اخدمي الإسلام وأنت في بيتك

(9)
معلمة حاولت أن تساهم في جمع التبرعات لدعم المشروعات الدعوية ومساعدة محتاجي البلد، ففكرت بطريقة مناسبة لجمع أكبر مبلغ ممكن دون الوقوع في الحرج مع الناس عند الطلب مباشرة.
فأصبحت في أول كل صيف أو شتاء تشتري كمية كبيرة من ملابس ومستلزمات الأطفال المختلفة كالبيجامات والجوارب وغيرها بسعر الجملة ليكون أرخص سعرًا ثم تبيعه بسعر التجزئة، بعد أن أعلنت بأن ريعه سيصرف في دعم المشروعات الدعوية، ولاقى قبولا كبيرًا؛ لأن عدد الأطفال في أسرتهم كبير، ويساعدها البعض في ترويج بضاعتها عند أسرهن.

 
(10)
أحب حضور المحاضرات كثيرًا, وأتمنى ذلك، ولكن زوجي هداه الله، لا يشجعني, ولا يذهب بي.
أحزنني ذلك كثيرًا، ثم قلت في نفسي: «الدال على الخير كفاعله» فأصبحت بالتعاون مع زميلاتي, وبعض المؤسسات أدل كل من أعرفه حولي من أقارب وجيران وأهل وصديقات على مكان المحاضرات ومواعيدها، وأذكرهم بفضلها وألهب الحماس في قلوبهم لحضورها، وكم أكون سعيدة حينما تخبرني إحداهن بأنها حضرت تلك المحاضرة وتأثرت بها.
والحمد لله أصبحت مَرْجِع الكثير من الراغبات في السؤال عن المحاضرات رغم أني لا أحضرها.

 
(11)
تمنيت أن أخدم هذا الدين, وأدعو إليه, ولكني امرأة وليس لدي تعليم، وليس لدي مال لأنفقه في سبيل الله؛ لضعف حالتنا المادية.
ولكن الله جل جلاله أعطاني بفضله قدرة كبيرة على إتقان الطبخ وإجادته، وهي قدرة لا توجد إلا عند القلة من النساء.
فأصبح كل من يتذوق طبخي يثني علي، ففكرت في أن أساعد كل من ترغب في إعداد طبق ما، خاصة من لديها ولائم، أو في شهر رمضان، على أن تدفع لي مبلغًا من المال، وأصبحت أجمع المال وأساهم في كل ما كنت أتمناه من المشاريع الخيرية، وانقلب عناء المطبخ بعد الاحتساب متعة ولذة.

 
(12)
وهذه صورة من أروع صور الدعوة داخل المنزل عملا بقوله تعالى: }وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ{ [الشعراء: 214].
بل هي أولى صور الدعوة في المنزل وأجملها على الإطلاق، قالت هذه الفتاة الشابة: لمَّا مَنَّ الله عليَّ بالهداية التفت إلى أهلي, فإذا بالهداية في واد وهم في واد آخر.
فأيقنت ألا طريق إلا طريق محمد r، فشمرت ساعدي وأشعلت همتي لدعوتهم إلى طريق ربهم وسعادتهم، وأيقنت كذلك بأن مفتاح قلوبهم الوحيد بعد الاستعانة بالله هو حسن الخلق معهم، والاجتهاد في خدمتهم في كل ما يحتاجونه بطيب نفس وبشاشة وجه، ورفق في الحديث معهم وتلطف، والصبر على ما يصدر من بعضهم من حماقات والتغاضي عنها.
ففي البداية ركزت جهدي على أخواتي الصغيرات: أخدمهن، أحقق بعض ما استطيع من رغباتهن، أداعبهن وألاعبهن، أنصحهن بكل رفق حتى أحببني وبدأن يتأثرن بي، فتركن مشاهدة التلفاز والتزمن بالحجاب الصحيح، والتحقن معي بدار التحفيظ.
ثم وجهت تركيزي إلى والدي، حفظهما الله لي، وأريتهما من بري بهما وسعيي في رضاهما وليني في الحديث معهما وإجلالهما وعدم رفض أي طلب أقدر عليه منهما، وفي نفس الوقت أستغل كل فرصة لنصحهما بكل أدب واحترام، وأدخلت بعض وسائل الدعوة في مشواري هذا لتعينني فأهدي أبي شريطًا يسمعه في سيارة، وأهدي أمي كتيبًا لطيفًا تقرؤه، وقد أحكي قصصًا مؤثرة من كتيب أو مطوية عند اجتماع العائلة. حتى كلل الله جهودي بالتوفيق، فالتزمت أسرتي بأكملها ولله الفضل المنة، حتى إن أمي التي كانت تدخل جهاز الراديو معها في الحمام لتستمع إلى أغانيها المفضلة من شدة شغفها بها أصبحت الآن من حفظة كتاب الله.

