أشباه الظلال

صفا النعمان

الادارة
طاقم الإدارة
مقدمة

جمعت أوراقي من على الطاولة ونظرت لهم وقلت بجدية

" الورقة الأخيرة موثقة في المحكمة فلا خلاف في الاسمان الأولان والبقية سيكون لكم الخيار "

ثم وقفت مغادرا لوجوه تعلوها الصدمة والدهشة من كل ما سمعت وكأنهم تماثيل جامدة كل واحد منهم لم
يستوعب ما سمع كنت أعلم منذ البداية أن هذا ما سيحدث وهذا ما تجلبه الوصايا التي يتركها الأموات فمنذ
أشهر طويلة بل سنوات وهذه العائلة تعاني ويلات تلك الوصية وها هي اليوم خلطت لهم الأوراق من جديد
ففرقت من جمعته بالأمس ولم تجمع من فرقته

صراحة أنا لا ألومهم فمن منا يرضى أن يتحكم أحد في مصيره خصوصا إن كان هذا الأحد أموات رحلوا
مع الماضي ليحطموا أحلام الماضين للمستقبل ربطوهم بالعهود والمواثيق القديمة ولم يكترثوا لمشاعرهم
وأمانيهم ووضعوا كل واحد منهم أمام خيارين كل واحد منهما أسوء من الآخر

فهل يحق للأموات أن يتحكموا في مصائر الأحياء هذا السؤال لن أجيبكم عنه وعليكم أن تقرؤا هذه الرواية
لتعرفوا الجواب

أسمي هوا عارف مهنتي محامي ويناديني الجميع بالمحامي عارف وسأسرد لكم هذه الأحداث التي دارت في
ذلك المكان منذ زمن ليس بقليل وليس بكثير أيضا وسأترك لكل شخص ممن تركتهم خلفي في ذاك المكتب يسرد
لكم حكايته بطريقته الخاصة لتفهموا هذه القصة العجيبة التي تدمج بين الخير والشر ليس في طبائع البشر بل في
مصائرهم وما تخبأه أقدارهم
لينكشف كم كان خلف ذاك الشر خير و كم يكون خلف حتى الخير شر فقد تموت الأحلام ليولد من رحمها بداية
الأمل وتسقط الدمعة لتحكي حكاية الابتسامة القادمة ونكتشف بعد سنين أننا سقطنا لنقف من جديد

سأعود بكم الآن للماضي لتعيشوا الأحداث معي ومعهم وهم بدوني

يتبع .......
 
رد: أنا من خذلت نفسي

الجزء الأول + الجزء الثاني

جلست أقلب ظرف ورقي كبير أمام عيني ومشاعر سيئة تنتابني من وجوده على وجه الأرض ,
فليثني لم أدرس القانون يوما ولم أكن محاميا , كم أكره هذه المهمة السيئة التي جعلتني أكره المحاماة
أجلس اقلبه وأنتظر أن يخبرني أحدهم أن ثمة شيء قد يتغير مع الوقت وكل ما علينا الانتظار رغم أنني
أعلم جيدا أن بعض الأمور لن يغيرها شيء مهما كان لأنها مرتبطة بالأموات الذين رحلوا وتركوا أشياء
لن تتغير إلا بعودتهم للحياة من جديد مثلك يا شامخ يا صديقي ومثل ما حملتني في هذا الشيء الغامض

أذكر أنني التقيت بصديقي القديم شامخ رحمه الله منذ حوالي اثنين وعشرين عاما بعد ولادة أبنه الأصغر
زبير بقرابة السنتين , وكان ذلك عند عودته من الحرب التي دارت عند حدود الجنوب لقد كان منهارا جدا
بسبب وفاة أصدقائه المقربين هناك ورأيت حينها شامخ يبكي بمرارة

لم أكن أذكر عددهم تحديدا ولكني أذكر جيدا تأثره بوفاتهم وأن واحد منهم من دولة مجاورة لقد كانوا أصدقاء
طفولته وكان الأمر صعبا جدا عليه أن يراهم يموتوا أمام عينيه ويبدوا أن الفتاة التي ستحضر الوصية ابنة
أحدهما وقد يكون الشخص الآخر الذي أختاره للحضور أيضا له صلة بهم , أتمنى أن يكون شامخ رحيما
بأبنائه في هذه الوصية

" عارف عزيزي ما بك "

كان هذا صوت زوجتي الذي أخرجني من دوامة عقلي وانتشلني من ظلمة أرض الأفكار ورمي
بي لأشواك الواقع

تنهدت وقلت " لا شيء عزيزتي , ذات المشكلة فتح وصايا الأموات "

قالت بهدوء " ولكنك معتاد على ذلك ما تغير الآن "

أجبتها بضيق " الأمر هذه المرة مختلف تماما لا أشعر أن هذه الوصية تحمل خيرا أبدا "

قالت بتوجس " ما الذي جعلك تعتقد ذلك ألست لا تعلم ما تحوي "

تنهدت وقلت " أجل ولكنني أعلم جيدا من يكون صديقي شامخ وكيف قد يفكر فلم أنسى ذلك اليوم أبدا "

قبل قرابة عام من اليوم

زرت اليوم صديقي القديم شامخ حالته الصحية في تدهور مستمر وقد نصحه الأطباء بعدم مغادرة المستشفى
لولا إصراره على العودة لقصر عائلته , شامخ رجل قوي الإرادة ويتعامل مع كل شيء بواقعية بحثه ولا
يؤمن بالصدف والمفاجئات ويرفض دائما ذلك الاعتقاد الذي يقول رب صدفة خير من ألف ميعاد حتى
سيطرت الفكرة على كل عقله لتتحول إلى ( لا وجود لشيء قد تغيره الصدف أو المفاجئات ) فهوا يؤمن يقينا
أن التغيير أفضل طريق للنجاح وأن التغيير الحقيقي ينبع من داخل الشخص ذاته

لصديقي شامخ ثروة أكثر من ضخمة فهوا وأشقائه الاثنين قام والدهم بتقسيم ثروته عليهم وهوا لا يزال على
قيد الحياة وأعطى كل واحد منهم نصيبه فضاعف شامخ تلك الثروة خلال سنوات قليلة, لشامخ خمسة أبناء
ذكور واحد من زوجته الأولى وواحد أبن زوجته الثانية الذي رباه كابن له غير أنه حمل أسم والده ولم يعرفه
الناس إلا به وثلاثة هم أبنائه من زوجته الثانية

جلست بجانبه فنظر إليا نظرة مطولة وكأنه يستعد لإلقاء قذيفة من قذائف أفكاره المعتادة ثم قال

" عارف يا صديقي ها قد حان الأجل "

أجبته مطمئننا " سلامتك يا شامخ فمن هم أكبر منك سننا يتزوجون وينجبون الأبناء "

قال بابتسامة " لكل أجل كتاب والموت لا يعرف عمرا ولا وقتا "

قلت بحب " أطال الله في عمرك وأبقاك "

سكت مطولا ثم قال "عارف يا صديقي سأوكلك أمرا هوا وصيتي لك لحين نلقى وجه الله في يوم الحساب "

تنهدت بضيق وقلت " ليث أمي لم تلدني لأكون محاميا , علمت ما ستقول "

قال بجدية " وصيتي لأبنائي أمانة في عنقك يا عارف ولتكن المحكمة هي الفصل فيها وراتبك مدفوع لعدد
السنوات التي حددتها ومن الآن ولن يعلم عددها غيرك , عليك مراقبة سير الوصية باليوم والساعة "

تنهدت وقلت " لا تظلم أبنائك يا شامخ ولا تكن السبب في ضياعهم أعرف تربيتك القويمة لهم جيدا فهم
من خيار من رأيت فأبعد عن رأسك تغيير ما جبلهم الله عليه فكلنا بشر ولكل منا عيوب والله كتب في كتابه
العزيز أن يقتسم الورثة مالك بما أوجب شرعه وبما أمر به نبيه "

قال بهدوء " أعلم يا عارف ولن أخالف شرع الله ولكن على أبنائي أن يغيروا ما سيهدم كل مستقبلهم "

قلت بدون يأس " يا شامخ يا صديقي دعهم يختاروا ما يرون فيه سعادتهم ها هوا والدك أقتسم ماله بينكم وهوا
حي يرزق وكل منكم بنا نفسه وعاش حياته "

قال بحزن " أنت لا تعلم شيئا يا عارف الماضي لازال يطاردني وعهدي الذي ما نسيته يوما ولا أريد لأولادي
أن يفسدوا تحقيقه وأريد أن يكون كما أردت أنا "

قلت بحيرة " أنا لا أفهم مما تقول شيئا ولكن عليا تذكيرك بمغبة ما ستقدم عليه "

قال مطمئننا " ستعلم يوما وستعذرني وستوقن حينها أن الحق معي ألتزم أنت فقط بالوصية حرفيا كما كتبت لك "

حاولت محاولة يائسة أخيرة " أنت تعلم يا شامخ أن أبنائك يعتمدون من بعد الله على عملهم معك ثروتك كبيرة
وتكفيهم حتى ابن الابن فلا تجعلها ورقة ضغط لتتحكم بمصيرهم متعذرا بتفكيرك بمصلحتهم , لا تذمرهم يا
صديقي فالمال يجعل الشقيق يقتل حتى شقيقه "

نظر للسقف وقال " لا تخف ... أنا ربيتهم واعرفهم جيدا أخبرتك أنك ستعلم يوما ما أصبوا إليه وستعذرني "

الحــاضر

تنهدت وقلت " أشعر أنني في حيرة من أمري لا يمكنني مخالفة أوامر صديقي ولا حدود مهنتي "

ربتت على يدي وقالت " لا تقلق يا عارف هم أبنائه ولن يفعل ما يعلم أنه سوف يسبب ضررا لهم ثم
أنت لست ملاما فيما فعل أنت محامي مكلف وعليك تأدية واجبك , وكل شيء قد كلف به المحكمة يعني
أنك ستشرف على سير الوصية فقط "

قلت بهدوء " فلنأمل من الله خيرا "

قالت لي بلهفة " أخبرني عن أبنائه أولئك , لقد شوقني حديثك عنهم أن أعرفهم "

ابتسمت وقلت " ألا تريدي حضور الوصية معنا "

ضحكت وقالت " لن تسمحوا لي بذلك لكنت فعلت "

قلت بهدوء " إنهم خمس أبناء كما كان يعتبرهم دائما رغم أن أحدهم ليس ابنه وهم غيث وبحر وأديم وصهيب
وزبير , أكبرهم غيث يليه بحر وهوا ابن زوجته الثانية من زوجها الأول ثم يليهم الثلاثة الباقين وهم أبنائه من
زوجته الثانية "

ثم أخرجت الورقة التي أعطاها لي شامخ وقد شرح فيها بشيء من الإيجاز طبائع أبنائه وعيوبهم لا أعلم لما
أعطاني هذه الورقة ولكن ما كان عليا إلا انجاز عملي بصمت وقلت لها

" أسمعي سأتحدث لك عنهم وأقرأ لك ما كتب شامخ عن كل واحد منهم "

قالت بحماس " نعم كلي أذان صاغية "

ابتسمت وقلت " أولهم غيث وهوا الابن الأكبر له , وهوا أبنه من زوجته الأولى التي طلقها شامخ منذ
ثلاثين عاما وكان غيث حينها بعمر الخمس سنين عاش معها غيث أغلب طفولته حيث عاش خمس سنين
أخرى مع والدته وزوجها قبل أن يتوفاها الله وكان ذلك بطلب منها هي وقد قدمته للمحكمة , وهذا ما كتب
شامخ عنه ( غيث أبني الأكبر وساعدي الأيمن دائما , القوي الصلب الذي ما هاب يوما أحدا , في ماضيه شيء
خلق منه رجلا بكل هذه القسوة والقوة عيب غيث الكره الدفين لنموذج معين من البشر دون شرح الأسباب ) "

قالت بحيرة " غريب ما كتبه عنه وغامض جدا هل هوا متزوج "

قلت بهدوء " لا لم يتزوج أي من أبنائه حتى الآن "

قالت بتشوق " نعم تابع من التالي "

ابتسمت وتابعت قائلا

" إنه بحر وهوا ابن زوجته الثانية سماح تزوجها وعمره سنة بعد طلاقها من زوجها الأول رباه شامخ وكأنه
أحد أبنائه ويرغب في مقاسمته لهم حتى في الميراث يعيش بحر بعضا من حياته مع والده وزوجته الذي له من
الأبناء منها ابن و ابنة رغم ما كان يقاسي بحر من والده إلا أنه لم ينقطع عن زيارتهم يوما وهوا المسئول الأول
عنهم ويصرف عليهم من ما يجنيه من عمله مع أخوته لدى شامخ ولم ينقصهم في حياتهم شيء "
ثم نظرت للورقة أمامي وقلت

" وهذا ما كتبه شامخ عنه ( بحر هوا أبني الثاني , رجل ربته الظروف قبل أن أربه أنا وهوا كاسمه تماما
كالبحر واسع وعميق وهادئ حتى وقت توراته فقد لا تشعر بوجوده رغم أنه يجلس ويتحدث معك وحتى قلبه
بحر آخر يكتم أمانيه وأحلامه فيه, عيب بحر الاستهتار حيال بعض الأشياء )

ابتسمت وقالت " وهذا يبدوا وصفه له غريبا ومحبا له أيضا هل هوا فعلا بكل ذلك الهدوء "

قلت بذات الابتسامة " بل وأكثر من ذلك بكثير "

ثم ضحكت وقلت " ألا تريدي معرفة البقية "

قالت بفضول " بالتأكيد "

قلت متابعا " أبنه الثالث هوا أديم وهوا أبنه الأول من زوجته الثانية سماح وكتب في خطابه عنه
( أديم ابني الأوسط وهوا عزيز النفس شديد الكبرياء بل والغرور , لديه نظرية يرى من خلالها الناس, فهوا
يعتقد أن البشر يجب أن يقوموا بتقسيم أنفسهم لثلاث طبقات , فقراء معدومين وميسوري الحال وأغنياء
وأن تعيش كل واحدة منهم في كوكب بمفردها فلا يحتك الفقراء إلا بأمثالهم وكذلك البقية وقد طبق ذلك بالفعل
على حياته , لم يرى الفقر عيبا ولكنه كان يتمسك برأيه هذا بقوة , عزة نفس أديم تجعله لا يرضى أن يهان أمامه
أي أحد من أي كان وهوا يقف ويتفرج , عيب أديم غروره الذي يصل أحيانا حد الترفع على الغير ) "

نظرت لها فقالت بعبوس " آه هذا يبدوا الأسوأ بينهم "

ضحكت وقلت " لا قطعا فصحيح أنه مغرور كثيرا لكنه لا يختلف عن إخوته "

قالت بابتسامة " لم أحبه من التالي "

ابتسمت وقلت " التالي هوا صهيب ابنه الرابع "

قاطعتني بحيرة " أليس الثالث الآن "

قلت بهدوء " بلى إن حسبناها نحن أما في حسابات شامخ هوا الرابع لأنه يحسب بحر أحد أبنائه "

قالت " آه نعم فهمت الآن , أخبرني ماذا كتب عنه "

قلت " كتب ( ابني الرابع هوا صهيب الأشرس بين أبنائي من لا يضيع الحق لديه ويستله بأسنانه من بين أنياب
خصمه ويقف بصف المظلوم ولو كان على حساب أقرب الناس إليه , عصبي وحاد الطباع لا تستغرب منه
شيء وتوقع أي ردود أفعال قد تصدر عنه لذلك فعيبه عصبيته التي تقحمه في الشجارات دائما ومنذ صغره )
ثم كتب ( الخامس هوا زبير الأصغر بين أبنائي من لم يكسر لي كلمة يوما حتى إن كانت على حساب مصلحته
وطلباتي بالنسبة إليه أمر لا تفكير في الرجوع عن تنفيذه وكثوم للسر, عيب زبير أنه متسرع أحيانا ويتخذ
قرارات وينفذها دون تأني أو تفكير ويأخذ كل الأمور بمرح رغم جديتها أحيانا حتى أنه قد يضحكك ويضحك
وأنت في أوج غضبك) "

ضحكت وقالت " صهيب مخيف حقا أما زبير هذا يبدوا رائعا "

قلت ضاحكا " هكذا هم أنتم النساء لا يعجبكم الرجل الذي يقرر وينفذ ويتحدث بعقلانية "

ثم طويت الورقة وقلت بشرود " لقد أفنى شامخ عمره في تربيتهم , خمس أبناء لم يغفل عن واحد منهم لحظة
كان حازما وشديدا ومحبا في آن واحد حتى بنا منهم رجالا يشتد بهم الظهر وكان يتضايق حتى من العيوب التي
جبلهم الله عليها والتي رافقتهم منذ ولادتهم "

قالت باستغراب " غريب أمر صديقك حقا , يجمع عيوب ومميزات أبنائه ويضع على أساسها وصيته "

أجبتها بهدوء " بل وماضيه وعهوده التي لا أفهم منها شيئا , كنت متأكد من أنه سيفعل ذلك ولكن ثمة ما يخفيه
شامخ "

قالت مستفسرة " ومتى ستفتحون الوصية "

تنهدت وقلت " خلال أسبوع ما أن تصل ابنة صديقه التي قام بتربيتها منذ كانت طفلة فشروط الوصية أغرب
من الوصية ذاتها "

قالت باستغراب " ووضع شروطا قبل فتحها أيضا "

قلت بهدوء " نعم فيجب أن تحظر رنيم من وصفها بابنته وشقيق أحد أصدقائه الذين ماتوا في الحرب وهوا
السيد راجي لقد وجده منذ عامين بعد بحث طويل عنه , وقد ترك للجميع رسائل تخصهم ليفتحوها قبل فتح
الوصية , ومنع أن يتخذ أبنائه أي قرارات شخصية قبل فتحها وقضية الوصية سارية حتى سنين معينة
قد حددها هوا وبسرية تامة ومن ثم سيتقاسم الورثة ثروته في وصية جديدة الله وحده يعلم كيف ستكون
, أجزم أنها كارثة وليست وصية أتمنى أن لا تسبب تلك الوصية دمارا لتلك العائلة وأن لا أندم يوما على
إطاعتي له "

♤♤♤♤الجزء الثاني♤♤♤♤
غيث

كنت أضرب على الطاولة الزجاجية بأصابعي مصدراً صوتا يدل على الضيق الواضح

" لِما تأخر هكذا إنه يضيع الكثير من وقتي "

دخل زبير أخير وقال مبتسما كعادته " أعلم ما ستقول لي , تأخرت , أخرتني ومستهتر "

قلت مستاءً " تعرف نفسك جيدا إذا "

قال ولازالت الابتسامة على وجهه " بل أعرفك جيدا , هل نذهب الآن "

قلت " بالطبع "

ثم رفعت هاتفي لأتصل بالمحامي وقلت

" مرحبا سيد عارف أنا وزبير قادمان إليك حالا "

قال مباشرة " حسننا وأنا في الانتظار "

قلت بامتنان " جيد وداعا الآن "

( غيث شاب في الخامسة والثلاثين من العمر ذو بشرة بيضاء وعينان سوداء مظلمة ينحصر البياض في زاوية
صغيرة جدا منها بملامح حادة تدل على الصرامة والجدية وبنية جسدية قوية وهوا حال أبناء شامخ جميعا كوالدهم
لهم أكتاف عريضة وأجسام طويلة ممتلئة ومشدودة العضلات , ولغيث شعر اسود كثيف كوالدته فقد أخذ من والده
لون العينين ومن والدته لون الشعر لم يكمل غيث دراسته ولم يحب الدراسة يوما وهوا أحد أسرار ماضيه المبهم
ولكنه الأمهر بين أخوته في إدارة أملاكهم وأفناهم في عمله )

زبير

أعرف أخي غيث جيدا ولولا ذلك ما كنت لأذهب معه , لما عليه أن يعلمنا كيف نمسك مسئولية
شركاتنا , إنه يقوم بذلك وحده من أشهر
قلت محاولا عدله عن رأيه وأنا أجاري خطواته الواسعة " هل علينا زيارته الآن لما لا نؤجل الأمر "

قال بحدة " لما لا تكن مطيعا ولا تتعب رأسي كشقيقك أديم "

قلت مجاريا " بل لما لا تتكفل بكل شيء حتى وقت فتح الوصية , أنت تفعل ذلك منذ سنوات "

توقف أمام سيارته وقال " الله وحده من يعلم ما في وصية والدي , لذلك عليكم الإطلاع على كل شيء ومعرفته
جيدا كي لا يضيع تعب والدي لسنوات "

قلت بإصرار " ولكن ..... "

قاطعني غاضبا " هيا أركب السيارة ولا تتعبني معك يا زبير "

قلت باستسلام " آه حسننا ولكن سأذهب بسيارتي أخاف أن تقتلني في الطريق "

نظر لي بحدة فضحكت وركبت سيارتي ياله من رجل لا يعرف المزاح أبدا , ركب كل منا سيارته متوجهين
لمكتب محامي العائلة الخاص الذي اشترط عليه غيث أن يزوره بنفسه كلما دعت الحاجة إليه لشدة احترامه له
فهوا صديق والدي منذ أعوام طويلة ونحن نعرفه منذ كنا أطفالا

وردني اتصال هاتفي من شخص كنت أعلم أنه سيكون سببا في إزعاجي لباقي اليوم رغم حبي الكبير له

أجبت بابتسامة " مرحبا زمرد "

قالت باندفاع " زبير لما لا ترد على اتصالاتي "

قلت مبررا " لقد كنت منشغلا كثيرا حبيبتي هل عليا أن أكون في الخدمة دائما "

قالت بضيق " أنت تتهرب مني يا زبير "

قلت نافيا " أقسم لم أفعل سنتحدث لاحقا حسننا "

قالت بحدة " لا بل الآن وعليك أن تخبرني متى ستأتي لتحدد موعد الزواج "

آه ها قد بدأنا اصبري قليلا أرجوك قلت بهدوء

" أنتي تعلمي أن الوصية لم تفتح بعد ويُمنع علينا اتخاذ أي قرار شخصي قبلها "

قالت بصوت ناعم يدل على الضيق " كنت تتحجج بعمي شامخ وأنه يماطل في الأمر وصرت الآن تتحجج
بوصيته يا زبير "

قلت بهدوئي ذاته " زمردتي هوني عليك انتظرنا كثيرا ولم يتبقى إلا القليل "

تنهدت وقالت " أتمنى ذلك , وأن لا تجد لك حجة أخرى بعدها "

قلت بمرح " هههههه زمرد هل من العقل أن تُلحي على رجل في الزواج منك "

أجابت بحزم " نعم وسأشدك من شعرك لو لزم الأمر "

قلت بذات المرح " حسننا حسننا فقط أتركي لي شعري , هل فاتحك عمي في شيء "

قالت مباشرة " من ... والدي , لا بالطبع هوا يعلم ردي جيدا "

قلت باستعجال " سنتحدث لاحقا حبيبتي أنا مشغول الآن "

قالت بحزن " حسننا وداعا "

قلت مبعدا الهاتف عن أذني " وداعا "

( زبير شاب يبلغ الرابعة والعشرين من العمر له ذات هيئة شقيقه غيث غير أنه بشعر بني فاتح ولحية بنية
محددة بإتقان وعينان عسلية واسعة وبشرة بيضاء وهذا ما أخذه من صفات والدته درس الاقتصاد في الجامعة
الأمريكية ويعمل في أملاك والده كحال باقي أخوته , وهوا اصغر أبناء شامخ كما علمنا )

حور

هل سمعتم يوما عن معادلة الحظ والجمال لابد وأنكم لم تسمعوا بها لن اشرحها لكم لأنكم ستعيشونها
معي لحظة بلحظة

أسمي حور وقد عشت طفولة متنقلة بين أعمامي بعد وفاة والدتي وأنا بعمر الأربع سنين أما والدي فتوفي بعد
ولادتي مباشرة في الحرب , كانت طفولتي مأساوية انتقلت فيها من عائلة سيئة لأخرى أسوء منها حتى عاد عمي
راجي من سفره قبل عشر سنين وأخذني للعيش معه وعائلته إلى الخارج بعدما هاله ما رأى من معاناتي ثم عدنا
بعد خمس سنين لنستقر ونعيش في هذه البلاد

عمي راجي رجل حازم في تربيته لنا ولكنه طيب القلب وغير مؤذي كما الجميع ولا يوبخني إلا عند الخطأ
عاملني كأبنائه تماما لقد كنا نعيش في منطقة أخري وانتقلنا إلى هنا منذ سنتين فقط لعمي ابنتان وولد واحد هم
مرام وهي في الواحدة والعشرين من العمر وتصغرني بعام و شادن خمسة عشر سنة وأحمد يبلغ من العمر
خمس سنين , لقد ترك لي والدي ثروة ليست بقليلة لكني لم اشعر يوما بوجودها فهي لا تعنيني كما أن عمي
راجي لم يلمس منها شيئا حتى الآن وتركها من اجلي فهوا ماديا أحواله جيدة جدا , ابنة عمي مرام هي
صديقتي المفضلة والوحيدة وها هي كعادتها تترصد تغيرات مزاجي فنظرت لي نصف نظرة وقالت

" حور فيما تشردين دائما "

قلت بتذمر " ولما تدخلين دائما "

قالت بضيق " أخشى أنك تسافرين لذاك المكان القديم "

قلت بلامبالاة " أي مكان أنا لا أفهمك "

قالت بابتسامة جانبية " شيء يعود للماضي يشبه الجامعات يسمونه جامعة "

نظرت لها بصدمة وقلت " ما تعنيه بذلك يا مرام "

قالت بابتسامة سخرية " أعني ما فهمته جيدا "

قلت بحدة " مرام لا تتحدثي عن الأمر ثانيتا وهيا غادري غرفتي أليس لديك غرفة لما تحبين مضايقتي دائما "

وقفت وقالت بضيق " أردت الترفيه عنك لأنك لا تخرجين من المنزل الحق علي سأذهب لأدرس خير لي من
الذل والمهانة "

قلت ببرود " رافقتك السلامة "

خرجت وأغلقت الباب خلفها بغضب , آخ منك يا مرام لما كل ما حاولت أن أتعايش مع الواقع وأنسى ظهر
لي شيء يذكرني بذلك

( حور فتاة في الثانية والعشرين من العمر أنهت دراستها من عام واحد فقط تملك جمالا أخاذا فللجمال درجات
كما نعلم وهي اكتسحت أعلاها وبجدارة , ذات عينان بلون كلون السماء مهما نظرت لهما حرت في تحديد
درجة لونهما , فتاة طيبة القلب وطفولتها السيئة جعلت منها إنسانة انطوائية بعض الشيء لذلك أصدقاءها
محددين جدا وتكره الازدحام والحفلات والاجتماعات العائلية أيضا كثيرة الحزن والشرود حكمتها التي تقتنع
بها دائما المرأة الجميلة لا حظ لها وأكثرهن جمالا اقلهن حظا )

رنيم

أنا رنيم وقد تعرفتم لاسمي سابقا وأنا أعيش مع والدتي فلم يبقى لي سواها بعدما توفي والدي خلال تطوعه
للحرب التي دارت في جنوب البلاد المجاورة لدولتنا وأدرس الآن في السنة الأخيرة في الجامعة قسم الصحافة ,
كل ما أفكر فيه هوا تحقيق طموحاتي وأحلامي وأن أصبح صحفية مشهورة أو حتى كاتبة هههه أتمنى أن ابني
نفسي وشخصيتي لأكون امرأة ذات أهمية في المجتمع وها أنا أجتاز الامتحان الأخير لي لأتخرج وأحقق كل
تلك الطموحات

كنت امسك قلما في يدي ألفه حول خصلة من شعري الناعم الأسود الكثيف الذي يصل حد كتفي محاولة
التركيز ولو قليلا فيما أقرأ , وها أنا أجلس هكذا منذ الصباح ولا أجني سوى التعب , رأسي يكاد ينفجر في
محاولة لاستيعاب أي شيء

" آه يبدوا أن امتحاني الأخير غدا سيكون سيئا للغاية "

سمعت طرقات على الباب أعرف جيدا زهرة عمري التي تقف خلفه من تكون

قلت بحنان " تفضلي بالدخول أمي "

دخلت وقالت " مرحبا بنيتي آسفة حقا على إزعاجي لك لابد وأنك تدرسين , لقد جلبت لك بعضا من الشاي "

وقفت متجهة إليها و أمسكت بيديها وقلت " أمي لما تتعبي نفسك "

قالت بابتسامة " لم أقم بشيء يستحق بنيتي , كيف تسير الدراسة "

تنهدت وقلت " سيئة جدا أنا لم احشوا رأسي بشيء اليوم إنه فارغ تماما "

وضعت يدها على كتفي وقالت " رنيم يا ابنتي إنها سنتك الأخيرة في الجامعة عليك أن تجتهدي "

قلت بضيق " أحاول أمي ولكن بالي مشغول ولا أستطيع التركيز أبدا "

قالت " ما الذي يشغل بال حبيبتي "

قلت بأسى " آه أمي وحدك من يفهمني إنها الوصية , لما عليا الذهاب هناك أنا لم أرى عائلة والدي شامخ
رحمه الله يوما لما عليا السفر لهم ولما لا يفتحونها بدوني "

قالت بهدوء " بنيتي هوا أرادك معهم هذا يعني أن أمرا مهما فيها يخصك ولن تخذليه بالتأكيد بعد موته "

قلت بحزن " بالفعل أمي أقسم أن حبي له وحده من يدفعني لطاعة أوامره لقد فقدت كل شيء بفقدي له , هوا
كان والدي الذي لم أره يوما "

شعرت بالحرقة في حلقي من كتم دموعي كي لا تراها والدتي وتحزن لحزني لكن فشلت في ذلك ككل مرة
ونزلت كل واحدة منهم تسابق الأخرى تريد الهبوط للأرض أولا , مدت أمي يدها بحزن لتمسح دموعي

وقالت " لا تبكي يا ابنتي يكفيك بكاء وادعي له بالرحمة لتحمل الملائكة دعواتك له في قبره "

قلت بذات الحزن " ليرحمه الله رحمتا بقدر حبي وشوقي له "

قالت والدتي بعد صمت " خالتك تريد زيارتنا في الغد "

كنت أعلم أن هذا الموضوع لن ينتهي أبدا جلست مستاءة وقلت " آه أمي ليس من جديد "

قالت بجدية " رنيم إلى متى سوف تأجلي الحديث في الأمر ستبلغين الثانية والعشرين من العمر قريبا
وها أنتي ستكملين دراستك لما الرفض حبيبتي "

قلت بضيق " أمي لسبب ما , أرجوك لا تصري على ذلك "

قالت باستياء " ألا جواب لديك غيره لقد رفضت عددا من الخاطبين ولكن خالتك مصرة وعليك إيضاح
السبب ثم لا تنسي أي خطر هوا الذي يحدق بك وشامخ رحمه الله لم يعد موجودا ليمسكه عنك "

قلت بضيق " سأرى , أفكر وأعطيك خبرا "

قالت مغادرة " لا أريد شغلك عن دراستك ذاكري جيدا وبعد أن تعودي من سفرك سنتحدث جديا في
الأمر هذه المرة "

آه ليثني لا أعود كي لا أتزوجه ولا أتزوج غيره قلت بيأس " حسننا أمي كما تريدين "

خرجت والدتي وما زادتني إلا هما فوق همي رميت بالقلم من يدي وقررت أن أستحم وأنام قليلا على أمل
أن أنسى كل ما يدور برأسي وأركز في الدراسة

( رنيم فتاة تفكر أكثر مما تقرر وتستمع أكثر مما تتحدث شديدة الصمت والبرود حيال الضغوط وحتى العناد
أحيانا, بعد أشهر قليلة تبلغ من العمر الثانية والعشرين , لها عينان سوداء كسواد شعرها المظلم كالليل وذات
بشرة شديدة البياض وهذا ما ورثته من عائلتها مما جعل لها خدان شديدا التورد تعيش في بلاد أخرى مجاورة
وتبعد فقط بضعة ألاف الكيلو مترات عن هناك)

بحر
لو أعلم السبب فقط , لو أعلم لما فعل ذلك صحيح أني صرفت النظر عن الموضوع منذ سنوات ولكن لما
رفضني ذلك الرجل وبإصرار , آخ كم اكره هذا الطريق لما تصر عائلة والدي على العيش في تلك المدينة
لقد أصبحت أكرهها كما كرهت ذاك الرجل الذي يسكنها

( بحر شاب في الثلاثين من العمر ذو عينين خضراء واسعة كوالده وشعر بني غامق اللون بنيته الجسدية
ليست كإخوانه أبناء شامخ ولكن له جسد رياضي متناسق وهوا كما علمنا أبن سماح زوجة شامخ الثانية )

وصلت المنزل أخيرا كان عليا زيارتهم هذا الأسبوع قبل الانشغال بالوصية , وما إن فتحت باب المنزل ودخلت
حتى هالني ما رأيت , زوجة والدي كانت تجلس واضعة يدها على رأسها وكدمة زرقاء كبيرة على وجهها , إنه
والدي من جديد كان هذا المنظر شيئا اعتياديا بالنسبة إلي ولكنني لم أره منذ مدة

اقتربت منها وقلت " خالتي ماذا هناك هل ضربك من جديد "

قالت بحزن شديد " أنا أعتدت على ذلك ولكن أبنائي ما ذنبهم "

تبا له ياله من والد قلت بضيق " هل طلب المال لما لم تعطه له , كم مرة قلت لكم أن تشتروا سلامتكم منه "

قالت بأسى " ولما يأكل تعبك إنه يأخذ أموالك من سنين "

قلت بحدة " وهل يعجبك ضربه لك إما أن يأخذ المال وإما أن يضربك مجددا , مادام المال هوا الحل فليأخذه "

قالت بألم " يكفي أننا نعيش على نفقتك وحتى المنزل أنت من تدفع أجاره الباهظ الثمن بعد أن باع منزلنا فهل
عليك أن تصرف على نزواته أيضا "

قلت بضيق " خالتي تعلمي أنني لا أحب منك هذا الكلام , أنا إن دفعت شيئا فمن أجل أخوتي وأنتي والدتهم ففي
مقام والدتي وما أن يتم اقتسام الإرث ولو كان نصيبي منه لا يكفي إلا ثمن منزل فسأشتريه لكم ولن يتمكن من
بيعه أو أخراجنا منه "

قالت بحزن " آه متى ستنتهي مأساة هذين الصغيرين "

قلت وأنا أجول بنظري في المكان " أين هوا مازن هل ضربه "

قالت بحزن " لا فالضرب هذه المرة كان من نصيب جود "

قلت بغيض " سحقا ولما ضربها هي أيضا "

قالت بذات الحزن " لقد حاولت منعه من ضربي وأخبرته أنها أموالك ومن تعبك وأن عليه أن لا يأخذها "

قلت بضيق " ما كان عليكم فعل ذلك هل رأيتم النتيجة الآن أنا لا أهتم لو أخذ المال المهم أن لا يضربكم "

صعدت للأعلى وأنا اشعر بالاستياء مما يحل بأخوتي كيف لي أن لا أعق والدي وأن أحميهم منه أيضا
دخلت الغرفة ووجدتها تبكي , دموعها تنزف في داخلي كم أكره رؤية هذه العينين تعتصر دموعا وألما

ناديتها بحنان "جود "

قفزت من فورها لحظني وقد أشتد بكاءها أكثر مسحت على ظهرها بحنان محاولا أشعارها أن لها رجلا
تلجأ إليه ولو كان معدوم الحيلة ولا يستطيع رفع معاناتهم

قلت بهدوء " جود حبيبتي توقفي عن البكاء لما عرضتم أنفسكم لهذا لما أعطيتموه الفرصة لإيذائكم "

قالت ببكاء " لا يحق له أن يأخذ المال الذي تعطينا إياه ليس من حقه , أنت تشقى وهوا يصرفه فيما
لا ينتفع به أحد "

قلت وأنا أمسح على شعرها " وما الذي جنيتموه غير الضرب , لقد حذرتكم مرارا من منعه كي لا يضرب
والدتكم أو يضربكم أعطوه ما يريد وأنا سأعطيكم غيره "

ابتعدت عن حضني وجلست مرتمية على السرير وهي تردد بألم " لماذا يحدث معنا هذا , يكفي أنه حرمني
من دراستي وشوه سمعتنا بين الناس ما سنخسره أيضا بسببه "

اقتربت منها أمسح بيدي على شعرها وكم تقتلني كلماتها وهي تتحدث عن دراستها التي ضاعت بسببه سامحك
الله من والد لا تسبب إلا المتاعب لأولادك , قلت بمرح

" جود هيا توقفي عن البكاء هل تستقبلي شقيقك الأكبر هكذا "

عادت لاحتضاني من جديد وقالت " أقسم أننا من دونك لا نساوي شيئا يا بحر "

قلت بهدوء " بل من دون الله فكلنا لا نساوي شيء من دونه , ما علينا إلا الصبر حتى يجد الله لنا مخرجا "

كنت أحاول مواساتهم وأنا من يعلم جيدا ما يعانونه فلولا فضل الله ثم والدي شامخ لكنت ضعت من سنين
بسببه ولكني لن أسمح له بأن يكون سببا لضياع أخوتي

قلت بتساؤل " أين مازن ألم يكن هنا أين ذهب "

قالت وهي تمسح دموعها " حمدا لله أنه لم يكن هنا وإلا كان هوا أكثر من سيتلقى الضرب لقد خرج للعب
الكرة مع رفاقه "

قلت بابتسامة "حسننا هيا تعالي لتري هداياكم "

قالت مبتسمة " الوالد يضرب و الابن يجلب الهدايا "

قلت بابتسامتي ذاتها " والابنة تأخذ الضرب وتأخذ الهدية , لو كنت أعلم أنك مضروبة بقسوة لكنت جلبت لك
هدية أكبر "

قالت بحنان " لا أكبر من رؤيتي لك يا بحر "

سألتها قائلا " ماذا عن مازن هل يدرس جيدا ومن رافق غير رفاقه السابقين أنا سألت عنه ولكنكم
أدرى عنه بغيره "

قالت مطمئنة " لا تخف عليه يا بحر إنه يتبع كل تعليماتك حرفيا "

قلت بهدوء " جيد علينا أن لا نغفل عنه لحظة وسأسأل عنه في مدرسته غدا فلم أزرهم من فترة "

( جود ومازن شقيقا بحر من والده عمر مازن أثنى عشر عاما أما جود فهي في الثامنة عشرة من العمر فتاة
ذات ملامح جذابة عيناها خضراء كشقيقيها وشعرها أسود كوالدتها ملامحها تشبه كثيرا لبحر العينان الواسعة
والأنف المستقيم والشفاه المحددة بوضوح ولا يختلفان سوى في لون الشعر فتاة طيبة ورقيقة جدا نسمة الهواء
قد تجرحها )

ميس

كنت أجلس في أحد شوارع أيرلندا المزدحمة وأحتسي كوبا من القهوة في أحدى المقاهي وانظر من النافدة
الزجاجية المطلة على الشارع وكأني أرسم وجوه المارة , من الجيد أنني برفقة صديقتي جسيكا فاليوم عطلة
وأنا أكره الجلوس في الخارج وحدي, أنا أستمتع برفقتها ومضايقتها أيضا فقلت باستياء واضح

" ما أحوجني لأن أرى وجوها غير هذه الوجوه أناسا يمدون لي بصلة "

أجابت من فورها بامتعاض " لما لا تعودي لبلادك إذا "

قلت بحسرة " لمن أذهب هناك أنتي تعلمي جيدا أن لا أحد لي "

قالت بمكر " وعائلة والدك "

آه تعرفين جيدا كيف تقهريني قلت بضيق

" أي عائلة تلك التي تتحدثي عنها إنهم لا يعرفون بأي أرض أكون ولست بحاجة لهم ولا لأن أراهم "

قالت بتساؤل " لما تكرهين الجميع يا ميس "

قلت بضيق أكبر " لأن الجميع يكرهني "

قالت بهدوء " أنتي فتاة غريبة أطوار حقا "

قلت بحدة " وما الغريب بي , هل عليا أن أكون ضعيفة وقطة وديعة يأكل النمل عشائها لأكون طبيعية "

هزت رأسها بالنفي وقالت " بل عليك أن تكوني فتاة رقيقة وحساسة ورومانسية كثيرا "

قلت بلا مبالاة " آه ما هذه التخاريف وكأنني أشاهد فيلما سخيفا "

قالت ضاحكة " أنا لا أحسد زوجك عليك أبدا "

قلت بضيق " ليكن لي زوج أولا "

ضحكت وقالت " أنتي لازلت صغيرة لما الاستعجال "

قلت بحدة " ولن أتزوج أبدا حتى لو كبرت "

قالت بصدمة " ميس ما هذا الذي تقولينه أنت ووالدتك بحاجة لمن يسندكم "

تنهدت وقلت بحزن " بعد والدي رحمه الله لا رجال على وجه الأرض يعنونني "

قالت بجدية " أعلم كم كان رائعا ومحبا لكما ولكنه توفي منذ سنوات وأنت تبقين بحاجة لرجل "

قلت باستياء " لما لا نتكلم في أمر آخر "

قالت بضيق " كم تحبين التهرب من موضوع الرجال والزواج "

ثم نظرت لي بمكر وقالت " ميس هل تودي بالفعل زيارة بلادك "

قلت بغيض " لا بكل تأكيد فبلادي لم تردني يوما "

قالت بتساؤل " وكيف علمت ذلك "

قلت بسخرية " هههه لأنها لم تسأل عني "

نظرت لي بصمت ثم قالت " لو أعلم فقط سبب كرهك لها "

تنهدت وقلت " لن تفهمي حتى لو علمتي السبب , أكرهها وأكرههم فقط "

قالت بعبوس " ألم أخبرك أنك لا تحبين أحدا "

قلت بضيق " وهل الذين يحبون الجميع يعيشون سعداء أنا لا أكره إلا من يكرهونني سحقا لهم من عائلة "

قالت بحيرة " من تعني بذلك !!!! عائلة والدك "

تركتها ونظرت للخارج في صمت لأهرب من الحديث في هذا الأمر المزعج

( ميس فتاة في بداية السادسة عشرة من العمر ذات عينان زرقاء غامقة وواسعة وشعر أشقر وملامح طفولية
رقيقة بسيطة وجميلة توفي والدها عربي الأصل منذ خمس سنين وتركها ووالدتها الأيرلندية يعيشون بلا معيل
ولم تعرف من عائلته غيره ولم تزر بلادها يوما )
يتبع .....??????
 
رد: أنا من خذلت نفسي

الجزء الثالث + الجزء الرابع

بعد مرور أسبوع

استيقظت اليوم باكرا فعليا السفر برا لقصر عائلة والدي شامخ ارتديت بنطلونا ومعطفا يغطي كل جسدي حتى
ما يقارب الركبتين ووضعت حجابي ومضيت على بركة الله فسيقوم زوج خالتي وخالتي بإيصالي فهم ينوون
زيارة أصدقاء لهم , لقد اخترت أن أسافر اليوم لأن الوصية سيتم فتحها عند الغد ومن غير اللائق أن أذهب
غدا خصوصا أنني لم أحضر العزاء هناك لأن والدتي كانت متعبة ولم تكن لنا صلة بالعائلة فاكتفيت بالتحدث
مع الخالة سماح هاتفيا , آه أنا لا أصدق حتى الآن أنه توفي لقد كان بعد الله سندي وعضدي الذي أشد عليه وقت
الصعاب , ولكي أصدقكم حديثا أنا غير مرتاحة لهذه الزيارة فأنا لا أعرف أحدا وأبنائه كلهم ذكور سيكون
الأمر مربكا للغاية ولكن لن أخالف رغبة والدي شامخ في أن أحضر حتى لو كان فيها موتي

وصلت قصر العائلة عند أذان الظهر فالرحلة كانت متعبة رغم قرب المسافة نسبيا , لم أستغرب أن يكون
القصر من الخارج بهذه الفخامة فأنا أعلم أنه من أثرياء البلاد لقد كان العائل لي ولوالدتي طوال تلك السنين
ولم ينقصنا في حياته شيء على الرغم مما تركه لنا والدي وحتى العام المنصرم كله كان ابن له يدعى غيث
من تكفل بصرف راتب لي ولوالدتي ولكن بعد الوصية لا أعتقد أن الأمر سيستمر فالمال سيصبح من نصيب
الورثة

لم يكن يخطر ببالي أن أكون ممن يحضرون فتح الوصية أو أن يكون لي نصيباً فيها وكنت سأتخرج
وأعمل على أية حال , وقفت عند باب القصر حائرة طرقت ولم يجب أحد , ففي الخارج لا وجود للخدم ولا
يبدوا أن ثمة خادمات بالداخل , سمعت صوت خطوات ثقيلة تقترب مني فالتفت للخلف بسرعة وقف أمامي
شاب ببنية جسدية قوية وكأنه والدي شامخ يقف أمامي , وحتى العينين ذاتها سوداء قاتمة يطغي سوادها على
أغلب بياض العين وحتى ملامحه تشبهه فله ذات وسامته إلا أن لون الشعر مختلف تماما كان أسودا كثيفا أما
والدي فقد كان شعره بنيا غامقا , يبدوا لي أنه أحد أبنائه بكل تأكيد
كنت أكاد أتفتت وأنا أراه يدقق في ملامحي وكأنه يعرفني أو سيتعرف علي , شككت أنه سيقول أنت رنيم ,
رغم معرفتي الجيدة أنه لم يرني سابقا , كدت أحترق من نظراته النارية ما به هذا الرجل وكأنه يتمنى إحراقي
لأختفي من أمامه لو كان يعرفني لقلت بأنه يكرهني

كنت متوجها لأدخل القصر عندما صادفت أمام الباب فتاة غريبة ذات بشرة شديدة البياض حتى أنك تكاد
ترى عظام الوجه من تحتها لشدة بياضها وصفائها خدان متوردان وقد ازدادا توردا عندما رأتني فيبدوا أنها
شعرت بالتوتر والخجل , عينان سوداء كالليل كثيفة الرموش تعطي مع ذاك البياض تداخلا غريبا ومدهشا في
الألوان ولها فم وأنف صغيران للغاية , تقف في حيرة وتردد وكأنها تدخل هذا المكان لأول مرة , الفتيات لا يقمن
بزيارة قصرنا كثيرا فكلنا شباب ولا فتيات لدينا وأغلب الزائرات هن بنات عمي عاصم وحتى هما زياراتهم لنا
قليلة جدا ومن أجل جدي

قلت مبادرا بالحديث " عذرا يا آنسة هل أخدمك بشيء "

ازداد احمرار خديها حتى كادت تشتعل ثم قالت " هل هذا قصر المرحوم شامخ آل يعقوب "

قلت بهدوء " نعم وصلتي "

قالت بتوتر " أنا ... رنيم حيان لقـ "

قاطعتها قائلا " هل أنتي رنيم معذرة منك تفضلي بالدخول وستوافيك والدتي في الحال "

كان اليوم شاقا بالفعل كان عليا مراقبة كل تلك الخادمات حتى ينتهين من عملهن , لست أعلم لما يصر غيث
على عدم جلب خدم دائمين للقصر لقد أرهقني هذا كثيرا ولا بنات لدي , عليهم أن يتزوجوا لترفع نسائهم
الحمل عني , آه ولكن أي زوجات أنتظر إن كان غيث مضربا عن الزواج لا ويكره النساء أيضا وزبير يريد
الزواج بزمرد التي لن تجدي في شيء وبحر ... آه من بحر ... سامح الله من كان السبب

" أمي تبدين مستاءة كثيرا هل من مكروه "

كان هذا صوت أبني صهيب الذي كان داخلا حينها
قلت بضيق " إنه شقيقك يا صهيب يتعبني بهذا العمل كثيرا ولا أعلم لما يصر على عدم تثبيت خدم لهذا
القصر الضخم "

قال بهدوء " أمي إنهم يقومون بكل شيء قبل ذهابهم ما عليك إلا إلقاء نظرة على عملهم بين الفينة والأخرى "

قلت بذات الضيق " إن لم أشرف عليهم فسيفسدون كل شيء ولن يقوموا بعملهم بإتقان "

قال رافعا كتفيه للأعلى" لا حل أمامنا فغيث يصر بشدة على رأيه ولابد أن له أسبابه "

قلت بحدة " يوجد حل وهوا أن تتزوجوا لتريحوني فلم تعودوا صغارا , زبير أصغركم سننا بلغ
الرابعة والعشرين "

قال بلا مبالاة " زوجي الكبار أولا فأنا لازلت صغيرا أمامهم "

قلت بغيض " شارفت الثلاثين وتقول صغيرا ما أسعدني بك حقا "

قال بتذمر" أمي أي ثلاثين هذه التي شارفتها كلها ستة وعشرون سنة "

دخل حينها زبير واقترب منا متبسما كعادته وقال " مساء الخير أمي "

قال له صهيب بهمس " تعالى وأخرجني من هذه الورطة "

أجابه زبير بذات الهمس " عن أي ورطة تتحدث هل علينا الإقلاع فورا "

نظرتُ لهما نظرة باردة تدل على الاستياء فقال صهيب بابتسامة صفراء

" زبير لما لا تتزوج وتُفرح قلب أمك "

قال زبير مباشرة " جاهز والعروس جاهزة ... ولكن ماذا عنك , أنت اكبر مني يا رجل "

قلت بحدة " يكفي كليكما ولن اعتمد على زوجاتكم لأن اختياراتكم تبدوا لي ستكون سيئة للغاية "

أجاب زبير باستياء " أمي هل سنخرج من والدي لتعطليها أنتي "

قلت بضيق " والدك كان دائما أدرى الجميع بمصلحتكم والأيام ستثبت لك ذلك ولا أحد أدرى منا نحن
النساء ببعض "

كان جواب زبير هوا الصمت أعرف ابني جيدا عندما لا يعجبه الكلام يكتفي بالصمت يبدوا أنني لن أرى
لهم زوجات سوى زمردته تلك

قال زبير " أين جدي هل هوا مستيقظ "

قلت بهدوء " نعم تجده في غرفته مع عمك عاصم "

قال صهيب بضيق " عمي عاصم هنا , كنت أنوي إلقاء التحية على جدي لكن لا بأس في وقت آخر "
مر حينها غيث قائلا وهوا متوجه للأعلى " أمي رنيم وصلت وهي في انتظارك "

قلت بابتسامة " حسننا سأذهب لها في الفور "

غيث لم ينادني بغير أمي أمامي وفي غيابي رغم أنه ليس ابني ولكني لم أعتبره يوما ابن زوجي بل أحد أبنائي
غادر صهيب وتوجه زبير لغرفة جده وذهبت أنا لاستقبال الفتاة

زبير

دخلت غرفة جدي ملقيا التحية على الرغم من كره الموجود بالداخل لي مع أنه لم يعارض زواجي من ابنته
زمرد , قبلت رأس جدي وسلمت على عمي ببرود مماثل لبروده

أعمامي غريبي أطوار ولا يحبون أحدا منا ولا أخفيكم القول فالشعور متبادل وهم السبب , عمي عاصم لديه
ابنتان وابن واحد وهم زمردتي وعلياء و إساف
ولعمي جسار ثلاثة أولاد عوف وأنيس وسليمان , بعضهم كآبائهم تماما مزاجيين جدا من ناحيتنا والبعض الآخر
على العكس منهم تماما

قلت مخاطبا جدي " كيف تبدوا اليوم أراك مشرقا "

قال بهدوء " بخير بني "

جدي قليل الكلام كما الحركة تلك عوائده ذو شخصية هادئة وغامضة يبدوا لي لا يحب تحمل مسئولية أي
شيء لذلك اقتسم ثروته على أولاده منذ سنين وأخلى ذمته من الجميع

قال مخاطبا لعمي " عاصم سأرافقك اليوم للمكوث معكم عدة أيام "

قال عمي عاصم بترحيب " على الرحب والسعة يا أبي "

قلت مازحا " هل تشعر بالملل منا يا جدي نحن الأكثر فعليك البقاء معنا "

قال عمي عاصم بضيق " هوا جد أبنائي كما هوا جدكم ومن حقه اختيار من سيمكث عنده "

آه ما به هذا لا يعرف المزاح قلت ببرود " كنت امزح فقط لما غضبت هكذا "

قال بحنق " لا تمزح في هذه الأمور "

بل لن أمزح أمامك أبدا , أنا أستغرب كيف وافق أن أتزوج ابنته , ألقيت التحية وخرجت قبل أن تكبر
المشكلة وحمدت الله أن صهيب لم يدخل معي لكانت الحرب ضروس بينهما الآن

( الجد لم يختر أحدا معيننا من أبنائه ليعيش معه فهوا يتنقل بينهم وهوا ملازم للسرير أغلب الوقت بسبب ألآم
بمفاصل ساقيه وقد وزع أملاكه وقسمها بين أبنائه الثلاث منذ سنين وهم شامخ وعاصم و جسّار ليصبح بعدها
غير مسئول إلا عن نفسه ولا دور له في حياة أي منهم )

جلست على الكرسي وتوتري قد ازداد أضعاف ما كان , لما لا يأتي أي شيء ليخرجني من هنا ويعيدني من
حيث أتيت

" مرحبا بك بنيتي كم يسرني لقائك "

وقفت من فوري عند سماع الصوت فكانت أمامي امرأة في نهاية الخمسين من العمر تقريبا ذات عينين عسلية
اللون بشكل مبهر وبشرة بيضاء وشعر بني فاتح اللون , كان يبدوا عليها الجمال رغم كبر سنها نسبيا

قلت بابتسامة " مرحبا سيدتي لابد وأنك الخالة سماح "

أجابت بابتسامة حنونة " نعم وأنت رنيم أليس كذلك "

ذكرتني بوالدي شامخ فشعرت برغبة كبيرة لاحتضانها وكأنها ستحمل بقايا رائحته في ثيابها , احتضنتها
بحب ودموعي أرسلت جيوشها معلنة النزول وقلت بين عبراتي

" سامحيني يا خالتي لأني لم أكن هنا عند العزاء كم ينكسر قلبي لفقد والدي الذي رباني , الآن فقط شعرت
باليتم وأن ليس لي والدا "

مسحت على رأسي وهي تردد " كل من عليها فان يا بنيتي ولا يبقى إلا وجهه تبارك وتعالى "

جلسنا سويا وقلت متعذرة " اعذريني واعذري زيارتي دون موعد لقد حاولت الاتصال بك وكان رقمك مقفلا
ولم أستطع الاتصال برقم ابنك المدون لدينا "

قالت بهدوء " لا بأس يا ابنتي ليس عليك الاعتذار فالمكان كله متسع لك , أنا سعيدة حقا بلقائك أخبريني
كيف هي والدتك "

قلت بابتسامة " إنها بخير وترسل لك سلامها وتحياتها الحارة "

خرج حينها ذات الشاب الذي قابلت متوجها للخارج ووجه نظره وحديثه للخالة قائلا

" الجناح السفلي معد للآنسة يمكنها المكوث فيه كيفما شاءت "

أي مكوث هذا الذي يتحدث عنه ما إن تنفتح الوصية غدا حتى أرحل من فوري

غادر دون كلمة إضافية ودون أن ينتظر أن يسمع أي جواب أو تعليق , رافقتني الخالة للجناح الذي ذكر
وقالت بابتسامة

"أتمنى أن يعجبك وتجدي الراحة فيه لابد وأنك متعبة من شدة السفر سأحضر لك طعاما أعتقد أنك جائعة "

قلت متعذرة " شكرا لك سيدتي لقد تناولت طعامي لا تكلفي نفسك عناء ذلك "

قالت بابتسامة " حسننا نامي وارتاحي وتصرفي وكأنك في منزلك ونادني خالتي سيسعدني ذلك كثيرا "

يا لها من سيدة رائعة لا تختلف كثيرا عن زوجها , آه رحمك الله يا والدي شامخ
تركتني وغادرت كان جناحا فخما للغاية ومرتبا ونظيفا جدا يحوي غرفتي نوم وأخرى للجلوس هذا غير
ردهة الجناح التي معدة بأرائك للجلوس أيضا وتلفاز ضخم وحمام غير حمام الغرفة ومطبخ تحضيري
صغير , لقد كانت بمثابة شقة صغيرة وليس جناحا

قلت بابتسامة " كل هذا وتتمنى أن يعجبني "

توجهت لحقيبتي الصغيرة التي أحضرت معي فتحتها وأخرجت بيجامة النوم استحممت وصليت الظهر ثم
نمت من فوري من شدة التعب وأمضيت باقي النهار في الجناح ولم أخرج منه أبدا وتحججت أن لا رغبة لي
في الأكل كي لا أخرج لتناول العشاء معهم

سحقا , كيف لذاك الإمعة ماجد أن يتغلب عليك يا إساف لابد وأنه صهيب وراء ذلك لقد هددنا بأن يلجأ إليه
أقسم أن تندم على أفعالك بي يا صهيب

دخل والدي وقال مستاء " ما هذا الذي فعلته أنت وابن عمك إساف "

قلت ببرود " لا دخل لي بما حدث والشرطة أخذته هوا ولم تأخذني أنا "

قال بغضب " وهل هذا مبرر يشفع لك , كم مرة سنتستر على فضائحكم "

قلت بغضب أكبر " إنه صهيب لا أحد غيره خلف ما حدث سأريه "

قال بحدة " أنت تعرف صهيب وشراسته جيدا فهوا لا لسان له إلا في يده فأبتعد عن المشاكل معه ولا تنسى
أنكما أبناء عم ستفضحوننا بين الناس "

قلت باستياء " هذا ما يهمكم فقط الفضائح وتتركوه يهين ويذل من شاء منا "

قال ببرود " ابتعد عنه كي لا تتعرض لذلك "

وهل تعرضنا له ليفعل , لكن اللوم على ماجد الذي لجأ إليه سيرى هوا وصهيبه ذاك
أشحت بنظري عنه للجانب الآخر باستياء فقال بغضب

" ولما لم تعد تذهب للمصنع لقد أجبرتني على شرائه من أجلك رغم رفضي لشراء أي ممتلكات وتتركه
الآن ببساطة "

قلت بتذمر " يمكنك بيعه إن كان يضايقك "

قال مغادرا بغضب " أقسم أنني عبثا أنجبت وربيت ولا فائدة ترجى منكم جميعا "

( أنيس هوا الابن الأوسط لجسار أكبرهم سليمان ثلاثون سنة متزوج ومسافر للعمل والأوسط أنيس
سبع وعشرون سنة والأصغر عوف خمس وعشرون وهوا الألطف بينهم )

أُديم

كنت وزبير داخلين بخطى ثابتة والأبواب تفتح أمامنا دون عناء موظفو الشركات أفضل مليون مرة من الحرس هههه

نظرت للسائر بجانبي وقلت بابتسامة " لقد تخلصت من تفقد فرع الجنوب بأعجوبة "

ضحك وقال " لهذا إذا كان غيث يشتكي منك كثيرا , فرع المدينة الجنوبية السبب "

قلت بتذمر " لا أعلم لما أصر والدي على بنائه هناك كان يمكنه بناء فندق أو مطعم أو حتى مجمع للتسوق بدلا
من فرع كامل لشركة لا نجني منها رواتب موظفيها "

ضحك وقال " لا يفهم والدي رحمه الله أحد فحسب قوله أراد به فرصة لنقل الجنوب خطوة للأمام فأنت تعلم أنه
بعد الحرب التي دارت فيه أصبح يتطور ببطء "

قلت بتذمري ذاته " وهل والدي رئيس الدولة ليفكر فيه لقد مضى على الحرب سنين طويلة الدولة هي السبب
في إهماله "

تقدمت إحدى الموظفات منا ونحن سائرين وقالت " سيد أديم ماذا بشأن ملف التقديم الشهر الماضي "

قلت دون أن أنظر إليها " حسننا خذيه للمكتب في الأعلى "

قالت بابتسامة " في الحال "

ضحك زبير وقال " لا أعلم لما حين تدخل أنت تتذكر جميع الموظفات الأمور المنسية "

ضحكت وقلت " لأنهن برؤيتك سابقا نسينها "

قال بضيق " يالك من مغرور وتحتاج من يكسر لك أنفك "

ضحكت وقلت " لماذا تضع اللوم علي "

وضعت يدي على كتفه وصعدنا بالمصعد سويا

( أُديم هوا الابن الثاني لشامخ والأول من زوجته سماح يبلغ من العمر ثمانية وعشرين عاما وهوا الأكثر وسامة
بين أشقائه له عينان عسليتان واسعتان وناعستان تشعرك بالنوم , وبشرة هي الأشد بياضا بين أخوته رغم بياض
بشرتهم وحاجبان مستقيمان ومحددان كالسيف وله لحية خفيفة لا تفارق وجهه وشارب كثيف بعض الشيء شعره
بني اللون قصير ومرفوع للأعلى وينزل منبته عند منتصف جبينه على شكل الرقم 7 وهوا المنافس الأول لصهيب
في الأناقة وفخامة الثياب )

لقد كان الجميع حاضرا لتناول العشاء على غير العادة فالوصية ستفتح في صباح الغد وكان عليهم الحضور
جميعا فلا سفر ولا أعمال خارج المدينة ولا نوم في غير القصر

نظر لي زبير وقال
" أمي هل تناولت الضيفة العشاء لوحدها كان عليك مشاركتها يبدوا أنها تخجل من الجلوس معنا "

أجبت مباشرة " لا لم تتناول عشائها قالت أن لا رغبة لديها "

قال بحر وهوا يعيد الكوب لمكانه " كان عليك أن تصري على أن تأكل لقد فعلت ذلك حرجا منا "

قلت بهدوء " معك حق بني كان يفترض بي فعل ذلك فهي منذ قدومها ظهرا لم تأكل شيئا وقالت أن
لا رغبة لها في الأكل "

قال صهيب بنبرة باردة " هل سنجبرها على الأكل قالت لا تريد أن تأكل "

تابع أديم قائلا " من الأفضل أن تأكل لوحدها "

قلت باستياء " إنها ضيفتنا ومن واجبنا إكرامها , ثم أنتم تعلمون جيدا ما تعنيه هذه الفتاة لوالدكم وأنت يا أديم
توقف عن الترفع على الناس "

قال أديم مدافعا " أنا لم أترفع عليها يا أمي لا تخلطي بين الأمور , قصدت أن .... "

قلت مقاطعة له بحدة " هذا إن كنت لا أعرفك جيدا "

إن كان ثمة من يستحق العقاب في وصية والدك فسيكون أنت , لتتعلم احترام من هم دون منك وارجوا أن
لا يكون عقابا قاسيا فأنا أعرف شامخ جيدا

تحدث غيث بصرامته المعتادة وقال " يبدوا أنكم ستتشاجرون على طاولة العشاء , لم يكن جمعكم اليوم
هنا بالفكرة السديدة , أمي خذي للفتاة طعاما وأصري على أن تتناوله وانتهت القضية "

ثم وقف مغادرا وبدءوا يلحقونه واحدا تلو الآخر

حملت الطعام لرنيم وأصررت إلا أن تتناول منه ولو شيئا يسيرا تناولت الطعام وأنا أراقبها بحب لقد
ارتاح قلبي لهذه الفتاة لما لا يتزوجها أحد أبنائي ولا يجلبوا لي زمرد ومثيلاتها , آه كم أتمنى أن تكوني
من نصيب أحدهم لو أنك خرجتي معي فقط فقد يعجب بك أحدهم , هههه ما بك يا سماح يبدوا أنك جننتي
بالفعل

نظرت لي رنيم وابتسمت فبادلتها الابتسامة وسألت " كم عمرك يا رنيم "

أجابت بعد برهة " بعد شهرين سأبلغ الثانية والعشرين "

رائع إنها أصغر من أبنائي جميعهم لما لا أحلم فالحلم لا شيء فيه ممنوعا
قلت بابتسامة " هل تدرسي أم أنهيت دراستك "

أجابت مبتسمة " هذه السنة كانت الأخيرة لي في الجامعة ولم يتبقى سوى أن تظهر النتيجة "

قلت بحنان " أتمنى لك النجاح بنيتي "

أمضيت معها بعض الوقت نتحدث في أمور عديدة أعجبني كثيرا كثرة استماعها لي أكثر من حديثها
وإجاباتها التي لا تخرج من جوفها إلا بعد صمت للتفكير
ثم تركتها وغادرت ومضت بنا تلك الليلة هادئة حتى الصباح الذي أعلن عن دخول يوم جديد

استيقظت اليوم مبكرا استحممت ولبست تنوره طويلة سوداء اللون وقميصا شتويا أحمر اللون لوني المفضل
دائما وحجابا أحمر به بعض الخطوط السوداء الرقيقة المتداخلة , حاولت وضع بعض الماكياج على خداي
ليبدوان كلون بشرتي , يخجلني لونهم الوردي هذا الذي يزداد توهجا عند أي نوع من الانفعالات التي تطرأ
علي ثم خرجت وأنا اشعر بتوتر شديد وجدت الخالة في طريقي وكان ذلك من حسن حظي أخذتني لمكتب له
باب كبير جدا ما إن فتحته حتى ظهر لي خمس شباب يجلسون في أماكن متفرقة وبجلسات مختلفة كانوا يتحدثون
فعم الصمت حال رؤيتهم لي واعين الجميع كانت ترصد دخولنا , ألقيت التحية بصوت يقارب للهمس ونظرا
للصمت القاتل استطاعوا سماعي فسمعتهم يردون تحيتي , توجهت لأبعد مكان عنهم كان كرسيا فرديا في
طرف المكتب وجلست بصمت وعيناي لم تفارقا الأرض , عادوا للحديث مجددا مع بعضهم في شئون مختلفة
وكان يبدوا عليهم رقي أفكارهم وثقافتهم واحترامهم لحديث بعض وإنصاتهم لمن يتحدث دون مقاطعة , أنا لم
أستغرب أن يكون أبناء والدي الحبيب هكذا لأني كنت الحظ هذا عليه أيضا كلما جلست معه

" رنيم "

كان هذا صوت الخالة سماح الذي أخرجني من أفكاري ورفع نظري للجميع ثم تابعت قائلة

" أعرفك على أبناء والدك شامخ "

أشارت بيدها على الشاب صاحب النظرات النارية القاسية الذي وجدته عند باب القصر وتابعت

" هذا هوا ابنه الأكبر غيث وهذا أبني بحر أما هذا فهوا صهيب وهناك زبير وأديم "

كنت أنقل نظري مع يدها لهم واحدا واحدا الذي اسمه بحر كان الاختلاف في ملامحه عنهم واضحا أما الأكبر
فقد كان الأقرب شبها لوالدهم والثلاثة الباقون أخذوا بعضا من ملامح والدتهم لون العينين العسلي الفاتح
فيما عدا صهيب والشعر البني الفاتح أيضا وكانوا يتسمون بالوسامة ولكن أكثرهم وسامة كان الذي أسمه
أديم كما يبدوا عليه بعض الغرور والأكثر صرامة يبدوا لي غيث وصاحب النظرات الحادة الشرسة هوا
صهيب وزبير يبدوا الأكثر ودا وابتسامة أما بحر فيبدوا هادئا وساكنا لا تعرف ما يدور بداخله كاسمه تماما

ثم تابعت والدتهم قائلة " وهذه كما تعلمون ابنة والدكم المفضلة رنيم "

ابتسمت بخجل وقلت " سرني التعرف عليكم "

ابتسم الذي اسمه زبير وقال " ونحن كذلك "

ثم قال بحر وهوا ينظر للأرض "لقد سررنا بلقائك " واكتفى البقية بالصمت

تلقى بعدها غيث اتصالا من شخص ما فخرج وعاد ومعه رجل يبدوا لي في الستين من العمر قدمه غيث
للجميع قائلا " أعرفكم هذا السيد راجي من سيحضر معنا الوصية بطلب من والدي وأعرفك بالجميع هؤلاء
أشقائي وهذه الآنسة رنيم ابنة صديق والدي رحمهما الله "

قال السيد راجي مبتسما " صباح الخير , لقد سررت بلقائكم "

رد عليه الجميع التحية فيما عدا واحد منهم اكتفى بالنظر له ببرود وكأنه يعرفه وهذا ما استغربته ثم جلس
بجوار أديم , بعد قليل رن هاتف غيث مجددا فخرج دون أن يجيب عليه

⚘⚘⚘الجزء الرابع⚘⚘⚘

عليا اليوم زيارة قصر عائلة صديقي شامخ إنه اليوم الذي كنت أخشاه منذ عام , لا بل أعوام أنا أكره
فتح الوصايا وخاصة إن كانت مثل هذه التي أعرف أنها ستكون كارثة بالنسبة إليهم

حملت حقيبتي وخرجت من منزلي متوجها لقصر العائلة وصلت بعد وقت قصير فكان غيث في استقبالي كم
أحب أبناء شامخ وكم يعجبني حسن تربيته لهم من أكبرهم لأصغرهم دخلنا المكتب وكان الكل موجودا هناك
أبناء شامخ الأربعة وابن زوجته وابنة صديقه التي كانت تجلس مبتعدة عن الجميع وشقيق صديقه موجوداً أيضا
توجهت فورا بعد إلقاء التحية إلى كرسي المكتب الجلدي الأسود وضعت الظرف على الطاولة ثم قلت بتبات
وجدية

" إذا الكل موجود , أبناء شامخ الأربعة غيث أديم زبير صهيب شامخ آل يعقوب وزوجته سماح عاكف
وأبن زوجته بحر جبران و رنيم حيان والسيد راجي آل بدري , هلا وقعتم أمام أسمائكم لو سمحتم لإثبات
الحضور"

تناقل الجميع الورقة والقلم ليوقعوا أمام أسمائهم ثم سلمت لكل منهم الورقة التي تركها شامخ له ليقرأها قبل فتح
الوصية , كان الحزن باديا على وجوه أبنائه غيث وأديم وزوجته وابنها بحر والسيد راجي عند قراءتهم أما
الفتاة فكانت تمسح الدموع التي غلبتها براحة يدها وأما ما أثار انتباهي هي الصدمة التي علت وجوه زبير
وصهيب وهما يقرءان ما كتب لهم ونظرا للجميع وكأنهما يبحثان عن الصدمة المماثلة في وجوههم جميعا

قلت بهدوء " هل انتهى الجميع , هل نبدأ بفتح الوصية الآن "

طوى كل منهم ورقته وخبأها في جيبه ونظر الجميع لي مباشرة

فتحت الظرف وأخرجت الأوراق منه حسب ترتيب شامخ لها قبل وفاته وقلت

" أرجوا منكم أن تلتزموا الصمت والهدوء حتى أنهي قراءة ما جاء فيها وأحب أعلامكم أن المحكمة
تتولى الوصية وتنفيذ كل ما جاء فيها , والتنفيذ سيكون تحت أشرافي"

ثم سميت الله وبدأت قراءة الورقة الأولى

" أبنائي غيث بحر أديم زبير صهيب و رنيم زوجتي العزيزة سماح صديقي وشقيق صديقي العزيز السيد
راجي عندما ستقرئون هذه الورقة فسأكون غائبا عنكم منذ شهور وقد قرأ كل منكم ما كتبت له فلا تخذلوا
وصيتي ولا تخالفوها لأرتاح في قبري "

ثم أبعدت الورقة جانبا وبدأت بقراءة الأخرى

" أول ما أوصيكم أولادي أن لا تثنوا كلمتي التي تركت لكم وأن تكونوا يدا واحدة كما كنتم دائما, بدايتا غيث
سيكون وكيلا على أملاكي حتى يُقضى في الأمر لسنين لا يعلمها غير الله ومن ثم أنا والمحامي عارف وستسير
الأمور كما كانت عليه حتى تنقسم تركتي بينكم من جديد "

رفعت الورقة الثانية وأنا لا أرى إلا علامات الاستغراب على الجميع فيما عدا الفتاة وصديقه وقرأت بعدها
الورقة الثالثة والأخيرة

" والآن هذه وصيتي لكم حتى يحكم الله أمرا غيره ومن خالفها عليه الرضا حينها بحكمي عليه , غيث يتزوج
من رنيم ابنة صديقي حيان "

وقف عندها غيث على طوله ينوي التحدث معترضا وعيناه تقدح حمما من الصدمة والغضب وفتحت الفتاة
فمها مندهشة فقلت بحزم مسكتا إياه قبل أن يتحدث

" أجلس يا غيث حتى ننهي ما بدأنا رجاءً "

جلس وكأنه يجلس فوق فوهة بركان , هذه البداية ولا خيار أمامي سوى المتابعة فتابعت القراءة قائلا

" إن رفض غيث ذهبت حصته لرنيم فور إغلاق الوصية بعد أسبوعين من فتحها نقلا شكليا حتى فتح
الوصية الثانية التي سيتم فيها تقسيم الإرث أما إن رفضت رنيم ذهبت كل ثروتي للجمعيات الخيرية ودور
الأيتام "

هنا وقفت الفتاة في صمت ثم همت بالخروج فقلت معترضا " إلى أين يا آنسة "

أجابت بغيض " لقد أخذت نصيبي وسمعت ما يخصني فما الداعي لوجودي "

قلت معترضا " على الجميع الحضور حتى الانتهاء منها والتوقيع كذلك فالتزمي بالشروط رجاء"

عادت وجلست على كرسيها تنضر للأرض باستياء , صراحة لا ألومهما فهذا أسمه زواج بالإكراه سامحك
الله يا شامخ , لو أعلم فقط لما كنت تصبوا ,وليست هذه إلا الشرارة الأولى

تابعت قراءتي " بحر "

لم ينظروا إليا حينها بل نظروا جميعهم باتجاه بحر وكأنهم يقرءوا تعبير وجهه

تابعت " بحر ممنوع من ترك العائلة والقصر ومن أي قرار شخصي يتخذه قبل فتح الوصية الأخرى وتقسيم
الإرث "

أبتسم بحر حينها ابتسامة سخرية وكأنه كان يقرأ ما في الوصية ويتوقعه , أم أنه هدوءه الدائم هوا السبب
, حقيقتا لا أعلم ولقد أراحني صمته وعدم اعتراضه سامحا لي ذلك بالمتابعة فتابعت قائلا

" أديم يعمل في قسم الحسابات في فرع المنطقة الجنوبية موظفا عاديا حتى وقت اقتسام التركة مبتعدا عن
باقي أقسام الشركات "

وهنا تفجر البركان فوقف قائلا بغضب " ما هذه المهزلة "

قلت بهدوء " دعني أنهي ما بدأت والتزم الصمت فلا شأن لأي منا بما كتبه والدك فيها لتصرخ بنا "

فتابعت وهوا لا يزال واقفا " وعلى المحامي عارف أن يتابع عمله ويتأكد من حضوره اليومي إلا للإجازات
الرسمية والظروف الطارئة التي يحددها المحامي وراتبه لا يتغير عن السابق كما صلاحياته في المقر
الأصلي لشركاتي هنا ويمنع من فصل الموظفين "

تنهدت بضيق وتابعت " زبير يتزوج من حور ابنة صديقي علام والتي تكون ابنة شقيق السيد راجي "

هنا لم يعترض زبير ولم يرمش له جفن اكتفى بهز رأسه بيأس وهوا ينظر للأسفل , لكن من انفتحت عيناه
على أتساعها وتغيرت ملامح وجهه حتى ضننت أنه سيموت حالا كان بحر وكأن هذه اللكمة وجهت إليه

ثم تابعت

" ومن يرفض من أبنائي شرط الوصية الخاص به سيحرم من حصته بالكامل ويخرج بثيابه التي عليه ويتحول
نصيبه من الإرث لرنيم كاملا, غيث وزبير يسري عليهم ذات الحكم حال الطلاق وفي حال الزواج من زوجة
ثانية أيضا حتى يتم اقتسام الميراث وأقصى مدة لترك أحدهم القصر هاجرا للآخر شهران فقط

هذه هي وصيتي لكم فمن أراد إرضائي و أن يأخذ نصيبه من ثروتي فليعمل بها حرفيا حتى يتم تقسيمها في
أجل غير مسمى ومن أراد غير ذلك فلا يلقي باللوم علي "

ثم قلت معقبا " وأحب أن أعلمكم أن وقت تنفيذ الوصية سيكون بعد أسبوعين من اليوم خلالهما تقررون فمن
وافق ستقوم المحكمة بإكمال ذلك حسب ما أوصاهم والدكم وبسرية ومن رفض فعليه أعلامي فقط ومن لم يأتي
منه جوابا حتى ينتهي الأسبوعين سأعتبره رافضا لشرط الوصية "

جمعت الأوراق ووضعتها في الظرف المخصص لها وهممت بالوقوف حينها لم أجد بالمكتب سوى الفتاة
وزوجة شامخ اقتربت الفتاة مني بضع خطوات تجر قدميها جرا وقالت بصوت يكاد يُسمع وكأنها تهوي في
بئر
" هل ما تقوله صحيحا هل هوا صحيح "

قلت بيأس وقلة حيلة " نعم وإن رفضتِ الزواج منه فسنبدأ بإجراءات نقل الثروة للمكان الجديد "

ثم خرجت مغادرا في الحال

لم أكن أعي ما يجري حولي , كانت مثل اللكمات التي توجه إليا واحدة بعد الأخرى أنا أم ومشاعري أقوى
حتى من مشاعر أبنائي حينما يتلقون كهذه المصائب

تمنيت حقا أن تكون رنيم زوجة لأحد أبنائي ولكن ليس مكرها كليهما على ذلك , وتمنيت أن يعاقب شامخ أديم
في وصيته ولكن ليس بهذه القسوة , كما تمنيت أن لا يتزوج زبير من زمرد ولكن ليس مجبرا ومن تم مكرها
على الزواج من فتاة غيرها لم نعرفها أو نسمع عنها يوما .

ما أن أنهى المحامي كلامه وبدأ بجمع أغراضه للمغادرة حتى رأيت أبنائي يخرجون من المكتب واحدا تلو
الآخر وكأنهم يهربون من الواقع الموجود فيه وكأنه بخروجهم سينتهي كل شيء ويبقى ذاك الكابوس هنا ولن
يخرج خلفهم , لم يبقى سوانا أنا و رنيم التي لم تستطع الهرب من الحقيقة ولم تستوعبها بعد , اقتربت من
المحامي وتحدثت معه بكلمات لم أفهم منها شيئا أجابها وخرج وما هي إلا لحظات وكانت رنيم مغمى عليها وقد
هوت أرضا , ركضت ناحيتها بخوف وجزع هززتها كثيرا ناديتها ولم تجب لم أعلم كيف سأتصرف خرجت
ركضا للخارج حيث وجدت أبنائي هناك يجلسون في صمت ماعدا بحر الذي يبدوا أنه قد خرج ولم أستغرب ذلك
منه لأني أعرفه جيدا

صرخت بهم " رنيم أغمي عليها وهي لا تستفيق "

وقفوا جميعهم دون حراك وتوجهوا بنظرهم لغيث الذي كان ينقل بصره بيني وبينهم ما كان أمامي من خيار يبدوا
أن هذه الفتاة قد أصبحت شيئا يخص غيث أحببنا أم كرهنا توجهت ناحيته وسحبته من يده وتوجهت به مسرعة
جهة المكتب

ما أن أنهى المحامي كلامه حتى شعرت أن كل شيء خانق في ذاك المكان وكأن جدرانه تنطبق على ضلوعي
وتمنع تنفسي , كيف أتزوج ... أنا أتزوج ومن فتاة لم أرها إلا بالأمس ورغما عني وعنها, أنا من قام بنفي
فكرة الزواج من جزيرة عقلة نهائيا بعد أن عِفتُ كل النساء وأكرهوني فيهن حد الموت , أتزوج بفتاة لا أعرف
من تكون ولا من أين أتت ما هوا ماضيها ما هوا حاضرها وما سيكون مستقبلها

خرجت مسرعا قبل أن تنتهي أنفاسي وما كنت أرى من أخوتي إلا الحال نفسه حتى صرنا نجلس جميعا خارج
المكتب وكأننا نهرب من الوصية ومن المحامي عارف أيضا ولاذ الجميع بالصمت كلن يحاول استيعاب ما قد
سمع للتو وما قد تقرر من مصيره

رفع زبير رأسه وقال " صهيب يبدوا أن والدي أحبك دون الجميع فلم يعطيك صفعة من صفعاته "

أجاب صهيب بابتسامة سخرية " بل لكل مجتهد نصيبه يا أخي وما سلم منا أحد "

أنا كنت الأكبر وأنا من كان عليه أن يجبر الصدع لكي لا ينهار السقف فقلت بجدية

" أسمعوا عليكم تنفيذ وصية والدي فالشارع لا يرحم "

أجاب أديم " وهل تسميها وصية , تلك كارثة وعلينا إيجاد حل لها "

قال زبير بهدوء ممزوج بالضيق " لا حل لها إما أن تنصاع وإما أن تنام على رصيف الشارع ولا خيار
ثالث أمامك , حبذا أن لا نفترق يا أشقائي أرجوكم "

قلت بضيق " لن أتزوج لا يمكن أن يحدث ذلك "

وجه لي صهيب كلامه بحدة قائلا " وهل تنصحنا وتنسى نفسك , أنت من أقام الثروة كلها مع والدي كنت
يمينه التي يتحرك بها ووكلك دوناً عنا جميعا لتكمل الوصية وتحفظ ثروته وثروتنا فهل ستضيع تعب والدي
وتعبك لتضيع العائلة كلها "

قال أديم بأسى " أما أنا فلقد رماني والدي في الشارع على كل حال , أعذروني عن أكمال المشوار "

صرخت فيه بغضب " لا تقارن يا أديم فلا وجه مقارنة بين أن تعمل لسنين معدودة حيث أختار والدي وبين أن
تتشرد لباقي سنين حياتك "

ثم نظرت لهم وقلت بجدية " من منكم أعتاد حياة الفقر أو جربها لا تستهينوا بالأمر فأنتم لم تجربوه فإن كان من
عاش فيه منذ صغره يعاني فكيف بمن تربى على الرفاهية لو يصير إليه , فلا تقرروا قرارا قد تندمون عليه حين
لا ينفع الندم فهذه محكمة وقانون وما سيضيع منك لن يكون بإمكانك إرجاعه "

عاد الجميع للصمت وكأن كل واحد منهم يقلب أوراق تفكيره في رأسه مجددا وما هي إلا لحظات حتى جاءت
والدتي تصرخ طالبة نجدة الفتاة التي أغمي عليها بالداخل وهاهي المصائب تبدأ بالهطول كالمطر الغزير
وقفت بلا شعور لسماع ذلك فالتوتر قد أخذ منا نصيبا ولم يكن رأسي يفهم ما يدور حوله وكذلك حال الجميع
حيث هموا بالوقوف أيضا نظرت لهم لأرى ما سيفعلون حيال الأمر فرأيت الجميع ينظر إلي

ما يعنون بذلك هل هذه الفتاة أصبحت قدرا محتوما وعليا تقبله هل يعنون أنني وحدي من يحق له الاقتراب
منها , كنت كمن فقد حواسه جميعها والكل يتحدث معه وهوا لا يفهم شيئا ولا يستطيع الصراخ بهم ليفهموا أنه
لا يفهمهم , وما شعرت إلا بيد أمي تمسك بي وتسحبني أنا دون الجميع كنت أود الصراخ بها لما أنا وليس غيري
ولكن لساني رفض الكلام لأنه يعي جيدا أنه قد قضي الأمر ولا مجال للرفض وموقف أمي ما كان إلا هوا أكبر
دليل على ذلك

دخلت بي لغرفة المكتب لأجد فتاة ملقاة أرضا دون حراك بل أنا حينها من كنت فاقدا للوعي رغم وقوفي على
قدمي , ما أفعل وكيف أتصرف هذان السؤالان اللذان لم أجد لهم جوابا أبدا

هزتني أمي من كتفي وكأنها تريد إيقاظي مما أنا فيه وقالت بأمر

" غيث ما بك واقفا كالصخرة أنقل الفتاة للجناح السفلي بسرعة "

حملت الفتاة بين ذراعي وسرت بها حتى الجناح وضعتها على السرير وهممت بالخروج عندما صرخت بي
والدتي

" غيث أحضر ماءً من مطبخ الجناح بسرعة "

ورأيتها وهي تفك حجاب الفتاة لتعطيها مجالاً أوسع للتنفس , لولا وجود أمي معنا اليوم لماتت الفتاة في المكتب
ولا يدري عنها أحد وحتى إن درى بها ما كان ليعلم كيف سيتصرف , توجهت من فوري للمطبخ أحضرت
قارورة ماء صغيرة ومددتها لها فتحتها وسكبت شيئا منها في يدها ورشت به وجه الفتاة كانت تئن أنات بسيطة
وأغمضت عيناها بشدة , كان عليا الخروج حينها قبل أن تفتح عينيها ولكن صوت أمي أوقفني من جديد قائلة

" غيث أحضر لي السكر رجاءً "

يا لا تعاستك يا غيث وما أروعه من يوم هوا هذا اليوم , تمنيت حينها أن أمسك بالكرة الأرضية وأكسرها بين
نصفين عسى هذا الواقع أن يتغير , غادرت وجلبت السكر ثم خرجت من الغرفة والجناح نهائيا

عدت لأخوتي بالخارج وهم على حالهم الذي تركتهم عليه
سألني زبير قائلا " كيف هي الفتاة الآن "

أجبت غير مدرك لشيء مما يجري " لا أعلم يبدوا أنها ستستفيق "

قال صهيب بغضب " ستستفيق أم استفاقت أجب جوابا واضحا يا رجل قد تحتاج للطبيب وعلينا الاتصال به "

آه حقا غاب هذا الأمر عن ذهني تماما الطبيب , عدت باتجاه الجناح وحدثت والدتي من خلف باب الغرفة

" أمي هل تحتاجون لطبيب "

سمعت أمي توجه الحديث لها " هل نحظر الطبيب يا رنيم هل أنتي بخير "

ثم جاء ردها بصوت متعب " لا داعي لذلك سأكون بخير "

ابتعدت وعدت للخارج وقلت للجميع " إنها بخير ولا داعي لإحضاره "

قال أديم متسائلا " أين هوا بحر لقد خرج من فوره ولا نعلم أين "

أجاب صهيب الذي كان بحر المقرب إليه بيننا جميعا " اتصل به ولا يجيب "

ثم أضاف قائلا بحزن

" لما والدي ربطه هوا فقط بالعائلة وحرمه من أن يقرر مصيره حتى الله وحده يعلم متى
يكون, أنا لا أفهم شيئا ما أعرفه جيداً أن والدي يحبه كما يحبنا جميعا لما يفعل ذلك به وبنا "

قال زبير " ها قد قلتها بنفسك به وبنا فهوا لم يستثني أحدا وأنت تعلم أن بحر أراد دائما أن يعتمد على نفسه بعيدا
عن تركة والدي "

سأله أديم " وما ستفعله أنت يا زبير هل ستتزوج بتلك الفتاة التي الله أعلم كيف ومن تكون "

تنهد زبير بضيق وقال " لن أخالف أمر والدي حيا كان أو ميتا ولو كان فيه قطع رقبتي وما أعلمه جيدا أنه
كان دائما يخاف على مصلحتنا "

لم أستغرب أن يقول زبير ذلك فهوا من لم يعصي أوامر والدي يوما ولكن بحر , ترى فيما يفكر

قلت متسائلا " ترى هل قرر بحر أن يخل بشرط الوصية "

أجاب صهيب " مستحيل , بحر لن يكون أنانيا ليفكر في نفسه فقط فعائلة والده تحتاجه بشدة إنه محاصر
ولا يستطيع الفكاك من هذه المصيبة هوا فقط يحتاج للابتعاد عن كل شيء أعرفه جيدا وأعلم أين يكون
الآن فكل ما يحتاجه أن يكون هناك وحده "

خرجت من ذاك القصر الذي تحول في نظري لجحيم والبقاء فيه أشبه بالموت بعدما سمعته أذناي
وتوجهت لصديقي الذي يشبهني في كل شيء حتى في أسمي غير أنه يتقن الغدر ولا أتقنه أنا , أبث للبحر
همومي وما من مجيب , صهيب لا يتوقف عن الاتصال بي بين الحين والآخر أعرفه جيدا هوا يعلم أين أكون
ويريد فقط أن يشعرني بوجوده ويذكرني بأن لا أتهور في أي قرار أتخذه , لم يترك لي والدك فرصة للتهور يا
صهيب يعلم أنه لا عائل لعائلتي غيري وأقسم أن هذا وحده فقط ما سيجبرني على الانصياع مكرها

لماذا يا والدي شامخ لماذا , لقد قسوت على الجميع وقسوت عليا أكثر منهم , رأيت رقم صهيب يضيء
على شاشة هاتفي فرفعته بتردد ثم أجبت

" أجل يا صهيب "

جاءني صوته قلقا " أين أنت يا بحر لقد تأخرت , لا تقسوا على نفسك يا أخي الجميع منشغل عليك هنا
احمد الله أنك من المخفف عنهم في الوصية "

أجبت مبتسما بسخرية " المخفف عنهم بل قل أسوأهم حالا "

قال بحيرة " لماذا , فكل ما عليك أن لا تترك العائلة وتؤجل أي قرار يخصك حتى حين ولا أعتقد أنك كنت تفكر
في شيء من هذه الأمور"

قلت وكلي ألم " إنها هي يا صهيب هي , سرقها مني والدك وأعطاها لأبنه , كل هذا سيكون أمام عيني كيف
تقول أنه خفف عني "

أجاب بصوت مندهش " من ... من تقصد يا بحر, هل تعني تلك الفتاة أيعقل أن تكون هي ذاتها ولكنها سنين
قد مضت على الأمر ظننتك نسيتها "

قلت بألم " حتى إن كنت نسيتها ولنفرض ذلك ولنقل أني تناسيتها فما فعله والدك سيشعل الفتيل في قلبي من
جديد , خطر ببالي كل شيء حين ذكر المحامي أسمائنا إلا أن يقتلني والدي شامخ بهذه الطريقة "

قال مبررا " هوا لا يعلم يا بحر وإلا ما كان طلب تزويجها لزبير "

قلت بحزن " هذا ما أتمناه , وكل ما أخشى أن يكون تعمد ذلك فلما هي من بين نساء الأرض اختارها "

قال موضحا " لأنها ابنة صديق طفولته وشبابه رأيت ما فعل مع رنيم وغيث لابد أنه أختارهم لأولاده
لأجل أصدقائه المتوفين "

قلت مقاطعا " وداعا يا صهيب "

قال بحدة " أي وداعا هذه , في أي مكان من الشاطئ أنت لأكون معك فورا "

قلت بضيق " أريد أن أكون وحدي "

أنهيت الاتصال وأغلقت الهاتف كليا وعدت لأغرق في همومي من جديد

الماضي قبل أربعة سنين

كنت أقف مع صديقي سعيد وكان يحكي لي عن أخر رحلة له وما حدث فيها لكني لم أكن معه ولا أدري
ما يقول فعلا , فعينيا كانتا ترصد تلك الفتاة التي رأيتها في بداية العام الدراسي كنت أنا في السنة الأخيرة
لي في الجامعة فقد التحقت بالجامعة متأخرا سنتين وهي سنتها الأولى على ما يبدوا انتبهت الفتاة فجأة
لنظراتي التي لم أنوي بها سوى رصد تحركاتها وليس لفت انتباهها لي , وما أن التقت عينينا حتى أحسست
بشيء غريب تدفق من أصابع قدماي حتى شعر رأسي
أشاحت بنظرها للأرض بسرعة في خجل وعلى شفتيها ترتسم ابتسامة رقيقة , كدت اقفز فرحا حينها
هل هذا يعني أنها تعلم بنظراتي الدائمة لها كلما التقينا , هل يعني أنها تشعر بوجودي حقا

" هيه بحر ما بينك وبين تلك الجميلة لقد كشفت أمرك "

أخرجني صوت سعيد المزعج من نشوة سعادتي تلك فقلت بتذمر

" لاشيء بيني وبينها هل تراني واقفا معها مثلا "

قال متبسما " لا ولكني أرى نظراتك لها جيدا , كما يبدوا أنها منتبهة لوجودك هي أيضا , إنها من
الطالبات الجدد شقيقتي من نفس دفعتها هل أخدمك بشيء "

قلت بضيق واضح " بما تهذي أنت عن أي خدمة تتحدث "

قال بابتسامة ماكرة " أعني اسمها رقم هاتفها ترسل لها شيئا أبيض يسمونه ورقة "

نظرت له نظرة استهجان وتركته ومضيت

الحــاضر

يا لا سخافتي حقا هل ضننت أن عمها سيوافق على تزويجها لي حينها أنا أبن جابر
وبالتأكيد لن يترك الآن فرصة كابن شامخ يعقوب , ولكن ماذا لو رفض فلم يتحدث والدي شامخ في
الوصية عن ذلك يبدوا أنه متأكد من موافقته والغريب أنه تصرف اليوم وكأنه لا يعرفني هل نسي
وجهي يا ترى فقد مضت سنين على ذلك

رميت بالحجر العاشر بعد الألف في البحر وكأني أريده أن يجرب الألم مثلي ولكن شتان بينك
وبيني يا بحر فلم نتشابه سوى في الاسم وكتم الآلام

ميس

عدت اليوم من عملي مبكرا فلم تبدوا لي والدتي بخير صباح اليوم وحين عدت من المدرسة كانت متعبة
جدا , فتحت باب البيت بالمفتاح بعد أن وقع مني ثلاث مرات لا أعلم ما حل بي حمدا لله أنه لا يطاردني
أحد لكنت الآن في عداد الموتى

دخلت مسرعة باتجاه غرفتها وجدتها نائمة على سريرها بسلام اقتربت منها وضعت يدي أمام أنفها لأعلم
إن كانت تتنفس فكل ما أخشاه أن أفقدها هي أيضا , هممت بالخروج عندما سمعت صوتها يناديني

" ميس يا ابنتي لقد عدت مبكرا "

ابتسمت وقلت " استأذنت من عملي وعدت لأطمأن عليك "

اقتربت منها وجلست بجوارها وقبلت يدها فقالت بحنان

" أنا أتعبك معي أنتي لست حملا لكل هذه المسؤولية يا ميس "

قلت بضيق " وهل اشتكيت لك يا أمي لما تقولين هذا "

قالت بحزن " أنت صغيرة على الدراسة والعمل ومرضي سيلازمني ما حييت والأدوية كثيرة ومرتـــ ..... "

قاطعتها قائلة " أمي يكفي لما تعيدين دائما نفس الكلام "

تنهدت وقالت " كم أتمنى أن ترتاحي من عنائك "

مسحت على شعرها وقلت " لن أرتاح إلا وأنتي معي "

قالت بهدوء " وأنا لن أرتاح قبل أن أطمئن عليك اذهبي وابحثي عنهم يا ابنتي "

قلت بصدمة " ماذا !!! أبحث عنهم , الموت جوعا والنوم في الشارع أرحم لي منهم "

قالت " أنا لا أخشى عليك من الجوع ولا الشارع بل ممن فيه "

وقفت وقلت بضيق " أمي إنسي هذا ولا تذكريه لي مجددا كي لا أغضب منك "

لا أعلم لما تصر والدتي على الحديث في الأمر ذاته يوميا ولما لا تكرههم مثلي أولائك المتحجرين قساة القلوب
كيف أبحث عنهم وهم لم يسألوا عني يوما أتمنى أن لا أراهم في حياتي لأني أعرف والدتي وأفكارها جيدا ولا
أعتقد أنهم سيفعلون ذلك

توجهت للمطبخ لأرى ما ينقصنا لأجلبه , عليا البحث عن عمل آخر قد أجد فرصة أفضل توفر لي راتبا أكبر
فلم يترك لنا والدي شيئا فهوا لم يملك شيئا إلا الذكريات المؤلمة التي يسجنها في عينيه المنكسرة ألما وحسرة
سحقا لهم لن أسامحهم ما حييت على أشياء لا أعلمها ولو علمتها لازداد كرهي لهم بالتأكيد

نهاية الجزء الرابع

كيف سيواجه الجميع تلك الوصية من سيوافق ومن قد يرفض شرطها المتعلق به وما تخبئه لهم أقدارهم

أحداث ذاك اليوم لم تنتهي بعد تابعوها في الجزء القادم ولا تحرموني من تعليقاتكم وتوقعاتكم

يتبع ..........
 
رد: أنا من خذلت نفسي

الفصل الخامس + الفصل السادس⚘

رنيم
لابد وأنكم تريدون معرفة تفاصيل باقي ما حدث هنا بعد خروج المحامي سأحكي لكم كل شيء

فتحت عينيا بصعوبة ابحث عن شيء يخبرني أين أنا ثم تذكرت شيئا فشيا ما كان قبل قليل ووقوفي في ذاك
الموقف الرهيب حينما كنت كمن يبحث عن حقيقة ضائعة منه ويتمنى أنه لم يجدها بعد ليجد شيئا مختلفا
عنها سألت المحامي وكلي أمل أن يكون كل ما قاله مجرد دعابة من والدي شامخ ليأتيني رده القاطع ولتظلم
الدنيا في عينيا من جديد وكأني بوالدي الذي رباني يموت مرة أخرى اليوم

ولم أشعر بشيء إلا وأنا الآن على السرير الذي نمت عليه ليلتي الأولى هنا والخالة سماح تتحدث معي بكلمات
لم أكن أفهم منها شيئا حتى وضح الصوت ثم تحدث أحدهم من الخارج وسألتني إن كنت أحتاج للطبيب
أي طبيب هذا الذي ستأتونني به أيوجد لديكم أطباء يغيرون الواقع لتجلبوه إلي , فأجبتها بالنفي فلا طبيب في
العالم يعرف علاجا لي سوى رحمة الله

قالت بحنان " هل أنتي بخير يا ابنتي بما تشعرين الآن "

قلت مطمئنة " بخير خالتي لا تقلقي علي , هل حقيقة هوا ما حدث قولي لي أنني أتوهم كيف يجبرني
والدي على الزواج من ابنه المكره أيضا أنا لا أصدق ذلك "

أجابتني بحزن " هل تري في ابنه عيبا , لقد رباه من رباك وهوا كان ساعده الأيمن دائما "

أجبت موضحة " لم أقصد ذلك لا تفهميني خطأ أرجوك ولكن هذا إكراه وإلا الزواج لا يكون بالإكراه
هوا لا يريدني ولكل منا حياته ودولته وعالمه المختلف تماما "

ربتت على كتفي وقالت " ما بيدي حيلة يا ابنتي إن كنتي لا تريدي فارفضي فلا أحد مكره على شيء "

لقد زادتني ألما فوق ألمي بدل مواساتي , كانت جملتها كالسيف الذي وضع على عنقي حيثما التفتت سيقطعه

بعد عدة ساعات أمضيتها في البكاء والحزن والحيرة جاءتني الخالة مجددا طرقت الباب ثم دخلت بهدوء
تحمل طعاما وآه ليس هذا ما كنت أحتاجه أنا أريد فقط أن أعود لبيتي ولا أفارقه أبدا

قالت وهي تقترب مني مبتسمة " هيا كلي شيئا يا رنيم فأنت لم تأكلي منذ الصباح "

قلت بهدوء " لا أريد فأنا حقا لا أشعر بالجوع شكرا لك واعذريني على كل ما أتسبب لك به من تعب "

قالت بحنان " ما هذا الذي تقولينه يا ابنتي يسعدني حقا وجودك هنا لقد كان شامخ يحدثني كثيرا عنك
لقد أحببتك قبل حتى أن أراك "

قلت بلطف " أنا حقا ممتنة لك أنتي طيبة جدا ولم يخطأ والدي في اختيارك "

قالت بابتسامة " باركك الله يا رنيم , إن كنتي تشعرين بتحسن فعليك مرافقتي لحيت أبنائي سنتحدث جميعا
بشأن الوصية وأنت جزء منها , وإن كنت متعبة أجلنا الحديث في الأمر "

يا الهي ألن تنتهي هذه المسألة , قلت برجاء " ألا يجدي ذلك بدوني أرجوك يا خالتي "

قالت بجدية " لا إنهم في انتظارك , الجميع موجود ما عداك أنتي "

قلت باستسلام " حسننا "

لبست حجابي وخرجت معها توجهنا لمكان لا أعلم هوا مجلس عائلي أو غرفة ضيوف أو شيء آخر
دخلت وألقيت التحية وجلست في بداية المكان في طرف الأريكة متجنبة قدر الإمكان النظر لصاحب
النظرات النارية , كان يجلس مقابلا لي زبير يليه أديم ثم غيث وبجانبي تجلس الخالة سماح بجانبها بحر يليه
صهيب , عمّ صمت قاتل وكأن كل واحد فيهم ينتظر أن يتحدث الآخر كان أول من تحدث زبير قائلا بهدوء

" علينا أن نتناقش فيما حدث ونخرج من هذه المشكلة بحل يرضي الجميع "

قال صهيب بحدة " أي حل هذا الذي تتحدث عنه إما أن يرضى كل منا بشرط الوصية الخاص به أو أن ينسى
وننسى أن له وجود في هذا المكان فلم يترك لنا والدي أي حل يكون وسطا بينهما "

قال أديم معقبا " اصمت يا صهيب أنت الوحيد الناجي بيننا "

قال صهيب بجدية " هذا في مخيلتك يا أُديم , وحتى إن فرضنا ذلك فبما سأنتفع أنا إن غادرتم القصر والعائلة
واحدا بعد الآخر هل سأبقى ووالدتي وحدنا هنا ما الذي سأجنيه حينها برأيك "

قال بحر بصوت هادئ " أنا أرى أن لا يعلم أحد بما في الوصية وتسير الأمور على طبيعتها أمام الجميع لكي
لا نكون سخرية وملهى لحديث الناس "

أنا أشهد أن بحر يصمت يصمت ثم ينطق دُررا

عقب زبير على كلامه قائلا " وأنا من رأيك وسنتحدث مع المحامي عارف والسيد راجي بذلك "

شعرت أنه لا مكان لي في نقاشهم هم عائلة يناقشون قضية قد تربطهم وقد تشتتهم أما أنا , آه لو لم يضع والدي
شامخ ذاك الشرط لكنت استغنيت عن أي نصيب لي في تركته حتى إن كان نصفها ولكنت تركته لهم وعدت
من حيث أتيت

" آنسة رنيم ألن تتحدثي ألن تبدي رأيك أنتي جزء من هذه الوصية "

كان هذا صوت أديم توقعت بحر أو زبير أن يقولا شيئا يخصني ولكن أديم أو صهيب لم أتوقعهما أبدا
جلت بنظري بين الجميع وهم محدقين بي فيما عدا غيث الذي كان مطأطأ برأسه للأسفل سكتت لبرهة
أجمع الكلمات في رأسي المشوش ثم قلت

" لا أعلم ما أقول لقد وضعني والدي شامخ في موقف لا احسد عليه, لو كنت مكاني ما كنت ستقول أو تقرر "

نظر للأرض وقال بصوت هادئ

" لم أعد أعلم من منا الأكثر ظلما في هذه الوصية كلما نظرت لأحدنا وجدت أن موقفه هوا الأسوأ بيننا "

أردت أن أقول حينها أنني أنا الأسوأ بينكم لأنكم على الأقل يمكنكم الفكاك من قيودها والنجاة بأنفسكم دون أن
تلحقوا الضرر بالبقية ولكني فضلت أن لا أجرح مشاعر غيث أمام أشقائه فمهما كان رفضه لي فمن غير اللائق
أن أقول أنني كارهة الزواج به حد التنازل عن كل شيء حتى إن كانت تلك حقيقة ما أشعر به , خصوصا أنه
لم يجرحني برفضه لي علنا حتى الآن

" آنسة رنيم هل لي أن أسألك سؤالا وتجيبيني عنه بصراحة "

نطق غيث الصامت طوال الجلسة أخيرا ليوجه سهمه الأول لي

رفعت نظري إليه وقلت " لما لم تقل بصدق فالصراحة قد تكون جارحة أكثر "

قال مجيبا " بالاثنين إذا "

أجبت ببرود " حسننا لك ما تريد "

نظر لهاتفه المحمول بين يديه وقال " هل تحدث معك والدي بشيء من أمر الوصية قبل وفاته "

وقفت من قوة وقع ما سمعت أذناي فقد فهمت ما كان يصبوا إليه من سؤاله كما فهم ذلك الجميع فلا
أغبياء بينهم على ما يبدوا عليهم , ضننت أنه يتجنب إهانتي أمامهم ولكن يبدوا أنه كان يخبئها لي مفاجأة
فقلت بغضب وأنا أشد من قبضة يداي

" ما تعنيه بما تقول هل تضنني على اتفاق مع والدك بشأن ما يجري الآن , لقد اخترتُ الصمت كي لا أجرح
مشاعرك أمام الجميع عندما أبدي اعتراضي رغم علمي لكرهك الزواج بي لكن هذا لا يعني أنني أرحب
بالفكرة لأني على علم مسبق بها و اتفاق مع والدي شامخ , أنا لا اسمح لك أن تتهمني هذا الاتهام "

قالت والدتهم موضحة " يا ابنتي لا تفهمي ما عناه غيث خطأ نحن هنا لنتفاهم لا لنتشاجر "

قلت بغضب وأنا أشير بأصبعي عليه

" بلى عنى كل ما قال فلينكر ذلك إن كنت مخطئة , اسمعني يا هذا لا يصل بك غرورك لتعتقد أنني أرمي
بنفسي عليك , وقسما برب البيت لولا هذه العائلة التي هي من صلب الرجل الذي كل ذرة نبتت في
جسمي تذكرني بأفضاله علي ما كنت لأفكر في الأمر لمجرد التفكير ولكنت اتخذت قراري منذ الصباح
ولكنت الآن نائمة بحضن والدتي هناك "

نظر إليا بنظراته النارية تلك وكأنه يريد إحراقي وإحراق كل شي وقال بغضب

" لا اسمح لك أن ترفعي صوتك علي ولا تضني أن كون ثروتنا مصيرها مرتبط بموافقتك أو رفضك سيعطيك
المجال أن تتطاولي علينا أو تفكري أننا سنترجاك ونتوسل رضاك لترضي عنا "

قلت بغضب مماثل " تلك أفكارك أنت وحدك فلا تحملني إياها , لقد حملت هم أخوتك كما حملوا هم همي ولم
يتجرءوا على إهانتي مثلك , ولكن الحق ليس عليك بل عليا أنا لأني أجلس بمكان لا داعي لوجودي فيه "

أكملت جملتي تلك وخرجت من فوري دون أن أسمع أي رد أو تعليق ولا أعلم ما دار بينهم بعدي توجهت للغرفة
جمعت ثيابي واتصلت بخالتي لتحضر هي وزوجها ويأخذاني من هنا ثم أخرجت الورقة التي تركها لي والدهم
في وصيته وخرجت عائدة لحيت كان الجميع كان النقاش محتدا بينهم فسكتوا بمجرد دخولي رميت بالورقة
على الطاولة وقلت

" هذه هي الرسالة التي تركها لي والدكم وهي بخط يده كما التي لدى كل واحد منكم يمكنك يا سيد كما يمكن
للجميع قراءتها لتعلموا أنني لست كما تعتقدون "

وغادرت خارجة خارج القصر ووقفت أنتظرهم في الحديقة ليأتوا ويأخذوني معهم

بعد لحظات جاءت والدتهم إلي اقتربت مني وقالت بهدوء

" أدخلي يا أبنتي للداخل لنتحدث فلن تُعالج الأمور بهذه الطريقة "

آثرت الصمت فأنا لا أريد أن أكمل ثورتي في هذه السيدة الطيبة

أمسكت بيدي وقالت " اسمعيني يا ابنتي أنا لم يبقى لي من العمر ما أتحسر فيه على تقلبات الحياة ولكن أبنائي
لازالوا في ريعان شبابهم ولهم أحلاما لم يحققوها بعد فلا تجعلي المشاكل بينك وبين غيث تصل لأن يضيع
الجميع ليُرضي كل منكما غروره وعناده وتندما حين لا ينفع الندم أعلم ما تشعرين به ولكنني أم وأنا أترجاك
أن لا تتسببي بضياع أبنائي "

نزلت دموعي دون شعور مني وأنا أتلقى كلماتها كالملح فوق جراحي فقلت بهدوء

" لا تترجيني يا خالتي أنت ارفع من ذلك بكثير "

ابتسمت وقالت بدمعة تملأ عينيها تكابر السقوط

" أنتي لم تجربي شعور الأم لكنتي عذرتي حتى أن اركع تحت قدميك "

قلت معترضة " حاشا لله يا خالتي ما عاش من تركعي تحت قدميه أو حتى تترجيه , أنا أريد الابتعاد فقط فلا
تضغطي علي أرجوك , أنا وابن زوجك لا يمكننا التفكير وأنا هنا لأننا لن نتوصل لحل سوى الشجار ومن
ثم التهور , عليا العودة لدولتي لأعرف ما سأقرر وفي حال توصلنا لاتفاق مشترك بالزواج فثمة أمور سوف
تسبب لي المشكلات هناك وعليا حلها أولا لذلك أعفيني من البقاء هنا حتى انغلاق الوصية أرجوك "

ربتت على كتفي وقالت " ليثني أملك خيارا واحدا لأوقف كل شيء ولو دفعت ثمنه عمري , لا أريدك أن
تجبري نفسك على مالا تريدين ولكن .... آه سامحك الله يا شامخ سامحك الله "

لم أعرف ما أقول فالموقف اشد من كل الكلمات وصلت حينها خالتي وزوجها وغادرنا من فورنا بعد أن
ودعتها وداعا حزينا تائها حائرا مثلنا

غيث

ما إن دخلت تلك الفتاة وجلست في طرف الأريكة حتى شعرت بالبراكين تفور بداخلي لما وجدت هذه على وجه
الأرض لما لا تختفي نهائيا دون أن يخسر أي منا شيء , كان الجميع يتحدث ويتحاور وأنا لا تدور في رأسي
إلا فكرة واحدة هل لرنيم والسيد راجي علم بما كان في الوصية ولو فكرة مبسطة هل يعلمان عن زواج الفتاتين
من أبناء هذه العائلة ولو دون تحديد من منا سيكونان أزواج لهما

لقد أجابت عن سؤال أديم وقد تجنبت ذكر رأيها في الأمر وحتى عند قراءة الوصية قررت الخروج والانسحاب
ولم تعترض , كان عليا أن أفهم فبادرت بالسؤال الذي أخرج كل ما في جوفها من استياء كانت تكتمه ولم أكن
لاحتمل هجومها علي فبدل أن أطفأ النار سكبت فوقها المزيد من الوقود فأفرغت كل ما كانت تكتم وخرجت
من فورها

قال زبير مستاءً " لا تُحل الأمور بهذه الطريقة يا غيث "

قلت بغضب أعمى كل بصيرتي " لا تنزلوا بأنفسكم تحت قدميها لكونها تتحكم بمصيركم "

قال بحر بهدوء يعاكس الموقف تماما " أنت المخطئ يا غيث فالفتاة لم تقل شيئا "

قلت بسخرية " وهل سننتظرها حتى تقول , كيف لوالدي أن يضع لها شرطا كهذا ولم يضعه لابنة صديقه
الأخرى "

قال زبير بحدة " ها قد قلتها بنفسك يا غيث وضع شرطا قاسيا لتوافق , هذا يعني أنه كان يجزم برفضها "

دخلت حينها رنيم ورمت بالورقة بعد أن ألقت سهامها النارية في وجه الجميع وخرجت , لاذ الجميع بالصمت
لوقت ثم أخد بحر الورقة وقال

" سأقرئها أمام الجميع لنرى وجهة نظر من هي الصحيحة "

ثم فتحها وبدأ بقراءة محتواها " بعد التحية والسلام ابنتي العزيزة رنيم ابنتي وطفلتي وصغيرتي التي لم
أنجب , عز عليا فراق الدنيا وأنتي لازلت أحوج من قبل إلى وجودي لأرد عنك كل ذلك الظلم والخطر
الذي يحدق بك , كوني قوية وواجهي قدرك واعذري ما سأقوم به ولو كان ضد رغباتك
أعلم أن خُطابك كثيرين وأنك اخترتِ رفضهم جميعا لأنك تريدين إتمام دراستك والنجاح في عملك بها ولأنني
طلبت ذلك منك مرارا رغم جهلك للسبب ولم تسأليني حتى لما فعلت ذلك , ابنتي الغالية على قلبي لا تغضبي
مني ولا ترفضي ما سأطلبه منك طاعةً لي ولأكون مطمئناً في قبري , حفظك الله ورعاك يا رنيم "

طوى بحر الورقة وقال وهوا يضعها في جيبه " سأحتفظ بها لأعيدها إليها فهي من حقها وعليها الاحتفاظ بها "

قال أديم بملامح تعلوها الحيرة " ما قصد والدي بالظلم والخطر الذي يحدق بها ولما هي تحتاج لوجوده "

نظر الجميع إلي وكأن الإجابة موجودة لدي فقلت مستاءً

" لما تنظرون جميعا إلي لا إجابة لدي كما تعلمون "

تابع أديم " تُرى هل أراد والدي أن يزوجها منك لذاك السبب المجهول "

نظر لي صهيب وقال " هل ذكر لك شيئا من ذلك في رسالته لك "

أخرجت الورقة من جيبي ونظرت إليها بتمعن وقلت " لا شيء غريب سوى هذه الجملة

( أحفظ الأمانة التي أمنتك بها في وصيتي فهي تحتاج لك خاصة دون الجميع ) "

قال زبير بحيرة " هل عناها هي أم الوكالة يا ترى "

أجبت في حيرة مماثلة " الوكالة تحدث عنها بشكل منفصل عن هذه "

عقب زبير " هي المعنية إذا , يبدوا أنها تحمل حكاية خلف صمتها الدائم "

قال بحر بصوته الهادئ " ولكنك ظلمتها يا غيث هي لم تكن تعلم شيئا عن الوصية "

قلت بحدة " لقد سألتها فقط وما كان عليها إلا الإجابة "

قال أديم باستياء " أنت اتهمتها ولم تسألها هي كانت تراعي مشاعرك طوال الوقت ما كان عليك أن تجرح
كرامتها هكذا "

قلت بضيق وأنا أشعر بالغضب مما يحل بي " هل أصبحت أنا المخطئ الآن وهي المسكينة الوديعة لقد رأيتم
بأنفسكم أنها أخذت بحقها وزيادة "

تنهد صهيب بضيق وقال " أرى أن ننهي الكلام في الموضوع كي لا يكبر أكثر من كبره "

دخلت حينها والدتي وقالت " لقد غادرت عائدة لدولتها "

كانت الصدمة والصمت هوا حال الجميع ثم تابعت قائلة

" لقد كانت في حالة سيئة جدا وأخبرتني أنها تحتاج لأن تبتعد لتفكر في قرارها وليتخذ غيث قراره أيضا بعيدا
عن التوتر والمشكلات وقالت شيئا لم افهمه عن أمور هناك ستتسبب لها بمشاكل إن تم تنفيذ ما جاء في الوصية
وعليها حلها في حال قررا الزواج "

كلمة زواج تلك التي قالتها أمي أشعرتني بانقباض في صدري وكأن أحدهم عصر لي ضلوعي حتى هشمها
لو تعلم تلك الفتاة مدى كرهي للزواج وللنساء لاختارت الموت على الزواج بي مهما كانت الأسباب

قال بحر بهدوء " يبدوا أن هذه الفتاة تحمل الكثير من الأسرار كيف لها أن تواجه ما تقول عنه دون سند تستند
إليه , لهذا هي انكسرت لموت والدي شامخ رحمه الله "

تنهدت بضيق وحيرة , لما يختارني والدي أنا لما ليس غيري لو انه أوصانا بحمايتها فقط كما كان يفعل وانتهى
الأمر , ما الذي تخفيه ورائك من أشياء يا رنيم

صهيب

لقد كان اليوم من أصعب الأيام التي مرت بي اشعر أنني كنت أشاهد فيلما أو مسرحية أو أي شيء لا يمد
للواقع بصلة , وكأن والدي قد ضرب عائلتنا ضربة قوية ليحدث صدعا قد لا تعالجه السنين , لو لم أكن
أعرف والدي جيدا لقلت أنه يكرهنا ويريد تحطيمنا

قررت التوجه لاستراحة العائلة بالمنطقة الساحلية , عوف هناك مع أصدقائنا منذ الأمس سألحق بهم لعلي
أخفف عن نفسي قليلا , وصلت هناك وفور دخولي استقبلني عوف بمرح وترحيب كبيرين كعادته دائما
عوف هوا الابن الأصغر لعمي جسار وصديقي المقرب , وهوا الوحيد المختلف عن باقي أبنائه والرجل
الثاني في حياتي بعد شقيقي بحر , بادلته السلام وجلست بعد أن سلمت على الجميع

كانوا جميعا يتبادلون الأحاديث والضحكات أما أنا فلم أزدد إلا شرودا وتيهاً ورسالة والدي لا تفارق عقلي
وأحرفها ما تزال مطبوعة أمام عيناي وتلك الجملة تتكرر في راسي عشرات المرات

( أعد الحق لأصحابه يا صهيب استله من بين أنيابهم كما عرفتك وأكمل ما بدأت به للتو فالعمر لم يسعفني
لأفعل ذلك أعرفك لا ترضى بالظلم أنا اعتمد عليك ولتعلم أنك ستُسأل أمام الله عما كلفتك به )

آه يا والدي ما هذه المصيبة التي كلفتني , كيف لي أن اسكت على ذلك لن أكون صهيب إن لم أستله من بين
أنيابهم كما طلبت فلست أنا من يرضى بذلك ولكن ما يحيرني لما لم يكلفني بذلك في الوصية هل أراده أن
يكون سرا أم لسبب آخر , لا افهم لما لم يقيدني بشرط لأفعل ذلك كما فعل مع البقية لابد وأنه كان يتق بي حد
الاستغناء عن ذلك , لن أخذلك يا والدي ولو افقدني ذلك أغلى الناس لدي

" ما بك يا صهيب لا تبدوا لي بخير "

أجبته نافيا " لاشيء يا عوف مشكلة بسيطة تشغل بالي "

قال متبسما " مشكلة تتغلب على صهيب ما تكون هذه لنعطيها وساما "

نظرت له بضيق وقلت " هل تعطي للمشكلة وساما لتغلبها علي يالك من ابن عم وصديق "

قال بعد ضحكة طويلة " أتحداها أن تتغلب على الأسد صهيب , هل سمعت الخبر الجديد "

قلت بحيرة " ماذا هناك أنا لم اسمع شيئا "

قال بحماس " إنه إساف ابن عمنا لقد تم إيقافه في قسم الشرطة وأخرجه والدي وعمي عاصم بصعوبة قبل
أن تكبر القضية "

قلت باهتمام " ولما أوقفوه "

قال ضاحكا " هل تسأل هذا السؤال يا صهيب لم أتوقع أن تكون نسيت "

قلت باندهاش " لا تقل ذلك هل نجح الأمر وتلقى الدرس "

قال بابتسامة " نعم لقد كنت عند تهديدك لهم لم أتوقع منه ذلك "

ابتسمت وقلت " وما فعل أنيس شقيقك "

ضحك وقال " يتوعدك بالويلات طبعا لقد نجي من الأمر بأعجوبة "

ثم قال لي بشرود " أخشى أن يحاولا الانتقام منك تعلم جيدا مدى العداوة بينكم "

قلت بلا مبالاة " فليفعلوا ما يحلوا لهم فأنا لست أخشاهم وعليهم أن لا يورطوا الأبرياء معهم ما كنت
لأرد ماجد وهوا يستنجد بي "

اقتربت منه وقلت بهمس " أحتاجك في خدمة يا عوف هل أنت لها "

قال بجدية " لها بكل تأكيد فأنت تعرفني جيدا "

قلت بذات الهمس " أريد صعلوكان مهددان بالخطر ومصيرهما تحت يدينا دبر الأمر ووفرهما لي "

قال بحيرة " ألا تقدر أنت على ذلك هوا سهل عليك جدا "

قلت بهدوء " اجل ولكن أريدهما بعيدان عني كل البعد ولا يعرفانني ها ما قلت "

قال بجدية " أبشر بما يسرك ولكن لما تريد ذلك "

أبعدت عينيا عنه وقلت " لا تسألني عن شيء الآن قد أخبرك بذلك ولكن في وقته "

( صهيب شاب في السادسة والعشرين من العمر ذو شعر بني فاتح كشقيقيه يصل طوله من الخلف حتى نهاية
عنقه وطويل قليلا ومقصوص بتدريجات متناسقة من الأمام والأطراف وذو عينان سوداء كوالده وخلافا لأخويه
ولحية بنية خفيفة محددة بإتقان تنزل بخط عريض تحت شفته السفلى حتى نهاية الذقن ثم تمر بحافة الفكين حتى
أسفل أذنيه وشارب خفيف , صهيب يحب الأناقة والترتيب مظهره يشبه عارضي الأزياء تماما )

حور

كنت أشاهد التلفاز وأرى برنامجي المفضل ومرام ابنة عمي تجلس بالمقربة مني

قلت بضيق " مرام توقفي عن رمي قشور الفستق هكذا "

قالت بلا مبالاة " وفيما يضايقك ذلك ستأتي الخادمة لتنظيفها أنا لا آكله إلا بهذه الطريق , لما لا تغيري
هذا البرنامج الممل "

نظرت لها نظرة استياء وعدت لمشاهدة التلفاز فقفزت بجواري وقالت

" حور لقد سمعت والداي يتحدثان صباحا "

قاطعتها بضيق " لما لا تتركي هذه العادة السيئة يا مرام كيف تتجسسي على والديك هذا لا يجوز "

قالت بلا مبالاة " أنا لم أتجسس لقد سمعتهم مصادفة ثم كيف سنعلم ما يدور حولنا إن لم نسمع , قلت نسمع
وليس نستمع فلا توبخيني "

تنهدت وقلت " لا فائدة ترجى منك "

لم تعر ما قلت اهتماما وتابعت حديثها بحماس " إنهم يتحدثون عن خاطب ومشروع للزواج "

قلت بضيق " وما الجديد في الأمر لطالما جاءنا الخطاب "

قالت بحماس " يبدوا الأمر مختلفا هذه المرة يا غبية "

قلت وأنا أشيح بنظري عنها للتلفاز " وما المختلف في الأمر أنتي لن يزوجك عمي حتى تنهي دراستك وأنا
عليا أن أنتظر موافقته على أحدهم والأمور متوقفة تماما فما من جديد "

أمسكت وجهي بيدها ووجهته نحوها وقالت

" قلت لك أن الأمر مختلف الآن يبدوا أن مشروع زواج حقيقي سيتم تنفيذه "

شعرت أن الجدية بدت واضحة في كلامها فقلت بفضول " ماذا سمعتي "

ضحكت وقالت " أليست تجسس "

قلت بضيق وأنا أعود لمشاهدة البرنامج " ابتعدي عني إذا واتركيني انهي برنامجي "

قالت باندفاع " حسننا حسننا اسمعي سأخبرك ما سمعت "

أنا اعرف مرام جيدا إن شعرت باهتمامي بالأمر فلن تخبرني مطلقا نظرة إليها نظرة باردة فتابعت قائلة

" لقد سمعت والدتي تقول لوالدي ( هل سألت عنهم جيدا هل أنت متأكد مما ستقدم عليه ) فقال والدي : أعرفه
وأعرف عائلته دون أن أسأل فعائلة آل يعقوب لا تحتاج للسؤال عنها "

توقفت عن الحديث لبرهة ثم قالت بحيرة " وبعدها قال والدي شيئا لم أفهمه شيئا عن وصية وصديق لوالدك
وعهد قديم بينهم ومحكمة وزواج بكلمة لم أفهمها فقد قال أنه زواج ..... آه لم أعرف معناها ولم اسمعها جيدا "

قلت بحيرة مماثلة " من منا هل هي أنتي "

قالت بفزع " ولما أنا من تتورط بهذا الزواج المليء بالألغاز لما ليست أنتي فأنا لم أكمل دراستي بعد ثم هوا
قال أنه صديق والدك "

قلت ببرود " أنا أكملت دراستي منذ عام ولم يفكر عمي بتزويجي مطلقا فقد تكوني أنتي "

قالت بجدية " يستحيل أن يزوجني والدي قبل أن أنهي دراستي الجامعية أعرفه جيدا هذا قانون ولا نقاش فيه "

تنهدت بضيق وقلت " ألم تسمعي شيئا آخر أسمه مثلا "

نظرت لي نظرة بنصف عينها وقالت " حور أمازلتِ تعيشين على ذلك الوهم "

أجبت بضيق " عن أي وهم تتحدثي سألت عن الاسم فقط "

قالت بحدة " بلى أعلم ما تعنيه جيدا , حور إنها أربع سنين مضت عليك أن تنسيه "

قلت بضيق " لما تحبي التحدث في الأمر كلما سنحت لك الفرصة أنا لم أقل شيئا مما تعني "

قالت بحدة " حور أنا أعلم جيدا لما ترفضي الزواج وسبب راحتك لرفض والدي لخاطبيك لأنك لم
تنسي الماضي فلا تنكري "

تنهدت بألم وقلت " بحر ليس من هذه المنطقة وليس من العائلة التي ذكرت للتو فتوقفي عن التوهم فالموضوع
انتهى منذ سنين "

هزت رأسها بيأس وقالت " إذا جهزي عقلك وقلبك فإن كنتي المعنية بحديث والدي فيبدوا الأمر جديا هذه المرة "

عدت بنظري جهة التلفاز كان البرنامج قد انتهى ولكن عينيا علقتا عليه وتفكيري سافر بعيدا

الماضي قبل أربع سنين

لقد انتقلت للعيش مع عائلة عمي بهذه المدينة بعد أن قرر الاستقرار هنا , لم أحب حياة الخارج وكم تمنيت كثيرا
أن نعود لبلادنا ولكن ليس لأعمامي بالتأكيد التحقت بالجامعة وكانت هذه سنتي الأولى هنا

كان الأمر صعبا في البداية علي لولا صديقتي رنا التي تعرفت عليها بداية العام , مضت عدة أشهر الآن وقد
تأقلمت بعض الشيء مع الوضع بوجود أمرين صديقتي وذاك الشاب صاحب العينين الخضراء

الشاب الذي أصبح يأخذ حيزا من تفكيري كنت الحظ جيدا رصده لكل تحركاتي كم يعجبني هدوءه في
كل شيء حتى في حركته وكأن هالة من السكون تحيط به يبدوا غامضا ومثيرا جدا وسامته في كل تقاسيم
ملامحه عيناه الخضراء , كل شيء فيه جذبني إليه وحتى تجنبه للتحدث معي رغم أنه لا حدود بين الطلبة
هنا كنت أحب سماع همسه وهوا يلقي عليا التحية عندا يمر بجواري كم اعشق صباح الخير الهامسة من
شفتيه كل صباح كم اخجل من نظراته لي وكم أحب النظر إليه

أذكر يوما كنت مستاءة بسبب أستاذ لأحد المواد لقد وبخني بشدة ولا ذنب لي بالأمر كنت أقف مع صديقتي
رنا وهي تخبرني أنه قرر فصل المجموعة من مادته فنزلت دموعي دون شعور مني لهول ما سمعت وأنا
أعلم أن عمي سيوبخني كثيرا لو علم بالأمر ولم أشعر إلا وقدمي شاب تقف أمامي رفعت بصري إليه بحذر
فكان هوا الشاب ذاته صعقت لوجوده أمامي وبهذه اللحظة بالذات فأنزلت عينيا خجلا منه ومن الموقف فجاءني
صوته الهادئ قائلا

" لما تبكي يا حور ... ما بك هل ضايقك أحدهم "

من صدمتي بوجوده ومعرفته لأسمي وتحدثه معي لم أعرف بما أجيب فكرر قائلا

" حور ما الذي يبكيك "

قلت بارتباك وعينيا في الأرض " لا ...لا شيء مشكلة مع مدرس المادة "

قال بذات هدوئه الذي يقتلني به " حور أنظري إلي "

رفعت عينيا ببطء حتى التقت بعينيه في مسافة هي الأقرب منذ التقيت به , قلبي كاد يخرج من صدري لشدة
دقاته فتابع قائلا

" إن ضايقك شخص ما هنا فأخبريني حسننا "

قلت بخجل وعيناي عادتا لتعانق الأرض من جديد " حسننا "

علمت لما قال ذلك فهوا تشاجر مع أحدهم هنا لأجلي منذ أيام , كانت هذه المرة الأولى التي يخاطبني فيها كم
كنت أتحرق شوقا لسماع كلماته هوا دونا عن الجميع , تركني بعدها ومضى وكانت صديقتي شبه بكماء من
الصدمة وانحلت عقدة لسانها حينها فقالت بدهشة

" حور من أين تعرفي هذا الشاب "

قلت بارتباك " أنا .... أنا لا أعرفه "

قالت بمكر " لا تحاولي خداعي فما الذي حدث أمامي للتو "

لم أجد مفرا من قول الحقيقة لها فأنا اعرفه ولا أعرفه أيضا

كنت واقفة وكل هذه الأفكار تدور في رأسي عندما شعرت بيد تضربني على كتفي بقوة فقلت بفزع

" رنا يالك من فتاة لقد أفزعتني "

قالت بابتسامة " فيما كنتي تفكري , في بحر أليس كذلك "

قلت بحيرة " من بحر هذا "

ابتسمت بمكر وقالت " من برأيك ’حبيب القلب’ طبعا "

قلت بهدوء " بحر ... هل أسمه بحر "

قالت باندفاع " أجل بحر جابر جُبران يدرس بالسنة الرابعة وعمره ستة وعشرون سنة يعيش مع والده وزوجة
والده ولديه شقيق وشقيقة هوا من يقوم برعاية شقيقيه ويصرف عليهم بسخاء وهوا يعمل خارج هذه المدينة حيت
تعيش والدته هذا كل ما لدي , ها ما رأيك بي "

كنت أشعر بأشياء لم أعرف ما هي , أشياء كثيرة تدور برأسي وقلبي ومشاعري وكل ما علق بدماغي هوا اسمه

( بحر) اسمه مثله تماما

قلت " ولما يرعى هوا شقيقيه أين والده "

قالت وهي ترفع كتفيها " لا أعلم شقيقتي تدرس مع شقيقته هي من قالت لي كل هذا ولا اعلم غيره "

الحــاضر

أحسست بدمعة حارقة تنوي التسلل من عيني وكل ما بي يردد بألم لماذا يا بحر لماذا أخلفت بوعدك لي
لما رحلت وتركتني

" حور البرنامج انتهى من مدة لم أكن أعلم أنك تحبين الإعلانات التجارية هكذا "

تنهدت بضيق وقلت " أحببتها الآن هل لديك مانع "

ميس

كنت أقفز محاولة رؤية ما يخفيه هذا الرأس الكبير عني كدت أقع فأمسكت بصاحبه طبعا فالتفت لي وقال
بحدة " ما بك كدتي توقعينني يا فتاة "

قلت بتذمر " ابتعد قليلا دعني أرى اللوحة إنك تحجبها عني "

أشار بأصبعه للجانب الآخر من الممر وقال " طلبة السنة الأولى لوحتهم هناك إذهبي إليها "

قلت بغيض ويداي وسط جسدي " لست من طلاب السنة الأولى أنا معكم في السنة الثالثة يا عديم النظر "

نظر لي من أعلى لأسفل ثم قال " أنتي في السنة الثالثة "

قلت ببرود " نعم ألا أملأ عينيك "

ضحك كثيرا وقال " ظننتك من طلاب الثانوية الجدد "

قلت بحدة " لا بل في السنة الثالثة ولأنه يبدوا أنك من معيدي السنة الأخيرة لا تعرفني "

نظر لي باستياء ثم قال " لا بل السبب هوا طولك وجسدك وحتى شكلك يا طفلة "

لوحت بيدي وقلت ببرود " هيا هيا ابتعد ودعني أنظر "

ضحك وقال " هل أحملك على كثفي لتري "

قلت بغيض " ابتعد هيا فلست قصيرة لهذا الحد فقط أنت الطويل يا راسب يا فاشل "

نظر لي بغضب ثم غادر كنت أعلم أنه لن يفعل لي شيئا المدارس الثانوية هنا تتبع للكنائس لذلك هم يدعون
الاحترام فيها ويتجنبون المشاجرات يا لهم من جاهلين حمدا لله على نعمة الإسلام لا أعلم لما لا توجد مدارس
إسلامية هنا بعد الإعدادية هؤلاء سيصيبونني بالغثيان

خرجت من المدرسة احمل حقيبة الكتب , هذه السنة بدأت للتو لو أنهيها أخرج من الثانوية قبل من هم في سني
بعام كامل فقد تم تقديمي سنة دراسية كاملة آه بقي أمامي الجامعة لكي أتخرج و أتوظف , لما أنا وحدي من لا
تكبر في العمر بسرعة كالبقية فجميعهم يتخرجون في لمح البصر نظرت لجسدي وقلت بضيق

" عديم الدوق الطويل المنمش ذاك هل يبدوا جسدي ضئيلا لهذا الحد وشكلي يوحي أنني من الطلبة الجدد ياله
من مغفل وطفل أهكذا يخاطب فتاة "

كم أكره وقفة الرصيف هذه لما تأخر سائق الحافلة ياله من مهمل نظرت للجانب الآخر حيث يقف شاب مستندا
بعمود النور كعادته اليومية وينظر لي ويبتسم أشحت بنظري عنه ثم نظرت له فوجدته لازال على حاله فصرخت
به غاضبة

" إلى ما تنظر أنت لما لا تذهب لتفعل شيئا ينفعك بدلا من احتضان عمود الكهرباء "

اقترب مني وقال " هل تحدثينني "

قلت بسخرية " لا أتحدث مع العمود "

وصلت الحافلة فقلت بضيق " ابتعد من أمامي هيا "

ابتسم وقال " تفضلي "

دفعته وصعدت الحافلة صعاليك لا أعلم ما يفعلونه أمام باب المدرسة دائما جلست في الحافلة نظرت للكرسي
بجواري كان موضوعا عليه طبعة لأحد صحف اليوم أخذتها وبدأت أقلب فيها يبدوا أن أحدهم نسيها هنا
قلبت صفحاتها بسرعة ثم وقفت جامدة أمام الخبر المعنون فيها تحت عنوان

( مؤسسة أبناء آل يعقوب الخيرية في العاصمة الأيرلندية دبلن تقدم عمرة مجانية للعائلات المسلمة من
أصل أيرلندي)

رميت الجريدة وقلت بغيض مكتوم " يالكم من قلوب تواقة لفعل الخير ولستم سوى نكرة "

أتمنى أن لا ترى أمي هذا الاسم لأنها لن ترحمني وسنرجع لذات الاسطوانة ولا أستبعد أن تذهب لهم بنفسها
آآآخ كم أكرههم وأكره أسمهم وسيرتهم لو كانت جمعية أخرى لسجلت والدتي للذهاب أما هؤلاء فلا وألف لا

نهاية الجزء الخامس

ما ستواجهه رنيم وكيف ستقرر مع هذا الشرط الصعب وأي مخاطر التي تطاردها وما سيقرره غيث الزواج

أم ترك العائلة

بحر وحور ما سيواجهانه حال تزوج زبير بها وزبير وزمرد ما هوا مصير علاقتهما

صهيب والرسالة التي تركها له والده وما الذي يخطط لفعله ولما لم يقيده شامخ بشرط كالبقية

