كتاب فنون الحرب فى الإسلام


دى كانت معركة الزلاقه ..
و بن تاشفين
و اخطاء الامراء الأندلسيين ..
اللى اودت بالاسلام و المسلمين
فى الأندلس ..


كتاب فنون الحرب فى الإسلام
إضغط هنا لرؤية الصورة بحجمها الطبيعي.
كتاب فنون الحرب فى الإسلام



و ان شاء الله ها نتكلم عن معركة ملاذكرد..
و الأسد الثائر ...
ألب أرسلان

و نتكلم عن بداية نهاية مملكة الروم الشرقيين ..



 

من رمضان 455هـ = 4 من سبتمبر 1036م

ولاية السلطان السلجوقي "ألب أرسلان" بعد وفاة عمه السلطان "طغرل بك" المؤسس الحقيقي لدولة السلاجقة.

ويعدّ ألب أرسلان من كبار رجال التاريخ العسكرى الاسلامى



كتاب فنون الحرب فى الإسلام
إضغط هنا لرؤية الصورة بحجمها الطبيعي.
كتاب فنون الحرب فى الإسلام



28 من ذي القعدة 463هـ = أواخر شهر أغسطس 1071م


نشوب معركة ملاذكرد بين السلطان ألب أرسلان السلجوقي وجيش الروم بقيادة رومانوس الرابع،
في أواخر ذي القعدة،
وقد حقق المسلمون فيها نصرًا هائلاً.
وتعدّ هذه المعركة من المعارك الفاصلة في التاريخ؛
حيث قضت على نفوذ الروم في كثير من مناطق آسيا الصغرى، ومهدت للحروب الصليبية.


 
كان أبو موسى الأشعري محاصراً تستر( مدينة تستر )
، فخرج رجل من العجم فدعا إلى البراز،
فخرج إليه شيخ مسن من باهلة يدعى حليل بن أوس على فرس عجفاء،
فقال أبو موسى: ممن الرجل?
قال: من باهلة،
فقال ارجع يا أخا باهلة فإنك بال على بال،

وأحجم الناس عن الرجل فدعا ثانية
فخرج الباهلي فرده أبو موسى،
فأبى أن يرجع ومضى،

فقال أبو موسى: اللهم إنه في حل،
وتطاعنا فقتله الباهلي
وأقبل يجر رمحه ويقول
: من الوافر

رآني الأشعري فقـال بـال

على بال ولم يعلـم بـلائي


ومثلك قد عرضت الرمح فيه



فبان بدائه وشـفـيت دائي

إذا اجتمع العشائر واستكفـوا

فجامعني إلى ظل الـلـواء

فقال أبو موسى: إني أرد بأساً يا أخا باهلة،
فقال الباهلي: وأخو باهلة لم يرد بأساً يا أخا الأشعريين.

فبلغ الخبر عمر بن الخطاب رضي الله عنه، وكان لا يخفى عنه ما يجري بين الناس،

فكتب إلى أبي موسى يلومه ويأمره أن يعرف لأهل البلاء بلاءهم وينزلهم منازلهم.

 
جاء فى كتاب روضة العقلاء و نزهة الفضلاء لمؤلفه ابن حبان البستى


والواجب على السلطان أن لا يغفل عن الأشياء الأربعة التي صلاحه في دينه ودنياه فيها،
وهي ما حدثنا به عمرو بن محمد، حدثنا الغلابي حدثنا محمد بن عبيد الله الجشمي حدثنا المدائني قال:
خرج الزهري يوماً من عند هشام بن عبد الملك فقال: ما رأيت كاليوم،
ولا سمعت به كأربع كلمات تكلم بهن رجل آنفا عند هشام بن عبد الملك،
فقيل له: وما هنَّ?

قال: قال له رجل: يا أمير المؤمنين، أحفظ عني أربع كلمات،
فيهن صلاح ملكك،
واستقامة رعيتك.

قال: هاتهن،
قال:
لا تَعِدنَّ عِدَة لا تثق من نفسك بإنجازها،

ولا يغرنك المرتقى،
وإن كان سهلا،
إذا كان المنحدَرُ وعْرا،

وأعلم أن للأعمال جزاءاً،
فاتق العواقب،

وإن للأمور بغتات،
فكن على حذر.


حدثنا عبد الله بن قحطبة، حدثنا محمد بن زنبور، حدثنا أبو بكر ابن عياش:
إن أهل الجاهلية لم يكونوا يسودون عليهم أحداً لشجاعة ولا لسخاء
إنما كانوا يسودون من إذا شُتِمَ حَلُم،
وإذا سئل حاجة قضاها،
أو قام معهم فيها.

وأنشدني الأبرش:

وقد يُبْغِضُ الحـياتِ أولادُ آدم
وأبغضُ ما فيها رءوسـهـا
وما ابتليتْ يوماً بِشر قَـبـيلةُ

أضرَّ عليها من سَفيه يسُوسُها

 
الدعاء عند اللقاء

للنبي عند الضيقة


حدّثني محمد بن عبيد قال:
حدّثنا معاوية عن أبي إسحاق عن أبي رجاء قال:

كان النبيّ يقول إذا اشتدّت حلقة البلاء وكانت الضّيقة:

"تضيّقي تفرّجي"

ثم يرفع يديه فيقول:

بسم اللّه الرحمن الرحيم لا حول ولا قوّة إلا باللّه العليّ العظيم اللهم إياك نعبد وإياك نستعين اللهم كفّ عنا بأس الذين كفروا إنك أشدّ بأساً وأشدّ تنكيلاً"

فما يخفض يديه المباركتين حتى ينزل اللّه النصر.



وحدّثني محمد بن عبيد عن معاوية عن أبي إسحاق عن موسى بن عقبة عن سالأأبي النضر مولى عمر بن عبيد اللّه وكان كاتباً له،

قال: كتب عبد اللّه بن أبي أوفى حين خرج إلى الحرورية
أنّ النبي في بعض أيامه التي لقي فيهم العدوّ انتظر حتى مالت الشمس ثم قام في الناس فقال:

"لا تتمنّوا لقاء العدوّ واسألوا اللّه العافية،

فإذا لقيتموهم فاثبتوا واصبروا واعلموا أنّ الجنّة تحت ظلال السيوف"

ثم قال:

اللهمّ منزل الكتاب ومجري السحاب وهازم الأحزاب اهزمهم وانصرنا عليهم

وقال أبو النضر: وبلغنا أنه دعا في مثل ذلك فقال:

"اللهمّ أنت ربّنا وربّهم وهم عبيدك ونحن عبيدك ونواصينا ونواصيهم بيدك فاهزمهم وانصرنا عليهم".




... فاعتبروا يا أولى الألباب ...
 
