أركان الحج

املي بالله

نائبة المدير العام
الى كل من كان بنيته زيارة بيت الله الحرام هذه السنة
تعاليم واحكام الحج
سنبينها هنا
بالترتيت
أركان الحج

أركان الحج


الحمدلله والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين..
قال تعالي:


(( وَأَذِّن فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالًا وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِن كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ ))
الحج المبرور جزاؤه الجنة : كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " العمرة إلى العمرة كفارة لما بينهما ، والحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة " البخاري ومسلم .
تقبل الله منآ ومنك صآلح الاعمآل
إلـى الإخــوة والأخــوات فـي الله
مـمـن سـيـؤدون فـريـضـة الـحـج هـذا الـعام
إليكم هذه المواضيع الهامة عن الحج..


أركان الحج



أركان الحج


أركان الحج

أركان الحج

أركان الحج


أركان الحج

أركان الحج

أركان الحج


أركان الحج

 
التعديل الأخير:
أركان الحج

أركان الحج

أركان الحج

الفتاوي

هل يجوز الحج من أموال الابن أم لا ؟ للشيخ بن باز رحمه الله
ما الحكم في رجل ذهب لأداء العمرة فتجاوز ميقات الإحرام ثم أحرم من جدة ؟ للشيخ بن باز رحمه الله
ما حكم الحج إذا جامع الرجل زوجته بعد التحلل الأول ؟ للشيخ ابن عثيمين رحمه الله
قمت برمي الجمرات في اليوم الثاني والثالث مُبتدئاً بالجمرة الكبيرة ثم الوسطى ثم الأولى، فهل علي هدي ؟ للشيخ بن باز رحمه الله
هل يأثم من لم يتمكن من أداء فريضة الحج وهو مستطيع، ولكنه مُنع من قبل السلطات المختصة لأنه لم يبلغ الأربعين ؟ للشيخ بن باز رحمه الله
هل يجوز التمتع بعد ظهر اليوم الثامن ؟ للشيخ ابن عثيمين رحمه الله
نزعت بعض الأشجار من منى جهلاً منى، فهل علي شئ ؟ للشيخ ابن عثيمين رحمه الله
هل يصح ذبح الهَدي قبل يوم العيد ؟ الشيخ ابن باز رحمه الله
ما المشروع في توزيع الأضاحي ؟ للشيخ ابن عثيمين رحمه الله
ما المشروع في حق النساء إذا أحرمنّ ؟ للشيخ ابن عثيمين رحمه الله
ما حكم من يحج عن أخيه بنية كسب المال ؟ للشيخ ابن عثيمين رحمه الله
ما هي كيفية التلبية لمن أراد أن يحج عن غيره ؟ للشيخ ابن عثيمين رحمه الله
إذا كان الحاج قادماً لمدة طويلة إلى منى قبل أيام الحج وبقي فيها إلى نهاية الحج، هل يقصر الصلاة أم ماذا يفعل ؟ للشيخ ابن باز رحمه الله
ما الحكمة في أن المرأة تكشف وجهها وكفيها أثناء أداء مناسك الحج ؟ للشيخ ابن باز رحمه الله
هل الحج عن والدي بعد وفاته جائز أم لا ؟ للشيخ بن باز رحمه الله
امرأة غنية وأرادت الحج ولكن ليس لها محرم، فهل لها أن تتزوج من أجل المحرم ؟ للشيخ بن عثيمين رحمه الله
تُوفي أبي وأمي ولم يؤديا فريضة الحج، وأنا لم أحج الفريضة لظروف عملي، فهل يجوز أن يحج غيري عنهما ؟ للشيخ بن باز رحمه الله
ما حكم استئجار شقق خارج منى للإقامة بها مع قضاء جزء من الليل بمنى ؟ للشيخ بن عثيمين رحمه الله
مَدين عُرض عليه الحج تطوعاً بمال يسير، وطلب منه آخر أن يحج عنه بمال كثير فأيهما يفضل ؟ للشيخ بن عثيمين رحمه الله
إذا منع العمال من حج التطوع، فهل لهم أن يذهبوا لمكة بغير الطرق المشروعة والمعتادة ؟ للشيخ بن عثيمين رحمه الله
هل يجوز تأخير فريضة الحج إن كانت الاختبارات بعد العيد مباشرة ؟ للشيخ بن عثيمين رحمه الله
هل يجوز للحاج أن يستخدم الكتب التي بها دعاء لكل طواف أثناء طوافه، وما حكم هذه الكتب ؟ للشيخ بن عثيمين رحمه الله
إن أراد الشخص أن يحج عن والديه المتوفيان فبأيهما يبدأ، وهل له أن يستدين للحج عن الآخر ؟ للشيخ بن عثيمين رحمه الله
إذا حمل الرجل صبيه في الطواف فهل يجزئ الطواف عنهما جميعاً ؟ للشيخ بن عثيمين رحمه الله
أليس من المشقة قضاء عمرة في أشهر الحج ؟ للشيخ بن عثيمين رحمه الله
ما حكم الحج إذا وقف الحاج مُحتلماً يوم عرفة ؟ للشيخ بن عثيمين رحمه الله
إذا حاضت المرأة وتحفظت، فهل يجوز لها أن تجلس في المسعى ؟ للشيخ بن عثيمين رحمه الله
إذا أحدث الحاج في الطواف، فماذا عليه ؟ للشيخ بن عثيمين رحمه الله
إذا اتفق المدين مع الدائن أنه إذا مات فليس عليه شئ، فهل له أن يحج قبل سداد الدين في هذه الحالة ؟ للشيخ بن عثيمين رحمه الله
إذا نسي الرجل كم طاف حول الكعبة أو كم سعى ستة أم سبعة، فماذا يفعل ؟ للشيخ بن عثيمين رحمه الله
هل يجوز عقد النكاح قبل الحلق في الحج والعمرة ؟ للشيخ بن عثيمين رحمه الله
أنا رجل مَدين، ولي أخ في الله قال لي: أريد أن تحج معي وأتكفل لك بالنفقة، فهل في ذلك شيء ؟ للشيخ بن عثيمين رحمه الله
طفل بلغ منذ سبعة أيام ولم يصلي أبداً وأراد الحج، فما الواجب تجاهه ؟ للشيخ بن عثيمين رحمه الله
أثناء أدائي العمرة وأنا مُحرم تعرض لي شخص وصدمني من جانب سيارتي وهو على رجليه، فحضر المرور وقرر اشتراك الخطأ بيني وبينه، ودفعت نصف الدية حيث أن الرجل تُوفي، فهل يلحقني صيام وهل يلحقني شيء من ترك العمرة لحدوث المشكلة ؟ للشيخ بن باز رحمه الله
هل للمَدين أن يستأذن الدائن في أداء الحج ؟ للشيخ بن عثيمين رحمه الله
هل للنساء أن يهرولنّ في السعي والطواف، وما موقف محرمها ؟ للشيخ بن عثيمين رحمه الله
إن كان مع الرجل مالاً فأيهما يقدم النكاح أم الحج ؟ للشيخ بن عثيمين رحمه الله
ما رأيكم في توكيل النساء للرمي، ليس عجزاً ولكن خوفاً من الزحام ؟ للشيخ بن عثيمين رحمه الله
امرأة من خارج البلاد وهي في فترة حداد، فهل لها أن تحج بلا محرم لمشقة الحج عليها إذا عادت إلى بلادها ؟ للشيخ بن عثيمين رحمه الله
هل يجوز قطع العمرة بعد لبس ملابس الإحرام لشدة الزحام ؟ للشيخ بن عثيمين رحمه الله
إذا كان الحاج رمى في اليوم الأخير في الجمرة الوسطى حصاتين معاً، وفي الجمرة الأخيرة حصاتين معاً، فهل عليه فدية أم فديتان ؟ للشيخ بن باز رحمه الله
هل للمرأة أن تقدم سعي العمرة على طوافها إذا حاضت ؟ للشيخ بن عثيمين رحمه الله
ما حكم من يحج عن غيره بالعوض ليسد دينه بالمال الزائد ؟ للشيخ بن عثيمين رحمه الله
هل الأفضل تكرار الحج أم ترك المكان للآخرين ؟ للشيخ بن عثيمين رحمه الله
إذا خرج الحاج من المزدلفة قبل نصف الليل، ورمى بعد الفجر قبل الشروق، فماذا عليه ؟ للشيخ بن عثيمين رحمه الله
ما حكم الحج إن كان علي دَين مُؤجل لم يحن بعد ؟ للشيخ بن عثيمين رحمه الله
مندوب مبيعات أراد العمرة فهل له أن يتجاوز الميقات ثم يعود للإحرام ؟ للشيخ بن عثيمين رحمه الله
هل يجب على المرأة تغطية وجهها خلال جميع مناسك العمرة، أم لها الكشف في مواضع معينة ؟

أركان الحج
 
التعديل الأخير:
صفة الحج

راجعها فضيلة الشيخ العلامة
عبدالله بن عبدالرحمن الجبرين ( حفظه الله )
أركان الحج






* حج بيت الله الحرام ركن من أركان الإسلام لقوله تعالى { ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلا }1 . وقوله صلى الله عليه وسلم : ( بني الإسلام على خمس : شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة وصوم رمضان وحج البيت من استطاع إليه سبيلا )2. فالحج واجب على كل مسلم مستطيع مرة واحدة في العمر .
* الاستطاعة هي أن يكون المسلم صحيح البدن ، يملك من المواصلات ما يصل به إلى مكة حسب حاله ، ويملك زاداً يكفيه ذهاباً وإياباً زائداً على نفقات من تلزمه نفقته . ويشترط للمرأة خاصة أن يكون معها محرم .
* المسلم مخير بين أن يحج مفرداً أو قارناً أو متمتعاً . والإفراد هو أن يحرم بالحج وحده بلا عمرة .
والقران هو أن يحرم بالعمرة والحج جميعاً . والتمتع هو أن يحرم بالعمرة خلال أشهر الحج ( وهي شوال و ذو القعدة وذو الحجة ) ثم يحل منها ثم يحرم بالحج في نفس العام .
ونحن في هذه المطوية سنبين صفة التمتع لأنه أفضل الأنساك الثلاثة ، لأن النبي صلى الله عليه وسلم أمر به أصحابه .
إذا وصل المسلم إلى الميقات ( والمواقيت خمسة كما في صورة 1 ) يستحب له أن يغتسل ويُطيب بدنه ، لأنه صلى الله عليه وسلم اغتسل عند إحرامه 3 ، ولقول عائشة رضي الله عنها : ( كنت أطيب رسول الله لإحرامه قبل أن يحرم )4. ويستحب له أيضاً تقليم أظافره وحلق عانته وإبطيه .
* المواقيت :
1- ذو الحليفة ، وتبعد عن مكة 428كم . .
2- الجحفة ، قرية بينها وبين البحر الأحمر 10كم ، وهي الآن خراب ، ويحرم الناس من رابغ التي تبعد عن مكة 186كم .
3- يلملم ، وادي على طريق اليمن يبعد 120كم عن مكة ، ويحرم الناس الآن من قرية السعدية .
4- قرن المنازل : واسمه الآن السيل الكبير يبعد حوالي 75كم عن مكة .
5- ذات عرق : ويسمى الضَريبة يبعد 100كم عن مكة ، وهو مهجور الآن لا يمر عليه طريق .
تنبيه : هذه المواقيت لمن مر عليها من أهلها أو من غيرهم .
ـ من لم يكن على طريقه ميقات أحرم عند محاذاته لأقرب ميقات .
ـ من كان داخل حدود المواقيت كأهل جدة ومكة فإنه يحرم من مكانه .

أركان الحج

* ثم يلبس الذكر لباس الإحرام ( وهو إزار ورداء ) ويستحب أن يلبس نعلين [ أنظر صورة 2 ] ، لقوله صلى الله عليه وسلم : ( ليحرم أحدكم في إزار ورداء ونعلين )5 .
*أما المرأة فتحرم في ما شاءت من اللباس الساتر الذي ليس فيه تبرج أو تشبه بالرجال ، دون أن تتقيد بلون محدد . ولكن تجتنب في إحرامها لبس النقاب والقفازين لقوله صلى الله عليه وسلم : ( لا تنتقب المحرمة ولا تلبس القفازين ) 6، ولكنها تستر وجهها عن الرجال الأجانب بغير النقاب ، لقول أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنها : ( كنا نغطي وجوهنا من الرجال في الإحرام ) 7.
ثم بعد ذلك ينوي المسلم بقلبه الدخول في العمرة ، ويشرع له أن يتلفظ بما نوى ، فيقول : ( لبيك عمرة ) أو ( اللهم لبيك عمرة ) . والأفضل أن يكون التلفظ بذلك بعد استوائه على مركوبه ، كالسيارة ونحوها .

أركان الحج

* ليس للإحرام صلاة ركعتين تختصان به ، ولكن لو أحرم المسلم بعد صلاة فريضة فهذا أفضل ، لفعله صلى الله عليه وسلم 8.
*من كان مسافراً بالطائرة فإنه يحرم إذا حاذى الميقات .
* للمسلم أن يشترط في إحرامه إذا كان يخشى أن يعيقه أي ظرف طارئ عن إتمام عمرته وحجه . كالمرض أو الخوف أو غير ذلك ، فيقول بعد إحرامه : ( إن حبسني حابس فمحلي حيث حبستني ) وفائدة هذا الاشتراط أنه لو عاقه شيء فإنه يحل من عمرته بلا فدية .
* ثم بعد الإحرام يسن للمسلم أن يكثر من التلبية ، وهي قول : ( لبيك اللهم لبيك ن لبيك لا شريك لك لبيك ، إن الحمد والنعمة لك والملك ، لا شريك لك ) يرفع بها الرجال أصواتهم ، أما النساء فيخفضن أصواتهن .
* ثم إذا وصل الكعبة قطع التلبية واضطبع بإحرامه 9[كما في صورة 3 ] ، ثم استلم الحجر الأسود بيمينه ( أي مسح عليه ) وقبله قائلاً : ( الله اكبر ) 10 ، فإن لم يتمكن من تقبيله بسبب الزحام فإنه يستلمه بيده ويقبل يده 11. فإن لم يستطع استلمه بشيء معه ( كالعصا ) وما شابهها وقبّل ذلك الشيء ، فإن لم يتمكن من استلامه استقبله بجسده وأشار إليه بيمينه – دون أن يُقبلها – قائلاً : ( الله أكبر ) 12 ، [ كما في صورة 4 ]، ثم يطوف على الكعبة 7 أشواط يبتدئ كل شوط بالحجر الأسود وينتهي به ، ويُقَبله ويستلمه مع التكبير كلما مر عليه ، فإن لم يتمكن أشار إليه بلا تقبيل مع التكبير – كما سبق – ، ويفعل هذا أيضا في نهاية الشوط السابع .


أما الركن اليماني فإنه كلما مر عليه استلمه بيمينه دون تكبير 13،[ كما في صورة 4 ]، فإن لم يتمكن من استلامه بسبب الزحام فإنه لا يشير إليه ولا يكبر ، بل يواصل طوافه .
أركان الحج


ويستحب له أن يقول في المسافة التي بين الركن اليماني والحجر الأسود ( ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار ) 14[ كما في صورة 4 ].

أركان الحج

* ليس للطواف ذكر خاص به فلو قرأ المسلم القرآن أو ردد بعض الأدعية المأثورة أو ذكر الله فلا حرج .
* يسن للرجل أن يرمل في الأشواط الثلاثة الأولى من طوافه . والرَمَل هو الإسراع في المشي مع تقارب الخطوات ، لفعله صلى الله عليه وسلم ذلك في طوافه 15.
* ينبغي للمسلم أن يكون على طهارة عند طوافه ، لأنه صلى الله عليه وسلم توضأ قبل أن يطوف 16 .
* إذا شك المسلم في عدد الأشواط التي طافها فإنه يبني على اليقين ، أي يرجح الأقل ، فإذا شك هل طاف 3 أشواط أم 4 فإنه يجعلها 3 احتياطاً ويكمل الباقي .
* ثم إذا فرغ المسلم من طوافه اتجه إلى مقام إبراهيم عليه السلام وهو يتلو قوله تعالى { واتخذوا من مقام إبراهيم مصلى } 17، ثم صلى خلفه ركعتين بعد أن يزيل الاضطباع ويجعل رداءه على كتفيه [ كما في صورة 4 ].
* ويسن أن يقرأ في الركعة الأولى سورة { قل يا أيها الكافرون } وفي الركعة الثانية سورة { قل هو الله أحد }18.
* إذا لم يتمكن المسلم من الصلاة خلف المقام بسبب الزحام فإنه يصلي في أي مكان من المسجد ، ثم بعد صلاته عند المقام يستحب له أن يشرب من ماء زمزم ، ثم يتجه إلى الحجر الأسود ليستلمه بيمينه ، 19. فإذا لم يتمكن من ذلك فلا حرج عليه .

أركان الحج

* ثم يتجه المسلم إلى الصفا ، ويستحب له أن يقرأ إذا قرب منه قوله تعالى : { إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوْ اعْتَمَرَ فَلا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِمَا وَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْراً فَإِنَّ اللَّهَ شَاكِرٌ عَلِيمٌ } 20.
ويقول ( نبدأ بما بدأ الله به ) ثم يستحب له أن يرقى على الصفا فيستقبل القبلة ويرفع يديه [ كما في صورة 5 ] ، ويقول – جهراً - : ( الله أكبر الله أكبر الله أكبر ، لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير ، لا إله إلا الله وحده ، أنجز وعده ، ونصر عبده ، وهزم الأحزاب وحده ) ثم يدعو – سراً – بما شاء ، ثم يعيد الذكر السابق ، ثم يدعو ثانية ثم يعيد الذكر السابق مرة ثالثة ولا يدعو بعده 21.
* ثم ينزل ويمشي إلى المروة ، ويسن له أن يسرع في مشيه فيما بين العلمين الأخضرين في المسعى ، فإذا وصل المروة استحب له أن يرقاها ويفعل كما فعل على الصفا من استقبال القبلة ورفع اليدين والذكر والدعاء السابق . وهكذا يفعل في كل شوط .
أما في نهاية الشوط السابع من السعي فإنه لا يفعل ما سبق .
* ليس للسعي ذكر خاص به . ولكن يشرع للمسلم أن يذكر الله ويدعوه بما شاء ، وإن قرأ القرآن فلا حرج .
* يستحب أن يكون المسلم متطهراً أثناء سعيه .
* إذا أقيمت الصلاة وهو يسعى فإنه يصلي مع الجماعة ثم يكمل سعيه .
* ثم إذا فرغ المسلم من سعيه فإنه يحلق شعر رأسه أو يقصره ، والتقصير هنا أفضل من الحلق ، لكي يحلق شعر رأسه في الحج .
* لابد أن يستوعب التقصير جميع أنحاء الرأس ، فلا يكفي أن يقصر شعر رأسه من جهة واحدة .
* المرأة ليس عليها حلق ، وإنما تقصر شعر رأسها بقدر الأصبع من كل ظفيرة أو من كل جانب ، لقوله صلى الله عليه وسلم : ( ليس على النساء حلق إنما على النساء التقصير )22 .
* ثم بعد الحلق أو التقصير تنتهي أعمال العمرة ، فيحل المسلم إحرامه إلى أن يحرم بالحج في يوم ( 8 ذي الحجة ) .
إذا كان يوم ( 8 ذي الحجة ) وهو المسمى يوم التروية أحرم المسلم بالحج من مكانه الذي هو فيه وفعل عند إحرامه بالحج كما فعل عند إحرامه بالعمرة من الاغتسال والتطيب و .... الخ ، ثم انطلق إلى منى فأقام بها وصلى الظهر والعصر والمغرب والعشاء والفجر ، يصلي كل صلاة في وقتها مع قصر الرباعية منها ( أي يصلي الظهر والعصر والعشاء ركعتين ) .
* فإذا طلعت شمس يوم ( 9 ذي الحجة وهو يوم عرفة ) توجه إلى عرفة ، ويسن له أن ينزل بنمرة ( وهي ملاصقة لعرفة ) [ كما في صورة 6 ]، ويبقى فيها إلى الزوال ثم يخطب الإمام أو من ينوب عنه الناسَ بخطبة تناسب حالهم يبين لهم فيها ما يشرع للحجاج في هذا اليوم وما بعده من أعمال ، ثم يصلي الحجاج الظهر والعصر قصراً وجمعاً في وقت الظهر ، ثم يقف الناس بعرفة ، وكلها يجوز الوقوف بها إلا بطن عُرَنة ، لقوله صلى الله عليه وسلم : ( عرفة كلها موقف وارفعوا عن بطن عُرَنة )23 ، ولكن يستحب للحاج الوقوف خلف جبل عرفة مستقبلاً القبلة [ كما في صورة 7 ]، لأنه موقف النبي صلى الله عليه وسلم 24، إن تيسر ذلك . ويجتهد في الذكر والدعاء المناسب ، ومن ذلك ما ورد في قوله صلى الله عليه وسلم : ( خير الدعاء دعاء يوم عرفة ، وأفضل ما قلت أنا والنبيون من قبلي : لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، له الملك وله الحمد يحيي ويميت وهو على كل شيء قدير ) 25.

أركان الحج

االتروية : سمي بذلك لأن الناس كانوا يتروون فيه من الماء ، لأن منى لم يكن بها ماء ذلك الوقت
بطن عُرَنة : وهو وادي بين عرفة ومزدلفة [ كما في صورة 6 ]
جبل عرفة : ويسمى خطأ ( جبل الرحمة ) وليست له أي ميزة على غيره من أرض عرفة ، فينبغي عدم قصد صعوده أو التبرك بأحجاره كما يفعل الجهال .
أركان الحج
* يستحب للحاج أن يكون وقوفه بعرفة على دابته ، لأنه صلى الله عليه وسلم وقف على بعيره 26، وفي زماننا هذا حلت السيارات محل الدواب ، فيكون راكباً في سيارته ، إلا إذا كان نزوله منها أخشع لقلبه .

* لا يجوز للحاج مغادرة عرفة إلى مزدلفة قبل غروب الشمس .
* فإذا غربت الشمس سار الحجاج إلى مزدلفة بسكينة وهدوء وأكثروا من التلبية في طريقهم ، فإذا وصلوا مزدلفة صلوا بها المغرب ثلاث ركعات والعشاء ركعتين جمعاً ، بأذان واحد ويقيمون لكل صلاة ، وذلك عند وصولهم مباشرة دون تأخير ( وإذا لم يتمكنوا من وصول مزدلفة قبل منتصف الليل فإنهم يصلون المغرب والعشاء في طريقهم خشية خروج الوقت ) .
ثم يبيت الحجاج في مزدلفة حتى يصلوا بها الفجر ، ثم يسن لهم بعد الصلاة أن يقفوا عند المشعر الحرام مستقبلين القبلة ، مكثرين من ذكر الله والدعاء مع رفع اليدين ، إلى أن يسفروا – أي إلى أن ينتشر النور – [ أنظر صورة 6 ] لفعله صلى الله عليه وسلم 27.
* يجوز لمن كان معه نساء أو ضَعَفة أن يغادر مزدلفة إلى منى إذا مضى ثلثا الليل تقريباً ، لقول ابن عباس رضي الله عنهما : ( بعثني رسول الله صلى الله عليه وسلم في الضَعَفة من جمع بليل ) 28 .
* مزدلفة كلها موقف ، ولكن السنة أن يقف بالمشعر الحرام كما سبق ، لقوله صلى الله عليه وسلم : ( وقفت هاهنا ومزدلفة كلها موقف ) 29 .
ثم ينصرف الحجاج إلى منى مكثرين من التلبية في طريقهم ، ويسرعون في المشي إذا وصلوا وادي مُحَسِّر ، ثم يتجهون إلى الجمرة الكبرى ( وهي جمرة العقبة ) ويرمونها بسبع حصيات ( يأخذونها من مزدلفة أو منى حسبما تيسر ) كل حصاة بحجم الحمص تقريباً [ كما في صورة 8 ]
أركان الحج
المشعر الحرام : وهو الآن المسجد الموجود بمزدلفة ( كما في صورة 6 )

جمع : جمع هي مزدلفة ، سميت بذلك لأن الحجاج يجمعون فيها صلاتي المغرب والعشاء .
وادي مُحَسِّر : وهو وادي بين منى ومزدلفة ( كما في صورة 6 ) وسمي بذلك لأن فيل أبرهة حَسَرَ فيه ، أي وقف ، فهو موضع عذاب يسن الإسراع فيه .يرفع الحاج يده عند رمي كل حصاة قائلاً : ( الله أكبر ) ، ويستحب أن يرميها من بطن الوادي ويجعل مكة عن يساره ومنى عن يمينه [ كما في صورة 9] ، لفعله صلى الله عليه وسلم 30. ولا بد من وقوع الحصى في بطن الحوض – ولا حرج لو خرجت من الحوض بعد وقوعها فيه – أما إذا ضربت الشاخص المنصوب ولم تقع في الحوض لم يجزئ ذلك .
* ثم بعد الرمي ينحر الحاج ( الذي من خارج الحرم ) هديه ، ويستحب له أن يأكل منه ويهدي ويتصدق . ويمتد وقت الذبح إلى غروب الشمس يوم ( 13 ذي الحجة ) مع جواز الذبح ليلاً ، ولكن الأفضل المبادرة بذبحه بعد رمي جمرة العقبة يوم العيد ، لفعله صلى الله عليه وسلم . ( وإذا لم يجد الحاج الهدي صام 3 أيام في الحج ويستحب أن تكون يوم 11 و 12 و 13 و 7 أيام إذا رجع إلى بلده ) .

أركان الحج

ثم بعد ذبح الهدي يحلق الحاج رأسه أو يقصر منه ، والحلق أفضل من التقصير ، لأنه صلى الله عليه وسلم دعا للمحلقين بالمغفرة 3 مرات وللمقصرين مرة واحدة 31.
* بعد رمي جمرة العقبة والحلق أو التقصير يباح للحاج كل شيء حرم عليه بسبب الإحرام إلا النساء ، ويسمى هذا التحلل ( التحلل الأول ) ، ثم يتجه الحاج – بعد أن يتطيب – إلى مكة ليطوف بالكعبة طواف الإفاضة المذكور في قوله تعالى : { ثم ليقضوا تفثهم وليوفوا نذورهم وليَطوّفوا بالبيت العتيق } 32. لقول عائشة رضي الله عنها : ( كنت أطيب رسول الله صلى الله عليه وسلم لحله قبل أن يطوف بالبيت ) 33 ، ثم يسعى بعد هذا الطواف سعي الحج .
وبعد هذا الطواف يحل للحاج كل شيء حرم عليه بسبب الإحرام حتى النساء ، ويسمى هذا التحلل ( التحلل التام ) .
* الأفضل للحاج أن يرتب فعل هذه الأمور كما سبق ( الرمي ثم الحلق أو التقصير ثم الذبح ثم طواف الإفاضة ) ، لكن لو قدم بعضها على بعض فلا حرج .
* ثم يرجع الحاج إلى منى ليقيم بها يوم ( 11 و 12 ذي الحجة بلياليهن ) إذا أراد التعجل ( بشرط أن يغادر منى قبل الغروب ) ، أو يوم ( 11 و 12 و 13 ذي الحجة بلياليهن ) إذا أراد التأخر ، وهو أفضل من التعجل ، لقوله تعالى { فمن تعجل في يومين فلا إثم عليه ومن تأخر فلا إثم عليه لمن اتقى }34.
ويرمي في كل يوم من هذه الأيام الجمرات الثلاث بعد الزوال 35 مبتدئاً بالصغرى ثم الوسطى ثم الكبرى ، بسبع حصيات لكل جمرة ، مع التكبير عند رمي كل حصاة .
ويسن له بعد أن يرمي الجمرة الصغرى أن يتقدم عليها في مكان لا يصيبه فيه الرمي ثم يستقبل القبلة ويدعو دعاء طويلاً رافعاً يديه [ كما في صورة 10 ] ، ويسن أيضاً بعد أن يرمي الجمرة الوسطى أن يتقدم عليها ويجعلها عن يمينه ويستقبل القبلة ويدعو دعاء طويلاً رافعاً يديه [ كما في صورة 10] أما الجمرة الكبرى ( جمرة العقبة ) فإنه يرميها ولا يقف يدعو ، لفعله صلى الله عليه وسلم ذلك 36.

