍ فَاصْنَعْ الْآنَ . فَإِنّي قَدْ رَأَيْت رَايَاتٍ فَسَأَلْت عَنْهَا ؟ فَقَالُوا : هَذِهِ جُيُوشُ مُحَمّدٍ . قُلْت : قَرّبْ لِي أَجْمَالِي . فَاحْتَمَلْت بِأَهْلِي وَوَلَدِي ، ثُمّ قُلْت : أَلْحَقُ بِأَهْلِ دِينِي مِنْ النّصَارَى بِالشّامِ وَخَلّفْت بِنْتًا لِحَاتِمِ فِي الْحَاضِرَةِ . فَلَمّا قَدِمْت الشّامَ أَقَمْت بِهَا ، وَتُخَالِفُنِي خَيْلُ رَسُولِ اللّهِ صَلّى اللّه عَلَيْهِ وَسَلّمَ فَتُصِيبُ ابْنَةَ حَاتِمٍ فَقَدِمَ بِهَا عَلَى رَسُولِ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ فِي سَبَايَا مِنْ طَيّئّ .


<150> وَقَدْ بَلَغَ رَسُولَ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ هَرَبِي إلَى الشّامِ . فَمَرّ بِهَا . فَقَالَتْ يَا رَسُولَ اللّهِ غَابَ الْوَافِدُ . وَانْقَطَعَ الْوَالِدُ وَأَنَا عَجُوزٌ كَبِيرَةٌ . مَا بِي مِنْ خِدْمَةٍ فَمُنّ عَلَيّ مَنّ اللّهُ عَلَيْك . فَقَالَ مَنْ وَافِدُك ؟ قَالَتْ عَدِيّ بْنُ حَاتِمٍ ، قَالَ الّذِي فَرّ مِنْ اللّهِ وَرَسُولِهِ ؟ - وَكَرّرْت عَلَيْهِ الْقَوْلَ ثَلَاثَةَ أَيّامٍ - قَالَتْ فَمَنّ عَلَيّ وَسَأَلْته الْحُمْلَانَ فَأَمَرَ لَهَا بِهِ وَكَسَاهَا وَحَمَلَهَا وَأَعْطَاهَا نَفَقَةً .


فَأَتَتْنِي . فَقَالَتْ لَقَدْ فَعَلَ فَعْلَةً مَا كَانَ أَبُوك يَفْعَلُهَا . ائْتِهِ رَاكِبًا أَوْ رَاهِبًا ، فَقَدْ أَتَاهُ فُلَانٌ فَأَصَابَ مِنْهُ وَأَتَاهُ فُلَانٌ فَأَصَابَ مِنْهُ . قَالَ فَأَتَيْته ، وَهُوَ جَالِسٌ فِي الْمَسْجِدِ . فَقَالَ الْقَوْمُ هَذَا عَدِيّ بْنُ حَاتِمٍ - وَجِئْت بِغَيْرِ أَمَانٍ وَلَا كِتَابٍ - فَأَخَذَ بِيَدَيّ - وَكَانَ قَبْلَ ذَلِكَ قَالَ إنّي لَأَرْجُو أَنْ يَجْعَلَ اللّهُ يَدَهُ فِي يَدَيّ - فَقَامَ إلَيّ فَلَقِيت امْرَأَةً وَمَعَهَا صَبِيّ . فَقَالَا : إنّ لَنَا إلَيْك حَاجَةً . فَقَامَ مَعَهُمَا حَتّى قَضَى حَاجَتَهُمَا . ثُمّ أَخَذَ بِيَدَيّ حَتّى أَتَى دَارَهُ . فَأَلْقَتْ لَهُ الْوَلِيدَةَ وِسَادَةً . فَجَلَسَ عَلَيْهَا ، وَجَلَسَتْ بَيْنَ يَدَيْهِ . فَحَمِدَ اللّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ . ثُمّ قَالَ مَا يُفِرّك ؟ أَيُفِرّك أَنْ يُقَالَ لَا إلَهَ إلّا اللّهُ ؟ فَهَلْ تَعْلَمُ مِنْ إلَهٍ سِوَى اللّهِ ؟ فَقُلْت : لَا . فَتَكَلّمَ سَاعَةً . ثُمّ قَالَ أَيُفِرّك أَنْ يُقَالَ اللّهُ أَكْبَرُ ؟ وَهَلْ تَعْلَمُ شَيْئًا أَكْبَرُ مِنْ اللّهِ ؟ قُلْت : لَا ، قَالَ فَإِنّ الْيَهُودَ مَغْضُوبٌ عَلَيْهِمْ . وَالنّصَارَى ضَالّونَ فَقُلْت : فَإِنّي حَنِيفٌ مُسْلِمٌ . فَرَأَيْت وَجْهَهُ يَنْبَسِطُ فَرَحًا .


ثُمّ أَمَرَ بِي فَأُنْزِلْت عِنْدَ رَجُلٍ مِنْ الْأَنْصَارِ . وَجَعَلْت آتِيهِ طَرَفَيْ النّهَارِ . فَبَيْنَا أَنَا عِنْدَهُ إذْ جَاءَهُ قَوْمٌ فِي ثِيَابٍ مِنْ صُوفٍ مِنْ هَذِهِ الثّمَارِ فَصَلّى ثُمّ قَامَ . فَحَثّ بِالصّدَقَةِ عَلَيْهِمْ وَقَالَ أَيّهَا النّاسُ ارْضَخُوا مِنْ الْفَضْلِ وَلَوْ بِصَاعِ وَلَوْ بِنِصْفِ صَاعٍ وَلَوْ بِقَبْضَةِ وَلَوْ بِبَعْضِ قَبْضَةٍ يَقِي أَحَدُكُمْ وَجْهَهُ حَرّ جَهَنّمَ - أَوْ النّارَ - وَلَوْ بِتَمْرَةِ وَلَوْ بِشِقّ تَمْرَةٍ . فَإِنْ لَمْ تَجِدُوا فَبِكَلِمَةِ طَيّبَةٍ . فَإِنّ أَحَدَكُمْ لَاقٍ اللّهَ فَقَائِلٌ لَهُ أَقُولُ لَكُمْ أَلَمْ أَجْعَلْ لَك مَالًا وَوَلَدًا ؟ فَيَقُولُ بَلَى ، فَيَقُولُ أَيْنَ مَا قَدّمْت لِنَفْسِك ؟ فَيَنْظُرُ قُدّامَهُ وَخَلْفَهُ وَعَنْ يَمِينِهِ وَعَنْ شِمَالِهِ . فَلَا يَجِدُ شَيْئًا يَقِي بِهِ وَجْهَهُ حَرّ جَهَنّمَ لِيَقِ أَحَدُكُمْ وَجْهَهُ النّارَ وَلَوْ بِشِقّ تَمْرَةٍ فَإِنْ لَمْ يَجِدْ فَكَلِمَةٌ طَيّبَةٌ . فَإِنّي لَا أَخَافُ عَلَيْكُمْ الْفَاقَةَ . فَإِنّ اللّهَ نَاصِرُكُمْ وَمُعْطِيكُمْ حَتّى تَسِيرَ الظّعِينَةُ مَا بَيْنَ يَثْرِبَ وَالْحِيرَةِ ، مَا تَخَافُ عَلَى مَطِيّتِهَا السّرّقُ . <151> فَجَعَلَتْ أَقُولُ فَأَيْنَ لُصُوصُ طَيّئّ ؟ .


 
قِصّةُ كَعْبِ بْنِ زُهَيْرٍ



قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ : لَمّا قَدِمَ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ مِنْ الطّائِفِ كَتَبَ بُجَيْرُ بْنُ زُهَيْرٍ إلَى أَخِيهِ كَعْبٍ يُخْبِرُهُ أَنّ رَسُولَ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ قَدْ قَتَلَ رِجَالًا بِمَكّةَ مِمّنْ كَانَ يَهْجُوهُ وَيُؤْذِيهِ وَأَنّ مَنْ بَقِيَ مِنْ شُعَرَاءِ قُرَيْشٍ - ابْنُ الزّبَعْرَى ، وَهُبَيْرَةُ بْنُ أَبِي وَهْبٍ - قَدْ هَرَبُوا فِي كُلّ وَجْهٍ . فَإِنْ كَانَ لَك فِي نَفْسِك حَاجَةٌ فَطِرْ إلَى رَسُولِ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ . فَإِنّهُ لَا يَقْتُلُ أَحَدًا جَاءَهُ تَائِبًا ، وَإِنْ أَنْتَ لَمْ تَفْعَلْ فَانْجُ إلَى نَجَائِبِك . وَكَانَ قَدْ قَالَ -

أَلَا بَلّغَا عَنّي بُجَيْرًا رِسَالَةً

فَهَلْ لَك فِيمَا قُلْت ؟ وَيْحَك . هَلْ لَكَا ؟

فَبَيّنْ لَنَا ، إنْ كُنْت لَسْت بِفَاعِلِ

عَلَى أَيّ شَيْءٍ غَيْرَ ذَلِكَ دَلّكَا ؟

عَلَى خُلُقٍ لَمْ تُلْفِ أُمّا وَلَا أَبًا

عَلَيْهِ . وَلَمْ تَلْقَ عَلَيْهِ أَخًا لَكَا

فَإِنْ أَنْتَ لَمْ تَفْعَلْ . فَلَسْت بِآسِفِ

وَلَا قَائِلٍ إمّا عَثَرْت : لَعَالَكَا

سَقَاك بِهَا الْمَأْمُونُ كَأْسًا رَوِيّةً

وَأَنْهَلَكَ الْمَأْمُونُ مِنْهَا وَعَلّكَا


فَلَمّا أَتَتْ بُجَيْرًا كَرِهَ أَنْ يَكْتُمَهَا رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ فَقَالَ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ سَقَاك بِهَا الْمَأْمُونُ ، صَدَقَ وَاَللّهِ . وَإِنّهُ لَكَذُوبٌ أَنَا الْمَأْمُونُ وَلَمّا سَمِعَ عَلَى خُلُقٍ لَمْ تُلْفِ أُمّا وَلَا أَبًا عَلَيْهِ قَالَ أَجَلْ لَمْ يُلْفِ عَلَيْهِ أَبَاهُ وَلَا أُمّهُ .

ثُمّ قَالَ بُجَيْرُ بْنُ زُهَيْرٍ : -

مَنْ مُبْلِغٌ كَعْبًا ، فَهَلْ لَك فِي الّتِي

تَلُومُ عَلَيْهَا بَاطِلًا ، وَهِيَ أَحْزَمُ ؟

إلَى اللّهِ - لَا الْعُزّى وَلَا اللّاتِ - وَحْدَهُ

فَتَنْجُو إذَا كَانَ النّجَاءُ وَتَسْلَمُ

لَدَى يَوْمٍ لَا يَنْجُو ، وَلَيْسَ بِمُفْلَتِ

مِنْ النّاسِ إلّا طَاهِرُ الْقَلْبِ مُسْلِمُ

فَدِينُ زُهَيْرٍ - وَهُوَ لَا شَيْءَ - دِينُهُ

وَدِينٌ أَبِي سُلْمَى عَلَيّ مُحَرّمُ


فَلَمّا بَلَغَ كَعْبًا ضَاقَتْ عَلَيْهِ الْأَرْضُ . وَأَشْفَقَ عَلَى نَفْسِهِ فَلَمّا لَمْ يَجِدْ مِنْ شَيْءٍ بَدَا ، قَالَ قَصِيدَتَهُ الّتِي مَدَحَ فِيهَا رَسُولَ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ ثُمّ خَرَجَ حَتّى قَدِمَ الْمَدِينَةَ .


فَنَزَلَ عَلَى رَجُلٍ كَانَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ مُعْرِفَةٌ . فَغَدَا بِهِ إلَى رَسُولِ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ فَذَكَرَ لِي أَنّهُ قَامَ فَجَلَسَ إلَيْهِ - وَكَانَ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ لَا يَعْرِفُهُ - فَقَالَ يَا رَسُولَ اللّهِ إنّ كَعْبَ بْنَ زُهَيْرٍ قَدْ جَاءَ لِيَسْتَأْمِنَك تَائِبًا مُسْلِمًا ، فَهَلْ أَنْتَ قَابِلٌ مِنْهُ إنْ أَنَا جِئْتُك بِهِ ؟ قَالَ نَعَمْ قَالَ أَنَا كَعْبُ بْنُ زُهَيْرٍ


فَحَدّثَنِي عَاصِمُ بْنُ عَمْرٍو : أَنّهُ وَثَبَ عَلَيْهِ رَجُلٌ مِنْ الْأَنْصَارِ . فَقَالَ يَا رَسُولَ اللّهِ دَعْنِي وَعَدُوّ اللّهِ أَضْرِبُ عُنُقَهُ . فَقَالَ دَعْهُ عَنْك ، فَقَدْ جَاءَ تَائِبًا نَازِعًا عَمّا كَانَ عَلَيْهِ فَغَضِبَ كَعْبٌ عَلَى هَذَا الْحَيّ مِنْ الْأَنْصَارِ ، وَذَلِكَ أَنّهُ لَمْ يَتَكَلّمْ فِيهِ رَجُلٌ مِنْ الْمُهَاجِرِينَ إلّا بُجَيْرٌ . فَقَالَ قَصِيدَتُهُ الّتِي أَوّلُهَا : -

بَانَتْ سُعَادُ فَقَلْبِي الْيَوْمَ مَتْبُولُ

مُتَيّمٌ إثْرَهَا لَمْ يُفْدَ مَكْبُول


وَمِنْهَا : -

أَمْسَتْ سُعَادُ بِأَرْضِ لَا يُبَلّغُهَا

إلّا الْعِتَاقُ النّجِيبَاتُ الْمَرَاسِيلُ


إلَى أَنْ قَالَ

تَسْعَى الْغُوَاةُ جَنَابَيْهَا ، وَقَوْلُهُمُو :

إنّك يَا ابْنَ أَبِي سُلْمَى لَمَقْتُولُ

وَقَالَ كُلّ صَدِيقٍ كُنْت آمُلُهُ

لَا أُلْهِيَنك . إنّي عَنْك مَشْغُولُ

فَقُلْت : خَلّوا سَبِيلِي . لَا أَبَا لَكُمُو

فَكُلّ مَا قَدّرَ الرّحْمَنُ مَفْعُولُ

نُبّئْت أَنّ رَسُولَ اللّهِ أَوْعَدَنِي

وَالْعَفْوُ عِنْدَ رَسُولِ اللّهِ مَأْمُولُ

مَهْلًا ، هَدَاك الّذِي أَعْطَاك نَافِلَةَ الْ

قُرْآنِ فِيهَا مَوَاعِيظُ وَتَفْصِيلُ

لَا تَأْخُذْنِي بِأَقْوَالِ الْوُشَاةِ . وَلَمْ

أُذْنِبْ وَإِنْ كَثُرَتْ فِيّ الْأَقَاوِيلُ


إلَى أَنْ قَالَ

إنّ الرّسُولَ لَنُورٌ يُسْتَضَاءُ بِهِ

وَصَارِمٌ مِنْ سُيُوفِ اللّهِ مَسْلُولُ

فِي فِتْيَةٍ مِنْ قُرَيْشٍ قَالَ قَائِلُهُمْ

بِبَطْنِ مَكّةَ - لَمّا أَسْلَمُوا - زُولُوا

زَالُوا . فَمَا زَالَ أَنْكَاسٌ وَلَا كُشُفٌ

عِنْدَ اللّقَاءِ وَلَا مِيلٌ مَعَازِيلُ

يَمْشُونَ مَشْيَ الْجِمَالَ الزّهْرِ يَعْصِمُهُمْ

ضَرْبٌ إذَا عَرّدَ السّودُ التّنَابِيلُ

شَمّ الْعَرَانِينُ أَبْطَالٌ لَبُوسُهُمُو

مِنْ نَسْجِ دَاوُد فِي الْهَيْجَا سَرَابِيلُ

لَيْسُوا مَفَارِيحَ إنْ نَالَتْ رِمَاحُهُمُو

قَوْمًا ، وَلَيْسُوا مَجَازِيعَا إذَا نِيلُوا

لَا يَقَعُ الطّعْنُ إلّا فِي نُحُورِهُمُو

وَمَا لَهُمْ عَنْ حِيَاضِ الْمَوْتِ تَهْلِيلُ


<153> قَالَ عَاصِمُ بْنُ عَمْرٍو : فَلَمّا قَالَ إذَا عَرّدَ السّودُ التّنَابِيلَ وَإِنّمَا عَنَانَا مَعْشَرَ الْأَنْصَارَ ، فَقَالَ بَعْدَ أَنْ أَسْلَمَ يَمْدَحُ الْأَنْصَارَ : -

مَنْ سَرّهُ كَرْمُ الْحَيَاةِ فَلَا يَزَلْ

فِي مِقْنَبٍ مِنْ صَالِحِ الْأَنْصَارِ

وَرِثُوا الْمَكَارِمَ كَابِرًا عَنْ كَابِرٍ

إنّ الْخِيَارَ هُمُو بَنِي الْأَخْيَارِ

الذّائِذِينَ النّاسَ عَنْ أَدْيَانِهِمْ

بِالْمَشْرَفِيّ وَبِالْقَنَا الْخِطَارِ

وَالْبَائِعِينَ نَفُوسَهُمْ لِنَبِيّهِمْ

يَوْمَ الْهِيَاجِ وَفِتْنَةِ الْكُفّارِ

وَالنّاظِرِينَ بِأَعْيُنِ مُحْمَرّةٍ

كَالْجَمْرِ غَيْرُ كَلَيْلَةِ الْإِبْصَارِ

وَالْبَاذِلِينَ نَفُوسَهُمْ لِنَبِيّهِمْ

لِلْمَوْتِ يَوْمَ تَعَانُقٍ وكِرَارِ

يَتَطَهّرُونَ يَرَوْنَهُ نُسُكًا لَهُمْ

بِدِمَاءِ مَنْ عَلَقُوا مِنْ الْكُفّارِ

قَوْمٌ إذَا خَوَتْ النّجُومُ فَإِنّهُمْ

لِلطّارِقِينَ النّازِلِينَ مَقَارِي




فَصْلٌ فِي غَزْوَةِ تَبُوكَ


قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ : كَانَتْ فِي زَمَانِ عُسْرَةٍ مِنْ النّاسِ وَجَدْبٍ مِنْ الْبِلَادِ حِينَ طَابَتْ الثّمَارُ - فَالنّاسُ يُحِبّونَ الْمَقَامَ فِي ثِمَارِهِمْ وَظِلَالِهِمْ وَكَانَ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ قَلّمَا يَخْرُجُ فِي غَزْوَةٍ إلّا وَرّى بِغَيْرِهَا ، إلّا مَا كَانَ مِنْهَا ، فَإِنّهُ جَلّاهَا لِلنّاسِ لِبُعْدِ الشّقّةِ وَشِدّةِ الزّمَانِ .


فَقَالَ ذَاتَ يَوْمٍ - وَهُوَ فِي جَهَازِهِ - لِلْجَدّ بْنِ قَيْسٍ هَلْ لَك فِي جَلّادِ بَنِي الْأَصْفَرِ ؟ " فَقَالَ يَا رَسُولَ اللّهِ أَوَتَأْذَنُ لِي وَلَا تَفْتِنّي ؟ فَقَدْ عَرَفَ قَوْمِي أَنّهُ مَا مِنْ رَجُلٍ أَشَدّ عَجَبًا بِالنّسَاءِ مِنّي ، وَإِنّي أَخْشَى إنْ رَأَيْت نِسَاءَ بَنِي الْأَصْفَرِ أَنْ لَا أَصْبِرَ فَقَالَ " قَدْ أَذِنْت لَك فَفِيهِ نَزَلَتْ ( 9 : 49 ) وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ ائْذَنْ لِي وَلَا تَفْتِنّي - الْآيَةَ .


وَقَالَ قَوْمٌ مِنْ الْمُنَافِقِينَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضِ لَا تَنْفِرُوا فِي الْحُرّ فَنَزَلَ ( 9 : 81 ) وَقَالُوا لَا تَنْفِرُوا فِي الْحَرّ قُلْ نَارُ جَهَنّمَ أَشَدّ حَرّا - الْآيَةَ .

ثُمّ إنّ رَسُولَ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ حَضّ أَهْلَ الْغِنَى عَلَى النّفَقَةِ . فَحَمَلَ رِجَالٌ مِنْ أَهْلِ <154> الْغِنَى وَاحْتَسَبُوا . وَأَنْفَقَ عُثْمَانُ ثَلَاثَمِائَةِ بَعِيرٍ بِأَحْلَاسِهَا ، وَأَقْتَابِهَا وَعُدّتِهَا ، وَأَلْفِ دِينَارٍ عَيْنًا


وَجَاءَ الْبَكّاءُونَ - وَهُمْ سَبْعَةٌ - يَسْتَحْمِلُونَ رَسُولَ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ . فَقَالَ لَا أَجِدُ مَا أَحْمِلُكُمْ عَلَيْهِ تَوَلّوْا وَأَعْيُنُهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدّمْعِ حَزَنًا أَلّا يَجِدُوا مَا يُنْفِقُونَ


وَقَامَ عُلْبَةُ بْنُ يَزِيدَ فَصَلّى مِنْ اللّيْلِ وَبَكَى . ثُمّ قَالَ اللّهُمّ إنّك أَمَرْت بِالْجِهَادِ وَرَغّبَتْ فِيهِ ثُمّ لَمْ تَجْعَلْ عِنْدِي مَا أَتَقَوّى بِهِ مَعَ رَسُولِك ، وَلَمْ تَجْعَلْ فِي يَدِ رَسُولِك مَا يَحْمِلُنِي عَلَيْهِ وَإِنّي أَتَصَدّقُ عَلَى كُلّ مُسْلِمٍ بِكُلّ مَظْلِمَةٍ أَصَابَنِي فِيهَا : مِنْ مَالٍ أَوْ جَسَدٍ أَوْ عِرْضٍ ثُمّ أَصْبَحَ مَعَ النّاسِ . فَقَالَ النّبِيّ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ أَيْنَ الْمُتَصَدّقُ فِي هَذِهِ اللّيْلَةِ ؟ فَلَمْ يَقُمْ أَحَدٌ ، ثُمّ قَالَ أَيْنَ الْمُتَصَدّقُ ؟ فَلَمْ يَقُمْ . فَقَامَ إلَيْهِ فَأَخْبَرَهُ فَقَالَ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ " أَبَشَرٌ فَوَاَلّذِي نَفْسُ مُحَمّدٍ بِيَدِهِ لَقَدْ كُتِبَتْ فِي الزّكَاةِ الْمُتَقَبّلَةِ ‏


 
وَجَاءَ الْمُعَذّرُونَ مِنْ الْأَعْرَابِ لِيُؤْذِنَ لَهُمْ فَلَمْ يَعْذُرْهُمْ .