نصيحة حكيم لبعض الملوك


وقال بعض الحكماء لبعض الملوك:


آمركم بالتقدّم والأمر ممكن،

وبالإعداد لغد من قبل دخولك في غد


كما تعدّ السلاح لمن تخاف أن يقاتلك وعسى ألا يقاتلك،


وكما تأخذ عتاد البناء من قبل أن تصيبه السماء وأنت لاتدري لعلهم لا تصيبه،


بل كما تعدّ الطعام لعدد الأيام وأنت لا تدري لعلك لا تأكله.

وكان يقال: كل شيء طلبته في وقته فقد مضى وقته.




فاعتبروا يا أولى الالباب..
 

القائد المسلم

الحاجب المنصور


بقلم / محمود حافظ


أعظم من حكم الأندلس على الإطلاق ,

الرجل الذى وطأت خيله أماكن لم يطأها خيل المسلمين من قبل !!

يكفى ذكر اسم المنصور بن أبى عامر أمام ملوك قشتالة وليون وجيليقية ليجثوا على ركبهم من الرعب والهلع ,

كان لربما الواحد منهم أرسل ابنته جارية عند المنصور فى قرطبة لينال رضاه ..!!


ووصلت جيوشه الى حيث لم يصل حاكم أو خليفة قبله قط ,

وغزا أكثر من 54 غزوة فى الأندلس فلم تنتكس له فيها راية ولم تهلك له سرية ولم ينهزم له جيشٌ قط !!!




آثــاره تنبيـك عن أخبــاره **
حتـى كأنــك بالعيـــان تـراهُ

تالله لا يأتي الزمان بمثله **
أبدًا ولا يحمي الثغور سواهُ


فمن هذا الرجل العظيم الذى لم يأتى الزمان بمثله أبدا ,

ومن هذا العظيم الذى كان رمزا للرعب فى الممالك المسيحية فى أوروبا !!!


دعونا نسرد سيرة الحاجب المنصور ابن أبى عامر ,





الأندلس .....



ما أعذبها من كلمة تطرب لسماعها الآذان وتسرح فى جمالها الأذهان ,

هى الفردوس المفقود والمجد السليب ولولا أن هذا المقام ليس لذكر حضارة الأندلس لأسهبت بالحديث عن ذكر محاسن الأندلس ومآثرها ولكن أكتفى الآن بذكر أحد تلك المآثر العظيمة إن لم يكن أعظمها على الاطلاق ...


المولد والنشأة :-

إنه محمد بن عبد الله بن محمد بن عبد الله بن عامر بن أبى عامر بن الوليد ابن يزيد بن عبد الملك المعافرىّ القحطانىّ ,

من أصول يمنية ,
جده الأكبر "عبد الملك المعافرى"
هذا كان أحد قادة الجند مع طارق بن زياد أثناء فتح الأندلس الأول .

وكان أبوه "عبد الله بن محمد" من أهل الفضل والعلم حجّ ثم مات قافلاً من حجه – رحمه الله – فى طرابلس المغرب.

وأمه هى "بُريْهة بنت يحيى بن زكريا التميمىّ " من بنى تميم ,
لذلك قال فيه ابن دارج القسطلىّ :


تلاقت عليه من تميمٍ ويَعْرُبِ *** شموسٌ تلالا فى العلا وبدورُ
مـن الحِمــيْريْنَ الذين أكُفُّهـم *** سحـائبُ تَهْمي بالنَّدى وبحــورُ

وُلد محمد بن أبى عامر عام 327هـ , وهو العام الذى انهزم فيه المسلمون فى عهد عبد الرحمن الناصر – رحمه الله – فى معركة الخندق عند مدينة "شنت مانقش" أمام قلعة سمّورة المنيعة ,
وكأن ميلاد محمد بن أبى عامر فى هذه السنة هو أخذ الله بثأر المسلمين على يدى المنصور .أصله من "تركش" فى الجزيرة الخضراء فى جنوب الأندلس ,

نشأ محمد بن أبى عامر كمثله من أقرانه على القرآن والفقه إلا أنه كان ظاهر النجابة وكانت له حال عجيب فى قوة الإرادة والطموح والسعى وراء هدفه حتى قال عنه ابن الآبار فى كتابه "الحلة السيراء" : كان أحد أعاجيب الدنيا فى ترقيه والظفر بتمنيه !!


حلم المنصور بن أبى عامر :-

كان محمد بن أبى عامر – رحمه الله – له همة عجيبة وإرادة قوية وكان لديه حلما عظيما وهو أن يصبح حاكم الأندلس !!

وقد كان – رحمه الله – يخبر أصحابه بهذا والمقربين اليه , حتى أنه لربما قلدهم الخُطط والمناصب وهو مازال فى حداثة سنّه !!

واليكم هذه القصة التى أوردها ابن الخطيب فى كتابه " اعمال الأعلام في من بويع قبل الاحتلام من ملوك الاسلام " وأوردها أيضا ابن النباهى فى ترجمة القاضى الجليل محمد بن يبقى بن زرب فى كتابه " المرقبة العليا فيمن يستحق القضاء و الفتيا " يقول :

( ومن أعجب أحواله – أى محمد بن أبى عامر – أنه كان على بصيرة من أمره , هانئاً بما ذخرت له الأيام فى حداثة سنّه , فكان يتكلم فى ذلك بين أصحابه , ويشير الى ما خبأ الله له من غيبه , فحدث ابن ابى الفيّاض فى كتابه قال : أخبره الفقيه أبو محمد علىّ بن أحمد , قال : أخبرنى محمد بن موسى بن عزرون , قال : أخبرنى أبى قال : اجتمعنا يوماً فى متنزه لنا بجهة الناعورة بقرطبة , ومعنا ابن أبى عامر , وهو فى حداثته , وابن عمه عمرو بن عسقلاجة , والكاتب ابن المارعزّى ورجلٌ يعرف بابن الحسن من جهة مالقة , كانت معنا سفرة فيها طعامٌ , فقال المنصور من ذلك الكلام الذى كان يتكلم به : < لا بد لى أن أملك الأندلس , وأقود العسكر , وينفذ حكمى فى جميع الأندلس !! > , ونحن نضحك منه ونهزأ به . وقال : < تمنّوا علىّ > , فقال ابن عمه عمرو : " أتمنّى أن تولينى على المدينة , نضرب ظهور الجناة ونفتحها مثل هذه الشاردة " , وقال ابن المارعزّى : "أشتهى أن تولينى أحكام السوق !" , وقال ابن الحسن : "نتمنّى أن تولينى القضاء بجهتى ! " , قال موسى بن عزرون : وقال :< تمنّى أنت ! > , فشققت لحيته , وأسمعته كلاماً سمجاً قبيحاً ...