 
(13)
يسر الله لي تعلم الحاسب وبرامج الكمبيوتر المختلفة, وأصبحت أتقن استخدامه بكل براعة.
فوظفت مهارتي هذه في خدمة الإسلام والمسلمين.
أساعد دور تحفيظ القرآن التي ليس لديها هذا الجهاز أو من يتقنه فأصمم النشرات، وأكتبها وأطبع كل ما يرغبونه.
وأفعل مثل ذلك لكل من ترغب في فعل خير من صديقاتي وقريباتي، حتى أصبحت المجلة العائلية بأكملها من إعدادي، كما أعددت الكثير من الفلاشات الدعوية التي لاقت رواجًا في عروض الدور والمخيمات الدعوية.

 
(14)
حين طرحت فكرة دعم المشروعات الخيرية ككفالة يتيم أو بناء مسجد أو كفالة أحد الدعاة على أهل بيتنا كان الجميع يرون صعوبة ذلك؛ لعدم توافر المال بكثرة في أيديهم.
ولكني طرحت فكرة صندوق الدعم الأسري، وهو إعداد صندوق لجمع المال يضع فيه الكبار مبلغ عشرة ريالات فقط كل شهر، ويضع الصغار مبلغ ريالين فقط كل شهر، وتحدد كل فترة بالجمع لمشروع معين.
فمثلا بدأنا نجمع لنكفل يتيمًا، وظللنا مستمرين على وضع المال في الصندوق لأشهر حتى اجتمع كامل المبلغ، ثم كفلنا يتيمًا، وبعده اتفقنا على مشروع آخر، مثلاً كفالة داعية، وبدأنا نجمع له دون أن نرهق أنفسنا بوضع أموال فوق طاقتنا ودون أن نفتر أو نمل من الاستمرار في هذا العمل.
والحمد لله ساهمنا في فروع كثيرة من فروع الخير، ما كنا نظن في السابق أننا نقدر على تحقيق ذلك، وصدق رسول الله r: «أحب العمل إلى الله أدومه وإن قل».
أرأيت يا أختي:
من اجتماع النقط كان السيل، ومن ذرات الرمل كان الجبل، وقليل دائم خير من كثير منقطع.

 
(15)
هذه امرأة جعلت من بيتها أكاديمية؛ لتخريج الدعاة والداعيات، فحرصت على أن تعد أطفالها؛ ليكونوا دعاة بناة للمجتمع في المستقبل.
فتعد لهم الكلمات البسيطة والجذابة، وتدربهم على قراءتها أمام أفراد الأسرة، ثم في اجتماع العائلة الأسبوعي في منزل والدها، ثم في الاجتماع الشهري الأكبر عند أقاربها وفي حلقات التحفيظ وأوقات الرحلات.
ثم إذا كبروا قليلا تطلب منهم مشاركتهم في إعداد هذه الكلمة، والبحث عن مراجع.
أما خادماتها فإنهن يعدن إلى بلادهن داعيات إلى الله، فقد جعلت من هذا الوقت الطويل الذي يعشن فيه عندنا سنتين أو أكثر، فرصة كبيرة لتهيئتهن تهيئة جيدة؛ لأنْ يكن داعيات إلى الله.
تعلمهن العلم الشرعي الصحيح، تزودهن بالكتب والأشرطة, وإن سنحت الفرصة ذهبت بهن إلى المؤسسات الخاصة لسماع المحاضرات المقامة بلغتهن، طلب منهن أن تعد كل واحدة كلمة تلقيها على الخادمات في اجتماعهن الشهري، وتشجعها، على توزيع الكتب والأشرطة في المنتزهات والأسواق حين تجد من هن مثلها، حتى إن إحداهن فتحت دارًا لتحفيظ القرآن الكريم، وتعليم العقيدة الصحيحة في قريتها بأندونيسيا.

