التأصيل الشرعي لحكم الشطرنج..!!

D

Dream

زائر



الشطرنجُ في القرآنِ :
عند الرجوعِ إلى كتبِ التفسيرِ نجدُ أن بعضَ العلماءِ فسروا الأزلامَ في قولهِ تعالى : " وَأَنْ تَسْتَقْسِمُوا بِالْأَزْلَامِ " [ المائدة : 3 ] بـ " الشطرنج " ، وقد نقل هذا القولَ الطبريُّ في " جامع البيان " (9/511) فقال : " قَالَ أَبُو جَعْفَر : قَالَ لَنَا سُفْيَانُ بْن وَكِيع : هُوَ الشِّطْرَنْج .

قال المحدثُ أحمدُ شاكر تعليقاً على ذلك في تفسير الطبري : هذا قولٌ في غايةِ الغرابةِ !! كأنهُ كان يجهلُ ما الشطرنج = أو كأنه كان يرى أنهم يفعلون ذلك بقطع الشطرنج ، دون أن يكونَ هذا الفعلُ هو اللعبُ بالشطرنجِ .ا.هـ.

هل يثبتُ حديثٌ عن النبي صلى اللهُ عليه وسلم في الشطرنجِ ؟

جاءت أحاديث مرفوعة عن النبي صلى اللهُ عليه وسلم في الترهيبِ من لعبِ الشطرنجِ .

1 - عن واثلةَ بنِ الأسقعِ عن النبي صلى اللّه عليه وسلم قال : " إن للّهِ عز وجل في كلِ يومٍ ثلاثَ مئة وستين نظرةً ، لا ينظرُ فيها إلى صاحب الشاهِ " - يعني الشطرنج - .

أورده العلامة الألباني – رحمه الله - في " الضعيفة " (4048) .

2 - عن أبي هريرة ، قال : مرّ رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم بقوم يلعبون بالشطرنج ، فقال : ما هذه الكوبةُ ؟ ألم أنه عنها ؟! لعن اللّه من يلعب بها .

أورده العقيلي في " الضعفاء " (4/261) ، وابن حبان في " المجروحين " (2/365) عند ترجمة مُطَهَّر بن الهيثم .

قال العقيلي : وشبل ، وعبد الرحمن مجهولان .ا.هـ.

وقال ابن حبان : شيخٌ يروي عن موسى بن علي بن رباح ، روى عنه أبو همام الوليد بن شجاع ، منكرُ الحديثِ ، يأتي عن موسى بن علي بما لا يتابعُ عليه ، وعن غيرهِ من الثقاتِ ما لا يشبه حديث الأثبات .ا.هـ.

وأورد له هذا الخبر بلفظ : ما هذه الكُرْبَةُ ؟ وليس الكوبة .

3 – عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إذا مررتم بهؤلاء الذين يلعبون الأزلام : الشطرنج و النرد و ما كان من اللهو ، فلا تسلموا عليهم ، فإن سلموا عليكم فلا تردوا عليهم ، فإنهم إذا اجتمعوا و أكبو عليها ، جاء إبليس أخزاه الله بجنوده فأحدق بهم ، كلما ذهب رجل يصرف بصره عن الشطرنج لكز في ثغره ، و جاءت الملائكة من وراء ذلك فأحدقوا بهم ، و لم يدنو منهم، فما يزالون يلعنونهم حتى يتفرقوا عنها حين يتفرقوا عنها حين يتفرقون كالكلاب اجتمعت على جيفة ، فأكلت منها ، حتى ملأت بطونها ثم تفرقت .

أورد العلامة الألباني – رحمه الله – في " الضعيفة " (1146) وقال : موضوع .

4 – عن أنس رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ملعون من لعب بالشطرنج .

وفي لفظ عن حبة بن مسلم عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ملعون من لعب بالشطرنج ، والناظر إليها كآكل لحم الخنزير .

أوردهما العلامة الألباني – رحمه الله – في " الضعيفة " (1145) وقال : موضوع .

5 - عن أنس " من لعب بالشطرنج فقد قارف شركا ومن يشرك بالله فكأنما خر من السماء " .

أورده الفَتّنِي في " تذكرة الموضوعات " وقال : فيه أبو عصمة الكذاب .ا.هـ.

6 - " من لعب بالشطرنج ، والنردشير، فكأنما غمس يده في دم خنزير " .

قال الزيلعي في " نصب الراية " (4/274) : غريب بهذا اللفظ ، والحديث في " مسلم " ، وليس فيه ذكر الشطرنج .ا.هـ.