أديم كيف سيتخذ قراره وما سيواجهه في الجنوب حال الموافقة على العمل هناك

ميس وعلاقتها بعائلة آل يعقوب وسبب كرهها لهم وهل سيكون لهم دور في حياتها

كل هذه الأحداث ستتضح في الأجزاء القليلة القادمة فكونوا معي دائما ولا تحرموني تشجيعكم وتعليقاتكم وطبعا توقعاتكم

⚘⚘⚘الجزء السادس⚘⚘⚘

رنيم

ضننت أن رحلة الذهاب إلى هنالك وحدها ستكون سيئة بسبب التوتر ولكن رحلة العودة كانت
أسوء بملايين المرات بسبب الصدمة والحيرة والإهانة والتجريح , كان الصمت رفيقي طوال
الرحلة فقد أغمضت عيناي متظاهرة بالنوم كي لا يسألاني عن صمتي وذهبت لوحدي لعالمي
المظلم الذي لن يرى بصيص النور

وصلت منزلنا عند المساء ألقيت التحية على والدتي وصعدت للأعلى من فوري وأنا في حيرة
هل أخبرها بالأمر أم أتكتم , هم طلبوا أن يكون طي الكتمان ولكن ما سأقوله لوالدتي لو تم الزواج ,
آه ما أقساها من كلمة ليتها لم تكن في الوجود , عليا كتم الأمر حتى أنظر ما قرر المتعجرف غيث
ذاك أولا فقد يرحمني مما أنا فيه لو فقط يرفض فسأرتاح تماما ولكن لو ترك كل أملاك العائلة
فستضيع أيضا موقفه ليس بأفضل من موقفي

ذاك الناري القاسي لن أنسى له إهانته لي أبدا , ما يضن بي ذاك المجنون كنت أفضل الزواج
بابن خالتي على أن أتزوجه

ترى هل أخبره حقيقة ما يحيط بي من خطر فقد يرحمني منه للأبد وهل سأخفي عنه حقا ,
عليه أن يعلم ولكن ليس قبل أن يقرر وأقرر أنا , لو أني فقط أجد مخرجا من هذه الورطة ولكن
لا مخرج سوى الرفض وكيف لي أن أرفض و أرمي بكل هذه العائلة للشارع وأكافئ من رباني
وعلمني ووفر لي كل ما أحتاجه وعاملني كأنني ابنته المدللة بأن أرمي عائلته للفقر , هوا يعلم جيدا
أنني سأرفض لذلك حاصرني بما فعل لقد تركني بين خيارين أحلاهما مُر

وها قد مرَ عليا أسبوع من أسوأ أسابيع حياتي كانت والدتي تحاول التحدث معي وفهم ما جاء في
الوصية ولكني كنت أتهرب وأتحجج بعشرات الحجج ولم أعلم ما عليا فعله ولا صلة لي بعائلة
والدي شامخ ولست أعلم ما قرروا وما حل بهم

كنت أجلس بحديقة المنزل عندما اقتربت مني والدتي وقالت بحنان

" ألن تخبريني ما بك يا رنيم فحالك لا يعجبني , ماذا حدث هناك يا ابنتي اخبريني "

قلت مطمئنة لها " لا شيء أمي , أعطني بعض الوقت وسأحكي لك كل ما حدث "

تنهدت وقالت

" الم ينتهي ذاك الوقت بعد إلى متى ستؤجلينه , وماذا عن موضوع ابن خالتك يا رنيم عليك
أن تتزوجي وتبتعدي في اقرب وقت "

قلت بضيق " لنؤجل كل شيء قليلا يا أمي أرجوك واقسم أننا سنتناقش في كل الأمور "

تنهدت بضيق وقالت

" حسننا سنرى إلى ما سنصل من كل هذا , على فكرة لقد اتصل ابن شامخ منذ قليل
وطلب أن تتصلي به لأنك لم تكوني موجودة "

قلت باستغراب " غيث هل هوا غيث من اتصل "

قالت وهي تغادر " نعم وعليك التحدث معه اليوم "

ذهبت أمي وتركتني في حيرة أكبر مما كنت , ترى ما سيقول لي قد يكون قرر عدم الارتباط
بي ليرحمني من ذاك العبء فأنا أعرف جيدا مدى كرهه لي , ذاك الكره الذي رايته في عينيه قبل
حتى أن يفتحوا الوصية ولكن ماذا إن حدث العكس ووافق فستكون مصيبة فلا خيار أمامي حينها
إلا الموافقة

أديم

لقد مررنا بأيام صعبة للغاية كان الجميع يتصرف بتوتر وبأعصاب مشدودة والأيام كانت
تركض مسرعة الواحدة تسابق الأخرى وكأنها تتفق على الإسراع , كان على الجميع
أن يقرروا ما سيفعلونه قبل مرور الأسبوع الثاني والأخير

كيف لوالدي أن يفعل بي هذا كيف ,أنا متأكد من انه السؤال ذاته الذي جال بخاطر الجميع
ولا زال يسيطر على أفكارهم , كيف لي أن أتخيل ذلك ... أنا أديم أعمل في قسم متدني هكذا
من أقسام الشركة وأي شركة فرع الجنوب المكان البعيد المنقطع الذي لم أقتنع يوما بوجود
شركة لنا فيه مع أناس ليسوا من عالمي

إن رفضت فسوف أؤول لما هوا أسوأ من ذلك وإن وافقت فستكون كارثة خصوصا أنني
لا أعلم كم سيطول الأمر فقد يكون لعشرة سنين أو يزيد , آه فلا خيار أمامك سوى الموافقة
وأمرك لله يا أديم ولكن عليا القيام ببعض الترتيبات فلن أسمح لأحد أن يسخر مني عندما يعلم
أني أعمل هناك , من الجيد أن أخوتي اختاروا التكتم عن أمر الوصية وعن فحواها فلوا أنتشر
أمرها بين الناس فسأكون المتضرر الأول والأخير وحمدا لله أن والدي لم يجبرني على الزواج
من واحدة من اختياره كي لا يوقعني في الزواج بفتاة دون طبقتنا فأنا أعرف والدي لا تهمه كل
هذه الأمور أمام أصدقائه المتوفين

وقفت مستندا بمرافقي على حافة الشرفة أتنهد بضيق رن هاتفي نظرت للمتصل ثم ابتسمت

وأجبت من فوري قائلا بابتسامة " احجز لي جناحا لديكم "

ضحك وقال " في السجن أم في التحقيق "

قلت بتذمر " لا في المقبرة ما رأيك "

ضحك وقال " مقبرة الشهداء أم المجرمين "

ضحكت وقلت " هل يعني ذلك أنك قسمت الناس لقسمين فقط "

قال " وهل أنت وحدك لك الحق في تقسيم الناس أنت قسمتهم حسب الطبقية وأنا قسمتهم
حسب ظروف ماضي الجنوب هنا فالمقابر إما للشهداء أو لمجرمي الحرب "

ضحكت وقلت " ألا توجد مقبرة لعباد الله المخلصين "

ضحك وقال

" ما كل هذه الثقة , لا طبعا فلا يوجد من هذه المقابر ولا من المخصصة للأغنياء "

قلت بضيق " خيري يالك من مزعج "

قال ضاحكا " ما قصتك قل بسرعة "

تنهدت وقلت " سأعمل في شركة الجنوب "

ضحك مطولا فقلت بغيض " ما يضحكك في الأمر يا خيري "

قال من بين ضحكاته " أبغض أملاككم لديك ستعمل فيه "

قلت بضيق " هكذا حكمت الظروف اسمع أريد شقة مناسبة لي "

قال " في الحال ولكن أين "

قلت بحدة " في المقبرة "

ضحك وقال " على الفور ولكن حدد في أيهم تريدها "

قلت بضيق

" خيري دعك من المزاح أريدها عندكم في الجنوب طبعا وفي أفضل بقعة هناك سأعتمد عليك "

قال " المقابر كلها متشابهة "

قلت بغيض " خيري أقسم أنــ ..... "

قاطعني قائلا بهدوء " حسننا حسننا رغم أنني لا أفهم شيئا ولكن سيكون طلبك جاهزا في الغد "

قلت بامتنان " شكرا لك يا خيري وداعا الآن وسنلتقي قريبا "

خيري صديق لي منذ درسنا المرحلة الثانوية بعدها سافرت أنا ودرست إدارة الأعمال
والتحق هوا بكلية الشرطة وهوا الآن ضابط في المخابرات وتم نقله للجنوب منذ فترة
لا بأس بها ولم أعد أراه إلا في الإجازات وها نحن سنعيد ليالينا السابقة لأني سأصبح لديه

زبير

كنت أجلس بمجلس القصر ومعي أديم وغيث وكل منا يلتزم الصمت والشرود أنا لا ألومهم
فلكل منا ناره المشتعلة بداخله ولكني استغرب من حال غيث فالفتاة جميلة وتبدوا كثيرة الصمت
فلما هوا مستاء من الزواج منها فهوا سيتزوج على أية حال أم أنه كان جادا حينما كان يقول أنه
لن يتزوج أبدا

و أديم في مأزق وبحر أيضا وحتى صهيب الذي لم يذكره والدي في الوصية يبدوا لي
سيء المزاج وشارد الذهن , أما أنا فناري لا يمكنها الخروج خارج صدري لأعبر
مثلهم عما يحرق جوفي وستكون أمامي المهمة الأصعب وهي التفاهم مع زمرد ,
كيف سأشرح لها مالا يمكنني البوح به فقد اتفقنا أن تكون الوصية طي الكتمان ولا
يمكنني الزواج بها حتى اقتسام الإرث ولا أحد يعلم متى سيكون ذلك , هل كان على
والدي أن يختارني دون الجميع وأنا الأصغر بينهم ألم يفكر كيف ستكون حياتي مع
تلك الفتاة ..... آه ما أقساها من وصية

" ماذا قررتم "

كان هذا صوت غيث الذي انتشلني من ظلمة الواقع لسواد الحقيقة فقلت بجدية

" سبق وقلت لكم رأيي لن أخالف أوامر والدي أبدا "

لحقني أديم قائلا " وأنا سأوافق فلا حل أمامي "

حل الصمت طويلا ثم قلت " وأنت يا غيث "

تنهد بضيق وقال " لا أعلم لم استطع أن أتوصل لأي نتيجة مع عقلي حتى الآن "

قال أديم " نحن نحتاجك يا غيث وأنت تعلم ذلك جيدا فلا تتخلى عن مركبنا لأنك ربانها
ومن دونك ستغرق بكل تأكيد "

قال ببرود " ولكنني أطلعتكم على كل شيء "

قال أديم بحدة " الأمر ليس بالسهل يا غيث وأنت تعلم ذلك جيدا "

قلت مقاطعا لهما " عليك أن تفكر جيدا وتقرر ما تراه الأنسب إليك وأعلم أننا نريدك معنا دائما "

قال بهدوء " فلنأمل من الله خيرا "

نظر لي أديم وقال متسائلا " وماذا عن عم الفتاة هل وافق "

قلت مجيبا بهدوء " نعم فقد أخبرني المحامي بذلك "

قال أديم بحيرة " ولكن لما لم يرفض لقد كان بإمكانه الرفض , ترى هل الأمر متعلق بالورقة
التي تركها له والدي "

قلت مغادرا المكان " لا علاقة لي بالأمر هذا شيء بينهما على ما يبدوا وعليا مواجهة قدري
فلن أكون أفضل من البقية "

غيث

أنا أحسد أخواي لاتخاذهم القرار رغم قسوة ما سيمرون به , أديم الذي أختار النفي عن
هنا والنزول لتلك المنزلة بكل كبريائه وغروره ليكون موظفا عاديا , وزبير الذي يحب
ابنة عمي زمرد منذ صغره اختار أن يتزوج بغيرها بفتاة أخرى لا يعرفها ولا يحبها ليدفن
مشاعره في التراب ويدوس عليها , ما أقساه من عذاب فليس بإمكانه حتى أن يتزوجها عليها ,
إنها لعنة كسابقتها التي حلت بي

ليثني أتمكن من اتخاذ قراري مثلهما , الكل يعتمد عليا هنا ولكن .... أهن مما يجري فأمامي حل
واحد فقط وعليا تنفيذه فهوا طوق النجاة الذي سيخلصني من كل هذا الأمر نهائيا

وقفت مغادرا صعدت لغرفتي واتصلت بوالدة رنيم فأخبرتني أنها غير موجودة , أين تكون
سيدة الحسن والجمال تلك هل تتسكع هل هذا ما اخترت لي يا والدي ولكن الأمر لن يطول

بعد نصف ساعة عاودت والدتها الاتصال بي أجبت فكان الصوت لابنتها وليس لها

قالت بهدوء بارد كالجليد " مرحبا "

قلت بضيق " مرحبا "

قالت بذات البرود " أخبرتني والدتي انك تريد التحدث معي "

قلت ببرود أكبر " أجل اتصلت وقالت انك غير موجودة "

قالت بهدوء " نعم كنت عند خالتي فهي متعبة بعض الشيء "

آه جيد أنها وضحت كنت سأتهور وأرميها بسهم ناري قاتل

قلت " كنت أود سؤالك ماذا قررت بشأن الوصية "

صمتت لبرهة ثم قالت ببرود " وماذا قررت أنت "

أجبتها بحدة " سألتك فعليك الإجابة لا السؤال "

قالت ببرود أكبر " أنت الرجل وأنت من عليه التحدث أولا هل ترى ذلك لائقا "

قلت مجاريا لها في البرود حد المستطاع " هل تحددي إجابتك على حسب جوابي "

أجابت مباشرة " بالتأكيد فإن كان جوابك رفض شرط الوصية فما من داعي لأقول قراري "

قلت مقاطعا " وإن كان الموافقة "

سكتت حتى ضننت أنها أقفلت الخط ولم أشعر بها ثم قالت بذات البرود القاتل الذي لا يزيدني
إلا غيضا واشتعالا

" في تلك الحال سأوافق من اجل عائلة والدي شامخ فقط "

ما أن يصبح أخوتي جاهزون لحمل مسئولية ثروة والدي فسأتحرر منك نهائيا , قلت
محاولا كتم غيضي من كلامها قدر الإمكان

" إذا فأنا موافق ومن أجل عائلتي ووالدي فقط "

تنهدت بضيق واضح وقالت " هناك ما عليك معرفته قبل كل شيء "

جيد ها قد بدأت تظهر مصائبها وماضيها الغير معروف قلت بسخرية

" إن كنتي تحبين شخصا وتريدي الارتباط به فأطمئنك أن تخبريه أن ينتظرك قليلا "

قالت بضيق ظهر على صوتها أخيرا " ما الذي تهدي به أنت "

أخيرا أصبحت متضايقة أيضا قلت ببرود لأزيد غضبها " إذا ما تعني بعليا معرفته "

خانت توقعاتي وعادت لبرودها الجليدي وقالت " ألا تعرف ما تعني كلمة معرفة "

قلت بسخرية " أعرف طبعا "

ثم قلت باستياء " ما هوا ذاك الأمر "

قالت بجدية " لن يجدي التحدث به عبر الهاتف "

شعرت بأن الموضوع جدي ويبدوا خطيرا وتذكرت ما قاله والدي فقلت بهدوء

" ولن يجدي سفر أحدنا لنتحدث عنه فقد يضع حدا لكل المسألة وينتهي كل شيء "

سكتت لبرهة ثم قالت " ثمة خطر يهددني ويترصد بي "

قلت بضيق واضح " آه جيد عروس بالإكراه وبمصائب وماضي اسود كذلك , ما أسعدني بك "

قالت بغيض " لا داعي للسخرية يا غيث أنا أتحدث معك باحترام فاحترمني أرجوك ودعنا نتحدث
كراشدين ولو لمرة واحدة "

تنهدت بضيق وقلت " حسننا تابعي "

قالت بنبرة استياء " والدي قتل شخصا في الماضي دفاعا عن نفسه وعرضه وحكمت
المحكمة ببراءته ثم غادر للحرب ومات فيها , أهل المقتول ضلوا يطاردوننا طلبا للثأر
كانوا يهددون بقتلي لأني أبنته ولا أقارب له ثم أخدي كخادمة لأني ثمن جريمة والدي
كما يرون وكان والدي شامخ يحمينا منهم طوال السنوات الماضية ويستخدم نفوذه لتهديدهم
حتى كف شرهم عنا وبعد وفاته بأشهر عادوا لتهديدي من جديد بشتى الطرق "

ألجمتني الدهشة مما اسمع ثم قلت بتساؤل " وبما يهددونك "

قالت بعد صمت " بالقتل وبتشويه سمعتي و .... "

سكتت عند تلك الكلمة فقلت مصرا " وبما يا رنيم "

قالت بعد تردد " باغتصابي "

سحقا لهم من رجال قلت باستياء " كيف يأخذون ثأرهم من فتاة ولما لم تبلغي الشرطة عنهم "

ضحكت بسخرية ثم قالت

" من ...الشرطة , هم يطلبون الدليل ويقولون أن علينا حل المشكلة وديا ودفع الدية "

سألتها قائلا " وما الحل الذي كنتي ستفعلينه قبل الوصية "

قالت بهدوء " كانوا يريدوا تزويجي بابن خالتي لأنه يعرف بالأمر ومن ثم نسافر خارج البلاد "

لو لم أكن قد قرأت رسالة والدي لها لقلت أنهما متفقان على تزويجها بأحدنا لتسافر وتعيش
معنا هنا قلت بلهجة سخرية

"إذا أنتي مكرهة على الزواج في كل الأحوال "

قالت بسخرية مماثلة

" أجل ولكن الفرق أن ابن خالتي يرغب بالزواج بي وليس مكرها على تقبلي "

سكت قليلا ثم قلت " وأنا لدي ما عليك معرفته "

لم تعلق بشيء فتابعت " زواجنا سيكون على الورق فقط حتى يذهب كل منا في حال سبيله "

قالت من فورها ساخرة " حقا ما أسعدني بذلك "

صرخت بها غاضبا " ولما لا تحترمينني أنتي الآن أم أنه أنا وحدي من عليه احترامك "

قالت بغيض " وماذا كنت تريد مني أن أقول لك , لا تفعل هذا بي أرجوك مثلا "

قلت بغيض مماثل " رنيم لا تدفعي بي لقول أشياء قد تجرحك "

قالت بهدوء ممزوج بالضيق " دعنا ننهي هذه المكالمة يا غيث رجاءً "

قلت باستياء " سيكون ذلك أفضل ... وداعا "

زمرد

زبير الأحمق ذاك يغلق هاتفه على الدوام يبدوا أنه عاد للتهرب مني من جديد لقد فتحوا
الوصية منذ عشرة أيام فما به الآن , عليا الذهاب لقصرهم بأي حجة ولكن المشكلة أن جدي
معنا هنا ألم يجد ذاك العجوز وقتا غير هذا للمجيء إلينا

" علياء لما لا تتوقفي عن هز ساقك بهذا الشكل إنك توترينني "

أجابت بلا مبالاة " لما لا تصعدي لغرفتك لتدعيني وشأني وترتاحي مني ومن ساقي "

قلت بضيق " أسمعي أنا سيئة المزاج دون إزعاجاتك لي فهلا توقفت عن ذلك "

أجابت بغيض " وأنا مزاجي أسوء منك , هل كان على جدي المجيء للمكوث عندنا كل هذه
الفترة لما لا يعود هناك "

ابتسمت بمكر وقلت " آه لذلك تبدين بهذا السوء هل اشتقتِ للعينين الناعسة , علياء حبيبتي لا تسجني
نفسك في القفص لوحدك كوني حرة طليقة حتى يدخل هدفك إليه ثم ألحقيه واقفليه خلفك "

قالت بضيق " هل تضنيني مثلك , أنتي لا تستحقي حب زبير لك "

قلت بابتسامة " ومن قال لك أني لا أحب زبير ولكن ليس عليا أن أكون مكبلة بقيود مشاعري
اتجاهه فافعل ما يحلوا لي ويوم يقرر الزواج بي أكون له وحده , هوا من اختار ذلك لو يريدني
له وحده لتزوج بي من سنين "

تنهدت بأسى وقالت " لو يحبني أديم كحب زبير لك لبقيت رهن إشارته كل حياتي ولكن العقبات
تلفني من كل جانب "

قلت بضحكة " يالك من حمقاء علينا الدفاع عما نريد أعرف والدتهم جيدا هي لا تحبنا
ولا تحب والدتي, عقبة عمي قد انزاحت وبقيت هي إن جلبتي ابنها لمصيدتك فلن
تؤثر في قراره بشيء "

تنهدت وقالت بقلة حيلة " ولاشيء أصعب من جلب ابنها لمصيدتي "

قلت بهمس " اسمعي لما لا تتركي عنك المغرور ذاك وتنصبي شراكك على صهيب "

شهقت بدهشة وقالت " من .. صهيب هل تريدي أن ترمي بي للجحيم سيدق عنقي إن فكرت
فقط في جدب انتباهه لي تعرفيه جيدا شرس منذ طفولته يا لها من نصيحة سديدة "

اقتربت منها وقلت

" يا حمقاء لا تغرك القشور فمهما كان الرجل قويا وشرسا فهوا ضعيف أمام سحر النساء "

نظرت لي بنصف عين وقالت " لما لا تثبتي ذلك لي وتوقعي غيث في شراكك لأرى "

قلت بفزع " من ... غيث كلهم إلا غيث صحيح أن صهيب حاد الطباع وعصبي جدا
ولكن غيث قاسي وجامد ويشعرك بكرهه لك من نظرته فقط , ثم هم يعلمون جيدا
ما بيني وبين زبير أما أنتي فلا "

أشاحت بوجهها عني وقالت " أخبرتك أنني لن أفكر مثلك مهما حدث فأنا أريد أديم حقا وليس
أي كان المهم أن يكون منهم "

قلت رامية بيدي أمام وجهي " لقد نصحتك وأنتي حرة "

قالت بضيق " دعيني وشأني إذا , قال صهيب قال ثم لا تنسي أنه صديق عوف "

قلت بمكر " إذا دعك منهم جميعا وانتقلي لعوف مدام يحبك "

قالت باشمئزاز " من عوف يالك من مقززة "

ثم غادرت وتركتني , تلك الغبية تركض خلف السراب من سنين دون فائدة رفعت هاتفي
وجربت الاتصال بزبير من جديد وكان هاتفه هذه المرة مفتوحا أجاب بعد وقت بصوت هادئ
ونبرة غامضة قائلا

" مرحبا زمرد "

قلت باندفاع " زبير ما بك لما تغلق هاتفك كل هذه المدة هل عدت للتهرب مني من جديد "

ألقى بقنبلته علي دون مقدمات وقال

" زمرد أنا سأتزوج نهاية هذا الأسبوع بابنة صديق والدي "

لم استطع الكلام من صدمتي بما قال

سكت لبرهة ثم أضاف " زمرد أنا ..... "

قاطعته بحدة " أنت ماذا يا زبير , وماذا عني أنا هل كنت تخدعني طوال الوقت "

قال بحزن " لا تفهمي الأمر كما يحلوا لك يا زمرد "

قلت بغيض " وكيف تريد مني أن أفهمه , كنت تتهرب دائما كان عليا أن أفهم ذلك منذ سنين "

قال بحدة " زمرد لا تحكمي عليا دون أن تسمعي مني "

قلت بضيق " حسننا اسمعني ما لديك إذا "

تنهد وقال " الأمر خارج عن إرادتي زمرد , أقسم بذلك ولست استطيع قول المزيد "

قلت بسخرية " آه حقا لقد صدقتك وكيف يخرج عن إرادتك وعمي ميت "

قال بنبرة هادئة حزينة " زمردتي سنكون لبعض فقط انتظري بعض الوقت "

صرخت به باكية " لا تقل زمردتي مرة أخرى أنت مخادع وخائن أكرهك يا زبير أكرهك "

ثم أغلقت الخط وصعدت لغرفتي راكضة ببكاء

( زمرد هي الابنة الكبرى لعاصم علياء في العشرين من العمر وزمرد في الثالثة والعشرين
أما إساف فهو أكبرهم وهوا في الخامسة والعشرين , زمرد لديها هوس اسمه الزواج من أحد
أبناء عمها شامخ حتى أنه لو سنحت لها الفرصة أن تتزوج باثنين منهم لوافقت بسبب ثروتهم
التي تضخمت بكل هذه السرعة ولأن زبير أحبها منذ طفولتهم فلم تجد أدنى مانع لترتبط به

زمرد ذات ملامح بسيطة وجذابة كما شقيقتها علياء غير أن علياء الألطف بين أشقائها فهي
لا تحب المشكلات ولا تكره أحدا وتعشق شيء اسمه أديم رغم دفنها لذاك الشعور بداخلها )

حور

لقد كان كلام مرام صحيحا فبعد أسبوع طرق عمي باب غرفتي ودخل , جلس بجواري نظر
للأرض في هدوء مطولا ثم تنهد وقال

" حور يا ابنتي لقد خطبك مني ابن صديق والدك رحمه الله وأنا وافقت , أعذري عدم عودتي
لرأيك أولا واعذري ردي لخاطبيك طوال السنة الماضية فالأمر ليس بيدي والدك وشامخ
يعقوب تعاهدا منذ أعوام على أمر وقد قطع له شامخ عهدا عند وفاته وما كان عليا سوى احترام
رغبة والدك كما أن السيد شامخ هوا من أرسل في طلبي لأخذك من بيت عمك في الماضي لأنه
حاول كثيرا انتشالك من ظلمهم وجبروتهم ولم يستطع فعل شيء لأنهم أعمامك فسعى جاهدا
لإيصال خبر ما يجري لك لي "

لقد عجز لساني عن النطق عمي راجي كان دائما حازما في تعامله معنا دون استثناء نبرته
الهادئة الحزينة اليوم واعتذاره مني بهذا الشكل كلها أمور لأول مرة أراها كنت أتوقع أن
يأتي ليأمرني بذلك ويغادر

قلت بهدوء وخجل " وهل بالشاب ما يعيبه لتتردد هكذا "

قال بجدية " لا فهوا شاب ممتاز بكل المقاييس كما هم أخوته جميعا "

لن أرد عمي رغم أنه جاء لأعلامي وليس لطلب رأيي فهوا وحده من عطف عليا من بين أعمامي
وانتشلني من العذاب والضرب والسجن في الظلام كما تُنتشل الشوكة من الصوف ليحميني من
كل مخاطر الحياة ورباني أحسن تربية

والأهم من ذلك كله أنه لم يعد لدي شيء لأخسره فبحر لن يكون إلا ماضي طبع في قلبي
لا يمكنه الزوال ولا العودة من جديد فقد مرت سنوات لم يتذكرني مطلقا وبقي هناك مع
مدينته التي عرفته فيها

قلت بعد صمت

" كما تريد يا عمي فحتى لو جئت لأخذ رأيي فما كنت لأرفض من وافقت أنت عليه "

وقف وقال بجديته المعتادة " باركك الله يا حور والزواج سيكون نهاية الأسبوع بسبب شروط
الوصية , لن اشرح لك المزيد إن أراد زبير أن يحكي لك فذلك يخصكما وحدكما "

وصل عند الباب ثم وقف وقال

" لا تغضبي مني يا حور مهما حصل سواءٌ الآن أو في المستقبل فعديني بذلك "

قلت بحزن " أعدك يا عمي فما كتبه الله لي لن يكون لأحد السبب فيه وما كان والدي ليتعاهد
مع صديقه على أمر لن يكون فيه الخيرُ لي"

ثم خرج وأغلق الباب وتركني كريشة تلعب بها الريح , وصية وعهد وزواج نهاية الأسبوع
مفاجأة وصدمة وحيرة وكل الأمور التي يصعب فهمها أو تصديقها

كثرة اعتذار عمي لا تريحني أبدا ترى ما يخبئه لي قدري هناك مع رجل لم أعرف اسمه إلا الآن
لا شكله ولا عمره ولا عائلته ولا أي شيء يا رب خفف عني ما تخبئه لي الأيام

صهيب

أجتمع الجميع اليوم فلم يتبقى سوى بضعة أيام قليلة على تنفيذ الوصية وعلينا معرفة
ما توصل إليه الجميع

" هل قرر الجميع قبول شرط الوصية "

كان هذا صوت أمي التي كان باديا عليها القلق ويبدوا أنها لم تنم لأيام , عم الصمت ثم تحدث
أديم بضيق

" لقد رتبت كل شيء وسأستلم الوظيفة الأسبوع القادم وسأحضر هنا أيام الإجازة "

قال غيث بضيق مماثل " سأتصل بها لتحضر هي ووكيلها ونتم كل شيء "

قال زبير ببرود " عم الفتاة موافق وسنتزوج نهاية الأسبوع "

قال أديم مازحا " ها قد نلتِ مناك يا أمي زوجتان في وقت واحد لتساعداك "

ابتسمت أمي وقالت " إن كانت الأخرى كرنيم فما أسعدني من أم "

تنهد غيث بضيق وقال " ماذا عنك يا بحر "

نظرنا جميعنا لبحر فهوا الوحيد المتبقي ولكنه لم يتحدث بل وقف مغادرا وضرب الباب بكل
قوته وأنصرف

قالت أمي مباشرة " ما به بحر لما لا يتكلم وكل أحواله لا تعجبني "

لحقت به من فوري وكان هذا المتوقع منه بالنسبة لي , أعانك الله على ما أتاك يا بحر

خرجت مسرعا وأمسكت ذراعه قبل أن يركب السيارة وقلت بحدة

" بحر عليك أن تكون أقوى من ذلك زبير لا يعلم كان عليك أخباره "

قال بحرقة وألم " وبما سأخبره , أن عمها رفض تزويجها لي وزوجها بك بكل سهولة فأتركها
من أجلي أرجوك وتنازل لي عنها وعن حصتك في الميراث أيضا , عن أي سخافة تتحدث
يا صهيب فزبير أبن شامخ والأولى بثروته مني "

صرخت به قائلا " بحر لا تتفوه بالحماقات لا تسمح لشيء أن يكون عائقا بينك وبين أشقائك
حتى لو كانت الفتاة التي تحب "

ابتسم ابتسامة حزينة وقال " حتى كلمة تحب لن تكون من حقي بعد أيام لأنها ستكون لأخيك "

ثم ركب وضرب باب السيارة وغادر, أعلم ما تشعر به يا بحر ولكن ما باليد حيلة ليتك
فعلت كل شيء يا والدي إلا هذه

عدت أدراجي للداخل صفر اليدين وجدت أمي واقفة بانتظاري سارت نحوي مسرعة وقالت

" ما به بحر هل أخبرك بشيء "

هززت رأسي نافيا وقلت " لا شيء إنه يشعر ببعض الضيق أنتي تعرفي بحر جيدا "

سألتني بلهفة "هل أخبرك عن قراره "

تنهدت بحزن وقلت " لا لم يخبرني وسنعرفه إن عاجلا أم آجلا "

صعدت بعدها لغرفتي وضيقي يزداد كلما تكلم أحدهم عن الوصية وردني اتصال من عوف
فأجبت من فوري

" مرحبا عوف هل من جديد "

قال بهدوء " نعم لقد تحصلت لك على طلبك "

قلت بابتسامة "جيد سألتقي بهم بعد أيام فلا تخبرهم عني حسننا "

قال "بالتأكيد هم لا يعرفون من تكون أخشى فقط من الصحف أنت تعلم هي ترصدكم وتترصد
أخباركم "

قلت من فوري " لا تقلق بذلك الشأن ماداما لا يعرفان شكلي "

قال بهدوء " صهيب يبدوا لي أنيس و إساف يدبران أمرا "

قلت بحيرة " عن أي أمر تتحدث "

قال " لا أعلم ولكن أنيس يضع من يرصد تحركاتك وحتى تحركه و إساف لا يعجبني "

قلت بلا مبالاة " لا تكترث لهما لن يستطيعا فعل شيء لأحد , وداعا الآن "

جربت بعدها الاتصال ببحر كثيرا وبلا جدوى

رنيم

صحوت اليوم وأنا اشعر بصداع قاتل سيفجر رأسي لو أني فقط أتوقف عن التفكير لقد حُرمت
من النوم لأيام وها هوا موعد غلق الوصية يقترب ولم نتوصل لنتيجة غادرت سريري استحممت
وغيرت ثيابي ونزلت للأسفل وجدت أمي تجلس هناك وعلى ملامحها يبدوا السوء ونظرتها لي
كانت غريبة اقتربت منها وقبلت رأسها وجلست مدت لي بهاتفها وقالت بضيق

" لقد وصلتك رسالة قد يهمك رؤيتها "

نظرت لها بحيرة فكيف تصلني رسالة على هاتفها ثم صعقت عندما رأيت أنها من رقم غيث
فتحتها فكان فيها

( تعالي وأحضري معك وليك نهاية الأسبوع لننهي الأمر )

نظرت لوالدتي وفتحت فمي لأتكلم ولكنها بادرت الكلام قبلي قائلة

" هل ستشرحين لي ما يجري الآن أم هذا أيضا علينا تأجيله "

تنهدت وقلت " لا لن نؤجله , سوف أتزوج بغيث ابن والدي شامخ كان هذا ما طلبه في وصيته "

نظرت لي بصدمة وصمت مطولا ثم قالت "ماذا تعني بطلبه في وصيته "

قلت " يعني طلب أن نتزوج "

قالت بضيق " وهل يكون طلب الزواج بهذه الطريقة عن طريق الوصايا "

قلت بنفاذ صبر

" أمي لا تعقدي الأمور فوق تعقيدها فالأمر خارج عن إرادتي ولا يمكنني غير الموافقة "

قالت آمرة " لم افهم وعليك التوضيح راغبة بذلك أو لا "

تنهدت بضيق كبير ووجدت أنه لا حل أمامي سوى أعلامها بالحقيقة سردت عليها كل
حكايتي مع تلك الوصية بالتفصيل وعيناها كادتا تخرجان من مكانهما من الصدمة

" وهذا كل ما حدث يا أمي فلا يمكنني رمي تلك العائلة للشارع ولو كان على موتي "

عم الصمت طويلا ثم قلت " أمي قولي شيئاً أرجوك "

هزت رأسها بيأس وقالت " شامخ جن قبل موته بالتأكيد "

قلت بحزن " لا يمكنني رد طلبه فلن أكافئه على ما فعل لي برمي عائلته للفقر بعد موته "

قالت بجدية " ولكن ابنه مكره عليك وأنت كذلك فكيف ستكون حياتكما "

قلت بقلة حيلة " عليا التضحية , لا خيار أمامي "

قالت بحزن " أتمنى ألا تندمي على ذلك يوما "

قلت بألم " وهل لديك حل آخر يا أمي فأسعفيني به "

تنهدت وقالت " ليس لدي إلا أن أقول سامحك الله يا شامخ ويوفقك المولى يا ابنتي "

ميس

دخلت المنزل عند مغيب الشمس كالعادة وتوجهت من فوري لحجرة والدتي لأطمئن عليها ثم
أقوم بتحضير العشاء دخلت وجلست بجوارها قبلت رأسها وقلت

" تبدين مشرقة جدا اليوم لابد أنك لم تتحركي كثيرا كعادتك "

ابتسمت وقالت " أنا لا اشعر بالراحة إلا في الحركة صغيرتي "

ثم أخرجت ظرفا بريديا وقالت " لقد وصلك هذا اليوم "

نظرت له بحيرة وقلت " وصلني أنا !!! ممن يا ترى يبدوا من دولة أخرى "

أخذته منها وفتحته كان موجودا به ورقة قرأتها بصدمة وقلت " ماذا ... ما هذا الهراء "

قالت بحيرة " ماذا هناك "

قلت ببرود " لا شيء "

قالت بحدة " ميس تكلمي ولا تخفي عني أعلم جيدا هذا الطابع البريدي لأي دولة "

قلت بضيق وأنا أرمي لها بالورقة لتقرأها لأنها كانت مكتوبة بالإنجليزية

" خذي لتقرئي بنفسك ولكن اعلمي أني لن أوافق على ما ستقولين ولا أريده "

قرأتها بصدمة ثم نظرت لي وقالت " هذا جدك يطلب رؤيتك لما لا توافقين عليك الذهاب "

قلت بحدة " أمي قلت لا أريد يعني لا أريد "

قالت بضيق

" ميس لا تتعبي قلبي فوق تعبه هم أهلك وعليك زيارة جدك قبل أن يموت بما أنه طلب ذلك "

قلت بحنق " وهل تذكرني الآن فقط وهل تذكر الآن أن يمرض حد الموت لما لم يمت منذ ولدت "

قالت والدتي بغيض " ميس ما هذا الذي تقولينه أنا لن أبقى لك دائما وها أنتي تري حالتي من السيئ للأسوأ
ولن يتبقى لك بعد موتي أحد وليس لي إلا خالك سيء الطباع ذاك وهوا غير مسلم ولن أؤمنه عليك "

حضنتها بحب وقلت " أمي لا تقولي ذلك من يبقى لي إن رحلتي لا تتركيني أرجوك "

قالت بحنان " إذا عليك الذهاب لرؤية عائلتك هم من سيسندونك بعدي "

جلست ومسحت دموعي وقلت " هم لا يريدونني ولم يريدوني يوما فكيف سيكونون سندا لي "

قالت بهدوء " لو لم يريدوك لما أرسلوا في طلبك إن كنتي تريدين رضاي فأذهبي وزوري جدك المريض
وتعرفي أهلك ثم عودي "

تنهدت بضيق وقلت " لما لا تنسي الفكرة أنا لا أريدهم أقسم لا أريد والفقر والشارع وخالي أرحم لي من
أناس لم يسألوا عني يوما ولم يزوروا والدي في حياته ولم يسألوا عنه لقد كنت أرى الألم في عينيه يبثه قلبه
المتوجع رغم صمته , أخبريني لما كان لا يتحدث عنهم لما عانى ما عاناه ولم يفكر بأن يطلب مساعدتهم لو
لم يحطموا قلبه "

قاطعتني بهدوء " ميس يا ابنتي هذا الكلام لن يغير شيئا أذهبي وزوريه وعودي , أريحي قلبي أراح الله قلبك "

تنهدت وقلت " حسنا أمي حسننا فقط لا تضايقي نفسك من أجل صحتك حبيبتي , سأذهب لأشيع جثمان ذاك
الجد وأعود "

صرخت بي غاضبة " ميس لا تقولي هذا الكلام ما أقسى قلبك "

قلت بحدة " وهل لآن قلبهم علينا وعلى ابنهم الذي أفنى عمره يعمل بسكك الحديد , أسمعي يا أمي سأذهب
طاعةً لك فقط وليس رغبتا مني ولا تطلبي مني شيئا آخر لا أن أحترمهم ولا أتعامل معهم بلطف "

قالت بيأس " لن أطلب منك هذا لأنني أعلم أنه مستحيل , ابنتي وأعرفك جيدا شرسة وتحتاجين لمن يقوم
بترويضك "

قلت بضيق " آه أمي وهل تريني حيوانا ليروضوني "

قالت ببرود " بل أشرس من ذلك وهذا ما سيسبب لك المتاعب طوال حياتك , أخبريني متى ستذهبين "

قلت بلا مبالاة " لا أعلم ولا يهم متى , انظري الآن عليا أن أذهب وحدي أيضا ألا تخافين علي فهم
لم يقولوا أنهم سيكونون باستقبالي لقد أرسلوا لي العنوان والتذكرة فقط ما يضنوا أنفسهم أولئك المغرورين
ألا يفكرون بي كفتاة ستسافر وحدها "

قالت بحدة " ميس لا تخترعي الحجج لكي لا تذهبي أعرفك جيدا تستطيعين السفر وحدك نحن مطرون
لذلك فلا أحد لدينا "

قلت بحزن " وماذا عنك أمي أنتي متعبة كيف أتركك "

قالت بهدوء " أنا سأبقى مع شقيقي فكلها أيام قليلة وتعودي "

خرجت وتركتها وأنا كلي ضيق لما عليا زيارة ذلك الجد لما تذكرني فقط عندما علم أنه سيموت سأحتاج بعدها
لأن يموت شخص آخر ليتذكروني من جديد سحقا لهم كم أكرهم , عليا أن أذهب وأعود وأنهي هذه المشكلة فأمي
لن يهنئ لها بال وترتاح حتى أزورهم

نهاية الجزء السادس

ما سينتظر أبناء شامخ بعد أن وافقوا على شروط الوصية وكيف سيواجهون واقعهم المرير ذاك

غيث وزواجه من رنيم وهوا يكره النساء والزواج آخر مخططاته وما ذاك السبب وراء كرهه لهن
وكيف ستواجه رنيم تلك العيوب والمصاعب في الحياة معه

بحر يرى شقيقه يحقق حلمه بالزواج ممن أحب وتمناها زوجة له وهوا لا يستطيع حتى الهروب وترك
العائلة فهل سيوافق على شرط الوصية ويدفع ثمن إهماله واستهتاره حيال تركه لها لسنوات

أديم وما سيواجهه في الجنوب وعمله كموظف عادي في الشركة وما سيلقاه من مشكلات هناك
وكيف ستكون حياته ضمن عالم الفقراء الذي لم يدخله يوما وما هوا مخططه

صهيب والمهمة المجهولة التي كلفه بها والده ويراها أسوأ من كل شروط الوصية الخاصة بإخوته وما
يخطط له ابن عمه

زبير وزواجه من فتاة لا يحبها ولا تحبه وتخليه عن الفتاة التي أحبها منذ الصغر وحب شقيقه لزوجته
وهل سيكتشف الأمر

وكيف ستواجه حور و رنيم قدرهم في ذاك القصر وهل سيكونان على وفاق

ميس والرسالة الغير متوقعة وحقيقة طلب الجد رؤيتها وهل ستذهب بالفعل

هذا ما تخبئه لكم الأجزاء القادمة فكونوا بالقرب دائما

يتبع ...........??????
 
رد: أنا من خذلت نفسي

الجزء السابع ⚘

جلست ووالدتي نحسب ما لدينا من مال لنحاول توفير ما يمكن ولا نكلف بحر أكثر

" أمي هذا لن يكفي علينا إضافة المزيد له "

أجابتني بحنق " إن أضفنا لها المزيد فستنقص من الأخرى لن يجدي ذلك "

تنهدت وقلت " لا يمكننا الوصول لنتيجة لو أن والدي فقط يتوقف عن أخذ نقودنا لكان فائضا
لدينا فراتب بحر مرتفع جدا ولكن ..... "

أمسكت أمي رأسها وقالت " المشكلة أن بحر يرفض بشدة أن أعمل "

قلت معترضة

" أمي بحر محق كيف ستعملين فراشة بمدرسة هذا لا يجوز , آه لو تركني والدي انهي تعليمي فقط "

قالت بهدوء " على بحر أن يتوقف عن إهدار ماله هكذا إنه يشتري الهدايا دائما و الفساتين الراقية
والحديثة والحلي باهظ الثمن لك ويدلل مازن كثيرا ويشتري له كل ما يتمنى وليس ما يحتاج فقط "

قلت بذات الهدوء " أنتي تعلمي أن بحر يشعر بالضيق كلما تحدثنا معه في الأمر , حمدا لله أنه
وهب لنا أخي هذا وإلا لكانت حالنا مزرية ولصرنا سجادة يدوسها الناس بأقدامهم "

رفعت والدتي يديها للسماء وقالت

" يا رب ناول بحر كل ما يتمنى مثلما يوفر لنا كل ما تمنيناه إنك سميع الدعاء "

ثم قالت بضيق " لو أنك وافقتي على خال صديقتك لوفرنا عليه كثيرا فسينقص منا واحد على الأقل "

قلت معترضة " أمي وهل تعتقدي أن ذلك سيكون حلا إنهم يتبجحون كثيرا ولا يعجبهم شيء
وسيعمل بحر على توفير كل شيء وسيدفع الأضعاف أنتي تعرفي الناس هنا جيدا حياتهم مترفة
ثم هي قالت أنها لم تخبر خالها عن حقيقة والدي قالتها هكذا وبكل صراحة وكأنه أصبح وصمة
عار علينا أن لا نخجل من ذكر الناس لها أمامنا وعليهم أن لا يراعوا مشاعرنا , أمي عليا أن
أنسى الزواج كما نسيت الدراسة "

دخل حينها بحر من الباب وكان باديا عليه السوء وقد غابت الابتسامة عن وجهه

وقفت وقلت " مرحبا بحر ما هذه المفاجئة "

ابتسم ابتسامة صغيرة وحزينة واقترب قائلا

" منذ متى كنت أخبركم بقدومي كانت دائما مفاجئة "

قلت بابتسامة " ولكنك زرتنا من قريب لم أتوقع أن تأتي "

سلم عليا وعلى أمي ثم نظر للطاولة وقال

" ما بكما لما تجمعان المال هنا هل من مشكلة هل ينقصكم شيء "

قالت والدتي بحب " لا بني لن ينقصنا شيء وأنت تسندنا إننا فقط نرى ما تبقى وفيما سننفقه "

قال وهوا يصعد للأعلى متوجها لغرفته

" إن نقص شيء فأخبراني وإياكم أن تحاولوا توفير المال لأجلي سأنام قليلا "

نظرت لوالدتي بحيرة وقلت " يبدوا لي بحر بمزاج سيء اليوم هل لاحظتِ ذلك مثلي "

تنهدت وقالت " نعم عسا أن يكون خيرا يا ابنتي "

بعدها بساعة نزل وقد ازداد ضيقا فقلت بقلق " بحر هل أنت ذاهب ألن تنام "

لم يجبني وخرج وأغلق الباب ركضت خلفه فتحت الباب وخرجت ولكنه غادر ولم أجد

سيارته عدت من فوري حاولت الاتصال به كثيرا ولكن لم يجيب مرت الساعات وأنا ووالدتي

نجلس في انتظاره مشغولين البال ولم أجد حلا سوى الاتصال بشقيقه صهيب الذي كان
يتصل بوالدتي أحيانا في السابق ليسأل عن بحر اتصلت فأجابني من فوره قائلا

" مرحبا يا خالة هل من مكروه "

توترت كثيرا وشعرت بالخجل ثم قلت " هذه أنا جود شقيقة بحر "

قال بهدوء " مرحبا يا جود بما أخدمك "

قلت بذات الهدوء " بحر وصل عصر اليوم قال أنه سينام ولكنه خرج بعد ساعة بحالة
سيئة جدا لقد كان اليوم على غير طبيعته نحن نتصل به منذ ساعات ولا يجيب هلا تحدثت
معه لتخبره أن يطمئنا عليه إننا منشغلون كثيرا "

قال من فوره

" هوا لا يرد على اتصالاتي أيضا ولكني سأجد حلا وما أن اكلمه فسأطلب منه مهاتفتكم "

قلت معتذرة " شكرا لك واعذرني على الإزعاج فليس لدينا رقم شخص آخر غيرك "

قال بصوت مبتسم " لا باس يا جود يمكنكم الاتصال متى احتجتم لشيء "

قلت براحة " شكرا جزيلا لك , وداعا "

بعد حوالي الساعة اتصل بنا بحر وقال أنه بخير وسيعود بعد قليل أطمئن بالي كثيرا
فقد كدت أجن

بحر

تركت لهم ذاك الجحيم الذي يسمونه قصرا وخرجت , ركبت سيارتي ولذت بالفرار من قدري
لقدري لما لا يشعرون بالسكاكين التي يرمونها في قلبي , لما لا يعلموا أن كلماتهم تقتلني قتلا ,
لما يتحدثون عنها أمامي لما سيجلبونها إلي لتكون معي وليست لي , ليست ملكي ولا تخصني

أربع سنين مرت لم يغب طيفها عن بالي لحظة رفض عمها طلبي لها لمرات عديدة , سنتين وأنا
أراقبها خارج الجامعة من بعيد ويأبى لساني التحدث معها فهي الطهر الذي رفضت تدنيسه , لتختفي
بعدها من المدينة دون أن أعلم أين أخذوها ورحلوا وسنتين تلتها عشت الحرمان حتى من رؤيتها من
بعيد وليتني أنحرم منها عمري كله ولا أراها أمامي وهي ملك لغيري ... ولمن لشقيقي

حملني همي وحزني للمدينة التي عرفتها فيها مدينة والدي ولم أجد نفسي إلا واقفا أمام
جامعتنا في المكان ذاته الذي كنت أقف دائما لأراها وهي تخرج منه دون أن تراني
نزلت من السيارة وحملتني قدماي للداخل لأمر, بكل زاوية رأيتها تقف فيها وأتذكر
كل ضحكاتها وكلماتها وأتذكر موتي وموت حلمي في هذا المكان

خرجت من هناك جثة تحملها قدمان توجهت لمنزل أخوتي من والدي مناشدا الراحة ولو
قليلا بعد كل ذاك السيل الجارف من الذكريات صعدت لغرفتي تقلبت كثيرا علي أجد
طريقا يأخذني للنوم أو حتى للموت ولم أزدد إلا ألما وحزنا رفعت الهاتف واتصلت
من فوري بعمها راجي فأجاب قائلا

" نعم مرحبا من معي "

قلت بألم " أنا بحر ... الشاب الذي قتلته منذ سنين ولازلت تقتله حتى الآن "

قال بصدمة " بحر "

قلت بأسى وغيض " نعم بحر ... بحر الذي رفضته لمرات لتوافق على شقيقه من أول مرة
ودون تردد , هل لأنه ابن شامخ وأنا ابن جابر هل لأنه يستحق حور وأنا لا أستحق إلا الموت "

قاطعني قائلا

" بحر توقف عن ذلك فأنا لم أرفضك لأنك أبن جابر ولا لأن زبير ابن شامخ وافقت عليه "

قلت بأسى " ولماذا إذا "

قال بحدة " لأني ما كنت لأزوجها قبل أن تنهي دراستها وكنت سأزوجك إياها فيما بعد وأنت
أبن جابر ولكن علمت أنه بين والدها وشامخ عهداً وهذا ما ليس لي به يد وشامخ لم أعرفه
شخصيا إلا من سنتين فقط "

سألت بغيض " هل كنت تعلم أنه زوج والدتي هل علم أنني أردت حور وخطبتها منك ورفضت "

قال ببرود " أنت لم تخبرني حينها بصلتك به فكيف سأعلم "

قلت بحسرة " لأنني أردتها لي لبحر وليس لوالدي شامخ أردت أن تزوجها لي أنا وليس من أجله هوا "

قال بحزم مقاطعا لي " أسمعني يا بحر إن كانت حور من نصيبك فلن يمسكها عنك شيء
وإن كانت ليست من نصيبك فلن يعطيها أحدٌ لك "

أنهيت الاتصال وخرجت من المنزل أسوء مما أتيت متوجها لصديقي الوحيد وحامل
همومي ( البحر ) جلست على شاطئه أنثر فوق حبات رماله بقايا أملي وأحاسيسي ولا
شيء يضاهي ما اشعر به من الم إلا اتساعه, نزلت من عيناي دموعا تروي له حكايتي
مع تلك السنين , الدموع التي لم تنزل إلا يوم علمت أن حور لن تكون لي ويوم وفاة والدي
شامخ وهذا اليوم الذي تشهد فيه على نهاية الحب الذي لم يعش يوما

صهيب

ترى هل ينجح الأمر كم أخشى من أن يفشل ذلك , آه الجميع يضن أنني أفضلهم حالا , ترى
هل سأكون كذلك لا أعتقد فهم لا يعلمون ما وكلني به لكانوا غيروا نظرتهم للوصية بأكملها

" ما بك يا صهيب فهذه المرة العاشرة التي تتنهد فيها بضيق "

قلت بتذمر " هل التنهد ممنوع أم الضيق هوا الممنوع "

ضحك وقال " ليس ممنوعا ولكنه غريب عنك فأنت تصرخ وتثور غضبا فقط "

تأففت وقلت " عصام إن كنت متضايق من وجودي لما لا تتركني وحدي "

قال بهدوء " افتح قلبك يا صديقي فالكتمان ينقص العمر "

ضحكت وقلت " يالها من طريقة فاشلة يا عصام "

قال بضيق " الحق علي أردتك أن تخرج ما في قلبك قبل أن يقتلك "

مررت أصابعي في شعري حتى نهاية رأسي ليرجع متساقطا على أطراف وجهي وجبيني وقلت

" بعض الأمور إخراجها من القلب هوا القاتل لك وليس كتمانها "

قال بحيرة " أنا لا أفهمك حقا "

قلت " قد تفهمني يوما ولكن ليس الآن بالطبع "

يالها من مهمة صعبة يا أبي وكلتني بها ولكني لن أتراجع أبدا , وقفت وقلت مغادرا

" سأغادر خارج العاصمة لمدينة أخرى لوقت قد يطول سنكون على اتصال حسننا "

وقف وقال " ولكن أين ولماذا "

قلت مبتعدا وملوحا بيدي " سنتحدث في وقت آخر ما أن أعود "

أخرجت هاتفي واتصلت بصديق لي في مدينة مجاورة تبعد عن هنا بعض المسافة

أجاب من فوره قائلا " مرحبا صهيب أين كل هذا الانقطاع "

قلت بهدوء " كنت منشغلا ببعض الأمور العائلية كيف أنت يا سالم "

قال ضاحكا " كما عرفتني "

ضحكت وقلت " أمازلت تاجر xxxxات فاشل "

قال بضيق " ما تقصد بذلك سوف تأتيني يوما تطلب مساعدتي "

قلت بابتسامة " بل ها هوا قد جاء ذاك اليوم "

قال " إذا لن أخدمك "

ضحكت وقلت " رغما عنك "

قال بصوت مبتسم " أنا تحت أمرك يا صديقي "

قلت بهمس " هل يمكن توفير مكان لا تصدر عنه أي شوشرة أو شكوك مهما حدث بداخله "

قال بصوت مصدوم " غريب طلبك هذا "

قلت بضيق " لم تجب على سؤالي "

قال " يستحيل إلا الأماكن الخالية من السكان "

قلت بغيض " سحقا لن ينجح الأمر إذا "

قال " لدي مكان قد ينفع لذلك ولكن ليس منزلا "

قلت " لا بأس حتى تدبر لي واحدا "

قال " يوجد مساكن منعزلة حيث يجهز بعضها والبقية غير جاهز للسكن تكون
مناسبة ولكن هذا صعب الآن "

قلت " حسننا سأتدبر أمري بذاك المكان حتى تجد لي المنزل سأراك غدا حسننا ..... وداعا "

جيد أن عوف دبر لي ذاك الشابان حتى يحصل سالم على المنزل كل خوفي منهما ولكن لا حل
أمامي وعليا المغادرة صباح الغد

ميس

وصلت أخيرا بعد ساعات طويلة من السفر جوا ثم ساعات من البحث برا وبعدما تحججت بملايين
الحجج كي لا أذهب ولكن والدتي تغلبت علي

كنت أقف في شارع متطرف عن المدينة وكل المباني هنا يظهر أنها مصانع ومستودعات وكنت
أمسك بيدي الورقة التي وصلتني ومدون عليها عنوان منزل المدعوين عائلتي , لم تعبر منذ
وصولي من وقت طويل إلا سيارة واحدة سألت راكبها وأعطيته الورقة فقال أن العنوان صحيح
فأين هوا المنزل إذا فلا شيء هنا سوى المباني وتلك السيارة السوداء التي تقف هناك منذ وصولي
ويبدوا أنه لا يوجد بها أحد لأنها تقف منذ وقت طويل بلا حراك

كانت الساعات تمضي وأقترب المغيب وأنا هنا وحدي ولا مارة ولا سيارات تعبر هذا الطريق
الموحش بعد ذلك بقليل تحركت السيارة السوداء التي كانت على ما يبدوا ليست فارغة كما ظننت
توجهت ناحيتي ووقفت أمامي نزل زجاج مقعدها الخلفي وكان يجلس فيه شاب نحيل البنية كريه
الابتسامة أخرج رأسه من النافذة وقال

" عما تبحثي يا آنسة "

شعرت بالخوف الشديد منه وعدت بخطوات بطيئة للوراء ثم قلت بحدة

" ما شأنك أنت بي أغرب عن وجهي حالا "

فتح الباب نزل وأمسكني من يدي وسحبني إلى السيارة صرخت بقوة وحاولت جاهدة منعه
ولكن دون جدوى رماني داخل السيارة وركب خلفي وأغلق الباب كان ثمة شابين يجلسان
بالأمام التصقت بالباب المجاور لي وأنا أصرخ فيهم

" دعوني أيها الأوغاد إلي أين تأخذونني "

مد الشاب الذي بجانبي يده لي وقربها مني ليمسك بحقيبة يدي فصرخت به

" أبتعد عني وأبعد يدك القدرة "

حينها صرخ الذي كان يقود السيارة قائلا " أبتعد عنها يا حامد أقسم إن لمستها لقتلتك هل
سمعت , لقد سبق وحذرتك وليس من صالحك أن أعيد تهديدي "

أبعد يده من أمامي وقال بتذمر " فهمت لا تصرخ بي هكذا "

ثم ساروا بي لمسافة طويلة وأماكن موحشة وطريق ترابي طويل كان الظلام حالكا والجو
باردا جدا توقفت السيارة أمام مستودع كبير ونزلوا وأنزلني ذاك القذر معه ثم أدخلوني المستودع ,
قال الذي كان يقود السيارة وهوا يؤشر بأصبعه على أقرب أعمدة المستودع

" أجلسي هناك "

صرخت في وجهه قائلة " لا أريد أعيدوني من حيث أخذتموني يا مجرمين "

صرخ حينها صرخة كالزلزال قائلا " قلت أجلسي هناك الآن "

توجهت حيث قال وجلست ضامه ساقاي لصدري محتضنة لهما بيداي وأنا أنظر ناحيتهم بخوف مما
يدبرون له قال الشاب ذو الشعر الطويل البني لذاك النحيل الواقف معهم

" أنت ستبقى هنا الليلة معها وها أنا أعيدها للمرة الألف أقسم إن لمست شعرة منها فسيكون
حسابك عسيرا معي وأنت تعلم ما أعنيه جيدا "

توجه ذاك النحيل القصير المدعو حامد إلى الجدار المقابل لي والتي كانت الأرضية تحته مرتفعة
قليلا وله عمودان على جانبيه وكأنه منصة لمسرح منخفضة بعض الشيء جلس هناك وقال

" لا تتأخروا عني كثيرا عند الصباح "

ثم خرج ذاك الشاب أنيق الثياب صاحب البنية الجسدية القوية والشاب البدين وهوا الثالث
في المجموعة وبقيت أنا وحامد ذاك وحدنا , بعد وقت طويل قلت له بهدوء

" أتركني أرحل أرجوك أنا لست من هنا وأمي مريضة وهي تحتاجني "

قاطعني قائلا

" أخرسي ولا تتعبي لي رأسي فقرار أخراجك من هنا ليس بيدي أنا فأريحي رأسك وأريحيني "

قلت بغيض " بيد من إذا "

قال ببرود "لا شأن لك , ولا تسألي عن المزيد "

ضممت ساقي بقوة لصدري أرتجف بردا وخوفا مما سيحل بي

لما لم أجد العنوان رغم أنه كان صحيحا هل كانت كذبة يا ترى هل خُدعت ولم يبحثوا عني
عائلة والدي ولم يطلبوا رؤيتي ولكن من الذي من مصلحته أن يفعل ذلك , مرت بي الساعات تلو
الساعات وذاك الشاب يمسك جواله منذ ذاك الوقت ويضع السماعات في أذنيه كان يوجد حمامين
بذاك المستودع فدخلت البعيد عن حامد ذاك توضأت وخرجت صليت كل ما فآتني اليوم من فروض
فأنا لا أعلم مواقيت الصلاة هنا وجلست حيث كنت وأنا أقاوم النوم خوفا من أن أنام حتى لاح أول
خيط من خيوط الفجر فصليت الفجر وعدت مكاني وكان ذاك الشاب على حاله لم ينم لحظة بعد
ساعات قليلة سمعت صوت سيارة في الخرج وما هي إلا لحظات حتى أنفتح الباب ودخل الشابين
ذاتهما وتوجها جهة حامد فقال لهم

" جيد لم تتأخرا , عليا النوم يكاد يغمى علي من النعاس "

ثم اقترب مني الشاب بني الشعر ومد لي بكيس به طعام

فأشحت بوجهي عنه جانبا وقلت " لا أريد "

قال بهدوء " لن يجدي ما تفعليه نفعا يا ميس فلن تضري إلا نفسك "

ثم وضع الكيس بجانبي وغادر جهة الاثنين الآخرين وقال مخاطبا للبدين بحزم

"ستبقى هنا حتى المساء يا جهاد ولن أكرر ما قلته لحامد البارحة , الفتاة خط أحمر إن اقتربت
منها حطمتك شر تحطيم "

ثم خرج يتبعه حامد وتركاني مع ضيف جديد جلس مكان سابقه , مر بعض الوقت ثم بدأ بالغناء
بصوته النشاز واستمر يغني لوقت طويل حتى صدع لي رأسي ثم نظر إليا وقال

" يبدوا أنك لست جائعة هل آكلها عنك "

قلت بغيض " لا أريدها فكلها أو أفعل ما شئت "

أقترب وأخذ الكيس ثم عاد لمكانه وأكل كل محتواه دون أخد راحة أو نفس , بعد ساعات وصله
اتصال عبر هاتفه فأجاب من فوره

" مرحبا حبيبتي "

"......."

" حسننا حسننا أنا مشغول الآن وما أن أخرج من عملي سأحضر لها الحليب "

"....... "

قال بغيض " قلت لك مشغول ألا تصبر ابنتك قليلا "

"......."

" آه هيا حبيبتي توقفي عن البكاء سأجني مالا كثيرا عما قريب وسأوفر لك كل
ما تريدي , حسننا هيا وداعا "

ومرت الساعات وأنا استمع لنشازه المقرف وأقترب الليل وكنت أصلي الفروض بعشوائية فلا أعلم
وقت الصلاة هنا وهذان الصعلوكان لم يكونا يصليان ترى ما يريدوه مني وكيف علم ذاك الشاب
باسمي , بعد قليل عادت السيارة مجددا وكان الصوت يدل على وجود سيارتان , دخل حامد والشاب
ذاك معه وقد جلب لي بطانية وفراشا صغيرا وكيس طعام جديد قال جهاد سائلا الشاب

" ماذا حدث معكما هل وافقوا على دفع المال "

لم يجبه الشاب ونظر يمينا ويسارا وكأنه يبحث عن شيء ثم نظر جهة جلوس جهاد وقال بغيض

" هل أكلت أنت الطعام أيها اللص القذر "

حك جهاد مؤخرة رأسه وقال " قالت أنها لا تريدها وأنا كنت جائعا جدا "

توجه ناحيته وأمسكه من قميصه وقال بغضب

" إن أنا قلتُ شيئا فيجب أن يُنفد , قلت الأكل لها يعني لها أتفهم "

قال جهاد بصوت مخنوق " أفهم أفهم أتركني "

رمى به أرضا ثم قال " اتبعاني للخارج "

خرجوا ثلاثتهم خارجا وتحدثوا قليلا ثم غادرت أحدى السيارتين ودخل الشاب أنيق الثياب
وجلس حيث جلس السابقان جلست على الفراش وتلحفت بالبطانية ألتمس الدفء وكلما
رفعت بصري إليه وجدته ينظر إلي فيشيح بنظره سريعا عني , بعد وقت قليل نظرت له وقلت

" ما الذي تريده مني أنت وعصابتك "

نظر لي بتعجب ثم قال بابتسامة " عصابة "

قلت بضيق " نعم عصابة وما تسمي من يختطفون فتاة من الشارع ويسجنوها في مستودع غير
عصابة وأنت زعيمهم طبعا "

اكتفى بالنظر إلي مبتسما في صمت فقلت بغضب

" هل لك أن تخبرني ما يسعدك في الأمر "

قال بهدوء " لا شيء "

قلت بغضب " من أنتم وما تريدون بي وعن أي مال كان يتحدث ذاك البدين ومن الذي ستأخذونه
منه ومن أرسل لي تلك الرسالة ومن أين عرفت اسمي "

نظر للسقف في صمت متكأ على العمود ولم يجب فقلت بصراخ غاضب

" أجب ما بك هل أكلت القطة لسانك "

قال بهدوء " ميس اصمتي "

قلت بحدة " لن أصمت أخرجني من هنا هيا "

لم يجب أيضا فقلت بأسى

" كل هذا من تحت رأسهم آل يعقوب سحقا لهم جميعهم كم أتمنى من الله أن يدمرهم شر تدمير "

نظر لي وقال بحدة " ميس توقفي أنتي تدعي على نفسك أيضا معهم أم نسيتي "

قلت بغضب " وما شأنك أنت بي وبهم أنا لست منهم ولا أعترف بأمثالهم ثم لما أنت مستاء لأجلهم "

عاد بنظره للسقف ولم يجب ولذت أنا أيضا بالصمت فيبدوا لي لا جدوى من الكلام معه ولن يعدلوا
عن مخططهم مساكين يضنون أن تلك العائلة ستدفع شيئا من أجلي

بعد وقت قام ودخل الحمام ثم خرج وصلى العشاء صدمني حقا ما رأيت ثم جلس بعد أن فرغ من
صلاته يستغفر الله بمتمتمات مطولا حقا كما يقولون إن لم ترى العجب فلم ترى شيئا , أيقوم باختطافي
وعصابته تلك وسجني هنا ويستغفر الله كثيرا , قمت لأدخل الحمام ثم صليت لأني علمت على الأقل
وقت صلاة العشاء متى يكون ثم استلقيت على الفراش وشعرت بالراحة لأنه يصلي ونمت بتعب نوما
عميقا لوقت طويل ولم استيقظ إلا على صوت فتحهم للباب فجرا ليغادر ويستلم حراستي أحد الآخران
يبدوا أنهم لن يفكروا في إطلاق سراحي وسيستمرون في سجني والتناوب من أجل حراستي

أُديم

حزمت اليوم أمتعتي لتبدأ أسوء رحلات حياتي بعدما رتبت لكل شيء بمساعدة المحامي عارف
ذلك أفضل لي فلا أريد الاحتكاك بمن هناك على أي حال ولا يجب أن يعرف أي احد أسمي ولا
حتى رئيس إدارة الشركة وصلت البارحة ووجدت خيري قد استأجر لي شقة جيدة في مكان
مناسب كما طلبت منه وهاهي طلعت شمس الصباح وعليا مباشرة عملي الجديد

دخلت الشركة متوجها مباشرة لقسمي فيها فمكاني جاهز هناك , كم أتمنى أن يمر هذا اليوم على
خير , دخلت المكتب فكان هناك ثلاث مكاتب صغيرة, من الجيد أن المكان كان مرتبا وراقي بعض
الشيء فشركتنا الأفضل هنا أسسها والدي بعد الحرب ليجد البعض فرصا للعمل فيها فهي على أي
حال ليست من الفروع الأنشط لدينا ورواتب موظفيها غير مكلفة لنا

كان يجلس على الطاولتين رفاقي في عملي هنا كم من الوقت لا أعلم وهوا أكثر ما أخشى ,
المكتب المقابل لمكتبي وهوا على يمين الباب تجلس عليه فتاة تبدوا لي في بداية العشرين
من العمر والآخر المقابل للباب لسيدة في الأربعين من العمر تقريبا ما إن خطوت خطواتي
للداخل حتى رفعتا نظريهما إلي كانت فتاة حنطية البشرة تميل للبياض لها غمازات بخديها
تظهران بوضوح لأي حركة بسيطة لشفتيها وعينان شديدتا الاتساع لم أرى كحجمهما بحياتي
وكثيفتا الرموش وسوداوين ووجه دائري والسيدة بيضاء البشرة بملامح بسيطة وعينان عسليتان .

دخلت متوجها لمكتبي من فوري وفي صمت جلست على الكرسي وجهته جهة الباب وأمسكت
بهاتفي المحمول وبدأت بمراسلة أصدقائي بعد دقائق همست الفتاة للسيدة

" هيه شروق هل هذا موظف جديد هنا "

أجابتها بهدوء " نعم لقد أخبرني رئيس القسم بحضوره اليوم لهذا جلبوا له مكتبا "

قالت بذات الهمس

" وما به لا يلقي حتى تحية الإسلام لو كانت مقبرة لوجب عليه تحية الأموات فيها "

قالت الأخرى بضيق

" ليان لما لا تهتمي بعملك فقط هذا الشاب أخرس إنه لا يسمع ولا يتكلم فهمتي لما "

شهقت الفتاة بدهشة وهي تنظر ناحيتي وقالت

" أخرس ... كل هذه الوسامة وأخرس وأقول أنا لما البشعين كثيري الثرثرة "

ضحكت الأخرى وقالت " لهذا أنتي ثرثارة "

وقفت وقالت بضيق " ما قصدك هل أنا بشعة "

قالت شروق " لا اعلم أنتي قلتي ذلك "

( تنهدت بضيق يبدوا أنني سأعمل مع هذه الثرثارة ياله من يوم سيء , هذا أول اكتشاف لهذا المكان )

تنهدت الفتاة وجلست قائلة " آه اذكر أنه كان لي صديقة في الابتدائية خرساء كنت أحبها كثيرا
على عكس الجميع وأرافقها دائما وأتحدث معها عن كل شيء رغم أنها لا تسمعني "

قالت السيدة بضحكة " هل كنتي تتحدثي مع خرساء يالك من مغفلة "

قالت المدعوة ليان بغيض " وما الغريب في ذلك لقد كانت تحب حديثي معها وتنظر لي بابتسامة
وانتباه راصدة كل حركات وجهي حتى أنها تعلمت البعض من الكلمات بحركة الشفتين "

( يا لا المصيبة إن كانت تتحدث مع خرساء عن كل شيء فماذا ستفعل مع هذه التي تسمع أنا
أرئف لحالي أرجوا أن لا تعاملني بحب كصديقة طفولتها )

قالت المدعوة شروق

" هيا هيا أعملي بصمت ولا تضيعي المزيد من الوقت قبل أن أشتكيك لرئيس القسم "

قالت الأخرى بضيق " ما رأيك أن تشتكيني لمدير الشركة "

ضحكت شروق وقالت " أحد مالكي الشركة أفضل "

قالت المدعوة ليان بعد ضحكة

" من !!! أحد مالكي الشركة وهل سيتواضعون ليأتوا لمكتبك هنا لتريهم كي تشتكيني عندهم "

( يا سلام وتسخر منا أيضا سليطة اللسان يبدوا أن هذه الشركة تحتاج لقوانين صارمة )

قالت شروق " عودي لعملك قبل أن يسمعك أحد "

سكتتا واستمرتا في عمل متواصل لساعتين دون كلام ثم قالت الثرثارة التي لا أعلم كيف
صبرت كل هذا الوقت

" شروق ما به هذا الشاب إنه لا يفعل شيء سوى طقطقة أزرار جواله كيف يكون موظفا
هنا وأخرس ولا يعمل أيضا يبدوا أن أحدهم توسط له , يبدوا لي هناك أمر ما وراءه "

( تبا لهذه الثرثارة ستكشف أمري بعد قليل )

قالت شروق " إنه يعمل على الحاسوب فقط هوا بارع في ذلك "

ضحكت بمكر وقالت " جيد سيرفع عنا حملا كبيرا "

قالت شروق بغيض " هل ستستغلي الشاب لأنه أخرس يا ليان من يسمعك لا يصدق أنك
تخرجتِ الأولى على دفعتك وبامتياز "

رمت بيدها جهة شروق وقالت " اسكتي أسكتي من قال أني أنوي فعل ذلك قلت سيخفف عنا
ولم أقل سنكلفه بكل العمل "

قالت شروق " حسننا أتمنى ذلك "

قالت ليان بمكر " هيا هيا أعملي ولا تضيعي الوقت "

( يبدوا أنه عليا أن أعمل ومن أول يوم لي هنا فهذه الفتاة لن تتركني وشأني )

ولم تصبرا طويلا طبعا فبعد وقت قالت المدعوة شروق

" ليان ما فعلتي بخصوص المنزل "

تنهدت الأخرى بضيق وقالت " لم أفعل شيء ولن أفعل "

قالت شروق بصدمة " ما يعني لن تفعلي شيئا والحل "

قالت ليان بلامبالاة " لا حل لذلك إلا بموتي أو موتهم "

ضحكت شروق وقالت " ياله من حل "

قالت ليان بتذمر " أسعفيني أنتي بغيره "

قالت شروق " هنالك حل ولكنك لا تريدينه "

قالت ليان بضيق " حلولك الفاشلة اتركيها لنفسك "

تأففت شروق بضيق ثم قالت هامسة وكأنه ثمة من سيسمعها

" هيه ليان أخرجيني من حيرتي ألم تري هذا الشاب من قبل "

نظرت لهما بشك ووجدتهما كما توقعت ينظران لي فقالت ليان

" أين سأراه في منامي مثلا "

قالت شروق بهدوء

" ليان أنا لا أمزح معك أشعر أنني رايته ولكن لا أذكر أين في التلفاز في الصحف ليثني أذكر فقط "

( سحقا لهذه المصيبة يبدوا أنها رأتني سابقا في إحدى الصحف أخشى أن تتعرف علي )

قالت ليان بتذمر " وما سيأخذ هذا الفتى للتلفاز أو الصحف إن رأيتهم أنتي يوما سيكون رآهم هوا "

قالت بشرود " قد يكون شبه لي فقط "

قالت ليان " ما أستغربه أنه يقرأ ويكتب وهوا أخرس "

( يبدوا أنهما لن ترتاحا حتى تكتشفا أمري لما لا تشغلان ذكائهما فيما هوا مفيد )

قالت شروق " هذا أمر عادي فثمة مدارس تدرس الصم والبكم "

قالت بحيرة " هل يعلمونهم الكتابة والقراءة "

قالت شروق " نعم فهم كمن يتعلم الانجليزية نطقا دون كتابة "

قالت ليان مندهشة " هل تقصدي أنهم يفهمون الكلمات دون معرفة نطقها "

قالت شروق " نعم هكذا فهم لم يسمعوها وقريب لي درس في مثل تلك المدرسة وهوا يكتب ويقرأ "

نظرت لي ليان وقالت " ترى هل يكتب الشعر ويقرأه "

ضحكت شروق كثيرا وحتى أنا كادت تضحكني هذه الغبية لولا أن أمسكت نفسي فقالت ليان بضيق

" ما الذي قلته يضحك "

قالت شروق " بل ما الذي قلته لا يضحك كيف فكرتي في الشعر تحديدا "

قالت ليان بتذمر " لن أشرح لغبية مثلك "

سؤالها ساذج وغبي في الظاهر ولكنه ذكي لو فكرت به فهل لمن يعرف الكلمات المرتبطة
برؤيته للأشياء أن يفهم كلمات عن شيء غير مرئي كالشعر

بعد ساعة وقفت الفتاة وقالت "سأجلب القهوة هل تريدي "

قالت شروق بابتسامة " نعم وكما تعلمي قهوتي حلوة "

قالت بضيق " أجل وهل ستعلمينني ما أعلمه جيدا "

ثم أخذت ورقة وكتبت فيها شيئا ثم رفعتها ناحيتي لأقرأها وكان مكتوب فيها

( هل تريد قهوة )

ابتسمت مرغما لمجاملتها وهززت رأسي بالرفض لا أريد منك شيئا فقط دعيني وشأني

ومضى يومي الأول وعدت لشقتي بعد ساعات طويلة من العمل الممل والمتعب اشتريت في طريقي
الطعام لآكله هنا سامحك الله يا والدي تحرمني حتى من طعام قصرنا اللذيذ ووجبات أمي المميزة
عليا أن أزور صديقي خيري عند المساء سأجد مع من أتسلى على الأقل فهوا أعزب مثلي

حور

ما أسرع ما تمرنا الأيام عندما لا نكون بانتظار مرورها , اليوم غادر عمي والمدعو زبير
للمحكمة لإتمام الزواج كما علمت , لقد أصبحت زوجة ذاك الذي لو التقيت به في الشارع ما
عرفته وسأنتقل اليوم للعيش معه وعائلته

وكأنني في حلم بل كابوس كيف تكون الأمور بهذه السرعة لا حفل خطوبة ولا عقد ولا حتى
حفل زواج أسبوع واحد فقط علمت فيه بالأمر ولم أخرج خارج المنزل ولم أتجهز حتى كباقي
العرائس , اشعر وكأنني مخطوفة وليس متزوجة , وهل كنت سأهتم بالأمر على كل حال فقد
فقدت رغبتي في الزواج منذ ذلك الوقت

الماضي

كنت واقفة عند لوحة الإعلانات أبحث عن أسمي عندما سمعت صوتا رجوليا عذبني وذوبني
لأشهر وهوا يقول بدفء وهدوء

" حور "

التفت إليه وكان واقفا خلفي تماما وعلى مقربة مني وكان بادٍ عليه التوتر تحمحم قليلا ثم قال

" إنها نهاية العام الدراسي وهي سنتي الأخيرة هنا "

قلت بحزن " إذا ستذهب ولن تعود "

قال بابتسامة " حور أنا أود خطبتك من عمك هل توافقي علي "

شعرت بالخجل والارتباك وكل المشاعر الغريبة والمحرجة فلذت بالصمت

تابع قائلا " لقد كنتي دائما في نظري قطعة القماش البيضاء التي لم تلطخها الأيدي فرفضت
أن ألطخها حتى بيدي , لتبقى دائما بيضاء نقية وعفيفة لذلك لم أتحدث معك لا عن مشاعري
ولا أي شيء رغم موتي تلهفا للحديث معك وسماع صوتك , سأطلبك زوجة لي فهل
توافقي هل تكوني لي لوحدي "

أنزلت رأسي للأرض خوفا من أن يرى سعادتي وموتي فرحا بما أسمع

قال بهمس " حوريتي قولي شيئا أي شيء أرجوك "

رفعت نظري إليه وقلت بابتسامة خجولة " موافقة أجل موافقة "

ثم ركضت مبتعدة عنه تنفست بقوة محاولة تهدئة دقات قلبي التي كادت تحطم المكان كله كانت
تلك المرة الثانية والأخيرة التي يتحدث معي فيها كما كانت المرة الأخيرة التي أراه فيها أيضا

الحــاضر

نزلت دمعة حارقة من عيني لتجرح خدي ثم تسقط على جسدي كالجمرة المتوهجة التي تحرق
وتخترق كل ما تمر به في طريقها ارتميت على السرير وصرخت ببكاء

" لماذا خذلتني لماذا رحلت ولم تعد , لماذا لا أنساك أخبرني لماذا "

بكيت مطولا وتألمت كثيرا ثم مسحت دموعي ودعوت الله أن لا ألتقية في حياتي مجددا ولا حتى
بالمصادفة بعد أن صرت زوجة لغيره مثلما تمنيت دوما أن ألتقي به ولو عن طريق الصدفة

طرقت مرام الباب ودخلت تتبعها شادن وزوجة عمي شادية

قالت مرام " ألم تجهزي بعد "

قلت بضيق " جاهزة "

وضعت شادن يديها في وسط جسدها وقالت " وما الجاهز فيك أنتي لم ترتدي الفستان الذي
أحضرنا لك إنه بسيط جدا كما أردتي وأين الماكياج وتسريحة الشعر كيف لعروس أن لا تتجهز
في يوم كهذا "

تنهدت بضيق واكتفيت بالصمت فقفزت مرام بجواري وقالت

" كيف لمن تتزوج بابن شااااامخ آل يعقوب أن يراها هكذا "

قالت زوجة عمي آمرة لبناتها " أخرجا واتركاني مع حور قليلا "

تذمرتا قليلا ثم خرجتا جلست شادية بجواري ومسحت على رأسي وقالت

" ما بك يا حور عمك قال أنك وافقتي فلما كل هذا الحزن "

أحسست أنني أحتاج لوالدتي حينها لتمسح هكذا على رأسي وأرتمي في حضنها وأبكي
ولكني بلعت عبرتي وقلت

" لا شيء أنا فقط تذكرت والداي كم كنت أتمنى أن يكونا معي في هذا اليوم "

قالت وهي تربت على كتفي " نحن عائلتك يا حور وإن احتجت لشيء أو ضايقك شيء فأخبريني "

هززت رأسي بنعم فقالت

" هيا عليك أن تتجهزي ستصل مصففة الشعر والمتخصصة بالماكياج في أي لحظة "

وقفت وتحركت كالدمية التي تعمل بالبطارية شيء ما يحركني لا يمد للرغبة في التحرك
بصلة تجهزت أو جهزوني لا أعلم ولا يهم بعدها طُرق أحدهم الباب وكان عمي هوا الطارق
ما إن رأيته حتى نزلت دموعي مباشرة وكأن رؤيته تخبرني أن كل شيء انتهى وأني صرت
زوجتا لذاك

اقترب مني حضنني وقال " مبارك يا ابنتي مبارك يا حور لقد كبرتِ وأصبحت عروسا "

اكتفيت بالصمت والبكاء , لم أشاء لدموعي أن تنزل أمام الرجل الذي رباني وهوا من اختاره
زوجا لي ولو كان بسبب العهد بين والدي ووالده ولكن ما اجتاحني من مشاعر كان شيء فوق
رغبتي واحتمالي

أبعدني عنه وقال " لما البكاء يا حور أنا لا أفهمك حقا "

قلت بحزن " تذكرت والدي أنا أحتاجه , أحتاج أمي لا أريد أن أكون اليوم من دونهما "

قال بهدوء " هل هذا حقا ما يبكيك صارحيني يا حور "

اكتفيت بالصمت فأي كلمات يمكنها أن تعبر عما بداخلي وأي كلمات يمكنني أطلاق سراحها لتخرج
من جوفي المحترق وتطفئ ما فيه من حريق أمسكني عمي من كتفي وقال بنيرة هادئة وغامضة

" قد لا يدرك الإنسان كل ما يتمناه يا حور ولكن يبقى ثمة شيء يسمونه لا يأس من رحمة الله وما
كان الله ليختار لنا إلا ما فيه الخير , سامحيني يا ابنتي لأني كنت جزءا ممن تحكموا في مصيرك
واتخذوا القرار عنك وارجوا أن تعذريني يوما "

احتضنته من جديد وشكرته على كل شيء قدمه لي وكل شيء فعله من أجلي وخرجت معه قدمي
الأولى تجر الأخرى دخلت لمجلس الضيوف حيث المدعو زوجي , لم أرفع رأسي له ولم انظر
إليه ولم أرغب في ذاك حقا ما ذنبه فهوا أيضا ضحية عهد قديم ووصية لا أعلم ما فيها وما أحدثت
فيه فقد يكون يحب أخرى أيضا وقد كسروا قلبه وقلبها

تحدث مع عمي ولا أعلم فيما كانا يتحدثان ثم وضع يده على كتفي وغطى لي وجهي وخرج
يساعدني على السير معه دون أن يتحدث معي أن يلبسني خاتما وحليا ويقبل جبيني كما يفعل
الجميع أخذني هكذا كالجاني وكالمحكوم عليه بالإعدام يسوقونه سوقا دون مقدمات , سرت
في سيارة سرت في طريق وشوارع سرت على قدماي صعدنا سلالم ودخلنا من أبواب كلها
أمور حدثت ولم تحدث ولم نتحدث أيضا ولم أرى هناك أحدا

رفع الغطاء عن وجهي لأجد نفسي في مكان آخر ليس بيتي وليست غرفتي ورجل ليس عمي
ولا والدي ابتعد ووقف أمام باب أحدى الغرف وقال

" اسمعي يا حور أنا لن أظلمك معي لن أعاملك بقسوة ولن أضايقك يوما فقط عليك أن تنفذي
ما سأطلبه منك حتى يجد الله لنا سبيلا يرضيه ويرضينا , لذلك عليك أن تعلمي أن الخروج
ممنوع والاجتماعات العائلية والحفلات حضورها ممنوع أيضا , لبس ملابس النوم المغرية
ممنوع وسؤالي عن أي شيء يخصني ممنوع بتاتا, تلك غرفتك هناك وهذه غرفتي ولتعلمي
جيدا أني لن أرضى لأحد أن يضايقك أو يخطأ في حقك أو يلمسك بأذى مادمت على قيد الحياة "

تم دخل غرفته وأغلق الباب وأنا متسمرة بمكاني فها قد أضاف شيئا جديدا للائحة , فما أسعدني
من عروس وما أجمله من حفل زفاف وما أروعه من زوج , دخلت ما تسمى بغرفتي ارتميت
على السرير وبكيت وبكيت حتى سأمني البكاء وكرهتني الدموع دخلت الحمام استحممت غيرت
ثيابي وصليت ودعوت الله كثيرا ثم نمت
ولا أعلم كيف ولا متى

رنيم

ها قد بدأت مأساتي فزوج خالتي ينتظرني في الأسفل ليأخذني هناك حيث منفاي ومقبرتي بالتأكيد
فلا أعتقد أن قاسي النظرات ذاك سيعيشني في سعادة وهناء أتمنى أن لا أندم يوما على هذا القرار الذي
لا مفر لي منه

لم أنم البارحة لأحدد لكم وقت استيقاظي اليوم ارتديت جاكتة شتوية تصل لنصف الفخذ حمراء
اللون وبنطلون من الجينز الأسود وحجاب أسود اللون بحواف حمراء وحداء أحمر , ليست ملابس
عروس أعلم ولكنني لست عروسا على كل حال وليس هناك عريس لأرتدي له شيئا جميلا ومميزا
نزلت للأسفل ودعت والدتي ببكاء بل بنحيب وهي تحاول تهدئتي ثم أبعدتني عنها وقالت

" اعتني بنفسك يا رنيم وأطيعي زوجك فبالرغم من كل شيء هوا سيصبح زوجك الآن وعليك طاعته "

تنهدت وقلت " أتمنى ذلك يا أمي ولكني أراه صعبا جدا "

قالت بابتسامة حزينة " هوا مجبر مثلك عليكما مراعاة بعضكما "

قلت بأسى " إن راعاني فلن أكون أقل منه ولكن هل تعتقدي أنه سيفعل "

قالت بقلق " رنيم ما بك ما الذي دار بينكما من حديث "

قلت بهدوء " لا شيء أمي أنا فقط متخوفة من الأمر "

قالت بهدوء " هوا تربية شامخ وهذا ما يطمئنني "

آه يا أمي لو سمعتي أحاديثه معي التي لم تخلوا جميعها من التجريح لشككتي أن والدي شامخ هوا
من رباه سحبت حقيبتي خلفي خرجت للسيارة وقفت أمامها ثم التفتت لوالدتي ونظرت لها نظرة
مودع وكأنني لن أراها بعد اليوم وقفت أنظر إليها بدموع وهي تلوح لي بيدها مبتسمة , آه يا أمي
كم أحتاج أن أبقى معك هنا مالي ومال الثروة والوصايا والزواج الذي لم يكن يوما ضمن مخططاتي
الحالية ترى هل سأعود يوما لبيتي ودولتي وعالمي فحتى وضيفتي في دار النشر كانت تنتظرني
قبل أن أتخرج

" هيا يا رنيم سوف نتأخر "

كان هذا صوت زوج خالتي الذي هوا عمي من الرضاعة نظرت للأسفل فلم أجد حقيبتي التي
يبدوا أنه قد وضعها في السيارة صعدت السيارة وتوجهنا حيث محكمة تلك الدولة وسفارة دولتنا
فيها فها هوا لم يكلف نفسه عناء أخذي من هنا وحمدا لله أنه لم يفعلها

في الطريق تعرضت لتحقيق مطول من زوج خالتي عن سبب هذا الزواج وتوقيته وعلاقته
بالوصية وأنا أتهرب وأتحجج وألفق القصص وحمدا لله أنه لم يستجوب والدتي لكنا تناقضنا في
سرد الأحداث

قال بعد أن يأس مني " رنيم يا ابنتي أنا لا أفهم شيئا من كل ما يجري ولكن ما أعرفه جيدا
أن شامخ رحمه الله كان له أفضال كبيرة عليك ووالدتك وحتى عليا أنا شخصيا لذلك وافقتكم
على هذا رغم عدم اقتناعي "

قلت بهدوء " لا تقلق يا عمي فلن أكون إلا بخير بينهم "

قال بذات الهدوء " أتمنى ذلك "

ثم تنهد وقال

" لقد سبب هذا لنا بمشكلة مع ابني أدهم فهوا لم يستوعب حتى الآن أنك لن تتزوجي به "

قلت ببرود " لا يأخذ المرء إلا نصيبه سيجد من هي أفضل مني "

قال " أتمنى له ولك السعادة دائما ولا تنسي يا رنيم إن حدث لك أي شيء فاتصلي بي
وسأعيدك لبيتك حالا "

قلت بهدوء " بالتأكيد سأتصل بك على الفور "

آه ليته بإمكاني ذلك فأي رجوع سيكون قبل أن أتحرر من تلك الوصية التي أكرهتني في نفسي
ترى ما سألقى هناك وما ستكون نهاية كل هذا

يتبع .......??????
 
رد: أنا من خذلت نفسي

الجزء الثامن+ الجزء التاسع ⚘

غيث

" أمي أين هو بحر لم أره منذ أيام "

أجاب صهيب من فوره " إنه مع عائلة والده وسيعود بعد الغد "

قلت بابتسامة جانبية " هل يتحرك بحر حركة لا تعلم بها يا صهيب "

ابتسم وقال " بلى عندما يدخل الحمام هههههه "

قالت أمي بصوت هادئ يشبه الهمس

" أحوال بحر لا تعجبني صهيب أنت الأقرب إليه هل تعلم شيئا "

نظر صهيب لها ثم لي ثم أنزل رأسه في صمت , كلام أمي صحيح يبدوا بحر وكأنه تلقى
الصفعة الأعنف من والدي رغم بساطة ما طلب منه , ليته طلبه مني لوافقت بكل سرور

قلت بسخط محدثا صهيب " أين أنت طوال اليومين الماضيين دون علم أحد "

قال بضيق " هل تراني طفلا لقد كنت خارج العاصمة لدي مهمة سأعود الليلة لإكمالها
ولن آتي لوقت إن احتجت شيء بخصوص الأعمال اتصل بي "

قلت بحدة " أي مهمة هذه تعلم أنه عليكم تولي المسؤولية منذ الآن فعليك أن تكون هنا "

قال بلامبالاة " أخبرتك أني مستعد لفعل أي شيء فقط اتصل بي "

قلت بضيق " لنرى نهاية هذا كله "

قال مغيراً مجرى الحديث " أين هوا زبير علينا المغادرة فورا "

ضحكت وقلت " يبدوا أن الفتاة أعجبته وأنسته زمرد واسمه أيضا "

لاحظت وجه صهيب قد أكفهر وكأن كلامي لم يرق له فقاطعت والدتي الحديث قائلة

" إلى أين ستذهبان هوا تزوج بالأمس فقط "

قال صهيب ببرود " هوا من يصر على العمل لا دخل لي بذلك "

دخل حينها زبير قبل رأسها وجلس فقالت أمي متسائلة

" أين هي عروسك يا زبير لما لم تنزل معك "

قال ببرود " في الأعلى أين ستكون لو أرادت النزول لنزلت "

نظرت لي ولزبير بضيق ثم قالت

" الله الله في اليتيمتان يا ولداي لا تظلموهما فالظلم ظلمات يوم القيامة "

قلت بضيق " لما لا توصيهما هما ليرأفا بنا "

قال زبير معقبا

" كنت أسمع أن الأم تحب زوجة ابنها أكثر منه ولم أصدق , أما الآن فأنا آمنت بذلك حقا "

ابتسم صهيب وقال " إذا لن أتزوج أبدا "

قال زبير ضاحكا " هل أصبح الجميع يتمنى مكان بحر "

تنهد صهيب وقال " لا تتمنى مكانه لأنك لن تقدر على تحمل ما يتحمل "

فاجأني ما قال صهيب أنا حقا لا أفهم شيئا يبدوا لي ثمة أمور غامضة وغائبة عن
الجميع زبير أيضا خسر الكثير يبدوا صهيب أفضلنا حالا

نظرت لي والدتي وقالت ما لا أحب سماعه

" غيث ماذا عن عروسك ألن تذهب لإحضارها "

قلت بعبوس " ستأتي مع زوج خالتها هوا عمها من الرضاعة ووكيلها وسيصلان اليوم "

قالت بحدة " ولما لم تذهب أنت لتحضرها فهذا لا يجوز "

قلت بضيق " ولما عليا فعل ذلك هل علينا أن نكبر رأسها ثم هوا قادم معها على أية حال
فهم لا يريدون إتمام الزواج لديهم هناك "

قالت بضيق أكبر

" إن كانت لك شقيقة أو ابنة هل كنت ترضى أن تتزوج هكذا , تأخذها أنت لزوجها "

نظرت للجانب الأخر ولم أتحدث فقالت بحدة " قم وأذهب لها واحضرها "

قلت بغضب " أمي ارحميني أرجوك من الأفضل لي ولها أن لا أفعل "

وكزني زبير بمرفقه وقال بهمس " ما قصدك بذلك ألن تصبر حتى تصلا "

نظرت له بغيض وأنا أضغط فكاي بقوة فرمش بعينيه ثم قال

" أمزح يا رجل ما بك "

قالت أمي بنبرة استياء " هل كان عليكما أن تتزوجا بدون حفل زواج هما فتاتان صغيرتان
ولم يسبق لهما الزواج لما تحرمانهم وأنفسكم من ذلك يكفي أن زبير أحضرها البارحة
كالمخطوفة ولم أرها حتى "

قال زبير بضيق

" أمي والدي مضى على وفاته سنة واحدة انتهت للتو كيف سنحتفل بزواجنا "

قالت بعصبية " لو كانتا غيرهما لاحتفلتما سبعة أيام بلياليها فالفتاتين لا ذنب لهما مثلكما تماما "

تنهد صهيب وقال " أقيمي حفلا كبيرا متى شئتي وقدميهما للجميع الكثيرين يفعلون ذلك "

وقفت وغادرت للخارج وتركتهم جميعا أخرجت هاتفي المحمول وأعدته لجيبي أكثر من مرة
ثم رفعته واتصلت بزوج خالتها واستفسرت منه عن وصولهم , حمدا لله فقد قال أنهما
خرجا منذ ساعات وسيصلان قريبا ليس عليا الذهاب لجلبهم , ركبت سيارتي وتوجهت لحيت
سنتقابل ( عند باب السفارة بالطبع )

وصل بعد وقت فنزل من السيارة وتصافحنا , كان رجلا مهذبا وراقي الأسلوب في الكلام
رنيم كانت جالسة في السيارة وتشيح بنظرها عني للجانب الآخر , لا يبدوا لي أننا سنتعاشر
ولا ليوم واحد لا وتطلب مني أمي أن أذهب لإحضارها أقسم أننا ما كنا لنصل إلا للمستشفى

دخلنا السفارة وأتممنا الزواج ثم توجهنا للمحكمة وأغلقنا الوصية بموافقة الجميع على
شروطها ولن تفتح مجددا حتى يتم تقسيم الإرث في الوصية الجديدة أو حين يتنازل
أحد منا عن شرطه ويترك العائلة ونصيبه , باركا لي على المصيبة التي حلت بي
ثم خرجنا برفقة المحامي عارف قلت مخاطبا زوج خالتها ( هاشم )

" هيا رافقنا فالغداء لدينا اليوم ولتستريح من عناء السفر "

قال متعذرا " باركك الله , لي صديق هنا ينتظرني وعليا الذهاب إليه خذ عروسك وغادرا
على بركة الله ولا أوصيك يا غيث كن كوالدك شامخ عطوفا معها "

قلت بابتسامة " لنأمل من عند الله خيرا "

أعذرني فلا أعذك بما هوا فوق استطاعتي

توجه عمها ناحية سيارته وفتح لها باب السيارة ونزلت تحدثا معا حديثا لم أسمعه ثم
احتضنته مطولا وبدأت تمسح دموعها ثم اقترب إلينا وهي تتبعه ودعني هوا والمحامي
عارف ثم غادر كليهما فلم يتبقى غيري أنا واللعنة التي حلت بي , فتحت لها باب السيارة
من باب الذوق فركبتها بصمت وضعت حقيبتها فيها وركبت وانطلقنا متوجهين للقصر
ساد الصمت طويلا ثم كسرته قائلة

" هل وافق الجميع على شرط الوصية "

قلت مختصرا " نعم "

قالت ببرود " حمدا لله "

نظرت إليها وقلت " هل كنتي تخشين أن تضحي من أجل لا شيء "

قالت بذات البرود " بل خشيت أن أضحي من أجلك أنت فقط "

قلت بغيض " رنيم لا تتعمدي استفزازي لأنك وحدك من ستكون الخاسرة "

نظرت جهة النافذة وقالت بهدوء " أنت من بدأ أولا وفسرت الأمور كما تحب "

قلت بسخرية " وما هوا التفسير الصحيح لسؤالك "

نظرت لي بغيض وقالت بحدة

" أنا فكرت جديا في أخوتك وخشيت أن يتهور أحدهم ويفترق عنكم ماذا تظنني بلا قلب ولا مشاعر "

قلت بسخرية " جيد يبدوا لي أن قالب الثلج يسخن قليلا أحيانا "

ضحكت بسخرية وعادت تنظر جهة النافذة من جديد يا لا برود هذه الإنسانة عليك أن
تحترق في داخلك ألف مرة لتستفزها وتغيظها مرة واحدة , عدنا للصمت من جديد فهوا
الحل الأنسب لكلينا

وصلنا للقصر نزلتُ أولا وتبعتني هي للداخل كانت والدتي باستقبالنا فاستقبلتها بحب
وحرارة أنا أستغرب كيف كرهت أمي زمرد أنا أشك أنها تحب كل نساء الأرض

توجهت لجناحي في الأعلى وبعد قليل دخلت رنيم أشرت لها برأسي وقلت

" جناحك المجاور لجناحي "

نظرت لي بصدمة ثم باستهجان وقالت " بما تهدي ما سيقولونه عائلتك عندما يعلمون بذالك
الغرف هنا كثر سآخذ واحدة لي فأنا مازلت على اتفاقنا "

قلت ببرود " هذا الطابق ليس به سوانا وزبير وزوجته جناحهما بالجانب الآخر فاطمئني "

نظرت لي بسخرية وقالت

" لا اعتقد أنك تخشى سحري عليك فأنت تكرهني حد الموت ولن يضر بقائي هنا بشيء "

اقتربت إليها وأمسكت ذراعها بيدي وقربت وجهها من وجهي وقلت بغل

" حتى لو لم أكن أكرهك وأكره بنات جنسك جميعا فما كنتي لتسحريني وما رف لي جفن "

أمسكت بيدي ورمتها جانبا ثم أخذت حقيبتها لتخرج من الجناح دون كلمة , هنيئا لها بكل
هذا الصبر على الكلام ولكن من الجيد أن إهانتي استفزتها لتغادر تذكرت شيئا فقلت

" هيه انتظري قليلا "

التفتت إلي دون كلام أخذت هاتفها وقلت

" هذا الشيء ممنوع والخروج كذلك منعا باتا ودون نقاش "

قالت بحدة " ولما "

قلت ببرود " لأنه لا يؤتمن لكن جانب "

ثم دخلت غرفتي وتركتها استحممت وغيرت ثيابي ثم خرجت قاصدا الشركة

رنيم ياله من وقح وقليل دوق لقد أهانني في أنوثتي ذاك المريض يكره كل النساء , هه وهل
تتشرف النساء بحبه لهن لقد أخذ هاتفي ويريد سجني هنا أي ورطة هذه التي ورطتني
فيها يا والدي شامخ

دخلت الجناح المجاور لجناحه كان فخما وراقيا يحوي غرفة نوم واحدة وردهة تفتح عليها
شرفة كبيرة وحمام وغرفة ملابس توجهت للغرفة استحممت وغيرت ثيابي ونمت من شدة
التعب بعد ساعات استيقظت صليت وغيرت ثيابي ونزلت للأسفل وجدت خالتي تجلس مع
فتاة رائعة بل فاتنة الجمال سلمت عليهما وجلست

فقالت خالتي بابتسامة " هذه حور زوجة زبير يا رنيم وهذه رنيم زوجة غيث "

قلت بابتسامة " سرني التعرف إليك يا حور أتمنى أن نكون على وفاق "

ابتسمت ابتسامة عذبة مثلها وقالت " وأنا أتمنى ذلك أيضا "

قالت الخالة " لقد كنت أتحدث للتو مع حور عن الأعمال في القصر فالخادمات لدينا غير
ثابتات يأتي فريق من شركة للتنظيف وينظف كل شيء وسنشرف على عمله وسنستلم
أعمال المطبخ مع خادمة واحدة تعمل لساعات معينة هنا وتغادر , أعذراني يا ابنتاي أعلم
أنكما عروستان والحديث عن هذا سابق لأوانه ولكنني وحيدة والأمر متعب لي كثيرا لقد
كنت أنتظر أن يتزوج أبنائي بفارغ الصبر لتساعدني زوجاتهم "

قلت بابتسامة " لا عليك يا خالتي معك حق هذا سيكون واجبنا اتجاهك "

قالت حور " ولما لا خادمات هنا "

تنهدت وقالت " غيث من يرفض ذلك وبشدة وحتى الخدم غير ثابتين أيضا يأتي من
يهتم بالحديقة وتقليم الأشجار في ساعات وأوقات معينة وتحت إشرافه أيضا "

تنهدت بحزن آه ياله من رجل غريب أطوار و يالك من محضوضة بالزواج به يا رنيم

قالت حور " هل غيث هوا ابنك الأكبر "

قالت خالتي بابتسامة " لا هوا ابن زوجي ابني الأكبر أسمه أديم وهوا يعمل في الجنوب ولدي
ابن آخر أكبر من زبير وابن من زوجي الأول "

أمضينا أغلب اليوم نتنقل بين أجزاء القصر ثلاثتنا وأعددنا العشاء أيضا بمساعدة الخادمة الوحيدة
كانت حور فتاة رقيقة جدا ومهذبة يبدوا أننا سننسجم كثيرا مع بعضنا نظرت لها وقلت

" حور هل لديك أخوة "

قالت بابتسامة حزينة

" لا فلقد توفي والدي بعد ولادتي مباشرة وتوفيت أمي وعمري أربعة أعوام "

قلت بحزن " أنا آسفة إن أحزنك سؤالي "

قالت بحب " لا بأس عليك يا رنيم فأنتي لا تعلمي بذلك "

ابتسمتُ وقلت " أنا أيضا ليس لي أشقاء والدي توفي وعمري أشهر فقط في الحرب التي دارت
جنوب هذه البلاد ولم تتزوج أمي بعده وكرست حياتها لتربيتي هي كل ما لدي من هذه الحياة "

قالت بابتسامة " يحفظها الله لك يا رنيم , والدي أيضا توفي في الحرب هذا غريب حقا "

قلت بابتسامة

" ليس غريبا فوالدي شامخ توفي له أصدقاء في الحرب لا استغرب أن تكوني ابنة أحدهم "

دخلت خالتي وقالت " سيأتي ضيوف اليوم وعلينا استقبالهم ليتعرفوا بكما كما أننا سنقيم
حفلا خلال الأيام القادمة لكما أيضا عوضا عن حفلة الزفاف "

قالت حور وعيناها أرضا

" اعذريني خالتي أشعر أنني متعبة قليلا قد لا استطيع استقبالهم معكم "

ظهرت علامات الاستغراب على وجهها وقالت

" هل تشعرين بشيء يا ابنتي هل من مكروه أصابك "

بدا على حور التوتر ثم قالت " لا شيء إنه مجرد إرهاق بسيط "

عند المساء جلسنا جميعا على مائدة الطعام ماعدا الغير متواجدان في المدينة وهما بحر
وأديم جلست بجانب حور وخالتي تجنبا للجلوس بجانب غيث وكان الكرسي الموجود
أمامي شاغرا تماما استأذنت حور بسرعة وصعدت للأعلى نظرت خالتي جهة زبير وقالت

" حور تبدوا متعبة حتى أنها لم تتواجد مع الضيوف اليوم وقضت أغلب اليوم في غرفتها
أصعد لرؤيتها يا زبير "

قال زبير وهوا يتناول قطعة اللحم

" أنا من طلب منها أن لا تحضر الاجتماعات العائلية هنا ولا الحفلات أيضا "

نظر له الجميع بدهشة ثم قالت خالتي " ولما "

قال وعينيه على صحنه " لسبب لا أريد قوله لن تحضر وكفى "

قالت بغيض " ولكن هذا لا يجوز هل ستسجن الفتاة يا زبير "

رمى بالشوكة في صحنه بغيض وقال

" زوجتي ولا أريدها أن تكون معهم فلا تعاندوني في الأمر يا أمي "

وقفت وقالت " وماذا بشأن الحفل وما سنقول للناس , لا يمكنكم رؤية زوجة ابننا "

قال وهوا يقف مغادرا

" قولي ما تريدين وقولي أنني اسجنها إن أردتي المهم أنها لن تتواجد أمام أي أحد "

ثم غادر ونظرت خالتي لباقي أبنائها وقالت

" هل يعجبكم ما سمعتموه هل جن هذا الولد أم ماذا "

قال صهيب ببرود " زوجته وسيتفاهم معها , ماذا لو تحدثنا وهي كانت توافقه الأمر أي شيء
قد نناقشه فيه إلا خصوصياته يا أمي إن اشتكت زوجته فحينها سيكون لكل حادث حديث "

غادرت خالتي مستاءة وتوجهت لجناها الموجود بالطابق الأرضي

نظر غيث باتجاهي وقال

" لا يحق لنا التدخل زوجته وإن ضربها أمام أعيننا فقد تكون تستحق التأديب "

حتى الحيوانات لهم جمعية تسمى جمعية الرفق بالحيوان أيها المتحجر , أعرف لما تقول
ذلك ولكن علاجك عندي فتابعت الأكل دون كلام

بعد صمت قال صهيب " هذا في حال لم تشتكي من تصرفه لكن لو تحدثت بحرف واحد
أمامي فلن أقف مكتوف اليدين فلتعلما ذلك فلن أرضى أن تُظلم إحدى زوجاتكم أمامي وتستنجد
بي وأقف أتفرج فكلنا نعلم الظروف التي تزوجاكما بها "

قال غيث باستياء " و أليس هذا تدخلا في الخصوصيات الذي كنت تتحدث عنه "

نظر له صهيب بحدة وقال

" لا ... إلا الظلم يا غيث لو لم تكن زوجته موافقة على ما يفعل فسأمنعه من ذلك بنفسي "

اقسم أنك رجل لم تنجبه كل النساء يا صهيب يكفي كلمتك هذه ولو لم تطبقها

نهض غيث من على الطاولة وقال بتذمر

" انهض هيا أليست لديك مهمة وتريد مغادرة العاصمة "

ثم غادر وصعد لجناحه في الأعلى هممت بالوقوف لحمل الأطباق حينما أوقفني صوت

صهيب قائلا " اصبري على غيث يا رنيم إنه أفضلنا جميعا "

صمتت لبرهة ثم قلت بابتسامة " كل واحد منكم يرى الآخر أفضلكم , رحم الله والدي شامخ
فقد رباكم كما يجب أن تكون التربية ولكن ما بيني وبين غيث أكبر من ذلك بكثير "
ثم غادرت متوجهة للمطبخ

صهيب
كان عليا البقاء مع الفتاة ليلا لست مطمئنا لذالكم الصعلوكان ولكن لا خيار أمامي فلن يوافق
شابان جيدا التربية على هذا, ولا خيار أمامي سوى المستودع الذي وفره لي سالم لوضعها فيه
مؤقتا كي أبتعد عن الشوشرة ولا يكتشف أحد الأمر وما أخفي حتى يوفر لي المنزل المناسب

توجهت للمستودع برفقة حامد وكل منا في سيارة لتبقى السيارة معي فالمكان مقطوع تماما ولن
أضمن عودتهما إلي, كما أنني لا أترك لهما سيارة هنا كي لا يهرب أحدهم بالفتاة , لدى كل
واحد منهما مشاكل قانونية وشيكات بحوزتي من دون رصيد فمصيرهما بين يدي وصلنا إلى
هناك ثم خرجت وشريكاي للخارج فسألتهما مستفسرا

" ماذا حدث معكما هل قالت شيئا هل بكت هل نامت "

قال حامد " لا ... أمامي لم تنم ولم تبكي كانت تقاوم النوم طوال الوقت يبدوا لي أنها خائفة "

ثم قال جهاد " ولا اليوم أيضا كانت ترتجف من البرد فقط لا كلام ولا طعام ولا نوم "

قلت بحدة " ومن يأكل الطعام و أنت موجود يالك من جشع "

نظر لي بضيق وقال " كانت مرة واحدة فقط وهي لم ترغب به كنا سنرميه على أية حال "

صرخت به قائلا " أصمت الآن "

ثم قلت بحزم " عليكما العودة غدا صباحا مفهوم فلا يمكنني البقاء أكثر هيا غادرا "

دخلت المستودع وجلست كالعادة على أحدى الأعمدة على الجدار المقابل لها أما هي
فتلحفت بالبطانية في صمت وهدوء كنت أنظر لها متسائلا تبدوا صغيرة وأصغر حتى
من سنها لما لا تبكي وتنحب كباقي الفتيات فتاة أخرى غيرها يختطفها شبان كانت ستقلب
الدنيا على رؤؤسنا من البكاء والصراخ أتمنى أن يكون ما أفعله صوابا, ولكن لا حل أمامي
سوى تهديدهم لأني أعرفهم جيدا

بعد وقت لاحظت أن الفتاة أضجعت على الفراش ونامت , غريب هي لا تنام بوجود حامد أو جهاد
فلما تنام في وجودي هل فعلا شيئا أخافها يا ترى هل أطمئنت لوجودي معها , أنا لا أفهم حقا

بعد مرور ساعات وردني اتصال من غيث كان غاضبا ويصرخ

" هل جننت يا صهيب ما هذا الذي قلته لجدي وأعمامي "

قلت ببرود" ما سمعته "

قال بغضب أشد " وهل تري ما قلته شيء يمكن سماعه أو حتى تصديقه "

قلت بغيظ " بلي صدق ذلك فأوراق الفتاة معي ولن تتفاوضوا مع الخاطفين لدفع الفدية
قبل تنفيذ الشروط وليس لدي کلام غيره "

ثم أغلقت الخط واتكأت برأسي علي الجدار مغمضا عينيا فجاءني صوتها هادئا حزينا وهي تقول

" لا تتعب نفسك هم لن يدفعوا لك شيئا أقسم علي ذلك فدعني اذهب أرجوك "

فتحت عيناي ونظرت إليها ثم نظرت للأعلى بصمت

جلست وقالت " إن اختطفتموني طلبا للفدية فأنا اخبرکم أنكم لن تحصلوا عليها هم لن يدفعوا
من اجلي شيئا وأنا ووالدتي لا نملك المال فأنت تضيع وقتك لا أکثر "

قلت مقاطعا لها " اسكتي يا ميس فأنتي لا تعلمي شيئا "

قالت بحدة " من أين تعرفني وتعرف اسمي وعائلة والدي تلك وما الذي تريده مني "

قلت بحدة مماثلة " لا شأن لك بذلك فعودي للنوم "

قالت بصراخ غاضب بعدما أومأت بأصبعها في الهواء

" إن كنت تتأمل فيما لديهم فأعلم بأنك تتوهم فهم لا يحبونني ولم يريدوني يوما ولم يسألوا عني
طوال تلك السنين حتى مجرد السؤال , فلا تتعب نفسك وتتعبني معك واعدني من حيث جئت
بي وابحث لك عن رهينة أخري "

ثم قالت بنبرة حزينة

" كنت أعلم ذلك , أعلم أنهم لم يفكروا بي يوما ولولا إصرار والدتي ما أتيت "

ثم ابتسمت بسخرية وتابعت

" هه قالت هم من سيكونون سندا لي بعدها فلتأتي وتنظر عن أي سند تتحدث "

قلت بهدوء " وما أدراك بهم لعلهم .... "

قاطعتني بحدة " بلي أعرفهم وأعرفهم جيدا أيضا فمن لم يسأل عنك وعما تعاني لسنوات
لا يهتم لأمرك بالتأكيد سحقا لهم کم أكرههم جميعهم "

ما كان مني إلا أني تنهدت بأسي ولدت بالصمت فليس لدي ما أقول , معك حق في کل
ما قلتي يا ميس

نظرت لها مطولا فقالت بحدة

" ما بك تنظر إليا هكذا هل ترأف لحالي , اتركني اذهب إذا "

اكتفيت بالصمت وبعد لحظات قالت " أريد هاتفا لأتحدث مع والدتي "

قلت ببرود " ممنوع "

قالت بأسي " والدتي مريضة وشقيقها ذاك لن يعتني بها عليا تدبر الأمر مادُمت لا تفكر
بإطلاق سراحي و يمكنك سماع کل ما سأقول اقسم أنني لن أخبرها شيئا أرجوك "

أخرجت هاتفها من جيبي وتوجهت ناحيتها اتصلت لها بوالدتها وفتحت مكبر الصوت
ووضعت الهاتف أمام وجهها بعد وقت جاء صوت والدتها قائلة

" مرحبا ميس مرحبا يا ابنتي أين أنتي لم تتصلي ولم تعودي "

أجابتها بحزن " اعذريني يا أمي ولا تقلقي علي أنا بخير"

قالت والدتها " حمدا لله يا ابنتي وکيف هوا جدك وعائلة والدك "

ابتسمت بسخرية وقالت " إنهم رائعون واستقبلوني أروع استقبال "

ثم قالت بجدية " اسمعي يا أمي عليك الانتقال من عند شقيقك ذاك فقد أتأخر قليلا وأعرفه
جيدا فهوا لن يهتم بك ولا بعلاجك وسيأخذ ما لديك من مال , فعليك مغادرة منزله "

أجابتها بنبرة هادئة متسائلة

" وأين سأذهب يا ابنتي فليس لدي بعدك غيره وليس بمقدوري البقاء وحدي بمنزلنا "

قالت ميس ببرود

" إنه عديم نفع وبقائك معه لن يجلب لك سوي المتاعب أعرف جيدا شقيقك ذاك "

تنهدت والدتها بحزن وقالت " ألن تناديه خالي أبدا , لما لا تعترفي به "

أجابتها بحدة " لأنه ليس خالي وليس لي أقارب سواك بعد والدي فلن أعترف بأحد "

قالت والدتها بيأس

" لا فائدة ترجي من الحديث معك أعلم أنه سيء ولكن لا خيار أمامي غيره "

قالت ميس بجدية " سأتحدث مع جسيكا لتأخذك عندها حتى أعود "

أجابت والدتها " وما علاقة صديقتك بنا وما ذنبها لتتحملني "

قالت ميس بحدة آمرة لها

" لن تبقي مع شقيقك ذاك يا أمي سوف يقتلك بإهماله قبل أوانك "

قالت والدتها بيأس " لا يموت أحد قبل وقته , حسننا سأفعل ما تريدين فقط توقفي عن
الصراخ والغضب أيتها الشرسة "

تنهدت بضيق وقالت " أمي ألن تكفي عن قول ذلك دائما , حسننا وداعا الآن "

رفعت الهاتف إلي وجهي وأنهيت الاتصال فنظرت أليا وقالت

" أريد التحدث مع صديقتي "

قلت بهدوء " حسننا "

وبدأت بالبحث عن أسمها فجاءني صوتها حادا

" لما لا تعطيه لي لأتحدث وأنا أمسكه بدلا من وقوفك فوق رأسي هكذا ممسكا به , أطمئن فلن
آکله وسأبقي مكبر الصوت مفتوحا "

قلت بحدة مماثلة " ميس لا تلعبي بأعصابي فأنتي لم تري وجهي الحقيقي بعد "

قالت بلا مبالاة " آه جيد أنك أخبرتني "

تأففت بضيق ممسكا أعصابي عنها قدر الإمكان , هذا ولم تعرف أنني ابن عمها فكيف
لو علمت بذلك اتصلت برقم صديقتها ومددت يدي لتأخذه مني فأخذته من يدي بقوة وغيض
وأمسكت به أمام وجهها وتحدثت مع صديقتها قائلة

" مرحبا جسي "

قالت الأخرى " مرحبا ميسي هل أنتي بخير "

قالت ميس بغيض " أسمي ميس يا جاهلة ولست ميسي فلا تنادينني باسم ذاك "

ضحكت صديقتها وقالت " کم أتمني أن تحبي شخصا غيري أنا ووالدتك في هذا الوجود "

قالت بضيق " لا يا مغفلة أزيحي نفسك من القائمة أيضا يالك من مغرورة "

قالت ضاحكة " اعلم أنك تحبينني , ما هي أخبار عائلة والدك "

أجابتها بغيض " سيؤن للغاية أكرههم وأكره کل شيء يخصهم , اسمعي عليك أخذ
والدتي من بيت شقيقها السكير ذاك , دعيها في منزلك حتى أعود "

قالت الأخرى بمرح " وماذا لو لم تعودي "

أحابتها ميس بسخرية " ضعيها في دار المسنين يا متحجرة القلب فليس لها بعد الله غيري "

قالت جسيكا بحدة " كنت أمزح معك ميس ما بك سيئة المزاج اليوم هكذا , وشي‌ء آخر
تعلمي أن أدوية والدتك كثيرة وتحتاج للمال وليس معي ما يكفي "

قالت مَيس بجدية " تصرفي يا جيسي وما أن أعود فسأدفع لك "

ضحكت صديقتها وقالت

" من أين لك يا معدومة فحتى عملك المتدني ذاك ستخسرينه بسبب تغيبك عنه "

أجابتها بنفاد صبر " سأبحث عن غيره و‌أدفع لك أيتها الجشعة "

قالت بمكر " لما لا تطلبي المال من عائلة والدك أو تزوجي من أحدهم لتنحل المشكلة هههه "

صرخت بها بغيض " جيسي توقفي عن قول الحماقات فلن أخذ منهم مليما واحدا لي أو لوالدتي
ولن أتزوج منهم ولو بقيت عزباء کل حياتي "

قالت بهدوء " حسننا حسننا لا تغضبي هكذا سأجلب والدتك لدي "

قالت ميس بحدة " اليوم "

قالت صديقتها " حاضر اليوم "

تم تابعت بضيق " ولكنك ستدفعين لي کل مليم سمعتي , ثمنا لصراخك بي "

أغلقت ميس الهاتف في وجهها ومدت به إلي فقلت " هل تريدي شيئا غيره "

قالت بهدوء وهي تنظر للأرض

" أريد أن أعلم مواقيت الصلاة هنا وأريد كتيب الأذكار الموجود بحقيبتي "

خرجت للسيارة اتصلت أولا بصديقتها وأخبرتها أنني سأرسل لها المال من أجل والدة ميس
وأن تُبقي الأمر سرا بيننا ثم أخذت ورقة وقلم ودونت مواقيت الصلاة فيها وأخذت كتيبها الذي
طلبت من حقيبتها وأخذتهم إليها وعدت حيث كنت أجلس متكأ على أحد الأعمدة فغلبني النعاس
بلا شعور مني لأني كنت مسافرا منذ الفجر من أجل العمل لأعود ذات اليوم فنمت طويلا
حتى أحسست بأشياء صغيرة وقاسية تصطدم بعنقي وكتفي فتحت عيني فوجدت ميس ترميني
بقطع الحجارة الصغيرة نظرت إليها عاقدا حاجبي وقلت بغيض

" هيه توقفي ما الذي تفعليه الآن "

قالت بابتسامة " إنه وقت صلاة الفجر يكاد يخرج وأنت نائم ولم تصلي "

وقفت ووضعت يداي في وسط جسدي وقلت

" وهكذا يقوم البشر بإيقاظ بعضهم للصلاة "

رفعت كتفيها بلا مبالاة وقالت بذات الابتسامة

" وما كنت تريد مني أن أفعل , أهمس في أذنك باسمك الذي لا أعرفه "

هززت رأسي بيأس مبتسما وقلت " يالك من فتاة , حسننا شكرا لك على أية حال "

توضأت وصليت ثم عدت للجلوس مجددا نظرت ناحيتها فوجدتها عادت للإضجاع ويبدوا
أنها تريد النوم فقلت بهدوء

" ميس "

أجابت بضيق " نعم "

قلت " لم تنامي طوال الأمس والليلة السابقة له لما ... هل ضايقك الشابان في شيء "

قالت بهمس " وهل يهمك الأمر "

قلت بتأكيد " نعم , هل قالا أو فعلا لك شيئا "

قالت بهدوء " لا ولكنني كنت خائفة منهما "

قلت باستغراب " لما , ألست خائفة مني أيضا "

أغمضت عينيها وقالت " هما لا يصليان أبدا أما أنت فكنت تصلي فلم أخف منك "

ثم غطت وجهها بالبطانية وتركتني أنظر لمكانه بدهشة وحيرة بعد ساعات عاد حامد
وجهاد دخلا فوقفت ووقفت ميس أيضا

قلت وأنا أغادر المكان " جيد لم تتأخرا إنه دورك يا حامد سنغادر الآن "

وخرجت وجهاد وكانت ميس واقفة ولم تتحدث بكلمة

حور لا أعلم إن مرت عدة أيام أو أسابيع على وجودي هنا ولم أغادر غرفتي إلا نادرا لمساعدة
رنيم وخالتي وفي صمت تام ولم أرى خلالها زبير إلا على طاولة الطعام أنا حقا لا افهمه ,
هوا يتحدث معي باحترام أمامهم جميعا ولا تعتب قدمه عتبة باب غرفتي ولا يدخل الجناح إلا
فيما نذر , يبدوا أنه يحب فتاة أخرى وحرموه من الزواج بها فهوا يبدوا مجبرا على الزواج بي

سامحك الله يا والدي لما تحددون مصير أطفال لم يكبروا بعد ولم تحسبوا حسابا لتغير
أمانيهم وأحلامهم مستقبلا كنت واقفة على حوض الغسيل أغسل بعض الأطباق وأصُفها
فوق بعضها ودهني غائب عني تماما عندما شعرت بأحدهم يقف عند الباب نظرت باتجاهه
فتسمرت قدماي وعيناي ولساني وكل شيء , أحسست بخلايا جسدي جميعها تتفكك عن بعضها
لقد شعرت بالهواء لا يدخل رئتي وتنفسي وقف حينها تماما من هول ما رأت عيناي, فتحت شفتاي
بصعوبة وكأنني أزيح جبلين عن بعضهما وقلت بهمس مخنوق وعيناي تمتلئان بالدموع

" بحر "

أبتسم بحزن وقال " أجل ... بحر "

هززت رأسي نفيا وقلت بألم " لا يمكن ... لا يمكن هذا "

توجه جهة الثلاجة حمل قارورة ماء وخرج من فوره شعرت حينها لأول مرة بدوران
الأرض شعرت وكأنه تم ضربي بسيف قسم جسدي لنصفين , كانت الأشياء جميعها
تدور وتدور ورأسي يلف معها حاولت أن أمسك بأي شيء لأتمسك به ولكن يدي
اصطدمت بالأطباق المصفوفة فوق بعضها وسقطت كلها وسقطتُ معها أرضا ولم
استيقظ إلا في غرفة غريبة عني نظرت مطولا لتتضح لي الصورة فكانت خالتي
تجلس بجواري وتقول

" حور هل أنتي بخير يا ابنتي هل تسمعينني "

هززت رأسي بنعم فمسحت على رأسي وقالت " حمدا لله بنيتي لقد أخفتنا عليك "

قلت بحيرة بين الواقع والحلم " ماذا حدث لي "

قالت بحنان

" لقد أغمي عليك بالمطبخ وسقطتي أنتي والأطباق جميعها أرضا حمدا لله أنها لم تؤذيك "

يا الهي يبدوا أنه كان حلما أو وهما قولي أنه كذلك يا خالتي أرجوك ثم سألتها بتردد

" ومن حملني إلى هنا "

صمتت قليلا ثم قالت " لم يكن أحدا هنا إلا بحر لذلك حملك هوا إلى هنا "

كانت تلك الضربة القاضية التي وجهتها إلي كانت كلماتها كالنار اشتعلت بداخلي فلم استطع
تمالك نفسي وبدأت بالشيق وبدون بكاء , لقد كنت أشهق بكاءً بدون دموع كمن غرق في البحر
وأخرجوه وهوا لا يتنفس سوى ذرات من الهواء احتضنتني خالتي وقالت

" ما بك يا حور سلامتك يا ابنتي ما حل بك , بسم الله عليك "

لم أتمالك نفسي وبدأت بالبكاء بل بالصراخ باكية وخالتي تهدئ من روعي في حيرة مما
أصابني وما كان لأحد حينها ليسكب الماء على النار المشتعلة بصدري ما كان لأحد في
كل هذا الكوكب ليتمكن من ردع الصدع في ضلوعي وجمع أجزاء قلبي المتناثرة كنت
ابكي وأبكي دون توقف وتحول بكائي لشهقات مكتومة حينما سمعت طرقا على الباب
وأحدهم ينادي من الخارج خرجت خالتي قليلا ثم عادت وجلست بجانبي محاولة تهدئتي

فقلت بهمس " من هناك عند الباب "

قالت بابتسامة " إنه بحر يسأل إن كنت تحتاجين لطبيب أو ننقلك للمستشفى "

نزلت دموعي من جديد ودون شعور مني ثم قلت بذات الهمس

" هل هوا أبنك هل يعيش هنا "

قالت بذات الابتسامة " نعم هوا ابني من زوجي الأول ويقيم أغلب الوقت معي "

ليتك لم تقوليها يا خالتي ليتك قلتي أي شيء إلا هذه كيف أتمنى لسنوات أن أراه ولو من بعيد
وحينما أدعوا الله أن لا التقي به أجده أمامي وبهذا الوقت وفي هذا المكان تحديدا

قالت بخوف من صمتي " هل أنتي بخير يا حور "

قلت بألم " لا لست بخير "

قالت بتوجس " هل نحظر الطبيب أم أتصل بزبير أم نأخذك أنا وبحر للمستشفى "

لا تقولي أسمه أمامي أرجوك فأنا أريد تكذيب الحقيقة فلما لا تساعديني على ذلك

قلت مندفعة " لا لا ... سأكون بخير فلا تقلقي علي "

أحدهم طرق الباب فخرجت خالتي وتركتني , تركتني لألمي وعذابي وتركت دموعي
تحكي للوسادة كل حكايتي تركت الألم يزداد ألما والنار تزداد اشتعالا حتى أحترق كل
شيء بداخلي كان ثمة زلزال يضرب قلبي وضلوعي دون توقف , حضنت الوسادة بكل
قوتي وكتمت فيها صرخاتي الموجعة وأنا أتلوى وهي تتلوى وتتألم معي أدفن فيها وجهي
أدفن فيها عبراتي وصراخي ووجعي حتى سمعت خطوات راكضة تقترب مني وأيدي تحاول
أبعادي وأنا أرفض الفكاك وأبعاد وجهي عنها كانت أصوات كثيرة تتحدث ولكني لم أكن
أسمع منها شيئا لم أكن أسمع إلا عبراتي وشهقاتي وبقيت على هذا الحال لوقت طويل حتى
هدأت شيئا فشيئا وبدأت يداي ترتخيان عنها ووجهي لا يزال مدفونا فيها قامت حينها يد بسحب
الوسادة مني ثم مسحت على شعري ووجهي رفعت بصري فكان زبير يجلس بجواري وتقف
معه خالتي و رنيم قال بخوف

" حور هل أنتي بخير سيأتي الطبيب حالا "

قلت بصوت متعب " أنا بخير لا أريد أي طبيب لا أريده أرجوك "

قال بهدوء " حسننا ارتاحي أنتي الآن هل تريدين الصعود لجناحنا "

قلت باعتراض " لا لا أريد أتركني هنا أنا متعبة قليلا "

بل لا أريد أن أراه الآن , ضربة موجعة أخرى وسأموت بالتأكيد

وقف وقال " إذا سنتركك ترتاحي قليلا حسننا "

هززت رأسي بالموافقة وخرجوا ثلاثتهم تنهدت بألم وأنا استغفر الله كثيرا ثم غطيت
وجهي باللحاف وعدت للبكاء ولكن بصمت ولا ادري من أين كانت تأتي كل هذه الدموع
ولا إلى متى ستستمر بالنزول لماذا أنا حظي هكذا لما أنا الأتعس بين نساء الأرض

بحر

كنت اعلم أنه لا جدوى من هروبي ومهما رحلت فسأعود ومهما هربت فسترمي بي أقداري
إلى هنا فعدت لأواجه الواقع رغم كل قسوته , دخلت القصر فكان الصمت القاتل يعم المكان
سمعت بعدها بعض الأصوات تأتي من المطبخ لابد أنها أمي فحياتها كلها هناك والعروسان
لن تعملا من الآن بالتأكيد , آه عروس هل أصبحتي عروسا يا حور ولمن لأخي

اقتربت من باب المطبخ فصعقت لرؤيتي من بداخله , كانت حور كانت حوريتي التي لم
تغيرها السنين لا بل زادتها حسننا وجمالا تغسل الأطباق ويبدوا عليها الشرود وقفت أتأملها
أتأمل طيفا حرمت من رؤيته لعامين كاملين التفتت فجأة ناحيتي لترمي بحسن عينيها كالقذيفة
في قلبي وتجمدت في مكانها حتى ظننتها تحولت لتمثال حجري ثم حركت شفتيها بصعوبة
ونطقت حروف اسمي

اسمي الذي اسمعه للمرة الأولى من شفتيها أسمي الذي لم أعرفه رائعا وحارقا هكذا من قبل
, فابتسمتُ بألم رغما عني من وقوفي هذا الموقف الذي لم أتوقعه في حياتي توجهت مسرعا
للثلاجة وأخذت قارورة ماء صغيرة وخرجت , لم أكن أريد الماء ولا جئت لأخذه ولا أدري
كيف أمسكت يدي بها دوننا عن أي شيء وما هي إلا لحظات حتى سمعت صوت سقوط قوي
وأطباق تتحطم على الأرض ركضت مسرعا للمطبخ فوجدت حور ملقاة أرضا وقطع الزجاج
تتناثر حولها في كل جانب ركضت مسرعا إليها هززتها حاولت إيقاظها ولم يجدي ما فعلت نفعا

كانت تئن أنينا أوجع كل درة في قلبي تمنيت لو أحضنها لصدري وابكي تمنيت لو أضمها
لأطفئ وجع السنين ولكن الأميات لا تبقى إلا أميات , ركضت مسرعا للخارج أصرخ باسم أمي
فجاءتني مسرعة بخوف وقالت

" ما بك يا بحر ماذا هناك ومتى عدت "

قلت بفزع " أسرعي يا أمي حــ و ... ثمة فتاة مغمى عليها بالمطبخ "

ركضت أمي أمامي مسرعة وهي تصرخ " حور ما بها يا ترى "

دخلت المطبخ وأنا خلفها وكانت على حالها التي تركتها عليه اقتربت أمي منها وحينما
رأت الزجاج المتناثر بكثافة حولها وتحتها قالت

" علينا نقلها من هنا بحذر فالزجاج في كل مكان "

قلت بفزع " قومي بنقلها يا أمي "

قالت بقلة حيلة " لا يمكنني فعل ذلك لن استطيع حملها وزبير ليس هنا "

ما كان أمامي من خيار توجهت نحوها وحملتها بين ذراعي بحذر وقطع الزجاج
تخترق أصابعي وأنا أمرر يداي تحتها, حملتها برفق كما تحمل الأم رضيعها الذي
أنجبته بعد عناء سنين ووضعتها برفق على السرير في جناح الضيوف وخرجت
لخارج الغرفة , بعد عدة دقائق بل شهور وسنين سمعت أمي تحاول الحديث معها ثم
سمعت شهقاتها وبكائها بل وصراخها المتألم , توقفي عن ذلك يا حور ولا تزيدي ألمي
ألما توقفي ولا تسكبي وقود دموعك وعبراتك على نار القلبي المشتعل

كنت أدور في ردهة الجناح كالأسد المسجون وعقلي يكاد يجن توجهت للباب وطرقته
مناديا أمي فتوقف حينها صوت صراخها الباكي وشهقاتها وخرجت أمي إلي لم أعرف
ما أقول فقلت بعد صمت

" هل تريدون الطبيب "

نظرت لأصابعي المغطاة بالدماء وأنا أمسك مناديل ورقية محاولا وقف النزيف وقالت بخوف

" بحر يداك تنزفان بني "

قلت " لا عيك أمي مجرد جروح بسيطة ما هوا حال الفتاة "

هزت رأسها وقالت بحيرة " لا أعلم فالفتاة تكاد تجن من الصراخ والبكاء تبدو في حالة
هستيرية شديدة لا أعلم ما حل بها "

قلت بخوف " إذا سأحضر الطبيب أو لنأخذها للمستشفى فورا "

قالت وهي تدخل الغرفة " دعني اسألها أولا "

ثم دخلت وتركتني أسوء مما أتتني انتظرت طويلا ولم تخرج فطرقت الباب ثانيتا
فخرجت لتخبرني أنها أصبحت بحال أفضل ثم قالت

" علينا الاتصال بـــ "

وما كانت تنهي جملتها إلا وسمعنا صوت حور بصراخ مكتوما ومتألم بشدة تكسر الحجر
فكيف بقلب البشر وكيف بقلبي أنا , ركضت دون شعور لداخل الغرفة ووالدتي تركض
خلفي كانت تغمر وجهها في الوسادة وتعصرها بيديها بقوة وتصرخ وتتلوى , من صدمتي لما
رأيت وقفت عاجزا أمامها كانت ملامح وجهي متوقفة عن أي تعبير ويداي ساقطتان جانبا دون
حراك , اقتربت منها أمي وبدأت تهزها وتحاول نزع الوسادة منها ولكن دون جدوى فلم تكن تعي
ما يدور حولها ولم يكن يظهر منها سوى شعرها البني المخصل بخصلات ذهبية متناثرا حول
أطراف الوسادة وظهرها وكتفيها مغطيا لنصف جسدها العلوي بالكامل ركضت أمي خارجة
من الغرفة وهي تصرخ

" عليا الاتصال بزبير الفتاة سوف تجن يا بحر سوف تجن "

( سوف تجن يا بحر سوف تجن , سوف تجن يا بحر سوف تجن ) كانت تلك الجملة التي
قالتها أمي بمثابة مفتاح التشغيل الذي قام بتحريكي جلست على السرير وأمسكتها من كتفيها
وبدأت أهزها بقوة وأصرخ

" توقفي يا حور توقفي عن ذلك فلا ذنب لك ولا لي فيما حدث , حور ارأفي بحالي وتوقفي
حور توقفي أرجوك "

ولم تفلح محاولاتي في شيء فلم تكن تعي أو تسمع مني شيئا , كم كرهت نفسي حينها لما سببته
لها من ألم كان عليا أن أتحدث معها منذ سنين لأخبرها أنني خطبتها من عمها وأنني لم أنسها
يوما وأني لازلت أحبها ولكن فيما سيجدي الندم الآن , كل ذلك لأنني مغفل دائما ولا أعي
لأخطائي حتى أتلقى صفعة توقظني من غفلتي , صدقت يا والدي شامخ , صدقت حين قلت
أنني لا أعرف قيمة الأشياء إلا حينما أخسرها

بعد لحظات عادت أمي وقالت " زبير في طريقه إلى هنا "