فلم يك إلا أن صار الملك اليه , فولى ابن عمه المدينة , وولى ابن المارعزّى السوق , وكتب لابن الحسن بالقضاء , قال : "وأغرمنى أنا مالاً عظيماً , أجحفنى وأفقرنى لقبيح ما كنت جئت به .." ) انتهى كلام ابن الخطيب .

وايضا قصة أخرى عجيبة من قصص المنصور بن أبى عامر فى هذا الجانب ذكرها أبو الحسن النباهى فى كتابه (المرقبة العليا فيمن يستحق القضاء و الفتيا) أنقلها لكم بتصرف :

(كان المنصور بائتاً ليلة مع أحد إخوانه في غرفة، فرقد رفيقه، ودنيُّه، ولم يرقد هو قلقاً وسهراً فقال له صاحبه: يا هذا قد أضررتني هذه الليلة بهذا السهر , فدعنى أرقد ...

فقال المنصور: إنني أتفكر في من يصلح أن يكون قاضياً للأندلس، ولمّا استغرب صاحبه ذلك، قال له: "يا هذا! أأنت أمير المؤمنين؟ فقال له: "هو كذلك".

ثم أخذ صاحبه يعرض بعض أسماء القضاء وقال : يصلح فلانٌ ويصلح فلانٌ , ومحمد بن أبى عامر لا يجوز من المذكورين أحداً , حتى ذكر صاحبه "أبي بكر محمد بن يبقى بن زرب" العالم الجليل الفاضل ، فتهللت أسارير وجه محمد بن أبى عامر وقال : < يا هذا ! فرجت عنّى , ليس بالله يصلح لها أحدٌ غيره > ثم رقد ونام مطمئناً !!! )

هكذا كان المنصور بن أبى عامر فى حداثة سنّه يحدّث نفسه بحكم الأندلس , وأن يقود العسكر وينفذ حكمه فيها , فكان يضع هذا الهدف نصب عينيه ويعمل له ويخطط من أجله ويسعى من أجل تحقيقه ..






 
القائد المسلم

الحاجب المنصور


بقلم / محمود حافظ


أعظم من حكم الأندلس على الإطلاق ,

الرجل الذى وطأت خيله أماكن لم يطأها خيل المسلمين من قبل !!

يكفى ذكر اسم المنصور بن أبى عامر أمام ملوك قشتالة وليون وجيليقية ليجثوا على ركبهم من الرعب والهلع ,

كان لربما الواحد منهم أرسل ابنته جارية عند المنصور فى قرطبة لينال رضاه ..!!


ووصلت جيوشه الى حيث لم يصل حاكم أو خليفة قبله قط ,

وغزا أكثر من 54 غزوة فى الأندلس فلم تنتكس له فيها راية ولم تهلك له سرية ولم ينهزم له جيشٌ قط !!!




آثــاره تنبيـك عن أخبــاره **
حتـى كأنــك بالعيـــان تـراهُ

تالله لا يأتي الزمان بمثله **
أبدًا ولا يحمي الثغور سواهُ


فمن هذا الرجل العظيم الذى لم يأتى الزمان بمثله أبدا ,

ومن هذا العظيم الذى كان رمزا للرعب فى الممالك المسيحية فى أوروبا !!!


دعونا نسرد سيرة الحاجب المنصور ابن أبى عامر ,





الأندلس .....



ما أعذبها من كلمة تطرب لسماعها الآذان وتسرح فى جمالها الأذهان ,

هى الفردوس المفقود والمجد السليب ولولا أن هذا المقام ليس لذكر حضارة الأندلس لأسهبت بالحديث عن ذكر محاسن الأندلس ومآثرها ولكن أكتفى الآن بذكر أحد تلك المآثر العظيمة إن لم يكن أعظمها على الاطلاق ...


المولد والنشأة :-

إنه محمد بن عبد الله بن محمد بن عبد الله بن عامر بن أبى عامر بن الوليد ابن يزيد بن عبد الملك المعافرىّ القحطانىّ ,

من أصول يمنية ,
جده الأكبر "عبد الملك المعافرى"
هذا كان أحد قادة الجند مع طارق بن زياد أثناء فتح الأندلس الأول .

وكان أبوه "عبد الله بن محمد" من أهل الفضل والعلم حجّ ثم مات قافلاً من حجه – رحمه الله – فى طرابلس المغرب.

وأمه هى "بُريْهة بنت يحيى بن زكريا التميمىّ " من بنى تميم ,
لذلك قال فيه ابن دارج القسطلىّ :


تلاقت عليه من تميمٍ ويَعْرُبِ *** شموسٌ تلالا فى العلا وبدورُ
مـن الحِمــيْريْنَ الذين أكُفُّهـم *** سحـائبُ تَهْمي بالنَّدى وبحــورُ

وُلد محمد بن أبى عامر عام 327هـ , وهو العام الذى انهزم فيه المسلمون فى عهد عبد الرحمن الناصر – رحمه الله – فى معركة الخندق عند مدينة "شنت مانقش" أمام قلعة سمّورة المنيعة ,
وكأن ميلاد محمد بن أبى عامر فى هذه السنة هو أخذ الله بثأر المسلمين على يدى المنصور .أصله من "تركش" فى الجزيرة الخضراء فى جنوب الأندلس ,

نشأ محمد بن أبى عامر كمثله من أقرانه على القرآن والفقه إلا أنه كان ظاهر النجابة وكانت له حال عجيب فى قوة الإرادة والطموح والسعى وراء هدفه حتى قال عنه ابن الآبار فى كتابه "الحلة السيراء" : كان أحد أعاجيب الدنيا فى ترقيه والظفر بتمنيه !!


حلم المنصور بن أبى عامر :-

كان محمد بن أبى عامر – رحمه الله – له همة عجيبة وإرادة قوية وكان لديه حلما عظيما وهو أن يصبح حاكم الأندلس !!

وقد كان – رحمه الله – يخبر أصحابه بهذا والمقربين اليه , حتى أنه لربما قلدهم الخُطط والمناصب وهو مازال فى حداثة سنّه !!