قال الشيخ بكر أبو زيد في كتاب " التحديث بما قيل : لا يصح فيه حديث " ( ص 182) :

تنبيه :
في " صحيح مسلم " (2260) مرفوعا : " مَنْ لَعِبَ بِالنَّرْدَشِيرِ فَكَأَنَّمَا صَبَغَ يَدَهُ فِي لَحْمِ خِنْزِيرٍ وَدَمِهِ " . وليس فيه ذكر الشطرنج كما يذكره بعض الفقهاء .ا.هـ.

الخلاصة :بعد ذكر الأحاديث الواردة في الباب ، وبيان ضعفها ، وكلام أهل الفن عليها ، لم يثبت في هذا الباب شيء عن النبي صلى الله عليه وسلم .

1 - قال أبو حفص عمر بن بدر الموصلي في كتاب " المغني عن الحفظ والكتاب " ( ص 505) : باب تحريم اللعب بالشطرنج .

قال المصنف : لا يصح في هذا الباب شيء عن النبي صلى الله عليه وسلم .ا.هـ.

قال المحقق الشيخ أبو إسحاق الحويني : قلت : وهو كما قال ، وانظر " الواهيات " لابن الجوزي (2/782 – 783)

2 - وقال الإمام ابن القيم في " المنار المنيف " ( ص 134) : ومن ذلك : أحاديث اللعب بالشطرنج - إباحة وتحريما - كلها كذب على رسول اله صلى اله عليه وسلم ، وإنما يثبتُ فيه المنع عن الصحابة .ا.هـ.

3 - ونقل الشيخ بكر أبو زيد في كتاب " التحديث بما قيل : لا يصح فيه حديث " ( ص 182) كلام الموصلي وابن القيم .

4 – وقال الحافظ المنذري في " الترغيب والترهيب " (3/181 صحيح الترغيب ) : وقد ورد ذكر الشطرنج في أحاديث لا أعلم لشيء منها إسنادا صحيحا ولا حسنا . والله أعلم .ا.هـ.

5 – وقال الفَتّنِي في " تذكرة الموضوعات " ، كتاب العلم ، باب اللعب بالشطرنج والكعاب وبصورة البنت : في المقاصد " من لعب الشطرنج فهو ملعون " بل لم يثبت من هذا الباب شيء .ا.هـ.

6 – ونقل الشوكاني في " نيل الأوطار " عن ابن كثير أنه قال : والأحاديث المروية فيه لا يصح منها شيء ويؤيد هذا ما تقدم من أن ظهوره كان في أيام الصحابة
 

الآثارُ الـواردةُ عن الصحابةِ وغيرهم :

1 - عن ميسرة النهدي قال : مر علي ابن أبي طالب رضي الله عنه بقوم يلعبون بالشطرنج فقال : " ما هذه التماثيل التي أنتم لها عاكفون " .

ورواه ابن أبي شيبة (5/287) ، والآجري في كتاب " تحريم النرد والشطرنج والملاهي " ، وابن أبي الدنيا في كتاب " ذم الملاهي " (92) ، والبيهقي في السنن (10/212)

وميسرةُ هو بنُ حبيب النهدي أبو حازم الكوفي لم يدرك عليا ، فالأثر منقطع .

وقد حكم العلامة الألباني - رحمه الله - على الأثر بالانقطاع .

قال في الإرواء (8/288 ح 2672) : قلت : وهذا إسناد رجاله ثقات معروفون من رجال " التهذيب " غير عمر وهو ابن محمد بن بكار ، ترجمه الخطيب وقال : " وكان ثقة . مات سنة تمان وثلاث مئة " .

قلت : لكنه منقطع ، لأن ميسرة بن حبيب إنما يروي عن التابعين مثل أبي إسحاق السبيعي وغيره .ا.هـ.

2 - وعن الأصبغ بن نباتة ، عن علي : أنه مر على قوم يلعبون بالشطرنج ، فقال : ما هذه التماثيل التي أنتم لها عاكفون ، لأن يمس أحدكم جمرا حتى يطفأ خير له من أن يمسها .

قال العلامة الألباني في الموضع الآنف : وقال السخاوي : " وهذا السند ضعيف ، لضعف الأصبع ، والراوي " .

قلت : بل هو ضعيف جدا ، فإن سعدا وشيخه كلاهما متروكان رافضيان ، ورماه ابن حبان بالوضع .

