الحب والحياة

ياسر المنياوى

شخصية هامة
تنعم قريتنا بالجمال .. بالهدوء .. يظللها النخيل الطيب بالحب .


ينتشر بين أرجائها شذي زهور الليمون .. رجالها طيبون وأيضا النساء .


في حبها متفانون . على طرقاتها أشجار الفل والياسمين يزرعون .


حتى أصبحت حديث كل القرى التي حولنا . عنها في سهراتهم يتكلمون .


وجمالها يحسدون . فتياتها وفتيانها ورثوا حب القرية عن الآباء والأجداد .


فالكل يتفانى في مصلحة الآخر . والاحترام متبادل بين الجميع .


حتى حطت هي رحالها في قريتنا ... من هي ؟؟؟ إنها فيروز الجميلة . جاءت من


الشرق أو من الغرب .... لا نعرف . ناعمة الملمس كالحرير .ضحكاتها وردية .


كلماتها لها رنين ذهبي ساحر . اتجهت مباشرة إلى منزل عم (فاروق) . كبير


قريتنا .... هل هذه صدفة ؟؟؟؟ كنا وقتها لا نعرف . أحسن هو وفادتها .


وأسكنها في أجمل منزل في القرية . بدأت تصبح منا في أيام معدودة .


فهي تستأثر بالقلوب بسرعة الصاروخ .


كانت تمشى في طرقات قريتنا بدلال تتمايل على ألحان عبارات


الغزل من شباب القرية .ولم لا وهم يروها تستحسن هذه الكلمات .


تخضع لهم بالقول . تخرج من بين شفتيها عبارات الاستحسان لكل من يغازلها .


وفى بعض الأحيان هي التي كانت تغازلهم . تغيرت القرية .


أصبحت صاخبة على غير العادة الكل يغازل ويتغزل .


أصبح جنون الغرام هو سيد الموقف . ترك الشباب دروسهم أو أعمالهم . تبعوها


كالمسحورين إلى ساحة القرية . يغازلونها وتغازلهم بعد أن خلعت عن وجهها


غطاء الحياء . وجدوا فيها ما لم يجدونه في بنات قريتهم . وجدوا الدلع والدلال .


لم تكتفي بذلك بل فتحت متجرا في قلب القرية .كل بضاعته كلمات الحب الجوفاء


مثل فقاعات الصابون التي كنا نلهوا بها ونحن صغار.. .بضاعتها بلا نقود .


المطلوب أن تدفع ثمنها أيضا كلمات كفقاعات الصابون تتطاير في


الهواء .انتشرت التفاهة في قريتنا المحبوبة ازداد البغض بين الشباب . والغيظ


ينتفخ في قلوب كل بنات القرية . كل هذا وأنا مازلت أتفرج أشاهد ظاهرة مجنونة


أحاول أن أستوعب ما تحدثه هذه الــ ( فيروز ) . التي جاءت الرياح بها إلى


قريتنا من الغرب أو الشرق .... لا نعلم . حتى جاء ذلك اليوم . عندما وجدوا


( عوضين ) أبن الثامنة عشر مقتول عند الساقية المهجورة . تقرير الطبيب


الشرعي يقول أنه قد لدغ وبعدها قد تم عصره . أنتشر الخبر هناك ثعبان وحش


بالقرية . الكل قد خاف . قاموا بلم الأطفال من شوارع القرية . أغلقوا الأبواب


عليهم . فالأطفال صغار الحجم والثعبان الوحش لن يعصرهم بل سيبتلعهم بكل


سهولة . بعدها بثلاثة أيام وجدوا ( رمضان ) وعمره عشرون سنة أيضاً مقتول


عند الساقية المهجورة . نفس التقرير السابق . لدغ ... ثم عصر . ارتبكت


القرية . أصحاب الحقول التي ناحية الساقية تركوها . هجروها . ذبلت الزراعات


فيها . أما عن فيروز فقد حملت على عاتقها أن تسري عن أهل القرية وتطمئنهم .


زادت من حفلات الغزل المعهودة . حتى جاء الدور على ابن الخمسة عشر عام


( إبراهيم ) قد قتل أيضاً . نفس التقرير . رعب يتطاير في القرية . خرج الرجال


ببنادقهم جماعات بعد أن حثتهم فيروز على ذلك . قالت لهم في الساحة : لا تبقوا


هكذا قوموا تحركوا لا تكونوا كالعجزة والمساكين وتبرعت بالخروج معهم . ألهب


هذا الموقف من فيروز حماستهم . لا فائدة ... فالوحش الثعبان لم يظهر . أجتمع


حكماك القرية في دار عم فاروق . يتكلمون . يتباحثون . يتناقشون . يتوقعون .