 
(16)
اشترى زوجها جهاد (الفاكس) فوجدتها فرصة طالمًا حلمت بها، وهي الدعوة إلى الله في الأماكن التي لا تستطيع إيصال صوتها إليها.
فمرة تشارك في برنامج بإذاعة القرآن الكريم، ومرة تشارك في برامج المجد، ومرة ترسل إلى صحيفة تُذكِّر بسنن مهجورة، ومرة ترسل إلى أخرى لتنكر منكرًا، وما بقيت إذاعة صالحة أو طالحة، ولا قناة ولا صحيفة أو مجلة إلا وأرسلت لها بقدر ما تستطيع، طرح بقوة الرأي الإسلامي الصحيح، وتوصل صوتها إلى الملايين وهي في قعر بيتها.

 
(17)
وفي غرفة استقبال الضيوف خصصت ركنًا من أجمل الأركان، زينته بطريقة تجذب النساء إليه، وملأته بالكتيبات والمجلات والنشرات والأشرطة، والورود محيط بها من كل مكان.
وقد حرصت على كل ما يخص المرأة والأسرة وما ينتشر عند النساء من منكرات، وحرصت على أن تعاهده بانتظام كما تتعاهد باقي أثاث المنزل، وقد لمست أثره على الزائرات واضحًا. فهذه تقرأ، وتلك تعلق، ويدور الحديث عما قرأته فينصرف بعض الحوار في المجلس عن الغيبة والنميمة أو ما لا فائدة فيه.. بل إن بعض الأخوات لم تكن تعرف عن المجلات الإسلامية شيئًا إلا من خلال ذلك الركن الجميل.

 
(18)
هي في مدينة الرياض أشهر من نار على علم، أحبها الناس ووثقوا بها، ولكن قلوبًا أخرى أحبتها، ولسانها لا يفتر أبدا من الدعاء لها، إنها قلوب الفقراء والمحتاجين.
تحدثت معي في حوار طويل عن كثير من المشروعات التي تمت على يديها بعد إلحاح مني، ولكني لا أجد المساحة مناسبة لسرد كل التفاصيل، وسأذكر لك أبرز ما أثمرته مؤسستها البيتية الدعوية، فليلها ونهارها تقضيه في جمع التبرعات والدلالة على أوجه الخير المختلفة، ولا تجد سهمًا من سهام الخير إلا ولها فيه أكبر نصيب.
فعلى يدها شيدت سبعة مساجد كبيرة في المملكة وكفلت خمس مائة أسرة كبيرة، وثلاثين يتيمًا ويتيمة، وأخرجت من السجون ممن تورط من الفقراء بديون أكثر من خمسين سجينًا.
وأسلم بمساعدتها ودعم المحسنين مائتا ألف في تشاد فقط، فلله درها، امرأة تقوم من داخل بيتها بما تقوم به مؤسسة بأكملها.

 
(19)
فتاة جامعية تعلمت العلم الشرعي وأحبت الدعوة إلى الله، ولكن الله لم يرزقها الجرأة وطلاقة اللسان, لتدعو من هذا الباب، ففكرت أن تساهم في هذه المحاضرات بدعم الداعيات أنفسهن، فتكتب محاضرة متكاملة العناصر، خاصة وأن الله رزقها ملكة الكتابة والأسلوب الأدبي المؤثر، فإذا انتهت من إعدادها دفعتها لإحدى الداعيات، فتكون محاضرة مؤثرة ينتفع بها خلق عظيم، ولها من الأجر النصيب الأكبر بإذن الله.