وله طريق ثالث : أخرجه السحاوي من طريق أبي إسحاق يعني السبيعي قال : فذكره . وقال : " وسنده حسن ، إلا أن أبا إسحاق قيل : غنه لم يسمع من علي ، مع أنه رآه " .

قلت : وهب أنه سمع منه ، فلا يثبت الاتصال بذلك حتى يصرح بالسماع منه لأنه معروف بالتدليس ، ثم هو إلى ذلك كان اختلط .

وجملة القول أن هذا الأثر لا يثبت عن علي ، لأن خير أسانيده هذا والأول ، وكلاهما منقطع ، ومن المحتمل أن يعود إلى تابعي كبير ، وهو مجهول .

بل من المحتمل أن يعود الأول إلى الآخر ، فيصير طريقا واحدا ، وذلك لأن ميسرة من شيوخه أبو إسحاق السبيعي كما سبقت الإشارة إلى ذلك . والله أعلم .ا.هـ.

والله أعلم .ا.هـ.

3 – عن الخصيب مولى سليمان بن يسار قال : كان عمر بن الخطاب رضي الله عنه يمر بنا ونحن نلعب بالشطرنج فيسلم علينا ولا ينهانا .

قال محقق كتاب " تحريم النرد والشطرنج والملاهي " للآجري ( ص 73) : وهذا أثر باطل ، لأن الخصيب قال عنه السخاوي : هو ابن جحدر ، متروك .ا.هـ.

4 – عن أبي رشدين أو أبي راشد قال : رأيت أبا هريرة يدعو غلاما فلاعبه بالشطرنج . واشار إليه الماوردي وصاحب المهذب والرافعي كما في العمدة .

قال محقق كتاب " تحريم النرد والشطرنج والملاهي " للآجري ( ص 73) : وروى الحديث محمد بن يحيى الصولي وهو المشهور بالشطرنج لاشتهاره به ، وكان من أبرع الناس لعبا بالشطرنج . قلت : ولا أبرئه من أنه قد يكون وضع هذا الأثر حجة له ، ولما تهواه نفسه . والله أعلم .ا.هـ.

5 – عن الضحاك بن مزاحم قال : رأيت الحسن بن علي بن أبي طالب رضي الله عنهما مر بقوم يلعبون بالشطرنج فقال : ارفع ذا وضع ذا .

قال محقق كتاب " تحريم النرد والشطرنج والملاهي " للآجري ( ص 73) : قال السخاوي : والضحاك وإن وثق فروايته عن الصحابة تُكلم فيها ، وقال ابن حبان : لقي جماعة من التابعين ولم يشافه أحدا من الصحابة . ثم قال : ومن زعم أنه لقي ابن عباس فقد وهم . وكان معلم الصبيان .

وقال ابن عدي : عرف بالتفسير ، فأما روايته عن ابن عباس وأبي هريرة وجميع من روى عنه ففي ذلك نظر . وإنما اشتهر بالتفسير .ا.هـ.

6 – عن مسلم بن النضر قال : كان أبو اليسر يمر بنا ونحن نلعب بالشطرنج فلا ينهانا .

قال محقق كتاب " تحريم النرد والشطرنج والملاهي " للآجري ( ص 73) : وفيه مسلم بن النضر . قال الذهبي في الميزان (4/107) : وما أدري من هو ؟ سئل عنه ابن خزيمة فما عرفه .ا.هـ.

الخلاصةُ :
لا يثبتُ شيءٌ عن الصحابةِ وغيرهم في اللعب بالشطرنجِ
 
كلامُ أهلِ العلمِ على الآثارِ الآنفةِ :
قال الإمام ابن القيم في كتاب " الفروسية " ( ص 311) : ولا يُعلم أحدٌ من الصحابةِ أحلها ، ولا لعب بها ، وقد أعاذهم الله من ذلك ، وكل ما نُسب إلي أحد منهم أنه لعب بها كأبي هريرة فافتراءٌ وبَهت على الصحابة ، ينكره كل عالم بأحوال الصحابة ، وكل عارف بالآثار .ا.هـ.