عندها وقفت ونظرت لحور نظرة مودع فلا يحق لي البقاء بجوارها ولا يحق لي أن اقترب
منها ولا أريد رؤية زبير هنا معها يحضنها بين ذراعيه , فخرجت وغادرت القصر نهائيا
أُديم مرت عدة أيام على وجودي هنا ولو قلت الموت أفضل من حالي الآن لما عبرت عما أشعر
به , على أخوتي أن لا يتهوروا ويختاروا خرق الوصية والمغادرة فهذه الحياة التي تعتبر
مرفهة عند الفقراء تشعرني بأنني أدنى البشر منزلة فكيف لو كنت بلا منزل ولا عمل ولا نقود
, يا رب إلى متى سأتحمل هذا

وصلت للشركة متذمرا من كل شيء وأشعر بالملل والوحدة حتى أني صرت أتمنى أن
تثرثر تلك المدعوة ليان ليمضي الوقت , إنهما يعملان لساعات دون توقف أو كلل أو
كلام لقد سئمت العمل وسئمت كل شيء دخلت المكتب فوجدت شروق وحدها تجلس
بالداخل توجهت لمكتبي في صمت كالعادة وجلست أقلب حاسوبي المحمول بعد لحظات
دخلت ليان قائلة

" صباح الخير شروق "

ثم نظرت باتجاهي وقالت متبسمة "صباح الخير أيها الوسيم "

وتوجهت لمكتبها

قالت شروق ضاحكة " هل ستعاملين الشاب كصديقتك القديمة إنه لا يسمعك يا ليان "

قالت بضيق " وما شأنك أنتي أنا ألقيت عليه التحية فقط هل لأنه لا يسمع لن يكون علينا
أن نحييه فهوا أخرس وليس ميت ولا حجر لا يشعر "

قالت شروق بابتسامة

" هل ستفعلين كموظفات الشركة منذ وصل وهن يزرننا لأسباب تافهة فقط ليرينه "

قالت ليان بضيق إنهن سخيفات هل تضعين عقلي من عقولهن "

قالت شروق بمكر " طبعا سأعذرهن كما أعذرك لمناداته بالوسيم "

تجاهلتها ليان وجلست قائلة بضيق " لابد أن مصيبة أخرى في طريقها إلي "

نظرت لها شروق وقالت "وهل هناك أولى لتكون هناك أخرى "

تنهدت بضيق وقالت " إنه ثامر لقد نجوت منه بأعجوبة "

قالت شروق " هل عادوا لذلك مجددا , لذلك إذا تأخرتي "

تنهدت وقالت " لن ينتهي الأمر أبدا أعلم بذلك "

قالت شروق بأسى " كيف لهم أن يتصرفوا معك هكذا "

قالت ليان بذات الأسى " هم لا يروني أستحق إلا ذلك سحقا لهم من بشر "

نظرت لها بحيرة وقالت " ألا يوجد لديك أحدا يساندك ويخلصك من شرهم "

ضحكت ليان بسخرية وقالت

" أي سند هذا إن لم يكن أخوتي سندا لي فمن سيكون , هل لديك أنتي من يردع زوجك وشره عنك "

قالت شروق بألم " لا تسأليني كي لا أبكي لك "

نظرت لها ليان بمكر وقالت " ما رأيك أن نقتلهم جميعهم ونهرب هههههه "

قالت شروق بتذمر " وما الفائدة مادمنا سنهرب "

رن الهاتف حينها فأجابت شروق ثم قالت " ليان مدير القسم يطلبك "

تنهدت وقالت " ألم أقل لك ذلك أعرف نفسي منذ طفولتي لا تحصل لي مصيبة إلا وتبعتها الأخرى "

ثم وقفت وغادرت , دفعني فضولي أو لست أعلم ما يكون لمعرفة ما جرى فأمسكت بالورقة والقلم
وكتبت لشروق

( ما بها صديقتك متضايقة هل من مشكلة )

كتبت لي ( أخوتها من والدتها يطاردونها يريدون أخراجها من منزلها )

رميت بالورقة على المكتب وقلت لنفسي ( ما علاقتي بها وبهم , يبدوا أنني حقا أشعر بالملل )

بعد لحظات عادت ليان وجلست تردد بتذمر " تأخرت لدقائق فقط هل هذا عذر لخصم راتبي "

قالت شروق مازحة " هذا حق أخوك الذي هربتِ منه هههههه "

قالت بضيق " ما أسعدني بك من صديقة هل تناصرينه علي "

ضحكت شروق وقالت " الحق عليك لما لم تتزوجي من ذلك الرجل صاحب الxxxxات "

نظرت لها باشمئزاز وقالت " من ... أنا أتزوج من رجل لديه مال كثير الموت أهون علي
من ذلك لكي يتبجح وأهلة علي ويعايروني بفقري , حتى مشيتي حينها لن تعجبهم وسيقولون
أنها مشية فقراء معدومين لن أتزوج بثري مغرور ولو بقيت عانسا كل حياتي "

قالت شروق " حسننا تزوجي فقيرا مثلك إذا عله يكف شرهم عنك "

ضحكت وقالت " ومنذ متى كانوا الفقراء يستطيعون شيئا سنصبح في مشكلتين حينها
فسيتشاجرون معه وسيرملونني في أقرب فرصة "

قالت لها شروق بضيق " لا ذاك يعجبك ولا هذا يعجبك فبمن ستتزوجين إذا "

نظرت للأوراق أمامها وقالت

" لن أتزوج من أحد سأبقى هكذا وحيدة طوال حياتي يكفيني وجود عمي معي "

قالت شروق بحدة " عمك الشيخ الكبير الضرير فيما سينفعك , الحياة مليئة بالمخاطر يا ليان
فلا تستهيني بها أنتي بحاجة لمن تستندي إليه "

نظرت لها بنصف عين وقالت " شقيقك خريج السجون ذاك لن أتزوجه فهمتي "

قالت بضيق " وما به شقيقي ألا يعجبك , هوا أفضل لك من الوحدة والهروب من أشقائق في الشوارع "

رمت بيدها ناحية شروق وقالت " لو كان ذا نفع لأوقف زوجك عند حده من ضربه لك دائما ,
شروق أنا وأنتي كما الكثيرين غيرنا ليس لنا إلا الله فلن ننتظر العون من أحد "

قالت لها بضيق " فقط الحمقاء من تضيع فرصة كالتي أتتك يا غبية "

قالت ببرود

" بل أنتي الغبية إن تزوج الفقير من الغني فسيكون قد رمى بنفسه للهلاك والعكس صحيح "

( أجل حقا صدقتي يا فتاة فالغني إن تزوج بفقيرة فسيصبح عرضة للسخرية والهجوم من
الجميع والغنية كذلك إن تزوجت بفقير, أما الفقير إن تزوج بغنية فسيشعر بالذل والمهانة
وسيرى الاستصغار من قيمته في أعين وكلام الجميع والفقيرة كذلك , هذا ما كنت أحاول
دائما أن يفهمه الجميع مني , ولكني لم أعتقد أن الفقراء أيضا يفكروا بهذا التفكير )

ثم وجدت نفسي لا شعوريا أنظر إليها ودهني غادر بعيدا

( لو أني أحمل ما يحملان من هموم كيف كنت سأتصرف وكيف لهم أن يضحكوا ويمزحوا
وهم يحملون كل هذا البؤس في قلوبهم , أنا لم تعرف الابتسامة شفاهي من أسابيع ولست
أحمل نصف ما يحملان )

أعادني من شرودي صوت شروق الهامس وهي تقول

" هيه ليان أسمعي الفتى الأخرس ينظر إليك منذ مدة لما لا تتزوجيه هوا هههههه "

نظرت إليا ثم لشروق ثم قالت مالم أتوقع أبدا

" ههههه تبدوا فكرة جيدة فلن يتشاجر مع أشقائي ولن يسمعهم سوف يصرخوا ويصرخوا
وهوا يمشي أمامهم مغادرا وفي عالم أخر بعيد عنهم هههههه سيموتون غيضا "

ثم نظرت لشروق بغيض وقالت

" سخيفة ... كيف تفكرين هكذا ماذا لو فهم أننا نتحدث عنه الآن "

ابتسمت شروق بمكر وقالت

" وما يدريه فهوا لا يسمعنا , تخيلي فقط أنك زوجة له ألست تنادينه بالوسيم "

قالت ليان بغضب

" إن لم تصمتي الآن كتبت له في الورقة أنك قلتي أنه معجب بك وينظر إليك وأنك تحبينه "

ضحكت شروق وقالت

" لن يصدق ذلك أبدا فأنا أكبر منه بكثير ولكن إن قلت له أنا ذلك عنك فسيصدقني بالتأكيد هههههه "

( هاتان الغبيتان تسخران مني وتتسليان بي ) أمسكت الورقة وكتبت فيها

( لما لا تعملان وتمضيان الوقت في التحدث وتنظرا لي وتضحكان هل بي ما يضحك )

نظرتا لبعضهما بصدمة ثم قالت ليان لشروق

" هل رأيتي , أنتي السبب لقد لاحظ أننا نتحدث عنه صحيح أنه أخرس ولكن ليس بغبي "

قالت شروق بهدوء " هيا أعملي بصمت قبل أن يهددنا بأن يخبر المدير "

( لو تعلما أني من مالكي الشركة فما ستفعلان ولكن حسابي معكما عسير على سخريتكما مني )

بعد ساعات كتبت في الورقة ( هل تريدان القهوة ) ورفعتها لهما فكتبت كل منهما
كيف تريد قهوتها غادرت للخارج ثم اتصلت بالمدير التنفيذي للشركة أجاب من فوره
مرحبا بي فطلبت منه تحويلي لمكتب الموظفين ولحسن الحظ أجابت ليان فقلت ببرود

" هل هذه مكاتب القسم الأرضي لموظفي الشركة هل أنتي أحدهم "

قالت بهدوء " نعم سيدي أنا ليان سعد عبد القادر أحدى الموظفين هنا "

صرخت بها قائلا " بل أحدى المستهترين هناك "

توترت نبرة صوتها وقالت " ماذا .. أنا لا ..... "

صرخت مقاطعا لها " الجميع يشتكي من الإهمال في المواقيت وكثرة الأصوات لديكم وتضييع
الوقت انتم في شركة محترمة لها سمعتها ولستم في سوق خضار أو في مزبلة حيكم "

سكتت مطولا ثم قالت " ولكن الكلام شيء مشروع للجميع "

قلت بغضب " وهل ستناقشينني فيما أقول أم ترينني أتبلى عليك "

قالت بنبرة حزينة وهادئة " آسفة أيها السيد لم أكن أقصد ولن تتكرر الأخطاء ثانيتا "

قلت بحدة " أرجوا ذلك فلوا تكرر الأمر فسيكون عقابي لكم عسيرا فهمتم "

قالت ببرود " فهمت "

قلت بذات الحدة " أرى كلامي لم يعجبك "

قالت بأسى " وما فعلت أنا لتوبخني كل هذا , أنا بشر مثلك وكلنا خطاءون وقد اعتذرت "

قلت بسخرية " حقا ما هذا الإبداع , صحيح أننا بشر ولكني لست مثلك "

يبدوا أن الصدمة من كلماتي ألجمتها فلم تضف حرفا واحدا فأغلقت الهاتف في وجهها
لأني لا أريد جرح كرامة أي أحد بكلماتي وها قد جرحت كرامتها

عدت مسرعا للمكتب لأرى نتائج انتصاري ولم آخذ لهم أي القهوة فهذا ما ينقص أن أعمل
على خدمتهم فصعقت عندما رأيتها جالسة على مكتبها تبكي وشروق تحاول تهدءتها وفهم
ما جرى معها جلست بمكتبي ظننتها أقوى من ذلك ولم أتخيل أن تبكيها كلماتي

قالت شروق وهي تمسح على ظهر ليان " اهدئي يا ليان ماذا قال لك مالك الشركة ليبكيك هكذا
ثم لما يتصل بنا هوا وليس بالمدير التنفيذي أو حتى مدير القسم "

بعد مدة هدأت ليان ومسحت دموعها ثم قالت " كم أكره الأغنياء المغرورين المتكبرين
هم هكذا دائما يستضعفون من هوا أضعف منهم لأنه محتاج لهم وللعمل لديهم ويعايرونهم
بفقرهم وحياتهم "

( يالك من سليطة لسان لقد رأفت لحالك منذ قليل وكاد يؤنبني ضميري ولكنك لم تتعلمي
الدرس على ما يبدوا)

ثم عادتا للعمل في صمت وشهقات ليان الشيء الوحيد الذي نسمعه بين الفينة
والأخرى يبدوا أنني أخطأت في حقها فعلا , لا لم أخطأ زودت العيار قليلا ولكن لم
أخطأ هذا لتتعلم أن لا تسخر مني هي وصديقتها, ثم كتبت في الورقة أسالها عن سبب
بكائها كي لا يشكا بأمري قرأتها ليان وابتسمت قائلة

" آه شكرا لاهتمامك أيها الوسيم, نحن حقا غبيتان ونستحق الضرب نسخر منك وأنت تهتم لأمورنا "

كتبت ليان في ورقة لديها ورفعتها لي وكان فيها

( لا شيء مهم شكرا لاهتمامك وأعذرني على خطئي بحقك ولا تسألني لما أرجوك )

ابتسمت لها مجاملا وعدت لعملي , على الأقل تعلمت الدرس جيدا ولن تكررها ثانية لأني
سأريها حينها

⚘⚘⚘الجزء التاسع⚘⚘⚘

زبير

كيف لي أن أتخلص من كل همومي ومشاكلي , بدأت أرى الصدع الذي أحدثه والدي يكبر
شيئا فشيئا , حور طريحة الفراش منذ أيام وقد حكم علينا قدرها وقدري أن تكون بهذا المكان
وزمرد ازدادت أموري معها سوءً ولا تسمح لي بالتحدث معها

كنت جالسا بتململ أتنهد بضيق ولا أتوقف عن تغيير جلستي بين الحين والآخر متضايقا وبحر
يجلس مقابلا لي لا تفارقني عيناه أبدا ويرصد كل تحركاتي

نظرت ليديه وقلت " ما حل بأصابعك لما كل هذا الشاش هل جرحت "

نظر لهما وقال " لاشيء , بعض ما خبأه لي الزمن "

ثم نظر لي وقال

" يبدوا أنك لن تتمكن من السفر للشركة الجديدة سأذهب أنا مكانك ماذا قلت "

نظرت له مطولا ثم قلت " لا بل سأذهب أنا أنت آخر من تفقد العمل هناك علينا الأشراف
على بعض المشاريع إننا في تقدم ولا نريد التأخر عنها , شكرا لاهتمامك يا أخي "

نظر للأرض مطولا ثم قال " ولكن زوجـ.... "

ثم سكت لبرهة وعاد قائلا " ولكن ظروفك لا تسمح بذلك قد يحتاجونك هنا "

قلت بلا مبالاة " سأذهب فلا حاجة لهم بي الأمور ستكون على ما يرام "

حينها اقتربت منا والدتي وقالت " هل ستسافر يا زبير "

قلت وعينيا أرضا " نعم فعليا السفر الأمر ضروري "

قالت بضيق " ولكن زوجتك ما تزال مريضة ماذا لو تعبت أكثر وأنت غير موجود فلا سائقين
لدينا وأديم وصهيب خارج المدينة وقد يكون باقي أخوتك بعيدين كيف سنتصرف حينها "

قلت بتململ " وهل سأبقى ملاصقا لها طوال الوقت , بحر هنا فليبقى حتى عودتي "

قال بحر بهدوء " أنا سأسافر الليلة لأخوتي لا تعتمدوا علي "

قالت أمي بضيق " هي زوجتك وليست زوجة بحر ليبقى بقربها "

وقف حينها بحر وغادر دون أي حرف ووقفت مغادرا بعده ركبت سيارتي وغادرت
كل ذلك المكان الذي لم يصبح إلا محرقة للمشاعر والأحلام تجولت كثيرا وأنا أحاول
التفكير في كل ما حل بي وبالجميع جربت الاتصال مرارا بزمرد ولكن دون جدوى ,
مرت الساعات وأنا أتنقل من مكان لآخر حتى حل الظلام أرسلت رسالة لزمرد وكتبت فيها

( إن كنت أعني لك شيئا ولو بسيطا فأجيبي على اتصالي يا زمرد )

بعد وقت طويل أرسلت لي رسالة فيها

( لو كنت أعني لك شيئا ولو بسيطا ما كنت تزوجت بغيري وتركتني )

جربت الاتصال بها مرارا ولكن لا أمل فأرسلت لها ( كنت مجبرا )

أرسلت لي ( تزوجني إذا )

آه يالا كبر حجم مصيبتي ليتك تعلمي بذلك , أرسلت لها

( ليتني أستطيع فالأمر ليس بيدي أصبري معي قليلا , قليلا فقط يا زمرد )

أرسلت ( كم من الوقت أو من العمر , يكفي ما ضيعته حتى الآن وأنا أنتظر سرابك يا زبير )

ثم وصلت رسالة أخرى كتبت فيها ( لا ترسل رسائل أخرى لأنني لن أجيب )

رميت بالهاتف وأوقفت سيارتي أسندت رأسي للخلف وأغمضت عيناي , كنت أشعر
بالضيق والحاجة لأن أتحدث مع أحدهم مع شخص يفهمني ويمكنني قول ما أريد له
أمسكت بهاتفي ضغطت الأرقام الأولى الرئيسية ثم ضغطت أرقام اخترتها بعشوائية
وضغطت على زر الاتصال رن الهاتف مطولا ثم فتح الطرف الآخر الخط في صمت
تحدث دون توقف وقمت ببث كل همومي له ثم أغلقت الهاتف دون أن يتحدث معي ولا
أن أعرف من يكون ولم يكن يهمني ذلك المهم أنني أحسست ببعض الراحة فشغلت سيارتي
وعدت للقصر وهذا أنا لم أسافر حتى لوجهتي التي كنت أريد

حور مرت أيام كنت فيها طريحة الفراش وكم تمنيت أن لا أنهض منه إلا لقبري ولكن الحياة
لازالت تتمسك بي رغم رفضي لها , لقد اعتنى بي زبير كما عمتي و رنيم فلم تفارقاني
لحضه حتى تحسنت حالتي علمت أن بحر غادر منذ أيام لزيارة أخوته فقررت العودة
للتحرك في القصر فلست أخشى من شيء أكثر من مواجهته فليس لي قلب يتحمل ذلك
هل علمتم الآن ما كنت أعنيه سابقا بمعادلة الحظ والجمال فها أنتم رئيتم ذلك بأم أعينكم
ولازال هناك المزيد , نزلت للأسفل فوجدت خالتي تجلس مع ... لا , لا تقولوها ,
كان بحر نظرت لي والدته بابتسامة وقالت

" حمدا لله ها أنتي صرتي أحسن تعالي يا حور ما بك يا ابنتي "

جلت بعيناي في صمت حتى وفقعتا على العينان الخضراء اللتان تنظران لي ثم سرعان
ما أنزل نظره للأرض في حزن شعرت بالعبرة ستخرج مني فقلت بصوت مبحوح
يكاد يختنق

" لا شيء يا خالتي بعض التعب فقط "

تنهدت وقالت " يبدوا أنهم فاجئوك بزواجك بزبير أو أجبروك عليه "

قلت بحزن " لقد اعتدت ذلك , كل حياتي كانت مفاجأات لم أتوقعها يوما "

وقف حينها بحر ليغادر فقالت والدته " أين يا بحر أنا لم أرك منذ مدة وأنت لم تصل إلا الآن "

قال مغادرا ومارا بجانبي

" عليا السفر من أجل العمل عليك أن تعتادي غيابي يا أمي فما أحد منا يختار واقعه "

أغمضت عيناي بألم محاولة إمساك دموعي كي لا تنزل فآخر ما كنت أتوقع بل أكثر ما كنت
أتمنى كل حياتي أن أقترب منه أن أعلم واقعه وعالمه وأعيشه , كيف يأكل كيف ينام عن
ماذا يتحدث ماذا يحب وماذا يكره كان كاللغز بالنسبة لي وها قد حدث ذلك ولكن بالطريقة
التي لا أتوقعها و لم أتمناها يوما
رنيم ها هي الأيام تمضي بي هنا ولا شيء سوى أعمال المطبخ والإشراف على عاملات
شركة النظافة حور المسكينة ورفيقة وحدتي الوحيدة انهارت أعصابها حتى كادت تجن
وكل أفراد هذه العائلة يبدون كالتائهين لا أعلم هل هذه العائلة مشتتة وضائعة منذ البداية أم
أن اللعنة المسماة وصية هي السبب فمن يرى القصر من الخارج ويرى أملاك هذه العائلة
وأسمها الذي يصل لنا نحن في الدول المجاورة لا يتخيل أنه لا خدم في هذا المكان
لا أعلم كم يحمل هذا الرجل من عقد لم أكتشفها بعد , دخل حينها غيث يزمجر غاضبا
في هاتفه أنا لا أحسد من يتحدث إليه الآن

قال بحدة " وما الذي سأفعله له هل أقتله مثلا تعالوا لنتفاهم ونجد حلا للأمر "

أخذ كأسا وقال لمن يخاطبه مغادرا " شقيقي أجل اعلم ولكن من له سلطة عليه هوا ليس
طفل لأضربه وآمره, وكأنه ليس لدي مصيبة تكفيني ليأتيني بأخرى , لا اعلم من أين
تتقاذف علينا كل هذه المشاكل "

لا مصيبة على وجه الأرض أكبر من وجودك فيها هل أصبحت أنا مصيبة حلت عليك فما
الذي سأقوله أنا عنك حمدا لله الذي خلق لي أعصابا باردة حيال الكلمات المتطايرة كالقذائف
وإلا ما كنت لأبقى هنا يوما واحدا فإما سأكون قتله أو قتلني

غيث جلست في المكتب مع جدي وأعمامي الذين حظروا للتو بعدما اتصلوا بي , كنت
أضرب بقدمي على الأرض بضيق وعمي عاصم يصرخ بغضب

" علينا إيقاف ذلك المجنون صهيب ماذا لو أنتشر الخبر وعلمت الصحف والناس
فلن نتدارك الفضيحة ابنة آل يعقوب مختطفة منذ فترة ستكون كارثة فلدينا سمعتنا
ومكانتنا بين الجميع وأنا لدي بنات لم يفكر بهم أحد غيري ولن يفكر أحد بالزواج
منهم بعد تلك الفضيحة "

قال عمي جسار غاضبا " ليس بإمكاننا حتى أن نشتكي للشرطة لست أعلم كيف
وجدها الخاطفون ومن أين علموا بمكانها وكيف لذاك المعتوه صهيب أن يضع
تلك الشروط الغبية ليتفاوض مع الخاطفين "

قلت مقاطعا " هل لكم أن تشرحوا لي ما حدث في الماضي لكي أفهم على الأقل "

سكت كليهما ونظرا لجدي الصامت منذ بداية الحديث ثم غادر عمي عاصم وقال
عمي جسار مغادراً خلفه

" عليكم أن تجدوا حلا لجنون شقيكم ذاك يا غيث قبل أن يفوت الأوان كنت أعلم أنه
لن يجلب لنا إلا المشاكل " وخرج غاضبا ,

نظرت لجدي وقلت " هم لم يحبونا يوما على كل حال , فما تقول أنت "

قال بعد صمت " ليس لدي ما أقول "

قلت بضيق " ومن يقول إذا ومن لديه الجواب , كيف تكون لنا ابنة عم لا نعرف عنها
شيئا فكل ما أعرفه أن عمي نبيل مات وليس لديه أبناء "

وقف جدي مغادرا أيضا يستند على عكازه فقلت بيأس

" يبدوا أنكم تخفون أمرا لن نعلمه أبدا "

وقفت غاضبا مغتاظا وتوجهت باحثا عن والدتي ولكني لم أجدها في غرفتها ولا في
المطبخ بل وجدت من سيكون متنفسا لغضبي فيه ( رنيم )

نظرت لها بحدة وقلت " أين هي أمي "

قالت ببرود " لا أعلم "

صرخت بها غاضبا " أليس لديك شيء غير لا أعلم , أليس لديك مشاعر غير الجليد والبرود "

صرخت غاضبة " وما الذي قلته أنا لتصرخ بي أنا لا أعلم أين تكون حقا "

توجهت ناحيتها والغضب يسري في عروقي كالنار أمسكت بذقنها بيدي بقوة حتى
كاد يتهشم بين أصابعي وقلت بغضب ومن بين أسناني

" أقسم إن استفززتني بكلماتك الباردة مجددا فسأحطم لك وجهك هذا "

نزلت من عينيها دمعتان عبرتا طريقهما للأسفل أرخيت من قبضتي ثم تركتها وخرجت
وجدت أمي تدخل من باب القصر فقلت مخاطبا لها بضيق

" أمي أريد التحدث إليك قليلا "

ثم توجهت لمكتبي ولحقت هي بي جلست على الأريكة وجلست مقابلة لي فقلت بهدوء

" أمي هلا حكيت لي ما تعرفيه عن عمي نبيل رحمه الله وعن زوجته "

نظرت لي بصمت فقلت " أمي أرجوك قولي لي أي شيء تعرفينه لا تسكتي كالجميع "

قالت " بسبب هذا الموضوع إذا خرج أعمامك غاضبون من هنا "

قلت متسائلا " يبدوا أن هناك شيء ما وعليا معرفته منك "

هزت والدتي رأسها وقالت " لا أعتقد أنني سأفيدك بشيء "

قلت " قولي كل ما تعرفيه مهما كان غير مهما "

قالت بهدوء " ألن تقول لي ما الذي يجري أولا "

قلت بنفاذ صبر " سأقول لك كل شيء فقط أريحي لي عقلي "

تنهدت وقالت " عندما تزوجت والدك شامخ كان عمك نبيل ما يزال أعزبا وفي عمر العشرين
تقريبا وفي عمر الخامسة والعشرين سافر خارج البلاد ولم يكن متزوجا أيضا بعدها بخمسة عشر
سنة سمعنا خبر وفاته ولم نره منذ سفره "

نظرت لها بصدمة وقلت " إذا كنت أنا في نهاية العشرين من العمر عندما توفي كيف
لم نعلم بذلك لما قالوا أنه ميت "

قالت والدتي بحيرة " لا أعلم فثمة مشكلة كبيرة حدثت بينه وبين أعمامك وجدك
عندما كانوا يعملون مع جدك في شركته بعدها سافر وكان والدك على اتصال دائم به وبعد
عام من سفره دخل السجن بأيرلندا وبعد أربع سنوات خرج منه ولم يجده والدك رغم بحثه
الطويل عنه حتى يئس من وجوده بعد ذلك بسنين جاءنا خبر وفاته مع أوراق تثبت هويته
ويوم وفاته وبدأ والدك بالبحت عن زوجة له , قال والدك أنه تزوجها هناك بعد خروجه من
السجن لعله يكون لديه أبناء منها ولم يتوصل لنتيجة هذا كل ما أعلمه يا غيث "

تنهدت وقلت " إذا ما قاله صهيب صحيح مثلما أكده أعمامي ولكن كيف علموا بوجودها "

نظرت لي بحيرة وقالت " وما الذي قاله صهيب وقالوه أعمامك "

قلت بهدوء " عمي نبيل لديه ابنة وهي هنا ومختطفة أيضا والخاطفون يطالبون بالفدية
وصهيب وحده من يعلم طريق التفاوض معهم "

شهقت أمي بدهشة وقالت " معقول ... ابنة وخاطفين وفدية هل نحن في فيلم أم في واقع "

قلت " بل في واقع وأعمامي سيجن جنونهم مخافة الفضيحة "

قالت بهدوء " ولما لا تدفعوا الفدية وتحرروها "

قلت بضيق " وهنا المشكلة فمنذ أن علم صهيب وهوا رافض للتفاوض معهم حتى نحقق
شروطه وأنتي تعرفي صهيب جيدا وشراسته وعناده "

قالت بصدمة " شروط , عن أي شروط تتحدث يا بني "

قلت بضيق " يشترط أن نقتسم عليها ثروة جدي من جديد وبما حققته من أرباح لأنها من
حقها وثمنا لسنين فقرها واحتياجها ووالدتها وأن نثبت براءة عمي من التهم الموجهة إليه
هنا وفي ايرلندا ولا أفهم ما عنى بهذه "

كانت عينا أمي ستخرج من مكانها من الصدمة لما سمعت ثم قالت " وماذا قررتم "

قلت بضيق " لا شيء حتى الآن , أعمامي غاضبون ورافضين وبشدة وجدي يكتفي بالصمت
لا أبرد منه إلا الجبل الجليدي الذي لدي "

قالت بتساؤل " وماذا عنكم أنتم أبناء شامخ "

قلت بحيرة " لا اعلم فأخوتي لا يعلمون بالأمر حتى الآن والتركة لا يمكننا التصرف
فيها قبل التقسيم ولو كان لها حق لدينا فستأخذه كاملا دون نقصان "

ابتسمت وقالت لي " بارك الله فيك وفي من رباك يا غيث , إذا تحدثت مع صهيب عليه
إحضارها ووالدتها إلى هنا "

قلت بقلة حيلة " أخبرتك أنه يضع شروطا نعجز عن تحقيقها وحدنا , وتعرفي أعمامي جيدا "

ثم وقفت مغادرا فقالت لي " وما الحل يا غيث هل ستبقون الفتاة لديهم الله وحده يعلم ما
فعلوا بها إنها فتاة وأنت تفهم ما أعني جيدا "

قلت مغادرا " لا اعلم ما سنفعل حتى يقرر أعمامي وجدي أولا لقد ورطنا ابنك في مصيبة
جديدة وكأنه ينقصنا مصائب "

عند وصولي للباب التفتت إليها وقلت " أين هوا بحر قد يتمكن من إقناعه فهوا المقرب إليه "

قالت " قال أنه سيسافر اليوم لزيارة أخوته تحدث معه عبر الهاتف أو انتظره حتى يعود "

قلت بضيق " وزبير لم يسافر اليوم للشركة الجديدة ولم يخبرني إلا بعد ذهاب بحر لا أعلم
متى سينتهي كل هذا "

خرجت وتوجهت لجناحي بالأعلى وقفت أمام الباب ثم تقدمت جهة الجناح المجاور لي
وهوا جناح رنيم عليا أن أراها فقد تتهور وتفعل شيئا بنفسها فلا ينقصني مصائب أخرى
وأعلم كيف تفكر النساء عند الحزن واليأس الخائنات عديمات المشاعر , لقد فجرت بها
كل غضبي هي تستحق ذلك بسبب برودها القاتل فكيف للنار والجليد أن يجتمعا كيف
دخلت الجناح دون أن أطرق الباب وتوجهت للغرفة التي تنام فيها كانت تجلس باكية
وأثار أصابعي لا تزال على ذقنها

رنيم ذلك القاسي المتحجر عديم الإحساس ما الذي فعلته له ليفعل بي هذا
كنت أنظر للمرآة ودموعي على خدي أتلمس أثار أصابعه على ذقني فلم يتجرأ أحد قبله
على لمسي بأذى سامحك الله يا والدي شامخ , آه كم سأقولها مرة لقد تجاوزت الألف بكثير

توجهت للسرير جلست هناك وتابعت مسيرة بكائي حين سمعت صوت الباب يفتح تساءلت
في نفسي من هذا فلا أحد يصعد إلى هنا أتمنى أن لا تكون خالتي فتكتشف أمرنا ولكن للمفاجأة
لم تكن هي بل كان أبن زوجها المتحجر جاء ليكمل ما بدءه منذ قليل ولكني لك يا غيث فأنت لم
تعرف عنادي بعد وقف أمام الباب ينظر إلى مكان جريمته بصمت وقفت ووضعت ظهر كفي على
ذقني وقلت

" ماذا تريد هل جئت لتنهي ما فعلته بي "

قال ببرود " أنتي من استفزني "

ابتسمت بسخرية وقلت " حقا لقد صدقتك , لا تكذب على نفسك يا غيث أنت تعتبرني أداة
لتفجر بها غضبك وكرهك للنساء , أتمنى فقط بعد أن تقضي عليا نهائيا أن ترتاح ويموت
كرهك لبنات جنسي "

أستند بيده على الباب وقال بذات السخرية

" بعد أن أقضي عليك نهائيا كما قلتي فسأرى ما سأفعل بعد ذلك "

قلت ببرود " وماذا تريد مني الآن هل جئت تبرد على قلبك برؤيتي هكذا "

اقترب مني وامسك بذقني من جديد وأصبح وجهي أمام وجهه مباشرة فقلت بألم

" يكفي يا غيث هل تريد تحطيمه لقد حطمته بالفعل "

قال بغيض " حذرتك من استفزازي ببرودك يا رنيم"

قلت بحدة " هذه أنا ولن أتغير فهل لك أن تغير قسوتك وتحجرك وكرهك لي "

قال بغيض " وإن كنتي هكذا فعليك أن تتغيري "

قلت ببرود " لا أريد ولن تجبرني على ذلك "

ضغط على ذقني أكثر وقال " إذاً أنا من سيغيرك "

قلت بابتسامة سخرية " جرب ولن تخسر شيئا "

قرب وجهي له أكثر ثم قبلني على شفتاي بقوة وهوا يضغط على ذقني حتى شعرت
به سيتحطم بين أصابعه وبشفتي ستتمزق حاولت الفكاك منه فلم أقدر ثم رمى بي على
السرير وقال مغادرا

" كريهة كبنات جنسك الخائنات "

مسحت فمي بظهر يدي بتقزز فالتفت إلي ورأى ما فعلت فابتسم بسخرية وقال

" هذا هوا عقابك هذه المرة "

ثم خرج ذلك الكريه القاسي المقزز مسحت شفتاي بيدي بقوة حتى نزفتا محاولة إزالة
أثر قبلته الكريهة من نفسي, كيف لي أن أعيش مع رجل يكره كل النساء وهوا لا يتوقف
عن نعتي بالخائنة يمنعني من الخروج ومن التحدث عبر الهاتف أيضا وحتى من التنفس
لو بيده , رغم معاملته الحسنة للجميع فما ذنبي أنا إن خانته إحداهن لما لا يكون لطيفا
معي كزبير مع حور واضح أن العلاقة بينهما تعاني فتورا كبيرا ولكنه على الأقل يحترمها
ويعاملها بلطف أمام الجميع حتى يقضي الله أمره , ليس كهذا القاسي كم أكرهه ... أكرهك
يا غيث ومنايا الفكاك منك في أقرب وقت

جود كنت أجلس مع أخي مازن بغرفته لأساعده في حل مسائل الرياضيات عندما سمعت
صراخ والدتي الغاضب نزلت ركضا من السلالم فرأيت والدي يقف في منتصف البيت
يضع يديه بوسط جسده وأمي تصرخ به قائلة

" يكفيك ما أخذت يا جابر لن اسمح لك بأخذ هذه إنها تخصني هي ذكرى من والدتي ولن أعطيها لك
ولو قتلتني "

هجم عليها كالغول وبدأ يضربها بقسوة ركضت وخلفي مازن محاولان أبعاده عنها
ونلنا من الضرب نصيبنا حينها انفتح الباب ودخل أخي بحر منه راكضا باتجاهنا وكان
كالحلم الذي تحول لحقيقة , كالمعجزة التي جاءت في وقتها, أمسك بيدا والدي ولفهما
خلف ظهره وهوا يصرخ بغضب

" يكفيك إجرام يا أبي يكفي ذلك "

ثم تبته على الأرض ملقيا إياه على بطنه وخده على السجادة وبحر جالس فوق ظهره مثبتا له بقوة

قال والدي بغضب " أبتعد عني يا قذر أبتعد عني يا أبن شامخ وسماح وأخرج من هنا وأترك عائلتي "

صرخ بحر

" عن أي عائلة تتحدث يا جابر عن أي عائلة , أنت لا تستحق أن يكون لك لا زوجة ولا أبناء "

ثم نظر إلينا بحر بغضب وقال " ألم أقل لكم ألا تمنعوه كي لا يضربه

قالت والدتي بصراخ مؤلم " أراد السوار الذهبي الذي تركته لي والدتي ولن أفرط فيه ما
حييت هوا الذكرى الوحيدة منها فليقتلني أولا قبل أن يأخذها "

صرخ بنا بحر " اذهبوا للأعلى جميعا هيا "

صعدنا ثلاثتنا وكنت أراقبهم من هناك , ابتعد بحر من فوق والدي ثم أخرج محفظته
وأخرج منها نقودا كثيرة ورماها على والدي وقال

" هذه أكثر من ثمن السوار فخدها وأرحل هيا "

جمع والدي المال بكل برود وخرج ثم وقف عند الباب وقال

" ابن والدتك حقا يا بحر , إن لم أبعدك عن أبنائي فلن أكون أنا "

ثم خرج فأغلق بحر الباب خلفه بقوة وغادرت راكضة جهة غرفتي التي كان فيها أمي
ومازن بعد قليل دخل علينا بحر فارتميت ومازن في حضنه ببكاء مسح على رأسينا وقال

" يكفي يا مدللان ألم تعتادا على ذلك بعد "

ثم نظر لأمي وقال " خالتي عليك أعطائي السوار لأخفيه عنه فسيأتي مجددا للبحث عنه بالتأكيد "

يتبع ....??????
 
رد: أنا من خذلت نفسي

تتمة الجزء التاسع + الجزء العاشر + الحادي عشر ⚘

ثم أبعدنا عنه وقال " عليا الخروج قليلا وسأعود "

أمسكت به وقلت " إلى أين ستذهب يا بحر "

قال وهوا يخلص نفسه مني مبتعدا " سأذهب قليلا وأعود أطمئنوا "

صرخت به قائلة " لا تذهب خلف والدي يا بحر قد يكونوا مجموعة ويؤذونك "

قال بهدوء وهوا يقف عند الباب " لا تخافي سأعلم شيئا ضروريا وأعود قريبا "

ثم خرج وخرجت اركض خلفه فسبقني وخرج من المنزل , بقيت أنتظره وحدي
في الأسفل لساعات وانتصف الليل ولم يأتي كنت منشغلة عليه حد الجنون ثم رن
هاتفي فركضت مسرعة ناحيته فكان رقما غريبا يتصل بي نظرت له بحيرة كنت
سأتركه دون الرد عليه ولكني خفت أن يكون شقيق بحر أو أنه حدث مع بحر شيء
شعرت بالخوف الشديد والتوتر ثم فتحت الخط ووضعت الهاتف على أذني بصمت
تام أنتظر لأعرف من على الطرف الآخر فجاءني صوت رجولي غريب ليس صوت
بحر ولا شقيقه صهيب كان صوتا رجوليا حزينا قال

" لا تغلق الخط في وجهي أرجوك فأنا أريد أن أتحدث مع أحد أريد أن يسمعني شخص
ما لا تتحدث فلستَ مجبرا على الحديث معي فقط استمع إلى "

ثم سكت عن الكلام ومن صدمتي لم أتحرك من مكاني حتى أنني لم أرمش بعيني بعد صمتي الطويل قال

" حسننا أنت موافق على الاستماع إلي إذاً , شكرا لك يا صديقي , سأبث لك همي وحزني
هل أنت مستعد أن تحمله معي , آه أكاد أتحطم وأنا اكتمه في صدري هل جربت يوما ذلك
هل جربت أن تموت أمانيك وأن تقتل أماني غيرك في وقت واحد , أن يموت الحلم ليعيش
الواقع أن تحترق مشاعرك وتحرق مشاعر غيرك , لقد حرموني الفتاة التي أحب يا صديقي
وأجبروني على أن أكون زوجا للفتاة التي يحبها أخي أرى ذلك في عينيه في حزنه في صمته
وحتى في كلماته وما بيدي حيلة غير أن أزيد ناره نارا وألمه ألما وأنا لست بأقل منه توجعا بعد
أن فقدت كل شيء حتى حبيبة طفولتي لأسأل بحيرة لما يحدث معي ومعه هذا وما من مجيب
ليثني لم أعرف بذلك , ليثني لم ألمح والحظ ذلك في عينيه تبا لي ولوصايا الأموات التي تقتل الأحياء "

ثم تنهد بألم وقال " شكرا لك يا صديقي أنا فعلا ممتن لك على استماعك لي , وداعا "

ثم أغلق الخط وتركني واقفة كالتمثال والهاتف لازال على أذني أبعدته ونظرت له
بحيرة مستغربة من حال هذا الرجل يحكي لي همه وأنا تكاد همومي تكسر ظهري
حمدا لله فلسنا وحدنا نعاني

سمعت صوت الباب يفتح فرميت الهاتف من يدي وكل ما حدث من راسي
وتوجهت راكضة جهته قائلة

" بحر ... هل عدت يا أخي لماذا تأخرت لقد شغلتني عليك "

أقترب مني وقال " لما أنتي مستيقظة حتى هذا الوقت يا جود ألم أقل لك أنني
سأكون بخير هيا اصعدي لتنامي "

قلت بابتسامة " هل أعد لك الطعام فأنت لم تأكل شيئا "

قال بابتسامة مماثلة " لا رغبة لي في الأكل يا جود سأصعد لأنام قليلا "

ثم تركني وصعد للأعلى حملت هاتفي وصعدت لغرفتي غيرت ثيابي ونمت بعد
أن اطمأننت على أخي الغالي

صهيب وصلت المستودع برفقة حامد عند الغروب ليأخذ معه جهاد وأبقى أنا هنا وما أن
وصلنا خرج جهاد لنا خارج المستودع فقلت متسائلا

" لما خرجت "

قال " ولما لا أخرج ها أنتم وصلتم وسأغادر "

قلت بحدة

" وإن لم نكون نحن من وصل هل تريد إعلام المارة أن هناك أناسا هنا , بكل بساطة هيا تعالوا وخذونا "

قال بضيق " من يمر من هنا لم أرى أحدا طوال فترة بقائنا ثم لما يأخذونا وما يصنعوا بنا "

قلت بغضب " بك أنت لن يصنعوا طبعا ولن يأخذوك ولو وضعنا معك مالا لأخذك أما الفتاة لا يا غبي "

تأفف وأشاح بوجهه عني فقلت بغيض " إن كررتها ثانيتا قطعت رأسك غادرا هيا "

غادرا المكان ودخلت أنا المستودع ووجدت ميس تضرب بقدمها الأرض بغضب وتنظر لمكان قدمها

نظرت لها بحيرة وقلت بتساؤل " ما بك "

نظرت لي بحدة وقالت " الصراصير إنها تخرج لي دائما "

قلت بهدوء متوجها لمكان جلوسي " هذا لأنك لا تأكلين كل الطعام الذي احضره لك وهي تخرج له "

نظرت باتجاهي وقالت بغضب " ولما لا ترحمني من سجني ما فعلت لك لتفعل بي كل هذا "

قلت باستياء " ميس كنتي هادئة طوال الأيام الماضية ما بك اليوم "

قالت بصراخ " هادئة ..... ما رأيك أن تقول مبسوطة بوجودي معكم هنا "

نظرت للأعلى متكأ على العمود في صمت فقالت بأسى

" لما لا تطلق سراحي ما الذي ستستفيد به مني "

لم أجب فقالت بهدوء " لو اختطف أحدهم شقيقتك أو زوجتك هل كنت ترضى بذلك "

قلت بهدوء مماثل " لا طبعا "

قالت بحدة " لما تفعلها معي إذا هل لأنه ليس لي أب ولا شقيق تختطفني بدم بارد "

تأففت بضيق ولم أتحدث فقالت بغضب " أنا من يحق له التأفف والتذمر وليس أنت "

ثم قالت بحزن " والدتي مريضة وستموت إن أهملوها هناك وأهملوا أدويتها لا تخسروني
آخر ما تبقى لدي في هذه الحياة "

نظرت لها وقلت بهدوء " لن أتركك تذهبي يا ميس فلا تتعبيني معك "

قالت بغيض " لما ومن تكون أنت وهل أنت من أرسل لي تلك الرسالة لما لا تجيبني
عن كل هذه الأسئلة وما الذي تريده بالمال لتطالب بالفدية فثيابك ورائحة عطرك لا تدل
على أنك ممن يحتاجون المال فلما اختطفتني "

يبدوا أنها ترغب في السهر الليلة أغمضت عينيا متظاهرا بالنوم فجاء صوتها غاضبا

" هل تدعي النوم أقسم لو خرج لي صرصور آخر سأحمله وأرميه عليك وارني أي نوم تنام حينها "

لم أستطع تمالك نفسي فضحكت وعيناي مغمضتان ثم قلت

" ميس يبدوا أنك تريدين النوم صباح الغد أو أنك نمت في الصباح لهذا لم تنامي
فور وصولي كعادتك "

قالت بسخرية " حقا ياله من استنتاج رائع ويا لك من ذكي "

توقفت بعدها عن الكلام فتحت عيناي ونظرت جهتها فكانت نائمة على الفراش
ووجهها مغطى بالبطانية آه أتمنى أن أنجح في هذا ولا تجني هذه الفتاة بسببي
متاعب جديدة على ما رأته في حياتها

⚘⚘⚘الجزء العاشر⚘⚘⚘

زمرد أنا يا زبير , أنا تتلاعب بي وتخدعني كل تلك السنوات وتتحجج الآن بالحجج الواهية
وتريد مني تصديقك ككل مرة , ذاك الغبي يتأمل أن أستمر معه كالسابق يضنني لعبة
بين يديه يتزوج بغيري ويلهوا معي

"زمرد ما بك هلا أخبرتني "

قلت بضيق " لا شيء أمي لا شيء , أين هي علياء سأذهب أنا وهي لزيارة جدي "

بدا الضيق واضحا على وجهها وقالت
" جدك كان معنا منذ أيام , زمرد أحفظي كرامتك فالرجل قد تزوج "

نظرت لها بصدمة مما قالت ثم قلت

" ومن قال أنني سأذهب لأهدر كرامتي هناك , لم تلده أمه من أذل نفسي له "

وقفت وقالت مغادرة " إذا ما من داعي لذهابك لمنزل تلك العائلة "

صرخت قائلة لتسمعني " بلى سأذهب لرؤية جدي وليس لهم "

ثم وقفت وصعدت للبحث عن علياء ووجدتها أخيرا , نظرت إليا وقالت بتذمر

" خيرا إن شاء الله ما الذي جعلك تشرفينني بزيارتك "

قلت بغيض " يا لك من متعجرفة هيا لنذهب ونزور جدي "

ضحكت وقالت " تلك قوليها لأمي وليس لي "

قلت بلا مبالاة " افهميها كما تريدي المهم هيا بنا "

نظرت لي بضيق وقالت " من أجل زبير "

قلت بغضب " يخسأ ذاك الخائن الكذاب أن أنظر إليه حتى "

قالت وهي توليني ظهرها " لا أريد الذهاب أذهبي لوحدك "

نظرت لها بضيق وقلت " ولا من أجل أديم "

قالت ببرود " ولا من أجل أي أحد لست مستعدة لأن أتلقى صفعة موجعة منه إن
كان زبير الذي أرادك دائما وبعلم الجميع تصرف هكذا فكيف بمن لم أعني له
شيئا لقد صرفت النظر عن الموضوع برمته "

نظرت لها بنصف عين وقلت " هل هذا هوا السبب حقا أم لأنه غادر المدينة "

قالت بحدة " بل السبب الذي ذكرته "

قلت بغيض " ومن قال لك أني حزنت لفراق زبير ذاك فالحياة لم تتوقف عليه وحده وليس
هوا الوحيد من تلك العائلة "

نظرت لي بدهشة وقالت " ماذا تعني بذلك "

قلت بلا مبالاة " ما فهمتي "

تنهدت بضيق وقالت " غيث متزوج وبحر ليس ابن عمي وأديم ليس هنا كما قلتي
وصهيب والدي يكرهه ضعف كرهه للجميع كما إسياف كذلك , فأريحي نفسك
يا زمرد وغيري هذا التفكير الذي شوه لك عقلك "

قلت بإصرار " بلى سأفعل ذلك فلازال أمامي صهيب فإن لم يجدي الأمر فهناك أديم
ما دمتِ قد أعلنتِ انهزامك وخسرت الحرب "

نظرت للجانب الآخر وقالت " أنا لم ادخل الحرب كي أنهزم فيها أخبرتك مرارا
أني لا أفكر مثلك فقد أحببت أديم باختياري وأزحت الفكرة الآن باختياري ولا أفكر
بغيره من أبناء عمي شامخ "

شددتها من يدها وقلت " إذا ستأتي معي شئتي أم أبيتي "

تأففت كثيرا ثم وقفت لتأخذ عباءتها وحجابها

ذهبت وإياها لقصر عمي شامخ فهوا لا يبعد كثيرا عنا كما منزل عمي جسار دخلنا
القصر فوجدنا زوجة عمي استقبلتنا وأدخلتنا حيث يوجد جدي ولكنه لحسن الحظ كان
نائما فاقترحت عليهم أن ننتظره قليلا ونتعرف على زوجات أبنائها لأكسب الوقت

جاءتنا أولا فتاة شديدة البياض وكأنها قطعة من الجبن وشديدة سواد العينين تبدو
كالحوريات صافحتنا بابتسامة وجلست قالت عمتي سماح

" هذه رنيم زوجة غيث وهاتان هما زمرد وعلياء بنات عاصم عم أبنائي "

قالت بابتسامة " تشرفت بالتعرف إليكما "

قالت علياء " ونحن كذلك "

أما أنا فاكتفيت بالصمت والتفكير في ضالتي الآن وهوا صهيب طبعا مضى بعض
الوقت وعلياء التافهة تتحدث بثرثرة توجع الرأس مع المدعوة رنيم وتشاركهم العمة
أحياننا أما أنا فكنت أكتفي بالابتسامات الباردة وبعض التعليقات الجانبية , بعد ذلك دخلت
فتاة باهرة الجمال وذات حسن خرافي توجهت ناحيتنا مبتسمة وكان يبدوا على وجهها
أثار بعض التعب سلمت علينا وجلست قالت عمتي طبعا

" هذه حور زوجة ابني زبير وهاتان بنات عم زوجك يا حور "

كم هي فاتنة هل كل هذا الحسن في زوجته ويراسلني ويصر على مكالمتي يا لكم من
جشعين معشر الرجال ضننت أنه لا أجمل من زوجة غيث حين رأيتها لكن هذه كسرت
القاعدة , تحدثنا بعض الوقت ثم قالت

علياء بابتسامة " تبدين شاحبة يا حور هل أنتي متعبة "

ابتسمت بسخرية وقلت " قد تكون تشاجرت مع زبير "

تغير وجهها من الصدمة ولم أفكر في خطورة ما قلت إلا حينها , سحقا لي سأفسد
الأمور على نفسي فقلت متداركة للأمر

" عفوا منك يا حور أنا لم أقصد ذلك فاعذريني "

قالت ببرود وهي تقف " لا بأس عليك سأذهب لجلب العصير عن أذنكم "

ثم خرجت فوجدت عمتي تنظر لي بضيق بسبب ما قلت لكني لم أعر الأمر اهتماما

قلت بعد قليل " كيف هم أديم وصهيب لم نرهم من مدة "

قالت عمتي بعد صمت " بخير وهما خارج البلاد "

قلت مدعية السذاجة " هل صهيب أيضا نقل عمله من هنا "

قالت بنفاذ صبر " لا هوا في مهمة وسيعود "

( أصنعي ما شئتي ما أن أرمي بشباكي عليه فلن أعيرك أي اهتمام ) بعد وقت قصير
عادت حور تلك تحمل العصير والكعك وكان وجهها مكفهرا وعيناها تكادا تتفجران دموعا
ثم استأذنت وغادرت من فورها شربت القليل من العصير ثم وقفت فوقفت علياء أيضا فقالت
رنيم مبتسمة وهي تقف معنا

" ما بكما لا زال الوقت مبكرا "

غبية ما حاجتي بك لقد جئت لشيء لم أجده فلن يعنيني رأيك قلت بابتسامة مصطنعة

" علينا الذهاب فوالدتي تنتظرنا "

نظرت لعلياء بحب وقالت " عودي لزيارتنا قريبا يا علياء "

حقيرة وهل تضنيني أموت لهفة عليك , خرجت وعلياء فقابلنا زبير خارجا من
جهة المطبخ نظر لي بابتسامة وكأنه يريد قول شيئا أو يلقي التحية فأشحت بوجهي
عنه بضيق وخرجت مسرعة ياله من عديم دوق أتكون لديه كل تلك الملاك ويبتسم لي
يالك من خائن تافه وعدت أدراجي لمنزلنا أجر ذيول الخيبة ولكن ليس اليأس

حور ليته بإمكاني سجن نفسي في هذه الغرفة ولا أخرج منها أبدا لكي أرتاح سمعت طرقا على
باب الجناح ففتحت الباب وكانت خالتي وقالت أن بنات عم زبير هنا ويريدون رؤيتنا كنت
أريد الرفض خشية أن يكون بحر قد عاد فلا يمكنني السؤال عنه , ولكن ما باليد حيلة فكان
عليا النزول لهم ولو قليلا ثم عليا مساعدة خالتي و رنيم ولن أسجن نفسي طوال الوقت
واتركهما خصوصا أن خالتي سعيدة كثيرا بتخفيفنا للحمل عنها نزلت وتوجهت لمجلس
الضيوف وجلست معهم , علياء كانت تبدوا لي لطيفة وبشوشة الوجه أما زمرد تلك فلم
ارتح لها ولا لبرودها وجفاف معاملتها للجميع وقد زادت الطين بله بجملتها التي ألقتها
كالقذيفة على وجهي يا لها من وقحة ما الذي تعنيه بذلك ولكن ما خفف الأمر نبرة الاعتذار
الواضحة التي بدرت منها فقررت بعدها أن أخرج متعذرة بجلب العصير والكعك للضيوف
لأبتعد بعض الوقت , توجهت للمطبخ وبدأت بإعداد الضيافة للفتاتين بعد دقائق قليلة سمعت
أصوات لشخصين يقتربا من المطبخ ويتحدثان مع بعضهما كنت منشغلة بأعداد الكعك
عندما سمعت سحبا لكراسي الطاولة وصوت أحدهم يقول لي

" هلا أعطيتني بعض العصير يا حور "

كان ذلك الصوت ... نعم أعرفه جيدا ومنغرسا في قلبي منذ سنين وهل تخطئ
الشجرة أوراقها اليابسة على الأرض مهما كثرت الأوراق , التفتت لمصدره
وشعرت بأحشائي تسقط أرضا عندما رأيت بحر يجلس مع زبير وينظر إلي

قلت بتوتر " حسننا "

كنت أشعر بأن قدماي تيبستا وأنا أقترب منه وعيناه تأكلان ملامحي أكلا ,وضعت
العصير أمامه وأنا أنظر لأصابعه المليئة بآثار الجروح التي لم تشفى بعد بل كانت
أثار ذلك اليوم المدمر الذي لم ولن تشفى أثار صدمته من قلبي ما حييت , ياله من
شعور لا يصفه أي وصف وأنت تُحرم من شيء هوا النور والهواء بالنسبة إليك , تراه
أمامك وليس لك ومعك ولست له , كنت أتمنى أن تأتي أي قوة لتعيد الزمن للوراء بضع
دقائق كي لا أخرج من عند الضيوف أو لا أخرج من غرفتي بتاتا كنت أموت من الحنين
إليه ومن الحسرة والألم بسبب خذلانه لي ونقضه لعهده , عدت لترتيب أطباق الكعك
برجفة وتوتر حتى أنها كانت تكاد تقع من يدي

أتاني صوت زبير قائلا " هل لي بواحد أيضا يا حور "

نظرت إليه وقلت بعد صمت " هل تريده بالثلج أو بدونه "

لأني علمت من خالتي خلال أعدادنا لمائدة الطعام أن زبير يفضل الثلج مع العصير طوال العام

قال متبسما " لا بدون ثلج "

وضعت أمامه كوبا فوقف حينها بحر وقال بضيق واضح وهوا يغادر

" أنا لم أعد أريد العصير ليشربه غيري "

تسمرت في مكاني غير واعية لما يجري ثم نظرت لزبير الذي كان ينظر لي فأشحت
بنظري للأرض لماذا يفعل ذلك وفيما أنا أخطأت هل كان عليا سؤاله أيضا لكن الجو
بارد فما الداعي للسؤال وإن يكن كذلك ما كان عليه أن يتضايق هكذا وبشكل ملحوظ ,
حملت الصينية وتوجهت بها لحيت يجلس الجميع وضعتها في صمت وأنا أسير على شيء
لا يشبه الأرض يبدوا لي قطعة قماش تطير في الريح أو موج بحر هائج وآه من هذه الكلمة
ومنك يا بحر

كانت عيناي ستسكبان كل ما فيهما من دموع لو لم أستأذن وأخرج مسرعة , صعدت
السلالم بخطوات سريعة وأنا أمسح دموعي التي وجدت لها طريقا تعبر خلاله وبغزارة
حينها أوقفني جسد يقف أمامي مباشرة عرفته من ثيابه لا بل من رائحة عطره التي لم
تتغير منذ سنين لا بل عرفه قلبي قبل أن ترى جسده عيناي ابتعدت من أمامه ونظري
في الأرض لأعبر من جانبه فوضع يده على حافة السلالم موصدا بها الطريق أمامي
وقال بصوته الهادئ كما كان دائما

" لما تبكي يا حور "

عادت بي حينها السنين إلى الوراء بل عادت بي هذه الجملة إلى ما وراء السنين
( لما تبكي يا حور ) ولكن المكان كان غير المكان والزمان غير الزمان وحتى
الظروف كانت أجمل من الآن بكثيرلم أجبه بل لم أتحرك ولم أتنفس حتى التنفس
فرفع يده من أمامي وقال

" لا تغضبي مني فلقد خانني لساني " ثم نزل

ركضت مسرعة للأعلى دخلت غرفتي وارتميت على السرير ابكي بحرقة وألم ولم
أنزل ولم افتح الباب لأحد بحجة أنني اشعر ببعض التعب وأريد النوم .. لا لم تكن حجة فقد
كنت أشعر فعلا بكل تعب الدنيا وكل وجع العالم يطبق على قلبي حتى كاد يتفجر

غيث قررت اليوم الاجتماع بأعمامي من جديد لنناقش القضية الجديدة التي ظهرت لنا ولكن لم
أكن وحدي هذه المرة فزبير معي والكل لازال عند رأيه أعمامي يرفضون الأمر برمته
وجدي على صمته المعتاد من المفترض بوالدي أن زوج في وصيته رنيم بجدي وليس
أنا إنهما يليقان ببعض تماما غير أن رنيم تغضب أحيانا

تكلم زبير محاولا تليين رأس أعمامي فقال

" للفتاة حقان لدينا أن نحميها ونخلصها منهم وأن تأخذ حقها كالبقية "

صرخ عمي عاصم كعادته " ليس لديها شيئا عندنا "

فصرخ الزبير الذي وصل حده منهم

" بل لديها هي ابنة شقيقكم أم نسيتم لو كانت أحدى بناتك هل رضيت لها هذا "

صرخ عمي عاصم أكثر وقال بعصبية " ليس لنبيل شيء من هذا "

قال زبير " ولما "

قال عمي جسار بحدة " لأنه أختلس أموالنا "

صُدمنا كلينا مما قال وسكتنا إلا عن التنفس هنا نطق الحجر وقال جدي بحدة

" جساااااار "

صرخ عمي جسار قائلا " دعهما يعلمان لكي يريحانا وشقيقهم المجنون ذاك من هذه القضية "

قلت بصدمة " أختلس أموالا ... متى "

أجاب عمي عاصم " قبل رحيله وفي أيرلندا أيضا لذلك سجنوه هناك "

وقفت من صدمتي بالخبر وقلت " ماذا "

قال جدي بحدة " أنهوا هذا الموضوع هيا "

قلت " كيف ننهي الموضوع ولم نفهم شيئا "

وقف جدي وغادر كعادته وتبعه عمي جسار فقلت لعمي عاصم

" أريد أن افهم ما حدث "

وقف وقال مغادرا " اسأل شقيقك البطل الهمام وسبب مشاكلنا "

ثم خرج من فوره فنظرت لزبير وقلت " ما رأيك فيما سمعت "

هز رأسه وقال " وكأني في حلم , أتصل بصهيب وأسأله كما قال فيبدوا أنه يعلم شيئا "

قلت بضيق " هوا لا يجيب على اتصالاتي ولا أعلم لما يتهرب منا "

تنهد وقال " سأجرب أنا معه "

اتصل به فلم يجب قلت بيأس " لا نتيجة "

قال بضيق " لم يجب ولكن تذكر ما اشترطه صهيب بأن نبرئ عمي من التهمتين يعني
أنه يعلم شيئا وأن التهمة الأولى مرتبطة بالثانية "

تنهدت بضيق وغادرت المكتب خارجا وتمنيت من قلبي ألا ألتقي برنيم لأني
سأقتلها هذه المرة لو استفزتني كالعادة ولكن من قابلته لم يكن هي بل بحر هذا
الشاب يجعلك تشعر بالهدوء وأنت في غمرة ثورانك بسبب هدوءه , نظر لي
مطولا ثم قال بصوته الهادئ

" ما بكم تصرخون مع أعمامكم هل من مشكلة "

قلت بضيق " نعم مشكلة وستجر مشاكل عديدة سنتحدث على طاولة العشاء أمام الجميع "

توجهت لجناحي وجلست أفكر في حل لهذه المصيبة بعد قليل سمعت طرقات خفيفة على
الباب وبعدها بدقائق فتحت رنيم الباب ودخلت , آه هذا ما كان ينقصني الآن , هي لم تزرني
من قبل هل استحلت ذلك اليوم بالذات وقفت وقالت ببرودها القاتل

" هل لي أن أتحدث معك قليلا "

قلت بضيق " ليس الآن في وقت آخر "

بدا على وجهها الاستياء ولكنها لم تتكلم كتمت ما بداخلها خلف صمتها الدائم
وخرجت , بعد ساعتين نزلت لتناول العشاء مع البقية كان الجميع حاضرا اليوم
فيما عدا حور وصهيب فأديم وقت إجازته وبحر الذي عاد من سفره اليوم
فقد أصبحت أحرك أخوتي في ممتلكاتنا أكثر من السابق جلست بجانب جدي الذي
لا يتناول الطعام معنا إلا نادرا كان الجميع يأكل بصمت كسرت الصمت قائلا

" هناك ما عليكم معرفته جميعا "

نظر الجميع لي فقلت

" لعمي نبيل ابنة وتواجه مشكلة ما أن تُحل المشكلة قد تأتي للعيش هنا معنا "

نظر لي أديم بصدمة وقال " ابنة عم لنا نحن "

قلت بهدوء " نعم عمي نبيل رحمه الله لقد كان متزوجا بأيرلندية ولديه منها ابنة "

قال بحر " متى , لقد توفي وأنا في السادسة أذكره جيدا ولم يكن لديه زوجة "

ابتسمت بسخرية وقلت

" هذا ما كنا نظنه جميعا ولكنه توفي وأنت في منتصف العشرين من عمرك يا بحر "

قال " وما المشكلة التي تعانيها "

صمتت مطولا ثم قلت " مشكلة معقدة ولا تزداد إلا تعقيدا وكأنه تنقصني مشاكل "

قالت رنيم ببرود " المشكلة دائما تجلب خلفها مشكلات اسألني أنا "

كان الجميع ينظر للمشاحنة التي بدأت للتو فاكتفيت بالصمت فحسابي معها فيما بعد
وقف جدي مغادرا وقال أديم

" أنا لم أفهم شيئا مما قلت "

قلت بهدوء " سنتحدث فيما بعد "

وقف قائلا " إذا أنا أنتظرك في غرفة المكتب حسننا "

قلت " حسننا "

ووقف بحر وزبير مغادران لغرفة الجلوس فوقفت أمي وغادرت فلم يبقى سوانا أنا
و رنيم , نظرت لها ونظرت إلي ثم أنزلت عينيها وقالت

" متى يمكننا التحدث "

وقفت وقلت ببرود " عندما أرى الوقت مناسبا سأسألك بنفسي "

قالت " ولكن .... "

فقلت بحدة " انتهى "

وغادرت غرفة الطعام متوجها للمكتب ولم أرها بعد ذلك ولم أكن أعلم أنها كانت تخبأ لي
مفاجئة حتى فاجأتني بها لاحقا

أُديم أكذب لو قلت أنني اعتدت الوضع هنا فغيابي عن أهلي زاد الأمر سوءا ويومي الإجازة
لا يبردان على الخاطر شيئا أحاول فقط أن أقنع نفسي لعلي أتأقلم مع الوضع الجديد لأنه
مصيري حتى متى لا أعلم, هذه الثرثارة توقفت عن الكلام يبدوا أنها تلقت درسا جيدا فلا
تتحدثان إلا نادرا وبشبه همس , أحيانا يشعرانني بالملل وأحيان كثيرة يطردانه عني , مواضيع
النساء سخيفة جدا ثياب بيت أولاد موضى قصص وأحداث لنساء أخريات , ولكن ليس
غيرهما يسليني في ساعاتي الطويلة هنا حتى أنهما يتحدثان عن أمور لو علما أنني اسمع لما
تحدثا عنها وكأني لست بموجود فلولا إلقاء ليان التحية علي عند دخولها ومغادرتها
( صباح الخير أيها الوسيم , وداعا أيها الوسيم ) لظننت أنني تحولت لقطعة أثاث هنا وبالرغم
من ذلك لم أسلم منها ومن لسانها أذكر جيدا يوم استلمتني وبدأت باستجوابي
( ما هوا اسمي أين أعيش من عائلتي من أنا )
فلم أجد خيارا أمامي سوى تضليلها عن الإجابة وأخبرتها أن أسمي وسيم كما كانت تناديني
ولكم أن تتصوروا ردة فعلها عندما علمت فقالت أسم على مسمى هههههه لو تعلم أنني أسمعها
لانتحرت من فورها بالتأكيد , هذه الفتاة تجعلني أنظر للمرآة مطولا عند عودتي للشقة كل يوم
وأنا أحاول رؤية نفسي من خلال عينيها ستتسبب لي بالتخمة من الغرور

عالم الفقراء غريب حقا لم احتك بهم يوما ولكن لم أتصورهم هكذا ينظرون للفقر ببساطة
ويكرهون الغنى والأغنياء كهذه الفتاة مثلا, لم أتخيل يوما أن ادخل عالمهم ولو عن بعد
وأتمنى أن لا أغرق فيه أكثر

" هيه ليان " كان هذا صوت شروق الهامس

قالت ليان بتذمر " نعم ما بك يا شروق "

قالت بابتسامة " الفتى وسيم ينظر إليك مجددا "

قالت لها بضيق دون أن تنظر إليا ولا إليها " تابعي عملك واتركي الشاب في حاله تذكرين
المرة الماضية ما ألت إليه عندما سخرنا منه يبدوا لي أن الله يحميه ويأخذ له بحقه "

ابتسمت شروق وقالت " صحيح ليان أخبريني َمن من مالكي الشركة الذي تغزل بك يومها "

نظرت لها بنصف عين وقالت " هل أعتبر ما قلتي مراعاة لمشاعري أم هي سخرية مني "

ضحكت وقالت " أنا أسخر منك حاشا لله "

قالت لها بضيق " اتركيني وشأني يا شروق وإلا حولتك لغروب الآن "

ضحكت الأخرى وقالت " وكيف ستعودين لبيتك في الظلام "

أوقعت قلمي وادعيت أنني أجلبه من تحت الطاولة لأني لم أستطع إمساك نفسي عن
الضحك وهذه الخطة التي أتبعها دائما

تأففت ليان بضيق فقالت شروق "هيا أخبريني يا ليان "

قالت بحدة " شروق بالله عليك تتركيني وشأني كم أكره الأغنياء وسيرتهم "

قالت شروق بهدوء " قالوا أن أولاد السيد شامخ رحمه الله خمسة وبعضهم يقول أربعة
آه رحمك الله يا سيد شامخ لقد كان الجميع يحبه حتى أن هذه الشركة أسسها هنا في الجنوب
من أجل أهل المدينة ومجاوراتها بعد أن دمرتها الحرب منذ سنوات "

تنهدت ليان وقالت " صدق من قال أن الخير يلد شرا دائما "

( ها قد عادت لإهانتي وفي وجهي أيضا )

قالت شروق " كانوا يتحدثون كثيرا عن ابنه الأكبر الذي كان يأتي هنا من حين لآخر اسمه
أعتقد غيث هل هوا من تحدث معك "

قالت بضيق " لا هوا أسمعه أديم هكذا قال المدير أتمنى أن لا أسمع صوته ثانية ولا أراه في حياتي "

ضحكت شروق وقالت "ليس كل ما يتمناه المرء يدركه يا ليان "

قالت ليان بنفاد صبر " شروق أنهي هذا الموضوع فلقد أنكسر كعب حدائي اليوم في طريقي
إلى هنا ولازلت أنتظر المصيبة الثانية فلا تتسببي أنتي بها لي "

وما هي إلا لحظات حتى دخل شاب مكفهر الوجه قاسي الملامح يقدح من عينيه الكره
والغضب وما أن رأته ليان حتى وقفت على طولها وقالت

" قيس ماذا تريد مني وما جاء بك إلى هنا "

صرخ بها قائلا " أخرجي أمامي الآن أو ضيعتك "

صرخت به " لن أخرج هذا عملي ولن أسمح لك أن تتسبب بخسارتي له "

أقترب منها وأمسكها من ذراعها وقال بغيض " ستخرجين أو تعطينا المنزل حالا "

قالت بحدة " أبتعد عني يا قيس ولنتفاهم خارج هذا المكان ولا تتسبب لي بالمشكلات "

قال بذات الحدة " بل الآن ستعيدين لنا منزل والدتي أيتها الحقيرة يا ابنة الخائن "

قالت بغيض " لا أسمح لك بإهانة والدي أنت هوا الحقير الخائن أيها الفاشل "

صفعها على وجهها حتى سقطت أرضا ممسكة بطاولة مكتبها حينها خرجت أنا عن
السيطرة على نفسي فلم أرد التدخل بدايتا في مشاكل عائلية لا دخل لي بها ثم أني
ارفض الاحتكاك بأي من الموجودين هنا ولكن شهامتي وما تربيت عليه لا يسمح
لي بذلك ركضت ناحيته وأوسعته ضربا لأن الفارق في أجسادنا كبير حتى تجمع
حولنا الموظفين وفكوا العراك وأخذوا شقيقها خارج الشركة وجلست هي تبكي طوال
الوقت ثم استدعاها مدير القسم ولم يستدعني طبعا لأني خارج حدود كل الشركة هنا

بعدها جاءت وجلست بمكانها ترفض التحدث حتى مع شروق مكتفية بالصمت والبكاء
وفي نهاية الدوام غادرت بصمت وحزن حتى أنها لم تلقي عليا التحية كعادتها ولا حتى
على شروق يبدوا أنها تلقت توبيخا من المدير أو خصموا لها من راتبها , يبدوا أنه ما كان
عليا التدخل فقد تسببت لها بمشكلة في اليوم التالي لم تأتي ليان ولا الذي بعده ولا بعده لم
أكترث للأمر فهذا قدرها تواجهه وحدها وفي اليوم الرابع أنبني ضميري لأني جزء مما
ممكن نقلها أو فصلت لمدة معينة أو أشقائها منعوها أو قتلوها فهي لا تعلم شيئا عنها
حدث هنا فكتبت لشروق أسألها عنها فكتبت أنهم قرروا فصلها أو سألتها عن رقم هاتفها
فكتبت أنها لا تملك واحدا بسبب مشاكل أخوتها سألتها إن كانت زارتها في بيتها فقالت أن
زوجها يمنعها من الخروج فتهورت وطلبت عنوان بيتها فأنا السبب لما حل بها وعليا
إصلاح الأمر

لابد وأنكم نسيتم أنني لازلت سجينة ذلك المستودع إنهم يتبادلون حراستي وكأنه
بإمكاني الهروب من هذا المكان المقطوع الموحش فلو تركوني لوحدي ما فكرت
بالهرب منه , جاء وقت المغيب فحظر جهاد والشاب بني الشعر الذي لم يذكروا
أسمه أمامي حتى الآن قال وهوا ينظر لجهاد

" ستبقى أنت والفتاة هنا الليلة "

وكانت المرة الأولى التي لا يكون هوا فيها هنا ليلا يعني لا نوم الليلة حيث أنني
كنت أنام طيلة بقائه هنا حتى مغادرته فجرا نظر جهاد لي ثم له وقال بهمس ولكني
كنت اسمعه جيدا

" لا تتركاني معها ولا ليلة فلن أضمن لكم نفسي "

نظر له بنظرة حارقة كالنار وقال بحدة " هل هي حجة أم حقيقة ما سمعته الآن "

توتر جهاد فيبدوا أنه كان سيلقى عقابا منه عليها لو كان صادقا فقال بخوف

" بل حجة يا رجل فأنا كنت هنا بالأمس ولا يجوز أن أبقى اليوم أيضا "

نظر له نظرة تشكك ثم قال " إذا ليبقى حامد "

صرخ حامد قائلا " لا لن يحدث ذلك فقد كنت هنا طوال اليوم هذا ليس عدلا "

نظر لهما ثم لي وتقدم ناحيتي وقال " انتقلي هناك عند نهاية المستودع "

قلت بذعر " لا تتركني معه لا أريد "

قال بحزم " لا يمكنني البقاء الليلة الأمر خارج عن إرادتي "

قلت بابتسامة سخرية " لن يضر الأمر لو لم تنم مع زوجتك الليلة "

قال بغيض مكتوم " لقد حذرتك من استفزازي يا ميس لا تجعليني أخطأ معك "

قلت بغضب " وما الذي لم تخطئه معي حتى الآن اتركوني هنا وحدي فلن أهرب "

نظر جهاد وحامد لبعضهما فيبدوا أنهما فهما كلامي على مزاجهما

أشار بأصبعه للزاوية وقال بغيض " أجلسي هناك في الزاوية يا ميس قلت لك "

أخذت الفراش والبطانية ورميتهما حيث قال ووقفت بغيض , وقف بالمقربة مني
وأشار بأصبعه لخط في أرضية المستودع الإسمنتية وقال موجها كلامه لجهاد

" إن تجاوزت هذا الخط فلن ينقدك مني إلا الموت فهمت "

ثم وجه حديثه لي وقال " إن تجاوز هذا فأخبريني في الغد "

نظرت للجانب الآخر بضيق وقلت " هذا إن كان ثمة غد "

نظر لي مطولا ثم أخد معه حامد وغادر , جلست بالزاوية حيث أشار مبتعدة عن جهاد
أبعد حد وبدأ يغني كعادته لا أعلم من هذا الذي أخبره أن صوته جميل لابد وأنها زوجته

فكرت أن أفضل طريقة للتخلص من هذه العصابة هوا الإيقاع بينهم وهذا البدين يبدوا
أحد طباعا من الآخر فسيكون هوا ضحيتي بعد ساعات طويلة عاد للغناء من جديد
فصرخت به قائلة

" لما لا توقف هذا النشاز المقرف لقد أقرفتني "

وضع يده بوسطه وقال " هل تعجبك مرافقة ذاك لك في الليل حتى أصبح الآن فقط صوتي نشازا "

سحقا لك من حقير علمت أنهم فكروا بذلك منذ حديثي معه عندما كان هنا بداية المساء

قلت بغضب " تعلم كيف تنتقي كلماتك أيها الصعلوك المغفل فأنا أشرف منك ومن أمثالك "

ضحك بسخرية وقال " لم أكن أعلم أن فراقه لك ليلة واحدة سيصيبك بالجنون هكذا , أسمعي
سيرميك فيما بعد وأنا من سيحتفظ بك وسأتزوجك ما قلتي "

صرخت به غضبا " يالك من منحط ووضيع أيضا "

ضحك وقال " الحق علي سأتستر عليك "

قلت بغيض " سأخبره بكل ما قلته الآن وسترى "

وقف مغتاظا وقال " هل تضني أني أخاف منه أو أن تهديده ذاك يخيفني "

قلت بسخرية " بلى تخاف منه "

اقترب مني بضع خطوات وقال " إن أعدتي ما قلته للتو فستندمين على ذلك "

قلت ببرود " تخاف منه اعترفت أم لم تعترف "

أقترب مني وأمسكني من ذراعي وشدها بقوة حتى شعرت بأظافره تنغرس فيها من فوق
القماش وأن عظامها ستتكسر بين أصابعه وقال

" هل تعي ما تقولينه يا رخيصة "

نظرت له بصدمة لما قال وقلت بغيض

" أقسم أن أخبره بكل هذا وبأنك تجاوزت الخط الذي حدده أيضا "

نظر للأسفل بدهشة وكأنه استيقظ من موجة غضبه وقال بغيض

" إن أخبرته أريتك ما لم تريه من قبل وأعلمي أنه لن يصدقك وأعرف كيف أتبت عكس ما قلتي "

ثم رماني على الأرض وعاد حيث كان بعد سعتين كان وقت الفجر قد حان دخلت الحمام
توضأت وصليت وما أن أشرقت الشمس حتى جاء الآخران وما إن دخل وأقترب مني حتى
ركضت مخبئتا خلفه وأنظر جهة جهاد أمسكني من ذراعي وقابلني لوجهه وهوا يؤشر بأصبعه
جهة ذاك الإمعة وعينيه تقدح شررا وقال بغيض

" هل فعل لك شيئا ماذا حدث تكلمي "

نظرت جهة جهاد ثم إليه ولم أتحدث فقال بصراخ غاضب " قولي يا ميس ماذا حدث "

قلت وأنا أهز رأسي نفيا بصراخ " لا أستطيع لقد هددني "

أكفهر وجهه وتحول من البياض للون الأحمر القاتم ومرر أصابعه في شعره الكثيف الناعم
المتدرج ثم توجه جهة جهاد أمسكه من ياقة قميصه وقال بغضب

" ما فعلت يا أحمق "

قال بصوت مخنوق " لم أفعل شيئا إنها تكذب كي توقع بي لقد طلبت مني التأمر معها
وإخراجها ولكني رفضت فلفقت لي هذه الكذبة "

صرخت به بعنف " كااااااذب لقد قال أنك سترمي بي بعد أن تشبع مني وهوا من سيأخذني
بعدك ونعتني بالرخيصة كما أنه تجاوز الخط الذي حددته له "

زاد من شده على رقبته حتى ضننت أنه سيموت على يديه لولا أن حامد هدئه قليلا ليتركه
سعل جهاد كثيرا ثم قال

" هل تصدقها وتكذبني لا دليل لديها على كل ما تقول "

اقتربت منهم وكشفت عن ذراعي فظهرت آثار أصابعه التي كانت لا تزال فيها ومكان أظافرة
قد انسلخ الجلد عنها وقلت

" هذا هوا الدليل أم أنك ستقول أنني من قام بهذا لأنه يستحيل أن تكون آثار أصابعي متوجهة
للداخل هكذا ولا حجم أصابعي كأصابعك "

سحبه الشاب حينها حتى ألصقه بالحائط وانهال عليه بالضرب ولم يستطع حتى حامد إيقافه بسبب
بنيته الجسدية وقوة غضبه فضربه حتى تعب ثم صرخ به قائلا

" ستندم على ما فعلت يا جهاد وحسابك معي ليس هنا بل في السجن وتعلم جيدا ما أعني
أغرب عن وجهي الآن "

نهض بعدها جهاد وخرج خارجا وسمعت صوت سيارة تغادر نظر لي وأمسكني
من كتفاي وقال بحدة

" ماذا فعل لك ماذا حدث أيضا "

قلت مشيحة بوجهي عنه " لاشيء غير ذلك "

نظر لحامد وقال

" ابق هنا وسأعود بعد ساعة أو ساعتين لو كررت ما فعله ذاك فحسابك سيكون أشد منه تفهم "

كان الصمت جواب حامد فخرج وركب سيارته وغادر وبعد نصف ساعة سمعت صوت
سيارة ولكنها لم تكن لذاك الشاب بل لجهاد دخل ونظر لي بحدة ثم لحامد فقال له بغيض

" لما عدت يا جهاد سيسجنك ويسجنني يا مغفل اذهب هيا "

قال بعصبية " أنا لم اذهب لأعود "

ثم نظر باتجاهي وقال " جئت لأتحدث معك يا حامد ولكن في الخارج "

خرجا كليهما وبعد وقت طويل عادا وأخداني معهما مرغمة لا أعلم ما حشا به جهاد رأس
حامد ليوافقه وما سيفعلانه بي ولكنه بالتأكيد سينتقم مني لما فعلت , سحباني سحبا وأنا
أقاومهم كم تمنيت حينها أن يأتي ذاك الشاب لينقدني منهم وإن كان مجرد مختطِف مثلهم
ولكنه ارحم منهما

ولكن الأماني لا يمكن أن تتحقق ويبدوا أنه كالشرطة في الأفلام لا يأتي إلا متأخرا , اركباني
السيارة وغادرا بي في طريق غير الذي جئنا منه وإلى أين لا أعلم كل ما أعلمه أنني أصبحت
مختطفة للمرة الثانية

⚘⚘⚘الجزء الحادي عشر⚘⚘⚘

صهيب ما كان عليا أن أتق بذلك الصعلوك ولا بالذي معه ما كان عليا تركها معه بعد الذي قاله
ماذا لو مسها بأذى ركبت سيارتي ومضيت لأنظر ما فعل صديقي سالم في أمر المنزل
الذي سأنقلها إليه فلا تكون إلا تحت رعايتي وحدي فساعدني في استئجار منزل مناسب
لذلك , ثم عدت لأخذها من هناك وعندما وصلت فوجئت بباب المستودع مفتوحا فقفزت
قفزا من السيارة ودخلت للداخل فلم أجد أحدا لا ميس ولا حامد ولا أي شيء أمسكت
رأسي بيداي من الصدمة وأنا أصرخ مناديا باسمها ثم خرجت كالمجنون أركض حول
المكان مناديا لها وكأنها ستخرج لي من هناك صرخت وصرخت وناديت وناديت ولكن
دون فائدة ركبت السيارة وانطلقت بسرعة جنونية وأنا أصرخ قائلا

" ما كان عليك أن تتق بأحد يا صهيب ولو كان مصيره بيدك لقد أضعتها وأضعت
وصية والدك لك "

ضربت على المقود بيدي وقلت بغيض

" لقد خذلت والدك الذي وتق بك وحملك هذه الأمانة دون الجميع خذلته يا صهيب وسيحاسبك
عليها يوم يلقاك عند الله "

كنت لا أرى أمامي إلا السواد اتصلت بهما مرارا ولم يجيبا أرسلت لهم رسائل أتوعدهم
فيها وبدون فائدة جلت كل الأماكن لأسأل عن مكان يعيشان فيه ولكن دون جدوى وبقيت
على ذاك الحال حتى حل الظلام

في صباح اليوم التالي اتصل بي جهاد صرخت به مباشرة ما إن فتحت الخط قائلا

" أعد الفتاة أيها القذر أو رأيت ما لم تره "

ضحك وقال " مهلك قليلا ولا تخف على معشوقتك "

قلت بغضب " هي أشرف منك يا نذل , إن لم ترجعها سليمة كما أخذتها وأنت تفهم ما أقول
فستكون اليوم في السجن لا بل من الأموات "

قال بسخرية " إن صرت في السجن فستنسى أن هذه الفتاة موجودة "

ثم أغلق الخط في وجهي اتصلت به فأجاب بتذمر " نعم ماذا تريد "

قلت بغيض " الفتاة "

قال ببرود " والمقابل "

قلت " لا شيء ستحضرها رغما عنك "

أغلق الخط مجددا في وجهي مرت عدة أيام وأنا أبحث بكل الطرق ودون جدوى ثم
تمكنت من معرفة عنوان بيته ذهبت له مباشرة فوجدته فارغا ولكن من ملاحظتي له كان
يبدوا أن ثمة من كان هنا اليوم جلست أنتظر وبعد ساعات دخلت ضالتي التي كانت جهاد
أمسكته بكل قوتي وضربته حتى الموت وأنا أصرخ به

" أين هي وإلا قتلتك تكلم الآن"

قال بصوت متألم " ليست معي "

صرخت به بحدة " كاذب أين هي يا جهاد "

صرخ متألما " ليست معي لقد أخذها حامد من هنا وغادر , بحثت عنه ولم أجده لقد أخدها
اليوم أثناء غيابي وذهب "

ضربته أشد من ضربي السابق له ثم رفعت وجهه المغطى بالدماء وقلت

" إن كنت كاذبا قتلتك يا جهاد سمعت قتلتك "

ثم رميت به بإحدى الغرف وأغلقتها عليه بالمفتاح كما أغلقت البيت وغادرت جاءني
حينها اتصال من غيث فتحت الخط وقلت بضيق

" نعم "

جاء صوته حادا " أين أنت يا صهيب ولما لا تجيب على اتصالاتي "

قلت بنفاذ صبر " ماذا تريد "

صرخ قائلا " ماذا أريد برأيك , هل تسأل سؤالا كهذا "

دخل على المكالمة حينها رقم حامد فقلت بعجل

" وداعا الآن يا غيث سنتحدث فيما بعد "

أنهيت الاتصال منه وهوا لا زال يتحدث وفتحت الخط لحامد وقلت بغضب

" كن عاقلا يا حامد وأعد الفتاة وإلا "

قال بجدية " الفتاة هي من لا تريد العودة وإنسا أمرها نهائيا "

صرخت قائلا " ما الذي تهدي به الآن "

قال ببرود " ما سمعت لن تراها بعد اليوم ولن يهمني ما ستفعل بي ولدي الطريقة التي
أتخلص بها من الشيكات "

ثم أغلق الخط في وجهي وتركني ضائعا في طريقي وتائها في تفكيري , ما الذي
حدث وأين أخذها ورحل سحقا لي ولحلولي الفاشلة بعد كل ما فعلته مع جدي وأعمامي
ها أنا أعود من حيث بدأت وها هي رحلة بحثي عنها لم تنتهي بل تطول أكثر

حور سجنت نفسي في غرفتي لا أخرج ولا أتوقف عن البكاء سمعت طرقات على الباب ثم
جاءني صوت زبير قائلا

" حور هل لي بالدخول "

قلت بهدوء " أنا متعبة يا زبير ولا رغبة لي في الحديث أرجوك "

قال بذات الهدوء " حسننا أنزلي لتناول الطعام فالعشاء جاهز وأمي لن ترحمني إن لم
تنزلي معي أفعلي ذلك من أجلي حسننا "

تنهدت وقلت بقلة حيلة " حسننا من أجلك فقط فلا رغبة لي بالأكل "

لبست حجابي وخرجت ولم أجد زبير في جناحنا نزلت للأسفل وكان الجميع هناك عدا
صهيب وأديم طبعا هممت بالجلوس بجوار خالتي فقالت مبتسمة

" ما تفعليه بهذه العجوز أجلسي بجانب زوجك هناك "

نظرت لزبير ثم للطاولة ياله من موقف سيء ومحرج , سمعت حينها صوت ملعقة تضرب
الصحن بقوة وكأن أحدهم رماها فيه رميا , نظرت باتجاه الصوت وكان بحر من قام بذلك ,
لم أرى تعبيرا على وجهه فقد كان مطأطأ برأسه للأسفل

جاءني صوت خالتي من جديد " اجلسي هناك يا حور ما بك يا ابنتي "

توجهت بخطوات ثقيلة كالجبال سحبت الكرسي المجاور لزبير والذي كان يجلس
بجواره غيث ويفصله عن بحر فوقف بحر وغادر من فوره بصمت وبخطوات ثقيلة
غاضبة وسريعة

قالت خالتي منادية " بحر ما بك أنت لم تأكل شيئا "

ولكنه لم يجب ولم يتوقف حتى وخرج خارج غرفة الطعام بل وخارج القصر كله
لأن صوت بابه الضخم كاد يزلزل الجدران من شدة ضربته له وهوا يغلقه
خلفه , كنت أنظر جهة الباب كالمخدرة دون حراك

" أجلسي يا حور "

كان هذا صوت زبير الذي أوقظ عقلي من توقفه جلست بهدوء وبدأت أقلب الطعام
ولم آكل إلا اليسير ثم نظرت لصحن بحر الذي لم يأكل منه شيء رغم بدئهم الطعام
قبل وصولي بوقت وحتى زبير لم يأكل إلا بعض اللقيمات على ما يبدوا و رنيم وغيث
كذلك يبدوا لي أن الجميع ليسوا بخير هنا , وقفت واعتذرت عن الطعام وتوجهت للمطبخ
أنتظر أن تلحق بي رنيم لنغسل الأطباق والأواني فالخادمة غادرت منذ وقت وما هي
إلا لحظات حتى دخل زبير وقف بجواري وقال

" ما بك يا حور لا تبدين بخير "

تنهدت وقلت " متعبة قليلا وسأكون أفضل عند الغد "

غادر بصمت ولم يضف حرفا واحدا , أجل حالي لا يسر أحداً فماذا أقول عن حالي
لما لا تساعدني يا بحر لما تزيد من همومي , لماذا يفعل بي ذلك ما ذنبي أنا ما ذنبي
إن رحل وتركني منذ سنين ما ذنبي إن زوجني والدي وعمي دون رأيي ما ذنبي إن كان
زوجي شقيقه من بين كل البشر لقد أحرقوني وحكموا عليا بأن أموت كل دقيقة

جاءت رنيم بعد وقت لتخبرني أنهم أنهوا الطعام طلبت مني أن أترك لها العمل وحدها
ولكني رفضت فما ذنبها هي فيما يحصل لي وهل ستبقى تعمل هنا وحدها دائما
تعاونا على تنظيف الأطباق وغسلها والصمت يغلف المكان فيما عدا صوت الماء

قلت بهدوء " رنيم لا يبدوا لي أن أحوالك وغيث جيدة "

سكتت لوقت ثم قالت " ولا أنتي وزبير أليس كذلك "

كانت الإجابة أصعب من أن أخرجها ومما تخيلت فعلمت حينها أن سؤالي كان غبيا فقلت

" أنا آسفة حقا يا رنيم إن كان سؤالي غبيا ومحرجا "

ابتسمت وقالت

" ولما الأسف هذا هوا الواقع فكلنا هنا ضحايا وصية حكمت على الجميع بالموت "

قلت مستغربة " هل حكمت على البقية أيضا أنا لا أفهم "

تنهدت وقالت " بلى فكلن له نصيبه منها "

قلت بحيرة " هل سيزوجهم جميعا هكذا "

هزت رأسها وقالت " لا بل إنه حكم على بحر أن لا يترك العائلة حتى اقتسام الميراث وأن لا
يقرر قرارا يخصه وعلى أديم العمل في الجنوب صهيب وحده من نجا منها "

قلت بأسى " هذه ليست وصية إنها مذبحة

ضحكت وقالت " هوا أفضل وصف سمعته لها حتى الآن "

قلت " ولما يريدون أمرها سريا "

قالت بهدوء " بسبب الألسن أنتي تعلمي ألسن الناس لا ترحم "

قلت بعد صمت " ولما يمنع بحر من الرحيل "

قالت بحيرة " أنا لا أعلم ولا أفهمه حقا ما فهمته من خالتي أن بحر كان يتمنى دائما
أن يكون مستقلا ويبني نفسه بنفسه فكما تعلمي هوا ليس ابن هذه العائلة قد يكون
يعتبر نفسه مجرد منسوب لها فهوا لا يريده أن ينفصل عن العائلة "

قلت بهدوء " ونحن لا يمكننا الانفصال عنهم حتى الله وحده يعلم متى , هذا إن كان هناك انفصال "

قالت بضيق " أحمدي الله أن زبير يعاملك معاملة حسنة على الأقل "

قلت بحزن " نعم ولكنه ليس سعيدا معي هوا لا يعاملني كزوجة وكل منا ينام في غرفة لوحده
نحن كالأشقاء منذ تزوجنا "

سمعت حينها صوت مفاتيح تقع أرضا التفتت للخلف فكان بحر منحني للأسفل يرفع مفاتيحه
عن الأرض نظرت له فنظر إلي بصمت ثم غادر فنظرت لرنيم ويبدوا أنها كانت منشغلة ولم
تنتبه للصوت حيث أنها ضحكت قائلة

" إن كان كل منكما في غرفة فكل منا في جناح ونحن كالأعداء من قبل أن نتزوج "

وأنهينا باقي أعمالنا في صمت وقد غادرت رنيم في اليوم التالي لدولتها من أجل والدتها يبدوا
أنها تواجه مشاكل هناك وكأنه ينقصها هموم

غيث كانت رنيم تلح بالتحدث معي في أمر ما ولكني ما كنت بمزاج يسمح حتى برؤيتها
أمامي , في صباح اليوم التالي سألت عنها أمي فأخبرتني أن زوج خالتها جاء لاصطحابها
فصرخت قائلا بغضب

" تغادر دون أذني من تراني هنا قطعة أثاث "

قالت أمي " ضننت أنها أخبرتك لقد قالت لي بالأمس أنها ستتحدث معك لتأخذها "

قلت بغضب " ولما تصر على اليوم ألم يكن بإمكانها تأجيل ذلك "

قالت بهدوء " أتصل بهما وأعلم ما الأمر قد يكون ظرفا طارئا "

تركتها وخرجت غاضبا اتصلت بزوج خالتها فأجاب من فوره وأخبرني أنهم
خرجوا من البلاد وهم الآن في الطريق طلبت منه أن يعطيني رنيم لأتحدث
معها فقال أنها نائمة , أعلم أنها تتعمد فعل ذلك وتعلم مدى فداحة خطئها شديدة
العناد باردة المشاعر تلك

" مرحبا غيث "

رفعت نظري عن هاتفي للداخل حينها وقلت

" مرحبا أديم جيد أنه لديك أيام إجازة لكنا نسينا رؤيتك تماما "

قال بضيق وعبوس

" لا يزيد همي إلا أيام الإجازات لو أبقى طوال عمري هناك سيكون أفضل فقد أعتاد على
وضعي الجديد "

قلت " هيا تعال للداخل وأخبرني ما صنعت هناك "

جلس وقال " لا أصنع شيئا سوى الجلوس والخروج وقد تشاجرت مع أحدهم أيضا وكنت
سأتسبب بطرد غيره "

ضحكت وقلت " هل فعلت كل هذا يبدوا أنك بدأت تستكشف مساوئ موظفينا هناك "

تنهد وقال " هي ليست مساوئ أكثر من كونها مشاكل ذلك العالم يجعلك تشعر بالانفصام "

قلت بتساؤل " عالم الفقراء تقصد "

قال بهدوء " نعم فالغوص فيه أمر يتعب الروح والبدن ولا تجد نفسك إلا منغمسا في مشاكلهم لما
فعل بي والدي هذا "

قلت بضيق " والدي ظلم الجميع دون رحمة ولا استثناء حتى أنه سحب بنات أصدقائه معنا "

وردني حينها اتصال من شخص استغربت أن يفعلها الآن فأجبت على الفور

بحر كنت وزبير نتناقش في موضوع صهيب وأن عليا التحدث معه دخلنا للمطبخ فكانت
حور هناك طلب منها زبير سكب القهوة لنا فبدأت بذلك على الفور وفي صمت ثم التفتت
نحوي نظرت لعيناي ثم أخفضت بصرها وقالت

" كيف تريد السكر "

قلت بعد صمت وأنا أتأملها " معتدلة لو سمحتي "

ثم نظرت لزبير وقالت " وماذا عنك "

ابتسم وقال " ألا تعرفي قهوتي إنها حلوة "

قالت بتوتر " نعم ... لا ... يبدوا أنني نسيت "

والتفتت لتنهي تحضيرها ووضعتها أمامنا وعادت لعملها , كنت أعلم لما سألت
زبير عن ذلك فهي خشيت أن يتكرر موقف العصير , هي تعلم جيدا قهوة زبير
فهي من تعدها له , آه لو أني فقط أستطيع التحكم في أفكاري وتصرفاتي لو أني
أسيطر على نفسي عندما أرى اهتماما منها لشيء يخص زبير ولو أني أوقف
رغبتي الجامحة لتأملها كلما كانت أمامي

لما لا أقتنع أنها أصبحت ملكا لغيري وانتهى الأمر , حتى لو أنه ليس سعيدا معها
ولم يلمسها حتى الآن فهي زوجته ملكه وستئول له آجلا , آه ما أقسى الواقع وما أقسى
هذه الجمل التي تكوي قلبي بنارها كلما رأيتهما معا في مكان واحد , ولكن ما يضع عقلي في
كفي هوا كيف لزبير أن لا يقربها حتى الآن , فتاة بكل هذا القدر من الجمال كيف يمنع نفسه
عنها هل يعقل أنه يحب زمرد كل هذا الحب ولكن حور كفيلة بأن تنسيه عشرة من أمثالها

" قهوتك بردت يا بحر ألن تشربها "

كان هذا صوت زبير الذي أعادني إلى الواقع ابتسمت وقلت " بالتأكيد "

قال بهدوء " ما فعلت بشأن والدك "

قلت بالهدوء ذاته " لاشيء حتى الآن عليا محاولة أبعاده عن شلة الفاسدين تلك لأنه سيدمر
حياة أخوتي ووالدتهم فأنا من يمسك شره عنهم ويعيلهم الآن فماذا لو مت من سيكون لهم "

سمعنا حينها صوت تكسر زجاج على الأرض وحور واقفة تنظر له بصدمة ويدها على قلبها
وقف زبير وتوجه ناحيتها وقال

" ما بك يا حور هل أنتي بخير "

نزلت تجمع الزجاج المتكسر في صمت ثم وقفت وقالت

" زبير أريد زيارة منزل عمي اليوم هلا اصطحبتني إليهم "

عاد للجلوس بجواري وقال " أنا مشغول اليوم في وقت آخر "

قالت بحزن " ولكني لم أخرج منذ أكثر من شهرين لقد اشتقت لهم فهم عائلتي "

تنهد بضيق وقال " بحر الست من سيصطحب والدتي لزيارة ابنة عمها , خذ حور في طريقك "

قالت بضيق " أأنت زوجي أم بحر "

ثم خرجت مستاءة تلك الكلمة ضربتني كالرصاصة وشقت قلبي لنصفين
( زوجتك وليست زوجة بحر ) ما أبغضها من كلمة فهي من تذكرني بالواقع المرير
, لما هم متفقون علي لما يحبون تكرارها أمامي قلت لزبير بهدوء يشابه الهمس

" لا تضايقها يا زبير فلن تعرف قيمة ما لديك حتى تخسره "

ووقفت مغادرا حين استوقفني صوته قائلا " أنت تقولها يا بحر غريب حقا "

نظرت له وقلت " وما الغريب في الأمر "

قال وهوا ينظر لفنجان قهوته

" طوال حياتك تستهتر بقيمة الأشياء وتكره أن نقول لك تلك العبارة "

ابتسمت بحزن وقلت

" بعض الضربات تكون أقسى من الموت يا زبير وبعض الأشياء فقدانها ليس بالهين "

نظر لي نظرة غريبة لم أفهمها وقال

" لا تقلق يا بحر فأنا لن أعاملها إلا بالحسنى فهي وصية والدي لي "

خرجت بحثا عن والدتي وطلبت منها أن تلح على حور لتأتي معنا لنأخذها لمنزل عمها
وبعد جهد وافقت على أن تأتي بصحبتنا أردت بذلك أن أفعل شيئا يريحها ولكني لا أجلب إلا
التعب دائما لكلينا

زبير خرج بحر وتركني كصخرة تضربني أمواجه العاتية التي تعلو وتسقط بعنف رغم
هدوءه سامحني يا بحر سامحني يا شقيقي فلو تعلم ما فعلت بك وما أنا فاعل فستكرهني
بالتأكيد فالأمر خارج عن إرادتي

خرجت لخارج القصر جلست بالحديقة واتصلت بصديقي الذي يستمع لكل أنواع همومي فتح
لي الخط بعد طول انتظار فقلت بحزن

" مرحبا يا صديقي هل تعلم ما كنت أفعل منذ قليل كنت أشاهد شقيقي يحترق أمامي وأنا
أحاول أن لا أسكب الوقود على ناره , لما يحصل معي ذلك لما أنا وليس غيري لما أنا
من حكم عليا والدي بهذا الجرم منذ أثنين وعشرون عاما , تصور أن يتحول حلمك
لسراب ثم أنت تحول حلم غيرك للشيء الذي أنت تعانيه , لم أعد أرغب في الحياة لم
أعد أريدها "

ثم أغلقت الخط دون أن أشكره أو أودعه كما في السابق وما هي إلا لحظات حتى وصلتني
رسالة من رقمه مكتوب فيها

( قال النبي صلى الله عليه وسلم
( كان برجل جراح فقتل نفسه , فقال الله بدرني عبدي بنفسه حرمت عليه الجنة )

استغفرت الله كثيرا لما قلت وما فكرت , ثم ابتسمت لأني أحسست أن من أتحدث معه
دائما هوا مخلوق حي وموجود يستمع إلي وخاف على مصيري وأراد ردعي عن التهور
, خرجت وصادفت غيث يتبعه أديم خارجا فاليوم إجازته و كان على ما يبدوا لي مستعجلان
نظر غيث باتجاهي وقال

" زبير ألحق بنا فورا "

وركبا سيارة غيث وغادرا وأنا خلفهما ولا أفهم شيئا

رنيم كان عليا الذهاب اليوم لوالدتي فأولئك الأنذال يهددونها ويطالبون بمقابلتي والتفاهم
معي لأني أنا ابنة غريمهم كما يقولون لذلك كان عليا الذهاب لأرى ما لديهم من جديد ,
فكرت فكرة غبية أن لي زوجا أختاره والدي شامخ ليكون معينا لي ولكن يا لا سخافة
أفكاري وسذاجتي فهوا لم يكلف نفسه حتى عناء الاستماع لي وصرخ بي وكأني متسول
يتسول أمام بابه , يبدوا أنه لا حل لما بيننا لا حل

وصلنا بعد ساعات من السفر نزلت ركضا أبحث عن والدتي وما أن وجدتها ارتميت
في حضنها وبكيت بكاء مرا طويلا بطول عذابي كل تلك الأسابيع مسحت والدتي على
رأسي محاولة مواساتي ثم جلسنا سويا فأمسكت بيدي وقالت

" ما بك يا ابنتي لما كل هذا البكاء "

قلت بحزن " لاشيء يا أمي هوا الاشتياق لك والخوف عليك فقط "

ربتت على يدي وقالت " لا تخافي عليا يا رنيم المهم أنك بخير "

قلت بابتسامة ميتة مثلي " بخير أمي لا تقلقي "

تناولنا الغداء ثم جلسنا نتحدث ونقلب المواضيع وكأنني لم أرها منذ أعوام وبعد
العصر حظر زوج خالتي وابنه أدهم قال زوج خالتي

" هم قادمون بعد قليل كانوا يصرون على ذهابنا نحن هناك ولكننا تحججنا بمرض
والدتك فلن آمن مكرهم "

نظرت لوالدتي وقلت " إن فتحوا موضوع زواجي فلن نخبرهم زوجي من يكون حسننا "

قالت أمي باستغراب " ولما "

قلت بضيق " لأني لن أعتمد عليه في ذلك "

قال أدهم بغضب " ولما زوجوك له إذا "

صرخ والده قائلا " أدهم لقد انتهى الكلام في ذلك الأمر "

صمت أدهم بضيق ونظر للجانب الآخر مغتاظا وقال زوج خالتي

" هل أخبرتي زوجك عن قدومك "

قلت بضيق " لا لم أخبره "

قال بصدمة " لماذا "

نظرت لوالدتي ثم لأدهم ثم له و أخفضت بصري في صمت ففهم أنني لا أريد ذكر السبب
فتأفف أدهم مانعا نفسه من الحديث بعد قليل وصل الضيوف الغير مرغوب بهم طبعا
توجهت ووالدتي وزوج خالتي وابنه جميعنا لغرفة الضيوف حيث استقبلهم أدهم ووالده
كانوا أثنين وهما أكثر أفراد عائلتهم شرا وهي عائلة كبيرة ومعروفة هنا تكلم الأول قائلا
ما أن رآني

" أين هربت من دفع الحساب يا ابنة حيان "

قلت ببرود " لا حساب بيننا بعد حكم القانون "

صرخ الآخر " بلى بيننا حساب ولم نصفه بعد "

قلت بذات البرود " ها هي ذي أنا أمامكم فاقتلوني "

قال الأول بسخرية " نعم ولن يردعنا عنك أحد "

" بل هناك من يردعكم ويكسر رؤؤسكم أيضا "

التفتنا جميعا لمصدر الصوت الغاضب فكان غيث واقفا أمام الباب خلفه زبير وأديم
نظرت لهم بصدمة كيف وصلوا بهذه السرعة بل منذ متى وهم هنا

قال أحد الشابين " ومن أنت لتردعنا "

نظر له غيث نظرة حادة وقال

" زوجها والمسئول عنها وعن والدتها ولن يلمس أحد شعرة من رأسها مادمت على قيد الحياة "

نظر لي الأخر وقال بغضب " هل صحيح ما يقول "

قلت ببرود " ولما عليا أن أصحح لك فلا علاقة لك بالأمر "

صرخ قائلا " اسمعي يا كثلة البرود لديك حساب عليك دفعه لنا وزواجك منه يعني نهايتك ونهايته "

اقترب منه غيث امسكه من قميصه وقال بغيض " إن رفعت صوتك عليها ثانيتا حطمت
لك وجهك فحديثك معي وليس معها وأقسم وأنا أبن شامخ آل يعقوب أنني سأجرجركم
في المحاكم حتى تعلموا أن الله حق وسأرميكم للفقر والشارع إن لم تكفوا أذاكم عنهما "

ثم تقدم أديم من الأخر وأمسكه من قميصه أيضا وقال " أحمدا الله أن شقيقنا صهيب ليس معنا
الآن لأنكما حينها لن تناما الليلة إلا في المستشفى وها أنا أعاود تحذيركم بعد أخي أن مصير
من يقترب منهما سيكون السجن أو الموت "

قال زبير حينها " هل أتدخل أم لا حاجة لذلك الآن "

نظر لي أديم وقال " ما نفعل بهما يا رنيم قرري وسننفذ على الفور "

لقد شعرت حينها بالنشوة الغامرة بل شعرت أنني سأرقص فرحا من كلماته وأحسست
حينها أن والدي شامخ عاد للحياة من جديد فقلت بابتسامة نصر وأنا أنظر لهما

" إن عاهداكم على عدم تهديدي ووالدتي اخلوا سبيلهما حاليا "

نظر له أديم بحدة وزاد من شده على قميصه وقال بغيض " ها ما قلت "

قال الشاب " حسننا اتركونا نذهب "

تركه من يده كما فعل غيث كذلك ثم قال غيث " لا تفكرا أنكما ما أن تخرجا من هنا ستفعلان
ما يحلوا لكما فنحن ما تركناكم الآن إلا لأننا نستطيع اللحاق بكم ولو في آخر الأرض "

نظرا له بغيض وخرجا في صمت أعرفهما جيدا فهما لن يعودا لتهديدنا بعد اليوم لأنهما
جبانان ولا يستقويان إلا على الضعفاء

تنهدت براحة وقلت " الحمد لله تخلصنا منهم أخيرا "

نظر لي غيث وقال " رنيم هل لنا أن نتحدث قليلا "

نظرت له وللجميع ثم قلت " حسننا "

صرخ أدهم قائلا " لا تؤذيها يا هذا لأنك ستندم "

ابتسم غيث بسخرية وقال " ومن أنت لتتدخل في شئوني "

قال زوج خالتي بحدة " أدهم هل جننت "

صرخ ادهم " لا لم أجن ولكن عليه أن يعلم أنها ليست وحيدة فلا يتطاول عليها يكفي
أنه تركها تأتي معك عوضا عن الوقوف بجانبها "

قال غيث بغيض

" ولما لم تبرز كل هذه العضلات أمام من كانا هنا للتو بدلا من ترك الفتاة تتحدث معهم "

قال أدهم بغضب " لا تمن علينا بما فعلت يا هذا "

صرخت بهما قائلة " يكفي الآن "

قال ادهم " لا لم نكتفي بعد وعلى زوجك أن يعلم أنه ليس الحامي المنقذ الذي انتشلك
وحده من مشاكلك فأنا كنت سأتزوجك وأسافر بك لأحميك منهم فليس لأننا لا نملك
النفوذ والمال مثلهم يعني أننا نقف مكتوفي الأيدي عن حمايتك "

بدأ الشرر يتطاير من عيني غيث كالقذائف وهوا ينظر لي وقال بصراخ غاضب

" ما يفعله هذا هنا الآن "

أحسست برجفة الخوف تسري في كل أنحاء جسمي ولدت بالصمت فنظر لزوج خالتي وقال بغيض

" أخرج ابنك من هنا قبل أن اخطأ بحقك وحقه "

أخذ زوج خالتي ادهم الغاضب وغادرا , بعدها أمسكني غيث من يدي وسحبني للخارج
ثم صعد بي لأحد الغرف أدخلني وأغلق الباب رفع يدي التي يمسكها من جهة الرسغ وقال
بصراخ غاضب

" هل لي أن أعرف لما أتيتي بدون أذني "

صرخت بحرقة " حاولت أخبارك مرارا ولكنك لم تكن تكترث لأمري ولا أهمك في شيء "

صرخ بقوة أكبر قائلا

" وإن يكن فلا تخرجي بغير إذني هل تريني طفلا أمامك أم نسيتي أني زوجك "

قلت وأنا أسحب يدي من يده " ولما تنسى أنت أنني زوجتك , أمي كانت تواجه الخطر هنا
وهم هددوها إن لم أحضر اليوم فسيؤذونها , هل كنت تتوقع مني أن أنتظر حتى ترأف
لحالي وتتحرك إنسانيتك لتسمع ما سأقول "

تنهد بضيق ثم بدأ يتنفس بقوة وكأنه يحاول تهدئة نفسه ثم قال بغيض

" مادام لديك من يترجل ويحميك فما حاجتك بي "

قلت والدموع تسقط من عيناي " لو كان لي به حاجة لما طلبت منك مرتين أن أتحدث معك
رغم معرفتي لكرهك لي ولسماع حديثي "

نظر لي مطولا بصدمة ثم قال بهدوء " أنا لا أكرهك يا رنيم "

قلت ببكاء " بلى تكرهني وتحملني أثم ذنوب أنا لم أرتكبها أصابع يديك ليست متساوية يا غيث "

قال بحدة " كرهي للنساء شيء وأن أكرهك كزوجة شيء آخر "

ابتسمت بسخرية وقلت " لو اخترت قدري ما كنت اخترتك يوما "

عبارتي كانت جارحة له ولكنه أراد أن يرى شيئا غير البرود فليجرب إذا

قال بتحدي " ولو اخترت قدري ما اخترت أي امرأة على وجه الأرض كانت من تكون "

قلت بهدوء " غيث لا نفع مما نقول دعنا ننهي هذا أرجوك "

قال بحدة " وخروجك دون إذني "

قلت بضيق " لن يتكرر "

قال بذات الحدة " وابن خالتك "

قلت باستياء " وما به ابن خالتي "

قال بغضب " لا يتدخل بشؤوننا ولا بك فأنا لا تنقصني مشاكل "

قلت " هذا شيء تطلبه منه وليس مني "

قال بحدة " بل عليه أن يسمعه منك لكي يقتنع بأن لا شيء له عندي "

ابتسمت بسخرية وقلت " ألم تقل سابقا أنه إن كان لدي شخص أحبه فعلي أخباره أن ينتظرني "

نظر لي بصدمة وقال " وهل تنتظري الفكاك مني لتتزوجي به "

قلت بألم " لن أتزوج به ولا بغيره طوال حياتي لقد أصبحت مثلك يا غيث لقد أكرهتني في الرجال "

ثم قلت بحزن " غيث أرجوك أن ترحمني أنا متعبة ولا رغبة لي في الشجار أكثر "

قال بضيق " لم تجيبي وابن خالتك "

قلت بنفاد صبر " سأتحدث معه "

يتبع ......??????
 
رد: أنا من خذلت نفسي

الجزء الثاني عشر + الجزء الثالث عشر + الجزء الرابع عشر ⚘

بحر بعدما ألححت على والدتي أن تصر على حور لتأتي معنا لأخذها لبيت عمها في
طريقنا ووافقت حور بصعوبة ركبتُ السيارة في انتظارهم ثم جاءت هي وأمي
ركبت في المقعد الخلفي خلف والدتي مباشرة فانطلقت جهة منزل عمها أولا فهوا
لا يبعد كثيرا

تصوروا أنها كانت هنا بقربي طوال الوقت ولم أعلم , لولا استهتاري لكنت سألت
وعلمت لكنت انتشلتها منذ أربع سنوات من منزل عمها انتشالا لتصير لي , لكنت
نمت تحت نوافذ منزلهم وأضربت عن الطعام والشراب وفعلت كل ما فعله العشاق
لأفوز بها أو أموت بدلا من الوقوف والنظر لها من بعيد .

عند منتصف الطريق وجدنا ازدحاما بسبب حادث مروري فسلكت طريقا آخر ساحلي
بعيد قليلا فاتكأت حور برأسها على النافذة تشاهد البحر في صمت خففت السرعة لأني
أعلم أنها تحتاج للخروج بعد كل ذلك السجن حتى أنها ممنوعة من حضور كل الاجتماعات
النسائية التي تأتي لوالدتي

كانت لا تحرك نظرها عن عرض البحر وعيناي لا تتوقف عن رصدها في كل
لحظة خرجت حينها أمي من صمتها وقالت

" ما بك يا بحر لما خففت السرعة لن نصل على هذا الحال "

انتظرت حور أن تعترض أو توافق لأعمل بما ستقول ولكنها اختارت الصمت فتابعت
على ذات السرعة غير مكترث بكلامها وصلنا بعد وقت فقلت لها وهي تهم بالنزول

" متى تريدي العودة يا حور "

سقطت من عينها دمعة لم تغفلها عيناي فهي قد سقطت في قلبي ومزقت أحشائي
كالحجر الذي يهوي في عمق البئر ويخبره من الأعلى عن هول وصوله للقاع

قالت بحزن " متى ما عدت بوالدتك "

ثم اختفت عني خلف باب منزل عمها كما تختفي عني كل حين خلف الأبواب الموصدة

حور لا مهرب ولا منجى لي من ذاك الكابوس والمكان برمته إلا منزل عمي أشعر
بالاختناق وأحتاج للتنفس ولو قليلا أحتاج للهروب من أي مكان بحر يوجد فيه
أو حتى كان فيه رغم أنه غير موجود أغلب الوقت إلا أنني أشعر بالمرارة
إن كان بقربي أو بعيدا عني وحتى لبيت عمي كان قدري أن يوصلني هوا
إلى هناك أن أركب سيارته أن اشتم عطره واستمع لأنفاسه , لما حُكم عليا
بالعذاب لما أنت شقيق زبير يا بحر لما التقيت بك في حياتي

" ما بك يا بحر لما خففت السرعة لن نصل على هذا الحال "

كان صوت خالتي الذي كسر الصمت الموحش تمنيت أن لا يستمع لكلامها
تمنيت أن يشعر بقلبي وهوا يخبره أنني أريد بث همومي للبحر ولو في صمت
, للمكان الوحيد الذي كان يذكرني به طوال تلك السنين وحمدت الله كثيرا أن قلبي
أوصل له رسالتي

عند وصولي وأنا أهم بالنزول استوقفتني كلماته لا بل صوته وهوا يسألني متى أريد
العودة بل قل متى تنتهي مأساتنا متى نستفيق من هذا العذاب لنجده مجرد كابوس
ليثني كنت أنا من استطاع أن يسأله ولكن ليس بكلمة متى بل بكلمة لما , لما فعلت
ذلك لما تركتني ورحلت

ولكن ما نفع السؤال لو كانت الإجابة لن تغير شيئا نزلت دمعة أحسست بحرارتها
وهي تعبر من قلبي ثم عروقي ثم أحرقت جفوني لتنهي مسيرتها متكسرة على صفحات
كف يدي , دخلت منزل عمي وأنا أريد الهروب من كل شيء قد تركته خلفي بل كل ما
تركته من ذكريات ورائي , طرقت الباب فكانت ولحسن حظي مرام هي من فتح لي
وليس الخادمة فارتميت في حضنها أبكي مرارتي بل أواصل بكائي الذي بدأ منذ دخلت
من الباب الخارجي للمنزل فقالت وهي تمسح على ظهري

" حور حبيبتي ما بك ستموتين من شدة البكاء توقفي أرجوك "

" ما بكما ما بها حور "

كان هذا صوت زوجة عمي شادية وهي تتوجه مسرعة نحونا ارتميت بحضنها وتابعت
مسيرة بكائي أبعدتني عنها وقالت بخوف

" ماذا حصل يا حور هل زوجك به مكروه أم هم أهله "

آه أنا التي بي كل مكروه مسحت دموعي وقلت

" لا هم بخير ولكني اشتقت لكم فأنا لم أفارقكم منذ سنين "

سحبتني مرام من يدي وهي تقول " أفزعتنا عليك أيتها الطفلة كل هذا شوق لنا فقط "

دخلنا جميعنا لغرفة الجلوس وحضرت شادن بعد قليل وحضنتني بحب لأول مرة
أعرفه منها لم تكن علاقتي بشادن سيئة أبدا ولكنها كانت علاقة سطحية جدا
بسبب اختلاف أفكارنا وطبائعنا وأعمارنا جلسنا نتحدث لوقت طويل ولم يتوقفن
بنات عمي عن استجوابي عن حياتي في قصر العائلة حتى قالت مرام

" متى سيأتي زوجك لأخذك هل ستقضي اليوم معنا "

تيبس لساني عن الجواب فما سأقول هوا لم يحظرني بل ولن يأتي لاصطحابي

وكزتني بمرفقها وقالت " هيه حور أين ذهبتي كنت أسألك "

قلت بتردد

" لا أعلم , عندما سيقوم شقيقه بإرجاع خالتي من عند قريبتها سيمران بي ولم أسأل متى "

قالت شادن بصدمة " ولما لا يأتي زوجك لأخذك "

قلت بهدوء " هوا مشغول كثيرا اليوم وشقيقه سيعود بوالدته على كل حال "

قفزت شادن بجواري وقالت بلهفة

" من هوا شقيقه هذا وما أسمه وهل يفكرون في عروس له "

عاد لساني للتيبس من جديد , من يكون ما اسمه كيف أقولها ويتزوج وعروس يستحيل
ذلك فسأموت من حينها , ولكني تزوجت أيضا

" هيا حور أجيبي ما بك "

تنهدت وقلت " بحر ... اسمه بحر "

شهقت مرام شهقة قوية خرجت رغما عنها كما يبدوا ثم نظرت لشادن بصدمة
والتي كانت تبادلها ذات النظرة ثم قالت بتوتر

" أأأ هل هل يسمون مثل هذا الاسم غريب "

ثم نظرت لي نظرة تسأل فيها عينيها عيناي إن كان ما تظن صحيحا وكأنها تتمنى أن
يكون الجواب مغايرا لتوقعاتها فابتسمت ابتسامة حزينة وأنزلت نظري للأسفل ولم اشعر
حينها إلا بيدها تسحبني من يدي وتخرج بي من الغرفة وتصعد بي السلالم للأعلى
وصوت شادن الغاضب يتبعنا وهي تقول

" غبيتان لما تذهبان وتتركاني "

ولكن مرام لم تتوقف بل أدخلتني غرفتها وأغلقت الباب خلفها بالمفتاح وقالت

" بحر يا حور هل هوا بحر ذاته "

ارتميت في حضنها أبكي بحرقة وقلت

" ما أتعسني من فتاة يا مرام لما تلاحقني تعاستي منذ صغري لما يحدث معي هذا أخبريني أرجوك "

قالت مرام بصوت مصدوم " كيف يكون شقيقه وليس لهما نفس الاسم "

ابتعدت عنها وتوجهت جهة السرير جلست على طرفه وعينيا في الأرض وقلت بحزن

" هوا شقيقه من والدته ويعيش معهم أيضا "

ثم نظرت لها وقلت ببكاء " هل رأيتِ ما ألت إليه , أنظري لحجم تعاستي يا مرام "

جلست بجواري وقالت بضيق " ولكنه تخلى عنك يا حور تركك ورحل لما تبكي عليه الآن لما "

قلت بحزن وأنا أهز رأسي نفيا

" لا أستطيع يا مرام كيف أقتل قلبي كيف , كيف اجبره على مالا يريد أنا أتعذب فلا تزيدي من عذابي "

صرخت بي قائلة" غبية .. غبية يا حور هوا لم يهتم لأمرك كل تلك السنين "

غطيت وجهي بيداي وقلت ببكاء " لم استطع , ما أن رأيته أمامي حتى تحولت لهباء تذروه
الرياح , ما إن رأيته أمامي حتى عاد الماضي وعادت الأشياء التي لم تمت يوما "

حضنتني وقالت بدموع

" أفهمك يا حور وأشعر بك ولكن عليك أن تستفيقي للواقع فأنت زوجة شقيقه الآن "

تنهدت تنهيدة طويلة بألم وابتعدت عن حضنها وقلت " لما شقيقه , لما هوا تحديدا لما أنا لا أفهم "

ربتت على كتفي وقالت " هوني عليك يا حور هذا قدرك وقدر الإنسان لا مفر له منه "

قلت بألم " ما أقساه يا مرام , ما أقسى ذلك إنه أشبه بالموت "

رفعت وجهي إليها وقالت " هل تحدثما يا حور هل سألته لما فعل ذلك "

أخفضت رأسي للأسفل وقلت " لا لم نتحدث , وما نفع الحديث الآن فما من داعي لذلك "

قالت بصوت هادئ يشبه الهمس " وماذا عنه هوا "

هززت رأسي وقلت بأسى " لا أعلم ولم أعد أفهم شيئا نظراته التي لا تفارقني كلما كنا في ذات
المكان تضايقه من أي شيء أفعله لزبير رغم أنه شيء عادي وتافه , ولكني لا اعلم ولا أفهمه "

قالت بإصرار " عليك أن تسأليه لما فعل ذلك يا حور "

ابتسمت بحزن وقلت " وما نفع السؤال الآن وما سيغير الجواب من الواقع "

تنهدت بحزن وقالت

" معك حق فما كان قد انتهى ولا فرصة للرجوع مهما كانت مشاعركما اتجاه بعض "

سكتت قليلا ثم سألتني قائلة " وماذا عن زوجك كيف هي علاقتك به "

قلت بهدوء حزين " جيدة وسيئة في آن واحد "

نظرت لي باستغراب وقالت " لم أفهم "

قلت بحزن " هوا يعاملني معاملة حسنة جدا ولكن ليس كزوجة إنه لا يتحدث معي إلا للضرورة
حتى أننا لا ننام في ذات الغرفة "

انفتحت عيناها من شدة الصدمة وقالت " ولكن لماذا , هل يعلم بما كان بينك وبين شقيقه "

نظرت لها بجزع وقلت " لا لا تقولي ذلك "

قالت مطمئنة " ما بك يا حور أنا سألتك عن ذلك ولم أخبرك للعلم بالشيء "

تنهدت وقلت " يبدوا أنه كان يحب فتاة أخرى ويريد الزواج بها هذا ما فهمته "

قالت بأسى " إذا القلوب المحطمة كثيرة هناك "

هززت رأسي بنعم وقلت " يبدوا ذلك "

استوت في جلستها وقالت " احكي لي كل ما حدث معك يا حور "

حكيت لها ما مررت به وأنا أبكي ثارة وأشهق بألم ثارة أخرى حتى أفرغت كل ما كان
في قلبي وأكبته منذ أسابيع

تنهدت وقالت بحزن " كم قاسيتي يا حور "

طرق أحمد أبن عمي الباب ليخبرني أن بحر في انتظاري خارجا

فقفزت مرام لجهة النافذة وقالت

" أريد أن أراه , أن أرى من سلب عقل وقلب ابنة عمي الجميلة "

توجهت خلفها ناحية النافدة كان بحر يقف خارج السيارة مستندا بطوله عليها يكتف يديه
لصدره وينظر جهة باب منزلنا وكزتني مرام وقالت

" يبدوا وسيما وهادئا كاسمه "

ابتسمت بحزن ثم توجهت لعباءتي وحجابي لبستهما وودعت عائلة عمي بالدموع
كما قابلتهم وخرجت , ما أن عبرت البوابة الخارجية وكان رأسي أرضا حتى ركب
بحر السيارة ركبت بالمقعد الخلفي لمقعده وعيناي على يداي المتشابكتان مع بعضهما
وكلي توتر فخالتي لم تكن معنا انطلق بالسيارة فقلت بعد صمت

" هل عادت خالتي للقصر "

رفع نظره للمرآة فالتقت عينانا فأنزلت رأسي للأسفل فقال بهدوء

" سنمر بها الآن فمنزل عمك هوا الأقرب "

عدنا للصمت من جديد ثم قال " لما كنتي تبكي يا حور "

آه من هذا السؤال ومن السائل أيضا فما سأقول لك , كنت أبكي بسببك كنت أبكي
لأجلك أم ابكي لأنني لم أتوقف عن حبك رغم ما فعلت بي , فلم أجد إجابة أفضل
من الصمت لأن الحقيقة لا تقبل إلا الكتمان ساد الصمت من جديد حتى وصلنا ثلاثتنا
للقصر

أديم لا تقلقوا سأحكي لكم باقي ما حدث ذاك اليوم

بعد خروجي من الشركة توجهت لمنزلها قبل حتى أن أتحدث مع المدير لأتأكد أولا
إن كان هوا من فصلها كي لا يشك بسؤالي المفاجئ عنها وصلت إلى شوارع ضيقة
جدا ومنازل متراصة وقديمة عبرت الشوارع وعيناي تتجولان في كل مكان كيف
لهم أن يعيشوا هنا وصلت لبيت بباب حديدي أسود اللون وكان البيت مطلي بالأبيض
فوق الطوب مباشرة وعلى الباب رقم كالرقم المدون لدي في العنوان كحال باقي البيوت
فكلها مرقمة نظرت للبيت بتفحص واستغربت أن يطمعوا فيه فهوا لا يساوي شيئا طرقت
الباب وبعد مدة فتحت ليان الباب قليلا تنظر من فتحة ضيقة من يكون الطارق ويبدوا
أنها تخاف قدوم أخوتها عندما رأتني ابتسمت وفتحت الباب قليلا بعد وقالت

" وسيم هل هذا أنت "

ثم دخلت قليلا وعادت فتحت لي الباب وأشارت أن أتفضل كتبت لها في الدفتر
الذي كنت أحمله معي

( هل يوجد أحد معك )

ابتسمت وأخذت مني الدفتر وكتبت ( نعم فعمي بالداخل هيا ادخل لتتعرف إليه )

دخلت خلفها كان منزلا ضيقا مفتوح من الأعلى تفتح على المكان مجموعة من
الأبواب أدخلتني إحدى الغرف وكان بها صالونا متواضعا ونظيفا جلست هناك وبعد
لحظات جاءت تقود شيخا كبيرا وضريرا أدخلته معها وقالت

" عمي هذا وسيم هنا إنه زميلي في الشركة "

ابتسم العم وقال " مرحبا بك يا بني "

قالت ليان بحزن " عمي هوا أخرس إنه لا يسمعك "

ضحك عمها وقال " وكيف لأعمى أن يتفاهم مع أخرس "

ابتسمت وقالت "وما افعله أنا هنا هات مد يدك لتسلم عليه "

مد العجوز يده فصافحته وجلسنا قال عمها

" ليان ما به جاء لزيارتك فلم يزرك زملاء لك من قبل "

ابتسمت وقالت " لابد أنه يريد شيئا بخصوص العمل "

يبدوا أنها لم تخبره عما حدث هناك وعن فصلها أو طردها كتبت لها

( لما لم تعودي تحضري للشركة أنا أسف يبدوا أنني تسببت لك بمشكلة )

أخذت الدفتر وكتبت ( لا عليك يا وسيم كان ذلك الأمر سيحدث إن عاجل أم آجل )

كتبت لها ( هل فصلوك من العمل )

كتبت ( لا أعلم المدير طلب مني أن لا أحضر حتى أنهي مشاكلي مع أخوتي ولم يتحدث
عن قرار فصلي قال أن الشركة لها سمعتها ويرفضون الشوشرة أنا أستغرب أنهم لم يفصلوني )

كتبت لها ( ولما لا تعطيهم المنزل هوا لا يساوي شيئا على أية حال )

كتبت ( وأين أذهب )

كتبت أنا ( إن كان ثمة من يريدك تزوجي وأريحي رأسك )

كتبت ( ومن يقبل بعمي فأنا لن أتخلى عنه ما حييت والمعدومين أمثالي لن يتزوجوا بي إلا من
أجل البيت ليعشوا فيه معي )

كتبت لها ( أنا آسف يا ليان لي قريب صديق لأبن مالك الشركة الأكبر وهوا من توسط لي لأعمل
هناك سأتحدث معه بشأنك )

كتبت لي ( لا تجلب المشاكل لنفسك بسببي يا وسيم فقد يفصلونك يكفي أنا )

كتبت لها ( ولكني تسببت لك بمشكلة وأنتي الآن بلا مُعيل فمن أين ستأتي بالمال )

ابتسمت وكتبت ( لا يأس من رحمة الله معي القليل الآن وسأبحث عن عمل )

ثم غادرت وعادت وقد جلبت لي القهوة نظرت للكوب مطولا فوضعته أمامي وتناولت
الدفتر وكتبت لي

( إنه كوب نظيف والماء مقطر لاحظتك لا تشرب من قهوة الشركة يبدوا أنك موسوس نظافة )
ابتسمت لها ثم رفعت الكوب وشربت القهوة كلها ثم وقفت مغادرا وكتبت لها

( آسف على إزعاجي لك ولكني أردت الاطمئنان عليك خشية أن يكونوا أخوتك قد ضروك بسببي )

ثم غادرت بعدما شكرتني وأوصلتني حتى الباب وما إن خرجت اتصلت بمدير الشركة
وطلبت منه أن يتحدث معهم بشأنها وطلبت أن يعيدوها بعد يومين كي لا تشك بالأمر

وها أنا وزبير الآن سنغادر دولة رنيم بعدما حللنا مشكلتها مع أولئك وعليا مباشرة عملي
عند الغد والسفر للجنوب من اليوم

ميس لابد وأنكم تساءلتم عن مصيري سأحكي لكم كل ما حدث

لقد أخذني أولائك الصعلوكان معهما سألت كثيرا وحاولت فهم شيء ودون جدوى كانا شبه
يتشاجران ولكل منهما رأي جهاد يريد أخذي كرهينة حتى يسلم لهما ذاك الشاب الشيكات
الموجودة لديه , حامد كان يعارضه ويقول أني لا أعني له شيئا ليفعل ذلك من أجل
استعادتي وكنت أنا أستمع إليهما ككيس الخضار الذي يتناقشون أيبيعونه
أم يقايضوا به أم يأكلوه فقلت في محاولة أخيرة يائسة

" يا غبيان أنا لا أعني لذاك شيئا ليخسر من أجلي كل تلك النقود لما لا تطلقا سراحي
وتخبراه أنني هربت منكما ولم تجداني ولم ترياني منذ كنا في المستودع "

قال جهاد بغضب " وهل تضنينه غبيا ليصدق هذه القصة الغبية "

أحمق ما يعنيه بذلك هل أنا غبية ,لذت بالصمت وتركتهما يقرران مصيري الذي لم يعد
بيدي منذ أيام كثيرة لقد كان يتصل بهما ذاك الشاب طوال الوقت وهما لا يجيبان
, ماذا يريده بي هذا هل أنا أساوي كل هذه الثروة لديه وحتى إن كنت كذلك فعند تلك
العائلة أنا لا أساوي شيئا وهوا الأكيد وصلنا بعد وقت لمنزل صغير أدخلاني هناك
توقعته فارغا ولكنه كان غير ذلك ما إن دخلنا قابلتنا سيدة صغيرة في السن تحمل
طفلة في يديها نظرت لهما وقالت

" هل هذه هي نتيجة عملكما المستمر طوال الأسابيع الماضية يا لها من ثروة هل اختطفتماها "

صرخ بها جهاد " أخرسي وإلا قطعت لسانك "

صرخ به حامد " هل تصرخ بها في حضوري يا جهاد أنا لم أوافق تزويجك بشقيقتي لتهينها "

دفع بي جهاد للداخل وقال " أبقي هنا حتى نعود "

وخرجا وأغلقا الباب خلفهما بالمفتاح بعد أن أخد هاتف زوجته طبعا , وقف كلينا تنظر للأخرى مطولا
ثم قالت

" من أنتي وما علاقتك بزوجي وشقيقي "

تنهدت وقلت " قولي ما علاقتهما بي , أنا لا أريد من أحد شيئا ليتركوني أرحل بسلام "

قالت " كيف وجداك إذا "

تأففت وقلت " لقد اختطفوني من أجل الفدية ثم قاما هما باختطافي من زعيمهم لأجل ماذا
لا افهم وهذا كل شيء "

نظرت لي قليلا ثم قالت " يبدوا شكلك غريبا عن أهل هذه البلاد "

قلت بضيق " نعم أمي أيرلندية "

تذكرت حينها والدتي وأني لم أعد أعلم عنها شيئا منذ اتصلت بها أول مرة , آه ومدرستي
التي لم أذهب لها منذ وقت طويل نظرت لها وقلت

" أريد الحمام "

أشارت لي عن مكانه فذهبتُ إليه وعندما خرجت وجدتها تقف عند الباب فقالت لي

" يمكنك النوم في غرفة حامد إنها هناك "

توجهت لحيت قالت ونمت من التعب رغم صغر مساحة السرير والحجرة أيضا استيقظت
بعد ساعات وخرجت من الغرفة وجدت الطفلة وحدها في سريرها هناك جلست بجوارها
وبدأت ألاعبها كانت ناعمة وجميلة ليست كوالدها إطلاقا خرجت والدتها فنظرت لها وقلت
بابتسامة

" ما اسمها "

قالت متبسمة " شذى "

قلت " هل لي بحملها "

قالت مرحبة " بالتأكيد "

أمسكتها ولاعبتها كثيرا , الأطفال رائعون وليسوا أشرارا كريهين كالكبار لا
أتصور كيف لهؤلاء الناس أنهم كانوا يوما ببراءة الأطفال , مر باقي اليوم
تعرفت فيه على زوجة جهاد تبدوا لي محبطة وحزينة ولكن معها حق إن كان
زوجها وشقيقها هما هذان الاثنان

في صباح اليوم التالي عاد جهاد وما أن دخل حتى قالت له بحدة

" أين كنتما ولما تختطفان هذه الفتاة عليكم أعادتها من حيث جاءت "

صرخ بها جهاد قائلا " لا شأن لك بها واعلمي أنني لو أعدتها فسأسجن لسنوات هي
وسيلتي لاسترجاع الشيكات الموقعة بدون رصيد "

استمر الشجار بينهما فبدءا بالحديث عن أمور أخرى وكأنهما وجدا الفرصة للتنفيس
عن أنفسهما وكل منهما يفرغ ما في قلبه تركتهما وعدت للغرفة ولم أخرج منها إلا
للحمام حتى حل الليل ومر بي يوم آخر يتبعه آخر والكثير ولا شيء هنا سوى الشجار
والنقاش وبلا فائدة

في صباح أحد الأيام جاء حامد في وقت مبكر جدا طلب مني ومن شقيقته أن نجهز أنفسنا
للذهاب , لم أفهم شيئا مما قال ولكن لا شيء أمامي سوى الانصياع له فمصيري بيده الآن
خرجنا الأربعة أنا وحامد وشقيقته وابنتها وصلنا لمكان ما أنزل فيه شقيقته والطفلة وتركني
أنا معه فصرخت به قائلة