أركان الحج

*بعد فراغ الحاج من حجه وعزمه على الرجوع إلى أهله فإنه يجب عليه أن يطوف ( طواف الوداع ) ثم يغادر مكة بعده مباشرة ، لقول ابن عباس رضي الله عنهما : ( أمِر الناس أن يكون آخر عهدهم بالبيت ، إلا أنه خُفف عن المرأة الحائض ) 37 ، فالحائض ليس عليها طواف وداع .
* مسائل متفرقة :
* يصح حج الصغير الذي لم يبلغ ، لأن امرأة رفعت إلى النبي صلى الله عليه وسلم صبياً فقالت : يا رسول الله ألهذا حج ؟ فقال صلى الله عليه وسلم : ( نعم ، ولك أجر ) 38، ولكن لا تجزئه هذه الحجة عن حجة الإسلام ، لأنه غير مكلف ، ويجب عليه أن يحج فرضه بعد البلوغ .
* يفعل ولي الصغير ما يعجز عنه الصغير من أفعال الحج ، كالرمي ونحوه .
* الحائض تأتي بجميع أعمال الحج غير أنها لا تطوف بالبيت إلا إذا انقطع حيضها و اغتسلت ، ومثلها النفساء .
* يجوز للمرأة أن تأكل حبوب منع العادة لكي لا يأتيها الحيض أثناء الحج .
* يجوز رمي الجمرات عن كبير السن وعن النساء إذا كان يشق عليهن ، ويبدأ الوكيل برمي الجمرة عن نفسه ثم عن موُكله . وهكذا يفعل في بقية الجمرات .
* من مات ولم يحج وقد كان مستطيعاً للحج عند موته حُج عنه من تركته ، وإن تطوع أحد أقاربه بالحج عنه فلا حرج .
* يجوز لكبير السن والمريض بمرض لا يرجى شفاؤه أن ينيب من يحج عنه ، بشرط أن يكون هذا النائب قد حج عن نفسه .
* محظورات الإحرام :
لا يجوز للمحرم أن يفعل هذه الأشياء :
1- أن يأخذ شيئاً من شعره أو أظافره .
2- أن يتطيب في ثوبه أو بدنه .
3- أن يغطي رأسه بملاصق ، كالطاقية والغترة ونحوها .
4- أن يتزوج أو يُزَوج غيره ، أو يخطب .
5- أن يجامع .
6- أن يباشر ( أي يفعل مقدمات الجماع من اللمس والتقبيل ) بشهوة .
7- أن يلبس الذكر مخيطاً ، وهو ما فُصّل على مقدار البدن أو العضو ، كالثوب أو الفنيلة أو السروال ونحوه ، وهذا المحظور خاص بالرجال – كما سبق - .
8- أن يقتل صيداً برياً ، كالغزال والأرنب والجربوع ، ونحو ذلك .

* من فعل شيئاً من هذه المحظورات جاهلاً أو ناسياً أو مُكرهاً فلا إثم عليه ولا فدية .
* أما من فعلها متعمداً – والعياذ بالله – أو محتاجاً لفعلها : فعليه أن يسأل العلماء ليبينوا له ما يلزمه من الفدية .
* تنبيه : من ترك شيئاً من أعمال الحج الواردة في هذه المطوية فعليه أن يسأل العلماء ليبينوا له ما يترتب على ذلك .

والله أعلم وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين .

الهوامش :
1- سورة آل عمران (97) 2- متفق عليه . 3- صحيح الترمذي للألباني (664) .
4- متفق عليه . 5- رواه أحمد وصححه احمد شاكر ( 7/169) . 6- رواه البخاري .
7- رواه الحاكم (1/454) وقال : صحيح على شرط الشيخين ووافقه الذهبي .
8- رواه مسلم . 9- لأنه صلى الله عليه وسلم طاف مضطبعاً كما في صحيح أبي داود للألباني (1658) .
10- رواه البخاري . 11- متفق عليه . 12- رواه البخاري . 13- متفق عليه .
14- صحيح أبي داود (1666) . 15- متفق عليه . 16- متفق عليه . 17- سورة البقرة (125)
18- رواه مسلم . 19- رواه مسلم . 20- سورة البقر (158) . 21- رواه مسلم .
22- صحيح أبي داود (1748) .
23- رواه الحاكم (1/462) وصححه الأرناؤط في تعليقه على شرح مشكل الآثار للطحاوي (3/229) .
24- رواه مسلم . 25- رواه الترمذي وحسنه الألباني في المشكاة (2/797) .
26- صحيح النسائي للألباني (2813) 27- رواه مسلم . 28- متفق عليه . 29- رواه مسلم .
30- رواه مسلم . 31- متفق عليه . 32- سورة الحج (29) 33- متفق عليه . 34- سورة البقرة (203)
35- لحديث ابن عمر في البخاري قال : ( كنا نتحين فإذا زالت الشمس رمينا ) .
36- رواه البخاري . 37- متفق عليه . 38- رواه مسلم
 
صحتك في الحج
د.شاهر بن ظافر الشهري

إن الحمد لله نحمده و نستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسئيات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له. وأشهد أن لا اله الا الله وحده لا شريك له و أشهد أن محمد عبده ورسوله . أما بعد
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ) (آل عمران:102)
(يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً) (النساء:1) (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً) (الأحزاب:70)
فإن أصدق الحديث كتاب الله وخير الهدي هدي نبيه محمد صلى الله عليه وسلم وشر الأمور محدثاتها وكل محدثة بدعة و كل بدعة في النار ، ثم أما بعد.....
يطرق أسماعنا بعد أيام قلايل نداء الخليل إبراهيم عليه السلام (وأذن في الناس بالحج يأتوك رجالاً و على كل ضامر يأتين من كل فج عميق .ليشهدوا منفع لهم ويذكروا اسم الله في أيام معلومات على ما رزقهم من بهيمة الأنعم فكلوا منها و أطعموا البآئس الفقير.ثم ليوفوا نذورهم و ليطوفوا بالبيت العتيق)سورة الحج آية 26-29
يقول ابن القيم رحمه الله (... ثم تأمل كيف افتتح إيجاب الحج بذكر محاسن البيت و عظم شأنه بما يدعو النفوس إلي قصده وحجه و إن لم يطلب ذلك منها فقال: (إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبَارَكاً وَهُدىً لِلْعَالَمِينَ .فِيهِ آيَاتٌ بَيِّنَاتٌ مَقَامُ إِبْرَاهِيمَ وَمَنْ دَخَلَهُ كَانَ آمِناً وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ) (آل عمران:97-96)
فوصفه بخمس صفات:
احدها: أنه أسبق بيوت العالم وضع على الأرض.
الثانية: أنه مبارك، والبركة كثرة الخير و دوامه وليس في بيوت العالم أبرك منه و لا أكثر خيراً و لا أدوم و لا أنفع للخلائق.
الثالثة: أنه هدى ووصفه بالمصدر فيه مبالغة حتى كأنه الهدى نفسه.
الرابعة: ما تضمنه من الآيات البينات التي تزيد على أربعين آية.
الخامسة: الأمن لداخله و في وصفه بهذه الصفات دون إيجاب قصده ما يبعث النفوس على حجه و إن شطت بالزائرين و تناءت بهم الأقطار ثم أتبع ذلك بصريح الوجوب المؤكد بتلك التأكيدات...)
وحديثنا في هذه المقالة يختص بصحة الحاج أثناء وبعد أداء هذه الشعيرة المباركة. والحديث عن الصحة في الحج يتناول شقين مهمين:-
1. الصحة الإيجابية: وأ قصد هنا الإيجابئات الصحية التي يجنيها الحاج من أدائه هذه الفريضة المباركة.
2. الإرشادات الصحية التي ينبغي أن يتبعها الحاج حتى يستطيع أن يؤدي فريضته بيسر وسهولة. كما تشمل إرشادات لبعض من يعاني من أمراض مزمنة وكيف يتعامل معها في الحج.

تعريف الصحة:-
الصحة لا تعني كما يظن الكثير خلو البدن من الأسقام و الأمراض بل أنه أوسع من ذلك وإذا أخذنا تعريف منظمة الصحة العالمية فهو يعرف الصحة
(حالة من الانسجام و الاستقرار البدني و النفسي و الاجتماعي، تمكن الشخص من ممارسة نشاطاته اليومية على الوجه الطبيعي)
والصحة من أعظم النعم التي من الله عز وجل بها على خلقه فقد أخرج البخاري في صحيحة في كتاب الرقاق عن ابن عباس قول النبي صلى الله عليه وسلم(نعمتان مغبون فيهما كثير من الناس : الصحة والفراغ) .

و روى أيضا في الأدب المفرد، و أخرجه الترمذي وابن ماجة في الزهد ، من حديث عبيد الله بن محصن الأنصاري رضي الله عنه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( من أصبح معافى في جسده، و آمنا في سربه، عنده قوت يومه، فكأنما حيزت له الدنيا) بل أن النبي صلى الله عليه وسلم جعلها خير من الغنى في الحديث الذي خرجه ابن ماجة والحاكم ، واحمد من حديث معاذ بن عبد الله بن خبيب عن أبيه عن جده رضي الله عنهم . وقال الحاكم: صحيح الإسناد و وافقه الذهبي، وصححه الألباني في الأحاديث الصحيحة1/286 قال الرسول صلى الله عليه وسلم (لا بأس بالغنى لمن أتقى، و الصحة لمن أتقى خير من الغنى، وطيب النفس من النعيم). كما أن الصحة البدنية والصحة العقلية شرط لكمال أهلية الإنسان و أدائه التكاليف الشرعية ،

ولذا يعد المرض من عوارض الأهلية التي تُسقط عن المريض بعض التكاليف. وقد أشترط الفقهاء الصحة في عدة أحوال منها: الإمامة الكبرى، والجهاد، والحج_موضوعنا_ و الحدود والقصاص، و الرخص.
و الذي يتفحص منهج الإسلام في التعامل مع الإنسان ويقارنها بغيرها من المناهج في الأديان السماوية المحرفة، أو الأديان الوثنية، أو الأنظمة الأرضية الملحدة يجد الفرق كبيٌر والبونُ شاسعٌ، فالإسلام يتعامل مع الإنسان تعاملاً شاملاً يراعي جميع الحاجات الجسدية والعقلية والروحية دون أن تطقى أحدها على الأخرى. مما يجعل الإنسان في حالة إستقرار دائمة. بل ويجعل له من المحصنات النفسية الوقائية ،ما يجعله في حالة الخلل العضوي أو النفسي في رضاء تام وتقبل . وليس أدل على ذلك من منهج الإسلام في التعامل مع المصائب. أو عقيدة القضاء والقدر.أو الأمر بالدعاء و الأذكار وطلب الصحة والشفاء. وفرض العبادات المتنوعة التي تعالج أوضاعاً مختلفة لدى الإنسان فتزيد من حالة الارتياح والاستقرار- والتي أصبحت اليوم مطلباً لدى كثير ممن يدينون بالأديان المنحرفة أو يعيشون زيف الحضارة الغربية الخاوية من إشباع النواحي الروحية للإنسان و الخالية من المبادي والقيم- التي تجعل الإنسان يسلك المسلك الصحيح للصحة.كما أن ذكر بعض الأدوية الحسية في القرآن والسنة على سبيل المثال وليس الشمول؛ لتقرير منهج البحث عن الدواء والتطبب به؛ مما يساهم بوجود المؤمن القوي في المجتمع المسلم.
فالوسطية منهج مهم في الدين الإسلامي وصحة الإنسان أحد المطالب المهمة التي يجب الاعتدال في المحافظة عليها يقول تعالى(و كلوا و اشربوا و لا تسرفوا )الأعراف 31 .

و إنطلاقاً من هذا المنهج الإسلامي القويم فإن الحج أحد الفرائض التي تسهم في بناء الكيان الصحي للإنسان على أساس سليم وذلك لأنه ضمن منظومة من العبادات المتنوعة التي أشتمل عليه الدين الإسلامي والتي تحقق بمجموعها استقرارا نفسياً يعود أثره على الإنسان كاملاً؛ جسدياً، وعقلياً وروحياً. فالحج فضلاً عن كونه يؤكد الإيمان بالله وحده فإنه يؤكد وحدة الأمة والتي تتمثل في مظاهر كثيرة مثل الإحرام ،وتوحيد العبادات في المكان والزمان، وتوحيد زمن الحج وغيرها. و هذا يؤدي إلي إشباع دوافع انتماء الفرد للجماعة و إشباع الإحساس بدافع العمل الجماعي. ومع إشباع هذه الدوافع، إضافة إلي إشباع العبادات الأخرى للدوافع المتبقية ، يزداد الاطمئنان النفسي والثقة بالنفس في المسلم وفي جماعته.كما أن العبادات التفصيلية داخل الحج من طواف بالبيت والسعي، والوقف بعرفات ، ومزدلفة ، و الدعاء ، و الصلاة وغيره من الأعمال التعبدية في الحج ، تزيد من إشباع حاجات الروح وترفع من الطمانئنه والتي يفتقدها الكثير ممن لا يدينون بهذا الدين.بل أنك تجد كثير من الأمراض الجسدية تهون وتصبح بسيطة لدى الإنسان المطمئن الروح ممن تعلق قلبه بالله تعالى.وكم تجد من إنسان صحيح الجسد -ولا أقول معافى- وهو يعاني من هم شديد و أمراض كثيرة نتيجة عدم الطمانئنة وإشباع الحاجات الروحية لديه. ولذلك أصبحنا نرى كثيرا من الغربيين ممن يعانون من هذا الخواء الروحي يتعلقون بكثير من خرافات الشرقيين من هندوس وبوذيين تحت مسمى "الطب البديل".و الماكر وبيوتك و غيرها

الإرشادات الصحية التي ينبغي أن يتبعها الحاج حتى يستطيع أن يؤدي فريضته بيسر وسهولة:-

إن كثيراً من الأمراض المنتشرة في فترة الحج هي من الأمراض التي يمكن الوقاية منها أو التحكم فيها. و هي تأتي نتيجة للأسباب التالية:-
1- ازدحام الحجاج في المشاعر أو في أماكن أداء العبادة مثل : الطواف والسعي ،ورمي الجمرات وغيرها.
2- عدم المحافظة على النظافة الشخصية أو النظافة العامة أو نظافة المأكل والمشرب.
3- الإجهاد بسبب المشي الكثير، أو السهر أو التعرض لضربات الشمس.
4- وجود أمراض مسبقة لدى الحاج و أدى الحج إلي تفاقمها وزيادة مضاعفاتها.
5- عدم الأخذ بالأسباب الوقائية من الحصول على التطعيمات الموصى بها أو عدم الأخذ بالتعليمات الصحية المناسبة لكل حاج.
6- قلة الوعي الصحي لدى كثير من الحجاج القادمين من مناطق مختلفة.
7- التعرض لإصابات بسبب الازدحام أو الذهاب إلي الأماكن الخطرة في الجبال ، و التعرض لحوادث السير.
8- قدوم كثير من كبار السن و الطاعنين في العمر إلي الحج مما يعرضهم للأمراض ، و الإصابات.
9- الأنانية لدى كثير من الحجاج و عدم احترام حقوق غيرهم ، مما يجعلهم يتصرفون بتصرفات تعرض غيرهم للخطر أو الإصابة بالأمراض المختلفة.
ولذلك يفضل أن تكون هناك جهود صحية مشتركة في توعية حجاج بيت الله الحرام، تبداء بأشهر قبل الحج من قبل الجهات الصحية في بلادهم بالتعاون مع السفارة في كل بلد وتتولى الجهات الصحية في هذه البلاد نتيجة للخبرة الصحية لديها بأحوال الحج تزويدهم بالمعلومات الصحية الكافية. وتكون هناك جهود توعوية مكثفة من خلال وسائل الأعلام المختلفة. ولو تقوم الفضائيات العربية بدلاً من بثها برامج الخناء في مثل هذه الأوقات جزاءً من هذه الحملة التوعية بالجوانب الصحية في الحج .
10- الاستعدادات الصحية قبل الحج:-

وتشمل مجموعة من النصائح الصحية للحاج أثناء الاستعداد للحج:
أ- نصائح عامة:-
1. مراجعة الطبيب قبل السفر للحصول على المستجدات في الإجرات الوقائية والتطعيمات المطلوبة. والتأكد من أستقرار الحالة الصحية والقدرة على الحج لمن لديه مرض مزمن.
2. حمل بطاقة خاصة تبين تشخيص المرض لكل مريض مصاب بمرض مزمن، لتسهيل عملية إسعافة في حالة إصابته –لا قدر الله-أو وجود مضاعفات للمرض، ويفضل أن تكون سوار حول المعصم.
3. حمل تقرير مفصل يوضح التشخيص والعلاج والجرعات لكل دواء لكل حج لديه مرض يحتاج المتابعة والرعاية.
4. أخذ كمية كافية من الأدوية التي يستخدمها أي مريض ، لأنها قد لا تكون متوفرة في المشاعر.

ب.التطعيمات الخاصة بالحج:-
أخذ التطعيم بفترة كافية قبل الحج أمر ضروري لوقاية الحاج والحجاج من الأمراض. وهناك عدد من التطعيمات يوصى بأخذها قبل الحج منها ما هو الزامي ، ومنها ما هو أختياري نلخصها في التالي:-

ج-التطعيم ضد الحمى الشوكية (التهاب السحايا):-
• وهو من التطعيمات التي تشترط الحكومة السعودية أخذها قبل السفر للحج. والحمى الشوكية من الأمراض المعدية الخطيرة. وتنتقل بواسطة الرذاذ المتطائر من الفم و الأنف، وتصيب أغشية المخ و النخاع الشوكي، وتودي غالباً إلي الوفاة-لاقدر الله- إن لم تعالج ، وقد تودي إلي إعاقات عصبة في حالة تأخر العلاج.
واللقاح عبارة عن جرعة واحدة (نصف ملل)، تحقن تحت الجلد. وإليك هذه النقاط المهمة المتعلقة بهذا اللقاح:-
◙ يستخدم التطعيم ضد جرثومة تسمى (مننجوكوكس)، وهي أشهر أسباب الحمى الشوكية و أخطرها. وهو عبارة عن تطعيم رباعي التكافؤ ACYW135 ويعطى للبالغين و الأطفال من سن سنتين و أكثر.والأطفال ما بين عمر ثلاثة شهور وسنتين يتم أعطاهم جرعتين من لقاح(A) بينهم ثلاثة شهور.وفي حالة عدم توفر اللقاح يعطون العلاج الواقي.
◙ يجب أن يتم اللقاح قبل عشرة أيام من السفر على الأقل.ويستمر مفعولة ثلاث سنوات يتم التطعم بعدها عند السفر مرة أخرى للحج.

 التطعيم ضد الأنفلونزا:-
وهي تصيب نسبة كبيرة من الحجاج، وتؤثر على أدائهم للمناسك وتصيبهم بالتعب و الإرهاق العام، وقد تستمر معهم حتى بعد إكمالهم الحج. ولذلك هناك تطعيم للأنفلونزا ينصح بأخذه، ولكنه اختياري.و يتأكد أنه مطابق لتوصيات الجهات الصحية في المملكة، والتي تصدر سنوياً بهذا الخصوص.
 التطعيم ضد الالتهابات الريوئية:-
ويسمى لقاح (نيمو كوكس)، وهو لقاح خاص لا يعطى لكل الحجاج، ولكنه يعطى للمرضى المصابين بالأنيميا المنجلية، أو الفشل الكلوي، أو نقص المناعة، أو المرضى الذين تم استئصال الطحال لديهم. كما يمكن أعطاه للحجاج كبار السن، أو الذين يعانون من أمراض مزمنة في الكبد أو القلب أو الرئة.
 التطعيم ضد الحمى الصفراء:-
ويعطى للمرضى القادمين من المناطق المنتشر فيها المرض، كالمنطق شبه الصحراوية الأفريقية، وبعض الدول في أمريكا الجنوبية.
 تطعيم الأطفال:-
 يتأكد من استكمالهم للتطعيمات الأساسية ضد أمراض الطفولة الرئيسة، بالإضافة إلي التطعيمات الخاصة بالحج.

.الإستعدادات الصحية أثناء الحج:-
أ.إرشادات عامة:-
1- أخذ قسط وافر من الراحة قبل وبعد كل شعيرة من شعائر الحج بهدف إعادة الحيوية للجسم، وبما يعينه على تأدية بقية أعمال الحج.
2 - المحافظة على نظافة الجسم، فهي عنصر مهم للوقاية من الأمراض.
3 - الإكثار من شرب السوائل كالماء والعصير واللبن وغيره.
4- في حالة شدة الحرارة يفضل تجنب الطواف والسعي وقت الظهيرة، واستخدام المظلة الواقية من الشمس .
5 - الامتناع عن تناول الأغذية المكشوفة المعرضة للذباب والأتربة، واستعمال الأغذية المغلفة أو المحفوظة بقدر الإمكان، مع التأكد من تاريخ صلاحيتها.
6- يفضل في الأطعمة تناول الفواكه والأطعمة المسلوقة المفيدة للجسم وغير المهيجة للأمعاء، والبعد قدر الإمكان عن الأطعمة المعلبة المحفوظة لفترات زمنية طويلة .
7 -. التوجه لأقرب مركز صحي في حالة اشتداد الألم، أو حدوث مضاعفات أخرى.

ب.الحقيبة الطبية:-
وتحتوي على مجموعة من الأدوية قد يحتاجها الحاج أثناء حجه كما في الجدول التالي:-
 أدوية عامة وتشمل:-
o خافظ الحرارة مثل الباراسيتامول
o مضاد السعال و طارد البلغم
o كريمات و فازلين و بودرة
o كريمات و مراهم لإصابات العضلات
o كريمات للجروح
o الأملاح التعويضية بالفم مثل أملاح الصوديوم و البوتاسيوم والتي قد يحتاجها الحاج لضربات الشمس و الإرهاق الحراري أو نوباتالإسهال الشديدة
 أدوية خاصة وتشمل:-
o أدوية خاصة ببعض الأمراض المزمنة مثل أدوية السكري، و أرتفاع ضغط الدم، والربو، وأمراض القلب وغيرها من الأمراض المزمنة حسب حالة كل حاج بكمية كافية.

إليك عزيزي الحاج بعض المشاكل الأكثر شيوعًا، والتي قد تواجهها أثناء أداء الشعائر، والنصيحة لكيفية علاجها، وهي: التشنج والإنهاك الحراري، وضربات الشمس، والحروق الجلدية الشمسية، والنزلات المعوية.
1- الإنهاك الحراري: يحدث نتيجة نقص الماء والملح في الجسم أو نقص أحدهما؛ نتيجة للإجهاد الشديد، ويصاحبه عادة إحساس بالإرهاق والعطش وغثيان وارتفاع في درجة الحرارة، وتشنج في عضلات البطن والرجل، وعلاجه يكون بإعطاء محلول ملحي على فترات، مع تدليك العضلة المتشنجة برفق، ونقل المصاب إلى مكان مظلل، وتبريد جسمه برشه بالماء.
2- ضربات الشمس: أكثر الحجاج إصابة بها هم سكان المناطق الباردة، وكبار السن ومرضى السكري والفشل الكلوي والإسهال، وأعراضها: إغماء وتشنجات نتيجة ارتفاع درجة حرارة الجسم، وعلاجها يكون بالمحافظة على تنفس المصاب؛ لأنه عادة يكون فاقدًا للوعي، مع عدم إعطائه أي سوائل عن طريق الفم لمنع وصولها إلى الرئتين، وينبغي نقله إلى أقرب مركز لعلاج ضربات الشمس.
3- الحروق الجلدية الشمسية: تحدث نتيجة تعرض الجلد لأشعة الشمس المباشرة ولفترة طويلة، فتبدأ بالاحمرار، يتلوها ظهور فقاقيع مائية يصاحبها ألم شديد، وعلاجها يتم بنقل المصاب إلى مكان مظلل، مع استخدام المكمدات الباردة، ووضع مرهم للحروق مثل سلفات الفضة وتغطيتها بشاش طبي معقم جاف .
4- النزلات المعوية:
تحدث نتيجة تناول الأطعمة الملوثة عن طريق الفم، وعدم نظافة الأطعمة، وأعراضها: حدوث قيء أو إسهال، أو قيء وإسهال معًا مصحوبة بالألم في البطن، أما علاجها فهو: الإكثار من شرب السوائل والعصائر، واستخدام محلول معالجة الجفاف بإذابته في ماء معقم وشربه، وفى حالة استمرار الإسهال و شدته يمكن تناول كبسولتين من عقار "الإيموديوم" وهو كفيل بمنع الإسهال في الحال، إضافة إلى ذلك يجب غسل اليدين بالماء والصابون بعد استعمال الحمام لمنع انتقال العدوى، ومراجعة المركز الصحي عند استمرار الإسهال لأكثر من 24 ساعة، أو عند حدوث إسهال مصاحب بمخاط أو دم عند حدوث حمى .
5. حالات الإغماء و خاصة عند مرضى السكري:
يحدث أحيانا أن يصاب الحاج بالإغماء، و خاصة إذا كان مريضاً بالسكري، ويجب هنا التفريق بين الإغماء نتيجة لزيادة نسبة السكر بالدم، وذلك نتيجة للنقص الشديد في مستوى السكر، إثر تناول جرعة كبيرة نسبياً من الأنسولين، ففي الحالة الثانية يعاني المريض من تشنجات ورعشات بالجسم تكون واضحة مصحوبة بعرق غزير، و يمكن هنا ترطيب حلق المريض بمصدر سريع للسكر، مثل عسل النحل قبل إعطائه جلوكوز عن طريق الوريد،
وإذا كان المريض في حالة إدراك، يجب عليه تناول ما يعادل 15 مجم من المواد النشوية سريعة الامتصاص مثل: نصف كوب من عصير الفاكهة، أو كوب من الحليب، أو 5 قطع من الحلوى (السكاكر)، أما إذا كان الإغماء نتيجة لارتفاع السكر بالدم، فيجب معالجته بحرص مع سرعة نقله إلى أقرب مركز صحي .
6. حفظ الأدوية بطريقة سليمة:-
يجب على الحاج العناية بكيفية حفظ الأدوية، خاصة في الجو الحار للمشاعر. وذلك في ثلاجات، أو حافظات خاصة. وخاصة بعض الأدوية مثل الأنسلوين.
7. تجنب الأفتراش:-
وذلك أن افتراش الأرصفة والطرقات يسهم في انتشار الحوادث، وعرقلة سير سيارات الإسعاف والدفاع المدني، بالإضافة إلي انتشار الأوبئة، وتعرض الحجاج إلي الإجهاد، و الإنهاك الحراري وضربات الشمس.
8. كمامات الأنف:-
ينتشر بين الحجاج استخدام كمامات الأنف والفم بكثرة للوقاية من انتشار الأمراض في الحج ، وهذه النوعية من الكمامات لم تعد لمثل هذا الاستخدام الشديد. وهي تجمع كميات كبيرة من الأتربة والغبار أثناء استخدامها لمدة طويلة.دون وجود ما يثبت علمياً أنها تقي من الجراثيم والغبار. لذلك إذا كان ولا بد من استخدامها فينصح بتغييرها بصفة مستمرة.
9. الحلاقة ... الحلاقة:-
أن الحلاقة عند كثير ممن يزاولون الحلاقة عند الجمرات أو بجوار الحرم ينقصهم كثير من اساسيات الوقاية ،والحلاقة بطريقة آمنة .مما قد يسهم _لاقدر الله_ في انتشار بعض الأوبئة ومن أخطرها فيروس الإيدز، والفيروسات الكبدية من نوع(ب)،(ج). فينصح بأصطحاب أدوات حلاقة خاصة بالحاج مع كريم أو صابون الحلاقة. أو في أقل الأحول يضمن تغيير الموس بموس جديدة وتعقم أداة الحلاقة أمام الحاج.و الحذر من أن يطآ بقدميه الأمواس الملقاة على الأرض.
10. الأمتناع عن التدخين:-
التدخين حرام شرعاً ، ومضر بإجماع علماء الطب. وفي الحج حيث أزدحام الناس ، و أختناق الأنفاس و التقارب في المساكن ،فإن ضرر التدخين متعد ومتيقن للغير، سواء بالخطورة الصحية. أو بخطورة أمكانية اشعال الحرائق . والحج فرصة كبيرة للإقلاع عنه ، والتوبة منه ،ومن تركه لله أبدله الله خيراً منه.