وقال الإمام ابن القيم في أيضا " الفروسية " ( ص 313) : وقد صح النهي عن عبد الله بن عباس ، وعن عبد الله بن عمر ، ولا يعلم لهما في الصحابة مخالف في ذلك البتة .ا.هـ.
وقال الزرقاني في شرح الموطأ (4/357) : وَمَا رُوِيَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُغَفَّلٍ وَالشَّعْبِيِّ وَعِكْرِمَةَ أَنَّهُمْ كَانُوا يَلْعَبُونَ بِالنَّرْدِ ، وَأَنَّ الشَّعْبِيَّ كَانَ يَلْعَبُ بِالشِّطْرَنْجِ غَيْرُ ثَابِتٍ , وَلَوْ ثَبَتَ لَحُمِلَ عَلَى أَنَّهُمْ لَمْ يَعْلَمُوا النَّهْيَ وَأَغْفَلُوا النَّظَرَ وَأَخْطَئُوا فِيهِ .
وَرُوِيَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ وَابْنِ شِهَابِ إجَازَةُ اللَّعِبِ بِالنَّرْدِ وَذَلِكَ كُلُّهُ غَيْرُ ثَابِتٍ عَمَّنْ تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ وَإِنَّمَا هِيَ أَخْبَارٌ يَتَعَلَّقُ بِهَا أَهْلُ الْبَطَالَةِ حِرْصًا عَلَى تَخْفِيفِ مَا هُمْ عَلَيْهِ مِنْ الْبَاطِلِ , وَاَللَّهُ الْمُسْتَعَانُ .ا.هـ.
الآثارُ الـواردةُ عن السلفِ في النهي عن اللعبِ بالشطرنجِ :
وردت جملةٌ من الآثارِ في كتاب " ذم الملاهي " لابن أبي الدنيا في النهي عن لعب الشطرنج ، أذكر منها ما صححه المحقق عمرو عبد المنعم سليم للكتاب ، واكتفي بذكر الأثر من غير السند :
1 - عن إسماعيل قال : سئل أبو جعفر عن الشطرنج ، فقال : دعونا من هذه المجوسية .
قال المحقق : إسناده حسن . أبوشهاب هو عبد ربه بن نافع ، وفي حفظه ضعف ، وإسماعيل هو ابن أبي خالد .
والأثر أخرجه البيهقي في الكبرى (10/212) من طريق المصنف .

2 - عن عقبة بن صالح قال : قلت لإبراهيم : ما تقول في اللعب بالشطرنج فإني أحب اللعب بها ؟
قال : إنها ملعونة ، فلا تلعب بها . قال : قلت : إني لا أصبر عنها . قال : فاحلف لا تلعب بها سنة . قال : فحلفت ، فصبرت عنها .

قال المحقق : إسناده صحيح .
3 - عن عبيد الله بن عمر قال : قيل للقاسم : هذه النردة تكرهونها ، فما بال الشطرنج ؟ ! قال : كل ما ألهى عن ذكر الله وعن الصلاة فهو من الميسر .
قال المحقق : إسناده صحيح .

4 - عن طلحة بن مصرف قال : كان إبراهيم وأصحابنا لا يسلمون على أحد إذا مروا به من أصحاب هذه اللعبة .
قال المحقق : إسناده صحيح .

5 - قال مالك بن أنس : الشطرنج من النرد . بلغنا عن ابن عباس أنه ولي مال يتيم ، فأحرقها .
قال المحقق : إسناده صحيح .
والأثر أخرجه البيهقي في الكبرى (10/212) من طريق المصنف .

6 - عن عبيد الله بن عمر : سُئِل ابن عمر عن الشطرنج فقال : هي شر من النرد .
قال المحقق : إسناده حسن .
وبعد هذه الآثارِ فقد رد القرافي في " الذخيرة " (13/283) على من زعم أن بعضَ التابعين لعب بها ، بأن ذلك لا يصحُ عنهم .

تأصيلاتٌ قويةٌ لشيخِ الإسلامِ وابنِ القيمِ في تحريمِ اللعبِ بالشـطرنجِ :
أصل كلٌ من شيخِ الإسلامِ ابنِ تيميةَ وتلميذهِ ابنِ القيم مسألةَ تحريمِ اللعبِ بالشطرنجِ تأصيلا قويا نقسمه بما يلي :
المسألةُ الأولى :
هل قال أحدٌ بإباحةِ اللعبِ بالشطرنجِ ؟

سئل شيخ الإسلام في الفتاوى (32/216) سؤالا نصه :
وَسُئِلَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى عَنْ اللَّعِب بِالشِّطْرَنْجِ : أَحَرَامٌ هُوَ ؟ أَمْ مَكْرُوهٌ ؟ أَمْ مُبَاحٌ ؟ فَإِنْ قُلْتُمْ : حَرَامٌ ; فَمَا الدَّلِيلُ عَلَى تَحْرِيمِهِ ؟ وَإِنْ قُلْتُمْ : مَكْرُوهٌ ; فَمَا الدَّلِيلُ عَلَى كَرَاهَتِهِ ؟ أَوْ مُبَاحٌ فَمَا الدَّلِيلُ عَلَى إبَاحَتِهِ ؟