" إلى أين تأخذني "

قال بغيض " اصمتي يا فتاة ولا تتعبي رأسي "

لذت بالصمت ولعنت اليوم الذي طاوعت فيه أمي للمجيء إلى هنا وها هي أنا ذي
قد تم اختطافي للمرة الثالثة سحقا لكم آل يعقوب حتى بعض النقود استخسرتموها
لتحريري منهم وسحقا لذاك الشاب الذي جاء بي إلى هنا ورماني كالكرة بين أقدام
الصعاليك

⚘⚘⚘الجزء الثالث عشر⚘⚘⚘

غيث لو أني أجد حلا لمشكلة واحدة من مشاكلنا فقط , صهيب وأعمامي ابنة عمي الجديدة
زبير وزوجته أنا و رنيم وكل المشاكل في كفة ومشكلتي و رنيم في كفة أخرى

وها هي ترفض العودة معي وتريد البقاء مع والدتها لأيام إنها تهدي بالتأكيد هل
تتخيل أنني سأبقيها هنا وحدها لتتسلى مع ابن خالتها , النساء لا يؤتمن لهن جانب
لابد أنها تفكر في الاحتفاظ به لوقت الضرورة فهي تعلم جيدا أننا لن نستمر مع بعضنا

" نعم ماذا تريد "

كان هذا صوتها البارد الجليدي الذي أكرهه علمت الآن بما كانت تحارب طالبي
الثأر أولئك إنه سلاحها الفتاك البرود القاتل ولكني علمت ما يشعله وسأريك يا رنيم

قلت بذات البرود

" سنغادر الآن طائرتنا تنتظرنا لقد أجلت رحلتي بعد إخوتي يوما كاملا ألم يكفيك "

قالت بنبرة رجاء " أرجوك يا غيث أتركني هنا بضعة أيام لترتاح أعصابي وأعصابك "

قلت بضيق " لن ترتاح أعصابي لو بقيتي هنا "

قالت ببرود " ولما , فلا أعتقد أن قربي يهمك "

قلت بذات البرود " ولكن ابتعادك لا يريحني "

نظرت لي باستغراب وقالت " لابد وأنني في حلم أو أن شيئا ما أصاب عقلك "

وقفت واتجهت ناحيتها وقلت " بل كابوس أسمه الخيانة "

تنهدت وهزت رأسها بيأس وقالت

" لا أمل يرجى منك أبدا وسأبقى في عينك خائنة مهما كنت "

مسحت بأصبعي على خدها وقلت بهمس" وهل ستنكرين ذلك "

رمت بيدي بعيدا وقالت بضيق " لا تتوهم أشياء وتلصقها بي "

جيد هذه اللمسة الأولى أظهرت مفعولها لقد وقعتي يا رنيم وسأكسر برودك القاتل
أمسكتها من خصرها وشددتها إلي وغمرت وجهي بعنقها وشعرها وقلت بهمس

" أعرف نوع عطرك هذا وأميزه في كل مكان رائحة الخائنات "

قالت بغضب وهي تحاول تخليص نفسها

" ولما تقترب من رائحة الخائنات لتستنشقها ابتعد عني الآن "

شددت على خصرها أكثر وأنا أنظر لها بابتسامة سخرية فازدادت غيضا وبدأت
بضربي بقبضة يدها وهي تردد

" ابتعد هل جننت أم نسيت أين نحن ابتعد عني يا غيث "

قلت ببرود

" وما المشكلة زوجتي وأفعل ما أريد وحيثما أريد , قرري هل سترافقيننا أم افعل المزيد "

طرق أحدهم الباب فأفلتها ثم فتحته والدتها ودخلت بابتسامة رقيقة

نظرتُ لرنيم فوجدت وجهها يتلون غضبا وضيقا , رائع دوقي معنى ثوران الأعصاب
الذي تفتقدينه بشدة اقتربت والدتها مبتسمة وقالت وهي تنظر إلي

" هل قررت المغادرة "

قلت مبادلا لها الابتسامة " نعم و رنيم كذلك "

نظرت لرنيم وقالت باستغراب " حقا هل غيرتي رأيك "

نظرت لي بحدة فاقتربت من أذنها وهمست

" وإلا أكملت بعضا مما بدأته منذ قليل هنا والآن والبقية بغرفتك الليلة "

خرجت بخطوات سريعة تدل على الغضب والاستياء , كم يشعرني هذا بنشوة الانتصار
انصهر هيا انصهر يا جبل الجليد

بعد عدة دقائق عادت بحقيبتها وقالت " لا يحق لك منعي من البقاء مع والدتي "

قلت بابتسامة جافة " أنا لم أمنعك أنا خيرتك "

قالت بضيق " ألست من اشترط أن يكون زواجنا شكليا فقط ما يعجبك في الخائنة الآن "

قلت ببرود " غيرت رأيي هل لديك مانع "

قالت بحدة " نعم ولا تقترب مني ثانيتا "

قلت وأنا احمل حقيبتها لإخراجها " ذلك حسب مزاجي "

وخرجت وهي تتبعني وتتمتم بغيض

" خائنة خائنة ثم تحلوا في عينه فجأة , يا لا سخافة الرجال "

كنت استمع لها بسرور فغضبها موسيقى هادئة بالنسبة لي , ثم ركبنا السيارة وغادرنا للمطار

جود" أمي انسي الكلام في الأمر لا أريده يعني لا أريده ولن أوافق عليه أبدا "

قالت بضيق " أعرف علاجك جيدا "

قلت بلهجة تحذير " حاذري أن تخبري بحر بالأمر فأنا أعلم فيما تفكري جيدا "

تجاهلتني وسكتت عن الموضوع وما هي إلا دقائق وسمعنا صوت جرس الباب نظرت لأمي وقلت

"سأرى من يكون "

نظرت من عين الباب ثم التفتت ناحية والدتي التي جاءت خلفي وقلت بهمس

" إنه والدي "

نظرنا لبعضنا مطولا ثم قلت " لن نفتح له "

قالت " سيفضحنا مع الجيران بصراخه يا جود يكفينا ما لدينا "

قلت بضيق " وهل الباب سيمسك صراخه عنهم هم يستمعون لنا حتى بالداخل "

قالت بضيق أكبر " يسمعنا واحد ولا عشرة ثم بحر سيغضب لو حدثت شوشرة في الحي "

تنهدت وقلت " ولكنه لن يأخذ مليما ولو على جثثي "

فتحت الباب فأندفع للداخل كالصاروخ وقف بمنتصف المكان وبدأ يصرخ مطالبا بالمال
أغلقت الباب وتوجهت ناحيته وقلت

" لقد نفد المال ولم يتبقى لنا شيء وبحر لم يأتي منذ مدة "

صرخ بغضب " تكذبين علي أيتها الوضيعة أعلم أن لديكم الكثير هاتي المال هيا "

صرخت بغضب أفجر به كل ما أكتم بداخلي

" لن تأخذ شيئا ولن نأخذ شيئا من بحر بعد اليوم وسنعيش عالة على الناس مثلك "

هجم عليا وبدأ بضربي فتدخلت والدتي محاولة أبعاده وبعد أن أخذ كفايته مني
توجه ناحيتها وصرخ بها

" أحظري المال أو لقيت نفس مصيرها "

ذهبت أمي كعادتها وجلبت له النقود ثم بصق علي وخرج فصرخت بأمي " لما أعطيته إياه "

صرخت بغضب " كان سيأخذه على أية حال ولن نستفيد شيئا إلا الضرب "

وقفت متألمة وصعدت لغرفتي أبكي بحرقة وألم ووجعي ليس في جسدي بل في روحي
وقلبي جلست على سريري أبكي ضياع حياتي رن حينها هاتفي نظرت للمتصل فوجدت أسم

( الرجل الكئيب )

رميت الهاتف بضيق وقلت " لما لا يتركني وشأني هل يرى أنه الوحيد الذي يحمل
هموما يصدع راسي بها ويحكي لي أمور لا تخصني ولا أفهمها وصية وزوجة وأخ
أنا حقا إنسانة ساذجة "

عاد الرقم للاتصال مرات ومرات ودون توقف ففتحت الخط بغضب وقلت

" ماذا تريد مني يا هذا هل تعتقد أنك وحدك من يحمل هما لقد ضربني والدي للتو
حد الموت ومنعني من دراستي ويضرب والدتي وأخوتي ويأخذ مالنا وحرمني من
الزواج كل هذا وأكثر فهل تريد معرفة المزيد أم تكتفي بهذا , دعني وشأني ولا تتصل
بي فهمت "

وأغلقت الخط دون أن أسمع منه ردا مضى الوقت ولم يعاود الاتصال , بعد ساعات
شعرت بالذنب فأنا كنت متنفسه الوحيد ليحكي لي ما لا يتحدث به مع غيري ولم
يطالبني يوما أن أرد عليه أو أتصل به ويستأذنني كل مرة ليتكلم معي ويشكرني
دائما لاستماعي , لقد أفرغت غضبي فيه وهوا لا ذنب له لابد وأنه كان يشعر بالضيق
ويريد التحدث

أووووف ولكنه أوجع رأسي بهموم لا حل لها ولا أستطيع فعل شيء حيالها
ولا ينقصني هم مع همي أمسكت هاتفي بعد صراع طويل مع نفسي وأرسلت
له رسالة كتبت فيها

( أنا آسفة لم يكن قصدي قول ذلك , أرجوك لا تتصل بي ثانيتا أتمنى من الله أن يفرج كل همومك )

عاد للاتصال من جديد ولكني لم أجب فلن اكلمه بعد اليوم بعدما علم أنني فتاة
وما هي إلا لحظات ووصلت منه رسالة كتب فيها

( لا داعي للاعتذار يا آنسة فأنا لم أغضب منك فكلنا له هموم يتمنى دائما تفجيرها في أي
كان , لقد استمعتِ لي كثيرا فلن يضرني أن تتحدثي لي عن همومك مرة واحدة فقط )

وبعدها لم يعاود الاتصال بي

ميس هل سبق ورأيتم هذا اختطفني ثلاثة ثم قام اثنين باختطافي من الثالث ثم واحد من
الثاني ثم الله اعلم ما سيكون , وقفنا عند منزل قديم جدا نزلنا هناك طرق حامد
على الباب فشعرت بالذعر ترى هل جلبني لرجل أو لرجال لا أعلم حقا , بعد
وقت فتحت الباب عجوز كبيرة في السن لا تكاد ترى أو تسمع فصرخ حامد قائلا

" مرحبا يا خالة أنا حامد صديق عزام "

قالت بعد وقت " حامد مرحبا بك هيا تفضل "

دخلنا المنزل فصرخ حامد كثيرا لتفهم منه العجوز أنه يريد إبقائي لديها حتى حين
وفهمت أن ابنها غير موجود هنا ثم قال لي

" أبقي هنا ولا تخرجي يا ميس إن كنتي تريدين العودة لمنزلك "

ثم خرج وتركني دون أن اسأل ولا يجيب كيف أبقى هنا لأعود لمنزلي آه يا رب
رحمتك بي نظرت للعجوز مطولا ترى هل سأصبح يوما ما مثلها هكذا آه ميس
يالك من سخيفة كم عمرك الآن آخ اشعر أنني كبرت أربعين سنة عن الأربعين التي
بعد وفاة والدي على عمري الأصلي والناتج سأكون أكبر من هذه العجوز قالت بعد
صمت وهي ترمش بعينيها المجعدتان محاولة رؤيتي

" من أنتي "

آه يبدوا أن ذاكرتها ضعيفة أيضا قلت بضيق " ميس "

قالت بصراخ " ماذا ارفعي صوتك "

قلت بصراخ أشد " ميس ميس يا جدة ألم يخبرك حامد من أكون "

قالت " حامل ..... من هي الحامل أي مصيبة جئتي بها "

آآآآه ربي رحمتك أرجوا , قلت بصراخ " حامد حامد "

قالت " زوجة حامد من أين وجد واحدة مثلك أحضري لي الماء هيا "

تأففت وجلبت لها الماء وجلست أنتظر المجهول

بعد يومين آخرين جاء حامد وجلب لنا الطعام وقال

" اسمعي يا ميس أنا أريد إطلاق سراحك علمت أن قريبا لك في هذه المنطقة وسأوصلك
له ومن ثم هوا من يعيدك من حيث آتيتي فأنا لا أملك المال كما تعلمي "

شعرت بالسرور ومن سعادتي قلت " حقا هل صحيح ما تقول "

قال بجدية " نعم صحيح ولقد أخبرت ذاك الشاب أنك لا تريدي العودة إليه وأنك
ستعودين لعائلتك لكي يدعني وشأني ولا يبحث عني "

قلت بسرور " كما تريد فقط أخلي سبيلي "

قال بهدوء " في الغد سأتحدث لابن عمك ليأخذك فقط أنا أريد منك خدمة "

قلت باستغراب " خدمة مني أنا "

قال " نعم إنها الشيكات أريد أن تخلصيني من أمرها لكي أغادر المدينة أنا وشقيقتي "

قالت بحيرة " وكيف سأساعدك "

قال " ابن عمك من عائلة معروفة جدا هوا من قد يساعدني "

قلت بضيق " أنا لا أريد أن أطلب منهم شيئا ولكن من أجلك سأفعل أعدك فأعطني اسمك كاملا "

قال بابتسامة " كيف وجدتي العجوز "

قلت بضيق " رقبتي تكاد تتمزق من الصراخ وحتى الآن لم تفهم ما أقول "

ضحك كثيرا ثم غادر وفي صباح اليوم التالي جاء حامد واتصل بذاك الشاب المدعو
ابن عمي واتفق معه على تسليمي له , وأخيرا يبدوا أنه آن الأوان لكيس الخضار أن
يستقر عند مشتري معين

صهيب بعد بضعة أيام أخرى من البحث متجنبا أبلاغ الشرطة كي لا أضرها بذلك أتصل
حامد والغريب أنه أتصل على رقمي الأساسي وليس الذي أكلمهم منه وهوا لا يعرفه

قلت بصوت هادئ لكي لا يكتشف صوتي " نعم من معي "

قال بهدوء مماثل " هل أنت صهيب شامخ آل يعقوب "

قلت ببرود " نعم هل من شيء "

قال " وابنة عمك اسمها ميس نبيل آل يعقوب "

قلت " نعم وهل تعرف عنها شيئا "

قال " إنها معي الآن وأريد أن التقي بك لتأخذها "

قلت ببرود مصطنع وأنا أغلي كالبركان في الداخل " وما تفعله لديك "

قال بصوت مصدوم " ألا تعلم أنها مختطفة منذ مدة "

قلت " نعم ونحن نبحث عنها هل لي أن أتحدث معها "

قال "بالتأكيد "

جاءني صوتها قائلا بضيق " نعم "

قلت بضيق " يبدوا انك مستمتعة بوجودك هناك "

قالت بغيض أكبر " ما تقصد بما تقول "

قلت بغيض مماثل " ولما تحدثيني بضيق نفس إن كنتي تنتظري من يأتي لإنقاذك "

صرخت قائلة " تعالى لترجعني لوالدتي ولا أريد منك شيئا "

شعرت بالبركان تحول لزلزال وفجر كل صبري على الصمت ما أقوى هذه الفتاة
رغم كل ما تمر به ورغم صغر سنها فلسانها يلتف حول عنقها عشرين مرة

تمالكت نفسي كي لا افسد كل شيء وقلت " حسننا سأفعل ما تريدين أعطني الشاب "

اتفقت معه على مكان ألتقي به فيه لآخذها منه بعد أن تحركت فيه النخوة والشهامة ليعيدها
ولكن حسابي معه ومع الآخر عسير

أغلقت منه الخط وتوجهت لمنزل جهاد وضربته من جديد حد الموت لأفرغ ما بداخلي
من غضب ثم أمسكته وصرخت

" ما فعلتماه بالفتاة تكلم الآن "

ابتسم بسخرية وقال " وما رأيك أنت "

عدت لضربه أقوى من السابق بيداي وقدماي حتى انهارت قواي ثم عدت لمكاني
فجلس بصعوبة وقال

" لا تستاء لذلك فهي منتهية الصلاحية قبل أن تأتي إلينا "

نظرت له نظرة قادحة كالنار وسؤال واحد يجول في خاطري هل يقول ذلك لإغاظتي
أم هوا صحيح ما يقول ولكن لو كان يكذب فما أدراه أنني لم أقترب إليها أو ألمسها
وما مصلحته ليكذب وهوا لا يعلم أنها ابنة عمي توجهت ناحيته وأمسكته من جديد وقلت

" ما تعني بذلك "

قال بابتسامته الكريهة " أعني لا تخدعك بألاعيبها لتفهمك أننا من قام بذلك "

ثم ابتسم بمكر وقال " ولكنها ألذ مما تصورت "

صرخت حينها صرخة أعتقد أنها حطمت كل شيء وخرجت من عنده كالمجنون
يبحث عمن يفرغ جنونه فيه فاتصلت بحامد وأصررت عليه أن يحضرها الآن
واتصلت بصديقي سالم واتفقت معه على أن يستلمها منه ويأخذها للمنزل الذي
استأجرته الأيام الماضية

سماح حال أبنائي لا يعجبني أبدا رنيم وغيث أعلم أنهما لن يتفقا منذ البداية لكن زبير وحور
لم أتوقع أن يؤولان لذات المصير رغم انعدام المشاكل بينهما إلا أن الفتور واضح في
علاقتهما والفتاة تنهار شيئا فشيئا, لقد أغمي عليها بالأمس من جديد فجأة والطبيب
يقول أنها تعاني فقر الدم وهبوطا في السكر وحتى في ضغط الدم لقد خسرت الكثير
من وزنها منذ جاءت إلى هنا ويزيدها سجن زبير لها بغرفتها هماً على همها وبحر
الكتوم الصامت الهادئ دائما لا يمكن لأحد أن يفهمه أديم لا نعلم عن حاله هناك
ولا يتحدث عن شيء وصهيب وآه من صهيب فلم يرجع حتى الآن ولا يرد على
اتصالاتنا

نظرت لبحر الجالس معي حينها في صمت يقلب هاتفه المحمول وقد ازداد صمته وشروده
في الآونة الأخيرة وحتى غيابه عن القصر أصبح كثيرا وملحوظا ولولا أنه اليوم لا يوجد
أحد سواه في المدينة لما بقي معنا فأنا كنت أخشى أن تمرض حور من جديد أو يغمى عليها
ولا أجد من يكون معي منهم , مرت حينها حور بالقرب منا متجهة للمطبخ فناديتها قائلة

" حور هلا أتيت قليلا أود التحدث معك "

نظرت لي ثم لبحر الذي لم يرفع رأسه عن هاتفه ثم أقترب وجلست بجواري فقلت لها بهدوء

" حور يا ابنتي هل تريدي أن أتحدث مع زبير بشأن استقبال الضيوف وحضور الحفلات
معهم لا يجوز أن تبقي سجينة غرفتك هكذا "

قالت بذات الهدوء " لا داعي لذلك خالتي شكرا لك "

قلت بجدية " لن أخبره أنني تحدثت معك عن الأمر "

ابتسمت ابتسامتها الجميلة مثلها وقالت " أنا حقا لا أرغب في ذلك وليس من أجل زبير فقط "

نظرت لها باستغراب وقلت " ولما لا ترغبي بذلك هذا غريب عنا نحن النساء وشابة بجمالك
وروعتك من المفترض أنها تعشق ذلك "

صمتت قليلا وكأنها تتمنى الهرب من الإجابة ثم قالت

" لأنني ومنذ طفولتي لا أحب الاجتماعات وكثرة الضيوف "

ثم سكتت قليلا وقالت " هي حالة يسمونها الانطوائية وسببها نفسي "

رفع عندها بحر رأسه ونظر لي بصدمة لا تقل عن صدمتي ثم قال

" ولما فهذا لا يكون بغير سبب "

لاحظت ارتباك حور الواضح من سؤال بحر تبدوا لي هذه الفتاة خجولة جدا سكتت
طويلا وكلانا ينظر لها منتظرا الجواب ثم قالت بحزن

" لأني كنت اسجن لساعات في الظلام عند طفولتي "

وقف حينها بحر على طوله مفجوعا وتوقفت الكلمات على لساني من الصدمة فقال
بحدة على غير العادة

" هل هم عائلة عمك راجي "

وقفت وقالت بانفعال وعيناها في الأرض " لا ليسوا هم إنه أمر حدث عند طفولتي
وانتهى فلا تسألوني المزيد عن الأمر أرجوكم "

وتركتنا وغادرت باتجاه المطبخ

نظر بحر لي وقال " هل لاحظتم شيئا آخر عليها "

قلت نافية " لا إنها طبيعية جدا "

عاد وجلس ينظر للأرض في شرود من جديد فوقفت وتوجهت لغرفتي ففي كل
يوم يزداد حالنا تقهقرا للوراء لقد أصبحت أكره الحديث مع الجميع فالمشاكل تتوالى
علينا كلما جلسنا نتحدث

حور لقد أصبحت اكره هذا المكان , نفسيتي تسوء جدا وحتى حالتي الصحية وها أنا
الآن سأصبح بنظرهم مجنونة, بحر أصبح يتعمد الغياب عن القصر دائما وحتى
في وجوده يتجنبني كثيرا قربه يتعبني وبعده أيضا ينخر صحتي ويوهن روحي
فلم أعد أفهم حتى نفسي , زبير رغم مرحه الدائم يبدوا لي حزينا وتائها كم أتمنى
أن يتغير كل هذا وأن يعود بي الزمن للوراء وأعود لمنزل عمي وأنسى كل شيء
لا بل تعود بي السنين وارجع طفلة سأتحمل كل الضرب والسب والسجن ولا أذهب
مع عمي راجي ولا أتعرف ببحر

"ماذا بك يا حور "

وقع الصحن الذي أمسكه من وقت تحت صنبور الماء دون حراك من يدي في المغسلة
عندما أخرجني الصوت الهادئ الحزين من شرودي فرفعت الطبق من جديد وعينيا
لازالت عليه وقلت

" لاشيء أنا لست مجنونة "

ساد الصمت للحظات ثم قال " ومن قال بأنك مجنونة "

قلت بضيق " أعلم بما فكرتم "

اقترب بضع خطوات وقال بصوت هادئ " حور لا.... "

قاطعته بألم ودموعي بدأت بالسقوط من عيناي مباشرة في حوض الغسيل

" يكفي يا بحر فأنا لم أعد احتمل "

تنهد تنهيدة طويلة ومتألمة وقال " توقفي عن البكاء يا حور , أنا لا احتمل ذلك "

نظرت له وقلت بحسرة " كيف لا تحتمل بكائي وأنت السبب فيه يا بحر كيف , لماذا
رحلت وتركتني لماذا أخلفت بوعدك لي "

ابتسم بحزن وقال " لأنني كنت غبيا "

ابتسمت بسخرية وقلت " وهل اكتشفت ذلك الآن فقط هل كان يلزمك كل هذا لتكتشف "

أشاح بوجهه عني وقال بألم " لقد رفضني عمك "

قلت بأسى وبكاء " ولما لم تخبرني لما لم تتحدث معي عن ذلك , كل ما فعلته أنك اختفيت "

خرجت مني شهقة متألمة ثم تابعت " لماذا ظهرت في حياتي من جديد وأنت لا تريدني لماذا "

نظر لي بصدمة وقال " أنا لا أريدك !!! "

قلت بألم " أجل لا تريدني اختفيت لأربع سنوات وكنت ستختفي لعشرة أو عشرين
أو لكل العمر لولا قدري الذي لم يبتسم لي يوما هوا من وضعني في طريقك "

أقترب مني وقال " حور أنا .... "

أغلقت أذناي بيداي وأنا أتراجع للوراء ورأسي للأسفل وقلت

" يكفي , لا أريد أن أسمع المزيد يكفي يا بحر "

التفت للخلف وقال بصوت حزين

" كنت أعلم أنني خسرتك ولكن لم أتوقع أني خسرتك لهذا الحد "

ثم غادر حاملا معه كل شيء أحلامي التي ماتت من سنين ذكرياتي المتوجعة وحتى
أحرف كلماتنا المتناثرة على الأرض غادرت خلفه وتركتني , جلست على الطاولة
متكئة على ذراعي أخفي وجهي وابكي بألم شعرت بيد تمسح على ظهري وصوت دافئ
حنون يقول لي

" توقفي يا حور سوف تمرضي "

ولم يزدني صوتها إلا ألما وبكاءً فقلت

" أريد أمي لماذا ليس لي أم لماذا رحلت وتركتني لقد احتجتها في كل وقت أنا أريدها الآن "

استمرت في المسح على ظهري وهي ترتل آيات من القرآن حتى هدأت شهقاتي وتوقفت عن البكاء

ليان وأخيرا جاء دوري لأحكي لكم حكاياتي الجميلة

لقد أرسلوا لي من الشركة رسولا لإخباري أنه بإمكاني مباشرة العمل منذ الغد وأن
راتبي بالنسبة للأيام التي لم أعمل فيها هناك لن يتم خصمه يبدوا أن ذاك الوسيم
الأخرس قد قام بشيء لم أتوقعه فلم أتصور أنه سيتمكن من فعل ذلك فلأول مرة
يبتسم لي الحظ هكذا وتنتهي مشكلة في حياتي على خير

لقد توفيت والدتي منذ عامين ومنذ ذلك الحين وأنا أعاني الأمرين من أشقائي من
والدتي لأن المنزل كان ملكا لها وهم يطالبون به ويقولون أنه لا حق لي فيه كيف
يكون ذلك فهي والدتي أنا أيضا ثم هم لديهم منازل وعائلات وأنا ليس لي ولعمي
الضرير سوى هذا المنزل وحتى لو قمنا ببيعه وأعطوني حصتي فلن تكفي لشراء
منزل لقد توفي والدي وأنا في الثالثة وعشت طفولتي وشبابي معها , آه كم كنت
سعيدة بوجودها في هذه الحياة فلم أشعر في قربها يوما بالبؤس واليتم رغم
فقرنا الشديد ولم يكونوا أبناءها يزورونها أبدا ولم أرهم يوما إلا بعد وفاتها

ارتديت ملابسي بعد أن أعددت إفطار عمي وغادرت المنزل للشركة ما إن دخلت
المكتب حتى استقبلتني شروق بالأحضان نظرت لوسيم بسرور وقلت

" آه شكرا لك أيها الوسيم "

ثم كتبت له ( شكرا لفعلك ذلك من أجلي )

فكتب لي ( ولكني لم أتحدث مع صديقي بعد فهوا غير موجود في المدينة الآن )

نظرت له بصدمة ثم قلت دون كتابة " لا بأس فأنت فكرت في فعل ذلك لأجلي وإن لم يحدث "

وكتبت له ( شكرا على أي حال )

ثم جلست بمكتبي فسألتني شروق مباشرة " من قام بإرجاعك يا ليان "

قلت بحيرة " لا أعلم وحتى أنهم لم يخصموا من راتبي "

قالت شروق بدهشة " حقا ... لابد وأنك تمزحي "

قلت بابتسامة " بلى لقــ .... "

وقطع كلامي رنين هاتف المكتب فنظرت شروق لي وقالت

" أجيبي يا ليان قد يكون مدير القسم يريد التحدث معك عن الأمر "

أمسكت يداي عند صدري وقلت " لا أريد لقد أصبحت أتشاءم من هذا الهاتف "

قالت شروق ببرود " وأنا لن أجيب فالأمر لا يخصني "

بلعت ريقي ورفعت سماعة الهاتف ببطء ثم أجبت واطمأن قلبي عندما أتاني صوت
مدير قسمنا قائلا

" مرحبا هل الآنسة ليان معي "

قلت براحة " نعم أنا هي ليان "

قال " هلا زرتني في مكتبي يا آنسة "

قلت بتوجس " حسننا في الحال "

ثم أقفلت السماعة وقلت بتوتر

" المدير يريدني إن كانت مصيبة فسيكون عليا انتظار الأخرى لباقي اليوم "

ضحكت شروق وقالت " لم أرى شخصا يقوم بعد المصائب وانتظارها غيرك قد يكون
شيء روتيني ونحن معتادون على ذلك فلما كل هذا الخوف "

قلت بضيق وأنا أشير بأصبعي للهاتف " منذ سمعت صوت ذاك الرجل على هذا الهاتف وأنا
اشعر أنه لن يجلب لي إلا المصائب منه , علينا تغييره من اللون الأبيض للأسود فالأسود يليق به "

ضحكت شروق وقالت "ولما نغير لونه "

قلت بضيق " ليصبح الصندوق الأسود "

ثم غادرت باتجاه مكتب المدير دخلت وألقيت التحية ووقفت نظر لي مطولا ثم قال

" السيد أديم طلب إعادتك إلى هنا وألزم عليا تحذيرك من تكرار ما حدث في السابق أو
سيتم فصلك نهائيا هل وصلت الرسالة "

قلت بضيق " وصلت الرسالة , هل يمكنني المغادرة "

قال وهوا ينظر للأوراق أمامه " أجل فهذا كل شيء "

هوا كل شيء حقا فلم يترك سيدك شيء لك لتقوله تنهدت بضيق وغادرت عائدة
لمكتبنا دخلت وجلست في صمت فقالت شروق مباشره

" ما بك عابسة هكذا ما الذي قاله لك "

قلت بضيق " لم يقل شيئا لقد أوصل رسالة لي فقط "

نظرت لي بصدمة وقالت " رسالة مِمَن "

قلت باستياء وحروف ممطوطة " من السيد أدييييييييييييم "

ضحكت بصوت عالي وقالت " لو يسمعك الآن لكسر لك أسنانك "

قلت بلا مبالاة " لقد كسر كرامتي التي هي أهم من أسناني فلن يضرني ذلك "

قالت بابتسامة " وما في الرسالة "

نظرت لها وقلت بحدة " رسالة حب وغرام وأشواق ماذا فيها برأيك "

قالت بذات الابتسامة " وأي غرام هذا الذي يجعلك بكل هذا السوء "

قلت بضيق " يبدوا أنك تسخرين مني أو تتسلي بي كعادتك "

ضحكت وقالت " تخيلي فقط أن السيد مغرم بك "

قلت بغضب " سأقتل نفسي حينها , قال يغرم بي قال وهوا يكرهني دون أن يراني "

قالت بذات الضحكة " وما من حب إلا بعد عداوة "

قلت بتهديد " شروق إن لم تغلقي هذا الموضوع الآن فقأت لك عينك "

وضعت يدها على عينها وقالت " حسننا حسننا أتركي لي عيني لأرى بها وجه السيد عندما
سيأتي لطردك هههههه "

نظرت للأوراق أمامي وقلت " ذاك المغرور يأتي هنا إنه يترفع حتى عن التحدث
معي بلطف قاسي ومتحجر وبلا إحساس "

⚘⚘⚘الجزء الرابع عشر⚘⚘⚘

زبير لم اتصل بصديقي آه لا بل بصديقتي منذ ذاك اليوم لم أتخيل للحظة أنها فتاة بل يبدوا
أنني لم أكن أهتم لجنسه مطلقا أو من يكون , لقد كانت تحمل كل تلك الهموم وتستمع
لهمومي في صمت وصبر حتى أفرغ ما في قلبي , هذا وهي فتاة تحملت كل ذلك
وأنا الرجل أنهرت في لحظة فوالدي لم يضربني يوما ولم يأخذ مالي بل يعطيني إياه
ولم يحرمني دراستي, فقط حرمني الزواج بمن أردت يعني أنني حملت هم واحد من
همومها المتعددة ولم أحتمله , لقد تعلمت منك درسا مهما يا صديقتي

" .....الرجاء ربط الأحزمة ..... "

كانت هذه الجملة الوحيدة التي استطاعت أذني التقاطها فها قد نزلت أرض
الوطن بعد أن انتهت مهمتي هناك توجهت للقصر ودخلت للداخل وجدت
أمي شاحبة الوجه وحزينة سلمت عليها ثم قلت باستغراب

" أمي ما بك مكفهرة الوجه هكذا هل من مكروه "

تنهدت وقالت " إنها حور "

قلت بقلق " ما بها حور يا أمي "

قالت بحزن " تسجن نفسها بغرفة من غرف جناحكما لقد وجدتها تبكي بالمطبخ صباح
اليوم سنخسر هذه الفتاة يا زبير أخشى أن يغمى عليها بالداخل "

نظرت من حولي وقلت " وأين هوا بحر "

قالت بحزن " غادر عند الصباح اتصلت به ليأتي ولكننا لم نفلح في شيء فخرج من جديد
اذهب وحاول معها أو افتح الباب بسرعة "

صرخت بضيق وأنا أصعد " ولما لم يكسر الباب قد يكون مكروها أصابها "

قالت " لقد أخبرها أنه سيكسر الباب فقالت أنا بخير أتركوني وحدي "

تنهدت بضيق وصعدت للأعلى توجهت لجناحنا وطرقت باب غرفتها وقلت

" حور افتحي الباب هل أنتي بخير "

فتحت الباب وكان وجهها شاحبا وعيناها حمراوان من شدة البكاء ارتمت في حضني
باكية وكأنها تبحث عن الحنان فيه طوقتها بذراعاي وحاولت تهدءتها ببعض الكلمات فقالت

" زبير أريد الذهاب لبيت عمي لبعض الوقت أرجوك "

قلت وأنا أمسح على شعرها بحنان " حسننا يا حور سوف آخذك الآن فقط توقفي عن البكاء "

ابتعدت عني دخلت الغرفة أخذت عباءتها وحجابها وحقيبة يدها وخرجت فقلت متبسما

" بهذه السرعة هل تكرهين وجودك معنا لهذا الحد "

أنزلت عينيها في خجل وقالت " لا ولكني أريد الذهاب أرجوك زبير "

قلت بهدوء " حسننا أرتدي عباءتك والحقي بي سيارتي بالأسفل "

أخذتها لبيت عمها كان عليها الابتعاد عن هنا قبل أن تذبل وتذبل حتى تموت وردني
اتصال من بحر فأجبت

" نعم يا بحر "

قال بهدوء " هل عدت يا زبير "

قلت " نعم لقد عدت "

قال بقلق " زوجتك لا تبدوا بخير هل فتحت الباب "

قلت بهدوء " أجل لقد فتحت الباب إنها بخير شكرا لاهتمامك يا أخي "

أغلقت الخط ونظرت لحور فكانت تتكئ على النافدة وتنظر للطريق بحزن فقلت

" ما بك يا حور ألن تجيبي عن هذا السؤال أبدا "

قالت بعد صمت " لا أملك إجابة تريحني وتطمئنك "

قلت بهدوء " هل كنتي تحبين شخصا وحُرمتي منه بسبب الوصية "

قالت بهدوء مماثل " وهل كنت أنت كذلك "

قلت " نعم "

ابتسمت بحزن وقالت " أما أنا فلا أحب أحد وليس لدي أحد ولن يكون لدي "

إذا كما توقعت ثمة حديث ما دار بينهما ويبدوا أنهما تشاجرا أو ما شابه عدت
للصمت حتى وصلنا قلت لها وهي تنزل " متى أردتي العودة اتصلي بي وإن
احتجت أي شيء فلا تترددي في طلبه حسننا "

ابتسمت لي وقالت " شكرا لك يا زبير "

ونزلت متوجهة للداخل كم أتمنى لو بيدي شيء أفعله لها ولكن فاقد الشيء لا يعطيه
فأنا أكثر من يحتاج للحلول لمشاكله

غيث وضعت يدي عل مقبض باب جناحي ثم نظرت جهة جناح رنيم تنهدت بضيق
عليا الذهاب لها الآن فلا حل أمامي توجهت لجناحها فتحت الباب بهدوء ودخلت
غرفتها ووقفت عند الباب أتأمل الواقفة أمام باب الخزانة ترتدي شورت لنصف
الفخذ الشديد البياض رصاصي اللون وقميص أحمر قطني قصير ضيق ملتصق
بجسمها وبدون أكمام ترفع شعرها الحريري الأسود القصير للأعلى وتقف على
رؤوس أصابعها تحاول جلب شيء ما من أعلى رفوف الخزانة وقفت أتأملها
في صمت من أعلى لأسفل ثم صعودا من الأسفل للأعلى دون سيطرة على
نظراتي كنت أرى فتيات في السابق ليس بهذا اللباس المظهر لأجسادهن هكذا
ولكني ما كنت آبه للنظر لهن ليس لأنهن لا يحللن لي وهذه زوجتي ولكني كنت
أقرف من وجودهن أما الآن لا أعلم لما أريد النظر لهذا الجسد المتناسق رشيق
القوام اقتربت منها حتى أصبحت خلفها تماما وشعرت بوجودي فالتفتت مفزوعة
مني تنظر إليا في صمت وصدمة مددت يدي وأنزلت العلبة التي كانت تحاول
إنزالها فصار جسدي ملاصقا لجسدها ووجهها عند صدري مباشرة لا تستطيع
الرجوع للخلف لأنها ستسقط داخل الخزانة تراجعت خطوة للوراء وأعطيتها
إياها في صمت فأخذتها في صمت أيضا وعيناها أرضا تحاول سحب ملابسها
للأسفل لتستر جسدها رفعت يدي مررتها على ذراعها بطوله حتى الأصابع
ثم أمسكتهم بيدي وعيناي على وجهها

لا يا غيث لا تضعف ما بك سوف تكسر الحاجز الذي فرضته عليها لا تفسد
ما تخطط له فهذه الفتاة ليست لك ولست لها ولست لأي واحدة أخرى غيرها
هي مثلهن تماما لا تضعف أمام سحرها لا تنسى أن كل غرضك استفزازها
لتشعر بالغيظ الذي تسببه لك , أبعدت يدي بسرعة وأوليها ظهري وقلت بجفاف

" لما ترتدي هذه الثياب في جو بارد كهذا لا تنقصني زيارات للمستشفيات "

قالت بضيق " إذا مرضت فاتركني هنا حتى أموت وترتاح مني "

غرييييب أين البرود في كلامها يبدوا أن شيئا ما جرحها بعنف هل هوا تأثير اللمسة
أم الكلمات فرقعت أصابعي وابتعد جهة الباب دون أن التفت إليها وقلت

" كنت أود سؤالك عن أمر طالبي الثأر أولئك "

قالت ببرودها المعتاد

" الخوف لن يتركهم يقتربوا مني أعرفهم جيدا هكذا كان يتصرف معهم والدك "

قلت مغادرا " ولكنه لم يكن حلا أبدا علينا أن نجد حلا لذلك "

وخرجت من ذاك المكان قبل أن أتهور في أحد شيئين النوم معها الليلة أو تحطيم وجهها
بسبب هذا البرود

ميس غادر حامد وبعد ساعات عاد وأخبرني أنه سيأخذني له الآن نظرت له بتشكك فقال

" لا تخافي مني يا ميس أقسم أنني لن أؤذيك وسوف أخذك له "

قلت بقلق " أنا خائفة منه أيضا فأنا لا أعرف كيف يكون "

قال مطمئنا " لا تقلقي لقد علمت من صديقي أنه شاب حسن السلوك "

تنهدت وقلت " أمري لله يبدوا أن مأساتي لن تنتهي "

رافقته لمكان مقطوع نزل شاب من السيارة تقدم ناحيتنا وقال " هل أنت حامد "

قال حامد " نعم "

قال الشاب " وهذه ميس "

قال حامد " نعم وهل لي أن أتأكد من اسمك "

رفع الشاب هاتفه وأجرى مكالمة سكت قليلا ثم قال

" مرحبا صهيب الشاب يريد التأكد من هوية المستلم "

ثم ضحك وقال " أجل يبدوا ذلك "

آه أسمه صهيب إذا تشرفنا يا ابن العائلة الكريمة

ثم مد بالهاتف لحامد تكلم معه ثم قال لي " اذهبي معه يا ميس سيأخذك لابن عمك "

قلت بخوف " لا أريد لما لم يأتي بنفسه "

تنهد الشاب بضيق وقال " إنه مشغول يا آنسة تعالي معي سوف أخذك ولن أبقى معك لا تخافي "

نظرت لحامد وقلت " تعالى معنا إذا "

قال لي حامد " لا أستطيع أذهبي فلن يؤذيك "

ذهبت اتبع الشاب وانظر للخلف حيث حامد فابتسم وهز برأسه مشجعا لي
أخذني ذاك الشاب بسيارته وكل ما كنت أخشاه أن أصبح مختطفة للمرة الرابعة
أوصلني لمنزل في مكان يبدوا لا ساكنين فيه فأغلب البيوت

هنا غير مكتملة أو على الطوب فقط , نزل وقال لي " هيا انزلي "

نظرت له بخوف ولم أتحرك من السيارة تأفف ثم أخرج هاتفه وأجرى مكالمة بعيدا
عني ثم اقترب ومد لي بالهاتف أخذته منه فتحدث الطرف الآخر مباشرة قائلا

" أنزلي معه يا ميس ولا تخافي ستكونين لوحدك في المنزل أنا قادم بعد قليل "

قلت باندفاع " ولما لم تأتي أنت لتأخذني ولما ستضعونني هنا "

قال بضيق

" لأن قصر عائلتي ليس في هذه المدينة وأنا منشغل قليلا انزلي وانتظريني هناك يا ميس "

تنهدت بضيق وفتحت باب السيارة وقلت للشاب والهاتف بيدي

"سوف أدخل وتغلق خلفي الباب مباشرة ولن أعطيك هاتفك قبل ذلك ولن أغلق الخط أيضا "

قال بنفاذ صبر " حسننا ولكن كيف ستعطيه لي "

قلت بحدة " ولما تخاطبني هكذا أنا لم أطلب منك تحمل مسؤولية إحضاري "

تنهد وقال بهمس " أعانك الله عليها "

قلت بغضب " ماذا تقول "

قال " لا شيء كيف ستعطينني الهاتف "

قلت ببرود وأنا أدخل " من النافذة "

دخلت وأغلقت الباب من الداخل بالأريكة الموجودة بالصالة ثم أعطيته هاتفه كما
اتفقنا بعد وقت سمعت صوت سيارة وأحدهم فتح باب المنزل الذي وضعني فيه
ذاك الشاب ويحاول سحب الأريكة ليفتحه فركضت جهة الحمام وسجنت نفسي
فيه أنتظر باقي المفاجأات التي لم ألتقي بها بعد

صهيب كانت النار تأكل أحشائي والغضب يدمر ما تبقيه لقد كان عليا لقاء حامد ولكن لا صبر
لدي لأتحدث معها وافهم منها , اتصل بي صديقي للتو وقال أن حامد معه وينتظراني
ضنا منه أني لست الشاب ذاك نفسه الذي اختطفوا منه الفتاة لقد عمل صالحا بإعادتها
ولكن عليا أن أفهم ما حدث هناك فكلمات جهاد وكلماتها لازالت تتردد في أذني دون توقف

(لا تستاء لذلك فهي منتهية الصلاحية قبل أن تأتي إلينا , ولكنها ألذ مما تصورت )

(سوف أدخل وتغلق خلفي الباب مباشرة ولن أعطيك هاتفك قبل ذلك ولن أغلق الخط أيضا )

لو كانت كما قال جهاد فلما تخاف من سالم ولما لم تحاول استمالتي سابقا لأطلق
سراحها ولكن كيف لي أن اهدأ أكاد أجن , وصلت المنزل نزلت بخطوات سريعة
فتحت الباب ويبدوا لي أنه كان شيء ما خلفه يعيق فتحه دفعت بقوة فانفتح الباب
وكانت أريكة كبيرة محشورة خلفه تعجبت كيف تمكنت من سحبها وهي بهذا
الوزن دخلت ولم أجدها توجهت للمطبخ ثم الغرف واحدة واحدة وصلت للحمام
وكان مغلقا طرقت على الباب فجاءني صوتها يردده الصدى
" من أنت "

لما كل هذا الخوف هل قال لها سالم شيئا يا ترى ولكني أعرف سالم جيدا يبدوا
أنني أصبت بالوسوسة بسبب

هذه الفتاة فقلت بهدوء " افتحي يا ميس "

قالت " من أنت "

قلت بنفاذ صبر " أبن عمك من سأكون برأيك "

قالت بضيق " ولما تتأفف هكذا يا هذا قل ما أسمك واسم والدك ووالدي ووالدتي لأتأكد
فيكفيني اختطاف حتى الآن "

يبدوا أن هذه الفتاة صار الاختطاف لديها كابوسا مرعبا قلت بهدوء ممزوج ببعض الضيق

" أسمي صهيب شامخ وأنتي ميس نبيل ووالدتك لا أعرف اسمها لأني لم أعرفها أو أرها يوما
فافتحي الباب أو كسرته "

فتحت الباب ببطء وخرجت وما أن رأتني حتى شهقت شهقة قوية وعادت للداخل وأغلقت
الباب وقالت بصراخ

" ماذا تريد مني وكيف علمت أنني هنا "

قلت بغضب " أفتحي يا ميس ولا تتعبي لي رأسي أكثر فكل شياطين الأرض تقفز أمام وجهي "

فتحت الباب وقفت أمامي وقالت بصدمة " أنت .. هل أنت إذا ... يعني أنك "

قلت " نعم أنا ابن عمك شامخ "

صرخت بغضب " ما أسعدني بك من ابن عم "

أمسكتها من ذراعها وسحبتها معي وقلت بغيض " توقفي عن ذلك وأخبريني الآن ما أريد
قبل أن أرتكب فيك جرما "

رميتها على الكرسي ووضعت يدي عليه واقتربت من وجهها وصرخت

" ما فعلاه بك ماذا حدث هناك يا ميس قولي الآن "

قالت بصراخ مماثل " هل جننت أنت وما يهمك في الأمر إن كنت أنت لم تهتم لسلامتي
فهل ستنتظر ذلك من الغرباء "

ضربت بيدي بقوة على ظهر الكرسي حتى ظننته سينكسر وهي نظرت ليدي بصدمة ثم قلت بغضب

" إذا ما قاله صحيح يا ميس صحيح يا ابنة عمي "

نظرت لي بصدمة وقالت " ما تعني بما تقول وعما تتحدث "

قلت بصراخ " أعني ما فهمته جيدا "

قالت بصراخ أكبر " لا لم أفهم عما تتحدث لما لا تكون صريحا فيما تقول "

أمسكتها من ذراعها مجددا وسحبتها لأحدى الغرف رميتها على السرير وقلت

" ما الذي حدث بينك وبين جهاد وحامد ما فعلاه "

قالت بصدمة " ماذا .... ما الذي أخبراك به "

قلت بصراخ " لا أريد ما أخبراني أريد أن أعرف منك "

صرخت قائلة " لا شيء لم يحدث شيء "

اقتربت منها ممسكا بكتفيها ووجهي قريب من وجهها وقلت

" إن كان ما قاله صحيح فلن ينقدك وينقدهم مني إلا الموت يا ميس سمعتي "

ابتسمت بسخرية وقالت " إن كان ثمة من يستحق الموت فهوا أنت فكل شيء كان قد يحدث
لي فبسببك ولكن الله كان أرحم بي منكم يا عائلة والدي "

ابتعدت عنها وقلت بحدة " إن لم أعلم الحقيقة منهما فسأتأكد من ذلك بنفسي سمعتي بنفسي "

جلست وقالت بغضب " ماذا تعني بذلك "

قلت مغادرا " ما فهمته "

وخرجت من ذاك المنزل أسوأ حالا من ذي قبل وتوجهت لحيت حامد وسالم وما أن دخلت الشقة
حتى وقف حامد بصدمة وقال

" أهذا أنت ... هل هوا أنت ابن عمها "

اقتربت منه وأمسكته من قميصه سحبته لغرفة أخرى وقلت بغيض وأنا أهزه

" ما فعلتماه بالفتاة أو بالأحرى ما فعلتماه معها يا حامد "

صرخ قائلا

" لم نفعل لها شيء وبإمكانك أخذها لطبيبة لتتأكد , تم ما كنت لأعيدها لك لو أني لمستها بسوء "

شددت على قميصه أكثر وقلت " ولكن ما يقوله شريكك أمر مختلف تماما "

قال بحدة " كاذب لقد كنا سويا طوال الوقت ولم يستفرد بها لحظة ثم نحن وضعناها مع
زوجته التي هي شقيقتي ثم سرقتها منه وأخذتها لوالدة صديقي أقسم أنها الحقيقة ويمكنك
سؤالها عن ذلك "

سحبته معي وأركبته السيارة أخذني لشقيقته لأتأكد مما قال ثم لعجوز صماء صرخ كثيرا حتى

قالت " آه الفتاة لقد كانت هنا أين ذهبت لقد كانت تقوم بخدمتي "

مررت أصابع يدي في شعري ثم أمسكته من الخلف بقوة وكأنني أريد تقطيعه من منابته ثم قلت

" سنذهب الآن لجهاد فلن يهدأ لي بال حتى أسمع ذلك منه "

قال حامد بهدوء " إنها الحقيقة يا هذا فلا تجعل جهاد يلعب بعقلك أنت بقيت مع الفتاة لأسابيع
وتعرف جيدا من أي نوع هي وفي الأيام الماضية لم يقترب منها كن متأكدا "

صرخت به قائلا " اخرس "

ثم ركبنا السيارة وتوجهنا لبيت جهاد دخلت وبرفقتي حامد أخرجت مسدسي وقلت

" سأقتلكما الآن إن لم تخبراني بالحقيقة "

صرخ حامد بجهاد قائلا " لماذا كذبت عليه يا جهاد أنا أعلم جيدا كما تعلم أنت أن ذلك لم يحدث "

ابتسم جهاد بخبث وقال " أنا لم أكذب "

صرخ حامد " بلى تكذب فأنت لم تستفرد بها لحظة "

قال جهاد بذات الابتسامة " وما يدريك بذلك , أنا لم أخف من مسدسه مثلك يا حامد "

حينها تفجرت الدماء في راسي ولم أعد أرى شيئا أمامي رفعت المسدس موجها إياه لجهاد وقلت

" إذا سأقتلكما واقتلها "

أُديم لقد عادت هذه الفتاة للسخرية مني من جديد هوا يومها الأول بعد شبه طردها ولسانها لم
يزدد إلا طولا يبدوا أنها تحتاج لدرس آخر يعلمها احترامي

بعد مرور عدة أيام وبينما كان الصمت سائدا في المكتب كعادتهم أغلب الأحيان تنهدت شروق وقالت

" هذا الأمر لا يمكن الخروج منه بنتيجة أبدا "

نظرت لها ليان وقالت " أي أمر هل تواجهك مشكلة في الحسابات "

قالت بضيق " لو كانت كذلك لما كانت مشكلة لأنك سوف تحلينها بسهولة فلدينا عبقرية دفعتها هنا "

قالت ليان " وماذا هناك إذا "

قالت شروق بعبوس " إنه مصروف هذا الشهر منذ ساعة وأنا أحاول تقسيمه ودون جدوى مرض
ابني هذا خل بالميزانية كلها "

قالت ليان بصدمة " هل كنتي تحسبين ميزانية مصروفك وتتركين العمل "

رمت شروق بيدها أمامها وقالت " كلها بضع دقائق بماذا ستؤثر "

قالت لها بغيض " قلتي بنفسك أنك منذ ساعة تحاولي , يالك من مستهترة "

( توبخها وكأنها لا تضيع الكثير من الوقت إذا زارها مرض الثرثرة )

قالت شروق بلا مبالاة " هيا ليان ساعديني في حل لهذا الأمر "

قالت ليان بضيق " دعيني وشأني ولا تتسببي لي بمشكلة فأنا أنتظر واحدة في أي لحظة "

( انتظري قليلا إنها في طريقها إليك )

ضحكت شروق وقالت " ماذا حدث اليوم معك "

قالت ليان بغيض " ذاك الإمعة المدعو شاهد "

قالت شروق " ومن يكون هذا , هوا ليس من أخوتك أليس كذلك "

قالت بضيق " لا إنه حليفهم الجديد هوا يسكن ببداية الشارع طلب من أخي تزويجي له ذاك
الصعلوك الفاشل السكير "

قالت شروق بصدمة " ولما يوافقون عليه وهوا بهذه الصفات "

قالت ليان " هم لا يهمهم ما سيكون مصيري وما سوف أؤل إليه كل ما يهمهم هوا التخلص مني "

قالت شروق بحيرة " وما فعله شاهد ذاك لك اليوم "

قالت باشمئزاز وهي تقلد صوته وحركاته " صباح الخير يا آنسة ليان هلا تحدتنا قليلا عن أمر مهم "

ثم قالت بضيق " ما يضنني ذاك المغفل هل يراني ممن يقفون مع أي كان في الشارع كدت أضربه
من شدة غضبي والوقح جاء البارحة منتصف الليل يطرق باب بيتي وبكل وقاحة يريد الدخول "

قالت شروق بخوف " ليان عليك إيجاد حل لمشاكلك يبدوا الأمر خطيرا جدا "

تنهدت ليان وقالت " لا حل لدي ولن أتزوجه ولو قتلوني "

قالت شروق بهدوء " قد يفكر في أمر آخر غير الزواج "

نظرت لها ليان في صمت ثم قالت " وهذا ما أخشاه أيضا نظرات ذاك القذر لا تعجبني "

قالت شروق "هل ستستمر مشاكلك هكذا "

قالت ليان بحزن " منذ توفيت والدتي وأنا أعاني الأمرين أخوتي ومشاكلهم التي لا تنتهي حتى
يتسببوا بضياعي ورميي في الشارع , لقد كانت حياتي مختلفة بوجودها معي رغم أننا كنا نعاني
الفقر ونصنع الأشغال اليدوية لنبيعها ونأكل منها إلا أننا كنا مرتاحي البال "

نظرت لها شروق بصدمة وقالت " هل كنتم تعملون ذلك لتأكلوا "

قالت بذات حزنها " نعم وعملت بمحل لبيع الأقمشة أيضا لأتابع دراستي ولم نمد يدنا يوما
لأحد وكنت أرفض بشدة حد الموت مساعدة أي كان لنا "

( عجيب أمر هذه الفتاة أيعقل أن ترى كل ذلك الفقر والتقشف راحة بال وترفض العون من
أي أحد أيضا وأنا أرى الناس تأخذ النقود من أي كان وتخبأها لتقول أنها لا تملك شيئا )

في تلك الأثناء رن هاتف المكتب فأجابت شروق ثم أغلقته وقالت " ليان المدير يريدك "

قالت ليان بهدوء " لابد وأنه يريد الملف "

قالت شروق " ليس مدير القسم إنه مدير الشركة "

شهقت ليان بصدمة وقالت " مدير الشركة ماذا يريد , آآآآه ألم أقل لك ذلك ألم أقل أن ثمة مصيبة
أخرى في انتظاري "

يتبع .....??????
 
رد: أنا من خذلت نفسي

الجزء الخامس عشر + الجزء السادس عشر+ الجزء السابع عشر ⚘

صهيب صعدت كل الشياطين لرأسي حين سمعت كلام جهاد وبدأت بضغط زناد مسدسي
لأقتلهما وأقتلها بعدهم وما أوقفني إلا صرخ حامد مبعدا له وقال بصراخ

" هل جننت أنت , يمكنك التأكد من ذلك كما أخبرتك إنه يستفزك فقط "

أغلقت عليهما الباب وخرجت وكأني بركان يقذف حممه في كل مكان عدت لميس دخلت
كالمجنون سحبتها من يدها وخرجت بها من فوري لمن يملك جوابا سيريحني وقفت أضرب
بقدمي وأصابعي وحتى برأسي على الجدار بتوتر وأنا أتمنى أن أخترق الباب وأعرف لما
كل هذا التأخير ولم يهدأ لي بال حتى خرجت الطبيبة بالنتيجة وبأوراق قد وقعت عليها بنفسها
أيضا لتبرأ ذمتها

تنهدت براحة وشعرت أن جبلا أنزاح من على عاتقي خرجت بعدها ميس وهي تتجنب النظر إلي
وقالت بضيق موشحه بوجهها عني للجانب الآخر

" أعدني لوالدتي والآن "

نظرت لها في صمت دون كلام فصرخت قائلة

" ألا تسمع أعدني لوالدتي فأنا لا أريدكم وأكرهكم جميعا فهمت "

أمسكتها من يدها وسحبتها معي للخارج وأركبتها السيارة وعدت بها للمنزل أغلقت الباب
ودخلت خلفها وقفت بالمنتصف ووضعت يديها بوسط جسدها وقالت بغضب

" أخبرتك أنني أريد العودة لوالدتي أم أنك استحليت سجني واختطافي "

تنهدت بضيق وجلست على الكرسي فصرخت وهي تضرب بقدمها على الأرض

" هل يعجبك هذا هل ارتحت بعد أن جعلتني فأر اختبارات "

قلت بحدة " يكفي يا ميس يكفي , ما كنت تتوقعين أن أفعل "

صرخت قائلة " كنت أتوقع أن تصدقني بدل أن تصدق صعلوكان كاذبان "

تنهدت ونظرت للجانب الآخر ثم لها وقلت " توقفي عن الصراخ أنا آسف وكفى "

ابتسمت بسخرية وقالت " آسف ... آسف على ماذا يا ابن العائلة المبجلة , على اختطافك لي
أم على تركي لأسابيع مع مجرمان لا يعرفان حتى الصلاة أم على اختطافهم لي منك أم على
شكك بي وبأخلاقي وحتى صدقي أم على أخذي لطبيبة نسائية ورؤيتي للممرضات وهن يتهامسن
وينظرن إلي أم على .... "

صرخت بها قائلا " وما كنتي تريدي مني أن أفعل لم يكن أمامي سوى حلين إما أن أرغمك
على الزواج بي لأتأكد بنفسي أو آخذك لها ولم أشأ إرغامك على الزواج "

قالت بغضب " ليتك فعلت ذلك ولم تأخذني هناك "

نظرت لها بصدمة فتابعت بذات الغضب " أجل هوا أهون علي من أن يصبح أسمي مدونا عندهم
وأوراق دليل عفتي هناك ونظرة الجميع هنالك لي هل تعلم ما قالت لي الطبيبة قبل فحصي "

ثم ابتسمت بألم وتابعت " قالت ما كان عليك الزواج به وأنتي تعلمي ما بك جيدا "

بقيت انظر لها بصدمة دون كلام فقالت بغضب " كان ثمة حل ثالث أمامك وهوا أن تصدقني فأنا
لم أهرب معهما وأنت تعلم جيدا ما حدث فكيف تتهمني هذا الاتهام أنتم لا تفلحون في شيء سوى
خذلاني بكم يا عائلة والدي, كيف تفعل كل ما فعلته بي وأنت ابن عمي وحامد الذي لا يعرفني
ولا يقرب لي رأف بحالي وأراد إرجاعي لوالدتي لرؤيته لما حل بي "

تابعت صمتي ونظري لها لتفرغ كل ما في قلبها ولو ضربتني ما كنت لأمنعها ثم صرخت قائلة

" لما تنظر إليا هكذا أعدني من حيث جئت بي أو أرحل واتركني لوحدي "

قلت بهدوء " هل تكرهينني لهذا الحد "

أشارت بأصبعها لي وقالت بغيض " وأكثر مما تتصور فما الذي تتوقعه مني أن أحبك مثلا "

وقفت وهممت بالخروج حين استوقفني صوتها قائلة

" أترك حامد وشأنه فقد طلب مني أن أتحدث معكم لأنه سيغادر المدينة وشقيقته "

ابتسمت بسخرية وقلت " يبدوا أنكم عقدتم صداقة متينة "

قالت بغيض " هل ستعيد الخطأ ذاته يا صهيب "

كانت هذه المرة الأولى التي تنطق فيها باسمي لقد شعرت بشيء غريب لم أشعر به من قبل
ولا أعرف معناه شيء يشبه الرغبة في الابتسامة ثم خرجت في صمت وحيرة بل هروب مما حل بي

رن هاتفي فكان بحر المتصل تجاهلت الأمر وركبت سيارتي بعد قليل وصلتني رسالة منه كتب فيها

( إن لم تجب علي الآن فسأرمي بنفسي في البحر )

صرخت قائلا " مجنون هل يفعل بكم الحب كل هذا سحقا لكم وله "

أجبت على اتصاله بصراخ " هل جننت يا بحر هل جننت "

قال بصوته الهادئ " لم أجد طريقة غيرها لتجيب على اتصالي "

تنهدت براحة وقلت " لقد أفزعتني يا رجل "

قال بحزن " وهل باعتقادك أنها لو كانت ستريحني ما كنت لأفعلها "

قلت بهدوء " بحر لا تتهور يا شقيقي لا تجعل اليأس والشيطان يتغلبان عليك "

ضحك ضحكة حزينة وقال " إنها تكرهني يا صهيب لم تعد تحبني لقد خسرتها للأبد "

قلت بحيرة " وما يدريك "

قال بهدوء " لا يهم كيف المهم أنني علمت "

سكتت فلا كلام لدي قد يواسيه , هي زوجة شقيقه وعليه أن يدرك ذلك عاجلا أم آجلا مع
أني أجزم أنها تحبه ولكن لا نفع من قولي له هذا الكلام

تكلم كثيرا وبث همومه وأحزانه وأنا أستمع في صمت فليس لدي سوى الاستماع ثم أغلق الهاتف
دون أن يودعني كعادته عندما يكون حزينا عليا العودة إلى هناك بسرعة قدر الإمكان لأكون بجانبه

رنيم مرت أيام منذ عودتي وحور في منزل عمها ولا أحد يتحدث معي فخالتي إما عند إحدى
صديقاتها أو لديها ضيوف, أنا أحسد حور فبالرغم مما تعانيه إلا أن زبير يعاملها بلطف
وتركها في بيت عمها لترجع متى أرادت ذلك , أما أنا فقد حرمني ذلك المتوحش من البقاء
مع والدتي ويرفض حتى جلب خادمات لنرتاح من هذا العناء بدلا من تلك العجوز الوحيدة
التي تأتي لساعات معينة فقط يبدوا أن زوجي العزيز هذا مليء بالعقد والأمراض لقد سأمت
السجن وسوء المعاملة فمنذ أن عدنا وأنا وغيث لا نتقابل إلا عند مائدة الطعام عدا زيارته
الرائعة تلك لجناحي حين طعنني في أنوثتي وسخر من ملابسي هل طلبت منه الدخول أم أن
يتكفل بي لو مرضت ثم الجناح به تكييف أم هوا تجريح لي كالعادة فقط فأنا منذ تزوجنا أتجنب
الحديث معه رغم تعمده إهانتي من حين لآخر بشكل غير مباشر , لو أفهم فقط لما يحب استفزازي
رغم تجنبي له لما لا يترك كل منا الآخر وشأنه حتى يقضي الله لنا أمرا أنهيت عملي وتوجهت
للأعلى قاصدة جناحي لأنام دخلت لغرفتي وفجعت مما رأيت بقيت واقفة لدقائق أحملق بصدمة

ماذا يفعل هذا هنا في غرفتي وعلى سريري ويغط في النوم أيضا ما يقصده بذلك هل يطردني من
جناحه ليلحقني لجناحي هل ضاق به المكان المتسع هناك ليزاحمني الغرفة الوحيدة هنا , خرجت
بضيق توجهت لجناحه فوجدته مقفلا ضربت الباب بقدمي وقلت

" تبا له يغلق جناحه وينام عندي "

عدت لغرفتي أخذت ثيابي ولحافا من الخزانة وضربت بابها بقوة وخرجت من الغرفة بعدما
تركت نورها مفتوحا وأطفأت التدفئة أيضا وأغلقت الباب فليتجمد بردا توجهت للحمام استحممت
وارتديت ثياب النوم ونمت على الأريكة الغير مريحة بعد كل ذلك التعب نظرت جهة الغرفة
فكان النور مطفأ ذلك المتوحش لقد كان مستيقظا إذا , صحوت عند الفجر اشعر بعظامي متيبسة
وكأني نمت على حجر نظرت للغرفة فكان بابها مفتوحا دخلت فوجدته غير موجود هناك وثيابه
مرمية على السرير وأحذيته وحاجياته والفوضى تعم المكان جمعتها كلها ورميتها له أمام باب
جناحه ونزلت للأسفل دخلت المطبخ ووجدته على غير العادة يجلس مع زوجة والده التي كانت
تعد القهوة نظرت لي مبتسمة وقالت

" صباح الخير يا ابنتي لقد استيقظت مبكرة هذا اليوم "

نظرت اتجاهه بغيض وقلت " هذا بسبب النومة المريحة بالأمس "

نظر لي بابتسامة ماكرة وقال " سبل الراحة والتعب متوفرة هنا ولكلن اختياره "

قلت بسخرية " ومن يختار التعب إلا إذا كان كارها لإزعاجات الراحة "

دخل حينها بحر بهدوء وصمته المعتاد هذا الشاب لولا أنني أنظر لكان يخرج ويدخل دون
أن اشعر به فحتى خطواته لا تكاد تُسمع جلس وقال

" صباح الخير أين هوا زبير علينا المغادرة مبكرا "

جلست خالتي وقالت " ومتى أتيت أنت لتغادر "

نظر غيث لوالدته وقال " هل عادت زوجته من منزل عمها "

قالت بهدوء " لا لم تعد بعد "

نظر لي ببرود وقال " عليه ألا يدعها على حل شعرها فالنساء لا يُعطى لهن وجه "

جاء الرد من بحر قائلا " دع شقيقك وشأنه يكفي سجنك لزوجتك "

هذا الشاب لو كان أصغر مني سننا لقبلت رأسه على الدرر التي يلقيها دائما , خرجت
من المطبخ وتركته له بما يحوي وعدت لغرفتي سمعت خطوات تقترب فالتفتت
للخلف وكان غيث حاملا أغراضه دخل ورماها على السرير وقال

" من سمح لك برميها خارجا "

قلت ببرود " ومن سمح لك بجلبها إلى هنا "

قال بحدة " لي الحرية أفعل ما أشاء وحيث أشاء "

قلت بتحدي " وأنا لي ما لك وأرمي ما أشاء وحيث ما أشاء "

قال " ومن أعطاك هذا الحق "

قلت بذات النبرة " أنا أعطيته لنفسي ألستُ الآن جزئا من هذه العائلة "

ابتسم بسخرية وقال " سنرى "

قلت بأبرد ما لدي " يدك وما تطال "

امتقع لون وجهه غيضا وامسكني من خصري وشدني إليه ووجهي في وجهه قرب أنفه
حتى التصق بأنفي وقال بابتسامة

" ما رأيك لو غيرنا مزاج هذا الصباح "

خلصت نفسي منه قائلة بضيق " لا بارك الله في صباح كهذا يالك من مزاجي متقلب "

أمسكني من ذقني بيده وابتسم بمكر فقلت بغيض

" إن فعلتها ثانيتا الآن كما في السابق حولت صباحك هذا لجحيم "

ويبدوا أن المسألة كانت كتحدي بالنسبة أليه أو هكذا أعتبرها ففعلها وقبلني بقوة ورمى بي على
السرير كما في المرة السابقة وخرج ضاحكا وهوا يقول

" هذا ما طالته يدي هذه المرة "

قلت بصراخ غاضب ليصله كلامي " مقزز أتعلم ذلك وأكرهك أيضا "

ما به هذا يغضب ويتلون وجهه فجأة ثم يضحك فجأة ياله من متحجر قاسي ومزاجي أيضا
أمضيت ذلك النهار بمزاج سيء جدا لم أحتمل فيه حتى نفسي , وعند العشاء كنت أرفض تناوله
معهم لولا إصرار خالتي , كنا على طاولة العشاء أنا وخالتي وغيث فقط فقد سافر بحر وزبير
صباح اليوم والجد لدى أحد أبنائه ,جلست أتنهد بضيق كل فترة والأخرى ومزاج غيث في أحسن
ما يكون , جيد ضننت أنه لا يعرف شيء اسمه ابتسامة وأخيرا تصدق عليا برؤية أسنانه

" رنيم لما لا تأكلي هل تشعرين بشيء "

كان هذا صوت خالتي بالطبع فهي ذات قلب كبير يفكر في الجميع

قلت بابتسامة مغصوبة " لا أشعر بالجوع "

قال السيد غيث " يبدوا أنها تأكل في المطبخ هكذا هم النساء لا يصبرون على شيء "

كانت هذه الشعلة التي وضعت على الفتيل نظرت إليه وقلت بغيض

" النساء يأكلون في المطبخ والرجال يأكلونها وهم في السوق لذلك أجسادهم كالجبال "

ضحك بصوت عالي وقال " لقد اكتشفت شيئا جديدا في زوجتي اليوم يا أمي إنها تجيد المزاح "

وقفت خالتي قائلة " لا تثقلا من هذا كي لا تتشاجرا "

وتركتنا وغادرت , هي أكثر من يفهم ما يجري هنا وتعلم فيما يفكر هذا المتوحش , نظرت له
بحدة وقلت

" وأنا اكتشفت اليوم أن لي زوجا مزاجيا مقرفا يجبر الناس على مالا يريدون "

ابتسم بمكر وقال " قولي أنها كانت رائعة لما الخجل "

وقفت ونظرت له باشمئزاز وقلت بغيض " يالك من واهم ما تظن نفسك "

قال بابتسامة " هل تعلمي أنك تبدين رائعة اليوم "

نظرت له بصدمة وعيناي مفتوحتان على اتساعهما وقلت

" تبدوا لي بحاجة لزيارة طبيب نفسي وفي أسرع وقت "

قال مبتسما بهدوء " بل اليوم بالذات لا أحتاجه "

تركته وجنونه هذا وصعدت لغرفتي وما هي إلا لحظات حتى لحق بي ووقف عند الباب

نظرت له بغيض وقلت " ماذا تريد ألم تطردني من جناحك في السابق "

دخل وقال " قلت لك سابقا لي الحرية هنا وافعل ما أشاء "

قلت بحدة " وأي حرية هذه التي تجعلك تمنعني من النوم بالغرفة الوحيدة هنا "

بدأ بفتح أزرار قميصه وخلعه قائلا " أنا لم أمنعك من ذلك أنتي من منعتي نفسك "

نظرت له بصدمة وقلت " وما هذا الذي تفعله "

قال ببرود " كما ترين أغير ثيابي لأنام "

ثم نظر لي بابتسامة جانبية وقال " ألن تنامي أنتي أيضا "

رميته بالمنشفة التي كانت في يدي على وجهه وخرجت مغتاظة على صوت ضحكاته ونزلت
للمطبخ لأنهي التنظيف مع خالتي

دخلت وبدأت مباشرة في ترتيب الأشياء معها بصمت فقالت " هل تشاجرتما "

تنهدت بضيق وقلت " لا أعلم لا يبدوا ذلك "

نظرت لي وقالت بهدوء " لما لا تحاولي كسبه يا رنيم بدلا من تكبير الفجوة بينكما "

قلت بضيق " أكسبه .. وهل يمكن لامرأة في العالم أن تكسب رجلا كغيث "

ابتسمت بحب وقالت " أنتي قلتها بنفسك رجل وكل الرجال متشابهون مهما اختلفت طباعهم فقط إن
أرادت المرأة ذلك فستنجح وبسهولة "

نظرت لها بتعجب وقلت " إلا غيث أعرفه جيدا "

قالت بهدوء " مهما عرفته فلن تعرفيه مثلي لاحظي اليوم تغير مزاجه رغم تعكر مزاجك أنتي
على غير العادة يعني أنه شيئا ما فيك كان يريد أن يتغير أو يظهر وأنتي أعلم مني يا رنيم "

تبا له هل يفكر هكذا يا لي من غبية هل كنت أحتاج لخالتي لتوضح لي ذلك هوا يحب أغاضتي
إذا ويفعل ما يفعل ليثير غضبي لذلك هوا مستمتع كثيرا بفعل ذلك سأريك يا غيث سأريك

قالت خالتي بعد صمت " فكري في كلامي جيدا يا رنيم "

قلت وأنا أفتح رف الخزانة " أعلم بما تشعري يا خالتي فأنتي أم وتريدين لأبنائك الحياة السعيدة
رغم أن غيث ليس ابنك ولكن ما بيني وبينه يصعب التفكير فيه "

تنهدت وقالت " أنا أحببتك يا رنيم ولا أريد زوجة غيرك له وأتمنى أن تغيرا من حياتكما معا "

قلت بهدوء " لا أعتقد ذلك فأنتي تعلمي جيدا كرهه للنساء "

قالت بحزن " أعلم وليتني أعلم السبب فقط فطفولة غيث أمر مبهم عن الجميع حتى عن والده "

نظرت لها بحيرة وقلت " طفولته "

قالت " نعم فقد قضى عشر سنين مع والدته خمس منها قبل أن يطلقها شامخ وخمس قبل وفاتها "

عدنا للصمت كلينا فلن يكون هناك أي جواب لأي سؤال قد أسأله فهي لا تعلم عنه شيئا
بعد أن انتهينا صعدت لغرفتي ووجدته نائما على السرير طبعا ولكني سأريه والصباح موعدنا
أخذت ثيابي ولحافي وخرجت لأنام نومتي القاسية الجديدة , لا بأس ستكون هي المرة الأخيرة

جود لقد مر وقت طويل منذ آخر مرة تحدث فيها ذاك الشاب معي ترى ما حدث معه ومع شقيقه ماذا
عن الفتاة والغبية ابنة عمه تلك إنها تضيعه من بين يديها , غريب حقا ما يحدث معي أشعر وكأنني
أشاهد مسلسلا وأريد معرفة نهايته , ما كان عليا أن أتهور وأتحدث معه يومها لو بقيت على صمتي
لعلمت نهاية القصة ولكني كنت منهارة وغاضبة وهوا زاد من غضبي باتصاله رن حينها الهاتف
ويا لا العجب لقد كان الرجل الكئيب يتصل ولكن لن أجيب أبدا بعد أن علم بي أستمر في المحاولة
مرات ومرات ثم أرسل رسالة فيها

( أجيبي أرجوك يا آنسة وحدك من يستمع لي وأتحدث معه دون قيود لا تتكلمي معي فقط استمعي
إلي أعتبري أنني لم أعرف أنك فتاة حسننا )

ترددت كثيرا ثم فتحت الخط فقال بصوت هادئ

" شكرا فأنا ممتن لك حقا "

وبدأ ببث همومه كالسابق الاختلاف فقط انه كان يخاطبني على أني رجل أما الآن فيخاطبني
كفتاة ها قد علمت الآن أن الفتاة في بيت عمها منذ أيام وشقيقه شبه تارك للمنزل الأحوال إذا
لم تتغير وقريبته تلك لم يعد يحاول التحدث معها جيد فهي لا تستحق حبه لها , بعد أن فرغ من
بث همومه قال

" شكرا لك يا آنسة لقد تعلمت منك شيئا مهما لم أتعلمه من قبل "

فاجئني بما قال كنت أود أن أقول ’ما هوا ’ ولكني لا استطيع ولحسن الحظ تابع قائلا

" همي أنا واحد فقط من همومك الكثيرة وأنتي تستحملي وتستمعي لي أما أنا الرجل فقد انهارت
قواي لمشكلة واحدة ولو تشعبت , لقد تعلمت منك الوقوف بقوة لمواجهة قدري لذلك لم أعد أحاول
التكلم مع الفتاة التي كنت أحب قد يكون لديك أنتي من يستمع لهمومك أما أنا فلا يمكنني بثها لأحد
سواك أشكرك من كل قلبي وداعا الآن "

نظرت بصدمة للهاتف وأنا أرمش بعيناي وأفكر فيما قال , جيد فتهوري في الحديث تلك المرة أحدث
مفعوله فيه وجاء بفائدة رغم خطئي بفعلتي تلك , وقد قال الفتاة التي كنت أحب فلم تعد الفتاة التي أحب
يبدوا لي ثمة تطورات جديدة رميت بالهاتف وخرجت من غرفتي بحثا عن والدتي وأشعر بالراحة لأني
اطمأننت على أحواله لا اعلم لما قد تكون شفقه أو لا أعلم لماذا

حور لقد أمضيت بضع أيام في منزل عمي شعرت خلالها بالراحة وحتى صحتي تحسنت رغم
شعور الفقد الذي يجتاحني كل حين فهناك رغم عذابي إلا أنني أسمع اسمه دائما منهم وأخباره
أراه من وقت لوقت بعيد أتعذب نعم ولكنه بقربي على الأقل , ما أصعب أن تبتعد عمن تحب
وما أصعب أن تتعذب بقربه, عليا أن أنسى كل ذلك فأنا متزوجة الآن وزوجي يعاملني بلطف
وإن كنت لست أحبه ولا يحبني ترى هل رفض عمي بحر حقا لا أستغرب ذلك فعمي يرفض
زواجنا قبل إتمام الدراسة وقد كنت صغيرة حينها ولكن الحق عليه لما لم يتحدث معي عن
ذلك قد يكون عمي أهانه وجرح كرامته بسبب والده

آه هل تبحثين عن الحجج له يا حور

" حور زوجك ينتظرك في الخارج "

تنهدت وقلت " حسننا قادمة "

لقد طلبت من زبير المجيء لإعادتي للقصر فليس بإمكاني البقاء أكثر من ذلك فتساؤلات
عمي وزوجة عمي عن بقائي كل هذه المدة واتصال خالتي الدائم للسؤال عني ومتى سأعود
كلها تجبرني على العودة هناك كي لا تكبر شكوكهم حول الأمر ولكن من الجيد أن زبير
كان يتصل بي يوميا أمامهم ليطمأن على صحتي وإن كنت أحتاج شيئا , زبير شاب رائع
ولكن لست أنا الفتاة التي يستحق فمشاعري وقلبي أغبياء لا يعرفان في أي اتجاه يتحركان

ودعت عائلة عمي وخرجت خارجا كان زبير يقف خارج السيارة فقلت له بابتسامة

" مرحبا زبير كيف حالك "

ابتسم وقال " بخير , تبدين لي أفضل من السابق بكثير "

قلت وأنا اقترب من باب السيارة " نعم أصبحت أفضل "

فتح لي الباب الأمامي ركبت وغادرنا ولا شيء غير الصمت وكأنه يتجنب سؤالي مثلما أخشى
أنا من السؤال ثم قلت بهدوء

" لما يمانع غيث وجود الخادمات في القصر "

قال بذات الهدوء " هل يتعبك العمل هناك "

قلت نافية " لا لم أقصد ذلك ولكن الأمر متعب لنا جميعا "

نظر لي وقال " يبدوا أنك لا تريدي النزول من جناحنا يا حور إن أردتي ذلك فلا تنزلي "

نظرت له بصمت ثم قلت " لن أترك خالتي و رنيم يعملان وحدهما هذه تسمى أنانية لما لا
تجلبوا خادمات ليرتاح الجميع "

نظر لي بابتسامة وقال " سأتحدث مع غيث ونرى ما يجري "

ساد الصمت من جديد وكل منا سافر لعالمه قلت له ونحن نقترب من القصر

" زبير هل لي بسؤال "

قال بحيرة " نعم بالتأكيد "

نظرت للأسفل وقلت " أمازلت على علاقة بالفتاة التي تحب "

قال بعد صمت جاهلة لأثر السؤال عليه " ولما تسألي عن ذلك يا حور "

قلت بارتباك " لأني لا أريد أن تخسر علاقتك بها بسببي "

قال بتعجب " لماذا , هل تقول زوجة لزوجها هذا الكلام "

ابتسمت بسخرية وقلت " ذلك عندما تكون زوجة فعلا , أنا يا زبير مجرد جسد بلا روح فلا
تخسر شيء لأجله "

ابتسم وقال " وأنا جسد سيحميك من كل خطر وبلا روح تكون بقربك نحن متعادلان إذا "

نظرت له باستغراب وقلت " ألا يغضبك كلامي "

قال " لا لم يغضبني أعلم بمشاعرك اتجاهي يا حور "

عدت بنظري للأسفل وقلت " قد يتغير كل شيء يوما حتى مشاعرنا فلندعها للزمن "

قال بابتسامة حزينة " أجل فلندعها للزمن "

وصلنا القصر هممت بالنزول فقال زبير " مهلك فوالدتي تظن أنك حامل "

ضحكت وضحك معي على الكلمة بل على تعاستنا وواقعنا المرير وخرجنا من السيارة على
ذلك الحال ففوجئت ببحر يقف عند باب القصر وينظر لنا بنظرة غريبة لبس بعدها نظارة سوداء
وغادر من أمامنا في هدوء وصمت

ومنذ ذلك اليوم أو ذلك الموقف زاد غياب بحر عن القصر أكثر وتجنبه لي أكثر وأكثر حتى أنه
أصبح يخرج إن دخلت وكأنه يلومني على ما حدث وكأننا حبيبان وأنا خنته

نهاية الجزء

ما مصير ميس بعد علمها بمن اختطفها وما سيفعل صهيب مع جده وأعمامه

ليان أي عقاب يخبئه لها أديم وما ستكون ردة فعلها وهل سيؤدبها أم سيفسد الأمور كعادته

حور وبحر والموقف الأخير ولما يحاسبها عليه

زبير وجود هل ستتطور العلاقة بينهما وأين موقع زمرد من كل هذا

رنيم ما تخطط له وكيف ستنتقم من استفزاز غيث لها وما ستحصد من ذلك

الأجزاء القادمة تحمل كل الإجابات فكونوا بالقرب دائما

⚘⚘⚘الجزء السادس عشر⚘⚘⚘

زبير هل جربتم سؤال رجل عن شعوره وهوا تسأله زوجته التي تحب غيره وتصارحه
أنها لا تحبه وأن عليه أن يتمسك بحبيبته السابقة هل سألتموه, أنا لم اشعر بما شعر به
ولا أتمنى أن تتغير مشاعر حور اتجاهي هي تحترمني كرجل وأنا أعاملها بلطف
كامرأة وهذا يكفي , رجل غيري ما كان ليقاوم حسنها ورقتها ولكن أنا يستحيل ذلك
قد يطول الأمر لسنين ولكن المهم أن يكون بالي وضميري مرتاحا وكما قالت حور قد
تتغير مشاعرنا يوما فلنتركها للزمن وهل برأيكم سيحدث ذلك وهل يجوز ذلك

وها قد عدت للاتصال بصديقتي حاملة همومي لقد قبلت أخيرا الاستماع لي واليوم
سأبلغها عن كل الجديد رفعت الهاتف واتصلت بها فتحت الخط بعد حين واستمعت
بصمت أخبرتها أني أعدت حور للقصر وما قالته لي وعن موقف بحر وكل شيء
مهم وغير مهم ودون ذكر للأسماء طبعا لقد أصبحت تنتابني دائما رغبة في أن ترد
على كلامي ولو بكلمة واحدة حتى إن كانت مرحبا أو وداعا أردت أن أعرف ما تفعله
اتجاه مشاكلها كيف تواجهها لقد أصبحت قدوتي في الصبر والصمود أمام الصعاب
وتغيرت نفسيتي بعض الشيء بفضلها وعدت زبير المرح شيئا فشيئا

زمرد تزداد تجنبا لي فأصبحت أتجنبها أيضا رغم مشاعري التي لم تمت نهائيا اتجاهها فكم
مرة منعت نفسي من محاولة الاتصال بها وكم تمنيت أحيانا أن تتصل بي من تلقاء نفسها
تحدثت بعد أيام مع صديقتي وتكلمت نهاية الحديث عن مشاعري اتجاه زمرد وما يجتاحني
وما أصارع من أفكار وبعد أن أنهيت المكالمة فوجئت بها ترسل لي رسالة كتبت فيها

( علينا أن لا ننظر للماضي إن كنا نريد أن نصبح جزئا من المستقبل فالماضي ليس
إلا مقبرة للأموات وكل من تعلق به أصبح مجرد جثة وخسر المضي مع الماضين
للمستقبل عليك أن تدفن الماضي الذي دفنك وتخلى عنك يا صديقي حتى وإن كان
على حساب مشاعرك )

ابتسمت وأنا اقرأ كلماتها وأحسست بوجودها أمامي تخاطبني , فعلا عليا أن ادفن الماضي
الذي دفنني ولكن ترى هل التطبيق سهلا كالكلام أرسلت لها

( هل تعرفي ما اسميك في هاتفي ’بلسم جروحي ’ وأنتي كذلك بالفعل )

أرسلت لي

( أنت فعلا رفيع دوق لتسميني هكذا أما أنا فلم أكن مثلك أعذرني فأسمك لدي ’ الرجل الكئيب ’ )

ابتسمت لما كتبت لا بل ضحكت وضحكت كثيرا أيضا دخلت القصر فقابلتني حور بابتسامة وقالت

" ما الذي يضحكك هكذا "

قلت بضحك " أحدهم يسميني في هاتفه بالرجل الكئيب هل تريني هكذا "

ضحكت لما قلت وقالت

" على العكس هوا لم يوفيك حقك يفترض به أن يسميك الرجل العبوس "

ضحكنا كلينا نظرت للأعلى وكان بحر ينزل من السلالم نظر لنا نظرة حملت معاني
كثيرة منها اللوم ومنها الحزن ومنها الغضب أيضا وخرج مارا من بيننا وكأنه يخبرنا
بأنه الحد الفاصل بيننا وأن علينا أن لا ننسى ذلك نظرت لحور فوجدتها تنظر للأرض
بحزن والدموع تكاد تتفجر من عينيها بحر يعاملها بقسوة وجفاء رغم أني أرى اللهفة
في عينيه كلما حضر بعد غياب إنها حقا مأساة ما نمر بها جميعنا

ليان هل علمتم الآن أن ما أقوله صحيح والمصيبة تجر لي بعدها واحدة أخرى خرجت
من المكتب صعدت بالمصعد متوجهة للأعلى وقلبي يهوي للأسفل , لما يطلبني المدير
الأمر لن يكون خيرا أبدا خرجت من المصعد وتوجهت لمكتب المدير طلب لي السكرتير
إذنا ثم دخلت وقفت في صمت فقال

" أنتي ليان سعد عبد القادر "

قلت بتوجس " نعم إنها أنا "

توجه للنافدة وقال وهوا ينظر للخارج ويديه خلف ظهره

" هناك شكوى من البعض عن تحدتك بسوء وسخرية عن أحد مالكي الشركة "

قلت بصدمة " أنا من قال "

التفت إليا وقال صارخا " السيد أديم تكلم معي شخصيا عن الأمر فالموظفون يتنقلون
في الشركة ويسمعون كل شيء يا آنسة لقد تسببت لنا بمشكلة ونحن نحاول تحسين
صورة عملنا "

بدأت دموعي بالنزول وقلت ببكاء " ولما أنا فقط من .... "

قاطعني قائلا بحدة

" السيد يرسل لك تحذيرا وقال أنه ليس الأول كما أحذرك أنا من الاستهتار أكثر "

قلت بغضب وعبره " بل أنا من ستترك لكم المكان بما فيه ففقر مع عزة النفس ولا نقودكم
والمدله وها ذي أنا أطلب الاستقالة وأخذ مستحقاتي وشهادة نهاية الخدمة "

قال ببرود " الطلب مرفوض وليس الأمر بيدي ولو كان كذلك لقبلتها بكل سرور "

قلت بغيض " لن أبقى هنا يوما واحدا قبلتموها أم لم تقبلوا والمستحقات لا أريدها "

خرجت من عنده ولا كلام إلا بين عينيا وكف يدي هي تتحدث دمعا وهوا يستمع لها عن قرب

دخلت مكتبنا وبدأت بجمع أغراضي وقفت شروق وقالت " ما بك يا ليان ماذا حدث "

قلت ببكاء وأنا أجمع الأغراض في الحقيبة

" سأترك هذه الشركة ومن فيها فليهنأ الأستاذ أديم بحياته بعد خروجي من شركته يكفيه مننا عليا
بأفضاله , الشارع ارحم لي من مذلتي بسببه ولم يكتفي بذلك بل أعطى المدير الفرصة لإهانتي "

اقتربت مني وأمسكت بذراعي وقالت بحدة

" هل طلبتي منه الاستقالة من العمل يا ليان هل جننتي "

قلت بألم " أجل وقال أنه طلب مرفوض ولو بيده لكان قبله هم لا يتصدقون علي
حتى بمستحقاتي وشهادة تساعدني للعمل بمكان آخر "

قالت شروق وهي تشد ذراعي " توقفي عن الجنون يا ليان ولا تنسي ما أنتي فيه "

قلت ببكاء " للجحيم هم وشركتهم لقد كنت على قيد الحياة قبل أن أدخلها ولم يقتلني الجوع
الله وحده من يرزق عباده بلا دل ولا مهانة ولا يمن حتى رغم أنه الأحق بذلك "

هممت بالخروج حين استوقفني جسد وسيم الذي ملأ الباب وفي عينيه نظرة تستفسر سبب خروجي

ابتسمت بحزن وقلت " أنت أحق منهم ومن ألسنتهم لأن تكون مالكا لهذه الشركة "

ثم تجاوزته وعبرت الباب خارجة من المكان برمته وتوجهت لمنزلي سيرا على
الأقدام رغم بعد المسافة ولا يخيم فوق راسي إلا الحزن والدموع لا تفارق أجفاني
حتى وصلت دخلت المنزل استحممت وغيرت ثيابي ونمت من شدة التعب والإنهاك

ميس بقيت سجينة الغرفة لأيام وأيام أسمع صوت الباب وخطواته يدخل لبعض الوقت ثم يغادر
وها هوا اليوم أطال البقاء على غير عادته يبدوا أنه نام , لما لا يتركني وشأني لا أفهم
فلا يأخذني لتلك العائلة المبجلة ولا يدعني أذهب في حال سبيلي يسجنني هنا ويتفقدني كل
حين سمعت خطواته تقترب من الحجرة شيئا فشيئا ثم طرق الباب فلم أجب طرق ثانيتا وبقوة
أكبر وقال

" ميس أفتحي الباب لما تسجني نفسك "

قلت بغيض " لا أريد أن أفتحه أتركني وشأني "

تنهد وقال " لن تضري إلا نفسك يا ميس "

قلت بغضب " لا شأن لك بي ولن أفتح ولن أخرج وسأموت هنا جوعا "

قال بهدوء " ميس لما تفعلي كل هذا "

قلت بحزن " أتركني وشأني لا أريدكم أتفهم "

سكت قليلا ثم قال " ولكننا نريدك "

قلت بصراخ " كاااااذب "

قال بهدوء " لست كاذبا "

قلت بضيق " وإن يكن ذلك فلا يهمني ولا أريدكم "

قال بضيق " ميس "

قلت بأسى " لا تقل ميس لا تنادني باسمي أكرهك وأكرههم "

قال بحدة " ولماذا تكرهين الجميع هل تعرفت إليهم هل تعلمين إن كان يهمهم أمرك "

قلت بغضب " الأمر واضح جدا فأنتم لم تريدونا يوما ولم تسألوا عنا لا أعرف كم لي عم
وعمة لي جد وجدة أم لا, أي عائلة أنتم لم نعرفكم وقت الشدة وقت الحاجة ويوم أن أرسلوا
في طلبي كانت مجرد كذبة ومسرحية لتثبت لي أكثر أنكم بلا مشاعر ولا قلوب "

قال بحدة " ليس صحيحا لقد بحث والدي عنكم كثيرا لقد كان على اتصال دائم بعمي نبيل
حتى دخل الـ ..... "

بثر كلمته ثم تابع " ومنذ ذلك وهوا يبحث عنه ودون جدوى وبعد وفاته بحث عن عائلته
ليعلم إن كان له أبناء لقد أخبرني بذلك بنفسه ولم يمنعه عنكم إلا الموت فكلفني بالمهمة "

ضحكت بسخرية وقلت " هل كلفك باختطافي ورميي في مستودع مع شابان لا خلق
ولا دين لهما هل كلفك أن تتهمني في شرفي وتخترع الطرق لاكتشاف الحقيقة هل كلفك
أن تأخذني رهينة و.... "

قاطعني باستياء " يكفي يا ميس يكفي فأنتي لا تفهمين شيئا "

قلت بأسى " لا ليس يكفي فلما ترفض سماع الحقيقة لما تسجنني هنا أتركني وشأني "

سكت كلينا لبعض الوقت ثم قال بهدوء " ميس "

قلت بضيق " ماذا تريد "

تنهد وقال " افتحي الباب دعينا نتحدث "

قلت بهدوء " لقد تحدثنا وانتهى أعدني لوالدتي أرجوك عليا أن أكون بقربها "

قال بهدوء مماثل " والدتك بخير أنا أطمئن عليها يوميا وبنفسي "

قلت بأمر " أريد التكلم معها "

قال " موافق إن خرجتي وتناولتي الطعام تركتك تتكلمي معها كيف شئتي "

فتحت الباب بهدوء وخرجت
صهيب ما أعند هذه الفتاة إنها تسجن نفسها منذ أيام دون طعام وكلما دخلت المنزل تفقدت
الحمام إن كانت أرضيته مبللة أو جافة لأتأكد أنها تخرج من الغرفة وأنها لازالت
على قيد الحياة قررت اليوم التحدث معها وإقناعها بالخروج ولو كسرت الباب
عليها ولم يزد الحديث الأمر إلا سوءا فما كان أمامي إلا أن أستغل مسألة والدتها
فهي الشخص الوحيد الذي تهتم لأمره ففتحت الباب أخيرا وخرجت منه ببطء
تلك العينين الزرقاء الواسعة والملامح الغربية الطفولية يبدوا أنني , آه لقد اكتشفت
الآن السر أنا كنت أفتقد وجودها الأيام الماضية

وقفت مستاءة وقالت " هيا أعطني الهاتف لأكلمها "

قلت بابتسامة " ليس قبل أن تأكلي "

تنهدت بضيق وقالت " لا رغبة لي بالطعام "

قلت بهدوء " إذا لن تتحدثي معها "

تأففت وقالت " حسننا لنرى نهاية هذا الأمر "

جلبت كيس الطعام وضعته على الطاولة وقلت " كليه كله "

وضعت يديها في وسط جسدها وقالت

" ماذا كله ,هل تريدني أن أموت أم تضنني عملاقة مثلك "

ضحكت كثيرا ثم قلت " هل هذا رأيك بي هل تريني عملاقا "

قالت بحدة " نعم عملاق وشعرك ليس جميلا ولحيتك غريبة الشكل وثيابك لا تمد للأناقة بصلة "

ضحكت أكثر وقلت " حقا أنا ابدوا هكذا ظننت أنني وسيما وأعجب الفتيات "

ابتسمت بسخرية وقالت " إنهن يخدعنك ليأخذن نقودك فقط "

تم توجهت للطاولة أكلت القليل وقالت " ها قد أكلت اتصل لي بوالدتي فورا "

جلست مقابلا لها وقلت " قليلا بعد "

تأففت وعادت للأكل ببطء وعيناي كانت ترصد كل حركة من حركاتها رفعت عيناها
ونظرت لي وقالت

" ألم ترى شخصا يأكل من قبل "

قلت بابتسامة " بلى "

قالت بضيق " إذا لما تنظر إلي "

قلت بهدوء " لا أعلم أخبريني أنتي لما "

قالت بضيق " لأنك ابن العائلة المبجلة التي لا أستغرب منها شيئا "

قلت " هل ترينا سيئين لهذه الدرجة "

قالت بحزن وعيناها على الكيس " هذا لأنك لا تعرف ما أشعر به فأنت لم تجربه "

لذت بالصمت فالكلام في الأمر لن يجدي نفعا وعدت للنظر إليها بتمعن لا أعلم لما لا أستطيع
السيطرة على عيناي ولا منعهما من ذلك

نظرت لي بضيق وقالت " لقد انتهيت فهل انتهيت أنت "

قلت بحيرة " انتهيت مما "

قالت بحدة " من النظر لي بشفقة أو بسخرية أنت الأعلم "

ابتسمت وقلت " لما لا تظني بي ظننا حسنا أبدا "

نظرت لي بحيرة وكأنها تحاول تفسير كلماتي فأخرجت هاتفي واتصلت بوالدتها وشغلت
مكبر الصوت ووضعته على الطاولة فجاء صوت والدتها قائلة

" مرحبا يا صهيب كيف حالك بني "

نظرت لي ميس بغضب ثم قالت مخاطبة والدتها " هذه أنا يا أمي "

أجابتها بحب " مرحبا بنيتي كيف حالك يا ميس لما تقاطعينني هكذا ما كل هذا الغياب الطويل "

نزلت دمعتان من عيني ميس وقالت بعبرة

" لقد اشتقت لك أمي كل ما أريده هوا النوم في حضنك الآن "

وتتابع سيل الدموع التي أراها للمرة الأولى تنزل من عينيها رغم كل ما مرت به , لقد
علمت الآن ما يعنيه بحر حين كان يقول دموعها شيء لا يمكنني تحمله أعانك الله على
ما أصابك يا أخي

آه توقف عن هذا يا صهيب هل جننت أتريد أن تنتهي لما انتهى له بحر وزبير وزد عليه أنها
تكرهك بشدة

بعد أن أنهت مكالمتها أخذت الهاتف وأعدته لجيبي فنظرت لي وقالت

" متى ستفرج عني "

قلت بهدوء " ليس بعد "

قالت بضيق " ومتى إذا ما الذي تريده مني يا صهيب "

أخيرا عادت لذكر اسمي من جديد نظرت لها بابتسامة فقالت بضيق

" هل قلت شيئا يدعوا للسعادة "

قلت بهدوء " نعم "

قالت بضيق أكبر " وما هوا هذا لعلي أسعد معك "

قلت بابتسامة " شيء لن تفهميه ولن يسعدك أبدا "

وقفت مستاءة ودخلت الغرفة وأغلقت الباب ثم فتحته وقالت بغضب

" أين المفتاح هل أخذته "

وقفت وقلت مغادرا " نعم أخذتهم جميعها كي لا تعودي لفعلتك "

ثم خرجت من المنزل قاصدا السفر للعاصمة بعد أن تناولت ميس الطعام لا أريد تركها
هنا لوحدها ولكني مطر لذلك ولن أتأخر

رنيم يبدوا أنه لا أسلوب للتعامل معك يا غيث سوى الند بالند إذا تتعمد إغاظتي ويسعدك ذلك
سنرى جلسنا على الغداء وكنت هادئة تماما كعادتي حين قالت خالتي موجهة حديثها لغيث

" متى قال لك صهيب أنه قادم "

أجاب بعد برهة " عند صباح الغد وسيغادر ذات اليوم "

تنهدت خالتي وقالت " هذا الفتى سيصيبني بالجنون "

ضحك زبير وقال " كم واحدا منا سيصيبك بالجنون ولم تُجني حتى الآن يا أمي "

نظرت له خالتي بضيق وقالت " يبدوا لي مزاجك قد تحسن كثيرا هذه الأيام "

قال بلا مبالاة " لأني اكتشفت أني أخسر نفسي من أجل شيء لن تغيره إلا قدرة الله "

ثم ابتسم وقال "عليا أن لا أدفن نفسي في مقبرة الماضي وأتفرج على المسافرين للمستقبل "

نظرنا جميعا له بحيرة من تبدل حاله فرغم مرحه الدائم إلا أن كلماته كانت لا تخلو من
اليأس والإحباط, ترى هل تحسنت الأمور بينه وبين حور نظرت لها بتساؤل فرفعت
كتفيها علامة عدم الفهم فقال غيث

" قد يكون الماضي بمقابره أجمل من الحاضر أو حتى المستقبل الذي سيكون
محرقة وليس مقبرة "

نظرت له ببرود قاتل وعدت لتناول الطعام وبعد أن انتهى الجميع من الأكل قامت خالتي
وحور بتنظيف طاولة الطعام وتوجهت أنا للمطبخ ولحق بي السيد غيث طبعا فهوا لم يبرد
قلبه بإغاظتي اليوم وقف بجانبي عند المغسل وقال

" أسكبي لي فنجان قهوة "

فقلت ببرود

" القهوة جاهزة في آلة تحضير القهوة وقهوتك لا تحتاج لسكر كنت وحدك
تأخذها دائما فما الجديد "

قال بحدة " ولما تزوجتك هل لأتفرج عليك "

قلت بذات البرود " بل تنفيذا لوصية والدك "

تغيرت أنفاسه دليل الغضب ثم قال " لا أمر من قهوتي إلا حياتي التي دخلتها أنتي "

ثم خرج ولم أضف كلمة ولا نفس أعلم أنه سيحاول جعلي أدفع ثمن هذا ولكني لن أعطيه المجال

بعد أن انتهينا من أعمالنا جلست وحور نتبادل الأحاديث ونمضي الوقت فكلانا لا تنام بعد
الظهيرة وكلانا طبعا لا زوج لها يفتقدها عند هذا الوقت وأمضيت يومي كالعادة وعند
المساء وبعد صراع طويل مع أعمال المطبخ التي لا تنتهي صعدت لغرفتي وكما توقعتم
زوجي العزيز هناك ولكن ما لم يكن هناك هي الأريكة التي كنت أنام عليها أحسست
بالأبخرة تتصاعد من رأسي , ما يريده هذا المتوحش مني ولكني تمالكت نفسي فلن
أعطيه الفرصة للعب بأعصابي توجهت للغرفة فوجدته مضجعا على السرير ومتكأ
على يده ومستيقظ طبعا ليشاهد نتائج انتصاره ابتسمت له ابتسامة باردة وقلت

" هل أصبحت الأرائك تهرب منك أيضا "

قال ببرود " يبدوا ذلك فما افعل في نفسي فالكل يكرهني ويهرب مني حتى زوجتي "

ابتسمت بسخرية وتوجهت للخزانة أخذت ثيابي وخرجت فاستوقفني صوته قائلا

" إلى أين "

قلت ببرود " لجناح الضيوف "

قال بحدة " وماذا ستقولين لوالدتي "

قلت " سأطلب منها أن تسألك وقل لها ما يعجبك "

نهض من السرير وتوجه ناحيتي وأمسكني من ذراعي وقال بمكر

" بل ستنامين هنا شئتي أم أبيتي "

نظرت لعينيه وقلت بجدية

" لا تفعل شيء لست نده يا غيث كي لا تندم وتلقي باللوم علي فلا تلعب لعبة لا تعلم نتائجها "

أمسك بذقني وقال بابتسامة جانبية " لما لا نجرب لعبها فقد تعجبنا "

ابتسمت بسخرية وقلت " قد لا يعجبك اللعب مع الخائنات "

قرب وجهي من وجهه وقال " ما رأيك بواحدة رائعة كتلك "

قلت بسخرية " بل لما لا تكون أروع "

قبلني بقوة فلم أقاومه ولم أتفاعل معه في ذلك ثم أفلتني فقلت ببرود

" لم أكن أعلم أن القبلات الكريهة مثلي أصبحت رائعة لما لا تجرب مرة أخرى أم أنك
لا تملك الشجاعة أو ليس لديك الــ ........ "

نظر لي بغضب ويبدوا أن ردة فعلي قد فاجأته فأمسكني ورمى بي على السرير قبل أن
انهي كلامي وتبتني عليه وبدأ بخلع قميصه وهوا يردد بغيض

"ستري من الخاسر يا رنيم وسأريك أي شجاعة أملك وما أستطيع فعله "

صرخت به قائلة " ابتعد عني يا غيث ماذا ستفعل هل جننت "

أمسكني من كتفاي وقال بغيض " لن أكون غيث لو لم أدفعك ثمن ما قلتي "

حاولت الخلاص منه حاولت الصراخ فكتم صراخي أعماه غضبه واخسرني تحديا له
وعنادي ما تبقى لدي وانتهى كل شيء
غيث سحقا لها من فتاة ما الذي فعلته يا غيث كله بسببها وبسبب برودها لقد قمتَ بكسر الحاجز
الذي كان بيننا ودمرت كل شيء , كنت جالسا على طرف السرير معطيا إياها ظهري
ومطأطأ برأسي للأسفل وصوت بكائها لا يتوقف عن الوصول فصرخت بغيض

" توقفي عن البكاء "

قالت بألم " لا شأن لك بي ماذا تريد مني بعد , لديك جناحك ولن أضايقك فيه "

وقفت ونظرت إليها وهي جالسة على السرير تحضن ساقيها وقلت بغضب

" أنتي السبب فقد حذرتك مرارا من استفزازي ببرودك يا رنيم "

قالت ببكاء " أخبرتك منذ البداية أن لا تلقي باللوم علي وأن نتائج لعبتك لن ترضيك ثم
ما يزعجك في الأمر وأنا وحدي الخاسرة "

قلت بحدة " ما هذا الذي تقولينه نحن متزوجان وأنا لم أغتصبك لتقولي ذلك "

قالت بغيض

" وأي متزوجان نحن , قل لي أي متزوجان هؤلاء المعلق زواجهما حتى وقت قد يكون قريبا "

ابتسمت بسخرية وقلت " لا تخافي فابن خالتك لن يرفضك لهذا "

قالت بصراخ " هل هذا كل ما تفكر فيه يالك من مريض يا غيث "

اقتربت منها أمسكتها من ذراعها وقلت " لا تتواقحي يا رنيم كي لا أكرر ما فعلته للتو "

قالت بألم " أفعل ما شئت فلم يعد هناك فرق "

فكنت هذه المرة عند تهديدي وكررت ما فعلته منذ قليل ولكن هذه المرة لم يكن
الغضب الأعمى هوا السبب بل شيء لا أفهم ما هوا ثم قلت مغادرا

" هذا ما سيحدث كلما حاولتي استفزازي "

غادرت الجناح ودخلت جناحي استحممت وارتميت على السرير بضيق فها قد ظهرت
نتيجة عنادنا كنت أود فقط إغاظتها وكانت تتعمد استفزازي وهذه هي النتيجة , يكفي
هيا توقف يا غيث فأنتما متزوجان ومن الطبيعي أن يحدث ذلك ومنذ شهور

⚘⚘⚘الجزء السابع عشر ⚘⚘⚘

ليان ها قد عدت للصفر من جديد ولكن صفر هذه المرة يحمل في طياته العديد من المشكلات
ما سأفعل يا ترى, إن سلمتهم المنزل فسأبقى وعمي في الشارع خصوصا بعدما خسرت
عملي , وما ادخرته من مال لن يكفيني ولن أعود إلى هناك ولو أكلت العشب ونمت
على الرصيف , لا حل لما أنا فيه فمشكلتي مع أخوتي لا حل لها وشاهد ذاك الزواج
منه أسوء من نومة الشارع ووحدي من سيدفع ثمنها لأني سأصبح مطلقة مرمية بالشارع
فبالتأكيد هوا على اتفاق معهما لأخذ المنزل يا إلهي لقد ضاقت ومنك الفرج عليا أن أبدأ
بالبحث عن عمل أي كان ومنذ الغد وسأعود لمهنتي الأساسية التي لن يمن علي أو يطردني
منها أحد وهي الأشغال اليدوية لتساعدني قليلا قبل أن أجد عملا , آه أتمنى أن تنام قرير
العين مرتاح البال الآن يا أديم باشا

وصلت المنزل مثقلة بالهموم وصفر اليدين ككل يوم فمنذ أيام وأنا ابحث عن عمل ودون
جدوى والنقود التي لدي بدأت بالنفاذ سيكون علينا العودة لحياة التقشف تلك من جديد
وجدت عمي يقف في منتصف البيت توجهت ناحيته وقلت بحنان

" عمي ما الذي يوقفك هنا الجو بارد وستمرض هيا تعالى معي للداخل "

قال بابتسامة " لقد جاء أحدهم وترك لك هذه الورقة كنت أود إعطائها لك عند عودتك "

قلت بحيرة " من هذا الذي جاء "

قال " لا أعلم من يكون يبدوا لي من الشركة ألم تكوني هناك "

تنهدت وأخذت منه الورقة وكانت بالفعل خطاب من الشركة لأعود لعملي ما بهم
يتمسكون بي هكذا ألم يشبعوا من إذلالي بعد , أمسكت يده ودخلت به للداخل قائلة

" عمي لو جاء هذا مرة أخرى فلا تأخذ منه شيئا حسننا "

قال بعد صمت " ولما يا ابنتي هل من مكروه "

قلت بهدوء " لا تأخذ منهم شيئا أرجوك يا عمي وهيا ادخل لتدفأ وترتاح وسأعد لك الغداء حالا "

بعد أيام من البحث تحصلت ليس على عمل بل على وعد من زميلة لي أيام الدراسة للحصول
على عمل بمدرسة خاصة تقوم بالتدريس فيها وستتحدث مع مديرة المدرسة بشأن ذلك الأمر
الحمد لله يبدوا أنها قد تُفرج قريبا دخلت المنزل ككل مرة مثقلة بالتعب والهموم وتوجهت
من فوري لتفقد عمي ثم للمطبخ فتحت الخزانة الصغيرة الموجودة فيه وكانت شبه فارغة
ارتديت معطفي وحجابي وأخذت ما تبقى من نقود لأجلب شيئا يؤكل ولو من أجل عمي فأنا
قد أتحمل الجوع لأيام

خرجت أسير ببطء وشعرت بحركة ما خلفي التفتت للوراء ولم أجد شيئا , منذ أيام وأنا اشعر
بأحدهم يلاحقني لابد وأنه شاهد وسينال مني ما يستحق عدت بخطوات سريعة للخلف ووقفت
عند فتحة الشارع الفرعي فشهقت بصدمة وقلت

" وسيم ما الذي تفعله هنا "

حك مؤخرة شعره وهوا يبتسم بخجل نظرت له بحيرة فرفع يديه فارغتين أي أنه لا
يملك دفترا ثم أمسك بيدي وكتب بأصبعه في كفي كلمة لقد ثم كلمة أضعت ثم عنوان
ثم منزلك

ابتسمت له وقلت " كم أنت شاب مهذب يا وسيم لو كنت غنيا ما كنت هكذا "

أمسكت بيده وكتبت له كلمة شكرا ثم كلمة لك , سحبت بعدها يداي بسرعة وشعرت
بالخجل وقلت

" يا لي من حمقاء ما هذا الذي فعلته "

ثم نظرت له بابتسامة وأشرت له بيدي أن يأتي معي لمنزلنا ثم ضربت بيدي على جبهتي وقلت

" آه طعام عمي لقد نسيت كيف سأفهمه ذلك الآن "

أخرجت نقودا من جيبي وأشرت له بيدي جهة آخر الشارع حيث يوجد دكان صغير وأشرت
له بيدي ذهابا وعودة وقلت

" أفهمني وسيم أرجوك "

ابتسم وهز برأسه موافقا ثم سحبني من يدي لأفهم أنه سيرافقني إلى هناك دخلنا الدكان فأخذ
وسيم كيسا وبدأ بجمع حاجيات متنوعة وكثيرة حتى كاد لا يبقي نوعا لم يأخذ منه ودفع
الحساب من جيبه اعترضت ولكنه لم يرضى إلا أن يدفع فقلت بهمس كي لا يسمعني صاحب
الدكان

" أنا أساسا لا أملك ثمن كل هذا يالك من رحمة أرسلت إلي اليوم يا وسيم لو لم تكن أخرس ولا
تعلم بحالي ما كنت لآخذها منك "

التفت ونظر إلي بحيرة حتى أنني شككت أنه قد فهم ما قلت ثم ابتسم وأخذ الدفتر من صاحب الدكان
وكتب لي

( خدي أي شيء يلزمك يا ليان )

أشرت برأسي نفيا وقلت " يكفي هذا يا وسيم أنت لا تعلم أي خدمة أسديت إلي "

ثم غادرنا متوجهين للمنزل ولكن وسيم رفض الدخول وغادر بعد إيصالي حمدا لله الذي وضعك
في طريقي اليوم , دخلت المنزل أعددت غداء عمي ونمت مرتاحة البال ولو اليوم فقط

أُديم يبدوا أنني لن أتوقف عن التسبب بالمشاكل لهذه الفتاة أردت معاقبتها علي سلاطة لسانها فقط
ولكي تتوقف عن اهانتي ولم أتصور أنه سيتسبب لها بكل هذا , هل لعزة نفسها أن تخسرها
عملها يا لها من فتاة لقد مرت عدة أيام علي ترکها للعمل ولا يبدوا لي أنها تفكر في العودة
طلبت من المدير إرسال خطاب لها ولكن دون جدوى يبدوا أن کلامها ذاك لم يكن مجرد
ساعة غضب

سألت شروق إن قامت ليان بزيارتها أو طلبت منها شيئا ولكن جوابها كان النفي كما
توقعت فتلك الفتاة عزيزة نفس ولن ترضي بذلك خطرت ببالي فكرة مجنونة ونفذتها
علي الفور وبدأت بمراقبتها وهي تجول الأماكن بحثا عن عمل وتأخذ مشغولاتها اليدوية
للمحلات لعرضها عليهم هل ترضي بكل هذا التعب علي أن تعود للشرکة غريب أمرها حقا

شعرت بخيبة أمل حين اکتشفت أمري وأنني أراقبها أوقات خروجي من العمل ولكن يبدوا أن
الأمر جاء بنتيجة فقد کفرت عن البعض من ذنبي وساعدتها قليلا

ذهبت اليوم محاولا إقناعها بالعودة لعملها تقابلنا عند منتصف الشارع ويبدوا أنها
كانت مغادرة لمكان ما حاولت إقناعها أن تعود للشرکة ولكن دون نتيجة کتبت لها

( هل يعجبك أن تبقي هكذا )

كتبت لي ( هوا أشرف لي ألف مرة )

کتبت لها ( عودي وإن تم مضايقتك ثانيتا فارحلي )

أومأت برأسها رفضا يا لها من عنيدة هل تلتصق في الفقر هكذا , تنهدت بضيق ونظرت
لها فوجدتها تنظر بحدة لشخص ما يبدوا أنه خلفي التفتت فكان کما توقعت شاب علي
ملامحه الغضب هل هوا شقيقها الآخر يا تري

قالت ليان بحدة " ماذا تريد "

نظر لي من أعلي لأسفل ثم قال بابتسامة جانبية " أريد ما يريده هذا الشاب "

صرخت به ليان

" لا شأن لك به و بي إنه يعمل معي في الشرکة کما أنه أخرس فهوا ليس من نوعك المتدني "

امسك ذراعها وقال بغيظ

" أتدعين العفة وترفضي التحدث معي وتسمحي لهذا , أنا الأولي باللهو معي منه يا رخيصة "

أمسكت بذراعها الآخر وسحبتها منه ونظرت له بغل وقبضت يدي الأخرى ولكمته بها حتى
هوي أرضا وكنت سألقنه درسا غير أن ليان منعتي فوقف وصرخ قائلا

" حسابي ليس معك يا ليان حسابي مع إخوتك "

صرخت به قائلة " لن أتزوج بك يا شاهد ولو قتلوني "

قال بابتسامة سخرية " ومن قال أني لازلت أريد زوجة من أمثالك رخيصة تصادق الرجال
ولكن عليك دفع ثمن کل مليم دفعته لأخوتك إرضاء لهم ليرضوا بي وأنا أعلم جيدا کيف
آخذه منك فلينفعك أخرسك هذا "

ثم غادر غاضبا , وضعت ليان يدها على رأسها وقالت

" وكأنه ينقصني مصائب ما الذي ينوي فعله بي "

تنهدت بضيق فأنا من يعلم جيدا ما ينوي كتبت لها ( أنا آسف كل مشاكلك بسببي )

ابتسمت بحزن وكتبت

( لا ليست بسببك فلست من حرض أخوتي ولست من طردني من عملي ولا من تطاول بلسانه علي )

بل أنا السبب حتى هذه اللحظة أنا السبب , كتبت لها

( خذي حذرك منه يا ليان يبدوا لي رجلا سيئا ولا تفتحي باب بيتك لأي كان )

ابتسمت وقالت " ليث الجميع مثلك يا وسيم ما نفع ألسنتهم التي أنت أحق بها "

كتبت لي ( شكرا لاهتمامك وأعتذر عن كل ما سببته لك من مشكلات )

ثم غادرت بحزن

عليا إصلاح ما أفسدته , هي تراني نذير خير ولست سوى نذير شؤم حل بشؤمه عليها ,
عليا أن أزور صديقي الوحيد هنا لمساعدتي يجب أن أحمي هذه الفتاة فلن يرتاح ضميري
لو تسببت لها بأذى

بحر وحدي بين الجميع من تحولت حياته لجحيم فلم أجد حلا لي سوى الهروب الدائم ومنذ أشهر
وأنا أتجنب البقاء رغم مرارة البعد فلم يعد بإمكاني احتمال رؤيتها وزبير يتبادلان الحديث
والضحك ووحدي من يبكي على مواجعه هناك , أبتعد وأبتعد لأعود متلهفا لرؤيتها رغما
عني فيصفعانني بكف الواقع المرير الذي أحاول تجاهله دائما , دخلت القصر بعد منتصف
الليل كعادتي والكل نيام توجهت للمطبخ فاكتشفت بأنه قد خانتني توقعاتي فقد وجدت حور
هناك نظرت لي ونظرت لها في صمت موحش ونظراتنا تتحدث بألم ولهفة وشوق لا بل
بتعاسة وحرقة وخيبة أمل

بعد وقت طويل من لقاء العينين قلت بهدوء يشبه الهمس " خائنة "

امتلأت عينا حور بالدموع حينها وعلى الفور وكأنها كانت تنتظر الإشارة للخروج ثم ابتسمت
بحزن وقالت

" نعم معك حق فأنا من رحلت وتركتك وأنا من لم تكلف نفسها عناء أخبارك أنها لن تعود لكي
تتوقف عن انتظاري بالسنين بل أنا من حكمت عليك بالموت حين علمتُ أنك ستكون لغيري
ووقفت أتفرج "

ابتسمتُ بسخرية وقلت

" لا داعي لأن تلقي بلومك علي لتبرئي نفسك قولي أنك سعيدة بحياتك مع غيري "

صرخت قائلة ببكاء " لا يلزمني أن أبرأ نفسي أمامك ولا لأشرح شيئا فلم تأتي أنت منذ سنين
إلي لتشرح لي سبب خذلانك لي , أرحمني من عذابي يا بحر يكفي معاملتك القاسية لي وكأنني
السبب في كل شيء وهجرانك للقصر لأنني فيه وكأني صرت وباء تخشى الاقتراب منه "

قلت بألم " لم أحتمل لا يمكنني احتمال رؤيتك تتبادلين الضحكات والأحاديث مع شقيقي , أنا
بشر يا حور بشر ولست جثة ميتة لا تشعر "

قالت ببكاء أكثر " وأنا ماذا حجر , أنا أيضا اشعر وأتعذب فلست وحدك من تعاني فتوقف عن لومي
واتهامي أعدك أنني لن أترك جناحي طوال فترة بقائك هنا ولكن توقف عن معاملتي بهذا الشكل "

ضغطت قبضة يداي بقوة وقلت بأسى " يكفي بكاء يا حور يكفي "

قالت بألم " لا ليس يكفي فليس لي إلا البكاء أبكي وحدي كل ليلة ولا أحد يمسح لي دموعي
ويواسيني لا أم لا أب ولا عائلة ولا أهل ولا حتى زوج , ليس لي إلا الجدران والأشباح
والظلام وبعد كل هذا أكون الخائنة, ما ذنبي إن تزوجني شقيقك إن زوجوني به الأموات
ليرسلوا روحي معهم حيث ذهبوا وأعيش بجسد وروح ميتة , يكفيني ما خسرت حتى
الآن يا بحر أرجوك "

توجهت ناحيتها قربت ظهر أصابعي من خدها ومسحت دموعها ثم لففت يدي حول رأسها
وشددتها لحظني بقوة وشددت بقبضة يدي على ثيابها بكل قواي وكأني أعصر ألم السنين
ووجع اليوم والأمس شددتها لصدري بكل قوة وكأني أريد سجنها فيه لتموت شهقاتها هنا
وتختفي ولا أسمعها , طوقتها بيدي الأخرى وقلت بهمس متألم

" أخبريني ما العمل يا حور ما العمل "

قالت بوجع " لماذا يحدث معي كل هذا لماذا أنا لست لك أنت ... لماذا "

قلت بحسرة " لأنني غبي ولا أستحقك ولأنني أبن جابر ولست ابن شامخ لأنه ليس لي إلا
العذاب والحرمان والألم "

ابتعدت عني وركضت مسرعة خارج المطبخ واختفت عن ناظري ككل مرة ولكنها تركت
ما لم تتركه في كل المرات تركت ألما في قلبي ونارا تشتعل وسط ضلوعي وعينان تسكب
دموعا ليس لها غيرها فخرجت من القصر أتعثر حتى بحبات الغبار ركبت سيارتي وغادرت
إلى حيث قد لا أعود

حور خرجت مسرعة من ذاك المكان لا بل هربت من حضنه قبل أن أتهور وأطاوع رغبتي
في أن ألف يداي حول جسده وأشد من احتضانه أكثر من شده لي دخلت غرفتي وبكيت
بصراخ وبألم بكيت ما ضاع مني ولن يعود بكيت هروبي من حضنه وأنا أحوج البشر
إليه سمعت طرقا على الباب وصوت زبير يناديني فصرخت بألم

" دعوني وحدي أتركوني وشأني "

وصلني صوته غاضبا " أفتحي الباب يا حور وإلا كسرته الآن "

وقفت وتوجهت جهة الباب وصرخت غاضبة

" أعيدوني من حيث جئتم بي أتركوني أعيش في سلام لماذا أحضرتموني إلى هنا لماذا "

ثم التصقت بالباب وقلت بأسى " أكرهك يا والدي أكرهك يا عمي شامخ أكرههم لقد دمروني "

قال زبير بهدوء " حور افتحي الباب أرجوك هيا "

فتحت الباب وشعرت بأنني أبتعد عن كل شيء أمسكت الباب بقوة ورأيت يده تمتد لي ثم
ابتعد كل شيء وأظلمت الصورة أمام عيني ولم أشعر بنفسي إلا على سريري ولم تكن
تلك البداية فقد لازمت السرير من جديد لعدة أيام ولم أعلم عن بحر إلا أنه تم إيقافه
بمركز الشرطة ولم أستطع السؤال عن التفاصيل فلا يحق لي ذلك ولا حجة لدي

زبير عادت أحوال حور الصحية للتدهور من جديد لقد أغمي عليها وهي طريحة الفراش
من حينها بكائها لم يكن طبيعيا قبلها , هذه الفتاة إما سوف تجن قريبا أو ستموت ليته
بإمكاني خرق تلك الوصية

" مرحبا بالأخ العزيز "

وقفت ملتفتا للوراء حيث صاحب الصوت وصافحته بقوة قائلا

" مرحبا صهيب أين أنت يا رجل فلم نعد نراك "

قال مغادرا حيث مكتب والدي " جئت لبعض الوقت وسأغادر هل تأتي معي "

ضحكت وقلت وأنا أتبعة " وهل أفوت شيئا يعكر المزاج كهذا "

دخلنا الغرفة حيث كان جدي وأعمامي وغيث وها هي تكتمل بوجود صهيب والحرب ستكون
ضروسا بالتأكيد وما إن دخلنا حتى قال عمي عصام

" ها قد شرفتنا برؤيتك أخيرا "

قال صهيب بابتسامة سخرية " حضوري من عدمه لن يغير في رأيي شيئا "

قال عمي عاصم " عليك إيقاف هذه المهزلة يا صهيب سندفع ثمن الفدية وينتهي الأمر "

جلس صهيب وقال ببرود " والشروط "

قال عمي جسار بغيض " أخبرنا أخوتك سابقا أنه لا حق لها لدينا فقد أخذ والدها حقه "

صرخ صهيب " والدها يسمى شقيقكم فالأولى بك أن تقول أخي والحق حقها أحببت أم كرهت
وعمي نبيل لم يأخذ شيئا وبراءته ستظهر وعليكم تدارك الأمر قبل فوات الأوان "

صرخ عمي جسار قائلا " أحترم أعمامك أو من هم أكبر منك إن كنت لا ترانا أعماما لو كان
والدك على قيد الحياة ما تركك تفعل هذا "

ضحك صهيب وقال " والدي , ومنذ متى أحببتموه وقدرتم قدره ليفعل ذلك "

قال حينها جدي بحدة " صهيب يكفي الآن هل ستدفع لهم الفدية أم لا "

قال صهيب ببرود " قبل الشروط ... لا "

وقف حينها جدي وقال " إذا ما من داعي لبقائي "

وخرج مغادرا ثم وقف عمي جسار قائلا

" ستندم يا صهيب وقت لن ينفعك الندم فأنت تلعب بسمعة الفتاة قبل سمعة العائلة "

ابتسم صهيب بسخرية وقال

" لو مس سمعة الفتاة شيء فستكون زوجتي في اليوم التالي أي أنها لن تخسر شيئا "

نظر له بصدمة كحال الجميع ثم قال " وبنات عمك وسمعة العائلة "

قال صهيب ببرود " فليفكر بهم والدهم لو كانوا يهمونه وفكروا بسمعتكم لو كانت تهمكم أما أنا
فالفتاة وحدها مسئوليتي "

صرخ عمي عاصم " هل ابنة الغرب والله وحده يعلم من تكون هي ابنة عمك ومسئوليتك وبناتي
الشريفات لا تهتم لأمرهم هل على هذا رباك والدك "

حينها ثار صهيب كالبركان وقال

" لو لم يهتم والدهم لأمرهم فللجحيم والفتاة أشرف وأنزه منك ومنهم "

رفع حينها يده فأمسكها صهيب وقال بغيض

" زمن الضرب والمهانة قد ولى يا عمي العزيز فلم نعد صغارا ولا تعتقد أن الأطفال ينسوا طفولتهم "

سحب عمي يده منه ثم قال

" إن كان شقيقك الأكبر يجلس كالجبل ولا يردعك فما من رادع لك ولكن لعلمك ستدفع
الثمن غاليا يا صهيب "

ابتسم صهيب بسخرية وقال " ليس بيني وبينك مال لأختلسه وترميني في السجن "

خرج حينها كليهما فنظرت لغيث وقلت " غريب لما كل هذا الصمت "

قال غيث " وما الغريب فلو للفتاة حق فعليه أن يظهر فقد يكون عمي نبيل بريئا وسيكون
لها حقها لدينا جميعا "

قلت بحدة " ولكن قد يؤذوا شقيقك ولن ينفع الندم حينها يا غيث "

خرج صهيب قائلا

" هذه الزيارة قد انتهت فليس لها نفع على ما يبدوا ولوا غيروا رأيهم فليتصلوا بي "

تنهدت بضيق وقلت " كل ما أخشاه أن تتعقد الأمور أكثر "

نظر لي غيث وقال " وهل ستتعقد أكثر من ذلك , أخبرني كيف هي زوجتك "

قلت ببرود " لازالت على حالها قد آخذها لمنزل عمها لبعض الوقت ما أن تتحسن "

قال بحيرة " هل الأمور سيئة بينكما لهذا الحد "

قلت بهدوء " لا أعلم أنا لا أقسوا عليها كما ترى ولكن ثمة أمر يخصها هوا سبب ما هي فيه
وأنت تعلم كيف تزوجنا "

نظر لي مطولا بصمت ثم قال " هل تعني أنها كانت تريد شخصا "

قلت ببرود " لا أستبعد ذلك , أخبرني أنت ما هي أمورك مع رنيم "

قال ببرود " لا أعلم ما أقول "

نظرت له بحيرة وقلت " كنت دائما تعلم بما تجيب فما تغير الآن "

اكتفى بالصمت فلم أحب الضغط عليه أكثر فقلت مغادرا

" جرب أن تنظر للموضوع من جانب آخر فقد يكون مختلفا "

خرجت خارجا ورأيت ما لم تتمنى عيني رؤيته لا بل سمعت ما تمنيت أن أصم قبل
سماعه فقلت بصدمة

" زمرد "

نظرت لي بضيق ثم غادرت التفت لي صهيب وقال

" جيد أنك جئت لإنقاذها مني لأني كنت سألكمها بعد قليل , يبدوا أن نظرة والدتي لم تخب أبدا "

ثم انصرف وتركني واقفا كالتمثال
غيث منذ تلك الليلة و رنيم تحول مزاجها لبراكين طوال الوقت , وكأن ما حدث كان ما فجر
كل تلك البرودة التي تسد فوهته وأصبحت متضايقة دائما ولكن الغريب أنني لم أكن
مستمتعا بذلك وهذا ما لم أتوقعه وصرت من يتعمد تجنب الاحتكاك بها كي لا نثير
المشكلات بعد أن كان ما يجري هوا العكس وعدت للنوم في جناحي بالطبع

لو فقط تتغير نظرتي للنساء لعل حياتي تتبدل ولكن كيف أنسى كل ذلك كيف إنه
يعشش في رأسي حتى أنني كلما رأيت رنيم شاردة الذهن فكرت أنها تخونني بتفكيرها
وكلما غابت قليلا أول ما أفكر فيه أنها مع أحد ما

" غيث هل تأخذني للسوق "

كان هذا صوت أمي الذي عاد بي للواقع فقلت بهدوء " حسننا "

أنا أعلم جيدا أن والدتي لا تذهب إلا لحاجة وليس للتسكع فقط ثم أضافت قائلة

" وأريد لرنيم أن تذهب معي "

نظرت لها باستغراب وقلت " هل طلبت هي ذلك "

قالت نافية " لا أنا من يريد ذلك "

قلت بضيق " لماذا إذا وأنتي تعلمي أني أمانع "

قالت بضيق " لأن الفتاة لم تخرج منذ شهور عديدة بل منذ تزوجتم هي بشر وتحتاج
لأن تخرج وتشتري ما يلزمها , لو أفهم فقط ما تنوي وشقيقك فعله باليتيمتين "

ثم تنهدت بحزن وقالت

" ظن شامخ أنه يفعل خيرا بتزويجهما بكما ولكنه أخطئ خطأً كبيرا جدا "

قلت بضيق " هل ستكونين في صفهم علينا نحن أبناءك فحتى إن استثنيتني أنا فزبير ابنك "

قالت بحدة " لا فرق عندي بينك وبينه يا غيث أنت أبني وهوا أبني وزوجاتكم في مقام بناتي
والظلم لا يرضاه أحد "

قلت بنفاذ صبر " حسننا من أجلك هذه المرة فقط لكن لا تلوميني على ما قد يحدث "

تأففت ووقفت مغادرة فقلت " أنتظركما في السيارة فلا تتأخري "

جلست في السيارة أفكر بما قاله زبير( انظر للموضوع من جانب آخر فقد يكون مختلفا )
أعلم أنه لا حل لذلك ولا أعرف لما ورطني والدي في هذا , بعد لحظات جاءت والدتي
ركبت السيارة فقلت

" أين هي رنيم "

تنهدت وقالت " رفضت المجيء "

لقد فعلت خيرا وجنبتنا مشاكل نحن في غنى عنها انطلقت بالسيارة فنظرت لي والدتي وقالت

" غيث عليكما أن تجدا حلا لهذا يجب أن تغيرا من طريقة تفكيركم وإن كانت رنيم لا تزال
صغيرة فأنت شاب ناضج وتعلم أن ما يحدث بينكم لن يأتي بنتيجة "

قلت ببرود " أنا لم أطلب زوجة ولم أرد ذلك فلا يلمني أحد على هذا "

تنهدت وقالت " والنهاية "

قلت بهدوء " كلن في حال سبيله "

قالت بصدمة " تطلقها "

قلت بحدة " لكي أرتاح وترتاح هي , لأرحمها مني يا أمي فكلما استمرت معي كلما كانت
في جحيم أكبر "

قالت أمي بأسى " وما ذنبها هي يا غيث إنها ضحية مثلك "

قلت بغضب خرجت فيه عن السيطرة " إنهن خائنات كلهن هكذا ولا تستحق إلا هذا "

هزت رأسها بيأس وقالت " أخشى أن تندم وقت لن ينفع الندم "

ثم عدنا للصمت فلا حل لدي سواه حاليا

عند المساء صعدت رنيم فصعدت خلفها متوجهين لجناحينا وعندما وصلت جناحها ناديتها

" رنيم "

التفتت إليا في صمت فقلت ببرود " يمكنك النوم في جناحنا فما من داعي لتعيشي هناك "

أشاحت بوجهها عني وقالت " وما الذي تغير في الأمر "

قلت بهدوء " لم يتغير شيء ولكن قد يحدث ذلك مع الوقت "

نظرت لي وابتسمت بسخرية وقالت " ونظرتك لي كإحدى النساء "

قلت بعد صمت " قد تتغير أيضا ولكن ليس الآن "

قالت وهي تفتح باب جناحها وتدخل " إذا لا فائدة من شيء والخائنة ستبقى خائنة "

ثم أغلقت الباب بقوة تنهدت بضيق ودخلت جناحي , هي تعلم كما أعلم جيدا أن الأمر
سيفشل وبعد الآن عليها ألا تلقي باللوم علي

يتبع .... ??????
 