ج. علاج الحالات الصحية الخاصة :-
1. مرض السكري:
لا يؤثر هذا المرض على أداء المناسك إذا ما اتخذت الاحتياجات اللازمة، فعندما يرغب المصاب بالسكري الذهاب إلى الحج، فإن هناك أموراً لابد من فهمها ومعرفتها معرفة جيدة ليتيسر له الحج بيسر وسهولة دون أن يعرض نفسه لأي مضاعفات، ولتبسيط ذلك نوضح الآتي:
أ- يجب على المصاب بالسكري قبل سفره للحج زيارة الطبيب المعالج؛ للحصول على العلاج الكافي، والحصول على تقرير عن حالته المرضية للاستفادة منه إذا لزم الأمر، وزيارة مركز السكر للحصول على الإرشادات الضرورية خلال فترة الحج، ومعرفة أعراض ارتفاع وانخفاض السكر في الدم وكيفية علاجهم، بالإضافة إلى زيارة أخصائي التغذية لإعطاء الإرشادات المهمة عن البرنامج الغذائي، والذي يتلاءم مع ظروف الحج.
ب- لابد من تجهيز حقيبة خاصة بحيث تحتوي على بطاقة تفيد بأنه مصاب بالسكري، والتقرير الطبي المعد من قبل الطبيب مع كمية كافية من العلاج سواء كان حبوب أو إنسولين أو غيرها، وجهاز قياس نسبة السكر بالدم إذا أمكن، حيث يحتاج المصاب إلى زيادة عدد مرات الفحص خلال فترة الحج عن المعدل الطبيعي، الأدوات الخاصة لفحص نسبة السكر والكيتون في البول
وبعض الحلوى أو قوالب السكر التي يحتاجها عند انخفاض السكر في الدم . ويجب أن تكون الحقيبة الخاصة بأدوات السكري منفصلة عن حقيبة ملابسه، وتكون ملازمة له طوال الوقت لاستخدامها عند الحاجة، كما ينصح باستخدام الملابس الواسعة والمريحة وخاصة الجوارب القطنية والأحذية المريحة؛ لتجنب التعرض للمشاكل في القدمين، وإحضار الشمسية للوقاية من ضربات الشمس أثناء السفر.
ج- يفضل أن يصطحب المصاب بالسكري -أثناء سفره للحج- شخصاً يرافقه، وتكون لديه معلومات كافية عن مرضه؛ لكي يستطيع مساعدته إذا لزم الأمر، ويفضل أن يغير وضع جلوسه على المقعد بالحركة من حين لآخر لكي ينشِّط الدورة الدموية لديه .
د- الحرص على عدم تقليم أظافره بشكل قد يؤدي للتسبب في جرح أصابع يديه أو قدميه، وأن يلبس حذاءين واسعين لينين، وأن يتذكر أن نسبة الإحساس في القدمين أقل من المعدل الطبيعي، لذا فعليه الحرص عندما يمشي على ألا تقع قدمه إلا على مكان نظيف وخالٍ من أي مواد قد تكون مؤذية لقدميه، أما عند الطواف والسعي فلابد أن يتناول وجبة خفيفة مع كمية من السوائل أو الماء قبل البدء بهما، وحمل قطعة من الحلوى أو السكر لاستخدامها عند الشعور بأعراض انخفاض السكر مباشرة، وأن يبتعد عن المناطق المزدحمة، وأن يكون الطواف والسعي في وقت بارد نسبيا، كما أن قياس نسبة السكر في الدم قبل الطواف والسعي وبين أشواطهما يساعد على تجنب التعرض إلى هبوط مستوى السكر، فإذا كانت نسبة السكر في الدم أقل من 60 ملجم / دل أو 3 مليمول /ل فيجب شرب كأس من العصير، أو تناول قطع الحلوى أو السكر، ثم التزام الراحة وبعد 15 أو 20 دقيقة من الراحة يعاد فحص السكر في الدم، فإذا كان مرتفعا فلا بأس من البدء في الطواف والسعي، أما إذا كان السكر منخفضا فيجب أن يتكرر تناول شيء محلى مرة أخرى قبل البدء في الطواف والسعي، وفي الوقوف بعرفة يكون الحاج معرضاً لأشعة الشمس الحارة .
هـ- لتجنب التعرض لضربات لابد من استخدام الشمسية أو البقاء في الخيمة والحرص على تناول كمية كافية من السوائل أو الماء؛ لكي يعوض كمية السوائل التي يفتقدها، والحرص على تناول الوجبات في الأوقات المناسبة.
و - إذا كان المصاب بالسكري يستخدم حقن "الأنسولين" فيجب مراعاة حفظ "الأنسولين" في ثلاجة خاصة في هذا اليوم الذي يكثر فيه التنقل وعدم الاستقرار .
ز - عندما ينفر الحجيج إلى مزدلفة قد تطول المسافة من كثرة الزحام، سواء ماشيا أو راكباً سيارة، لذا لابد من تناول وجبة قبل النفرة من عرفات، وأخذ بعض العصائر معه؛ لمنع انخفاض مستوى السكر في الدم أثناء ذلك .
ح - في يوم عيد الأضحى المبارك يتناول الحجيج اللحوم المشوية والوجبات الدسمة، وعلى المصاب بالسكري في هذه الحالة مراعاة ذلك والاهتمام بنظامه الغذائي، وذلك بتناول الكميات المسموح له بها، وتقسيمها على الوجبات الرئيسة والخفيفة؛ كي لا يتسبب في ارتفاع نسبة السكر في الدم، وفي حالة ارتفاع نسبة السكر في الدم أكثر من 250 ملجم /مل، وخاصة للمصابين بالسكري من النوع الأول المعتمد على الإنسولين يجب فحص البول لمادة الأسيتون، فإذا ظهرت هذه المادة عند فحص البول أو أظهرت أعراض الحامض الكيتوني أي ظهور لرائحة الأسيتون في الفم، فيجب مراجعة أقرب مركز لعلاج هذه الحالة، والتأكد من صلاحية الإنسولين الموجود لدى المريض، ولابد للمصاب بالسكري بعد عودته من الحج مراجعة طبيبه المعالج، خصوصا إذا واجه بعض المضاعفات والمشاكل أثناء الحج .
2. ارتفاع ضغط الدم:
يعد ارتفاع ضغط الدم من الأمراض المنتشرة، و هناك الكثير من العوامل التي قد تساعد على ارتفاع ضغط الدم، مثل العامل الوراثي، التدخين، السمنة، إهمال ممارسة الرياضة، بالإضافة إلى القلق و التوتر، ويمكن للحاج المصاب بارتفاع ضغط الدم أن يؤدي المناسك بيسر و سهولة إذا ما اتبع الإرشادات التالية:
أ- يجب على الحاج قبل السفر مراجعة طبيبه الخاص، ومتابعة قياس الضغط.
ب- يجب عليه كذلك أخذ أدوية الضغط التي وصفها له الطبيب، واتباع تعليماته في تناولها.
ج- البعد عن جميع العادات الغذائية السيئة التي من شأنها أن تزيد الحالة سوءأً مثل تناول الشاي و القهوة، والإكثار من تناول الأطعمة الدسمة، والتدخين حتى السلبي منه .
د - البعد كل البعد عما يثير التوتر و القلق، و غني عن البيان أن مثل هذه الرحلة الإيمانية المباركة سوف يكون لها أبلغ الأثر فى إزالة عوامل التوتر والقلق، و لا تنسَ أخي الحاج الإكثار من الصلاة و الدعاء و قراءة القرآن، فهي ذات تأثير قوي إن شاء الله .
هـ- يجب ألا تنسى عزيزي الحاج أن تحضر معك أدوية الضغط، وأن تأخذها بانتظام حسب أوقات المناسك .
و - الابتعاد عن الأشربة و الأطعمة التي من شأنها أن تؤدي إلى ارتفاع ضغط الدم مثل أملاح الصوديوم و كذلك مشروب العرقسوس .
3. مرضى الحساسية و الأزمات الربوية:
يجب على هؤلاء المرضى الاهتمام كل الاهتمام بالإرشادات الطبية لتجنب أي أزمات أو مضاعفات مرضية، و خاصة أن الزحام في أماكن تأدية الشعائر يمكن أن يصيبهم بإجهاد شديد قد يتسبب في هذه الأزمات، لذا يجب على هؤلاء المرضى البعد عن أماكن الزحام و خاصة أماكن رمي الجمار، والحرص على مراجعة الطبيب قبل السفر، و كذلك أخذ الأدوية المختلفة و التي يحتاجها المريض، و على رأسها بخاخات الربو مثل الفنتولين، والبعد عن تناول الأدوية التي قد تتعارض مع المرض، مثل مضادات بيتا المستخدمة في علاج ضغط الدم، في حالة إذا ما كان المريض يعاني أيضا من ارتفاع في ضغط الدم، كذلك تجنب الإصابة بنزلات البرد قدر المستطاع، حيث إنها تساعد على زيادة احتمالات الإصابة بالأزمات الربوية.
الجدير بالذكر، أن هناك حالات مرضية قد تسوء نتيجة لارتفاع نسبة الرطوبة في الجو كعامل من العوامل المحفزة لزيادة الحساسية، و من ثم الإصابة بالأزمات الربوية، لذا يجب الحرص قبل السفر على مراجعة نسبة الرطوبة في أماكن المشاعر.
4. الحمى المخية الشوكية:
هو مرض بكتيري حاد يصيب الأطفال والكبار، وهو أحد أنواع التهاب السحايا [الأغشية المحيطة بالدماغ والحبل الشوكي]، ويؤثر هذا الالتهاب على وظائف الجهاز العصبي، وتبلغ نسبة الوفاة منه بدون معالجة حوالي 50 %، بينما تصل ما بين 5 إلى 10 % بعد المعالجة، كما تتسبب في إحداث إعاقة عصبية لحوالي 10 % من الأحياء.
ويسبب المرض (بكتيريا النيسرية السحائية) وتتراوح فترة الحضانة عادة ما بين 2 إلى 10 أيام، وينتقل المرض مباشرة من حاملي الميكروب عن طريق الرذاذ.
وهناك عدد من الاحتياطات التي تساهم في الوقاية من الإصابة بالحمى المخية الشوكية منها: النظافة الشخصية، وتهوية غرف النوم ليدخل فيها الهواء وأشعة الشمس، وغسل الأيدي بعد مصافحة المرضى، وتجنب التعرض للتيارات الهوائية، والتغذية السليمة لرفع مناعة الجسم، وتجنب الأماكن المزدحمة إن أمكن، وعدم مشاركة الآخرين في استعمال الأدوات الخاصة، مثل المناشف والمناديل والأكواب، مع ضرورة استعمال المنديل عند العطس.
نسأل الله أن يسلم الحجيج في البر والبحر والجو، وأن يعيدهم سالمين غانمين .
5.مريض الكُلى:-
أمراض الكلى كثيرة وهي تشمل المرضى الذين يحتاجون غسيل كلوي، وضعف وظائف الكلى، وحصوات الكلى. فبالنسبة للمريض الذي يحتاج إلي غسيل فلابد من الترتيب المسبق في توفر أجهزة غسيل الكلى و أمكانية الوصول إليها. أو تسقط عنه الفريضة. أما غيرهم فلابد من الفحص المسبق من قبل الطبيب وتحديد أمكانية حجه. وما هي الأحتياطات التي يجب عليه أتباعها. أما بالنسبة لمريض حصوة الكُلى فعليه الإكثار من شرب السوائل بمعدل 2 لتر يومياً. كما ينصح بتجنب حرارة الشمس. وأداء بعض المناسك بعد غروب الشمس.
6.مريض الصرع:-
يعتد على مدى التحكم عن طريق الأدوية بنوبات الصرع، وهل هذه النوبات تتكرر أم أن المريض بناءً على محافظته على الدواء تم السيطرة على هذه النوبات. أمثال هولاء لا باس من أداءهم فريضة الحج. أما المشخصين حديثا فينصح بالتأجيل حتى يتم التحكم بالحالة والسيطرة على النوبات.و على مريض الصرع أن يأخذ كمية كافية من الأدوية، و أن يصحبه أحد معارفه تحسباً لأي طارئ.

د.محظورات صحية أثناء الحج:-
1 - تجنب البقاء في المواقع المعرضة لتساقط الصخور.
2- تجنب تمامًا النوم تحت "الحافلات" والسيارات؛ لأنه يعرضك للخطر.
3- تجنب ضربات الشمس الحارقة بالمظلة الواقية وكثرة السوائل.
4- تجنب تخزين المواد القابلة للانفجار والحريق.
5- من أجل صحتك والآخرين تجنب ملوثات الغذاء.
6- لا توقد نارًا داخل خيمتك؛ بل استخدم الأماكن المخصصة للطهي.
8- تعرف على أقرب مخرج للطوارئ
9-. لا تحمّل التمديدات الكهربائية فوق طاقتها
10- احتفظ بطفاية حريق صغيرة للضرورات
11-. في حالة حدوث حريق ـ لا سمح الله ـ اعمل على فصل التيار الكهربائي بسرعة.
12- إذا شاهدت حريقًا ولو صغيرًا؛ فبلِّغ عنه فورًا.
13- تجنب نصب الخيام على الجبال والمرتفعات؛ لأنه يعرضك للخطر المفاجئ
14-. افصل التيار الكهربائي عند مغادرتك لمكان إقامتك .
15 - تجنب الركوب فوق أسطح الحافلات والسيارات؛ لأنه يعرضك للخطر.
16- عند قضاء الحاجة استخدم الأماكن التي خصصت لهذا الغرض؛ حتى لا تؤذي نفسك والآخرين.
18. ترفَّق بالضعفاء والنساء والمرضى، ولا تزاحمهم؛ لأن الله سيسألك عنهم.
19- تجنَّب الزحام الشديد، والتدافع حتى لا تعرض نفسك والآخرين للخطر.
20- تجنب تسلق الأحجار والصخور؛ فإنه يعرضك للخطر
21- احذر النوم أو الجلوس في الأنفاق؛ لأنها ليست مخصصة لذلك .و أخيرا، فإن أخلاص العمل لله وحده في أداء هذه الفريضة وتجنب الذنوب والمعاصي لتكون حريةًُ بالقبول، ويعود الإنسان منها وقد غفر الله له ذنوبه حتى يعود كيوم ولدته أمه.

-----------------------
المراجع:-
1. الحج وصف لرحلة الحج من البداية إلي النهاية ، د.عبدالله الطيار،مكتبة الوطن
2. صحتك في الحج، كتاب تثقيفي لحجاج بيت الله الحرام، د. خالد بن محمد الجابر، الطبعة الأولى 1423هـ،مؤسسة الأعلام الصحي
3. موقع الإسلام اليوم.
4. الموسوعة الطبية الفقهية،موسوعة جامعة للأحكام الفقهية في الصحة و المرض والممارسات الطبية،د.احمد كنعان، دار النفائس، الطبعة الأولى،1420هـ



 
التعديل الأخير:
أبحاث طبية في الحج
الدكتور حسان شمسي باشا

الحج موسم إسلامي فريد ، يتجمع فيه على بقعة واحدة ولعدة أسابيع أكثر من مليوني مسلم من جميع أنحاء العالم .. ولا شك أن الحج يفرض على الحاج عددا من الأمور ، فهناك مصاعب السفر ، والمشي أثناء تأدية الشعائر الدينية . وتقلبات الجو في مكة المكرمة والمدينة المنورة أثناء فصل الصيف ..

ولا غرابة إذن أن يشعر العديد من الحجيج بالتعب والإرهاق نتيجة التعرض لطارئ التغيرات ، كما أن ذلك قد يزيد الأعباء الملقاة على القلب والصدر أو الكليتين عند المصابين بمرض في هذه الأعضاء .

ولما كانت تأدية مشاعر الحج تتم في وقت محدد ، فإن العديد منهم يتردد في طلب الاستشارة الطبية ، رغم ما وفرته حكومة المملكة العربية السعودية من خدمات صحية مجانية للحجيج ، كما أن هناك عددا منهم يتعجل في طلب الخروج من المستشفى كي لا تفوته إحدى شعائر الحج .

ومما يسعد النفس أن نجد عددا من الدراسات الطبية قد نشرت حديثا في بعض المجلات الطبية . فكانت من بينها دراسة عن ضربات الشمس التي يتعرض لها الحجاج ، وأخرى عن المشاكل الطبية والجراحية التي تحدث عندهم بشكل عام ، ودراسات عن المشاكل الكلوية وأخرى عن التهاب السحايا وغيرها ..

التهاب الأمعاء أكثر الأمراض انتشار في الحج . نشر الدكتور حسن الغزنوي من جامعة الملك عبد العزيز بجدة عام 1988 م دراسة نشرت في مجلة Saudi Medical Journal قد أجريت على عدد من الحجيج ، وأظهرت الدراسة أن لتهاب المعدة والأمعاء كان أكثر الأمراض شيوعا بين الحجيج ، وخاصة عند المصريين والسوريين . وكان المسنون أكثر عرضة للإصابة به . أما السبب الثاني فكان التهاب الرئة حيث ترافق بنسبة عالية من الوفيات عند من هم فوق الخمسين .

ولكن السبب الرئيس للوفيات عند الحجاج كان ( ضربة الشمس Heat Stroke ) حيث كان مسؤولة عن 28% من الوفيات عند الحجاج . وكان المسنون والنساء أكثر عرضة للوفاة من الاختناق بسبب الازدحام أثناء رمي الجمرات .

أمراض القلب عند الحجيج
لا شك أن هناك العديد من مرضى القلب الذين يأتون إلى الحج كل عام . وقد قام الدكتور محمد يوسف من مستشفى الملك عبد العزيز بالمدينة المنورة بإجراء دراسة في موسم حج عام 1413 هـ ، وخلال ذلك الموسم أدخل 754 حاجا إلى المستشفى مصابا بمشاكل طبية باطنية . وكانت نسبة المصابين بالأمراض الصدرية 73 % من الحالات ، في حين كان نسبة المصابين بمرض قلبي 61 % . وكان ربع مرضى القلب مصابا بمرض في شرايين القلب التاجية ، أما الربع الآخر فكان مصابا بارتفاع ضغط الدم

وبلغت نسبة الذين أصيبوا بجلطة في القلب Myocardial Infarction %16 من الحالات . وللأسف فقد كان معظم المرضى مصابا بأكثر من مرض واحد .. وقد توفي خلال تلك الفترة 57 حاجا ، وكانت جلطة القلب مسؤولة عن نصف هذه الوفيات .

وأكد الباحث في بحثه الذي قدم في اجتماع جمعية أمراض القلب عام 1995 م أن توقف المرضى عن تناول الدواء كان السبب وراء دخول الكثيرين منهم إلى المستشفيات .. ومن المشاكل التي يواجهها الأطباء في معالجة الحجاج صعوبة التفاهم مع المريض بسبب عائق اللغة ، وعدم وجود تقارير طبية لدى المرضى تنبئ عن حالتهم الصحية قبل مجيئهم إلى الحج .

ضربة الشمس عند الحجيج
ضربة الشمس حالة طبية إسعافية تتميز بارتفاع درجة حرارة الجسم إلى ما فوق 40ْ م ، وانعدام التعرق ، وحدوث اضطرابات في الجهاز العصبي تتراوح ما بين الاختلاط الذهني وفقدان الوعي ( السبات ) . وفي المملكة العربية السعودية ، وحيث الحرارة أثناء فصل الصيف قد تصل إلى 48ْ م ، إن حالات ضربة الشمس عادة قليلة عند السكان المحليين نظرا لاعتيادهم على تحمل مثل تلك الدرجات . ولكن حدوث ضربة الشمس يزداد بشكل واضح أثناء موسم الحج ، حينما يأتي فصل الصيف ، عند الوافدين من الحجاج .

وتحدث حالات ضربة الشمس عادة في الأسبوعين الأولين من شهر ذي الحجة على الطريق المؤدية من مكة المكرمة إلى عرفات فمنى فمكة المكرمة ، بسبب الزحام والجو الحار وعوامل أخرى عديدة .. وقد وضعت حكومة خادم الحرمين الشريفين ترتيبات خاصة للوقاية ، ولعلاج حالات ضربات الشمس في مراكز متخصصة في مكة المكرمة ومنى وعرفات .. وتحتوي هذه المراكز على وحدات خاصة لتبريد الجسم أطلق اسم ( وحدات مكة المكرمة لتبريد الجسم )

وقد نشرت المجلة الطبية السعودية عام 1986 م دراسة قورنت فيها طريقتان من طرق التبريد ، الأولى : وهي طريقة التبريد السريع بواسطة ( وحدة مكة المكرمة لتبريد الجسم) وأما الثانية : فكانت الطريقة التقليدية البسيطة للتبريد ، وذلك بتغطية جسم المريض بصفائح من الشاش المرطب مع رذاذ الماء العادي في درجة حرارة الغرفة على المريض ، وتعريضه لتيار هوائي من جميع الاتجاهات بمراوح كهربائية . ولم يكن هناك أي اختلاف يذكر في زمن التبريد ، أو النتائج النهائية بين المجموعتين ، مما يوحي بأن الطريقة العادية والبسيطة ما زالت وسيلة فعالة في علاج هذه الحالات .

ويعزو الباحثون سبب كثرة حدوث ضربة الشمس عند الحجيج إلى عدة عوامل منها :
1. ارتفاع حرارة الجو والرطوبة أثناء الليل عندما يكوم موسم الحج في الصيف .
2. ازدحام الحجيج وما ينجم عنه من قلة حركة الهواء .
3. عدم التعود على الجو الحار .
4. الأعمال المجهدة التي يقوم بها الحجاج كالمشي ، وخاصة في منتصف النهار وإصرار بعض الحجاج على صعود جبل الرحمة يوم عرفات ، والمسير لعدة كيلومترات .
5. ازدحام السيارات والباصات ، وعدم وجود مكيفات هوائية في العديد منها .
6. الإصابة السابقة للعديد من هؤلاء المرضى بأمراض مختلة كمرض السكري والأمراض القلبية وغيرها .
7. البدانة
8. الجفاف
9. الشيخوخة .

التغيرات القلبية في ضربة الشمس
نشرت مجلة Journal of Saudi Heart Association عام 1994 م عددا من الدراسات التي قدمها الباحثون في مؤتمر أمراض القلب الذي عقد في مدينة الدمام في شهر كانون الثاني يناير 1994 م . ومن هذه الأبحاث بحث قدمه الدكتور ليث ميمش من مستشفى الملك فيصل التخصصي بالرياض ، حيث قام وزملاؤه بدراسة التغيرات التي تحدث في تخطيط القلب عند 28 مريضا أصيب بالإعياء الحراري Heart Exhanstion و 34 مريضا أصيبوا بضربة الشمس . وتبين أن تخطيط القلب كان غير طبيعي عند 29 من أصل 34 مريضا .

وكان تسرع القلب الجيبي Sinus Tachycardio هو الصفة الغالبة عند كثير من المرضى . كما كانت هناك تبدلات في تخطيط القلب توحي بوجود نقص في تروية العضلة القلبية .

وقدم الأستاذ الدكتور محمد نوح من مستشفى جامعة الملك خالد بالرياض دراسة أجريت على 51 حاجا مصابا بضربة الشمس بواسطة تخطيط القلب بالأمواج فوق الصوتية . فتبين أن 17 % من هؤلاء كان مصابا باضطراب موضعي في حركية عضلة القلب . كما حدث انصباب في التامور ( الغشاء المغلف لعضلة القلب ) في ربع الحالات .

الأمراض الطفيلية في الحج
أجرى الدكتور سروات من مستشفى النور بمكة المكرمة دراسة نشرت في مجلة J.Egypt Soc . Parasitology عام 1993 م حول نسبة حدوث الأمراض الطفيلية عند الحجاج . فكان من أكثرها شيوعا حدوث الاسهالات نتيجة الإصابات بطفيلي الجيارديا . وهو مرض شائع الحدوث في البلدان النامية ، ويمكن التعرف على هذا المرض بواسطة فحص البراز . كما يمكن معالجته بسهولة بواسطة عقار يدعى ( Flagyl ) Metronidazole كما شوهدت بعض حالات من الملاريا والبلهارسيا . وأكد الباحثون أن فحص البول والبراز يظل وسيلة فعالة جدا في تشخيص هذه الأمراض .

ينصح الحاج قبل مجيئه بمراجعة طبيبه ، والحصول على تقرير طبي بالحالة المرضية كما ينصح بالتزود بكمية كافية من الدواء كي لا ينقطع عن تناول أدويته الموصوفة له من قبل. وهناك عدد من الوصايا العامة للحجاج أهمها :

1. الاعتناء بنظافة الطعام والشراب ، وغسل الخضراوات والفواكه جيدا .
2. تجنب التعرض للشمس لفترات طويلة ، والابتعاد عن أماكن الازدحام قدر الإمكان
3. أخذ قسط كاف من الراحة والنوم .
4. ارتداء الملابس القطنية الخفيفة الواسعة والفاتحة اللون .
5. الإكثار من السوائل في الأيام الحارة وخاصة في يوم عرفات .
6. الإقلال من المجهود العضلي كالمشي في الأسواق عند اشتداد حرارة الجو
7. استشارة الطبيب فور الشعور بأي توعك أو مرض .
 