وأخيراً انفضوا . فحلاً لما يحدث لم يجدون . حتى جاء ذلك اليوم الذي رأيت


النظرات المتبادلة ما بين فيروز وصديقي ( محمد ) نظرات ذات مغذى . تحمل


فيها رغبات وأشواق وهيام . قلت في نفسي : خسارة يا محمد فأنا سرك ورغم


ذلك لم تعلمني مكنونات قلبك . خرجت هي من الساحة منسلة . خرج محمد


ورائها . دب الرعب في قلبي . فمن الممكن أن يخرج عليهم الوحش الثعبان


ويرديهم قتلى . تحسست سلاحي وقررت أن أتبعهم لحمايتهم . هي تسير ومحمد


خلفها . ياااااا خبر أنهما متجهان إلى الساقية المهجورة . وصلا إلى هناك . خففت


فيروز الجميلة بعض من ملابسها . ومحمد واقف كالتمثال مبهور بلقاء جميلة


جميلات الكون . اختبأت حتى لا يلمحوني وأفسد عليهم سعادتهم . ولكن ما هذا


الذي أرى أن فيروز ينتفخ جلدها من ناحية والناحية الأخرى تظهر نتوءات


تتحرك . أنها تنبعك كمن لا عظم لها . ومحمد واقف لا يتحرك . بدأ ينشق جلدها


يخرج منه شيئ ومحمد لا يتحرك . لقد خلعت عنها جلدها البشري وبدأ تنسلخ من


داخلها حية ضخمة قرناء . محمد لا يتحرك وأنا أيضاً لا أتحرك . يا للهول ... أن


فيروز ما هي إلا حية مسحورة أو وحش ... لا أعلم ... لا أعلم . أخذت الحية


تتراقص . تتمايل . ومحمد لا يتحرك ... تتجه إليه وهو أيضاً لا يتحرك . إبتسامة


بريئة على وجهه . أما أنا فقد نسيت الحركة ونسيت الكلمات ونسيت حتى كل


الأصوات . بدأت الحية تلتف حوله . غرست نابيها في جسده . تحقنه بالسم


المعسول وهو أيضاً مبتسماً . سمعت طقطقة عظامه وهي تتكسر . وأخذت تنهش


فيه . ثم بدأت تمتص رحيق شبابه . وأنا لا أقوى على الحركة . حتى الدموع قد


تحجرت في عيناي . رجعت الحية إلى الجلد الذي خلعته . دخلت فيه مرة أخرى


ارتدت ملابسها . حاولت إمساك سلاحي بيميني لكنها قد شلت حاولت بيساري


هي الأخرى أيضاً قد شلت . ألتفتت نحوي . أه .... أنها قد رأتني . أبتسمت


ابتسامة باهتةً صفراء باردة كالموتى . قالت لي : على مايبدو أنك شاهدت وعلمت


بالسر لكنك لن تتكلم . أحمرت عيناها ثم ازرقت . شعاع يخرج من عينيها . يتجه


نحو لساني المتدلي من هول الصدمة . حاولت الكلام لكن لسان قد جف . أصبح


صلباً كالصخرة . تركتني وهي تضحك ضحكات مجنونة كساحرة شمطاء . ثم


اتجهت إلى القرية . لم أعلم كم مر زمن وأنا في هذا الحال . أخيراً استطعت أن


أحرك قدماي . تبعتها إلى القرية . أتلفت عليها . وجدتها في الساحة تتغزل في


الشباب . يتغزلون فيها . وهي تتمايل تتراقص على نغمات الغزل الصادرة من


قلوبهم الولهانة . لاحظت شقيقي الأصغر كريم ينظر لها بكل الشوق . وهي تنظر


له نفس النظرات . حاولت أن أصرخ لكن ..... لا صوت . حاولت أن أشير لهم


لكن ..... لا حركة . خرجت منسلة من بين الجمع ... تبعها كريم . قررت أن


أجري ورائهما لتأخذني بدلاً منه . نفس النظرات الزراقاء اتجهت إلى قدماي .


تيبست في الأرض قدماي. وهي تسير وأخي كريم يمشي ورائها مبتسماً .




خبر عاجل


وافانا مراسلنا من أرض الله لخلق الله بأن قوات الأمن تحاصر قصر العرب للقبض على المواطن عاشق النخيل لأنه مطلوب ( حياً أو متزوجاً ) وذلك لمحاكمته ثم ترحيله إلى معتقل جونتنامو لتطاوله على شخصية ( خيالية سيادية ) ووزارة الباهلية تهيب بالسادة سكان القصر بتسليم المواطن المطلوب في حالة التمكن منه وقد رصدت الوزارة جوائز قيمة ( علبة عصير فارغة - طابع بريد مستعمل – رباط كوتشي قديم ) لمن يقبض عليه أو يدلي معلومات تفيد القبض عليه . نلتقي بحضراتكم بعد الفاصل .
 
الحب والحياة
 
ياسرر بصراحة قصصك مررررررعبة هههههه
رعبتني هي الحية!!!
شكرا لما قدمت
تحياتي لك
دمت بخير وصحة
 
الوسوم
الحب والحياة
عودة
أعلى