رد: أنا من خذلت نفسي

اين التكملة
 
رد: أنا من خذلت نفسي

الجزء الثامن عشر + الجزء التاسع عشر +الجزء العشرون⚘

ليان بعد عدة أيام سمعت طرقا قويا على باب المنزل وقفت خلفه وقلت " من هناك "

لم يجب أحد بل عاد للطرق من جديد ولكني بعد ما حدث لي مع شاهد لم أعد
أفتح الباب فقلت بصوت أعلى

" أجب من أنت أو لن أفتح "

نظرت تحت الباب فكانت هناك أصابع تحشر ورقة من تحته فعرفت صاحبها
أصابع بيضاء جدا ونظيفة ومقصوصة الأظافر بعناية ونظيفة أيضا إنه وسيم بلا شك

فتحت الورقة فكان فيها ( أنا وسيم إن كنتي في الداخل فافتحي لي )

فتحت الباب ونظرت له بابتسامة فقد أصبح هذا الشاب ندير خير بالنسبة لي أشار بأصبعه
للبيت المجاور للبيت المقابل لبيتنا ثم كتب لي في دفتره

( كنت ابحث عن منزل للإيجار منذ مدة وقد تحصلت على واحد هنا إن احتجت أي
شيء فلا تترددي في طلبه )

ابتسمت وتنهدت براحة وقلت " هل أصبحت جارا لنا يا وسيم الحمد لله على الأقل
سأشعر ببعض الأمان بقربك وإن كنت لا تسمع ما قد يجري "

أخرج هاتفا محمولا صغيرا من جيبه ومده لي مع الدفتر المكتوب فيه

( خبئي هذا لديك فيه رقم هاتفي اتصلي عند الخطر سأرى الرقم وأحضر حالا عديني بذلك يا ليان )

ابتسمت وكتبت له ( أعدك يا وسيم أنت رحمة الله لي من السماء )

ثم مد لي بكيس كبير مليء بالخضار والفواكه فأومأت رافضة وقلت

" غير ممكن فأنا هي ليان ولن أتغير ولن أقبل شيئا ولو مت جوعا "

كتب لي في الورقة ( سأغضب منك إن لم تأخذيها اعتبريها هدية من جار جديد لكم )

كتبت له ( ستكون هذه الأخيرة فهي ليست الأولى اتفقنا )

ابتسم وأومأ برأسه موافقا أخذت الكيس وشكرته دعوته للدخول ولكنه رفض

سأتصرف فيها ولكن لن آكلها لا أستطيع قبولها ولا أريد رده

أديم أعي أنني أصبحت أتصرف بجنون ولكني بعد حديثي مع صديقي خيري الذي أخبرني
أنه عليا إثبات تهديده لها وأن تشتكي عليه وأنه إن قام بتهديده لكونه ضابط مخابرات
فقد يستغل هذه النقطة لتحريض أشقائها عليها بتشكيكهم فيها أكثر والشرطة لا يمكنها
التدخل في المشاكل العائلية لذلك كان عليا التصرف وحدي
بعد يومين تحصلت على منزل هوا الأقرب لمنزلها واشتريت لها جهاز هاتف
محمول متواضع لأكون على دراية بما يجري معها , هذه الفتاة ترفض حتى
أخذ الحاجيات مني رغم عوزها وقلة مالها فسترفض أي مساعدة بالتأكيد
كنت أتجول طوال الليل في أوقات متفرقة لأراقب منزلها كي لا ينفذ ذلك
الحقير تهديده فقد لاحظت وجوده هنا ليلة الأمس , لم أتوقع أن أصير لما صرت
إليه وينتهي بي الأمر بالسكن هنا رغم أني لا أكون هنا إلا عند المساء حتى الفجر
ولكن لم أتخيل يوما هذا لو أني بقيت بعيدا عنها وعن مشاكلها لما تأزمت هكذا
فلو مسها ذاك الفاشل بأذى فسأكون أنا السبب , ترى ما تحمله لي الأيام القادمة
من مفاجئات أخرى

عند المساء ذهبت للمنزل دخلت وما إن وصلت للداخل حتى طرق أحدهم
الباب توجهت ناحيته وفتحت وكانت ليان وعمها مدت لي يديها التي تحمل
بهما طبقا من الطعام يبدوا أنها أعدته من الخضار والأرز الذي أحضرتهم لها
تلك المرة منذ أيام وأصرت على أن تكون الأخيرة دخلت وجلبت الدفتر وكتبت

( لن أقبلها ما لم تقبلي مساعدتي لك )

ناولتني الطبق وأخذت الدفتر وكتبت ( إنها منك على أي حال سأطهو لك العشاء دائما
وسأغسل لك ثيابك أيضا فقط أعطها لي لقد تحصلت على عمل بسيط فلا تقلق )

كتبت لها ( إن قبلتي حاجياتي أقبل طعامك لنعتبرها تبادل خدمات )

ابتسمت وأومأت برأسها دعوتهما للدخول فرفضت , معها حق فيكفيها ما جاءها
مني فقد هجم عليها شقيقها وضربها بسبب ما قاله له شاهد ولازالت أثار الضرب
على وجهها حتى الآن

بعد عدة أيام رن هاتفي فنظرت بصدمة لاسم ليان الظاهر على الشاشة نظرت
للساعة فكانت الثانية بعد منتصف الليل قفزت من السرير واقفا فتحت الخط رغم
أنني لن أتحدث ولن تكلمني وخرجت مسرعا سمعت صوتها تسحب عمها قائلة

" بسرعة يا عمي هيا فقد يكون وسيم نائما ولا يرى اتصالي فهوا لن يسمعه , بسرعة
قبل أن يقفز إلى هنا "

ركضت كالمجنون وكنت سأتهور وأصرخ بها سائلا عما يجري لولا أنني رأيت
باب بيتها يفتح وما أن رأتني حتى ابتسمت وركضت ناحيتي وأمسكت يدي قائلة

" حمدا لله ظننتك لن تأتي "

لم يكن لدي وقت ولا ورقة لتكتب لي ولأفهم فقد علمت أنه ثمة من يحاول القفز
لمنزلها دخلت راكضا للداخل فوجدت ذلك الحقير شاهد يقفز من السور الخلفي
للمنزل سحبته للأسفل وأوسعته ضربا حد الموت ثم سحبته للخارج ورميت
به تحت قدمي ليان المصدومة ثم توجهت لمنزلي جلبت الدفتر والقلم وكتبت
لها كلمتان وأريتها لها ففتحت فمها من شدة الصدمة لما قرأت

جود ( تسير الحياة وتدور عجلة الأيام ولا شيء يتغير سوى أعمارنا وأحياننا أقدارنا , أشياء
قد تكون لغيرك لتتحول إليك وأشياء تكون لك وتراها تهرب لغيرك أمام عينيك وأشياء
لم تعد لك ولا تذهب لسواك هي فقط تسافر مع أمنيات الذين ودعوها بالدموع لأنها لن
تتحقق ولن تعود )

أغلقتُ الدفتر وتنهدت بحيرة رن هاتفي فنظرت إليه دون أن امسكه فكان أسم
’ الرجل الكئيب ’ ابتسمت بعفوية هذا الرجل أصبح جزءً من يومي تقريبا

قلت بابتسامة " لننظر ما الجديد "

فتحت الخط ففاجئني صوته اليوم كئيبا على غير عادته منذ فترة , فقد بدأت نفسيته
تتحسن كثيرا حتى أني فكرت أن أغير اسمه تنهد بحزن وقال

" لم تعلمي ما حدث معي اليوم بالتأكيد "

كدت أضحك في الهاتف فكيف سأعلم لو لم يخبرني , ثم تنهد من جديد وقال بحزن

" إنها الفتاة التي كنت أحب "

هل تزوجت يا ترى ذلك أفضل إنها لا تستحقه , تابع بعد صمت بذات الحزن

" لقد رأيتها تقف مع أخي بل توقفه هل تعلمي ما تقول له أنا أفهم ما تعنيه بكلماتها
جيدا إنها تحاول استمالته لقد كانت تحاول إيقاعه بشباكها , لا وتدعي أنها تنظف كتف
قميصه من الغبار "

ثم تابع بضيق " كيف كنت أحبها طوال تلك السنين ومنذ طفولتي وهي تخدعني وتراني
مجرد فرصة , هي لم تحبني هي كانت تراني أحد أبناء هذه العائلة فقط لا غير هل رأيت
كل هذه التعاسة سمني الرجل التعيس منذ اليوم "

خرجت مني الكلمات مندفعة دون شعور " ولما ذلك كنت سأغير اسمك ولكن ليس لتعيس
إنها لا تستحقك يا هذا لا تستحق منك أن تهدر اتجاهها كل تلك المشاعر انظر إليها كيف
تُغير أهدافها لما يتماشى مع رغباتها فغير أنت من حياتك لما فيه تطوير رغباتك واطمح
لها لتتغير حياتك "

ثم وضعت يدي على فمي بصدمة , هل جننت أنا أم ماذا ما إن ذكر تلك الحمقاء التي
أضاع عمره من أجلها حتى طارت الكلمات من جوفي , لاذ بالصمت ولم أعد استمع
إلا لأنفاسه وأنا لازلت تحت تأثير الصدمة وما هي إلا أجزاء من الثانية حتى سمعت
صرخة أمي فصرخت بدوري والهاتف بيدي

" أميييييييييييي "

ورميت الهاتف وركضت كالمجنونة وجدتها مرمية على الأرض وكما توقعتم تماما
والدي خارج من المنزل ركضت للأسفل بسرعة فصرختها لم تكن طبيعية توجهت
ناحيتها أمسكتها بين يداي فكانت غائبة عن الوعي تماما هززتها مرارا ولم تستجب
دخل حينها بحر وكان وجهه تعيسا ويبدوا عليه التعب والضيق والحزن وحتى الإحباط
كلها معا صرخت قائلة

" أمي يا بحر لقد قتلها إنها لا تتحرك "

خرج خلفه صارخا " سأريك يا جابر ستدفع ثمن كل تلك السنين "

ركضت اتجاهه لأمنعه فهوا على غير وعيه وعادته الهادئة ولكني لم أدركه
عدت لوالدتي وقمت بإسعافها واستفاقت أخيرا نقلتها لحجرتها وجلست بجانبها
أبكي حياتي وحياتها وبحر الذي منذ خرج قبل ساعتين ولم يعد , صعدت لغرفتي
لأتصل به فوجدت عدد خيالي من المكالمات وكلها من ’ الرجل الكئيب ’ ورسالة
كتب فيها

( ماذا حدث معك يا صديقتي لقد شغلتني )

تجاهلته وحاولت الاتصال مرارا ببحر ولكنه لم يجب ثم عاود ذاك الشاب الاتصال
من جديد ترددت كثيرا ثم فتحت الخط فجاءني صوته مباشرة

" أين أنتي لما لا تجيبي ما حدث لوالدتك هل أنتم بخير "

قلت ببكاء " لا لسنا بخير "

ثم أغلقت الخط ونزلت للأسفل مسرعة لسماعي جرس الباب فكان جارنا يخبرني أن أخي
بحر موقوف في مركز الشرطة لتشاجره مع أحد رفاق والدي بل أحد شلته الفاسدة

بحر لقد كرهت بث همومي حتى للبحر وما عاد وجودي عند شاطئه يواسيني فقد أصبح
يذكرني بحزني وبألم السنين , فكل تلك الأوجاع التي كنت أرمي بها في حضنه
أصبح يرمي بها في وجهي مع زحف أمواجه, ولكن من لي غيرك يا بحر من
لي يسمع ولا يعاتب أو يذكرني بالواقع المرير

لما تحدثت معها لما زدت ألمي وألمها وها هي صريعة المرض والتعب بسببي يا بحر
, كم أحببتها يا بحر وخسرت نفسي وخسرتها يا بحر , أخبرني ما العمل فحتى هروبي
من هناك ما زادني إلا حنينا وحزنا وألما وما زادني إسكانها تلك اللحظات في حضني
إلا احتراقا ضننا مني أني سأواسي جراحي وجراحها وضنا مني أني بذلك سأعتذر
لها عن كل ما فعلت بحقي وحقها لأجد نفسي أرمي بنفسي للهلاك

تنهدت ثم وقفت وغادرت محرقة همومي تاركا خلفي شيء مثله أنا وهوا مثلي يسمونه
البحر , ركبت سيارتي هاربا من مشاكلي لمشاكلي ومن همومي لهمومي لأجد من أنفس
فيه غضبي وهوا والدي ذهبت لحيت يجتمع ورفاقه كالمجنون وقد هاج فيني البحر
الذي لم يعرف يوما إلا السكون لأجد أمامي سبب ضياعه وضياعهم جميعا سبب هلاك
كل تلك البيوت التي تعاني كبيت عائلتي فضربته حد الموت حد الهلاك ونفست فيه عن
غضب تلك السنين وكل هموم الماضي و أوجاع الحاضر المؤلمة كنت اركله بقدمي
وقد شل الشرب حركته وأصرخ بألم

" لو لم تكن موجودا لما ضاع والدي لما كنت ابن جابر الذي سقط في أعين الجميع والذي
بسببه خسرت أثمن ما لدي وأغلى ما تمنيت أن أملك ولما عانت عائلتي وحُرمت شقيقتي
من أن تكون زوجة وأم ومن أن تنهي دراستها كمن هم دون ذكاءها لو لم تكن موجودا
لما كنت الآن أحترق وما كنت الآن أتعذب ويعاني شقيقاي ووالدتهم "

كنت أرفعه وأرميه على الأرض حتى تجمعت الناس حولنا ووجدت نفسي في قسم الشرطة

لم أندم لحظة على ما فعلت ولو أعطوني فرصة أخرى لأوسعته ضربا من جديد , وصل
غيث والمحامي عارف سريعا فأخبره الضابط بمختصر الحديث

" وكيلك المدعو بحر جابر هذا لا ينطق سوى بجملة واحدة
( أنا من تهجم عليه ولست مخطئا أو نادما )
ولا يريد الإفصاح عن السبب "

ورغم كل المحاولات لم أزد على ما قلت حرفا واحدا فتم إيقافي عدة أيام ثم قام المحامي
وإخوتي بإخراجي ولم أعد من يومها للقصر كي لا أزيد همي وهم من لم أكن يوما
إلا سببا لهمومها

ميس بعد أيام عاد المسمى ابن عمي جالبا معه كيس من الطعام بل أكياس من الأطعمة

قلت بحدة " ما كل هذا الطعام هل ستقيم حفلا "

قال بابتسامة " هل هكذا تستقبلين الضيوف عادتا "

قلت بضيق " عندما يكون هذا منزلي تكون أنت ضيفي ولو كان كذلك ما كنت استقبلتك فيه "

تجاهل ما قلت وقال بهدوء وهوا يضع الأكياس على الطاولة

" هذا الطعام لك ولي أنا جائع ولم آكل شيئا "

قلت ببرود " كله أنت فأنا لا أريد تم هوا يوشك أن يكفيك وحدك "

ضحك وقال " أجل فالعملاق عليه تناول الكثير "

نظرت له بضيق وقلت

" هل لي أن أعلم لما أنت مبسوط بما تفعل كل هذا الانبساط , أخرجني من هنا هيا "

قال وهوا يضع الطعام في الأطباق " تعالي وتناولي الطعام "

قلت بغيض أكبر " هلا شرحت لي ما يجري الآن "

قال بهدوء " أضع الطعام في الأطباق وأدعوك لتناوله "

صرخت وأنا أضرب بقدمي على الأرض وقلت " صهيييييب "

نظر لي في صمت نظرة لم أفهم مغزاها ثم قال بهدوء " نعم يا ميس "

قلت بهدوء مماثل " لما فعلت كل ذلك لما أحضرتني إلى هنا "

شتت نظره على الأطباق أمامه ثم قال " أخبرتك أن والدي كلفني بالمهمة "

قلت بضجر " ومتى ستنتهي "

نظر لي وقال " ليس بعد "

تنهدت بضيق وقلت " ولما تفعل كل هذا لما كلفك باختطافي "

سكت قليلا ثم قال " هوا لم يكلفني باختطافك "

قلت بحدة " وبما إذا "

تنهد وقال " تعالي تناولي الطعام وسنتحدث "

قلت بغيض " هل تراني طفلة تتحايل علي في كل مرة لآكل , ثم أنا لست زوجتك تفرش
الطاولة وأجلس أمامك نتبادل الأحاديث "

قال مبتسما " لو كنتي زوجتي لكنت علمت كيف أجعلك تأكلي "

قلت بغيظ " ما تعنيه بما تقول "

قال بضيق " أعني تعالي لتأكلي ولا تتعبيني معك أكثر يا ميس "

قلت ببرود " أنت من جلب لنفسه التعب أتركني أرحل وسترتاح "

نظر لي بحدة وقال بغضب

" ميس أنتي لم تري وجهي الحقيقي بعد أنا أحاول جاهدا التعامل معك بلين "

قلت بصراخ غاضب " لا تصرخ بي هكذا "

قال بحدة " تعالي وتناولي طعامك "

قلت ببرود " وتخبرني لما أتيت بي إلى هنا "

تأفف وقال " تعالي كلي وسأخبرك "

قلت بضيق " لا تتأفف مني يا صهيب "

نظر للأسفل ثم نظر لي وابتسم فقلت وأنا أتوجه نحو الطاولة

" لو أعرف فقط ما الذي يجعل مزاجك يتغير فجأة "

وتابعت دون توقف وأنا أجلس " تكون غاضبا تم تبتسم دون سبب وتغضب دون سابق إنذار
أنتم الرجال غريبين حقا يا لكم من معقدين حتى أنكم .... "

رفعت بصري إليه فكان ينظر لي بابتسامة فقلت بضيق

" هل لي أن أعلم سبب سعادتك بإغاظتي "

اكتفى بالصمت فنظرت للجانب الآخر بضيق ثم قلت

" هل لي أن أعلم لما تضحك علي "

قال بهدوء " ميس هل لي بسؤال "

نظرت له باستغراب وصمت فقال

" هل تكرهينني لأني ابن عمك أم لأني اختطفتك وتسببت بكل ما حدث "

قلت بحزن " كرهي لما فعلته بي لا يساوي شيئا أمام كرهي لكم لأنكم عائلة والدي "

بدت على وجهه ملامح غريبة لم أستطع تفسيرها ثم قال " حتى بعد ما قلته لك عن والدي "

ابتسمت بحزن وقلت " لم يمسح ذلك يوما بائسا من حياتي وسبق وقلت لك , أنت لم تعش ما
عشت فلن تشعر بما أشعر "

قال بهدوء " ولأجل هذا أحضرتك إلى هنا يا ميس "

نظرت له باستغراب وقلت " لم أفهم "

تنهد وقال " لأن لديك حق وعليك أن تأخذيه "

قلت بهدوء " حق ...... أنا لا أريد منكم شيئا "

قال بضيق " أنا لا أخيرك أنا ..... "

قاطعته بحدة " تجبرني أليس كذلك "

ثم قلت بغضب ودموعي بدأت بالنزول " أنا لا أريد شيئا قد حرمتم منه والدي , والدي
الذي أفنى عمره يعمل في سكك الحديد , أين كان مالكم آن ذاك بل أين كان وأنا ووالدتي
لا نجد عشاء ليلة , بل أين كنتم وأنا أعمل في تنظيف النوادي الرياضية لأكمل دراستي
وأجلب دواء والدتي وجئت أنت لتزيد الأمر سوءا وتدعي أنك ترجع لي حقي أي حق
هذا بالله عليك , وتسألني الآن لما أكرهكم ولما لا أريد منكم شيئا بل تغضب وتستاء
لما قلت لك "

وقف مبتعدا وموليا ظهره لي ثم مرر أصابعه في شعره الكثيف الناعم وكرر ذلك ثلاث
مرات ثم التفت لي وأنا أمسح دموعي وقال

" حسننا توقفي عن البكاء يا ميس لن نتحدث مزيدا في الأمر الآن "

وقفت وغادرت المكان دخلت الغرفة وأغلقت الباب خلفي

صهيب يبدوا لي أن الأمور تزداد تعقيدا فأعمامي على موقفهم , وميس وآه من ميس لا تتناول
الطعام إلا بالحيلة وتنفث نيران غضبها كلها بي , خرجت من المنزل في حيرة من أمري
ومن مشاعري لما أجد نفسي هادئا أمامها وانتظر بلهفة أن تناديني باسمي وكم يسعدني
ذلك , دموعها كانت كالحريق في صدري

لا تقلها يا صهيب لا تقل ذلك .... رفعت هاتفي واتصلت ببحر أجاب من فوره قائلا

" ماذا هناك هل بك مكروه "

قلت بابتسامة " وهل اتصل إلا لمكروه "

ضحك ضحكته الهادئة وقال

" لا ولكنك لا ترد على اتصالاتنا فأن تتصل بي بنفسك يعني مكروها قد حدث "

تنهدت وقلت بهدوء " بحر هل لي بسؤال "

قال بحيرة " سؤال عن ماذا "

قلت بذات الهدوء " ما الذي تشعر به حين تناديك حور باسمك "

ضحك ضحكة خفيفة وقال " هل وقعت يا شقيقي "

قلت بضيق " بحر لا تجعلني أندم لسؤالي لك "

قال بحزن " تشعر أنك لأول مرة تسمعه وكأنه ليس أسمك الذي يناديك به
الجميع يبدوا مختلفا ورائعا "

ثم قلت " وبكاءها "

تابع بذات النبرة " إنها نار تحرق أحشائك يا صهيب وفكرة واحدة مجنونة تسيطر
عليك حينها وهي أن تضمها لصدرك بقوة وتخفي دموعها هناك "

تنهدت بضيق وقلت " إذا هوا الشعور ذاته "

قال باستغراب " عن أي شعور تتحدث ما قصتك يا صهيب "

قلت بهدوء " سنتحدث فيما بعد يا بحر وداعا الآن "

ركبت سيارتي وانطلقت لا أدري إلى أين , أيعقل أن تحبها يا صهيب لا لا لا قد
تكون مجرد شفقة لحالها أو .. أو ماذا يا صهيب ماذا هيا ابحث عن مبرر أخر
يقنعك إنها تكرهك تكرهك حد الموت عليك أن لا تنسى ذلك

بعد مرور أيام وقفت على محل لبيع المجلات فصعقت من الخبر الذي غزا كل
الصحف الجديدة المعلقة هناك

( اختطاف الفتاة ميس ابنة عائلة آل يعقوب المعروفة )

( تُختطف في ظروف غامضة ابنة عائلة آل يعقوب )

( ميس نبيل آل يعقوب مختطفة منذ أشهر والخاطفون مجهولون الهوية )

أمسكت الجريدة ونظرت لها عن قرب وكأني أريد تكذيب عيني ثم رميتها أرضا
وبدأت بسحبهم جميعا واحدة بعد الأخرى ورميهم على الأرض وأنا أدوسهم بغضب

" سحقا من فعل ذلك ... تبا لكم تبا "

حاول صاحب المحل إيقافي فرميت له نقوده وأخذت واحدة وركبت سيارتي وقدت
كالمجنون من فعل ذلك من , جهاد في السجن وحامد غادر البلاد ويستحيل أن يفعلها
أخوتي لن يضروا بسمعة الفتاة أنا أعرفهم جيدا و أعمامي ليس من مصلحتهم فعل
ذلك , ضربت على يد المقود بقوة وأنا اردد بغضب

" تبا لك يا صهيب أنت لم تجلب لها إلا المتاعب لقد أفلحت حقا فيما أوصاك والدك "

توجهت إلى حيث سجنتها دون منفعة أو نتيجة دخلت وضربت الباب بكل قوتي فوجدتها
واقفة عند باب الغرفة تنظر لي في حيرة من ملامحي ثم قالت بهدوء

" ما بك ماذا حدث "

تنهدت بضيق ورميت بالجريدة على الطاولة اقتربت وأمسكت بها نظرت لها مطولا ثم لي وقالت

" ما هذا الذي هنا "

قلت بغيض وأنا اضرب بقدمي على الكرسي " من فعل ذلك سحقا لهم "

قالت بحدة " ولما تصرخ بي ما ذنبي أنا أم أنك ستأخذني للطبيبة من جديد فلا حل لديك سواه "

صرخت بها قائلا " ميس لا تزيديني هما فوق همي هل تسمعي "

قالت بغضب

" هذا حصاد أفعالك هل رأيت ما آلت إليه الأمور أخبرتك منذ البداية أن تدعني وشأني "

توجهت ناحيتها أمسكتها من ذراعها وقلت بغيض

" ميس توقفي عن ذلك فأنتي لم تعرفي غضبي بعد "

ثم ابتعدت عنها موليا ظهري لها تنفست بقوة عدة مرات وقلت بكل ما استطعت جلبه من هدوء

" سنتزوج في الغد "

شهقت بقوة ثم قالت " ماذا !!! بما تهدي أنت , هل تحل كل مشاكلك بمشاكل أكبر منها "

نظرت لها وقلت " هذا آخر ما لدي ولا نقاش في الأمر "

ثم خرجت تاركا إياها في صدمة عجزت معها عن الكلام , أعلم أن هذا الأمر لن
توافقني عليه ولو قتلتها ولكن أنا من أفسد الأمور وأنا من يصلحها , رفعت هاتفي
واتصلت أولا بأم ميس ثم بغيث الذي أجاب من فوره قائلا

" هل من جديد يا سبب المشكلات "

قلت بضيق " الخبر وصل للجرائد إنه في كل مكان من فعل ذلك "

قال بضيق أكبر

" نعم علمت واسأل نفسك قبل أن تسألني عن الفاعل أجلب الفتاة يا صهيب فقد انتهى كل شيء "

صرخت بغضب " كيف انتهى وحق الفتاة وعمي "

تنهد بضيق ثم قال بهدوء " أجلبها ثم نرى ما سنفعل "

قلت بحدة " ليس قبل أن أعقد عليها "

قال بصراخ مجنون " هل أصاب عقلك شيء لا تتهور يا صهيب "

قلت " تهورت في كل شيء فلأكمل ما بدأت به "

قال بذات النبرة " فلنعلم أولا ما حدث للفتاة ثم .... "

قلت مقاطعا له " لم يحدث معها شيء واترك الموضوع لي "

قال بهدوء " صهيب هل الفتاة لديك أنت "

قلت بعد صمت " نعم "

قال بحدة " مجنون "

ثم أضاف " وهل توافق هي على ذلك "

قلت بهدوء " هي تكرهنا كرها جنونيا وبدون استثناء "

قال بحدة " وكيف ستتزوجها إذا "

قلت ببرود " رغما عنها لن أسمح للألسن أن تتقاذفها بسببي "

قال بحدة " وهل تراه حلا مناسبا ستدمر حياتك وحياتها "

قلت بعد صمت " ولكني أريدها زوجة لي "

صرخ بغضب " ولكنها لا تريد أليس كذلك فما ستجنيه غير التعب , ثم أين وليها هناك "

سحقا فآتتني هذه تنهدت بضيق ثم قلت

" غيث نحن قادمان في الغد وما قلته سأنفذه ولن أترك من فعل ذلك يهنأ به "

ثم أغلقت الخط ولم أترك له أي مجال للرد وضربت على المقود للمرة العاشرة
وعدت لميس من جديد

رنيم لقد أمضيت بضعة أيام هنا عند والدتي مؤكد أنكم استغربتم الأمر , لا لم يطردني غيث
ولم نتشاجر وتركت القصر لقد جلبني إلى هنا بنفسه مؤكد تريدون معرفة التفاصيل

في الآونة الأخيرة أصبح الجو مشحونا جدا والتوتر يزداد ونفسيتي ساءت جدا بعد
تلك الليلة وما حدث فيها وبعد ما خلفته من مشكلات , كنت جالسة منذ أيام عند
الشرفة المطلة على الحديقة في هدوء حزين وصمت فكما أخبرتكم مزاجي أصبح
كالبارود كل من اقترب مني انفجر فيه فتجنبت الحديث مع الجميع حتى مع خالتي

سمعت صوت باب الجناح يفتح ثم توجهت تلك الخطوات الثقيلة التي أعلم
جيدا لمن تكون ووقفت خلفي

قلت بنبرة هادئة دون أن التفت إليه

" إن كنت تريد تعكير مزاجي فهوا سيء للغاية من دون عناء فارحمني أرجوك يا غيث "

تنهد بضيق ثم قال " رنيم هل لنا أن نتحدث "

قلت بهدوء حذر " لا شيء نتحدث عنه فلا تفتح مجالا للشجار "

قال ببرود " هل لي أن أعلم لما كل هذا المزاج السيئ ومنذ ذاك اليوم , رنيم أنتي
زوجتي فلا تشعريني أن ما فعلته جريمة بحقك "

خبأت وجهي تحت ذراعي وأنا متكئة بها على حافة الشرفة وقلت بحزن

" وهل هكذا يأخذ الزوج حقه هل بهذه الطريقة , لو طلبت ذلك ما كنت لأعترض
فأنا أعي جيدا أنني زوجتك وأن علي واجبات سوف أحاسب عليها ولكن ما دفعك
يومها لما فعلت لم يكن حقا تطالب به بل غضبا نفست عنه وحقدا جسدته في الواقع
وانتقاما أردت به أن أخسر وقد قلت ذلك بنفسك وفعلت أيضا "

قال بحدة " ولكني لم أرد يوما أن تخسري أو أن انتقم منك لقد كانت كلمات في ساعة غضب "

قلت ببرود " والغاضبون أكثر من يقولون الحقيقة ولا شيء أصدق من كلمات الغضب يا غيث "

قال بضيق " لماذا لا تريدين فهمي إلا كما تحبين أنا لم أرد ذلك اقسم لك فأنتي مثلي حاصرتك
وصية لا مخرج منها "

قلت ببكاء ودموعي وجدت لها مسلكا تعبر منه " لا لست مثلك فلو كان بإمكاني الخلاص
دون أن أؤدي أحدا لذهبت ولو كلفني ذلك أن أنام في الشارع فهوا أفضل مئة مرة من
الذل والمهانة التي رايتها منك حاولت دائما أن أتجنب الشجار معك لتمضي الأيام بيننا
بسلام حتى يجد كل منا سبيله ولكنك لم يكن يهنئ لك بال حتى تغيظني وتتعمد إثارة
غضبي والآن لم يعد ما تريد يعجبك أخبرني ما الذي تريده لأفعله يا غيث "

وضع يده على كتفي وقال

" توقفي عن البكاء يا رنيم فلن يجدي هذا نفعا ولنتحدث بروية ونتفاهم "

استويت جالسة ومسحت دموعي وقلت " وبما سنتفاهم "

جلس مقابلا لي وقال " نتفاهم على حل ولو لبعض مشاكلنا "

نظرت له بصمت فتابع قائلا " عليك ترك هذا الجناح والنوم في جناحنا أينما أحببتِ بغرفتنا
أو بإحدى الغرف رغم أنني أرى انه ما من داعي لتبتعدي فقد حدث ما حدث وانتهى, وعلى
كل واحد منا احترام الآخر في كل شيء في كلماته وتصرفاته وكل شيء "

قلت بهدوء " والخروج والهاتف والشكوك كلها ما سيحل بها "

نظر للأسفل وقال " اعذريني فذلك خارج عن إرادتي عليك تفهم الأمر رنيم "

تنهدت وقلت " ووالدتي إني أموت شوقا لرؤيتها خدني إليها ولو ليوم واحد وكن معي هناك "

قال بعد صمت " إن كان ذلك فقط فسنجد له حلا "

قلت بصوت هامس " إذا هي هدنة حتى حين "

قال وهوا يقف " نعم حتى تفصل الوصية بيننا أو نجد لنا رأيا آخر "

نظرت له باستغراب فخرج من فوره دون أن يضيف كلمة أخرى وفي مساء ذلك
اليوم أخذت حاجياتي وانتقلت لجناحنا الأصلي بعد ما فكرت في الأمر من كل
جوانبه فكانت الهدنة هي الحل الأنسب لكلينا وقفت في ردهة الجناح في حيرة
أين سأنام عليا أن أقرر الآن هوا من كسر الحاجز لم أره زوجا طوال الشهور
الماضية أما الآن ما له لي وبعد تردد توجهت لغرفة النوم فتحت الباب بهدوء
كانت مظلمة تماما سوى من ضوء الابجورة الصغيرة عند الجهة الفارغة من
السرير يبدوا أن غيث تركها متعمدا لأعلم أن هذه الجهة من السرير ستكون الشاغرة
في حال قررت النوم هنا فأنا أعرفه جيدا منذ نام بغرفتي في السابق يحب النوم في
الظلام الدامس توجهت ببطء إلى السرير ونمت عليه بهدوء أطفئت النور ونمت سريعا

مرت الأيام القليلة التي تليها بسلام كما اتفقنا كل واحد منا يحاول تجنب الآخر
قدر الإمكان إلا للضرورة وبكلمات مختصرة جدا وهدوء تام وجاهدت نفسي
أن لا أتحدث معه ببرود كي لا أتسبب بمشكلة جديدة واستمر الوضع ليلا بتسللي
لغرفة النوم لأنام هناك بصمت وهدوء سوى من بعض الكلمات الجانبية

( أوقظيني عند الثامنة , أعطني منديلا لقد انسكب الماء من القارورة , اخفض التدفئة قليلا )

وغيرها من الكلمات المبتورة والنادرة جدا حتى تلك الليلة التي نمت فيها بهدوء كالعادة
فشعرت بيد غيث تتسلل ناحيتي ثم أمسك بذراعي وسحبني نحوه ببطء وصمت كنت
أعلم أن هذا سيحدث وليس لرجل أن يقاوم امرأة تنام معه على سرير واحد مهما كان
ما بينهما لم أقاوم سحبه لي فأنا من قلت ذلك الكلام في الشرفة ولن استطيع فعل النقيض
الآن ولم يقل غيث شيئا سوى أنه همس في أذني قائلا

" لا نريد أبناء الآن حتى نرى ما سوف يؤل له الأمر "

لم أتلفظ بأي كلمة وانتهى الأمر في برود وصمت كما في الليالي التي تليها وبعد عدة
أيام أخبرني أنه سيأخذني لوالدتي لم اصدق ما سمعت أذناي سيأخذني لها وسيتركني
لأيام معها ووحدي أيضا لكني لم أظهر تلك الفرحة لأني أعلم إلى أين سيسافر به خياله
وقلت بتصنع

" يوما واحدا يكفي لذلك سأعود معك "

قال معترضا " لا لن يكفي لأنك ستحتاجين لمدة طويلة لتزوريها ثانيتا "

قلت بهدوء " لا بأس كما تريد "

ثم صعدت لغرفتنا كالبرق وجهزت ثيابي وسافرنا ذلك اليوم بالطائرة طبعا , النقود
تنفع أحيانا كثيرة فما أسهل السفر الآن عن السيارة لقد كنا عائلة ميسورة الحال نوعا
ما فقد ترك لنا والدي بعض الأملاك وزد عليه الراتب الذي كان يصرفه لنا والدي شامخ
ولكن السفر مجيئا وذهابا سيكون مكلفا جدا بسبب اعتماد الدولة على السياحة والحدود قريبة
بعض الشيء فكنا نستقل السيارة , كانت الرحلة هادئة والصمت سيد المكان طبعا كعادتنا
مؤخرا بعد وصولنا ركبنا السيارة متجهين لمنزل والدتي الذي يكون في المدينة المجاورة
وبعد صمت طويل تكلم غيث قائلا

" رنيم ليس علي إعادة ما سأقوله الآن "

قاطعته قائلة بهدوء

" أجل أعلم أقسم أنني لن أخرج ولن أتحدث بهاتف والدتي ويمكنك أخذه معك إن أحببت "

قال بحدة " وابن خالتك لن تقابليه أبدا "

تنهدت وقلت " لم أفكر في فعل ذلك من أساسه , غيث اسمعني جيدا اقسم لك برب السموات
أنه ليس بيني وبين ابن خالتي ما تضن ولم نتحدث يوما لوحدنا أو حتى نجلس ولم أفكر يوما
بالارتباط به لولا ظروفي وإلحاح والدتي علي حتى أن والدي شامخ كان يرفض الفكرة في حياته "

نظر لي باستغراب وقال " والدي كان على علم بالأمر "

قلت وأنا أنظر ليداي " نعم وقد ألزم علي أن لا أوافق إلا على من يوافق هوا عليه
ورحبت بالفكرة فقد كان كل همي هي دراستي ولم أكن أفكر في الزواج لا من أدهم
ولا غيره كانت كل أحلامي أن أتخرج وأعمل وأبني مستقبلي وأنضج وتنضج أفكاري
قبل أن أفكر في الارتباط بأحد ولكن الله أراد غير ذلك "

قال بهدوء " وبعد وفاة والدي ما كان رأيك "

قلت بعد صمت " لقد كان ثمة اتفاق بيني وبين والدك أن لا أتزوج إلا بعلمه وبمن
أراد ولو بعد موته لم أفهم شيئا من ذلك ولكن حين علمت بالوصية فهمت لما كان
يرمي بكلامه لكنني لم أتوقع أن يحدد بمن أتزوج كنت أتوقع أن يحررني من اتفاقنا
فقط ولم يخطر ذلك ببالي يوما فهوا يعلم جيدا رفضي للزواج قبل مرور سنوات "

تنهد بضيق ثم قال " إذا لا علاقة بينك وبين ابن خالتك "

قلت بعد صمت " لا ولا من أي نوع "

قال ببرود " ولكن الأمر مختلف بالنسبة له فلا تقابليه أبدا "

قلت بابتسامة " لو لم أكن أعلم مشاعرك اتجاهي لقلت أنك تغار علي "

ابتسم بسخرية وقال " وماذا إن كان كذلك "

قلت بعد ضحكة خفيفة " لن ارجع معك حينها أبدا لأنك لن تكون طبيعيا وثمة جن ما قد سكنك "

ضحك كثيرا وأنا أنظر له بصدمة واستغراب فلأول مرة يضحك لكلماتي ونحن وحدنا
أيضا يا لا العجب نظر لي وقال

" لما تنظري لي هكذا "

قلت بابتسامة " يبدوا أن الجن قد بدأ بالاقتراب منك "

ضحك من جديد , جيد يبدوا الوقت مناسبا لتفجير القنبلة انتظرت حتى سكت ثم نظر إلي فقلت

" غيث أنا حامل "

نظر لي مطولا دون استيعاب ثم قال " ماذا "

نظرت جهة النافذة وقلت " أنا حامل "

تجنبت النظر إليه خوفا من ردة فعله ولكن الصمت كان هوا رده الأول ثم قال

" الم نتفق على غير ذلك كيف حدث الأمر هذا مستحيل "

نظرت له بصدمة وقلت " ما تعني بذلك هل تتهمني يا غيث "

قال بضيق " ومن قال أنني أتهمك لا تفهمي ما أقول كما تريدي أنا أعلم أن الكثيرات يحملن
رغم حرص الرجل ولكنني نبهتك لذلك كان عليك أن تجدي لك وسيلة ما "

قلت بضيق أكبر " ما حدث تلك الليلة هوا كان السبب هل لي أن أحتاط يومها اعذرني فأنت
لم تعطني إنذارا قبلها "

نظر لي بصمت ثم قال " منذ متى حملتي "

قلت ونظري للأسفل " منذ شهرين "

ضغط بيديه على المقود بقوة ولم يتحدث فقلت بهدوء حزين

" أعلم أنك لا تريد ذلك ولكن لا دخل لي بما حدث ولم اعلم إلا بعد شهر "

قال بحدة " ولما لم تخبريني "

قلت بعد تردد " لم أجد وقتا مناسبا وخشيت أن تغضب مني لا أعلم لقد كنت محتارة ومترددة "

تنهد وقال " ومن يعلم بذلك "

قلت " لا أحد غيرك "

قال بعد صمت ومن بين أسنانه " وكأنه تنقصني مشاكل "

أمسكت نفسي بصعوبة عن قول أي كلمة كي لا تكبر المشكلة , سيتركني الآن هنا ويعود حتى يهدا
ويستوعب الأمر قليلا

وصلنا حينها للمنزل فقال لي " سأعود لأسلم على والدتك بلغيها أسفي فلدي أمر مهم هنا "

قلت بهدوء " حسننا "

ثم قال كلمة جعلتني أقف مكاني وأنا أوشك على النزول حين وصلني صوته قائلا

" اعتني بنفسك "

ولكن كرامتي كانت مجروحة منه حد الألم فقلت " أعلم فلا تنقصك مشكلات "

ثم نزلت متوجهة من فوري لباب المنزل ولم أره حتى عندما جاء ليرى والدتي
وها قد مرت عدة أيام على وجودي هنا وهوا يتصل بوالدتي مرتين يوميا أعلم لما
يفعل ذلك يدعي السؤال عني خشية أن تشك والدتي بالأمر , كان سيأتي في الغد
لإرجاعي ولكنه اتصل ليقول أن صهيب قادم في الغد وثمة أمور ستمنعه من المجيء
هوا يحمل هموم العائلة كلها لقد لاحظت ذلك كثيرا فهوا أشدهم عند الصعاب وأقواهم
عند الشدة لذلك أختاره والدي شامخ زوجا لي ليحميني كما يعتقد ولكنه حماني وأذاني

لم أخبر والدتي عن حملي إلا الأمس وقد فرحت بذلك كثيرا حتى حور سرها الخبر
عند اتصالها بي اليوم رغم أنها تعلم ما بيني وبين غيث الكل يبدوا لي مسرورا بذلك
إلا من يعنيهم الأمر

دخلت والدتي بعد بقائي لساعات مع همي وأفكاري لتخبرني أن غيث ينتظرني
في الأسفل ويريد رؤيتي

فقلت بفزع " قال أنه لن يأتي ماذا هناك هل حدث لهم مكروه يا ترى "

قالت بحيرة " لا اعلم ولا يبدوا لي بمزاج جيد يبدوا غاضبا جدا "

نزلت وكلي حيرة وخوف من ما ينتظرني منه فأنا أعرف غضبه جيدا

نهاية الجزء الثامن عشر

ما ينتظر رنيم وما سيكون مستقبل طفل بينهما وما سبب غضب غيث

أديم ما الكلمتان التي كتبهما لليان .... ههههه هذي حطيتها في الجزء السابق بالغلط

صهيب هل سيجبر ميس على الزواج به وهل سترضى هي بذلك وما سيواجه
ميس بعدما حدث ومن وراء الفضيحة

كل هذه وغيرها من الأحداث انتظروني لمعرفتها ولا تحرموني توقعاتكم التي
تسعدني وتخيفني دائما

⚘⚘⚘الجزء التاسع عشر والجزء العشرون ⚘⚘⚘

غيث لا أعلم من أين تتقاذف عليا المشكلات لم أفكر للحظة أن يحدث ذلك ( حامل ) ولكني

لن أتخلى عن ابني ولن يكون سببا لربطنا بمصير مجهول لن يسعد كلينا سيكون معي

ولو نمنا في الشارع لكن زوجة امرأة هذا شيء لا يمكنني استحمال وجوده طويلا ولا

أريد أن تسيطر عليا الأفكار السوداء فرنيم لا تخرج ولا رجال يأتون هنا لا تشك في

أخوتك يا غيث أووووووف من أين تأتيني كل هذه الأفكار

" غيث ألن تذهب لجلب رنيم "

قلت بهدوء " لا أعلم كنت سأجلبها عند الغد لولا صهيب ومشاكله التي لا تنتهي "

قالت بحنان " ولكن قد تتأزم بعض الأمور هل ستتركها هناك "

قلت ببرود " أفكر في الذهاب اليوم لا حل أمامي "

قالت " هل أخبرتها بذهابك "

قلت بذات البرود " لا لقد أخبرتها أنني سأؤجل رحلتي , على كلن لا يحتاج الأمر أخبارها "

قالت بحيرة " ما بك يا بني أراك شارد الذهن كثيرا "

ثم أضافت بابتسامة " يبدوا لي غياب رنيم لم يكن فكرة جيدة "

نظرت لها ببرود وقلت " نحن ننتظر مولودا يا أمي "

سُرت أساريرها وكأنني أخبرتها أن والدي عاد للحياة من جديد وقالت بفرح

" حمدا لله مبارك عليكما يا غيث كم أسعدني هذا لقد كنت خائفة من هذا الموضوع "

نظرت لها بحيرة وقلت " خائفة من ماذا , أن لا ننجب مثلا "

قالت بهدوء " بل من أن تكون العلاقة بينكم وزوجاتكم سيئة لهذا الحد فأنتم متزوجون

منذ أشهر ليست بقليلة ولم تحمل لا حور ولا رنيم "

تنهدت بضيق وقلت " بقي لك زبير إذا ليشغل تفكيرك "

تنهدت بارتياح وقالت " يكفيني أن أرى ولو ابنك أنت فقط "

يالك من امرأة يا أمي رغم أني لست ابنك ولكن لم أشعر بذلك معك يوما

قاطعت أفكاري قائلة " هل أخبرك صهيب شيئا "

قلت بحدة

" لا يخبر ذاك إلا بالسوء الفتاة وصلت أخبارها لكل الصحف وهوا وجنونه لا يفترقان أبدا "

وضعت يدها على فمها بصدمة وقالت " ماذا الصحف هل انتشر خبر الاختطاف "

نظرت لها بحيرة وقلت " ألم يخبرك أحد بذلك "

قالت بحزن " ومن سيخبرني صهيب الذي لا يتحدث معي حتى بالهاتف أم أديم الذي

انقطعت أخباره ولم يحظر هذه الإجازة أم بحر الذي أصبح غير موجودا إلا بالاسم

فقط حتى زبير كثر سفره ولم نعد نراه "

قلت بضيق " أحدهم نقل الخبر للصحف وأصبح الموضوع على كل لسان ستأتيك

صديقات السوء لأخبارك في أي لحظة "

قالت بصوت دافئ وحزين " آه يا لها من مسكينة تلك الفتاة تعاني الاختطاف ثم الفضيحة الآن

اللوم على صهيب لما لم يخلصها منذ البداية هوا السبب فيما حدث لها "

تنهدت وقلت " لن يجدي إلقاء اللوم الآن شيئا لقد حدث ما حدث وانتهى "

قالت بهدوء " وما تفكرون به الآن هل سيجلبها هنا "

قلت بضيق " نعم قال أنه سيجلبها معه في الغد "

ثم وقفت وقلت " عليا المغادرة الآن الرحلة ستستلزم وقتا "

قالت بحيرة " هل ستذهب الآن"

قلت مغادرا " نعم فلا وقت لدي عليا أن أكون هنا عند المساء "

وصلت إلى هناك جوا ثم برا وما أن وصلت حتى رأيت مالم ولن يسرني رؤيته أبدا

كان أدهم مغادرا المنزل لقد شعرت بالأبخرة تتصاعد من رأسي ولو كانت

رنيم أمامي الآن لفصلت رأسها عن جسدها دخلت المنزل بغضب لو أخرجته

لفجر المكان فقابلتني والدتها في الخارج وكما يبدوا لي أنهم كانوا يجلسون

بالحديقة ألقيت التحية وعيناي تتجولان وتبحثان في كل مكان ثم قلت بضيق

" أين هي رنيم "

قالت بابتسامة " حمدا لله على سلامتك أولا , لما لم تخبرنا بقدومك "

قلت بهدوء مصطنع " سلمك الله يا خالة ولكن لم تجيبي عن سؤالي "

قالت بذات الابتسامة " إنها في الأعلى في غرفتها "

قلت بضيق " ألم تكن معكما هنا "

قالت بحيرة " معنا من نحن "

كادت عيناي تخرج من الصدمة ألا تعلم والدتها بمن خرج من هنا ويلك مني يا رنيم

قلت بضيق أكبر " هلا استدعيتها من فظلك بعد أن ندخل للداخل "

قالت باستغراب من نبرتي وغضبي " حسننا يا بني كما تريد "

دخلنا للداخل توجهت لمجلس الضيوف وبعد لحظات جاءت ودخلت الغرفة فقلت بحدة

" أغلقي الباب خلفك "

نظرت لي نظرة خوف لأول مرة أراها في عينيها ثم قالت " غيث ماذا هناك "

تنهدت بل زفرت نيرانا تخرج من جوفي وقلت بغضب

" أغلقي الباب يا رنيم فنهايتي أو نهايتك ستكون اليوم "

تراجعت خطوتين للوراء وقالت

" غيث أنت في حالة سيئة من الغضب لن نستطيع التحدث الآن "

توجهت ناحيتها وأمسكتها من يدها سحبتها للداخل وأغلقت الباب ثم قلت بغضب

" ماذا كان يفعل ابن خالتك هنا "

قالت بضيق " اسأل والدتي هي من تعلم ولست أنا "

قلت بغضب أكبر " والدتك لا تعلم بوجوده هنا يا رنيم "

صرخت بغيض " ما تعني بما تقول أنا لم أره أو أتحدث معه واسأل والدتي عن الأمر "

توجهت ناحيتها أمسكتها من ذراعها بقوة وقلت بصراخ

" أخبرتك أن والدتك لا تعلم تكلمي يا رنيم قبل أن ارتكب فيك جرما "

قالت ببكاء " توقف عن ذلك واترك يدي يا غيث أنت تؤلمني , رغم حلفي لك وتحدثي

معك ولكنك لا تكف عن اتهامي "

قلت وكل شياطين الأرض تقفز أمامي

" لن أتق بك ولا بأي امرأة يا رنيم هل تفهمي وها قد أتبتي لي ذلك "

دخلت حينها والدتها وقالت بخوف " ما بكما يا غيث لما كل هذا الصراخ "

صرخت و رنيم لازالت ذراعها بقبضتي " مع من كانت ابنتك قبل قليل "

قالت والدتها بدهشة " كانت في غرفتها "

ثم أضافت بهدوء

" غيث يا بني اهدأ فالأمور لا تحل بهذه الطريقة ولا تنسى أن بينكما طفلا "

قالت رنيم ببكاء " إنه طفلي هوا لم يرده أبدا "

ضغطت على ذراعها بقوة أكبر وقلت من بين أسناني

" لا تحلمي أن أترك ابني لخائنة لتربيه لن يتكرر ذلك فهمتي "

قالت بغضب " أنت مريض يا غيث مريض ولا أمل في الحياة معك وأقسم ولن أكون

رنيم لو لم تفكر أن هذا الطفل ليس ابنك "

نظرت لها بصمت ولم استطع الإنكار أو التحدث فكانت ردة الفعل من والدتها التي شهقت

بصدمة وقالت " ماذا ... ما الذي يحدث بينكما أنتي قلتي لي مرارا يا رنيم أن أمورك جيدة هناك

ما هذا الذي اسمعه منكما للتو "

قلت بغضب " اسألي ابنتك , اسأليها إن كان أد...... "

قاطعتني رنيم قائلة " انتظر فأنا من سيسألها لأني أعلم جيدا عقلك إلى أين سيحملك , أمي مع

من كنتي عند مجيء غيث "

نظرت لي ولها ثم قالت " كنت لوحدي "

نظرتُ لها فكانت الصدمة تعلوا وجهها كنت سأتحدث لولا أنها قالت

" أمي من كان معك قبل وصوله مباشرة وليس عند دخوله "

قالت والدتها بسرعة " كان معي أدهم أبن خالتك وخرج أمام عيني قبل دخول غيث بدقائق "

قالت رنيم ببكاء " وأين كانت ابنتك الخائنة هذه حين قدومه "

قالت بحيرة

" كنتي في غرفتك طلب رؤيتك ولكنك لم تنزلي ولما خائنة أنا من رباك وأعرفك جيدا "

قالت بألم " بل نتائج تربيتك كانت ابنة خائنة لا تستحق حتى الخروج أو التنفس "

أفلتت ذراعها وقلت بحدة " وماذا أراد منها , ماذا كان يريد "

قالت والدتها " لا أعلم أخبرني أنه يريد التحدث معها وعندما أخبرتها قالت أنها متعبة ولا

تريد النزول فطلب مني أن تحدثه بهاتفي ولكنها رفضت فتحججت له تجنبا للإحراج "

تنفست بغيض وضلوعي تكاد تتهشم من الاشتعال الذي كان بداخلي لقد تجنبت رنيم ذكر

اسمه لوالدتها كي لا أشك أنها لفقت الموضوع معي لتحمي ابنتها بقيت أتنهد بضيق وازفر

كالتنين في صمت نظرت لي رنيم وقالت بحدة

" أنا لن أذهب معك ولا أريدك ولا طفلي أيضا أخرج من حياتي يا غيث "

قلت بغضب وأنا ألوح بيدي في الهواء

" لا تحلمي أن اترك ابني ليربه ابن خالتك هذا ابني من حقي وأنتي

وهوا للجحيم "

ثم توجهت عند الباب وقلت " أنا انتظرك في الخارج "

قالت بحرقة " لن أذهب معك ولا مع ابن خالتي ولا أي رجل أكرهكم جميعا هل تسمع "

ضربت الباب بقبضة يدي وقلت بغضب " لا تعانديني يا رنيم لأنك وحدك من سيخسر "

وخرجت للخارج أنفت بقايا نيران غضبي , ذاك التافه ماذا يريد منها هل يعلم بأمر الوصية

يا ترى وينتظر فكاكها أم ماذا هناك , بعد بعض الوقت جاءتني والدتها وقالت بضيق

" أدخل معي للداخل يا غيث دعنا ننهي هذا الأمر "

قلت بضيق أكبر " الأمر انتهى وعليها الخروج الآن لنغادر فلا وقت لدي "

تنهدت وقالت " أدخل ولو احتراما لي رجاءا يا غيث "

وقفت وقلت " من أجلك فقط وكلامي لن اثنيه أبدا "

قالت بهدوء " أدخل ولنرى ما سنفعل "

دخلت اتبعها فوجدت رنيم تجلس بمكانها حيث تركتها وتبكي بشدة توجهت

والدتها ناحيتها أمسكتها من يدها وقالت

" توقفي عن البكاء يا رنيم وتعالي لتغسلي وجهك ونتحدث جميعنا "

قالت رنيم بغضب " لن أتحدث مع أحد فاتركاني وشأني "

صرخت والدتها بغيض وقالت " أنا أكبر منك ومن زوجك وعليكما احترامي وافعلي

ما أقول يا رنيم هذه ليست عادتك معي "

وقفت رنيم وقالت " آسفة يا أمي "

ثم خرجت وعادت بعد لحظه وجلست مكانها ووجهها شديد الحزن وخداها مشتعلتان من

الاحمرار تنظر للأرض في صمت فأمسكت والدتها بهاتفها وقالت

" سأتصل الآن بأدهم وستتحدثين معه أمام زوجك وتفهمي منه سبب زيارته "

اكتفيت بالصمت لغضب والدتها الشديد فما كنت لأسمح لها بالحديث معه لولا ذلك

اتصلت به ووضعت الهاتف أمامها وفتحت مكبر الصوت فقال أدهم

" مرحبا خالتي هل من مكروه "

قالت بهدوء " مرحبا يا أدهم هذه رنيم معك لتتحدث معها "

قال بعد صمت " مرحبا رنيم كيف أنتي قالت لي خالتي أنك متعبة "

نظرت لي بحزن واكتفت بالصمت جاء صوت ابن خالتها قائلا

" رنيم هل تسمعينني "

تنهدت وقالت ببرود " نعم أدهم أنا أسمعك , ماذا كنت تريد مني "

قال بلهجة غريبة " ماذا بك يا رنيم هل أنتي بخير علمت أن قدومك لأيام هنا ليس طبيعيا

وصوتك الآن أكد لي ذلك "

قالت بضيق " أدهم هل لهذا تريد الحديث معي منذ متى كنا نتحدث في الخصوصيات "

قال بهدوء " آسف يا رنيم لإزعاجي لك ولكن كما تعلمي كنا سنتزوج لولا ما حدث "

قالت رنيم بحدة

" ولكن لم يحدث ذلك فما تريد مني يا أدهم أنا متزوجة ولا أريد مشاكل مع زوجي "

تحولت لهجته للغضب وقال

" ولكني كما تعلمي رغبت بك كزوجة أعلم أنك لم تبادليني المشاعر يوما ولكن

أعلمي أن زواجك من ذاك لا يريحني وأشعر أن موضوعا ما وراء ذلك فإن أكدتِ

لي ذلك الآن فسأتصرف في الأمر بنفسي "

توجهت جهة الهاتف وأخذته من على الطاولة وضربته بالحائط فتحول لقطع ثم قلت بغيض

" رنيم ألم أطلب منك التحدث معه سابقا ألم نتفق على ذلك "

قالت بضيق " لقد فعلت فما ذنبي أنا إن لم يقتنع "

قلت بحدة " لأن فـــــ ..... "

قاطعتنا والدتها قائلة " توقفا كليكما عن هذا الجدال الغير المجدي , واجلس أنت يا

غيث هنا بجانب زوجتك واستمعا لما سأقول "

جلست أتنهد بضيق وأشاحت رنيم بنظرها جانبا فجلست والدتها أمامنا وقالت

" اسمعاني جيدا كليكما أنتم لستم صغارا على ما يجري الآن لتتصرفا كمراهقين "

قاطعتها رنيم تود الاعتراض على كلامها لكنها قالت بغيض

" رنيم لا تقاطعيني وأنا أتكلم "

سكتت متضايقة وتابعت والدتها قائلة " أعتقد أنكم ارشد من هذه التصرفات الصبيانية

وتعلمان جيدا أن مصير عائلة كاملة بين يديكم والتهور سيدفع ثمنه غيركما فلو كان

وحدكما المتضرران فذلك سيكون قراركما وعليكما تحمل نتائجه ولكن أن تدمرا تلك

العائلة فهذا ما لن أسمح أنا به , وأنت يا غيث تعلم أن من ربى رنيم هوا من رباك

والسهم الذي ترميه في مرمى تربيتي لها يصيبني كما يصيبك أنت ويصيب والدك

, و رنيم لم توافق يوما على الارتباط بأدهم واتهامك لها دون دليل شيء لن أرضاه

لي قبل ابنتي وأنتي يا رنيم لم أربك يوما على أن ترفعي صوتك في وجه زوجك

أو أن تخالفي أوامره , هذا الرجل الذي اختاره لك والدك الذي رباك وعصيانه

عصيان لوصيته ولتربيته وأن تتهمي زوجك باتهامه لك في شرفك ونسب طفله

لغيره دون أن يذكر هوا ذلك شيء لن أرضاه لغيث "

قالت رنيم بحدة " اسأليه يا أمي فليقسم أمامك أنه لم يفكر بذلك "

قلت بهدوء " أنا آسف يا خالتي لم أقصد إهانتك أو اتهامك في تربيتك لها "

تنهدت وقالت " أنت مدين باعتذار لرنيم أيضا وهي عليها طاعتك فيما تقرر وتقول , ومن

خالف ما أقول فلن يخاطب لساني لسانه أبداً ما حييت "

بعد صمت طويل ساد المكان نظرت جهة رنيم التي كانت تنظر للأرض بحزن وقلت

" أنا آسف يا رنيم "

ثم نظرت لوالدتها وقلت " ولكن عليكم أن تجدوا حلا لابن شقيقتك ذاك لأنني سأقتله "

قالت بهدوء " أنا من سأتفاهم معه وسينتهي الأمر ولكن هل ستنتهي المشكلات بذلك "

كان الجواب هوا الصمت فلن أعدها بما لا أستطيع ثم وقفت وقلت

" أنا انتظرك في السيارة يا رنيم فلا تتأخري "

بعد دقائق غادرنا البلاد في صمت موحش طوال الرحلة وكأنه لا يوجد

في السيارة أو الطائرة أحد

ليان كانت هذه الليلة من أسوء ليالي حياتي التي بدأت منذ أيام بعد أن ضربني شقيقي حتى

تعب بعدما أخبره شاهد أنني على علاقة برجال وأخرج معهم , سمعت صوت خشخشة

عند السور الخلفي لمنزلي فأنا أتجول بحذر كل ليلة وابقي أذناي مفتوحتان طوال الليل

اقتربت من السور ووجدت أحدهم يحاول تسلقه فهوا كان مرتفعا بعض الشيء ركضت

لهاتفي السري واتصلت بوسيم ثم اتجهت من فوري لحجرة عمي لأخرجه معي فلن أطمئن

لبقائه بعدي وليس لدي مكان أذهب إليه سوى منزل وسيم رغم علمي أنه لو كان نائما

فلن يسمع طرقي على الباب ولكن كان يكفيني أن التصق بالباب لأشعر بالأمان ستقولون

عني مجنونة ولكنها الحقيقة فعندما لا يكون لك من تستند إليه وقت الشدة فستتعلق ولو

بالأوهام وليس بحقيقة موجودة وإن كانت خلف باب موصد فأنا أعلم ما يفكر به شاهد

فلو فعل بي أي شيء لن يصدقني أشقائي بسبب كذبه عليهم ولن ينصفوني في كل

الأحوال وما أن خرجت من المنزل حتى وجدت وسيم خارجا بسرعة من منزله

ركضت جهته دون شعور وكأنني حلمت حلما مستحيلا وتحقق فجأة فأمسكت

بيده وكل ما أخشى أن يكون خيالا وأردت التحقق منه اختفى داخل المنزل طويلا

ثم عاد يجر شاهد في يده وكأنه قطعة قماش ورماه أمام قدماي ثم غادر لمنزله وعاد

حاملا دفتره وما أن قرأت ما كتب حتى تجمدت من الصدمة فقد كتب لي

(هل تتزوجينني )

بقيت أنظر إليه بصدمة مطولا فكتب ( هل لأنني أخرس )

أومأت برأسي نفيا وقلت " لا لما تفهمني هكذا ولكن .... آه ياله من إحراج "

كتب ( أنا من سيقوم برعايتك وعمك وسأوفر لنا سكننا ولن تعملي عملك ذاك بعد اليوم

وسنعطي المنزل لأخوتك لنرتاح من مشاكلهم )

تنهدت وقلت " لقد فاجأتني حقا يا وسيم "

كتب ( ماذا تقولي فأنا لا أسمعك )

كتبت له ( وما تفعله بزوجة لا شيء لها حتى المنزل ستخسره ومعها عمها الضرير

لتزيدك هما فوق همومك )

كتب لي ( إن لم يكن خرسي هوا السبب فواقي يا ليان ليرتاح ضميري أرجوك )

نظرت له باستغراب ثم كتبت ( وما شأنك أنت ليؤنبك ضميرك )

كتب وفي عينيه نظرة ضيق

( لا تسأليني يا ليان قولي الآن رأيك لنجد حلا لهذا الملقى أرضا )

كتبت ( أعطني مهلة أفكر )

كتب ( إذا ترفضين عرضي )

أومأت برأسي نفيا فابتسم لي فابتسمت بخجل وقلت بهمس

" يا لي من حمقاء متسرعة حتى مع الذين لا يسمعون , هل استحق كل هذا يا ترى شابا

وسيما ومؤدبا وشهما وأنيقا حتى , وكأنه لا يمد للفقر بصلة "

كتبت له ( موافقة ولكن بشرط )

نظر لي باستغراب فكتبت ( لن أعود للعمل في الشركة )

ابتسم وأومأ برأسه موافقا ثم كتب

( وأنا لدي شرط , لا تسأليني عن عائلتي وماضيا شيئا مهما حدث )

نظرت له بتوجس وخوف فكتب لي

( لا تخافي فليس لي جرائم أو مطارد من الشرطة فقط أريدك بعيدة عن كل عالمي الحقيقي

وأن أكون دائما وسيم الذي عرفت فقط )

هززت رأسي بالموافقة ثم كتبت له ( وما نفعل بهذا المرمي تحتنا )

كتب لي

( دعيه سيستفيق وحده وأغلقي منزلك وتعالا لمنزلي عند الفجر سآخذ عمك للمحكمة لننهي الزواج )

وقفت مترددة ولكنه سحبني من يدي وأدخلني منزله ثم عاد وأخذ عمي إلى هناك أيضا

دخلت المنزل كان شبه فارغ من الأثاث نظر من حوله ثم كتب

( تعاليا معي لغرفتي فهي الوحيدة المفروشة هنا )

دخلنا الغرفة كانت بخشب جديد وراقي بعض الشيء وتبدوا لي باهظة الثمن الثياب كانت

في كل مكان والفوضى تعم الغرفة حك وسيم رأسه بخجل وكتب

( هذا مؤقت فقط عند الصباح سنستأجر غيره )

كتبت له ( لا بأس سأقوم بترتيبها )

خرج خارجا لا أعلم إلى أين وبدأت بترتيب غرفته كانت ثيابه قليلة وكأنه يقضي وقتا

قصيرا هنا أو أنه لا يملك غيرها رتبت قدر المستطاع وفي أسرع وقت ثم ذهبت للمطبخ

فلم يكن أقل منها فوضى تنهدت وقلت " آه ليت منزلك مرتب مثلك يا وسيم "

أحسست بشيء ما خلفي فابتعدت مفزوعة ثم قلت " آه لقد أفزعتني "

كتب لي مبتسما

( لا تتعبي نفسك في تنظيف هذا فسننتقل من هنا عند الغد , يمكنك النوم بغرفتي )

قلت بهدوء " وتحسبني وقحة لهذا الحد لا ينقص إلا أن أسحبك معي لها "

كتبت له ( عليا جمع أغراضنا من منزلي )

كتب لي

( لن تعودي إلى هناك سنجلب أوراق المنزل وأوراقكم الضرورية فقط والباقي سنشتريه )

نظرت له بصدمة ثم كتبت ( ولكن لما نشتري سيكلفك ذلك كثيرا )

كتب لي ( ليان عليك أن تتعلمي شيئا وهوا أن لا تناقشيني فيما أقرر راتبي جيد وليس لدي

أحد وسنشتري الثياب والحاجيات لك ولعمك وانتهى الأمر )

ابتسمت وقلت " يالك من رجل يا وسيم للجحيم كل الرجال الذين بألسنتهم "

ثم كتبت له ( لو لم تصبح زوجي ما قبلت منك ذلك ولو حفيت )

كتب لي متبسما ( من الغد فصاعدا ستطلبين مني كل ما تحتاجينه وإلا ضربتك فهمتي )

ضحكت لما كتب وكتبت ( تضرني من أول يوم )

كتب ( وأكسر رأسك أيضا فليان القديمة ستبقى هناك في منزلها القديم )

تنهدت وقلت

" بل كل ذكرياتي الجميلة ستبقى مع منزلي هنا والدتي وطفولتي وصباي وكل شيء "

نزلت من عيني دمعة مسحتها لتلحق بها الأخرى رفع وسيم وجهي بأصابعه ومسح

دموعي بإبهامه ثم ابتسم سمعنا صوت جلبة ثم أحدهم قال

" ليان أين ذهبتي وتركتني يا ابنتي فأنا لا أعرف السير في هذا المكان "

ركضت بسرعة باتجاه عمي وأعدته للغرفة وطلبت منه النوم هناك وبقيت بجانبه

حتى الصباح كم أتمنى أن لا أكون تسرعت في هذا فأنا لا أعرف عنه شيئا

سوى اسمه فقد يكون متزوجا وتهجم عليا زوجته يوما وتحطم لي وجهي

آه ولكن من لي بعد الله غيره الآن فلن يتركني شاهد وشأني خصوصا بعد

ضرب وسيم له وقد يؤديه هوا أيضا لا بأس يا ليان على الأقل وسيم ليس

غنيا كصاحب الxxxxات ولا صعلوكا كشاهد وشقيق شروق هوا شهم ومؤدب

وفقير كما أريد

أُديم أعلم أنه قرار مجنون ولكني لم أتسرع في اتخاذه أبدا فهذه الفتاة لن يتركها شاهد وشأنها

أبدا فلم يعد هدفه الزواج بها وما حدث الليلة أكبر دليل على ذلك وكل هذا وغيره بسببي

أنا فمنذ البداية لعبت معها لعبة من الذي يثبت غروره ويكسر الآخر ولم أفكر في مصير

هذه المسكينة وأنها ليست ندا لي

على كل حال فأنا أحاول النظر للجانب المشرق في الأمر فهي فتاة محترمة وطيبة قلب

وجميلة وماذا أيضا يا أديم حاول أن لا تتراجع أو تغير رأيك على كل حال هي ستعيش

هنا وأنا لن أتركها حتى بعد اقتسام الميراث وانتهاء مهمتي هنا وسأنقلها هناك فيما بعد

ولن يعلم بها أحد ويمكنني الزواج بغيرها متى أردت لتكون تلك زوجتي أمام الناس .

كنت جالسا بجوار غرفة نومي والأفكار تسافر بي وتعود حتى طلع أول خيوط الفجر

فخرجت ليان ووجدتني هناك ابتسمت وقالت

" هاهي المتاعب بدأت تنهال عليك من الليلة "

أشرت لها بأصبعي للحمام وشعرت بارتباكها وخجلها فوقفت مغادرا للخارج هذه

الفتاة غريبة بالفعل لما لا تنظر لعيوبي لا أنني أخرس ولا مجهول الهوية ولا

فقير وبلا منزل حتى , هي لا تفكر بذلك بل رأت أني ورطت نفسي بها

عدت بعد فترة دخلت الحمام وتوضأت وصليت الفجر ثم سمعت صوت جلبة

عند المطبخ توجهت إلى هناك فكانت كما توقعت ليان تحاول إيجاد شيء ينفع

كإفطار لنا جلبت الدفتر وكتبت لها

( سأجلب شيئا نأكله فلا تتعبي نفسك في هذا )

ابتسمت وخرجت من المطبخ متوجهة لعمها في صمت خرجت بعد ذلك بوقت

وجدت لنا منزلا مناسبا في حي متواضع لكنه جيد والمنزل كان حديثا وجديدا

بعض الشيء جعلته يكون الأقرب للبساطة لكي لا تشك ليان بالأمر , أسهل شيء

تجده هنا هي الإيجارات فالأغلب يترك الجنوب قاصدا العاصمة وما حولها

من مدن عدت لهم بالطعام واستأذنت للخروج برفقة عمها لنكمل باقي الترتيبات

وجلبنا من منزل ليان جميع أوراقهم حاولت ليان أخذ بعض الحاجيات ولكني

اكتفيت بالنظر لها بضيق فتركتها وأخذت تذكارا واحدا فقط لوالدتها

خرجت بالعم سيرا على الأقدام حتى مسافة قريبة ثم أخذته بسيارتي التي لو

رآها لما ركبها لشكه أني سرقتها من أحد الأغنياء بعد وقت نظرت ناحية

الجالس بجواري في السيارة وقلت بهدوء " عم سعيد "

تلفت حوله كثيرا ثم قال " هل من شخص هنا هل ناداني أحدهم "

قلت بذات الهدوء " هذا أنا وسيم أتكلم معك "

قال بصدمة " وسيم الأخرس "

قلت بابتسامة " نعم وسيم الأخرس زميل ليان ومن سيكون زوجها "

قال باستغراب " كيف ... هل أنت لست بأخرس "

قلت " نعم وأسمي ليس وسيم أيضا ولكن عليك أن لا تخبر ليان بشيء "

بدت على ملامح العجوز القلق فقلت مطمئنا

" لا تخشى يا عم فلن يمس ليان سوء مادمت على قيد الحياة وأنت وهي في رعايتي "

قال بعد صمت " ولما تخفي حقيقتك وحقيقة اسمك لما لا تخبرها بالحقيقة "

تنهدت وقلت " عم سعيد إن حكيت لك كل شيء هل تساعدني وتتكتم على الأمر "

قال بابتسامة " لقد أحببت شهامتك مع ابنة أخي ولن أخذلك أبدا "

حكيت له عن كل شيء عن أسمي وعائلتي ووصية والدي وحتى ما جرى لي مع

ليان وهوا يستمع بصمت ودون مقاطعة فكبار السن يستمتعون بلباقة يفتقدها الكثير

من الشباب وبعد أن انتهيت قال بهدوء

" حكايتك غريبة جدا يا بني أرجوك يا من كنت تكون وسيم أو الآخر لا تظلم ابنتي

إنها حياتي المتبقية وعيناي التي أرى بهما كل شيء "

قلت بهدوء مماثل " لا تقلق يا عم ستكونان بأحسن حال فقط لا تذكر اسمي أمامها لأنه

سوف يجن جنونها لو علمت وستأخذك وتغادر من حينها ولا تتكلم عن مركزي فهي تكره

الأغنياء حد الجنون "

ضحك وقال " أعرف ليان جيدا فلا يحتاج أن تحكي لي لو تعلم أنها ستتزوج من صاحب

ثروة كثروتكم فستختار الموت من وقتها على الموافقة فليكن الله في عونك لو علمت "

ضحكت وقلت " ولما تعلم فلن نتحدث عن ذلك بعد الآن , فقط كان عليا إخبارك كي ننهي

أمور الزواج في المحكمة فأنت وليها وستعلم باسمي وإن لم أتكلم ولكي تتصرف لو أصابني

مكروه فأنت الآن تعرف عائلتي فالجأ إليهم من فورك لمساندتكم "

قال بابتسامة " على بركة الله على الأقل سيطمئن قلبي على المسكينة اليتيمة التي لم أستطع

حمايتها يوما ولم أجلب لها إلا المتاعب "

بعد أن انتهينا من عقد الزواج توجهت والعم للسوق واشتريت له من أرقى الثياب هناك هوا

لن يراها ولكنه يستحقها فلقد تعلمت شيئا مهما عن الفقر والفقراء ثم وقفت عند محلات النساء

حائرا كيف سأجد مقاسها لا يمكنني تحديد ذلك تحدث مع البائعة فسألتني أسئلة عديدة لتساعدني

ثم قالت بنفاذ صبر

" لما لا تتصل بها لتسألها عن المقاسات سيساعدنا ذلك كثيرا "

خرجت خارجا واتصلت بليان فأجابت بعد فترة ثم أغلقتُ الخط وكتبت لها رسالة فيها

( أرسلي لي مقاسات ثيابك جميعها )

أرسلت لي ( لما لا نخرج فيما بعد للشراء )

أرسلت لها ( لا أرسليها الآن وسأجلبها لك )

كنت أعلم أن خروجها معي سيكون أفضل ولكن حينها لن أتمكن من شراء هذه

الماركات الراقية من الثياب أرسلت لي بمقاسها فأرسلت لها

( وغيره هيا يا ليان لا تتعبيني معك لقد أصبحنا زوجين الآن )

بعدها اتصلت بحور فهي من ستساعدني فرنيم لا تملك هاتفا سألتها عن ألوان الموضة

النسائية وآخر ما ترتدي النساء بعد أن أخبرتها أنني أود مساعدة صديق لي ليشتري

لزوجته وكان العم سعيد يتحدث بجواري لذلك لم تشك اشتريت ثيابا متنوعة وعديدة

لها دون أن أطلب مساعدة البائعة لأني أعرف جيدا طرق تسويقهم للبضائع النائمة

والقديمة لديهم ثم خرجت بكل الحاجيات ونزعت منها ماركة شركاتها وذهبت بالعم

والأغراض للمنزل الجديد ثم عدت لليان أخذتها لشقيقيها أولا لتتنازل لهم عن المنزل

واصطحبت العم معي ليؤكد لهم زواجي بها دون أن يروا ورقة الزواج , لم يترددوا

لحظة أو يسألوا حتى من أكون وكيف ستعيش معي وأين بل كان كل همهم المنزل

يا لهم من جشعين ولكن صبرك يا ليان فسيكون لك منزل أفضل منه مئة مرة وباسمك

أيضا نظر لها شقيقها ونحن نغادر وقال بابتسامة جانبية

" لا تعودي إلينا في الغد بعد أن يعلم حقيقتك "

كانت ليان ستتكلم ولكني أمسكت يدها وسحبتها معي للخارج وتوجهنا لمنزلنا الجديد

وحياتي الجديدة التي الله وحده يعلم كيف ستكون فها أنا أغوص شيئا فشيئا في هذا العالم

الذي اخترت الابتعاد عنه قدر الإمكان ولست أعلم إن كانت هذه هي النهاية أم ثمة جديد

سيكون أكبر من هذا ولكن بعدما رأيت من أخوتها اليوم فلن أتخلى عن مساندتها ما حييت

زبير ( خائنة هي الحروف وخائنة بعض الكلمات تلتف حول قلوبنا وتنسج مكائدها لتعبر

شرايين أجسادنا ثم تتناثر على ضفاف ألسنتنا لتقفز هاربة وتكشف سترنا من خلف

حجاب الصمت لتنسج عبارات تحكي ما ليس يفترض به أن يُحكى فيتحول الصمت

لمعاني وتخرج الأنفاس تُلقي حديثا يعجز عن قوله لسان الحال, فأعذر صمتي أيها

الطيف البعيد وأعذر كلماتي أيها الرجل الغريب ولا تحملني وزر النوايا كما يفعل الجميع )

أغلقت هاتفي بعد أن قرأت رسالتها هذه لعشرات بل ألاف المرات وفي كل مرة أقرأها

فيها أفهم منها معنا جديدا ويولد حينها شعورا غريبا وجديدا أيضا , كانت هذه الرسالة

هي ردها على اتصالاتي المتواصلة وإلحاحي معرفة ما حل بها وما قالته لي ردا على

حديثي الأخير لقد أصبحت هذه الفتاة لغزا محيرا وغموضا غريبا ومحادثتها شيئا أساسيا

في جدول يومي وحتى تفكيري

" هل أخبرك صهيب في أي وقت سيأتي "

صدق بحر عندما قال لا تسافر بخيالك وأنت في القصر لأن والدتي لديها نقاط

تفتيش لا يمكنك اجتيازها وستلقي القبض عليك وتعيدك من حيث بدأت

ابتسمت وقلت " أمي هل يسعدك حقا أن توقظي شارد الذهن مما هوا فيه "

نظرت لي مطولا باستغراب ثم قالت " لن تشعروا بشعور الأم أبدا لأنكم لم ولن تجربوه "

قلت بهدوء

" لذلك لن يكلف صهيب نفسه أبدا عناء أخبارك متى سيأتي وليس لدي الجواب الذي تريدي "

قالت بضيق " وأديم لم يأتي عطلة نهاية الأسبوع ولم يكلف نفسه عناء طمأنتي وغيث

يبدوا لي يعاني مشاكل مع زوجته ولا يرحمني بشرح الأمر لي وبحر يتعذب في صمت

من ماذا لا أدري وأنت وحور أحوالكم لا تزداد إلا سوءا والفتاة لا تزيد إلا وهنا ومرضا

وكلكم ضائعون ولا تكترثوا لشعور الأم التي يحترق قلبها عليكم كل حين "

قلت بهدوء " أمي لما ترفعين هم الجميع دائما أجزم أن الأمهات ليسوا جميعهن هكذا

بالنسبة لبحر فهوا متكتم عن كل ما بداخله منذ صغره وأديم تحدث مع غيث وأخبره أنه

لن يأتي وصهيب سيأتي اليوم ونحدد ما سنفعل بشأن الفتاة أما أنا وغيث فأنتي أدرى

منا بحالنا وبسببه وبأن كل ما يجمعنا بزوجاتنا وصية منتهية المفعول في أي حين "

قالت بحدة " بما تهدي يا زبير أخبرني هل ستجد أنت أو غيث أفضل مما لديكما

ثم غيث ينتظر مولودا فهل سيحكمان عليه بالتشتت والضياع "

قلت بابتسامة " حقا ما تقولي هل سيصبح غيث أبا "

هههههه لقد فعلها ذلك المجرم

تنهدت وقالت " نعم وننتظر دورك أنت أيضا "

قلت ببرود وبعد صمت " لا تنتظري كي لا تتعبي وها قد أخبرتك "

قالت بحدة

" زبير لابد أن عقلك قد أصابه شيء أخبرني ما في حور لا يعجبك أم أن زمرد

أفضل منها في شيء "

وقفت وقلت بضيق " أمي أنا لم أقل أن حور يعيبها شيء وزمرد لن أتزوج بها ولا بعد

ألف عام كوني مطمئنة فهي لم تعد تعنيني "

غادرت متضايقا وتوجهت لحديقة القصر جربت الاتصال بصديقتي التي أصبح الحديث

معها ولو من طرف واحد إدمانا لا يمكنني العيش بدونه ولكنها لم تجب أرسلت لها رسالتي

العاشرة أو ما يزيد ولكني هذه المرة كتبت فيها

( ليس من العدل أن يقطع قاسي القلب عن الظامئ المحروم منبع قطرات الماء التي ترويه )

ففوجئت بها تتصل بي ومن صدمتي لم أجب إلا بعد حين فتحت الخط وانتظرت

في صمت فجاءني صوتها عذبا هادئا وهي تقول

" هل ستنقلب الأدوار وستنتظرني لأبث همومي لك "

قلت بابتسامة " بل انتظر أن أعلم أن من أتحدث معه كائن موجود حقا "

قالت بذات الصوت الناعم

" ماذا عن الفتاة كيف أصبحت وشقيقك هل هوا بخير عليكم البحث عنه "

ضحكت ضحكة خفيفة وقلت " يبدوا لي أن همهم يشغلك أكثر مني "

قالت بصوت مبتسم " هل أقول لك شيئا ولا تغضب مني "

قلت مباشرة " أغضب منك , لا لن يحدث ذلك أبدا "

قالت بهدوء " أشعر أنني أشاهد مسلسلا وأرغب معرفة نهايته "

ضحكت وقلت " وأنا الراوي والممثل الوحيد وكاتب السيناريو والمخرج أيضا "

ضحكت وقالت " هذا لأنني المشاهد الوحيد "

قلت بعد صمت " ألن تسأليني عن شيء آخر "

ساد صمت غريب فقلت " أين أنتي "

قالت " عن ماذا مثلا "

قلت " عن التي كانت حبيبتي وليتها لم تكن "

قالت بهدوء " هل تقابلتم أو تحدثت معها "

قلت " لا ولن يكون ذلك بعد اليوم "

قالت مباشرة " ذلك أفضل "

قلت بابتسامة " لا أستغرب الآن أن يكرهها الجميع فحتى أنتي التي لا تعرفينها قد كرهتها "

قالت بهدوء " أنا آسفة لم أقصد ذلك ولكن الحب شيء ثمين والبعض لا يستحقه "

قلت " وهل جربتِ الحب يوما "

قالت بعد صمت طويل " لا ولا أتمنى ذلك "

قلت مباشرة " ولما "

قالت بحزن " لأنه كما أخبرتك هوا شيء ثمين ويستنزف منك الكثير من المشاعر والبعض

لا يستحق ذلك فلن تجني سوى الألم وأنت أعلم مني بذلك وها هوا شقيقك يعاني "

قلت بابتسامة " ولكن من لا يحاول لا يحصل على ما يريد والفشل أفضل طريق للنجاح "

قالت بذات الحزن " يكفيني ما فقدت حتى الآن لقد خسرت الكثير "

ثم قالت " والدتي تناديني عليا النزول إليها وداعا "

قلت باندفاع " هيه انتظري أنا لم اصدق أن أجبتي على اتصالي هل سنتحدث ثانيتا "

قالت " فلندعها للظروف وداعا الآن "

وأغلقتِ الخط وتركتني في حيرة من كلماتها أكثر من صمتها

يتبع ........
 
رد: أنا من خذلت نفسي

تتمة الجزء العشرون + الجزء الواحد والعشرون + الجزء الثاني والعشرون ⚘

ميس لقد جن ذاك المغفل بالتأكيد ما هذه السخافة التي رماني بها كالقذيفة وخرج أنا أتزوج

بابن تلك العائلة وليس أي ابن من اختطفني وعرض حياتي للضياع مرات عديدة واتهمني

في شرفي أيضا بعد وقت انفتح الباب ثم دخل وأنا كنت واقفة مستندة بكتفي عند حافة

باب الغرفة مكتفة يداي لصدري نظرت له بضيق وقلت

" خرجت بقرار مجنون فبما عدت "

قال بابتسامة تحدي " عدت بنفس القرار "

قلت بغضب " ولما هل لي أن أعلم "

قال " لعدة أسباب "

قلت بنفاذ صبر " وهي "

قال ببرود " لن يهمك الأمر فلما أقول "

قلت بضيق " إن كان من أجل الناس وما يقولون فللجحيم جميعا سأعود لوالدتي ولن

يلحقوني هناك وحتى إن حدث فلن أهتم فلا تدعي الشهامة لتصلح ما تسببت أنت به "

نظر لي مطولا بصمت ثم قال " سنغادر عند الغد هذا المكان وسنذهب لقصر عائلتي

وسنتحدث في الموضوع فيما بعد "

قلت بغضب " ليس لدي ما أقول غير الذي قلت ولن أكون زوجة لأبن لتلك العائلة ولو

قتلتموني ولن أذهب لهم أبدا "

قال بضيق " ميس أنا لا آخذ رأيك فهمتي "

قلت بأسى

" ما الذي تريده مني أتركني وشأني أنا لا أريد منكم شيئا دعوني أرحل في سلام "

قال بغضب " ميس والدك لديه حق علينا استرجاعه أحببتي ذلك أم كرهتي "

قلت بحرقة " والدي مات وحقه لم يعد يعنيه الآن ولا يعنيني أنا أيضا "

قال بحدة " بل يعنيك ويعنيه ويعنيني كما عنى والدي الذي سعى لتحقيقه وأنا جلبتك هنا

لأضغط عليهم لكي يحققوا ما أردت ولكن أحدهم أفسد كل شيء وأوصل الخبر للصحف "

نظرت له مطوا في حيرة ثم قلت " وها قد فشل الأمر فأعدني لوالدتي حالا "

تنهد بضيق وقال بأمر " ستعودين معي للقصر يا ميس وغدا صباحا "

قلت بتحدي " لا "

ابتسم وقال " تذهبي معي أو تزوجنا عند الصباح ودون تأجيل "

قلت بحدة " ما بك أنت كيف تتزوج من فتاة لا توافق على الزواج بك "

قال بهدوء " لن أدع حقك وحق عمي يضيع ولو كان الثمن حياتي فهمتي "

قلت بغيض " وما دخل ذاك بالزواج أم أن أحد الحقوق أن تتزوجني "

هز رأسه بيأس وقال " ميس أنتي متعِبة جدا والتفاهم معك أمر مستحيل "

قلت بسخرية " هنيئا لك بمثل هذه الزوجة "

قال بمكر " وما المانع إن روضتها فيما بعد "

ضربت بقدمي على الأرض وقلت بغضب

" أنا لست حيوانا لتروضني ولن أتزوج بك فهمت "

تنهد بضيق وقال " دعينا نذهب في الغد إلى هناك ولندع كل شيء لوقته "

قلت ببرود " وهل لي أن أعرف سبب أخذي إلى هناك أم أن لقصركم سجننا ستضعني فيه "

قال بغضب " ميس أنتي لا تريدي أن تفهمي أبدا والدك كان متهما باختلاس أموال من شركة

جدي ثم سافر بعدها على الفور ولبسته تهمة أخرى هناك ومشابهة لها وسجن بعدها فعلينا معرفة

الحقيقة وتبرئة والدك الذي هوا عمي وإرجاع حقكم إليكم "

نظرت له بصدمة مما سمعت ثم قلت بهدوء يشابه الهمس

" ماذا .... اختلاس وسجن مستحيل "

تنهد وقال " تلك هي الحقيقة لذلك أنا أخبرت جدي وأعمامي أنك مختطفة وأني لن أتفاوض مع

الخاطفين حتى يحققوا شروطي بإعطائك ووالدتك حقك من الميراث وتبرئة عمي من التهمة "

ثم ضرب بقبضة يده على الجدار وقال بغيض

" ولكن أحدهم أفسد كل شيء لابد أنه من كان وراء تلك التهم "

قلت بصدمة " وما قالوه لك "

نظر للجانب الأخر بضيق وقال

" أعمامي رفضوا بشدة وقالوا أن لا حق له لدينا أما جدي فاكتفى بالصمت "

ابتسمت بسخرية وقلت " لم يخب ظني بكم يوما "

قال بحدة " ميس لا تضعي الجميع في نفس الكفة "

قلت بسخرية " وهل تسمي ما فعلته معي حتى الآن شيئا مختلفا عنهم "

قال بنفاذ صبر " قد أكون أخطأت في بعض الأمور ولكن قصدي لم يكن سيئا أبدا "

قلت بأسى

" لن أسامحكم ما حييت يا آل يعقوب فكرهي لكم كان بحجم الكون وها هوا الآن يتضاعف كثيرا "

ثم قلت بحزن " والدي مختلس وخريج سجون مستحيل لن اصدق ذلك أبدا لقد كان رجلا شريفا

ونزيها دائما في عمله كيف يجتمع النقيضان كيف "

قال بهدوء " وهذا ما علينا معرفته "

قلت بضيق " ولم تجد إلا هذه الطريقة لقد كدت تتسبب بهلاكي عدة مرات لتتهمني بجريمة

لم ارتكبها وأنت السبب فيها يالك من متهور "

قال بهدوء " آسف يا ميس أعلم أنني عرضتك وحياتك للخطر ولكني .... "

قاطعته قائلة وأنا أدخل الغرفة " لن أستغرب ذلك منكم "

ثم أغلقت الباب خلفي بكل قوة وارتميت على السرير ببكاء مرير وحقد في قلبي يزداد في

كل دقة من دقاته أمسكت اللحاف بقبضة يدي وقلت ببكاء وصراخ غاضب

" سحقا لكم من عائلة سحقا لهم من والد وأخوة ليس في قلوبهم أي رحمة "

صهيب يا لها من شرسة و عنيدة صدقت والدتها عندما قالت جرب صبرك على تكسير الحجارة

أولا لتصبر على عنادها وشراستها , يبدوا أنني سأتعب كثيرا مع هذه الفتاة

كان صوت بكائها يصلني بوضوح وكبتي لمشاعري يحرق أضلاعي أكثر , لما لا أحتمل

بكائها لما , توجهت لباب الغرفة وطرقته وقلت

" ميس توقفي عن البكاء "

لم تجدي محاولتي نفعا فطرقت مرة أخرى وقلت

" ميس إن لم تتوقفي فتحت الباب ودخلت "

قالت بصراخ " دعني وشأني يا صهيب أرجوك "

لقد قالت كلمة السحر التي لا أسمعها منها إلا ناذرا لذلك ابتعدت وجلست قريبا من الباب

أفرقع أصابعي واضرب بقدمي بتوتر , لا اعلم أي يوم ينتظرنا في الغد هذه الفتاة تكره

الجميع وإقناعها بتقبلهم سيكون صعبا للغاية ألم تجد لك حفرة أيسر من هذه توقع قلبك

فيها يا صهيب

استمرت في بكائها لوقت طويل ثم هدئت اتجهت لإحدى الغرف جربت النوم فيها ولكن

دون فائدة ولم أنم إلا بعد صلاة الفجر

عند الصباح استيقظت باكرا خرجت من الغرفة ووجدت ميس تجلس في المطبخ تحتسي

كوبا من القهوة وقفت عند الباب وقلت

" جهزي نفسك يا ميس علينا المغادرة "

قالت بهدوء وعيناها على الكوب " كيف غادر والدي البلاد متهما بتلك التهمة "

قلت بذات الهدوء " بعض الأمور لا تزال غامضة عني حتى الآن "

قالت " أريد التحدث مع والدتي "

قلت مباشرة " علينا أن نذهب الآن وستتحدثين مع من تريدي "

نظرت لي وقالت بحدة " لن اذهب قبل التحدث معها "

تنهدت بقلة حيلة فعليا تنفيذ ذلك فلن أخذ منها شيئا إلا بالحيلة مددت لها بهاتفي فقالت

" وأين هاتفي "

قلت " في السيارة هيا خذي هاتفي وتحدثي كما شئتي "

أخذت الهاتف واتصلت بوالدتها التي أجابت على الفور

" ...... "

ميس بضيق " هذه أنا أمي هذه أنا , منذ متى أصبح هذا ابنك "

" ................"

" أمي أنتي حقا طيبة قلب ماذا سأتوقع منك "

" ........ "
" حسننا حسننا أمي أخبريني ما تعرفيه عن سجن والدي والقضية "

" ....... "

" نعم لقد علمت هل كنتي تريدين إخفاء الأمر عني طوال العمر "

" ........ "

كانت ميس تستمع بصمت ثم امتلأت عيناها بالدموع دون نزول وقالت بأسى

" يستحيل ذلك "

" ....... "

" ومن كان وراء تلك القضية هل تعلمي "

" ......... "

" هل سيكون لديه شيء "

" ....... "

" نعم أنا أذكره جيدا "

" ....... "

" حسننا وداعا أمي "

" ........ "

" أجل أمي اطمئني فلن يحدث لي أكثر مما حدث "

أنهت المكالمة وتركت الهاتف على الطاولة وغادرت المطبخ لغرفتها بعد قليل

خرجت تحمل حقيبتها التي أحضرتها معها عند وصولها وخرجنا من المنزل في

صمت متوجهين للعاصمة ولأن المدينة قريبة فلم تأخذ منا وقتا طويلا وعند وصولنا

القصر وقفت ميس تنظر له بشيء من التردد وضعت ذراعي على كتفيها أحثها

على السير وقلت

" ادخلي يا ميس الجميع هنا ينتظرون قدومك "

نظرت لي في صمت ثم قالت " لا تكذب علي لأنني لن أصدقك "

ابتسمت وقلت " ستصدقين عندما تعرفينهم "

دخل كلينا للداخل فكان هناك غيث وزبير ووالدتي و رنيم اقتربت والدتي وسلمت على

ميس بحضن كبير وقالت بحب

" مرحبا بالفتاة الجميلة "

لقد حمدت الله أنها لم تمنعها من ذلك وتجرح مشاعرها

ثم تقدمت رنيم وصافحتها بابتسامة قائلة " مرحبا بك معنا يا ميس "

أجابتها ميس " شكرا لك "

كانت ملامح ميس تتسم بالبرود التام وهذا لا أستغربه أبدا بل وأتوقع الأسوأ

قالت أمي بابتسامة " لقد جهزنا لك غرفتك الخاصة أتمنى أن تجدي الراحة هنا "

ابتسمت ابتسامة باهتة وقالت " شكرا لك سيدتي "

ابتسمت أمي وقالت " أعلم أنك تعتبي كثيرا علينا ومعك كل الحق ولكن يا حبذا لو نديتني

خالتي فأنا زوجة عمك ولست بغريبة عنك "

أكتفت ميس بالبرود والصمت دون إجابة ثم قالت والدتي

" أُعرفك يا ميس هذه رنيم زوجة غيث ابن عمك الواقف هناك وهذا زبير وزوجته في

الأعلى فهي متعبة بعض الشيء ولا زال هناك أديم وأبني من زوجي الأول واسمه بحر "

نظرت للجميع واحدا واحدا ثم ابتسمت بسخرية وقالت

" يبدوا أنكم العائلة الوحيدة التي في استقبالي "

نظروا جميعهم لبعض في صمت ثم قالت والدتي " أعمامك كلن له منزله "

قالت ميس بحدة " لا تقولي أعمامك من فضلك "

عاد الجميع لنظرات الاستغراب والصدمة التي تتقاذف بينهم كالكرة أما أنا فلم استغرب

ذلك أبدا فهي لم تعترف حتى بخالها فكيف بمن هنا

وقف غيث وقال " وجدي هنا هل تريدي رؤيته "

نظرت له ببرود وقالت " هل أبنائه أيضا هنا "

قال بهدوء " نعم وينتظرون قدومك إنهم في المكتب ألحقي بي "

غادر غيث وهي تتبعه نظرتُ للبقية وقلت " وأنا ذاهب أيضا "

قال زبير " ولما تذهب أنت "

قلت بابتسامة

" لن أفوت هذا الحدث أبدا إن أردت أن ترى شيئا لن يتكرر في حياتك دائما فتعال "

قال بحماس " إذا سأكون معكم أيضا "

ليان بعد أن خرجنا من عند إخوتي أخذنا وسيم في سيارة أجرة لمنزل كان رائعا وجميلا جدا

كنت أنظر في كل اتجاه وسرور العالم كله يعتريني والابتسامة لا تفارق ثغري نظر لي

وسيم بابتسامة ثم كتب لي

( هل يعجبك المنزل )

كتبت ( وكيف لا يعجبني )

كتب لي ( اصبري قليلا وسيكون ملكا لك ما هوا أحسن منه )

تجول بي في جميع الغرف كان يتكون من طابق واحد به مجلس جميل ومرتب للضيوف

وصالة جانبية وممر يحوي ثلاثة غرف وحمام وغرفة نوم بحمامها الخاص كان المنزل

بسيطا وجميلا ويبدوا جديدا بعد أن انهينا الجولة عدنا حيث كان عمي وجلب وسيم

الكثير من الأكياس واراني بعض الفساتين والبنطلونات وتنانير وبيجامات وأشياء كثيرة

رائعة بل مبهرة وكادت عيناي تخرج من مكانها من المفاجئة كنت أراها قطعة قطعة

وأقول بسعادة

" هذه الثياب لم أحلم بها يوما كم أنت رائع يا وسيم أنا سعيدة بك حقا "

ثم كتبت له ( كم كلفك هذا تبدوا راقية جدا )

كتب لي ( أنتي تستحقي أفضل من ذلك , واطمئني الثياب تقليد عن الأصل فهي ليست باهظة

الثمن كثيرا ثم أنتي عروس ومن حقك أن يكون لديك ثياب جديدة وجميلة )

كنت منهمكة في تقليبها وتفتيشها فأقترب وجلس بجانبي وكتب لي

( هل أنتي متأكدة أن عمك لا يرى )

ضحكت وكتبت ( كل التأكيد لما هل تريد أن تختبره )

ابتسم وكتب لي ( أجل وفي الحال )

رفعت عيني من على الدفتر بحيرة فقبلني بعمق مطولا ثم قام وغادر جهة المطبخ

شعرت بأنني سأذوب من الخجل والإحراج وشعرت وكأن عمي كان يرانا , ما أسعدني

بما أنا فيه لقد أعطاني الله فوق ما أتمنى زوج يرعاني وعمي وأنهى مشاكلي ومنزل

وثياب كثيرة ورائعة رجل لم أحلم به يوما شهما ورقيقا ووسيما أيضا وحتى قبلته شيء

آخر , أمسكت خداي بيداي في خجل ثم جلست بجوار عمي وقلت

" انظر يا عمي ما جلب لي وسيم من ثياب كلها جديدة وجميلة "

ابتسم عمي وقال " ليسعدك الله يا بنتي إنه شاب رائع لقد اشترى لي أيضا ثيابا كثيرة "

ثم توجهت للكيس الذي لم يرني وسيم إياه فتحته فكان يحوي ملابس داخلية وقطع لقمصان

نوم لففت الكيس بسرعة ورميته قبل أن يراني خرج وسيم من المطبخ سحبني من يدي

لداخله ثم خرج وجلب عمي كان قد جهز الأكل في الأطباق ووضع العصير وكل شيء

نظرت للطعام بسرور وقلت

" يا لك من رائع يا وسيم لم أحلم يوما بزوج ولا حياة كهذه "

خرج مجددا وعاد بدفتره وكتب ( آسف لأني تزوجتك دون حفل زفاف )

كتبت له ( لا عليك فأنا لم أفكر في الأمر أساسا فلا عائلة لي ولا لك فمع من سنحتفل

يكفيني كل هذا إنه أروع من أي حفل )

انهينا طعامنا ووقف بعدها عمي وقال " خذيني لغرفتي يا ابنتي لأنام قليلا "

وقفت وقلت " بالتأكيد وحالا فأنت لم تنم منذ صليت الفجر "

أخذته لغرفته ولحق بنا وسيم وعند خروجي من غرفة عمي سحبني من يدي باتجاه

غرفة النوم شعرت بالخوف والخجل أمسكت يده وكتبت له فيها بإصبعي كلمة عليا

ثم كلمة تنظيف ثم المطبخ فابتسم وقبلني على خدي ثم حملني للغرفة دون أي رد

ومرت بي الأيام معه كان يخرج منذ الصباح لعمله ولكنه لم يكن يرجع إلا عند المساء

ويقضي الليل كله معنا كان يحيرني كثيرا أمره لما يغادر كل هذا الوقت وأيام الإجازة

الأسبوعية يقضيها بعيدا عنا كنت أود سؤاله عن كل هذا وعن عائلته ولكنني لم أرد

إغضابه فقد اشترط عليا ذلك منذ البداية وليس علي سؤاله عن خصوصياته وكنت

أعلم ما ستكون النتيجة فستبدأ بسؤال عفوي ثم ستتحول لشجار وتكثر شجاراتنا وأتسبب

حينها بتدمير حياتي

" ما بك يا ليان صامتة طوال اليوم هل يشغل بالك شيء "

تنهدت وقلت " نعم يا عمي يشغلني أمر وسيم "

قال بحنان " وما في أمر وسيم يشغلك هل تشاجرتما "

قلت نافية " لا لم يحدث ذلك يوما ولكن الغموض الذي يلفه يحيرني يتغيب عن البيت أغلب

اليوم وحتى الإجازات أيضا , وعائلته لا نعرف عنها شيئا ولا يمكنني سؤاله فهوا اشترط

علي أن لا أسأله وأنا وافقت "

قال عمي بهدوء " لا تجعلي الأفكار والهواجس تفسد عليك حياتك هوا لا يُنقص علينا شيئا

فأحسني الظن بزوجك وثقي به "

أجل وسيم رائع جدا معي رغم قلة رؤيتي له حتى أنه جلب لي سلسالا ذهبيا منذ أيام كان

بسيطا ولكني لم امتلك مثله يوما فعليا أن لا أفسد على نفسي ذلك

قلت بهدوء " كل ما أخشاه أن يصاب وسيم بمكروه لا قدر الله فمن سيكون لنا ولم يعد لدينا

منزل وهذا المنزل إيجار فقط "

قال مطمئنا

" لا تقلقي يا ابنتي فالله لن ينسانا ولا تخافي فحتى لو أصابه مكروه فلن تضيعي بعده "

تنهدت وقلت " أتمنى أن لا يصيبه أي مكروه وأن يتركني نحسي أعيش باقي حياتي سعيدة "

⚘⚘⚘الجزء الواحد والعشرون⚘⚘⚘

صهيب كنت أعلم أن مواجهة ميس بالعائلة لن يكون أمرا سهلا وحمدا لله أنها لم تجرح والدتي أو

رنيم بكلمة من كلامها الناري غادرت ميس تتبع غيث للمكتب وغادرنا أنا وزبير خلفهم

متوجهين لمكتب والدي القديم دخلت ميس خلف غيث الذي جلس على الأريكة بينما اكتفت

هي بالوقوف مكتوفة اليدين وترسل بنظراتها الحادة للجميع ووقفت أنا وزبير جهة الباب

نراقب في صمت نظر لها عمي عاصم من أعلى لأسفل ثم قال

" أين كنتي "

ابتسمت بسخرية وقالت " كان يجدر بك أن تسأل مع من كنتي لتأخذ بالحق منهم وليس

أين كنت ولا تسألني ما فعلوا بك لأني أعلم أنه السؤال القادم ولن أجيب "

قال بحدة " احترمي أعمامك وجدك ولا تتواقحي "

قالت بذات السخرية " عندما تكونوا أعمامي سيكون عليا احترامكم "

وقف عمي جسار وقال " زني كلماتك يا ابنة نبيل "

قالت بحدة " أجل ابنة نبيل الغصن الطيب الذي نبت في التربة الخبيثة فرفضته لأنه لا يليق بها "

وكزني زبير وقال بهمس " ما هذه النارية "

ابتسمت وقلت بذات الهمس " لم ترى شيئا بعد"

قال عمي عاصم ببرود " من الذين اختطفوك وماذا حدث معك "

نظرت له بكبرياء وقالت " لن أقول ولن يهمك الأمر ولا سمعتي حتى فأنا لست ابنتكم على أية حال "

قال عمي جسار بحدة " سكتنا عن طول لسانك كثيرا فألزمي حدودك خيرا لك "

قالت بغضب " لا ترفع صوتك علي يا هذا ولا أحد له الحق علي ولا أريد من قمامتكم مليما ولكن حق

والدي سيخرج من بين عظامكم واقسم أن الفاعل سيندم حتى الموت "

قال عمي جسار بسخرية " وما سنتوقع من تربية الغرب ومختلسي الأموال "

كانت تلك هي الجملة التي ضربت قلب البركان فثارت ميس قائلة بصراخ تقذف

حممها عليهم

" بل اشرف وأنبل منك وممن ربيت ولست تساوي نعال والدي وإن لم تترجى وتتعذر

لابنة مختلس الأموال هذه فلن أكون ابنة نبيل الرجل الذي أفنى عمره يغرف دراهم

الحلال بأظافره وينام على الأرض ويأكل الماء والخبز ليكون شرفا وعزا لي ما حييت "

توجه عمي جسار ناحيتها بغضب وصراخ رافعا يده عليها

" وقحة ولم تجدي من يقوم بتربيتك التي ستكون على يدي "

ركضت جهته وأمسكت يده بقوة وقلت بغيض " لن تلمس شعرة منها ما دمت حيا "

سحب يده مني وقال بغضب

" رائع وتدافع عن سلاطة لسانها مع أعمامها و من هم في عمر والدها أيضا ولم تحترم حتى جدها "

قالت بغضب " لستم أعمامي وهوا ليس جدي وإن ضربتني أقسم أننا سنجتمع الليلة في قسم الشرطة "

قال بصراخ " بل سأكسر عظامك وأرني ما ستفعلينه "

قلت بحدة وأنا أقف بينهما " إن كنت ستضربها فعليك قتلي أولا "

قال بغيض " وبأي حق فأنا الأقرب لها منك وأضربك واضربها "

قلت بغضب " بحق أنها ابنة عمي الذي حرمتمونا من رؤيته وبحق أنها ستكون زوجتي ومن يمسها

بسوء فلن يسلم مني أبدا "

قال عمي عاصم بسخرية " انتقيت جيدا يا ابن أخي تليقان ببعض حقا "

ثم قال عمي جسار بغيض

" لا تعتقدي أن هذا الطفل يحميك مني وأقسم إن لم تحترميني ثانيتا كسرت رأسك "

قالت بسخرية " أنا لا أخاف منك ولا أحتاج لمن يحميني وإن كان بيننا حق فالقانون يحسمه وإن

لم يكن فلست أعرفك ولا أعترف بك "

وقف جدي وقال أخيرا " أنتهي الحديث في الأمر غادرا الآن "

نظر له عمي جسار بحدة وقال " هذا بدل أن تؤدبها وتوبخها يا أبي "

قال جدي بحدة " كل واحد منكم أخذ حقه بلسانه فلا ظالم ولا مظلوم هنا "

غادر عمي جسار غاضبا ثم قال عمي عصام

" لقد شوهتِ سمعتنا وسمعة بناتي يا مجتلبة المصائب "

قالت بسخرية " إن كان لشقيقك ذاك أبناء فزوجهن إياهم صاحبات السمو الآتي لم تدخل

عليهن تربية الغرب والمختلسين واتركوا عديمة الشرف والعفة هذه لكلام الناس الذي لا

يجد وزنا إلا في عقولكم "

خرج حينها عمي عاصم يهدد ويتوعد وغادر جدي في صمت دون أن يضيف كلمة وقال

حينها زبير

" اقسم أنه لن ينام أي منهما الليلة هههههه "

قال غيث " لن يسكتا أعرفهما جيدا قد تؤذي نفسك يا ميس "

قالت ببرود " لا يهم ولست بخائفة من أي منهم فلن أخسر أكثر مما خسرت والدي وسمعته

وحياتي وعملي ودراستي ثم سمعتي فما تبقى شيء أخاف عليه "

ثم نظرت لي ويداها في وسط جسدها وقالت بحدة

" هذا ما كنت تود جلبي إليه إهانتي واهنة والدي , لقد آذيتني حقا وبما فيه الكفاية يا ابن العائلة المبجلة "

ثم غادرت ونظر إليا زبير وقال " هل ستتزوجها حقا "

قلت " نعم ورغما عن أنفها فأنا من تسبب بما شاع عنها "

قال غيث " وهل تجد هذا حلا , لقد رأيت بنفسك إنها شرسة وحادة الطباع وتكرهنا جميعا ستتحول

حياتك لجحيم يا صهيب "

قلت بتصميم " لن أعود في كلامي وسيكون ذلك ولو بعد حين "

نظر زبير لغيث وقال " حمدا لله أن والدي لم يشترط زواجي بها في وصيته لقد نجونا حقا "

ضحك غيث وقال " لو كانت رنيم مثلها لتحول القصر لحطام بالتأكيد "

نظر لي زبير وقال " البنزين والنار لا يجتمعا يا أخي إنها تشبهك كثيرا لن ينجح الأمر اقسم لك "

ابتسمت بسخرية وقلت مغادرا

" وهل نجح معكما إنكما تتوجان زواجكما بالفشل كل يوم رغم اختلافهما عن ميس "

خرجت متوجها لحيت والدتي وقلت " أين هي ميس "

قالت " سألتني عن مكان غرفتها فدللتها عليه ماذا حدث هناك "

ابتسمت وقلت " حرب طاحنة خرجنا منها بأقل خسائر والحمد لله "

تنهدت بحزن وقالت " تبدوا لي هذه الفتاة ناقمة على الجميع هنا "

قلت بهدوء

" علينا بالصبر يا أمي فما مرت به ووالدتها في حياتهم ليس سهلا وستغير رأيها بنا حتما "

قالت بذات الحزن " أتمنى ذلك إني أرأف لحالها حقا لقد خسرت الكثير وأخرهم سمعتها "

قلت بعد صمت " أمي أنا المذنب وأنا من عليه إصلاح ذلك "

نظرت لي بصدمة وقالت " ما تعني بذلك يا صهيب "

قلت بتصميم " أعني ما فهمتي والفتاة لم يمسسها أحد فلا تقلقي "

تنهدت وقالت بأسى " ستتعب كثيرا قبل إقناعها "

قلت مغادرا " لا يهم وإن فشلت فسأجبرها "

وكان الأمر كما توقعت فقد سجنت نفسها في غرفتها ولم تخرج منها

رنيم لولا والدتي وإصرارها ما كنت لأرجع معه وليصنع ما بدا له وليتصرفوا في مشاكل وصيتهم

أنا ينعتني بالخائنة أمامها ويقول أنه لن يترك ابنه لخائنة مثلي تربيه , ابنه الذي لم يصفه إلا بالمشكلة

لقد توسعت الفجوة بسببه حتى أنني توقفت عن الحديث معه حتى الكلمات القليلة المبتورة لم تعد تخرج

مني وأصبح هوا أيضا يتعمد ذلك فأنقطع الكلام بيننا وتحولت لشبة بكماء طوال فترة وجوده كنت أنوي

النوم في حجرة مستقلة عنه ولكني تراجعت كي لا يظن أني أمنعه من نفسي عقابا له

علينا اليوم زيارة الطبيبة لمتابعة حملي كم أكره الخروج برفقته رغم أنه سيكون متنفسي الوحيد فحتى

عند زيارتي لوالدتي لم أخرج أبدا ولم أجني خيرا أيضا فلو أني خرجت لكان أفضل

لقد تحسنت حالة حور شيئا فشيئا وها هي عادت لتعمل معي في هذا المطبخ الضخم الذي لا تنتهي أعماله

فليس سوانا وخالتي وهما يصران على تخفيف الأعمال عني بحجة حملي ولكني لازلت في البداية وعليا

مساعدتهما فابنة عمهم الجديدة تلك لا نراها إلا نادرا وتبدوا كارهة للجميع ومجبرة على البقاء أنا لا

ألومها فلو كنت مكانها وظهرت لي عائلة الآن لأكتشف أنها تخلت عني وعن مشاكلي كل تلك السنين

فسأفجرهم تفجيرا

" رنيم يبدوا لي حملك قد أفسد مزاجك أكثر من السابق "

نظرت لها بابتسامة وقلت " نعم يا رفيقتي في المطبخ "

ضحكت وقالت " رفيقة غير دائمة أنا آسفة لتركي لك وحيدة "

قلت بهدوء " لا عليك يا حور المهم أن تكوني بخير وبصحة جيدة "

أحوال حور غريبة جدا فشيء ما يسبب لها كل هذا الحزن والتعب

قالت بابتسامة " لما أنتي منزعجة من حملك يا رنيم فالأمومة شيء جميل جدا "

تنهدت وقلت " ولكن في وضعي أنا هي شيء في غير وقته "

قالت بذات الابتسامة " ظننت أن كل منكما ينام في جناح كما في السابق يبدوا أن الأمور قد تطورت "

قلت بحسرة " تطور سيء جدا لا أتمناه لك "

قالت بهدوء " إنه طفلك يا رنيم وعليك أن تكوني سعيدة به ولا تهتمي لشيء فما أن تريه

ستنسي كل همومك "

قلت بأسى " كل ما أفكر فيه هوا مستقبل هذا الطفل مع أبوين لم يحدد مستقبلهما بعد "

قالت " لابد أن وجوده سيغير ذلك "

قلت ببرود " لا أعتقد ولن يحصل أبداً "

قالت بهدوء " ولما التشاؤم يا رنيم كم من أبناء غيروا حياة أبائهم "

قلت بألم " ما بيني وبين غيث لا يغيره أبن أبدا ولا حتى عشرة إنه يحتاج لمعجزة ألاهية "

نظرت لي وهي تقف على المغسلة وقالت بابتسامة

" إذا انتظري المعجزات الإلهية ولا تيئسي "

ثم سقط الصحن من يد حور على الأرض وماتت ابتسامتها خلف حزنها المعتاد

وكل ذلك حدث بنظرة واحدة لشيء ما خلفي التفتت للخلف فوجدت بحر واقفا عند

الباب نظرت لحور فكانت منشغلة بجمع الزجاج عن الأرض

فقال بصوته الهادئ وعيناه على حور

" آسف لقد ظننت أن والدتي هنا هل تعرفان أين أجدها "

وما هي إلا أجزاء من الثانية وكانت خالتي تقف خلفه وقالت بحب

" مرحبا يا بحر مرحبا بني لما كل هذا الانقطاع عنا "

التفت ناحيتها وغادرا يتابعان حديثهما , توجهت ناحية حور لمساعدتها في تنظيف

الزجاج وقلت بهمس هادئ

" حور هل تعرفين بحر قبل مجيئك إلى هنا هل بينكما شيء ما "

لم يبدر منها أي ردة فعل لا صدمة من كلامي ولا إنكار لما قلت ولا شيء سوى أنها توجهت

للكرسي بخطى متثاقلة وجلست عليه فجلست بجانبها ووضعت يدي على يدها وقلت

" ما بك يا حور أخبريني "

شدت على يدي بقوة ونزلت من عينيها دمعتان سقطتا على الطاولة مباشرة ودون كلام

حضنتها وقلت " لا تقوليها يا حور لا تقولي ذلك أرجوك "

قالت بألم " لم أعد احتمل يا رنيم لم أعد أحتمل هذا "

كنت امسح على ظهرها بصمت يا لها من مصيبة التي أنتي فيها يا حور لهذا كانت

متعبة ومريضة وحزينة طوال الوقت يبدوا أنني لست الأتعس هنا كما اعتقدت كيف

لإنسان أن يكون بهذه التعاسة مجتمعة , زواج إجباري من شخص لا يحبها وحب لشقيقه

يا لا الكارثة

قلت بحنان " توقفي عن البكاء يا حور سوف تمرضي من جديد "

ثم قلت بابتسامة " من سيساعدني في المطبخ حينها "

رفعت رأسها وابتسمت ابتسامة حزينة فقلت لها " هل كنتِ تعرفينه في السابق "

قالت بحزن " بل كنت أحبه بجنون "

قلت بأسى " يا إلهي ويبدوا لي أنه هوا أيضا كذلك "

قالت بذات الحزن " كان .. كل شيء كان وانتهى "

قلت بهدوء " قد يكون كان ولكنه لم ينتهي على ما يبدوا لي فلما وافقت يا حور وهوا شقيقه لما

أوقعتي نفسك في هذه المصيبة "

قالت ودموعها بدأت بالنزول من جديد " أنتي تعلمي أني لم أوافق ولم يطلبوا موافقتي حتى ولم أكن

أعلم أنه شقيقه فليس لهما نفس الاسم لقد علمت بعد وصولي إلى هنا "

قلت بدهشة " يا إلهي لقد كانت صدمة كبيرة لك بالتأكيد "

قالت بابتسامة حزينة " بل كدت أفقد عقلي يومها "

قلت بحزن

" نعم أذكر ما مررت به بعد وصولك لم أتصور أن الأمر كذلك ولكن لما افترقتما ما الذي حدث "

قالت وهي تمسح دموعها " لقد رفضه عمي عند خطبته لي ولم أره من حينها قبل أربعة سنين "

تنهدت بألم وقلت

" سحقا لها من وصية كم حطمت من قلوب وأبكت من عيون كل يوم اكتشف سؤها أكثر "

قالت بضيق " لقد أصبحت أكره حرف الواو وحرف الصاد والياء والتاء المربوطة أيضا "

ضحكت من بين حزني وقلت " وحرف الواو أحد حروف اسمك والياء من أسمي "

ابتسمت بحزن وقالت " حمدا لله أنه لا يوجد باسمي حرفا آخر منها "

قلت بابتسامة

" هل سيكون هناك أسوء مما أنتي فيه ليزيده الحرف فحرف واحد قد دمر كل شيء "

ثم تابعتُ قائلة " وميس أيضا تملك حرفا لا بد أن الوصية سبب جلبها إلى هنا "

قالت بابتسامة " لقد سمعت زبير وصهيب يتحدثان عن ذلك "

ضحكت وقلت " شر البلية ما يضحك , بقي أديم لابد أن يحظر واحدة تحمل أحد الحروف

والكثير من التعاسة أيضا "

وقف حينها غيث عند باب المطبخ وقال " أين هي أمي "

تمنيت أن تجيبه حور ولكن ما باليد حيلة فالأفضل أن لا تتحدث هي عن بحر فقلت بهدوء

" لقد وصل بحر للتو وهما معا "

قال وهوا يغادر " جهزي نفسك لأخذكم للعيادة النسائية "

تنهدت وقلت بهمس " سيكون اليوم من أتعس أيام حياتي بالتأكيد "

ثم وقفت مغادرة لجناحنا لأجهز نفسي ولولا إصرار خالتي لما ذهبت فليولد أو يموت أو

يحدث ما يحدث له فكله بمشيئة الله

غيث كانت هذه أول مرة نتبادل فيها الكلمات منذ ذلك اليوم لقد تحولت رنيم لعالم من الصمت

فلما أنا المذنب فيما حدث كيف أكون ملاما وقد رأيت ابن خالتها بعيني يخرج من منزلهم

وأنكرت والدتها وجوده هناك

لقد أصبحت رنيم تفهمني جيدا فلو أنها تركتني أسال والدتها عنه باسمه لبقيت شاكا طوال

الوقت أنها قد كذبت علي لتغطي على ابنتها ولو لم يقل أدهم بلسانه أنه لا يعلم سبب هذا

الزواج لبقيت على ضني بأنهما على اتفاق لتتخلص مني وتتزوجه بمجرد فتح باقي

الوصية , دائما ما أفكر بأشياء اتجاهها وأكتشف فيما بعد أني مخطئ ولكن ما بيدي حيلة

لا أستطيع أن أتق بامرأة كانت من تكون لا استطيع

توجهت لحيت كانت والدتي فوجدتها هي وزبير ألقيت التحية وقلت

" أين هوا بحر أليس هنا "

قالت " كان هنا وغادر وصهيب "

تنهدت وقلت " هيا يا أمي عليك مرافقتنا للطبيبة "

قالت بهدوء " ولما عليا الذهاب معكما "

قلت بذات الهدوء " لتكوني معها إنها أمور تخصكم أنتم النساء وقد تنفعينها بشيء أنا ما علاقتي "

وقفت وقالت " أمري لله الأبناء متعبين مهما كبروا "

قال زبير بابتسامة " لازال هناك تربيته ستكون عليك المساعدة فيها أيضا وكل من يليه "

ضحكت وقالت " أرجوكم لا تكثروا العدد من أجل صحتي "

ضحك وقال " لديك خمسة أبناء لو أنجب كل واحد منهم أثنين فقط فسيكونون عشرة "

قالت مغادرة بابتسامة " عشرة ولم نرى منهم إلا واحدا بعد قرابة العام "

خرجت خلفها وتوجهت للسيارة في انتظارهم وبعد وقت جاءت رنيم وحدها وركبت

بجانبي فنظرت لها باستغراب وقلت " أين أمي "

قالت بهدوء وعيناها للأسفل " قالت أن ابنة عمها قادمة الآن لزيارتها "

اجزم أنها خططت لذلك كي لا تأتي معنا انطلقنا في صمتنا المعتاد الذي أصبح كثيرا وموحشا

وصلنا لمجمع حديث للعيادات الخاصة دخلنا ووقفنا ننتظر دورنا فقلت بضيق

" أليس من المفترض بنا لو ذهبنا لعيادة خاصة خارجية على الأقل ستكون غير مزدحمة

وهناك صالة انتظار أو جعل طبيبة نسائية خاصة للعائلة "

قالت بعد صمت " سألت خالتي عنهم كثيرا فأغلبهم أطباء رجال أو طبيبات سيئات هي

من اختارت هذه "

كنت واقفا على أدق عصب من أعصابي هي المرة الأولى التي أخرج فيها مع رنيم وكلما

مر أحد الرجال نظرت باتجاهها لا شعوريا وكأني متأكد من أنها ستنظر إليه أو ستأشر له

ببعض الإشارات وكانت في كل مرة على حالها شاردة الذهن تنظر للأرض وتبدوا في

عالم آخر تماما وقف شابان مقابلان لنا كنت سأطلب منها تغيير مكاننا لولا خروج السيدة

التي كانت بالداخل فقلت

" إنه دورك "

فلم تتحرك نظرت لها وقلت " رنيم لقد حان دورك "

نظرت لي بعد أن عادت من شرودها وقالت " ألن تدخل معي "

قلت ببرود " ما من داعي لذلك أنتي من ستكشف عليها وليس أنا "

قالت بإصرار " بل عليك الدخول معي "

ثم ابتسمت بسخرية وقالت " قد تتحدث مع إحداهن وأنا بالداخل "

نظرت لها بضيق فقالت " آسفة نسيت أننا في هدنة "

ثم أمسكت بيدي وسحبتني معها للداخل ولا أعلم لما كل هذا الإصرار على دخولي

جلسنا أمام الطبيبة أخذت أسماءنا وبياناتنا وقالت " ما المشكلة التي تعانيانها "

قالت رنيم " أنا في بداية حملي وستكونين المشرفة عليه "

ابتسمت وقالت " زوجك معك ظننت أنها مشاكل في الإنجاب "

قالت رنيم " لا ولكني من أصر على وجوده معي "

ثم بدأت تطرح عليها الكثير من الأسئلة الروتينية وقامت بفحص الجنين ثم طلبت منها

رنيم طلبا غريبا وقالت

" هلا حددتِ لي وقت حملي بدقة رجاءا "

ها قد علمت الآن لما أدخلتني معها كانت تريدني أن أسمع منها هذا الجواب بالتحديد كتبت

الطبيبة بعض الأرقام والتواريخ التي سألتها عنها سابقا وبدأت تحسب ثم رفعت عينيها وقالت

" الحمل حدث في الأيام من السابع إلى العاشر من شهر محرم "

وكان بالفعل ذاك اليوم احد هذه الأيام ثم وقفت رنيم وشكرتها وأخذت منها مواعيد زيارتها

التي أصرت كثيرا أن تكون اقل ما يمكن وفي أبعد وقت ثم خرجنا فقلت بضيق

" ما معنى ما فعلته الآن "

قالت بهدوء " آسفة يا غيث أعلم أنك لم تقل أو تطلب ذلك ولكن لكي ترتاح وأرتاح

لأني سأظن بشكك بي دائما وإن لم يحدث "

لم أحب إطالة التحدث في الأمر خصوصا بعد كلامها الأخير ركبنا السيارة وغادرنا

ففكرت لوقت في مكان ليس به أحد وينفع للذهاب إليه فكرت وفكرت ودون جدوى في

النهاية قلت

" هل تريدي الذهاب لأي مكان "

نظرت لي باستغراب لوقت طويل ثم قالت بهدوء وهي تعيد نظرها للأسفل

" شكرا لا أريد فلنعد للقصر "

قلت بذات الهدوء " رنيم لما لا تعطيني الفرصة كلما حاولت إصلاح الأمور "

قالت بعد صمت " لأن الأمر سيفشل صدقني سيفشل مادامت أفكارك لم تتغير "

قبضت على المقود بقوة وقلت بضيق

" لهذا لم أرد الزواج ولم أكن سأتزوج أبدا كي لا أظلم امرأة معي فأتعب وأتعبها "

نظرت لي وقالت " لماذا يا غيث ما السبب "

لقد كانت المرة الأولى التي تسألني هذا السؤال فقلت

" لأنهن خائنات كريهات وأكرههن جميعا "

قالت بأسى " ألست تحب والدتك وتعامل حور وحتى ابنة عمك بلطف ألم تنجبك

امرأة وربتك ورعتك هل هي خائنة أيضا "

قلت بغضب " بل خائنة سمعتي خائنة وجميعهن كذلك الكثيرات كن خائنات "

نظرت لي بصدمة فتذكرتُ فجأة أنني خرجت عن السيطرة في كلامي فقلت بضيق

" أغلقي هذا الموضوع يا رنيم "

ثم وصلنا للقصر فنزلت هي في صمت وغادرت أنا

أُديم الآن قد ارتاح ضميري مادامت مشاكل ليان قد انتهت لم أتخيل يوما الزواج من فتاة

دون طبقتي وليس أي دون ولكن ما يعجبني أن حياتي معها هادئة جدا لا تسألني أين

كنت ولا لما تأخرت ولا أين تذهب أيام الإجازة حتى أنها لا تتذمر أمامي رغم ظنها

أني لا أسمع , تُرى إن كانت زوجة من الغنيات هل كانت ستكون هكذا

كنت أقضي يومي بعد العودة من الشركة في شقتي حيث عالمي الحقيقي

الرقي والفخامة وجهازي المحمول أتحدث عبره وعبر الهاتف والتقي

بصديقي ونتحدث ونمزح طويلا وعند المساء أذهب لعالمي الجديد المنزل

المتواضع والصمت التام والزوجة الجميلة المبتسمة والعم الطيب كنت

أجلس أستمع لحديثها المطول وعمها الحياة هناك شيء مختلف وكأنني

أعيش عالم غير عالمي وكأنني منهم أشعر أنني لست أديم بل وسيم الشخصية

الجديدة التي كرهتها عندما اضطررت لعيشها حتى أن ذاك المنزل والحياة

بدأت تشدني وأصبحت أرغب أحيانا في ترك شقتي والذهاب إليها قبل المساء

بكثير , كانت فرحتها لا تضاهى كلما اشتريت لها شيئا وأخذته لها ولو كان شيئا

بسيطا لو كانت من الغنيات ما فرحت بذاك السلسال الذهبي الذي لم يكلفني شيئا

لقد كانت وكأنها امتلكت طقما ألماسي

لا أعرف لما أتصرف هكذا كنت أتخيل لو أنني تزوجت من فتاة فقيرة ومعدومة كليان

فلن أعاملها إلا بتكبر ولن ألمسها حتى اللمس لو تزوجتها قبل أن أعيش هنا وأعرفها

وأعرف عالمها ما كنت لأعيش معها هكذا فالبساطة والطيبة والمحبة وأشياء كثيرة

توجد فيها وتفتقدها بنات طبقتي المترفة لقد طلبت منها اليوم أن نخرج للعشاء فهي لم

تخرج من المنزل أبدا منذ تزوجنا كنت جالسا في سيارة متواضعة قد استأجرتها لساعات

لنذهب فيها

خرجت بعد قليل وركبت السيارة تجولنا طويلا ثم توجهنا لمطعم مميز للعشاء وقد دفعت

لهم مسبقا كي لا يجلبوا الفاتورة أمامها تناولنا العشاء في صمت وأنا أراقب كل حركاتها

وعيناي لا تفارق وجهها كم تمنيت كسر حاجز هذا الصمت لنتبادل الأحاديث معا وأستمتع

بمزاحها وضحكاتها التي لا أسمعهم إلا مع الغير

انظروا ما حل بي فحتى ثرثرتها أصبحت شيئا يجذبني لامتلاكه نظرت لي وابتسمت فأمسكت

يدها وقبلتها بعمق فهذا كل ما أستطيع تقديمه لها الآن وغير ذلك ستكون عواقبه وخيمة

ولن تسامحني عليه

بعد مرور عدة أيام كنت جالسا في الشركة في مكتبي المعتاد طبعا وبعد ساعات من

العمل جلست أقلب هاتفي المحمول لأتواصل مع أحد فشدني حنيني لسيدة مسائي الجميلة

ليان فأرسلت لها رسالة كتبت فيها

( أجمل ابتسامة هي عندما تبتسم لشخص ليس موجودا من حولك ولكنه خطر على بالك )

كانت أول رسالة أعبر فيها عن مشاعري أرسلها إليها فأرسلت بعد قليل

( لا تنسى إحضار ثيابك )

ابتسمت وهذا ما توقعته فليان تخجل من الحديث معي عن مشاعرها بسبب خرسي الوهمي

فنحن لا نتحدث هذه الأحاديث ولا حتى على الورق فأرسلت لها

( بعض الرسائل تكفينا وإن كانت فارغة وكأن أحدهم يقول لك أنا أذكرك )

أرسلت بعد قليل ( لا تنسى أن تحظر كل الأغراض التي كتبتها لك )

هههه يبدوا أنها تتعمد فعل ذلك أرسلت لها

( ألا يوجد لديك شيء ترسليه غير الطلبات )

أرسلت على الفور ( بلى ...... عمي يسلم عليك )

ضحكت بصوت مرتفع فنظرت لي شروق باستغراب فتناولت الدفتر وكتبت لها

( هل ترغبي في رؤية ليان )

ابتسمت بلهفة ما أن قرأت المكتوب وأومأت برأسها إيجابا فكتبت لها

( إذا أعطني عنوانك لأحظرها إليك )

كتبت لي بسرعة ( كيف تحظرها لم أفهم )

كتبت لها ( ليان أصبحت زوجتي منذ فترة )

شهقت شروق شهقة كبيرة من الصدمة وقالت " تبا لتلك المحتالة تزوجتك إذا سأريها "

ثم كتبت لي ( هلا اتصلت لي بها لأكلمها أنا مشتاقة لها كثيرا )

كتبت ( حسننا ولكن هاتفي يعاني عطلا بسيطا ولا يتحدث إلا بواسطة مكبر الصوت ولأني

كما تعلمي لا أتحدث به فلم أصلحه )

قالت بلهفة وهي تهز رأسها لي إيجابا " موافقة "

وقد فاتها أن تطلب مني رقم هاتفها والحمد لله , اتصلت بها وفتحت مكبر الصوت لأسمع كل

ما يدور بينهما وما أن فتحت ليان الخط حتى صرخت بها شروق

" محتالة لقد تزوجتي بوسيمك إذا لقد شككت بأمره منذ البداية "

ضحكت ليان وقالت " مرحبا شروق كيف حالك لقد اشتقت لك كثيرا "

قالت شروق ببرود مصطنع

" ها اشتقتي لي يا كاذبة لابد أن هذا الوسيم أنساك كل شيء "

قالت ليان " لم أنساك يوما يا صديقتي "

قالت شروق بغضب " ولما لم تزوريني يا كاذبة مادمت مشتاقة إلي ولم تفكري حتى

في طلب ذلك من زوجك أو أن تحدثيني عبر هاتفه "

قالت ليان بهدوء " خفت أنه لا يريد قول ذلك لأحد فلم أشأ مضايقته أو إحراجه "

قالت شروق " نعم نعم ياقلبي على الذين يخافون على مشاعر أزواجهم "

قالت ليان " وسيم هوا كل دنياي وسعادتي يا شروق لقد تغيرت حياتي كلها منذ

ارتبطت به وفارقني النحس أخيرا "

( أسمعوا المحتالة لما لا تخبرني بكل هذا الكلام )

قالت شروق بابتسامة

" أتمنى لك السعادة حقا يا ليان لقد سرني ما علمت رغم أن شقيقي لازال ينتظر موافقتك "

ضحكت ليان وقالت " احتفظي بشقيقك لنفسك "

قالت شروق بحدة " ليس لأنه غير وسيم يعني أن تسخري منه "

قالت ليان " أنا لم أقس الأمر بشكله أبدا وليس لأن وسيم جميلا اخترته ولكن ما يمتلكه وسيم

لم يمتلكه أحد ممن تقدموا لخطبتي ولا حتى صاحب الxxxxات ذاك "

قالت شروق ببرود " نعم ولكنه يفتقد لسانا وأذنين "

قالت ليان بضيق " لم أتوقع منك هذا يا شروق لقد فعل وسيم من أجلي أشياء لم يفعلها الذين

بألسنتهم جميعا ولم أرى ذلك عيبا فيه ولا للحظة فلا تجعليني أغضب منك ولا تعيدي ذلك "

قالت شروق بضحكة " حسننا حسننا لا تغضبي مني لن أهين حبيب القلب ثانيتا , أخبريني

ألن تقرري العودة إلى هنا "

قالت ليان بضيق " أبدا ولو شنقوني وها قد أصبح لدي زوج يوفر لي كل ما أحتاج ودون

سؤال حتى , فما أصنع بعملهم الذي لم أجني منه سوى الذل والمهانة فليهنأ سيدكم أديم

بحياته بعد أن خرجت المستهترة الفاشلة من شركته "

ضحكت شروق وقالت " توقفي عن قول ذلك كي لا يسمعك ويذهب لك بنفسه "

قالت بغيض " آخر ما أتمنى في حياتي أن أراه أو أسمع صوته حتى "

ثم قالت بحزن

" لقد أهانني ذاك كما لم يهينني أحد من قبل أقسم أنه جرحني في كرامتي جرحا لم أنساه يوما "

( آه اعذريني يا ليان ماذا لو علمت أنك زوجته الآن )

قالت شروق

" لقد أخبرني وسيم أنه سيجلبك لزيارتي سأعطيه العنوان وسأنتظرك على أحر من الجمر "

قالت ليان بحدة " ولما تتحدثي مع زوجي ها , قومي بعملك ولا تحدثيه ثانيتا "

شهقت شروق وقالت " ليان هل جننتي هل تغارين على زوجك مني ومن كانت تناديه طوال

الوقت بالوسيم أليس أنتي "

ضحكت ليان وقالت " أمزح معك ولكن حاذري أن تقترب منه إحدى الموظفات كوني مستيقظة "

ضحكت شروق وقالت " وما ستفعلين لها "

قالت ليان " سأقتلع عينيها بالطبع وداعا الآن يا صديقتي قبل أن يفصلك سيدك بسببي "

ناولتني شروق هاتفي وكتبت لي عنوانها في ورقة وعادت لمكتبها وبعد ساعة أرسلت

لي ليان رسالة كتبت فيها

( لقد غمرتني دائما بهداياك واليوم اشتريت لك أنا هدية لأقدمها إليك ما أن تأتي مساء اليوم )

وهل سأنتظر حتى المساء بالتأكيد لا , بعدها بقليل وصلت منها رسالة أخرى كتبت فيها

( أحبك )

لقد كانت مفاجأة لم أتوقعها أبدا ابتسمت بحب ولم استطع إبعاد عينيا عنها ثم قررت الانتقام

منها لما فعلت بي عندما راسلتها فأرسلت لها

( لا تنسي غسل قميصي الأزرق )

أرسلت لي ( من عيني )

ضحكت وخبأت هاتفي في جيبي فقد فشلت في النيل منها , لقد أصبحت ليان شيئا

مهما في حياتي

بعد انتهاء الدوام ذهبت من فوري لمنزلي وليان ولم أذهب للشقة ما أن دخلت حتى

نظرت لي بصدمة وقالت

" لو أعلم أن الهدية ستأتي بك باكرا لجلبت لك واحدة كل يوم "

المحتالة إذا تشتاقي لوجودي ولا تخبريني , اقتربت منها وحضنتها بحب وقبلتها

كم كنت أود أن أخبرها عن كل ما في قلبي اتجاهها بأن تسمعها من لساني وهي

تنظر لعيناي وليس لورق الدفتر حملتها للغرفة بين ذراعي وضعتها على السرير وكتبت

( أي هدية اشتريت لي وأنتي لا تخرجي من المنزل هل خرجت دون أذني )

كتبت ( لا لم أخرج ولن أخرج دون مرافقتك لي )

كتبت ( إذا ما هي وكيف اشتريتها )

كتبت ( لم اشترها لقد أعطوها لي لأقدمها لك )

كتبت لها ( ومن هذا الذي أعطاها لك سأقتلك يا ليان )

ضحكت وكتبت ( من يحبني كثيرا ويعطيني بغير حساب )

كتبت مستاء ( من )

كتبت ( الله )

نظرت لها باستغراب فكتبت ( أنا حامل )

ليان كنت خائفة كثيرا من ردة فعل وسيم لو علم بحملي هوا لم يخبرني سابقا إن كان يريد

طفلا أو إن كان علينا تأجيل الأمر ولكن اطمئن بالي حينما رأيت الفرحة في عينيه

ثم قام باحتضاني بشدة وكتب لي

( أريد فتاة جميلة مثلك )

ضحكت وكتبت له ( وكيف تكون جميلة ومثلي يعني ذلك أن تكون مثلك )

كتب لي ( ومن قال أنك لستِ جميلة )

تنهدت وقلت " مهما كنت جميلة فأمامك سأكون الأقبح "

ثم كتبت له ( ولكني لا أريد فتاة أريد مولودا ذكرا )

كتب وعلى ملامحه الضيق ( بل فتاة )

كتبت ( بل فتى لأني أحتاج للذكور في حياتي كثيرا )

كتب بضيق ( لو أنجبت ولدا فسأضربك )

رميت الدفتر بعدما أخذته منه وارتميت في حضنه وقلت

" كلهم منك رائعون إن فتاة أو صبي أو حتى الاثنين معا "