إرشادات طبية للحاج
د. خالد موسى

- فرض الله على عباده الـحـج مرة في العمر لقوله تعالى. ((ولِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ البَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إلَيْهِ سَبِيلاً ومَن كَفَرَ فَإنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنِ العَالَمِينَ))
[آل عمران:97]. والحج طاعة لله وتزكية للنفس وتطهير للعبد من الذنوب والخطايا ، وهو مؤتمر إسلامي جامع تتوافد إليه الجموع من كل بقاع الأرض.
المناسب أن نستعرض في هذه الـعـجالة بعض الجوانب الطبية الهامة ، إذ أن هذه الجموع الهائلة من الناس، قد تكون فريسة سهلة لشتى أنواع الأمراض والأوبئة ، لذا وجب على الحاج معرفة كل ما يتعلق بحمايته من الناحية الصحية.
وسنبدأ بأكثر الأمراض انتشاراً في موسم الحج يجمعها عامل مشترك هو شدة الازدحام.

1- الرشح والزكام:
سببهما حمات راشحة (فيروسات) مـتـنـوعـة ، والـوقـايـة ممكنة عن طريق تجنب التبول الحراري المفاجئ ، والابتعاد عن مواجهة التكييف والتـبـريـد الـمباشر ، وتجنب العطاس والسعال في مواجهه الآخرين ،وإلقاء المناديل ، وإتلافها في أماكن خاصـة ، والابتـعـاد ما أمكن عن لمس المصابين بالمرض واستشارة الطبيب للعلاج.

2-التهاب الطرق التنفسية العليا:
سواء كان صحي أو جرثومي فإن أسبابه مشابهة لما سبق ذكره غير أن الوقاية يجب أن تطبق بصرامة أكبر ،وفي حالات دقيقة قد تحصل بعض الإصابات "بذات الرئة" وتكون هنا الإصابة أكثر شدة ، وتتطلب علاجاً صارماً.

3 - التهاب المعدة والأمعاء:
وأسبابها غذائية ، طفيلية ، حمية ، فيروسية ، جرثومية ، وأعراضه غثيان وقيء ، آلام بطنية ،إسهالات ومتكررة ، وربما صداع وارتفاع حرارة ، والوقاية منها تكون بالاهتمام بالنظافة العامة والخاصة:غسل الأيدي ، غسل الفواكه والخضار ، تجنب تناول الأطعمة غير المطبوخة جيداً والتي يشتبه بتلوثها ،عدم تناول الألبان ومشتقاتها دون التأكد من صحة تعقيمها وتواريخ انتهاء صلاحيتها ، عدم تناول الأغذية والسوائل بأوعية وأوان غير نظيفة ، أو أنها استخدمت من قبل آخرين ،تناول المياه الصحية من مصادرها الرئيسية الخاضعة لرقابة صحية.

4 - داء السماط:
ويحصل نتيجة التعرق الشديد والاحتكاك المستمر لثنيات الجلد مما يحدث انسلاخ واحمرار الجلد خاصة عند البدينين ولا سيما بين الفخذين ، وتحت الإبطين ، وتحت الثديين عند النساء ، وتكون الوقاية بتخفيف حالة التعرق والاحتكاك بتجنب المشي طويلا وقت الحر ما أمكن ، لبس السراويل الداخلية الطويلة لمنع الاحتكاك (خارج أوقات الإحرام) ، استعمال المياه الباردة لغسيل المنطقة المعرضة للاحتكاك ، استعمال بعض الوصفات والمراهم الطبية.

5 - تشقق القدمين:
يظهر نتيجة المشي المستمر بالأحذية الكاشفة للأعقاب (الصنادل) والتعرض للأتربة والأغبرة مما يؤدي إلى جفاف الطبقة المتقرنة من الجلد ثم إلى التشقق ، والوقاية منه بغسل القدمين وتجفيفهما جيدا ، لبس الجوارب (خارج أوقات الإحرام) مما يخفف تعرضها للأتربة والأغبرة، الضغط بكل القدم على الأرض واستعمال مراهم مطرَّية. 6

6- الآلام والقولنجات الكلوية:
نتيجة فقدان السوائل والحر الشديد يتعرض البعض لحدوث القولنجات الكلوية وآلام الخاصرتين والحصى الكلوية أو ذلك لزيادة ترسب الأملاح والتبلورات بالطرق البولية نتيجة زيادة كثافة البول لا سيما عند من لديهم استعداد لذلك ، ولتجنب هذه الآلام ينصح الحاج بشرب سوائل بكمية كبيرة لا تقل عن 3 - 4 لترات يومياً ، تجنب التعرض للتعرق الغزير والحر الشديد قدر الإمكان ، مراجعة الطبيب بظهور الأعراض ، اتباع الإرشادات الطبية لمن لديه سبب مهيأ لحدوث الحصيات الكلوية.

7 - متلازمات فرط ارتفاع الحرارة والإعياء والإنهاك الحراري وضربات الشمس:
سببه المباشر الرئيسي هو التعرض للحرارة الشديدة وأشعة الشمس ، وتبدأ الأعراض عادة بالحالات الخفيفة ثم مرحلة الإعياء الحراري وهو أكثر حالات فرط الحرارة حدوثا، وقد يرافقه صداع وضعف ودوار وغثيان وقلة شهية وربما ميل للإغماء ، أما الحالة الأشد خطورة فهي حمى الحر أو ضربة الشمس ، وتبدأ أعراضه بتوقف وتعطيل آلية التعرق نتيجة تعطل، الجهاز المنظم للحرارة ، فيشكو المريض من صداع ودوار وإغماء وآلام بطيئة ، ومن ثم فقد الوعي الذي قد يحدث من البداية وتكون الوقاية بتجنب الخروج ما أمكن أوقات الحر الشديد ، استعمال المظلات والخيم والحواجز للوقاية كل حر الشمس ، شرب المياه والسوائل وخاصة المياه الصحية الغنية بالأملاح والشوارد لتعويض ما فقد منها بالتعرق، الانتباه لظهور أول بوادر وأمراض متلازمات الحر بالبدء بعلاجها فورا.

ومن النصائح الطبية العامة التي يجب على الحاج أخذها بعين الاعتبار:
1 -
اتباع الإرشادات الصحية لاسيما من جهة النظافة العامة والخاصة.
2 -
تناول الأطعمة والسوائل والمشروبات والألبان النظيفة والمعقمة.
3-
تجنب التعرض للحر وأشعة الشمس المباشر واستعمال المظلات والاتقاء بأماكن الظل مع محاولة التلازم بين التكييف والتبريد بشكل مناسب وبدون تعرض لتيار المكيف المباشر.
4-
تبليل الجسم والرأس الوجه والأطراف بالماء البارد بين الفينة والأخرى.
5 -
استشارة الطبيب ومراجعة المراكز الطبية القريبة بمجرد الشعور بأي إنهاك أو إعياء أو أعراض مرضية لأخذ التدابير العلاجية والوقائية في مرحلة المرض المبكرة.
6 -
الانتباه والإسراع بنقل المريض لأقرب مركز صحي أو مستشفى
خاصة بحالة ضربة الشمس مع وضعه في جو بارد واستعمال كمادات باردة.
وفي الختام نسأل الله عز وجل أن ييسر على الحجاج أداء الفريضة ، وأن يقيهم ويحفظهم بحفظه ورعايته ، وأن يتقبل منهم عملهم ويكتب لهم به حجا مبروراً وسعياً مشكوراً وذنباً مغفوراً ، وأن يعيدهم إلى أهليهم وذويهم سالمين غانمين. وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.
 
من أجـل الصحة بعــد الحج
د مهدي قاضي

هنيئا لك أخي الحاج عندما تنهي هذا الركن العظيم نسأل الله الكريم أن يتقبل منك حجك وأعمالك.

أيها الحاج المبارك - بإذن الله - هذه بعض النصائح المتعلقة بصحتك وصحة من حولك بعد الحج بشكل خاص:

1- لعلك قد أخذت تطعيم الحمى الشوكية أو دواءً وقائياً لها عند بدئك الحج وهذا يحميك بإذن الله من هذا الداء الخطير ,.....ولكن مع انتهاء موسم الحج يمكن أن تصبح حاملا لمكروب الحمى الشوكية حتى مع أخذك السابق للتطعيم أو الدواء الوقائي, وبالتالي قد ينتقل هذا المكروب الـــــــــــى من معك في المنزل عندما تعود إليهم ,وقد تحدث نتيجة لذلك إصابة بعضهم بالحمى الشوكية, لذا ينصح لوقايتهم ان تأخذ مع بداية عودتك إلى موطنك دواء يقضي على هذه الجرثومة,مثل السيبروفلوكساسين (ciprofloxacin) جرعة واحدة أو الريفامبيسين (rifampicin) لمدة يومين.
مع ملاحظة أن دواء السيبروفلوكساسين لا يعطى للحوامل والأطفال, وبالنسبة الريفامبيسين فتفضل إستشارة طبية قبل إعطائه للحامل.

2- بعد الحج إذا كنت مصابا بالتهاب في الحلق والمجرى التنفسي فانتبه من أن تنقل العدوى إلى غيرك عن طريق الكحة أو السعال فتنبه لذلك ، واحرص أيضا علــــــــى تكرار غسل يديك حيث ان مثل هذه الأمراض يمكن أن تنتقل منك للآخرين عند ملامستهم ليدك التي قد تكون قد تلوثت بافرازات أو رذاذ من فمك وأنفك ومن ثم يمكن أن ينقلها الآخرون إلى المجرى التنفسي العلوي لهم بعد أن يصافحوك .
ولا تنسى أن تأخذ قسطاً كامل من الراحة فذلك بإذن الله مما يساعدك على الشفاء وانتهاء الإلتهاب في مدة أقصر .

3- أخي الحاج قد يكون قد اكتشف لديك أثناء الحج مرض معين مثل السكر أو ارتفاع ضغط الدم لذا أحرص على المتابعة وأخذ اللازم له بعد عودتك من الحج .

4- أيها الحاج المبارك لعلك لاحظت أثناء فترة الحج ومن مواقف مختلفة أهمية اللياقة البدنية والبعد عن السمنة وهذه المواقف فرصة لتكون دافعاً للسعي إلى الرقي بالصحة واللياقة والبعد عن عوامل الخطورة التي تؤدي إلى ضعف صحة الانسان وحصول الأمراض له .

5- أيها الحاج الكريم وأخيراً وليــــــــــــــــس الأقل أهمية كما يقال, صحتك الروحية التي تعتبر جزءاً أساسياً من مفهوم وتعريف الصحة كما يقره حتــــــــــــــــى أطباء وعلماء الغرب الكافرين ونحن المسلمون أولى منهم بالتركيز عليها .
فقد أنعم الله عليك بأداء هذا الركن العظيم وهو زاد لك لكي تقوي ما يتعلق بصحتك الروحية وذلك بتوبــــــــــــة صادقة من أي ذنب كنت عليه, وتركـــــــــــك المعاصي, وإقبالك على الله بالطاعات والقربات والاحسان, وبجدك في الدعـــــــــــــوة إلى الله, واجتهادك في التقرب إليه سبحانه بكل ما يرضاه .
فالصحة الروحية عدا أنها جزء من تعريف الصحة الحقيقي الشمولي إلا انها تعتبر من أهم أجزاء الصحة ولهـــــــــــا أثرها الكبير في جوانب الصحة الأخرى الجسدية والنفسية سواء كان ذلك وقاية أو علاجاً .

فالله الله أيها الحاج أن يفوتــــــــــــــــــك حصول هذا المغنم لك من حجك والذي خيره عظيم عليك في الدنيا والآخرة ، بل إن تحسن صحتك الروحية وإقبالك على الله هي أحـــــــــد علامات فوزك بقبول حجك كما نتمى ذلك لك ، ونسأل الله أن يتقبل منا ومنك صالح الأعمال وأن يرزقنا الصحة والسلامة فــــــــــي الدنيا والآخرة .
 
فتاوى الحج
س: هل يجوز لمن وجب عليه الدم أن يؤخره إلى بلده، يعني يؤخر ذبح الدم إلى أن يصل إلى بلده مثلاً؟ ومتى يبدأ جواز ذبح الدم لمن ترك واجباً، ومتى آخر أيام الذبح لهذا الدم؟
ج: من وجب عليه الدم لترك واجب وهو لا يستطيعه فإنه يصوم عشرة أيام: ثلاثة في الحج، وسبعة إذا رجع إلى أهله. ويبدأ
وقت ذبح الدم لترك واجب من أول ترك الواجب، سواء كان قبل أيام العيد أو بعده، ولا حد لآخره، ولكن تعجيله بعد وجوبه مع
الاستطاعة واجب، ولو أخره حتى وصل إلى بلده لم يجزئ ذبحه في بلاده، بل عليه أن يبعث ذلك إلى الحرم ويشتريه من هناك
ويذبحه في الحرم ويوزع على فقراء الحرم، ويجوز أن يؤكِّل من يقوم بذلك نيابة عنه من الثقات.
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.

اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
عضو، الرئيس
عبدالله بن غديان، عبدالعزيز بن عبدالله بن باز

س: رجل أدى فريضة الحج وترك عدة واجبات، كمن ترك الإحرام من الميقات وترك المبيت بمزدلفة، فهل يجزئه دم واحد، أو لكل واحد من هذين الواجبين دم؟
ج: لكل واحد من هذين الواجبين دم يجزئ أضحية، يذبحه ويفرقه في الحرم على الفقراء، ولا يأكل منه، فإن كان لا يستطيع فإنه
يصوم عشرة أيام عن ترك الإحرام من الميقات، وعشرة أيام عن ترك المبيت بمزدلفة.
س: أديت فريضة الحج، وفي ليلة وأنا في منى تنومت ولم أتمكن من الغسل، فهل علي شيء؟
ج: الاحتلام ممن هو متلبس بإحرام حج أو عمرة لا يؤثر على حجه، ولا على عمرته، فلا تبطلان، ومن حصل منه ذلك فإنه
يغتسل غسل الجنابة بعد استيقاظه من النوم إن رأى منياً، ولا فدية عليك؛ لأن الاحتلام ليس باختيارك.
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.

اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
عضو، عضو، نائب رئيس اللجنة، الرئيس
عبدالله بن قعود، عبدالله بن غديان، عبدالرزاق عفيفي، عبدالعزيز بن عبدالله بن باز

س: هل يجوز للمحرم من الرجال والنساء تغيير إحرامه بإحرام آخر، سواء كان في وقت الحج أو العمرة؟
ج: يجوز للمحرم بحج أو عمرة تغيير إحرامه بملابس أخرى للإحرام، ولا تأثير لهذا التغيير على إحرامه بالحج أو العمرة.
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.

اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
عضو، نائب رئيس اللجنة، الرئيس
عبدالله بن غديان، عبدالرزاق عفيفي،
عبدالعزيز بن عبدالله بن باز

س: هل يجوز للرجل عندما يحرم من الميقات أن يجلس ويقلم أظافره، أم لا يجوز له ذلك إلا بعد أن يذبح ضحية؟
ج: إذا فعل ذلك قبل الإحرام فلا حرج في ذلك، إلا أن يكون أراد أن يضحي وقد دخل شهر الحجة فلا يجوز له ذلك؛ لأن الرسول
{ نهى عن ذلك، وأما فعل ذلك بعد الإحرام أي بعد نية الدخول في الإحرام فلا يجوز مطلقاً؛ لأن المحرم ليس له أن يقلم أظفاره أو
يأخذ شيئاً من شعره إلا إذا فرغ من طوافه وسعيه للعمرة، فإنه يتحلل من إحرامه بالحلق أو التقصير، وهكذا في الحج إذا رمى
جمرة العقبة، فإنه يشرع له أن يحلق أو يقصر، والحلق أفضل، ثم يتحلل سواء كان ذلك قبل الذبح أو بعده، وكونه بعد الذبح
أفضل إذا تيسر ذلك.
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.

اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
عضو، نائب رئيس اللجنة، الرئيس
عبدالله بن قعود، عبدالرزاق عفيفي، عبدالعزيز بن عبدالله بن باز

س: ما حكم حجة الحائض؟
ج: الحيض لا يمنع من الحج، وعلى من تحرم وهي حائض أن تأتي بأعمال الحج، غير أنها لا تطوف بالبيت إلا إذا انقطع
حيضها واغتسلت، وهكذا النفساء، فإذا جاءت بأركان الحج فحجها صحيح.
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.

اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
عضو، عضو، نائب رئيس اللجنة
عبدالله بن منيع، عبدالله بن غديان، عبدالرزاق عفيفي
 

تعريف الحج:
الحج لغة :القصد ويروى بفتح الحاء وكسرها والأشهر الفتح .
شرعا : هو التعبد لله بقصد مكة لأداء عبارة الطواف والسعي والوقوف بعرفة وسائر المناسك
حكمه : ركن من أركان الإسلام بالكتاب والسنة والإجماع .
الكتاب : قوله تعالى " إن أول بيت وضع للناس للذي ببكة مباركا وهدى للعالمين .... إلى قوله " ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلا ومن كفر فإنه الله غني عن العالمين "
السنة : ماروه البخاري ومسلم من حديث ابن عمر قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : بني الإسلام على خمس شهادة أن لااله إلا الله وان محمد رسول الله واقام الصلاة وإيتاء الزكاة وصوم رمضان وحج البيت لمن استطاع إليه سبيلا "
وقد اجمع العلماء على فرضيته وان من أنكر وجوبه فهو كافر مرتد عن الإسلام .

متى كان فرض الحج ؟ :
ذهب بعض أهل العلم إلى انه فرض في السنة السادسة لقوله تعالى " وأتموا الحج والعمرة لله " الآية .
فقد نزلت بإجماع المفسرين في السنة السادسة ورجح ابن القيم رحمه الله أن افتراض الحج كان سنة تسع أو عشر .
والثاني اقرب (قول ابن القيم ) لان المراد بالآية الإتمام ـ إتمام الحج ـ أما افتراضه فالصحيح انه لم يكن إلا في السنة التاسعة أو العاشرة .

فضل الحج :
ثبت في الصحيحين من حديث أبي هريرة قال : سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم أي الأعمال أفضل ؟ قال إيمان بالله ورسوله . قيل ثم ماذا ؟ قال : ثم جهاد في سبيل الله . قيل ثم ماذا ؟ قال : حج مبرور " والحج المبرور : هو الذي لا يخالطه إثم.
وقال الحسن رحمه الله : إن يرجع زاهدا في الدنيا راغب في الآخرة . وقد روي في حديث مرفوع بسند لابأس به : " إن بره .. إطعام الطعام ولين الكلام "
وعن عائشة رضي الله عنها قالت : يارسول الله أترى الجهاد أفضل العمل أفلا نجاهد ؟
قال : لكن أفضل الجهاد حج مبرور " رواه البخاري ومسلم .
وعن عمرو بن العاص عند مسلم " أما علمت أن الحج يهدم ماقبله "

الحج يجب مرة واحدة :
اجمع العلماء ــــ كما حكاه وابن المنذر وابن رشد وابن حزم النووي وابن قدامة ـــ على أن الحج لايجب في العمر إلا مرة واحدة إلا أن ينذره فيجب الوفاء بالنذر وما زاد فهو تطوع فعن أبي هريرة قال خطب رسول الله صلى الله عليه وسلم " ياأيه الناس إن الله كتب عليكم الحج فحجوا فقال رجل : أكل عام يارسول الله ؟ فسكت حتى قالها ثلاثا . ثم قال صلى الله عليه وسلم: لو قلت نعم لوجبت ولما استطعتم " الحديث رواه الشيخان.
وفي حديث ابن عباس عند أبي داوود والنسائي والحاكم وصححه احمد .انه قال " الحج مرة فمن زاد فهو تطوع "

مسألة: هل يجب الحج على الفور أو على التراخي ؟
ذهب بعض أهل العلم إلى انه يجب على التراخي فيؤدى في أي وقت من العمر ولا يأثم من وجب عليه بتأخيره متى مااداه قبل الوفاة .
الدليل : أن الرسول صلى الله عليه وسلم أخر الحج إلى سنة عشر وكان معه أزواجه وكثير من أصحابه مع أن إيجابه كان سنة ست أو تسع فلو كان واجبا على الفور لما أخره.
والقول الثاني انه واجب على الفور واستدلوا بأدلة منها :
حديث ابن عباس رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " من اراد الحج فليعجل فإنه قد يمرض المريض وتضل الراحلة وتكون الحاجة " رواه احمد والبيهقي وابن ماجة .
وعنه أيضا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " تعجلوا الحج ـ يعني الفريضة ـ فإن أحدكم لايدري ما يعرض له " رواه احمد والبيهقي .
والقول الثاني أرجح لان تعليل القول الأول ودليله فيه نظر فنحن لا نوافق أن الحج فرض سنة ست وأما تأخير الرسول صلى الله عليه وسلم الحج من سنة تسع الى عشر فلأنه لازالت آثار الجاهلية موجودة فالنساء يطفن عراة والكفرة يدخلون الحرم والرسول أخر الحج لهذه العلة .
وأما من ترك الحج حتى مات ( تركه تهاونا ) فإنه يصدق عليه قوله تعالى " ولله على الناس الحج البيت من استطاع إليه سبيلا ومن كفر فإن الله غني عن العالمين " فهو كفر بالله لكنه لايخرج من دائرة الإسلام أي الكفر اصغر وقد وردت آثار عن الصحابة أنهم قالوا: من مات ولم يحج فليس عليه أن يموت نصرانيا أو يهوديا".وعن عمر رضي الله عنه قال : اضربوا عليهم الجزية ماهم بمسلمين ماهم بمسلمين .

شروط وجوب الحج : هي خمسة :
1) الإسلام 2) العقل وهذان الشرطان للصحة لا للجزاء
3) البلوغ 4) الحرية وهذان شرطان للاجزاء لا لصحة
5) الاستطاعة: شرط الوجوب

بم تتحقق الاستطاعة ؟
تتحقق الاستطاعة بما ياتي :
الأول : أن يكون المكلف صحيح البدن فإن عجز لشيخوخة أو مرض لايرجى شفاؤه لزمه أحجاج غيره إن كان له مال . ويأتي تفصيل هذا .
الثاني : أن تكون الطريق آمنه بحيث يأمن الحاج على نفسه وماله .
الثالث : أن يكون مالكا لزاد .
الرابع : أن يكون مالكا للراحلة لحديث انس رضي الله عنه قال : يارسول الله ما لسبيل ؟ قال : " الزاد والراحلة " رواه الدار قطني وصححه .
وقال ابن حجر " الراجح إرساله " وأخرجه الترمذي من حديث ابن عمر وفي إسناده ضعيف وقال شيخ الإسلام ابن تيميه : هذه الأحاديث مسنده من طرق حسان ومرسله وموقوفة تدل على أن مناط الوجوب الزاد والراحلة وهكذا ذكر صاحب أضواء البيان.
الخامس : أن لايوجد ما يمنع الإنسان من الذهاب للحج كالحبس أو الخوف من سلطان جائر يمنع الناس منه .

مسألة حج الصبي :
لايجب على الصبي الحج لكن إذا حج صح منه ولا يجزؤه عن حجة الإسلام و الدليل : حديث ابن عباس رضي الله عنهما: أن امرأة رفعت لرسول الله صبيا فقالت :ألهذا حج؟ قال نعم ولك اجر " رواه مسلم .
وقال السائب بن يزيد " حج بي مع الرسول صلى الله عليه وسلم حجة الوداع وأنا ابن سبع سنين " رواه البخاري.
ولا يخلو الصبي إما أن يكون مميزا فيحرم بنفسه ويؤدي مناسك الحج بنفسه .
وإما أن كان دون التمييز فيحرم عنه وليه ويلبى عنه ويطوف به ويسعى وويقف بعرفه ويرمى عنه . وإذا وقع في محظور من محظورات الإحرام فانه لافدية عليه على الصحيح من كلام العلماء وذلك لعدم أهليته ولعدم خطاب الشارع .

مسألة حج المرأة :
يجب على المرأة الحج كما يجب على الرجل سواء بسواء إذا استوفت شرائط الوجوب التي تقدم ذكرها ويزاد عليها بالنسبة للمرأة أن يصحبها زوج أو محرم
فعن ابن عباس رضي الله عنهما : قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : لايخلون رجل بامرأة إلا ومعها محرم ولا تسافر المرأة إلا مع ذي محرم فقام رجل فقال : يارسول الله إن امرأتي خرجت حاجة واني اكتتبت في غزوة كذا وكذا فقال : انطلق فحج مع امرأتك " رواه البخاري ومسلم .
واختار شيخ الإسلام ابن تيمية إذا وجدت النساء الثقات وأمنت الفتنه - كأن تكون كبيرة - فإنه لأبأس أن تحج .
فإن لم تجد المرأة المحرم فلا يجب عليها الحج .

مسألة : ولا يجب عليها استئذان زوجها في حج الفريضة وإنما يستحب لها أن تستأذنه فإن إذن لها خرجت وان لم يأذن لها خرجت بغير إذنه .والدليل:أن حق الله مقدم على حق المخلوق لقوله عليه الصلاة والسلام " اقضوا الله فالله أحق بالوفاء " فإن كان حج النافلة فإنه لايجوز لها أن تحج إلا بإذنه .لما رواه الدار قطني عن ابن عمر رضي الله عنهما عن رسول الله صلى الله عليه وسلم " في امرأة كان لها زوج ولها مال فلا يأذن لها في الخروج فقال : ليس لها أن تنطلق إلا بأذن زوجها "



مسألة من مات وعليه حج :
من مات وعليه حجة الإسلام أو حجة كان نذرها وجب على وليه أن يجهز من يحج عنه من ماله كما أن عليه قضاء ديونه.
الدليل : حديث ابن عباس رضي الله عنهما : إن امرأة من جهينة جاءت إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقالت : إن أمي نذرت أن تحج ولم تحج حتى ماتت افاحج عنها فقال : نعم حجي عنها ارايت لو كان على أمك دين أكنت قاضيته . اقضوا الله فالله أحق بالوفاء " رواه البخاري

مسألة الحج عن الغير :
من استطاع السبيل إلى الحج ثم عجز عنه بمرض أو شيخوخة لزمه أحجاج غيره عنه لأنه ايس من الحج بنفسه لعجزه فينيب غيره .
الدليل : حديث الفضل بن عباس : أن امرأة من خثعم قالت : يارسول الله : إن فريضة الله على عباده في الحج أدركت أبي شيخا كبيرا لا يستطيع أن يثبت على الراحلة افأحج عنه قال: نعم "
فائدة : وفي الحديث دليل على انه يجوز أن تحج المرأة عن الرجل والعكس .

شرط الحج عن الغير :
يشترط فيمن يحج عن غيره أن يكون قد سبق له الحج عن نفسه لما رواه ابن عباس رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سمع رجل يقول : لبيك عن شبرمة ، فقال : أحججت عن نفسك ؟ قال : لا ،قال : فحج عن نفسك ثم حج عن شبرمة " رواه أبو داوود وابن ماجه وصححه احمد والبيهقي.