وَاسْتَخْلَفَ عَلَى الْمَدِينَةِ مُحَمّدَ بْنَ مَسْلَمَةَ الْأَنْصَارِيّ . فَلَمّا سَارَ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ تَخَلّفَ عَبْدُ اللّهِ بْنُ أُبَيّ وَمَنْ كَانَ مَعَهُ وَتَخَلّفَ نَفَرٌ مِنْ الْمُسْلِمِينَ مِنْ غَيْرِ شَكّ وَلَا ارْتِيَابٍ مِنْهُمْ الثّلَاثَةُ - كَعْبُ بْنُ مَالِكٍ : وَهِلَالُ بْنُ أُمَيّةَ . وَمُرَارَةُ بْنُ الرّبِيعِ - وَأَبُو خَيْثَمَةَ السّالِمِيّ ، وَأَبُو ذَرّ . ثُمّ لَحِقَاهُ . وَشَهِدَهَا رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ فِي ثَلَاثِينَ أَلْفًا مِنْ النّاسِ وَالْخَيْلُ عَشَرَةُ آلَافِ فَرَسٍ . وَأَقَامَ بِهَا عِشْرِينَ لَيْلَةً يَقْصُرُ الصّلَاةَ وَهِرَقْلُ يَوْمَئِذٍ بِحِمْصِ .


قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ : وَلَمّا خَرَجَ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّه عَلَيْهِ وَسَلّمَ خَلّفَ عَلِيّا عَلَى أَهْلِهِ . فَقَالَ الْمُنَافِقُونَ مَا خَلّفَهُ إلّا اسْتِثْقَالًا لَهُ وَتَخَفّفًا مِنْهُ . فَأَخَذَ سِلَاحَهُ وَلَحِقَ بِهِ بِالْجُرُفِ فَقَالَ يَا نَبِيّ اللّهِ زَعَمَ الْمُنَافِقُونَ أَنّك مَا خَلّفْتنِي إلّا اسْتِثْقَالًا ، فَقَالَ كَذَبُوا ، وَلَكِنّي خَلّفْتُك لِمَا تَرَكْت وَرَائِي ، فَارْجِعْ فَاخْلُفْنِي فِي أَهْلِي وَأَهْلِك . أَوَلَا تَرْضَى أَنْ تَكُونَ مِنّي بِمَنْزِلَةِ هَارُونَ مِنْ مُوسَى ؟ إلّا أَنّهُ لَا نَبِيّ بَعْدِي فَرَجَعَ .


وَدَخَلَ أَبُو خَيْثَمَةَ إلَى أَهْلِهِ فِي يَوْمٍ حَارّ بَعْدَ مَا سَارَ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ أَيّامًا ، فَوَجَدَ امْرَأَتَيْنِ لَهُ فِي عَرِيشَيْنِ لَهُمَا فِي حَائِطٍ قَدْ رَشّتْ كُلّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا عَرِيشَهَا ، وَبَرّدَتْ لَهُ مَاءً وَهَيّأَتْ لَهُ طَعَامًا . فَلَمّا دَخَلَ قَامَ عَلَى بَابِ الْعَرِيشِ فَنَظَرَ إلَى <155> امْرَأَتَيْهِ وَمَا صَنَعَتَا . فَقَالَ رَسُولُ اللّهِ فِي الضّحّ وَالرّيحِ وَالْحَرّ وَأَبُو خَيْثَمَةَ فِي ظِلّ بَارِدٍ وَطَعَامٍ مُهَيّأٍ وَامْرَأَةٍ حَسْنَاءَ ؟ مَا هَذَا بِالنّصْفِ ثُمّ قَالَ وَاَللّهِ لَا أَدْخُلُ عَرِيشَ وَاحِدَةٍ مِنْكُمَا حَتّى أَلْحَقَ بِرَسُولِ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ . فَهَيّئَا لِي زَادًا ، فَفَعَلَتَا . ثُمّ قَدّمَ نَاضِحَهُ فَارْتَحَلَهُ ثُمّ خَرَجَ حَتّى أَدْرَكَ رَسُولَ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ حِينَ نَزَلَ تَبُوكَ .


وَقَدْ كَانَ عُمَيْرُ بْنُ وَهْبٍ الجُمَحِيّ أَدْرَكَ أَبَا خَيْثَمَةَ فِي الطّرِيقِ فَتَرَافَقَا ، حَتّى إذَا دَنَوْا مِنْ تَبُوكَ ، قَالَ أَبُو خَيْثَمَةَ لَهُ إنّ لِي ذَنْبًا . فَلَا عَلَيْك أَنْ تَتَخَلّفَ عَنّي حَتّى آتِي رَسُولَ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ فَفَعَلَ . حَتّى إذَا دَنَا مِنْ رَسُولِ اللّهِ قَالَ النّاسُ رَاكِبٌ عَلَى الطّرِيقِ مُقْبِلٌ فَقَالَ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ كُنْ أَبَا خَيْثَمَةَ " قَالُوا : يَا رَسُولَ اللّهِ هُوَ وَاَللّهِ أَبُو خَيْثَمَةَ . فَلَمّا أَنَاخَ أَقْبَلَ فَسَلّمَ عَلَى رَسُولِ اللّهِ . فَقَالَ لَهُ " أَوْلَى لَك يَا أَبَا خَيْثَمَةَ " فَأَخْبَرَهُ الْخَبَرَ ، فَقَالَ لَهُ خَيْرًا ، وَدَعَا لَهُ


وَقَدْ كَانَ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ لَمّا مَرّ بِالْحَجَرِ - مِنْ دِيَارِ ثَمُودَ - قَالَ لَا تَدْخُلُوا عَلَى هَؤُلَاءِ الْقَوْمِ الْمُعَذّبِينَ إلّا أَنْ تَكُونُوا بَاكِينَ فَإِنْ لَمْ تَكُونُوا بَاكِينَ فَلَا تَدْخُلُوا عَلَيْهِمْ لَا يُصِيبَكُمْ مِثْلَ مَا أَصَابَهُمْ وَقَالَ لَا تَشْرَبُوا مِنْ مَائِهَا شَيْئًا ، وَلَا تَتَوَضّئُوا مِنْهُ لِلصّلَاةِ وَمَا كَانَ مِنْ عَجِينٍ عَجَنْتُمُوهُ فَاعْلِفُوهُ الْإِبِلَ وَلَا تَأْكُلُوا مِنْهُ شَيْئًا ، وَأَمَرَهُمْ أَنْ يُهْرِيقُوا الْمَاءَ وَأَنْ يَسْتَقُوا مِنْ الْبِئْرِ الّتِي كَانَتْ تَرُدّهَا النّاقَةَ


وَفِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ عَنْ أَبِي حُمَيْدٍ السّاعِدِيّ قَالَ " انْطَلَقْنَا حَتّى قَدِمْنَا تَبُوكَ . فَقَالَ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ سَتَهُبّ عَلَيْكُمْ اللّيْلَةَ رِيحٌ شَدِيدَةٌ . فَلَا يَقُمْ أَحَدٌ مِنْكُمْ . فَمَنْ كَانَ لَهُ بَعِيرٌ فَلْيَشُدّ عِقَالَهُ . فَهَبّتْ رِيحٌ شَدِيدَةٌ فَقَامَ رَجُلٌ . فَحَمَلَتْهُ الرّيحُ حَتّى أَلْقَتْهُ بِجَبَلَيْ طَيّئّ ‏‏


قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ : وَأَصْبَحَ النّاسُ وَلَا مَاءَ مَعَهُمْ . فَشَكَوْا ذَلِكَ إلَى رَسُولِ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ فَدَعَا اللّهَ . فَأَرْسَلَ اللّهُ سَحَابَةً . فَأَمْطَرَتْ حَتّى ارْتَوَى النّاسُ وَاحْتَمَلُوا حَاجَتَهُمْ مِنْ الْمَاءِ .


ثُمّ سَارَ حَتّى إذَا كَانَ بِبَعْضِ الطّرِيقِ جَعَلُوا يَقُولُونَ تَخَلّفَ فُلَانٌ فَيَقُولُ دَعُوهُ فَإِنْ يَكُ فِيهِ خَيْرٌ فَسَيُلْحِقُهُ اللّهُ بِكُمْ ، وَإِنْ يَكُ غَيْرَ ذَلِكَ فَقَدْ أَرَاحَكُمْ اللّهُ مِنْهُ <156> وَتَلَوّمَ عَلَى أَبِي ذَرّ بَعِيرَهُ . فَلَمّا أَبْطَأَ عَلَيْهِ أَخَذَ مَتَاعَهُ عَلَى ظَهْرِهِ ثُمّ خَرَجَ يَتّبِعُ أَثَرَ رَسُولِ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ مَاشِيًا .

وَنَزَلَ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ فِي بَعْضِ مَنَازِلِهِ فَنَظَرَ نَاظِرٌ مِنْ الْمُسْلِمِينَ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللّهِ إنّ هَذّ الرّجُلُ يَمْشِي عَلَى الطّرِيقِ . فَقَالَ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ كُنْ أَبَا ذَرّ فَلَمّا تَأَمّلُوهُ . قَالُوا : يَا رَسُولَ اللّهِ هُوَ وَاَللّهِ أَبُو ذَرّ . فَقَالَ رَحِمَ اللّهَ أَبَا ذَرّ . يَمْشِي وَحْدَهُ وَيَمُوتُ وَحْدَهُ وَيُبْعَثُ وَحْدَهُ



وَفِي صَحِيحِ ابْنِ حِبّانَ عَنْ أُمّ ذَرّ قَالَتْ " لَمّا حَضَرَتْ أَبَا ذَرّ الْوَفَاةُ بَكَيْت ، فَقَالَ مَا يُبْكِيك ؟ فَقُلْت : وَمَا لِي لَا أَبْكِي ، وَأَنْتَ تَمُوتُ بِفَلَاةِ مِنْ الْأَرْضِ وَلَيْسَ عِنْدِي ثَوْبٌ يَسَعُك كَفَنًا ; وَلَا يَدَانِ لِي فِي تَغْيِيبِك ؟ فَقَالَ أَبْشِرِي وَلَا تَبْكِي ، فَإِنّي سَمِعْت رَسُولَ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ يَقُولُ لِنَفَرِ - وَأَنَا فِيهِمْ لَيَمُوتَن رَجُلٌ مِنْكُمْ بِفَلَاةِ مِنْ الْأَرْضِ يَشْهَدُهُ عِصَابَةٌ مِنْ الْمُسْلِمِينَ . وَلَيْسَ مِنْ أُولَئِكَ النّفَرِ أَحَدٌ إلّا وَقَدْ مَاتَ فِي قَرْيَةٍ وَجَمَاعَةٍ فَأَنَا ذَلِكَ الرّجُلُ فَوَاَللّهِ مَا كَذَبْت وَلَا كُذّبْت - فَأَبْصِرِي الطّرِيقَ . فَكُنْت أَشْتَدّ إلَى الْكَثِيبِ أَتَبَصّرُ ثُمّ أَرْجِعُ فَأُمَرّضُهُ فَبَيْنَا أَنَا وَهُوَ كَذَلِكَ إذَا أَنَا بِرِجَالِ عَلَى رِحَالِهِمْ كَأَنّهُمْ الرّخَمُ تَخُدّ بِهِمْ رَوَاحِلُهُمْ قَالَتْ فَأَشَرْت إلَيْهِمْ . فَأَسْرَعُوا إلَيّ حَتّى وَقَعُوا عَلَيّ . فَقَالُوا : يَا أُمّةَ اللّهِ مَا لَك قُلْت : امْرِئِ مِنْ الْمُسْلِمِينَ يَمُوتُ تُكَفّنُونَهُ قَالُوا : مَنْ هُوَ ؟ قُلْت : أَبُو ذَرّ قَالُوا : صَاحِبُ رَسُولِ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ ؟ قُلْت : نَعَمْ فَفَدَوْهُ بِآبَائِهِمْ وَأُمّهَاتِهِمْ وَأَسْرَعُوا إلَيْهِ حَتّى دَخَلُوا عَلَيْهِ . فَقَالَ لَهُمْ أَبْشِرُوا ، فَإِنّي سَمِعْت رَسُولَ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ - وَذَكَرَ الْحَدِيثَ - ثُمّ قَالَ وَإِنّهُ لَوْ كَانَ عِنْدِي ثَوْبٌ يَسَعُنِي كَفَنًا لِي وَلِامْرَأَتِي لَمْ أُكَفّنْ إلّا فِي ثَوْبٍ هُوَ لِي ، أَوْ لَهَا . فَإِنّي أَنْشُدُكُمْ اللّهَ أَنْ لَا يُكَفّنَنِي رَجُلٌ مِنْكُمْ كَانَ أَمِيرًا أَوْ عَرِيفًا ، أَوْ بَرِيدًا أَوْ نَقِيبًا . وَلَيْسَ مِنْ أُولَئِكَ النّفَرِ أَحَدٌ إلّا وَقَدْ قَارَفَ بَعْضَ مَا قَالَ إلّا فَتًى مِنْ الْأَنْصَارِ . قَالَ يَا عَمّ أَنَا أُكَفّنُك فِي رِدَائِي هَذَا . وَفِي ثَوْبَيْنِ فِي عَيْبَتِي مِنْ غَزْلِ أُمّي ، قَالَ فَأَنْتَ تُكَفّنُنِي ، فَكَفّنَهُ الْأَنْصَارِيّ ، وَأَقَامُوا عَلَيْهِ وَدَفَنُوهُ فِي نَفَرٍ كُلّهِمْ يَمَانٌ


وَلَمّا انْتَهَى رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ إلَى تَبُوكَ ، أَتَاهُ صَاحِبُ أَيْلَةَ ، فَصَالَحَهُ وَأَعْطَاهُ الْجِزْيَةَ وَأَتَاهُ أَهْلُ جَرْبَا وَأَذْرَحَ ، فَأَعْطَوْهُ الْجِزْيَةَ وَكَتَبَ لَهُمْ كِتَابًا . فَهُوَ عِنْدَهُمْ .


ثُمّ بَعَثَ خَالِدَ بْنَ الْوَلِيدِ إلَى أُكَيْدِرَ دَوْمَةَ ، وَقَالَ لِخَالِدِ " إنّك تَجِدُهُ يَصِيدُ <157> الْبَقَرَ " فَخَرَجَ خَالِدٌ حَتّى إذَا كَانَ مِنْ حِصْنِهِ بِمَنْظَرِ الْعَيْنِ فِي لَيْلَةٍ مُقْمِرَةٍ - وَهُوَ عَلَى سَطْحٍ لَهُ - فَبَانَتْ الْبَقَرُ تَحُكّ بِقُرُونِهَا بَابَ الْقَصْرِ . فَقَالَتْ لَهُ امْرَأَتُهُ هَلْ رَأَيْت مِثْلَ هَذَا قَطّ ؟ قَالَ لَا وَاَللّهِ . قَالَتْ فَمَنْ يَتْرُكُ مِثْلَ هَذِهِ ؟ قَالَ لَا أَحَدَ . ثُمّ نَزَلَ فَأَمَرَ بِفَرَسِهِ فَأُسْرِجَ لَهُ وَرَكِبَ مَعَهُ نَفَرٌ مِنْ أَهْلِ بَيْتِهِ . فَلَمّا خَرَجُوا ، تَلَقّتْهُمْ خَيْلُ رَسُولِ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ فَأَخَذَتْهُ وَقَتَلُوا أَخَاهُ . وَقَدِمَ بِهِ خَالِدٌ عَلَى رَسُولِ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ فَحَقَنَ لَهُ دَمَهُ . وَصَالَحَهُ عَلَى الْجِزْيَةِ ثُمّ خَلّى سَبِيلَهُ . فَرَجَعَ إلَى قَرْيَتِهِ .


قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ : فَأَقَامَ رَسُولُ اللّهِ بِتَبُوكَ بِضْعَةَ عَشَرَ لَيْلَةً . ثُمّ انْصَرَفَ إلَى الْمَدِينَةِ .

قَالَ وَحَدّثَنِي مُحَمّدُ بْنُ إبْرَاهِيمَ بْنِ الْحَارِثِ التّمِيمِيّ : أَنّ ابْنَ مَسْعُودٍ كَانَ يُحَدّثُ قَالَ " قُمْت مِنْ جَوْفِ اللّيْلِ وَأَنَا مَعَ رَسُولِ اللّهِ فِي غَزْوَةِ تَبُوكَ ، فَرَأَيْت شُعْلَةً مِنْ نَارٍ فِي نَاحِيَةِ الْعَسْكَرِ فَاتّبَعْتهَا أَنْظُرُ إلَيْهَا . فَإِذَا رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ وَأَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ . وَإِذَا عَبْدُ اللّهِ ذُو الْبِجَادَيْنِ - وَالْبِجَادُ الْكِسَاءُ الْأَسْوَدُ - الْمُزَنِيّ قَدْ مَاتَ وَإِذَا هُمْ قَدْ حَفَرُوا لَهُ وَرَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ فِي حُفْرَتِهِ وَأَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ يُدْلِيَانِهِ إلَيْهِ . وَهُوَ يَقُولُ أَدْلِيَا إلَيّ أَخَاكُمَا . فَأَدْلِيَاهُ إلَيْهِ . فَلَمّا هَيّأَهُ لِشِقّهِ قَالَ اللّهُمّ إنّي قَدْ أَمْسَيْت رَاضِيًا عَنْهُ فَارْضَ عَنْهُ " قَالَ يَقُولُ عَبْدُ اللّهِ بْنُ مَسْعُودٍ : " يَا لَيْتَنِي كُنْت صَاحِبَ الْحُفْرَةِ


وَأَقْبَلَ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ مِنْ تَبُوكَ ، حَتّى كَانَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمَدِينَةِ سَاعَةٌ . وَكَانَ أَصْحَابُ مَسْجِدِ الضّرَارِ أَتَوْهُ - وَهُوَ يَتَجَهّزُ إلَى تَبُوكَ - فَقَالُوا : يَا رَسُولَ اللّهِ إنّا بَنَيْنَا مَسْجِدًا لَذِي الْعِلّةِ وَالْحَاجَةِ وَاللّيْلَةِ الْمَطِيرَةِ . وَإِنّا نُحِبّ أَنْ تُصَلّيَ فِيهِ . فَقَالَ إنّي عَلَى جَنَاحِ سَفَرٍ ، وَلَوْ قَدِمْنَا إنْ شَاءَ اللّهُ لَأَتَيْنَاكُمْ


فَلَمّا نَزَلَ بِذِي أَوَانٍ ، جَاءَهُ خَبَرُ الْمَسْجِدِ مِنْ السّمَاءِ . فَدَعَا مَالِكُ بْنُ الدّخْشُمِ وَمَعْنُ بْنُ عَدِيّ . فَقَالَ انْطَلِقَا إلَى هَذَا الْمَسْجِدِ الظّالِمِ أَهْلُهُ فَاهْدِمَاهُ وَحَرّقَاهُ " فَخَرَجَا مُسْرِعِينَ حَتّى أَتَيَا بَنِي سَالِمِ بْنِ عَوْفٍ - وَهُمْ رَهْطُ مَالِكِ بْنِ الدّخْشُمِ - فَقَالَ لِمَعْنِ أَنْظِرْنِي حَتّى أَخْرُجَ إلَيْك بِنَارِ مِنْ أَهْلِي . فَدَخَلَ إلَى أَهْلِهِ فَأَخَذَ سَعَفًا مِنْ النّخْلِ . فَأَشْعَلَ فِيهِ نَارًا . ثُمّ خَرَجَا يَشْتَدّانِ حَتّى دَخَلَاهُ وَفِيهِ أَهْلُهُ فَحَرّقَاهُ وَهَدَمَاهُ وَأَنْزَلَ اللّهُ سُبْحَانَهُ ( 9 : 107 - 110 ) وَالّذِينَ اتّخَذُوا مَسْجِدًا ضِرَارًا وَكُفْرًا وَتَفْرِيقًا بَيْنَ الْمُؤْمِنِينَ - إلَى قَوْلِهِ - وَاللّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ


قَالَ ابْنُ عَبّاسٍ فِي الْآيَةِ هُمْ أَنَاسٌ مِنْ الْأَنْصَارِ ابْتَنَوْا مَسْجِدًا ، فَقَالَ لَهُمْ أَبُو <158> عَامِرٍ الْفَاسِقُ ابْنُوا مَسْجِدَكُمْ وَاسْتَعِدّوا مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوّةٍ وَمِنْ سِلَاحٍ . فَإِنّي ذَاهِبٌ إلَى قَيْصَرَ مَلِكِ الرّومِ ، فَآتِ بِجُنْدِ مِنْ الرّومِ ، فَأَخْرَجَ مُحَمّدًا وَأَصْحَابَهُ . فَلَمّا فَرَغُوا مِنْ بِنَائِهِ أَتَوْا النّبِيّ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ . فَقَالُوا : إنّا قَدْ فَرَغْنَا مِنْ بِنَاءِ مَسْجِدِنَا . وَنُحِبّ أَنْ تُصَلّيَ فِيهِ وَتَدْعُو بِالْبَرَكَةِ . فَأَنْزَلَ اللّهُ عَزّ وَجَلّ ( 9 : 108 ) لَا تَقُمْ فِيهِ أَبَدًا - إلَى قَوْلِهِ - لَا يَزَالُ بُنْيَانُهُمُ الّذِي بَنَوْا رِيبَةً فِي قُلُوبِهِمْ يَعْنِي الشّكّ إِلّا أَنْ تَقَطّعَ قُلُوبُهُمْ يَعْنِي بِالْمَوْتِ .


وَلَمّا دَنَا رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ مِنْ الْمَدِينَةِ ، خَرَجَ النّاسُ لَتَلَقّيه ، وَالنّسَاءُ وَالصّبْيَانُ وَالْوَلَائِدُ يَقُلْنَ

طَلَعَ الْبَدْرُ عَلَيْنَا

مِنْ ثَنِيّاتِ الْوَدَاعِ

وَجَبَ الشّكْرُ عَلَيْنَا

مَا دَعَا لِلّهِ دَاعٍ


وَكَانَتْ غَزْوَةُ تَبُوكَ آخِرَ غَزْوَةٍ غَزَاهَا رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ بِنَفْسِهِ . وَأَنْزَلَ اللّهُ فِيهَا سُورَةَ بَرَاءَةٌ .


وَكَانَتْ تُسَمّى فِي زَمَانِ النّبِيّ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ وَبَعْدَهُ " الْمُبَعثِرةَ " لِمَا كَشَفَتْ مِنْ سَرَائِرِ الْمُنَافِقِينَ وَخَبَايَا قُلُوبِهِمْ .