واليكم هذه القصة التى أوردها ابن الخطيب فى كتابه " اعمال الأعلام في من بويع قبل الاحتلام من ملوك الاسلام " وأوردها أيضا ابن النباهى فى ترجمة القاضى الجليل محمد بن يبقى بن زرب فى كتابه " المرقبة العليا فيمن يستحق القضاء و الفتيا " يقول :

( ومن أعجب أحواله – أى محمد بن أبى عامر – أنه كان على بصيرة من أمره , هانئاً بما ذخرت له الأيام فى حداثة سنّه , فكان يتكلم فى ذلك بين أصحابه , ويشير الى ما خبأ الله له من غيبه , فحدث ابن ابى الفيّاض فى كتابه قال : أخبره الفقيه أبو محمد علىّ بن أحمد , قال : أخبرنى محمد بن موسى بن عزرون , قال : أخبرنى أبى قال : اجتمعنا يوماً فى متنزه لنا بجهة الناعورة بقرطبة , ومعنا ابن أبى عامر , وهو فى حداثته , وابن عمه عمرو بن عسقلاجة , والكاتب ابن المارعزّى ورجلٌ يعرف بابن الحسن من جهة مالقة , كانت معنا سفرة فيها طعامٌ , فقال المنصور من ذلك الكلام الذى كان يتكلم به : < لا بد لى أن أملك الأندلس , وأقود العسكر , وينفذ حكمى فى جميع الأندلس !! > , ونحن نضحك منه ونهزأ به . وقال : < تمنّوا علىّ > , فقال ابن عمه عمرو : " أتمنّى أن تولينى على المدينة , نضرب ظهور الجناة ونفتحها مثل هذه الشاردة " , وقال ابن المارعزّى : "أشتهى أن تولينى أحكام السوق !" , وقال ابن الحسن : "نتمنّى أن تولينى القضاء بجهتى ! " , قال موسى بن عزرون : وقال :< تمنّى أنت ! > , فشققت لحيته , وأسمعته كلاماً سمجاً قبيحاً ...

فلم يك إلا أن صار الملك اليه , فولى ابن عمه المدينة , وولى ابن المارعزّى السوق , وكتب لابن الحسن بالقضاء , قال : "وأغرمنى أنا مالاً عظيماً , أجحفنى وأفقرنى لقبيح ما كنت جئت به .." ) انتهى كلام ابن الخطيب .

وايضا قصة أخرى عجيبة من قصص المنصور بن أبى عامر فى هذا الجانب ذكرها أبو الحسن النباهى فى كتابه (المرقبة العليا فيمن يستحق القضاء و الفتيا) أنقلها لكم بتصرف :

(كان المنصور بائتاً ليلة مع أحد إخوانه في غرفة، فرقد رفيقه، ودنيُّه، ولم يرقد هو قلقاً وسهراً فقال له صاحبه: يا هذا قد أضررتني هذه الليلة بهذا السهر , فدعنى أرقد ...

فقال المنصور: إنني أتفكر في من يصلح أن يكون قاضياً للأندلس، ولمّا استغرب صاحبه ذلك، قال له: "يا هذا! أأنت أمير المؤمنين؟ فقال له: "هو كذلك".

ثم أخذ صاحبه يعرض بعض أسماء القضاء وقال : يصلح فلانٌ ويصلح فلانٌ , ومحمد بن أبى عامر لا يجوز من المذكورين أحداً , حتى ذكر صاحبه "أبي بكر محمد بن يبقى بن زرب" العالم الجليل الفاضل ، فتهللت أسارير وجه محمد بن أبى عامر وقال : < يا هذا ! فرجت عنّى , ليس بالله يصلح لها أحدٌ غيره > ثم رقد ونام مطمئناً !!! )

هكذا كان المنصور بن أبى عامر فى حداثة سنّه يحدّث نفسه بحكم الأندلس , وأن يقود العسكر وينفذ حكمه فيها , فكان يضع هذا الهدف نصب عينيه ويعمل له ويخطط من أجله ويسعى من أجل تحقيقه ..



يتبع ..

 

حياة محمد بن أبى عامر فى قرطبة :-


اقتعد محمد بن أبى عامر دكانا عند الزهراء – المدينة الملكية التى بناها عبد الرحمن الناصر – أيام الخليفة الحكم المستنصر – رحمه الله –

يكتب شكاوى الناس أو طلباتهم أو حاجاتهم التى يرفعونها الى الخليفة او الحاجب ,

وكان يأنس اليه فتيان القصر وظل على ذلك مدة حتى رفع ذكره وعلا شأنه وبدأ نجمه فى الظهور .


حتى طلبت السيدة صبح زوج الخليفة الحكم المستنصر – رحمه الله –
وأم ولى العهد "هشام" من يكتب عنها ,

فدلوها على محمد بن أبى عامر ,

فترقى الى ان كتب عنها ,

فاستحسنته ونبهت عليه الحكم المستنصر – رحمه الله –
ورغبت فى تشريفه بالخدمة .


ومن ذلك اليوم وبدأ نجم محمد بن أبى عامر فى الظهور وظهرت منه نجابة وذكاء أعجبت الحكم المستنصر – رحمه الله ,

فترشح الى وكالة ولى العهد "هشام" لسنة 359هـ ,

فأعجبت به الحكم المستنصر ,

فولاه قضاء بعض الكور بأشبيلية ,
ثم ترقى الى المواريث والزكاة ,
فأظهر حسن التدبير مع ما له من الرأى السديد فأعجب به الحكم المستنصر – رحمه الله – فولاه الشرطة الوسطى بقرطبة ,

ثم أصبح صاحب السكة ,

ثم قدمه الى الأمانات بالعدوة ....


وظل محمد بن أبى عامر فى ترقى مستمر وبدأ بزوغ فجره ومن ورائه فجر الأندلس كلها ,

حتى لازم الحكم المستنصر – رحمه الله – وأوكل اليه القيام على أمر ولى العهد "هشام" بن الحكم المستنصر ,

فبذلك أصبح محمد بن أبى عامر فى منزلة رفيعة جدا .


وكان محمد بن أبى عامر يصطنع الرجال من حوله ويمهد لنفسه وكان يتخذ رجاله من البربر من أهل العدوة لخشونتهم وصلابتهم عند الحروب ,

ولكى يقوم بالقضاء على الصقالبة ويدمر نفوذهم فيما بعد كما سيأتى.


وبذلك أصبح محمد بن أبى عامر من كبار رجال القصر وهو مازال فى العقد الثالث من عمره ,

وليس يضاهيه فى منزلته إلا الحاجب – بمثابة رئيس الوزراء -

جعفر المصحفىّ وقائد جيش الثغور غالب الناصرىّ ,

وأصبح محمد بن أبى عامر حديث العامة فى قرطبة ,
فكان لا يمر يوم إلا وهو فى زيادة ترقى ,

فكانت أيامه فى إقبال وتخبر عن سعده وبزوغ فجره وسطوع شمسه ,

فتمكن حبه للناس وكان بابه مفتوح لهم على الدوام ,

وأفشى الأمن فى قرطبة بعدما ضجت العامة من ضياع الأمن لكثرة اللصوص وتسلط الفتيان الصقالبة على العامة فقد ظهر وفشى ظلمهم وبغيهم ,

حتى قضى عليهم محمد بن أبى عامر كما سيأتى بيانه إن شاء الله .