المواقيت:

المواقيت جمع ميقات وهي تنقسم إلى قسمين : 1) مواقيت زمانيه 2)مواقيت مكانية
القسم الأول : المواقيت الزمانية :
هي الأوقات التي لايصح شيء من أعمال الحج ألا بها وقد بينها الله تعالى بقوله " يسألونك عن الأهلة قل هي مواقيت للناس والحج"وقوله "الحج أشهر معلومات "
وقد اجمع العلماء على أن المراد بأشهر الحج شوال وذو القعدة واختلفوا في ذي الحجة هل هو بكامله من أشهر الحج أو عشر منه .
فذهب بعض أهل العلم ومنهم الشافعي واحمد إلى الثاني وذهب مالك إلى الأول وهو الراجح في نظري " لأمرين :
1) أن لفظ الشهرين وبعض الشهر يقال له أشهر .
2) أن بعض أعمال الحج تكون في اليوم الثالث عشر كرمي الجمار وطواف الإفاضة وهو من أركان الحج يعمل في ذي الحجة كله بلا خلاف .
فصح إنها ثلاثة اشتر .
وثمرة الخلاف: تظهر فيما يقع من أعمال الحج بعد النحر فمن قال أن ذي الحجة كله من أشهر الحج قال : لم يلزمه دم بتأخير تلك الأعمال عن أيام التشريق .
ومن قال ليس إلا العشر منه قال يلزمه دم التأخير .

مسألة الإحرام للحج قبل أشهره :
ذهب بعض أهل العلم إلى انه لايصح الحج قبل أشهره روى ابن جرير عن ابن عباس رضي الله عنه من السنة أن لايحرم بالحج إلا في أشهر الحج "
وقال ابن عمر أشهر الحج شوال وذو القعدة وعشر من ذي الحجة " رواه البخاري .
وذهب بعض أهل العلم غالى انه يصح قبل أشهره مع الكراهة .والصحيح الأول لان الله عزوجل حدد لأعمال الحج أشهراً معلومة والإحرام عمل من أعمال الحج فمن ادعى انه يصح قبلها فعليه دليل ولا دليل .
القسم الثاني : المواقيت المكانية :
هي الأماكن التي يحرم منها من يريد الحج أو العمرة ولا يجوز لحاج آو معتمر أن يتجاوزها دون أن يحرم وقد بينها رسول الله صلى الله عليه وسلم كما في الصحيح من حديث ابن عباس ..فجعل ميقات أهل المدينة ذا الحليفة (موضع بينه وبين مكة 450كيلومتر يقع شمال مكة)
وميقات أهل الشام الجحفة (موضع في الشمال الغربي بينه وبين مكة 187 كيلومتر وهي قريبة من رابغ ( ورابغ بينها وبين مكة 204كيلو متر وقد صارت رابغ ميقات أهل مصر والشام ومن يمر عليها بعد ذهاب معالم الجحفة )
وميقات أهل نجد قرن المنازل ( جبل شرقي مكة يطل على عرفات بينه وبين مكة 94كيلومتر )
وميقات أهل اليمن يلملم (جبل يقع جنوب مكة بينه وبينها 54كيلومتر )
وميقات أهل العراق ذات عرق ( موضع في الشمال الشرقي بمكة بينه وبينها 94كيلومتر ) وقد نظمها بعضهم .
عرق العراق ويلملم اليمن وذو الحليفة يحرم المدني
والشام الجحفة إن مررت بها ولأهل نجد قرن فاستبن .
هذه هي المواقيت التي بينها رسول الله صلى الله عليه وسلم وهي مواقيت لكل من مر بها سواء كان من أهل تلك الجهات أو كان من جهة أخرى وقد جاء في كلامه صلى الله عليه وسلم " هن لهن ولمن أتى عليهن من غير أهلهن ممن أراد الحج أو العمرة " إي أن هذه المواقيت لأهل البلاد المذكورة ولمن مر بها وان لم يكن من أهلها فإنه يحرم منها إذا أتى قاصدا النسك .
ومن كان بمكة وأراد الحج فميقاته منازل مكة لقوله عليه الصلاة والسلام " حتى أهل مكة من مكة "
واختلف العلماء في العمرة لمن كان بمكة .
ـ فقال بعضهم يحرم من التنعيم لان الرسول صلى الله عليه وسلم أمر عبد الرحمن بن أبي بكر أن يعمر عائشة من التنعيم "عمرة الحائض "
ـ وقال بعض أهل العلم : الحج والعمرة سواء لان الرسول صلى الله عليه وسلم قال " حتى أهل مكة من مكة " .

مسألة الإحرام قبل الميقات :
قال ابن المنذر : اجمع أهل العلم على أن من احرم قبل الميقات انه محرم والصحيح انه مكروه لأنه خلاف هدي النبي صلى الله عليه وسلم فقد وقت الرسول لأهل المدينة ذي الحليفة .....الخ الحديث وهذا يقضي بالحلال من هذه المواقيت ويقضي بعض النقص والزيادة فإن لم تكن الزيادة محرمه فلا اقل من ان تكون مكروهه.


" صفـــــة الإحرام "

أنواع الإنساك : قبل أن اذكر صفة الإحرام لابد أن أبين أنواع الإنساك وهي ثلاثة:
1) قران 2) تمتع 3) إفراد
وذكر غير واحد إجماع العلماء على جواز كل واحد من هذه الأنواع
والصحيح أن في هذا الإجماع نظر فقد ذهب إلي ابن عباس أيجاب التمتع وقال بهذا ابن القيم ومن المعاصرين الشيخ ناصر الدين الألباني([1]) .
والدليل على الانساك الثلاثة حديث عائشة رضي الله عنها قالت " خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم عام حجة الوداع فمنا من أهل بالعمرة ومنا من أهل بحج وعمرة ومنا من أهل بالحج وأهل رسول الله بالحج فأما من أهل بعمرة فحل عند قدومه وأما من أهل بحج أو جمع بين الحج والعمرة فلم يحل حتى
جاء يوم النحر " رواه البخاري ومسلم .
صفة القران: أن يحرم عند الميقات بالحج والعمرة معا ويقول عند التلبية لبيك حجا وعمرة وهذا يقتضي بقاء المحرم على الإحرام إلى أن يفرغ من أعمال الحج والعمرة معا أو يحرم بالعمرة ويدخل عليها الحج قبل الطواف .
صفة التمتع: هو الاعتمار في أشهر الحج ثم يحج من عامه الذي اعتمر فيه وسمي تمتعا للانتفاع بأداء النسكين في أشهر الحج في عام واحد ولان التمتع يتمتع به التحلل من أحرامه بالعمرة بما يتمتع به غير المحرم من لبس الثياب والطيب وغيره .
وصفة الإحرام به : أن يحرم من الميقات بالعمرة وحدها ، ويقول عند التلبية لبيك عمرة ، وهذا يقتضي البقاء على صفة الإحرام حتى يصل الحاج إلى مكة فيطوف بالبيت ويسعى بين الصفا والمروة ويحلق أو يقصّر شعره ثم يتحلل ، ويأتي كل ماكان حرم عليه بالإحرام .
صفة الإفراد : أن يحرم من الميقات بالحج وحده ويقول في التلبية لبيك حجاً ويبقى محرما حتى تنتهي أعمال الحج .


مسألة : اختلف العلماء في أي الانساك أفضل فمنهم من قال أن القران أفضل ومنهم من قال بأفضلية التمتع ومنهم من قال بأفضلية الإفراد والأقرب التفصيل كما يلي :
أولاً : أن كان يسافر سفرة للعمرة وللحج سفرة أو يسافر إلى مكة قبل أشهر الحج ويعتمر ويقيم فيها حتى يحج فهذا الإفراد أفضل حتى قال شيخ الإسلام : باتفاق الأئمة .
ثانيا :أن يجمع بين الحج والعمرة في سفرة واحدة ويقدم مكة في أشهر الحج فهذا آن ساق الهدي فالقران أفضل وان لم يسق الهدي فالتمتع أفضل وهذا اختيار شيخ الإسلام (منسك شيخ الإسلام ص5 ، ونيل الاوطار 5/40 ، تحقيق الروض المربع 5/78)
وأما إن اعتمر قبل أشهر الحج ثم رجع إلى بلده ثم قدم مكة للحج فحكمه كالحالة الثانية. وأما نسك النبي صلى الله عليه وسلم فإنه كان قارناً .

كيفية الإحرام:
إذا أراد أن يحرم بعمرة أو حج فالمشروع إذا وصل الميقات أن يتجرد ن من ثيابه ، ويغتسل كما يغتسل للجنابة ، ويتطيب بأطيب ما يجد من دهن وعود أو غيره في رأسه ولحيته لافي لباسه ، ولا يضره بقاء ذلك بعد الإحرام لما في الصحيحين من حديث عائشة رضي الله عنها قالت : " كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا أراد أن يحرم تطيب بأطيب ما يجد ثم أرى وبيص المسك في رأسه ولحيته بعد ذلك " .
والاغتسال عند الإحرام سنة في حق الرجال والنساء حتى النفساء والحائض ؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم أمر أسماء بنت عميس حين نفست أن تغتسل عند إحرامها وتستثفر بثوب وتحرم .. ثم بعد الاغتسال والتطيب يلبس ثياب الإحرام ، ثم يصلي - غير الحائض والنفساء – الفريضة إن كان في وقت فريضة أويصلي نافلة كوترأوضحى وإلا صلى ركعتين ينوي يهما سنة الوضوء ([2]) ، فإذا فرغ من الصلاة أحرم فإن كان عمرة قال لبيك عمرة ، وإن كان حجاً قال لبيك حجاً ، وإن كان متمتعاً قال لبيك عمرة ممتعاً بها إلى حج .

مسألة متى يكون وقت الإحرام؟

ذهب بعض العلماءالي انه يحرم بعدا لصلاة مباشره و ذهب البعض إلى أن الإحرام يكون بعد ركوب الدابة واستوائه عليها وهذاهواختيار شيخنا ابن عثيمين رحمه الله .

http://www.dardashchat.net/vb/showthread.php?t=15197#_ftnref1([1])ولمعرفة مذاهب العلماء في هذا والراجح منها والأدلة راجع : التمهيد 8/205 ، شرح مسلم للنووي 8/134 ، فتح الباري 3/423 ، الشرح الممتع 7/86 ـ 90 وتحقيق الروض 5/78 .

http://www.dardashchat.net/vb/showthread.php?t=15197#_ftnref2([2]) فائدة مهمة : الصحيح من كلام العلماء أنّ الاحرام ليس له صلاة تخصه كما ذكر شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله.
 
وإذا كان من يريد الإحرام خائفاً من عائق يعوقه عن إتمام نسكه فإنه ينبغي أن يشترط عند الإحرام فيقول عند عقده :" إن حبسني حابس فمحلي حيث حبستني" أي منعني مانع عن إتمام نسكي من مرض أو تأخر أو غيرهما فإني أحل من إحرامي ؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم أمر ضباعة بنت الزبير حين أرادت الإحرام وهي مريضة أن تشترط وقال " إن لك على رب ما أستثنيت " . فمتى اشترط وحصل له ما يمنعه من إتمام نسكه فإنه يحل ولا شيء عليه.
وأما من لا يخاف من عائق يعوقه من إتمام نسكه فإنه لا ينبغي له أن يشترط ؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يشترط ، ولم يأمر بالاشتراط كل أحد ، وإنما أمر به ضباعة بنت الزبير لوجود المرض بها .



التلبية :
وينبغي للمحرم أن يكثر من التلبية خصوصا عند تغير الأحوال والأزمان مثل أن يعلو مرتفعا أو ينزل منخفضا أو يقبل الليل أو النهار وان يسأل الله بعدها رضوانه والجنة ويستعيذ برحمته من النار.
وقتها: والتلبية مشروعة في العمرة من الإحرام إلى أن يبتدئ بالطواف وفي الحج من الإحرام إلى أن يبتدئ برمي جمرة العقبة يوم العيد .
لفظها : روى البخاري وغيره عن ابن عمر رضي الله عنهما أن تلبية رسول الله عليه الصلاة والسلام " لبيك اللهم لبيك لبيك لا شريك لك لبيك أن الحمد والنعمة لك والملك لاشريك لك " وله أن يزيد على ذلك مما ورد عن الصحابة ومن ذلك قال نافع : وكان عبد الله بن عمر يزيد فيها :" لبيك لبيك لبيك وسعديك والخير في يديك لبيك والرغباء " المسألة " اليك والعمل" وهناك صفات أخر ( راجع تحقيق الروض 5/92 )



" صفة العمرة "

ينبغي إذا قرب من مكة أن يغتسل لدخولها ، لأن النبي صلى الله عليه وسلم اغتسل عند دخوله ، فإذا دخل المسجد الحرام قدم رجله اليمنى وقال : " بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله ، اللهم اغفر لي ذنوبي ، وأفتح لي أبواب رحمتك ، أعوذ بالله العظيم ، وبوجهه الكريم ، وبسلطانه القديم من الشيطان الرجيم " ثم يقدم رجله اليمنى ليبتدئ الطواف ([1]) فيستلم الحجر بيده اليمنى ويقبله ويسجد عليه ، فإن لم يتيسر تقبيله أستلمه بيده وقبلها ، فإن لم يتيسر أستلمه بشي معه وقبله بيده ، فإن لم يتيسر فإنه يستقبل الحجر ويشير إليه بيده و لا يقبلها ، والأفضل أن لا يزاحم فيؤذي الناس ويتأذى بهم لما في الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : لعمر (( ياعمر إنك رجل قوي لا تزاحم الناس على الحجر فتؤذي الضعيف ، إن وجدت خلوة فأستلمه وإلا فاستقبله وهلل وكبر )) .
ويقول عند استلام الحجر : بسم الله والله اكبر ، اللهم إيماناًُ بك ، وتصديقاً بكتابك ، ووفاءً بعهدك ، وإتباعاً لسنة نبيك محمد صلى الله عليه وسلم ، ثم يأخذ ذات اليمين و يجعل البيت عن يساره ، فإذا بلغ الركن اليماني أستلمه من غير تقبيل ، فإن لم يتيسر فلا يزاحم عليه ويقول بينه وبين الحجر الأسود : ( ربنا أتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار ) .ولا يصح غير هذا .
وكلما مر بالحجر الأسود كبر ويقول في بقية طوافه ما أحب من ذكر ودعاء وقراءة القرآن ([2])، فإنما جعل الطواف باليت وبالصفا والمروة ورمي الجمار لإقامة ذكر الله .
وفي هذا الطواف أعني الطواف أول ما يقدم ينبغي للرجل أن يفعل شيئين :
أحدهما : الإضطباع من ابتداء الطواف إلى انتهاءه وصفة الإضطباع أن يجع لوسط ردائه داخل إبطه الأيمن وطرفيه على كتفه الأيسر ، فإذا فرغ من الطواف أعاد رداءه إلى حالته قبل الطواف ؛ لأن الإضطباع محله طواف القدوم فقط .
الثاني: الرمل في الأشواط الثلاثة الأولى فقط ، والرمل إسراع المشي مع مقاربة الخطوات ، وأما الأشواط الأربعة الباقية فليس فيها رمل وإنما يمشي كعادته.

فإذا أتم الطواف سبعة أشواط تقدم إلى مقام إبراهيم ([3]) فقرأ " واتخذوا من مقام إبراهيم مصلى " ثم صلى ركعتين خلفه يقراً في الأولى بعد الفاتحة
: (قل يأيها الكافرون ) وفي الثانية ( قل هو الله أحد ) بعد الفاتحة.
فإذا فرغ من صلاة الركعتين رجع إلى الحجر الأسود فاستلمه إن تيسر له .
ثم يخرج إلى المسعى فإذا دنى من الصفا قرأ (إن الصفا والمروة من شعائر الله ...الآية)
ثم يرقى الصفا حتى يرى الكعبة فيستقبلها ويرفع يديه (على هيئة الدعاء ) فيكبر ثلاثا ً ويحمد الله ثم يقول لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير ، أنجز وعده ، ونصر عبده ، وهزم الأحزاب وحده ، يكرر ذلك ثلاث مرات ويدعوا بين ذلك بما شاء.
ثم ينزل من الصفا إلى المروة ماشياً ، فإذا بلغ العلم الأخضر ركض ركضاً شديداً بقدر ما يستطيع ولا يؤذي ، فقد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يسعى حتى ترى ركبتاه من شدة السعي ويدور به إزاره .
وفي لفظ : وأن مئزره ليدور من شدة السعي . فإذا بلغ العلم الأخضر الثاني مشى كعادته حتى يصل المروة فيرقى عليها ، ويستقبل القبلة ويرفع يديه ويقول ما قاله على الصفا ، ثم ينزل من المروة إلى الصفا فيمشي في موضع مشيه ، ويسعى في موضع سعيه ، فإذا وصل الصفا فعل كما فعل أول مرة ، وهكذا المروة حتى يكمل سبعة أشواط ، ذهابه من الصفا إلى المروة شوط ورجوعه من المروة إلى الصفا شوط آخر ، ويقول في سعيه ما أحب من ذكر ودعاء وقراءة . فإذا أتم سعيه سبعة أشواط حلق رأسه إن كان رجلاً ، وإن كانت إمراءة فإنها تقص من كل قرن أنملة . ويجب أن يكون الحلق شاملاً لجميع الرأس ، وكذلك التقصير يعم به جميع جهات الرأس ، والحلق أفضل من التقصير ؛ لأن النبي { صلى الله عليه وسلم } دعا للمحلقين ثلاثاً وللمقصرين مرة ، إلا أن يكون وقت الحج قريباً بحيث لا يتسع لنبات شعر الرأس ؛ فإن الأفضل التقصير ليبقى الرأس للحلق في الحج بدليل أن النبي { صلى الله عليه وسلم } أمر أصحابه في حجة الوداع أن يقصروا للعمرة ؛ لأن قدومهم كان صبيحة الرابع من ذي الحجة .
وبهذه الأعمال تمت العمرة فتكون العمرة : الإحرام ، الطواف , السعي ، الحلق والتقصير ، ثم بعد ذلك يحل منها إحلالاً كاملاً ويفعل كما يفعله المحللون من اللباس والطيب وإتيان النساء وغير ذلك .


صفــــــــــــــــــــــة الحــــج:

إذا كان يوم التروية وهو اليوم الثامن من ذي الحجة احرم بالحج ضحى من مكانه الذي أراد الحج منه ويفعل عند إحرامه بالعمرة من الغسل والطيب والصلاة فينوي الإحرام بالحج ويلبي وصفة التلبية في الحج كصفة التلبية في العمرة إلا انه يقول هنا :لبيك حجا بدل قوله لبيك عمرة وان كان خائفا من عائق يمنعه من تمام حجه اشترط فقال " وان حبسني حابس فمحلي حيث حبسني " وان لم يكن خائفا لم يشترط .
ثم يخرج إلى منى فيصلي بها الظهر والعصر والمغرب والعشاء والفجر قصرا من غير جمع لان النبي صلى الله عليه وسلم كان يقصر بمنى ولا يجمع والقصر كما هو معلوم جعل الصلاة الرباعية ركعتين ويقصر أهل مكة ([4]) وغيرهم بمنى وعرفة ومزدلفة لان النبي صلى الله عليه وسلم كان يصلي بالناس في حجة الوداع ومعه أهل مكة ولم يأمرهم بالإتمام ولو كان واجبا عليهم لأمرهم به كما أمرهم به عام الفتح .
فإذا طلعت الشمس يوم عرفة سار من منى إلى عرفة فنزل بنمرة إلى الزوال أن تسير له وإلا فلا حرج لان النزول بنمرة سنة فإذا زالت الشمس صلى الظهر والعصر ركعتين يجمع بينهما جمع تقديم كما فعل النبي صلى الله عليه وسلم ليطول وقت الوقوف والدعاء ثم يتفرغ بعد الصلاة للذكر والدعاء والتضرع إلى الله عز وجل ويدعو بما احب رافعا يديه مستقبلا القبلة ولو كان الجبل خلفه لان السنة استقبال القبلة لا الجبل وقد وقف النبي صلى الله عليه وسلم عند الجبل وقال " وقفت هاهنا وعرفة كلها موقف وارفعوا عن بطن عرنة "
وكان أكثر دعاء النبي صلى الله عليه وسلم في ذلك الموقف العظيم :" لااله إلا الله وحده لاشريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير"
فإن حصل له ملل وأراد أن يستجم بالحديث مع أصحابه بالاحاديث النافعة أو قراءة ما تيسر من الكتب المفيدة خصوصا فيما يتعلق بكرم الله وجزيل هباته ليقوى جانب الرجاء في ذلك اليوم كان ذلك حسنا ثم يعود إلى التضرع إلى الله ودعائه ويحرص على اغتنام أخر النهار بالدعاء فإن خير الدعاء دعاء يوم عرفة . فإذا غربت الشمس سار إلى مزدلفة ... فإذا وصلها صلى المغرب والعشاء جمعا إلا أن يصل مزدلفة قبل العشاء الآخرة فإنه يصلي المغرب في وقتها ثم ينتظر حتى يدخل وقت العشاء الآخرة فيصليها في وقتها ففي صحيح البخاري عن ابن مسعود رضي الله عنه " انه أتى مزدلفة حين الأذان بالعتمة أو قريبا من ذلك فأمر رجلا فأذن وأقام ثم صلى المغرب وصلى بعدها ركعتين ثم دعا بعشائه فتعشى ثم أمر رجلا فأذن وأقام ثم صلى العشاء ركعتين" وفي رواية" فصلى الصلاتين كل صلاة وحدها بأذان وإقامة والعشاء بينهما " لكن إذا كان محتاجا إلى الجمع إما لتعب أو قلة ماء أو غيرهما فلا بأس بالجمع وان لم يدخل وقت العشاء وان كان يخشى ألاّ يصل مزدلفة إلاّ بعد نصف الليل فإنه يصلي ولو قبل الوصول إلى مزدلفة ولا يجوز أن يؤخر الصلاة إلى مابعد نصف الليل .
ويبيت بمزدلفة ([5]) .. ولا يحيي ليله بالقيام .. وأما الوتر فالصحيح انه يصليه لأنه صلى الله عليه وسلم كان لايتركه حضراً ولا سفراً . فإذ تبين الفجر صلى الفجر مبكرا بأذان وإقامة ثم قصد المشعر الحرام فوحد الله وكبره ودعا بما احب حتى يسفر جدا وان لم يتيسر له الذهاب إلى المشعر الحرام دعا في مكانه لقول الرسول صلى الله عليه وسلم " وقفت هاهنا وجمع كلها موقف" ويكون حال الذكر والدعاء مستقبلا القبلة رافعا يديه . فإذا أسفر جدا دفع قبل أن تطلع الشمس إلى منى ويسرع في وادي محسر.. فإذا وصل إلى منى رمى جمرة العقبة وهي الأخيرة مما يلي مكة بسبع حصيات متعاقبات واحدة بعد الأخرى كل واحدة بقدر نواة التمر تقريبا يكبر مع كل حصاة .. فإذا فرغ ذبح هديه ..

ثم حلق رأسه إن كان ذكرا وأما المرأة فحقها التقصير دون الحلق .. ثم ينزل إلى مكة فيطوف ويسعى للحج والسنة إن يتطيب إذا أراد النزول إلى مكة للطواف بعد الرمي والحلق لقول عائشة رضي الله عنها "كنت أطيب النبي صلى الله عليه وسلم لإحرامه قبل أن يحرم ولحله قبل أن يطوف البيت " وبعد طواف الإفاضة يذهب إلى بئر زمزم ليشرب منه . ثم بعد الطواف والسعي يرجع إلى منى فيبيت بها ليلتي اليوم الحادي عشر والثاني عشر ويرمي الجمرات الثلاث إذا زالت الشمس في اليومين والأفضل أن يذهب للرمي ماشيا وان ركب فلا بأس فيرمي الجمرة الأولى وهي ابعد الجمرات عن مكة وهي التي تلي مسجد الخيف بسبع حصيات متعاقبات واحده بعد الأخرى ويكبر مع كل حصاة ثم يتقدم قليلا ويدعو دعاء طويل بما احب فإن شق عليه طول الوقوف والدعاء دعا بما يسهل عليه ولو قليلا ليحصل السنة ثم يرمي الجمرة الوسطى بسبع حصيات متعاقبات يكبر مع كل حصاة ثم يأخذ ذات الشمال فيقف مستقبلا القبلة رافعا يديه ويدعوا دعاء طويلا أن تيسر عليه وإلا بقدر ماتيسر ولا ينبغي أن يترك الوقوف للدعاء لأنه سنه وكثير من الناس يهمله إما جهلا أو تهاونا وكلما أضيعت السنة كان فعلها ونشرها بين الناس اوكد لئلا تترك وتموت .
ثم يرمي جمرة العقبة بسبع حصيات متعاقبات يكبر مع كل حصاة ثم ينصرف ولا يدع بعدها.
فإذا ا تم رمي الجمار في اليوم الثاني عشر فإن شاء تعجل ونزل من منى وان شاء تأخر فبات بها ليلة الثالث عشر ورمى الجمار الثلاث بعد الزوال كما سبق والتأخر أفضل ولا يجب إلا أن تغرب الشمس من اليوم الثاني عشر وهو بمنى فإنه يلزمه التأخر حتى يرمي الجمار الثلاث بعد الزوال لكن لو غربت عليه الشمس بمنى في اليوم الثاني عشر بغير اختياره مثل أن يكون قد ارتحل وركب لكن تأخر بسبب زحام السيارات ونحوه فإنه لايلزمه الرجوع لان تأخره إلى الغروب بغير اختياره فإذا أراد الخروج من مكة إلى بلده لم يخرج حتى يطوف للوداع لقول النبي صلى الله عليه وسلم " لاينفر احد حتى يكون أخر عهده بالبيت " وفي رواية " أمر الناس أن يكون آخر عهدهم بالبيت إلاّ انه خفف عن الحائض " فالحائض والنفساء ليس عليهما وداع ولا ينبغي أن يقفا عند باب المسجد الحرام للوداع لعدم وروده عن النبي صلى الله عليه وسلم ويجعل طواف الوداع أخر عهده بالبيت إذا أراد أن يرتحل للسفر.
مسألة : فإن بقي بعد الوداع لانتظار رفقة آو تحميل رحله أو اشترى حاجة في طريقه فلا حرج عليه ولا يعيد الطواف إلاّ أن يريد السفر في أول النهار فيطوف للوداع ثم يؤجل السفر إلى أخر النهار مثلا فإنه يلزمه إعادة الطواف ليكون آخر عهده بالبيت .
مسألة : يجوز للحاج أن يؤخر طواف الإفاضة مع طواف الوداع ولكن بشرط أن ينويهما أو تكون لنية لطواف الإفاضة .
مسألة : السنة في رمي جمرة العقبة ضحى وتجوز للضعفاء ومن معهم بعد غياب القمر أو تأخيره إلى المساء وأما رمي الجمار في أيام التشريق فيبدأ من بعد الزوال إلى غروب الشمس ويجوز الرمي ليلا على الصحيح من كلام العلماء مع وجود المشقة وهو اختيار شيخنا ابن عثيمين وقد رأيته يرمي عصر اً


*الأخطاء التي يرتكبها بعض الحجاج هداهم الله *



* الإحرام والأخطاء فيه :

ثبت في الصحيحين وغيرهما عن ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم وقّت لأهل المدينة ذا الحليفة ، ولأهل الشام الجحفة ، ولأهل نجد قرن المنازل ، ولأهل اليمن يلملم ، وقال ( فهن لهن ولمن أتى عليهن من غير أهلهن لمن كان يريد الحج والعمرة ).

وعن عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم وقّت لأهل العراق ذات عرق .{ رواه أبو داوود والنسائي }.