فَأَجَابَ : الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ . اللَّعِبُ بِهَا : مِنْهُ مَا هُوَ مُحَرَّمٌ مُتَّفَقٌ عَلَى تَحْرِيمِهِ : وَمِنْهُ مَا هُوَ مُحَرَّمٌ عِنْدَ الْجُمْهُورِ ; وَمَكْرُوهٌ عِنْدَ بَعْضِهِمْ ; وَلَيْسَ مِنْ اللَّعِبِ بِهَا مَا هُوَ مُبَاحٌ مُسْتَوِي الطَّرَفَيْنِ عِنْدَ أَحَدٍ مِنْ أَئِمَّةِ الْمُسْلِمِينَ .ا.هـ.
شيخ الإسلام يقرر مسألة مهمة هنا وهي : أنه لم يقل أحدٌ من الأئمةِ بإباحةِ الشطرنجِ .
فالخلاف بين العلماء دائر بين التحريم - وهو قول الجمهور من الحنفية والمالكية والحنابلة - ، والكراهة - وهو قول الشافعي - .
ولهذا رد الإمام ابن القيم في الفروسية ( ص 313) قول من قال : أن مذهب الشافعي الإباحة بقوله :
وقد اتفق على تحريمها الأئمة الثلاثة وأتباعهم ، والشافعي لم يجزم بإباحتها ، فلا يجوز أن يقال : مذهب الشافعي إباحتها ؛ فإن هذا كذب عليه ، بل قال : " وأما الشطرنج فلم يتبين لي تحريمها " . فتوقف رضي الله عنه في التحريم ولم يفت بالإباحة .ا.هـ.
وقد بين شيخ الإسلام ابن تيمية معنى الكراهة عند السلف فقال في الفتاوى (32/241) :
قَالَ البيهقي : رَوَيْنَا فِي كَرَاهِيَةِ اللَّعِبِ بِهَا عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ ، وَمُحَمَّدِ ابْنِ سيرين ، وَإِبْرَاهِيمَ ، وَمَالِكِ بْنِ أَنَسٍ .
قُلْت : " وَالْكَرَاهِيَةُ " فِي كَلَامِ السَّلَفِ كَثِيرًا وَغَالِبًا يُرَادُ بِهَا التَّحْرِيمُ وَقَدْ صَرَّحَ هَؤُلَاءِ بِأَنَّهَا كَرَاهَةُ تَحْرِيمٍ .ا.هـ.
وقال أيضا (32/219) :
وَالْمَنْقُولُ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَصْحَابِهِ وَأَحْمَد وَأَصْحَابِهِ " تَحْرِيمُهَا " .
وَأَمَّا الشَّافِعِيُّ فَإِنَّهُ قَالَ : أَكْرَهُ اللَّعِبَ بِهَا ; لِلْخَبَرِ ; وَاللَّعِبُ بِالشِّطْرَنْجِ وَالْحَمَامِ بِغَيْرِ قِمَارٍ وَإِنْ كَرِهْنَاهُ أَخَفُّ حَالًا مِنْ النَّرْدِ ، وَهَكَذَا نُقِلَ عَنْهُ غَيْرُ هَذَا اللَّفْظِ مِمَّا مَضْمُونُهُ : أَنَّهُ يَكْرَهُهَا وَيَرَاهَا دُونَ النَّرْدِ ، وَلَا رَيْبَ أَنَّ كَرَاهَتَهُ كَرَاهَةُ تَحْرِيمٍ ; فَإِنَّهُ قَالَ : لِلْخَبَرِ . وَلَفْظِ الْخَبَرِ الَّذِي رَوَاهُ هُوَ عَنْ مَالِكٍ " مَنْ لَعِبَ بِالنَّرْدِ فَقَدْ عَصَى اللَّهَ وَرَسُولَهُ " فَإِذًا كَرِهَ الشِّطْرَنْجَ وَإِنْ كَانَتْ أَخَفَّ مِنْ النَّرْدِ .ا.هـ.
المسألةُ الثانيةُ :
هل قال أحد بإباحة اللعب بالشطرنج ؟