يتبع ..



 
وفاة الحكم المستنصر - ر حمه الله :-


وتوفى الخليفة الحكم المستنصر – رحمه الله – فى قصره بقرطبة بعدما أصيب بالفالج ,

وذلك فى عام 366هـ ,

بعد أن حكم الأندلس 16 عاماً كانت كلها بركة وخير على المسلمين فى الأندلس ,

وولى من بعده ابنه "هشام" وهو ابن اثنتى عشرة سنة 12 سنة !!

وتسمّى وتلقب " هشام المؤيد بالله " ,

وكان وقتها بلغ محمد بن أبى عامر 39 عاماً , فكان لابد من رجل يدبر أمره ويقوم على عمل الدولة وتدبير الخلافة .


فتكون مجلس وصاية على الخليفة الصبىّ ويتكون من أكبر 3 رجال فى الأندلس وقتها وهم :


1- الحاجب جعفر المصحفىّ
2- قائد الثغور غالب الناصرىّ
3- قائد الشرطة وحاكم المدينة محمد بن أبى عامر


عند وفاة الحكم المستنصر – رحمه الله – جاشت الروم وهاجت حتى كادت تطرق أبواب قرطبة ,

ولم يحرك الحاجب جعفر المصحفى ساكناً خوفاً على منصبه وتبعه فى ذلك غالب الناصرىّ قائد الثغور وكانت بينه وبين الحاجب جعفر المصحفى خلافة قديمة وبغضاً وكراهية شديدة , فلم يقم أى منهما لنصرة المسلمين وتأديب النصارى الذين هجموا على ثغور المسلمين .


قال ابن حيان
( ... وجاشت النصرانية بموت الحكم وخرجوا على أهل الثغور فوصلوا إلى باب قرطبة ولم يجدوا عند جعفر المصحفي غناء ولا نصرة وكان مما أتى عليه أن أمر أهل قلعة رباح بقطع سد نهرهم لما تخيله من أن في ذلك النجاة من العدو ولم تقع حيلته لأكثر منه مع وفور الجيوش وجموع الأموال وكان ذلك من سقطات جعفر فأنف محمد بن أبي عامر من هذه الدنية .. )
انتهى كلام ابن حيان




فقام محمد بن أبى عامر بأخذ رجاله وطلب من جعفر المصحفى أن يمده بالرجال والعتاد والمال اللازم للقيام بحملة لتأديب النصارى وليعلموا أن مازال بالمسلمين شوكة ومنعة ,

وبالفعل قام المنصور بحملة عظيمة جدا فى الشمال وغنم من السلاح والأموال الشيىء الكثير .

وقفل راجعا الى قرطبة بعد 52 يوما من الغزو والجهاد وكان يوزع المال فى طريق عودته الى قرطبة على الجند والعوام حتى تمكن حبه فى قلوب الناس ,

واستبشروا به جدا .

وكان وصياً على الصبى هشام المؤيد بالله , فقام بإسقاط ضريبة الزيتون عن الناس , فسروا بذلك أعظم سرور ,

ونسب شأنها الى محمد بن أبى عامر وأنه أشار الى ذلك ,

فأحبوه لذلك

ثم يقول ابن عذارى فى "البيان المغرب " :


( ولم تزل الهمة تحذوه ,
والجد يحظيه ,
والقضاء يساعده ,
والسياسة الحسنة لا تفارقه ,
حتى قام بتدبير الخلافة ,
وأقعد من كان له فيها إنافة ,
وساس الأمور أحسن سياسة ,
وداس الخطوب بأخشن دياسة ,
فانتظمت له الممالك , وانضحت به المسالك , وانتشر الأمن فى كل طريق , واستشعر اليمن كل فريق , وأسقط جعفرا المصحفىّ , وعمل فيه ماأراده ... )
انتهى كلام ابن عذارى


والتف المسلمون حول محمد بن أبى عامر ,
فى الوقت الذى بدأت أيام الحاجب جعفر المصحفىّ فى الزوال ,

فقد أفل نجمه وكورت شمسه ورغب الناس عنه ,

وأصبح يمشى وحيدا فى طرقات الزهراء بعد ان كان من قبل كثيف الموكب وجليل الهيبة وكان الناس لا يستطيعون الى الوصول اليه لكثافة موكبه .

ثم أقدم محمد بن أبى عامر بالتحالف مع غالب الناصرىّ وتزوج ابنته "أسماء" وكان عرس مشهود فى الأندلس كلها ,

وبدأت نكبة الحاجب جعفر المصحفىّ ,

فخلعه محمد بن أبى عامر وأصبح الحاجب من بعده ..


يتبع ..

 
عهد الحاجب المنصور :-

تحجب محمد بن أبى عامر لهشام المؤيد بالله , وحجره فى قصره بالزهراء ومنع دخول الناس اليه وتصرف بالملك بنفسه واتخذ جميع مراسم الملك ,
ونقش اسمه على السكة ,

وخطب له على المنابر ,
تلقب "بالمنصور"
وأصبح يدعى ( الحاجب المنصور ) ,

وابتدأ معه عهد جديد للأندلس ما عرفت مثله من قبل .

كانت من أول أعمال المنصور أنه نكب الصقالبة وأخرجهم من الزهراء بعدما فشى ظلمهم وتوحدت كلمتهم بعد موت الحكم المستنصر – رحمه الله – وظنوا أن لا غالب لهم ,

فاستبدل المنصور بهم البربر من أهل العدوة من زناتة وبنى برزال وغيرهم واستكثر منهم جدا وأصبحوا هم أهل خدمته وزينة ملكه .

والحديث عن المنصور بن أبى عامر مرتبط بالضرورة بالحديث عن جهاده وغزواته ضد الممالك النصرانية فى الشمال ,

وسنفصل هذا لاحقاً إن شاء الله ...



وأما عنه هيبته وحزمه :-

كان رحمه الله حازما شديد الهيبة ,

ماسمعنا أن أحدا من ملوك الإسلام قديما وحديثا من هو بمثل هيبته إلا ماكان من الخليفة الراشد عمر بن الخطاب – رحمه الله ورضى عنه , وفى ذلك يقول ابن سماك العاملى فى كتابه "الزهرات المنثورة فى نكت الأخبار المأثورة " :

( انتهت هيبة المنصور بن أبى عامر وضبطه للجند واستخدام ذكور الرجال وقوّام الملك الى غاية لم يؤتها ملكٌ قبله !!