وثبت في الصحيحين أيضاً في حديث عبد الله ابن عمر رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( يهل أهل المدينة من ذي الحليفة ، ويهل أهل الشام من الجحفة ، ويهل أهل نجد من قرن ) { الحديث}.

فهذه المواقيت التي وقتها رسول الله صلى الله عليه وسلم حدود شرعية توقيفية موروثة عن الشارع لا يحل لأحد تغييرها أو التعدي فيها ، أو تجاوزها بدون إحرام لمن أراد الحج والعمرة ، فإن هذا من تعدي حدود الله وقد قال الله تعالى :( وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ) (البقرة: الآية229). ولأن النبي صلى الله عليه وسلم قال في حديث ابن عمر رضي الله عنهما: ( يهل أهل المدينة ، ويهل أهل الشام ، ويهل أهل نجد) وهذا خبر بمعنى الأمر . والإهلال : رفع الصوت بالتلبية ، ولا يكون إلا بعد عقد الإحرام .فالإحرام من هذه المواقيت واجب على من أراد الحج أو العمرة إذا مر بها أو حاذاها سواء أتى من طريق البر أو البحر أو الجو . فإن كان من طريق البر نزل فيها إن مر بها أو فيما حاذاها إن لم يمر بها ، وأتى بما ينبغي أن يأتي به عند الإحرام من الاغتسال وتطييب بدنه ولبس ثياب إحرامه ، ثم يحرم قبل مغادرته . وإن كان من طريق البحر فإن كانت الباخرة تقف عند محاذات الميقات اغتسل وتطيب ولبس ثياب إحرامه حال وقوفها ، ثم أحرم قبل سيرها ، وإن كانت لا تقف عند محاذات الميقات اغتسل وتطيب ولبس ثياب إحرامه قبل أن تحاذيه ثم يحرم إذا حاذته .وإن كان من طريق الجو اغتسل عند ركوب الطائرة وتطيب ولبس ثوب إحرامه قبل محاذات الميقات ، ثم أحرم قبيل محاذاته ، ولا ينتظر حتى يحاذيه ؛ لأن الطائرة تمر به سريعة فلا تعطي فرصة ، وإن أحرم قبله احتياطا فلا بأس لأنه لا يضره . والخطأ الذي يرتكبه بعض الناس أنهم يمرون من فوق الميقات في الطائرة أو من فوق محاذاته ثم يؤخرون الإحرام حتى ينزلوا في مطار جدة وهذا مخالف لأمر النبي صلى الله عليه وسلم وتعدِّ لحدود الله تعالى وفي صحيح البخاري عن عبد الله ابن عمر رضي الله عنهما قال : لما فُتح هذان المصران ـ يعني البصرة والكوفة ـ أتوا عمر رضي الله عنه فقالوا : ( يا أمير المؤمنين ، إن النبي صلى الله عليه وسلم حد لأهل نجد قرناً وإنه جورٌ عن طريقنا ، وإن أردنا أن نأتي قرناً شق علينا قال : فانظروا إلى حذوها من طريقكم ) فجعل أمير المؤمنين أحد الخلفاء الراشدين ميقات من لم يمر بالميقات إذا حاذاه ، ومن حاذاه جواً فهو كمن حاذاه براً ولا فرق . فإذا وقع الإنسان في هذا الخطأ فنزل جدة قبل أن يحرم فعليه أن يرجع إلى الميقات الذي حاذاه في الطائرة فيحرم منه ، فإن لم يفعل وأحرم من جدة فعليه عند أكثر العلماء فدية يذبحها في مكة ويفرقها كلها على الفقراء فيها ، ولا يأكل منها ولا يهدي منها لغني لأنها بمنزلة الكفارة .

* الطواف والأخطاء الفعلية فيه :

ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه أبتدأ الطواف من الحجر الأسود في الركن اليماني الشرقي من البيت ، وأنه طاف بجميع البيت من وراء الحجر . وأنه رمل في الأشواط الثلاثة الأولى فقط في الطواف أول ما قدم مكة . وانه كان في طوافه يستلم الحجر الأسود ويقبله واستلمه بيده وقبلها ، واستلمه بمحجن كان معه وقبّل المحجن وهو راكب على بعيره وطاف على بعيره فجعل يشير إلى الركن يعني الحجر كلما مر به .وثبت عنه أنه كان يستلم الركن اليماني . واختلاف الصفات في استلام الحجر إنما كان ـ والله أعلم ـ حسب السهولة ، فما سهل عليه منها فعله ، وكل ما فعله من الاستلام والتقبيل والإشارة إنما هو تعبد لله تعالى وتعظيم له لا اعتقاد أن الحجر ينفع أو يضر ، وفي الصحيحين عن عمر رضي الله عنه أنه كان يقبل الحجر ويقول : ( إني لأعلم انك حجر لا تضر ولا تنفع ، ولولا أني رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يقبلك ما قبلتك ) .


والأخطاء التي تقع من بعض الحجاج :
1. ابتداء الطواف من قبل الحجر أي من بينه وبين الركن اليماني ، وهذا من الغلو في الدين الذي نهى عنه النبي صلى الله عليه وسلم ، وهو يشبه من بعض الوجوه تقدم رمضان بيوم أو يومين ، وقد ثبت النهي عنه .وادعاء بعض الحجاج أنه يفعل ذلك احتياطاً غير مقبول منه ، فالاحتياط الحقيقي النافع هو اتباع الشريعة وعدم التقدم بين يدي الله ورسوله .
2. طوافهم عند الزحام بالجزء المسقوف من الكعبة فقط بحيث يدخل من باب الحجر إلى الباب المقابل ويدع بقية الحجر عن يمينه ، وهذا خطأ عظيم لا يصح الطواف بفعله ، لأن الحقيقة انه لم يطف بالبيت وإنما طاف ببعضه .
3. الرمل في جميع الأشواط السبعة .
4. المزاحمة الشديدة للوصول إلى الحجر لتقبيله حتى إنه يؤدي في بعض الأحيان إلى المقاتلة والمشاتمة ، فيحصل من التضارب والأقوال المنكرة ما لا يليق بهذا العمل ولا بهذا المكان في مسجد الله الحرام وتحت ظل بيته ، فينقص بذلك الطواف بل النسك كله ، لقوله تعالى : (الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلا رَفَثَ وَلا فُسُوقَ وَلا جِدَالَ فِي الْحَجِّ )(البقرة: الآية197) . وهذه المزاحمة تذهب الخشوع وتنسي ذكر الله تعالى ، وهما من أعظم المقصود في الطواف .
5. اعتقادهم أن الحجر نافع بذاته ، ولذلك تجدهم إذا استلموه مسحوا بأيديهم على بقية أجسامهم أو مسحوا بها على أطفالهم الذين معهم ، وكل هذا جهل وضلال ، فالنفع والضرر من الله وحده ، وقد سبق قول أمير المؤمنين عمر : ( إني لأعلم أنك حجر لا تضر ولا تنفع ، ولولا أني رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يقبلك ما قبلتك ) .
6. استلامهم ـ أعني بعض الحجاج ـ لجميع أركان الكعبة وربما استلموا جميع جدران الكعبة وتمسحوا بها ، وهذا جهل وضلال ، فإن الاستلام عبادة وتعظيم لله عز وجل فيجب الوقوف فيها على ما ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم ، ولم يستلم النبي صلى الله عليه وسلم من البيت سوى الركنين اليمانيين ( الحجر الأسود وهو في الركن اليماني الشرقي من الكعبة ، والركن اليماني الغربي ) ، وفي مسند الإمام أحمد عن مجاهد عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه طاف مع معاوية رضي الله عنه فجعل معاوية يستلم الأركان كلها فقال ابن عباس : لم تستلم هذين الركنين ولم يكن رسول الله صلى الله عليه وسلم يستلمهما ؟ فقال معاوية : ليس شيء من البيت مهجورا . فقال ابن عباس : لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة . فقال معاوية : صدقت .

* الطواف والأخطاء القولية فيه :

ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يكبر الله تعالى كلما أتى على الحجر الأسود . وكان يقول بين الركن اليماني والحجر الأسود : ( رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ)(البقرة: الآية201) .وقال: ( إنما جعل الطواف بالبيت وبالصفا والمروة ورمي الجمار لإقامة ذكر الله ) .
والخطأ الذي يرتكبه بعض الطائفين في هذا تخصيص كل شوط بدعاء معين لا يدعو فيه بغيره ، حتى أنه إذا أتم الشوط قبل تمام الدعاء قطعه ولو لم يبق عليه إلا كلمة واحدة ؛ ليأتي بالدعاء الجديد للشوط الذي يليه ، وإذا أتم الدعاء قبل تمام الشوط سكت .
ولم يرد عن النبي صلى الله عليه وسلم في الطواف دعاء مخصص لكل شوط . قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله : وليس فيه ـ يعني الطواف ـ ذكر محدود عن النبي صلى الله عليه وسلم لا بأمره ولا بقوله ولا بتعليمه ، بل يدعو فيه بسائر الأدعية الشرعية ، وما يذكره كثير من الناس من دعاء معين تحت الميزاب ونحو ذلك فلا أصل له .وعلى هذا فيدعو الطائف بما أحب من خيري الدنيا والآخرة ، ويذكر الله تعالى بأي ذكر مشروع من تسبيح أو تحميد أو تهليل أو تكبير أو قراءة قرآن .ومن الخطأ الذي يرتكبه بعض الطائفين أن يأخذ من هذه الأدعية المكتوبة فيدعو بها وهو لا يعرف معناها ، وربما يكون فيها أخطاء من الطابع أو الناسخ تقلب المعنى رأسا على عقب ، وتجعل الدعاء للطائف دعاء عليه ، فيدعو على نفسه من حيث لا يشعر . وقد سمعنا من هذا العجب العجاب . ولو دعا الطائف ربه بما يريده ويعرفه فيقصد معناه لكان خيراً له وأنفع ، ولرسول الله صلى الله عليه وسلم أكثر تأسياً وأتبع .
ومن الخطا الذي يرتكبه بعض الطائفين أن يجتمع جماعة على قائد يطوف بهم ويلقنهم الدعاء بصوت مرتفع ، فيتبعه الجماعة بصوت واحد فتعلوا الأصوات وتحصل الفوضى ، ويتشوش بقية الطائفين فلا يدرون ما يقولون ؛ وفي هذا إذهاب للخشوع وإيذاء لعباد الله تعالى في هذا المكان الآمن ، وقد خرج النبي صلى الله عليه وسلم على الناس وهم يصلون ويجهرون بالقراءة فقال النبي صلى الله عليه وسلم : ( كلكم يناجي ربه فلا يجهر بعضكم على بعض في القرآن ) رواه مالك في الموطأ وقال ابن عبد البر وهو حديث صحيح .
ويا حبذا لو أن هذا القائد إذا اقبل بهم على الكعبة وقف بهم وقال افعلوا كذا ، قولوا كذا ، ادعوا بما تحبون ، وصار يمشي معهم في المطاف حتى لا يخطئ منهم أحد فطافوا بخشوع وطمأنينة يدعون ربهم خوفاً وطمعاً بما يحبونه وما يعرفون معناه ويقصدونه ، وسلم الناس من أذاهم .

* الركعتان بعد الطواف والخطأ فيهما :

ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه لما فرغ من الطواف تقدم إلى مقام إبراهيم فقرأ : ( وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلّىً )(البقرة: الآية125). فصلي ركعتين والمقام بينه وبين الكعبة ، وقرأ في الركعة الأولى الفاتحة و (قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ) وفي الثانية الفاتحة و (قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ) .

والخطأ الذي يفعله بعض الناس هنا ظنهم أنه لا بد أن تكون صلاة الركعتين قريباً من المقام ، فيزدحمون على ذلك ويؤذون الطائفين في أيام الموسم ، ويعوقون سير طوافهم ، وهذا الظن خطأ فالركعتان بعد الطواف تجزئان في أي مكان من المسجد ، ويمكن المصلي أن يجعل المقام بينه وبين الكعبة وإن كان بعيداً عنه فيصلي في الصحن أو في رواق المسجد ، ويسلم من الأذية ، فلا يؤذِي ولا يؤذ َي ، وتحصل له الصلاة بخشوع وطمأنينة . ويا حبذا لو أن القائمين على المسجد الحرام منعوا من يؤذون الطائفين بالصلاة خلف المقام قريباً منه ، وبينوا لهم أن هذا ليس بشرط للركعتين بعد الطواف . ومن الخطأ أن بعض الذين يصلون خلف المقام يصلون عدة ركعات كثيرة بدون سبب مع حاجة الناس الذين فرغوا من الطواف إلى مكانهم . ومن الخطأ أن بعض الطائفين إذا فرغ من الركعتين وقف بهم قائدهم يدعو بهم بصوت مرتفع ، فيشوشون على المصلين خلف المقام فيعتدون عليهم، وقد قال الله تعالى : (ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعاً وَخُفْيَةً إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ) (الأعراف:55) .

* صعود الصفا والمروة والدعاء فوقهما والسعي بين العلمين والخطأ في ذلك :
ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم انه حين دنا من الصفا قرأ : (إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ ) ثم رقى عليه حتى رأى الكعبة فاستقبل القبلة ورفع يديه فجعل يحمد الله ويدعو ما شاء أن يدعو ، فوّحد الله وكبره وقال : ( لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير ، لا إله إلا الله وحده ، أنجز وعده ، ونصر عبده ، وهزم الأحزاب وحده ) ،ثم دعا بين ذلك فقال مثل هذا ثلاث مرات ، ثم نزل ماشياً فلما انصبت قدماه في بطن الوادي وهو ما بين العلمين الأخضرين سعى حتى إذا تجاوزهما مشى حتى إذا أتى المروة ، ففعل على المروة ما فعل على الصفا .
والخطا الذي يفعله بعض الساعين هنا أنهم إذا صعدوا الصفا والمروة استقبلوا الكعبة فكبروا ثلاث تكبيرات يرفعون أيديهم ويومئون بها كما يفعلون في الصلاة ثم ينزلون ، وهذا خلاف ما جاء به النبي صلى الله عليه وسلم ، فإما أن يفعلوا السنة كما جاءت إن تيسر لهم ، وإما أن يدعوا ذلك ولا يحدثوا فعلاً لم يفعله النبي صلى الله عليه وسلم .
ومن الخطا الذي يفعله بعض الساعين أنهم يسعون من الصفا إلى المروة ، أعني أنهم يشتدون في المشي ما بين الصفا والمروة كله ، وهذا خلاف السنة ، فإن السعي ما بين العلمين فقط والمشي في بقية المسعى ، واكثر ما يقع ذلك إما جهلاً من فاعله أو محبةً كثير من الناس للعجلة والتخلص من السعي والله المستعان .

* الوقوف بعرفة والخطأ فيه :
ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه مكث يوم عرفة بنمرة حتى زالت الشمس ، ثم ركب ثم نزل فصلى الظهر والعصر ركعتين ركعتين جمع تقديم بأذان واحد وإقامتين ، ثم ركب حتى أتى موقفه فوقف وقال : ( وقفت هاهنا وعرفة كلها موقف ) . فلم يزل واقفاً مستقبل القبلة رافعاً يديه يذكر الله ويدعوه حتى غربت الشمس وغاب قرصها فدفع إلى مزدلفة .



والأخطاء التي يرتكبها بعض الحجاج :
1. أنهم ينزلون خارج حدود عرفة ويبقون في منازلهم حتى تغرب الشمس ثم ينصرفون منها إلى مزدلفة من غير أن يقفوا بعرفة ، وهذا خطأ عظيم يفوت به الحج ، فإن الوقوف بعرفة ركن لا يصح الحج إلا به ، فمن لم يقف بعرفة في وقت الوقوف فلا حج له لقول النبي صلى الله عليه وسلم : ( الحج عرفة من جاء ليلة جمع قبل طلوع الفجر فقد أدرك ) ([4]) . وسبب هذا الخطا الفادح أن الناس يغتر بعضهم ببعض ؛ لأن بعضهم ينزل قبل أن يصلها ولا يتفقد علاماتها ؛ فيفوت على نفسه الحج ويغر غيره ، ويا حبذا لو أن القائمين على الحج أعلنوا للناس بوسيلة تبلغ جميعهم وبلغات متعددة ، وعهدوا إلى المطوفين بتحذير الحجاج من ذلك ليكون الناس على بصيرة من أمرهم ويؤدوا حجهم على الوجه الأكمل الذي تبرا به الذمة .
2. أنهم ينصرفون من عرفة قبل غروب الشمس ، وهذا حرام لأنه خلاف سنة النبي صلى الله عليه وسلم حيث وقف إلى أن غربت الشمس وغاب قرصها ، ولأن الانصراف من عرفة قبل الغروب عمل أهل الجاهلية .
3. أنهم يستقبلون الجبل جبل عرفة عند الدعاء ولو كانت القبلة خلف ظهورهم أو على أيمانهم أو شمائلهم ، وهذا خلاف السنة ، فإن السنة استقبال القبلة كما فعل النبي صلى الله عليه وسلم .

* رمي الجمرات والخطأ فيه :
ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه رمى جمرة العقبة وهي الجمرة القصوى التي تلي مكة بسبع حصيات ضحى يوم النحر ، يكبر مع كل حصاة . كل حصاة منها مثل حصا الخذف أو فوق الحمص قليلاً ، وفي سنن النسائي من حديث الفضل بن عباس رضي الله عنهما ـ وكان رديف النبي صلى الله عليه وسلم من مزدلفة إلى منى ـ قال: فهبط ـ يعني النبي صلى الله عليه وسلم ـ محسراً وقال : ( عليكم بحصا الخذف الذي ترمى به الجمرة ) قال : والنبي صلى الله عليه وسلم يشير بيده كما يخذف الإنسان ، وفي مسند الإمام احمد عن ابن عباس رضي الله عنهما ـ قال يحي : لا يدري عوف عبد الله أو الفضل ـ قال : قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم غداة العقبة وهو واقف على راحلته: ( هات القط لي ) قال: فلقطت له حصيات هن حصا الخذف فوضعهن في يده. فقال ( بأمثال هؤلاء ) مرتين وقال بيده . فأشار يحي انه رفعها وقال: ( إياكم والغلو فإنما هلك من كان قبلكم بالغلو في الدين ).
وعن أم سليمان بن عمرو بن الأحوص رضي الله عنها قالت : رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يرمي جمرة العقبة من بطن الوادي يوم النحر وهو يقول : ( يا أيها الناس ، لا يقتل بعضكم بعضا ، وإذا رميتم الجمرة فارموها بمثل حصا الخذف) رواه احمد .وفي صحيح البخاري عن ابن عمر رضي الله عنهما أنه كان يرمي الجمرة الدنيا بسبع حصيات يكبر على أثر كل حصاة ، ثم يتقدم حتى يسهل فيقوم مستقبل القبلة فيقوم طويلاً ويدعو ويرفع يديه ، ثم يرمي الوسطى ثم يأخذ ذات الشمال فيسهل ويقوم مستقبل القبلة فيقوم طويلاً ويدعو ويرفع يديه ثم يرمي جمرة العقبة من بطن الوادي ولا يقف عندها ، ثم ينصرف فيقول هكذا رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يفعله .وروى أحمد وأبو داوود عن عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( إنما جعل الطواف بالبيت وبالصفا والمروة ورمي الجمار لإقامة ذكر الله ).

والأخطاء التي يفعلها بعض الحجاج هي :
1. اعتقادهم أنه لا بد من اخذ الحصا من مزدلفة ، فيتعبون أنفسهم بلقطها في الليل واستصحابها في أيام مني حتى إن الواحد منهم إذا ضاع حصاه حزن حزناً كبيراً ، وطلب من رفقته أن يتبرعوا له بفضل ما معهم من حصا مزدلفة .. وقد علم مما سبق أنه لا أصل لذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم ، وانه أمر ابن عباس رضي الله عنهما بلقط الحصا له وهو واقف على راحلته ، والظاهر أن هذا الوقوف كان عند الجمرة إذ لم يحفظ عنه أنه وقف بعد مسيره من مزدلفة قبل ذلك ، ولأن هذا وقت الحاجة إليه فلم يكن ليأمر بلقطها قبله لعدم الفائدة فيه وتكلف حمله .
2. اعتقادهم أنهم برميهم الجمار يرمون الشياطين ، ولهذا يطلقون اسم الشياطين على الجمار فيقولون : رمينا الشيطان الكبير أو الصغير أو رمينا أبا الشياطين يعنون به الجمرة الكبرى جمرة العقبة ، ونحو ذلك من العبارات التي لا تليق بهذه المشاعر ، وتراهم أيضا يرمون الحصاة بشدة وعنف وصراخ وسب وشتم لهذه الشياطين على زعمهم ، حتى شاهدنا من يصعد فوقها يبطش بها ضرباً بالنعل والحصى الكبار بغضب وانفعال والحصا تصيبه من الناس وهو لا يزداد إلا غضباً وعنفاً في الضرب، والناس حوله يضحكون ويقهقهون كان المشهد مشهد مسرحيه هزلية ، شاهدنا هذا قبل أن تبني الجسور وترتفع أنصاب الجمرات . وكل هذا مبني على هذه العقيدة أن الحجاج يرمون شياطين ، وليس لها اصل صحيح يعتمد عليه ، وقد علمت مما سبق الحكمة في مشروعية رمي الجمار وأنه إنما شرع ، لإقامة ذكر الله عز وجل ، ولهذا كان النبي صلى الله عليه وسلم يكبر على إثر كل حصاة .
3. رميهم الجمرات بحصى كبيرة وبالحذاء ( النعل ) والخفاف ( الجزمات ) والأخشاب ، وهذا خطا كبير مخالف لما شرعه النبي صلى الله عليه وسلم لأمته بفعله وأمره حيث رمى صلى الله عليه وسلم بمثل حصا الخذف ، وأمر أمته أن يرموا بمثله ، وحذرهم من الغلو في الدين . وسبب هذا الخطا الكبير ما سبق من اعتقادهم أنهم يرمون شياطين .
4. تقدمهم إلى الجمرات بعنف وشدة لا يخشعون لله تعالى ، ولا يرحمون عباد الله ، فيحصل بفعلهم هذا من الأذية للمسلمين والإضرار بهم والمشاتمة والمضاربة ما يقلب هذه العبادة وهذا المشعر إلى مشهد مشاتمة ومقاتله ، ويخرجها عما شرعت من أجله ، وعما كان عليه النبي صلى الله عليه وسلم. ففي المسند عن قدامه بن عبد الله بن عمار قال : رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يوم النحر يرمي جمرة العقبة على ناقة صهباء لا ضرب ولا طرد ولا إليك إليك { رواه الترمذي وقال : حسن صحيح}.
5. تركهم الوقوف للدعاء بعد رمي الجمرة الأولى والثانية في أيام التشريق، وقد علمت أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقف بعد رميهما مستقبل القبلة رافعاً يديه يدعو دعاءً طويلاً ، وسبب ترك الناس لهذا الوقوف الجهل بالسنة أو محبة كثير من الناس للعجلة والتخلص من العبادة. ويا حبذا لو أن الحاج تعلم أحكام الحج قبل أن يحج ليعبد الله تعالى على بصيرة ويحقق متابعة النبي صلى الله عليه وسلم . ولو أن شخصاًُ أراد أن يسافر إلى بلد لرأيته يسأل عن طريقها حتى يصل إليها عن دلالة ، فكيف بمن أراد أن يسلك الطريق الموصلة إلى الله تعالى وإلى جنته ، أفليس من الجدير به أن يسأل عنها قبل أن يسلكها ليصل على المقصود ؟ !
6. رميهم الحصى جميعاً بكف واحدة وهذا خطأ فاحش وقد قال آهل العلم إنه إذا رمى بكف واحدة اكثر من حصاة لم يحتسب له سوى حصاة واحدة ، فالواجب أن يرمي الحصا واحدة فواحدة كما فعل النبي صلى الله عليه وسلم .
7. زيادتهم دعوات عند الرمي لم ترد عن النبي صلى الله عليه وسلم مثل قولهم : اللهم اجعلها رضاً للرحمن وغضباً للشيطان ، وربما قال ذلك وترك التكبير الوارد عن النبي صلى الله عليه وسلم ، والأولى الاقتصار على الوارد عن النبي صلى الله عليه وسلم من غير زيادة ولا نقص .
8. تهاونهم برمي الجمار بأنفسهم فتراهم يوكلون من يرمي عنهم مع قدرتهم على الرمي ليسقطوا عن أنفسهم معاناة الزحام ومشقة العمل ، وهذا مخالف لما أمر الله تعالى به من إتمام الحج حيث يقول سبحانه : (وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ)(البقرة: الآية196) فالواجب على القادر على الرمي أن يباشره بنفسه ويصبر على المشقة والتعب ، فإن الحج نوع من الجهاد لا بد فيه من الكلفة والمشقة فليتق الحاج ربه وليتم نسكه كما أمره الله تعالى به ما استطاع إلى ذلك سبيلا

* طواف الوداع والأخطاء فيه :
ثبت في الصحيحين عن ابن عباس رضي الله عنهما انه قال : ( أُمر الناس أن يكون آخر عهدهم بالبيت إلا أنه خُفف عن الحائض) وفي لفظ لمسلم عنه قال : ( كان الناس ينصرفون في كل وجه فقال النبي صلى الله عليه وسلم: لا ينفرن أحد حتى يكون آخر عهده بالبيت) رواه أبو داوود بلفظ : ( حتى يكون آخر عهده الطواف بالبيت ) وفي الصحيحين عن أم سلمة رضي الله عنها قالت : شكوت إلى النبي صلى الله عليه وسلم أني اشتكي فقال : ( طوفي من وراء الناس وأنت راكبة ) فطفت ورسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي إلى جنب البيت وهو يقرأ بـ :(وَالطُّورِ*وَكِتَابٍ مَسْطُورٍ) (الطور:1-2) وللنسائي عنها أنها قالت : ( يا رسول الله ، والله ما طفت طواف الخروج فقال : إذا أقيمت الصلاة فطوفي على بعيرك من وراء الناس) .
وفي صحيح البخاري عن أنس ابن مالك رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى الظهر والعصر والمغرب والعشاء ثم رقد رقدةً بالمحصب، ثم ركب إلى البيت فطاف به ، وفي الصحيحين عن عائشة رضي الله عنها أن صفية رضي الله عنها حاضت بعد طواف الإفاضة فقال النبي صلى الله عليه وسلم : ( أحابستنا هي؟) قالوا : إنها قد افاضت وطافت بالبيت قال : فلتنفر إذن . وفي الموطأ عن عبد الله بن عمر بن الخطاب رضي الله عنهما أن عمر رضي الله عنه قال : ( لا يصدرن أحد من الحاج حتى يطوف بالبيت فإن آخر النسك الطواف بالبيت ) وفيه عن يحي بن سعيد أن عمر رضي الله عنه رد رجلاً من مر الظهران لم يكن ودع البيت حتى ودع .