وَفِي غَزْوَةِ تَبُوكَ : كَانَتْ قِصّةُ تَخَلّفِ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ ، وَمُرَارَةَ بْنِ الرّبِيعِ وَهِلَالِ بْنِ أُمَيّةَ الْوَاقِفِيّ . مِمّنْ شَهِدُوا بَدْرًا . وَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ عُذْرٌ فِي التّخَلّفِ عَنْ رَسُولِ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ . فَلَمّا عَادَ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ إلَى الْمَدِينَةِ ، جَاءَ الْمُعَذّرُونَ مِنْ الْأَعْرَابِ مِنْ الْمُنَافِقِينَ يَحْلِفُونَ أَنّهُمْ كَانُوا مَعْذُورِينَ . فَقَبِلَ مِنْهُمْ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ وَأَرْجَأَ كَعْبَ بْنَ مَالِكٍ وَصَاحِبَيْهِ حَتّى أَنَزَلَ اللّهُ فِي شَأْنِهِمْ وَفِي تَوْبَتِهِمْ - وَكَانُوا مِنْ خِيَارِ الْمُؤْمِنِينَ - ( 9 : 117 - 119 ) لَقَدْ تَابَ اللّهُ عَلَى النّبِيّ وَالْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ الّذِينَ اتّبَعُوهُ فِي سَاعَةِ الْعُسْرَةِ مِنْ بَعْدِ مَا كَادَ يَزِيغُ قُلُوبُ فَرِيقٍ مِنْهُمْ ثُمّ تَابَ عَلَيْهِمْ إِنّهُ بِهِمْ رَءُوفٌ رَحِيمٌ وَعَلَى الثّلَاثَةِ الّذِينَ خُلّفُوا الْآيَتَيْنِ خَلّفَهُمْ اللّهُ وَأَخّرَ تَوْبَتَهُمْ لِيُمَحّصَهُمْ وَيُطَهّرَهُمْ مِنْ ذَنْبِ تَأَخّرِهِمْ . لِأَنّهُمْ كَانُوا مِنْ الصّادِقِينَ .




--------------------------------------------------------------------------------

([1]) أَخرَجَهُ : التِّرمذيّ (بِرَقْمِ : 3171 و3172) والنَّسائِي 6/2 وأحمَد 1/216 وابنُ حِبَّان

َ (بِرَقْمِ : 4710) والحاكم 3/7-8 مِن حديثِ ابنِ عبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَاْ بِنَحوهِ .





([2]) أَخرَجَهُ : مُسلِم (بِرَقْمِ : 1043) والنَّسائِي 1/229 وابن ماجةَ (بِرَقْمِ : 2867) وأَحمَد 6/27 وابنُ حِبَّانَ (بِرَقْمِ : 3385) من حديث عَوفِ بنِ مالِك رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ .



([3]) أَخرَجَهُ : البُخاري (بِرَقْمِ : 2757 وغيره) ومُسلِم (بِرَقْمِ : 2769 و3318 و3319) من حديثِ كَعب بنِ مالك رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ .



([4]) أَخرَجَهُ : أبو داودَ (بِرَقْمِ : 2590) وابن ماجةَ (بِرَقْمِ : 2806) وأحمد 3/449 مِن حدبثِ السَّائِبِ بن يَزيد رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ . قال البُوصَيري : (إِسنادُهُ صَحيحٌ على شَرطِ البُخارِي) .



([5]) أَخرَجَهُ : البُخاري (بِرَقْمِ : 2976) مِن حديثِ أنَس رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ .



([6]) أَخرَجَهُ : البُخاري (بِرَقْمِ : 610) ومُسلِم (بِرَقْمِ : 382) من حديثِ أنس رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ .



([7]) أَخرَجَهُ : البُخاري (بِرَقْمِ : 4316) ومُسلِم (بِرَقْمِ : 1776) مِن حديثِ البَراءِ بنِ عازِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ .



([8]) أَخرَجَهُ : البُخاري (بِرَقْمِ : 3014) ومُسلِم (بِرَقْمِ : 1744) مِن حديثِ ابنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ .



([9]) أَخرَجَهُ : البُخاري (بِرَقْمِ : 2990) ومُسلِم (بِرَقْمِ : 1869) مِن حديثِ ابنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ .



([10]) سِيرَةُ ابنِ كَثيرٍ 2/366 .



([11]) أَخرَجَهُ : البُخاري (بِرَقْمِ : 3925 و4609) ومُسلِم (بِرَقْمِ : 1779 و2874) مِن حديثِ أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ .



([12]) أَخرَجَهُ : مُسلِم (بِرَقْمِ : 1763) مِن حديثِ عُمر بن الخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ .



([13]) أَخرَجَهُ : البُخاري (بِرَقْمِ : 3965 وغيرُهُ) ومُسلِم (بِرَقْمِ : 3033) مِن حديثِ أَبِي ذَرٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ .

([14]) أَخرَجَهُ : البُخاري (بِرَقْمِ : 3962 وغيرهُ) ومُسلِم (بِرَقْمِ : 1800) مِن حديثِ أنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ .



([15]) أَخرَجَهُ : البُخاريّ (بِرَقْمِ : 3976) ومُسلِم (بِرَقْمِ : 2874) مِن حديثِ أنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ .



([16]) أَخرَجَهُ : أَحمدُ (بِرَقْمِ : 3632) وَأبُو يَعلَى (بِرَقْمِ : 5187) والطَّبرَانِي (بِرَقْمِ : 10258) مِن حديثِ ابنِ مَسعودٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ .



([17]) أَخرَجَهُ : مُسلِم (بِرَقْمِ : 1763) مِن حديثِ ابنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَاْ .



([18]) أَخرَجَهُ : البُخاريّ (بِرَقْمِ : 2537 و3048 و4018) مِن حديثِ أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ .



([19]) أَخرَجَهُ : أحمد 5/428-429 من حديث أبي هريرةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ .



([20]) أَخرَجَهُ : البُخاري (بِرَقْمِ : 3039 وغيره) مِن حديثِ البَراءِ بنِ عازِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ .



([21]) أَخرَجَهُ : البُخاري (بِرَقْمِ : 4054) ومُسلِم (بِرَقْمِ : 2306) من حديثِ سَعدِ بنِ أبي وَقَّاصِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ .



([22]) جُزءٌ مِن حديثِ البُخاريّ (بِرَقْمِ : 4757) .



([23]) أَخرَجَهُ : البُخاري (بِرَقْمِ : 947 و4119) ومُسلِم (بِرَقْمِ : 1770) مِن حديثِ ابنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ .



([24]) أَخرَجَهُ : الحاكمُ 3/34-35 مِن حديثِ عائِشَةِ ؛ وصَحَّحَهُ وَسَكَتَ الذَّهَبِي .



([25]) أَخرَجَهُ : البُخاري (بِرَقْمِ : 2731 و2732) من حديثِ الْمِسوَر رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ

.

([26]) أَخرَجَهُ : البُخاري (بِرَقْمِ : 3130 و3698 وَغَيرُهُ) من حديثِ ابنِ عُمَرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ .



([27]) أَخرَجَهُ : البُخاري (بِرَقْمِ : 6331) ومُسلِم (بِرَقْمِ : 1802) من حديثِ سَلمة بنِ الأَكوعِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ .



([28]) أَخرَجَهُ : البُخاري (بِرَقْمِ : 4196) ومُسلِم (بِرَقْمِ : 1802)مِن حديثِ سَلمة بنِ الأَكوعِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ .



([29]) أَخرَجَهُ : البُخاري (بِرَقْمِ : 3136 و3876 وغيره) ومُسلِم (بِرَقْمِ : 2502-2503) من حديثِ أَبِي مُوسَى رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ .



([30]) أَخرَجَهُ : البُخاري (بِرَقْمِ : 4234) ومُسلم (بِرَقْمِ : 115) من حديثِ أَبي هريرة رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ .



([31]) أَخرَجَهُ : البُخاري (بِرَقْمِ : 4260 و4261) من حديثِ من حديثِ ابن عُمرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ .



([32]) أَخرَجَهُ : البُخاري (بِرَقْمِ : 3007) ومُسلِم (بِرَقْمِ : 2494) من حديثِ عليٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ .

([33]) أَخرَجَهُ : مُسلِم (بِرَقْمِ : 1780) .



([34]) البُخاري (بِرَقْمِ : 3352) .



([35]) أَبو داودَ (بِرَقْمِ : 4547 و4548) والنَّسائي 8/40-42 وابن ماجة (بِرَقْمِ : 2627 و2628) وأحمد 2/164 و166 .



([36]) البُخاري (بِرَقْمِ : 2434) ومُسلِم (بِرَقْمِ : 1355)
 
الحلقة السادسة عشرة (( وفاته 1))






سبب وفاة الرسول صلى الله عليه وسلم



ثبت في الصحيحين أن يهودية سمَّت النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ في شاة ، فأكل منها لُقمة ثم لَفَظَهَا، وأكل معه ثلاثة منهم بِشر بن البراء ، والتي قامت بذلك زينب بنت الحارث اليهودية امرأة سلام بن مشكم ، وقد احتجم على كاهله ، وأمر مَنْ أكل منها فاحتجم فمات بعضهم .
وهناك خلاف في الاقتصاص منها ، كما أن هناك خلافًا في كيفية أكل النبي منها ، هل مضغها ثم لفظها ، أو ابتلعها ، وبقي الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ بعد هذه الحادثة ثلاث سنوات حتى قال في وجعه الذي مات فيه " ما زلتُ أجد من الأَكْلَة التي أكلت من الشاة يوم خيبر ، فهذا أوان انقطاع الأبهر مني " .
قال الزهري : فتوفي رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ شهيدًا (زاد المعاد ـ خيبر) والأبهر عِرْق مستبطن بالصلب مُتصل بالقلب ، إذا انقطع مات صاحبه فكان ابن مسعود وغيره يرون أنه ـ صلى الله عليه وسلم ـ مات شهيدًا من السُّم الذي تناوله في خيبر .
يقول الزرقاني في شرح المواهب اللدنية " ج8 ص260 " : ومن المعجزة أنه لم يُؤثر فيه في وقته ؛ لأنهم قالوا : إن كان نبيًّا لم يضره ، وإن كان مَلَكا استرحنا منه فلمَّا لم يُؤثر فيه تقينوا نبوته حتى قيل : إن اليهودية أسلمت ، ثم نقض عليه بعد ثلاث سنوات لإكرامه بالشهادة .
وحادث السُّم رواه البخاري بطوله في الجزية باب " إذا غدر المشركون بالمسلمين هل يُعفى عنهم " وذكره في الطب بطوله أيضًا في باب " ما يذكر في سم النبي صلى الله عليه وسلم " واختصره في غزوة خيبر في باب " الشاة التي سُمَّت للنبي " وقيل: إنها أخبرته بأنها مسمومة ، فقال لأصحابه : ارفعوا أيديكم ، وكان الذي حَجَمَه هو أبو هند أو أبو طيبة .
هذا مُجمل ما جاء في هذه الحادثة من الروايات عن وضع السُّم للرسول ، وأنه مات متأثرًا به فمات شهيدًا أو غير شهيد، فمقام النبوة لا يعدله مقام ، ويكفي أن الله نجاه من السم القاتل لساعته ، فكان معجزة تُصدق رسالته ، والموت مكتوب عليه كما هو مكتوب على غيره ( إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُمْ مَيِّتُونَ ) (سورة الزمر : 30) .



حجة الوداع

في اليوم التاسع من ذي الحجة من السنة العاشرة للهجرة النبوية، وقف نبي الهدى في بطن الوادي وهو على ناقته القصواء، وحوله أربعين ألفاً من الصحابة[1]، ما بين راكب وواقف حتى بلغوا مد البصر، وفيهم ربيعة بن أمية بن خلف[2] الذي كان يصرخ في الناس بقول رسول الله . فكانت هذه الخطبة البليغة التي افتتحها بقرب أجله :

أيها الناس، اسمعوا قولي، فإني لا أدري لعلي لا ألقاكم بعد عامي هذا بـهذا الموقف أبداً.

إن دماءكم وأموالكم حرام عليكم كحرمة يومكم هذا، في شهركم هذا، في بلدكم هذا. ألا كل شيء من أمر الجاهلية تحت قدمي موضوع، ودماء الجاهلية موضوعة، وإن أول دم أضع من دمائنا دم ابن ربيعة بن الحارث، وكان مسترضعاً في بني سعد فقتلته هذيل، وربا الجاهلية موضوع، وأول رباً أضع من ربانا ربا عباس بن عبد المطلب،فإنه موضوع كله.

فاتقوا الله في النساء، فإنكم أخذتموهن بأمانة الله، واستحللتم فروجهن بكلمة الله، ولكم عليهن أن لا يوطئن فرشكم أحداً تكرهونه، فإن فعلن ذلك فاضربوهن ضرباً غير مبرح، ولهن عليكم رزقهن وكسوتهن بالمعروف.

وقد تركت فيكم ما لن تضلوا بعده إن اعتصمتم به، كتاب الله.

وأنتم تسألون عني، فما أنتم قائلون؟ قالوا: نشهد أنك قد بلغت وأديت ونصحت.

فقال بأصبعه السبابة يرفعها إلى السماء، وينكتها إلى الناس اللهم اشهد .. اللهم اشهد .. اللهم اشهد.

وبعد أن فرغ النبي من إلقاء الخطبة نزل عليه قوله تعالى:

{اليوم أكملت لكم دينكم، وأتممت عليكم نعمتي، ورضيت لكم الإسلام دينا} [المائدة:3] .

وعندما سمعها عمر بكى، فقيل له: ما يبكيك؟ قال: إنه ليس بعد الكمال إلا النقصان[3].

بهذه الخطبة البليغة قرر رسول الله قواعد الإسلام، وهدم قواعد الشرك والجاهلية، وقرر فيها تحريم المحرمات التي اتفقت الملل على تحريمها، وهي الدماء والأموال والأعراض، ووضع فيها أمور الجاهلية تحت قدميه، وأوصاهم بالنساء خيراً، وبشر الأمة بأنها لن تضل أبداً ما دامت معتصمة بكتاب الله. ثم أخبرهم بأنه مسؤول عنهم عند ربهم، بل واستنطقهم فقالوا بلسان واحد: نشهد أنك قد بلغت وأديت ونصحت[4].

* * *

وخطب النبي يوم النحر -عاشر ذي الحجة- حين ارتفع الضحى، وهو على بغلة شهباء، والناس بين قائم وقاعد.

وأعاد في خطبته هذه بعض ما كان ألقاه أمس، ثم زاد عليها :

أيها الناس {إنما النسيء زيادة في الكفر يُضل به الذين كفروا يُحلونه عاماً ويحرمونه عاما ليواطئوا عدة ما حرم الله فيُحلوا ما حرم الله} [التوبة:37] .

الزمان قد استدار كهيئته يوم خلق السماوات والأرض، السنة اثنا عشر شهرا منها أربعة حرم، ثلاث متواليات، ذو القعدة وذو الحجة والمحرم، ورجب مضر الذي بين جمادى وشعبان.

كانت قبيلة مضر إحدى القبائل العربية التي تحافظ على حرمة شهر رجب أشد من سائر العرب، ولكن هذه المحافظة ليست لله وحده، وإنما هي عادة توارثوها عن آبائهم، فنالوا بذلك حظ الدنيا، حيث أُضيف لقبهم إلى شهر رجب، بينما القبائل الأخرى لا تستحله ولكنهم يتحايلون على توقيته.

واستمر الرسول في خطبته هذه قائلاً :

أي شهر هذا؟ قلنا: الله ورسوله أعلم، فسكت حتى ظننا أنه سيسميه بغير اسمه، قال: أليس ذا الحجة؟ قلنا: بلى. قال: أي بلد هذا؟ قلنا: الله ورسوله أعلم، فسكت حتى ظننا أنه سيسميه بغير اسمه، قال: أليست البلدة؟ قلنا: بلى. فأي يوم هذا؟ قلنا: الله ورسوله أعلم. فسكت حتى ظننا أنه سيسميه بغير اسمه، قال: أليس يوم النحر؟ قلنا: بلى قال: فإن دماءكم وأموالكم وأعراضكم عليكم حرام كحرمة يومكم هذا، في بلدكم هذا في شهركم هذا.

"وستلقون ربكم، فيسألكم عن أعمالكم، ألا فلا ترجعوا بعدي ضلالا يضرب بعضكم رقاب بعض.

ألا هل بلغت؟ قالوا: نعم، قال: اللهم اشهد. فليبلغ الشاهد الغائب فرب مبلغ أوعى من سامع[5].

لقد اكتمل الدين وأتم الله الشريعة الخالدة. حتى الآداب التي تعلمها الصحابة من نبيهم قد بلغت قمتها، فقد كانوا قبل ذلك يقدموا بين يدي الله ورسوله حتى أنزل الله فيهم قرآناً {يا أيها الذين آمنوا لا تقدموا بين يدي الله ورسوله} [الحجرات:1] فهاهم اليوم، يوم اكتمال الدين عندما سألهم نبيهم أي شهر هذا؟ لم يجب أحدٌ منهم وهم يعلمون أنه الشهر الحرام. بل أجابوا جميعاً إجابة التأدب مع نبيهم :

الله ورسوله أعلم.

ثم كرر عليهم السؤال للمرة الثانية والثالثة، ورغم معرفتهم بالإجابة إلا أنهم أجابوا جميعاً :

الله ورسوله أعلم.

حتى قال :

أليس ذا الحجة؟ .. أليست البلدة؟ .. أليس يوم النحر؟

قلنا: بلى .. بلى .. بلى.




--------------------------------------------------------------------------------

[1] على أقل تقدير وقيل بلغوا مائة ألف.

[2] السيرة النبوية لابن هشام، 4/605.

[3] صحيح البخاري 5/148.

[4] زاد المعاد، 2/233.

[5] صحيح لبخاري، 5/148


 
الحلقة السابعة عشر ة (( وفاته 2 ))



دنو الأجل

وفي شهر صفر من السنة الحادية عشرة خرج النبي إلى أُحد، فصلى على الشهداء كالمودع للأحياء والأموات، ثم انصرف.

وفي يوم التاسع والعشرين من شهر صفر. قال رسول الله لمولاة أبي مويهبة :

يا أبا مويهبة، إني قد أُمرت أن استغفر لأهل البقيع، فانطلق معي.

فلما وقفا بين أظهرهم قال :

السلام عليكم يا أهل المقابر، ليهنىء لكم ما أصبحتم فيه مما أصبح الناس فيه، أقبلت الفتن كقطع الليل المظلم، يتبع آخرها أولها، الآخرة شرّ من الأولى.

ثم ألتفت على مولاه وقال :

يا أبا مويهبة، إني قد أُوتيت مفاتيح خزائن الدنيا والخلد فيها، ثم الجنة، فخيرت بين ذلك وبين لقاء ربي والجنة.

فما كاد ينتهي من قوله حتى بادره أبا مويهبة محرضاً له على الدنيا قائلاً :

بأبي أنت وأمي، فخذ مفاتيح خزائن الدنيا والخلد فيها، ثم الجنة.

ولكن مراد رسول الله من هذا الدنيا لا يزيد عن تبليغ رسالة ربه ثم تركها. فقال رسول الله :

لا والله يا أبا مويهبة، لقد اخترت لقاء ربي والجنة[1].

ثم استغفر لأهل البقيع.

فلما رجع -وهو في الطريق- أخذه صداع في رأسه، واتقدت الحرارة، حتى إنهم كانوا يجدون سورتها فوق العصابة التي تعصب بها رأسه.

فلما دخل بيته وجد عائشة رضي الله عنها قد ألم بها وجع في رأسها وتقول :

وارأساه.

فقال لها رسول الله :

أنا والله يا عائشة وارأساه.

فحاول الرسول أن يُلمّح لعائشة أن إذا مات أن تقوم بتغسيله وتكفينه فقال :

ما ضرك لو مُتِّ قبلي، فقمتُ عليك وكفنتك، وصليت عليك ودفنتك؟

ولكنها رضي الله عنها لم تفهم مراده فأخذت تجاذبه الحديث في موضوع آخر فقالت :

والله لكأني بك، لو فعلت ذلك، لقد رجعت إلى بيتي، فأعرست فيه ببعض نسائك[2].

فإما أن تكون غيرة النساء حالت بين ذلك، وإما أنها حاولت أن تخفف وطأة الألم عليه لأنه أخبرها بأن ما يعانيه من شدة الألم أعظم مما تعانيه هي كما في قوله : أنا والله يا عائشة وارأساه.. فما كان منه بعد أن استمع إلى مداعبة عائشة إلا أن تبسم من قولها.

وقد صلى النبي بالناس وهو مريض أحد عشر يوماً، وجميع أيام المرض كانت ثلاثة أو أربعة عشر يوماً.

* * *

كان الرسول القدوة الحسنة والنموذج الأمثل في التعليمات والوصايا التي علّم به الأمة، ومن ذلك وصيته للنساء فعندما ثقل به المرض جعل يسأل أزواجه:

أين أنا غداً؟ أين أنا غداً؟

وكان المراد من سؤاله هذا انتظار يوم عائشة، لأنه كان يحبها أكثر من غيرها. وهذه المحبة قد عذره الله عليها، ولهذا قال ذات يوم :

اللهم هذا قسمي فيما أملك، فلا تلمني فيما تملك ولا أملك[3].

أما العدل بين الزوجات فلم يتهاون به .

وكان زوجاته يعرفن محبته لعائشة فأذَنّ له أن يكون حيث شاء، فانتقل إلى عائشة، يمشي بين الفضل بن عباس وعلى بن أبي طالب، عاصباً رأسه تخط قدماه على الأرض حتى دخل بيتها، فقضى عندها آخر أسبوع من حياته[4].

وكان الرسول إذا اشتكى في أيام صحته نفث على نفسه بالمعوذات ومسح بيده مكان الألم. فلما اشتكى في وجعه الذي توفي فيه لم يتمكن -بأبي هو وأمي- من مداوة نفسه. فكانت عائشة رضي الله عنها تقرأ بالمعوذات والأدعية التي حفظتها من رسول الله ، ثم تنفث وتمسح بيده على جسده.

إن تخفيف الآلام والمتاعب من أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها لم يكن مقصوراً على نبينا فحسب. بل كان على سائر المسلمين. ففي ذات ليله عندما سقطت قلادتها وتعذر وجود الماء. وأصبح رسول الله ليلقطها، فأصبح الناس ليس معهم ماء، فأنزل الله {فتيمموا صعيداً طيباً} [النساء: 42]. فكان ذلك من سببها[5].

وفي يوم الأربعاء قبل خمسة أيام من الوفاة، اتقدت حرارة العلة في بدنه، فاشتد به الوجع وغمي، ثم أفاق فقال:

أهريقوا عليّ من سبع قرب لم تُحلل أوكيتهن، لعلي أعهد إلى الناس[6].

فأجلسوه في مخضب لحفصة بنت عمر، وصبوا عليه الماء، حتى طفق يقول :

حسبكم حسبكم[7].

لقد حرص نبينا على أن يدلنا على كل خير حتى وهو يصارع آلام المرض، بأبي هو وأمي. لقد كان بإمكانه أن يقول : أهريقوا عليّ ماء. فيسارع من حوله بإحضار الماء وصبه عليه. هذا الماء الذي قال الله فيه {وجعلنا من الماء كل شيء حي} [الأنبياء:30] . ولكن أراد أن ينتفع الناس من بعده، فحدد مواصفات هذا الماء الذي يخفف الآلام. أولاً أنها سبع قرب تبركاً بهذا العدد كما في أحاديث الاستشفاء. ثانياً أن تلك القرب لم تُحلل أوكيتهن أي لا تذهب بركته بسبب توزيعه كما في حديث "يا رسول الله إنا نأكل ولا نشبع قال : فلعلكم تفترقون قالوا : نعم. قال فاجتمعوا على طعامكم واذكروا اسم الله عليه يبارك لكم فيه"[8]. وثالثاً كما في رواية أخرى من آبار شتى[9] أي من مصادر متعدد وليست من مصدر واحد.