 
(20)
قالت: أحاول دائمًا التأثير على جيراني ونصحهم، وفي البداية حينما انتقلت للسكن في حيِّهم لم يأتني أحد، ففكرت في طريقة للوصول إليهن فأعددت طبقًا كبيرًا من الخضار بالبشاميل وقطعتها ووزعتها على ثمان بيوت، وأرفقت مع كل طبق دعواتي ورقم هاتفي، فكانت ردة الفعل منهنَّ رائعة، وبادرن لزيارتي ودعوتي كذلك لزيارتهم، ثم اقترحت أن يكون بيننا درس أسبوعي ألقيه عليهن فرحبن، وحضر في المرة الأولى أربع فقط ثم بدأ العدد يزداد شيئًا فشيئًا حتى أصبح الجيران في الحي المجاور يأتين أيضًا لَما سمعن بالمجلس وأثره، والآن يصل عدد الحاضرات في اجتماعنا الأسبوعي أكثر من أربعين امرأة، وبفضل الله لما التزمت النساء التزم رجالهن وأبناؤهن حتى أخبرنا إمام المسجد في ذلك الحي أنه عجز في السابق عن نُصح كثير من البيوت لعدم حضورهم لصلاة الفجر، وأنه الآن لا يتخلَّف منهم إلا النادر القليل.
أرأيت أن المرأة يمكن أن تصنع ما يعجز عنه الرجال أحيانًا؟

 
(21)
وهذه امرأة أخرى جعلت إصلاح جيرانها همًّا لها، ولأنها لا تُحسن إلقاء الدروس أصبحت لا ترسل أي هدية لجيرانها إلا وتُرفق معها كتيبًا أو شريطًا، حتى عُرفت بين الجيران بأنها أكثرهنَّ إرسالاً للأطباق والهداية الدعوية.
(22)
امرأة رزقها الله بيتًا كبيرًا ففتحت ساحة بيتها ومجلسها لتكون روضة من رياض الجنة، تدعو الداعيات وتجمع النساء حتى أصبح النساء ينتظرن مجلسها الدعوي كل أسبوع، ثم أعلنت بعد أن رأت حرص النساء على الخير عن إقامة حلقة تحفيظ خاصة بأهل الحارة في منزلها الواسع عصر كل يوم، تدرس الكبيرات والأطفال حتى افتتح قريبًا منهم دار لتحفيظ القرآن الكريم فانتقلن إليها.
وأخرى لديها استراحة كبيرة فسخرتها في خدمة الدعوة وبذلها مجانًا لكل جهة ترغب في إقامة الملتقيات الدعوية فيها.
(23)
الكتابة: ذلك المنبر الدعوي الذي نسيه الكثير وقصر فيه، لنر بعض الأخوات كيف ساهمن فيه؟
(ا) فهذه أختنا تقول: أنا لا أحسن الكتابة الأدبية والتأليف، ولكني أعرف على الأقل النقل والكتابة وأتقن ذلك، فبدأت أجمع مقتطفات قيمة من الكتب وأنقلها كما هي، وأحيل إلى مرجعها، وأبعث بها إلى المجلات والصحف وغيرها.
(ب)وهذه: تفرغت للرد والتعليق على ما يرد في الصحف أو القنوات أو الإذاعة من منكرات، سواء ما تقع هي عليه، أو ما تخبرها به زميلاتها المتعاونات معها.
(ج)وهذه: أعطاها الله أسلوبًا آسرًا للقلوب، فتوجهت بهذه النعمة إلى أخواتها المسلمات تكتب في همومهن، وما تراه من منكرات عليهن، مما قد لا يستطيع إتقانه الرجال، فألفت عددًا من الكتيبات خدمت بها دينها، والباقي في الطريق بإذن الله.
قال الشيخ السعدي: رحم الله من أعان على الدين ولو بشطر كلمة.