* والخطأ الذي يرتكبه بعض الحجاج هنا :
1. نزولهم من منى يوم النفر قبل رمي الجمرات فيطوفوا للوداع ثم يرجعوا إلى منى فيرموا الجمرات ، ثم يسافروا إلى بلادهم من هناك وهذا لا يجوز لأنه مخالف لأمر النبي صلى الله عليه وسلم أن يكون آخر عهد الحجاج بالبيت ، فإن من رمى بعد طواف الوداع فقد جعل آخر عهده بالجمار لا بالبيت ، ولأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يطف للوداع إلا عند خروجه حين استكمل جميع مناسك الحج ، وقد قال : ( خذوا عني مناسككم ) .
وأثر عمر بن الخطاب رضي الله عنه صريح في أن الطواف بالبيت آخر النسك .فمن طاف للوداع ثم رمى بعده فطوافه غير مجزئ لوقوعه في غير محله ، فيجب عليه إعادته بعد الرمي ، فإن لم يعد كان حكمه حكم من تركه.
2. مكثهم بمكة بعد طواف الوداع فلا يكون آخر عهدهم بالبيت ، وهذا خلاف ما أمر به النبي صلى الله عليه وسلم وبينه لأمته بفعله ، فإن النبي صلى الله عليه وسلم أمر أن يكون آخر عهد الحاج بالبيت ، ولم يطف للوداع إلا عند خروجه وهكذا فعل أصحابه ، ولكن رخص أهل العلم في الإقامة بعد طواف الوداع للحاجة إذا كانت عارضة كبيرة كما لو أقيمت الصلاة بعد طوافه للوداع فصلاها أو حضرت جنازة فصلي عليها ، أو كان له حاجة تتعلق بسفره كشراء متاع وانتظار رفقة ونحو ذلك فمن أقام بعد طواف للوداع إقامة غير مرخص فيها وجبت عليه إعادته.
3. خروجهم من المسجد بعد طواف الوداع على أقفيتهم يزعمون بذلك تعظيم الكعبة ، وهذا خلاف السنة بل هو من البدع التي حذرنا منها النبي صلى الله عليه وسلم وقال فيها:( كل بدعة ضلالة ) والبدعة كل ما احدث من عقيدة أو عبادة على خلاف ما كان عليه الرسول صلى الله عليه وسلم وخلفاؤه الراشدون ، فهل يظن هذا الراجع على قفاه تعظيماً للكعبة على زعمه انه أشد تعظيماً لها من رسول الله صلى الله عليه وسلم ، أو يظن أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يكن يعلم أن في ذلك تعظيم لها لا هو ولا خلفاؤه الراشدون ؟!
4. التفاتهم إلى الكعبة عند باب المسجد بعد انتهائهم من طواف الوداع ودعاؤهم هناك كالمودعين للكعبة ، وهذا من البدع لأنه لم يرد عن النبي صلى الله عليه وسلم ولا عن خلفاؤه الراشدين ، وكل ما قصد به التعبد لله تعالى وهو مما لم يرد به الشرع فهو باطل مردود على صاحبه ؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم :(من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد ) . أي مردود على صاحبه .
فالواجب على المؤمن بالله ورسوله أن يكون في عباداته متبعاً لما جاء عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فيها لينال بذلك محبة الله ومغفرته كما قال تعالى : (قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ) (آل عمران:31) واتباع النبي صلى الله عليه وسلم كما يكون في مفعولاته يكون كذلك في متروكاته ، فمتي وجد مقتضي الفعل في عهده ولم يفعله كان ذلك دليلاً على أن السنة والشريعة تركه ، فلا يجوز إحداثه في دين الله تعالى ولو أحبه الإنسان وهواه ، قال الله تعالى : (وَلَوِ اتَّبَعَ الْحَقُّ أَهْوَاءَهُمْ لَفَسَدَتِ السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ وَمَنْ فِيهِنَّ بَلْ أَتَيْنَاهُمْ بِذِكْرِهِمْ)(المؤمنون: الآية71) وقال النبي صلى الله عليه وسلم : ( لا يؤمن أحدكم حتى يكون هواه تبعاً لما جئت به ) .نسأل الله أن يهدينا إلى صراطه المستقيم ، وألا يزيغ قلوبنا بعد إذ هدانا ، وأن يهب لنا منه رحمة إنه هو الوهاب .
والحمد لله رب العالمين ،وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين .

http://www.dardashchat.net/vb/showthread.php?p=105976&posted=1#_ftnref1([1]) الطواف له شروط هي :1- الطهارة .2- ستر العورة .3 - أن يكون سبعة أشواط . 4- أن يكون ابتدائه بالحجر وانتهائه منه . 5- الموالاة بين الأشواط والفصل اليسير لا بأس به .6- أن يكون الطواف خارج البيت لا داخله أو داخل الحجر لأنه منه .7- أن يكون راكباً لا ماشياً إلا لحاجة .8- أن يكون البيت عن يساره .

http://www.dardashchat.net/vb/showthread.php?p=105976&posted=1#_ftnref2([2]) ليس لأشواط الطواف أدعية خاصة بكل شوط ، وأما تلك الكتب التي يدع بها بعض الحجاج ويشترونها والتي فيها تحديد دعاء لكل شوط فهي لاتجوز بل بدعه فان النبي صلى الله عليه وسلم حج وحج معه جم غفير ولم يحدد لهم مثل هذا .

http://www.dardashchat.net/vb/showthread.php?p=105976&posted=1#_ftnref3([3]) الصلاة خلف مقام إبراهيم هي السنة.. وينبغي أن يعلم هنا انه إذا دار الأمر بين أن يصلي قريبا من المقام مع كثرة الزحام وبين أن يصلي بعيدا عن المقام ولكن بطمأنينة فالأفضل الثاني وذلك لأن القاعدة تقول " إن ما يتعلق بذات العبادة أولى بالمراعاة مما يتعلق بمكانه " وهذه قاعدة جليلة يدخل تحتها مسائل عدة .

http://www.dardashchat.net/vb/showthread.php?p=105976&posted=1#_ftnref4([4]) قصر الصلاة لاهل مكة في المشاعر محل خلاف بين العلماء فالأئمة الثلاثة الشافعي ومالك واحمد يقولون لا يقصر المكي ولا يجمع لأنه غير مسافر وذهب أبو حنيفة إلى أنه يجمعون ويقصرون وهذا اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله وأختاره العلامة ابن عثيمين رحمه الله وقال في فتاوى الباب المفتوح 51 / 22 : " والأحوط أن لا يقصروا في منى لأنها أصبحت حياً من أحياء مكة " .

http://www.dardashchat.net/vb/showthread.php?p=105976&posted=1#_ftnref5([5]) المبيت الى الفجر هذا في حق الأقوياء أما الضعفة ومن كان مرتبطا معهم فيحق لهم الانصراف من مزدلفة بعد غياب القمر لما ثبت انه صلى الله عليه وسلم بعث الضعفة من أهله بليل .. وكانت أسماء بنت أبي بكر تنتظر حتى إذا غاب القمر دفعت .
 

الاختيارات العلمية في مسائل الحج والعمرة

للشيخ عبدالعزيز بن باز رحمه الله



كتاب المناسك


1 - الحج والعمرة واجبان على كل مسلم حر مكلف مع الاستطاعة مرة في العمر .
2 - الحج واجب على الفور مع الاستطاعة في أصح قولي العلماء .
3 - يجب الحج على من كان عليه دين ويستطيع الحج وقضاء الدين .
4 - الأفضل عدم الاقتراض لأداء الحج .
5 - لا يصح حج من كان تاركاً للصلاة ، وكذا من كان يصلي ويدع الصلاة ؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم : ((العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة فمن تركها فقد كفر )) [1] رواه الخمسة وهم : أحمد وأهل السنن الأربعة بإسناد صحيح ، وقوله صلى الله عليه وسلم : (( بين الرجل وبين الشرك ترك الصلاة )) [2] رواه مسلم في صحيحه .
6 - من حج من مال حرام صح الحج ؛ لأن أعمال الحج كلها بدنية وعليه التوبة من الكسب الحرام .
7 - يصح حج المرأة بلا محرم مع الإثم ؛ لأنه لا يجوز لها السفر بدون محرم ولو للحج والعمرة .
8 - إذا حج الصبي أو العبد صح منهما ولا يجزئهما عن حجة الإسلام ؛ لحديث ابن عباس رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : (( أيما صبي حج ثم بلغ الحنث فعليه أن يحج حجة أخرى ، وأيما عبد حج ثم أعتق فعليه حجة أخرى )) [3] أخرجه ابن أبي شيبة والبيهقي بإسناد حسن .
9 - من مات ولم يحج وهو يستطيع الحج وجب الحج عنه من التركة أوصى بذلك أو لم يوصِ .
10 - لا تصح الإنابة في الحج عمن كان صحيح البدن ولو كان فقيراً سواء كان فرضاً أو نفلاً ، أما العاجز لكبر سن أو مرض لا يرجى برؤه فإنه يلزمه أن ينيب من يؤدي عنه الحج المفروض والعمرة المفروضة إذا كان يستطيع ذلك بماله ؛ لعموم قول الله سبحانه : { ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلاً } .
11 - العمى ليس عذراً في الإنابة للحج فرضاً كان أو نفلاً ، وعلى الأعمى أن يحج بنفسه إذا كان مستطيعاً ؛ لعموم الأدلة .
12 - الأفضل لمن حج الفريضة تقديم نفقة الحج النافلة للمجاهدين ؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قدم الجهاد على الحج النفل ، كما في الحديث الصحيح .
13 - من اجتمع عليه حج الفريضة وقضاء صيام واجب كالكفارة وقضاء رمضان أو نحوهما قدم الحج .
14 - لا نعلم أقل حد بين العمرة والعمرة ، أما من كان من أهل مكة فالأفضل له الاشتغال بالطواف والصلاة وسائر القربات وعدم الخروج خارج الحرم لأداء عمرة إن كان قد أدى عمرة الإسلام .


باب المواقيت

15 - الواجب على جميع الحجاج والعمار أن يحرموا من الميقات الذي يمرون عليه أو يحاذونه جواً أو براً أو بحراً ؛ لحديث ابن عباس المذكور آنفاً .
16 - النبي صلى الله عليه وسلم هو الذي وقت المواقيت الخمسة : ذو الحليفة والجحفة وقرن المنازل ويلملم وذات عرق ، لكن وافق اجتهاد عمر رضي الله عنه توقيته لأهل العراق ذات عرق لسنة الرسول صلى الله عليه وسلم ، وكان لم يعلم ذلك حين وقت لهم ذات عرق فوافق اجتهاده رضي الله عنه سنة الرسول صلى الله عليه وسلم .
17 - من جاوز الميقات بلا إحرام وجب عليه الرجوع ، فإن لم يرجع فعليه دم ، وهو سبع بقرة ، أو سبع بدنة ، أو رأس من الغنم يجزئ في الأضحية ، إذا كان حين مر على الميقات ناوياً الحج أو العمرة ؛ لحديث ابن عباس رضي الله عنهما الثابت في الصحيحين .
18 - من بدا له الحج وهو في مكة فإنه يحرم من مكانه ، أما العمرة فلابد من خروجه للحل ؛ لحديث عائشة رضي الله عنها في ذلك .
19 - من توجه إلى مكة غير مريد الحج أو العمرة لم يجب عليه الإحرام ؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم إنما أوجب الإحرام على من نوى الحج أو العمرة أو كليهما . والعبادات توقيفية ليس لأحد أن يوجب ما لم يوجبه الله ورسوله ، كما أنه ليس له أن يُحرِّم ما لم يحرمه الله ورسوله ، لكن من لم يؤد الفريضة وجب عليه الإحرام بالحج في وقته أو بالعمرة في أي وقت أداءً لما أوجبه الله عليه من الحج والعمرة من أي ميقات يمر عليه .
20 - جدة ليست ميقاتاً للوافدين وإنما هي ميقات لأهلها ولمن وفدوا إليها غير مريدين للحج أو العمرة ثم أنشأوا الحج أو العمرة منها ، لكن من وفد إلى الحج أو العمرة من طريق جدة ولم يحاذِ ميقاتاً قبلها أحرم منها [4] .
21 - أشهر الحج : شوال وذو القعدة وعشر ذي الحجة .

باب الإحرام


22 - يشرع للمحرم التلفظ بما نوى من حج أو عمرة أو قران ، فيقول : اللهم لبيك عمرة ، إن كان أراد العمرة ، أو يقول : اللهم لبيك حجاً ، إن أراد الحج ، أو : " اللهم لبيك عمرة وحجاً ، إذا أراد القران . والأفضل لمن قدم في أشهر الحج وليس معه هدي أن يحرم بالعمرة وحدها ثم يلبي بالحج في اليوم الثامن من ذي الحجة؛ تأسياً بالنبي [5] صلى الله عليه وسلم وأصحابه رضي الله عنهم .
23 - الصبي والجارية دون التمييز ينوي عنهما وليهما ويلبي عنهما ويجنبهما ما يجتنبه المحرم ، ويكونان طاهري الثياب حين الطواف بهما .
24 - إن كان الصبي والجارية مميزين أحرما بإذن وليهما ويفعلان ما يفعله الكبير ، فإن عجزا عن الطواف والسعي حملا ، ووليهما هو الذي يتولى الحج بهما ، سواء كان أباهما أو أمهما أو غيرهما .
25 - النية تكفي المستنيب ، ولا يحتاج إلى ذكر اسمه ، وإن سماه لفظاً عند الإحرام فهو أفضل .
26 - لا يجوز لمن أهل بالحج أو العمرة عن نفسه أو عن غيره تغيير النية عمن أهل عنه إلى شخص آخر .
27 - لا تشترط الطهارة الصغرى ولا الكبرى لمن أراد الإحرام ، ولهذا صح الإحرام من الحائض والنفساء ، وإنما يستحب للجميع الغسل ، ويستحب أن يكون الإحرام بعد صلاة مفروضة أو نافلة في حق غير الحائض والنفساء ؛ لأن الصلاة لا تصح منهما .
28 - (أ) إذا وصلت الحائض أو النفساء للميقات وجب عليهما أن تحرما إذا كان الحج فريضة أو العمرة . أما إن كانا مستحبين وقد أدتا حجة الإسلام وعمرة الإسلام فإنه يشرع لهما الإحرام من الميقات كغيرهما من الطاهرات في الحج والعمرة ؛ رغبة في الخير وتزوداً من الأعمال الصالحة ؛ لقول الله عز وجل : { وتزودا فإن خير الزاد التقوى واتقون يا أولي الألباب } ، ولحديث أسماء بنت عميس رضي الله عنها ، فإنها ولدت في الميقات محمد بن أبي بكر ، فأمرها النبي صلى الله عليه وسلم أن تغتسل وتحرم ، فإذا طهرت الحائض أو النفساء طافتا وسعتا لحجهما أو عمرتهما ثم قصرتا إن كانتا محرمتين بالحج والعمرة [6] فإنه يشرع لهما جعل إحرامهما عمرة فتطوفان وتسعيان وتقصران وتحلان ثم تحرمان بالحج في اليوم الثامن كسائر الحجاج المحلين ، وإن بقيتا على إحرامهما ولم تحلا فلا بأس ، لكن ذلك خلاف السنة ؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم أمر أصحابه في حجة الوداع أن يحلوا ويجعلوها عمرة إلا من كان معه الهدي .
(ب) يجوز للحائض قراءة القرآن ، لعدم وجود الدليل الصريح المانع من ذلك ولكن بدون مس المصحف ،
وحديث : (( لا تقرأ الحائض ولا الجنب شيئاً من القرآن ))
[7] ضعيف .

29 - يجوز للمرأة أخذ حبوب منع العادة في الحج ورمضان إذا لم يكن فيها مضرة بعد استشارة طبيب مختص .
30 - كان النبي صلى الله عليه وسلم يهل [8] بنسكه إذا انبعثت به راحلته ، ومثل الراحلة السيارة يستحب الإهلال في الحج أو العمرة إذا ركب السيارة من الميقات ، وهكذا إذا ركبها عند التوجه من مكة إلى منى يوم الثامن .
31 - الاشتراط يكون وقت الإحرام إذا دعت الحاجة إليه ؛ لحديث عائشة رضي الله عنها في قصة ضباعة بنت الزبير بن عبد المطلب أنها قالت : يا رسول الله ، إني أريد الحج وأنا شاكية ، فقال لها صلى الله عليه وسلم :
(( حجي واشترطي أن محلي حيث حبستني ))
[9] .

32 - لا يجوز وضع الطيب على ملابس الإحرام ، وإنما السنة تطييب البدن عند الإحرام ، فإن طيبها لم يلبسها حتى يغسلها .
33 - لا بأس بتغيير ملابس الإحرام بملابس أخرى جديدة أو مغسولة ، كما أنه لا بأس أن يغسل ملابس الإحرام التي عليه إذا أصابها وسخ أو نجاسة ، ويجب غسلها من النجاسة .
34 - من وقع على إحرامه دم كثير وجب عليه غسله ، ولا يصلي فيه وفيه نجاسة ، ولا يضر اليسير من الدم عرفاً .
35 - من لم يجد الإزار لبس السراويل ، ومن لم يجد النعلين لبس الخفين بدون قطع ، وحديث ابن عمر رضي الله عنهما في القطع منسوخ في أصح قولي العلماء ؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم لما خطب الناس في عرفة ذكر في خطبته : (( أن من لم يجد إزاراً لبس السراويل ، ومن لم يجد نعلين لبس الخفين )) [10] ، ولم يذكر القطع ؛ فدل على النسخ .
36 - ليس للمرأة ملابس معينة تحرم فيها ، ولها أن تحرم بما شاءت ، مع مراعاة عدم التبرج وعدم لبس الملابس التي تدعو إلى الفتنة ، مع ترك النقاب والقفازين ، ولها ستر وجهها ويديها بغير ذلك .
37 - قد أجمع العلماء على صحة الإحرام بأي واحد من الأنساك الثلاثة ، فمن أحرم بأي واحد منها صح إحرامه ، والقول بأن الإفراد والقران قد نسخا قول باطل ، لكن التمتع أفضل في أصح أقوال العلماء في حق من لم يسق الهدي ، أما من ساق الهدي فالقران له أفضل ؛ تأسياً بالنبي صلى الله عليه وسلم .
38 - من اعتمر في أشهر الحج ورجع لأهله ثم أحرم بالحج مفرداً فليس عليه دم التمتع ؛ لأنه في حكم من أفرد الحج ، وهو قول عمر وابنه عبد الله رضي الله عنهما وغيرهما من أهل العلم . أما إن سافر إلى غير بلده كالمدينة أو جدة أو الطائف أو غيرها ثم رجع محرماً بالحج فإن ذلك لا يخرجه عن كونه متمتعاً في أصح قولي العلماء ، وعليه هدي التمتع .
39 - من أحرم بالحج في أشهر الحج شرع له أن يفسخه إلى عمرة ، وهكذا القارن بين الحج والعمرة يشرع له أن يفسخ إحرامه إلى العمرة ، إذا لم يكن معهما هدي [11] ؛ لصحة السنة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بذلك ، ويكونان بذلك في حكم المتمتع .
40 - من نوى التمتع أو القران ثم غير النية إلى الإفراد وهو في الميقات قبل أن يحرم بواحدة منهما فلا بأس ؛ لأن النسك إنما يلزم بالإحرام ، أما النية السابقة قبل الإحرام فإنها غير ملزمة ولا حرج عليه .
41 - لا يصح لمن لبى بالقران أو التمتع أن يقلبهما إلى الإفراد ؛ لما تقدم في المسألة التي قبلها .
42 - على من أهل بالعمرة ثم رفضها التوبة إلى الله سبحانه وإتمام مناسك العمرة فوراً ؛ لقوله سبحانه : { وأتموا الحج والعمرة لله } [12] الآية ، فإن كان قد جامع فعليه ذبيحة تذبح بمكة وتوزع على فقرائها ، مع إتمام مناسك العمرة ؛ لعموم الآية المذكورة ، وعليه عمرة أخرى من الميقات الذي أحرم منه بالعمرة الفاسدة ، وهكذا زوجته إن كانت غير مكرهة ، مع التوبة إلى الله سبحانه من ذلك .

باب محظورات الإحرام

43 - لا يأخذ المحرم من بشرته ولا من أظفاره ، ولا من شعره شيئاً حتى يحل التحلل الأول .
44 - لا حرج في استعمال الصابون المعطر ؛ لأنه ليس طيباً ولا يسمى مستعمله متطيباً ، وإنما فيه رائحة حسنة فلا يضره إن شاء الله ، وإن تركه تورعاً فهو حسن .
45 - الحناء ليس طيباً فلا شيء فيه في حق المحرم والمحرمة .
46 - لا حرج في لبس الهميان والحزام والمنديل .
47 - المرأة المحرمة لا حرج عليها أن تلبس الجوارب والخفين ؛ لأنها عورة ، ولكن لا تنتقب ولا تلبس القفازين ؛ لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى المرأة المحرمة عن ذلك ، ولكن تغطي وجهها بغير النقاب ويديها بغير القفازين .
48 - يباح للمرأة سدل الخمار على وجهها بلا عصابة فهي غير مشروعة ، وإن مس الخمار وجهها فلا شيء عليها ويجب عليها ذلك عند وجود الرجل الأجنبي. أما النقاب فلا يجوز لها حال كونها محرمة ؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم نهى المحرمة عن ذلك وعن لبس القفازين ، لكن تغطي وجهها ويديها بغير ذلك .
49 - من جامع زوجته قبل التحلل الأول بطل حجه وحجها ووجب على كل واحد منهما بدنة مع إتمام مناسك الحج ، فمن عجز منهما عنها صام عشرة أيام ، وعليهما الحج من قابل مع الاستطاعة والاستغفار والتوبة .
50 - من جامع بعد التحلل الأول وقبل الثاني فعليه وعلى زوجته إن كانت مطاوعة شاة أو سُبع بقرة ، ومن عجز منهما صام عشرة أيام .
51 - من جامع قبل طواف الإفاضة أو بعده قبل السعي إذا كان عليه سعي فعليه دم .
52 - من أنزل عامداً بعد التحلل الأول وقبل الثاني من غير جماع فلا شيء عليه ، فإن صام ثلاثة أيام أو ذبح شاة أو أطعم ستة مساكين لكل مسكين نصف صاع فهو حسن ؛ خروجاً من خلاف من قال بوجوب الفدية وأحوط ، عملاً بقول النبي صلى الله عليه وسلم : (( من اتقى الشبهات فقد استبرأ لدينه وعرضه )) [13] .
53 - من احتلم وهو محرم فلا شيء عليه سوى الغسل .

باب الفدية

54 - ليس على المحرم شيء إن قلم أظافره أو نتف إبطه أو قص شاربه أو حلق عانته أو تطيب ناسياً أو جاهلاً ؛ لقول الله تعالى : { ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا } [14] وقول النبي صلى الله عليه وسلم : (( قال الله قد فعلت )) [15] ، ولحديث صاحب الجبة .
55 - من خلع الإحرام ولبس المخيط جاهلاً أو ناسياً فعليه المبادرة بخلع المخيط متى علم أو ذكر ولا شيء عليه ؛ لعموم قول الله تعالى : { ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا } ، وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم : (( أن الله قال : قد فعلت )) ، وثبت عنه صلى الله عليه وسلم أن رجلاً أحرم في جبة وتضمخ بخلوق واستفتاه في ذلك ، فقال صلى الله عليه وسلم : (( اغسل عنك أثر الخلوق ثلاثاً وانزع الجبة )) [16] . ولم يأمره بالفدية من أجل جهله.

باب صيد الحرم

56 - الأدلة الشرعية دلت على أن الحسنات تضاعف ، الحسنة بعشر أمثالها ، وتضاعف بكميات كثيرة في الزمان الفاضل كرمضان وعشر ذي الحجة ، والمكان الفاضل كالحرمين . وأما السيئات فالذي عليه المحققون من أهل العلم أنها تضاعف من حيث الكيفية لا من حيث العدد ؛ لقول الله سبحانه : { من جاء بالحسنة فله عشر أمثالها ومن جاء بالسيئة فلا يجزى إلا مثلها وهم لا يظلمون } [17] .
57 - من هم بالإلحاد في الحرم المكي فهو متوعد بالعذاب الأليم ؛ لأن الله تعالى قال : { ومن يرد فيه بإلحاد بظلم نذقه من عذاب أليم } [18] ، فإذا ألحد أيَّ إلحاد – وهو : الميل عن الحق – فإنه متوعد بهذا الوعيد لهذه الآية الكريمة ، لأن الوعيد على الهم بالإلحاد يدل على أن الوعيد في نفس الإلحاد أشد وأعظم .

باب دخول مكة


58 - لم يأمر النبي صلى الله عليه وسلم بالدخول من باب السلام ، وإنما دخل منه ، فإن تيسر ودخل منه فهو أفضل وإلا فلا حرج .
59 - السنة للمحرم تغطية كتفيه بالرداء إلا في طواف القدوم فإنه يضطبع بردائه ، فإذا انتهى أعاد رداءه على كتفيه .
والاضطباع هو : أن يجعل وسط ردائه تحت إبطه الأيمن وطرفيه على عاتقه الأيسر إلى أن ينتهي من الطواف ، ثم يجعل الرداء على عاتقيه قبل ركعتي الطواف .
60 - يشرع للطائف استلام الحجر الأسود والركن اليماني في كل شوط ، كما يستحب له تقبيل الحجر الأسود واستلامه بيده اليمنى إذا تيسر ذلك بدون مشقة ، أما مع المشقة والزحام فيكره ، ويشرع أن يشير للحجر الأسود بيده أو بعصا ويكبر ، أما الركن اليماني فلم يرد فيه فيما نعلم دليل يدل على الإشارة إليه . وإن استلم الحجر الأسود بيده أو بعصا قَبَّل ما استلم به ؛ تأسياً بالنبي صلى الله عليه وسلم إذا لم يتيسر تقبيل الحجر .
61 - يشرع للطائف صلاة ركعتي الطواف خلف المقام ؛ للآية الكريمة ، وللأحاديث الواردة ، فإن لم يتيسر صلاهما فيما شاء من بقية المسجد .
62 - المعروف عند أهل العلم أنه يجوز أن يواصل بين طوافين أو أكثر ثم يصلي لكل طواف ركعتين .
63 - الوضوء شرط في صحة الطواف في أصح قولي العلماء ، وهو قول أكثر أهل العلم ؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم لما أراد أن يطوف توضأ ثم طاف ، كما صح ذلك عن عائشة رضي الله عنها عن النبي صلى الله عليه وسلم . وصح عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال : ( الطواف بالبيت صلاة إلا أن الله أباح فيه الكلام ) [19] . فإذا اننتقضت الطهارة فعليه أن يتطهر ويعيد الطواف من أول شوط كالصلاة ، سواء كان الطواف فرضاً أو نفلاً.
64 - الأرجح أن خروج الدم لا يؤثر في الطواف إذا كان يسيراً من غير الدبر والقبل كالصلاة .
65 - متى طهرت النفساء قبل الأربعين جاز لها الطواف وغيره ، وليس لأقل النفاس حد ، أما أكثره فأربعون يوماً ، فإن لم تطهر بعد الأربعين اغتسلت وصامت وصلت وطافت وحلت لزوجها ، وتتوضأ لكل صلاة حتى ينقطع الدم كالمستحاضة .
66 - من قطع طوافه للصلاة بدأ من حيث انتهى ولا يلزمه العود إلى أول الشوط في أصح قولي العلماء ، وإن بدأ من أول الشوط خروجاً من الخلاف فهو حسن إن شاء الله ؛ لما فيه من الاحتياط .
(أ‌) يجوز لحامل الطفل أن ينوي الطواف والسعي عنه
(ب‌) وعن الطفل ؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم لما سألت المرأة عن الطفل فقالت : يا رسول الله ، ألهذا حج ؟ قال : (( نعم ولك أجر )) [20] ، ولم يأمرها أن تخصه بطواف أو بسعي ؛ فدل ذلك على أن طوافها به وسعيها به مجزئ عنهما .