وبعد ذلك أحس بخفة ونشاط، فدخل المسجد -وهو معصوب الرأس- حتى جلس على المنبر، وخطب الناس -والناس مجتمعون حوله- فقال :

لعنة الله على اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد[10].

* * *

وفي ذات يوم من أيام مرض رسول الله كان جماعة من الأنصار قد جلسوا يذكرون مجلس رسول الله منهم ويبكون، فمر عليهم أبو بكر والعباس بن عبد المطلب رضي الله عنهما، فقالا : ما يبكيكم؟ قالوا : ذكرنا مجلس النبي منا. فدخل أبو بكر على رسول الله فأخبره.

وكان رسول الله يحب الأنصار، فهم الذين آووه ونصروه، وقدموا ما يملكون من مال وأنفس إلى الله. فلما سمع مقالة أبي بكر في الأنصار تناول حاشية برد وعصب بها رأسه، ثم تحامل على جسده المثقل بالمرض وخرج إلى الناس وصعد المنبر، وكان صعوده الأخير، فحمد الله وأثنى عليه ثم قال :

أوصيكم بالأنصار، فإنهم كرشي وعيبتي[11]، وقد قضوا الذي عليهم، وبقي الذي لهم، فاقبلوا من محسنهم، وتجاوزوا عن مسيئهم[12].

وبينما رسول الله ينصح أمته ويدلهم على الخير ويحذرهم عن الشر، بدأ يخبرهم عن قُرب وفاته، فكان مما قال :

إن عبداً خيره الله أن يؤتيه من زهرة الدنيا ما شاء، وبين ما عنده، فاختار ما عنده.

فلما سمع أبو بكر هذه المقولة أغرورقت عيناه من الدمع وأجهش بالبكاء ثم قال :

فديناك بآبائنا وأمهاتنا.

فتعجب الصحابة من مقولة أبي بكر، إذ عبّر عن ذلك أبي سعيد الخدري حيث قال في نفسه :

ما يُبكي هذا الشيخ، إن يكن الله خيّر عبداً بين الدنيا وبين ما عنده فاختار ما عند الله؟.

ومع مرور الأيام عرف أبو سعيد الخدري الحكمة من بكاء أبي بكر إذ قال :

فكان رسول الله هو العبد، وكان أبو بكر أعلمنا[13].

فما كاد أبو بكر أن ينتهي من كلامه حتى بادره رسول الله قائلاً :

على رسلك يا أبا بكر.

ثم أشار إلى أصحابه وقال :

انظروا هذه الأبواب اللافظة في المسجد، فسدوها إلا بيت أبي بكر، فإني لا أعلم أحداً كان أفضل في الصحبة عندي يدا منه[14].

وإني لو كنت متخذاً من العباد خليلاً لاتخذت أبا بكر خليلاً،ولكن صحبة وإخاء إيمان حتى يجمع الله بيننا عنده[15].



--------------------------------------------------------------------------------

[1] السيرة النبوية لابن هشام، 4/642. مسند الإمام أحمد، 3/488،489.

[2] السيرة النبوية لابن هشام، 4/643.

[3] سنن أبي داود، رقم الحديث 1822.

[4] صحيح البخاري، 5/164.

[5] سير أعلام النبلاء، 2/180.

[6] صحيح البخاري، كتاب الوضوء،

[7] السيرة النبوية لابن هشام، 4/649.

[8] سنن ابن ماجة، رقم 3286.

[9] السيرة النبوية لابن هشام، /649.

[10] صحيح البخاري، 5/162.

[11] كرشي : أي مددي الذي استمد بهم. وعيبتي : أي جماعتي الذين أطلعهم على سري وأثق بهم وأعتمد عليهم. [لسان العرب لابن منظور، 12/69]

[12] صحبح البخاري، 4/273. السيرة النبوية لابن هشام، 4/649.

[13] صحيح البخاري، كتاب الصلاة، 137.

[14] السيرة النبوية لابن هشام، 4/649.

[15] السيرة النبوية لابن هشام، 4/650.
 
سيرة نبي الرحمة صلى الله عليه وسلم في حلقات
الحلقة الثامنة عشر ة (( وفاته 3 ))


اشتداد المرض

وفي يوم الخميس قبل الوفاة بأربعة أيام، اشتد برسول الله الوجع. وكان ابن عباس يبكي عندما يذكر يوم الخميس ويقول : يوم الخميس، وما يوم الخميس اشتد برسول الله وجعه. فقال :

هلموا أكتب لكم كتاباً لن تضلوا بعده.

وفي البيت رجال فيهم عمر فقال عمر:

قد غلب عليه الوجع، وعندكم القرآن، حسبكم كتاب الله.

فاختلف أهل البيت واختصموا، فمنهم من يقول: قربوا يكتب لكم رسول الله ، ومنهم من يقول ما قال عمر، فلما أكثروا اللغط والاختلاف قال رسول الله :

قوموا عني[1].

لقد اتضح حدوث اللغط والاختلاف في الأمة إلى قيام الساعة، فمنهم من يرى الأخذ بالرخصة -كما فعل عمر عندما رأى الوجع على رسول الله - حتى لا يُحملوا الأمة ما لا تُطيق. ومنهم من يرى الأخذ بالعزيمة حتى ولو غلب الوجع على الأمة.

وأوصى ذلك اليوم بثلاث :

أخرجوا المشركين من جزيرة العرب، وأجيزوا الوفود بنحو ما كنت أجيزهم. وسكت عن الثالثة، أونسيها[2].

والنبي مع ما كان به من شدة المرض كان يصلي بالناس جميع صلواته حتى ذلك اليوم -يوم الخميس قبل الوفاة بأربعة أيام- وقد صلى بالناس ذلك اليوم صلاة المغرب، فقرأ فيها بالمرسلات عرفا[3].

وبينما الرسول راقداً عند عائشة إذا بصوت بلال ينادي لصلاة العشاء : الله أكبر الله أكبر .. فلما انتهى الأذان ألتفت إلى عائشة رضي الله عنها وقال :

ضعوا لي ماء في المخضب.

قالت عائشة : ففعلنا، فاغتسل، فذهب لينوء فأغمي عليه، ثم أفاق، فقال:

أصلى الناس؟

فأجاب من كان عنده :

لا يارسول الله، وهم ينتظرونك.

فكرر الرسول :

ضعوا لي ماء في المخضب.

ففعلوا للمرة الثانية والثالثة وفي كل مرة يغتسل ثم يغمى عليه حينما يريد أن ينوء. فلم يتمكن حتى قال:

مروا أبا بكر فليصل بالناس.

فلما علمت عائشة رضي الله عنها أن أباها سوف يخلف رسول الله في الصلاة، خشيت أن يتشاءم الناس من أبي بكر، فحاولت مراجعته عدة مرات، لعله يعدل. وهذا ما صرحت به لاحقا. لكن رسول الله أصر أن يكون خليفته في الصلاة أبي بكر، فأعاد قائلاً :

مروا أبا بكر فليصل بالناس.

فلما رأت أم المؤمنين أن لا مناص من ذلك. اتخذت لذلك عذرا لعله يكون مناسب ليعدل الرسول عن أبي بكر. فأوعزت إلى حفصه أن تقول له:

يا رسول الله إن أبا بكر رجل أسيف وإنه متى يقم مقامك لا يسمع الناس، فلو أمرت عمر.

فلم يجد إلا أن يصفهن قائلاً:

مة، إنكن لأنتن صواحب يوسف.

ثم اعاد كلمته الأولى:

مروا أبا بكر فليصل بالناس[4].

وكان عبد الله بن زمعة بن الأسود -أخ سودة بنت زمعة إحدى أمهات المؤمنين- في بيت رسول الله، فعندما خرج إلى الصلاة دعاه بلال إلى الصلاة وقال :

مروا من يصلي بالناس.

وكان أبوبكر غائباً، فلم يجد عبد الله إلا أن قال لعمر :

قم يا عمر فصلّ بالناس.

فلما كبر، سمع رسول الله صوت عمر، وكان صوت عمر مجهراً، فقال رسول الله :

فأين أبو بكر؟

يأبى الله ذلك والمسلمون.

يأبى الله ذلك والمسلمون[5].

وفي يوم الأحد وجد النبي من نفسه خفة، فخرج لصلاة الظهر يتهادى بين رجلين ورِجلاه تخطان في الأرض، وأبو بكر يصلي بالناس، فلما رآه أبو بكر ذهب ليتأخر، فأوما إليه بأن لا يتأخر، قال: أجلساني إلى جنبه، فأجلساه إلى يسار أبي بكر، فكان الرسول يصلي بالناس جالساً وأبو بكر قائماً، وكان أبو بكر يقتدي بصلاة رسول الله ، ويقتدي بالناس بصلاة أبي بكر.

* * *

لقد بدأت طلائع توديع الرسول للحياة منذ وقت مبكر. فعندما بعث معاذ إلى اليمن قال له :

يا معاذ، إنك عسى أن لا تلقاني بعد عامي هذا[6].

وفي حجة الوداع في يوم عرفة قال :

أيها الناس، اسمعوا قولي، فإني لا أدري لعلي لا ألقاكم بعد عامي هذا بهذا الموقف أبداً.

وقال وهو عند جمرة العقبة:

خذوا عني مناسككم، فلعلي لا أحج بعد عامي هذا.

ونزلت عليه سورة النصر في أوسط أيام التشريق، فعرف أنه الوداع، وأنه نُعيت إليه نفسه.



--------------------------------------------------------------------------------

[1] صحيح البخاري 5/159.

[2] صحيح البخاري 5/159.

[3] صحيح البخاري 5/159.

[4] صحيح البخاري، كتاب الأذان، 197. السيرة النبوية لابن هشام، 4/652.

[5] السيرة النبوية لابن هشام، 4/652.

[6] البداية والنهاية، 5/90.
 
الحلقة التاسعة عشرة (( وفاته 4 ))

يوم الوفاة
وفي يوم الإثنين وبينما الصحابة في صلاة الفجر وأبو بكر يصلي بهم، أراد أن يطمئن إلى حالهم في الصلاة خلف إمامهم، وأن تقر عينه برؤيتهم في صفوف منتظمة قبل أن يفارقهم، فتحامل على نفسه حتى وقف على قدميه، ومد يده إلى السترة ليرفعها ويرى الناس.

وبينما المسلمون على تلك الحال من الخشوع والانتظام؛ إذا بالستر من حجرة عائشة ينكشف أمامهم ويظهر لهم وجه رسول الله تعلوه ابتسامة مشرقة. فكاد المسلمون يفتتنون في صلاتهم فرحاً برسولهم الذي تخلف عنهم ثلاثة فروض، وقد عبر أنس بن مالك رضي الله عنه بهذا المشهد حين قال:

وهمّ المسلمون أن يفتتنوا في صلاتهم فرحاً برسول الله فأشار إليهم بيده رسول الله أن أتموا صلاتكم، ثم دخل الحجرة وأرخى الستر[1].

ومما قاله أنس أيضاً :

وما رأيت رسول الله أحسن هيئة منه تلك الساعة[2].

فنكص أبو بكر على عقبيه، ليصل الصف، وظن أن رسول الله يريد أن يخرج إلى الصلاة. فلما اطمأن على حال المسلمين وهم خلف إمامهم في صفوف منتظمة تبسم تبسم الرضى وضحك مسروراً، ثم أشار إليهم بيده أن أتموا صلاتكم، ودخل الحجرة وأرخى الستر.

ولما ارتفع الضحى، دعا النبي فاطمة رضي الله عنها، فلما جاءت ورأت أباها ممتداً على الأرض لم تتمكن قواه أن تحمله. وكان من عادته إذا رأى فاطمة هب واقفاً وقبل ما بين عينيها ثم أجلسها مكانه. لكنه في هذا المرة اكتفى بإرسال نضرة إليها. فلما رأته على تلك الحال انكبت عليه تقبله وقد تساقطت الدموع من على خدها وهي تقول:

واكرب أباه.

فأخذ عليه السلام يلاطفها ويخفف من وطأتها وهو يقول:

ليس على أبيك كرب بعد اليوم[3].



وبينما يتحدث إلى فاطمة ويسارها بشئ إذا بها تبكي. فلم تلبث حتى دعاها وسارها مرة أخرى فضحكت. فلما سألتها عائشة فيما بعد عن هذا التحول السريع من البكاء إلى الفرح أجابت:

سارني النبي أنه يُقبض في وجعه الذي توفي فيه، فبكيت. ثم سارني فأخبرني أني أول أهله يتبعه فضحكت[4].

ودعا الحسن والحسين فقبلهما، وأوصى بهما خيرا، ودعا أزواجه فوعظهنّ وذكرهنّ.

ودخل عليه أسامة بن زيد، فلما رأه رسول الله جعل يرفع يده إلى السماء ثم يضعها عليه، فعرف أسامة أنه يدعو له.[5]

فلما انتهى من موعظة زوجاته ووصيته بالحسن والحسين؛ اشتد عليه المرض، وظهر أثر السم الذي أكله بخيبر حيث أوقف الله جلت قدرته أثر السم خلال تلك السنين حتى يُبلغ النبي دعوته ويكمل الدين. فلما حان يوم وفاته أمر الله السم أن يُحدث أثره وعلى الأبهر أن ينقطع حتى قال عليه الصلاة السلام:

يا عائشة، ما أزال أجد ألم الطعام الذي أكلت بخيبر، فهذا أوان وجدت انقطاع أبهري[6] من ذلك السم[7].

ولم يكتف بمشهد الصحابة في الصلاة بل أكد على أهمية الصلاة حتى آخر وصية في حياته حيث قال:

الصلاة الصلاة وما ملكت أيمانكم.

الصلاة الصلاة وما ملكت أيمانكم.

الصلاة الصلاة وما ملكت أيمانكم[8].

كان الرسول مستنداً على عائشة، وكانت عائشة تفتخر بهذا النعمة التي منّ الله بها عليها فكانت تقول:

إن من نعم الله عليّ أن رسول الله توفي في بيتي وفي يومي وبين سحري ونحري[9].

فدخل عليها عبد الرحمن بن أبي بكر وفي يده السواك. فلما رأت عائشة السواك بيده. ألتفت إلى رسول الله فرأته يرمق أخاها بنظراته. فعرفت أنه يحب السواك. وكانت رضي الله عنها أعرف نساءه بأحواله حتى من خلال نظراته وهذا ما جعله يطمئن إليها ويقضي بقية أيامه عندها. حتى جعل الله وفاته في يوم عائشة . فقالت لرسول الله :

آخذه لك؟

فأشار برأسه أن نعم.

فأخذت السواك من أخيها ثم أعطتها لرسول الله فاشتد عليه. فقالت:

ألينه لك؟

فأشار برأسه أن نعم.

فلينته، فاخذ يستن، وبين يديه ركوة فيها ماء، فجعل يدخل يديه في الماء فيمسح بها وجهه، ويقول:

لا إله إلا الله، إن للموت سكرات.

ثم نصب يده فجعل يقول :

في الرفيق الأعلى[10].

فأخذت عائشة تمعن النظر إليه وهو يستن بها كأحسن ما كان مستناً. وبينما هو كذلك إذا ببصره يشخص نحو السقف، وشفتاه تتحرك. فأصغت عائشة إليه فإذا هو يقول:

مع الذين أنعمت عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين، اللهم اعفر لي وارحمني، وألحقني بالرفيق الأعلى. اللهم الرفيق الأعلى[11].

ومالت يده ولحق بالرفيق الأعلى. إنا لله وإنا إليه راجعون.

مات ودرعه مرهونة عند يهودي بثلاثين صاعاً من شعير[12].



--------------------------------------------------------------------------------

[1] صحيح البخاري، 5/164.

[2] السيرة النبوية لابن هشام، 4/653.

[3] صحيح البخاري، 5/167.

[4] صحيح البخاري، 5/160.

[5] السيرة النبوية لابن هشام، 4/651.

[6] الأبهر: عرق في الظهر، يقال هو الوريد في العنق. إذا انقطع مات صاحبه. [لسان العرب، 1/517].

[7] صحيح البخاري، 5/158.

[8] سنن ابن ماجة، رقم الحديث 2697.

[9] صحيح البخاري، 5/164.

[10] صحيح البخاري، 5/164.

[11] صحيح البخاري، 5/160،167.

[12] صحيح البخاري، 5/168.
 
الحلقة العشرون (( وفاته 5 ))


بعد الوفاة

تسرب خبر وفاة رسول الله في أرجاء المدينة، وأظلمت نواحيها، وتذكر أنس بن مالك رضي الله عنه يوم الهجرة يوم دخول رسول الله إلى المدينة، وقارنه بهذا اليوم الذي مات فيه، فقال:

ما رأيت يوماً قط كان أحسن ولا أضوأ من يوم دخل علينا فيه رسول الله ، وما رأيت يوماً كان أقبح ولا أظلم من يوم مات فيه رسول الله [1].

ولما علمت فاطمة بوفاة أبيها قالت:

يا أبتاه، أجاب رباً دعاه .. يا أبتاه، من جنة الفردوس مأواه .. يا أبتاه، إلى جبريل ننعاه[2].

أما عمر بن الخطاب لما بلغه الخبر أخذ يتوعد ويقول:

إن رجالاً من المنافقين يزعمون أن رسول الله قد توفي، وإنه ما مات، ولكنه ذهب إلى ربه كما ذهب موسى بن عمران وقد غاب عن قومه أربعين ليلة، ثم رجع إليهم بعد أن قيل قد مات، والله ليرجعن رسول الله كما رجع موسى فليقطعن أيدي رجال وأرجلهم زعموا أن رسول الله مات[3].

لقد كان هذا التصرف من عمر راجعاً إلى اجتهاد منه رضي الله عنه كما قال في اليوم الذي يليه : أما بعد، فإني قلت لكم أمس مقالة وإنها لم تكن كما قلت، وإني والله ما وجدت المقالة التي قلت لكم في كتاب أنزله الله و لا في عهد عهده إلى رسول الله ، ولكنني كنت أرجو أن يعيش رسول الله حتى يدبرنا[4].

أما أبا بكر فقد كان غائباً عند زوجة له في موضع قريباً من المدينة يدعى "السنح"، وكان قد استأذن رسول الله بعد صلاة الفجر من يوم الإثنين عندما بدأ له الرسول في صحة جيدة، فقال :

يا نبي الله. إني أراك قد أصبحت بنعمة من الله وفضل كما نحب، واليوم يوم بنت خارجة (زوجته)، أفأتيها؟

فأذن له قائلاً:

نعم.

وبينما أبو بكر في موضعه بالسنح، إذا بسالم بن عبيد يأتيه مسرعاً فزعاً يجهش بالبكاء. فتفرس أبو بكر هيئته ثم قال:

لعل نبي الله توفي؟

فلم يستطيع سالماً أن يُصرّح بالإجابة واكتفى بقوله:

إن عمر بن الخطاب قال: لا يتكلم أحد بموته إلا ضربته بسيفي هذا.

فما أن بلغ الخبر أبي بكر أخذ بيد سالم وانطلق مسرعاً ولم يلتفت إلى شيء حتى دخل على رسول الله في بيت عائشة ورسول الله مسجى في ناحية البيت عليه برد، فأقبل حتى كشف عن وجهه ثم أقبل عليه حتى كاد يمس وجهه، حتى استبان أنه توفي فقبله وبكى، ثم قال:

بأبي أنت وأمي، ، أما الموتة التي كتب الله عليك فقد ذقتها ثم لن تصيبك بعدها موتة أبداً[5].

ثم رد الثوب على وجهة.

فقال الذين من حوله:

يا صاحب رسول الله. أتوفي رسول الله؟

فأجاب الصديق بقوله :

نعم.

قالوا:

هل يصلى عليه؟

نعم يجئ نفرٌ منكم فيكبرون فيدعون ويذهبون حتى يفرغ الناس.

فعلموا أنه كما قال. قالوا:

يا صاحب رسول الله، أين يدفن؟

حيث قبض الله روحه، فإنه لم يقبضه إلا في موضع طيب، فعرفوا أنه كما قال.

وأقبل أبو بكر حتى نزل على باب المسجد حين بلغه الخبر ثم خرج وعمر يكلم الناس. فأشار بيده إلى عمر قائلاً:

على رسلك يا عمر فأنصت.

فأبى عمر رضي الله عنه إلا أن يسترسل في الكلام والوعيد. فلما رآه أبو بكر لا ينصت أقبل على الناس يكلمهم، فلما سمع الناس كلامه أقبلوا عليه وتركوا عمر.

كانت جموع الناس تعبر إلى أبي بكر. وكانت العيون كلها متجهة إليه كأنها مشدودة إليه بحبال غير مرئية. فحمد الله وأثنى عليه ثم قال:

أيها الناس إنه من كان يعبد محمداً فإن محمداً قد مات، ومن كان يعبد الله فإن الله حي لا يموت. ثم تلا هذه الآية: {وما محمد إلا رسول قد خلت من قبله الرسل أفإن مات أو قتل انقلبتم على أعقابكم ومن ينقلب على عقبيه فلن يضر الله شيئاً وسيجزي الله الشاكرين}. [آل عمران: 144].

فلما سمع الناس تلك المقولة العظيمة، والآية الكريمة، استعادوا ذاكرتهم إلى الوراء وتذكروا وقت نزولها على رسول الله وكأنهم يسمعونها لأول مرة فأخذوا يرددونها في أفواههم.

أما عمر بن الخطاب فقد بقي واقفاً في مكانه .. حاول أن يكمل وقوفه على الأرض إلا أنه لم يشعر بالقوة الكافية ليفعل فقال في نفسه :

والله ما هو إلا أن سمعت أبا بكر تلاها، فعقِرتُ حتى ما تقلني رجلاي وحتى أهويت إلى الأرض حين سمعته تلاها أن النبي قد مات[6].

لقد بقيت جنازة الرسول حتى يوم الثلاثاء. لانشغال الصحابة عنها حتى اختيار أبا بكر خليفة عليهم، لأن أمر الخلافة من الأمور التي لا تقبل التأجيل أو التعطيل مهما كلف الثمن. إذ كيف يبقى المسلمون بدون حاكم يسوس قضاياهم.

فلما كان يوم الثلاثاء غسلوا رسول الله من غير أن يجردوه من ثيابه،

قالت عائشة :

لما أرادوا غسل النبي قالوا : ما ندري أنجرده من ثيابه كما نجرد موتانا، أو نغسله وعليه ثيابه، فلما اختلفوا ألقى الله عليهم النوم حتى ما منهم رجل إلا وذقنه في صدره فكلمهم مكلمٌ من ناحية البيت لا يدرون من هو، أن غسلوا رسول الله وعليه ثيابه، فغسلوه وعليه قميصه يصبون الماء فوق القميص، ويدلكون بالقميص دون أيديهم.