مسح على شعري وقبل رأسي ثم وقف وناولني عباءتي وحجابي ففرحت حد الجنون

لأنه على ما يبدوا سنخرج معا وبالفعل خرجنا على الفور وتنزهنا كثيرا على قدمينا

وفي السيارة كان يوما رائعا ومن أجمل أيام حياتي وقد اشترى لي وسيم هدية جميلة

لم أتخيلها أبدا كنت أتمنى فقط أن يسعده خبر حملي ولم أفكر أن يفعل كل هذا من أجلي

وأصبحت زيارات وسيم لنا بمرور الأيام تزداد شيئا فشيئا فأصبح يتناول وجبة الغداء

معنا أيضا وأحيانا يمضي اليوم كله بالمنزل أخبرني أنه يعمل عملا إضافيا لذلك

هوا يتغيب كثيرا لا استغرب الآن سبب توفيره لنا لكل ما نحتاج حتى أنه بدأ بجلب

ملابس المولود قبل أوانه بكثير وكانت كلها ملابس فتيات هههه يبدوا مصرا جدا

⚘⚘⚘الجزء الثاني والعشرون ⚘⚘⚘

بحر لقد كان هذا العام من أسوء أعوام حياتي لم أجني منه سوى الألم والحسرة والهروب

عليا اليوم زيارة والدتي فقد أصبحت تلومني على كثرة غيابي وهي لا تعلم أنه أكثر

عذابا من وجودي معهم , دخلت وكلي خوف من لقاء من كنت أهرب منها وأحترق

شوقا لرؤيتها لو أني فقط أتوقف عن حبها عن الشوق لها عن النظر إليها والحلم

بها كل ليلة , لو أنها فقط تختفي كما اختفى الماضي والأمل والكثير من السعادة

جلست مع والدتي وانظم إلينا صهيب وزبير فقالت بعتب

" لما كل هذا الغياب يا بحر هل يضايقك شيء هنا "

قلت بهدوء " لا شيء يضايقني إنه عملي يا أمي يأخذ أغلب وقتي "

قالت بضيق " أخوتك جميعهم يعملون لما لا يتغيبون مثلك "

تنهدت وقلت " وما تصنعونه بي تعاستكم حضرتها معكم والأخبار السعيدة

لم تعد لها وجود بهذا القصر "

قالت بابتسامة " وما أدراك أنه لا أخبار سعيدة هنا "

نظرت لها مطولا في حيرة ثم قلت " هل من جديد "

قالت بفرح " أجل فحور حامل "

صفعتني تلك الكلمات وضربتني بالجدار ثم أعادتني حيث أنا , كنت أريد

الصراخ بهم جميعهم لولا

أن الحروف خانتني حاولت أخراجها بكل قواي ودون جدوى وددت لو صرخت وقلت

( يكفيييييييييييييي ) فيكفيني ألما وهما وحزنا , لقد ضاعت منك يا بحر ضاعت تماما

ولن تعود كنت أحملق بها وعيناي تكادان تخرجان من الصدمة

فتكلم زبير قائلا " ماذا حور حامل يا أمي من قال ذلك "

قالت أمي باستغراب " ومن قال أن حور الحامل "

قال صهيب بضيق " أنتي قلتها للتو يا أمي "

رمشت بعينيها قليلا في صمت قاتل يذبحني في كل حين تكلمي يا أمي ارحميني أرجوك

قولي أنها كذبة قالت أخيرا ورأفت بي

" هل قلت حور يبدوا أنني أخطأت رنيم وغيث هم من ينتظرون مولودا "

الخبر كان سعيدا يا أمي ولكنك جردته من كل معاني السعادة ورميتني به

ثم قالت بابتسامة " وها نحن ننتظر أن يفاجئنا زبير وحور أيضا ويسعداننا أكثر "

نظر زبير للجانب الآخر وقال بضيق

" أمي قلت لك أن تنسي الأمر فلا تتعبي رأسي "

تأففت والدتي ثم نظرت لي وقالت

" وأنت أيضا يا بحر ما إن يتقسم الميراث سنخطب لك "

قلت بهدوء حزين " لا يهم فأنا لا أريد الزواج "

قالت بحيرة " ولماذا ألم تخبرني فيما سبق أن ثمة فتاة تريد الارتباط بها "

قلت بأسى " قلت وكان ولم يعد ذلك موجودا "

قالت بصدمة " لماذا "

نظرت لها وقلت بحرقة " لأنها تزوجت يا أمي تزوجت وانتهى كل شيء "

وقفت حينها مغادرا فيكفيني أوجاع لقد جئت لأتلقى نصيبي منها ككل مرة وقد

كانت هذه المرة الأقسى على الإطلاق وفور خروجي تقابلت وحور وقفت مستندة

بالجدار وتنظر للأسفل لتفسح لي المجال للمرور ولكنني وقفت أمامها وأسندت

يدي للجدار بجانب رأسها وضربت بها عليه بقوة وأنا أشير بسبابة يدي الأخرى

حيث زبير والبقية وقلت بألم

" اتركيه يا حور انفصلي عنه في الحال فهمتي "

قالت ببكاء ورأسها للأسفل " أرحمني يا بحر أرجوك "

قلت بذات الألم وأنا أضرب بقبضة يدي على صدري

" وأنا من يرحمني من , تكلمي يا حور"

خرج حينها صهيب نظرت له بضيق وخرجت مغادرا وهوا يتبعني اقتربت

من سيارتي وهوا ينادي

" أنتظر يا بحر هل جننت "

أمسكني من كتفي وأدار وجهي إليه وقال بدهشة

" تبكي يا أخي !!! لقد كنت قويا دائما أمام الصعاب هل تبكي الآن "

رميت بيده عني وقلت " لا شيء لي سواه فهل سأحرم نفسي منه أيضا "

ثم ركبت السيارة وغادرت المكان كله من جديد وككل مرة

ميس منذ وصولي هنا وأنا سجينة هذه الغرفة لا أريد أن أرى ولا أتحدث مع أحد كنت

انزل لوجبات الطعام بشكل متقطع ومجبرة إما بإلحاح من والدتهم أو صهيب

أشعر بمزاجي سيء للغاية منذ أتيت بسبب ما علمته عما عانى والدي وما اتهموه به

ولازال ما قاله المدعوين أعمامهم يدوي في رأسي كل حين فسحقا لهم من أعمام

يبدوا لي أنهم وهذه العائلة ليسوا على وفاق فقد تشاجرا مع صهيب حين دافع عني

وحتى أخويه لم ينهيانه أو يوبخاني لما قلت بل أن المدعو زبير كان سعيدا بذلك

آه لو أني أعود من حيث أتيت ولكن ليس قبل أن آخذ بحق والدي من الفاعل

سمعت طرقا على الباب وأنا أجلس أمام النافذة وأتكئ بيدي عليها موليه ظهري

إياه فقلت ببرود

" تفضل "

لابد أنها والدتهم جاءت لتلح عليا بالنزول كالعادة سمعت الباب يفتح والخطوات

تقترب حتى جاءني صوت ليس لها بل لصهيب قائلا

" لماذا تسجني نفسك هكذا يا ميس "

قلت ببرود " وفيما يضركم ذلك "

قال " لا يضرنا ولكن يضرك أنتي لما لا تنزلي وتشاركي العائلة حياتها لترفهي

عن نفسك وتري الضيوف وتتعرفي عليهم "

ابتسمت بسخرية وقلت " أتعرف عليهم أم يتعرفوا هم على الفتاة التي اختطفتها العصابة

أعلم جيدا لما يسألون عني "

قال بضيق " ميس ليس عليك أن تأخذي الأمور بهذا الشكل قد يكونوا يريدون حقا رؤيتك

ومن سيمسك بكلمة أقسم أنني أنا من سيطرده "

قلت بحزن " وفر على نفسك ووالدتك الإحراج فأنا لن أنزل لرؤية أحد كي لا أخطئ في حق

ضيوفكم فتوقعوا مني الكثير "

ضحك وقال " من قال لك شيئا سيستحق منك ما سيأتيه "

ثم أضاف بهدوء " ميس لا تحملي هم ذلك وما أن نتزوج سينتهي كل الأمر "

قلت بضيق " ألن تتوقف عن هذه الأوهام "

قال بابتسامة " لا ليس بعد "

التفت إليه وقلت " وحتى متى "

قال بذات الابتسامة " حتى تصبح الأوهام حقيقة "

عدت أنظر للنافذة وقلت " إذا ستنتظر كثيرا "

قال مباشرة " لا بأس "

قلت بهدوء " أريد الذهاب لأيرلندا "

قال " لا شيء لتذهبي له هناك ووالدتك ستنتقل للعيش معك هنا "

وقفت وقابلته وقلت " ولما تتفضلون علينا بالمأوى نحن لا نحتاجكم "

قال بحدة " ميس توقفي عن العناد أنتم عائلتنا وعلينا حمايتكم وتلبية حاجياتكم جميعها فهمتي "

قلت بأسى " ليس لنا لديكم شيء فبأي حق ستتكفلون بنا "

قال بحدة " بلى لكم وليس لدينا فقط بل لدى جميع أعمامي إنه حقكم يا ميس وليس

لأحد أن يمن عليكم به "

قلت بحزن " وحدك من يقول ذلك "

قال بهدوء " وإخوتي جميعا من رأيي "

قلت ببرود " وأعمامك وجدك "

قال بجدية " سيعترفون بذلك رغما عنهم "

ابتسمت ابتسامة حزينة وقلت " أنت تهدر وقتك فقط فأنا لا أريد إلا براءة والدي "

اقترب مني أمسك كتفاي وقال بجدية " سأقتلعها من الجاني اقتلاعا كوني أكيدة من ذلك "

ثم أمسك وجهي بيده وقال بهدوء " وبالنسبة للمال وإن لم توافقي على ما لدينا فستكونين

زوجتي ومالي هوا مالك "

نظرت له مطولا في صمت ثم أبعدت يده وتنهدت بضيق وقلت

" إن كنت ترى في زواجك بي تكفيرا لما حدث فأنا أخبرك أني أحللك من ذلك فلا

تصلح الخطأ بخطأ أكبر "

قال وهوا يشد بأصبعيه على خدي ويقرصه " ولكن ضميري لن يرتاح "

قلت بألم " آآآي إنك تؤلمني يا صهيب "

ابتسم وقال " من أجل هذه الكلمة فقط سوف آخذك لأيرلندا ولكن أخبريني لما "

نظرت له بحيرة وقلت " من أجل أي كلمة "

ابتعد وجلس على الكرسي وقال " أخبرتك سابقا أنك لن تفهمي ذلك ولن يهمك "

قلت بلا مبالاة " كما تريد , ولكن لن تذهب معي سأذهب لوحدي "

قال بحدة " لن تتوجهي لأي مكان بدوني يا ميس "

وضعت يداي في وسط جسدي وقلت بضيق " هل ستتحكم بي بأي حق "

نظر لي بحدة وقال " لن تذهبي بدوني يا ميس أو لن تذهبي أبدا وها قد خيرتك "

تنهدت بضيق وقلت " لقد كنتُ حياتي كلها وحيدة وحتى المجيء إلى هنا جئت

لوحدي فما سيتغير الآن "

نظر لي مطولا ثم قال " ولما تريدي أن تذهبي لوحدك من ستقابلين هناك "

قلت بغضب " ما تضنني يا هذا وما رأيك أن تأخذني للطبيبة بعد عودتي "

وقف وصرخ غاضبا " ميس لا تقللي من احترامي "

نظرت للجانب الآخر بلا مبالاة وفي صمت تام

تنفس كثيرا بضيق ثم قال ببعض الهدوء " قولي إلى أين ستذهبين وسوف آخذك "

قلت بضيق " إلى ضابط في الشرطة كان يعرف والدي وهوا من يعرف عن قضية

سجنه هناك هل ارتحت الآن "

قال وهوا يغادر " إذا سنذهب معا ونحظر والدتك معنا , هيا أنزلي معي لنتناول الغداء مع البقية "

قلت ببرود " لا أريد "

عاد للداخل وقال " ميس لا تتصرفي كالأطفال أنتي تعلمي جيدا أن الجميع هنا يحبونك

ويرغبون ببقائك ووالدتك معنا فلما كل هذا "

قلت بضيق " أنا لا أريد أحدا "

تنهد وقال " وإن قلت من أجلي هذه المرة "

نظرت له وابتسمت بسخرية وقلت " وما الذي فعلته لي لأفعل شيئا من أجلك "

أحسست من تغير ملامح وجهه أن كلماتي جرحته كثيرا فقلت بهدوء ونظري للأرض

" أنا آسفة "

قال " لن أقبل أسفك ما لم تنزلي لتناول الطعام "

تنهدت وقلت " حسننا ولكن ليس لأجلك فلتكن على علم "

ضحك وقال " موافق وليس لأجلي "

نزلنا معا توجهنا لغرفة الطعام وكان هناك زبير وزوجة غيث ووالدتهم فقط

جيد أن الجد ليس موجودا لكنت عدت أدراجي للأعلى وعلى الفور , وصلنا الطاولة

فقالت والدتهم بابتسامة " لو كنت أعلم أنك ستجعلها تنزل لأرسلتك لها كل وجبة طعام "

قال صهيب بابتسامة وهوا يجلس

" لا تعلمي كم أتعبني إقناعها حتى كدت أنزلها على كتفي "

نظرت له بحدة وقلت " وهل ستجبرني على هذا أيضا "

ابتسم بمكر وقال " وعلى ماذا أجبرتك سابقا "

قلت بضيق " على الكثير ولازال لديك المزيد "

قالت صاحبة البشرة ناصعة البياض المدعوة رنيم

" لا تزعجوها كثيرا فنحن لا نريد أن تتركنا "

جلست أتناول الطعام في صمت وهم يتبادل بعض الأحاديث حتى قال صهيب

" سنسافر أنا وميس ونجلب والدتها وبعض أوراقها من أجل الدراسة "

نظرت له بصدمة وقلت " ومن قال أنني سأدرس هنا "

قال بهدوء " وأين ستدرسين إذا "

قلت بضيق " نحن لم نتحدث في هذا فلما تقرر وحدك "

قال وهوا يتناول الطعام " لا نقاش في أمر كهذا "

ما يضن نفسه ليتحكم بي هكذا فهوا ليس حتى الابن الأكبر للعائلة لا أحد له هذا الحق

وقفت وغادرت وأنا لم آكل شيئا يذكر وصعدت لغرفتي تجنبا لمشكلات مع أي منهم

رنيم فور عودتي من العيادة صعدت لجناحنا بكيت هناك وحدي بحرقة ومرارة بكيت

ما ضاع مني وما سيضيع لما لا يتوقف عن ذلك لما يلومني على عدم إعطائه

الفرصة وهوا من يؤكد أن نظرته لي لن تتغير وشكوكه لن تتوقف بل كيف أنسى

نعته لي بالخائنة على الدوام, ما ذنبي أنا إن صرت زوجته مرغمة وما دخل والدته

بالأمر يا ترى لما نعتها بالخائنة وقال أن الكثيرات كن مثلها ما عناه بذلك ومن هن

وما فعلن له , آه ولما أدفع أنا ثمن أخطاء غيري

بعد ساعات من الوحدة والبكاء نزلت للأسفل ساعدت خالتي في تحضير الغداء الشبه

جاهز وقالت لي أن حور لم تخرج من جناحها منذ الصباح مسكينة هذه الفتاة كنت

أرى معاناتها والآن بعدما علمت أصبحت اشعر بها صعدت للاطمئنان عليها طرقت

الباب فخرج لي زبير وقال أنها قالت تريد النوم وأنها بخير لابد وأن زبير لا يريد

أن يقول أنها تسجن نفسها في غرفة لوحدها كي لا أعلم أنهما لا ينامان معا

لم يحظر غيث وجبة الغداء ولم يعد للقصر ولم يتناول حتى وجبة العشاء فبدأت

شكوك خالتي وخوفها يزداد ما أعظم هذه السيدة من يراها يظن أنه ابنها الذي

أنجبته وليس ابن زوجها حاولت الاتصال به ولا يجيب قامت بالتحدث مع أبنائها

ليتصلوا به ودون جدوى لقد كان مستاء جدا عندما أوصلني صباح اليوم ترى هل

ما حدث بيننا سبب اختفائه لا أعتقد أن كلامي سيجعل غيث يغضب ويبتعد هكذا

لابد وأنها كلماته التي قالها كانت السبب وليس كلماتي لقد كان غاضبا وتحدث

دون وعي منه , سمعت طرقا على باب الجناح فتحت الباب وكانت خالتي فقالت

لي بحزن

" رنيم هلا اتصلتِ به من هاتفي قد يجيب عليك أخاف أن مكروها أصابه "

قلت بعد صمت " إنه هاتفك فما يدريه أنها أنا "

قالت " أرسلي له رسالة رجاء يا ابنتي "

أدخلتها للداخل وقلت لها بحنان ويدي على كتفها

" لا تترجيني يا خالتي أنتي تأمريني فقط "

جلسنا معا أخذت هاتفها وأرسلت له رسالة كتبت فيها

( غيث إن كنت بخير فأجب على اتصالاتنا لنطمئن عليك أرجوك ..... رنيم )

وجلست وخالتي ننتظر في صمت بعد أن تحول الانشغال منها لي فمهما كان

بيننا هوا زوجي ووالد ابني ومن يقوم بحمايتي من أولئك المتوحشين وبعد ساعة

من الانتظار اتصل غيث أخيرا فقالت خالتي بفرح

" حمدا لله لو كنت أعلم لطلبت منك ذلك منذ النهار "

آه لو كنتي تعلمي ما دار بيننا ما كنتي طلبتي ذلك من أساسه

ثم فاجأتني وهي تمد لي بالهاتف وتقول

" خدي يا رنيم أجيبي أنتي فهوا يريد طمأنتك بالتأكيد "

قلت بتوتر " لا يا خالتي أنتي من كان يحترق انشغالا منذ الصباح فتكلمي معه "

ولكنها لم تعطني أي فرصة لتستمع لما أقول ففتحت الخط وناولتني الهاتف أمسكته

بتردد ثم أجبت قائلة " مرحبا غيث هل أنت يخير "

جاء صوته هادئا " أنا بخير اطمئنوا "

تنهدت وقلت " حمدا لله لقد شغلتنا عليك وزوجة والدك تكاد تُجن "

قال بذات الهدوء " أنا قادم بعد قليل لا تقلقوا "

قلت بهمس " حسننا وداعا "

أعطيتها الهاتف وقلت " قال أنه بخير وسيصل بعد قليل "

تنهدت براحة وقالت " حمدا لله ظننت أن مكروها أصابه سوف أتصل بصهيب

لأنه خرج للبحث عنه "

ثم غادرت الجناح عدت لغرفتي ودخلت السرير وبعد ساعة عاد غيث لم

أتحرك ولم أتحدث معه ولابد أنه يظن بأني نائمة استحم وغير ثيابه ولم

يشغل النور يبدوا لكي لا يزعج نومي ثم نام في صمت قلت بهمس هادئ

" غيث ما بك هل أنت غاضب من كلامي اليوم "

قال ببرود " لا فهي ليست المرة الأولى فما سيتغير "

انقلبت للجانب الآخر وتركته سحقا له ولي , الحق علي أني سألته يبدوا مستاءً

من الأمر بالفعل بعدها بقليل أحسست بيده تسحبني إليه , هكذا هم الرجال إذا

غضبوا أو حزنوا فرغوا شحناتهم عند النساء وكأنها مجرد آلة لا تشعر ولا تحس

نام بعد ذلك بوقت أمضاه في التنهد بضيق والتأفف من حين لآخر ودون سبب

لقد فارق النوم عيني تلك الليلة استحممت وأضجعت على السرير وعيناي

مفتوحتان يشغلني أمر حور وما أصابها وما علمته اليوم عنها وأمر غيث وما يخفيه

بعد وقت طويل بدأت أسمع أنينا خفيفا مصدره صدر غيث جلست وشغلت النور الخفيف

بجواري فكان نائما ويتنفس بقوة وأنين صدره يزداد شيئا فشيئا ثم بدأ يقبض بيديه على \

اللحاف بقوة ويشده , شعرت بالذعر لما أصابه فقلت بخوف

" غيث "

قال من بين نومه " ابتعدي عني يا امرأة ماذا تريدي ابتعدي آه ابتعدي "

ثم أن قليلا وبعدها قال

" أمي لا أريدك لا أريد البقاء ولا أريدها أبعدوها حسام لا تبكي أرجوك لا تبكي "

كنت أنظر له بصدمة ثم هززته بيدي بقوة وأنا أقول " غيث ما بك استيقظ يا غيث "

ولكنه لم يستيقظ بل مد يده وكأنه يمسك شيئا وقال " خائنات إنهن .... لا تبكي يا حسام "

أمسكت يده وحضنتها وبكيت قائلة " انهض يا غيث أرجوك ما حل بك "

ثم أخذت قارورة الماء من جانبي وسكبت بعضا منها في يدي ومسحت بها على وجهه

ففتح عينيه وجلس مفزوعا فقلت

" غيث هل أنت بخير هل كنت ترى حلما "

مسح وجهه بيده وتنفس بضيق وقال " إنه كابوس "

سكبت له الماء في الكوب وقلت " خذ اشرب بعض الماء "

أخذه مني وشربه كله ثم عاد واستلقى في مكانه ينظر للسقف وصدره يعلوا ويهبط

بشدة من قوة تنفسه وضعت يدي على صدره وبدأت بقراءة آيات من القرآن حتى

عاد تنفسه لطبيعته ثم أغمض عينيه ببطء ونام أضجعت وأمسكت يده وبقيت أقرأ

القرآن حتى غفيت دون شعور وبعد نوم طويل سمعت صوته في حلمي يناديني

استيقظت وكان الصوت حقيقتا لغيث وهوا يوقظني من النوم

" رنيم .... رنيم "

فتحت عيناي فقال مبتسما " هيا استيقظي واتركي يدي أريد الذهاب لعملي "

نظرت ليدي فكانت لازالت تمسك يده بقوة أفلتها وضممتها لصدري بخجل وقلت

" هل أنت بخير الآن "

قال وهوا يقف " نعم أنا بخير لم تأتيني تلك الكوابيس منذ مدة طويلة لا تخافي

إنها شيء عادي "

جلست وقلت " ولكنك كنت تئن كثيرا وتهدي ولم تستيقظ رغم هزي لك بقوة "

فتح الخزانة أخذ منشف وقال " آسف على إزعاجي لك "

وغادر للحمام ثم لغرفة الملابس ثم خرج صلى الفجر ونزل مباشرة دون كلام يبدوا

أنه لا يريد التحدث في الأمر , نزلت بعده بقليل توجهت للمطبخ وكان جالسا هناك

يحتسي القهوة دخلت خالتي بعدي مباشرة وقالت

" صباح الخير "

قلنا معا " صباح الخير "

جلست تتحدث مع غيث عن ميس وموضوع سفرها ووالدتها والكثير من الأمور

أخذت أنا فنجان قهوة وجلست أنظر لغيث المنشغل بالنظر للأوراق أمامه ويستمع

لحديث زوجة والده ورحلت بي الأفكار ما سبب تلك الكوابيس التي تحدث عنها

يا ترى ومن تلك التي كان يطلب منها الابتعاد ووالدته وحسام والخائنات ما الرابط

بينهم جميعا ما الذي تخفيه يا غيث أفقت من سرحاني فوجدته ينظر إليا بحيرة

أخفضت نظري للأسفل ثم وقفت وغادرت المطبخ

جود ( ما أجمل السفر مع الأميات عندما لا تكون إلا جميلة وغير مستحيلة عندما تكون أرق من

النسيم وأنقى من عطر الزهور كم نهفو لتلك الأشياء وكم نتمنى أن لا تزول وإن لم تتحقق )

أغلقت دفتري بعدما نثرت على صفحاته جزءا جديدا من حبر قلمي ورميت به على السرير أمسكت

بهاتفي وفتحت الرسالة التي قرأتها اليوم عدد دقائق الساعات

( غريب أمر بعض البشر فمهما تحدث إليه تشعر وكأنك لم تقل شيئا ولم تتحدث مع أحد من

قبل فبعض القلوب الطيبة حديثها مطر وصمتها مطر فكيف لا نزهوا بقربها.... الرجل الكئيب )

ابتسمت وأغلقتها وقلت

" ويكتب أسمه أيضا تحت الرسالة هل يحب هذا الاسم رغم أنه ليس جميلا "

نحن لم نتحدث منذ ذاك اليوم ولم يتصل بي وكأنه يحترم رغبتي حال لم أشاء الحديث

وأرسل لي بهذه الرسالة فجر اليوم التي لازلت أترجم معانيها حتى الآن , بعد قليل رن

هاتفي فكان كما توقعتم الرجل الكئيب لابد وأنه يريد الاطمئنان على رسالته إن وصلت

بسلام أجبت بعد لحظات فجاء صوته قائلا

" مساء الخير يا بلسم "

ضحكت وقلت " هل أصبح لي اسما جديدا ولا أدري "

قال بصوت مبتسم " وما أفعل في رأيك فأنا لا أعرف اسمك هل تخبريني به "

قلت " لا أستطيع "

قال بهدوء " إذا أنتي بلسم إن لم يعجبك فسأغيره "

قلت بابتسامة " بلى يعجبني فهوا أجمل من اسمك لدي "

ضحك وقال " ومن قال أنه ليس جميلا يكفي أنك من اختاره "

ساد الصمت للحظات ثم قال " بلسم أين ذهبتي "

قلت بهدوء " نعم أسمعك "

قال " اعذريني إن كان ما قلت أزعجك "

قلت بصوت مبتسم " لا أبداً وشكرا لتقديرك لما أختار "

قال " هل أزعجك اتصالي أخاف أن لا يكون الوقت مناسبا "

قلت مباشرة " لا أبدا لم أكن أفعل شيئا مهما "

قال " وما كنتي تفعلي "

قلت بعد صمت " أكتب في دفتري "

قال " أمممم أنتي لا تدرسي فما تكتبيه إذا في الدفتر "

قلت بخجل " بعض الكلمات التي تخطر ببالي "

قال بصوت دافئ " إذا أنا أنتظر منك أن ترسلي
 
رد: أنا من خذلت نفسي

تتمة الجزء الثاني والعشرون + الجزء الثالث والعشرون + الجزء الرابع والعشرون ⚘

قلت بخجل " بعض الكلمات التي تخطر ببالي "

قال بصوت دافئ " إذا أنا أنتظر منك أن ترسلي لي شيئا منها ما أن ننهي اتصالنا موافقة "

قلت بهمس " موافقة "

قال بهدوء " ما هي أخبارك وكيف تسير أموركم "

قلت بأسى " جيدة أحيانا وسيئة أحيانا أخرى "

قال بصوت حنون " حدثني عما يضايقك يا بلسم أو حتى أطلبي ما شئتي لمساعدتك "

قلت بحزن " شكرا لكرمك معي ولكن لا يمكنك مساعدتي في شيء لقد تحطمت كل أحلامي ولا

يمكن إعادة ما تحطم "

قال بحدة " ما هذا الذي تقولينه أنتي من علمني الوقوف بوجه ألمي ومشاكلي كيف تقولي هكذا "

قلت " الأمر معي مختلفا جدا صدقني , أخبرني ما هي أخبارك أنت "

تنهد وقال " لازال وضع شقيقي يشغلني كثيرا يبدوا لي الأمور تزداد تعقيدا عليا التصرف والتخلي

عن نصيبي من الإرث ومخالفة أوامر والدي لأتركها له , كنت أود التحدث معك في الأمر "

قلت بصدمة " تتحدث معي أنا "

قال بجدية " نعم وقد أفعل ما تشوري به علي "

قلت بحيرة " لما تضعني بهذا الموقف ماذا لو عمِلتَ بما أقول وفشل الأمر "

قال مباشرة " لا يهم ولا أعتقد أن ما تقولينه سيكون دون نفع "

قلت بهدوء " أعفني من ذلك أرجوك وكل ما يمكنني قوله لك أن ما تفكر به قد لا يكون

حلا مناسبا فسيكون على شقيقك أيضا أن يتخلى عن نصيبه وقد لا يفعل ذلك لو كان محتاجا

للمال فتذهب الفتاة لرجل آخر لا يمكنه حينها استرجاعها منه "

قال بحيرة " أخاف أن باقي الوصية لا يفك ارتباطي بها وتستمر المأساة لا استطيع مخالفة

أوامر والدي لا أستطيع "

تنهدت وقلت " ليس أمامكم إلا الصبر إنكم في مأزق حقيقي إلا إن كنت ترغب في تركها

لتتزوج بحبيبيك السابقة "

قال بحدة " بلسم "

قلت بتوجس " ماذا ... هل قلت شيئا أزعجك "

قال بضيق " بلى قلتي , أنا لم أعد أفكر في الزواج منها أبدا وأنتي تعلمي ذلك "

قلت براحة " ذلك أفضل كنت أود اختبارك لما انزعجت "

قال بحيرة " ولما تختبرينني "

قلت بعد صمت " لأرى إن تجاوزت أزمتك أم عدت من حيث بدأت أنا آسفة فلا تغضب مني "

قال بهدوء " أنتي آخر من قد أغضب منه , اعتني بنفسك جيدا ولا تنسي الرسالة وداعا "

قلت بابتسامة " وداعا "

ثم فتحت دفتري فتشت فيه وكتبت له رسالة وأرسلتها له

زبير ما أن أنهيت الاتصال معها حتى بدأت الدقائق تمر ساعات منتظرا رسالتها لما لم يجعلوا

لساعة الانتظار مفتاحا لتقديم الوقت , لا أعلم لما هذه الفتاة تأخذ كل هذا الحيز من تفكيري

هل هوا الغموض حولها أم ماذا , وصلت رسالتها أخيرا ففتحتها وكان فيها

( بعض الحاضرين من البشر حكاية ولكن بعض الغائبين حكاية أخرى تماما فبالرغم

من أنك لم تعرف ملامحهم يوما إلا أنك تراهم في كل تفاصيل الأشياء من حولك لتجد

صورهم حتى على الجدران الملساء )

كانت عيناي تنسخ كل حرف فيها مجيئا وذهابا وكأني أزرعها في دماغي وفجأة تغيرت

الصورة في شاشة هاتفي لاتصال من أحدهم فقلت

" آآآآخ منك هل هذا وقتك "

ثم فتحت الخط وقلت " ألا تخبرني ما صلة القرابة بينك وبين والدتي "

ضحك وقال " لا قرابة بالتأكيد فلما تسأل "

قلت بتذمر " كلاكما تظهران في الوقت الغير مناسب لتقطعا حبل الأفكار "

ضحك وقال " إذا أحمد الله أنني لا أقرب لها "

ضحكنا سويا ثم قلت " ما هي الأخبار لديك يا جبير "

تنهد وقال " على حالها يا صديقي ما أخبارك أنت "

قلت بهدوء " جيدة قبل أن تتصل بي وتفسدها هههه "

قال متبسما " لابد أنك كنت مع زوجتك آسف أعلم أن الوقت غير مناسب "

قلت " لا عليك فلم أكن معها , ها قل لي ما قررت بشأن ذاك الأمر "

قال بضيق " لا شيء جديد ولن أتزوجها مادامت لا تريد شقيقاي معي "

تنهدت وقلت " أعانك الله يا جبير أنت في مأزق حقيقي ولكن لا تدع قلبك يحكم بما

يريد ويدمر مستقبل أخوتك "

قال بعد صمت " وهذا ما يشغل تفكيري لذلك سأبحث عن غيرها فما يهمني الآن أخوتي

وليس أنا ولا هي , حسننا يا زبير وداعا الآن واعذرني لإزعاجي لك "

قلت بهدوء " لا عليك يا صديقي اتصل متى شئت وداعا "

عدت للرسالة أتفحص حروفها من جديد وأول شيء فعلته عند الفجر وفور نهوضي

أن قادتني أصابعي لإرسال واحدة لها فأرسلت

( مازال في القلب بقايا أمية أخاف أن يقتلها الفشل )

فجاءني الرد سريعا

( أحيانا الأشياء الجميلة التي تحدث مصادفة أكثر جمالا من التي طال انتظارها )

بالفعل صدقتي يا بلسم فمعرفتي لك بالمصادفة كان أكثر جمالا من حبي لزمرد الذي

عاش في قلبي لسنوات ولكني لازلت أخاف أن تموتي كباقي أمنياتي الفاشلة

ومرت بعدها أيام لم أتحدث فيها معها أو أرغمت نفسي على ذلك فقد أصبح هاتفي يشدني

كالمغنطيس إليها كلما أمسكته , أخبريني ما فعلتِه بي يا فتاة

وبعد مرور أيام أخرى وصلتني رسالة منها وقت الفجر تفاجئت أن تبادر هي بمراسلتي

ففتحتها بلهفة فكان فيها

( هذا الصباح قرعت أجراس قلبي أغمضت عيناي وتمنيت أن يكون غائبي بخير )

فاتصلت بها من فوري فجاء ردها سريعا قائلة

" صباح الخير أعذرني على إزعاجي لك ولكني ضننت أن مكروها أصابك "

قلت بهدوء " ولما ضننتِ ذلك "

قالت بعد صمت " لأنك لم تتصل من مدة و.... لا أعلم انشغل بالي عليك "

قلت بابتسامة " شكرا لك يا بلسم على كل شيء "

قالت بحنان " على ماذا أنا لم افعل شيئا يستحق "

قلت مباشرة " بلى فعلتي الكثير وأكثر مما يُحكى "

ساد الصمت قليلا فقلت " هل لي أن أسألك سؤالا "

قالت " وهل عليا الإجابة في كل الأحوال "

قلت " لا "

قالت بصوت مبتسم " إذا لا بأس اسأل ما تريد "

قلت بتردد " بلسم ما الذي أعنيه لك "

ساد الصمت من طرفها فقلت " إذا لا جواب "

قالت بهدوء " لا أعلم حقا أنا في حيرة من أمري فهلا أجبتني أنت عن مثيله "

قلت مباشرة " نعم ولكن انتظري قليلا "

ثم قلت " ماذا عن دراستك إلى أين درستي "

قالت بصوت حزين " أنهيت الثانوية للتو وبعد عناء وكدت أخسرها أيضا وبعدها لم

أدرس أبدا لقد خسرتها للأبد "

قلت بصدمة " أنتي صغيرة في العمر إذا "

قالت بذات الحزن " لا أعلم أحيانا أشعر أنني عجوز "

ضحكت وقلت " لو تسمعك العجائز فلن تقول إحداهن عن عمرها الحقيقي أبدا "

ضحكت وقالت " هل تظن ذلك "

ثم قالت " وكم عمرك أنت "

قلت " أمممم قريبا الخامسة والعشرون "

قالت بصدمة " حقا !!! توقعتك أكبر أنت صغير على ما حملك والدك وعلى ما عانيت "

ضحكت وقلت " لو سمعتك أمي لوبختك وقالت أي صغير هذا فمن هم في عمره

لديهم خمسة أبناء "

ضحكت في صمت ولم تتكلم فقلت " وماذا بشأن الزواج لما يمنعك والدك "

تنهدت وقالت " والدي لا يمنعني ولكنه يقطعه تماما لقد كرهت أن أتزوج بسبب ما يُقال عنه "

قلت بإلحاح " ماذا عن سؤالي ألن تجيبي عليه "

قالت بصوت مبتسم " هيا عليك أن تلحق صلاة الفجر إنه وقتها وداعا "

قلت بنفاد صبر " حسننا سأنتظر منك الجواب أعتني بنفسك جيدا , وداعا "

أنهيت المكالمة وبعد أن صليت الفجر أرسلت لها رسالة فيها جوابي عن نفس

السؤال , وأتمنى أن لا تكسريني أنت أيضا أيتها الغريبة

⚘⚘⚘الجزء الثالث والعشرون ⚘⚘⚘

رنيم كل شيء في ليلة البارحة كان غريبا ترى أين كان غيث طوال يوم الأمس وما

سر ذاك الكابوس فلازلت أحاول إيجاد تفسيرا لذلك

لم أرى غيث منذ خرجه فجرا كالعادة وعند الغداء كنا نجلس على طاولة الطعام الموجودين

في العادة والغائبين ككل مرة بحر وأديم والجد

" رنيم هلا ناولتني العصير "

كان هذا صوت غيث الذي وصلني بهدوء تجمدت في مكاني للحظات فمنذ فترة ليست

بقليلة كل منا يتجنب الآخر ناولته كوبا بعد أن سكبت له عصيره المفضل وبعد قليل قال

" رنيم هلا ناولتني طبق السلطة أمامك "

لاااااااااااا الأمر لا يبدوا لي طبيعيا اليوم لابد وأن كابوس البارحة قد أثر فيه ناولته إياه

فقال زبير " حور هلا سكبت لي الأرز في صحني "

ثم ضحك وضحكنا جميعا وقال زبير " من الرائع أن تكون لك زوجة تخدمك "

قال صهيب من بين ضحكاته " نعم كان سيقول لك بعد قليل رنيم هلا أطعمتني بالملعقة "

قال غيث بضيق " لما تفسدان علي زوجتي يا لكما من شقيقان "

قالت خالتي بابتسامة " إنهما يحسدانك فقط "

قال زبير " على ماذا سأحسده لدي واحدة أيضا في خدمتي صهيب ممكن أن يكون كذلك "

قال صهيب بضيق " ما تعنيه بما تقول قريبا ستكون لي زوجة فلما أحسده "

قالت ميس ببرود وعيناها على الطعام " هل تتزوجون النساء ليخدموكم "

قال صهيب وعينيه عليها " كلن له مهامه الزوج والزوجة "

ابتسمت بسخرية وقالت " أنا لا أرى ذلك إنهما يقضيان جل اليوم في المطبخ "

قلت بهدوء " وهل نترك خالتي تخدمنا جميعا لما نحن زوجات أبنائها إن لم تجد منا يد العون "

قالت ببرودها ذاته " ولما يوجد أناس اسمهم خدم وشيء اسمه نقود "

شعرت الآن بإحساس غيث عندما كان يغضب من برودي يا له من سلاح فتاك

قال غيث بهدوء " لن يكون هناك خدم هنا رضي من رضي وكره من كره وبعد

موتي اصنعوا ما يحلوا لكم "

شعرت بانقباض في صدري لتلك الفكرة وهي أن يموت غيث لا أعرف لما شعرت بذلك

قد يكون لأني أحتاج حمايته أو أن ما علمته ليلة البارحة أحدث أشياء لا أعرف ما تكون

قالت خالتي بهدوء " أطال الله في عمرك بني لما تذكر الموت الآن "

قال ببرود " يبدوا أني مصدر هموم كثيرة فما نفع وجودي "

لا يبدوا لي غيث طبيعيا أبدا اليوم لو أعلم فقط ما حدث معه وهل للخدم علاقة بالأمر أم لا

قالت خالتي " لديك زوجة وابن تنتظرانه لقد أصبحت مسئولا عن عائلة وهي تحتاجك "

رفعت بصري فوجدته ينظر إلي فأرخيت نظري للأسفل وقلت بهدوء

" يكفيني ما أخد الموت مني لا تقل ذلك يا غيث أرجوك "

ساد المكان صمت غريب وموحش أنهى فيه الجميع طعامهم وغادر كل لحال سبيله وأنا

وحور للمطبخ طبعا بعد قليل جاءت ميس وقفت وقالت

" هل أساعدكما "

نظرنا لبعضنا باستغراب ثم لها فقالت " لما أنتما مستغربتان هكذا لا تعتقدا أني كسولة

ومدللة لقد كنت أعمل لسنوات في تنظيف النوادي لأجني المال "

قالت حور بصدمة " تنظيف النوادي "

اقتربت ميس وبدأت بترتيب الأغراض معنا وقالت " نعم فلم أعش حياة مترفة كنت فتاة من

عائلة بسيطة يعمل والدي في سكك الحديد ومات ولم يترك لنا شيئا سوى منزل هوا لوالدتي "

ابتسمت وقلت " معك حق في أن تكرهي العائلة كلها أنا كنت دائما أعذرك على ما تشعري "

قالت حور " ولكن هذه العائلة مختلفة تماما صدقيني "

تنهدت ميس وقالت " لن أنسى أن الجميع تخلا عنا وعن والدي قبلنا لن أنسى ذلك "

" ولكن ثمة أشخاص عذرهم معهم يا ميس "

نظرنا جميعنا لمصدر الصوت فكان صهيب متكأ على حافة الباب مكتفا يديه

لصدره ونظره على ميس , تنهدت ميس وقالت

" ليس عليكم الهروب من الحقيقة فما من مذنب يعترف بخطئه فحتى أعمامك نكروا حق والدي "

قال بهدوء " ولكننا لم ننكره ولن ننكره أبدا وما كنا نعلم عنكم "

قالت بضيق " ولكن والدكم كان يعلم أليس كذلك "

أجاب صهيب " لقد شرحت لك سابقا ولكنك ترفضين فهم ذلك لقد بحث عنه والدي ثم عنكم لسنوات "

تركت ميس ما في يدها وغادرت المطبخ مستاءة فقال لنا صهيب

" جربا تليين دماغها فيبدوا أنها ألفتكما ولا تراكما من العائلة "

نظرنا لبعضنا ثم قلت " قد تكرهنا أيضا إن أصررنا عليها "

قال مغادرا " حاولا ولو لمرة واحدة فقط "

نظرت لحور وقلت " هل تفهمين شيئا "

هزت رأسها نفيا ثم قالت بابتسامة " هل افهم نفسي لأفهم غيري "

ضحكت وقلت " وأنا لم أعد أفهم نفسي أيضا يبدوا أنها تعويده وليست وصية "

ضحكت حور فقلت لها بهدوء " لما لا تطلبي من زبير العيش بعيدا عن هنا "

تنهدت وقالت " كيف أطلب طلبا كهذا لن يبتعد عن عائلته ولن أجني شيئا فما

في القلب سيرحل معي "

قلت بهدوء " على الأقل ستتوقفين عن رؤيته "

عادت للتنظيف وقالت " هوا شبه تارك للقصر فليس عليا فعل ذلك "

عدنا للعمل في صمت حتى انتهينا فضحكت وقلت

" كنا سنحصل على بعض المساعدة اليوم لولا أن صهيب أفسد علينا ذلك "

ضحكنا معا ثم غادرنا نمضي الوقت في الأحاديث كعادتنا بعد الظهيرة وقد دعونا ميس

لمشاركتنا أيضا

عند المساء وبعد انتهائنا من أعمال المطبخ صعدت لجناحنا دخلت الغرفة فكان غيث نائما

استحممت ونمت على السرير فجاءني صوته هادئا يقول

" رنيم ما الذي قلته البارحة "

قلت بعد صمت " لا أعلم لم تقل شيئا معيننا وواضحا لقد كنت تتحدث عن أشخاص

دون أسماء لقد كنت فزعة عليك ولم أركز "

قال بعد صمت طويل " هل خفتي عليا حقا "

فاجأني سؤاله حتى أنني عجزت عن الرد فنظر جهتي وتابع قائلا بهدوء

" كنت أشعر بيدك تمسك يدي وأنتي تقرئين القرآن طوال الليل ظننتك تكرهينني يا رنيم "

قلت بذات الهدوء " لا , لا أكرهك فكلنا ضحايا لأشياء خارجة عن إرادتنا أعلم أنك لا تريد

التحدث عن الأمر ولكني متأكدة من أنك تحمل سببا بداخلك يرغمك على أن تكون كذلك "

أمسك يدي قبل كفها بعمق ثم أعطاني ظهره ونام في صمت وتركني جامدة كالتمثال من الصدمة

جود لم أتوقع منه هذا السؤال وفي هذا الوقت تحديدا ترى ما يعني بسؤاله هذا الآن , آه لا تكوني

حمقاء يا جود ولا تنسي ابنة من تكونين وأنه رهن وصية تتحكم في مصيره يا إلهي ما العمل

أتمنى أن لا توقعني مشاعري في مأزق , وما هي إلا لحظات ووصلتني منه رسالة مكتوب فيها

( أحببتك رغم أني لا أحتضنك , ولا أراك أبدا , أحببتك لأني كتبت بك ! وقرأت لك وضحكت

من أجلك ! وتغيرت لأجلك "حتى وأنت بعيد " ................. هذا جواب السؤال يا بلسم )

احتضنت الهاتف بحب وكدت أطير فرحا ثم أرسل بعد وقت

( هيا أين جوابك )

حرت في أمري ماذا أفعل هل أبوح بمشاعري أم أصمت يا إلهي ماذا أفعل

وصلت رسالة أخرى منه وفيها

( لا تلعبي بأعصابي قولي جوابك أيا كان )

أمسكت هاتفي وأرسلت

( شخص يوصيني بأن أنتبه لنفسي كثيرا , أريده أن يعلم أنني أفقد نفسي عندما يغيب )

وما هي إلا لحظات ورن هاتفي وكان المتصل الرجل الكئيب ترددت كثيرا يا إلهي ماذا

حدث له كيف سأجيب بعد رسالتي تلك وبعد إصرار منه أجبت فجاءني صوته مندفعا

" هل حقيقة ما قرأت هل أنا في حلم "

قلت بخجل " بل في مسلسل أم نسيت "

ضحك وقال " لا لم أنسى وها أنتي صرتي جزءا منه , هل ستنتظرينني "

قلت بهمس " حتى آخر العمر "

قال بسرور " أنتي أجمل ما حدث لي في حياتي يا .... "

قطع حديثه وقال " ألن تخبريني الآن باسمك أريد أن أعرفه وأن أراك وكل شيء "

ما أن فتحت فمي لأتحدث حتى سمعت الصوت الذي يعيدني دائما لواقعي بعد إخراجي

من أحلامي الجميلة التي لن تبقى سوى أحلام فقلت بخوف

" يا إلهي ليس من جديد "

ورميت بالهاتف وركضت مسرعة للأسفل فكان والدي يصرخ مناديا لي وأمي تحاول

منعه من الصعود وما أن رآني حتى رمى بأمي أرضا وصعد لي وجرني من يدي جرا

وأنا أحاول منعه والإمساك بكل ما هوا أمامي وأصرخ وهوا يصرخ ويقول

" أمامي الآن فالرجل في انتظارنا "

قلت ببكاء " إلى أين تأخذني إلى أين "

قربني من وجهه وقال " آخذك لمن ننتفع منه , خير لك من بقائك هنا دون نفع "

كنت أصرخ وأصرخ وأنادي باسم بحر وأنا على يقين أنه لن يأتي ولن ينقذني فنحن

وقت الفجر وقد غادر لرؤية والدته منذ الأمس

أدرغم إخفائي خبر زواجي بليان إلا أنني سررت كثيرا أنها تحمل طفلي الطفل الذي طالما

تمنيت امتلاكه لحبي الشديد للأطفال فسيكون من ليان تحديدا , كدت أصرخ فرحا حينما

أخبرتني فلكم أن تتوقعوا صعوبة كبت مشاعرك وعدم الإفصاح عنها حينما تندفع بقوة

للخارج

كنت سأجلب الدنيا واضعها بين يديها حتى أنني أخذتها لشروق وزارتها لقد أصبح أمرها

شغلي الشاغل ترى هل سأبقيها سرا كما خططت وأعيش عالمي وحياتي وأتزوج بغيرها

واعزلها عن الجميع ترى هل سأقدر على فعل ذلك

لقد أصبحت جزءا مني فكيف سأفصلها عني بسهولة كيف لي أن أهملها وكيف لي أن أضمها

لعالمي وهي تكره الغنى والأغنياء وأديم خصوصا وأنا السبب في ذلك طبعا

ثم أنا لازلت على اعتقادي أن الفقراء سيتعرضون للذل حال زواجهم بالأغنياء وقد تواجه

ليان الكثير من ذلك كما سأتعرض أنا لسخرية البعض منها وهذا رأي ليان دائما

كشف حقيقتي لها يخيفني كما أني ارغب في وجودها دائما معي , أنا حقا في حيرة

من أمري فلن يرحمني أصدقائي لو علموا بمن تزوجت وأنا من كان ينفخ رؤوسهم

دائما بمعتقداته حتى أنني لم أكن أصادق الفقراء أبدا

طردت كل تلك الأفكار من رأسي وأمسكت هاتفي وأرسلت لها

( كيف هي ابنتي الآن )

أرسلت من فورها ( وماذا عن أمها )

ابتسمت وأرسلت ( إنها حبيبتي وأم ابنتي )

كنت أتمنى أن يكون المولود فتاة لأننا حرمنا دائما منهم فلم يكن لدينا إلا الذكور

فحتى أشقائي من والدي ووالدتي ذكور أيضا

أرسلت لي بعد قليل ( ابنتك تريد شيئا )

أرسلت لها ( فلتأمر وأنا أنفذ )

أرسلت ( تريد أن تراك سريعا فهي تشتاق إليك كثيرا )

قفزت من على الأريكة حملت مفتاح سيارتي وخرجت من الشقة متوجها إليها

لقد أصبح بقائي في الجنوب اقل مللا فقد تغير في حياتي الكثير منذ زواجنا

ويبدوا أنه في القريب ستصبح الإجازات التي أقضيها مع عائلتي هي المملة

بعد عدة أيام اتصلت بي ليان وأنا في الشركة استغربت من ذلك وتذكرت يوم

حاول شاهد القفز لبيتها فخرجت من فوري تاركا عملي وسرت بسرعة جنونية

إلى هناك وما أن دخلت المنزل وجدتها جالسة على الأرض ومتكئة على حافة

الكرسي وتبكي بشدة توجهت ناحيتها وحضنتها بقوة فقالت من بين شهقاتها

" لقد مات عمي يا وسيم مات وتركني "

زدت من احتضاني لها أكثر ونزلت من عيني دموع لم تسألني إن كنت آذن لها

بذلك أم لا , نزلت حزننا على الرجل الطيب الذي عشت معه لأشهر من حفظ

سري حتى مات معه , وها هي ليان بقيت في هذا العالم لا أحد لها بعد الله غيري

فبأي قلب ومشاعر سأتخلى عنها

بعد وقت طويل من بكائها في حضني ساعدتها على الوقوف وأدخلتها غرفة نومنا

وتوجهت لغرفة العم سعيد الذي كان ممدا على السرير دون حراك اقتربت منه

قبلت جبينه وعينيه ذكرني هذا بيوم وفاة والدي فدائما الطيبون هم من يرحلون

سريعا وهم من يتركون فراغا بحجم الكون

غطيت له جسده ووجهه باللحاف بعدما وجهته جهة القبلة وخرجت توجهت لليان

لأتفقدها ثم غادرت وجلبت معي من يساعدني على نقله وفي اليوم التالي قمنا بدفنه

لم يحظر العزاء أحد فلا أهل لليان غيره وأشقائها ما كانوا ليكترثوا لأمرها ولعمها

ولا من أهلي أحد بالطبع فقد حرمتها حتى من أن يكون لها عائلة زوج تقف بجانبها

فلو كان أحد الأغنياء لجاءت الناس من كل البلاد لتقديم التعازي رغم سوء خلقه

ودناءة أصله ولكن هذا العجوز الطيب لأنه لا يملك شيئا لم يأتي أحد ليعزي ابنة

شقيقه فيه

أما ليان فقد حضرت شروق لتعزيتها وقضت معها بعض الوقت حمدا لله أنه زارها

ولو شخص واحد لقد عاشت ليان بعدها أيام حزن كنت بجانبها خلالها قدر الإمكان

فلم يعد هناك من يبقى معها غيري وأصبحت فيما بعد مُطرا للبقاء معها باقي اليوم

وحتى الإجازات لم أعد اذهب خلالها لعائلتي فلم يكن بإمكاني تركها وحيدة ليومين

أو ثلاث بعد وفاة عمها فلن اطمئن لنومها في المنزل لوحدها وخاصة أنها في الأشهر

الأولى المتعبة من حملها فقد تتعب في أي وقت وتحتاج لزيارة المستشفى , ودخلت

في دوامة سؤال أهلي المُلح دائما عن عدم سفري إليهم وعدم مقدرتي على ترك ليان

لوحدها

صهيب الأمور تزداد سوءا والألسن تلتهم ميس التهاما وعنادها يفوق ذلك ولا شيء اکبر منه

إلا كرهها لنا

" صهيب حالك لا يعجبني منذ عدت من سفرك "

تنهدت وقلت " لا تشغل بالك يا عوف "

أمسك حجرا ورماه وقال " هل هوا موضوع ابنة عمنا الجديدة "

قلت بضيق " إنه في تأزم مستمر "

قال بهدوء " الكلام لا يتوقف عنها "

اتكأت للخلف ونظرت للسماء وقلت " عليا التصرف سريعا "

نظر إلي وقال " وما ستفعل حيال ذلك "

قلت بهدوء " سأتزوجها "

قال بصدمة " ماذا .... تتزوجها "

قلت بذات الهدوء " نعم ألا تسمع جيدا "

قال باندهاش " ولكنها ...... "

قلت بحدة " ولكنها ماذا يا عوف تكلم "

تنهد وقال " أنت تعلم ما أعني الفتاة كانت مختطفة لمدة طويلة وما يدريك قد تكون .... "

قاطعته بغضب وأنا استوي جالسا " عوف هل جننت أنت أيضا فلن ألوم الآخرين بعد اليوم "

قال بحدة " اسمع يا صهيب من الطبيعي أن يفكر أي شخص بما أفكر وحتى أنت , هل تعلم

ما حل بها وهل تري زواجك منها حلا , فسيقول الجميع أنك تسترت عليها لأنها ابنة عمك "

صرخت به قائلا " بل الجميع يفكر کما تفكر ها أنت ابن عمها هل فكرت بالتستر عليها لقد

كنت ترميها بظنونك للتو , الناس يعلمون جيدا أنه لا أحد يتستر علي هذه الأمور ولا حتى

أبناء العم وأنت من قلت لي بعظمة لسانك سابقا أنها قد تكون علي اتفاق مع من قاموا

باختطافها , فزواجي بها وحده ما سيحل الموضوع "

قال ببرود " وماذا لو أکتشفت أنهم فعلوا بها شيئا "

قلت ببرود مماثل " الطب تطور وقد أکتشفت سلامتها بنفسي "

قال بهدوء " ولما أنت تحديدا من عليه التضحية "

قلت ببرود " لأني المتسبب بذلك "

قال بعد صمت " ولما وضعت نفسك بذلك الموقف "

قلت بشرود " أحياننا تحاول إصلاح الأمور فتفسدها "

تنهد وقال " وهل زواجك سيصلحها أم يفسدها أيضا "

قلت بذات النبرة " قد يصلح ولو جزئا بسيطا ثم من سيفعل ذلك أنت مثلا "

ابتسم بخبث وقال " ولما لا مادمت تأكدت من الأمر ووالدتها أيرلندية فلابد أنها رائعة الجمال "

قلت بضيق " أري کلامك تغير فجأة "

قال بابتسامة " أردت الأجر فقط "

قلت بغضب " لن تنالها ولا في منامك سمعت "

نظر لي بصدمة ثم قال بدهشة " صهيب تبدوا لي وقعت غريقا "

عدت للإضجاع علي الأرض وقلت " إنها تكره الجميع کره العمى "

ابتسم وقال " أذا سأحاول أنا "

نظرت له بحدة فضحك وقال " امزح يا رجل فما هوا لك مُحرم علي "

نظرت للسماء وقلت " من الجيد أنك عقلت في الوقت المناسب ثم يكفيك علياء "

تنهد وقال بضيق " أتعلم ما قال لي والدي بالأمس "

ثم ابتسم بسخرية وقال " لقد قال أن عمي يوافق على تزويجها بي "

جلست وقلت " جيد أليس هذا ما كنت تريد "

قال بسخرية " الآن صار مرغوبا بي من والدها بعد الذي شاع عن ميس وتصور

أنه قال إن كان أحد من أخوتي يريد الزواج بزمرد فهوا موافق أيضا يا لا السخافة "

قلت بضيق " يفكر في ابنتيه ولا يهتم لأمر ابنة شقيقه "

قال بابتسامة " ولما يتعب نفسه بذلك فهناك من يفكر بأمرها نيابة عن الجميع "

تجاهلته وقلت " حسننا وما المانع من زواجك بابنته لقد كنت تريدها دائما "

قال بحزن " أريدها ولكن ليس مكرهة علي فهي لم تفكر بي يوما ولقد غضضت

النظر عن الأمر منذ زمن "

وقفت وقلت " هيا علينا المغادرة کي نصل قبل حلول الظلام "

قال باستغراب " ألن نقوم برحلة صيد جديدة في الغد "

قلت متوجها للسيارة " لا سنرجع في يوم آخر هيا لنجمع الأغراض "

قطعت رحلتي عائدا للقصر وفور دخولي سمعت أصوات في الحديقة اقتربت منهم

فكانت رنيم وحور وميس معهم أيضا

قلت بابتسامة " هل تهربون من أعمال المطبخ يا كسولات "

ضحكت رنيم وقالت " لا ولكن زبير قرر إعفائنا اليوم وسيحظر طعاما من الخارج "

قلت بابتسامة " ويل له من غيث إذا , فهوا يكره طعام المطاعم "

ثم قلت بخبث " عليك أن لا تتركي زوجك بدون عشاء يا رنيم فزبير يفكر في راحة

زوجته وإفساد ليلتك بمشكلة مع غيث "

وقفت حينها ميس تنوي المغادرة فقلت " انتظري يا ميس علينا التحدث "

قالت وهي تتابع سيرها " لا أريد "

وانصرفت ونظري يتبعها فقالت رنيم " اصبروا عليها إنها تعاني مما أصابها "

نظرت لها بحيرة وقلت " ماذا حدث "

تنهدت وقالت " لقد تقابلت مع إحداهن اليوم بالمصادفة وحدثت مشادة کلامية بينهما "

قلت بضيق " ماذا قالت لها "

قالت بحزن " سألتها تلك السيدة هل أنتي الفتاة التي اغتصبها الرجال يالك من مسكينة "

قلت " وما كان جواب ميس "

قالت " لقد قالت لها : إن كان لديك بنات فجهزي نفسك فسيصيبهم ما رميتني به فقالت

لها بغضب : بناتي عفيفات شريفات لهن من يرعاهن , يا لها من سليطة لسان "

قلت بغضب " وکيف لأمي أن تستقبل هكذا سيدات "

قالت حور " لن يلومها أحد فليست وحدها من يتحدث غير أن البعض لا يتكلمون في وجهها "

غادرتهما مستاءً وتوجهت لغرفتها قرعت الباب عدة مرات ولم تجب قلت بعدها مناديا

" ميس افتحي الباب لنتحدث أو سأدخل "

قالت بحدة " لا أريد التحدث مع أحد "

تنهدت وقلت " إن لم تفتحي دخلت الآن "

فتحت الباب وتوجهت للداخل ووقفت عند النافذة مولية إياي ظهرها فقلت بهدوء

" ميس أنا آسف لكل ما يجري سأخبر الجميع أنني من قام باختطافك إن كان سيصلح الأمر "

قالت باستياء " ما الذي ستصلحه من ماذا الآن لقد فات الأوان "

اقتربت منها وقلت " ميس لنتزوج وننهي الأمر "

التفتت إليا وقالت بألم " وهل سينتهي ذلك بزواجنا برأيك , إلى متى سأعاني بسببكم هل أنا

النجسة الدنيئة والفتيات الأخريات بكل عيوبهن الشريفات العفيفات هل بضنك لو تزوجتني

سيتغير الأمر , سأبقى أنا هي ذاتها "

ثم التفت للنافذة وقالت بحزن

" وتريد مني أن أدرس هنا يالك من حالم لقد أضعتها علي كما كل شيء "

قلت بحدة " إن كنتي لا تريدين الدراسة فلن تدرسي أما موضوع الزواج فلا نقاش

فيه ووالدتك موافقة أيضا "

نظرت لي بصدمة وقالت " والدتي ... هل تحدثت معها في الأمر "

قلت بهدوء " نعم لم أخبرها ما حدث ولكني صارحتها برغبتي في الزواج بك "

قالت بضيق " لن يحدث ذلك أبدا لن تتزوجني لتغطي الفضيحة أنا لست لعبة بيدك فهمت "

قلت بعد صمت " وماذا لو أخبرتك أني أريد ذلك حقا "

قالت بحدة " كاذب ولن أصدق ذلك أبدا "

قلت بهدوء " لك أن تصدقي أو لا تصدقي ولكنها الحقيقة "

ثم قلت مغادرا " سنسافر في الغد فكوني جاهزة "

⚘⚘⚘الجزء الرابع والعشرون⚘⚘⚘

جود أي قسوة هذه وأي جبروت تموت معها المشاعر والقلوب فتجعل الأب يبيع ابنته ثمننا

للمال , لقد جرني جرا كالشاة وهم يسوقونها ليذبحوها ولا يحق لها أن تعترض وما

أن وصلنا للباب حتى كان بحر راكضا باتجاهنا فياله من ربيع يزهر على أرضنا

القاحلة عندما يظهر بحر في الوقت المناسب سحبني منه بقوة وقال

" إلى أين تأخذها هل جننت "

قلت وأنا ارتجف خلفه ببكاء " يريد أن يبيعني يا بحر يريد بيعي لأحدهم "

صرخ والدي قائلا " لا دخل لك بابنتي فأنا والدها ابتعد أو حطمت رأسك "

صرخ به بحر قائلا " لن تأخذها إلا على جثثي سمعت وإن لم تبتعد عنها الآن أوسعتك

ضربا كما فعلت بالإمعة شبيهك ذاك اليوم "

قال والدي بغضب وهوا يؤشر بإصبعه لي " لن ينقدك مني دائما سمعتي وسيحدث

ما أريد رغما عنك وعنه ولن أخافه ثانيتا لأنني سأفعل ذلك بالقانون "

ثم خرج من المنزل ونزلت أنا على الأرض أبكي بمرارة شديدة احتضنني بحر وهوا

يطمئنني قائلا " لا تبكي يا جود لن يفعل لك شيئا ما دمت حيا "

قلت بين بكائي وشهقاتي

" لقد سمعت ما قال سوف يدمر الباقي مني سوف يدمرني تماما يا بحر "

أمسكني وقال " هيا قفي يا جود سنغادر المنزل فورا "

نظرت له بصدمة وقلت " نغادر ولكن أين "

قال بجدية " هيا قفي ستغادرين معي الآن لن أبقيك له لحظة أخرى فلن يكون بإمكاني

حمايتك منه دائما هنا , وحمدا لله أنني جئت في الوقت المناسب "

أوقفني وسار بي جهة السلالم وقال " أجمعي كل أغراضك سنغادر الآن "

قلت بحيرة " وأمي ومازن "

قال " سيبقيان هنا , عليا الآن أبعادك فهما لن يؤديهما مثلك "

قلت معترضة " سيضرب والدتي إن لم يجدني "

قالت والدتي من خلف بحر " فليضرب كما شاء فلن يستفيد مني في شيء المهم أنتي يا

جود فكري في نفسك الآن فلو بقيتي هنا سيعود لأخذك وقد لا يتمكن حتى بحر من منعه "

صعدت السلالم ببطء وكل درجة منه تشهد على جريان دموعي فوقها وصلت لغرفتي وبدأت

بجمع أغراضي ووالدتي تساعدني ثم قالت

" جود هاتفك لا يتوقف عن الرنين أنظري من المتصل "

قلت بألم " دعيه يا أمي فأمثالنا ليس لهم الحق حتى أن يحلموا أحلاما جميلة "

أنهيت جمع أغراضي ثم أخذته ووضعته على الوضع الصامت ودسسته في حقيبتي فما كان

علي أن أسافر بمشاعري كثيرا وأنسى واقعي المرير, بعد أن انتهيت احتضنت والدتي بشدة

وبكيت بكاء لم أعرفه في حياتي وقلت

" أمي لا أريد الابتعاد عنكم لا أريد لا تغيبوا عني طويلا "

قالت وهي تمسح على شعري

" اطمئني يا ابنتي فطالما أنتي مع بحر لن تكوني إلا بخير وسنتقابل يوما بالتأكيد "

قلت وأنا أزيد من حضني لها " أخشى أن يكون بعيدا أبعد مما نتصور "

أبعدتني عنها وقالت " لا تفقدي إيمانك بالله واحمديه أنك مغادرة الآن مع شقيقك وليس

مع والدك حيث الله وحده يعلم أين "

مسحت دموعي بيدي وقلت " حمدا لله على كل حال , أمي أعتني بنفسك جيدا وبمازن

وأخبريه أني أحبه كثيرا "

ونزلت دموعي من جديد تبكي على بكائي ومأساتي

نزلتُ للأسفل حيث كان بحر وغادرنا سويا لحيت لا أدري أين المهم بعيدا عن والدي حاليا

بحر غادرت القصر ككل مرة وكما دخلته بحطام حلم ونزيف قلب غادرت لا أعلم إلى أين

ولكنني جلت كل الأماكن وأنا لا أرى أمامي شيئا وعند المساء دخلت مدينة عائلتي

ذهبت لصديق لي هناك لعلي أجد من يسليني قليلا فأخذنا الوقت حتى مقربة الفجر

ثم غادرت متوجها لمنزل والدي كي أزورهم قبل سفري لأيام من أجل العمل

وما أن اقتربت من الباب حتى سمعت صراخ جود وهي تستنجد بي

الصراخ الذي زلزل كل ما بداخلي صوت شقيقتي التي لا أحزن لدي من سماع

بكائها فكيف بصراخها هكذا وهي تناديني

ركضت كالمجنون باتجاه المنزل ودخلت لأجد المأساة تنتظرني هناك , كيف لهذا

الرجل أن يفعل بابنته هكذا أين قلبه أين إنسانيته كنت في صغري ألوم والدتي على

طلاقها وتركها لي مشردا بينهما ولكني الآن أعذرها فرجل كوالدي لا يستحق

الزوجة والأبناء أبدا

كان عليا أخذها من هنا قبل أن يُضيع باقي مستقبلها بجنونه عليا إبعادها لأي مكان

جمعت كل أغراضها وغادرنا كانت تبكي طوال الطريق في صمت حاولت مواساتها

إسكاتها وطمأنتها ولكن دون جدوى سافرت آخذا إياها معي حيث كنت سأذهب

أقمنا في فندق لأيام واتصلت بعدها بغيث فأجابني من فوره قائلا

" مرحبا يا بحر هل الأمور على ما يرام "

قلت بهدوء " نعم لقد قمت بكل شيء اطمئن "

قال بسرور " رائع أنا أعتمد عليك "

قلت بعد صمت " غيث أنا أعاني مشكلة تخصني هل لك بمساعدتي "

قال مباشرة " بالتأكيد ماذا هناك يا بحر هل من مكروه "

حكيت لغيث عن كل ما حدث منذ دخولي منزل والدي حتى الآن فقال بحزن

" يا إلهي كيف له أن يكون بهذه القسوة إنها ابنته يا رجل "

قلت بألم " لم يعتبرها كذلك يوما "

قال بهدوء " بما أساعدك يا أخي أنا في الخدمة "

قلت بعد صمت " أريد مكانا تكون فيه محمية عن والدي ولا أطر للبقاء معها دائما وأكون

مطمئننا عليها فلم أجد غير قصر العائلة "

قال من فوره " لك ذلك يا بحر ومن دون إذني هوا قصرك كما لنا جميعا وسأتحدث مع

والدتي عن قدومها ومع المحامي عارف سنرفع قضية تلغي أي سلطة له عليها وستكون

أنت وليها "

قلت بامتنان " شكرا لك يا غيث لن أنسى لك ذلك "

قال " هذا ليس تفضلا منا عليك أنت واحد منا يا بحر أم نسيت "

قلت بهدوء " لا لم أنسى ولكن ليس أن أجلب باقي عائلتي "

قال بذات الهدوء

" كن مطمئنا فهي ستكون بخير هناك ولن يصل إليها والدك أبدا حتى لو علم بمكانها "

قلت بجدية " غيث لا أريد أن يعلم أحد بما حدث أخبر والدتي فقط إن أطر الأمر "

قال مؤكدا " لا تقلق ودع الأمر لي ووالدتك لن تعلم أيضا حسننا "

قلت براحة " لقد حملت عني عبئا ثقيلا شكرا لك يا أخي ووداعا الآن "

رنيم بعد تلك الليلة الغريبة رمادية اللون سوداء الملامح بيضاء الخيوط وكأنها ليلة صيفية

هطل فيها المطر فجأة وهبت رياح البرد وجمدت كل شيء ليعود الحر من جديد , الليلة

التي بقيتُ طوال ساعاتها أقلب كف يدي في حيرة وكأنه ليس لي وأتساءل ترى هل ما

حدث حقيقة أم خيال هل يعي حقا أنها يدي التي قبلها بعمق وحنان أم أنه كان يضنها

شيئا آخر , كان ما حدث سيكون شيئا عاديا بين أي زوجين أما معنا فهوا حدث يجب

أن تتناقله الصحف ونشرات الأخبار

وبعد تلك الليلة التي لم تشبه أي ليلة قضيتها معه خلال كل هذا العام مرت الأيام بيني

وبين غيث هادئة ساكنة خالية من كل أنواع المشكلات وانزاح ذاك البرود والصمت

لم يتطور الأمر كثيرا ولكننا عدنا نتبادل بعض الكلمات القليلة ومزاج كلينا عاد لطبيعته

علمت اليوم من صهيب أن غيث لا يأكل أكل المطاعم وبما أن عشائنا اليوم من الخارج

فقررت طهوا الطعام له وحده وأعددت أكثر من طبق من أطباق دولتي وعند العشاء كانت

أطباقه لوحده جهة كرسيه ووقف صهيب وزبير أمام الكرسي يتناقشان من سيجلس هناك

ليأكل الطعام الذي أعددته وأنا وحور وخالتي نضحك لشجارهما حينها دخل غيث قائلا

" ما بكما أصواتكم تصل للخارج "

نظرت له خالتي وقالت ضاحكة

" تعالى وانقد عشائك قبل أن لا تجد منه إلا الأطباق الفارغة "

اقترب مستغربا وقال " ولما عشائي تحديدا "

ثم نظر للطعام أمامنا وقال بصدمة

" هل جلبتم الطعام من الخارج من صاحب هذه الجريمة "

ثم نظر للجميع باحثا عن الجاني فأشار لي زبير وقال " إنها زوجتك "

شهقت بصدمة وقلت " أنا لا لم يحدث "

ضحك الجميع ثم قالت خالتي " زبير صاحب الجريمة ويستحق العقاب أيضا "

قال زبير بضيق " هل الكل ضدي الآن لم أرى منكم اعتراضا حين قررت جلب الطعام "

كل هذا ولم يلحظ غيث وجود أطباق مختلفة عما لدينا فقال بضيق

" ولما سأنقد عشائي إن كنت لن آكله "

قال زبير بحماس " ها سمعتم قال لن يأكله هوا من نصيبي إذا "

ضحكت خالتي وقالت " ولما جلبت الطعام إن كنت لا تريده "

قال بتذمر " أردت أن ترتاحوا من أعمال المطبخ ولو لنصف يوم ولم أكن أعلم أن

رنيم ستخوننا وتطهوا لزوجها طعاما مخصصا وغريبا عن أطباقنا المعتادة "

نظر غيث لطعامه ثم لي مطولا ولم أفهم ما كان مغزى تلك النظرة ثم نظر لهما وقال

" هيا ابتعدا كليكما عن طعامي "

قال صهيب وهوا يجلس على كرسيه

" هذا ليس عدلا أبدا هل لأنه ليس لي زوجة يعني أن آكل من هذا وأنت لا "

قال زبير مازحا " حور سأطلقك الليلة "

ضحكت حور وقالت " وكيف لي أن أطهوا طعاما لا أعرفه ثم أنت من جلب الطعام "

وقف غيث عند كرسيه وأشار بأصبعه للكرسي المجاور له وقال

" رنيم تعالي واجلسي هنا سنأكل نحن من هذا وهم يأكلون طعامهم "

وقف صهيب بيننا وقال معترضا " لن أسمح لهذا أن يحدث وإن لم آكل منه فسأقلب

الطاولة رأساً على عقب "

قال زبير " وأنا كذلك "

تنهد غيث بضيق وقال " رنيم لمن أعددت الطعام "

قلت بابتسامة " لك أنت "

نظر لهما ثم لي وقال " وهل يأكلان منه "

نظرت لهما بخبث وقلت " لا "

قال مبتسما وهوا يجلس

" إذا قضي الأمر وعندما أشبع كلا ما تبقى هيا تعالي يا رنيم واجلسي "

نظر لي زبير وقال " لم أتوقعها منك يا رنيم لقد صدمتني بك "

ضحكت وقلت " تلك هي الحقيقة هل تريدني أن أكذب "

قال صهيب " على الأقل كنتي سمحت لنا بالأكل معه يا لكما من أنانيان "

ضحك غيث وقال " إذا سأكله كله ولو قتلني الليلة "

كنت أنظر له خلال حديثه مع أخوته باستغراب فلم أكن أتصور أن شيئا بسيطا مني كهذا

قد يسعده, يبدوا أن خالتي كانت على حق فكان علي أن لا أساعد في تكبير الفجوة بيننا

قد أحتاج وقتا طويلا لتغيير نظرة غيث لي ولكن ما علمته عن ماضيه وإن كان غير

واضح جعلني أتحمس لمحاولة البدء من جديد فإما أن أنجح وأنا الكاسبة في ذلك أو أن

أفشل وحينها لن أخسر شيء , وبعد أن أنهينا العشاء وقد سمح لهما غيث بتناول القليل

معه مع كثرة ما أعددت له توجهنا أنا وحور للمطبخ لتأدية تقوسنا المعتادة بعد كل

وجبة عشاء فقالت حور مبتسمة

" لقد ضحكت الليلة كما لم أضحك هنا من قبل "

قلت مبادلة لها الابتسامة " أجل فزبير صاحب ضل خفيف جدا "

قالت لي بهدوء " يبدوا لي أن الأمور تحسنت كثيرا بينكما أنتي وغيث "

قلت بعد صمت " أتمنى ذلك فأنا حقا سأحاول تقليص المسافة بيننا رغم صعوبة المهمة "

قالت بابتسامة " ستنجين يا رنيم ما لم يجد اليأس لك طريقا "

قلت بهدوء " وأنتي يا حور ألن تفكري في تغيير حياتك "

خيم الحزن فجأة على ملامحها وقالت " كيف ذلك يا رنيم كيف "

قلت بإصرار " حاولي التأقلم مع وضعك الجديد ونسيان الماضي "

تسللت دمعة من عينها وعبرت طريق أنفها لتنتهي في حوض المغسلة وقالت

" مستحيل , هذا أشبه بالمستحيل فحتى الليلة كنت أفتقد وجوده معنا على طاولة الطعام

فكل مكان هنا أراه خاليا بدونه حتى غرفتي أشعر أنها تفتقده أكثر من أي شيء آخر رغم

أنها لم تعرفه يوما "

قلت بحزن " ولكن هذا لن يجدي بشيء يا حور "

قالت بابتسامة حزينة

" يبدوا أنك لم تجربي الحب يوما فلو جربته ما كنتي لتقولي ذلك "

قلت بأسى " إن كان كذلك فأتمنى حقا أن لا أجربه "

قالت بذات الحزن " إذا أحبي زوجك قدر الإمكان فعلى الأقل هوا ملكٌ لك "

ابتسمت بسخرية وقلت " وما نفع ذلك إن لم يحبني هوا فالأمران سيان "

انهينا أعمالنا وصعدت لجناحنا استحممت وجلست في ردهة الجناح متجنبة الدخول

لغرفتنا , لا أعلم لما ولكنني كنت أريده أن ينام قبل دخولي ولا تسألوا عن السبب

فحتى أنا لا أملك الجواب

شغلت التلفاز وجلست والنوم يسحبني إليه سحبا ولا أدري عن ما يعرض على الشاشة

شيئا , بعد قليل انفتح باب الغرفة نظرت باتجاهه فكان غيث واقفا أمامه وقال بهدوء

" رنيم ألن تنامي "

قلت بتوتر وكأني أنام معه للمرة الأولى " ليس بعد "

قال بذات الهدوء " مؤكد أنك متعبة وهذه ليست عادتك هيا تعالي "

قلت وعينيا للأرض " حسننا قليلا فقط "

توجه ناحيتي أغلق التلفاز ثم سحبني من يدي وقال " بل الآن ما بك الليلة "

دخلنا الغرفة أقفل الباب وأخذني للسرير أجلسني جهة نومه وجلس بجانبي وأبعد

خصلات شعري عن وجهي ثم وجهه ناحيته وقال

" شكرا لك يا رنيم على كل ما فعلته لأجلي اليوم "

نظرت للأسفل بخجل وقلت " هذا واجبي اتجاهك يا غيث لما الشكر "

قال بهمس " رنيم انظري إلي "

رفعت عيناي لعينيه فقبلني على شفتي بحنان وقال بهدوء

" أريد الليلة مختلفة عن كل سابقاتها أريدها الأروع حسننا "

نظرت للأسفل وقلت بخجل " سأحاول "

وكانت بالفعل مختلفة عن كل الليالي السابقة أحسست فيها معه أنني أنثى للمرة الأولى

ميس هل جن هذا أم ما أسمعه خيالا كيف يريد إقناعي بأنه يرغب بالزواج بي رغبتا منه وليس تكفيرا

عن أفعاله أو رحمتا بي إنه مخادع ويحاول خداعي ونيل ما يريد بالحيلة كما يفعل دائما فسيتزوجني

ليرتاح ضميره ومن تم سيرمي بي ليتزوج بأخرى يريدها , عائلة مخادعة فاشلة في كل شيء

لم أنزل بعد ذلك من غرفتي ولا حتى لتناول العشاء لقد كانت رنيم وحور يحاولان تعديل مزاجي

طوال النهار بعدما حدث وجاء هوا ليفسده كله لقد أخبرتني والدته أنه في رحلة صيد فما الذي جاء

به فجأة لا أعلم

نمت تلك الليلة كالريشة التي سكنت الريح لتريحها من عناء سفرها ولا تعلم متى ستعصف لتحملها من

جديد استيقظت صباحا على صوت رنين هاتفي نظرت للمتصل فكان صهيب فقلت بتأفف

" ما أجمل هذا الصباح "

أجبت بعد حين فقال " هل كنتي نائمة آسف لإزعاجي لك "

تنهدت وقلت " تسرق نومي وتوقظني منه يالك من مصدر للسعادة "

قال بصوت مبتسم " لم أعلم أنك قضيتي الليل تفكرين بي حتى غاب النوم عن عينيك لكنت

شاركتك سهرتك "

قلت بضيق " يالك من واهم لا تفسر الأمور كما تريد "

ضحك وقال " صباح الخير إذا "

قلت ببرود " يفترض أن تقولها في بداية المكالمة وليس نهايتها "

قال بضحكة " ومن قال أنها انتهت ثم أنتي أيضا لم تفكري في قولها لي "

قلت بضيق " لأني لست خيرا على أحد يصبح بي ولا من أصبح به "

قال بهدوء " إهانة مقبولة منك يا ابنة عمي "

قلت ببرود " ألا ترى أننا منحوسان حقا , لما اجتمعنا لا أعلم "

قال بصوت يشبه الهمس " بل هذا أجمل ما حدث لي "

ياله من وقح لقد صدق نفسه وكلامه البارحة لم يكن إلا القطرة التي يبدأ بها المطر الغزير

قلت بعد صمت " لا تكذب على نفسك فهي أيضا لن تصدقك "

قال بعد صمت طويل " ميس هلا تحدثنا بجدية "

قلت بحدة " أنا لم أمزح معك يوما "

تنهد وقال " حسننا دعينا من ذلك الآن ستكون رحلتنا عند الواحدة ظهرا فكوني جاهزة حسننا "

قلت ببرود " شكرا لك وداعا "

ضحك وقال " ما أكبر كرهك لي يا ميس , حسننا وداعا الآن "

عند الظهيرة غادرنا سويا أرض الوطن الذي لطالما كرهت العودة إليه متمنية أن تكون رحلتي

الأولى والأخيرة , ركبنا الطائرة ونمت من فوري طوال الرحلة وكأنني لم أنم من قبل حتى استيقظت

على صوت صهيب يقول " ميس استيقظي هيا ما كل هذا النوم "

قلت بنعاس " اتركني أنام ماذا تريد مني "

قال بحدة " هيا يا ميس عليك ربط الحزام لقد وصلنا "

تأففت واعتدلت في جلستي أفرك عيناي من النوم مد يديه وأمسك بالحزام وقال بنفاذ صبر

" على هذا الحال لن تربطيه إلا بعد هبوط الطائرة "

قلت بضيق " إذا لماذا توقضني إن كنت ستفعل ذلك بنفسك "

اقترب مني فصار وجهه مقابل وجهي وقال

" ميس لا تحاولي إكراهي فيك بما تفعليه فلن أكرهك أبدا سمعتي "

قلت بسخرية وعينيا في عينيه " أنا لا أتعمد ذلك ولا يحتاج الأمر أن أفعل فأنت لا تحبني "

قال بابتسامة " هل تختبرينني بكلامك "

دفعته بعيدا وقلت " ولما أختبرك فأنا لا أشك في الأمر لأتأكد ولا يهمني معرفة الحقيقة "

نزلنا من الطائرة وهوا يضحك طوال الوقت لا أعلم ما أصاب عقل هذا الفتى غادرنا المطار

متوجهين لمنزل صديقتي جيسي وما أن وصلنا حتى نزلتُ ركضا وطرقت الباب ففتحت

لي واحتضنتها بحب ثم قلت بلهفة " أين هي والدتي "

قالت " في الداخل هيا أدخلي "

ثم نظرت خلفي وهمست " هل هذا هوا خطيبك كم يبدوا أنيقا ووسيما ومميزا "

ضربتها على كتفها وقلت " حمقاء هيا ابتعدي عن طريقي "

دخلنا للداخل فخرجت والدتي من إحدى الغرف ارتميت في حضنها كالغريب الذي وجد وطنه بل من

هذا الذي قال أن الوطن أم فالأم هي كل الأوطان متجمعة بكيت في حضنها كثيرا بكيت كل ما مررت

به من يوم ذهابي وتركي لهذا الحضن

مسحت على رأسي وقالت بحنان " ميس حبيبتي توقفي عن البكاء واتركيني اسلم على ابن عمك "

قال صهيب مبتسما " دعيها فهي تخزن كل هذا منذ شهور "

ابتعدت عنها فسلمت على صهيب ودعتنا جيسي للجلوس لكنني قلت رافضة

" سنذهب لمنزلنا فيكفي ما بقيته معك وأعدك أن أسدد كل ما دفعتي "

ابتسمت وقالت وهي تنظر لصهيب " لا عليك فخطيبك من كان يدفع وليس أنا "

نظرت له بصدمة ثم لها ثم لأمي وقلت " هل صحيح ما سمعت يا أمي "

قالت بهدوء " نعم يا ابنتي صحيح إنـــ ..... "

قاطعتها قائلة بحدة " لماذا يا أمي لماذا هل أنقصت عليك شيئا من قبل لتطلبيه منهم "

قالت بدهشة " بنيتي أنا لم أطلب منه شيئا هوا من قـــ ..... "

قلت بغضب " أمي لما لا تشعري بما أشعر ألا يهمك أمر والدي أبدا ألا يهمك ما عانينا طوال حياتنا "

ثم خرجت مغادرة للمنزل بغضب وسرت في الشارع على قدماي وصهيب يتبعني قائلا

" ميس عودي الآن ما بك أنا لم أفعل شيئا يستدعي منك كل هذا الغضب "

وقفت وقلت ببكاء مرير " أخرجوا من حياتنا أخرجوا الآن "

شدني إليه وحضنني وقال " أصمتي يا حمقاء أصمتي هيا هل كنتي ترضين أن تصرف عليها

صديقتك ونحن عائلتكم نتفرج أقسم أني ما كنت لأرضاها "

قلت من بين دموعي " أكرهكم لما لا تتركوننا وشأننا "

زاد من احتضاني وقال " حسننا تكرهيننا وتتمنين زوالنا من هذا العالم ولكن توقفي عن البكاء

يا ميس فبكائك يؤلمني كثيرا "

ابتعدت وقلت " كاذب "

ابتسم وقال وهوا يشدني من يدي عائدا بي لمنزل جيسي " وكاذب أيضا هل يريحك ذلك "

دخلنا المنزل فقلت بضيق " سأنتظر في الخارج "

قالت والدتي " لن أخرج من هنا مادمت ِغاضبة مني "

تنهدت وقلت " أمي لست غاضبة هيا لنرحل "

قالت بهدوء " بل غاضبة وبدون سبب أيضا "

نظرت لها بصدمة فقالت بحدة " هل لك أن تخبريني ما ذنب هذا الشاب لتعامليه هكذا لقد دفع

لي أموالا كثيرة وفوق ما أحتاج ليساعدني وشرح لي كيف علم بأمرنا وكم بحثوا عنا , هيا توقفي

عن جنونك يا ميس "

قلت بضيق " أمي لا تجعليني أغضب منك بالفعل هذه المرة "

دخلت أمي الغرفة دون كلام لتجمع أغراضها فنظرت لي جيسي وقالت

" أنتي فتاة متعبة جدا يا ميس ووالدتك لن تعيش طويلا بسببك "

قلت بغضب " لما الجميع على صواب ووحدي المخطئة ضعوا أنفسكم في مكاني ولو

لدقيقة وأقسم أنكم لن تستحملوا الأمر "

وضع صهيب يده على كتفي وقال

" هيا لنغادر للخارج يا ميس أقسم أننا نشعر بك ولكن ليس لأحد أن يغير الماضي فدعينا

نحاول إصلاح ما بقي منه "

خرجت مستاءة وجلست في السيارة وبعد وقت خرج الجميع ركبوا السيارة واقتربت

جسي من نافذة صهيب وقالت لي

" قومي بزيارتي قبل أن تعودي لدولتك يا ميسي "

نظرت للجانب الآخر بضيق ولم أجب فضحكت وقالت

" لا أحسدك على خطيبتك هذه فلا تتزوجها وانجوا بنفسك "

قال صهيب بضحكة " لن أتزوج غيرها أبدا وبكل عيوبها "

غادرنا في صمت من جانبي ووالدتي تصف له مكان منزلنا , عند وصولنا دخلنا جميعا

ثم استأذن صهيب للذهاب فقالت والدتي

" ابقى بضيافتنا يا بني لما تريد المغادرة "

قال بابتسامة " شكرا على كرمك يا خالة سأذهب للفندق إن احتجتما أي شيء فأخبراني فقط

وسأجلب لكما الطعام حالا ولا تتعبا نفسيكما في التنظيف اجمعا الأغراض الخفيفة فقط وسنسافر

في أقرب وقت "

ثم نظر لي وقال " في الصباح سأمر بك لنزور الرجل الذي أخبرتني عنه حسننا "

لذت بالصمت وأنا أنظر لعينيه دون كلام فابتسم لي وخرج مغادرا

يتبع ......⚘
 
رد: أنا من خذلت نفسي

الجزء الخامس والعشرون + الجزء السادس والعشرون ⚘

رنيم كانت ليلة البارحة غريبة ومميزة ولا أعرف ما أقول غير أنني لم أعد أفهم غيث

ولا نفسي أيضا, عند الصباح استيقظت ولم يكن غيث موجودا نزلت للأسفل فقابلت

خالتي وتوجهنا للجلوس معا وتبادلنا الأحاديث المختلفة ثم قالت

" رنيم في أي شهر أنتي الآن "

قلت بعد برهة " في منتصف الخامس "

قالت بابتسامة " ظننتك أكثر من ذلك "

نظرت لجسمي وقلت " نعم يبدوا لي أن بطني ينتفخ بسرعة هل هذا غير طبيعي "

" هذا ليكون رجلا قويا فاتركا ابني ينموا كما يريد "

نظرنا كلينا لمصدر الصوت الذي كان صاحبه غيث بالتأكيد فقالت خالتي

" قد يكون فتاة فما يدريك "

جلس وقال بابتسامة " بل رجلا قويا لقد اتصلت بالطبيبة وأخبرتني "

نظرت لي خالتي بصدمة وقالت " هل علمتما بذلك "

قلت بصدمة " لا أنا لا علم لي إلا الآن "

نظرت لغيث وقالت بضيق " محتال لما طلبت منها أخبارك ألم أنهاكما عن ذلك "

قال بذات الابتسامة " لم استطع الانتظار "

قالت بضيق " أنتم الرجال هكذا دائما تصابون بالجنون إن لم تعلموا إن كان ذكرا أم لا "

قال بهدوء " المهم أن يسلم كليهما كان ما يكون "

آه ما هذه الهدية الصباحية الرائعة , آخ لقد أصبحت مدعاة للضحك فأتفه الأشياء تشعرني

بالسرور لقد صدق من قال أن أطيب وجبات الطعام تلك التي تأكلها على جوع

وقف غيث وقال " هل توصيان شيئا "

قالت خالتي بحب " سلامتك فقط بني "

ثم قال مغادرا " رنيم هلا لحقتِ بي أريدك في أمر "

وقفت وغادرت خلفه تقودني عدة أشياء قدماي ليست منهم إطلاقا , دخل المكتب

ودخلت خلفه وأغلقت الباب ثم وقف ووقفت مقابلة له فقال بعد صمت

" أحد اللذان يهددانك سابقا أقحمته في قضية ودخل السجن والآخر تحت التهديد حاليا

وهم يطالبونني أن أعفوا عن السجين فاشترطت عليهم أن يوقعوا تعاهدا على عدم الاقتراب

منك ووالدتك أو أدخل الأخر معه ووافقوا "

نظرت له بصدمة ثم تحولت لابتسامة وقلت " حقا هل صحيح ما تقول أَقسم على ذلك "

قال بابتسامة " صحيح وسنسافر لإتمام الأمر "

لم أشعر بنفسي إلا وأنا أحتضنه وأتمسك بعنقه بقوة وأبكي فرحا وأقول

" حمدا لله لقد كان بالي منشغلا على والدتي ومستقبلنا كثيرا شكرا لك يا غيث "

مسح على ظهري وقال " لما البكاء الآن يا رنيم "

ابتعدت عنه وقلت وأنا أمسح دموعي " أنت لا تعلم ما يعنيه الأمر لي لقد أسكنوا الرعب

في داخلي طويلا وحتى والدي شامخ رحمه الله لم يوافقوا على عرضه للتفاوض فكان

يهددهم فقط وهم خافوا من مركزه "

قال بهدوء " هذا لأن والدي لم يكن يريد استخدام القوة معهم أما أنا فلم أجد حلا غيره إنهم

ممن يخافوا ولا يستحوا "

قلت بذات الهدوء " هل عليا السفر هناك لهم أنا لا أريد ذلك أذهب أنت وزوج خالتي "

قبلني على خدي وقال مغادرا " عليك أن تكوني معنا لتوقعي على التعاهد معهم "

غادر المكتب وتركني كصورة في تلفاز انقطع عنها الإرسال لتتجمد على آخر

حركة فعلتها ثم مررت أصابع يدي على خدي ونظرت لهم وكأنني أريد التأكد

مما حدت بل وكأنني سأجد قبلته لازالت عاقة على خدي مكانها وستسحبها أصابعي

لأتأكد منها بعيني

جود ( بعض المشاعر تبدوا غريبة حقا لا ننتمي إلى أصحابها ولكننا نعيشها أحياننا وبكل

تفاصيلها هل جربت يوما ذلك .... هل جربت أن تمشي وسط الأحياء ولكنك لا تشعر

بالانتماء لهم وكأنك مجرد جثة تمشي علي قدمين ثابتتين... عينان يكسوهما صمت

غريب ... ابتسامتك ميتة وكلماتك تخرج محترقة بالرغم من أن أنفاسك باردة كالجليد

كبرودة جسدك المتهالك ... لا تسمع سوي الفراغ ولا تري سوي الظلام ولا تستنشق

إلا رائحة التراب تماما كالأموات , ويرونك جميعهم ولكنك لست معهم لا تراهم لا

تسمعهم ولا تشعر إلا بالوحدة والسكون .... إنهم مثلك تماما أحياء ولكنك لست

مثلهم فأنت بلا حياة وبلا مستقبل ولا أمل تماما كأولئك الذين بكتهم العيون وفقدهم

الأحباب وتركوا هذا العالم للآبد

هل جربت يوما هذا الشعور إنه حقا شعور قاسي ومؤلم ولكنه أحيانا يبدو مريحا للغاية )

أغلقت دفتري بعدما دونت فيه حكاية جديدة من حكايا ألمي في كلمات علها تكون شيئا يعبر

عن جزء منه , أغلقته واحتضنته وأنا أبكي ألما وحزنا وفقدا ودسسته في ظلمات حقيبتي

ليروي لها مالم تسمعه اليوم لقد خرجت يومها من منزلي كالحافي الذي يبحث عن حدائه

في قدميه رغم علمه أنه ليس موجودا وأنه لم يمتلكه يوما وكأنه يخبر الجميع أنه لديه حداء

ولكنه لا يعلم أين , فخرجت كذلك مجردة من كل أمياتي مخلفة خلفي أهلي الذين عشت حياتي

معهم وحلم ولد تلك الليلة ليموت فيها خرجت محرومة منهم وأبحث عنهم بين ثنايا أملي وأنا

أوقن أنهم رحلوا ولست أنا من رحلت , أمضيت أيام عديدة هنا سجينة هذه الغرفة كان الفندق

فخما وراقيا للغاية لكنني كرهت حتى التجول فيه , بحر كان يقضي أغلب يومه خارجا فهوا

جاء من أجل العمل ويعود منهكا ومتعبا يحاول إقناعي بالخروج سويا ولكني أرحم حاله وأعلم

بحالي فلا رغبة لي إلا في الموت , حاول ذاك الشاب الاتصال بي كثيرا يومها ولم اجب

فليس لدي ما أقول فالأمر يخجل لساني من ذكره وعقلي من تذكره, بعدها أغلقت

هاتفي ولم افتحه إلا اليوم لأتحدث مع والدتي فوصلتني رسالة معلقة منه منذ البارحة كتب فيها

( تبا لمكالمة هاتفية ننتظرها كل ليلة ونحن متأكدون أنها لن تأتي أبدا )

ثم بعدها وعلى الفور أرسل رسالة فيها

( إن كنت أعني لقلبك ولو كذبة صغيرة أجيبي على اتصالاتي )

بكيت كثيرا بحرقة وألم ثم أرسلت له

( لا أستطيع مهاتفتك حاليا أعذرني فظروفي لا تسمح بذلك )

وصلت منه رسالة فيها ( إذا عديني أنك ستتصلين بي قريبا )

لم أجب فأرسل بعد وقت

( عديني الآن ولا تنسي عهدك القديم بانتظاري عديني يا بلسم )

أرسلت له ( أعدك ما لم تمنعني الظروف في كلا العهدين )

ثم عدت وأغلقت هاتفي من جديد لعلي أغلق معه بابا يطرقه هذا الغريب كل حين

ليشعل بداخلي أملا جديدا في الحياة ويرمي في حجرات قلبي أزهارا من صنع يديه

وخيوط خيالي , ما كان عليك أن تحبيه يا جود فأمثالك ليسوا للحب وليس الحب لهم

أمثالك ليس عليهم التعلق بشيء إلا الموت

في اليوم التالي أخبرني بحر أننا سنعود للوطن وأني سأقيم في قصر عائلة والدته حتى

حين ولا أعلم ما عناه بذلك الحين ومتى سيكون يا لي من مصيبة حلت على رأسك يا

بحر وجعلتك تلجأ لهم لحملها معك حاولت الاعتراض ولكن هل من حل غيره

أخبرني أنهم لن يعلموا بحقيقة الأمر وذلك أفضل لي وله وقد أخبرهم أني في

فترة للعلاج هناك في إحدى المستشفيات لا أعلم أي مرض هذا الذي سأخترعه

ليصدقه الجميع فلا شيء يؤلمني سوى قلبي المكسور وحلمي الضائع وشبابي

المسافر مع الريح

في اليوم التالي غادرت وبحر للقصر وما أن وقفت أمامه حتى أبهرني جمال ما

رأيت إنهم عائلة مترفة لابد وأن أمانيهم وأحلامهم كقصرهم جميلة وتتحقق بسهولة

وما أن اقتربنا من باب القصر حتى خرج شابا وسيما ببنية جسدية قوية بني الشعر

بعينان عسليتان واسعتان ولحية خفيفة محددة بإتقان وكأنها رُسمت على وجهه رسما

وابتسامة رقيقة قابل بها أخي بحر قائلا

" مرحبا يا بحر متى عدت "

قال بحر مرحبا " مرحبا زبير لقد عدت للتو كيف هي أمورك "

يبدوا لي أنه أحد أخوته من ترحيبه به , قال بهدوء " جيدة وأنت "

ثم نظر لي وقال هامسا لبحر بابتسامة " من هذه يا بحر هل تزوجت "

قال بحر بعد ضحكة هادئة " وهل أتزوج شبيهة لي ألا ترى الشبه بيننا "

نظر لي ذاك الشاب بتركيز حتى أشعرني بالخجل ثم قال بذات الهمس متبسما

" يا رجل إنها أجمل منك بكثير "

ثم ضحك وبعدها قال " قل صراحة من هذه يا بحر "

قال بحر " إنها شقيقتي جود "

نظر لي بصدمة ثم لبحر وقال

" شقيقتك , أَقسم بذلك لقد ظننتها صغيرة فنحن لم نرها يوما "

ياله من قليل ذوق هل يضنني لا أكبر أبدا

قال بحر " وهل يبقى الصغير صغيرا دائما إنها في التاسعة عشرة الآن "

نظر لي وقال بابتسامة " عذرا منك يا جود ومرحبا بك عندنا , أعذراني عليا المغادرة "

وغادر ودخلنا القصر غاب بحر قليلا ثم جاء برفقة سيدة تشبه شقيقه ذاك أو بالتأكيد

هوا من يشبهها فهي من أنجبته احتضنتني بحب وقالت

" مرحبا بك في بيتك يا جود لقد سرني التعرف عليك كثيرا "

لقد كدت أبكي في حضنها فقد ذكرتني بوالدتي كثيرا غير أن هذه السيدة تخلصت

من والدي وأمي لازالت تعاني ويلاته حتى اليوم

ثم أعتذر بحر مغادرا وهوا لم يصل إلا الآن وكأنه يهرب من جدران هذا القصر

وتركني خلفه في مكان مجهول وعائلة غريبة عني لم أرها يوما , عرفتني السيدة

على زوجات أبنائها كن لطيفات للغاية وجميلات خصوصا تلك زوجة الذي قابلنا

عند الباب وحدثتني عن جميع أبنائها الحاضرين منهم والغائبين فأحدهم يعمل في بلدة

أخرى والأخر سافر مع ابنة عمه التي هي أحدى سكان هذا القصر والأكبر زوج

اللطيفة المسماة رنيم وكانوا هم هؤلاء أربعة أبناء من غير بحر ثم أخذوني لجناح

الضيوف لأقيم فيه أيامي الغير معلومة هنا , كان كبيرا وفخما للغاية نمت فيه

من شدة تعبي لساعات طويلة وتعمدت عدم الخروج كي لا أضايق أحدا وبعد

الغروب جاءت رنيم وحور لتفقدي وجلسا معي لعلمهما بتعمدي عدم الخروج

محاولتان تبديد وحدتي فقلت مستفسرة

"رنيم تبدين لي حاملا صحيح "

ابتسمت وقالت " نعم وسأكون قريبا في الشهر السادس "

قلت بابتسامة مماثلة " أتمنى لك ولجنينك السلامة "

قالت بحنان " سلمك الله يا جود "

ثم سألتني قائلة " هل أنتي شقيقة بحر الوحيدة "

قلت بهدوء " لا لديه مازن أيضا وهوا أصغر مني بسبع سنين "

حمدا لله أنه لم يسألني أحد عن طبيعة مرضي الوهمي واكتفوا بسؤالهم إن كان

خطيرا أم لا تحدثنا كثيرا ثم وقفت حور وقالت

" هيا يا رنيم سنتأخر عن تحضير العشاء "

نظرت لهم بحيرة وقلت " هل أنتم من يطبخ الطعام هنا "

قالت رنيم بابتسامة " نعم وسيعجبك أكلنا بالتأكيد "

قلت بحيرة أكبر " ألا يوجد خادمات هنا "

أجابت حور مباشرة " في المطبخ لا ليس غيرنا وباقي القصر تتولاه شركة تنظيف "

قلت باستغراب " ولما "

ضحكت حور وقالت " زوج هذه الحامل يمنع الخادمات هنا "

نظرت رنيم لحور بضيق وقالت " ولما لم يجبره زوجك على تغيير رأيه "

قالت حور بابتسامة " وهل يمكن لأحد كسر كلمته هوا لم يفكر حتى بزوجته الحامل "

نظرت لها رنيم بنصف عين وقالت " أتحداك أن تقولي هذا له "

ضحكتُ وقلت " يكفيكما فستتشاجران ويبقى الجميع بدون عشاء الليلة "

ثم قلت " هل أساعدكما "

قالت رنيم " لا فأنت ضيفتنا يا جود "

قلت بهدوء " ولكني ضيفة سيطول بقائها فدعاني أساعدكم أفضل من تمضية الوقت وحدي "

قمنا سويا بتحضير العشاء وتناولت عشائي وحدي بعد إصرار كبير مني على ذلك

ففوجئت ببحر يدخل الجناح ليشاركني العشاء ثم أضجعت على السرير وقادني الحنين أو

هوا الجنون أم غربة المشاعر لفتح هاتفي والاتصال بذاك الشاب فأجاب من فوره وكأنه

كان جالسا داخل الهاتف وقال

" لما أنتي قاسية هكذا أيعجبك ما فعلته بي "

نزلت دموعي رغما عني وأجهشت في البكاء فقال بلهفة

" بلسم ما بك لما البكاء هكذا حبيبتي توقفي أرجوك "

فزدت بكاء على بكائي وأغلقت الخط وبعد لحظات موجعة كجمال كلماته والعشرات

من محاولات الاتصال بي أجبت على اتصاله فقال معاتبا

" ارحميني بالله عليك وقولي ما بك أرجوك "

قلت بحزن " لا شيء مهم أو لا شيء جديد "

قال بهدوء " هل هوا والدك "

قلت بذات الحزن " كان يريد بيعي لأحدهم تخيل يريد المتاجرة بي من أجل جني المال "

وعدت للبكاء من جديد فقال بحسرة

" سحقا لي ... لولا هذه الوصية الرعناء لتزوجتك على الفور ودفعت له كل ما

يريد يا لي من عديم نفع "

قلت من بين شهقاتي " علمت الآن معنى كلماتك حين قلت لي لم أعد أرغب في الحياة "

قال بحدة " إياك والتفكير بذلك ولا تنسي ما أرسلته لي حين قلت ذلك , بلسم لا

تفعلي ذلك بي أرجوك "

ثم تنهد وقال " وكيف حللتم الأمر "

قلت بحزن " وجدنا له حلا مؤقتا ولا أعلم ما النهاية "

قال بجدية " هل أساعد في شيء هل يمكنني ذلك "

قلت بهدوء " لا , فلديك ما يكفيك "

قال بعد صمت " ألن تخبريني ما اسمك على الأقل "

قلت بألم " ليس الآن اتركها للزمن "

قال " إذا هل تريدي معرفة اسمي "

قلت بحزن " لا فلنتركهما يخرجان للنور معا أو يموتان كالحلم معا "

قال بجدية " بل سيخرجان للنور يوما فأبقي على الوعد وانتظريني وحاربي

كل شيء من أجل ذلك "

قلت بأسى " سأحاول قدر استطاعتي وأتمنى أن لا يفشل الأمر فالواقع أقسى مما تتصور "

ثم قلت " وداعا الآن تمنى لي حضا سعيدا "

قال بحنان " أتمنى أن أجدك يوما أمام عينيا حقيقتا , أعتني بنفسك جيدا حبيبتي وداعا "

ميس
قضيت ووالدتي الليل في الشجار والجدال وتنظف غرفتينا والمطبخ لا أعلم هل هي

طيبتها الزائدة من تجعلها كذلك أم أنها لا تهتم لما حدث لوالدي , حتى حكيت لها

ما قالاه شقيقاه عنه فنزلت الدموع الغالية من عينيها الواحدة تركض خلف الأخرى

فحضنتها بحب وقلت

" لا تبكي يا أمي أرجوك لو كنت أعلم أن هذا ما سيحدث ما قلت لك ذلك "

مسحت دموعها وقالت " رحمك الله يا نبيل لا تستحق كل ما قيل عنك "

قلت بحزن " أقسم أن يرجع حقه ومكانته كما كانت وستتحدث الناس جميعهم

عن براءته من علم ومن لم يعلم بما حدث في الماضي "

مسحت والدتي على شعري وقالت

" وافقي على ابن عمك يا ميس كي يرتاح قلبي يا ابنتي "

تأففت وقلت " أمي هل يرتاح قلبك بتعبي أنا "

تنهدت وقالت " لو تفعلين مرة واحدة ما أقول لك "

قلت بضيق " بلى يا أمي فقد فعلت ما قلتي وذهبت إلى هناك وما جنيت إلا المآسي والمعاناة "

نظرت لي باستغراب وقالت " عن أي مآسي ومعاناة تتحدثين "

تنهدت وقلت " أمي لن أطيل الحديث في الأمر لأنه لن يكفيني الليل بطوله لأحكي لك ما

عانيت ولكن ما عليك معرفته أنهم لم يستدعوني ولم يرد جدهم رؤيتي كلها كانت كذبة

من صهيب ليجبرهم على ذلك "

نظرت لي بصدمة ودون كلام للحظات ثم قالت

" كانت لعبة من صهيب ولم يستدعك الجد "

قلت بحزن " ولم يفكر بي أبدا ولا بك وحده عمي شامخ من بحث عنا طويلا وقد

تأكدت من ذلك من السيد جيمس وقد كلف صهيب أن يكمل ذلك أما البقية فلا يرونه

إلا مختلسا سرق أموالهم ولا حق لنا لديهم وحدهم أخوة صهيب من اعترفوا بحقنا "

قالت بحزن " لا حق يضيع مهما طالت السنين يا ابنتي "

قلت بغيض " على الفاعل أن ينال ما يستحق ويقاسي كما قاسى والدي "

ثم قلت بجدية " أمي يكفيك هذا لقد تعبتِ كثيرا وستمرضين "

ابتسمت وقالت " وما فعلته أنا فأنتي من فعل كل شيء "

أمضينا الوقت على ذلك الحال حتى انتهينا ثم نمت من شدة التعب وصحوت صباحا

على صوت رنين الهاتف طبعا , فأجبت وعينيا مغمضتين وقلت بهمس ونعاس

" جيسي ما بك هكذا مزعجة أنا لم أنم البارحة "

جاءني صوت رجولي قائلا " هل بسبب التفكير بي أيضا "

قلت بضيق " أهذا أنت "

ضحك وقال " ما كل هذا النوم لا أريد زوجتي أن تكون كسولة "

تأففت وقلت " صهيب ألن ترحمني من هذا "

قال بهدوء " ألن ترحميني أنتي من هذه الكلمة إما قوليها دائما لأعتادها وإما لا تقوليها أبدا "

قلت بحيرة " عن أي كلمة تتحدث "

ضحك وقال " هيا انهضي بسرعة يا كسولة ورائنا مشوار أم أنك نسيتي "

أغلقت الهاتف في وجهه ورميت به وعدت للنوم ثم وصلتني رسالة بعد قليل فتحتها

فكانت منه وكان فيها " إن أغلقت الخط في وجهي ثانيتا سيكون حسابي معك عسيرا

فهمتي أنا خارج من الفندق الآن كوني جاهزة "

أرسلت له " دعني أنام قليلا أرجوك فأنا لم أنم حقا "

اتصل وعاد الهاتف للرنين المزعج وضعت الوسادة على رأسي وقلت بضيق

" ما هذا المزعج لما هوا مستعجل هكذا "

أجبت فقال من فوره بحدة " لما أغلقت الهاتف في وجهي "

قلت ببرود " لأن المكالمة انتهت "

قال بغضب " أنا من بدأها وأنا من ينهيها وفي كل الأحوال كان عليك احترامي

أم تريني طفلا أمامك "

تنهدت وقلت " حسننا آسفة أيها السيد هلا تركتني أنام قليلا "

قال بحدة " لا "

قلت من فوري "هل هوا والدك أم والدي ما كل هذا النشاط "

قال " لن تعلمي أبدا ولن تفهمي ما يعنيه الأمر لي أقسم أن أدمر من فعل به ذلك

شر تدمير ولو كان شقيقي "

بقيت صامتة طويلا لما سمعت منه فقال " هيه ميس هل عدتي للنوم "

قلت بسخرية " نعم وأحلم حلما جميلا أيضا "

قال بغيض " هل تسخرين من كلامي يا ميس "

قلت بحدة " لما تفهم كل ما أقول بشكل سيء هل أنا سيئة لهذا الحد كي لا تتوقع

مني إلا السخرية منك "

قال بحدة أكبر " وما معنى ما قلتيه الآن "

تأففت وقلت " لم أعني ما فهمت أقسم لك بذلك "

قال بضيق " إذا هيا قومي فأنا سأصل قريبا "

تنهدت وجلست وقلت " حسننا ها قد قمت هل أنت مبسوط الآن "

ضحك وقال " ليس بعد حتى توافقي على الزواج بي "

قلت بضيق " لو اعلم فقط كيف يتبدل مزاجك فجئه , هيا وداعا ولا تقل

أني أغلقت الخط في وجهك "

قال بهدوء " حسننا وداعا حتى دقائق فقط "

أغلقت الهاتف وقلت " متى سأتخلص منك لا أعلم "

بعد نصف ساعة نزلت للأسفل وكان هوا ووالدتي منسجمان في الحديث تماما لما لا يتزوجها

ويريحني ضحكت للفكرة وتابعت نزولي للأسفل نظرا إلي كليهما ثم قال صهيب مبتسما

" لو كنت أعلم أنك قضيتي الليل كله في التنظيف لما كنت أيقظتك باكرا وأجلنا ذلك للغد "

نظرت لوالدتي بضيق وقلت " يبدوا أنه كان عليا وضعك على الصامت البارحة "

ضحكا فقالت والدتي " لقد سألني وأجبت ما المشكلة في ذلك "

تنهدت وقلت " هل لي أن أتناول إفطاري أم ممنوع أيضا "

وقف وقال " سنتناوله خارجا هيا علينا الذهاب "

قلت برجاء " ولا حتى كوب قهوة "

جلس وقال مبتسما " حسننا بسرعة كلي ولا تتأخري كالاستيقاظ "

قلت بتذمر " آه أنا لست كسولة فقط كنت متعبة يا لك من قاسي قلب "

ضحكت والدتي وقالت " انظروا من يتحدث عن قسوة القلب "

نظرت لها وقلت بضيق

" لو سأسمع رأيك فسأحضن عائلة والدي بحب جميعهم واحدا واحدا "

نظر لي صهيب بنصف عين وقال " ومن سيسمح لك بذلك "

قلت بابتسامة وأنا أغادر " من سيكون غير الذي كذب كذبة وصدقها بالطبع "

قال لوالدتي بهدوء " ابنتك هذه ستصيبني بالجنون هي لا تعترف بي في كل قواميسها "

ضحكت والدتي وقالت " أخبرتك بذلك منذ البداية "

عدت خطوتين للوراء وقلت " لقد سمعتكما وستريان "

قال صهيب " اسمعي يا ميس إن كنتي عنيدة فأنا أعند منك "

وضعت يداي وسط جسدي وقلت " وإن كنت زوجة سيئة "

قال بابتسامة " أنا أسوء منك "

قلت بمكر " وإن كنت أكرهك "

ضحك وقال " أنا أكثر منك ...... أحبك "

قلت بغيض " معتوه وواهم هيا لنخرج قبل أن تغسل دماغ والدتي أكثر "

قال ضاحكا " والإفطار "
قلت متوجهة ناحية باب البيت " لم أعد أريده "

زبير ( قد نسافر ونحن لا ننوي السفر بدون تذكرة ولا طائرة ولا موعد للهبوط , نسافر

بأفكارنا بخيالاتنا بأمانينا التائهة التي تنتظر فرصة للتحقق بل نسافر حتى في منامنا

ونزور من لن تأتي بهم الصدف ولا السنين مهما طالت إنه السفر الذي لا يعترف

بحدود ولا يجلب إلا الحنين )

كنت جالسا أقلب هاتفي الذي أصبح لا يفارق عيناي لحظة أقلبه كما أقلب ما فيه أنظر

إليه من جميع الاتجاهات لتخترق عيناي كل تفاصيله من الداخل وكأن ثمة شيء يوجد

هناك وسيخرج في أي حين وكأنها تسكن بداخله ولن أصل إليها إلا من خلاله فكما يقولون

’’ نحن لا ندمن هواتفنا نحن ندمن أشخاص لا يجمعنا بهم سواها ’’

لو لم تتحدث معي يومها لكنت سأصاب بالجنون كيف لها أن تختفي فجأة لتتركني

معلقا بين متاهاتي وظنوني ياله من قاسي ذاك الوالد الذي لا يقدر قيمة ما لديه تنهدت

للمرة الواحد بعد المائة ثم أرسلت لها رسالة كتبت فيها

( كيف هي حبيبتي اليوم )

أرسلت بعد قليل ( بخير مادمت بخير )

كم أتمنى أن تظهري أمامي الآن لكي أشعر أنني فعلا بخير

" مرحبا بحر هل بـــ ..... "

نظر بحر كما نظرت أنا لصاحب الكلمات المبتورة الواقف عند الباب ثم ابتسم وقال

" مرحبا يا جود لقد بحثت عنك لنذهب لزيارة الطبيب ولم أجدك فطلبت من والدتي البحث عنك "

هذه كانت جود شقيقة بحر فما أن رأتني حتى بترت جملتها لتكملها بهمس كم هي رقيقة

هذه الفتاة ولا أستغرب ذلك من شقيقة بحر وهوا الرجل لا تكاد تشعر بوجوده معك كيف

بها هي قالت وعيناها أرضا

" لقد كنت مع حور و رنيم في الحديقة سأجهز نفسي حالا "

وغادرت كالنسيم كما دخلت أستغرب أن فتاة بجمالها ورقتها لم تتزوج بعد صحيح

أنها ما تزال صغيرة ولكن لما فوت الكثيرين فتاة مثلها نظرت لبحر وقلت

" مما تشكوا شقيقتك هل من مكروه ما "

قال بهدوء " لا هوا شيء بسيط جدا ولكنه يحتاج لفترة من العلاج "

ابتسمت وقلت " أسأل الله لها العافية ولك الأجر "

بحر شاب تحاصره الظروف من كل جانب ولا تراه إلا صامتا حتى أنني لم أعرف عمر

شقيقته إلا الآن ولا أعرف عن حياته هناك سوى أن والده أهمل عائلته وهوا من يهتم

بشؤونهم , لما لا تتزوج شقيقته ويرتاح قليلا , بعد قليل غادر بحر فأمسكت بهاتفي

واتصلت بأديم فأجاب بعد وقت فقلت مباشرة

" من أين أتتك هذه المرة أجبت دون أن ترسل رسالة بأنك ستتصل بي فيما بعد "

ضحك وقال " ما لديك من الآخر "

قلت ببرود " يالك من شقيق متحجر القلب , على كلن لدي لك عروس "

ضحك وقال " منذ متى اشتغلت خاطبا "

ضحكت وقلت " منذ الآن , إنها لا تُفوّت يا رجل جميلة ورقيقة كأنها نسمة هواء عليلة "

ضحك أكثر وقال " ومنذ متى صرت شاعرا "

قلت بابتسامة " منذ رافقت الشعراء , المهم ما رأيك "

قال " ما رأيي في ماذا يا رجل هل أنت جاد اعتقدت أنك تمزح "

قلت بحدة " وهل هناك مزاح في هذه الأمور "

قال بصوت مبتسم " ومن تكون هذه الأسطورية "

ضحكت وقلت " شقيقة بحر التي اسمها جود "

قال باستغراب " شقيقة من !! ولكن من أين عرفتها "

قلت " إنها في القصر الآن المهم ها ما رأيك فأنت وحيد هناك وأعزب لما

لا ترفع الحمل عن شقيقك "

ضحك وقال " ومنذ متى اشتغلت بجمعية حقوق الإنسان "

قلت بلهجة جافة " ليس بعد , في القريب ممكن "

قال بهدوء " زبير ابتعد عن عالم الفقراء فإن حاولت إصلاح أمر لهم أفسدت كل شيء "

قلت باستغراب " أديم قل شيئا مفهوما من فضلك "

تنهد بضيق وقال " عالمهم لا يعرفه ويفهمه أحد سواهم فلا تفسده بمحاولة إصلاحه "

قلت بلامبالاة " أسمع أسمع أتركنا من الغموض والألغاز فعائلة بحر ليسوا فقراء صحيح

أن والدهم شبه متخلي عنهم ولكن بحر يوفر لهم حياة مترفة كما نعلم جميعا "

قال بتذمر " أخرجني من دماغك يا زبير وحاذر أن تدخل الفكرة في رأس أمي , أمامك صهيب

لما لا تجرب معه فبحر المفضل لديه بين الجميع "

قلت ببرود " الحق علي لقد كان في بالي عريس آخر ولكني فضلت أخي أولا , أنت ترفس

النعيم بقدميك وستندم فيما بعد , وما كنت سأفوتها على صهيب لو كان مناسبا , وداعا

الآن فلا نفع من هذه المكالمة "

أديم الغبي لقد ضيعها منه سوف أتصل بجبير لأعرض عليه هذه الماسة

أُديم تحولت إقامتي من شقتي لمنزلي وليان ومن قضاء الإجازات مع عائلتي لقضائها معها

اشتريت لنا تلفازا نقضي عليه بعض وقتنا رغم إصرار ليان أن أعود لعملي الإضافي

الذي كنت أعمله وأن أعود لحياتي الطبيعية ولكني ما كنت لأطمئن لذلك وأكون هناك

وبالي معها هنا , لقد حكيت لصديقي خيري عنها في حال أصابني أي مكروه خصوصا

بعد وفاة عمها الذي كان وحده من يعلم بالأمر كنت أقضي الساعات الطوال جالسا

بمنزلنا وهي في حضني تتحدث أحيانا كثيرة معي وكأنني أسمعها رغم أني كنت أسمعها

فعلا وأستمتع بحديثها وهذيانها كالأم وهي تستمع لثرثرة صغيرها الغير مرتبطة ببعضها

بحب وسرور وكأنه لم يتحدث شخصٌ قبله, أنا أفهمها فهي تعاني الوحدة بعد وفاة عمها

الذي كان الشخص الوحيد الذي تتحدث معه كنت أحتضنها بحب وأقبل رأسها كل حين

وأحيانا لأغامر وجهي فيه لأكتم ضحكتي عندما تقول شيئا مضحكا وحتى مشاعرها

اتجاهي كانت تبوح لي بها دائما وهي تنام على صدري عوضا عن الحبر على بياض

الورق وكأنها اختارت نقشها هنا على ضلوعي لتعيش للأبد بدلا من أن تُرمى مع بقايا

الأوراق والدفاتر رغم أن ليان لا ترمي منها شيئا وتحافظ عليهم وكأنهم أحد كنوزها حتى

أنها يوما أحضرتهم لي لنقوم بقراءتهم ونسترجع كل ما كتبنا وضحكنا كثيرا على بعض

الكلمات

ما تزال ليان في شهور حملها الأولى ولكن بطنها بدأ بالانتفاخ قليلا إنها ابنتي تخترق صغر

حجمها لتكبر كالزهرة رويدا رويدا كنت أجلس محتضننا لها كعادتي نشاهد التلفاز عندما جلست

ليان وكتبت لي

( ابنتك تريد عنبا أسودا )

ضحكت وكتبت لها ( ألم يكفيها الأخضر )

ابتسمت وأومأت برأسها نفيا فوقفت لأغادر وأجلبه فوقفت معي وأمسكت بيدي وابتسمت

آه الخبيثة تريد الخروج معي إذا

كتبت لها ( هل ابنتي تريد العنب أم أن والدتها تريد الخروج )

ابتسمت وأخذت الدفتر وكتبت ( بلى هي تريد العنب وأنا أريد الخروج )

أشرت لها بأصبعي على وجهها بمعنى أرتدي حجابك فانطلقت مسرعة وارتدت

عباءتها وحجابها وخرجنا معا ولففت بها الأماكن على قدمينا حتى أنهكها التعب

وأصبحت تترجاني لنعود وكانت أيامي تمضي معها هكذا حتى ذاك اليوم الذي

اتصلت بي وأنا في الشركة فقفزت كالمجنون لعلمي أن اتصالها لن يكون إلا

لأمر طارئ فهكذا اتفقنا وعندما وصلت للمنزل وجدت بعض الرجال في الخارج

اقتربت فكان صوت صراخ ليان يخرج من المنزل تستنجد بالناس عدت لسيارتي

أخذت مسدسي الخاص ركضت باتجاههم فكانوا يصرخون ويتناقشون لكسر الباب

يا لهم من حمقى وما ينتظروا فصرخت بهم قائلا

" ابتعدوا إنه منزلي وزوجتي في الداخل "

ابتعَدوا عن الباب ففتحته ودخلت ولم أرى شيئا أمامي سوى الظلام والحقد والغضب

وأنا أرى شاهد يصفع ليان على وجهها بعدما أخرجها من الغرفة التي يبدوا لي أنها

كانت مختبئة فيها فرفعت مسدسي ورميته بالرصاص

كانت ذاتها اللحظة التي دخلت فيها الشرطة ويبدوا أن من كانوا في الخارج هم من

أبلغوهم وذاتها اللحظة التي سقطت فيها ليان مغشيا عليها ركضت ناحيتها حضنتها وقلت

" ليان ما بك حبيبتي استيقظي أرجوك هيا استيقظي "

أمسك بي الشرطي بعدما أخذوا المسدس مني ووضعوه في كيس بلاستيكي وبدئوا

بسحبي وأنا اصرخ بهم

" اتركوني اطمئن على زوجتي أولا فليس لديها أحد أتركوني "

ولكن ما من فائدة ولا من مجيب سحبوني وأنا أناديها وهي كالجثة الهامدة لا أعرف

إن كانت على قيد الحياة أم لا وما هي إلا لحظات حتى كنت في سيارة الشرطة ثم في

مركزهم ثم في الزنزانة وها هي جرتني الأحداث لأكون ما كنت عليه الآن

بعد يوم كامل لم يروني فيه ولا يتفقدوني وكأني نسيا منسيا أجلس على الأرض بين

اللصوص والمجرمين أخرجوني للتحقيق فطلبت منهم الاتصال بشقيقي غيث وبالمحامي

عارف اللذان وصلا في وقت قياسي جدا وما أن دخلا حتى أمسكت بغيث من يديه وقلت

" أخرجاني من هنا يا غيث "

قال بأسى " ما الذي دفعك لذلك يا أديم لما فعلت ما فعلت "

طلب المحامي الاستفراد بي لأني موكله فوافقوا وجلسنا ثلاثتنا فقال

" أحكي لي ما حدث يا أديم لنرى ما سنفعل "

نظرت لهما وقلت " ليان إنها هناك ولا أحد لها إنها حامل ومغمى عليها إنها .... "

ثم أمست براسي وقلت " آه ما حل بها يا ترى "

قال غيث بصدمة " من ليان هذه "

قلت بحزن " زوجتي وتحمل طفلي لم يتركوني أطمئن عليها لا أعلم إن كانت حية أم ميتة "

زادت الصدمة على ملامحه حتى كاد تنفسه يتوقف وقال

" ماذا ... زوجتك ولكن كيف ومتى "

تنهدت وقلت " تلك قصة طويلة "

قال عارف " وما علاقتها بما حدث "

قلت بغيض " النجس الحقير لقد هجم عليها وأنا غير موجود ولم تكن الأولى فقتلته "

قال عارف بعد صمت " وهل هناك شهود غيرها على ما حدث "

قلت " وجدت بعض الرجال خارج المنزل وهم من استدعوا الشرطة "

قال بهدوء " جيد فلدينا زوجتك والشهود قد يكونوا من الجيران والمسدس مرخص قد

يساعدنا ذلك هل زواجك بها شرعي وموثق "

قلت " نعم شرعي وفي المحكمة أيضا "

قال " جيد وماذا عن المرة الأخرى التي تهجم فيها عليها هل من شاهد "

قلت بألم " لا أحد غير عمها الضرير وقد توفي منذ شهور قليلة "

قال غيث بضيق " وما الذي دفعك للزواج في السر يا أديم لماذا "

تنهدت وقلت " أخبرتك أنها قصة طويلة وأحداث متعاقبة وما حدث قد حدث "

هز رأسه وقال " لا أصدق ما يجري وكأنني في حلم كيف لأخي أن يقتل رجلا "

قلت بغضب " لو كنت مكاني ما فعلت وأنت تصل منزلك لتسمع صراخ زوجتك من هي

قطعة من قلبك وتحمل طفلك تستنجد بالناس وتصرخ ثم تدخل لتجد دنيئا حقيرا سخر منك

ودخل منزلك في غيابك وتهجم عليها ماذا ستفعل "

قال " علينا البحث عنها وأخذها أعطني العنوان يا أديم "

قلت باستغراب " ألن أخرج من هنا "

قال عارف " ليس الأمر كما تتصور يا أديم سيحتاج لوقت سينهون التحقيق ثم يحولون

القضية للمحكمة وعلينا فتح ملف لها وجمع الشهود والمعلومات والتحدث مع أهل المقتول

أيضا الضابط المسئول هنا يشتكي منه الجميع ولن تنفع الوساطة لإخراجك حتى ننقلك

للعاصمة لصدور الحكم لقد حاولنا كثيرا "

أمسكت به وقلت

" ولكنه المذنب هوا من فعل ما فعل كيف سأبقى هنا أنت لم ترى المكان كيف يبدوا "

قال غيث بجدية " كن قويا يا أديم سينتهي كل شيء قريبا وسنفعل ما في وسعنا "

مسحت قفا عنقي بيدي وقلت

" غيث أذهب لها وخذها من هناك ولكن لا تخبرها عني شيئا ولا أي شيء "

قال بحيرة " لم أفهم ما تعني "

قلت بجدية " هي لا تعلم من أكون ومن أين أتيت أخبرها أنك شقيقي فقط ولا تأخذها

للقصر حتى أتحدث معها حسننا عدني بذلك يا غيث "

تنهد وقال " أنا حقا في شيء لا يشبه الواقع أبدا "

غادرا بعد حين وأعادوني لتلك الزنزانة المقرفة أنا أديم أكون هنا هذا ما لم أتخيله أبد كي

لا أتمناه , وفي اليوم التالي عاد غيث لزيارتي جلست وقلت باندفاع

" هل هي بخير هل جنينها بخير أخبرني يا غيث "

نظر لي نظرة غريبة في صمت تام وكأنه يقول لي مت يا أديم مت شيئا فشيئا

⚘⚘⚘الجزء السادس والعشرون⚘⚘⚘

أديم كل ما حدث كان كالكابوس وها قد سحبني ذاك العالم لحيت أنا الآن لا بل يبدوا أنه سرق

مني ليان أيضا كما أهداها لي نظرت لغيث نظرة خوف وتوجس وحيرة بقدر ما تمنيته

أن يتكلم تمنيت أن لا يقول شيئا فهل كان سؤالي يحتاج منه كل هذا الجهد لإخراج الجواب

جمعت شتاتي وقلت " قل شيئا يا غيث لا تقتلني بصمتك أرجوك "

تنهد وقال " لم أجدها هناك لقد اختفت "

قلت بصدمة " اختفت ولكن كيف "

قال بهدوء " هذا ما حدث يا أديم وحتى من كانوا هناك قالوا أنها غادرت سيرا على

قدميها ولم تتحدث مع أحد "

قلت باندفاع " ولكن ليس لها أحد غيري لا أحد "

ثم قلت " أشقائها أو شروق وحدهم من تعرفهم ليان أذهب للسؤال عنها هناك "

قال " حسننا أعطني عناوينهم وسأذهب فورا وسأتردد على المنزل دائما فقد تعود إليه "

قلت " عد لأخباري اليوم يا غيث أرجوك "

قال بقلة حيلة " لا أستطيع فالزيارات ممنوعة وعارف وصديقك فعلا كل ما بوسعهم ليسمحوا

لي برؤيتك وهذا الضابط متعب جدا ولم تجدي حتى الأوامر التي جاءته من مركز العاصمة "

تنهدت وقلت " لا تتأخر عني إذا "

قال بعد صمت " خلال الأيام القادمة سينقلونك لسجن العاصمة "

قلت بصدمة " سجن العاصمة .... هل صرت مجرما حقيقيا هل سيعلم الجميع بما حدث "

ربت على كتفي وقال " لا تخف يا أديم إن صرت هناك أخرجناك على الفور حتى صدور

الحكم وكثر مروا بنفس القضية وخرجوا منها ووالد رنيم أحدهم كما تعلم "

قلت بأسى " بعد كم من السنين سيكون ذلك "

قال " لن يكون سنينا أبد اطمئن فأنت تعرف المحامي عارف جيدا وسنحاول التفاوض مع أهله "

قلت بيأس " لابد أنها نهايتي هناك في السجن هذا ما أراده والدي لنا "

قال بغيض " بما تهدي يا أديم فوالدي لم يطلب منك قتله إنها مشيئة الله يا رجل "

قلت بحرقة " بلى هوا من أدخلني هذا العالم الغريب عني وأقحمني فيه هوا من وضع ليان في طريقي "

وقف وقال " لا تدع الشيطان يستغل ضعفك الآن يا أديم وأخبرتك أن الأمور تجري

لصالحنا فقد وجدنا كل من كانوا موجودين يوم الحادث وسيشهدون لصالحك "

ثم غادر وتركني كالغريق الذي مدوا له بعصا وأمسك بها فلا هم رفعوه وأخرجوه

ولا هم تركوه يغرق فبقي يعيش على الأمل الكاذب

بعد يومين عاد غيث ليزيد ناري اشتعالا وهوا يخبرني أن ليان غير موجودة عند أخوتها

وأنهم لم يروها منذ تزوجت وشروق قد رحلت من المدينة قبل الحادث وحتى هاتف ليان

وجده محطما في المنزل ولم تأخذه معها ولم تعد حتى الآن أخبرته أن يُبقي البيت مستأجرا

ومفتوحاً أيضا ويترك لها رسالة تجدها حين تأتي فلا مكان لليان غيره فقد سأل عنها حتى

في الحي الذي كانت تسكنه وذهب لبيتها القديم ووجده قد تم بيعه ولم يرى ساكني المنزل

الجدد أي واحدة بمواصفاتها

أين ذهبتِ وتركتني يا ليان وكيف فعلتي ذلك بي , ترى ما جرى لك وأين أنتي الآن فحتى

المستشفيات جابها غيث وسأل عنها وبلا فائدة

حور كان ينقصني من الحنين إليه أن تكون شقيقته التي تشبهه في كل ملامحه أمامي كل حين

ليزداد الحديث عنه والشوق إليه , حتى أنه يتناول أغلب وجبات الغداء والعشاء هنا ليكون

معها بجناحها ولا تأكل وحيدة هي لا تتوقف عن الحديث عنه وعن ما يعني لها ولعائلتها

وكأن أحدهم أخبرها أن هناك شخص هنا يموت شوقا إليه فلا تدعيه ينساه وزيدي شوقه

شوقا , لقد طلب مني زبير أن أكون معها في وجبات الطعام التي تكون فيها وحيدة فقررنا

أنا وهي اليوم أن يكون غدائنا مميزا فطهوناه بطريقة مختلفة وأعددنا الأطباق وكأننا في

مطعم فخم جدا ومرحنا كثيرا في إعداده وجلست معها في جناحها لنتناوله وما أن بدأنا حتى

انفتح الباب ودخل من لم أتمنى دخوله اقترب منا وقال بهدوء وابتسامة وهوا ينظر لجود

" ما كل هذا هل تحتفلين بعدم وجودي معك اليوم "

قالت بذات الابتسامة " بل أرفه عن نفسي لأنسى غيابك عن طاولتي "

نظرت لها بضيق وقلت " تقولينها في وجهي يا جود "

ضحكت وقالت " لا لا لم أقصد ذلك , آه ياله من مأزق "

وقفت وقلت مبتسمة " استأذن منكما فخدا راحتكما في الطعام "

قال بحر معترضا " لا فأنتم من جهز كل هذا إن خرجتِ فلن آكل "

قالت جود برجاء " ابقي برفقتنا يا حور رجاءً "

آه منك يا جود ومن شقيقك هل تعلمين ما صنعتي بي , جيد أن زبير غير موجود على

الغداء اليوم كي لا يسألني سؤال ليس له جواب لدي , جلسنا ثلاثتنا نتناول وجبة الغداء

في صمت حين كسرت جود ذلك الصمت بحجارة كلماتها وقالت

" حور هل درستِ بالجامعة هنا هل هي كالتي هناك أنا لم أرهما يوما "

قلت بعد صمت " درست ثلاث سنين هناك وواحدة هنا "

قالت مباشرة " وأيهما كانت الأفضل "

قلت بحزن " المكان لا يحدد جمال الأيام التي تقضينها فيه بل هم الأشخاص والأشياء

الجميلة التي تعيشيها هناك تجعله جميلا أو سيئا "

قالت بهدوء " إذا لابد وأن ثمة سنة كانت أجمل "

ابتسمت بحزن وقلت " نعم كانت تلك التي تحولت بعدها جميع السنين لخراب وجميع الأماكن

لمنفى للذكريات كانت واحدة جميلة وأخرى تعيسة حد التعاسة واثنتين لم يساويا عندي شيئا "

قال بحر بصوته الهادئ " هناك من لازال يزور خراب الذكريات ذاك حتى اليوم لعلها

السنين تعود ليتغير فيها الكثير "

قلت بحزن كادت تتفجر معه عيناي دموعا

" لا شيء تعيده الذكريات وأماكنها إلا الوجع والحنين "

قال بألم " والكثير من الندم أيضا "

قالت جود بحيرة " فيما تتحدثان أنا لا أفهم شيئا "

وقف بحر وقال " فيما تحدثتِ أنتي فيه لكن يبدوا أنك شاردة الذهن اليوم "

ثم غادر وقالت لي " هلا شرحتِ لي شيئا "

ابتسمت ابتسامة تعصرني ألما وأحاربها جاهدة لتكون طبيعية وقلت

" عن الدراسة والسنين لا شيء مهم "

انهينا طعامنا الذي لم أتذوق منه طعما ولم أرى له شكلا غير أشياء تدخل جوفي

وتسافر فيه خرجت وصادفت زبير داخلا فقال " حور ما بك تبدي متعبة "

قلت " لا شيء ألم تعدني أن تأخذني اليوم لمنزل عمي "

قال مبتسما " وأنا عند الوعد هيا جهزي نفسك "

رنيم لقد سافرت منذ فترة برفقة غيث ووقعنا ورقة التعاهد التي سوف تحميني منهم مدى

الحياة لقد كان من أهم الإحداث في حياتي وأخيرا انزاح الهم الذي عاش معي منذ

صغري وعشت في رعب وخوف دائمين بسببه , لم أرى أدهم الذي اختفى منذ

وصولي هناك وقمت بزيارة والدتي أيضا لقد صنع لي غيث معروفا لن أنساه أبدا

بدأت أحاول تقليص المسافة قدر الإمكان رغم علمي بمشاعر غيث اتجاهي وأصبح

الحديث بيننا يأخذ مناحي أخرى ولكن لن يتغير شيء مادام غيث لا يسمح لي بالخروج

أو اقتناء هاتفا خاص بي لقد تغيرت نظرتي للأمر قليلا وصرت أعذر تصرفاته

" رنيم لحظة من فضلك "

التفتت لمصدر الصوت فكان غيث ويبدوا على وجهه بعض التعب والشحوب

وقفت وقلت " عن إذنك يا جود قليلا "

قالت بابتسامة " خدي راحتك يا رنيم "

سار وسرت خلفه ولا أشعر بالاطمئنان أبدا فهوا خرج من العصمة منذ يومين

واتصل وقال أنه لن يعود مبكرا وقفنا في طرف الحديقة تنهد بضيق فقلت

" غيث ما بك يبدوا لي أمراً سيئا قد حدث "

مرر أصابعه في شعره الأسود الكثيف وقال " أديم في السجن "

شهقت ووضعت يدي على فمي ثم قلت " ماذا حدث "

تنهد بضيق وقال " قتل رجلا في الجنوب "

أحسست بالأرض تدور من تحتي وأنني أفقد توازني فأمسكني وقال

" رنيم ما بك أردتك أن تسانديني لا أن أساندك "

وقفت على طولي وقلت " يا إلهي ما هذه المصيبة يا غيث هل أخبرت خالتي "

قال بضيق " لا لذلك أردت الحديث معك علينا أن نرى كيف سنخبرها "

قلت " ولما فعل ذلك "

قال " دفاع عن العرض "

قلت بحيرة " عن عرض من "

قال بعد صمت " زوجته "

كادت عيناي تخرج من الصدمة وقلت بنفس متقطع

" غيث أرحمني أنت تعلم أني متعبة من الحمل خفف الصفعات عني "

أشاح بوجهه وقال بضيق " مع من سأتحدث إذا مع زوجة زبير أم مع شقيقة بحر "

أمسكت يده بكلى يداي وقلت بحنان

" أنا آسفة لم أقصد ذلك ولكن الخبرين مفجعان وغير متوقعان "

تنهد وقال " علينا أن نجد طريقة لنخبر والدته "

قلت بحزن " من علم من إخوتك "

قال " لا أحد حتى الآن لا أعلم ما سأفعل وعليا العودة إليه والبحث عن زوجته

التي اختفت منذ يوم الحادث "

قلت وأنا أمسح بيدي على ظهره وكتفه " عليك أخبارهم لمساندتك لا تحمل

كل هذا لوحدك يا غيث فستشعر بالراحة لوجودهم بقربك "

قال " شكرا لك يا رنيم جدي لنا حلا لنخبرها أرجوك "

قلت بهدوء " اترك الأمر لي فقط كن قريبا تحسبا لأي طارئ "

قال في حيرة " أخاف من وقع الخبر عليها قد نخسرها بسبب ذلك "

قلت " لما لا تخفوا الأمر عنها إذا حتى تجدوا حلا للقضية "

تنهد وقال " لن يجدي ذلك وستعلم إن منا أو من غيرنا "

قلت بهدوء " زبير موجود هنا يمكنك المغادرة الآن وسأطلب منه أن لا يخرج في

حال احتجناه وما أن تغادر ضيفة خالتي سأتحدث معها بطريقتي "

وضع يده على كتفي وقال " اتصلي بي لو حدث أي شيء حسننا وأنا سأذهب للشركة

وعليا زيارة المحامي والتحدث مع بحر وصهيب أيضا إن اطر الأمر "

أمسكت يده بقوة وقلت " أعانك الله يا غيث كن قويا كما عرفتك دائما "

قبلني على خدي وغادر في صمت سرت بخطوات ثقيلة كأن ساقاي مقيدة بالسلاسل

وصلت عند جود ولاحظت خروج ضيفة خالتي فقلت لها

" جود هلا أسديتِ لي معروفا "

قالت بحيرة " ما بك يا رنيم تبدين لي شاحبة جدا هل قال لك غيث شيئا "

تنهدت وقلت " سنتحدث فيما بعد قومي الآن فقط بالبحث عن زبير وأخبريه أن لا يخرج من

القصر ولا من مكانه حتى أطلب منه ذلك والحقي بي عند خالتي فساقاي بالكاد تحملانني "

وقفت جود وغادرت من فورها وتوجهتُ أنا حيث كانت خالتي دخلت فنظرت لي بابتسامة وقالت

" مرحبا برنيم يبدوا لي أن حملك أصبح متعبا لك جدا "

جلست بجانبها وقلت " لي صديقة لديها مشكلة هي من تتعبني "

قالت بتوجس " خيرا يا رنيم ماذا حدث "

تنهدت وقلت " ابنها مسجون في قضية قتل لكن خروجه منها يبدوا قريبا "

قالت بحنان " حمدا لله فهوا على الأقل سيخرج منها سالما ولتحمد الله أنه لم

يمت فالموتى وحدهم من لا يعودون "

قلت لها بهدوء " لو خيروك بين موت أحد أبناءك لا قدر الله أو سجنه ما كنتي ستختارين "

قالت " لا أتمنى كليهما لأبنائي ولكن قضاء الله لا راد له وسجنه عشرين عاما ويعود إلي

أرحم عندي من موته "

أمسكت يدها وقلت " خالتي أنت هي صديقتي وأديم هوا أبنها "

شهقت بقوة ووقفت على طولها فوقفت معها وقلت

" خالتي أذكري الله واحمديه أنه لم يمت وقضيته سيخرج منها قريبا "

قالت والدموع بدأت تنزل من عينيها

" حمدا لك يا رب على كل حال وويل قلبي عليك يا بني "

أجلستها وأعطيتها كوب ماء وقلت

" كوني قوية يا خالتي من أجل أبنائك أرجوك وسيعود لك قريبا إن شاء الله "

قالت بحزن " من قتل ولما وكيف "

قلت بهدوء وأنا أحتضن كتفيها " دعي غيث يحكي لك فهوا من يعلم كل شيء فقط

أعلمي أنه ليس ظالما في قتله له والقانون يقف في صفه "

تنهدت وقالت " علمت أن كثرة غيابه لم تكن أمرا طبيعيا فلم نره منذ شهور , كله من

وصيتك يا شامخ انظر ما فعلت بابني "

قلت وأنا أربت عل كتفها " قدر الله وما شاء فعل يا خالتي لا تستمعي لكلام نفسك والشيطان "

قالت بهمس " استغفر الله استغفر الله "

قلت بحنان " هل تشعرين بشيء يا خالتي "

قالت بتعب " لا , أحظري لي عسلا فقط "

نهضت من فوري توجهت للمطبخ فدخل زبير وقال بانفعال

" ماذا هناك يا رنيم ماذا حدث "

تنهدت وقلت " أديم في السجن وكان عليا أخبار خالتي وأردتك أن تبقى

هنا في حال حدث لها مكروه "

قال بصدمة " في السجن لماذا "

قلت مغادرة " تكلم مع غيث وافهم منه , عليا العودة لها حالا وعدم

تركها ولا تخرج من القصر رجاء يا زبير "

عدت لها فكانت تمسك رأسها بيديها ناولتها ملعقة من العسل وأخذتها لغرفتها

لترتاح هناك بعد عناد طويل منها وبقيت ممسكة بيدها أحاول تثبيتها بكلماتي

وأقرأ على مسمعها آيات من القرآن ثم اتصل غيث بهاتفها أجبت فجاء صوته

مباشرة قائلا " ماذا حدث معك يا رنيم "

قلت بهمس " كل الأمور بخير وهي ستنام الآن "

قال " ما كان ردة فعلها هل تعبت "

قلت بذات الهمس " لا والحمد لله لقد بسطت لها الأمر "

قال " هل أخبرتها بكل شيء "

قلت " أخبرتها أنه في السجن وأنه قتل شخصا ولم أخبرها عن السبب أو زوجته "

تنهد وقال " لقد أزحتِ عن عاتقي حملا ثقيلا يا رنيم "

قلت بهدوء " وما نفعي إن لم تجدني لمثل هذا الوقت سأكون بجانبها وإن حدث شيء

سأتصل بك فكن مطمئنا "

قال " حسننا أنا أعتمد عليك فلا تتركيها أبدا حتى أعود للتحدث معها "

قلت بهدوء " حسننا وداعا الآن "

قال بهدوء " وداعا وشكرا لك "

لازمت خالتي طوال الوقت وزبير كان يطمئن عليها كل حين وجود المسكينة هي

من قامت بتحضير العشاء لوحدها فحور في بيت عمها منذ الظهيرة , كانت خالتي

تلح عليا طوال الوقت لتتحدث مع غيث ولكني كنت أمانع ذلك فيكفيه ما هوا فيه الآن

وبعد أن أتعبتني معها خرجت واتصلت به فقال بتوجس

" ما بك يا رنيم هل من مكروه "

قلت مطمئنة " لا كل شيء على ما يرام فقط هي خالتي حاولت معها جهدي ولكنها تصر

على الحديث معك أعلم أنك مشغول الآن ولكن عليك طمأنتها بنفسك لتصدق "

قال " هل أنتي بجانبها الآن "

قلت " لا لقد خرجت لأكلمك وحدي وفي حال رفضت لن تصر علي لتأخذ مني الهاتف "

قال بهدوء " حسننا دعيني أكلمها "

جود

لا تقلقوا فلن أنسى أن أحكي لكم ما حدث طلبت مني رنيم أن ابحث عن زبير

فجلت القصر كثيرا ثم وجدته نازلا من السلالم فقلت له بحياء

" زبير "

وقف ونظر لي مطولا ثم قال " نعم يا جود هل من مكروه "

قلت وعينيا أرضا

" أوصتني رنيم أن أبحث عنك وأخبرك أن لا تخرج من القصر وتكون قريبا "

قال بحيرة " لماذا ما الذي حدث "

نظرت له ثم أخفضت عينيا مجددا وقلت

" لا أعلم لقد ناداها زوجها وتحدثا ثم طلبت مني أن أخبرك بذلك "

قال بتوجس " ماذا قال لها وماذا قالت لك "

رفعت كتفاي وقلت " لا أعلم ولكنها لم تكن بخير "

قال بحيرة " وأين هي الآن "

قلت " مع والدتك "

قال " أين "

قلت " لا أعلم "

قال بضيق " لا أعلم لا أعلم ألا يوجد لديك شيئا غيرها "

قلت ودموعي بدأت بالنزول

" لأنني حقيقتا لا علم لي ولا يحق لي أن أتدخل فيما لا يعنيني "

وغادرت راكضة نزولا وتوجهت لجناحي الحالي دخلت إلى هناك وارتميت على

السرير وبكيت كثيرا ولم أخرج يومها إلا وقت تخضير العشاء فلا أحد غيري رنيم

مع والدة بحر ولا أعلم لما ولم اسأل وحور غير موجودة

بعد لحظات دخل المدعو زبير كان يتحدث عبر الهاتف مع أحدهم وما فهمت من

الأمر أن أحد أخوته يواجه مشكلة خطيرة خفت جدا وخشيت أن يكون بحر ولكني

لن أساله أبدا هذا الفض قليل الدوق

أنهى مكالمته ثم اتصل بزوجته وأخبرها أنه لن يذهب اليوم لإرجاعها ثم اتصل

ببحر فحمدت الله أنه بخير ولكن انشغل بالي على شقيق بحر كان من يكون

ألم يجد هذا مكانا غير المطبخ ليتحدث فيه , ثم أخد قارورة ماء وغادر ولم يعتذر

حتى عن فظاظته معي لابد وأنه يرى أني أنا المخطئة في حقه

وعند العشاء لم تجلس لا رنيم ولا الخالة لتناول العشاء فقد رفضتا ذلك وضعت عشاء

زبير على الطاولة وغادرت لجناحي فليأكل أو ليمت جوعا فلن أخبره عنه

ميس غادرنا صباح اليوم متوجهان لمنزل السيد جيمس هوا ضابط شرطة وقد اتفق معنا على

أن نزوره باكرا قبل ذهابه لعمله وخلال الطريق كان صهيب يتحدث عبر الهاتف مطولا

لقد أتته مجموعة من الاتصالات كان غاضبا ويتحدث معهم بحدة وغضب يبدوا لي مختلفا

جدا ويبدوا أنه كان صادقا عندما قال أنني لم أرى وجهه الحقيقي بعد

صرخ بالرجل كثيرا ثم رمى بالهاتف وقال

" عديمو النفع وكأنني أشرح للجدار "

نظرت له باستغراب فنظر لي وقال بضيق " هل ترينني للمرة الأولى "

قلت بعد صمت " نعم بكل تأكيد "

تنهد بضيق وقال " أنظري إذا لنظرة الناس لك "

قلت بصدمة " لي أنا "

قال " نعم فهل تعلمين ما قال أخي يوم لقائك بأعمامي قال لي إنها تشبهك تماما "

قلت بصدمة " حقا قال ذلك "

ثم ابتسمت وقلت " تبدوا لي رائعا وجذابا وأسلوبك راقي جدا ومميز "

ضحك وقال " هل تغيرت نظرتك لي الآن يالك من محتالة "

وصلنا حينها فنزلت وأنا أقول

" لا لم يتغير رأيي بك ولكن الصفات التي تشبهني فيها رائعة جدا "

أغلق باب السيارة وقال " إذا لما لا تتزوجين بي "

قلت وأنا أتوجه للمنزل " لأني لا أريد زوجا رائعا أريد واحدا سيئا جدا "

ضحك وقال وهوا يتبعني " آه شكرا هل ترينني رائعا "

وقفت واستدرت نحوه وقلت بحدة " صهيب لننهي الأمر "

قال بابتسامة " أوامرك سيدتي فقد قلتي شيئا سحريا "

هززت رأسي بيأس وقلت " لو أفهم ألألغاز التي تقولها فقط "

قال ونحن نقف أمام الباب " أخبرتك سابقا لن تفهمي ولن تهتمي "

استقبلنا السيد جيمس بالترحيب فهوا كان أحد أصدقاء والدي المقربين وبعد وفاته لم ينقطع

عن السؤال عنا , دخلنا ثلاثتنا لمكتبه الخاص جلست وصهيب مقابلين له فقال

" نعم يا ميس عما تريدي التحدث معي في موضوع والدك "

قلت بهدوء " كل ما تعرفه عن قضية سجنه والقضية الأخرى في دولته "

وقف وجلب ملفا بحث عنه لبعض الوقت ثم عاد للجلوس وقلب الورق كثيرا ثم قال

" لقد أتهم والدك باختلاس أموال من من شركة تأمين عمل بها هنا وكانت القضية كبيرة

جدا وملفقة أيضا حكم عليه بالسجن خلالها عشرون عاما لتظهر براءته بعد أربعة سنين

على يد محامي أسمه جورج جيلاس وخرج من السجن بعدها وأعاقت يد خفية كل تحركاته

للحصول على فرصة عمل جيدة من جديد للعمل بالشركات مما أطره للعمل بعيدا عن شهادته

وتخصصه أما القضية الأخرى فلم يكن يتحدث عنها مطلقا وأعتقد أن المتسبب فيهما واحد "

قلت باستفسار " ومن وراء ذلك "

هز رأسه نفيا وقال " لا أعلم "

قال صهيب " وكيف أثبت المحامي براءته أي من كان المذنب الحقيقي لابد وأنه يعلم "

قال وعيناه على الملف " المحامي أيضا كان من طرف شخص مجهول عني ويبدوا لي أن

السيد نبيل كان يعرف من يكون ذاك الشخص جيدا وباقي تفاصيل القضية قد ينفعكم هوا بها "

قال صهيب " هل يعيش هنا في دبلن "

قال " أجل أعتقد ذلك سأجلب لكم المعلومات عنه فانتظرا حتى الغد فقط "

وقفت ووقف صهيب بعدي مباشرة فقال السيد جيمس

" هل أنفعكما بشيء آخر إن احتجتما شيئا فأعلماني "

قال صهيب مصافحا له " شكرا جزيلا لك سأكون عندك في الغد من أجل المعلومات "

نظر لصهيب باستغراب ويده لا تزال تصافحه وقال

" هل تقرب للسيد نبيل أيها الشاب "

قال صهيب " أجل أنا ابن شقيقه شامخ "

قال بابتسامة " حقا هل أنت ابن شامخ "

قال بذات الابتسامة " نعم وهل تعرف والدي "

قال جيمس " نعم فأنا من أخبره عن وفاة نبيل لأنه هوا من طلب مني ذلك وقد اتصل بي

قبل عامين أيضا وهوا يحاول البحث عن عائلته فكيف هوا الآن لقد كان متعبا قليلا "

قال صهيب بحزن " لقد توفي منذ العامين ذاتهما قبل أن يوفق في الوصول إلى هنا "

قال بحزن " ليرحمه الرب هوا الشخص الوحيد الذي حكا لي عنه نبيل لقد كان يحبه على ما يبدوا "

قال صهيب " وكيف علمت أنني أقربه "

قال جيمس بابتسامة " من طريقة مصافحتك لي إنها واحدة نبيل وشامخ وأنت الآن "

نظرت باستغراب فأنا لم ألحظ ذلك أبدا وقلت بابتسامة

" يفترض بهم أن يجعلوك محققا وليس ضابطا "

ضحك وقال " بعد كل هذا العمر يا صغيرة , المحققين عملهم يحتاج لعقل لازال صغيرا "

صافحته وشكرته ثم غادرنا عائدين للمنزل وفي الطريق نظر لي صهيب وقال

" يوجد هنا شارع يسمى بشارع قرانفتون إنه من الشوارع الأشهر بأوروبا وبه

محلات راقية جدا ما رأيك أن نقوم بالتجول فيه ونشتري بعض الأغراض "

نظرت للنافذة وقلت " لا أريد "

تنهد وقال بضيق " ألا يوجد لديك جملة غيرها أبدا "

قلت ببرود " بلى لدي "

قال بذات الضيق " إذا غيريها بها من فضلك "

نظرت له وقلت " أخرج من حياتي "

ضحك وقال " لا لا أتركي الأولى أفضل "

نظرت للأسفل وقلت بصوت هادئ يشبه الهمس " صهيب "

نظر لي مطولا وقال بهدوء " نعم يا ميس "

طال صمتي فقال " ما بك يا ميس هل كنت تنوين قول شيء "

نظرت للنافدة وقلت " لا لاشيء "

قال بعد صمت " ميس "

نظرت له وقلت " نعم "
قال مبتسما " لا شيء " ثم ضحك

ضربته بحقيبتي على كتفه وقلت " تبا لك هل تحسبني طفلة لتعاملني هكذا "

قال من بين ضحكاته " بلى فأنتي تتصرفين كالأطفال "

نظرت جهة النافذة وقلت بضيق " يا لك من عديم ذوق هل تقول هكذا لفتاة "

قال مبتسما " وهل يوجد من هم أجمل وألطف من الأطفال فالجميع يحبونهم "

عدت للصمت وأكملنا طريقنا عليه , ترى لما يعاملني عكس طبعه لا يحبني بالتأكيد ولن

أصدق ذلك أبدا , نظرت له وقلت

" هل الشفقة علي ما يجعلك تعاملني بلين عكس طبعك "

قال بهدوء " لا قطعا "

قلت " ولما إذا "

تم هددته بسبابتي وقلت

" لا تقل لن تفهمي ولن يهمك ذلك قم بتغيير هذه الجملة فهمت "

نظر لي ثم للطريق وقال " وهل ستفهمين حقا إن أخبرتك "

وصلنا حينها للمنزل فقلت وأنا افتح باب السيارة

" لا تقل لي ذلك كان ما سيكون فأنت مخادع ومحتال دائما ومراوغ فلن أصدقك "

قال بصوت مبتسم " تعرفين الجواب إذا وترفضين تصديقه "

نظرت له من النافذة وقلت " لأنك كاذب وليس لأني أرفض التصديق "

ثم غادرت ودخلت المنزل

يتبع .........??????
 