الإجماعُ منعقدٌ بين الأئمةِ أن الشطرنجَ إذا كان بعوضٍ فإنهُ محرمٌ .
نقل شيخُ الإسلامِ ابنُ تيميةَ في الفتاوى (23/216) الإجماعَ عن ابنِ عبدِ البر فقال : فَإِنْ اشْتَمَلَ اللَّعِبُ بِهَا عَلَى الْعِوَضِ كَانَ حَرَامًا بِالِاتِّفَاقِ ; قَالَ أَبُو عُمَرَ بْنُ عَبْدِ الْبَرِّ إمَامُ الْمَغْرِبِ : أَجْمَعَ الْعُلَمَاءُ عَلَى أَنَّ اللَّعِبَ بِهَا عَلَى الْعِوَضِ قِمَارٌ لَا يَجُوزُ .ا.هـ.
وأما إن كان بغير عوض فقد ذكرنا الخلاف آنفا .
المسألةُ الثالثةُ :
أيهما أشد : النرد أم الشطرنج ؟
فصل شيخ الإسلام في هذه المسألة تفصيلا جيدا فقال في الفتاوى (32/242) : وَمَذْهَبُ الْأَئِمَّةِ الْأَرْبَعَةِ أَنَّ اللَّعِبَ بِالنَّرْدِ حَرَامٌ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ بِعِوَضِ .

وَقَدْ قَالَ ابْنُ عُمَرَ وَمَالِكُ بْنُ أَنَسٍ وَغَيْرُهُمَا : إنَّ الشِّطْرَنْجَ شَرٌّ مِنْ النَّرْدِ وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَحْمَد بْنُ حَنْبَلٍ وَالشَّافِعِيُّ وَغَيْرُهُمْ : النردشير شَرٌّ مِنْ الشِّطْرَنْجِ .
وَكِلَا الْقَوْلَيْنِ صَحِيحٌ بِاعْتِبَارِ ; فَإِنَّ النَّرْدَ إذَا كَانَ بِعِوَضِ وَالشِّطْرَنْجَ بِغَيْرِ عِوَضٍ : فَالنَّرْدُ شَرٌّ مِنْهُ وَهُوَ حَرَامٌ حِينَئِذٍ بِالْإِجْمَاعِ .
وَأَمَّا إنْ كَانَ كِلَاهُمَا بِعِوَضِ أَوْ كِلَاهُمَا بِلَا عِوَضٍ فَالشِّطْرَنْجُ شَرٌّ مِنْ النَّرْدِ ; لِأَنَّ الشِّطْرَنْجَ يَشْغَلُ الْقَلْبَ وَيَصُدُّ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَعَنْ الصَّلَاةِ أَكْثَرَ مِنْ النَّرْدِ .
وَلِهَذَا قِيلَ : الشِّطْرَنْجُ مَبْنِيٌّ عَلَى مَذْهَبِ الْقَدَرِ ، وَالنَّرْدُ مَبْنِيٌّ عَلَى مَذْهَبِ الْجَبْرِ .ا.هـ.
ومقصود شيخ الإسلام بالعبارة الأخيرة وهي : " وَلِهَذَا قِيلَ : الشِّطْرَنْجُ مَبْنِيٌّ عَلَى مَذْهَبِ الْقَدَرِ ، وَالنَّرْدُ مَبْنِيٌّ عَلَى مَذْهَبِ الْجَبْرِ " أن صاحب النرد يرمي ويحسب بعد ذلك ، وأما صاحب الشطرنج فإنه يقدَّر ويفكر ويحسب حسابات النقلات قبل النقل .
 
سؤال:هل لعب الشطرنج (المعروف حالياً) جائز شرعاً؟.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله
:

(الشطرنج متى شغل عما يجب باطنا أو ظاهرا حرم باتفاق العلماء كما لو شغل عن واجب كالصلاة ، أو ما يجب من مصلحة النفس أو الأهل ، أو الأمر بالمعروف أو النهي عن المنكر أو صلة الرحم أو بر الوالدين ، أو ما يجب فعله من نظرٍ في ولاية أو إمامة أو غير ذلك من الواجبات ، فإنه حرام بإجماع المسلمين . وكذلك إذا اشتمل على محرم كالكذب أو اليمين الكاذبة أو الخيانة أو الظلم أو الإعانة عليه أو غير ذلك من المحرمات فإنه حرام بإجماع المسلمين) اهـ بتصرف من مجموع الفتاوى (32/218، 240
).