عندئذ تذكرت عائشة رضي الله عنها مراد رسول الله من قوله :

ما ضرك لو مُتِّ قبلي، فقمتُ عليك وكفنتك، وصليت عليك ودفنتك؟

فقالت رضي الله عنها :

لو استقبلت من أمري ما استدبرت ما غسله إلا نساؤه[7].

وقد شارك في غسله العباس بن عبد المطلب وعلي بن أبي طالب، والفضل وقثم ابنى العباس، وشقران مولى رسول الله ، وأسامة بن زيد، وأوس بن خولي. فكان العباس والفضل وقثم يقلبونه، وأسامة وشقران يصبان الماء، وعلي يغسله، وأوس أسنده إلى صدره[8].

ثم كفنوه في ثلاثة أثواب. أدرجوه فيها إدراجاً.

واختلفوا في موضع دفنه، فما من خلاف حدث بينهم إلا حرصاً منهم تنفيذ تعاليم نبيهم. فقال أبو بكر:

إني سمعت رسول الله يقول: ما قُبض نبي إلا دفن حيث يقبض، فرفع فراشه الذي توفي عليه، فحفر تحته.

ولما أرادوا أن يحفروا لرسول الله ، وكان أبو عبيدة بن الجراح يُضّرح كحفر أهل مكة، وكان أبو طلحة زيد بن سهل هو الذي يحفر لأهل المدينة، فكان يلحد، فدعا العباس رجلين، فقال لأحدهما: اذهب إلى أبي عبيدة بن الجراح، وللآخر اذهب إلى أبي طلحة. اللهم خِر لرسول الله ، فوجد صاحب أبي طلحة أبا طلحة، فجاء به، فلحد لرسول الله [9].

يا سبحان الله لقد قدر الله أن يكون قبره موافقاً لقبور الأنصار كما كانت حياته موافقه لاختيار الأنصار. فالأنصار الذين بايعوا رسول الله في بيعة العقبة الثانية وطلبوا أن يكون الرسول معهم بعد أن يُظهره الله كما قال أبو الهيثم بن التيهان: يا رسول الله إن بيننا وبين الرجال (يعني اليهود) حبالاً، وإنا قاطعوها فهل عسيت إن نحن فعلنا ذلك، ثم أظهرك الله أن ترجع إلى قومك وتدعنا؟ فتبسم رسول الله ، ثم قال:

بل الدم بالدم والهدم بالهدم أنا منكم وأنتم مني، أحارب من حاربتم، وأسالم من سالمتم[10].

وقد أكّد لهم رسول الله وقوفه معهم بعد عزوة حنين عندما أعطى الغنائم للمهاجرين وترك الأنصار حتى كثر منهم القالة، فجمعهم ووضح لهم الحكمة من التقسيم ثم ختم قوله :

لو أن الأنصار سلكوا وادياً أو شعباً لسلكت في وادي الأنصار، ولولا الهجرة لكنت أمراً من الأنصار[11].

ودخل الناس الحجرة أرسالاً عشرة فعشرة، يصلون على رسول الله ولا يؤمهم أحد، وصلى عليه أولاً أهل عشيرته، ثم المهاجرون، ثم الإنصار، وصلت عليه النساء بعد الرجال، ثم صلى عليه الصبيان. ولم يؤم الناس على رسول الله أحد[12].

وبينما أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها جالسة مع النساء في ليلة الإربعاء؛ إذا بصوت المساحي تعلو في جوف الليل فعلمن بدفن النبي .

فلما دُفن رسول الله قالت فاطمة لأنس بن مالك :

يا أنس أطابت أنفسكم أن تحثوا على رسول الله التراب[13].





--------------------------------------------------------------------------------

[1] شرح السنة للبغوي، 14/50.

[2] صحيح البخاري، 5/167.

[3] السيرة النبوية لابن هشام، 4/655.

[4] صحيح البخاري، رقم الحديث 7219.

[5] السيرة النبوية لابن هشام، 4/656.

[6] صحيح البخاري، 5/166.

[7] سنن أبي داود، رقم الحديث 3141.

[8] السيرة النبوية لابن هشام، 4/662.

[9] السيرة النبيوة لابن هشام، 4/663.

[10] السيرة النبيوة لابن هشام، 1/442.

[11] صحيح البخاري، 4/268.

[12] السيرة النبيوة لابن هشام، 4/663.

[13] صحيح البخاري، 5/167.


 
الحلقة الحادية والعشرون : كأنك تراه عليه الصلاة والسلام ( 1 )


* لونه:



عن أبي الطفيل رضي الله عنه قال: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وما على وجه الأرض رجل رآه غيري قال: فكيف رأيته؟ قال: كان أبيض مليحًا مقصدًا. رواه مسلم.

وعن أنس رضي الله عنه: كان النبي صلى الله عليه وسلم أزهر اللون ليس بأبيض أمهق ولا آدم. رواه البخاري ومسلم، والأزهر: هو الأبيض المستنير المشرق، وهو أحسن الألوان.

وعن أبي الطفيل رضي الله عنه: كان النبي صلى الله عليه وسلم أبيض مليحًا مقصدًا. رواه مسلم.

وعن أبي جحيفة رضي الله عنه: كان النبي صلى الله عليه وسلم أبيض قد شاب. رواه البخاري ومسلم.

وعن علي بن أبي طالب رضي الله عنه: كان النبي صلى الله عليه وسلم أبيض مشربًا بياضه حمرة. رواه أحمد والترمذي والبزار وابن سعد وأبو يعلى والحاكم وصححه ووافقه الذهبي.



* وجهه:




كان الرسول صلى الله عليه الصلاة والسلام أسيَل الوجه، مسنون الخدين ولم يكن مستديرًا غاية التدوير، بل كان بين الاستدارة والإسالة، وهو أجمل عند كل ذي ذوق سليم. وكان وجهه مثل الشمس والقمر في الإشراق والصفاء، مليحًا كأنما صيغ من فضة لا أوضأ ولا أضوأ منه.

وعن كعب بن مالك رضي الله عنه: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا سُرّ استنار وجهه حتى كأنه قطعة قمر. رواه البخاري ومسلم.

وعن أبي إسحاق قال: سُئل البراء أكان وجه النبي صلى الله عليه وسلم مثل السيف؟ قال: لا، بل مثل القمر. رواه البخاري.

وقال أبو هريرة: ما رأيت شيئًا أحسن من رسول الله صلى الله عليه وسلم، كأن الشمس تجري في وجهه.

وعن جابر بن سمرة رضي الله عنه قال: "رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم في ليلة إضحيان( مقمرة)، وعليه حُلَّة حمراء، فجعلتُ أنظر إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وإلى القمر، فإذا هو عندي أحسنُ من القمر".


 
* جبينه:



عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أسيل الجبين"، (الأسيل: هو المستوي)، أخرجه عبد الرازق والبيهقي ابن عساكر.

وعن عائشة رضي الله عنها قالت: كان صلى الله عليه وسلم أجلى الجبهة، إذا طلع جبينه من بين الشعر، أو طلع في فلق الصبح، أو عند طفل الليل، أو طلع بوجهه على الناس تراءوا جبينه كأنه ضوء السرج المتوقد يتلألأ، وكان النبي صلى الله عليه وسلم واسع الجبهة. رواه البيهقي في دلائل النبوة وابن عساكر.

* عيناه:


كان النبي صلى الله عليه وسلم أكحل العينين أهدب الأشفار إذا وطئ بقدمه وطئ بكلّها ليس له أخمص إذا وضع رداءه عن منكبيه فكأنه سبيكة فضة" البيهقي وحسنه الألباني.

وكان صلى الله عليه وسلم "إذا نظرت إليه قُلت أكحل العينين وليس بأكحل"، رواه الترمذي.

وعن علي رضي الله عنه قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم عظيم العينين، هَدِبُ الأشفار، مشرب العينين بحمرة. رواه أحمد وابن سعد والبزار. ومعنى مشرب العينين بحمرة: أي عروق حمراء رقاق.

وعن جابر بن سمرة رضي الله عنه قال: كنت إذا نظرت إليه قلت: أكحل العينين وليس بأكحل صلى الله عليه وسلم. رواه الترمذي وأحمد وأبو يعلى والحاكم والطبراني في الكبير.


* أنفه:




يحسبه من لم يتأمله أشمًا ولم يكن أشمًا وكان مستقيمًا، أقنى أي طويلاً في وسطه بعض ارتفاع، مع دقة أرنبته (الأرنبة هي ما لان من الأنف).

* خـدّاه:

عن عمار بن ياسر رضي الله عنه قال: "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يُسَلِّمُ عن يمينه وعن يساره حتى يُرى بياض خده"، أخرجه ابن ماجه وقال مقبل الوادي هذا حديث صحيح.

قال يزيد الفارسي رضي الله عنه: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم جميل دوائر الوجه. رواه أحمد.

* رأسه :


عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ضخم الرأس. رواه أحمد والبزار وابن سعد.

قال هند بن أبي هالة رضي الله عنه: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم عظيم الهامة. رواه الطبراني في الكبير والترمذي في الشمائل.



* فمه وأسنانه:



عن جابر بن سمرة رضي الله عنه قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ضليع الفم.. قال شعبة: قلت لسماك: ما ضليع الفم؟ قال: عظيم الفم. رواه مسلم.

وعن جابر بن سمرة رضي الله عنه قال: "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم، ضليع الفم (أي واسع الفم) جميلهُ، وكان من أحسن عباد الله شفتين وألطفهم ختم فم. وكان وسيمًا أشنب أبيض الأسنان مفلج (متفرق الأسنان) بعيد ما بين الثنايا والرباعيات، أفلج الثنيَّتين (أي الأسنان الأربع التي في مقدم الفم، ثنتان من فوق وثنتان من تحت) إذا تكلم رُئِيَ كالنور يخرج من بين ثناياه".

وعن ابن عباس رضي الله عنه قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أفلج الثنيتين، إذا تكلم رُئي كالنور يخرج من بين ثناياه. رواه الدرامي والترمذي في الشمائل. وأفلج الثنيتين أي متفرق الأسنان الأربع التي في مقدم الفم، ثنتان من فوق وثنتان من تحت.



* سمعه:



عن زيد بن ثابت رضي الله عنه قال: بينما النبي صلى الله عليه وسلم في حائط لبني النجار على بغلة له ونحن معه، إذ حادت به فكادت تلقيه، وإذا أقبر ستة أو خمسة أو أربعة، فقال: "من يعرف أصحاب هذه الأقبر؟". فقال رجل: أنا. قال: "فمتى مات هؤلاء؟". قال: ماتوا على الإشراك. فقال: "إن هذه الأمة تبتلى في قبورها. فلولا ألا تدافنوا لدعوت الله أن يسمعكم من عذاب القبر الذي أسمع منه". رواه مسلم.

* صوته:


عن أم معبد رضي الله عنها، قالت: كان في صوت رسول الله صلى الله عليه وسلم صهل. رواه الطبراني في الكبير والحاكم وقال صحيح الإسناد ووافقه الذهبي.

عن أم هانئ بنت أبي طالب رضي الله عنها، قالت: إني كنت لأسمع صوت رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا على عريشي. يعني قراءته في صلاة الليل. رواه أحمد والنسائي وابن ماجه والحاكم والطبراني.


* ريقه:



لقد أعطى الله تعالى رسوله صلى الله عليه وسلم خصائص كثيرة لريقه الشريف، ومن ذلك أن ريقه صلى الله عليه و سلم فيه شفاء للعليل، ورواء للغليل وغذاء وقوة وبركة ونماء... فكم داوى صلى الله عليه وسلم بريقه الشريف من مريض فبرئ من ساعته!

جاء في الصحيحين عن سهل بن سعد رضي الله عنه قال: "قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم خيبر: لأعطِيَنَّ الراية غداً رجلاً يفتح الله على يديه، يحب الله ورسوله، ويحبه الله ورسوله. فلما أصبح الناس غدوا على رسول الله صلى الله عليه وسلم وكلهم يرجو أن يُعطاها، فقال صلى الله عليه وسلم: أين علي بن أبي طالب؟ فقالوا: هو يا رسول الله يشتكي عينيه. قال: فأرسلوا إليه.

فأُتِيَ به وفي رواية مسلم: قال سلمة: فأرسلني رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى علي، فجئت به أقوده أرمد فتفل رسول الله صلى الله عليه وسلم في عينيه، فبرئ كأنه لم يكن به وجع...

وعن يزيد بن أبي عبيد قال: "رأيت أثر ضربة في ساق سلمة فقلت: يا أبا مسلم ما هذه الضربة؟ قال: هذه ضربة أصابتها يوم خيبر فقال الناس أصيب سلمة... فأتيت النبي صلى الله عليه وسلم فنفث فيه ثلاث نفثات فما اشتكيت حتى الساعة"، أخرجه البخاري.

وروي عن عبد الرحمن بن الحارث بن عبيد عن جده قال: "أصيبت عين أبي ذر يوم أحد فبزق فيها النبي صلى الله عليه وسلم فكانت أصح عينيه"، أخرجه البخاري.


* عنقه ورقبته:

عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال: "كأن عنق رسول الله صلى الله عليه وسلم إبريق فضة"، أخرجه ابن سعد في الطبقات والبيهقي.

وعن عائشة رضي الله عنها قالت: "كان أحسن عباد الله عنقًا، لا ينسب إلى الطول ولا إلى القصر، ما ظهر من عنقه للشمس والرياح فكأنه إبريق فضة يشوب ذهباً يتلألأ في بياض الفضة وحمرة الذهب، وما غيب في الثياب من عنقه فما تحتها فكأنه القمر ليلة البدر"، أخرجه البيهقي وابن عساكر.

* منكِباه:

عن البراء بن عازب رضي الله عنه قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم بعيد ما بين المنكبين. رواه البخاري مسلم.

والمنكب هو مجمع العضد والكتف. والمراد بكونه بعيد ما بين المنكبين أنه عريض أعلى الظهر ويلزمه أنه عريض الصدر مع الإشارة إلى أن بُعد ما بين منكبيه لم يكن منافيًا للاعتدال. وكان كَتِفاه عريضين عظيمين.



* كفاه:


عن أنس أو جابر بن عبد الله: أن النبي صلى الله عليه وسلم كان ضخم الكفين لم أر بعده شبهًا له. أخرجه البخاري.

لذا كان النبي صلى الله عليه وسلم رحب الراحة (أي واسع الكف) كفه ممتلئة لحمًا، غير أنّها مع غاية ضخامتها كانت لَيِّنَة أي ناعمة.

وعن أنس رضي الله عنه قال: ما مسست حريرًا ولا ديباجًا ألين من كف النبي صلى الله عليه وسلم. أخرجه البخاري ومسلم.

وعن أبي جحيفة رضي الله عنه قال: خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم بالهاجرة إلى البطحاء... وقام الناس فجعلوا يأخذون يديه، فيمسحون بها وجوههم. قال: فأخذت بيده فوضعتها على وجهي، فإذا هي أبرد من الثلج، وأطيب رائحة من المسك. أخرجه البخاري.

وعن جابر بن سمرة رضي الله عنه، قال: صليت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاة الأولى، ثم خرج إلى أهله، وخرجت معه، فاستقبله ولدان، فجعل يمسح خدي أحدهم واحدًا واحدًا. قال: وأما أنا فمسح خدي. قال: فوجدت ليده بردًا أو ريحًا كأنما أخرجها من جونة عطار. أخرجه مسلم.

وعن عبد الله بن مسعود قال: "كنا نَعُد الآيات بَركة، وأنتم تَعُدونها تخويفاً، كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفر فقَلَّ الماء، قال عليه الصلاة والسلام: اطلبوا لي فضلة من ماء. فأدخَل يده في الإناء وقال: حَيّ على الطَّهور المبارك، والبركة من الله. ويقول ابن مسعود: لقد رأيتُ الماء ينبع من بين أصابع الرسول صلى الله عليه وسلم، ولقد كنا نسمع تسبيح الطعام وهو يُؤكل"، رواه البخاري.

عن إياس بن سلمة، حدثني أبي، قال: غزونا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم حنيناً إلى أن قال: ومررت على رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو على بغلته الشهباء.. فلما غشوا رسول الله صلى الله عليه وسلم نزل عن بغلته، ثم قبض قبضة من تراب الأرض، ثم استقبل به وجوههم، فقال: "شاهت الوجوه، فما خلق الله منهم إنسانًا إلا ملأ عينيه ترابًا بتلك القبضة" فولوا مدبرين. أخرجه مسلم.


* صَدره:


قال هند بن أبي هالة رضي الله عنه: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم سواء البطن والصدر، عريض الصدر. رواه الطبراني والترمذي في الشمائل.

قالت عائشة رضي الله عنها: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم عريض الصدر ممسوحة، كأنه المرايا في شدتها واستوائها، لا يعدو بعض لحمه بعضًا، على بياض القمر ليلة البدر، موصول ما بين لبته إلى سرته شعر منقاد كالقضيب، لم يكن في صدره ولا بطنه شعر غيره. رواه ابن نعيم وابن عساكر والبيهقي.

* ساقاه:


عن أبي جحيفة رضي الله عنه قال: "... وخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم كأني أنظر إلى بيض ساقيه"، أخرجه البخاري في صحيحه.

* قدماه:

قال هند بن أبي هالة رضي الله عنه: "كان النبي صلى الله عليه وسلم خمصان الأخمصين (الأخمص من القدم ما بين صدرها وعقبها، وهو الذي لا يلتصق بالأرض من القدمين، يريد أن ذلك منه مرتفع) مسيح القدمين (أي ملساوين ليس في ظهورهما تكسر) وسشن الكفين والقدمين (أي غليظ الأصابع والراحة) رواه الترمذي في الشمائل والطبراني.

وكان صلى الله عليه و سلم أشبَهَ النَّاس بسيدنا إبراهيم عليه السلام، وكانت قدماه الشَّريفتان تشبهان قدمي سيدنا إبراهيم عليه السلام كما هي آثارها في مقام سيدنا إبراهيم عليه السلام.

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في حديث الإسراء في وصف سيدنا إبراهيم عليه السلام: "ورأيت إبراهيم وأنا أشبه ولده به". صحيح البخاري.

وكان أبو جهم بن حذيفة القرشي العدوي الصحابي الجليل، يقول: ما رأيت شبهًا كشبه قدم النبي صلى الله عليه وسلم بقدم إبراهيم التي كنا نجدها في المقام.



 
* قامته وطوله:

وعن البراء بن عازب رضي الله عنه قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أحسن الناس وجهًا وأحسنهم خلقًا، ليس بالطويل البائن ولا بالقصير. رواه البخاري ومسلم.

* مشيته:

عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: "ما رأيتُ شيئًا أحسن من رسول الله صلى الله عليه وسلم كأنَّ الشمس تجري في وجهه، وما رأيت أحدًا أسرع من رسول الله صلى الله عليه وسلم كأنَّما الأرض تطوى له، إنَّا لَنُجهد أنفسنا وإنَّه غير مكترث".

وعن أنس رضي الله عنه أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا مشى تَكَفَّأ ( أي مال يميناً وشمالاً ومال إلى قصد المشية ) ويمشي الهُوَينا (أي يُقارِب الخُطا).

وعن ابن عباس رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا مشى، مشى مجتمعًا ليس فيه كسل"، (أي شديد الحركة، قوي الأعضاء غير مسترخ في المشي) رواه أحمد.



* التفاته:




كان صلى الله عليه وسلم إذا التفت التفت معًا أي بجميع أجزائه فلا يلوي عنقه يمنة أو يسرة إذا نظر إلى الشيء لما في ذلك من الخفة وعدم الصيانة وإنّما كان يقبل جميعًا ويُدبِر جميعًا لأن ذلك أليَق بجلالته ومهابته هذا بالنسبة للالتفات وراءه، أمّا لو التفت يمنة أو يسرة فالظاهر أنه كان يلتفت بعنقه الشريف.

* خاتم النبوة:

هو خاتم أسود اللون مثل الهلال وفي رواية أنه أخضر اللون، وفي رواية أنه كان أحمر، وفي رواية أخرى أنه كلون جسده. ويبلغ حجم الخاتم قدر بيضة الحمامة، وورد أنه كان على أعلى كتف النبي صلى الله عليه وسلم الأيسر.

1- عن جابر بن سمرة قال: رأيت الخاتم بين كتفي رسول الله صلى الله عليه وسلم، غُدة حمراء مثل بيضة الحمامة يشبه جسده.



* رائحته:


عن أنس رضي الله عنه قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أزهر اللون كأن عرقه اللؤلؤ، إذا مشا تكفأ، وما مسحت ديباجًا ولا حريرًا ألين من كف رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولا شممت مسكاً ولا عنبرًا أطيب من رائحة النبي صلى الله عليه وسلم.

وعن أنس أيضًا قال: "دخل علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم فَقَال (أي نام) عندنا، فعرِقَ وجاءت أمي بقارورة فجعلت تَسلُتُ العَرَق، فاستيقظ النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا أم سُلَيم ما هذا الذي تصنعين؟ قالت: عَرَق نجعله في طيبنا وهو أطيَب الطيب"، رواه مسلم.

وكان صلى الله عليه وسلم إذا صافحه الرجل وجد ريحه، وإذا وضع يده على رأس صبي فيظل يومه يُعرَف من بين الصبيان بريحه على رأسه.

يقول جابر بن سمرة: ما سلك رسول الله صلى الله عليه وسلم طريقًا فيتبعه أحد إلا عرف أنه قد سلكه من طيب عرقه، وقد كنت صبيًا - فمسح خدي فوجدت ليده بردًا أو ريحًا كأنما أخرجها من جونة عطار.



* كلامه:




قال الله تعالى: {وَالنَّجْمِ إِذَا هَوَى * مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَمَا غَوَى * وَمَا يَنطِقُ عَنِ الْهَوَى * إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى} (النجم 1-4).

كان النبي صلى الله عليه وسلم يمتاز بفصاحة اللسان، وبلاغة القول، وكان من ذلك بالمحل الأفضل، والموضع الذي لا يجهل، سلاسة طبع، ونصاعة لفظ وجزالة قول، وصحة معان، وقلة تكلف، أوتي جوامع الكلم، وخص ببدائع الحكم، وعلم ألسنة العرب، يخاطب كل قبيلة بلسانها، ويحاورها بلغتها، اجتمعت له قوة عارضة البادية وجزالتها، ونصاعة ألفاظ الحاضرة ورونق كلامها إلى التأييد الإلهي الذي مدده الوحي، لذلك كان يقول لعبد الله بن عمرو: :اكتب فوالذي نفسي بيده ما خرج مني إلا الحق".

يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: "بعثت بجوامع الكلم، ونصرت بالرعب، فبينما أنا نائم رأيتني أوتيت بمفاتيح خزائن الأرض، فوضعت في يدي" مسند الإمام أحمد.

وكان كلامه صلى الله عليه وسلم بَيِّن فَصْل ظاهر يحفظه من جَلَس إليه، وقد ورد في الحديث الصحيح: "كان يُحَدِّث حديثاً لو عَدَّه العادُّ لأحصاه".

"وكان صلى الله عليه وسلم يعيد الكلمة ثلاثاً لِتُعقَل عنه" رواه البخاري.