, فكانت مواقفهم فى الميدان على احتفاله مثلا فى الزماته والإطراق ,
حتى أن الخيل لتتمثل إطراق فرسانها ,
فلا تكثر الصهيل والحمحمة .... !!!! )

وكان لربما يتساهل فى أى أمر من الأمور إلا التساهل فى أمر من أمور الدولة وما يتعلق بهيبة الدولة ,
وقد وصلت هيبته الى ملوك النصارى فى الشمال فكانوا يهتزون ويرتجفون فرقا ورعبا من ذكر اسمه وكاد الواحد منهم أن يهذى كالسكران اذا علم بقدوم المنصور بن أبى عامر اليه بجيش المسلمين لغزوه ... !!

أى رجل كان !!

رحمه الله .....

أما عن دينه وورعه :-

فقد كان رحمه الله شديد التدين ,
قمع أهل البدع وأقام السنة ,

وبلغه أن مكتبة الحكم المستنصر – رحمه الله – بها كتب بعض الفلاسفة والملاحدة التى تنافى أصول الدين , وعلم بانتشار تلك الكتب وكادت أن تفسد عقائد الناس فقام بحرقها والتخلص منها ولله الحمد والمنة , وفى هذا يقول ابن عذارى فى كتابه (البيان المغرب .. ) :

( وكان المنصور أشدّ الناس فى التغير على من عَلِمَ عنده شيىء من الفلسفة والجدل فى الاعتقاد والتكلم فى شيىء من قضايا النجوم وأدلتها , والاستخفاف بشىء من أمور الشريعة , وأحرق ما كان فى خزائن الحَكَم من كتب الدّهريّة والفلاسفة بمحضر كبار العلماء , منهم الأصيلىّ وابن ذكوان والزبيدىّ وغيرهم , واستولى على حرق جميعها بيده ... ) انتهى كلام ابن عذارى.

وكان شديد التعظيم للعلماء بدرجة كبيرة جدا , فقد ذكر النباهى فى كتابه "المرقبة العليا" فى ذكره لترجمة العالم الجليل محمد بن يبقى بن زرب حين وفاة الإمام :

( وأظهر ابن أبى عامر لموته غمّاً شديداً , وكتب لورثته كتاب حفظ ورعاية انتفعوا به , واستدعى ابنه محمد , وهو طفلٌ ابن ثلاثة أعوام , فوصله بثلاثة آلاف دينار , وألطافٍ قيمتها ما يناهز العدد المسمّى .....

وليس ذلك من أفعال المنصور ببدع , فقد كان فى حسن معاملته للناس والوفاء لهم بمنزلةٍ لا يقوم بوصفها كتابٌ , حتى يُقال إنه لا يأتى الزمان بمثله فى فضله , ولا طفرت الأيدى بشكله ... ) انتهى كلام النباهى

الله أكبر , أرأيتم كيف يكون معاملة الحاكم والأمير للعلماء , فلا ينكرون فضلهم ولا يستغنون عن مشورتهم بل ويمتثلون أمرهم , وبهذا يكون النصر والتمكين ....

وايضا فيما ورد عن دينه وتواضعه ما ذكره ايضا النباهى فى كتابه "المرقبة العليا" فى ترجمة الإمام محمد بن يبقى بن زرب عند صلاة الاستسقاء فى قرطبة , وأخبر أنه صلى 10 مرات صلاة الاستسقاء فحضر معه مرة المنصور بن أبى عامر فكان من أمره ما ذكره النباهى فى كتابه :

( حضر معهم المنصور محمد بن أبى عامر استسقاءاً واحداً , ولبوسه ثيابٌ بيضٌ وعلى رأسه أُقرُفُ وشْىٍ أغبر , على شكل أهل المصايب بالأندلس قديماً , قد أبدى الخشوع , وهو باكٍ ودموعه تسيل على لحيته : فتقدم الى جناح المحراب عن يمين الإمام , وقد كان فُرش له هنالك حصيرٌ ليُصلّى عليه , فدفعه برجله وأمر بنزعه وجلس على الأرض , وشهد الاستسقاء !!! ) انتهى كلام النباهى

الله أكبر , هذه والله هى العزة والكرامة , فإذا خشع الحاكم والأمير استجلب معه رحمات الله , كما قال الإمام المنذر بن سعيد حين أخبروه بأن الخليفة عبد الرحمن الناصر يبكى بكاء مريرا من الخشوع والخشية ويبتهل الى الله بنزول المطر , فقال المنذر بن سعيد – رحمه الله - : أبشروا .. اذا خشع جبار الأرض رحم جبار السماء !!


يتبع ..

 
وذكر ابن سماك العاملى فى كتابه "الزهرات المنثورة" ,
وذكرها ابن الآبار فى "إعتاب الكتاب"
وغيرهما ,
قال خلف بن حسين بن حيان ,

وهو والد أبى مروان ابن حيان صاحب كتاب "نفح الطيب" وكان أبوه من كتاب المنصور بن أبى عامر ,

فأخبر عن نفسه وقال :


( بكّتنى المنصور محمد بن أبى عامر يوماً على ما أنكره منى تبكيتاً بعث من فزعى ما اضطربت منه ,

فلما أخلى مجلسه قال لى :


رأيت من فزعك وشدة روعك ما استنكرته منك ,
ومن وثق بالله برىء من الحول والقوة لله ,
وإنما أنا آلة من آلات الله تعالى ,
أتصرف بمشيئته وأسطو بقدرته وأعفو عن إذنه ,
ولا أملك لنفسى إلا ما أملك من نفسى لسواى , فطأمن جأشك وأزل عنك روعك ,

فإنما أنا ابن امرأة من تميم طالما تقوتت بثمن غزلها ,
أغدو به الى السوق وأنا أفرح الناس بمكانه ,
ثم جاء من أمر الله ما تراه ,

ثم قال : يابن حيان ,
إن أفضل الناس غراسا من غرس الخير ,
وإن أفضل السلطان غراسا ما أثمر فى الآخرة ,
ومن أنا عند الله تعالى لولا عطفى على المستضعف المظلوم وقصمى للجبار الغشوم اللاهى عن حقوق ربه بفسوقه ودنسه ..

هكذا كان تواضعه واعترافه بفضل ربه عليه ... !!!

يتبع ..

 
أما عن عدله فى الرعية :-

كان رحمه الله عادلاً يكره الظلم والبغى ,
وكان لا يستهين بأمر الظالم ,

بل لربما أمر بتغليظ العقوبة عليه ليرتدع أهل الشرور وكان لا يقبل شفاعة أحد أبداً ولو كان من المقربين اليه ,
بل وإن كان من أهله ... !!

ومن أروع الأمثلة التى ضربها المنصور بن أبى عامر فى العدل وعدم الرفق بأهل الغدر والظلم ,

ما حدث مع ابنه عبد الله بن المنصور بن أبى عامر حين لجأ الى ملك ليون وأراد أن يساعده فى الخروج على أبيه وشق عصا الطاعة وعزل أبيه ,

فكان ماكان من المنصور إلا أن أمر ملك ليون بتسليم ابنه ,
فسلمه ابنه عبد الله ,
وقام بضرب عنقه جزاء خيانته ,
ولم تأخذه به رأفة ولا رحمة !!!!