 
(24)
بذل العلم لمن يحتاجه والإعانة عليه وسيلة دعوية أخرى تحدثنا عنها هذه الأستاذة الحاصلة على درجة الماجستير في العلوم الشرعية، ولظروف عائلية استقالت من الجامعة وجلست في المنزل، ولأن المنزل لم يكن يومًا مقبرة للعلم فقد وهبت نفسها لكل باحثة أو مؤلفة كتب أو داعية أو أستاذة في جامعة تحتاج إلى مساعدتها في تخريج الأحاديث، ومعرفة درجتها، والبحث في بعض الموضوعات، وغيره مما تحتاج له أي باحثة أو كاتبة.
(25)
ومن أساليب الدعوة التي يستهان بها رغم أنها قد تؤسس مشاريع جبارة طرح الأفكار الدعوية والمقترحات على الداعيات أو العاملين في الحقول الخيرية المختلفة.
اطرحي اقتراحًا على من تعد البرامج الدعوية العائلية، وفكرة يمكن تنفيذها ولو لم تنفذيها أنت، فاقتراحك مفتاح العمل.
اطرحي مقترحات وأفكارًا على بعض برامج التلفاز أو الإذاعة.
اطرحي اقتراحات تطويرية للمجلات الإسلامية، ومواقع الانترنت ومؤسسات المجتمع الخيرية المختلفة.
وكثير من المشاريع الخيرية كانت بدايتها فكرة واقتراحًا من بعض عامة المجتمع، كمكاتب الجاليات على سبيل المثال.
وقد اقترحت علي إحدى الأخوات كتيبًا توجيهيًا للنساء الذاهبات للمساجد، فكان كتابنا "قبل أن تخرجي إلى المسجد" فكم من الأجر سيأتيها كلما قرئ الكتيب.
(26)
أشيعي كل عمل إسلامي تسمعين به وانشريه بين الناس، أخبري من حولك عن موعد برنامج نافع في قناة، أو ذكِّري بموعد لمحاضرة في مسجد، وبشِّري بخروج مجلَّة جديدة، وأخبري عن مشروع دعَوِي تبنَّته مؤسسة دعوية، أو عن كتاب قرأتِهِ فانتفعتِ به، أو شريط سمعتِهِ وأثَّر فيك، وهكذا إحدى الأخوات أصيبت بالعين وكانت حريصة على أن تسمع عن هذا الموضوع وتجد من يجيب على أسئلتها، فوجدت في شريط الرسائل الموجود على شاشة قناة المجد رسالة من إحدى الأخوات تُذكِّر بموعد برنامج يتحدث عن العين، ففرحت وانتظرت الموعد، وتابعت الحلقة التي كانت سببًا لحلِّ كثير من مشكلتها، وتقول: لا زلت أدعو لتلك المرأة التي أرسلت تلك الرسالة.

 
(27)
هذه الجوَّال الذي رأيته في يد كثير من الفتيات صندوق فساد وإفساد، جعلته أختنا وسيلة دعوية ناجحة لدعوة كل من تعرفهم حولها، فأصبحت داعية بشكل يومي وهي في بيتها.
ففي كل يوم ترسل قدرًا معينًا من الرسائل إلى مجموعة، وغدًا ترسل إلى الأخرى، ولا يمكن أن تمرَّ مناسبة دينية إلا وتنتهز الفرصة لتذكِّر وتعظ.
إنها من الوسائل الدعوية الميسَّرة الناجحة جدًا جدًا لمن تستطيع ذلك، وقد سمعت بمن اهتدتْ بسبب رسالة جوال، ومن انصلح شأن من شئون حياتها بسبب رسالة صادقة عابرة.
فأين أنت من الله؟ يا من جعل الجوال فقط للنكت الهابطة والرسائل التي لا فائدة منها، والمكالمات الطويلة التي تخوض طولاً وعرضًا في أعراض الناس؟ ألم تهدري وقتًا ومالاً ستُسألين عنهما يوم القيامة؟
(28)
زوجي مأذون أنكحة.. قمتُ باختيار كتيب مناسب للعروس وشريط، وآخر مناسب للعريس، ثم غلفت كل مجموعة منهما بتغليف هدايا جميل، وأعددت من ذلك كمية كبيرة، وكلما خرج زوجي ليعقد نكاحًا أعطيته الهدية فيقدم واحدة للعروس وأخرى للعريس.
ولو فعل كل مأذوني الأنكحة مثل ذلك لخفت نسبة الطلاق والمشاكل الزوجية في مجتمعنا.
(29)
وهذه إحدى الأخوات التي ساءها ما تراه في مجتمعنا من منكراتٍ عظيمةٍ في صالات الأفراح ومناسبات الزواج، فلم تكتفِ بمقاطعتها فقط، بل أخذت على نفسها العهد ألا تصلها بطاقة دعوة إلا وتعد لأصحابها سلة كبيرة من المطويات أو الكتيبات أو الأشرطة التي تخصُّ منكرات الأفراح، بالإضافة إلى موضوعات أخرى تهم المرأة، وقد حرصت على تغليفها بشكل جميل، وإضافة نوع من الحلوى أو اللبان إليها، وزيَّنتها بشرائط الساتان، لتبدو بشكلٍ أنيقٍ جذَّاب يُشجع صاحبة الدعوة على قبولها وعدم رفضها.
وهذه المرأة لا تنتظر إلى الوقت الذي تصلها فيه بطاقة دعوة لكي تقوم بتجهيز هذه السلال الدعوية، وإنما جعلت هذه الفكرة هي همها الدائم وشغلها الشاغل، وكلما وجدت وقت فراغ قضته في الإعداد والتغليف، ولأنها لا تضغط على نفسها فتعد كميات كبيرة في وقت قصير، بل تعد السلة الواحدة على فترات متباعدة، فكلما وجدت فراغًا أكملت ما بدأته بالأمس، وبكل هدوء وانشراح صدر.
ولذلك لم تشعر يومًا بالملل أو الضغط عليها أو التعب أو أنه أخذ شيئًا من وقت بيتها وأبنائها، ولهذا استمرَّ عملها ولم يتوقف كما توقفت جهود كثيرٍ من الأخوات اللاتي يتحمَّسن في البداية ثم يتوقَّفن وينقطع خيرهنَّ لغياب الحرص الدائم وعدم البعد عن إرهاق النفس، وبالتالي إذا قرب موعد الحفل كانت هذه السلال جاهزة فلا يعيقها ظرف ربما يطرأ عليها، كالمرض أو الاختبارات أو عدم توفر الإمكانات المادية من إعدادها، أو غيرها من العوائق التي تجعل هذه المناسبات تمر دون أن تستغلها بنشر الخير.
والله لو كان في كل عائلة أو قبيلة ولو واحدة مثل هذه المرأة لما أصبحت منكرات أفراحنا في ازدياد كما نراه الآن.