* ضحكه:



"كان رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يضحك إلا تَبَسُّماً، وكنتَ إذا نظرتَ إليه قُلتَ أكحل العينين وليس بأكحل"، حسن رواه الترمذي.

- وعن عبد الله بن الحارث قال: "ما رأيتُ أحداً أكثر تبسمًا من الرسول صلى الله عليه وسلم، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يُحَدِّث حديثاً إلا تبَسَّم وكان مِن أضحك الناس وأطيَبَهم نَفسًا".

وكان صلى الله عليه وسلم إذا ضحك بانت نواجذه أي أضراسه من غير أن يرفع صوته، وكان الغالب من أحواله التَّبَسُّم.

يقول خارجة بن زيد: كان النبي صلى الله عليه وسلم أوقر الناس في مجلسه لا يكاد يخرج شيئاً من أطرافه، وكان كثير السكوت، لا يتكلم في غير حاجة، يعرض عمن تكلم بغير جميل، كان ضحكه تبسمًا، وكلامه فصلاً، لا فضول ولا تقصير، وكان ضحك أصحابه عنده التبسم، توقيراً له واقتداءً به.

قال أبو هريرة رضي الله عنه: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا ضحك كاد يتلألأ في الجدر. رواه عبد الرزاق في مصنفه.



* خاتمه:



كان خاتم رسول الله صلى الله عليه وسلم من فضة، نقش عليه من الأسفل إلى الأعلى "محمد رسول الله"، وذلك لكي لا تكون كلمة "محمد" صلى الله عليه وسلم فوق كلمة "الله" سبحانه وتعالى.

عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال:" لما أراد رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يكتب إلى العجم، قيل له: إن العجم لا يقبلون إلا كتابًا عليه ختم، فاصطنع خاتمًا، فكأني أنظر إلى بياضه في كفه"، رواه الترمذي في الشمائل والبخاري ومسلم.

وعن ابن عمر رضي الله عنه قال: "اتخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم خاتماً من ورِق (أي من فضة) فكان في يده، ثم كان في يد أبي بكر ويد عمر، ثم كان في يد عثمان، حتى وقع في بئر أريس" وأريس بفتح الهمزة وكسر الراء، هي بئر بحديقة من مسجد قباء.
 
الحلقة الثانية والعشرون : كأنك تراه عليه الصلاة والسلام ( 2 )
* وصف أم معبد:

قالت أم معبد الخزاعية في وصف رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم لزوجها، حين مر بخيمتها مهاجرًا:

رجل ظاهر الوضاءة، أبلج الوجه، حسن الخلق لم تعبه تجلة، ولم تزر به صعلة، وسيم قسيم، في عينيه دعج، وفي أشعاره وطف، وفي صوته صحل، وفي عنقه سطح، أحور، أكحل، أزج، أقرن، شديد سواد الشعر، إذا صمت علاه الوقار، وإن تكلم علاه البهاء، أجمل الناس وأبهاهم من بعيد، وأحسنهم وأحلاهم من قريب، حلو المنطق، فضل، لا نزر ولا هذر، كأن منطقه خرزات نظمن يتحدرن، ربعة، لا تقحمه عين من قصر ولا تشنؤه من طول، غصن بين غصنين، فهو أنظر الثلاثة منظرًا، وأحسنهم قدرًا، له رفقاء يحفون به، إذا قال استمعوا لقوله، وإذا أمر تبادروا إلى أمره، محفود، محشود، لا عابس ولا مفند.



* وصف علي بن أبي طالب:


قال علي رضي الله عنه وهو ينعت رسول الله صلى الله عليه وسلم - لم يكن بالطويل الممغط، ولا القصير المتردد، وكان ربعة من القوم، لم يكن بالجعد القطط، ولا بالسبط، وكان جعداً رَجلاً، ولم يكن بالمطهم ولا بالمكلثم، وكان في الوجه تدوير، وكان أبيض مشرباً، أدعج العينين، أهدب الأشفار، جليل المشاش والكتد، دقيق المسربة، أجرد، شثن الكفين والقدمين، إذا مشى تقلع كأنما يمشي في صبب، وإذا التفت التفت معاً، بين كتفيه خاتم النبوة، وهو خاتم النبيين، أجود الناس كفاً، وأجرأ الناس صدراً، وأصدق الناس لهجة، وأوفى الناس ذمة، وألينهم عريكة، وأكرمهم عشرة، من رآه بديهة هابه، ومن خالطه معرفة أحبه، يقول ناعته لم أر قبله ولا بعده مثله صلى الله عليه وسلم.


* وصف هند بن أبي هالة:


كان رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم متواصل الأحزان، دائم الفكرة، ليست له راحة، ولا يتكلم في غير حاجة، طويل السكوت، يفتتح الكلام ويختمه بأشداقه -لا بأطراف فمه- ويتكلم بجوامع الكلم، فصلاً لا فضول فيه ولا تقصير دمثاً ليس بالجافي ولا بالمهين، يعظم النعمة وإن دقت، لا يذم شيئاً، ولم يكن يذم ذواقاً -ما يطعم- ولا يمدحه، ولا يقام لغضبه إذا تعرض للحق بشيء حتى ينتصر له لا يغضب لنفسه، ولا ينتصر لها - سماح - وإذا أشار أشار بكفه كلها، وإذا تعجب قلبها، وإذا غضب أعرض وأشاح، وإذا فرح غض طرفه، جل ضحكه التبسم، ويفتر عن مثل حب الغمام.

وكان يخزن لسانه إلا عما يعنيه. يؤلف أصحابه ولا يفرقهم، يكرم كريم كل قوم، ويوليه عليهم، ويحذر الناس، ويحترس منهم من غير أن يطوى عن أحد منهم بشره.

يتفقد أصحابه - ويسأل الناس عما في الناس، ويحسن الحسن ويصوبه، ويقبح القبيح ويوهنه، معتدل الأمر، غير مختلف، لا يغفل مخافة أن يغفلوا أو يملوا لكل حال عنده عتاد، لا يقصر عن الحق، ولا يجاوزه إلى غيره الذي يلونه من الناس خيارهم، وأفضلهم عنده أعمهم نصيحة، وأعظمهم عنده منزلة أحسنهم مواساة ومؤازرة.

كان لا يجلس ولا يقوم إلا على ذكر، ولا يوطن الأماكن - لا يميز لنفسه مكاناً - إذا انتهى إلى القوم جلس حيث ينتهي به المجلس، ويأمر بذلك، ويعطي كل جلسائه نصيبه حتى لا يحسب جليسه أن أحداً أكرم عليه منه، من جالسه أو قاومه لحاجة صابره حتى يكون هو المنصرف عنه، ومن سأله حاجة لم يرده إلا بها أو بميسور من القول، وقد وسع الناس بسطه وخلقه، فصار لهم أبا، وصاروا عنده في الحق متقاربين. يتفاضلون عنده بالتقوى، مجلسه مجلس حلم وحياء وصبر وأمانة، لا ترفع فيه الأصوات، ولا تؤبن فيه الحرم -لا تخشى فلتاته- يتعاطفون بالتقوى، يوقرون الكبير، ويرحمون الصغير، ويرفدون ذا الحاجة، ويؤنسون الغريب.

كان دائم البشر، سهل الخلق، لين الجانب، ليس بفظ، ولا غليظ، ولا صخاب، ولا فحاش، ولا عتاب، ولا مداح، يتغافل عما لا يشتهي، ولا يقنط منه قد ترك نفسه من ثلاث الرياء، والإكثار، وما لا يعنيه، وترك الناس من ثلاث لا يذم أحداً، ولا يعيره، ولا يطلب عورته، ولا يتكلم إلا فيما يرجو ثوابه، إذا تكلم أطرق جلساؤه، كأنما على رؤوسهم الطير، وإذا سكت تكلموا. لا يتنازعون عنده الحديث. من تكلم عنده أنصتوا له حتى يفرغ، حديثهم حديث أولهم، يضحك مما يضحكون منه، ويعجب مما يعجبون منه، ويصبر للغريب على الجفوة في المنطق، ويقول إذا رأيتم صاحب الحاجة يطلبها فأرفدوه، ولا يطلب الثناء إلا من مكافئ.


 
* وصف عمرو بن العاص:

عن ابن شُمَاسَةَ المهَرِيِّ قال حضرنا عمرو ابن العاص فذكر لنا حديثاً طويلاً فيه: "وما كان أحدٌ أحب إليَّ من رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولا أجلَّ في عيني منه، وما كنت أطيقُ أن أملأ عيني منهُ إجلالاً له، ولو سئلتُ أن أصفه ما أطقت، لأني لم أكن أملأ عيني منه".

وصلى اللهم على خير الأنام سيدنا وحبيبنا وقدوتنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليمً
 
الحلقة الثالثة والعشرون : كأنك تراه عليه الصلاة والسلام ( 3 )

صفة حوض الرسول صلى الله عليه وسلم



قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( حوضي مسيرة شهر ، ماؤه أبيض من اللبن ، وريحه أطيب من المسك ، وكيزانه كنجوم السماء من شرب منه فلا يظمأ أبداً) .

(كيزان : جمع كوز وهو الإبريق) .

باب ما جاء في لباس رسول الله صلى الله عليه وسلم



54ـ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ حُمَيْدٍ الرَّازِيُّ ، قَالَ : حَدَّثَنَا الْفَضْلُ بْنُ مُوسَى ، وَأَبُو تُمَيْلَةَ ، وَزَيْدُ بْنُ حُبَابٍ ، عَنْ عَبْدِ الْمُؤْمِنِ بْنِ خَالِدٍ ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ بُرَيْدَةَ ، عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ ، قَالَتْ : كَانَ أَحَبَّ الثِّيَابِ إِلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم الْقَمِيصُ

55ـ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ حُجْرٍ ، قَالَ : حَدَّثَنَا الْفَضْلُ بْنُ مُوسَى ، عَنْ عَبْدِ الْمُؤْمِنِ بْنِ خَالِدٍ ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ بُرَيْدَةَ ، عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ ، قَالَتْ : كَانَ أَحَبَّ الثِّيَابِ إِلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم الْقَمِيصُ

56ـ حَدَّثَنَا زِيَادُ بْنُ أَيُّوبَ الْبَغْدَادِيُّ ، قَالَ : حَدَّثَنَا أَبُو تُمَيْلَةَ ، عَنْ عَبْدِ الْمُؤْمِنِ بْنِ خَالِدٍ ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ بُرَيْدَةَ ، عَنْ أَمِّهِ ، عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ ، قَالَتْ : كَانَ أَحَبَّ الثِّيَابِ إِلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَلْبَسُهُ ، الْقَمِيصُ

قَالَ : هَكَذَا ، قَالَ زِيَادُ بْنُ أَيُّوبَ ، فِي حَدِيثِهِ : عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ بُرَيْدَةَ ، عَنْ أَمِّهِ ، عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ ، وَهَكَذَا رَوَى غَيْرُ وَاحِدٍ عَنْ أَبِي تُمَيْلَةَ مِثْلَ رِوَايَةِ زِيَادِ بْنِ أَيُّوبَ ، وَأَبُو تُمَيْلَةَ يَزِيدُ فِي هَذَا الْحَدِيثِ : عَنْ أَمِّهِ ، وَهُوَ أَصَحُّ

57ـ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَجَّاجِ ، قَالَ : حَدَّثَنَا مُعَاذُ بْنُ هِشَامٍ ، قَالَ : حَدَّثَنِي أَبِي ، عَنْ بُدَيْلٍ يَعْنِي ابْنَ مَيْسَرَةَ الْعُقَيْلِيَّ ، عَنْ شَهْرِ بْنِ حَوْشَبٍ ، عَنْ أَسْمَاءَ بِنْتِ يَزِيدَ ، قَالَتْ : كَانَ كُمُّ قَمِيصِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم إِلَى الرُّسْغِ

58ـ حَدَّثَنَا أَبُو عَمَّارٍ الْحُسَيْنُ بْنُ حُرَيْثٍ ، قَالَ : حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ ، قَالَ : حَدَّثَنَا زُهَيْرٌ ، عَنْ عُرْوَةَ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ قُشَيْرٍ ، عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ قُرَّةَ ، عَنْ أَبِيهِ ، قَالَ : أَتَيْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم فِي رَهْطٍ مِنْ مُزَيْنَةَ لِنُبَايِعَهُ ، وَإِنَّ قَمِيصَهُ لَمُطْلَقٌ ، أَوْ قَالَ : زِرُّ قَمِيصِهِ مُطْلَقٌ قَالَ : فَأَدْخَلْتُ يَدِي فِي جَيْبِ قَمِيصِهِ ، فَمَسَسْتُ الْخَاتَمَ

59ـ حَدَّثَنَا عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ ، قَالَ : حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْفَضْلِ ، قَالَ : حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ ، عَنْ حَبِيبِ بْنِ الشَّهِيدِ ، عَنِ الْحَسَنِ ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ ، أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم خَرَجَ وَهُوَ يَتَّكِئُ عَلَى أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ عَلَيْهِ ثَوْبٌ قِطْرِيٌّ ، قَدْ تَوَشَّحَ بِهِ ، فَصَلَّى بِهِمْ

وَقَالَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ : قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ الْفَضْلِ : سَأَلَنِي يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ عَنْ هَذَا الْحَدِيثِ ، أَوَّلَ مَا جَلَسَ إِلَيَّ ، فَقُلْتُ : حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ ، فَقَالَ : لَوْ كَانَ مِنْ كِتَابِكَ ، فَقُمْتُ لأُخْرِجَ كِتَابِي فَقَبَضَ عَلَى ثَوْبِي ثُمَّ ، قَالَ : أَمْلِهِ عَلَيَّ فَإِنِّي أَخَافُ أَنْ لا أَلْقَاكَ ، قَالَ : فَأَمْلَيْتُهُ عَلَيْهِ ، ثُمَّ أَخْرَجْتُ كِتَابِي فَقَرَأْتُ عَلَيْهِ

60ـ حَدَّثَنَا سُوَيْدُ بْنُ نَصْرٍ ، قَالَ : حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ الْمُبَارَكِ ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ إِيَاسٍ الْجُرَيْرِيِّ ، عَنْ أَبِي نَضْرَةَ ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ ، قَالَ : كَانَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم ، إِذَا اسْتَجَدَّ ثَوْبًا سَمَّاهُ بِاسْمِهِ عِمَامَةً أَوْ قَمِيصًا أَوْ رِدَاءً ، ثُمَّ يَقُولُ : اللَّهُمَّ لَكَ الْحَمْدُ كَمَا كَسَوْتَنِيهِ ، أَسْأَلُكَ خَيْرَهُ وَخَيْرَ مَا صُنِعَ لَهُ ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّهِ وَشَرِّ مَا صُنِعَ لَهُ

61ـ حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ يُونُسَ الْكُوفِيُّ ، قَالَ : حَدَّثَنَا الْقَاسِمُ بْنُ مَالِكٍ الْمُزَنِيُّ ، عَنِ الْجُرَيْرِيِّ ، عَنْ أَبِي نَضْرَةَ ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم ، نَحْوَهُ

62ـ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ ، قَالَ : حَدَّثَنَا مُعَاذُ بْنُ هِشَامٍ ، قَالَ : حَدَّثَنِي أَبِي ، عَنْ قَتَادَةَ ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ ، قَالَ : كَانَ أَحَبَّ الثِّيَابِ إِلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم ، يَلْبَسُهُ الْحِبَرَةُ

63ـ حَدَّثَنَا مَحْمُودُ بْنُ غَيْلانَ ، قَالَ : حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ ، قَالَ : حَدَّثَنَا سُفْيَانُ ، عَنْ عَوْنِ بْنِ أَبِي جُحَيْفَةَ ، عَنْ أَبِيهِ ، قَالَ : رَأَيْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم ، وَعَلَيْهِ حُلَّةٌ حَمْرَاءُ ، كَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَى بَرِيقِ سَاقَيْهِ

قَالَ سُفْيَانُ : أُرَاهَا حِبَرَةً

64ـ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ خَشْرَمٍ ، قَالَ : حَدَّثَنَا عِيسَى بْنُ يُونُسَ ، عَنْ إِسْرَائِيلَ ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ ، عَنِ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ ، قَالَ : مَا رَأَيْتُ أَحَدًا مِنَ النَّاسِ أَحْسَنَ فِي حُلَّةٍ حَمْرَاءَ ، مِنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم ، إِنْ كَانَتْ جُمَّتُهُ لَتَضْرِبُ قَرِيبًا مِنْ مَنْكِبَيْهِ

65ـ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ ، قَالَ : حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ ، قَالَ : حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللهِ بْنُ إِيَادٍ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ أَبِي رِمْثَةَ ، قَالَ : رَأَيْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم ، وَعَلَيْهِ بُرْدَانِ أَخْضَرَانِ

66ـ حَدَّثَنَا عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ ، قَالَ : حَدَّثَنَا عَفَّانُ بْنُ مُسْلِمٍ ، قَالَ : حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ حَسَّانَ الْعَنْبَرِيُّ ، عَنْ جَدَّتَيْهِ دُحَيْبَةَ ، وَعُلَيْبَةَ ، عَنْ قَيْلَةَ بِنْتِ مَخْرَمَةَ ، قَالَتْ : رَأَيْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم وَعَلَيْهِ أَسْمَالُ مُلَيَّتَيْنِ ، كَانَتَا بِزَعْفَرَانٍ ، وَقَدْ نَفَضَتْهُ وَفِي الْحَدِيثِ قِصَّةٌ طَوِيلَةٌ

67ـ حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ ، قَالَ : حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ الْمُفَضَّلِ ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُثْمَانَ بْنِ خُثَيْمٍ ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم : عَلَيْكُمْ بِالْبَيَاضِ مِنَ الثِّيَابِ ، لِيَلْبِسْهَا أَحْيَاؤُكُمْ ، وَكَفِّنُوا فِيهَا مَوْتَاكُمْ ، فَإِنَّهَا مِنْ خِيَارِ ثِيَابِكُمْ

68ـ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ ، قَالَ : حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ ، قَالَ : حَدَّثَنَا سُفْيَانُ ، عَنْ حَبِيبِ بْنِ أَبِي ثَابِتٍ ، عَنْ مَيْمُونِ بْنِ أَبِي شَبِيبٍ ، عَنْ سَمُرَةَ بْنِ جُنْدُبٍ ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم : الْبَسُوا الْبَيَاضَ ، فَإِنَّهَا أَطْهَرُ وَأَطْيَبُ ، وَكَفِّنُوا فِيهَا مَوْتَاكُمْ

69ـ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مَنِيعٍ ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ زَكَرِيَّا بْنِ أَبِي زَائِدَةَ ، قَالَ : حَدَّثَنَا أَبِي ، عَنْ مُصْعَبِ بْنِ شَيْبَةَ ، عَنْ صَفِيَّةَ بِنْتِ شَيْبَةَ ، عَنْ عَائِشَةَ ، قَالَتْ : خَرَجَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم ذَاتَ غَدَاةٍ ، وَعَلَيْهِ مِرْطٌ مِنْ شَعَرٍ أَسْودَ

70ـ حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ عِيسَى ، قَالَ : حَدَّثَنَا وَكِيعٌ ، قَالَ : حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ أَبِي إِسْحَاقَ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنِ الشَّعْبِيِّ ، عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ ، عَنْ أَبِيهِ ، أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم ، لَبِسَ جُبَّةً رُومِيَّةً ، ضَيِّقَةَ الْكُمَّيْنِ


 
باب ماجاء في تختم رسول الله صلى الله عليه وسلم

95 ـ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَهْلِ بْنِ عَسْكَرٍ الْبَغْدَادِيُّ ، وَعَبْدُ اللهِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ ، قَالا : أَخْبَرَنَا يَحْيَى بْنُ حَسَّانَ ، قَالَ : حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ بِلالٍ ، عَنْ شَرِيكِ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ أَبِي نَمِرٍ ، عَنِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ حُنَيْنٍ ، عَنِ أَبِيهِ ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ : أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَلْبَسُ خَاتَمَهُ فِي يَمِينِهِ

96 ـ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى ، قَالَ : حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ صَالِحٍ ، قَالَ : حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ وَهْبٍ ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ بِلالٍ ، عَنْ شَرِيكِ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ أَبِي نَمِرٍ ، نَحْوَهُ

97 ـ حدثنا أحمد بن منيع , حدثنا يزيد بن هارون , عن حماد بن سلمة , قَالَ رأيت ابن أبي رافع يتختم في يَمِينِهِ وقَالَ عَبْدِ اللهِ بن جعفر : كان رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يتختم فِي يَمِينِهِ

98 ـ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ مُوسَى ، قَالَ : حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ نُمَيْرٍ ، قَالَ : حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْفَضْلِ ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَقِيلٍ ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ جَعْفَرٍ ، أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَتَخَتَّمُ فِي يَمِينِهِ

99 ـ حَدَّثَنَا أَبُو الْخَطَّابِ زِيَادُ بْنُ يَحْيَى ، قَالَ : حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ مَيْمُونٍ ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ : أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَتَخَتَّمُ فِي يَمِينِهِ

100 ـ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ حُمَيْدٍ الرَّازِيُّ ، قَالَ : حَدَّثَنَا جَرِيرٌ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ ، عَنِ الصَّلتِ بْنِ عَبْدِ اللهِ ، قَالَ : كَانَ ابْنُ عَبَّاسٍ ، يَتَخَتَّمُ فِي يَمِينِهِ ، وَلا إِخَالُهُ إِلا قَالَ : كَانَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَتَخَتَّمُ فِي يَمِينِهِ

101 ـ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي عُمَرَ ، قَالَ : حَدَّثَنَا سُفْيان ، عَنْ أَيُّوبَ بْنِ مُوسَى ، عَنْ نَافِعٍ ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ : أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم اتَّخَذَ خَاتَمًا مِنْ فِضَّةٍ ، وَجَعَلَ فَصَّهُ مِمَّا يَلِي كَفَّهُ ، وَنَقَشَ فِيهِ مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللهِ ، وَنَهَى أَنْ يَنْقُشَ أَحَدٌ عَلَيْهِ وَهُوَ الَّذِي سَقَطَ مِنْ مُعَيْقِيبٍ فِي بِئْرِ أَرِيسٍ

102 ـ حَدَّثَنَا قتيبة بن سعيد , حَدَّثَنَا حاتم بن إسماعيل , عن جَعْفَرٍ بن محمد , عن أبيه , قَالَ : كان الحسن والحسين يتختمان في يسارهما

103 ـ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ ، قَالَ : حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عِيسَى وَهُوَ ابْنُ الطَّبَّاعِ ، قَالَ : حَدَّثَنَا عَبَّادُ بْنُ الْعَوَّامِ ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي عَرُوبَةَ ، عَنْ قَتَادَةَ ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ : أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَتَخَتَّمُ فِي يَمِينِهِ

104 ـ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدِ اللهِ الْمُحَارِبِيُّ ، قَالَ : حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ أَبِي حَازِمٍ ، عَنْ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ ، عَنْ نَافِعٍ ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ ، قَالَ : اتَّخَذَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم خَاتَمًا مِنْ ذَهَبٍ ، فَكَانَ يَلْبَسُهُ فِي يَمِينِهِ ، فَاتَّخَذَ النَّاسُ خَوَاتِيمَ مِنْ ذَهَبٍ فَطَرَحَهُ صلى الله عليه وسلم ، وَقَالَ : لا أَلْبَسُهُ أَبدًا فَطَرَحَ النَّاسُ خَوَاتِيمَهُمْ




ـ باب ما جاء في عمامة رسول الله صلى الله عليه وسلم

114 ـ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ ، قَالَ : حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ ، عَنْ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ (ح) حَدَّثَنَا مَحْمُودُ بْنُ غَيْلانَ ، قَالَ : حَدَّثَنَا وَكِيعٌ ، عَنْ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ ، عَنْ جَابِرٍ ، قَالَ : دَخَلَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم ، مَكَّةَ يَوْمَ الْفَتْحِ ، وَعَلَيْهِ عِمَامَةٌ سَوْدَاءُ

115 ـ حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي عُمَرَ ، قَالَ : حَدَّثَنَا سُفْيَانُ ، عَنْ مُسَاوِرٍ الْوَرَّاقِ ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حُرَيْثٍ ، عَنْ أَبِيهِ ، قَالَ : رَأَيْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يَخْطُبُ عَلَى الْمِنْبَرِ ، وَعَلَيْهِ عِمَامَةٌ سَوْدَاءُ

116 ـ حَدَّثَنَا مَحْمُودُ بْنُ غَيْلانَ ، وَيُوسُفُ بْنُ عِيسَى ، قَالا : حَدَّثَنَا وَكِيعٌ ، عَنْ مُسَاوِرٍ الْوَرَّاقِ ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ عَمْرُو بْنِ حُرَيْثٍ ، عَنْ أَبِيهِ ، أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم ، خَطَبَ النَّاسَ ، وَعَلَيْهِ عِمَامَةٌ سَوْدَاءُ

117 ـ حَدَّثَنَا هَارُونُ بْنُ إِسْحَاقَ الْهَمْدَانِيُّ ، قَالَ : حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ مُحَمَّدٍ الْمَدَنِيُّ ، عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ مُحَمَّدٍ ، عَنْ عُبَيْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ ، عَنْ نَافِعٍ ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ ، قَالَ : كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم ، إِذَا اعْتَمَّ ، سَدَلَ عِمَامَتَهُ بَيْنَ كَتِفَيْهِ .