رد: أنا من خذلت نفسي

الجزء السابع والعشرون + الجزء الثامن والعشرون + الجزء التاسع والعشرون⚘

غيث ظننت أنني تقدمت خطوة للأمام في حل مشاكلي بعد أن تحسنت الأحوال بيني وبين

رنيم ولو بعض الشيء فلم نعد نتشاجر ولا نتحاشى الحديث مع بعض وقد أصبحت

أصارع نفسي حد الموت كي لا أشك أو أتهمها بشي

وبعد عناء كبير قلت مشاكلنا كثيرا ولكن ها قد ظهرت مشكلة جديدة أسوء من كل المشكلات

الماضية المحامي يطمئنني كثيرا ولكن لن يطمئن بالي قبل أن يخرج أديم من هناك فقد أصبح

شغلي الشاغل أخراجه وحركت كل نفوذنا وسيخرج قريبا ولكن زوجته لم تظهر حتى الآن

ولا أعلم ما سر اختفائها وأين ذهبت لقد حركت كل من في شركة الجنوب للبحث عنها ودون

جدوى حتى الآن

إن كانت ليست ميتة ولا في المستشفيات ولا أقسام الشرطة ولا مع من تعرفهم فأين تكون فلم

يبقى سوى أمر واحد وهوا أن تكون مختطفة وهذا ما لا أتمناه أبدا , أديم لا يتوقف عن السؤال

عنها ولا جواب لدي على ذلك , دخلت القصر مثقلا بالهموم كما خرجت منه فقابلتني والدتي قائلة

" ماذا حدث معك يا غيث فلم نرك منذ يومين "

قلت بتعب " كنت في الجنوب وعدت للتو أديم سيخرج قريبا اطمئني "

قالت بحزن " هل من أخبار عن زوجته "

قلت بهدوء " لا فلا جديد حتى الآن "

توجهت لغرفتي وارتميت على السرير دخلت رنيم وتوجهت نحوي جلست

بجانبي وقالت وهي تمسح على شعري

" حمدا لله على سلامتك تبدوا متعبا جدا هل وجدت شيئا "

قلت وأنا أمسك جبهتي بأصابعي " لا لم أجدها "

قالت بحزن " مسكينة تلك الفتاة أين تكون يا ترى "

ثم توجهت عند قدماي نزعت حدائي وجواربي وفتحت أزرار قميصي وقالت

" عليك أن ترتدي شيئا مريحا لتنام فيه "

جلبت لي ملابس النوم وساعدتني في ارتدائها جالسا بإصرار منها حتى أنها هي من

غطتني باللحاف وأغلقت الأنوار وقبلت جبيني وخرجت , آه كم كنت أحتاج

لكل هذا منك يا رنيم نمت مباشرة من شدة التعب ولساعات طويلة واستيقظت على

همس غير مفهوم ففتحت عيناي ووجدت رنيم تجلس بجانبي ابتسمت وقالت

" استيقظ يا غيث لقد أقترب وقت صلاة المغرب وأنت لم تصلي العصر حتى الآن "

جلست بصعوبة من التعب في عظامي فأنا لم أنم منذ أيام فأمسكت بيدي تسحبني قائلة

" هيا ولا تتكاسل فلا وقت أمامك "

ابتسمت وقلت " هل تختطفينني "

ضحكت وقالت

" وهل هناك من تختطف زوجها وهل تراني في وضع يساعد على اختطاف أحد "

وضعت يدي على بطنها وقلت " آسف يا بني فلم آخذك لصديقتك هذا الموعد "

وضعت يدها على يدي وقالت " إن كان يحبك فسيعذرك حتما "

نظرت لها وقلت " وماذا عن والدته "

شدت يدي وقالت بابتسامة

" يبدوا أنك تنوي الهروب من الصلاة تحرك بسرعة هيا "

جود رن هاتفي بين يداي نظرت لشاشته فوجدته ذاك الشاب أجبت فقال مباشرة

" إن لم اتصل أنا فلا تسألين أبدا "

قلت بابتسامة " يالك من محتال اتصلت بك كثيرا يومها ولم تجب لقد خفت أن مكروها أصابك "

قال بهدوء " اعذريني فلقد كنت منشغلا قليلا بمشاكلي التي لا تنتهي "

قلت " هل هي الوصية مجددا "

قال بضيق " وهل يوجد لدينا مصيبة غيرها تجلب كل المشاكل المتعددة "

قلت بحيرة " هل من جديد "

قال " هل سنقضي العمر نتحدث عن همومنا دعينا منها الآن وأخبريني متى

سأراك أكاد أجن يا قاسية "

ضحكت وقلت " فلأختبر حبك لي أكثر "

قال بعتب " كل هذا وتختبرينني حقا أنك بلا قلب "

قلت بهدوء " أنت من أجمل الأشياء في حياتي ولا أريد أن أخسرك حقا "

قال " وهل فيما طلبت ما يجعلك تخسرينني "

قلت بحزن " أنت رهن المجهول فما يجدي لقائنا قبل أن تتحرر من الوصية "

قال بضيق " الوصية الوصية ألا تنسينها مرة واحدة فقط وترحميني من الشوق لرؤيتك

يبدوا أنك أنتي لا تريدي ذلك "

قلت " بلى وبشدة وأتمنى أن ألمحك ولو من بعيد ولكن ليس الآن فظروفي لا تسمح بذلك أبدا "

تنهد وقال " أمري لله فقدري أن أحب فتاة قاسية "

ضحكت وقلت " وقدري أن أحب رجلا مسجون في قفص حديدي بلا باب لا أعلم إن

كان سيخرج منه يوما ويتحرر ويطير إليا أم لا , فلك أن تتخيل موقفي "

قال بجدية " سيطير تأكدي ولو كلف الأمر أن أفجره وأخسر كل شيء "

قلت بدهشة " وتصير إلى الشارع "

ضحك وقال " لا تخافي سنبني مستقبلنا شيئا فشيئا "

ضحكت وقلت " نعم فلن أخاف من شيء بقربك "

قال بهدوء " متى ذلك يا ترى متى أراك ولو للحظة "

تنهدت وقلت " لا أعلم قد يكون اليوم وقد يكون غدا وقد لا يكون أبدا "

قال بحدة " يا لك من متشائمة لما تقولين ذلك "

ضحكت وقلت " حسننا سيكون الآن ما رأيك "

قال " نعم هكذا أريدك فما يدريك قد نتقابل في الشارع بعد قليل ولا ندري "

قلت بابتسامة " لا أعتقد ذلك فأنا لن أخرج اليوم "

قال بضيق " عدنا للتشاؤم من جديد ألا توجد أشياء اسمها أمور طارئة تجعلك تخرجي "

ضحكت ثم قلت " أحدهم يطرق باب غرفتي أعذرني الآن , وداعا "

تنهد وقال بضيق " حسننا وداعا "

انفتح الباب فكان بحر هوا الطارق قال مبتسما " ظننتك نائمة جيد أنك لم تنامي بعد "

عدلت جلستي وقلت " وإن كنت نائمة فأيقظني , أين أنت يا بحر فلم أعد أراك "

جلس بجواري وقال " أنتي تعلمي ظروف عملي ومسألة أديم تشغل ألجميع "

قلت بحزن " أتمنى أن يفرج الله همه وهمكم هل من جديد في الأمر "

قال بهدوء " سيتم الإفراج عنه قريبا وقبل الحكم "

ابتسمت وقلت " حمدا لله إنه خبر سار حقا "

قال " لو كنتي تخرجين من الغرفة لسمعتي به ما بك تسجنين نفسك هنا "

قلت بعد صمت

" الكل مجتمعين هنا هذه الأيام وأعصابهم مشدودة لا أريد أن أزعج أحد "

قال بعد صمت " هنالك موضوع أردت التحدث معك فيه "

قلت بخوف " عسا أن يكون خيرا "

ابتسم وقال" لما خفتي هكذا خيرا بالتأكيد "

ابتسمت وقلت " والدي لم يترك لذلك مجالا أبدا "

قال مبتسما " لا حيلة لديه الآن بعد أن فقد الوصاية عليكما فأنتما الآن في نظر القانون

لستما ابنيه إلا بالاسم فقط وأنا وكيلكما في كل شيء "

ثم غير في جلسته وقال " أسمعي يا جود ثمة أمر تحدث فيه معي زبير بخصوصك والرأي

الأول والأخير لك طبعا وإياك أن تجبري نفسك على شيء من أجلي "

قلت بحيرة " زبير وموضوع يخصني , أنا لا أفهم شيئا "

قال بهدوء " لقد تحدث معي مند فترة عن صديق له يبحث عن زوجة ولديه شقيقان

يعيشان معه وهوا أختارك أنتي وعرض عليه الأمر فوافق لقد تحدث معي زبير

ولكن موضوع أديم أخر الحديث معك فيه أنا أخبرك لأخذ رأيك فكري جيدا وقرري

ولا تجبري نفسك على شيء اتفقنا "

قلت بصدمة " ولما يفعل ذلك "

قال بعد صمت " قال أنه رأى فيك الفتاة المناسبة له وهوا يمدحه كثيرا "

قلت بضيق " قد يكون تغير رأيه بي الآن "

قال بتساؤل " ماذا هناك يا جود ماذا حدث "

قلت ببكاء " لا شيء يا بحر لا شيء "

أمسكني من كتفاي وقال " ماذا حدث بينك وبين زبير يا جود أخبريني الآن "

قلت بألم " لقد صرخ في وجهي لأني أخبرته أني لا أعلم عما يحدث شيئا يوم علموا

بسجن شقيقه ولكنني كنت لا أعلم فعلا , وحتى أنه لم يفكر بالاعتذار عما قال "

وقف بحر وقال بضيق " لن أسمح لأحد هنا أن يهينك يا جود كان من يكون "

أمسكت بيده وقلت " بحر لا تدخل في مشكلة معه بسببي أرجوك إنسا ما حدث

ولا أريد منه عريسا ولا شيئا "

تنهد بضيق فقلت " أرجوك يا بحر لا تجعلني أندم لإخباري لك عن ما حدث "

جلس وقال " ألهذا السبب فقط ترفضينه "

نظرت للأسفل وقلت " بل لعدة أسباب منها هذا ووالدي "

قال " وما علاقة والدي بالأمر "

قلت بحزن " لن أسمح لهم بإهانتي بسببه يوما وأنت تعلم ما أعني "

قال بجدية " جود عليك أن ترفعي هذه الأفكار من رأسك ولا تجعليها عائقا أمام مستقبلك "

قلت بحزن " إن كنت أنت تريد ذلك فأنا موافقة "

قال بهدوء " جود إياك أن تفكري يوما أني أريد التخلص منك وأقسم أني لن أزوجك

إلا ممن تقتنعين به وتوافقي عليه وأسأل عنه بنفسي ألف مرة لأتأكد "

حضنته بحب وقلت " أنت كل ما لدي يا بحر ليحفظك الله من أجلي "

أبعدني عن حضنه وقال " ولكنني سأتحدث مع زبير عما حدث فإن كان ثمة من

يتضايق من وجودك فسأخرجك من هنا على الفور "

قلت برجاء " لا تتشاجر معه بسببي يا بحر أرجوك "

قال وهوا يقف مغادرا " لا تقلقي سنتحدث فقط "

صهيب تحصلت على عنوان المحامي من السيد جيمس وقمت بزيارته وكادت ميس تأكلني

لأني لم أصطحبها معي وقد علمت منه أسم المذنب الحقيقي وراء تلفيق التهمة وكان

عليا البحث عنه مطولا لنجده وعلمت أيضا أن والدي من كان وراء إمساك هذا

المحامي قضية عمي نبيل ولم ترتاح ميس حتى أخذتها إليه

وبعد أيام وبحث طويل ها أنا تحصلت على عنوان ذاك الرجل المدعو أندريانوا

وينادونه أندري وكان عليا اصطحاب ميس معي طبعا كي لا يصيبني ما أصابني منها

المرة السابقة وصلنا لحي شعبي مزدحم وأطفال يتراكضون بكل مكان وأشخاص

يتجولون وكأننا في شارع من شوارع فقراء أمريكيا الجنوز وبعد وقت وصلنا للعنوان

طرقت الباب فخرج طفل أشقر صغير ابتسم وقال

" مرحبا من أنتما "

قلت بابتسامة " هل والدك موجود "

ابتسم وقال " لا هوا في الخارج ضرب والدتي وغادر "

أمسكت يد بالطفل وسحبته للداخل ثم نظرت لنا سيدة من نصف الباب وقالت

" من أنتما وماذا تريدان "

قالت ميس " مرحبا سيدتي كنا نود مقابلة السيد أندري هل هوا موجود "

" ماذا تريدان مني "

كان هذا الصوت الرجولي الغاضب الذي جاء من خلفنا فالتفتنا إليه وقلت

" هل أنت السيد أندريانوا "

قال بضيق " نعم هل من مشكلة "

وكزتني ميس ثم قالت " جئنا لك في موضوع مهم يخص حياتك "

نظر لنا باستغراب ثم قال " وهل تعرفانني من قبل "

قالت " نعم وجيدا أيضا ولكنك لا تعرفنا "

أدخلنا للداخل جلس وقال " تفضلا واختصرا رجاءا "

جلسنا فقالت ميس " شركة ( ..... ) للتأمين مؤكد أنك تذكرها والسيد نبيل يعقوب والمحامي

جورج جيلاس وقضية الاختلاس سوف يورطوك بها من جديد "

قال بصدمة " كيف يورطوني أنا قضيت محكوميتي وانتهى الأمر فلم أكن سوى طرفا فيها "

قالت بثقة " ولكن قضاياهم لا تنتهي ويريدون توريطك لأنك تسترت عنهم أنت

لا تعرف العرب جيدا "

قال بغضب " سحقا لهم ولمايكل ذاك سأريه "

قالت بتبات " يا غبي لا تورط نفسك منذ الآن بالتحدث معه "

نظر لنا بحيرة وقال " ولما تخبراني بذلك "

قالت بنبرة واثقة وجدية " لأنهم ورطوا نبيل يعقوب قبلك في عدة أمور لأنه تستر

عليهم وهم يطاردون ابنيه ويهددانهم وعليك أن تحافظ على حياتك من أجل ابنك

الصغير ذاك كي لا يدمروا مستقبلك ومستقبله "

نظر إلينا بتشتت ثم قال " هل أهرب من هنا "

قالت " لا فهم سيجدونك أعطني أسم ذاك الرجل فقط سنتخلص منهم ونخلصك

أيضا في أسرع وقت "

نظر لها بتشكك فقالت " إن مسك سوء فواجهني علينا بتر تلك اليد قبل أن تطال الجميع "

صمت طويلا ثم بدأ يسرد الأحداث كالشريط المبرمج وقال أن الرجل المدعو مايكل هدد

حياته إن هوا تكلم ولكن الرجل العربي الذي وراء الأمر لم نعرف منه سوى اسمه الأول

فقط ولقب من رائه في جرائمهم فهم يلقبونه بالتنين ولا يعرف لما , ثم غادرنا بعد أن أكد

لنا أنه لن يخبر مايكل ذاك فقالت ميس

" سيخل بوعده بالتأكيد وسيخبره "

قلت بجدية " إذا ما العمل "

قالت " علينا التصرف بسرعة ومقابلة مايكل ذاك "

ولكن يبدوا أن آندري كان أسرع منا فلم نجد له أثرا أبدا تنهدت وقلت

" يبدوا لي أنك تسرعتِ بذلك "

قالت بحدة " وكيف كنا سنخرج بالمعلومات ها أخبرني , ذاك الرجل ما كان ليتكلم

إلا بتلك الطريقة فأنا اعرفهم جيدا وعشت معهم كل حياتي "

قلت بضيق " لقد اختفى هوا أيضا يبدوا أنه أخافه معه "

قالت بهدوء " سنجده فلا تخف "

قلت " وكيف خطر ببالك أن تخبريه أن رجلا عربيا وراء ذلك "

قالت بغيض " لأنه من المستحيل أن يكون وراء قضية الاختلاس الأولى هناك رجلا

أيرلنديا إنه شخص من دولتنا ولكن من "

واصلنا البحث في الأيام التالية حتى جاءني اتصال من غيث وأنا في السيارة فقلت

" ماذا كيف حدث ذلك , حسننا سنعود في الفور "

ثم أغلقت الخط فقالت ميس " ماذا حدث يبدوا لي أن مكروها حدث هناك "

قلت بضيق " أديم يواجه مشكلة كبيرة وعلينا العودة "

قالت بصدمة " نعود , وماذا عن .... "

قاطعتها بحدة " ليس وقته الآن يا ميس أخي في السجن وتريدين مني البقاء هنا هم

يحتاجونني هناك "

قالت بضيق " ولما تصرخ بي هكذا سافر وحدك واتركني "

صرخت بغضب " ألا مشاعر لديك يا ميس يالك من متحجرة "

قالت بصراخ أكبر " وهل عليا أن أبكي لأجله الآن لأكون بمشاعر وقلب "

أوقفت السيارة بقوة حتى ضرب رأسها أماما وقلت بغضب

" سنعود على أقرب رحلة أحببتِ ذلك أم كرهتي تسمعين "

تأففت بغيض ونظرت جهة النافدة فأوصلتها للمنزل وذهبت للحجز على أقرب رحلة

زبير كنت جالسا في حديقة القصر جربت الاتصال كثيرا ببلسم ولكنها لا تجيب بالأمس

اتصلت بي فما بها اليوم هذه الشحيحة عليا الانتظار طويلا قبل أن تعطيني مجالا

لأتصل بها أرسلت لها رسالة كتبت فيها

( يا لك من متحجرة يا بلسم لو كنت متسولا أمام بيتك لعطفت علي )

أرسلت بعد وقت

(يالك من طماع فلو كنت متسولا لاكتفيت , أخي كان معي ولم أستطع أن أجيب )

اتصلت بها فأجابت من فورها فقلت

" ألا يفارقك شقيقك أبدا كلما اتصلت كان معك أو دخل عليك "

ضحكت وقالت " أنت تتصل وقت وجوده ما سأفعل لك "

قلت بجدية " اسمعي يا بلسم سوف اتصل بك كل صباح وكل مساء

وعليك أن تجيبي إما على إحداهما أو كليهما "

شهقت وقالت " صباحا ومساءا ما سنقول في كل هذا "

ضحكت وقلت " حقا أنتي غريبة جدا ألا تعلمي كم يتكلم العشاق في هواتفهم بالساعات الطوال "

قالت بدهشة " وما يقولون كل هذا يا لهم من مستهترين ولا شيء يشغلهم "

ضحكت وقلت " يقولون كلاما غراميا طوال الوقت يا شحيحة "

ضحكت وقالت " وهل عليا فعل ذلك أنت تهدي بالتأكيد "

تنهدت وقلت " لا بالطبع يكفيني شحك ولو قليلا خيرا من لا شيء "

قالت بهدوء " ما حل بمشكلتك لم تخبرني عنها "

قلت " حمدا لله شارفت على أن تفرج أخبريني عنك أنتي "

قالت بعد صمت " لا جديد مهم عريس فقط ورفضته "

قلت بحدة " إياك أن تخلفي وعدك لي يا بلسم لا تفعلي هذا بي أرجوك "

قالت بصوت مبتسم " وها أنا أحاول أتمنى أن لا يطول حالنا هكذا "

رأيت بحر قادما نحوي من بعيد فقلت

" ها قد جاء من سيفسد صفونا وداعا الآن حبيبتي وسأكلمك مساء اتفقنا "

قالت بهدوء " حسننا وداعا "

اقترب بحر وجلس أمامي وقال " لقد تحدث بالأمس مع جود فيما حدثني عنه "

قلت بابتسامة " وهل وافقت إنه ينتظر ردها "

قال بنبرة غريبة " لا وأنا أيضا لم أعد موافقا "

نظرت له بدهشة وقلت " هل من خطب يا بحر ما بك "

قال بضيق " أسمع يا زبير إن كان وجود شقيقتي يضايق أحدا هنا خرجت بها

الآن واستأجرت لنا منزلا "

قلت بصدمة " ما الذي تقوله يا بحر من قال أنني متضايق من وجودها أنا

لم أقصد ذلك بما فعلت "

قال بضيقه ذاته " أنا لا أتحدث عن موضوع الزواج "

قلت بحيرة " وعن ماذا إذا "

قال بعد صمت " أنت تعلم عن ماذا أتحدث "

قلت بهدوء " لا لا أعلم هلا أخبرتني "

قال بحدة " عن صراخك بها يوم علمتم بسجن أديم إنها تسجن نفسها في غرفتها من

يومها كي لا تضايق أحدا ولا يتضايق منها أي منكم وتبكي أيضا , أليس لك مشاعر

يا رجل حتى أنك لم تعتذر لها عما قلت "

قلت بصدمة " ولكن .... "

قاطعني بحدة " أسمع يا زبير جود ليست كما تتصور إنها أرق من رأيت على ظهر الأرض

إن تنفست في وجهها نفسا واحدا غير طبيعي جرحتها بشدة وقد رفضت عريسك فأخبره بذلك "

قلت بضيق " ولما ترفضه , هل لأنه من طرفي أنا إنه شاب رائع يا بحر أخبرها أنني سأخرج

من الموضوع وسأطلب منه أن يتفاهم معك "

وقف وقال مغادرا " لديها عدة أسباب هذا أحدها فقط فأنهي الموضوع معه , وشقيقتي

سأجد لها حلا يرضيك ويرضيني "

لحقت به وأمسكته من ذراعه وقلت " بحر بما تهدي أنت إن كنتم ترفضون جبير فهذا

حقكم ولكن أن تفهم أنني متضايق من وجودها هنا فهذا ما لن أسمح به أبدا سمعت "

تنهد وقال " أتركني وشأني يا زبير فأنا لا أريد التشاجر معك "

لففته ناحيتي بقوة وقلت بحدة " لا لن أدعك وشأنك ولن نتشاجر يا أخي وإن أخرجت

شقيقتك من القصر فلن أبقى فيه يوما واحدا بعده سمعت "

تنهد في صمت وأشاح بوجهه عني فقلت " ما بك يا بحر لا تسمم عقلك بهذه الأفكار أنا

آسف لما حدث إن ضايقك ذلك وسأخبر جبير أن ينسى الموضوع برمته "

قال بهدوء " زبير لا تجرح شقيقتي رجاءا "

قلت بجدية " لم أقصد أن أجرحها صدقني فأنت تعلم ما كنا عليه ذاك اليوم "

غادر وتركني واقفا مكاني معقول أن تلك الكلمات قد جرحتها كل هذا القدر , يبدوا أني

كنت قاسيا معها فما ذنبها إن كانت لا تتدخل في شؤون العائلة ولا تعلم ما يجري ولكني

كنت مشدود الأعصاب ومتوترا ولم أعي ما فعلت ظننته شيئا عاديا

توجهت للداخل ووجدتها و رنيم في المطبخ فقلت مخاطبا إياها

" آسف يا جود إن جرحك كلامي فلا ترفضي جبير لهذا السبب فهوا شاب رائع ومهذب "

اكتفت بالصمت وعيناها على الصحن أمامها فقلت " آنسة جود "

قالت بحزن " عذرا منك ولكن لا أريد "

قلت بضيق " ولما "

قالت " وهل عليا الإجابة "

تنهدت وقلت " ما اخترت ترشيحك له إلا لأني رأيت فيك فتاة مميزة تستحق شابا مثله "

وقفت وقالت بحدة وهي تغادر " لا أريد منك شيئا ولا تتحدث مع بحر عنه ثانيتا من فضلك "

وخرجت وتركتني مصدوما مما قالت نظرت لرنيم ووجدتها لا تقل عني صدمة ثم

خرجت من فوري

⚘⚘⚘الجزء الثامن والعشرون⚘⚘⚘

أُديم سأخرج اليوم من سجن العاصمة فلقد سعى غيث والمحامي كثيرا في إخراجي

وقبل صدور الحكم , وطمئننا المحامي أن الأمور تسير لصالحنا ولكن لا فرحة

لي بالخروج من هنا مادمت لم أجد ليان , كيف تختفي هكذا فجئه وليس لديها

مكان تذهب إليه لقد وضعت جميع الاحتمالات ولم تكن صحيحة عليا أن أبحث

عنها بنفسي الآن , كم اشتقت لك يا ليان كيف تذهبي وتختفي هكذا وتتركيني

حظر إخوتي لإخراجي من هنا جميعهم وأحسست خلال هذه المحنة التي استمرت

لأكثر من شهر أنني بالفعل لست وحيدا وصلت المنزل فكان استقبال أمي لي

حافلا بالدموع والأحضان وحمدت الله أنه لم يصبها مكروه بسماع الخبر فقلت

وأنا امسح على ظهرها

" أمي لقد كنتي قوية حين وصلك الخبر هل ستضعفين الآن "

ابتعدت عن حضني وابتسمت من بين دموعها وقالت

" لولا فضل الله ومن ثم رنيم لقتلني ذلك"

نظرت جهة رنيم وقلت بابتسامة " مرحبا رنيم كيف حالك "

قالت بابتسامة " حمدا لله على سلامتك أنا بخير بعض الشيء "

ابتسمت وقلت " يبدوا لي وصلتي المراحل المتعبة أتمنى لك السلامة , كيف أنت يا حور "

قالت بابتسامة " جيدة كيف أنت وحمدا لله على السلامة "

قلت " سلمك الله , رنيم ما السحر الذي فعلته بوالدتي لتتقبل الخبر هكذا "

ضحكت والدتي وقالت " لقد حكت لي قصة كاملة عن صديقة لها وجعلتني أهون

أمرها لها ثم قالت لي صديقتي هي أنتي وأبنها هوا أديم "

ضحكنا جميعا ثم قال غيث " لقد فجرت الخبر كالقنبلة يومها برنيم حتى كادت تفقد

وعيها وطلبت منها هي أن تخبر والدتك "

قلت بابتسامة " ما الذي فعلته يا رجل كيف تضع هكذا مسئولية على عاتقها "

ضحك وقال " من الجيد أنني لجأت لها فما كان ما فعلته سيخطر لي على بال "

قلت بمرح " حاذر أن تضرها فتخسرنا ولي العهد الأول في العائلة "

قالت أمي بهدوء " زوجتك في أي شهر الآن "

قلت بحزن " لو أنها على قيد الحياة فهي في الشهر الخامس "

قالت أمي بابتسامة " إذا بينها وبين رنيم شهرين فقط "

ثم تنهدت وقالت " ما كان عليك إخفاء ذلك عنا يا أديم ما سيجري لو أخبرتنا "

قلت وأنا أتوجه بها للداخل " كانت الظروف هكذا يا أمي وكل شيء حدث كالمصادفة "

قالت بحنان " هيا حدثني عنها وكيف تعرفت عليها وكل شيء "

ضحكت وقلت " هل تريدي أن أحكي لك أحداث حدثت في أكثر من سنة في مرة واحدة "

تنهدت وقالت " حسننا أحكي لي ولو مبسطا "

قلت بابتسامة وأنا أجلس وأجلسها معي وجميع أخوتي معنا

" لقد تعرفت عليها في الشركة بل في القسم ذاته الذي عملت به إنها فتاة فقيرة تكره الأغنياء

كرها شديدا ولا تعلم أبن من أكون ولا أنني من الأثرياء وتظنني أخرس أيضا "

نظرت لي بصدمة وقالت " أخرس "

قلت بابتسامة " هل هذا فقط ما شدك في الموضوع , عندما عملت هناك كنت كارها للوضع الذي

أصبحت فيه فرفضت الاحتكاك بالجميع هناك فمثلت عليهم أنني أخرس ولم يعلم أحد من أكون

وتزوجتها بعدما تسببت لها بمشكلات كثيرة كتكفير لذنوبي معها ثم أحببتها حقا وها قد أضعتها الآن "

قالت بهدوء " وأي مشاكل التي سببتها لها "

قلت " لقد كان أخوتها من والدتها يطاردونها لإخراجها وعمها الضرير من منزلها

الوحيد ورميها في الشارع وكان الرجل الذي قتلته يهدها وحاول القفز لبيتها ليلا بعد أن

ضربته فطلبت منها الزواج بي وتزوجنا "

قال بحر بهدوء " ولما تكره الأغنياء "

قلت " إنها عفيفة نفس وعزة نفسها لم أرها عند أحد وتكره الأغنياء لأنها تراهم ينظرون

للفقراء أنهم أقل منهم ويدلونهم بسبب حاجتهم إليهم , حتى أنها اختارت ترك العمل وبقيت

وعمها دون عشاء ليلة لأن كرامتها جُرحت هناك "

قالت والدتي بحزن " كم عانت تلك الفتاة والله وحده يعلم ما تعاني الآن "

دخلت حينها سيدة غريبة عني بملامح غربية وحجاب أسود فقالت والدتي بابتسامة

" هذه زوجة عمك نبيل والدة ميس "

اقتربت مني وصافحتني وقالت بالإنجليزية

" كيف حالك بني وحمدا لله على السلامة "

قلت بابتسامة مماثلة " شكرا لك ومرحبا بك بين عائلتك "

ابتسمت وغادرت من فورها في هدوء كما دخلت , وبعد يومين كان عليا العودة لعملي

كما اشترطت الوصية ورجعت للجنوب هذه المرة دون ليان ودون وجودها معي دون

ابتسامتها وطعامها الطيب وثرثرتها التي أحب وحضنها الدافئ وابنتي التي تكبر في

أحشائها أقمت في منزلنا وتركت الشقة على أمل أن تعود من جديد لتبحث عني وكنت

أترك الأبواب مفتوحة

كنت أمضي طوال الليل أقرأ كل دفاترنا والكلمات التي كنا نتبادلها معا كم كنت غبيا

حين فكرت أنني سأتركها في الظلام وأتزوج بأخرى معها فلم أعد أرغب الآن بسواها

بعد أسابيع انتهت القضية وحُكم بالإفراج عني دفاعا عن عرضي ومالي وأخذ أهل شاهد

الدية منا لكي لا يطاردوني يبدوا أنه كان يشكل مصيبة لهم تخلصوا منها وحصلوا على المال

مقابلا لها

اتصلت بشروق مرارا وهاتفها مقفل يبدوا أنها غيرته أو أضاعته سألت كثيرا عنها وعلمت

أين انتقلت فذهبت لها ولم أجد عندها أحدا ولا تعلم عنها شيئا وقالت أن هاتفها قد تمت سرقته

منها ولم تجده وها قد عدت للصفر من جيد وكانت الأيام تمر وكل يوم يخبرني أنها قد رحلت

للأبد ولن تعود وتخيلت حتى أن الكلاب قد أكلتها لذلك لم نجدها حتى الآن , كنت أتجول في

الشوارع لساعات لعلي أجدها بين المارة بالمصادفة ولكن دون جدوى

رنيم تسابقت الأحداث بسرعة وكان الكل منشغلا بأمر أديم وقضيته وزواجه المفاجئ وزوجته

المختفية منذ مدة ولم يهنئ لأحد بال حتى خرج أديم سالما من محنته , هذه العائلة أصبحت

جزئا من عالمي وحياتي وما يسعدهم يسعدني وما يكدر صفوهم يكدر صفوي معهم كيف

لا وفي أحشائي يوجد طفل سيحمل اسمهم يوما ولو لم أستمر زوجة لابنهم

لقد تجاوزت شهري السابع الآن بأسبوعين وبدأ الحمل يتعبني كثيرا وكأنني في نهاية حملي

وأوضاعي وغيث على حالها فطوال الفترة الماضية كان مشغولا جدا وكنت أحاول أن أكون

بجانبه قدر الإمكان وقد تحسنت الأمور بيننا بعض الشيء

" رنيم لما لا تجلسي وترتاحي رجاء فلا تتعبي رأسي معك "

تنهدت وقلت " وما نفعي إذاً , لقد أصبحت كالكرسي هنا يجب عليا الجلوس فقط "

ابتسمت حور وقالت " لن ندخل في حرب مع خالتي وغيث إنهما يصران

على عدم عملك معنا "

قلت بتذمر " أنا لا أساعد في شيء أبدا ولازال أمامي قرابة الشهرين لألد فهل

ستبقون دائما في خدمتي "

ضحكت جود وقالت " حمدا لله أن حور ليست حاملا أيضا لكنت الآن في مشكلة "

ضحكنا معا ثم قلت " ميس ستقوم حينها بالواجب صحيح أن مزاجها يكون سيئا بعض

الأحيان وتسجن نفسها في غرفتها لكن إن دخلت الشيء أبدعت فيه "

" من هذا الذي يتحدث عني بالسوء "

كان هذا صوت ميس جاء من باب المطبخ وهي تضع يديها وسط جسدها وترسم

ابتسامة على شفتيها قلت بابتسامة

" هذه أنا ويا ويلي منك الآن "

ضحكت وقالت وهي تدخل " لو لم تكوني حاملا لضربتك بقدمي وطيرتك من تلك النافذة "

قالت جود من بين ضحكاتها " كي يطيرك غيث للمريخ "

قالت حور ضاحكة " ذكرتني بأفلام الكرتون عندما يضربونه ويطير ياااااااااااا

هههههه تخيلوا رنيم كذلك "

ضحكوا فقلت باستياء " هل تسخرون مني يا لكم من فتيات "

ثم نظرت لميس بنصف عين وقلت " ستتزوجين صهيب قريبا وسأريك "

تأففت بضيق تم سرعان ما غيرته بابتسامة وقالت لإغاظتي

" أجل وذلك سيكون يوم سعدي "

أشرت لها بعيني خلفها وقلت بابتسامة " بل يوم سعدك اليوم "

تغيرت ملامح وجهها للصدمة واختفى لونها ثم التفتت للخلف فلم تجد أحدا فضحكنا

عليها ثلاثتنا فهجمت عليا تحاول خنقي والكل يضحك

" هيه تعالوا فثمة جريمة ستحدث هنا أين غيث "

نظرنا جميعنا لمصدر الصوت فكان زبير واقفا عند الباب وما هي إلا لحظات ووقف

ورائه غيث قائلا " ماذا هناك "

قال زبير بابتسامة " وجدت إحداهن تخنق زوجتك والأخريات يشجعنها "

شهقت حور من الصدمة وقالت " لم نشجعها لقد كذبت علينا "

قال غيث بضيق " ألم تجدوا غير زوجتي لتخنقوها يا لكم من وحوش "

ضحك زبير وقال " كان يفترض بك يا ميس خنق حور معها أيضا "

خرجت حينها جود في صمت وهدوء من باب المطبخ الخارجي وقالت ميس

" زوجتك هي الظالمة لقد جعلتهن يضحكن مني وإن فعلتها مرة أخرى سأقتلها وابنها "

قال غيث " هيا يا رنيم علينا زيارة الطبيبة فبقائك هنا فيه خطر عليك "

تنهدت ميس بضيق وقالت " بالطبع زوجتك وستدافع عنها يالك من ابن عم "

ضحك غيث وقال " لديك من يدافع عنك فلقد كان سيتقاتل هوا وعمي جسار

وابنه بالأمس لأجلك "

قلت بصدمة " يتقاتلون ولما "

قال مغادرا " الموضوع نفسه بسرعة يا رنيم فلا وقت لدي "

غادرت خلف غيث وصعدت لغرفتي لأرتدي عباءتي ونذهب لزيارة الطبيبة ولم

أخبركم فقد غير غيث مجمع العيادات ذاك وأصبحنا نذهب لعيادة خاصة بالنساء

الحوامل فقط ودون رجال ولا أعلم كيف وجدها , رغم علمي أن ثمة ماضي وراء

غيث يجعله كذلك إلا أن ذلك يشعرني بالسوء وكأنه موقن في حال تركه لي وحدي

أو حتى معه في مكان به رجال سأفعل شيئا سيئا وبت أصارع نفسي وأرغمها على

أن تتقبل منه الأمر وكأنه شيء عادي وأعلم أنه يجاهد نفسه كي لا يسيء إليا أحيانا

في طريق عودتنا أمسك بيدي وقبلها وقال

" سنخرج الليلة للعشاء فما رأيك "

نظرت له بصدمة ثم ابتسمت وقلت

" نتعشى في الخارج وآكل وحدي كيف سيكون ذلك "

ابتسم وقال " ما رأيك لو أخذنا الطعام معنا "

ضحكت وقلت " لما لا نجعل حور وجود طباختان وميس نادلة وغرفتنا مطعما "

ضحك كثيرا ثم قال " وزبير وصهيب أحدهما سائق والآخر يفتح لنا الباب "

ضحكت وقلت بألم " أآآآآي لا أستطيع احتمال ذلك أسكت يا غيث أرجوك "

أمسك بيدي وقال " هل تشعرين بشيء "

قلت " قليلا فقط لا تقلق "

قبل يدي ثانيتا وقال " رنيم أعذري لي كل ما فات سأحاول أن أغير كل شيء لكن

أصبري معي قليلا "

قلت بابتسامة " سأصبر رغم أن ذلك قاسي جدا ويشعرني أنك متأكد من كوني امرأة

سيئة وستخونك في أي لحظة "

قال بعد صمت " هذا خارج عن إرادتي وأنا أجبر نفسي على التغير فساعديني "

تنهدت وقلت " مادمت غير مقتنع بذلك فالإجبار لن يجدي نفعا "

قال بهدوء " سنخرج الليلة ونذهب حيث تشائين وسنجعلها البداية حسننا "

قلت بسرور " أَقسم على ذلك يا غيث قل قسما سنخرج أينما أريد "

ضحك وقال " ألهذا الحد أنا مجرم في حقك "

نظرت له بنصف عين وقلت " أتركني في صمتي عنك أفضل لك ولي "

ثم ابتسمت وقلت " ولكن مميزاتك أكثر بكثير من الخروج ومن الشكوك أحيانا "

ضحك وقال " أحيانا فقط يا ظالمة "

ضحكت وقلت " بل أغلب الأحيان "

وعند المساء اتصل بي لأجهز نفسي ونخرج وكنت طوال اليوم أفكر أين سنذهب وماذا

سأختار من أمكنة ثم تجهزت وجلست , انتظرت وانتظرت ولم يحظر فقلت بضيق

" فعلتها إذا يا غيث وخدعتني لابد وأنه سيتحجج الآن بأي حجة ليظهر أنه أراد أن يُخرجني

ولكن ظروفه لم تسمح له "

شعرت بالاستياء بعد طول الانتظار فخلعت ملابسي وجلست وحدي في جناحي بضيق وبعد

وقت طويل سمعت طرقا على الباب فقلت بضيق

" لا أريد تناول العشاء شكرا لك يا حور "

جاءني صوت خالتي قائلة " هل لي بالدخول يا رنيم "

وقفت وفتحت لها الباب فقالت بملامح متعبة ووجه شاحب وكأنه سيغمى عليها فورا

" رنيم ...... إنـ .... "

قلت بخوف " خالتي ماذا هناك "

قالت بتعب " غيث حصل له حادث بالسيارة وهوا في المستشفى "

لم أرى شيئا حينها وما هي إلا بضعة أجزاء من الثانية وكنت في ظلام دامس مغمى

عليا وانهرت أرضا وبعد وقت لا أدري كم كان استفقت وأول ما قلت

" ماذا حدث مع غيث "

قالت خالتي وهي تمسح على كتفي

" لا أعلم يا ابنتي لا أحد يجيب على اتصالاتي فلنأمل من الله خيرا "

ثم قالت وهي تمسك كوبا لا أعلم ما به

" رنيم خذي اشربي قليلا من هذا سيفيدك كثيرا "

قلت بحزن " لا أريد يا خالتي فأنا بخير اطمئني أريد فقط التحدث مع

غيث أرجوك لا تخفي عني الحقيقة "

تنهدت وقالت " أقسم أني لم أخفي عنك شيئا ولا أعلم عن شيء ولا أحد

منهم يجيب على اتصالاتنا "

قلت بتألم " خالتي حاولي معهم مرة أخرى أرجوك "

خرجت وعادت بعد فترة طويلة وأعطتني الهاتف وقالت

" خذي تحدثي معه لتطمئني "

أخذت الهاتف وقلت مباشرة " غيث هل أنت بخير ماذا حدث لك "

قال بصوت ضعيف ومتعب " أنا بخير رنيم لا تقلقي مجرد حادث بسيط "

قلت ودموعي بدأت بالنزول تباعا " كيف بخير صوتك متعب جدا ماذا حدث "

قال " رنيم لا تقلقي من أجل صحتك أرجوك وتوقفي عن البكاء هيا "

قلت من بين شهقاتي " أَقسم لي أنك بخير "

قال بصوت مبتسم ومتعَب " لو لم أكن بخير ما كانوا ليسمحوا لي بالتحدث معك , طمئنيني

عنك أنتي هل نستدعي الطبيبة "

ضحكت وقلت " حتى وأنت في المستشفى يا غيث تفكر بعدم خروجي , عد

لي سالما هذا فقط ما أريد "

تنهد وقال " لما لا تضنين بي ضننا حسننا أبدا أردت راحتك يا ظالمة , حسننا وداعا الآن "

أعطيت الهاتف لخالتي ثم غادرت مباشرة وهي تحدثت مع زبير وبقيت وحدي مع بكائي

وحزني لقد ظننت أن العلاقة بيننا المدة الماضية قد حسنت بعض التوتر فقط ولكن عند سماعي

الخبر اليوم شعرت باحتياجي لوجوده بقربي دائما شعرت أنني لا أحتمل فكرة فقده للأبد وأن

تكون حياتي خالية من وجوده أعلم ما معنى هذه المشاعر جيدا وأخشى أن لا يكون ما في قلب

غيث مساويا لها ولا يراني سوى شيء مرهون بوقت الوصية فقط

سماح لا تنتهي مشكلة لأبنائي إلا لحقتها الأخرى فأديم لم يجد زوجته بعد وأحواله لم تعد

تعجبني وصهيب في شجار دائم مع أعمامه وبعض أبنائهم وصراع مستمر مع

ميس التي بدأت بتقبل الجميع شيئا فشيئا إلا هوا وها هوا الآن حادث غيث الذي لا

أعلم عن حالته شيئا ولا أحد من أخوته يجيب على اتصالاتنا و رنيم التي أغمي

عليها فور سماعها بالخبر , ما كان عليا تفجير الخبر في وجهها هكذا كالقنبلة وهي

حامل ولكن ما كنت سأفعل

خرجت بحثا عن ميس الوحيدة التي لم أطلب منها الاتصال بأحدهم فزبير لم يجب على

اتصالات حور وحتى جود حاولت مع بحر ولكنه كان خارج العاصمة ولا يعلم شيئا وأخبرها

أنه سيرجع حالا فطلبت من ميس أن تتصل بصهيب ولكن دون نتيجة بعد وقت اتصل بي زبير

فأجبت من فوري قائلة

" أين أنتم يا زبير كيف لكم قلوب بهذه القسوة تتركوني وزوجته المريضة في كل هذا الانشغال "

قال بضيق " أمي لقد كان الأطباء معه في الداخل ولا نعلم عنه شيئا كيف سنجيب على

اتصالاتك وما كنا سنقول لك ونحن لا نعلم شيئا "

قلت بغضب " كنت قلت لي ما قلت للتو أفضل من تركي معلقة بين السماء والأرض أرحموا

زوجته المسكينة إن لم تريدوا أن ترحموني "

قال مباشرة " ما بها رنيم هل أصابها مكروه "

قلت بحدة " لقد أغمي عليها حين سماعها بالخبر وهي ملازمة الفراش وترفض إلا الاطمئنان

عليه ماذا لو تعبت كثيرا كيف كنت سأتحدث معكم لتسعفوها معنا أنتم لا تفكرون في غيركم أبدا "

قال بتوجس " هل تريدون نقلها للمستشفى هل أحضر الآن "

تنهدت وقلت " قالت أنها لا تريد وأنها بخير فقط دعوها تتحدث معه يا زبير "

قال " حسننا ها هوا تحدثي معه ولا تكثري عليه الحديث يا أمي أرجوك "

أعطاه الهاتف فقلت بين دموعي " غيث هل أنت بخير يا بني حمدا لله على سلامتك "

قال بصوت متعب " أنا بخير يا أمي اطمئني كيف هي رنيم هل هي متعبة كثيرا "

قلت بهدوء " تبدوا لي بحال أفضل ولكنها لا تريد قول شيء هي تصر على محادثك "

قال " حسننا دعيني أكلمها قليلا "

أخذت الهاتف لرنيم التي تحدثت معه ودموعها لا تفارق عينيها وهوا يحاول طمأنتها وهي

ترفض قول إلا أنها بخير ولا تريد زيارة المستشفى ثم خرجتُ وتحدثت مع زبير الذي أخبرني

أن غيث تعرض لكسر في عظمة ساقه الأيسر وآخر في عظم فخده الأيمن وبعض الجروح

والرضوض وسيغادر المستشفى قريبا

تبدوا لي أحوال غيث و رنيم في تحسن مستمر كم أتمنى أن يتراجع غيث عن فكرة الانفصال

عنها ما أن يتم اقتسام الميراث وتُلغى الوصية

عند وقت الفجر عاد زبير وصهيب فقابلتهم عند الباب وقلت بقلق

" كيف حاله الآن "

قال زبير " بخير وسيخرج قريبا , لقد تركنا بحر معه وسنعود حالا ليخرج بحر ويرتاح فقد عاد للتو "

قلت بارتياح " الحمد لله وماذا عن الكسور "

قال صهيب " لقد قاموا بتجبير كلتا ساقيه والجبيرة ستأخذ وقتا علينا نقله للأسفل هنا ولكن

المشكلة أن جناح الضيوف مشغول الآن ولا أجنحة أو غرف غيره في الطابق الأرضي "

قلت بهدوء " وكيف العمل أذاً "

قال بحيرة " لا يمكننا نقل شقيقة بحر فقد تنزعج من طلبنا ذلك وتعتقد أنها تضايقنا

فلقد أخبرني بحر مرارا عن مدى تحسس هذه الفتاة حتى من الكلمة الواحدة وليس

أمامنا سوى الملحق الخارجي "

قال زبير معترضا " ولكن الملحق منفصل تماما وستكون زوجته معه وفي وضعها

سيصعب عليها مساعدته وحدها ولن يكون بإمكاننا التردد عليهم دائما لمساعدتها "

قلت " سأتحدث مع جود دعا الأمر لي إنها فتاة طيبة وستتفهم الأمر أنا متأكدة فقط

لا تقولا ذلك أمام بحر حتى أتحدث معها "

تنهد زبير وقال " معك حق في ذلك فبحر لا يستحمل أن يضرها نسيم الهواء وسيفهم

الأمر كما يحلوا له "

تنهدت وقلت " حمدا لله المهم أن غيث سلم من كل ذلك "

وقد غادر المستشفى للقصر بسبب عناده كوالده تماما كم كان يصر على مغادرة

المستشفى دائما ولا يبقى فيه

جود يبدوا لي أن الأغنياء أيضا يعانون ظننت أنه وحدنا من نعاني وأن هذه العائلة حياتها

كقصرها ولكن اكتشفت عكس ذلك فحور تبدوا لي حزينة دائما و رنيم زوجها قد أصبح

بلا حرك الآن وما فهمته أنهما لم يكونا على وفاق سابقا أديم يعاني ما يعاني وحتى ميس

وصهيب يواجهان مشكلة كبيرة مع أقارب العائلة على ما يبدوا وبحر أنا أعلم بحاله قبل

مجيئي إلى هنا وحده المدعو زبير من لا يحمل هما ويبتسم ويمزح على الدوام

لقد صرت أتحاشاه هوا دوننا عن الجميع بعد ذلك الموقف منذ شهرين وهوا لاحظت أنه

كذلك بعد ملاحظته لتجنبي له فعلاقتي بحور رائعة وهوا زوجها فلم أرد أي مشاكل لي

معها ولكن ما زاد الأمور سوءا أنه بانتقالي للطابق العلوي ليأخذ غيث و رنيم الجناح

السفلي صرت في الغرفة الأقرب لجناحه وأتقابل معه كل يوم تقريبا , بالنسبة لذاك الشاب

فقد أصبح يتصل بي صباحا ومساء كما قرر ولو ليقول كلمة صباح أو مساء الخير وأصبح

يتحدث لي أكثر عنه عن طفولته عن طموحاته عن كل شيء وأنا كذلك حتى زادت رغبتي

في رؤيته أكثر ولكن ما الفائدة من ذلك , لنبقى هكذا أفضل فيكفيني تعلقا به

ارتميت على السرير وأمسكت بهاتفي الذي أصبح منذ عام جزءا مني فوجدت رسالة منه

قد وصلت قبل قليل وكان فيها

( بعض الحب يشبه المرض الشفاء منه يعني أن تتذكر دائما بأنه سيعود لك من جديد ....أحبك )

ثم وفورا جاء اتصال منه ففتحت الخط فقال مباشرة وبحسرة

" لقد حلمت بك البارحة كنتي ذاهبة وأنا أركض خلفك لأراك وعندما وصلت إليك استيقظت يا له

من حلم لماذا كان ناقصا متى التكملة يا ترى "

ضحكت وقلت " جرب الليلة قد ينجح الأمر "

قال بضيق " هل هذا فقط ما لديك عليا أن أراك أو سوف أجن فورا "

تنهدت وقلت " هل سنتحدث في هذا دائما كم سأشرح لك ذلك "

قال بتذمر " ومتى ستسمح ظروفك هذه لا أعلم , حسننا أمري لله "

قلت بابتسامة " أقسم أني أحبك وسأنتظرك ما استطعت ولكن عليك أن تقدر ظروفي قليلا "

ثم ضحكت وقلت " أحدهم يطرق باب غرفتي عليا إنهاء المكالمة وداعا "

قال بضيق " اسمعي سأتصل بك بعد قليل شئتي أم أبيتي مفهوم "

ضحكت وقلت " مفهووووووم "

ثم فتحت الباب فكانت حور ابتسمت وقالت

" أعتذر على الإزعاج لكن جود هلا ساعدتني في حمل بعض الحاجيات من جناحي رجاء "

قلت ببرود " هل زوجك موجود "

ضحكت وقالت " لا إنه في الخارج , لو أعلم فقط سبب نفوركما من بعض "

قلت بضيق " مشكلة قديمة ولا تكترثي لها فأنت المفضلة لدي , هيا لننجز العمل

بسرعة قبل أن يعود "

ضحكت وقالت " هيا بسرعة "

أخذت هاتفي معي لأستقبل اتصال ذاك الشاب عندما يتصل بي بعد قليل كي لا يغضب

مني ككل مرة حين أترك هاتفي في الغرفة وقت اتصالاته المعتادة

توجهت لجناح حور وزبير وبدأنا في ترتيب بعض الحاجيات في غرفة المكتب الخاص

بزوجها واستمر العمل لوقت وانهمكنا فيه حتى سمعت صوت باب جناحهم يُفتح فقلت بذعر

" حور هذا زوجك قد دخل لقد ورطتني معه الآن "

ضحكت وقالت " وما المشكلة في ذلك يا جود "

فتح حينها علينا باب المكتب نظر لنا مطولا ثم قال

" آسف ظننت أنه لا أحد هنا "

قلت ونظري للأرض " عن إذنكما "

وخرجت من فوري من الغرفة ومن الجناح كالصاروخ ونزلت للأسفل فورا وهربا منه

زبير لا اعلم لما تكرهني أخت بحر تبدوا لي رقيقة جدا وتحب الجميع إلا أنا ومنذ ذلك اليوم .

نظرت لحور وقلت " ما كنتما تفعلان هنا "

قالت بهدوء " لقد طلبت من جود أن تساعدني في نقل الأغراض وترتيبها في المكتب "

قلت وأنا أتوجه للداخل

" لما لم تتركي عمال شركة النظافة من يقومون بذلك لما تتعبي نفسك وجود في ذلك "

قالت بابتسامة " العمل ليس صعبا فلما نؤجله ولما يبقى المكتب غير مرتب حتى يأتوا "

قلت بذات الابتسامة " شكرا لكما إذا وبلغي جود شكري أيضا "

غادرت حور واتصلت من فوري ببلسم رن هاتفها طويلا ولم تجب عاودت الاتصال وذات

الشيء ولكن ما شد انتباهي أنني كنت أسمع رنين هاتف ليس بهاتف حور في الجناح فتجاهلت

الأمر وكتبت لها رسالة وفيها

( فعلتها إذا يا مخادعة لن أرضى عنك هذه المرة أبدا )

وأرسلتها فسمعت حينها رنين رسالة من ذات المصدر انتابني الشك حينها فاتصلت بها مجددا

فسمعت الصوت ذاته ثم قطعت الاتصال فتوقف الصوت اتصلت ثانيتا فعاد للرنين فخرجت

من المكتب أتتبع الصوت فكان من هاتف موضوع على الطاولة في ردهة جناحي رفعته وأنا

اتصل فكان على شاشته أسم الرجل الكئيب يتصل والرقم ذاته رقم هاتفي من مفاجأتي

بالأمر قطعت الاتصال وعاودت اتصالي بها ثانيتا لأصدق ما تراه عيناي فظهر الاسم والرقم

ذاته سمعت باب حجرة حور يُفتح فأوقفت الاتصال وخرجت لحظتها فقلت لها

" لمن هذا الهاتف يا حور "

⚘⚘⚘الجزء التاسع والعشرون⚘⚘⚘

زبير قطعت الاتصال وعاودت اتصالي بها ثانيتا لأصدق ما تراه عيناي فظهر الاسم والرقم

ذاته سمعت باب حجرة حور يُفتح فأوقفت الاتصال وخرجت لحظتها فقلت لها

" لمن هذا الهاتف يا حور "

نظرت له للحظات ثم قالت

" آه إنه هاتف جود لقد نسيته هنا هل هوا من كان يرن طوال هذا الوقت "

من صدمتي وهول مفاجئتي لم استطع الكلام جود أيعقل أن تكون جود ولكن كيف ذلك كيف

قلت بتوتر " لقد توقف الاتصال ما إن وصلت خذيه لها فقد يكون بحر أو والدتها من يتصل بها "

أخذته وعيناي تتبعانه وكأنها أخذت قلبي وعقلي معها بعد لحظات نزلتُ للأسفل

فقابلتني حور تصعد للأعلى فتوجهت من فوري للمطبخ وجدت جود وحدها هناك

والهاتف ذاته بجانبها قلت بصوت هادئ

" جود "

التفتت إليا من فورها بقيت أتأملها للحظات حتى شعرت بالخجل من حيائها مني فقلت

" جود هل تكرهينني "

سكتت طويلا لا اعلم لصدمتها من سؤالي أم بحثا منها عن إجابة , قولي لا يا جود

قوليها أرجوك ثم قالت وعيناها للأسفل

" لا لم أكرهك يوما "

كدت أقفز ناحيتها واحتضنها لولا أن تمالكت نفسي فقلت

" لا تغضبي مني بسبب ذاك الموقف أرجوك فقد كنت متوترا يومها فلن يتكرر ذلك

ولن أجلب لك أي عريس ثانيتا "

يا لي من أحمق ألم أجد غيرها كي أخطبها لجبير لا وعرضتها على أديم

قبله , تستحق الجلد على ما فعلت يا أحمق

قالت بعد صمت طويل " لا عليك لقد انتهى الأمر على خير وأنا آسفة أيضا "

دخلت حينها رنيم وقالت " أين هي حور "

هل هذا وقتك يا رنيم , خرجتُ من فوري وقفت قريبا واتصلت بها فسمعت هاتفها يرن

وكأنني لازلت أريد التأكد منها ثم خرجت للحديقة فأجابت قائلة

" أعلم أنك غاضب مني ولن تصدقني أيضا ولكني نسيت هاتفي بعيدا عني "

قلت بأندفاع " أحبك أحبك وأحبك فقط ولست غاضبا منك "

ضحكت وقالت " لا تبدوا لي طبيعيا أبدا "

قلت بابتسامة " وهل تركتي بي شيئا طبيعيا يا فتاة "

لا أصدق أنك أمامي وأني كنت أراك وأنا أموت شوقا لرؤيتك , آه من حظي الذي

ابتسم لي فجئه قالت بمرح " أين ذهبت "

قلت من فوري " ذهبت إليك طبعا , أخبريني كيف مشكلتك مع والدك "

قالت " لقد أصبح شقيقي هوا الوصي علينا الآن "

لهذا إذا جلبك بحر إلى هنا ليهرب بك من والدك يالك من رائع يا بحر لقد فعلت

أجمل شيء في حياتك قلت

" إذا لن تكوني لغيري وإن فعلتي ذلك قتلته سمعتي "

ضحكت وقالت " وإن قتلته دخلت السجن وتزوجت أنا بغيره "

قلت بحدة " بلسم لا تقولي ذلك ولا مازحة لن تتزوجي غيري مفهوم "

قالت " مفهوم وهل بعد كل هذا التهديد سأفعلها "

قلت بجدية " وأنا عند تهديدي فكوني حذرة "

تنهدت وقالت " أنا فقط أخاف من ظروفي وتقلباتها فلا تلمني حينها أرجوك "

قلت بضيق " أقسم إن أخلفتِ بوعدك لي قتلت نفسي "

قالت بفزع " ما هذا الكلام الذي تقول ما الذي حدث لك اليوم "

قلت بهدوء " حدث رائع وجميل ولم أتصوره يوما , وداعا الآن حبيبتي ها قد

جاء من سيعكر مزاجي "

ضحكت وقالت " وداعا واعتني بنفسك لأجلي "

آه يا قلبي كيف لي تحمل كل هذا لو أكتشف أنها تكرهني لأني زبير فسأموت حتما

توجه صهيب ناحيتي وقال بضيق " أين أنت يا رجل ألا يُعتمد عليك أبدا "

قلت بحدة " تحدث معي بأسلوب أفضل يا صهيب فيما أخطأت أنا "

قال مغادرا " تعلم فيما أخطأت وأصلح خطأك فورا "

غادر فقلت بلا مبالاة " لا أحسد من ستتزوجك عليك وكم أتمنى أن تكون ميس لتريني فيك

يوما رائعا كهذا اليوم , يا الله ما أروعه من يوم "

حور قد لا تسير الأمور دائما كما نشاء فمثلما تشرق شمس الصباح أحيانا ونحن لازلنا

بحاجة ملحة للمزيد من النوم وكما تغيب عند الغروب أحيانا ونحن لا نزال ننتظر

قدوم أحدهم قبل أن يأتي المساء كذلك سارت بيالرياح عكس ما تشتهي سفن عقلي

وأصبح وجود جود هنا يقرب المسافة بيني وبين بحر أكثر فقد زادت زياراته

ومصادفات لقائي به وحتى الكلمات القليلة العابرة أصبحت تجد طريقا لها بيننا

وتقتلني في كل حرف من حروفها الجوفاء

" حور .... هيه ما بك "

قلت بفزع " نعم يا رنيم لقد أفزعتني "

قالت وهي تتوجه جهة الموقد

" لقد ناديك مرارا ولكنك كنتي في عالم آخر تماما , ماذا حدث للحساء هل نضج "

ثم شهقت وقالت " أنظري لقد كاد يحترق يا حور لقد اعتمدت عليك "

قلت بإحراج " آه آسفة لقد نسيت أمره "

نظرت لي ويديها في وسطها وقالت " حور حالك لا يعجبني أبدا لقد كثر شرودك جدا , يبدوا

لي أن الأمور تأخذ منحا جديدا "

قلت بحزن " ليثني أموت يا رنيم وأرتاح لقد تعبت حقا "

تنهدت وقالت " لا ألومك الآن يا حور أحبيه كما تريدي أتمنى أن تجتمعا سويا يوما ما "

قلت بألم " يا لها من أمية سخيفة وغير معقولة "

قالت " ولما غير معقولة الله قادر على كل شيء "

قلت بحزن " ها نحن ذا نعبر عامنا الثاني ولا بوادر تبشر بالفكاك من هذه الوصية يبدوا لي أننا

ننتظر عبثا كمن يركض خلف السراب وهوا يعي أنه لن يدركه وسترحل بنا السنين ونحن على

حالنا نركض في أماكننا ولا شيء سوى تحطم الأميات والبكاء ليلا والنوم مع وجع الذكريات "

قالت بأسى " كل منا ينتظر أن يتخلص من تلك الوصية ولكن ما أخشاه أن نصبح

يوما نهرب من الفكاك منها "

نظرت لها مطولا وقلت

" يبدوا لي أنك أنتي المعنية بما قلتي الآن هل صرت تخشين الفكاك من غيث "

قالت بشرود " لا أعلم ما الذي يحدث معي فعندما فكرت أنني سأخسره بسبب الحادث

كدت أجن , أخاف أن مشاعره اتجاهي ليست كذلك وأصل لمرحلة أكره فيها الفكاك منه

ويرغب هوا بعكس ذلك "

قلت بحسرة " لا أتمنى لك ذلك يا رنيم إنه أقسى ما في الوجود "

قالت وهي تسكب الحساء " هذا ما كنت أخشاه ويبدوا لي أنه ما سيحصل حقا "

قلت بهدوء " وما هي مشاعر غيث اتجاهك ما يقول لك وما تلاحظين عليه "

قالت بحيرة " لا أعلم هوا لا يصارحني بمشاعره حتى الآن ولا أنا كذلك تعامله معي تغير

كثيرا ولكن ..... أنا حقا لا أعلم "

قلت بجدية " عليك أنتي البدء بذلك لتشجيعه على قول ما يكتم بقلبه فالبعض يحتاج

لدفعة ولو بسيطة ليفجر ما بداخله وغيث يبدوا لي رجلا قويا وصلبا وهذا النوع

من الرجال لا يتحدث عما بداخله بسهولة "

قالت وهي تحمل الصينية " أخشى أن تدمرني نصيحتك "

ضحكت وقلت " جربي فلن تخسري أكثر فإن لم تنفع لن تضر "

ضحكت وقالت " عليا أن أحمل الحساء الآن له قبل أن يبرد والباقي يمكن تأجيله قليلا "

رنيم تسعى جاهدة لتغيير حياتها وتفكر جديا في مستقبلها مع غيث أما أنا فلا تزداد

حياتي إلا ضياعا وتشتتا فلا أنا لزبير الذي بين يداي الآن ولا لبحر الذي يفصلني

عنه كل شيء فكم أتمنى أن أرسى يوما كما يحدث مع رنيم ليثني مثلها لم أحب

يوما أحدا فليس لي إلا لحزن والحرمان وهذه الدموع التي لا تتركني لحظة

" حور هل لي أن ..... "

مسحت دموعي والتفتت لمصدر الصوت فكان بحر الذي قطع كلامه وقال بصدمة

" ما بك تبكي يا حور "

أعدت نظري للأسفل في صمت فقال بهدوء " هل ضايقك أحدهم بشيء "

قلت بعبرة مخنوقة " لا أبداً "

قال بهدوء " أنا آسف أعلم أن وجودي قد أصبح يضايقك "

هززت رأسي نفيا وقلت " لا ليس كذلك فلا تفهم الأمور خطئا أرجوك "

جاء صوت جود من خلفه قائلة " بحر أهذا أنت هنا وأنا أبحث عنك "

التفت لها وغادرا يتحدثان ولا أعلم عن ماذا أو لا أسمع في ماذا يتحدثان فأذناي غاب

عنهما الوعي تماما ليتركا كل شيء لدموعي المتدفقة وحدها تسمع وترى وتتحدث

رنيم لم يكن بالأمر السهل أن أتقبل خبر تعرض غيث لحادث وأنا لا أعلم ما خلف فيه

كان خبر أن يصاب بزكام كفيل بجعلي أتعذب معه آآآآه هل وصلت لهذا الحد من

الجنون هل عليا كسر الحاجز بيننا يا ترى وهل لدي من الشجاعة ما يجعلني أفعل

ذلك لما ليس هوا فهوا الرجل وهوا من عليه أن يصارحني بما في قلبه اتجاهي

ترى هل يكون لاشيء من هذا في قلبه لذلك لم يتكلم أم هوا كما قالت حور من النوع

الذي يحتاج لدفعة قوية ليبوح بما في داخله آه يا رب ساعدني لما أنا كان نصيبي

زوجا جافا هكذا ولما أتعلق به كل يوم أكثر من سابقه

عليا أن أجرب رغم أن الفشل قد يكون حليفي وحينها لن ينقدني منك أحد يا حور

" رنيم ما بك الملعقة أصبحت فارغة "

نظرت ليدي بصدمة بعدما أوقظني صوت غيث من شرودي وكانت الملعقة مائلة في

الصحن وانسكب كل ما فيها يالي من بلهاء هوا ينتظر أن أطعمه الحساء وأنا ...

آآآآه منك يا حور لقد أفقدتني عقلي رفعت عينيا إليه لوجهه لعينيه بل أنت هوا من أفقدني

عقلي يا غيث ليثني أدخل هذا الرأس وهذا القلب لأعرف من أنا فيهما ابتسمت وقلت بعفوية

" كان ساخنا خفت أن يحترق لسانك فتوبخني "

ضحك بتعب وقال " بل كنتي شاردة الدهن تماما فيما كنتي تفكري "

قلت بهمس وعينيا على الصحن " في شخص "

قال بصوت مصدوم " شخص "

نظرت له بضيق ثم قلت بتذمر " غيث لا تأخذك أفكارك وتسافر بك بعيدا اقسم سأغضب منك "

ابتسم ولاذ بالصمت ولم يقل لي حتى كاذبا أنا لم اشك بك ليراعي مشاعري تنهدت بضيق فقال

" هل يتعبك لهذا الحد "

نظرت له في حيرة وقلت " من "

نظر للسقف متكأ برأسه على ظهر السرير وقال " لا شيء يا رنيم "

قلت بهدوء وعينيا عليه " هل أنت غاضب مني "

نظر لي بحيرة وتشتت أو لا أعلم ما تكون تلك النظرة ثم قال بعد صمت

" ولما سأغضب منك "

أنزلت رأسي أرضا وعضضت شفتي السفلى يا لي من حمقاء كم كان هذا سؤالا أحمقا

قال بهدوء " رنيم "

نظرت له في صمت فقال " ماذا هناك هل تريدي قول شيء "

آه يا إلهي هل يظهر عليا ذلك بوضوح سحقا لك يا رنيم هيا إنها فرصتك قولي شيئا إما أن

يصلح الأمور أو يفسدها

قال بحيرة " ما بك "

تنهدت ثم ملئت رئتي بالأكسجين وقلت بهمس وعينيا أرضا

" بلى أريد قول شيء "

قال بعد صمت وكأنه يخمن ما سيكون أو ينتظر أن أتابع

" نعم يا رنيم قولي كل ما تريدين "

بدأت ألعب بأصابعي بتوتر وكأني مراهقة تود الاعتراف لحبيبها أنها تحبه

وها قد أبت الكلمات أن تخرج من جوفي فوصلني صوته قائلا

" هل الأمر صعبا عليك لهذا الحد "

نظرت له بصدمة فقال مبتسما " هل الموضوع صعب التحدث فيه هكذا "

آه حمدا لله فكرت للحظة أنه دخل عقلي وعلم بما فيه قلت بتوتر

" لا شيء إنسا الأمر "

قال مباشرة " هل ستؤجلين ذلك أم لم تعودي ترغبي بالحديث "

تأففت وقلت " غيث ما بك يبدوا أنك تشعر بالملل وتتسلى بي "

ضحك وقال " رنيم أنتي التي ما بك أنا سألت فقط "

سحقا لك يا رنيم ولعقلك ولقلبك ولسانك ولحور أيضا وها قد اكتشفت أنك جبانة

يا رنيم ولكن لما لا يتكلم هوا ترى ألا يحبني , وصل صوته متبسما

" لما لا تغلقي عينيك وتتحدثي "

نظرت له مندهشة وقلت " غيث فيما فكرت أني أريد قوله "

قال بهدوء " لو فكرت في شيء ما طلبت منك أن تتحدثي "

لا أعلم من أين جاءني كل هذا الغباء عليا تغيير الموضوع كي لا يتفاقم أكثر من

ذلك نظرت للصحن وقلت

" يبدوا أنه برد عليا أن أعيد تسخينه "

قال مباشرة " لا داعي لذلك أريده باردا "

أطعمته ملعقة وأخرى وثالثة في صمت كم أنا حمقاء هل كان عليا أن أصر على

إطعامه له بنفسي هذا ولم أقل شيئا كيف سأكون حينها , أمسك بيدي والملعقة فيها

وهي أمام شفتيه سكب الحساء منها في الصحن ووضعها على فخذه المجبرة وهوا

يضغط عليها بقوة ونظر للسقف مجددا وقال

" الرجل الذي كان في السيارة الأخرى توفي على الفور رغم أنه هوا المخطأ لكني

شعرت أنني قتلته وأنا من كان يفترض به أن يموت "

ارتعشت يدي في يده كما هوا حال كل جسمي لهذه الفكرة وقلت بلا تفكير

" لا غيث أرجوك "

شد على يدي أكثر وأغمض عينيه وقال " لا تريدي أن أموت يا رنيم "

قلت وأنا أمسح دمعة نزلت من عيني " أنت حياتي يا غيث لا تتركني وترحل "

ها قد قلتها وليحدث ما يحدث عاد بنظره ورأسه عن السقف نظر إلي مطولا في صمت

فأرخيت نظري للأسفل فقال " وها أنا لم أتركك "

هل .... ألم يسمعها لما لم يعلق عليها يبدوا أنه لم يهتم لذلك تنهدت بيأس وصمت فقال

" وإن مت أنا يا رنيم "

نظرت له بخوف وقلت " غيث ما بك مع الموت اليوم "

ابتسم وقال " أريد جوابا "

نزلت حينها دموعي متتالية سحبت يدي من يده ومسحت بها دموعي وقلت بصوت

مخنوق وأشبه للهمس " أفقد حياتي "

هاهي المحاولة الثانية وأقسم أن تكون الأخيرة لو لم يكترث أو ينتبه

قال بهدوء " لو قلتي غير هذا لقلت أنك كنتي تكذبين في الأولى "

المحتال انتبه لها ولم يعلق عليها وقفت وقلت مغادرة " سأقوم بتسخينه من جديد "

أعلم أنني مغفلة وكان عليا أن أنتهز الفرصة وأسأله عن مشاعره اتجاهي ولكن يكفي

لا يمكنني فعل أكثر من ذلك , ولم ينتهي الأمر عند ذلك فقد سألني ما أن عدت عما

كنت أريد التحدث ومن الجيد أنه تجاهل ما تحدثنا عنه مؤخرا

صهيب " أمي إنسي أن يحدث ذلك أخبرتك مرارا "

تنهدت وقالت " عوف لما لا تحاول معه بني "

قال بحيرة " أنا لست بأفضل حالا منك فأنا في شجار دائم مع

والدي وأنيس وموقفي صعب جدا "

قالت بحزن " لما لا يعترفون بهم ويعطونهم حقهم لينتهي الأمر أخشى أن

تكبر المسألة وتتقاذفنا الألسن فيكفي ما حدث حتى الآن "

قال عوف بهدوء " حاولت كثيرا ولم أجني سوى التوبيخ "

قالت بضيق " وعلياء ضربها والدها من أجل ذلك وحدك أنت وهي وأبنائي من يدافع عن حقهما "

قال بتساؤل " ولما يضربها "

قالت بحزن " لأنها قالت رأيها في الأمر مثلك "

ثم وقفت وقالت " عليهم أن يخافوا الله في حق ابنة أخيهم اليتيمة "

ثم غادرت فهمس لي عوف قائلا

" هيه صهيب من الفتاة التي كانت مع والدتك عند وصولي بالأمس "

قلت بضيق " وهل أتذكر اليوم لأتذكر الأمس "

قال بحماس " هيا يا صهيب لا تصعب عليا الأمر "

نظرت له بحيرة وقلت " عوف ما حل بك "

تنهد بضيق وقال " قل لي من هي و أرحمني "

قلت ببرود " وكيف سأعلم وأنت من راءاها وليس أنا "

قال بتذمر " أنت تعلم كل الموجودين هنا "

تنهدت بضيق وقلت " لون عيناها أزرق أم سمائي أم اسود أم أخضر "

ضحك وقال " هل لديكم من كل لون واحدة "

ضحكت وقلت " نعم , فزوجة غيث ذات عينين سوداء وزوجة زبير لون عينيها سمائي

غريب لا يمكنك تحديده أما ميس فأزرق غامق وشقيقة بحر خضراء العينين فإن كانت

إحدى زوجات إخوتي أو ميس فلا تزد في الموضوع حرفا أو قطعت لسانك "

قال بابتسامة " إذا هي شقيقة بحر "

نظرت له مطولا وقلت " وكيف رأيتها ها "

قال بإحراج " كنت داخلا وظننت أن عمتي سماح لوحدها فكانت معها وما أن رأتني

حتى خرجت من فورها ورأسها أرضا ولم أرها سوى تلك اللمحة البسيطة هلا تحدثت

مع شقيقك في الأمر "

ضحكت وقلت " مهلك يا رجل أبهذه السرعة "

قال بضيق " حسننا وما في ذلك "

قلت بابتسامة " سيقتلك والدك بالتأكيد "

قال بلا مبالاة " لا يهم فسليمان تزوج بمن يريد رغما عن الجميع وفي النهاية تقبلوا

الأمر , ها قلي هل ستحدثه "

ضحكت وقلت " سأرى ما سأفعل هيا دعنا نغادر "

قال ونحن مغادران " متى ستتحدث معه "

ضحكت وقلت " ليس الآن "

عند المساء كنت داخلا للقصر صعدت السلالم متوجها لغرفتي فسمعت صوتا يناديني قائلا

" مهلا صهيب "

التفتت فكانت ميس تقف عند بداية الممر عدت ناحيتها وقلت

" نعم يا ميس "

قالت بهدوء " هل صحيح أنك تشاجرت مع عمك وابنه من جديد "

قلت بابتسامة " صحيح ولن تكون الأخيرة فليقتلوني أو يفعلوا ما أريد "

نظرت للأسفل وقالت " أريد الذهاب لدبلن من جديد "

قلت " ولما "

قالت " عليا البحث عن المدعو مايكل "

قلت بعد صمت " لا داعي لذلك فلقد وجدته "

نظرت لي بصدمة وقالت " وجدته ولكن كيف "

قلت " بمساعدة الضابط جيمس لقد كنت هناك بداية الشهر وقد سحبنا منه المعلومات أيضا "

قالت " ومن دوني "

أمسكت وجهها وقلت " لن أعرضك للخطر يا ميس سمعتي "

هزت رأسها نفيا وقالت " لا هذا من حقي أنا وليس غيري ولو كان فيه موتي "

قلت بهدوء " ميس أنا أحبك ولن أرضى بأذيتك أبدا "

نظرت لي مطولا بصمت فقلت " لا تقولي كاذب أرجوك فأقسم أنها الحقيقة "

هربت من أمامي راكضة دون أن تعطيني أي أمل أو تقطعه ذهبت وخلفتني كالجدار لا يفكر

أبدا أن يغير مكان وقوفه وبعد وقت تنهدت وذهبت لغرفتي وأرسلت لها رسالة كتبت فيها

( أحبك يا ميس وأقسم على ذلك )

بعد وقت أرسلت لي

( طلبت مني أن لا أقول لك كاذب فليس لدي ما أقول )

ابتسمت وأرسلت لها

( أحبك يا قاسية وأنتي تعلمين ذلك جيدا ولن تكوني لغيري إلا على جثتي )

بعد أن صليت الفجر توجهت للصالة الرياضية الملحقة بالقصر وهوا مكاني

المعتاد يوميا في هذا الوقت وبعد حين سمعت خطوات تدخل الصالة تم تقترب

من الغرفة ثم دخلت فكانت ميس

ميس سألت خالتي أين أجد صهيب ويكون وحده هنا , فقالت أنه يقضي ساعتين بعد الفجر

في الصالة الرياضية الملحقة بملحق القصر فتوجهت له فجر تلك الليلة دخلت المكان

فكان عبارة عن صالة كبيرة تحوي ملعبا صغيرا لكرة السلة وبنهايتها غرفتين أحداها

كانت مفتوحة ويخرج منها صوت رفع لثقل آلة رياضية وصوت زفير لأحد يحركها

وبالتأكيد هوا صهيب توجهت للغرفة ووقفت أمام الباب فكان هناك بالفعل يرتدي سروالا

رياضيا قصيرا حتى نصف الساق فقط ولا شيء من الأعلى

شعرت بالخجل من وجودي فقلت وعينيا أرضا

" آسفة يبدوا أنني اخترت وقتا غير مناسب "

جلس وأخذ منشفة ووضعها على كتفيه وظهره وقال

" ما الذي أخرجك في هذا الوقت وكيف علمت أنني هنا "

قلت " سألت خالتي عن مكان تكون فيه لوحدك فأخبرتني "

نظر لي بحيرة وقال " هل من مشكلة يا ميس "

قلت بعد صمت " أنا اشك بأحدهم وهوا وراء ما حدث لوالدي "

نظر لي مطولا تم قال " من "

قلت مباشرة " عمك جسار "

وقف وقال " عمي جسار ولما هوا تحديدا "

قلت " لأنه الوحيد الغير متضرر بفضيحة اختطافي ومن وراء هذه سيكون وراء

الأخريات فوحدهم أخوتك وأعمامك وجدك من يعلمون بالأمر "

نظر لي مطولا تم قال " وحامد وجهاد يعلمان أيضا "

قلت " جهاد لن يستطيع وحامد يستحيل ذلك فقد أفرجت عنه وشقيقته قالت أنه تغير

في كل شيء بقي إذا أعمامك وجدك فقط "

قال " ولما لا يكون عمي عاصم أو حتى جدي "

قلت بهدوء " لا اعلم أرى أنه وحده من وراء ذلك فحتى الكره في عينيه

وكلماته كان أكثر من شقيقه "

قال بشرود " ربما ليس هوا وإنما ..... ربما يكون ذاك يفعلها القذر "

نظر لي مطولا في صمت فقلت " لما تنظر لي هكذا "

قال وهوا يرتدي قميصه " لأنني استغرب من شيء "

قلت بحيرة " من ماذا من أن أتهم أحدهم "

قال بابتسامة " بل من أن تأتي إليا هنا "

قلت بضيق " ما تعني بذلك "

قال بذات الابتسامة " هل لأجل هذا فقط جئتي "

قلت بحدة وأنا أغادر الغرفة " يا لي من تافهة حقا وظننت أنك ستهتم للأمر "

لحق بي وأمسكني من يدي وقال " ميس انتظري أود قول شيء "

وقفت وقلت بغيض " ما الذي لم تقله بعد "

قال بهدوء " ميس ماذا عما حدثتك عنه البارحة قولي أي شيء "

نظرت له وقلت " هل أقول أي شيء "

قال بابتسامة " إلا كاذب "

تنهدت وقلت " صهيب ماذا تريد مني بالتحديد "

فعل حركته المعتادة وقرص خدي وقال

" هل تعلمي ما تفعلينه بي حين تذكرين اسمي إنك تصيبينني بالجنون يا ميس "

قلت بتألم وأنا أبعد يده " آآآآآآي متى ستكف عن معاملتي كالأطفال "

ضحك وقال " حتى تكبري "

تجاهلته وقلت بضيق " لم تجب عن سؤالي ماذا تريد "

اقترب من أذني وقال بصوت أشبه للهمس

" أريدك لي وحدي , زوجتي وحبيبتي "

ابتعدت عنه بضع خطوات وقلت

" وهل تعي ما ستكون عليه حياتنا إن تزوجتني فأنا لا أريدك "

قال بعد صمت " ميس ستتزوجين بي أحببت ذلك أم لا "

قلت بضيق " لماذا تريد الزواج بي قل الحقيقة "

تنهد بضيق وقال " أخبرتك مرارا لأني أريدك زوجتي "

قلت " فقط "

قال بتذمر " ولأنني السبب فيما يقال عنك "

قلت مغادرة " لذلك لن أتزوجك أبدا "

يتبع .....??????
 
رد: أنا من خذلت نفسي

الجزء الثلاثون + الجزء الواحد والثلاثون + الفصل الثاني والثلاثون

غيث لقد شق التغيير حياتي وصرت من محلق تحت سماء هذا العالم إلى نائم على سرير

في جناح الضيوف ياله من تناقض غريب ساقين مجبرتان وجسد متعب ورفيق جديد

ليس الشركات والسفر والأوراق والمستندات والعملاء بل رنيم الزوجة التي لم أكن

أراها إلا خلال وجبة من وجبات الطعام وسرير غرفة نومنا لتصبح هي عالمي

الجديد الذي أحلق به وخلاله فصارت قدماي اللذان تقودانني على الرغم من

شدة تعبها والأذنان التي تستمع إلي والعينان التي أرى بهما عالمي الخارجي حيث

لم يتمكن أي من رفاقي أو رجال الأعمال من زيارتي لوجودي داخل القصر بدلا

عن الملحق وأخوتي استلموا زمام الأمور مؤقتا

فحمدا لله أنني أقحمتهم أكثر في أعمالنا وشركاتنا طوال السنة الماضية وهذه السنة , لقد

علِمت عن رنيم الكثير بعدما وجدنا متسعا أكبر من الوقت لنقترب لبعضنا أكثر وتقترب

أفكارنا شيئا فشيئا لنكتشف فيما كنا نختلف وفيما نتشابه تحدثت لي كثيرا عن طفولتها

وعن مراهقتها لا أعلم هل هي تحاول بذلك طرد الملل عني أم لتقربني من عالمها أكثر

فأكثر واكتشفت أنني لم أعطي هذه الزوجة حقها في أن تشعر أنها شريكة لإنسان في

حياته كما اكتشفت أنها أنقى مما كنت أتصور ولا تجيد إخفاء ما يجول بخاطرها ولا

حتى كيف تبوح به

لقد أصبحت تصر على مساعدتي في كل شيء بعد أن أصبحت طريح الفراش بساقين

مجبرتين وهي ترفض مساعدة أخوتي لها إلا فيما تعجز حالتها الصحية عن فعله فوالدتي

أصبحت منهمكة في زيارات صديقاتها لها بعد سماع الجميع بالحادث لتصبح رنيم هي

من تعمل على راحتي حتى أنها تفتح الباب وتغلقه في اليوم عشرات المرات كلما جاء أحد

أخوتي لزيارتي أو لاستشارتي وأحظر معه كومة الأوراق

وفي النهاية اشترطت عليهم زيارة عمل واحدة لكل منهم لي في اليوم الواحد ووقت محدد

أيضا واتصالات هاتفية محددة ومنعتني من الرد على غير أخوتي , لتسبب قوانينها الصارمة

هذه ضيقا وإرباكا لهم جميعا وراحة كبيرة لي بالطبع

" رنيم اتصلي بأحدهم لن تستطيعي إسنادي للوقوف أكثر من ذلك لليوم "

قالت بضيق " هل اشتكيت لك يا غيث , ولا تقلق فعندما أعجز عن ذلك سأطلب

المساعدة منهم تأكد "

قلت بهدوء " ولكنك .... "

قاطعتني قائلة " أعلم لكني حامل ومتعبة وسيضرني ذلك "

ثم أمسكت بيدي وقالت

" هيا يا غيث لا تتعبني معك وتأكد أنه لا يموت أحد قبل يومه "

ساعدتني للوصول لحمام الغرفة والعودة كأغلب المرات وسندتني للسرير فتنهدت بألم فقالت

" هل تشعر بشيء يا غيث "

ابتسمت وقلت " لا تقلقي مجرد الآم بسيطة "

قالت مغادرة " سأقوم بوضع الكمادات على مواضع الألم سيساعدك ذلك كثيرا "

وغادرت من فورها كي لا أعترض أو أمنعها وبعد قليل دخل صهيب وهوا ينظر خلفه ثم

أقترب مني بسرعة وقال " جيد أنها تركتك قليلا اسمع هذا المدعو أحمد رافع يصر على

رؤيتك لهذه , لقد أتعب رأسي اليوم "

وقفت رنيم عند الباب وقالت " صهيب ماذا تفعل "

قال بتذمر دون أن ينظر للخلف " آه بربك رنيم هل تخرجين من الجدران أم ماذا "

اقتربت وأخذت منه الأوراق وقالت بغضب

" لقد انتهت حصتك لليوم منذ الصباح وهذه الزيارة انتهت أيضا "

قال برجاء " رنيم أرجوك الأمر مهم جدا "

قالت بحدة " ممنوع "

قال بضيق " ولما "

قالت " لأنكم جميعا تقولون ذلك ولن أسمح لكم أن ترهقوه أكثر ألا ترون أنه

لا يزال متعبا أرحموا شقيقكم قليلا حتى تتحسن صحته ولو بعض الشيء "

قال مغادرا بضيق " رنيم كان يفترض بهم تعيينك مديرة لنزل الطالبات "

ضحكنا كلينا ثم جلست بجانبي وقالت " غيث عندما ترى أن الأمر لا يمكن تأجيله حقا

فأشر لي بأصبعك هكذا ولا تقل أمامهم أنك من يريد ذلك لأنهم لن يرحموك بعدها أبدا "

أمسكت يدها وقبلت كفها بعمق ثم ضممتها في حضني وقلت

" شكرا لك رنيم , شكرا على كل شيء "

حضنتني بيديها برفق وقالت " أنت ........ "

وبترت جملتها كعادتها فقلت مبتسما " أنا ماذا "

غمرت وجهها في صدري وقال " أنت أثمن ما لدي يا غيث "

تأوهت بألم فابتعدت عني وقالت " آسفة هل تشعر بالألم "

ابتسمت وسحبتها بيدي لتتكئ على صدري وقلت وأنا أمسح على شعرها

" لا تقلقي حبيبتي أنا بخير "

جلست ثانيتا ونظرت لي بصدمة فقلت مبتسما

" حبيبتي وحياتي وزوجتي وأم أبني "

عادت للنوم على صدري في صمت ولم تتكلم

رنيم منذ مدة وأنا أعمل بنصيحة حور وأحاول أن أكون أكثر انفتاحا في الحديث مع

غيث كان الأمر صعبا في البداية ولكنه أصبح أكثر يسرا بالتدريج وبتشجيع حور

الدائم لي وها قد نطق الحجر أخيرا

كنت نائمة على صدره وأشعر أنني ملكت الدنيا بتلك الكلمات البسيطة التي تحتاجها

كل أنثى من رجل أصبح يعني لها الكثير , في هذه الفترة استطاع كلينا أن يكون

أقرب لقلب الآخر لعالمه لتفكيره وحتى لحضنه يبدوا لي غيث كما قالت حور لا

يعبر عما بداخله بسهولة وقد يكون ممن يرى الأفعال أهم من الأقوال لقد حدثني

عن أمور كثيرة عنه والماضي ليس من ضمنها طبعا فهوا يتجنب نبشه وأنا تجنبت

السؤال عنه

" رنيم هل نمتي "

ضحكت وقلت " بل أحاول السباحة للوصول لقلبك "

قال وهوا يلعب بشعري بين أصابعه " ولما "

قلت بهدوء " لأجمع المحار والعب على الشاطئ وأكتب على رماله اسمي وأعيش هناك للأبد "

قال بحنان " كيف تريدين الوصول هناك وأنتي فيه تعبثين بكل تلك الأشياء التي ذكرتِ "

ما أسعدني به اليوم يبدوا لي مخدرا أو ماذا , مؤكد ليس طبيعيا

جلست ووضعت يدي على جبينه وقلت " غيث هل تشعر بشيء "

ضحك بصوت متعب وقال " هل أنا جاف لهذه الدرجة "

قلت بخجل " آممم .. آه لا ... يبدوا لي أحيانا هههههه لا أعلم "

قبلني وقال " كنت اضن أنني أفعل أشياء تعبر عن ذلك "

ثم ضحك وقال " رنيم هل تذكري عندما تقابلنا هنا وكم تشاجرنا "

ضحكت وقلت " لو لم تكن متعبا الآن لضربتك لقد كنت تكرهني بجنون "

اتكأ برأسه للخلف نظر للسقف وتنهد بحزن وقال

" اعذريني فالأمر لم يكن يوما بإرادتي , فلك أن تتصوري أنك تكرهين الرجال حد

الموت وتجدي نفسك فجئه زوجة لأحدهم كيف سيكون شعورك "

قلت بهدوء " ولكن لما "

أغمض عينيه بقوة وكأنه يحاول طرد شيء من ذاكرته أو صور ظهرت أمام عينيه ثم قال

" رنيم لا تسأليني عن ذلك حبيبتي أرجوك "

نمت على صدره من جديد وقلت

" حسننا لن أسألك أبدا , فقط لا تفكر بي ذاك التفكير فأقسم أنك الرجل الوحيد في حياتي "

مسح على رأسي بصمت ليخبرني بصمته أن ذاك الأمر سيكون صعبا عليه الآن

جود تماما أنا كالطفلة أحتضن دوما أمنياتي بشدة ليس لأنني أحبها ولا لكي أشعر بدفئها ولكن

لأنني أخشى أن تطير بعيدا عني ولا أجدها أخشى أن تسافر كما سافرت كل تلك الأميات

البعيدة وتركتني

( لم يعد للشوق حكاية غيرك أنتي ولا للحب فصولا غير فصول حبي لك ولا بداية إلا

معك ولا نهاية إلا بقربك حبيبتي )

كانت هذه آخر رسالاته إلي , لم يعد يصر على رؤيتي كما لم يعد يتحدث إلا عن كوني شيئا

سيئول إليه ويهدد ويتوعدني بالويلات إن صرت لغيره ولكن كيف أكون له ونحن يفصلنا

كل شيء كم هي معقدة قصتي معه ترى لما وضعه القدر في طريقي لما أنا من تحدث

معها دونا عن كل البشر هل ليسعدني يوما أم ليبكيني طوال العمر

" جود ما بك كالصورة على ذات حركتك منذ ساعة "

وضعت الهاتف من يدي وقلت " لا شيء رنيم فقط شردت قليلا "

جلست بجانبي ووضعت يدها على يدي وقالت

" جود ما الذي يشغل بالك هذه الأيام هل تعانين من مشكلة "

دخلت في صمت طويل فقالت " جود تبدين لي حزينة وأمر ما يشغلك "

قلت بهدوء " هل أخبرك ولا تخبرين أحدا ولا حتى زوجك "

قالت بتأكيد " ألا تثقين بي يا جود , أقسم لن يعلم أحد "

قلت بعد صمت " أنا أحب شابا أعرفه عن طريق الهاتف "

نظرت لي بصدمة مطولا ثم قالت " عن طريق الهاتف فقط , ألا تعرفينه "

قلت وعينيا للأسفل " لا .. لا أعرف عنه شيئا سوى حكاياته الحزينة "

قالت بحيرة " لم أفهم "

تنهدت وقلت " لقد اتصل بي رقم غريب منذ سنة وأنا منشغلة على بحر واعتقدت أنه

أحد أشقائه فأجبت في صمت فكان رجلا طلب مني أن أصمت واستمع إليه فقط دون

أن يعلم من أكون وبدأ يبث همومه لي وأمور لم يكن يحكيها لأحد لأنها لا تُحكى ثم .... "

قالت بهدوء " ثم ماذا يا جود "

حكيت لها عن كل شيء إلا ما أمنني عليه وهي الوصية وتفاصيل حكاية شقيقه تنهدت وقالت

" جود قد يكون خطأ ما أقدمت عليه كيف تحبينه وأنتي لا تعرفينه ماذا لو كان يكذب عليك "

قلت مباشرة " ولكنه طلب مني انتظاره وأكد لي رغبته الزواج بي كثيرا "

قالت بجدية " وأين هوا إذا "

قلت بحزن " لا أستطيع أن أقول لك كل شيء ولكن لديه ظروف صعبة الآن "

وضعت يدها على كتفي وقالت

" أتمنى أن لا تندمي على هذا يا جود وأن لا يجلب لك المشكلات "

ثم وقفت مغادرة وتركتني مع حيرتي التي كبرت أكثر مما كانت , وما هي إلا لحظات

حتى وقف زبير أمام باب المطبخ , وزبير هذا حكاية أخرى لقد أصبح لطيفا جدا معي عكس

السابق حتى أنني صرت أشك أن يكون طبيعيا يبدوا أنني ظلمته كثيرا بضني به سابقا

نظر إليا مطولا تم غادر في صمت وهذه إحدى عجائبه الجديدة النظر في صمت والمغادرة

زبير هذه الفتاة ستصيبني بالجنون لم أعد أتمالك نفسي أمامها ولا يهنأ لي بال إن لم أراها كل

حين لم أعد استطيع التحكم في مشاعري اتجاهها ولا أستطيع التحدث معها بعد أن علمت

مني عما أخفيه وعن حب شقيقي لحور فهي ستعلم بكل شيء حينها وقد تفضح أمري

توجهت حيث كان بحر جالسا ينتظر صهيب فجلست مقابلا له وقلت

" أين أنت يا رجل ظننت أنه لم يعد في الوجود سوى بحر المياه "

ضحك بهدوء وقال " وما تريد بي "

لا أريد شيئا فقط لا تأخذ هذه الماسة من هنا , قلت بابتسامة

" أريد أن تشبع عينيا بالنظر إليك طبعا "

قال صهيب وهوا يدخل " خذ حذرك يا بحر بعد قليل سيكتب فيك قصيدة "

قلت بضيق " وما شأنك أنت أيها الحسود "

ضحك وقال " هل أحسده عليك ألم أجد من أحسد "

تجاهلته ونظرت جهة بحر فجلس بجانبه وقال بحر

" ما بك جئت بي على عجل ولم تحدثني عما تريد في الهاتف "

قال صهيب بضيق " بحر ما بك يا رجل هل نحجز لرؤيتك "

اكتفى بحر بالصمت وأنا أكثر من يعذره ويفهمه فقال صهيب

" عوف ابن عمي جسار أرادني أن أحدثك في أمر مهم "

قال بحيرة " عوف , وماذا يريد مني "

قال صهيب " لا يريدك طبعا بل يريد شقيقتك "

نظر له بحر بصدمة بل أنا من كادت عينيا تخرج من مكانهما ثم قال

" شقيقتي !!! وما يريد بها "

قال صهيب بتذمر " ما بك يا بحر هل صرت بطيء فهم أم ماذا "

قال بنفاذ صبر " نعم بطيء فهم فهلا شرحت لي "

قال صهيب بهدوء " لقد رآها مع والدتي بالمصادفة وسألني عنها وأخبرني أن أتحدث

معك في الأمر ها ما قلت "

كل هذا كان يجري أمامي وأنا كالبركان الذي يحاول إخماد نيرانه بل كدت أقفز على

صهيب وأخنقه وأبحث عن عوف ذاك لأقتله

قال بحر بعد صمت كاد يقتلني به

" الرأي الأول لها هي ثم بعدها عليا السؤال عنه بنفسي "

قال صهيب " يعني !!! "

قال بحر " يعني أنه ليس وقت قول رأيي في الأمر "

قال صهيب مباشرة " إذا ستتحدث معها أولا "

قال بحر بهدوء " نعم ولكن ليس اليوم بالتأكيد "

حينها انفجر البركان الذي كنت أحاول إسكاته منذ وقت ووقفت قائلا بغضب

" لن يحدث ذلك أبدا "

نظرا إليا بصدمة فقلت " إن تزوجها عوف فسأقتله "

قال صيب بدهشة " زبير ما بك "

قال بحر " زبير أنت تعلم أن جود هي من رفضت صديقك وبمحض إرادتها "

خرجت من عندهم بضيق يسع لسكان الأرض جميعا وقلت بهمس

" لن تفهمني أبدا يا بحر لن تفهم , وأخشى ما أخشاه أن توافق جود لتخفف العبء عن

شقيقها كما فكرت أنا بذلك سابقا "

هل أحبها أنا كل هذا الحب ليأخذها عوف أو غيره وأنا أتفرج لن يحصل ذلك ولو تنازلت

عن حصتي في الميراث وخالفت أوامر والدي للمرة الأولى في حياتي , اتصلت بجود من

فوري فأجابت سريعا وقالت

" لما تتصل اليوم في غير وقتك المعتاد هل من مكروه "

حاولت أن أكون طبيعيا كي لا تشك بي وقلت وأنا أغلي من الدخل

" هل ستنتظرينني حقا هل ستكونين لي ارحميني وقولي أجل "

قالت بحيرة " هل حدث معك شيء أخبرني "

قلت " أجيبي الآن حبيبتي أرجوك "

قالت بهدوء " سأنتظرك حتما "

قلت " ومهما حدث ومهما تغير "

قالت بحيرة " أنا لا أفهمك اليوم حقا "

قلت بحدة " إن وافقت على الزواج بغيري قتلتك سمعتي "

ضحكت وقالت " كنت ستقتله هوا فما تغير الآن "

قلت بضيق " بلسم أنا لا أمزح "

قالت " حسننا حسننا ولما الغضب هكذا أنا لا أحتمل منك هذا الأسلوب "

قلت بهدوء " لا تكوني لغيري ولن أغضب منك أبداً "

قالت " ومن قال أنني سأكون لغيرك , لو أعلم فقط ما حل بك اليوم "

قلت بعد صمت " بلسم هل تحبينني هل أعني لك شيئا "

قالت مباشرة " وهل هذا سؤال تسأله لي وأنت من يعلم دوما إجابته "

قلت بهدوء " لا تنسي الوعد يوما يا بلسم لا تنسي ذلك ..... وداعا الآن حبيبتي "

ستكونين هنا تحت عيني ولن أسمح لأحد بالاقتراب منك أبداً

حور تسعدني حقا كل هذه السعادة التي أراها في عيني رنيم فأحوالها وغيث في تحسن تلحظه

في ملامحها ها قد أصبحت وحدي من يتمنى الفكاك من تلك الوصية هل عليا أن أكون كرنيم

يا ترى وأغير رغباتي بما يتماشى مع ظروفي , ولكن كيف وبحر لا يترك مكانا شاغرا في

قلبي وعقلي وعينيا وكل شيء بل كيف سيكون ذلك و زبير لا يراني زوجة له ولا يرغب بهذا

التغيير, آآآآآآآه خرجت تلك التنهيدة حزينة مؤلمة من جوف جوف قلبي

قالت ميس بصدمة " حور ما كل هذا لقد كدت تحرقين الكعكة وهي جاهزة "

ضحكن جميعهن فتابعت قائلة " شخصين فقط كم أتمنى أن أدخل داخلهم لأعلم شيئا "

ضحكت رنيم بتعب وقالت " ومن هما "

قالت ميس " حور وبحر شقيق أبناء عمي "

سقط حينها من يدي صحن الكرز الذي كنا نزين به الكعكة وتناثرت حباته في

كل مكان وبدأت بجمعها في توتر وصمت

قالت جود بهدوء " أنا شقيقته لم أستطع يوما فهم ومعرفة خلجات بحر "

قالت ميس " يبدو لي يحمل هما كبيرا كما حور وكأنهما شخص واحد هههههه "

قلت مبررة " لا تخلطي بين الأمور يا ميس وتثيري الشكوك حولي أنا لدي طفولة لا يعلمها أحد "

نظرت لي باستغراب كما الجميع وقالت رنيم " هل مررتِ بطفولة قاسية يا حور "

تنهدت وقلت " لقد عشت سنوات من طفولتي لا يعلمها إلا الله فبعد وفاة والدتي تناقل أعمامي

تربيتي لديهم ورأيت ما لم أره في حياتي ضرب وسجن وكل شيء حتى التحرش "

شهقت جود ووضعت يدها على فمها وقالت " كل هذا وأنتي طفلة "

قلت بحزن " لقد كان عمري حينها أربع سنوات فقط عشت مع أحد أعمامي وكانت زوجته

تضربني دائما وتسجنني لساعات طويلة في الظلام وكنت أخاف الظلمة منذ صغري "

ارتجفت يداي وتابعت برجفة " لقد كنت أرى أشباحا غير موجودة ولا أستطيع الصراخ

ولا البكاء لأنها حينها ستقوم بحرقي بالنار "

ثم قلت وعيناي بدأتا بذرف الدموع " بعدها انتقلت لمنزل عمي الآخر وعمري سبع سنين

كانت زوجته تعاملني بجفاف لا تضرب ولا تسجن ولكن لا تهتم لأمري كان عمي يضربها

كثيرا وكان لهم ابن فاشل صعلوك يتحرش بي دائما وأسكنني الرعب منه طوال الليل حتى

عاد عمي راجي من سفره وأنا في الثامنة وأخذني معه لقد مرضت كثيرا وكانت تأتيني

الكوابيس في الليل وأصبت بمرض الرهاب لسنوات ثم تحول لانطوائية وعزلة "

توجهت جود ناحيتي وحضنتني وقالت

" يا الهي حور كم قاسيتي وكم تكتمين في قلبك حمدا لله أن عمك ذاك جاء لأخذك "

ابتعدت عن حضنها مسحت دموعي وقلت بحزن " لقد علمت يوم زواجي بزبير من عمي

راجي أن السيد شامخ رحمه الله هوا من أخبره عن ما كان يحدث لي وأنه حاول أخذي منهم

مرارا ولكنهم رفضوا فهم الأحق بتربيتي فأوصل ما يجري لي لعمي راجي الذي كان يعيش

في الخارج فجاء وأخذني معه لقد تلقيت العلاج النفسي لسنوات لأنني كنت أرى الكوابيس

وأصرخ طوال الليل ولكن الانطوائية هي الشيء الذي لم أشفى منه حتى الآن لذلك أنا لا أحب

الأماكن المظلمة ولا المزدحمة بالناس ولا أصادق أو أتحدث مع الكثيرين "

قالت ميس " أنا آسفة يا حور لم أكن أقصد أن أفتح جراحك "

قلت بابتسامة حزينة " لا عليك يا ميس أنا أعلم أن الجميلات هكذا دائما تعيسات انظرن

لأنفسكن فأنتن جميلات وكل واحدة منكن تظهر على ملامح وجهها التعاسة "

تنهدت جود وقالت " لقد قاسيت بسبب والدي كثيرا حرمني من دراستي ومن أن أفكر حتى

بالزواج من أحدهم وكان يضربني ووالدتي دائما ولولا بحر لكنا الآن نعمل في البيوت "

قالت ميس بحيرة " هل بحر من يقوم برعايتكم "

قالت بحزن " أجل ولا ينقصنا شيء أبدا وكل ماله ينفقه علينا ويعطيه لوالدي كي لا يضرب

والدتي أو أنا ومازن وحتى المنزل الذي نعيش فيه هوا من استأجره لنا ويدفع الكثير ثمنا له

ويرفض استئجار منزل بسيط ويجلب لي الهدايا والحلي وكل شيء "

ثم شهقت ببكاء وقالت " لو يصيب أخي بحر مكروه فسوف اجن وأقتل نفسي "

كان دوري الآن لحضنها والتخفيف عنها فتابعت ببكاء " كم أتمنى أن أعلم ما يحزنه لأزيله

عنه لو فقط أعلم من يكون والدها لركعت تحت قدميه ليزوجها إياه ليسعد في حياته ولو قليلا "

نظرت لوجهها وقلت بصدمة " من هي "

قالت بحزن " بعد أن أنهى بحر دراسته الجامعية أخبرنا أنه يريد الزواج بفتاة وبعد فترة قال

أن أهلها رفضوه وأنه لن يتزوج بغيرها وخطبها مرارا ودون يأس لقد حزن كثيرا وكان يخفي

ذلك عنا دائما تم تعايش مع الواقع ورفع فكرة الزواج من رأسه كما قال ولكن منذ أكثر من عام

عاد الحزن لبحر أقوى وأشد مما كان ولا أعرف لما , أقسم لو أعلم من يكونون أهل الفتاة

لترجيتهم كل عمري ليعطوها إياه "

نظرت لي رنيم فنزلت دمعة من عيني رغما عني وشهقت شهقة صغيرة ثم كتمت أنفاسي

كي لا يلحظوا شيئا فقالت ميس

" يا لا تعاسة البشر كل واحد منهم يرى أنه الأتعس حتى يستمع لهموم غيره "

تم تنهدت وقالت " منذ مات والدي تحولت طفولتي ومراهقتي وكل شيء في حياتي لهموم

مرضت والدتي واضطررت للعمل لأوفر لنا لقمة العيش وانهي دراستي , المدارس الإسلامية

هناك تنتهي عند مرحلة الإعدادية والانضمام لها صعب جدا وبعدها كان عليا الدراسة في

المدارس المحلية لديهم وكلها بنظام يتبع للكنائس لقد قاسينا كثيرا ونمنا من دون طعام لليالي

وبكيت حتى جفت دموعي وتحولت لحجر لا يبكيه أي شيء لأكتشف بعدها أن لدي عائلة

يعيشون في رغد الحياة وطردوا والدي وشردوه بلا رحمة ولا قلب فكرهتهم كرها أعمى "

تنهدت رنيم وقالت " ما هذه الجلسة الكئيبة التي جلسناها "

ابتسمت وقلت " يبدوا أنك وحدك من لم تعاني يا رنيم "

ابتسمت بحزن وقالت " بلى وحدي السعيدة بينكم فقد قتل والدي رجلا وتمت تبرئته ومات

بعدها مباشرة في الحرب وبقيت أعاني ويلات طالبين الثأر منه وعيشوني في الرعب طوال

حياتي وهددوني بكل أنواع التهديد حتى بالحرق والخطف وبالاغتصاب "

قالت جود بصدمة " وما ذنبك أنتي في ذلك يا رنيم "

قالت بحزن " لأنني ابنته ولأنه لا أحد له غيري فكنت ضحية ذلك "

قلت بهدوء " وماذا فعلتي حيال الأمر "

قالت " لقد أنهى غيث المشكلة ووقعوا على تعاهد بعدم المساس بي وانتهى الأمر أخيرا "

قالت ميس بأسى " اجزم أن هذه الكعكة أصبح طعمها سيئا ولن يأكلها أحد بعد الذي سمعته "

ضحكنا جميعا ثم نظرت لي رنيم وقالت

" جود تملك أيضا إحدى تلك الحروف يا حور أتمنى أن لا تقع ضحيتها أيضا "

ضحكت وقلت " وزوجة أديم المختفية كذلك لديها حرف الياء "

ضحكنا معا فقالت جود بحيرة " عما تتحدثان أنتما "

وقف حينها بحر عند باب المطبخ ونظر لجود وقال بهدوء
" جود أريدك قليلا من فضلك "

وقفت لتضع ما في يدها وكانت عيناي تدققان في ملامح وجهه وكأني أراه للمرة الأولى

فنظر إليا فخفضت بصري للأرض وغادرت جود ولحق هوا بها , لما لم يبتسم لي حظي

عندما خطبني لما , آه يبدوا أنه لن يبتسم أبدا

⚘⚘⚘الجزء الواحد والثلاثون⚘⚘⚘

ميس منذ ذلك اليوم وصهيب يتحاشى التحدث معي ولم يفتح موضوع الزواج ثانيتا يبدوا لي أنه

غير رأيه في الأمر أخيرا أو أن كلماتي أغضبته لقد زارنا اليوم المدعوتان بنات عمي لم

أرغب في رؤية أحد منهم ولكن خالتي و رنيم وحتى حور أكلوا رأسي أكلا ويصرون على

أن أقابلهم ماذا يريدان بي فأنا لا رغبة لي برؤية أحد من تلك العائلتين ولا أعترف بأقارب

والدي سوى عمي شامخ بعدما علمت من السيد جيمس والمحامي ما فعله لأجل والدي وكم

بحث عنا

فكان عليا النزول لرؤيتهم كم أكرههم وأكره وجودهم , والدتي معهم منذ وصولهم أمي هذه

ستصيبني بالجنون لا تترك ضيفة تزور زوجة عمي ولا تجلس معها رغم أنها لا تفهم مما

يقولون شيئا ولكنها في الاستقبال دائما حتى أنها بدأت بتلفظ بعض الكلمات العربية وتعلمتها

حبا في خالتي سماح هي طيبة حقا وتعاني من أنها لا تفهم والدتي , صحة أمي تحسنت كثيرا

ولم تعد النوبات تأتيها دائما بعد أن قام صهيب بالتكفل بعلاجها والسفر بها لأجل ذلك

نزلت للأسفل وتوجهت لمجلس الضيوف دخلت ووجدت خالتي ووالدتي و رنيم والفتاتان

الغريبتان اقتربت منهم فقالت خالتي

" تعالي يا ميس وتعرفي بنات عمك "

صافحتهما في صمت وجلست بعيدا كانت إحداهما تتحدث مع رنيم ويبدوا أن رنيم

تحبها كثيرا وحتى والدتي تحدثها ببعض الكلمات الانجليزية أما الأخرى فتبدوا مختلفة

عنها تماما تتحدث بضيق وتصمت أغلب الوقت , نظرت لي المدعوة علياء وقالت

" ميس هل ستدرسين هنا "

قلت ببرود " لا لن أدرس هنا أبدا "

قالت بابتسامة " ولكن لماذا سأكون سعيدة لو درستِ في جامعتي "

قلت ببرود أشد " لأنهي الثانوية أولا "

قالت الأخرى بضيق " ألم تكتفي بما يقال لك هناك يا علياء "

نظرت لها ببرود وقلت " معك حق فكيف تأخذ معها وصمة العار شخصيا "

قالت بابتسامة سخرية " لا يحتاج الأمر ذلك فقد هلت علينا المصائب في عقر دارنا بسببك "

قالت خالتي بضيق " زمرد توقفي عن ذلك واحترمينا وابنة عمك "

قلت بلا مبالاة " دعيها تخرج ما في جوفها لعلها ترتاح ابنة الحسب والنسب والعفة "

وقفت وقالت " أشرف من أمثالك "

وخرجت من فورها وتركتني أغلي كالبركان فقالت علياء

" آسفة يا ميس وأعتذر منك نيابة عنها فلا تكترثي لها أبدا "

وقفت وقلت بضيق " أخبرتكم مرارا أنني لا أريد رؤية أحد منهم وها قد جاءتكم النتيجة "

خرجت متوجهة للأعلى فوجدتها تقف مع صهيب كان موليا ظهره لي ولا يراني وهي كانت

منشغلة بالحديث معه اقتربت قليلا وسمعتها تقول

" انتظر قليلا يا صهيب أنت الوحيد الذي درس الأدب الانجليزي هلا ساعدتني أرجوك "

قال بصوت يملئه البرود " ليس لدي وقت آسف "

قالت بابتسامة عريضة " ومتى سيكون لديك وقت أنا لست مستعجلة "

تأفف وقال بضيق " زمرد ما الذي تريديه مني "

تغيرت ملامح وجهها وكأنها لم تتوقع منه هذا السؤال ثم قالت

" أريدك في أمر خاص "

قال " ماذا لديك قولي الآن "

قلت بنعومة وتغنج " ليس هنا لا يمكننا التحدث الآن أين أجدك لوحدك "

قال بضيق " لا أكون لوحدي أبدا فقولي ما لديك أو ارحلي "

قالت ببكاء مصطنع وغنج " ما بك قاسي هكذا يا صهيب "

ضحكت وقلت " مرحبا ببنات الشرف الآتي أشرف مني "

التفت لي صهيب بصدمة ونظرت هي لي بكره وقالت

" احترمي ألفاظك ولا تتهميني "

قلت بسخرية " أنا لم اتهمك أنا رأيت بعيني وسمعت بأذني "

قالت بضيق " وما شأنك أنتي بي ابن عمي وأتحدث معه ما علاقتك بالأمر "

كنت أعلم ما كانت تصبوا إليه من كلامها معه لذلك حان دوري لأخذ حقي منها

فقلت مقلدة لطريقتها في الكلام

" لأنه خطيبي يا آنسة "

نظرت لي بصدمة ثم له وكادت عيناها تقفزان من مكانهما ثم قالت

" هل هذا صحيح يا صهيب "

نظر لي تم لها وقال ببرود " ولما عليا توضيح ذلك لك "

قالت بحرقة " هل تخطب شريكة العصابات هذه التي شوهت سمعتنا وتترك بنات عمك "

قال بغضب " زمرد اختاري كلماتك جيدا أو حطمت لك وجهك هذا , ميس ابنة عمنا مثلكم

وأشرف وأنزه مما تعتقدي أو تفكري "

ثم أشار بأصبعه لباب القصر وقال

" أخرجي من هنا الآن ولا أراك في قصرنا أو أقسم أن أجرجرك من شعرك وقد سبق

وأقسمت أن أطرد من يتجرأ على إهانة ميس أمامي بسبب ما حدث "

قالت ببكاء وهي تغادر " هل تطردني من قصركم يا صهيب من أجلها أقسم أن أخبر جدي "

قال بصراخ غاضب لتسمعه " لست أهتم لك ولا لغيرك "

ثم صعد للأعلى دون أن يضيف حرفا واحدا ولا حتى أن ينظر إلي

أديم لقد تحولت حياتي لأيام جوفاء كما كانت عند وصولي إلى هنا فلا شيء سوى هذا

المنزل الذي لا يحوي غيري وذكرياتي وليان وبابه المفتوح الذي لا يدخل منه إلا

الشمس صباحا والرياح ليلا ولم تحمل لي أيا منهما زوجتي وابنتي ولا حتى خبرا

سارا عنهما , كيف تختفي هكذا , كيف تبلعها الأرض ولا وجود لها لما لا تأتي هنا

أو حتى للشركة لتسترجع وظيفتها لو أني فقط أجد حلا لهذا اللغز وكل ما أفعله أنني

أقوم بطرد الأفكار التي تخبرني بأنها قد تكون ميتة منذ شهور , لقد تركت لي فراغا

بحجم هذا الكون كم أشتاق لحديثها ولصمتها القليل جدا لابتسامتها لعيناها اللتان تشبهان

بحيرتان واسعتان ولكل شيء فيها

أنا أعرف ليان جيدا فهي تفضل الموت على أن تطلب شيئا من أحد فأين ستكون أين يا

ترى , ليان لماذا فعلتي هذا بي كيف فكرتي بأنني سأتركك في هذا العالم وحدك حتى

لو سُجنت طوال حياتي ما كنت لأتركها للشارع , آه ولكن ما كان يدريها بذلك وهي

تعتقد أنني لا أملك شيئا سوى وضيفتي هذا عقاب الله لي لو كنت أخذتها لعائلتي لما

وصل لها شاهد في قصرنا وما حدث ما حدث

" أديم ما بك يا رجل هل جئت بي لأجلس أستمع لتنهيداتك وزفراتك "

قلت بضيق " إن لم يعجبك هذا يمكنك المغادرة يا خيري "

قال بلوم " وهل تظن أنني سأتركك بهذه الحال أنت لا تعجبني هذه الأيام أبدا "

مررت أصابعي في شعري وأنا ارفع رأسي للأعلى وقلت

" إن لم أجدهما فسوف أجن كيف تختفي هكذا كيف "

تنهد وقال " وما الذي بيدنا ولم نفعله لو كانت قشة لوجدناها "

نظرت له بحدة وقلت
" كيف تكون ضابطا في الاستخبارات ولا تجدها يالك من فاشل يا خيري "

ضحك وقال " زوجتك هذه جعلت حجمي كالبعوضة وتغلبت علي "

ضحكت وقلت "ولما لا تقل أنها أثبتت ذلك وليس جعلت "

نظر لي بضيق وقال

" بل أثبتت أن كل شعاراتك تلك عن الفقراء والأغنياء فاشلة "

نظرت له نظرة جانبية وقلت ببرود

" لا تتهرب من فشلك بتغيير مجرى الحديث "

ضحك وقال " بل أنت الذي تتهرب من الحقيقة بالعودة لنقطة البداية "

قلت بضيق " هيا هيا اجمع خردتك هذه وعد لشقتك "

ضحك كثيرا ثم قال " حسننا ولكن إياك أن تطلب مني المجيء ثانيتا "

قلت بضيق " رافقتك السلامة ولا تغلق الباب خلفك ككل مرة "

ضحك كثيرا ثم وقف مغادرا وقال

" لا تحلم أنك ستتخلص مني تصبح على خير "