وله بذلك القصص المشهورة والأحاديث المنثورة التى سارت بها الركبان وتسامر بها الرجال فى مجالسهم ,

ومنها ما ذكره ابن حيان فى كتابه :

( وأما عن عدله أنه وقف عليه رجل من العامة بمجلسه ,

فنادى : ياناصر الحق ,
إن لى مظلمة عند ذلك الوصيف الذى على رأسك ,

وأشار الى الفتى صاحب الدرقة ,

وكان من المقربين الى المنصور بن أبى عامر ,

ثم قال : وقد دعوته الى الحاكم فلم يأتِ – لمكانته عند المنصور -

, فقال له المنصور وقد اشتد غضبه :

أوَ عبد الرحمن بن فطيس – القاضى - بهذا العجز والمهانة !!

, وكنا نظنّه أمضى من ذلك ؟


ثم وجه كلامه للقاضى وقال له :

يا عبد الرحمن , أعجزت أن تأخذ العدل , أوَ كنت مهانا فلم تصل اليه !!

, ثم قال للمظلوم : اذكر مظلمتك ياهذا ,
فذكر الرجل معاملة كانت جارية بينهما فقطعها من غير نَصَفٍ ,

فقال المنصور :

ما أعظم بليتنا بهذه الحاشية ,
ثم نظر الى الصقلبىّ وقد ذُهل عقله – أى الفتى – فقال له :
ادفع الدرقة الى فلان , وانزل صاغرا – ذليلا – وساو خصمك فى مقامه حتى يرفعك الحق او يضعك !!

ففعل ومثل بين يديه ,

ثم قال لصاحب شرطته الخاص به

: خذ بيد هذا الفاسق الظالم وقدمه مع خصمه الى صاحب المظالم لينفذ عليه حكمه بأغلظ ما يوجبه الحق من سجن أو غيره ..

ففعل ذلك ,
وعاد الرجل اليه شاكراً ,

فقال له المنصور : قد انتصف أنت ,
اذهب لسبيلك ,
وبقى انتصافى أنا ممن تهاون بمنزلتى ..

فتناول الصقلبىّ بأنواع من المذلة , وأبعده عن الخدمة ... )

انتهى كلام ابن حيان


يتبع ..
 
أما عن جهاده وغزواته :-

لا أجد كلمات أوصف بها حب المنصور بن أبى عامر للجهاد والغزو فى سبيل الله ,

يكفى أن تعلموا أن المنصور بن أبى عامر قاد جيوش المسلمين الى النصر والفتح فى زهاء 54 غزوة ومعركة ,
فلم يهزم فى واحدة منها قط !!

, وكان يأمر غلمانه بتنظيف ثوبه وأخذ ما علق به من غبار المعارك والغزوات وأمر أن تدفن معه فى قبره لتكون شاهد له عند الله يوم القيامة بجهاده فى سبيله !!

ووصل بجيوشه الى أماكن لم يفتحها المسلمون من قبل من أيام طارق بن زياد وموسى بن نصير ,
وبلغت الأندلس فى عهده من العزة والمجد والتمكين الى درجة لم يبلغها حاكم قبله ولا بعده !!

وقال عنه الفتح بن خاقان فى كتابه (مطمح الأنفس ومسرح التأنس فى ملح أهل الأندلس) :

( إنه تمرّس ببلاد الشرك أعظم تمرّس ,
ومحا من طواغيتها كل تعجرف وتغطرس ,
وغادرهم صرعى البقاع ,
وتركهم أذل من وتدٍ بقاع ,
ووالى على بلادهم الوقائع ,
وسدّد الى أكبادهم سهام الفجائع ,
وأغصّ بالحِمام أرواحهم ,
ونغّص تلك الآلام بكورهم وروَاحهم ... )
انتهى كلام الفتح بن خاقان



فقد كان رحمه الله أعجوبة دهره وأوحد زمانه , له فى كل عام غزوتان "الصوائف والشواتى" , كان يهتم جدا بالناحية العسكرية فى دولته حتى لكم أن تعلموا أن عدد الفرسان فى الجيش المرابط (الثابت) وصل الى 112.000 اثنى عشر ألف ومائة فارس من سائر الطبقات ,

جميعهم مدونون فى الديوان وتصرف لهم النفقات والأعطية والهبات ,

وبلغ عدد المشاة الى 26.000 ستة وعشرين ألف راجل ,

وتتضاعف تلك الأعداد فى الصوائف بسبب كثرة المتطوعين حتى أنها وصلت الى مائة ألف 100.000 من المشاة !!

 
حتى أنه من كثرة قوى الجيش النظامية أصدر مرسوما عام 388هـ بإعفاء الناس من إجبارهم على الغزو ,
اكتفاء بعدد الجيش المرابط ,

وقرأ الخطباء على الناس ذلك المرسوم وفيه :

" بأن من تطوع خيراً فهو خير , ومن خف اليه فمبرور ومأجور , ومن تثاقل فمعذور " ,
فسُرّ لذلك الناس سرورا بالغاً .



وكانت له سُنّة فى غزواته وهى أن يحمل النصارى بأنفسهم الغنائم الى قرطبة إمعانا فى ذلهم وتدميرا لكيدهم .

وكانت جميع الممالك النصرانية فى الشمال تدفع للمسلمين الجزية عن يدٍ وهم صاغرون ...


دمّر المنصور بن أبى عامر جميع الممالك النصارانية المتواجدة فى شمال الأندلس تدميرا بالغاً ,

كانت غزواته فى الممالك النصرانية كالصاعقة والعاصفة المدمرة التى لا تبقى ولا تذر ,
فكم من قلوع وحصون للنصارى سواها بالتراب ,
وكم من ملوك وقواد للنصارى هلكوا على يد المنصور بن أبى عامر !!



فكان رحمه الله هو الذى ثأر لهزيمة المسلمين أيام الخليفة عبد الرحمن الناصر – رحمه الله – فى معركة الخندق أمام قلعة سمّورة المنيعة جدا ,

ففى اثناء حكم الحاجب المنصور ثارت القوط وتحركت وقامت بأعمال تخريبية فى مدن المسلمين وقتلوا من المسلمين خلقا كثيرا وكان يمتنعون من المسلمين دوما فى قلعة سمّورة الحصينة والتى هى أمنع حصون النصارى فى الشمال ,

فقام المنصور عام 371هـ بحملة عسكرية كالصاعقة على القوط فى تلك القلعة واستطاع ان يدمرها ويقتحمها وفتك بحاميتها من النصارى ,

فهرب أهلها الى قلعة قريبة
تسمى "سانت مانس"
فدخل عليهم المنصور ودمرها فأصبح الطريق الى مدينة ليون العاصمة مفتوحا وسائغا ,

ولكنه لم يدخل ليون هذا العام لشدة البرد وقتها وتساقط الثلوج فى تلك المناطق .