قَالَ نَافِعٌ : وَكَانَ ابْنُ عُمَرَ ، يَفْعَلُ ذَلِكَ .

قَالَ عُبَيْدُ اللهِ : وَرَأَيْتُ الْقَاسِمَ بْنَ مُحَمَّدٍ ، وَسَالِمًا يَفْعَلانِ ذَلِكَ

118 ـ حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ عِيسَى ، قَالَ : حَدَّثَنَا وَكِيعٌ ، قَالَ : حَدَّثَنَا أَبُو سُلَيْمَانَ وَهُوَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الْغَسِيلِ ، عَنْ عِكْرِمَةَ ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ : أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم خَطَبَ النَّاسَ ، وَعَلَيْهِ عِصَابَةٌ دَسْمَاءُ



ـ باب ما جاء في صفة إزار رسول الله صلى الله عليه وسلم

119 ـ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مَنِيعٍ ، قَالَ : حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ ، قَالَ : حَدَّثَنَا أَيُّوبُ ، عَنْ حُمَيْدِ بْنِ هِلالٍ ، عَنْ أَبِي بُرْدَةَ ، قَالَ : أَخْرَجَتْ إِلَيْنَا عَائِشَةُ ، كِسَاءً مُلَبَّدًا ، وَإِزَارًا غَلِيظًا ، فَقَالَتْ : قُبِضَ رُوحُ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم ، فِي هَذَيْنِ

120 ـ حَدَّثَنَا مَحْمُودُ بْنُ غَيْلانَ ، قَالَ : حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ ، عَنْ شُعْبَةَ ، عَنِ الأَشْعَثِ بْنِ سُلَيْمٍ ، قَالَ : سَمِعْتُ عَمَّتِي ، تُحَدِّثُ عَنْ عَمِّهَا ، قَالَ : بَيْنَا أَنَا أَمشِي بِالْمَدِينَةِ ، إِذَا إِنْسَانٌ خَلْفِي يَقُولُ : ارْفَعْ إِزَارَكَ ، فَإِنَّهُ أَتْقَى وَأَبْقَى فَإِذَا هُوَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم ، فَقُلْتُ : يَا رَسُولَ اللهِ إِنَّمَا هِيَ بُرْدَةٌ مَلْحَاءُ ، قَالَ : أَمَا لَكَ فِيَّ أُسْوَةٌ ؟ فَنَظَرْتُ فَإِذَا إِزَارُهُ إِلَى نِصْفِ سَاقَيْهِ

121 ـ حَدَّثَنَا سُوَيْدُ بْنُ نَصْرٍ ، قَالَ : حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ الْمُبَارَكِ ، عَنْ مُوسَى بْنِ عُبَيْدَةَ ، عَنِ إِيَاسِ بْنِ سَلَمَةَ بْنِ الأَكْوَعِ ، عَنْ أَبِيهِ ، قَالَ : كَانَ عُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ ، يَأْتَزِرُ إِلَى أَنْصَافِ سَاقَيْهِ ، وَقَالَ : هَكَذَا كَانَتْ إِزْرَةُ صَاحِبِي ، يَعْنِي النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم

122 ـ حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ ، قَالَ : حَدَّثَنَا أَبُو الأَحْوَصِ ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ ، عَنْ مُسْلِمِ بْنِ نَذِيرٍ ، عَنْ حُذَيْفَةَ بْنِ الْيَمَانِ ، قَالَ : أَخَذَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم ، بِعَضَلَةِ سَاقِي أَوْ سَاقِهِ ، فَقَالَ : هَذَا مَوْضِعُ الإِزَارِ ، فَإِنْ أَبَيْتَ فَأَسْفَلَ ، فَإِنْ أَبَيْتَ فَلا حَقَّ لِلإِزَارِ فِي الْكَعْبَيْنِ



 
الحلقة الرابعة والعشرون : كأنك تراه عليه الصلاة والسلام ( 4 )


باب ما جاء في تعطررسول الله صلى الله عليه وسلم


216ـ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ رَافِعٍ ، وَاحِدٍ ، قَالُوا : حَدَّثَنَا أَبُو أَحْمَدَ الزُّبَيْرِيُّ ، قَالَ : حَدَّثَنَا شَيْبَانُ ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ الْمُخْتَارِ ، عَنْ مُوسَى بْنِ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ ، عَنْ أَبِيهِ ، قَالَ : كَانَ لِرَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم سُكَّةٌ يَتَطَيَّبُ مِنْهَا

217ـ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ ، قَالَ : حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ ، قَالَ : حَدَّثَنَا عَزْرَةُ بْنُ ثَابِتٍ ، عَنْ ثُمَامَةَ بْنِ عَبْدِ اللهِ ، قَالَ : كَانَ أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ ، لا يَرُدُّ الطِّيبَ ، وَقَالَ أَنَسٌ : إِنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ لا يَرُدُّ الطِّيبَ

218ـ حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ ، قَالَ : حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي فُدَيْكٍ ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ مُسْلِمِ بْنِ جُنْدُبٍ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم : ثَلاثٌ لا تُرَدُّ : الْوَسَائِدُ ، وَالدُّهْنُ ، وَاللَّبَنُ

219ـ حَدَّثَنَا مَحْمُودُ بْنُ غَيْلانَ ، قَالَ : حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ الْحَفَرِيُّ ، عَنْ سُفْيَانَ ، عَنِ الْجُرَيْرِيِّ ، عَنْ أَبِي نَضْرَةَ ، عَنْ رَجُلٍ ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم : طِيبُ الرِّجَالِ مَا ظَهَرَ رِيحُهُ ، وَخَفِيَ لَوْنُهُ ، وَطِيبُ النِّسَاءِ مَا ظَهَرَ لَوْنُهُ وَخَفِيَ رِيحُهُ

220ـ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ حُجْرٍ ، قَالَ : أَنْبَأَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ ، عَنِ الْجُرَيْرِيِّ ، عَنْ أَبِي نَضْرَةَ ، عَنِ الطُّفَاوِيِّ ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم ، مِثْلَهُ بِمَعْنَاهُ

221ـ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ خَلِيفَةَ ، وَعَمْرُو بْنُ عَلِيٍّ ، قَالا : حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ ، قَالَ : حَدَّثَنَا حَجَّاجٌ الصَّوَّافُ ، عَنْ حَنَانٍ ، عَنْ أَبِي عُثْمَانَ النَّهْدِيِّ ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم : إِذَا أُعْطِيَ أَحَدُكُمُ الرَّيْحَانَ فَلا يَرُدُّهُ ، فَإِنَّهُ خَرَجَ مِنَ الْجَنَّةِ

222ـ حَدَّثَنَا عمر بن إسماعيل بن مجالد بن سعيد الهمذاني , حدثني أبي , عن بيان , عن قيس بن أبي حازم , عن جرير بن عبد الله قَالَ :عرضت بين يدى عمر بن الخطاب , فألقى جرير رداءه , ومشى في إزار , فقال له : خذ رداءك , فقال للقوم : ما رأيت رجلاً أحسن صورة من جرير , إلا ما بلغنا من صورة يوسف عليه السلام .



باب ما جاء في أكل رسول الله صلى الله عليه وسلم

137 ـ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ ، قَالَ : حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ ، عَنْ سُفْيَانَ ، عَنْ سَعْدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ ، عَنِ ابْنٍ لِكَعْبِ بْنِ مَالِكٍ ، عَنْ أَبِيهِ ، أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَلْعَقُ أَصَابِعَهُ ثَلاثًا

قَالَ أَبُو عِيسَى : وَرَوَى غَيْرُ مُحَمَّدِ بْنِ بَشَّارٍ هَذَا الْحَدِيثَ ، قَالَ : يَلْعَقُ أَصَابِعَهُ الثَّلاثَ

138 ـ حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ الْخَلالُ ، قَالَ : حَدَّثَنَا عَفَّانُ ، قَالَ : حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ ، عَنْ ثَابِتٍ ، عَنْ أَنَسٍ ، قَالَ : كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم إِذَا أَكَلَ طَعَامًا لَعِقَ أَصَابِعَهُ الثَّلاثَ

139 ـ حَدَّثَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ يَزِيدَ الصُّدَائِيُّ الْبَغْدَادِيُّ ، قَالَ : حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِسْحَاقَ يَعْنِي الْحَضْرَمِيَّ ، قَالَ : حَدَّثَنَا شُعْبَةُ ، عَنْ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ الأَقْمَرِ ، عَنْ أَبِي جُحَيْفَةَ ، قَالَ : قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم : أَمَّا أَنَا فَلا آكُلُ مُتَّكِئًا

140 ـ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ ، قَالَ : حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ ، قَالَ : حَدَّثَنَا سُفْيَانُ ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ الأَقْمَرِ , نَحْوَهُ

141 ـ حَدَّثَنَا هَارُونُ بْنُ إِسْحَاقَ الْهَمْدَانِيُّ ، قَالَ : حَدَّثَنَا عَبْدَةُ بْنُ سُلَيْمَانَ ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ ، عَنِ ابْنٍ لِكَعْبِ بْنِ مَالِكٍ ، عَنْ أَبِيهِ ، قَالَ : كَانَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَأْكُلُ بِأَصَابِعِهِ ، الثَّلاثِ وَيَلْعَقُهُنَّ

142ـ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مَنِيعٍ ، قَالَ : حَدَّثَنَا الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ ، قَالَ : حَدَّثَنَا مُصْعَبُ بْنُ سُلَيْمٍ ، قَالَ : سَمِعْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ ، يَقُولُ : أُتِيَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم بِتَمْرٍ فَرَأَيْتُهُ يَأْكُلُ وَهُوَ مُقْعٍ مِنَ الْجُوعِ



ـ باب ما جاء في صفة خبز رسول الله صلى الله عليه وسلم


143ـ حدثني مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى ، وَمُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ ، قَالا : حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ ، قَالَ : حَدَّثَنَا شُعْبَةُ ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ ، قَالَ : سَمِعْتُ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ يَزِيدَ ، يُحَدِّثُ عَنِ الأَسْوَدِ بْنِ يَزِيدَ ، عَنْ عَائِشَةَ ، أَنَّهَا قَالَتْ : مَا شَبِعَ آلُ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم مِنْ خُبْزِ الشَّعِيرِ يَوْمَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ حَتَّى قُبِضَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم

144ـ حَدَّثَنَا عَبَّاسُ بْنُ مُحَمَّدٍ الدُّورِيُّ ، قَالَ : حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ أَبِي بُكَيْرٍ ، قَالَ : حَدَّثَنَا حَرِيزُ بْنُ عُثْمَانَ ، عَنْ سُلَيْمِ بْنِ عَامِرٍ ، قَالَ : سَمِعْتُ أَبَا أُمَامَةَ الْبَاهِلِيَّ ، يَقُولُ : مَا كَانَ يَفْضُلُ عَنِ أَهْلِ بَيْتِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم خُبْزُ الشَّعِيرِ

145ـ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ مُعَاوِيَةَ الْجُمَحِيُّ ، قَالَ : حَدَّثَنَا ثَابِتُ بْنُ يَزِيدَ ، عَنْ هِلاَلِ بْنِ خَبَّابٍ ، عَنْ عِكْرِمَةَ ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ، قَالَ : كَانَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم ، يَبِيتُ اللَّيَالِيَ الْمُتَتَابِعَةَ طَاوِيًا هُوَ وَأَهْلُهُ ، لا يَجِدُونُ عِشَاءً وَكَانَ أَكْثَرُ خُبْزِهِمْ ، خُبْزَ الشَّعِيرِ

146ـ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ ، قَالَ : حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللهِ بْنُ عَبْدِ الْمَجِيدِ الْحَنَفِيُّ ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ دِينَارٍ ، قَالَ : حَدَّثَنَا أَبُو حَازِمٍ ، عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ ، أَنَّهُ قِيلَ لَهُ : أَكَلَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم النَّقِيَّ ؟ يَعْنِي الْحُوَّارَى فَقَالَ سَهْلٌ : مَا رَأَى رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم النَّقِيَّ حَتَّى لَقِيَ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ تَعَالَى ، فَقِيلَ لَهُ : هَلْ كَانَتْ لَكُمْ مَنَاخِلُ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم ؟

قَالَ : مَا كَانَتْ لَنَا مَنَاخِلُ قِيلَ : كَيْفَ كُنْتُمْ تَصْنَعُونَ بِالشَّعِيرِ ؟

قَالَ : كُنَّا نَنْفُخُهُ فَيَطِيرُ مِنْهُ مَا طَارَ ، ثُمَّ نَعْجِنُهُ

147ـ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ ، قَالَ : حَدَّثَنَا مُعَاذُ بْنُ هِشَامٍ ، قَالَ : حَدَّثَنِي أَبِي ، عَنْ يُونُسَ ، عَنْ قَتَادَةَ ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ ، قَالَ : مَا أَكَلَ نَبِيُّ اللهِ عَلَى خِوَانٍ ، وَلا فِي سُكُرَّجَةٍ ، وَلا خُبِزَ لَهُ مُرَقَّقٌ قَالَ : فَقُلْتُ لِقَتَادَةَ : فَعَلامَ كَانُوا يَأْكُلُونَ ؟ قَالَ : عَلَى هَذِهِ السُّفَرِ قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ : يُونُسُ هَذَا الَّذِي رَوَى عَنْ قَتَادَةَ هُوَ يُونُسُ الإِسْكَافُ

148ـ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مَنِيعٍ ، قَالَ : حَدَّثَنَا عَبَّادُ بْنُ عَبَّادٍ الْمُهَلَّبِيُّ ، عَنْ مُجَالِدٍ ، عَنِ الشَّعْبِيِّ ، عَنْ مَسْرُوقٍ ، قَالَ : دَخَلْتُ عَلَى عَائِشَةَ ، فَدَعَتْ لِي بِطَعَامٍ وَقَالَتْ : مَا أَشْبَعُ مِنْ طَعَامٍ فَأَشَاءُ أَنْ أَبْكِيَ إِلا بَكِيتُ قَالَ : قُلْتُ لِمَ ؟ قَالَتْ : أَذْكُرُ الْحَالَ الَّتِي فَارَقَ عَلَيْهَا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم الدُّنْيَا ، وَاللَّهِ مَا شَبِعَ مِنْ خُبْزٍ وَلَحْمٍ مَرَّتَيْنِ فِي يَوْمٍ

149ـ حَدَّثَنَا مَحْمُودُ بْنُ غَيْلانَ ، قَالَ : حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ ، قَالَ : حَدَّثَنَا شُعْبَةُ ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ ، قَالَ : سَمِعْتُ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ يَزِيدَ يُحَدِّثُ ، عَنِ الأَسْوَدِ بْنِ يَزِيدَ ، عَنْ عَائِشَةَ ، قَالَتْ : مَا شَبِعَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم مِنْ خُبْزِ الشَّعِيرِ يَوْمَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ حَتَّى قُبِضَ

150ـ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ ، قَالَ : حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ عَمْرٍو أَبُو مَعْمَرٍ ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي عَرُوبَةَ ، عَنْ قَتَادَةَ ، عَنْ أَنَسٍ ، قَالَ : مَا أَكَلَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم عَلَى خِوَانٍ ، وَلا أَكَلَ خُبْزًا مُرَقَّقًا حَتَّى مَاتَ

 
ـ ما جاء في إدام رسول الله صلى الله عليه وسلم

151ـ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَهْلِ بْنِ عَسْكَرٍ ، وَعَبْدُ اللهِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ ، قَالا : حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ حَسَّانَ ، قَالَ : حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ بِلالٍ ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ عَائِشَةَ ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم ، قَالَ : نِعْمَ الإِدَامُ الْخَلُّ ، قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ ، فِي حَدِيثِهِ : نِعْمَ الإِدَامُ أَوِ الأُدْمُ الْخَلُّ

152ـ حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ ، قَالَ : حَدَّثَنَا أَبُو الأَحْوَصِ ، عَنْ سِمَاكِ بْنِ حَرْبٍ ، قَالَ : سَمِعْتُ النُّعْمَانَ بْنَ بَشِيرٍ ، يَقُولُ : أَلَسْتُمْ فِي طَعَامٍ وَشَرَابٍ مَا شِئِتُمْ ؟ لَقَدْ رَأَيْتُ نَبِيَّكُمْ صلى الله عليه وسلم ، وَمَا يَجِدُ مِنَ الدَّقَلِ مَا يَمْلأُ بَطْنَهُ

153ـ حَدَّثَنَا عَبْدَةُ بْنُ عَبْدِ اللهِ الْخُزَاعِيُّ ، قَالَ : حَدَّثَنَا مُعَاوِيَةُ بْنُ هِشَامٍ ، عَنْ سُفْيَانَ ، عَنْ مُحَارِبِ بْنِ دِثَارٍ ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم : نِعْمَ الإِدَامُ الأُدْمُ : الْخَلُّ

154ـ حَدَّثَنَا هَنَّادٌ ، حَدَّثَنَا وَكِيعٌ ، عَنْ سُفْيَانَ ، عَنْ أَيُّوبَ ، عَنْ أَبِي قِلابَةَ ، عَنْ زَهْدَمٍ الْجَرْمِيِّ ، قَالَ : كُنَّا عِنْدَ أَبِي مُوسَى الأَشْعَرِيِّ ، فَأُتِيَ بِلَحْمِ دَجَاجٍ فَتَنَحَّى رَجُلٌ مِنَ الْقَوْمِ ، فَقَالَ : مَا لَكَ ؟ فَقَالَ : إِنِّي رَأَيْتُهَا تَأْكُلُ شَيْئًا فَحَلَفْتُ أَنْ لا آكُلَهَا

قَالَ : ادْنُ ، فَإِنِّي رَأَيْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم ، يَأْكُلُ لَحْمَ دَجَاجٍ

155ـ حَدَّثَنَا الْفَضْلُ بْنُ سَهْلٍ الأَعْرَجُ الْبَغْدَادِيُّ ، قَالَ : حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مَهْدِيٍّ ، عَنِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عُمَرَ بْنِ سَفِينَةَ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ جَدِّهِ ، قَالَ : أَكَلْتُ مَعَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم لَحْمَ حُبَارَى

156ـ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ حُجْرٍ ، قَالَ : حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ ، عَنْ أَيُّوبَ ، عَنِ الْقَاسِمِ التَّمِيمِيِّ ، عَنْ زَهْدَمٍ الْجَرْمِيِّ ، قَالَ : كُنَّا عِنْدَ أَبِي مُوسَى الأَشْعَرِيِّ ، قَالَ : فَقَدَّمَ طَعَامَهُ وَقَدَّمَ فِي طَعَامِهِ لَحْمَ دَجَاجٍ وَفِي الْقَوْمِ رَجُلٌ مِنْ بَنِي تَيْمِ اللهِ أَحْمَرُ كَأَنَّهُ مَوْلًى ، قَالَ : فَلَمْ يَدْنُ فَقَالَ لَهُ أَبُو مُوسَى : ادْنُ ، فَإِنِّي قَدْ رَأَيْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم أَكَلَ مِنْهُ ، فَقَالَ : إِنِّي رَأَيْتُهُ يَأْكُلُ شَيْئًا ، فَقَذِرْتُهُ فَحَلَفْتُ أَنْ لا أَطْعَمَهُ أَبَدًا

157ـ حَدَّثَنَا مَحْمُودُ بْنُ غَيْلانَ ، قَالَ : حَدَّثَنَا أَبُو أَحْمَدَ الزُّبَيْرِيُّ ، وَأَبُو نُعَيْمٍ ، قَالا : حَدَّثَنَا سُفْيَانُ ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عِيسَى ، عَنْ رَجُلٍ مِنْ أَهْلِ الشَّامِ ، يُقَالُ : لَهُ عَطَاءٌ ، عَنْ أَبِي أَسِيدٍ ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم : كُلُوا الزَّيْتَ ، وَادَّهِنُوا بِهِ ، فَإِنَّهُ مِنْ شَجَرَةٍ مُبَارَكَةٍ

158ـ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ مُوسَى ، قَالَ : حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ ، قَالَ : حَدَّثَنَا مَعْمَرٌ ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم : كُلُوا الزَّيْتَ وَادَّهِنُوا بِهِ ، فَإِنَّهُ مِنْ شَجَرَةٍ مُبَارَكَةٍ

قَالَ أَبُو عِيسَى : وكَانَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ يَضْطَرِبُ فِي هَذَا الْحَدِيثِ ، فَرُبَّمَا أَسْنَدَهُ ، وَرُبَّمَا أَرْسَلَهُ