أما إذا لم يشغل عن واجب ولم يتضمن محرماً ، فقد اختلف العلماء في حكمه ، فذهب جمهور العلماء (أبو حنيفة ومالك وأحمد وبعض أصحاب الشافعي) إلى تحريمه أيضاً . واستدلوا على تحريمه بأدلة من كتاب الله تعالى ومن أقوال الصحابة
.

أما أدلة القرآن ، فقول الله تعالى : (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (90) إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمْ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَعَنْ الصَّلَاةِ فَهَلْ أَنْتُمْ مُنتَهُونَ) المائدة/90-91
.

قال القرطبي رحمه الله : هذه الآية تدل على تحريم اللعب بالنرد والشطرنج قمارا أو غير قمار لأن الله تعالى لما حرم الخمر أخبر بالمعنى الذي فيها فقال : (إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمْ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَعَنْ الصَّلَاةِ) فكل لهو دعا قليلُه إلى كثيره وأوقع العداوة والبغضاء بين العاكفين عليه وصد عن ذكر الله وعن الصلاة فهو كشرب الخمر وأوجب أن يكون حراماً مثله اهـ الجامع لأحكام القرآن (6/291
) .

وأما أقوال الصحابة
:

فعن علي بن أبي طالب رضي الله عنه أنه مَرَّ على قوم يلعبون بالشطرنج فقال : ما هذه التماثييل التي أنتم لها عاكفون . قال الإمام أحمد : أصح ما في الشطرنج قول علي رضي الله عنه اهـ


وسئل عبد الله بن عمر رضي الله عنهما عن الشطرنج فقال : هي شَرٌّ من النرد
.

و (النرد) أو (النردشير) هو ما يعرف الآن بالزهر الذي تلعب به الطاولة وقد وردت الأحاديث بتحريمه
.

روى أبو داود (4938) عَنْ أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : (مَنْ لَعِبَ بِالنَّرْدِ فَقَدْ عَصَى اللَّهَ وَرَسُولَهُ) . صححه الألباني في صحيح أبي داود (4129
) .

وروى مسلم (2260) أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : (مَنْ لَعِبَ بِالنَّرْدَشِيرِ فَكَأَنَّمَا صَبَغَ يَده فِي لَحْم خِنْزِير وَدَمه). قال النووي رحمه الله : وَهَذَا الْحَدِيث حُجَّة لِلشَّافِعِيِّ وَالْجُمْهُور فِي تَحْرِيم اللَّعِب بِالنَّرْدِ . وَمَعْنَى (صَبَغَ يَده فِي لَحْم الْخِنْزِير وَدَمه) أي: فِي حَال أَكْله مِنْهُمَا ، وَهُوَ تَشْبِيه لِتَحْرِيمِهِ بِتَحْرِيمِ أَكْلهمَا اهـ.



أقوال بعض العلماء في تحريم الشطرنج :

قال ابن قدامة رحمه الله : وأما الشطرنج فهو كالنرد في التحريم اهـ . المغني (14/155
).

وقال ابن القيم رحمه الله : (ومفسدة الشطرنج أعظم من مفسدة النرد ، وكل ما يدل على تحريم النرد فدلالته على تحريم الشطرنج بطريق أولى . . . وهذا قول مالك وأصحابه، وأبي حنيفة وأصحابه، وأحمد وأصحابه، وقول جمهور التابعين . . . ولا يُعلم أحدٌ من الصحابة أحلها ولا لعب بها ، وقد أعاذهم الله من ذلك وكل ما نسب إلى أحد منهم من أنه لعب بها كأبي هريرة فافتراء وبهت على الصحابة ، ينكره كل عالم بأحوال الصحابة ، وكل عارف بالآثار ، وكيف يبيح خير القرون وخير الخلق بعد رسول الله اللعب بشيء صدُّه عن ذكر الله وعن الصلاة أعظم من صد الخمر إذا استغرق فيه لاعبُه، والواقع شاهد بذلك، وكيف يحرم الشارع النرد ويبيح الشطرنج وهو يزيد عليه مفسدة بأضعاف مضاعفة . . .) اهـ الفروسية (303، 305، 311
).

وقال الذهبي رحمه الله : (وأما الشطرنج فأكثر العلماء على تحريم اللعب بها سواء كان برهن أو بغيره أما بالرهن فهو قمار بلا خلاف وأما إذا خلا عن الرهن فهو أيضا قمار حرام عند أكثر العلماء . . . وسئل النووي رحمه الله عن اللعب بالشطرنج أحرام أم جائز ؟ فأجاب رحمه الله تعالى : إن فوت به صلاة عن وقتها أو لعب بها على عوض فهو حرام وإلا فمكروه عند الشافعي وحرام عند غيره . . .) اهـ . الكبائر (89-90
) .