[1] رواه الترمذي في ( الإيمان) باب ما جاء في ترك الصلاة برقم 2621

[2] رواه مسلم في ( الإيمان) باب بيان إطلاق اسم الكفر على من ترك الصلاة برقم 82

[3] رواه البيهقي في السنن الكبرى في (الحج) في جماع أبواب دخول مكة باب حج الصبي يبلغ والمملوك يعتق والذمي يسلم برقم 9865

[4]كمن قدم إلى جدة عن طريق البحر من الجزء المحاذي لها من السودان

[5]أي بسنة النبي صلى الله عليه وسلم حيث أمر من لم يسق الهدي من أصحابه بذلك . أما هو عليه الصلاة والسلام فقد كان قارناً ولم يحل من إحرامه لأنه قد ساق الهدي.

[6]ولم تكونا ساقتا الهدي

[7]رواه الترمذي في ( الطهارة) باب ما جاء في الجنب والحائض أنهما لا يقرآن القرآن برقم 131

[8]أي : يلبي

[9]رواه البخاري في ( النكاح) باب الأكفاء في الدين برقم 5089 ، ومسلم في ( الحج ) باب جواز اشتراط المحرم التحلل بعذر المرض ونحوه برقم 1207

[10]رواه البخاري في ( الحج) باب لبس الخفين للمحرم برقم 1841 ، ومسلم في ( الحج ) باب ما يباح للمحرم بحج أو عمرة برقم 1179

[11]ساقاه من الحل

[12]سورة البقرة ، الآية 196

[13]رواه البخاري في ( الإيمان) باب فضل من استبرأ لدينه برقم 52 ، ومسلم في (المساقاة) باب أخذ الحلال وترك الشبهات برقم 1599 .

[14]سورة البقرة ، الآية 286

[15]رواه مسلم في ( الإيمان) باب بيان أن الله سبحانه لم يكلف إلا ما يطاق برقم 126

[16]رواه البخاري في ( الحج) باب يفعل في العمرة ما يفعل في الحج برقم 1789 ، ومسلم في ( الحج) باب ما يباح للمحرم بحج أو عمرة برقم 1180

[17]سورة الأنعام ، الآية 160

[18]سورة الحج ، الآية 25

[19]رواه بنحوه الإمام أحمد في ( مسند المكيين) حديث رجل أدرك النبي صلى الله عليه وسلم برقم 14997 ، والنسائي في ( مناسك الحج) باب إباحة الكلام في الطواف برقم 2922

[20]رواه مسلم في باب صحة حجة الصبي برقم 1336
 
1 - يستحب للحاج والمعتمر وغيرهما أن يشرب من ماء زمزم إذا تيسر له ذلك ، ويجوز له الوضوء منه ، ويجوز أيضاً الاستنجاء به والغسل من الجنابة إذا دعت الحاجة إلى ذلك . وقد ثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه نبع الماء من بين أصابعه ثم أخذ الناس حاجتهم من هذا الماء ليشربوا وليتوضئوا وليغسلوا ثيابهم وليستنجوا . كل هذا وقع ؛ وماء زمزم إن لم يكن مثل الماء الذي نبع من بين أصابع النبي صلى الله عليه وآله وسلم لم يكن فوق ذلك ، فكلاهما ماء شريف .
2 - لا حرج في بيع ماء زمزم ولا نقله من مكة .
3 - في التفضيل بين كثرة النافلة وكثرة الطواف خلاف ، والأرجح أن يكثر من هذا وهذا ولو كان غريباً . وذهب بعض أهل العلم إلى التفضيل فاستحبوا الإكثار من الطواف في حق الغريب ومن الصلاة في حق غيره ، والأمر في ذلك واسع ولله الحمد .
4 - من دخل الحرم بعد العصر أو بعد الفجر فليس له أن يصلي غير سنة الطواف وكل سنة ذات سبب كتحية المسجد .
5 - المشروع لمن سعى أن يقول في أول شوط : { إن الصفا والمروة من شعائر الله } [1] ، أما تكرار ذلك فلا أعلم ما يدل على استحبابه .
6 - لا يجب الصعود على الصفا والمروة ويكفي الساعي استيعاب ما بينهما ، ولكن الصعود عليهما هو السنة والأفضل إذا تيسر ذلك .
7 - السعي في الطابق العلوي صحيح كالسعي في الأسفل ؛ لأن الهواء يتبع القرار .
8 - الأرجح أن من ترك شيئاً من السعي أو نسيه أكمله إن لم يطل الفصل .
9 - من ترك شوطاً أو أكثر من السعي في العمرة فعليه أن يعود ويأتي بالسعي كاملاً ولو عاد إلى بلده ، وهو في حكم الإحرام الذي يمنعه من زوجته وكل المحظورات ، وعليه أن يقصر مرة أخرى بعد السعي ، والتقصير الأول لا يصح .
10 - من سعى من غير طهارة أجزأه ذلك ؛ لأن الطهارة ليست شرطاً في السعي وإنما هي مستحبة .
11 - لا حرج على من قدَّم السعي على الطواف خطأً أو نسياناً ، وقد ثبت عنه صلى الله عليه وسلم أن رجلاً سأله فقال : سعيت قبل أن أطوف ؟ فقال : (( لا حرج )) [2] ؛ فدل ذلك على أنه إن قدَّم السعي أجزأه ، ولكن الأحوط أن لا يفعله عمداً ، ومتى وقع منه نسياناً أو جهلاً فلا حرج .

باب صفة الحج والعمرة

12 - المشروع للحاج الحلال أن يحرم بالحج يوم التروية من مكانه ، سواء كان في داخل مكة أو خارجها أو في منى ؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم أمر أصحابه الذين حلوا من العمرة أن يحرموا بالحج يوم التروية من منازلهم .
13 - من كان مقيماً في منى يوم الثامن من ذي الحجة أحرم من مكانه ولا حاجة لدخوله إلى مكة ؛ لعموم حديث ابن عباس الوارد في ذلك ، وهو قوله صلى الله عليه وسلم لما ذكر المواقيت : (( ومن كان دون ذلك فمهله من حيث أنشأ حتى أهل مكة يهلون من مكة )) [3] .
14 - لا يصح حج من وقف خارج حدود عرفة ولو كان قريباً منها .
15 - من وقف يوم عرفة قبل الزوال فقط فأكثر أهل العلم على عدم إجزاء الوقوف .
وقد ذهب الإمام أحمد بن حنبل رحمه الله وجماعة إلى أن من وقف في عرفة قبل الزوال يجزئه ذلك ؛ لعموم حديث عروة بن مضرس ، حيث قال النبي صلى الله عليه وسلم : (( ... وقد وقف بعرفات قبل ذلك ليلاً أو نهاراً )) [4] ، فأطلق النهار ، قالوا : فهذا يشمل ما قبل الزوال وما بعده ، ولكن الجمهور على خلافه وأنه لا
يجزئ الوقوف يوم عرفة إلا بعد الزوال ؛ لأنه صلى الله عليه وسلم وقف بعد الزوال وهذا هو الأحوط .
16 - من وقف بعد الزوال أجزأه فإن انصرف قبل المغرب فعليه دم إن لم يعد إلى عرفة ليلاً أعني ليلة النحر .
17 - من وقف بعرفة ليلاً أجزأه ولو مر بها مروراً .
18 - يمتد وقت الوقوف بعرفة من فجر اليوم التاسع إلى آخر ليلة النحر ؛ للأحاديث الواردة في ذلك . والأفضل والأحوط أن يكون الوقوف بعرفة بعد الزوال أو في الليل من اليوم التاسع ؛ خروجاً من خلاف الجمهور القائلين بعدم إجزاء الوقوف بعرفة قبل الزوال .
19 - يجب على الحاج المبيت في مزدلفة إلى نصف الليل ، وإذا كمل وبقي إلى الفجر حتى يسفر كان أفضل .
20 - يجوز للنساء مطلقاً الدفع من مزدلفة بعد نصف الليل من ليلة مزدلفة وهي ليلة النحر ولو كنَّ قويات ، وهكذا بقية الضعفاء من كبار السن والمرضى وأتباعهم ؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم رخص في ذلك .
21 - من مر بمزدلفة ولم يبت بها ثم عاد قبل الفجر ومكث بها ولو يسيراً فلا شيء عليه .
22 - من ترك المبيت في مزدلفة فعليه دم .
23 - لا يتعين جمع الحصى من مزدلفة بل يجوز من منى .
24 - لا يجوز رمي جمرة العقبة قبل منتصف الليل من ليلة النحر ، وكذا طواف الإفاضة .
25 - الصحيح أن رمي جمرة العقبة في النصف الأخير من ليلة النحر مجزئ للضعفة وغيرهم ، ولكن يشرع للمسلم القوي أن يجتهد حتى يرمي في النهار ؛ اقتداء بالنبي صلى الله عليه وسلم ، لأنه صلى الله عليه وسلم رمى جمرة العقبة بعد طلوع الشمس .
26 - حديث ابن عباس رضي الله عنهما : ( لا ترموا الجمرة حتى تطلع الشمس ) [5] ضعيف ؛ لانقطاعه بين الحسن العرني وابن عباس . وعلى فرض صحته فهو محمول على الندب ؛ جمعاً بين الأحاديث ، كما نبه على ذلك الحافظ ابن حجر رحمه الله .
27 - لا يجوز الرمي قبل الزوال في اليوم الحادي عشر والثاني عشر والثالث عشر لمن لم يتعجل ؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم إنما رمى بعد الزوال في الأيام الثلاثة المذكورة ، وقال : (( خذوا عني مناسككم )) [6] ، ولأن العبادات توقيفية لا يجوز فيها إلا ما أقره الشرع المطهر .
28 - لم يثبت دليل على منع الرمي ليلاً والأصل جوازه ، والأفضل الرمي نهاراً في يوم العيد كله وبعد الزوال في الأيام الثلاثة إذا تيسر ذلك ، والرمي في الليل إنما يصح عن اليوم الذي غربت شمسه ، ولا يجزئ عن اليوم الذي بعده . فمن فاته الرمي نهار العيد رمى ليلة إحدى عشرة إلى آخر الليل ، ومن فاته الرمي قبل غروب الشمس في اليوم الحادي عشر رمى بعد غروب الشمس في ليلة اليوم الثاني عشر ، ومن فاته الرمي في اليوم الثاني عشر قبل غروب الشمس رمى بعد غروب الشمس في ليلة اليوم الثالث عشر ، ومن فاته الرمي نهاراً في اليوم الثالث عشر حتى غابت الشمس فاته الرمي ووجب عليه دم ؛ لأن وقت الرمي كله يخرج بغروب الشمس من اليوم الثالث عشر .
29 - لا يشترط بقاء الحصى في المرمى ولكن يشترط وقوعه فيه ، فلو وقعت الحصاة في المرمى ثم خرجت منه أجزأت في ظاهر كلام أهل العلم ، وممن صرح بذلك النووي رحمه الله في المجموع ، ولا يشرع رمي الشاخص بل السنة الرمي في الحوض .
30 - من شك هل وقع الحصى في المرجم أم لا فعليه التكميل حتى يتيقن .
31 - لا يجوز الرمي مما في الحوض ، أما الذي بجانبه فلا حرج .
32 - الأحوط أن لا يرمي بحصى قد رمي به .
33 - من رمى الجمرات السبع كلها دفعة واحدة فهي عن حصاة واحدة ، وعليه أن يأتي بالباقي .
34 - يجب الترتيب في رمي الجمرات ، فيبدأ بالأولى ثم الثانية ثم الثالثة وهي جمرة العقبة .
35 - لا يستحب غسل الحصى بل يرمى به من غير غسل ؛ لأن ذلك لم ينقل عن النبي صلى الله عليه وسلم ولا عن أصحابه رضي الله عنهم .
36 - يصح تأخير الرمي كله إذا دعت الحاجة إلى ذلك إلى اليوم الثالث عشر ويرميه مرتباً ، فيبدأ برمي جمرة العقبة عن يوم النحر ، ثم يرجع فيرمي الصغرى ثم الوسطى ثم العقبة عن اليوم الحادي عشر ، ثم يرجع فيرمي الثلاث عن اليوم الثاني عشر ثم يرجع ويرميهن عن الثالث عشر إن لم يتعجل ، لكن السنة أن يرمي الجمار كما رماها النبي صلى الله عليه وسلم ، فيرمي جمرة العقبة يوم العيد بسبع حصيات ثم يرمي الجمار الثلاث في اليوم الحادي عشر بادئاً بالصغرى التي تلي مسجد الخيف ثم الوسطى ثم جمرة العقبة ، ثم يرمي الثلاث في اليوم الثاني عشر كذلك ، ثم يرمي الثلاث في اليوم الثالث عشر كما رماها في الحادي عشر والثاني عشر إذا لم يتعجل في اليوم الثاني عشر .
37 - تجوز الإنابة في الرمي عن العاجز ، كالمريض وكبير السن والأطفال ، ويلحق بهم ذات الأطفال التي ليس لديها من يحفظهم .
38 - لا تجوز الوكالة في الرمي إلا لعذر شرعي ، كما تقدم ذلك .
39 - من وكل غيره في الرمي من غير عذر شرعي ، فالرمي باقٍ عليه ولو كان حجه نافلة على الصحيح ، فإن لم يرم فعليه دم يذبح في مكة للفقراء إذا فات الوقت ولم يرم بنفسه .
40 - من ناب عن غيره بدأ بنفسه عند كل جمرة .
41 - من أراد الرمي عن غيره فله حالتان ، وهما : أن يرمي عن نفسه جميع الجمار ثم عن مستنيبه . والأخرى أن يرمي عن نفسه وعن مستنيبه عند كل جمرة ، وهذا هو الصواب دفعاً للحرج والمشقة ، ولعدم الدليل الذي يوجب خلاف ذلك .
42 - الذبح أو النحر في اليوم الأول خير وأفضل من الثاني والثاني خير من الثالث والثالث خير من الرابع .
43 - الحلق في الحج والعمرة أفضل لأن النبي صلى الله عليه وسلم دعا بالرحمة والمغفرة للمحلقين ثلاثاً والمقصرين واحدة . ولا يكفي أخذ بعض الرأس ؛ بل لابد من تقصيره كله كالحلق ، إلا إذا كان أداء العمرة قريباً من وقت الحج فإن الأفضل فيها التقصير حتى يكون الحلق في الحج ؛ ولهذا أمر النبي صلى الله عليه وسلم أصحابه بالتقصير لما فرغوا من طوافهم وسعيهم في حجة الوداع ، إلا من كان معه الهدي فإنه بقي على إحرامه ولم يأمرهم بالحلق ؛ لأن أداءهم للعمرة كان قبل الحج بأيام قليلة .
(أ‌) من سبق له أن قصر من بعض رأسه جاهلاً أو ناسياً وجوب التعميم فلا شيء عليه.
44 - والمرأة تقصر من كل ضفيرة أُنملة فأقل .
(أ‌) من نسي الحلق أو التقصير وتحلل بعد الرمي فإنه ينزع ثيابه إذا ذكر ثم يحلق أو يقصر ثم يلبسهما ، فإن قصر وهو عليه ثيابه جهلاً منه أو نسياناً فلا شيء عليه ؛ لعموم قوله سبحانه : { ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا } [7] ، وحديث صاحب الجبة .
45 - لا دليل لمن قال بعدم جواز تأخير طواف الإفاضة عن ذي الحجة ، والصواب جواز التأخير ، ولكن الأولى المبادرة به .
46 - الواجب على من حاضت قبل طواف الإفاضة أن تنتظر هي ومحرمها حتى تطهر ثم تطوف الإفاضة ، فإن لم تقدر جاز لها السفر ثم تعود لأداء طواف الإفاضة ، فإن كانت لا تستطيع العودة وهي من سكان المناطق البعيدة كأندونيسيا أو المغرب وأشباه ذلك جاز لها على الصحيح أن تتحفظ وتطوف بنية الحج وأجزأها ذلك عند جمع من أهل العلم ، منهم شيخ الإسلام ابن تيمية والعلامة ابن القيم رحمهما الله وآخرون من أهل العلم .
47 - على القارن والمفرد سعي واحد ، فإن فعلاه مع طواف القدوم أجزأهما ولا يلزمهما أن يأتيا بسعي آخر ، فإن لم يفعلاه مع طواف القدوم وجب أن يأتيا به مع طواف الإفاضة .
48 - المبيت في منى يسقط عن أصحاب الأعذار كالسقاة والمريض الذي يشق عليه المبيت في منى ، لكن يشرع لهم أن يحرصوا في بقية الأوقات على المكث بمنى مع الحجاج ؛ تأسياً بالنبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه رضي الله عنهم إذا تيسر ذلك .
49 - يرخص للسقاة والرعاة والعاملين على مصلحة الحجاج أن يتركوا المبيت في منى ويؤخروا الرمي لليوم الثالث إلا يوم النحر فالمشروع للجميع فعله وعدم تأخيره .
50 - من ترك المبيت في منى جاهلاً حدودها مع القدرة على المبيت فعليه دم ؛ لأنه ترك واجباً من غير عذر شرعي وكان الواجب عليه أن يسال حتى يؤدي الواجب .
51 - إذا اجتهد الحاج في التماس مكان في منى ليبيت فيه فلم يجد فلا حرج عليه أن ينزل خارجها ، ولا فدية عليه لعموم قول الله سبحانه : { فاتقوا الله ما استطعتم } [8] ، وقول النبي صلى الله عليه وسلم : (( إذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم)) [9] .
52 - من ترك المبيت في منى ليلة الحادي عشر وليلة الثاني عشر بلا عذر فعليه دم .
53 - من أدركه الغروب في اليوم الثاني عشر وقد ارتحل من منى فهو في حكم النافر ، ولا شيء عليه . أما من أدركه الغروب ولم يرتحل فإنه يلزمه المبيت في ليلة الثالث عشر والرمي في اليوم الثالث عشر بعد الزوال ؛ لقول الله سبحانه : { فمن تعجل في يومين فلا إثم عليه } [10] ؛ ومن غابت عليه الشمس في اليوم الثاني عشر قبل أن يرتحل لا يسمى متعجلاً .
54 - من ترك طواف الوداع أو شوطاً منه فعليه دم يذبح في مكة ويوزع على فقرائها ، ولو رجع وأتى به فإن الدم لا يسقط عنه .
(أ‌) لا يصح الطواف بغير طهارة ؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم لما أراد أن يطوف توضأ ، وقد قال :
(( خذوا عني مناسككم ))
[11] ، ولما صح عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال : ( الطواف بالبيت صلاة إلا أن الله أباح فيه الكلام ) وروي مرفوعاً إلى النبي صلى الله عليه وسلم ، والموقوف أصح ، وهو في حكم المرفوع ؛ لأن مثله لا يقال من جهة الرأي .


55 - ليس على الحائض والنفساء وداع ؛ لقول ابن عباس رضي الله عنهما : ( أمر الناس أن يكون آخر عهدهم بالبيت إلا أنه خفف عن المرأة الحائض ) [12] متفق على صحته . والنفساء مثلها عند أهل العلم .
56 - من طاف طواف الوداع قبل تمام الرمي لم يجزئه عن الوداع ؛ لكونه أداه قبل وقته ، وإن سافر فعليه دم .
57 - من طاف للوداع واحتاج شراء شيء ولو لتجارة جاز مادامت المدة قصيرة ، فإن طالت المدة عرفاً أعاد الطواف .
58 - لا يجب على المعتمر وداع ؛ لعدم الدليل ، وهو قول الجمهور ، وحكاه ابن عبد البر إجماعاً .
59 - من مات في أثناء أعمال الحج فإنه لا يكمل عنه ؛ لحديث الذي وقصته راحلته فمات فلم يأمر النبي صلى الله عليه وسلم بإكمال الحج عنه ، وقال : (( إنه يُبعث يوم القيامة ملبياً )) [13] .
60 - ما يفعله كثير من الناس من الإكثار من العمرة بعد الحج من التنعيم أو الجعرانة أو غيرهما وقد سبق أن اعتمر قبل الحج فلا دليل على شرعيته ، بل الأدلة تدل على أن الأفضل تركه ؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه رضي الله عنهم لم يفعلوا ذلك في حجة الوداع .
61 - حديث ابن عباس رضي الله عنهما : ( من ترك نسكاً أو نسيه فليهرق دماً ) [14] له حكم الرفع ؛ لأنه لا يقال من جهة الرأي ، ولم نعرف مخالفاً له من الصحابة رضي الله عنهم . فعلى من ترك واجباً عمداً أو سهواً أو جهلاً كرمي الجمار أو المبيت ليالي منى وطواف الوداع ونحو ذلك – دم يُذبح في مكة المكرمة ويُقسم على الفقراء . والمجزئ في ذلك هو المجزئ في الأضحية ، وهو رأس من الغنم أو سبع بدنة أو سُبع بقرة .



باب الزيارة

62 - أ زيارة المسجد النبوي سنة في جميع الأوقات ، وليس لها تعلق بالحج ، وليست واجبة .
63 - حديث : (( أن من صلى فيه – يعني المسجد النبوي – أربعين صلاة كانت له براءة من النار وبراءة من النفاق )) [15] ضعيف عند أهل التحقيق فلا يعتمد عليه

باب الفوات والإحصار

64 - الإحصار يكون بالعدو وغيره كالمرض وعدم النفقة ، ولا يعجل بالتحلل إذا كان يرجو زوال المانع قريباً .
65 - من أحصر فليس له التحلل حتى ينحر هدياً ثم يحلق أو يقصر ، فإن كان قد اشترط حل ولم يكن عليه شيء ، لا هدي ولا غيره ، وإن عجز عن الهدي صام عشرة أيام ثم حلق أو قصر ثم حل .
66 - يذبح المحصر هديه في المكان الذي أحصر فيه ، سواء كان داخل الحرم أو خارجه ، ويُعطى للفقراء ، فإن لم يكن هناك فقراء وجب نقله إليهم ..

باب الهدي والأضحية

67 - ليس على أهل مكة هدي تمتع ولا قران وإن اعتمروا في أشهر الحج وحجوا ؛ لقول الله سبحانه لما ذكر وجوب الدم على المتمتع والصيام عند العجز عنه : { ذلك لمن لم يكن أهله حاضري المسجد الحرام } [16] .
68 - من ذبح هديه قبل يوم النحر فإنه لا يجزئه ؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه لم يذبحوا إلا أيام النحر ، ولو كان الذبح جائزاً قبل يوم النحر لبين ذلك النبي صلى الله عليه وسلم ، ولو بينه لنقله أصحابه رضي الله عنهم.
يجوز تأخير ذبح الهدي إلى اليوم الثالث عشر ؛ لأن أيام التشريق كلها أيام أكل وشرب وذبح ، والأفضل تقديمه يوم العيد .
69 - لا يجوز صيام أيام التشريق لا تطوعاً ولا فرضاً إلا لمن لم يجد الهدي ؛ لحديث ابن عمر وعائشة رضي الله عنهما قالا: ( لم يرخص في أيام التشريق أن يُصَمْنَ إلا لمن لم يجد الهدي ) [17] رواه البخاري .
70 - الأفضل لمن عجز عن دم التمتع والقران أن يصوم قبل يوم عرفة الثلاثة الأيام ، وإن صامها في أيام التشريق فلا بأس كما تقدم في المسألة السابقة .
71 - من كان قادراً على هدي التمتع والقران وصام فإنه لا يجزئه صيامه وعليه أن يذبح ولو بعد فوات أيام النحر ؛ لأنه دين في ذمته .
72 - لا يجوز إخراج قيمة الهدي وإنما الواجب ذبحه ، والقول بجواز إخراج القيمة تشريع جديد ومنكر ؛ قال تعالى : { أم لهم شركاء شرعوا لهم من الدين ما لم يأذن به الله } [18] .
73 - تجوز الاستدانة لشراء الهدي ، ولا يجب ذلك إذا كان عاجزاً عن الثمن ، ويجزئه الصوم .
74 - الإطعام في الفدية وكذا الذبح كلاهما لفقراء الحرم .
75 - يوزع الهدي على الفقراء والمساكين والمقيمين في الحرم من أهل مكة وغيرهم .
76 - من ترك هديه في مكان لا يستفاد منه لم يجزئه ذلك .
77 - من ذبح هديه خارج الحرم كعرفات وجدة لم يجزئه ولو وزعه في الحرم ، وعليه قضاؤه ، سواء كان عالماً أو جاهلاً .
78 - يستحب أن يأكل ويتصدق ويهدي من هدي التمتع والقران والأضحية
79 - يستحب له أن يقول عند ذبح الهدي أو نحره : (( بسم الله والله اكبر ، اللهم هذا منك ولك )) ويوجهه إلى القبلة ، والتوجيه للقبلة سنة وليس بواجب . الأضحية سنة مؤكدة في أصح قولي أهل العلم ، إلا إن كانت وصية فيجب تنفيذها ، ويشرع للإنسان أن يبر ميته بالأضحية وغيرها من الصدقة .

[1]سورة البقرة ، الآية 158

[2]رواه أبو داود في ( المناسك) باب فيمن قدم شيئاً قبل شيء في حجه برقم 2015

[3]رواه البخاري في ( الحج) باب مهل أهل الشام برقم 1526 ، ومسلم في ( الحج) باب مواقيت الحج والعمرة برقم 1181

[4]رواه الإمام أحمد في ( مسند المدنيين) حديث عروة بن مضرس برقم 15775 ، والترمذي في ( الحج) باب ما جاء فيمن أدرك الإمام بجمع برقم 891

[5]رواه الإمام أحمد في (مسند بني هاشم) بداية مسند عبد الله بن عباس برقم 2083 ، والترمذي في ( الحج) باب ما جاء في تقديم الضعفة من جمع بليل برقم 893

[6]رواه بنحوه مسلم في ( الحج) باب استحباب رمي جمرة العقبة يوم النحر راكباً برقم 1297

[7]سورة البقرة ، الآية 286

[8]سورة التغابن ، الآية 16

[9]رواه البخاري في ( الاعتصام بالكتاب والسنة) باب الاقتداء بسنن رسول الله صلى الله عليه وسلم برقم 7288 ومسلم في (الحج) باب فرض الحج مرة في العمر برقم 1337

[10]سورة البقرة ، الآية 203

[11]رواه بنحوه مسلم في ( الحج) باب استحباب رمي جمرة العقبة يوم النحر راكباً برقم 1297

[12]رواه البخاري في (الحج) باب طواف الوداع برقم 1755 ، ومسلم في (الحج) باب وجوب طواف الوداع وسقوطه عن الحائض برقم 1328

[13]رواه البخاري في (الجنائز) باب الكفن في ثوبين برقم 1265 ، ومسلم في (الحج) باب ما يُفعل بالمحرم إذا مات برقم 1206

[14]رواه مالك في الموطأ في ( الحج) باب التقصير برقم 905 ، وفي باب ما يفعل من نسي من نسكه شيئاً برقم 957

[15]رواه الإمام أحمد في ( مسند المكثرين) من الصحابة مسند أنس بن مالك برقم 12173

[16]سورة البقرة ، الآية 196

[17]رواه البخاري في ( الصوم) باب صيام أيام التشريق برقم 1998

[18]سورة الشورى ، الآية 21
 
الوسوم
أركان الحج
عودة
أعلى