159ـ حَدَّثَنَا السِّنْجِيُّ وَهُوَ أَبُو دَاوُدَ سُلَيْمَانُ بْنُ مَعْبَدٍ السِّنْجِيُّ ، قَالَ : حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ ، عَنْ مَعْمَرٍ ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم نَحْوَهُ ، وَلَمْ يَذْكُرْ فِيهِ عَنْ عُمَرَ

160ـ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ ، قَالَ : حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ ، قَالا : حَدَّثَنَا شُعْبَةُ ، عَنْ قَتَادَةَ ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ ، قَالَ : كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يُعْجِبُهُ الدُّبَّاءُ فَأُتِيَ بِطَعَامٍ ، أَوْ دُعِيَ لَهُ فَجَعَلْتُ أَتَتَبَّعُهُ ، فَأَضَعُهُ بَيْنَ يَدَيْهِ لِمَا أَعْلَمُ أَنَّهُ يُحِبُّهُ

161ـ حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ ، قَالَ : حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ غِيَاثٍ ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنُ أَبِي خَالِدٍ ، عَنْ حَكِيمِ بْنِ جَابِرٍ ، عَنْ أَبِيهِ ، قَالَ : دَخَلْتُ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم ، فَرَأَيْتُ عِنْدَهُ دُبَّاءً يُقَطَّعُ ، فَقُلْتُ : مَا هَذَا ؟ قَالَ : نُكَثِّرُ بِهِ طَعَامَنَا

162ـ حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ ، عَنْ مَالِكِ بْنِ أَنَسٍ ، عَنِ إِسْحَاقَ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ ، أَنَّهُ سَمِعَ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ ، يَقُولُ : إِنَّ خَيَّاطًا دَعَا رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم ، لِطَعَامٍ صَنَعَهُ ، قَالَ أَنَسٌ : فَذَهَبْتُ مَعَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم ، إِلَى ذَلِكَ الطَّعَامِ ، فَقَرَّبَ إِلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم خُبْزًا مِنْ شَعِيرٍ ، وَمَرَقًا فِيهِ دُبَّاءٌ وَقَدِيدٌ ، قَالَ أَنَسُ : فَرَأَيْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يَتَتَبَّعُ الدُّبَّاءَ حَوَالَيِ الْقَصْعَةِ فَلَمْ أَزَلْ أُحِبُّ الدُّبَّاءَ مِنْ يَوْمِئِذٍ

163ـ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الدَّوْرَقِيُّ ، وَسَلَمَةُ بْنُ شَبِيبٍ ، وَمَحْمُودُ بْنُ غَيْلانَ ، قَالُوا : حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ عَائِشَةَ ، قَالَتْ : كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يُحِبُّ الْحَلْوَاءَ وَالْعَسَلَ

164ـ حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدٍ الزَّعْفَرَانِيُّ ، قَالَ : حَدَّثَنَا الْحَجَّاجُ بْنُ مُحَمَّدٍ ، قَالَ : قَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ : أَخْبَرَنِي مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ ، أَنَّ عَطَاءَ بْنَ يَسَارٍ أَخْبَرَهُ ، أَنَّ أُمَّ سَلَمَةَ أَخْبَرَتْهُ ، أَنَّهَا قَرَّبَتْ إِلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم ، جَنْبًا مَشْوِيًّا ، فَأَكَلَ مِنْهُ ، ثُمَّ قَامَ إِلَى الصَّلاةِ ، وَمَا تَوَضَّأَ

165ـ حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ ، قَالَ : حَدَّثَنَا ابْنُ لَهِيعَةَ ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ زِيَادٍ ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ الْحَارِثِ ، قَالَ : أَكَلْنَا مَعَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم شِوَاءً فِي الْمَسْجِدِ

166ـ حَدَّثَنَا مَحْمُودُ بْنُ غَيْلانَ ، قَالَ : حَدَّثَنَا وَكِيعٌ ، قَالَ : حَدَّثَنَا مِسْعَرٌ ، عَنْ أَبِي صَخْرَةَ جَامِعِ بْنِ شَدَّادٍ ، عَنِ الْمُغِيرَةِ بْنِ عَبْدِ اللهِ ، عَنِ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ ، قَالَ : ضِفْتُ مَعَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم ذَاتَ لَيْلَةٍ ، فَأُتِيَ بِجَنْبٍ مَشْوِيٍّ ، ثُمَّ أَخَذَ الشَّفْرَةَ فَجَعَلَ يَحُزُّ ، فَحَزَّ لِي بِهَا مِنْهُ ، قَالَ : فَجَاءَ بِلالٌ يُؤْذِنُهُ بِالصَّلاةِ فَأَلْقَى الشَّفْرَةَ ، فَقَالَ : مَا لَهُ تَرِبَتْ يَدَاهُ ؟ ، قَالَ : وَكَانَ شَارِبُهُ قَدْ وَفَى ، فَقَالَ لَهُ : أَقُصُّهُ لَكَ عَلَى سِوَاكٍ أَوْ قُصُّهُ عَلَى سِوَاكٍ

167ـ حَدَّثَنَا وَاصِلُ بْنُ عَبْدِ الأَعْلَى ، قَالَ : حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ فُضَيْلٍ ، عَنْ أَبِي حَيَّانَ التَّيْمِيِّ ، عَنْ أَبِي زُرْعَةَ ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، قَالَ : أُتِيَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم بِلَحْمٍ ، فَرُفِعَ إِلَيْهِ الذِّرَاعُ ، وَكَانَتْ تُعْجِبُهُ ، فَنَهَسَ مِنْهَا

168ـ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ ، قَالَ : حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ ، عَنْ زُهَيْرٍ يَعْنِي ابْنَ مُحَمَّدٍ ، عَنِ أَبِي إِسْحَاقَ ، عَنْ سَعْدِ بْنِ عِيَاضٍ ، عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ ، قَالَ : كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يُعْجِبُهُ الذِّرَاعُ ، قَالَ : وَسُمَّ فِي الذِّرَاعِ ، وَكَانَ يَرَى أَنَّ الْيَهُودَ سَمُّوهُ

169ـ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ ، قَالَ : حَدَّثَنَا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ ، قَالَ : حَدَّثَنَا أَبَانُ بْنُ يَزِيدَ ، عَنْ قَتَادَةَ ، عَنْ شَهْرِ بْنِ حَوْشَبٍ ، عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ ، قَالَ : طَبَخْتُ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم ، قِدْرًا ، وَقَدْ كَانَ يُعْجِبُهُ الذِّرَاعُ ، فَنَاوَلْتُهُ الذِّرَاعَ ، ثُمَّ قَالَ : نَاوِلْنِي الذِّرَاعَ ، فَنَاوَلْتُهُ ، ثُمَّ قَالَ : نَاوِلْنِي الذِّرَاعَ ، فَقُلْتُ : يَا رَسُولَ اللهِ ، وَكَمْ لِلشَّاةِ مِنْ ذِرَاعٍ ، فَقَالَ : وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَوْ سَكَتَّ لَنَاوَلْتَنِي الذِّرَاعَ مَا دَعَوْتُ

170ـ حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدٍ الزَّعْفَرَانِيُّ ، قَالَ : حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ عَبَّادٍ ، عَنْ فُلَيْحِ بْنِ سُلَيْمَانَ ، قَالَ : حَدَّثَنِي رَجُلٌ ، مِنْ بَنِي عَبَّادٍ يُقَالَ لَهُ : عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ يَحْيَى بْنُ عَبَّادٍ ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ الزُّبَيْرِ ، عَنْ عَائِشَةَ ، قَالَتْ : مَا كَانَتِ الذِّرَاعُ أَحَبَّ اللَّحْمِ إِلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم ، وَلَكِنَّهُ كَانَ لا يَجِدُ اللَّحْمَ إِلا غِبًّا ، وَكَانَ يَعْجَلُ إِلَيْهَا ، لأَنَّهَا أَعْجَلُهَا نُضْجًا

171ـ حَدَّثَنَا مَحْمُودُ بْنُ غَيْلانَ ، قَالَ : حَدَّثَنَا أَبُو أَحْمَدَ ، قَالَ : حَدَّثَنَا مِسْعَرٌ ، قَالَ : سَمِعْتُ شَيْخًا ، مِنْ فَهْمٍ ، قَالَ : سَمِعْتُ عَبْدَ اللهِ بْنَ جَعْفَرٍ ، يَقُولُ : سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم ، يَقُولُ : إِنَّ أَطْيَبَ اللَّحْمِ لَحْمُ الظَّهْرِ

172ـ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ وَكِيعٍ ، قَالَ : حَدَّثَنَا زَيْدُ بْنُ الْحُبَابِ ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ الْمَؤَمَّلِ ، عَنِ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ ، عَنْ عَائِشَةَ : أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم ، قَالَ : نِعْمَ الإِدَامُ الْخَلُّ

173ـ حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ مُحَمَّدُ بْنُ الْعَلاءِ ، قَالَ : حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ عَيَّاشٍ ، عَنْ ثَابِتٍ أَبِي حَمْزَةَ الثُّمَالِيِّ ، عَنِ الشَّعْبِيِّ ، عَنْ أُمِّ هَانِئِ ، قَالَتْ : دَخَلَ عَلَيَّ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم ، فَقَالَ : أَعِنْدَكِ شَيْءٌ ؟ فَقُلْتُ : لا ، إِلا خُبْزٌ يَابِسٌ ، وَخَلٌّ فَقَالَ : هَاتِي ، مَا أَقْفَرَ بَيْتٌ مِنْ أُدُمٍ فِيهِ الخل

174ـ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى ، قَالَ : حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ ، قَالَ : حَدَّثَنَا شُعْبَةُ ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ ، عَنْ مُرَّةَ الْهَمْدَانِيِّ ، عَنْ أَبِي مُوسَى الأَشْعَرِيِّ ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم ، قَالَ :

فَضْلُ عَائِشَةَ عَلَى النِّسَاءِ كَفَضْلِ الثَّرِيدِ عَلَى سَائِرِ الطَّعَامِ

175ـ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ حُجْرٍ ، قَالَ : حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ جَعْفَرٍ ، قَالَ : حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مَعْمَرٍ الأَنْصَارِيُّ أَبُو طُوَالَةَ ، أَنَّهُ سَمِعَ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ ، يَقُولُ : قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم : فَضْلُ عَائِشَةَ عَلَى النِّسَاءِ كَفَضْلِ الثَّرِيدِ عَلَى سَائِرِ الطَّعَامِ

176ـ حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ ، قَالَ : حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مُحَمَّدٍ ، عَنْ سُهَيْلِ بْنِ أَبِي صَالِحٍ ، عَنِ أَبِيهِ ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، أَنَّهُ رَأَى رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم ، تَوَضَّأَ مِنْ أَكْلِ ثَوْرِ أَقِطٍ ، ثُمَّ رَآهُ أَكَلَ مِنْ كَتِفِ شَاةٍ ، ثُمَّ صَلَّى ، وَلَمْ يَتَوَضَّأْ

177ـ حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي عُمَرَ ، قَالَ : حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ ، عَنْ وَائِلِ بْنِ دَاوُدَ ، عَنِ ابْنِهِ ، وَهُوَ بَكْرُ بْنُ وَائِلٍ ، عَنِ الزُّهْرِيِّ ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ ، قَالَ : أَوْلَمَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم عَلَى صَفِيَّةَ بِتَمْرٍ وَسَوِيقٍ

178ـ حَدَّثَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْبَصْرِيُّ ، قَالَ : حَدَّثَنَا الْفُضَيْلُ بْنُ سُلَيْمَانَ ، قَالَ : حَدَّثَنِي فَائِدٌ ، مَوْلَى عُبَيْدِ اللهِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي رَافِعٍ مَوْلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم ، قَالَ : حَدَّثَنِي عُبَيْدُ اللهِ بْنُ عَلِيٍّ ، عَنْ جَدَّتِهِ سَلْمَى ، أَنَّ الْحَسَنَ بْنَ عَلِيٍّ ، وَابْنَ عَبَّاسٍ ، وَابْنَ جَعْفَرٍ أَتَوْهَا فَقَالُوا لَهَا : اصْنَعِي لَنَا طَعَامًا مِمَّا كَانَ يُعْجِبُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم ، وَيُحْسِنُ أَكْلَهُ فَقَالَتْ : يَا بُنَيَّ لا تَشْتَهِيهِ الْيَوْمَ ، قَالَ : بَلَى اصْنَعِيهِ لَنَا قَالَ : فَقَامَتْ فَأَخَذَتْ مِنْ شَعِيرٍ فَطَحَنَتْهُ ، ثُمَّ جَعَلَتْهُ فِي قِدْرٍ ، وَصَبَّتْ عَلَيْهِ شَيْئًا مِنْ زَيْتٍ ، وَدَقَّتِ الْفُلْفُلَ ، وَالتَّوَابِلَ ، فَقَرَّبَتْهُ إِلَيْهِمْ ، فَقَالَتْ : هَذَا مِمَّا كَانَ يُعْجِبُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم ، وَيُحْسِنُ أَكْلَهُ

179ـ حَدَّثَنَا مَحْمُودُ بْنُ غَيْلانَ ، قَالَ : حَدَّثَنَا أَبُو أَحْمَدَ ، قَالَ : حَدَّثَنَا سُفْيَانُ ، عَنِ الأَسْوَدِ بْنِ قَيْسٍ ، عَنْ نُبَيْحٍ الْعَنَزِيِّ ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ ، قَالَ : أَتَانَا النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم ، فِي مَنْزِلِنَا ، فَذَبَحْنَا لَهُ شَاةً ، فَقَالَ : كَأَنَّهُمْ عَلِمُوا أَنَّا نُحِبُّ اللَّحْمَ وَفِي الْحَدِيثِ قِصَّةٌ

180ـ حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي عُمَرَ ، قَالَ : حَدَّثَنَا سُفْيَانُ ، قَالَ : حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَقِيلٍ ، أَنَّهُ سمعَ جَابِرًا (ح) قَالَ سُفْيَانُ : وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُنْكَدِرِ ، عَنْ جَابِرٍ ، قَالَ : خَرَجَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم ، وَأَنَا مَعَهُ فَدَخَلَ عَلَى امْرَأَةٍ مِنَ الأَنْصَارِ ، فذَبَحَتْ لَهُ شَاةً ، فَأَكَلَ مِنْهَا ، وَأَتَتْهُ بِقِنَاعٍ مِنْ رُطَبٍ ، فَأَكَلَ مِنْهُ ، ثُمَّ تَوَضَّأَ لِلظُّهْرِ ، وَصَلَّى ، صلى الله عليه وسلم ، ثُمَّ انْصَرَفَ ، فَأَتَتْهُ بِعُلالَةٍ مِنْ عُلالَةِ الشَّاةِ ، فَأَكَلَ ثُمَّ صَلَّى الْعَصْرَ ، وَلَمْ يَتَوَضَّأْ

181ـ حَدَّثَنَا الْعَبَّاسُ بْنُ مُحَمَّدٍ الدُّورِيُّ ، قَالَ : حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ مُحَمَّدٍ ، قَالَ : حَدَّثَنَا فُلَيْحُ بْنُ سُلَيْمَانَ ، عَنْ عُثْمَانَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ ، عَنْ يَعْقُوبَ بْنِ أَبِي يَعْقُوبَ ، عَنْ أُمِّ الْمُنْذِرِ ، قَالَتْ : دَخَلَ عَلَيَّ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم ، وَمَعَهُ عَلِيٌّ ، وَلَنَا دَوَالٍ مُعَلَّقَةٌ ، قَالَتْ : فَجَعَلَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَأْكُلُ وَعَلِيٌّ مَعَهُ يَأْكُلُ ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم ، لِعَلِيٍّ : مَهْ يَا عَلِيُّ ، فَإِنَّكَ نَاقَةٌ ، قَالَتْ : فَجَلَسَ عَلِيٌّ ، وَالنَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يَأْكُلُ ، قَالَتْ : فَجَعَلْتُ لَهُمْ سِلْقًا وَشَعِيرًا ، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم لِعَلِيٍّ : مِنْ هَذَا فَأَصِبْ فَإِنَّ هَذَا أَوْفَقُ لَكَ

182ـ حَدَّثَنَا مَحْمُودُ بْنُ غَيْلانَ ، قَالَ : حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ السَّرِيِّ ، عَنْ سُفْيَانَ ، عَنْ طَلْحَةَ بْنِ يَحْيَى ، عَنْ عَائِشَةَ بِنْتِ طَلْحَةَ ، عَنْ عَائِشَةَ ، أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ ، قَالَتْ : كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يَأْتِينِي فَيَقُولُ : أَعِنْدَكِ غَدَاءٌ ؟ فَأَقُولُ : لا قَالَتْ : فَيَقُولُ : إِنِّي صَائِمٌ قَالَتْ : فَأَتَانِي يَوْمًا ، فَقُلْتُ : يَا رَسُولَ اللهِ ، إِنَّهُ أُهْدِيَتْ لَنَا هَدِيَّةٌ ، قَالَ : وَمَا هِيَ ؟ قُلْتُ : حَيْسٌ ، قَالَ : أَمَا إِنِّي أَصْبَحْتُ صَائِمًا ، قَالَتْ : ثُمَّ أَكَلَ

183ـ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ ، قَالَ : حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ حَفْصِ بْنِ غِيَاثٍ ، قَالَ : حَدَّثَنَا أَبِي ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي يَحْيَى الأَسْلَمِيِّ ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي أُمَيَّةَ الأَعْوَرِ ، عَنْ يُوسُفَ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ سَلامٍ ، قَالَ : رَأَيْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم أَخَذَ كِسْرَةً مِنْ خُبْزِ الشَّعِيرِ فَوَضَعَ عَلَيْهَا تَمْرَةً وَقَالَ : هَذِهِ إِدَامُ هَذِهِ ، وأكل

184 ـ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ ، قَالَ : حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ سُلَيْمَانَ ، عَنْ عَبَّادِ بْنِ الْعَوَّامِ ، عَنْ حُمَيْدٍ ، عَنْ أَنَسٍ : أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ يُعْجِبُهُ الثُّفْلُ ، قَالَ عَبْدُ اللهِ : يَعْنِي مَا بَقِيَ مِنَ الطَّعَامِ


 
ـ باب ما جاء في صفة فاكهة رسول الله صلى الله عليه وسلم

197ـ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ مُوسَى الْفَزَارِيُّ ، قَالَ : حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ عَبْدِ اللهِ ، قَالَ : كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم ، يَأْكُلُ الْقِثَّاءَ بِالرُّطَبِ

198ـ حَدَّثَنَا عَبْدَةُ بْنُ عَبْدِ اللهِ الْخُزَاعِيُّ الْبَصْرِيُّ ، قَالَ : حَدَّثَنَا مُعَاوِيَةُ بْنُ هِشَامٍ ، عَنْ سُفْيَانَ ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ عَائِشَةَ : أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم ، كَانَ يَأْكُلُ الْبِطِّيخَ بِالرُّطَبِ

199ـ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ يَعْقُوبَ ، قَالَ : حَدَّثَنَا وَهْبُ بْنُ جَرِيرٍ ، قَالَ : حَدَّثَنَا أَبِي ، قَالَ : سَمِعْتُ حُمَيْدًا ، أَوْ قَالَ : حَدَّثَنِي حُمَيْدٌ ، قَالَ وَهْبٌ : وَكَانَ صَدِيقًا لَهُ ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ ، قَالَ : رَأَيْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم ، يَجْمَعُ بَيْنَ الْخِرْبِزِ وَالرُّطَبِ

200ـ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى ، قَالَ : حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ الرَّمْلِيُّ ، قَالَ : حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ يَزِيدَ بْنِ الصَّلْتِ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ رُومَانَ ، عَنْ عُرْوَةَ ، عَنْ عَائِشَةَ : أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم أَكَلَ الْبِطِّيخَ بِالرُّطَبِ

201ـ حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ ، عَنْ مَالِكِ بْنِ أَنَسٍ (ح) وَحَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ مُوسَى ، قَالَ : حَدَّثَنَا مَعْنٌ ، قَالَ : حَدَّثَنَا مَالِكٌ ، عَنْ سُهَيْلِ بْنِ أَبِي صَالِحٍ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، قَالَ : كَانَ النَّاسُ إِذَا رَأَوْا أَوَّلَ الثَّمَرِ جَاءُوا بِهِ إِلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم ، فَإِذَا أَخَذَهُ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم ، قَالَ : اللَّهُمَّ بَارِكْ لَنَا فِي ثِمَارِنَا ، وَبَارِكْ لَنَا فِي مَدِينَتِنَا ، وَبَارِكْ لَنَا فِي صَاعِنَا وَفِي مُدِّنَا ، اللَّهُمَّ إِنَّ إِبْرَاهِيمَ عَبْدُكَ وَخَلِيلُكَ وَنَبِيُّكَ ، وَإِنِّي عَبْدُكَ وَنَبِيُّكَ ، وَإِنَّهُ دَعَاكَ لِمَكَّةَ ، وَإِنِّي أَدْعُوكَ لِلْمَدِينَةِ ، بِمِثْلِ مَا دَعَاكَ بِهِ لِمَكَّةَ وَمِثْلِهِ مَعَهُ ، قَالَ : ثُمَّ يَدْعُو أَصْغَرَ وَلِيدٍ يَرَاهُ ، فَيُعْطِيهِ ذَلِكَ الثَّمَرَ

202ـ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ حُمَيْدٍ الرَّازِيُّ ، قَالَ : حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْمُخْتَارِ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ ، عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَمَّارِ بْنِ يَاسِرٍ ، عَنِ الرُّبَيِّعِ بِنْتِ مُعَوِّذِ بْنِ عَفْرَاءَ ، قَالَتْ : بَعَثَنِي مُعَاذُ بْنُ عَفْرَاءَ بِقِنَاعٍ مِنْ رُطَبٍ وَعَلَيْهِ أَجْرٌ مِنْ قِثَّاءِ زُغْبٍ وَكَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يُحِبُّ الْقِثَّاءَ ، فَأَتَيْتُهُ بِهِ وَعِنْدَهُ حِلْيَةٌ قَدْ قَدِمَتْ عَلَيْهِ مِنَ الْبَحْرَيْنِ ، فَمَلأَ يَدَهُ مِنْهَا فَأَعْطَانِيهِ

203ـ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ حُجْرٍ ، قَالَ : حَدَّثَنَا شَرِيكٌ ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَقِيلٍ ، عَنِ الرُّبَيِّعِ بِنْتِ مُعَوِّذِ بْنِ عَفْرَاءَ ، قَالَتْ : أَتيتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم ، بِقِنَاعٍ مِنْ رُطَبٍ ، وَأَجْرِ زُغْبٍ ، فَأَعْطَانِي مِلْءَ كَفِّهِ حُلِيًّا أَوْ قَالَتْ : ذَهَبًا

 
الوسوم
الرحمة الله حلقات سيرة صلى عليه في نبي وسلم
عودة
أعلى