وفى عام 373هـ قام المنصور بغزوة
"ليون الكبرى"

حيث قاد الحاجب المنصور الجيوش ووصل الى مدينة ليون عاصمة اقليم جيليقية وحاصرها حصاراً شديدا ,

فجاء اليها المدد من كل مكان لأهميتها وقدسيتها للنصارى ,
فوصل مدد من إفرنسة "فرنسا" بشكل خاص ولكنه استطاع فى النهاية ان ينزل الهزيمة على الفرنجة والنصارى ودخل عاصمتهم وخرب قلاعها وحصونها وساق منها 3 آلاف أسير وأمر أن يرفع الآذان فى جنبات ليون لأول مرة بعد أن سقطت لأول مرة منذ الفتح الإسلامى الأول ....



 
وفى عام 374هـ أعاد فتح برشلونه فى أقصى شمال الأندلس وهزم الفرنسيين شر هزيمة وضمها مرة أخرى للمسلمين ,

بعد ان سقطت فى أيدى الفرنجة من الفرنسيين بعد فتحها على يد طارق بن زياد وموسى بن نصير أيام الفتح الأول.


ولم تقتصر منطقة نفوذ الحاجب المنصور على الأندلس فقط ,
بل سيطر على شمال المغرب سيطرة تامة وخضعت لسلطانه ,

بعد أن ثار البربر من أهل العدوة على الحسن بن كنّون نائب الخليفة الفاطمىّ العبيدىّ على المغرب واستطاع هذا الرجل ان يجمع حوله الأنصار من البربر وثارت القلاقل والفتن فى المغرب ,

فلم ينتظر الحاجب المنصور أن تكبر الفتنة ,

بل أرسل ابن عمه عمرو بن عبد الله على رأس جيش لمحاربة الحكم الفاطمى العبيدى الشيعى وإخراجهم من المغرب ,

ثم أرسل جيشا آخر بعد ذلك بقيادة ابنه عبد الملك الظفر بن المنصور بن أبى عامر ودخل فاس ,

واستقر أمر المغرب للمنصور ,
فبلغت الأندلس فى عهده أقصى اتساع لها !!


وفى عام 379هـ ثار عبد الله بن المنصور على أبيه الحاجب المنصور إذ كان يحكم مدينة "سانت استيفان"
ولجأ الى بلاد البشكنش - اقليم الباسك حالياً -

فطلب المنصور من "غرسيه" حاكم البشكنش بتسليم ابنه فرفض "غرسيه"

فقام المنصور بحملة عسكرية قوية على بلاد البشكنش

ودام القتال أياما وكان قتالا مروعا حتى أنزل الله النصر على المسلمين وأيدهم بجنود من عنده وجعل كلمة الذين كفروا السفلى ,

وهُزم البشكنش مما اضطر غرسيه الى قبول الصلح وتسليم عبد الله بن المنصور الى أبيه ومعه كل من ساعده من المسلمين ,

فقام المنصور بضرب أعناقهم جميعا بما فيهم ابنه عبد الله !!

 
جاء فى كتاب

غرر الخصائص الواضحة
لمؤلفه الوطواط


وصف أبو نصر الميكالي الحرب

دارت رحى الحرب بين أعمار تباح

ودماء تستباح

وأجسام تطاح

وأرواح تسفي بها الرياح

فالسيوف للهامات دامغة

والرماح في الأكباد والغه


وقال حكيم

تجرع من عدوك الغصة


إلى أن تجد الفرصة

فإذا وجدتها فانتهزها

قبل أن يفوتك الدرك

أو يعينه الفلك

فإنما الدنيا دول تقلبها الأقدار

ويهدمها الليل والنهار
 
أول من ركب الخيل


ذكر ابن الكلبي في كتاب أنساب الخيل أن

أول من ركب الخيل

اسماعيل بن ابراهيم عليهما السلام


أول من عدى بفرسه في سبيل الله

المقداد بن الأسود


أول من إرتبط فرساً في سبيل الله

سعد بن أبي وقاص

ويروي ابن قتيبة في كتابه عيون الأخبار ان الخيل ثلاثة :

فرس للرحمن : فتلك التي تربط في سبيل الله

فرس للانسان

فرس للشيطان: التي يقامرون عليه ويراهنون كداحس والغبراء


وذكر الأنباري حين قال ان أفضلها مركبا وأكرمها عندنا وأشرفها
بالإضافة إلى أن يكون حديد النفس جريء المقدم أن يكون:

قصير الثلاث : العسيب والظهر والرسغ

طويل الثلاث : الأذن والخد والعنق

رحب الثلاث : الجوف والمنخر واللبب

عريض الثلاث : الجبهة والصدر والكفل

صافي الثلاث : اللون واللسان والعين

أسود الثلاث : الحدقة والجحفلة والحافر

غليظ الثلاث الفخذ والوظيف والرسغ


من أقوال العرب عن الخيل



الخيل لها مكانة عظيمة في نفوس العرب فقالوا فيها أقوال ومآثر كثيرة منها قولهم :

ثلاثة من نعم الله :
زوجة صالحة - و حصان أصيل - و سيف بتار


ثلاثة لا تعار :
الزوجة - والسلاح - والفرس


ثلاثة أنواع من الخدمة لا تعيب المرء :
خدمته لبيته - و خدمته لفرسه - و خدمته لضيفه



ومن الأقوال المأثورة:
عليكم بإناث الخيل فإن ظهورها عز وبطونها كنز



خيل رسول الله صلى الله عليه وسلم


السكب
وقد اشتراه النبي صلى الله عليه وسلم من أعرابي بعشرة أوراق ، وكان اسمه "الضرس" وكان عليه يوم أحد


المرتجز
سمي بذلك لحسن صهيله ، وقد اشتراه من أحدهم


البحر
إشتراه من تجار قدموا من اليمن ، فسبق عليه عدة مرات


سبحة
إشتراه من أعرابي من جهينة بعشرة من الإبل


اللحيف
أهداه له مروة بن عمرو من أرض البلقاء ، وقيل أهداه له ربيعة بن أبي البراء


الظّرب
أهداه له فروة بن عمرو الناقرة الجذامي


الورد
أهداه له تميم الداري


الملاوح
أهداه له وفد من الرهاويين


اللزاز
أهداه له المقوقس







 
الوسوم
الإسلام الحرب فنون فى كتاب
عودة
أعلى