للاستزادة يُنظر كتاب (تحريم النرد والشطرنج والملاهي) للآجري ، تحقيق محمد سعيد إدريس
.

والله تعالى أعلم ، ونسأل الله تعالى أن يوفقنا لما يحب ويرضى وأن يستعملنا في طاعته
.

وصلى الله وسلم على نبينا محمد
.



الإسلام سؤال وجواب

الشيخ محمد صالح المنجد



وقد اجاب العلامة المحدث الشيخ محمد ناصر الدين الالباني رحمه الله فى شريط له بعنوان فتاوى رابغ على سؤال

موجه من احد السائلين وهذا هو نص السؤال والاجابة مفرغ من الشريط ويمكنكم العودة للمصدر
:

السائل:ما حكم الشطرنج ؟

الالباني: الشطرنج لا يصح في تحريمه حديث الا ان شأنه ككثير من الملاهي الحادثة فاذا لم يكون فيها مخالفة صريحة للشرع فيجوز اللعب بها احيانا من باب الترويح عن النفس و ليس من باب اعتيادها و الاهتمام بها فانه سيؤدي بصاحبها الى الاهمال لكثير من الواجبات التي تجب عليه ان يكون ملتزما لها و مراعيا لها , و لكن الشطرنج الى اليوم فيه سيئة ملازمة لاحجارها ففيها بعض الاصنام كالفيل و الفرس و نحو ذلك و لهذا من كان في بيته شطرنج و اراد ان يلهو به بالشرط السابق اي احيانا فيجب ان يغيّر هذه الصور و هذه التماثيل و ان يقضي عليها , على رؤوسها لان الصورة الرأس كما جاء في الحديث
...
فحينئذ يمكن التلاعب بها بالشرط الذي ذكرته آنفا
...
و قد روي عن علي رضي الله عنه و انا حين اقول روي اعني ما اقول يعني بسند فيه ضعف انه مر بناس مكبين على اللعب بالشطرنج فقال لهم: ما هذه التماثيل التي انتم لها عاكفون؟؟

لان الحقيقة جلسة هؤلاء الاعبين و المتفرجين من حولهم تراهم مهتمين , مكنبين على اللعب , نزع علي لهذه الاية انكارا عليهم فقال ما هذه التماثيل التي انتم لها عاكفون؟؟
قبل كل شيئ يجب تغيير هذه التماثيل و بعد ذلك اذا لعب بها احيانا كما قلنا لم تصرفه عن الحضور في المسجد و الصلاة مع المسلمين و لم تشغله عن قيام بواجباته الدينية و البيتية و نحو ذلك


انتهى كلام الشيخ رحمه الله

 

الخلاصة وفقنا الله واياكم للخير :


خلاصة ما سبق هو الات:

اولا لم يثبت اي دليل او خبر عن النبي عليه الصلاة والسلام او عن الصحابة بتحريم الشطرنج فيما جمعته لكم من
اقوال اهل العلم المختصين .

ثانيا : اختلف العلماء على جواز لعبة الشطرنج على قسمين :
قسم يرى بالحرمة
وقسم يرى بالاباحة بشروط:

1) ان لا تلهي عن ذكر الله

2) ان لا تلهي عن طاعة الام او الاب او التكاسل عن الواجبات

3) بعض علب الشطرنج يكون الملك عليه صليب يجب كسره على الفور لان النبي كان لا يري اي شيء على هيئة
صليب الا نقضه


4) لا يجوز ان تكون قطع الفيل والحصان منحوتة على شكل حيوان الحصان او الفيل لانها هكذا تعتبر تماثيل واقتناء التماثيل بالاجماع حرااااام لورود عشرات الادلة بحرمانيتها فيجب كسر راس الحصان والفيل والعساكر اذا كانت تشبه الارواح فعلا او عمل قطع مخصوصة لا شبه فيها للارواح

هذا ما توصلت اليه احببت ان انقله بينكم فدققوا واختاروا ما تشعرون انه الاصوب والصحيح
وانا لا افتي بشيء لكني نقلت لكم قول العلماء واسال الله العظيم ان يوفقنا للخير ويهدينا سبل الرشاد


فائق احترامي

 
الوسوم
التأصيل الشرعي الشطرنج لحكم
عودة
أعلى