 
(30)
إحدى الأخوات تملك موهبة فنية في إعداد اللوحات والمجسمات فسخَّرتها في إعداد لوحات جميلة جدًا بخامات متنوعة، فمرة بالورق المحروق، ومرة بالخوص، ومرة بالخيش، ومرة بالورد المجفف.. إلخ، ثم تضع بداخل كل لوحة ذكرًا من الأذكار مثلاً.
كلمة: لا إله إلا الله، صلَّى الله على محمد، سبحان الله وبحمده، دعاء الخروج من المنزل، صيغة التكبير في عشر ذي الحجة، دعاء دخول الحمام؛ دعاء النوم.. إلخ.
ثم توزعها على قريباتها كهدية مجانية ورائعة جدًا جدًا، تزين جدران منازلهم وتذكرهم بالله كل حين.
(31)
كان لرفض إخواني الذهاب بنا لحضور المحاضرات سببًا مباركًا لكي أفكر في إقامة حلقة ذِكر بيننا في البيت، واتفقنا على حضورها، ثم قرَّرنا أن نجعلها برنامجًا متكاملاً بفقرات متنوعة لتتلاءم مع كلِّ الأعمار، الصغار والكبار سواء، ولكي تؤثر على الجميع ويشاركوا فيها أيضًا.
لقد أحببنا هذا الاجتماع الرائع، وأصبحنا نشتاق إليه وننتظره، وكل من يساهم بإعداد فقرة، وكان له أثر عظيم في تصحيح كثير من أخلاقنا، والتشجيع على القيام بكثيرٍ من العبادات، حتى مواسم العبادات كرمضان، وعشر ذي الحجة، أصبح اهتمامنا بأدائها على الوجه الأفضل، أفضل بكثير مما كنا عليه في الأعوام السابقة، بالإضافة إلى زيادة الثقافة والاطلاع في السيرة النبوية والثقافة بصورة عامة، فقد زاد رصيد الصغار قبل الكبار منها.
وأتمنى من كل أسرة أن تجرب هذا المهرجان الأسري الروحاني الممتع، وألا تنسوني من دعائكم.
وأخيرًا
أختي المسلمة:
تذكري:
مهما كانت ظروفك... فأنت قادرة.
مرحبًا بك أيها الداعية الجديدة.
سبحانك اللهم وبحمدك، أشهد أن لا إله إلا أنت، أستغفرك وأتوب إليك.

 
الوسوم
اخدمي الإسلام بيتك في وأنت
عودة
أعلى