سماح ح لم يتحسن إلا حال رنيم وغيث وهذا وحده كفيل بجعلي أسعد كثيرا رنيم أصبحت في نهاية

شهرها الثامن الآن وبطنها أصبح كبيرا جدا حتى أنها تتجنب كثرة مقابلة أبنائي رغم لباسها

الواسع خصوصا بعد أن تحسنت حال غيث وتم نزع الجبيرة عن أحدى ساقيه وأصبح يتنقل

بحرية داخل القصر ويستقبل الضيوف الذين لا يتوقفون عن المجيء وما يدخل لحظة حتى

يستلمه أخوته بسبب الشركات والأعمال كم كان يحمل غيث من أعباء ولا ندري عنها إلا الآن

" خالتي هل رأيت جود أنا أبحث عنها منذ مدة "

قلت بقلق " لا لم أرها هل هناك شيء "

قالت بابتسامة وهي تجلس بصعوبة " لا شيء خالتي فقط كنت أود التحدث معها في أمر "

قلت بهدوء " تبدين لي متعبة جدا اليوم يا رنيم "

قالت بصوت متعب ونفس متقطع

" هكذا تكون حالتي دائما عند الصباح وسوف تتحسن فيما بعد "

قلت " حملك كان متعبا منذ منتصف شهوره فكيف سيكون الآن أعانك الله على الشهر القادم "

قالت بابتسامة " أصبحت اشك أن الذي بداخلي طفلا أحيانا أشعر أنه جرار "

ضحكت وقلت " رنيم يا ابنتي حركة الجنين شيء طبيعي "

قالت بتألم " وهل كل هذا الركل طبيعي أشعر أحياننا أنه سيمزق أحشائي ويخرج من معدتي "

ضحكت كثيرا وقلت " ابن والده كيف سيكون "

ضحكت وقالت " إنه يتحسسه كل حين ويشجعه على الركل أكثر وكأنه لا يعلم أنه يركلني أنا "

دخل حينها غيث مستندا بعكازه الطبي وقال بابتسامة

" ما بالكم وابني دعوه وشأنه يفعل ما يريد "

قالت رنيم بضيق " ألم أقل لك ذلك أخشى ما أخشاه أن يستمر هذا التشجيع بعد أن أنجبه "

جلس بجانبها وقال ضاحكا " هذا لكي يضرب شقيقته فيما بعد ويربيها "

قالت بضيق " أنت تهدي بالتأكيد هل تحلم أن أترك لكم ابنتي يا متوحشان "

ضحك ثم قال " أمي ما رأيك أنتي "

قلت بحدة " لن تُضرب فتاة لدي مادمت حية يكفيني ذكور وعنف "

قال بابتسامة " هل تعلمي يا رنيم ما كانت تقول والدتي حين كنا صغارا هههههه كانت

تصرخ قائلة لو أحبني الله لكنتم إناث على الأقل سأنتفع بكم "

قالت رنيم بضحكة " يبدوا أنكم كنتم مشاغبين جدا ومتعبين "

تنهدت وقلت " لن تتصوري ذلك يا رنيم كانوا سيخرجون لي قرونا في رأسي صهيب والكل

يشتكي من أنه ضربه وأديم يعظ إخوته دائما وكأن كلبا قد أرضعه من حليبه وغيث يضرب

كل من يقترب من أغراضه وزبير لا يترك شيئا في مكانه ويومي كله أركض والخادمات خلفه

وحده بحر من لم أتعب في تربيته "

دخل حينها صهيب وقال وهوا يقترب " أسمع اسمي يذكرونه بالخير ما هناك يا ترى "

ضحك غيث وقال " لو كنت بحر لصدقناك "

قال باستياء " ما هذه العنصرية يا أمي "

قلت بلا مبالاة " أنا لم أقل إلا الحقيقة فبحر وحده من ربيته وكأنني لم أربي

طفلا موجودا وكأني أعتني بدمية "

قال بضيق " إذا سوف أجمع أغراضي وأرحل "

ضحك غيث وقال " أفعلها سريعا أرجوك "

زفر صهيب بضيق ثم قال مغادرا " أنتم لم تروا شيئا بعد انتظروا أبنائي ليأخذوا بحقي "

ضحكت رنيم بعدما خرج وقالت " أنا لا أحسد زوجته على الركلات التي ستتلقاها من أبنائها

منه إن كان ابن غيث هكذا فكيف بابن صهيب "

قال غيث بابتسامة " وزيدي على ذلك أن تكون والدتهم ميس كما يريد هوا "

ضحكنا ثلاثتنا تم دخل زبير مستاء ويتبعه صهيب قائلا بغضب

" ساعة يا رجل وأنا انتظرك أين كنت "

تأفف زبير بضيق ولم يجب وهذا حاله منذ أيام انقلب للسوء فجئه

ثم دخل بعدهم بحر قبل رأسي بهدوء وجلس فخرجت رنيم عندما اجتمعوا فناداها غيث قائلا

" رنيم جهزي نفسك لنزور الطبيبة سيأخذنا بحر لها ومن ثم سنذهب لشراء كل ما سيلزمكما "

غادرت رنيم في صمت وجلس زبير وصهيب ثم قال صهيب

" بحر ماذا بشأن الموضوع الذي حدثتك عنه لو كانت قضية أمنية لاتخذتم قراركم "

قال بحر بهدوئه المعتاد " وما بك مستعجل هكذا "

قال زبير بضيق " بحر ألا ترى أن شقيقتك لا تزال صغيرة وقد توافق فقط لترفع عنك مسؤوليتها "

نظر له صهيب باستغراب وقال " ومن هذا الذي كان يوزعها على الجميع "

قال زبير بضيق أكبر " هذا فقط لأن عوف صديقك تلمعه له فلا تنسيا كلاكما ابن

من يكون وما ستعانيه جود من والدته وعمي وأبنائه "

قال بحر بهدوء " زبير لا أدري ما الذي يضايقك في الموضوع "
قال بصدمة " هل توافقن عليه يا بحر "

قال بحر بضيق " القرار لجود قبلي ثم أقرر أنا ولا شأن لأحد بذلك فهمتم "

غادر زبير متضايقا يتبعه صهيب قائلا " انتظر هل ستذهب لوحدك "

خرج حينها غيث فنظرت لبحر وقلت " ما الذي يضايق زبير في الأمر يبدوا لي مستاء جدا "

قال بهدوء شبه هامس " وأنا أيضا أعجز عن فهمه "

دخلت حينها حور وقالت " خااا .... "

ثم توترت كثيرا ونظرت للأرض وقالت بهمس " خالتي أين رنيم "

قلت بهدوء " إنها في غرفتها ستخرج برفقة غيث الآن "

قالت " هل سيذهبان للتسوق "

قلت " نعم "

قالت " هل غيث معها الآن "

قلت بهدوء " لا أعلم يا ابنتي "

قالت بهمس " شكرا لك "

ثم غادرت بهدوء فنظر لي بحر وقال " إلى متى سيسجن ابنك هذه المسكينة

يبدوا أنها تريد شيئا وستطلب من رنيم أن تجلبه لها "

قلت بقلة حيلة " لا أعلم ولا حيلة لدي "

قال بضيق " ابنك هذا لا يتصرف تصرفا عاقلا أبدا كم أخطأ والدي شامخ فيما فعل "

نظرت له بصدمة فوقف وغادر صامتا لو أعرف ما بينه وبين زبير ولما تتوتر

حور كلما رأته وما سبب ضيقه من كل أمر يضايقها , ترى هل .... لا يا الهي

هل تكون هي الفتاة التي حدثني عنها منذ سنوات لا تقوليها يا سماح لا تقوليها

وقفت وسرت باتجاه المطبخ ووجدت حور هناك جلست وفي ذهني ألف سؤال

والجواب واحد ولديها هي , تحدثت معها في أمور متعددة ثم سألتها إن كانت

عاشت كل حياتها هنا في العاصمة فعلمت منها أنها كانت تسكن في مدينة والد

بحر ذاتها ودرست في نفس جامعته فقلت

" يعني أنك درست في جامعة بحر نفسها "

توترت بشكل واضح ثم قالت " لا أعلم قد يكون ذلك أو أني درست بعد تخرجه "

لقد كان شكي في محله , يا ويل قلبي عليك يا بحر ألن يسعد هذا الشاب أبدا في حياته لقد

علمت الآن سبب كثرة تغيبه وسبب مرض حور الدائم وحزنها , شامخ لا بارك الله في

وصاياك لقد دمرت قلوب أبنائي جميعهم

غيث
بعد أن تحسنت حالتي كان عليا الخروج و رنيم للتسوق من أجل المولود , منذ مدة اقترحت

عليها أن تذهب برفقة والدتي وأحد أخوتي لتشتري ما يلزمها ولكنها رفضت ذلك وأصرت

على أن تنتظر حتى أنزع الجبيرة ونخرج سويا لقد بدأ أخوتي بجلب ملابس عديدة من أجل

ابني كلما سافروا بعضها لغير سنه حين يولد وبعضها مضحك والكثير منها لا يليق بحديثي

الولادة وحده أديم من لازال حتى الآن يحضر ملابس الإناث ويكومها في جناحه كم أتمنى أن

يجمعه الله بهما في أقرب وقت

أصرت رنيم على جود وركبت رأسها هذه العنيدة حتى وافقت جود على المجيء معنا زرنا

الطبيبة ثم ذهبنا للسوق تركنا بحر هناك وغادر اختارتا محلا كبير جدا متخصص بملابس

الأطفال ومستلزمات الولادة لكي لا يتعباني في السير وبدأتا بالتنقل في كل ناحية كالنحلتين

جود تجر رنيم لتسرع وترى ما وجدت و رنيم تتبعها بتعب كانتا مضحكتان حقا فالنساء

ينسون أنفسهن عندما يدخلن الأسواق وقفت عند إحدى القطع وناديت على رنيم فجاءت وقلت

لها " انظري لهذه إنها رائعة "

ضحكت بتعب ثم قالت " آآآي غيث أرجوك ما هذا هل ستلبس ابننا بذلة رجال الجيش هذه "

قلت بضيق " وما في هذه القطعة لا يعجبك "

قالت بابتسامة " غيث المولود يكون لحمة طرية يصعب حتى إمساكه كيف سنلبسه هذه

يبدوا أن أخوتك قد أثروا فيك بما جلبوه "

قلت بضيق " وما في الذي اشتريتماه ما ينفع إنها تبدوا كملابس المتسولين "

ضحكت وقالت " كل المواليد يرتدون تلك إنها خفيفة ومريحة "

دخل حينها للمحل شابان وحدهما على غير العادة فمثل هذه الأمكنة تدخلها السيدات وحدهن

أو رجال بصحبة زوجاتهن كبتت مشاعر الضيق بداخلي ففي كل الأحوال أنا صرت

أعرف رنيم جيدا نظرت رنيم لهما ثم لجود ونادتها قائلة

" جود هيا لنغادر "

قالت جود مقتربة " ولكننا لم ننتهي بعد "

قالت رنيم بهدوء " لقد اشترينا أغلب الأشياء والباقي ستحظرينه أنتي أو خالتي فيما بعد "

ثم نظرت لي وقالت " اتصل ببحر لنغادر "

قلت بعد صمت " تابعا تسوقكما وأنهيا ما تريدانه أولا "

قالت معترضة " لقد أخذنا كل الضروريات والباقي سنشتريه فيما بعد "

حاسبت البائعة وخرجنا بكومة أكياس وحظر بحر سريعا لحسن الحظ فأقترح أن

نذهب لمكان للتنزه فأثنيت على الفكرة لأن رنيم تحتاج للمشي كثيرا واقترحت عليهم

أن نذهب للبحر فأنا أعلم جيدا أن بحر يحفظ كل شبر في ذاك المكان وسيختار لنا

مكاننا هادئا ومناسبا وكان كما توقعت تمشيت برفقة رنيم بصعوبة طبعا وجلس بحر

وجود عند الشاطئ

" غيث دعنا نعود ونجلس سوف يتعبك المشي كثيرا "

قلت " حسننا ويمكنك المشي برفقة جود وسنجلس أنا وبحر هناك "

سرنا بضع خطوات ثم قالت " كم المكان هادئ وجميل هنا ليتنا أحضرنا حور معنا "

ضحكت وقلت " وهل هناك من تخرج مع زوجها وتجلب الجميع معها "

ضحكت وقالت " يا لي من عديمة رومانسية حقا "

ضحكنا سويا ثم قالت " ما أن تشفى سنعود إلى هنا سويا "

قلت بابتسامة " بالتأكيد وشامخ الصغير معنا أيضا "

وصلنا عند بحر وشقيقته فقالت رنيم " جود هيا تعالي لنتمشى معا "

وقفت جود وغادرتا وجلست بجوار بحر فقال بهدوء

" يبدوا لي أنك و رنيم قد تجاوزتما خلافاتكم "

قلت بعد صمت

" لا شيء يبقى على حاله يا بحر فإما أن تتعايش معه وإما أن تتخلص منه "

قال بهمس " محق إما أن تتعايش أو تتخلص أو تهرب "

نظرت له في حيرة ثم قلت " ما بك يا بحر ما الذي تخفيه عن الجميع "

نظر لعرض البحر وقال بحزن " إنها حور يا غيث "

قلت بصدمة " حور ما بها "

قال بذات النظرة والنبرة

" إنها هي الفتاة التي كنت أحب وخطبتها ورفضني عمها منذ خمس سنين "

ألجمتني الصدمة عن الحديث وكأنه صفعني بيد من حديد فقلت بعد صمت

" حور "

نظر لرمال الشاطئ تحته وقال بحزن " نعم حور رفضني ووافق على زبير ودون

تردد لقد قتلني يا غيث قتلني ولا زال يفعل ذلك كل يوم "

هززت رأسي وكأنني أريد رمي كل ما سمعت منه خارجه وقلت

" مستحيل كيف يحصل معك كل هذا , ولكن هل زبير يعلم "

قال بهدوء " لا أعتقد ذلك ولا أريد أن يعلم "

قلت بأسى " سحقا لتلك الوصية لماذا هي تحديدا لماذا "

قال بألم " لأتعلم درسا قاسيا اسمه لا تفرط فيما لديك كي لا تراه عند غيرك "

قلت بهدوء " ولكنه هوا من رفضك وأنت لم تفرط فيها "

ابتسم بحزن وقال " ولكنني هربت بعيدا وتركتها ولم أخرج بحل آخر من تحت الصخور "

قلت بحيرة " هل كان والدي على علم بذلك "

قال بهدوء " لا أعتقد ذلك فهوا لم يجد عمها إلا بعد سنة مما حدث وأنا لم أخبره أنه زوج والدتي "

آه ليتك لم تبث همك لي يا بحر ياله من جبل هذا الذي تحمله على كتفيك يا أخي وكأنه

ينقصك هموم قلت بهدوء

" أنا استغرب أن تتحدث معي في الأمر يا بحر هذه ليست عادتك "

قال بحزن " أخبرتك بذلك لتعلم أنه ما أن يتركها زبير سأتنازل عن نصيبي وسأتزوجها أو

أموت سعيا من أجل ذلك ولن أقف متفرجا مرة أخرى "

قلت بحدة " هل تعي ما سيقوله الناس عنا حينما يطلق أحدنا زوجته ليتزوجها شقيقه بعده على

الفور ثم وعائلتك كيف ستصرف عليهم "

قال بألم " لن أفرط فيها لو صارت حرة يا غيث ولو أفنوني من البلاد ونمنا على رصيف الشارع "

اقتربت حينها رنيم وجود ووقفنا مغادرين للمكان بعدما حملني بحر هما بحجم شبيهه الذي تركناه خلفنا

صهيب ذهبت باحثا عن ضالتي حتى وجدته أمسكت به من ثيابه ووجهت له لكمة على وجهه حتى

نزف انفه ثم زدته الثانية وقلت " أنت يا أنيس أنت من فعلها أليس كذلك "

قال بغضب " عما تتحدث أنت "

قلت بصراخ وأنا أشد عليه أكثر

" عن الفضيحة أتحدث عن ميس وخبرها في الجرائد تعلم عما الآن "

قال " لا أعم أتركني وشأني "

لكمته الثالثة فهوى أرضا نزلت عنده خنقته بيد واحدة من رقبته حتى تغير لون

وجهه وقلت بغيض " ستعترف الآن أو قتلتك "

أفلته حين وصل أقصى درجات التحمل ثم سعل وقال

" تقتلني يا صهيب من أجل فتاة "

ركلته وقلت بغضب " وأقطعك أيضا إنها ابنة عمك يا حثالة شرفك وسمعتك ألا تفكر فيها ألم

تجد طريقة أخرى لتنتقم مني بها غيرها "

قال بسخرية " هذه بتلك يا صهيب "

ركلته بقدمي مرات ومرات حتى تعبت ثم رفعته من ثيابه وقلت بغيض من بين أسناني

" ليس غريبا هذا عن الأنذال أمثالك وسترى ما سيحل بك أما ميس فستكون زوجتي وخطتك

فشلت بل خدمتني خدمة العمر أما أنت فحسابي معك عسيرا "

ثم رميته على الأرض وغادرت

الفصل الثاني والثلاثون

زبير لا يعلم بحر أي سكين يضربني به كلما قال أن جود هي من يقرر وها هي لم تقرر حتى الآن

ولم تخبرني عنه أيضا فما معنى هذا , كل ما أخشاه أن توافق عليه من أجل بحر وما الذي

يجعلها لا توافق ولست سوى شاب تعرفت عليه عبر الهاتف لا تعرف عنه شيء ولا حتى

اسمه ومرهون بوصية لا أحد يعلم متى يمكنه الفكاك منها ولديها مشاكل لا حل لها سوى أن

تتزوج , لم أكرهك يوما يا عوف لكنني الآن أتمنى أن أقتلك وسأفعلها لو أطرني الأمر لذلك

فلن يأخذها مني أحد كائنا من كان

دخلت القصر وكانت المفاجئة في انتظاري عوف يقف مع جود في الحديقة ويتحدثان

اقتربت منهما فغادرت من فورها نظرت له بكره وصمت فقال

" مرحبا زبير "

قلت بغيض " هل لي أن أعلم ما الذي تفعله هنا "

قال بتوجس " ليست هذه المرة الأولى التي أزور فيها قصركم يا زبير "

قلت بغضب " ولكنها الأولى التي أراك فيها تقف مع أحدى نساءه ولوحدكم , هذا

إن كانت الأولى "

قال بضيق " لا أسمح لك أن تتهمني هكذا يا زبير وأن تتهم جود "

قلت والنيران تشتعل وتخرج من جوفي " رائع ومنذ متى رفعت الكلفة هنا "

قال بحدة " أنا لم أخطأ بشيء لقد تحدثت معها في أمر يخصنا أمام الباب وعلى مرأى من الجميع "

قلت بصراخ غاضب " أقسم إن رأيتك تقف معها حطمت رأسك يا عوف ولن يرحمك مني أحد

أنت طلبتها من شقيقها وعليك أن تنتظر الجواب منه تفهم , ولا تحاول إقناعها أو قتلتك "

تخطاني وقال مغادرا " عجبا هل ستتحكمون بها لأنها تسكن لديكم ولكن حديثي ليس معك "

لحقت به وأمسكته من ثيابه وقلت مهددا إياه

" إن علم بحر بشيء مما دار بيننا فلن تحلم بها مادمت أنا على وجه الأرض تفهم "

ثم أفلته فغادر غاضبا وقلت من بين أسناني

" ولن تحلم بها في كل الأحوال "

دخلت والنيران لا تزال تلتهب وتلتف حول جسدي كالإعصار فقابلت جود في طريقي حاولت

كبت جماح غضبي كي لا يتكرر ما حدث في السابق فبحر حينها لن يتركها لحظة هنا وقلت

" جود ماذا كان يريد منك عوف "

قالت بعد تردد وتلكك " طـ طـــلب أن يعرف رأيي في أمر "

زفرت بقوة وقلت " وماذا قلتي له "

نظرت لي في حيرة واستغراب فقلت بحدة " جووود "

ارتجفت بخوف وقالت " اقسم أنني لا أعرفه هوا من تكلم معي "

تنفست بقوة وقلت بهدوء

" جود لا تفهميني خطأ وتغضبي مني كالسابق لكن ما كان عليك الوقوف معه "

أخفضت رأسها وقالت " آسفة ولكنه هوا من استوقفني "

قلت بجدية " هل أنتي موافقة على الزواج به "

نظرت لي بصدمة فقلت بتوتر " أعني إن كنتي وافقتي ..... أو إن كان رأيك ..... "

تبا لك يا زبير ألم تعد تعرف كيف تنتقي الكلمات غادرت وتركتها واقفة وخرجت من القصر

برمته تجولت في الشوارع لساعات وأنا لا أرى شيئا أمامي ثم ذهبت لصديقي جبير طرقت

الباب ففتح لي شقيقه الأصغر وقال بابتسامة طفولية

" مرحبا عمي زبير هل أحضرت لي الشكولاته "

حملته بيدي ووضعته على كتفي وقلت

" أنت تعلم أن جبير يغضب من أكلك لها كثيرا سأحضرها فيما بعد حسنا "

قال بحزن " لاااااااااااا أنت لا تأتي من دونها أبدا "

أنزلته وقلت " في المرة القادمة سأحظرها أعدك بذلك "

نظرت لي فتاة من فتحة الباب بخجل كم أحب هذه الطفلة ابتسمت وقلت

" هناك أميرة صغيرة تختبئ خلف الباب متى ستظهر يا ترى "

خرجت ببطء وقالت " الشيكولا "

ضحكت وقلت " هل أصبحت رمزا للشكولاتة هنا "

" هههههه أنت السبب في ذلك "

كان هذا صوت جبير نازلا من الأعلى فقلت بابتسامة

" ولما تمنعني من إحضارها إذا "

قال بذات الابتسامة " لقد زرنا طبيب الأسنان مرتين متتاليتين بسبك هذا الشهر "

نظرت لهما وقلت " إذا سنغيرها بشيء آخر ما رأيكما "

قال أمجد بضحكة " الحلوى إذا "

قال جبير بجدية " والحلوة ممنوعة أيضا "

قفزت ملاك وقالت " إذا الدمى "

ضربها أمجد على رأسها وقال " غبية ما نريد بالدمى "

ركضت باتجاه غرفتها باكية ولحق بها جبير بعد أن وبخ أمجد , مسكين جبير يرفع كل

هذه المسئولية لوحده وحتى الفتاة التي يحب تخلت عنه في هذه المحنة

خرج وقال بغضب " إلى غرفتك يا أمجد "

غادر أمجد فقال بضيق " أكاد أجن منهما "

ضحكت وقلت " أحمد الله أنهما اثنين فقط "

تنهد وقال " اثنين ولكنهما بعشرة , وكما تعلم فالكثير من الأمور لا تعرف التصرف فيها إلا

النساء وكم أخشى أن يكون اختياري سيئا فأضر بهما "

قلت بهدوء " ولهذا لم تختر واحدة بعد "

قال بحزن " هذا بعض من كل "

قلت بيأس " إذا لم تنسى تلك الفتاة بعد "

قال وهوا يضع يده على كتفي حاثا لي للدخول معه

" كل شيء يأخذ وقته يا صديقي "

قلت بمرح " وما رأيك أن أبحث لك عن واحدة "

قال بضحكة " كالسابقة "

ضحكت وقلت " لا فلن أقول لك عنها حتى أعرف رأيها وبالنسبة

لشقيقة بحر فأنا من أفسد الأمر "

جلس وقال بصدمة " أنت من أفسده "

قلت بابتسامة " ودون قصد طبعا ولكني خيرا فعلت "

قال بحيرة " ولما هل اكتشفت عنها شيئا سيئا "

قلت مباشرة " لا على الإطلاق ولولا أسبابي لسعيت حتى حفيت

لأزوجك بها إنها الماسة يا جبير "

قال بمكر " جيد سأطلبها من شقيقها إذا "

قلت بحدة " أحذرك من فعلها سمعت "

ابتسم وقال " لقد وقعت يا صديقي ما قصتك معها "

تنهدت وقلت " قصة معقدة ككل قصصي "

قال بحيرة " لما لا تحكي لي ما تخفيه يا زبير تلك ليست عادتك "

قلت بأسى " لا أستطيع ذلك الآن في المستقبل ربما "

قال بعد صمت " وماذا عن زوجتك إنك متزوج يا رجل "

تنهدت وقلت " وتلك قصة أخرى دعنا منها الآن "

قال بضيق " لا أعلم ما الذي غيرك عني فجئه ولكن لا بأس فلكل واحد منا ظروفه "

ضربته على كتفه وقلت " عليا أخذ شقيقك في نزهة الآن بدلا عن الشيكولاتة ورفعا

لمسئولية النزهات عنك كما اتفقنا "

قال بابتسامة " لا أعرف كيف أشكرك يا زبير "

قلت وأنا أقف مغادرا " لا تشكرني حتى نجد لك عروسا مناسبة "

خرجت وقلت مناديا " أين هما الشقيان فسنذهب في نزهة الآن "

خرجا من فورهما ركضا وكأنهما كانا خلف الباب وتعلقا بساقي وكأنني سأطير بهما

عند المساء اتصل بي صهيب وكما توقعت كان يصرخ ويزمجر فقلت له مختصرا الأمر

أن ما فعله عوف سيجعل جود تطر للموافقة من أجل بحر فأغلق الخط مستاء وها أنا

ليس لدي إلا الغليان والانتظار

جود

عليا أن أتحدث مع بحر لأعطيه رأيي في الأمر كم أشعر بالحيرة حيال الموضوع فعليا أن

أفكر في شقيقي ولا أكون أنانية وأنتظر السراب كم مرة سأرفض الخطاب وبما سأتحجج

الآن ولكني أحب ذاك الشاب حقا , آه يا جود وهل له أي وجود حتى أنك لا تعرفين اسمه

ولا شكله ولا متى تنتهي ظروفه تلك , كم أشتاق لوالدتي ومازن فلم أرهم منذ أشهر سامحك

الله يا والدي

" جود هلا تحدثنا قليلا "

نظرت للواقف وصدمت بأنه صهيب فسكتت مطولا ثم قلت بتلعثم

" أ أ أنا "

قال بهدوء " نعم قليلا فقط لو سمحتي "

قلت بتوتر " نعم هل من مكروه "

نظر لأصابعه ثم قال " بشأن عوف أعطني رأيك في الزواج به ولن يعلم أحد ولا

حتى بحر ولا زبير وسأقف معك مهما كان قرارك أعدك بذلك "

قلت بحيرة " وما شأن زبير بذلك "

قال بهدوء " لقد تشاجر مع عوف وهدده لأنه رآك تقفين معه وسبق أن تشاجر مع بحر أيضا "

قلت بدهشة " ولما يتشاجر معهما "

قال بلامبالاة " لا أعلم ربما بسبب رفضك لصديقه , قولي ما رأيك "

تنهدت وقلت " أنا غير موافقة "

قال بجدية " إذا سأتحدث معه لينتهي الأمر دون علم أحد حسننا "

قلت بهدوء " ولكن لما تفعل ذلك "

قال مغادرا " لأنني لا أريدك أن توافقي من أجل بحر لن أرضى بأن تظلمي

نفسك , تلك هي طبيعتي "

التقى هوا وميس داخلة فتخطاها وخرج نظرت لي في حيرة فقلت بتوتر

" ميس لا تستعجلي في الحكم علينا "

ضحكت وقالت " ما بك خائفة هكذا "

تنهدت بارتياح وقلت " حسبتك ستفهمين الأمر خطأ "

قالت بهدوء " لا لم أفكر في شيء من ذلك ولكن فيما كنتما تتحدثان "

قلت بحزن " مشكلة كنت أبحث لها عن حل دون علم بحر وحمدا لله أنه خرج لي

ليحلها كم هوا رائع خطيبك يا ميس "

قالت بضيق " أنتي أيضا خطبتني له "

قلت بجدية " ميس ستكونين غبية لو أضعته من يدك "

جلست وقالت بلا مبالاة " هوا لم يعد يهتم للأمر على كل حال "

جلست أمامها وقلت " ماذا حدث بينكما "

قالت ببرود " لا شيء ولا أعلم ما به ولم أسأله "

وقفت وقلت مغادرة

" ميس بعض الأشياء لا نعرف قيمتها إلا عندما نخسرها تذكري ذلك جيدا "

توجهت لغرفتي أمسكت الهاتف وحاولت الاتصال به مجددا ودون جدوى هوا لا يجيب

على اتصالاتي مند مدة ولا أعلم ما به أرسلت له رسالة وكتبت فيها

( أعلم أنني لم أعد أعني لك شيئا ولكن أخبرني أنك بخير على الأقل )

أرسل رسالة وفيها ( أنا بخير )

أرسلت ( لماذا أنت غاضب مني )

ولكنه لم يجب لا اذكر أنني قلت شيئا يزعجه مني هكذا , تركت الهاتف وخرجت فتقابلت

وزبير نظر للجانب الآخر وغادر في صمت لا أعلم لما هذا أيضا غاضب مني ما ذنبي أنا

إن أوقفني ابن عمه وتحدث معي

المشكلة أنه لا يمكنني التحدث مع بحر في الأمر كي لا يغضب كما في السابق

صهيب

" لا أحد يمكنه مساعدتي هناك غيرك يا عوف "

قال بتردد " ولكنه والدي كيف افعل ذلك "

قلت بحدة " أقسم إن كان والدي لفعلتها دون أن أتردد "

قال بهدوء " وما يدريك أنهما هما وراء ذلك "

قلت بجدية " هناك أمور علمتها جعلتني أشك في الأمر "

قال بحذر " ما هي "

قلت بضيق " هل عليا قولها لك "

قال بجدية " إن لم تخبرني وتقنعني فلن أساعدك "

تنهدت وقلت " تحصلت على معلومات من رجل أيرلندي تفيد بأن رجلا عربيا وراء تهمة

عمي نبيل هناك فتحريت عنه وكان من هنا وكان يعمل لدى جدي في الماضي "

قال ببرود " وهل هذا يعني أن والدي أو وعمي وراء ذلك "

قلت بضيق " إنسا الأمر يا عوف "

قال بحدة " وما بك هكذا متسرع في الحكم عليا يا صهيب "

قلت بغضب " لأنك وعلى ما يبدوا لا تريد مساعدتي ولا تصدقني حتى "

قال بهدوء " لن أفعل ذلك بوالدي أبدا ومهما كان "

وقفت وقلت بغضب " وترضى أن يفعل ذلك بعمك البريء أليس كذلك أنظر كم عانى

بسببهما وكم عانت أسرته لقد خذلتني يا عوف "

صرخ غاضبا " لو كنت مكاني ما كنت لتفعل ذلك بوالدك ثم أنت ليس لديك دليل قاطع حتى الآن "

قلت مغادرا " أقسم إن كان والدي لسجنته ولن أترك حق أحد يضيع أمام عيني "

غادرت مغتاظا وتوجهت من فوري للقصر فلم يبقى أمامي إلا حل واحد أخير بحثت عن رنيم

وعلمت أنها في جناحها وغيث فاتصلت به لأستأذن للدخول فتحت لي باب الجناح دخلت وقلت

" مرحبا رنيم كيف حالك "

قالت وهي تتحدث بصعوبة " بخير لو أن ما جئت به في هذه الساعة لا يسبب التعب "

ضحكت وقلت " ولما أنتي خائفة هكذا "

دخلت الغرفة ألقيت التحية وجلست بجوار غيث وقلت مازحا

" أشك أنك قد تعافيت وتفعل هذا لأنك استحليت خدمات رنيم وتدليلها لك "

ضحك وقال " ومن شر حاسد إذا حسد "

قلت بضيق " لما يتهمني الجميع بالحسد هنا يا لكم من عائلة "

دخلت رنيم وجلست بعيدا فضحكت وقلت

" رنيم لقد ذكرتني بيوم فتحنا الوصية وجلستي مبتعدة عن الجميع لكن القذيفة طالتك أينما كنتي "

ابتسمت وقالت " لا تذكرني بذلك اليوم أرجوك "

قال غيث بضيق " تقولينها أمامي يا رنيم وأنا من أصبح يحب تلك الوصية "

ضحكت وقالت " الآن شيء وذاك اليوم شيء آخر "

قال بأسى " لقد صدمتني حقا "

ضحكت وقلت " هيا ما بكما لا تتشاجرا بسببي "

وقفت رنيم فقلت " أين ستذهبين يا رنيم أريدك في أمر "

نظرت لي بخوف وقالت " بالله عليك يا صهيب إن كانت مصيبة فاتركها حتى ألد "

ضحكنا كلينا وقال غيث " هي جربت ذلك سابقا فأجل الأمر إن كان سيئا "

قلت بابتسامة " لا ليس سيئا لك ولا لأحد منا "

قالت " إذا سأحظر لك العصير "

قلت بسرعة " لا شكرا يا رنيم دعينا نتحدث قليلا وسأغادر "

جلست مكانها فقلت

" لدى والدتي رقم هاتف علياء ابنة عمي عصام هل تتحدثين معها "

قالت بحيرة " علياء ولكن لما "

قلت بجدية " الموضوع مهم ويخص عمي نبيل ووحدها من يمكنه المساعدة "

قال غيث " ماذا هناك يا صهيب "

حكيت لهما كل ما علمت فأمسكت رنيم رأسها وكادت تتهاوى من الكرسي وقالت

" يا إلهي ما كل هذا "

وقف غيث وتوجه ناحيتها يجر ساقه المجبرة دون عكاز وقال

" رنيم هل أنتي بخير ما هذا الذي فعلته يا صهيب "

قلت معتذرا " آسف ما كنت أقصد ذلك "

قالت بتعب " لا عليكما إنه دوار بسبب انخفاض الضغط وسيزول حالا "

جلس غيث بجانبها وقال " هل أنتي متأكدة "

قالت " أجل ولكن ما علاقة علياء بذلك "

قلت بهدوء " أريد أن تبحث لي بين أوراق والدها "

قالت " وهل تظن أنها ستوافق "

قلت " إما أن تفعل أو تتكتم عن الأمر هلا ساعدتني يا رنيم فكما علمت من والدتي

هي تستلطفك كثيرا وقد أصبحتما صديقتان "

قالت بحيرة " وكيف ستساعدك إنه والدها "

قلت بجدية " هوا ضربها لأنها دافعت عن حق ميس ووالدتها فهذا يعني أنها ضد ما يجري "

قل غيث " ولكن ذاك شيء وأن تشي بوالدها أمر لن تقبله أبدا "

قلت واقفا لأغادر " لنجرب إذا ولن نخسر شيئا "

قال غيث " ستخسر إن أطلعت علياء والدها على ذلك "

قلت بلامبالاة " فليفعل ما يحلو له "

قال بحدة " هل تعي ما ستفعل يا صهيب إنهم أعمامك أمام الناس مهما حدث "

غادرت في صمت , ما كان عليا أن أتحدث معها في وجوده على كلن لن أتوقف عند هذا

الحد وسوف ابحث عن غيرهما صعدت لغرفتي فوجدت ميس تقف مستندة على جدار الممر

تجاوزتها في صمت فقالت بهدوء

" صهيب "

التفتت لها وقلت " نعم "

قالت بعد صمت " ماذا حدث بشأن قضية والدي هل من جديد "

قلت ببرود " لا جديد حتى الآن "

نظرت لعيناي قالت " لماذا أنت غاضب مني "

قلت بذات البرود " ومن قال أنني غاضب منك "

نظرت للأسفل وقالت " تصرفاتك تقول "

قلت بضيق " أنا لا أفهمك حقا يا ميس ما الذي أفعله ليعجبك "

غادرت راكضة فلحقت بها وأمسكتها من ذراعها كانت تحاول إخفاء وجهها عني فلففتها

حتى أصبحت مقابلة لي ورفعت وجهها بيدي فصدمت لثواني ثم قلت

" ميس لما تبكي "

ركضت ودخلت غرفتها وتركتني جامدا في مكاني , ميس التي لم تبكيها أعتا المصائب

وأوجع الإهانات تبكي الآن من كلماتي هذه , طرقت باب غرفتها مرارا ولكنها لم تجب

ففتحت الباب ودخلت, وجدتها مرتمية على سريرها وتخفي وجهها بذراعيها

اقتربت وجلست على طرف السرير وقلت بهدوء

" ميس هلا تحدثنا قليلا "

قالت بصوت باكي ووجها مخفي عني " لا أريد "

تنهدت وقلت " توقفي عن البكاء الآن ودعينا نتحدث "

لم تجب ولم تتحرك فقلت بجدية

" ميس إن لم تتوقفي وتريني وجهك الآن فسأفعل شيئا لن يعجبك "

جلست ونظرها للأسفل وقالت بحدة " هاذي أنا جلست ماذا تريد "

قلت بابتسامة " أردت أن أرى وجهك وأنتي تبكي فهذا المشهد لن يتكرر إلا بعد سنين "

نظرت لي بضيق فقلت " ميس متى سننتهي من هذا "

نظرت للجانب الآخر في صمت فوقفت وقلت

" آسف على إزعاج لك "

وغادرت متوجها لغرفتي وبعد يومين وأنا في الصالة الرياضية سمعت خطواتها

تدخل ثم تقترب جلست مبتسما وارتديت قميصي ها قد جاءت الفراشة للفخ فلا شيء

يجدي معك سوى الحيل يا ميس

ميس بدأ برود صهيب اتجاهي يصيبني بالجنون لما يفعل ذلك وفيما أخطأت أنا في حقه هل

عليا أن أوافق عليه ليرضى عني هل أكذب ليرضى , حتى أنه لم يعد يخبرني ما فعل

بشأن والدي ويرفض أن افعل أي شيء بخصوص الأمر ويحاصرني هنا كي لا أفعل

شيئا من تلقاء نفسي , كلام جود اليوم جعلني أفكر مليا وقررت فقط أن أساله لما

هوا منزعج مني

انتظرته طويلا حتى خرج من جناح شقيقه لقد ظننت أنه سوف ينام هناك فمر بجانبي

وكأنه لم يراني كعادته مؤخرا استوقفته لأكلمه وكلماته رغم بساطتها لكنها أشعرتني

بحجم كبير من الإهانة على غير العادة لقد جرحتني كلماته حقا ولا أعلم لما ونزلت

دموعي رغما عني ولا أعلم لما أيضا

بعد يومين قررت التحدث معه لنضع نهاية لكل هذا كما قال , توجهت لمكانه المعتاد

بعد صلاة الفجر دخلت قاصدة الغرفة ذاتها التي وجدته فيها المرة الماضية فخرج منها

قبل أن أصل إليها نظرنا لبعضنا مطولا ثم أخفضت بصري وقلت

" هل ستُظهر براءة والدي هل ستفعلها مهما طال الزمن "

اقترب مني ورفع وجهي بأصابعه حتى التقت عينينا مجددا وقال

" ولن أكون صهيب إن لم أفعلها "

قلت بعد صمت " إذا أنا أوافق على الزواج بك "

ابتسم وقال " وما الجديد في الأمر "

قلت وأنا ابعد يده عن وجهي " من أجل ذلك فقط "

وضع يديه في جيوب بنطاله وقرب وجهه مني وقال

" ومن أجل ماذا أيضا "

قلت ببرود " ومن أجل أن تتوقف عن ترديد ذلك وترحمني "

قال " ومن أجل ماذا أيضا "

قلت بنفاذ صبر " ومن أجل الفضيحة التي تسببت لي بها طبعا "

ابتسم ابتسامة جانبية وقال " وأيضا "

نظرت له بصدمة ثم قلت " ما بك أنت هل جننت "

ضحك وقال " وكيف لي أن لا أجن وأنتي توافقين عليا أخيرا "

قلت بجدية " ولكن لدي شروط أخرى "

اقترب مني خطوة وقال " حسننا وما هي "

ابتعدت خطوة وقلت " دراستي سأكملها ولكن ليس هنا "

اقترب خطوة وقال " وماذا أيضا "

ابتعدت ثانيتا بخطوة وقلت " والدتي "

اقترب وقال مبتسما " وما بها "

التصقت بالجدار وقلت " صهيب ابتعد عني "

وقف وسد الطريق بيده وقال " هل تناديني باسمي وتطلبي مني الابتعاد "

قلت بحدة " إن لم تبتعد فلن نكمل حديثنا وإنسا كل شيء "

ضحك وقال " لم أتصور أن تخافي مني هكذا يا ميس أنا لن أؤذيك فأنتي حبيبتي "

قلت ببرود " ومنذ متى كنت حبيبتك "

أمسك وجهي بيده وقال " منذ رأيتك أول مرة "

أبعدت يده وقلت بتهديد " إن لم تبتعد الآن صرخت بكل صوتي "

ابعد يديه ووضعهما في جيوبه وقال بابتسامة " حسننا ها قد ابتعدت تابعي "

قلت " لن نتزوج حتى تفعل ذلك "

هز رأسه بالنفي فقلت بضيق " إذا لن نتزوج "

تنهد وقال " ميس لما لا ترحمينني أقسم أنني أتعذب وسوف أصاب بالجنون "

قلت بضيق " سوف تتخلى عن كل ذلك يوما وحتى أنا ستتزوج بغيري لأني مجرد

مسئولية بالنسبة إليك "

أخرج يديه من جيوبه ورفعهما جانبا على حدهما وقال بعتب وضيق

" ماذا أفعل لتصدقي بل ما الذي لم أفعله بعد يا ميس لقد أتعبتني معك حقا "

نزلت من عيناي دمعتان غبيتان لا أعلم لما لم تسألانني أولا وقلت ببكاء

" لا تتحدث معي هكذا طريقتك هذه أصبحت تجرحني حقا "

مرر أصابعه في شعره ممسكا إياه للخلف ثم تركه يتساقط على وجهه وهو ينظر

للأسفل وقال " لا تبكي يا ميس رجاءا "

مسحت دموعي وغادرت باتجاه الباب فأمسكني من يدي وقال

" نحن لم ننهي كلامنا بعد "

قلت ورأسي للأسفل ويدي في يده " لنتحدث في وقت آخر "

سحبني وأعادني جهة الجدار وقال " بل الآن "

لذت بالصمت فقال بهدوء " سنتزوج الآن "

فتحت شفتاي لأتحدث فوضع أصبعه عليهما وقال بجدية

" أقسم أن حق والدك لن يضيع يا ميس ولو كان الثمن حياتي ووالدتك في عهدتي

حتى الموت ولن أتزوج بعدك بأخرى ولست أراك مسئولية ألقيت على عاتقي بل

أحبك حقا وأريدك لي وحدي "

نظرت للأسفل في صمت فقال

" لدي حل لهذا , فلنعقد قراننا ولا نتزوج حتى ينتهي كل ذلك حسننا "

نظرت له في حيرة فتنهد وقال

" ميس أجيبي لما تعشقين اللعب بأعصابي "

عدت بنظري للأسفل وقلت

" حسننا ولكن لن يكون جدك أو أحد أعماك وليا لي أبدا "

قال بضيق " ومن سيكون إذا , أنا مثلا "

قلت ببكاء " إذا لن أتزوج كل حياتي "

قال بضيق " ميس توقفي عن البكاء أولا ولا تعقدي الأمور أكثر ثانيا "

أشحت بنظري عنه وتملك المكان صمت غريب سوى من شهقاتي الصغيرة فقال بهدوء

" ميس توقفي عن البكاء حالا أو لا تلوميني على ما سأفعله الآن "

مسحت دموعي ولذت بالصمت فقال بهدوء

" ميس لا يجوز أن أتزوجك دون ولي ولن أرضى أن يكونوا أعمامي لأنهم لن يوافقوا

على فعل ذلك وجدي وليك قبلهم مادام حيا هذا هوا القانون والشرع أيضا "

قلت بحزن " أنا لا أعترف بهم "

ابتسم وقال " حسننا لا تعترفي بعدي بأحد "

نظرت له بضيق وقلت " هل صدقت نفسك "

ضحك وقال " لا قطعا يا متعبة "

نظرت جهة الباب وقلت " هيا أبعد يدك عن الطريق عليا أن أعود للقصر "

ضحك وقال " يالك من فتاة جافة حقا "

قلت بضيق " وماذا تريد مني أن أفعل أرتمي في حضنك مثلا "

قال بابتسامة وهوا يبعد يده " ليس الآن بالطبع ولكن لاحقا بالتأكيد "

قلت وأنا أتوجه خارجه " يالك من واهم "

ضحك وقال بصوت مرتفع لأسمعه " ستفعلينها رغما عنك يا قاسية "

توجهت للقصر فقابلتني خالتي سماح عند الباب نظرت لي بحيرة وقالت

" ميس أين كنتي "

قلت " في الخارج "

قالت بصدمة " الآن ولكن أين "

ابتسمت وقلت " ذهبت في نزهة "

شهقت وقالت " نزهة في هذا الوقت "

ثم قالت ضاحكة وهي تنظر خلفي " علمت الآن عن أي نزهة تتحدثين "

التفتت للخلف فكان صهيب خلفي يا إلهي هل كان يتبعني كيف ظهر فجئه

وضع يده على كتفي وقال بابتسامة " أمي لدي خبر سيسعدك "

قالت بترحاب " قله بسرعة فأنا أفتقد الأخبار السارة منذ زمن "

وكزته بمرفقي ليسكت هذا الثرثار المتسرع فقال بتألم " آه ميس لما تكزينني "

ياله من أحمق ومخادع , قلت بضيق " بل تستحق قطع لسانك "

ضحك وقال " أمي أنا وميس سنتزوج "

قالت بسرور " حقا , ياله من خبر سار "

نظرت له وقلت بضيق " هل أنت مرتاح الآن ألا تستطيع التكتم عن أمر ولو قليلا "

تنهد وقال
 
رد: أنا من خذلت نفسي

الفصل الثالث والثلاثون + الفصل الرابع والثلاثون + الفصل الخامس والثلاثون ⚘

ليان لابد وأنكم سعدتم لغيابي وتخلصتم من ثرثرتي أو أنكم افتقدتموني وتساءلتم عما

حدث لي , كنت أعلم أن حظي لن يبتسم لي دائما وأنه لن تتركني تعاستي أبدا

ما حدث في ذلك اليوم أنني سمعت طرقا على الباب ولأن وسيم حذرني من فتحه

لأي شخص فلم أفتح ولكن بعد وقت جاءني صوت رجولي قائلا

" هل أنتي زوجة المدعو وسيم إنه في المستشفى بسبب حادث وحالته خطيرة

جدا أنا جاركم المجاور لكم "

ففتحت الباب مذعورة مما سمعت فدفعني للداخل ودخل وحينما رأيته وعلمت

أنه شاهد ركضت للداخل فسمعته يغلق الباب من ارتباكي نسيت أين كان هاتفي

فأصبحت اركض كالمجنونة بحثا عنه واتصلت بوسيم فأخذه مني وحطمه فتوجهت

بسرعة ناحية الغرفة وأغلقتها خلفي فبدأ بضرب الباب بقدمه وهوا يصرخ بغضب

" أخرجي أو كسرت الباب عليك يا قدرة لن أفوت لك ما فعله بي أخرسك ذاك افتحي الآن "

كنت ابكي وارتجف خوفا توجهت للنافذة لأنها كانت الحجرة الأقرب للشارع وبدأت بالصراخ

والاستنجاد بالناس وكنت اصرخ واصرخ دون توقف لوقت طويل وأنا أسمع صراخهم في الخارج

وما هي إلا لحظات وفتح شاهد الباب بالمفاتيح الاحتياطية التي كانت في المنزل فصرخت به

" ابتعد عني يا شاهد واتركني وشأني "

أمسكني من يدي وجرجرني للخارج وهوا يصرخ قائلا

" عليك الإيفاء بالدين أنتي وزوجك الحقير ذاك "

قلت بغضب " إنه اشرف منك ومن أمثالك "

صفعني على وجهي حتى وقعت أرضا ثم رفعني من شعري وصفعني ثانيتا وأخرى

وأخرى حتى انفتح الباب ورأيت وسيم يدخل منه ورفع مسدسه وصوبه جهة شاهد ورماه

بالرصاص ولحظتها رأيت رجال شرطة يدخلون كلها كانت في نفس اللحظة ونفس الثانية

وأدركت حينها أنني انتهيت ولم أرى أو اسمع بعدها شيئا سوى الصمت والظلام الدامس

استيقظت بعد وقت لا أعلم كم كان وأنا أسمع صوت سيدة تقول لي

" هل أنت بخير هل تسمعينني "

رفعت رأسي ونظرت جيدا فكانت امرأة غريبة تجلس بجانبي وأنا مرمية مكاني على

الأرض ورجال يقفون عند الباب في الخارج فقلت

" من أنتي "

قالت " أنا جارتكم هنا وزوجي مع الواقفين هناك خارجا هل لك أقارب

تودين الذهاب إليهم أم ستبقي هنا "

جلست بتعب ثم قلت وأنا متوجهة لغرفة النوم " لا ليس لدي أحد "

أخذت حجابي وعباءتي ولا أعلم أين سأذهب ولا ما سأفعل فوسيم انتهى كما انتهت

غيره من أحلامي كما انتهت والدتي ومنزلي وعمي وعملي وكل شيء فحتى هذا

المنزل لن يكون لي عاجلا فخرجت تقودوني قدماي للمجهول لحيت لا أعلم وليس

لي أين أذهب ركبت سيارة أجرى وتوجهت لمنزل شروق فلم أجدها وتذكرت يومها

أخبرتني أنها ستغادر المدينة فغادرت سيرا على قدماي لمسافات طويلة دون وجهة أو

دليل وعندما تغلب عليا التعب جلست مستندة على أحد الجدران وعيناي تنظر للفراغ

في حزن ودموع ومرارة وكان بعض المارة يلقون لي بالدراهم ضننا منهم أنني متسولة

فضحكت على نفسي بل على حالي وما ألت وما سوف أءول إليه بعد الآن

نمت تلك الليلة مكاني حيث رست بي آخر محطات تعاستي ولأول مرة في حياتي أنام في

الشارع ولا أعلم غدا أين سأكون

" يا آنسة استيقظي , سبحان الله سبحان الله "

فتحت عيني فوجدت سيدة في الخمسين من العمر تقريبا توقظني فنظرت لها بحيرة وقلت

" ماذا هناك "

قالت بابتسامة حنونة " لما تنامين هنا "

عدلت في جلستي وقلت " أعتذر لو كان هذا جدار منزلك وسأغادر حالا "

قالت وهي تساعدني على الوقوف " تعالي معي لأحكي لك من أكون "

أدخلتني للمنزل الذي نمت على جداره وأحضرت لي الماء والطعام فرفضت بشدة

فجلست أمامي وقالت " سبحان الله أنا لا أصدق عينيا "

قلت بحيرة " ما بك تسبحين الله منذ رأيتني "

ابتسمت وقالت " لأنني رأيت حلما يخصك البارحة "

نظرت لها بصدمة ثم قلت " يخصني وهل تعرفينني "

قالت " لا لا أعرفك ولكني كنت اتحدت وصديقتي بالأمس عن المتسولين فقلت لها أنه لم

يعد يوجد من يخفي حاجته ويتعفف عن طلب المال وأنني لا أحب الانضمام للجمعيات الخيرية

لأن من يساعدونهم يملكون المال ويخفونه عن الجميع ويمدون أيديه لغيرهم وتناقشنا كثيرا في

الأمر والبارحة جاءتني أمي رحمها الله في المنام وكانت غاضبة مني وتقول

( كيف تفعلين ذلك يا حياة المرأة تنام على جدار بيتك وهي لا تسأل إلا الله وأنت ترمين

المحتاجين لك بالباطل )

فاستيقظت من نومي توضأت وصليت ثم عدت للنوم بعد صلاة الفجر فعادت لي أمي في المنام

من جديد وقالت لي بحدة

( حياة هل ستنتظرين أن تطرق بابك هي لن تفعل ذلك )

فصحوت مفزوعة وخرجت ووجدتك كما قالت والدتي في منامي وعندما رفضت الطعام مني

تأكدت من ذلك فما الذي جاء بك إلى هنا وما قصتك أخبريني أرجوك "

تنهدت بحزن وألم وحكيت لها كل ما مررت به يوم أمس فقالت بأسى

" يا لها من قصة حزينة وأين زوجك الآن "

قلت بحسرة " أين سيكون في السجن بالتأكيد "

قالت " وماذا عن أهله "

قلت " لا أعلم عن أهله شيئا ويبدوا أنهم لا يعلمون عني أو لا أهل لديه "

قالت " ما أسم زوجك لنسأل عنه وعما حدث معه "

تنهدت وقلت " وسيم فقط ولا أعلم غيره "

نظرت لي بصدمة وقالت " كيف تتزوجينه ولا تعلمين عنه غير اسمه "

قلت وأنا أقف " آسفة على إزعاجي لك ولكن عليا المغادرة "

وقفت وأمسكتني من يدي وقالت

" اقسم أنك لن تذهبي من هنا قبل أن تجدي زوجك أو عائلته "

قلت معترضة " يا سيدة حياة أرجوك أن تتركيني أذهب في حال سبيلي "

ولكن ما كان من جدوى لكل محاولاتي معها فقد رفضت كل الحلول التي اخترعتها

بأنني سألجأ إليها ما أن أغادر من عندها وأخذتني بنفسها لقسم الشرطة بعد يومين وسألنا

عن اسم وسيم لديهم وقالوا أنه لا يوجد لديهم هذا الاسم فخمنت أنه تم نقله لسجن العاصمة

وتجنبنا سؤالهم بأن لو كان لديهم شخص قتل رجلا كي لا أنجر في الأمر كما اقترحت

حياة ثم ألحت على مساعدتي فبقيت معها شريطة أن أقوم بخدمتها وابنها وزوجته وأولادهم

المقيمين معها ثمنا لبقائي بمنزلهم وهي لم تخبر عائلتها عن قصتي وقالت أنني صديقة لها

في محنة ستزول قريبا

فكرت مرارا أن أعود لعملي في الشركة ولكن كرامتي المهانة لم تسمح لي , لقد صرت

الآن في الشهر السابع من حملي وازداد التعب والإرهاق والسيدة حياة تعاملني معاملة

طيبة جدا حتى أنها كانت تبحث جاهدة عن أي معلومات عن وسيم وحتى في الشركة

سألت شخص يعرف مدير الشركة فأخبره أنه لا وجود لهذا الاسم لديهم , هكذا هم دائما

إن تخلوا عن خدمات أحدهم رموه كما ترمى القمامة ولا يذكرونه حتى التذكر , وأبقت

حياة أمري مخفيا عن الجميع خوفا من بحث عائلة شاهد عني وعشت معهم سجينة الغرفة

والمطبخ كي لا أحتك بابنها

ما أن ألد عليا أن أبحث عنه في قضايا سجون العاصمة لكي أطمئن عليه على الأقل ولأعلم

كم من السنين سيأخذونه مني

أنيس فتحت الخط وقلت " نعم تكلم ماذا لديك "

قال بهدوء " خبر الصفقة المشبوه وصل للجرائد سمعة المصنع في الحضيض الآن "

قلت صارخا بغضب " متى حدث ذلك وكيف "

قال باستياء " ليلة البارحة "

قلت بغيض " سحقا له سيندم على ذلك "

أغلقت الهاتف في وجهه من غضبي الحقير صهيب إذا يهدد وينفذ

دخل حينها والدي قائلا " ماذا هناك صراخك يصل للشارع أنت في شركة وليس مدرج كرة قدم "

قلت بغيض " إنه ابن شقيقك سيرى ما سأفعل به "

قال " صهيب مجددا مصائبه لا تنتهي دعك منه فعلاجه لدي "

قلت بحدة " إن لم تأخذ منه بالحق سأقتله دون تراجع "

غيث "رنيم ألم يتأخر ابنك هذا "

ضحكت وقالت بنفس متعب " لما الاستعجال لازال الوقت مبكرا "

وضعت أذني على بطنها ثم طرقت عليه فقالت بتألم

" آآآآآآي غيث ماذا تفعل "

قلت بتذمر " عليه أن يخرج أو يجيب "

أبعدت يدي عن بطنها وقالت

" أبتعد عن ابني ودعه يفعل ما يريد أليس هذا ما علمته إياه تحمل إذا "

تنهدت بضيق وقلت " ألم تدخلي شهرك التاسع من المفترض أن يشرفنا بطلته البهية "

سمعنا طرقا على باب الجناح وهمت رنيم بالوقوف فقلت

" ابقي مكانك سوف أفتح أنا "

تساندت بالعكاز وفتحت الباب كانت والدتي وقالت بقلق " هل رنيم بخير "

قلت بابتسامة وأنا أحثها على الدخول " ومن قال أنها ليست بخير هيا تفضلي "

قالت وهي تدخل معي " ولكنها من يفتح الباب دائما هل هي نائمة "

دخلنا غرفة الجلوس وقلت " لا ها هي ذي لقد قررت أن أدعها جالسة علها تنجب فيبدوا

أن الحركة هي سبب تأخرها "

قالت رنيم بضيق " خالتي بالله عليك تنقديني من ابن زوجك هذا "

ضحكت وقالت " أخبريني ما فعله ولن تكوني إلا راضية "

قلت واضعا يدي وسط جسدي

" هل تتفقان علي , أمي ألم تتأخر رنيم في الولادة سوف أغير تلك الطبيبة منذ الغد "

ضحكت وقالت وهي تجلس بجانبها " وما دخل الطبيبة في ذلك "

قلت بضيق " لا أعلم ليس هناك شيء غيرها ألقي باللوم عليه "

ضحكتا سويا ثم قالت والدتي " لا يزال الوقت مبكرا بني "

قلت بسخط " آه أمي هل أنتما متفقتان على هذه الجملة أم ماذا "

تنهدت أمي بضيق وقالت " هلا وقفتي وقابلتني يا رنيم "

وقفت وقالت ضاحكة " هل ستجرين مقابلة تلفزيونية معه "

ضحكتا سويا ثم قالت " يبدوا لي بطنك قد انخفض للأسفل أليس كذلك "

نظرت لنفسها ثم قالت " نعم لاحظت ذلك أيضا ما يعني هذا "

نظرت لي والدتي وقالت " يعني قربت ولادتك "

قلت مباشرة " متى "

ضحكت وقالت " هذا أمر لا يعلمه غير الله بني صبرك قليلا فهي لم تنهي شهرها بعد "

اقتربت من رنيم أجلستها وجلست بجانبها فقالت والدتي

" لدي موضوع سأتحدث معك فيه "

قالت رنيم وهي تهم بالوقوف " حسننا اعذراني ..... "

قاطعتها والدتي وهي تمسك يدها " لا داعي للذهاب يا ابنتي ابقي معنا "

قلت " إن كانت أخبار سيئة فدعيها تذهب رجاءا "

ضحكت وقالت " ألا تعلم أن الأخبار السيئة تجعل المرأة تلذ على الفور "

فتحت عيناي على اتساعهم وقلت " حقا إذا اجلسي يا رنيم "

ضحكت رنيم وقالت " يالك من أناني يا غيث "

قالت والدتي بابتسامة " لدي خبر سار لكما وأمور علينا مناقشتها بخصوصه "

قلت بابتسامة مماثلة " أتحفينا به بسرعة لقد اشتقنا للأخبار السارة "

ضحكت وقالت " لقد أصاب هذه العائلة مرض اسمه الخوف من المجهول "

قالت رنيم " يبدوا بخصوص أديم "

تنهدت بحزن وقالت

" لا ليس بخصوصه وكم أتمنى ذلك , إنه بخصوص صهيب وميس "

ضحكت وقلت " هل وافقت تلك الشرسة أخيرا "

ضحكت والدتي وقالت " أسكت لا تسمعك الآن "

قالت رنيم بضيق " ما الذي لا يعجبك في ميس إنها فتاة رائعة في كل

شيء , أنتم الرجال لا يعجبكم العجب "

قلت ضاحكا " معك نعم رائعة أما مع صهيب فلا قطعا "

ثم وجهت حديثي لوالدتي قائلا " وكيف أقنعها بذلك أجزم أنه قد هددها "

ضحكت وقالت " لا أعلم يبدوا لي ذلك لقد قال أنها وافقت على عقد القران

بأعجوبة والزواج لن يكون الآن "

قالت رنيم بسرور " كم هذا رائع حقا , إنهما يليقان ببعض كثيرا "

قلت " وماذا خططتما بشأن ذلك "

قالت بهدوء " لا شيء حتى الآن صهيب يقول نقيم حفلا كبيرا وميس ترفض

ذلك وتركتهما فجر اليوم يتخاصمان في الموضوع "

قالت رنيم بحيرة " ولما ترفض ميس ذلك "

قالت والدتي بحزن " هي لم تقل السبب ولكني أعلم جيدا لما "

قلت " من أجل الموضوع ذاته أليس كذلك "

قالت " نعم من أجل ما شاع عنها وهوا ذاته السبب الذي يجعل صهيب مصرا على ذلك "

قالت رنيم بحزن " يا لها من فتاة مسكينة أتمنى أن يكون

زواجهما حلا للمشكلة ولا يعقدها أكثر "

قلت بجدية " على أحدهما أن يقتنع برأي الآخر فكلاهما على حق "

قالت رنيم " أنا أرى أن نأخذ برأي ميس فخبر الزواج سيشاع بين الجميع على أية

حال وسيصل للجميع في بيوتهم أما حضور النساء إلى هنا ورميهم لها بالكلام القاسي

والجارح فهذا شيء سوف نجلبه نحن لأنفسنا ولن تستحمله ميس وسنفسد عليها تلك

الليلة , وما أن يتزوجا نقيم حفلا لهما سيكون الخبر عاديا بالنسبة للناس حينها "

قلت " معك حق أراه رأيا سديدا , ما قلتي يا أمي "

قالت " نعم هوا عين الصواب سنتحدث مع صهيب إذا فيبدوا لي مصرا وأنت تعرفه جيدا "

قلت ضاحكا " لا أعلم كيف ستكون حياتهما معا "

ابتسمت والدتي وقالت " ستكون مليئة بالمشاكل على ما يبدوا فكلاهما حاد

الطباع سريع الغضب وعنيد يفعل ما في رأسه مهما كانت النتائج "

ضحكت وقلت " صهيب يحتاج لواحدة جليدية كرنيم "

توقعت أن تهاجمني بشراسة ولكن ما حدث لم يكن بالحسبان فقد شهقت بعبرة

ونزلت دموعها ثم طأطأت برأسها للأسفل ضممتها بذراعي وقلت

" لا حبيبتي لا تبكي لم يكن ذلك إلا مزاحا "

ولكنها لم تزدد إلا بكاء ثم وقفت وقالت بعبرة

" أنت هكذا يا غيث لا تحبني ولم تحبني يوما ولا ترى إلا عيوبي ولست

تراني سوى شيئا قد فرض عليك "

ثم غادرت لغرفتنا وأغلقت الباب خلفها بقوة نظرت لوالدتي فقالت بضيق

" ما هذا الذي فعلته يا غيث لقد جرحتها حقا "

قلت بتذمر " ولكني لم أقل شيئا يغضبها كنت أمزح فقط ثم هي الحقيقة "

قالت بحدة " إن قالت هي شيئا حقيقيا عنك هل كنت ستغضب أم لا "

لذت بالصمت فقالت " من المفترض أنكم تجاوزتم الماضي فلا داعي لذكره من جديد "

قلت بعبوس " أمي يبدوا أنكم شكلتم حزبا نسائيا خاصا بكم "

قالت بضيق " لا تبحث لك عن مبرر فلو كانت هي من أخطأ في حقك لكنت وقفت

في صفك , يا لكم من متعبين صغارا كنتم أم كبار , سأذهب الآن عليا أن أنهي مشكلة

صهيب وعليك إرضاء زوجتك حالا فهمت "

قلت بقلة حيلة " حاضر أمرك سيدتي "

ثم وقفت ونظرت لي بعتب وقالت

" يبدوا لي أن رنيم تعاني من أمر يضايقها في علاقتكما "

قلت بحيرة " مما أنا لا أفهمك "

قالت مغادرة " فكر في كلماتها الأخيرة وستفهم ما كنت أقول "

فكرت مطولا فيما قالت ثم توجهت لغرفتنا طرقت الباب ودخلت كانت تجلس

على السرير وفي بكائها المستمر اقتربت منها ثم جلست بجوارها وقلت

" رنيم ها هي العكازة خذيها واضربيني بها "

ولكنها لم تجب يبدوا أن الأمر لم يجدي نفعا وعليا أن أغير من الطريقة قلت بهدوء

" أنا آسف "

فلم يجدي ذاك نفعا أيضا يا إلهي ما العمل الآن قلت في محاولة أخيرة وأخر ما تبقى لدي

" رنيم سوف أشتري لك طقما جميلا من أجل حفل ميس وصهيب هيا سامحيني "

ولكنها لم تزدد سوى في البكاء والعبرات حككت رأسي في حيرة ثم تذكرت مسلسلا

كانت تشاهده رنيم البارحة كان سخيفا بالنسبة لي ولكنها تحبه كثيرا فقررت أن أفعل

كما فعل بطل المسلسل اقتربت منها أكثر ضممتها بيدي وشددتها لحضني بقوة قبلت

رأسها وكتفها وقلت بهمس

" رنيم حبيبتي إن لم ترضي عني فلن أنام الليلة ولن أتناول العشاء ولن أتكلم أيضا أنتي

كل عالمي وبدونك سيفقد ألوانه ومتعته "

ماذا قال ذاك الأحمق أيضا أنا حقا لا أذكر , قلت

" رنيم سامحيني لن يتكرر ذلك حسننا "

توقفت عن البكاء أخيرا ما أغرب النساء لم يرضها كل ذلك ورضت بهذه الكلمات

البسيطة والمسروقة أيضا , يبدوا أنه هذا ما كانت تعنيه والدتي من كلامها

مسحت دموعها بأصابعي وقلت

" رنيم توقفي عن البكاء أرجوك ودعينا نتحدث في أمر مهم "

نظرت لي بحيرة فابتسمت وقلت

" لقد وبختني والدتي كثيرا لأجلك يبدوا أنكم متفقات علينا "

قالت بحزن " أهذا هوا الأمر المهم "

عدلت جلستي ثم نظرت للأسفل وقلت

" رنيم أهناك شيء ينقصك ولا أوفره لك , أعني لا تجدينه معي "

نظرت لها فنظرت هي للأسفل في صمت إذا كما توقعت

قلت بهدوء " رنيم لما الصمت "

ولكنها لم تجب أيضا فقبلت خدها وغادرت الغرفة في صمت

خرجت بحثا عن أي أحد فقابلت في طريقي صهيب آه لا صهيب قد لا ينفع

لذلك , عليا البحث عن زبير أو بحر ولكن زبير ليس لديه سوى السخرية هل

أتصل بأديم لا يبدوا لي ذلك مجديا بحر أفضل

خرجت للحديقة واتصلت ببحر فأجاب فورا " مرحبا غيث "

قلت بابتسامة " مرحبا بالبحر "

ضحك وقال " يبدوا لي ورائك شيء مهم "

حمحمت قليلا ثم لذت بالصمت فقال " ما بك يا أخي هل من مكروه "

قلت مباشرة " لا ولكن أردت سؤالك عن بعض الأمور "

قال بهدوء " كلي أذان صاغية "

قلت بعد صمت " أردت أن أعلم عن تلك الأمور السخيفة التي تحبها النساء "

ضحك كثيرا ثم قال " سخيفة , يالك من رجل يا غيث أنا لا أحسد زوجتك عليك "

قلت بضيق " بحر هل ستساعدني أم ستسخر مني "

قال بهدوء " بل أساعدك إن كانت زوجتك طبعا "

قلت بحدة " ومن ستكون يا أحمق , هيا أخبرني "

قال " من أي نوع تريد "

قلت بصدمة " وهل هناك أنواع "

ضحك وقال " حسب المناسبة والوقت والمكان "

قلت بنفاذ صبر " قلها جميعها وسآخذ منها ما يناسب "

قال " لن يجدي ذلك نفعا "

تنهدت وقلت " إنها غاضبة مني وترى أيضا أنني لا أحبها "

قال بهدوء " حسننا سأعطيك برنامجا كاملا هذا الأسبوع وسترى كيف

ستكون النتائج فقط لا تفسد شيئا "

قلت بدهشة " أسبوع لا لا هوا شيء واحد فقط يكفي "

قال بحدة " لا تكن جافا وقاسيا يا رجل إنها ليست مثلك هي امرأة لا تنسى ذلك "

قلت بتذمر " حسننا اختصر قدر الإمكان "

تنهد وقال " عليك أن تكون مقتنع بذلك أو لن ينجح الأمر "

قلت بضيق " ولما الاقتناع هل هي معادلة ثم أنا أحبها حقا وأكثر من كل هذه الأمور التافهة "

قال " أنت تراها كذلك ولكنها تعني كل ما تحمله لها في قلبك في نظرها "

قلت بهدوء " حسننا ولكن إن لم ينجح الأمر فسوف أريك "

ضحك وقال " إن لم ينجح ذلك فقم بذبحي عند باب جناحكما حسننا "

ضحكت وقلت " أنت قلتها فلا تتراجع وقتها "

ضحك وقال " وأنا عند كلمتي , اسمع أولا عليك أن ترسل لها رسالة غرامية حالا "

قلت " رسالة ولما يا لها من فكرة فاشلة "

قال بضيق " غيث لا تتعبني معك سوف أرسل لك واحدة ترسلها لها وفي المستقبل

أنت من عليه فعل ذلك بنفسك "

قلت " ولكن ليس لدى رنيم هاتف "

قال " أرسلها لها على هاتف والدتي وسوف تراها ستكون فكرة أفضل "

قلت بقلة حيلة " حسننا وغيره "

قال بهدوء " وتأخذ لها الليلة وردة جميلة وواحدة فقط وليس باقة وسأعطيك قرصا لأغنية

رومانسية وجميلة تسمعها إياها وعليك مقابلتي الآن بعد ساعة , هناك ما سأخبرك به لتفعله

فتبدوا لي بحاجة لإعادة برمجة من جديد "

قلت بضيق " يا لك من شقيق ومساعد هل تراني جهاز حاسوب "

ضحك وقال " نعم ومعطل أيضا أراك بعد ساعة حسننا "

قلت بهدوء " حسننا "

يا لها من أمور تافهة فإن كانت مهمة لرنيم حقا فأنا لا أفعل شيئا يعجبها أبدا لذلك

هي ترى أنني لا أحبها ولكن هل كل ما أفعله لا يجدي أبدا يالا سخافة النساء يغفلن

عن الأشياء المهمة ويحببن زهرة لا تكلف شيئا من النقود وتذبل بسرعة أيضا

سماح خرجت من عند غيث و رنيم مستاءة جدا فأنا اعلم أي الأنواع يكون غيث إنه

صارم وجدي ويأخذ الأمور بمنطقية وعقلانية دائما ولا يولي للأشياء الصغيرة المهمة

للمرأة أي بال ويراها تافهة أتمنى أن يجدا مخرجا من ذلك وأن يكون فهم ما صبوت

إليه فالمرأة ترى أن الرجل لا يحبها مدام جافا في تعامله الخاص معها أنا لا أحسد سوى

زوجة بحر فستكون في عالم مميز معه , آه هذا إن فكر أن يتزوج بعد أن تحطم قلبه وحلمه

" أمي ستصطدمين بالجدار تبدين لي بحاجة للتصليح "

نظرت له بغيض وقلت " لو كان زبير لتوقعت هذا منه فهوا مجنون ولسانه قد تبرأ

منه منذ زمن أما أنت يا صهيب فليست عادتك "

ضحك واقترب مني وقبل رأسي ثم قال " أمزح معك أمي ما بك "

دخل حينها زبير وقال بعبوس " من هذا الذي يذكرني بالسوء "

قلت بضيق " أنا ولم أكذب طبعا "

قال بتذمر " أمي أيتها العنصرية أنتي هكذا دائما سوف أرفع عليك قضية في المحكمة "

ضحكت حتى تعبت هذا الولد سيقتلني قبل يومي مر بجانب صهيب ضربه على كتفه وقال

" لا تؤدي أمي أو يتمتك الآن "

غادر وضحكنا كلينا فقلت وأنا أنظر لصهيب " لا أستبعد ذلك منك "

قال غامزا لي " أنتي ملاكي كيف أؤذيك "

قلت بمكر " تبدوا لي مسرورا هل اتفقتما على الزواج اليوم "

تنهد بضيق وقال " إن كان هناك من سيصيبني بالجنون فستكون ابنة عمي تلك "

ضحكت وقلت " من أراد الورد عليه أن يتحمل وخز الأشواك "

قال بضيق " أمري لله "

قلت بهدوء " لو كان هذا من أجل شعورك بالذنب لما حدث ومسؤوليتك اتجاهها

ووالدتها فستكون مخطأً في قرارك بني "

قال بجدية " بل أريدها لي أقسم يا أمي أني أحب ميس وأردتها زوجة "

قلت براحة " إن كان كذلك فلا بأس ولكن خفف من عنادك وحدتك قليلا يا صهيب "

قال بعتب " آه أمي أنتي لا تعلمي كم أكون رقيقا ومتساهلا معها إنها تصيبني بألم في الرأس "

قلت مغادرة " ولكن هذا لن يدوم فما أن تتزوجا فستكثر المشكلات ولن تستحملها مطلقا

انتظرني في غرفة الجلوس ولا تهرب قادمة إليك حالا "

توجهت للمطبخ فوجدت ميس وجود يتناقشان في آخر المطبخ عن أمر ما وحور تجلس

وأمامها صحن الخضار وفي يدها السكين وشاردة الدهن تماما , كم ستستحمل هذه

الفتاة لو كان الأمر بيدي لطلبت من زبير أن يعيش بها بعيدا عن هنا ابتسمت وقلت

" ما بكما ستتشاجران عما قريب "

قالت جود بضيق " اسمعي ما تقول ميس لا تريد حفل زواج يا لها من غبية "

ضحكت وقلت " النتيجة واحدة بالحفل أو بدونه المهم أن يكونا متفقين على ذلك "

قالت ميس بحدة " إن كان هناك حفل فلن تكون هناك عروس انتهى الأمر "

قالت جود بضيق " هذا عقد قران وفعلتي هكذا فما ستفعلين في يوم الزفاف يالك من متعبة "

ضحكت وقلت " تعالي يا ميس أريدك في أمر "

خرجت متوجهة لغرفة الجلوس وميس تتبعني دخلت حيث صهيب

ودخلت هي خلفي ثم جلست وقلت " تعالي واجلسي يا ميس "

قالت بضيق " ولكن .... "

قاطعتها قائلة " ميس أنتي في مقام أبنائي وعليكما احترامي كليكما "

جلست في صمت فقلت " سوف أتحدث ولن يقاطعني أحد "

كان جوابهما الصمت فتابعت " أنتما مقدمان على أمر ليس لعبا ولا ثوب تملان منه فترميانه

إنه زواج ومستقبل وأبناء فلا تستهينا بذلك وعليكما أن تجدا سبيلا لحل نزاعاتكم وتخالف

أفكاركم وتجدا طريقة تتخذان بها قراراتكما معا أو لن تنجح حياتكما أبدا "

ثم نظرت لميس وقلت " ميس أنتي لا تريدين الحفل بسبب الكلمات والنظرات

التي ستوجه إليك صحيح "

نظرت للأرض في حزن وصمت فتابعت

" كان عليك التحدث مع صهيب عن ذلك بكل صراحة وكان سيتفهمك

ولم يكن للحدة والعناد أي داعي "

ثم نظرت لصهيب وقلت " وأنت فكرت في رأي الناس وموقفك أمامهم ولم تعر مشاعر

ميس أي أهمية أليس كذلك "

قلت بجدية " لن يكون هناك حفل كبير وسوف نحتفل بزواجكما لاحقا "

قال صهيب بضيق " ولكن ..... "

قاطعته بحدة " يبدوا أنه ليس لي عندك رأي أو اعتبار يا صهيب "

قال بهدوء " آسف أمي لم أقصد ذلك , حسننا كما تريدين سنفعل "

ثم وقفت وقلت مغادرة " عليكما الاتفاق الآن على موعد عقد القران ولا تتشاجرا مفهوم "

وخرجت وتركتهما معا كم أخشى على حياتهما مستقبلا وأتمنى أن لا يصلا للانفصال يوما

فالمتضرر الوحيد حينها سيكون ميس

⚘⚘⚘الفصل الرابع والثلاثون⚘⚘⚘

رنيم لقد أغضبني غيث حقا بما قال ثم جاء ليصلح الأمر بإفساده هل هكذا يرضي امرأة ولكنه

كاد يضحكني عندما سرق سيناريو المسلسل وهذا يثبت أنه لا يملك شيئا مما أنتظره منه

بعد وقت خرجت من جناحي وتوجهت حيث البقية ابتسمت جود ما أن رأتني وقالت

" مرحبا بالحامل والمحمول "

ضحكت وقلت " ومرحبا بالناظر والمنتظر "

ثم جلست في صمت كانوا جميعهن يتحدثن عن عقد قران ميس وصهيب وما سيعدون له

سيكون حفلا عائليا بسيطا قالت خالتي

" رنيم يجب علينا دعوة والدتك "

قلت بهدوء " ما من داعي لذلك خالتي سوف تتعبها الرحلة "

قالت " المشكلة أن غيث لم ينزع الجبيرة بعد لكان سافر لإحضارها

وبحر أيضا عليه إحضار والدته وشقيقه "

ثم نظرت لحور وقالت " وعائلة عمك أيضا مدعوة يا حور وسأطلب من زبير إعلامهم

وسندعو علياء وزمرد ووالدتهم وزوجة جسار وابنة عمي هذا فقط بالنسبة لنا نحن النساء

والرجال سيكونون قليلين أيضا المقربون من أبنائي فقط "

قلت " ومتى سيكون ذلك "

قالت " لا أعلم حتى الآن ميس وصهيب سيقرران ذلك "

ثم وقفت مغادرة فنظرت لي حور وقالت

" رنيم ماذا سترتدين مع هذا البطن المنتفخ أنتي مشكلة حقيقية "

قلت بابتسامة " هناك ملابس للحوامل فلا تشغلي بالك حوريتي "

تغيرت ملامح حور وكأن الكلمة أصابتها في قلبها فقلت

" آسفة حور هل أغضبك ما قلت "

قالت بدمعة محبوسة " لا لم يغضبني أبدا "

ووقفت مغادرة يبدوا لي أن الكلمة الأخيرة السبب ولكن لما

نظرت لي جود وقالت " هنالك محال رائعة لبيع ملابس المناسبات الخاصة

بالحوامل ما رأيك أن نذهب معا "

قلت " أنا متعبة جدا ولن استطيع أن أسير شبرا واحدا سوف أعتمد عليك في ذلك حسننا "

بعد لحظات دخلت خالتي وخلفها ميس وقالت خالتي

" رنيم غيث طلب مني أن أعطيك هاتفي اتركيه لديك يبدوا أنه سيتصل بك "

ثم غادرت أمسكته وأنا انظر إليه في حيرة غريب لم يفعلها سابقا هل من أمر مهم يا ترى

" هيه رنيم ستصيبين الهاتف بعينك هههههه "

كان هذا صوت ميس نظرت لها بضيق وقلت

" وما يضايقك في الأمر لو لم تكوني عروس لضربتك الآن "

ضحكت وقالت " سأشتكيك لصهيب حينها "

نظرت لها بصدمة وقلت " ميس هل أنتي طبيعية "

قالت بعبوس " عليا أن أتأقلم مع الوضع يبدوا أمرا لا مفر منه "

قلت " آه ميس لن تجدي أفضل منه صدقيني إنه رائع وله مواقف شهمة معنا "

نظرت لي بنصف عين وقالت

" سوف أخبر زوجك بما قلتي للتو لن أرضى لابن عمي أن تتغزل زوجته بغيره "

ضحكت وقلت " غرتي من أجل غيث ولم تغاري على صهيب يالك من فتاة "

سمعت حينها صوت رسالة وكان مصدره هاتف خالتي هممت بالوقوف لإخبارها

ففوجئت بأنها من غيث فقلت " إنها من رقم غيث "

قالت ميس بحماس " لابد أنها لك افتحيها "

قلت " ومن قال ذلك قد تكون لوالدته "

يستحيل أن يفعلها أعرفه جيدا

قالت جود " ولكنه طلب إعطائك إياه يعني أنها لك "

معها حق ولكن لماذا لابد وأنه يريد شيئا ما , فتحتها فكان فيها

" بعض الأشخاص نحبهم وبعض الأشخاص نشتاق لهم والبعض لا نحيا

بدونهم مثلك أنتي حبيبتي رنيم "

لقد كادت عيناي تخرج من مكانهما وأنا أقرأ وأعيد وقرأت اسمي ألف مرة

لأتأكد منه ضحكت جود وقالت " رنيم ألم تنتهي الرسالة بعد "

خبأت الهاتف خلف ظهري وقلت " هذا لا يخصكما "

قفزت ميس وأمسكتني وجاءت جود خلفي لتأخذ الهاتف وأنا أصرخ مستنجدة بحور

ولكنهما أخذاه مني فوضعي لا يسمح لي بالمقاومة ضحكت جود وقالت

" انظري يا ميس لكل هذه الغراميات و الرومانسية "

أخذت ميس الهاتف وقالت بصدمة " هل كل هذا يخرج من تلك الصخرة الغيثية "

أخذت منهما الهاتف وقلت بضيق " لا تسخرا من زوجي يا وقحتان "

وغادرت للمطبخ وعيناي لا تفارقان الرسالة أشعر أنني في حلم , هل أخطأ غيث في

إرسالها يا ترى ولكنها باسمي آه رنيم يالك من عطشى حقا

عند العشاء دخل غيث وجلس بجانبي على الطاولة وأمسك يدي وقبلها أمام الجميع وقال

" رنيم أنا آسف حقا وأحمق وأستحق العقاب "

نظرت له بصدمة وكان هذا حال الجميع فنظر لهم وقال بابتسامة

" ما بكم لما لا تأكلون الطعام "

قال صهيب بابتسامة

" آه جيد ظننت أنك نسيت أنها طاولة الطعام وظننت نفسك في غرفة النوم "

شرقت خالتي باللقمة في فمها فقالت ميس بهمس وغيض

" صهيب هل جننت استحي من والدتك ووالدتي "

ضحك وقال " لو كنتي زوجتي لفعلت أكثر من ذلك "

غادرتا حور وجود من فورهما فهذه الجلسة تحولت لغراميات على ما يبدوا ثم

لحقت بهم خالتي وبقيت والدة ميس التي لا تفهم من الأمر شيئا

وحمدت الله أن بقية أخوتهم ليسوا هنا سحبني غيث من يدي وأخذني لجناحنا دخل وأنا

خلفه ويدي في يده أدخلني الغرفة وأخرج لي زهرة رائعة الجمال ومغلفة بطريقة مبهرة

من سعادتي أخذتها وحضنته بقوة لم أكن أصدق ما رأت عيناي لقد نسيت كل الزعل

طوقني بيديه وقال

" رنيم أنتي كل حياتي مكانك في قلبي وبين أضلعي حتى آخر العمر حبيبتي "

بكيت من التأثر يالا العجب من أين جاء كل هذا , تابع قائلا

" أنا لم أتعلم الحب إلا منك وهوا لك فقط أنتي ووحدك تستحقينه "

غصت في حضنه أكثر وقلت " غيث أنت أجمل ما حدث لي "

ضحك وقال " رغم كل ما كان في الماضي "

قلت " رغم كل شيء حتى في المستقبل "

قبل رأسي وقال " رنيم لا تفاولي لنا بالشر قولي لا قدر الله "

ضحكت وقلت " أحبك رغم كل شيء "

ومرت تلك الليلة من أروع بل هي أروع ليلة في عمري وكأن من كان معي ليس

غيث أبدا وكأن جنيا رومانسيا قد سكنه

حور هذا الأسبوع مر حافلا بسبب التحضير لحفل عقد القران على الرغم من أن

الحفل سيكون بسيطا جدا وشبه عائلي والكل كان سعيدا إلا قلبي المحطم رغم

سعادتي من أجل ميس وصهيب ولكني أموت حزنا لأني لم أحضا ولا بحفل

صغير كهذا ولم أحضا بما هوا أهم وهوا الزواج بمن أحب كيف كان سيكون

حينها حالي يا ترى

نزلت الدموع من عيني عندما عاش خيالي شيئا ليس له ولا يحق له مسحت تلك الدموع

الغبية بكم توبي وأزحت تلك الأفكار الساذجة من دماغي فلست سوى للحزن والهم وليس

غيرهما لي سمعت خطوات خلفي مباشرة فنظرت للخلف فزعة فكان بحر , لِما يظهر دائما

في هذه الأوقات بالذات عدت مولية ظهري له فقال بهمس هادئ

" ما يبكيك يا حور "

عادت دموعي للسقوط من جديد وقلت " لا شيء "

قال " دائما لا شيء ولكني أعلم ما يكون ألا شيء هذا , حور اسمعيني وتأكدي مما أقول ما

أن تصيري حرة ستكونين لي ولو بعد عشرين سنة ولو كان لك من الأبناء ما سيكون , وهذا

الذي ترينه خلفك مُحَرم على غيرك حتى يموت "

ثم غادر وتركني خلفه كالرماد بعدما أشعلني وأحرقني حتى انتهيت ارتفع بكائي وزادت شهقاتي

فلم اشعر إلا بيد تمسك بذراعي وتوجهني ناحيتها وجسد يحضنني برفق وعطر هوا عطر زبير

بكيت في حضنه كثيرا ودون توقف أو مبالاة كان يمسح على ظهري ويقبل رأسي ويقول

" يكفي يا حور نحن لا نريد أن نخسرك سوف تموتين على هذا الحال "

ابتعدت عن حضنه فقال " ما بك يا حور صارحيني "

قلت بحزن " لقد تذكرت يوم زواجي وكيف لم أحضا بحفل ولم يكن والداي معي "

أمسك وجهي وقال " أهذا هوا السبب "

هززت رأسي وقلت " نعم اقسم على ذلك "

حضنني مجددا وقال " أقسم أن أعوضك عنه بحفل أكبر حتى من هذا يا حور "

صُدمت لما قال كيف يعوضني وماذا يعني وفيما يفكر أيضا ولكني شعرت حقا حينها أنه

صادق فيما قال وأن لي من يعنيه حزني وألمي أجلسني على الكرسي وقال

" حور كنت أود الحديث معك في أمر ولكن يبدوا لي ليس وقته "

مسحت دموعي وقلت " لا هوا وقته تحدث أرجوك "

ابتسم وقال " يالك من فضولية "

ضحكت وقلت " لم يكن ذاك ما قصدت "

ضحك وقال " أعلم أردت فقط أن تبتسمي قليلا "

عدل جلسته ثم قال

" حور ابنة عمك الكبرى يبدوا لي أنها صديقتك المقربة وتحبينها كثيرا "

نظرت له بحيرة وقلت " نعم ولكن لما "

قال مبتسما " أريد أن أخطبها "

نظرت له بصدمة ثم ضحكت حتى شرقت وقلت

" زبير هل أنت جاد حقا "

قال بضيق " نعم ألا أعجبك "

قلت بضحكة " بالتأكيد , ولكن ألا ترانا في شيء أشبه بالمسرحيات "

قال بابتسامة " لدي صديق يبحث عن زوجة هل تشجعينني على ذلك "

قلت مرحبة بالفكرة " بالطبع فمرام رائعة حقا وقد أنهت دراستها منذ أشهر قليلة فقط

وخطابها منذ كانت تدرس كثر ولكن عمي يرفض تزويجها قبل أن تتخرج "

قال " رائع إذا خذي رأيها ولكن بعد عقد القران حسننا "

قلت بابتسامة " حسننا ولكن من يكون "

قال " اسمه جبير توفي والده تاركا له شقيق وشقيقة صغيران من زوجته

الثانية وهوا يهتم بهما الآن "

قلت بحزن " يا إلهي تلك مسئولية كبيرة على رجل "

قال " نعم لذلك أريد له زوجة تحمل عنه ذاك العبء هل تنفع ابنة عمك لذلك "

قلت بابتسامة " مرام هي من ربت شقيقها الأصغر وهي تحب الأطفال كثيرا "

قال وهوا يقف مغادرا

" إذا خذي رأيها فيما بعد فلن أخبره عنها حتى أعلم ما ستقول "

زبير كنت غاضبا من جود طوال الفترة الماضية وأعصابي متوترة ومشدودة لأنها لم

تخبرني بأمر عوف وأنا لا أعلم إن كانت ستوافق عليه أم لا ولم يهنأ لي بال حتى

قال لي صهيب أن عوف صرف نظره عن الموضوع ولكن لم يقنعني ذلك فكيف

يصرف نظره عنها وهوا مصر عليها لدرجة أنه تحدث معها خصيصا , وبعد إلحاح

وجهد كبير علمت منه أنه تحدث معها ووعدها أن لا يعلم أحد بذلك فكم أسعدني وأراحني

ما علمت , وأخيرا ابتعد عوف عن ألماستي نهائيا ولكن قد يأتي غيره في أي وقت ومثلما

ترددت في شأن عوف سيحدث ذلك مع الآخر فكيف السبيل ليثني أستطيع شيئا

دخل حينها بحر وجلس مقابلا لي وفي عينيه نظرة حزن غريبة عن كل حزنه السابق

فقلت بقلق " ما بك يا بحر هل هناك شيء يحزنك "

قال " إنه والدي "

قلت بحيرة " والدك .... ما به "

قال بأسى " لقد تم القبض عليه هوا ورأس الأفعى ذاك وهم يحاولون إدخال المخدرات للبلاد

وحكموا عليه بالسجن سبع سنين "

يا إلهي ما هذه المصيبة ولكن مهلا مهلا هذا يعني أنه سيأخذ جود من هنا وسوف احرم من

رؤيتها كل يوم بل كل حين ولن أراها بعد الآن .... آه زبير يالك من تافه

قلت بهدوء " إنها مشكلة كبيرة حقا "

تنهد وقال " لعل حاله ينصلح بعد هذا "

قلت " إذا ما الذي يحزنك في الأمر "

قال بحزن " إنها جود "

قلت بصدمة " ما بها "

تنهد وقال " لن توافق على الزواج أبدا بعد اليوم أعرف مدى حساسيتها تجاه الأمر "

آه سحقا لتلك المصيبة المسماة وصية ولي ولحظي العاثر , قلت بهدوء يعاكس ما بداخلي

" سوف توافق عندما تجد الرجل المناسب الذي يستحقها ولا يعير لواقعها أي اهتمام "

ابتسم بسخرية وقال " من سيكون ذاك ومن سيتزوجها ولا يعيرها بوالدها , جود معها

حق فيما تفعل لقد بث مقتنعا برأيها "

قلت بحزم " سيحدث ذلك يوما تأكد يا بحر وسيتزوجها من يرى أنها أثمن

من أن ينظر لحقيقة والدها "

خرجت للخارج وجربت الاتصال بها ولم تجب لقد أصبحت هي غاضبة مني الآن لأنني

غضبت منها بدون سبب كما ترى وترفض الرد على اتصالاتي فأرسلت لها

( إن لم تجيبي على اتصالي الآن أقسم أن أذهب لشقيقك فورا وها قد أقسمت )

جود لماذا الرجال أنانيون هكذا عندما يغضبون يحق لهم ذلك وبدون أي سبب وعندما يرضون

عنا فعلينا أن نرحب بهم وكأن شيئا لم يكن لن أجيب على اتصالاته مهما حدث

وصلتني منه رسالة صدمت لدى رؤيتي لها ثم تجاهلتها فمن أين يعرف شقيقي ليتكلم معه

بعد قليل وصلت أخرى وفيها ( أقسم أن أفعلها فلا تستهيني بكلامي )

شعرت بالجدية في كلامه فأجبت عليه في صمت فقال

" هل كنتي تحتاجين للتهديد لتجيبي عليا يا قاسية "

قلت ببكاء " هل أنا أصبحت القاسية الآن "

قال " لما البكاء حبيبتي هيا توقفي عن ذلك "

ولكن بكائي زاد أكثر فقال

" إن لم تتوقفي الآن كنت عندك و كنتي في حضني حالا "

ضحكت من بين دموعي وقلت " لم أعلم أنك سوبر مان قبلا "

ضحك وقال " بل لو كنت سلحفاة لوصلت فورا "

صدمت من كلماته التي لم أفهم منها شيئا يهدد بكلامه مع شقيقي ثم يقرب المسافة

بيننا هكذا هل علم من أكون يا ترى

قلت بحيرة " هل علمت من أكون قل الحقيقة "

قال " لو علمت لسرقتك وهربت بك أحبك يا ألماستي "

قلت بعتب " كاذب ولن أصدقك بعد الآن "

قال بصدمة " لماذا "

قلت بضيق " لماذا !!!! وتسأل لماذا يالك من متحجر "

قال بهدوء " اعذريني حبيبتي لقد رأيتك في منامي تتزوجين بغيري

ولم تخبريني فغضبت منك هذا ما حدث "

قلت بحدة " وهل تحاسبني بمنام لما كل هذا الظلم "

قال بحزم " أليس ذلك حقيقة , منامي لا يكذب يا بلسم "

تنهدت وقلت " ألم نتعاهد أن انتظرك فلما تكترث لتلك الأمور "

قال بحزن " بلسم لا تقتلينني يوما أرجوك "

قلت بخوف " لما تقول ذلك إنك تخيفني بهذا "

تنهد بأسى وقال " لو تزوجتي بغيري فسوف أموت من فوري "

ضحكت وقلت " كنت ستقتله ثم تقتلني والآن تموت أنت "

قال بضيق " بلسم كم مرة سأخبرك أن لا تسخري مني "

قلت بهدوء " حسننا لن أسخر منك , ولكن أخبرني كيف رأيت ذاك في المنام إنك مخيف "

ضحك وقال " احذري من مناماتي إنها تفشي بكل شيء "

قلت بابتسامة " مشكلة فلن أستطيع التسلي مع غيرك إذا "

قال بجدية " افعليها وستري ما سأفعله بك "

ضحكت وقلت " لن أفعلها أبدا اطمئن ولكن لا تغضب مني هكذا ثانيتا

لقد كدت تصيبني بالجنون "

تنهد وقال " وما حيلتي أنا , أقسم أنني أموت كل ليلة "

قلت بعد صمت " عليا الذهاب الآن فأنا مشغولة كثيرا "

قال " ما لديكم ليشغلك "

قلت " مناسبة سعيدة لأشخاص يهمني أمرهم كثيرا "

قال بحدة " ذكور أم إناث "

ضحكت وقلت " الاثنين معا "

قال بغضب " من هم هؤلاء "

قلت بهدوء " إنهم عائلتي الثانية وداعا الآن "

أغلقت الهاتف فدخل بحر جلس بجواري وقال بعد صمت وبهدوء حزين

" جود والدي في السجن "

نظرت له بصدمة وقلت " السجن "

قال " نعم والتهمة خطيرة وحكم عليه بسبع سنين "

نزلت دموعي رغما عني فقال " جود ما يبكيك في ذلك "

قلت بشهقة وبكاء " وهل سأفرح , كم تمنيت والدا أفخر به أمام الناس "

تنهد وقال بحزن " ذلك هوا قدرنا ولا مفر لنا منه , جود ستعودين لوالدتي ولمازن

ولدراستك أيضا ألا يسعدك ذلك "

نظرت له مطولا ثم قلت " دراستي "

ابتسم وقال " أجل دراستك فقد كنت أفكر في تسجيلك في الجامعة هنا ولكن عدم معرفتي بوقت

مكوثك هنا كان يجعلني أتردد في الأمر أما الآن فلن يمنعك شيء من إكمال دراستك هناك "

نظرت للأرض بحزن وقلت " لقد فات الأوان يا بحر أي دراسة سأدرسها بعد أن صرت ابنة

المجرم المسجون إنسا الأمر أرجوك "

قال بضيق " جود ما بك لا تكوني غبية هكذا وتضيعي مستقبلك "

وقفت وقلت " عليا مساعدة حور و خالتي من أجل الليلة معذرة منك يا بحر "

ميس تأففت رنيم وقالت بتذمر " ميس توقفي عن العناد "

قلت بضيق " لما كل هذه الألوان سوف أبدوا وكأنني مهرج "

تنهدت وقالت بحدة " هذا ضروري يا ميس أنتي لستِ في أيرلندا الألوان الصاخبة

في الماكياج هي الموضة هنا "

قلت " يا لا عقولكم الصغيرة "

قالت ببرود " قولي ما شئتي فلن أغضب وأوقف عملي حتى ننتهي "

قلت بضيق " رنيم لما اخترتِ أنتي أن تزينينني ولم تتركي المتخصصة بذلك تأتي "

قالت بحدة " لأني أعرف جيدا ما ستطلبينه منها , هيا توقفي عن الحركة ودعينا ننتهي بسرعة "

قلت بضيق " هل فعلتي ذلك بنفسك أيضا عندما تزوجتي بغيث "

تنهدت وقالت " لا تذكريني بذلك أرجوك فلم تتكحل عيناي يومها إلا بالدموع "

قلت بحيرة " هل كنتي تكرهينه لهذا الحد "

قالت " نعم وأكثر مما تتصوري "

قلت بهدوء " والآن هل تحبينه "

قالت بابتسامة " نعم جدا "

قلت " وأنا لا أشعر أنني عروس أو أنه اليوم عقد قراني وكأنني في مسرحية "

قالت بحذر " ميس لما وافقتِ إن كنتي غير مقتنعة به "

لويت شفتاي وقلت " كنت سأتزوج برجل ما على أي حال فلن يختلف الأمر "

قالت بحيرة " تفكيرك غريب حقا يا ميس "

اتكأت على الكرسي وأغمضت عينيا لتتابع تجهيزي وقلت

" آخر ما كنت أتصوره أن أتزوج أحد أبناء هذه العائلة لقد كنت أكرههم كرها لو وزع

على البشرية أجمع لكفاهم ولكن هذا قدري "

قالت " ميس أنتي تضرين نفسك إن كنتي تكرهين صهيب "

فتحت عينيا وقلت " لم أعد أكرهه بعد الأشياء الكثيرة التي فعلها لأجلي ووالدتي

رغم أني كرهته دوننا عنهم جميعا لتهوره ولكني كما قلت لك سأتزوج ثورا ما يوما

فهذا خير من غيره "

ضحكت وقالت " سأخبره بهذا وسترين "

نظرت لها وقلت " يالك من حسودة تريدين إفساد ليلتي لأصبح مثلك "

تنهدت وقالت بحزن " كم تمنيت ليلة زفاف جميلة ومميزه كباقي الفتيات ولكن الأحلام

تبقى أحلاما أحمدي الله أنك تتزوجين شخصا يحبك "

قلت بهدوء " أنا آسفة يا رنيم لقد كنت أمزح "

ابتسمت وقالت " لا عليك يا ميس ولكن كل شيء تغير الآن , هيا توقفي عن الكلام

ودعينا ننهي هذا بسرعة "

أمضت وقتا طويلا وهي تلوي لي رأسي في كل اتجاه حتى كادت تكسر عنقي ليكون وضع

جلوسي مناسبا لها ولوضعها ونسيت أنني مخلوق بشري ولست دمية وبعد جهد كبير قالت

" جميل لقد انتهيت هيا قفي مقابلة لي "

وقفت وقابلتها فقالت بدهشة

" وآآآآو ميس كم أنتي مبهرة تصورتك ستكونين جميلة ولكن ليس لهذا الحد "

قلت بضيق " يالك من وقحة هل تعني أنني قبيحة "

قالت " بالعكس أنتي جميلة حقا ولكني لم أتوقع هذا تعالي وانظري لنفسك في المرآة "

قابلت المرآة وقلت بصدمة " هل هذه أنا "

ضحكت وقالت " رأيتِ أنه معي حق "

قلت بضيق " أبدوا مهرجا سقطت عليه الأمطار "

ضحكت وقالت " كاذبة بل رائعة والدليل سيكون على لسان صهيب "

نظرت لنفسي مطولا في المرآة كان الفستان زهري اللون وهوا لون صهيب المفضل وكأنه

هوا من سيرتديه وليس أنا وأصر أن تقوم مصممة مشهورة بتصميمه خصيصا وكأن الجميع

سيحضر ليراه الماكياج وتسريحة الشعر مع هذه الخصلات العريضة والبنية الغامقة التي

صبغتها رنيم في شعري الأشقر جعلت مظهره غريبا وجميلا وتسريحة الشعر كانت

عبارة عن لفات أمسكتها وجمعتها معا للأعلى لتنسدل على ظهري وكتفي الأيمن بحرية

نظرت لظهري في المرآة وقلت

" صهيب الأحمق ذاك هذا الفستان عاري من جميع الجهات "

ضحكت رنيم وقالت " عرف كيف يضعك في الأمر الواقع "

طرق أحدهم الباب ثم دخلت حور وأغلقت الباب بسرعة ثم شهقت وقالت

" ميس كم أنتي فاتنة تبدين كنجوم السينما "

ابتسمت وقلت " هل لفتاة بجمالك أن تقول هذا "

اقتربت وأمسكتني من يدي ولفت بي حول نفسي وقالت

" وفيما تنقصين جمالا عني "

ثم غمزت بعينها وقالت بهمس " صهيب في الخارج "

قلت بفزع " ماذا !!!! أغربي عن وجهي الآن وخذيه معك حالا "

ضحكت وقالت " لا أستطيع "

سمعنا طرقا على الباب فقلت بخوف " رنيم لا تتركيه يدخل أرجوك "

ابتسمت وقالت " لا أستطيع أيضا فهذا كان اتفاقنا منذ البداية "

ثم خرجت تتبعها حور وتركاني وحدي يا لهما من وقحتان لقد كانوا متفقين إذا , رأيت

مقبض الباب يفتح ببطء فكاد يغمى علي , صهيب المجنون هذا ما يريده بي الآن فكرت

أن أهرب للحمام ولكن لا يمكنني ذلك مع هذا الفستان فاختبأت خلف الستار في صمت

سمعت باب الغرفة يفتح وخطوات تقترب مني لقد كاد قلبي يتوقف وكأني مجرم سيتم

القبض عليه , بعدها دخلت أصابعه داخل الستار وأمسكته ببطء فخبأت وجهي بين

يداي سمعت الستار يفتح بقوة ثم شعرت بيديه يمسكان يداي ويبعدانهم عن وجهي ببطء

وأزاحهما بعيدا

كان رأسي في الأرض وقلبي لحظة ويتوقف من التوتر والخوف رفع وجهي بأصابعه نظر

لي مطولا ثم قبلني على شفتي قبلة صغيرة ثم أبعد يده ثم عاد وامسك ذقني قبلني ثانية ثم

ثالثة ورابعة فوضعت يدي على صدره ودفعته بعيدا وقلت

" صهيب توقف عن هذا "

قال بابتسامة " ليس بيدي فكلما قلت أنها الأخيرة رغبت بغيرها "

أخفضت رأسي خجلا فأمسك بيدي وأزالها عن صدره وشدني لحظنه وقال

" مبارك لنا ميس يالك من فاتنة ما كل هذا الجمال "

قلت بخجل " جيد أنك تذكرت أن تقول ذلك "

أبعدني عن حضنه وأمسك يدي وقبلها وقال

" ما أن رأيتك حتى نسيت نفسي فما عساي أفعل "

نظرت لملابسه وضحكت ضحكة خفيفة فوضع يده في وسطه وقال بحدة

" ما الذي يضحكك في ثيابي "

قلت بابتسامة " أين وجدت ربطة عنق ضخمة مثلك هكذا "

قال بضيق " ميس يالك من زوجة هل هذا ما تقولينه لي ليلة عقد قراننا "

قلت بضحكة " أنا لم أرك سابقا باللباس الرسمي وربطة العنق تبدوا مختلفا "

قال بحدة " وماذا أيضا "

قلت بخجل " ووسيما "

أمسك ذقني مجددا فقلت " صهيب أرجوك أنا أخجل من ذلك يكفي هذا "

رن حينها هاتفه تأفف وأخرجه من جيبه وفتح الخط قائلا

" ماذا تريد "

ثم قال بضيق " حسننا قادم يالك من مزعج "

قبلني بسرعة من جديد كي لا أعترض وخرج مسرعا ودخلت رنيم بعده مباشرة فقلت لها بغضب

" سأريك يا رنيم لن أنسى لك هذا أبدا "

ضحكت وقالت " علينا تعديل أحمر الشفاه مجددا "

أدرت ظهري لها في ضيق فاقتربت مني وقالت

" ميس لا تغضبي مني هوا من أراد ذلك إنه مغرم بك حقا يالك من محظوظة به "

ولكني لم أجب فقالت " حسننا هيا علينا النزول الآن "

قلت بغضب " لن أنزل انزلي لهم أنتي "

قالت بصدمة " ميس هل جننتي أم ماذا "

قلت بضيق " قلت لن أنزل يعني لن أنزل "

قالت بحدة " ستنزلين الآن أم أتصل بصهيب ليأتي لإنزالك حالا "

نزلت للأسفل كان المدعوين قليلون جدا ولا أحد غريب سوى والدة بحر وعائلة عم

حور أما أفراد العائلة الكريمة فلم يحظر منهم أحد طبعا غير علياء وصلت لهم فبارك

الجميع لي واحدا واحدا كنت غاضبة من رنيم ولم أقبل منها أي كلمة فقالت بضيق

" ميس هيا لا تغضبي مني هذا عوض أن تشكريني على اللحظات التي لا تنسى "

قلت هامسة بحدة " رنيم ابتعدي عني خيرا لي ولك ولابنك "

تبادل الجميع الأحاديث والفرح وكانت والدتي لا تتوقف عن مسح دموعها وهي تنظر

لي كل حين أعلم أنها مطمئنة البال الآن , توجهت ناحيتها جلست بجانبها وحضنتها بحب

وبقيت بجوارها طوال الحفل بعد ساعات خرجت خالتي ثم عادت وقالت

" صهيب سيدخل الآن "

ماذا يريد بي مجددا يا إلهي كم هوا موقف محرج حقا , بعد أن تحجبن جميعهن وغطين

وجوههن بسبب الزينة دخل صهيب وخالتي بجانبه وتنظر له بابتسامة وسعادة يبدوا لي

أن والدته ووالدتي الأكثر سعادة اليوم وقف أمامي أمسك وجهي وقبل جبيني ثم همس في أذني

" مبارك لنا حبيبتي يا لي من غبي هل كان عليا أن أوافقك على أن يكون عقد

قران فقط كيف سأنام الليلة "

ضربته بقبضة يدي وضحكنا كلينا اقتربت خالتي وقدمت له صندوق الحلي ليلبسني إياهم

لقد كان طقما رائعا وراقيا ألبسني إياه ثم ألبسني خاتم الزواج وأعطاني خاتمه لألبسه له

فنظرت للخاتم في يدي ثم له وابتسمت فضحك وقال

" أعلم فيما تفكري كيف وجدت خاتما ضخما مثلي هكذا "

رغبت أن ألطف الجو قليلا بدلا من جفافي التام فقلت بهمس

" بل رائعا مثلك "

نظر لي بصدمة ثم حضنني ضاحكا فضحكن جميعهن بصوت منخفض فقلت

" صهيب ابتعد هيا لقد فضحتنا "

همس في أذني قائلا " أقسم أنني لا أرى غيرك هنا "

ثم ابتعد عني وسلم على والدتي وباركت له وغادر فضحكن جميعهن

بصوت مرتفع فقلت بضيق

" ما المضحك أنتن "

قالت جود " ما الذي قلته له يا ميس كاد يهرب بك من هنا "

قلت بحدة " اخجلي من والدتك على الأقل يا وقحة "

قالت ابنة عم حور الصغرى " ياله من وسيم وطويل وعريض و..... "

ضربتها شقيقتها على رأسها وقالت " اصمتي يا سليطة اللسان "

ضحكنا جميعنا وانتهى الحفل المتعب على خير أخيرا , ولم يتوقف صيب تلك الليلة عن

الاتصال بي ولكني لم أجب عليه فأرسل يهددني أنه قادم لغرفتي فهربت منه ونمت مع

والدتي بحجة أني اشعر الليلة باحتياجي لقربها ولا تسألوا عن موقف صهيب حين علم بذلك

⚘⚘⚘الفصل الخامس والثلاثون⚘⚘⚘

مرام هل تسمحوا لي أن آخذ حيزا صغيرا من حكايتكم , لقد تم دعوتنا اليوم لحضور عقد قران
شقيق زبير وابنة عمه كان قصرهم فخما جدا وضخما رغم عددهم القليل منزلنا من المنازل
الراقية والفخمة ولكن هذا القصر شيء خيالي حقا , وعائلتهم متواضعة ورائعة تعرفت على
والدة زبير وزوجة شقيقه وابنة عمه ووالدة العروس كلهم رائعون جدا وحتى زوجة والد بحر
سارق قلب ابنة عمي كانت بسيطة ورقيقة كابنتها وحتى شقيقي أحمد وجد له طفلان جميلان
ليلعبان معه
همست لحور " أين والدة هذان الطفلان "
قالت " إنهما شقيقا صديق زبير ولا عائلة لهما غير شقيقهم "
قلت بحزن " يا لهما من مسكينان كم هما رائعان "
ضحكت وقالت " كل الأطفال بالنسبة لك رائعون "
قلت بابتسامة " ومن لا يحب الأطفال فهم زهور هذه الحياة كم كنت أتمنى أن أمي لم
تتوقف عند شقيقي أحمد وأنجبت المزيد منهم "
ضحكت وقالت " وهل ستمضين عمرك كله تربي وهي تنجب ألن تنجبي أطفالا لنفسك "
تنهدت وقلت " لن تصدقيني لو أخبرتك أني لم أعتبر أحمد يوما شقيقي كنت أراه ابني "
ثم نظرت لميس وقلت بابتسامة
" كم تبدوا هذه العروس جميلة وملامحها غربية كثيرا وطفولية وكأننا في حفل مدرسي "
ضحكت وقالت " لو تسمعك ستغضب منك أي مدرسة وأي حفل "
قلت " لم أقصد ذلك ولكنها حقا كالطفلة تبدوا لي صغيرة جدا "
قالت " إنها في السابعة عشرة "
نظرت لها بصدمة وقلت " إنها صغيرة ولم تنهي دراستها الثانوية بعد "
قالت بحزن " وما فعلنا نحن بالدراسة غير أنها حطمت أحلامنا "
لذت بالصمت فمعها حق لولا الدراسة لكانت زوجة لبحر منذ سنين ولكن هذا
قدرنا ولا مهرب لنا منه
" مرام هل نخرج للحديقة "
قلت بضيق " أحمد هذا ليس منزلنا فلا تتسبب لنا بالمشكلات "
قالت الفتاة الصغيرة بابتسامة ومرح " هيا نخرج ... هيا نخرج "
كم هي فاتنة هذه الصغيرة قال أحمد " لن نبتعد أبدا أعدك "
وقفت وقلت " سوف أخرج معكم فأنا أعرفك جيدا "
خرجت بهم للحديقة الجانبية مبتعدة قدر الإمكان عن أبواب القصر كانت جميلة
ومرتبة وخالية أيضا من العاملين وهذا ما زاد جمال أجوائها كنت الحق بهم في كل
مكان وأرجعهم كي لا يبتعدوا
الأطفال مليئين بالنشاط كالنحل لا يتوقفون أبدا , ركضت الطفلة ناحيتي وأمسكت ساقي
وقالت " احمليني "
حملتها بين ذراعي فقالت بابتسامة " أريد تلك الزهرة "
قلت بحب " حبيبتي الجميلة هذه ليست لنا ولا يحق لنا قطفها "
نظرت لي قليلا ثم قالت " هل لديك أم "
قلت بحيرة " نعم "
قالت بحزن " أنا ليس لدي "
شددتها في حضني ونزلت من عينيا الدموع وقلت
" ماذا لو كنت أمك "
قالت " هل ستأخذينني معك "
صدمت من سؤالها ولم أملك جوابا عنه
" أمجد ملاك هل أنتما هنا وأنا ابحث عنكما "
ركض الطفلان باتجاه الشاب وهما يضحكان فنظرت للأرض وقلت
" أنا آسفة لقد طلبوا الخروج للحديقة وأصروا على ذلك "
حمل الطفلة وقال " لا بأس يا آنسة لا داعي للاعتذار وآسف لما سبباه لك من إزعاج "
قلت " لا أبدا إنما لطيفان جدا "
ثم أمسكت أحمد من يده وأعدته للقصر

رنيم لقد كان الأسبوع الماضي قبل زواج صهيب من أجمل أسابيع حياتي هنا كانت
مفاجئات غيث فيه لا تنتهي وعوضني عن کل ما فات وکل جفافه الدائم رغم
حسن معاملته لي ولكن في ذاك الأسبوع كان شخصا آخر لا أعرفه ولم أعرفه
قبلا , حتى أنه أصر علي خروجنا مرارا ولكني كنت متعبة ورفضت لقد أصبح
غيث شيئا مهما في حياتي ولا يمكنني الاستغناء عنه ولا التفكير في أن يكون
بعيدا عني أو لغيري يوما وکم أخشى من عواقب هذه المشاعر ولكنه يحبني أيضا
وحتى شكوكه أصبحت الحظ أنها في النقصان
سيقوم بنزع الجبيرة هذا الأسبوع ويعود كما كان , يحزنني حقا أن يرجع لأعماله
التي لا تنتهي فكم كان قربنا من بعض طوال تلك المدة رائعا ومفرحا لي واعتدت
على وجوده بقربي طيلة النهار حتى أنني كنت أطعمه بيدي
فتح الباب ودخل مبتسما وقال " ما بها حبيبتي اليوم لم تغادر السرير "
قلت بابتسامة " أشعر ببعض التعب "
جلس بجانبي قبل يدي وقال " هل آخذك للطبيبة أو نجلبها هنا "
قلت " لا يحتاج الأمر سوف أکون بخير "
وضع يده في جيبه وقال مبتسما "هناك مفاجئه لأم شامخ في جيبي "
آه يبدوا أن ذاك الأسبوع الأسطوري سيتكرر ثانيتا قلت بلهفة
" وأم شامخ في الانتظار ‏‎"‎‏
ضحك وأخرج من جيبه هاتفا محمولا وقدمه لي كادت عينيا تخرجان من
مكانهما من الصدمة في صمت فضحك وقال
" يبدوا أنها لم تعجبك "
قلت بدهشة " قل أنه حقيقة يا غيث وليست مزحة منك "
قال بضيق " رنيم ما بك هل أنا مجرم لهذا الحد "
حضنته بكلى ذراعيا وقلت بدموع
" کم أحبك يا غيث أنت أروع ما في هذه الحياة "
ضحك وقال " هل كل هذا من أجل الهاتف "
ضربته بقبضة يدي على صدره وقلت " يالك من خالي من الرومانسية يا
غيث فلم يكن هوا سبب سعادتي بل أنك غيرت نظرتك لي أخيرا "
رن هاتف غيث فنظر له بحيرة وقال " إنه بحر "
أجاب على الاتصال ثم قال " بحر يريد رؤيتي الآن "
وقفت وقلت " إذا سأفتح له الباب وأذهب هل تريد شيئا "
قال بابتسامة " قبلة صغيرة فقط "
أقسم أن جنيا سكنه فتحت الباب لبحر وخرجت من جناحنا وصادفت ميس مستاءة فقلت
" ما بك ميس عابسة هكذا "
قالت بضيق " ذاك الوقح صهيب إنه يعاقبني سيرى ما سأفعل "
ضحكت وقلت " ما بكما هكذا كالأطفال ماذا حدث "
قالت بتذمر " لقد قبل خدي وعانقني مرغمة أمام والدتي أعلم لما لأنني
هربت منه صباح الأمس وأغلقت هاتفي "
ثم تأففت وقالت " وقح إنها ليست المرة الأولى "
ضحكت وقلت " لا أصدق أنك تخجلين كل هذا القدر "
نظرت لي بصدمة وقالت " رنيم ما تعنيه بذلك "
قلت بجزع " لا لا ميس لا تفهمي الأمر خطأ أقصد أنك عشتي في مجتمع منفتح
أكثر من مجتمعنا وأنتي فتاة قوية رغم صغر سنك لذلك استغربت "
نظرت لي بنصف عين وقالت
" آه الآن فهمت كدتِ تفقدين حياتك على يدي لو لم تشرحي لي "
وقف صهيب خلفها ضاحكا بصمت ويؤشر لي بأنني خفت منها فنظرت له بضيق ثم قلت لها
" ميس ما رأيك بصهيب صراحة ولن أخبر أحد "
قالت وهي تضع إصبعها على فمها وتنظر للأعلى
" أمممممم متهور وعنيد وجريء حد الوقاحة "
ثم رفعت يديها وشكلت أصابعها كمخالب نمر وقال " وشرس "
اقترب منها وأمسكها من خصرها بذراعيه رافعا لها للأعلى فصرخت بذعر
" لاااااااااااا رنيم يا مخادعة سأريك "
قال صهيب ضاحكا " هكذا تقولين عني إذا , هذا بدل أن تدافعي عن
زوجك إن تحدث عنه أحد يالك من زوجة "
قالت بضيق وهي تضرب بقدميها ساقيه ويديه بقبضة يديها
" صهيب أتركني أنزلني الآن ماذا لو رآنا أحد إخوتك "
قال مغادرا وهوا يحملها " بل سالف بك القصر عقابا لك كي لا تعديها "
ياله من شاب وكأنه لا يوجد أحد غيرهما هنا وهي عكسه تماما يبدوا أنه يفعل ذلك لأغاظتها

بحر

بعدما مضى على زواج صهيب أسبوع وسجن والدي أكثر من عشرة أيام كان عليا
التفكير جديا في إعادة جود لمنزلها فما من داعي لوجودها هنا بعد اليوم ولا لوجودي
الدائم من أجلها فيكفيني مرارة لقد فكرت جديا لأكثر من مرة أن أترك كل شيء وأهاجر
من البلاد علي أرتاح وترتاح حور وتعيش حياتها الجديدة وتقتنع بواقعها ولكن إخوتي هم
من يعيقون أي فكرة لي للفرار ولكن هذا ما سوف يحدث يوما بالتأكيد وبث أراه قريبا جدا
اتصلت بغيث لأستأذنه للدخول له وبعد وقت قصير فتحت رنيم لي الباب قلت بهدوء
وعينيا للأرض " مرحبا يا رنيم كيف حالك "
قالت بابتسامة " بخير هيا تفضل غيث في الداخل وأنا مغادرة حالا "
قلت " شكرا لك واعذريني لإزعاجي لكم "
قالت وهي تخرج من جناحهم " لا تعتذر يا بحر أنت على الرحب والسعة "
دخلت لعند غيث وقلت مبتسما " مرحبا "
قال بذات الابتسامة " مرحبا بالبحر كيف أنت "
ضحكت وقلت " عدت لمناداتي بالبحر لم تقلها منذ سنوات "
ضحك وقال " لأنك كنت تكرهها عند صغرك وكنت أقولها لإغاظتك "
جلست وقلت " سوف آخذ جود من هنا فما عاد لبقائها من داعي شكرا لك يا غيث فلن
أنسى وقوفك معي في هذه المحنة "
قال مبتسما " ولما تشكرني يا بحر ما الذي فعلته أنا "
قلت بهدوء " بلى فعلت الكثير أنا أعلم أنك ترفض وجود الخادمات هنا لأنك
لا تريد نساء غريبات عن العائلة لا أعلم السبب ولكنها الحقيقة وعلى الرغم من
ذلك استقبلت شقيقتي بكل سرور ولم تمانع ولا تسأل عن شيء غير الذي قلته لك
لقد أسديت لي معروفا لن أنساه "
قال " إن كنت تود رد المعروف لي فأعدل عن التفكير الجنوني الذي تحدثت عنه سابقا "
ابتسمت بألم وقلت " سأكون مجنونا لو فعلت ما تقول ولكن لا تقلق فقد أطر لذلك يوما "
قال بعد صمت " بحر علينا أن نحكم العقل عن العواطف بعض الأحيان "
قلت بحزن " هذا لأنك لم تجرب الحب يوما على ما يبدوا لي ويبدوا أنك لم تحب رنيم بعد أو
أنك لم تكتشف ذلك حتى الآن "
ثم وقفت وقلت " سآخذها الآن من هنا بعد أن مضى على سجن والدي بضع أيام كي لا يشك
أحد بالأمر وأعتذر عن أي إزعاج قد تكون شقيقتي تسببت به "
خرجت وعبرت بجانب غرفة الجلوس بحثا عن والدتي فسمعت صوت حور وزبير يضحكان
فعذلت عن الفكرة وخرجت خارج القصر فورا يبدوا لي أنك لن تكوني لي يوما يا حور ولكني
لن أكون إلا للموت إما أنتي أو لا أحد وإما معك أو للنفي عن هذه البلاد

حور

سوف تغادر جود اليوم کم أحببت هذه الفتاة وکم عانيت من وجودها أمامي
طوال الوقت كانت مقربة جدا مني وها هي سترحل الآن وها هوا بحر سيعود
لغيابه التام الذي لم يغير وجود جود منه إلا القليل ولست أعلم إن كان ذلك
سيريحني أم سيتعبني أکثر
يعز علي قلبي فراقك يا جود فكم أنتي رائعة حقا استغرب أن زبير لم يرشحها
هي للزواج بصديقه , آه ويحي لقد نسيت أن أفاتح مرام في الأمر جيد أن زبير
لم يسألني حتى الآن اتصلت بها فأجابت علي الفور قائلة
" مرحبا حور "
قلت بهدوء " مرحبا مرام کيف حالك "
قالت " بخير کيف حال زبير وعائلته "
قلت " الجميع بخير شكرا لاهتمامك ، مرام لقد کلفني زبير أن أتحدث معك في أمر "
قالت باستغراب " معي !!! ولكن هل زوجك يعرفني "
قلت " يعرفك من خلالي "
قالت " لم أفهم "
قلت " دعينا من ذلك الآن ولنتحدث فيما هوا أهم لقد تحدث معي زبير منذ أسبوع في
أن أسألك عن رأيك في الزواج من صديقه المقرب هوا يبحث عن زوجة وزبير رشحك
أنتي وطلب أن آخذ رأيك فهوا يعرفك من حديتي معك دائما "
قالت بعد صمت " صديقه !! وأنا !! ويرشحني , أنا لا أفهم شيئا "
قلت بتذمر " مرام ما بك أصبحت غبية هكذا فجئه أتذكرين الطفلين اللذان رأيت هنا "
قالت بهدوء " في الحفل "
قلت " نعم إنه شقيقهما الذي يقوم برعايتهم وهوا يبحث عن زوجة تقبل بشقيقيه سألني زبير
عنك فشجعته لعلمي بحبك للأطفال هم يحتاجون لواحدة حنونة ومحبة مثلك "
لاذت بالصمت فقلت " مرام ماذا قلتي "
قالت بحيرة " لا أعلم لقد فاجأتني وأنتي تعلمين أن والدي لم يرفض أو يوافق على أحدا حتى الآن "
قلت " سأقول أنك موافقة ويتحدث مع عمي مباشرة الطفلان يحتاجانك يا مرام وشقيقهم کذلك
ولقد مدحه زبيرأمامي مرارا "
ضحكت وقالت " أراك فكرت وقررت عني يا حور"
ضحكت وقلت " هذا لأني أعلم أنه لا شخص معين تنتظرينه ثم عمي سيزوجك قريبا علي أية حال "
قالت بهدوء " أنا حقا لا أعلم ما أقول ‏‎"‎‏
قلت " الأمر محسوم يا مرام "
ضحكت وقالت " أمري لله ما عساي أقول "

زبير لو أن بحر الصامت ذاك يريحني ويقول إن كان سيأخذ جود من هنا أم لا ولكن هذا
ما سيحدث بالتأكيد ستذهب ألماستي الحبيبة عني ولن يكون بإمكاني رؤيتها متى أردت
رن هاتفي فرفعته وأجبت من فوري
" مرحبا يا قاطع حبال الأفكار أقسم أنك تقرب لوالدتي "
ضحك وقال " بل أنا من يقسم علي أنك لا تتوقف عن التفكير فيما لا أعلم وتخفيه عني "
تنهدت وقلت " أترك ما في القلب في القلب وقل ما الذي جعلك تتصل بي في هذا الوقت المتأخر "
قال " لقد فارق النوم عيني يا صديقي "
قلت " يبدوا أن لديك شيء جديد "
قال " وجدت ضالتي يا زبير "
قلت باستغراب " وهل أضعت شيئا من قبل "
تأفف وقال " زبير عن الزوجة أتحدث ما بك يا رجل "
ضحكت وقلت " وأخيرا أين وجدتها "
قال مباشرة " في قصركم "
قلت بحيرة " قصرنا !!! متى "
قال " في الحديقة يوم عقد قران صهيب إنها جميلة بل فاتنة ورقيقة
وساحرة وتحب الأطفال كما أريد "
قلت " مهلك مهلك قليلا من تكون هذه "
قال " لا أعلم هذا ما أريد معرفته منك , لقدر رأيتها تركض خلف الأطفال وتهتم
لبقائهم بقربها وتتحدث معهم برحابة صدر وحب وبكت من كلمات شقيقتي البسيطة
جدا ومنذ ذاك اليوم لم أتوقف عن التفكير فيها أريدها يا زبير هي وليس سواها "
قلت بضيق " جبير قد تكون زوجتي أو أحدى زوجات إخوتي أو شقيقة بحر ولن
تحلم بإحداهن فهمت "
قال بحزن " لا تقلها يا زبير أرجوك "
قلت بنفاذ صبر " صفها لي أو ما كانت ترتدي "
قال " لا أذكر غير أنها جميلة جدا ولون عيناها سمائي فاتح "
يبدوا أنها حور قلت " هل توجد نقرة عند ذقنها "
قال بعد تفكير " لا "
قلت " هي ليست من عائلتنا إذا "
قال بارتياح " الحمد لله كدت تصيبني بالجنون يا رجل , من تكون يا ترى "
قلت بعد وقت " لم يتبقى أحد سوى بنات عم زوجتي لقد تحدث معها للتحدث مع الكبرى عن
رأيها في الزواج بك قبل إخبارك "
قال مباشرة " وماذا قالت "
ضحكت وقلت " يبدوا أن الأمر أخطر مما أتصور يا صديقي "
تنهد وقال " أرح قلبي يا زبير فأنا لم أتوقف عن التفكير فيها منذ أسبوع "
قلت " لو كانت هي ولا أحد غيرها بالتأكيد فحربك ستكون شديدة فقد أخبرتني زوجتي
أن خطابها كثيرين ووالدها يرفض بسبب الدراسة وهي لم تنهها إلا من أشهر قليلة "
قال مباشرة " ولما أنت صديقي تكلم معه فأنت صهرهم "
ضحكت وقلت " مهلك يا جبير لنعرف رأيها أولا ثم سأكون معك حين تذهب بكل تأكيد "
قال " أوقظ زوجتك واسألها ما قالت لها "
قلت بابتسامة " صبرك حتى الصباح هيا وداعا "
قال بتذمر " أمري لله وداعا "
وعند الصباح الباكر اتصل جبير كما توقعت يبدوا أنه لم ينم البارحة فأجبت ضاحكا
" بالله عليك هل نمت البارحة "
قال بهدوء " أقسم أنه لم يغمض لي جفن ها ما الذي حدث "
ضحكت وقلت " أصبر حتى نلتقي "
صرخ غاضبا " زبير أقسم إن لم تتحدث كنت عندك الآن "
ضحكت كثيرا ثم قلت " لقد وافقت أيها العاشق المتيم "
تنهد براحة ثم قال
" لقد أرحتني يا زبير كم خشيت أن ترفضني سنذهب لوالدها اليوم "
تنهدت بحزن وقلت " ليس اليوم فلدي وداع مؤلم عليا حضوره "
قال بحيرة " وداع من !!!! "
قلت بهدوء " لا تكترث لكل ما أقول غدا سنكون في منزلهم حسننا "
قال " حسننا وداعا الآن "
أنهيت المكالمة وجربت الاتصال بجود كثيرا لأتحدث معها قبل خروجها ولكنها
لم تجب هي منشغلة بتوديعهم بالتأكيد لقد قتلتني حور اليوم عندما قالت أن جود
ستغادر , آه عليا أن أنزل لرؤيتها للمرة الأخيرة هنا , سحقا للوصايا ولمخترعيها

يتبع ......??????
 
رد: أنا من خذلت نفسي

تتمة الجزء الخامس والثلاثون + الجزء السادس والثلاثون + والسابع والثلاثون ⚘

جود كان عليا اليوم مغادرة هذا القصر الذي عشت فيه لأشهر وتعرفت فيه على أشخاص
ينذر وجودهم ومررت هنا بأحداث كثيرة وغريبة بل وعشت معهم همومهم وحزنهم
وسعادتهم وكأنهم عائلتي وها قد آن الأوان لأن أعود لحضن والدتي لوطني الأصلي
لضحكة أخي مازن ومرحه الدائم لغرفتي ومنزلي وليس لمشاكل والدي التي لا تنتهي
بالتأكيد , فلعله بهذا يتلقى درسا قاسيا يغيره ولعلنا نرتاح ويرتاح بحر من عنائه قليلا
ودعت الجميع بدموع وشهقات حضنت رنيم بحب وشكرتها على كل شيء
" شكرا لك يا رنيم وسامحيني على كل مضايقاتنا ومزاحنا الدائم معك "
قالت بدموع " وفقك الله يا جود لا تنسينا وقومي بزيارتنا دائما "
حضنت حور بدموع أكثر فهي كانت المقربة لي هنا فقد شعرت دائما بقربي لها
بسبب حزنها وهدوئها وبعدها عن الاحتكاك بالآخرين فهي كانت تحتاج من يجتاح
عالمها ليكسر عزلتها الدائمة
" حور لو كانت لي شقيقة ما كنت أحببتها مثلك وداعا يا صديقتي "
قالت ببكاء " يعز عليا فراقك يا جود لقد اعتدت على وجودك معي لما الأشخاص
الذين أحبهم يتركوني دائما "
قلت بدموع " تعالي لزيارتي يا حور أرجوك أطلبي من زوجك أن يأخذك لمنزلنا "
هزت رأسها بالموافقة دون كلام ثم حضنت ميس وقلت
" ميس أيتها الصغيرة العنيدة المشاكسة أتمنى لك حظا سعيدا حافظي على زوجك
يا متهورة إنه شخص ينذر وجوده وأكملي دراستك كي لا تندمي فيما بعد "
حضنت والدة بحر ووالدة ميس مودعة وقلت " سأكون على اتصال دائم بكم أتمنى لكم
السعادة من قلبي , خالتي اعتذري لأبنائك عن إزعاجي لهم جميعهم "
مسحت دموعها وقالت " وهل مثلك تزعج أحدا إنك كنسيم الهواء العليل لا يضر أحد "
وضعت يدي على جيبي وقلت " لقد نسيت هاتفي في المطبخ عليا أخذه عن إذنكم "
اقتربت من المطبخ وكنت اسمع رنينه المتواصل دخلت هناك فوجدت بحر ممسكا به نظر
لي بحيرة بل بصدمة وقال
" من هذا يا جود "
وقفت مصدومة كالدمية لا ترمش ولا تتحرك يا إلهي لابد أنه ذاك الشاب ياله من
موقف ومع من مع بحر قال بحزم
" تكلمي يا جود من هذا الذي يتصل بك ومسجل عندك باسم الـ..... "
" هذا الرقم يخصني أنا "
التفتت لمصدر الصوت فكان ................

الجزء السادس والسابع والثلاثون ⚘



جود" هذا الرقم يخصني أنا "

التفتنا لمصدر الصوت فكانت رنيم تقف عند الباب وتنظر لبحر بجدية فقال

" يخصك أنتي !!! إنه رقم رجل "

قالت " نعم أنا من يتحدث معه من هاتف جود فلا هاتف لدي كما تعلم "

قال بصدمة " ولكن ..... "

قاطعته قائلة " إنه رقم ابن خالتي يمكنك الاتصال به لتتأكد بنفسك "

وضع الهاتف على الطاولة وقال " هل غيث يعلم بهذا "

قالت " لا ... ولا تخبره أرجوك "

تنهد بضيق وقال " ولما تتحدثين معه بدون علمه وموافقته "

قالت " إنه أمر شخصي "

قال مغادرا " هيا يا جود ولا أريد رؤية هذا الرقم في هاتفك ثانيتا "

خرج من المطبخ وسمعته يتحدث مع أحد إخوته في الخارج ثم ابتعدا نظرت لرنيم وقلت

" لما فعلت ذلك يا رنيم "

ابتسمت وقالت " لا أريد أن تخسري شقيقك يا جود وها أنتي رأيت بنفسك أن الأمر لن

يجلب لك إلا المشكلات وأخشى أن لا تنتهي على هذا "

قلت بحزن " يبدوا لي معك حق شكرا يا رنيم لن أنسى لك هذا أبدا ولكن

بحر سيضن بك سوءا "

ابتسمت وقالت " لا عليك سوف أتدبر الأمر بمعرفتي "

خرجت للخارج لنغادر فوجدت زبير يقف مع بحر فقلت بحياء

" أعتذر منك دوننا عن الجميع يا زبير وأتمنى أن لا يكون في قلبك أي شيء سيئ اتجاهي "

نظر لوجهي مطولا وكأنه يرسم ملامحي بمقلتيه ثم قال

" أبدا يا جود لا تفكري هذا التفكير الخاطئ وأنا من عليه الاعتذار منك عن كل ما بدر مني "

قلت بابتسامة " إذا متصافيان ولا أحد غاضب من الآخر "

قال بذات الابتسامة " متصافيان جدا , أتمنى لك التوفيق والسعادة الدائمة "

قلت وأنا أفتح باب السيارة " أحظر حور لزيارتي دائما أرجوك يا زبير "

نظر لي نظرة غريبة ثم لبحر ثم ابتسم وقال " سوف أفكر في الأمر "

استغربت من جملته وصراحة لم افهمها ركبت السيارة وغادرنا على بركة الله

زبير لا أصعب من موت الحلم إلا رؤيته يتلاشى أمامك شيئا فشيئا وبيدك شيء ولكنك

تعجز عن فعله

وقفت عند سيارة بحر كي أتأكد من أنني سوف أراها قبل أن تغادر نهائيا وما فاجئني هوا

اعتذارها مني والكلمات التي قالتها لي يالك من فتاة يا جود رغم كل شيء تعتذرين مني

ثم ركبت وعينيا يتبعانها كمن أخذوا منه روحه بعدما نزعوها من جسده انتزاعا

ولا شيء بيدي سوى الصمت والتحديق ولم تفارقهم عيناي حتى توارت سيارتهم

عن ناظري تنهدت بحزن وما أن التفتت للخلف عائدا للقصر حتى سمعت صراخا

من الداخل فركضت مسرعا ودخلت فوجدت الجميع مجتمعين أمام باب جناح غيث

وصراخه و رنيم خارج من هناك أمسكت يد أمي وقلت

" ماذا هناك يا أمي "

قالت بصياح " غيث يضرب رنيم في الداخل "

طرقت الباب بكل قوتي وصرخت به ليفتح ودون جدوى كان صراخه كالمجنون

وبكائها ولا أفهم مما يجري ويقولان شيئا نزل حينها صهيب راكضا وقال

" ماذا بكم "

قلت بصراخ " أحضر إحدى مسدسينا بسرعة يا صهيب "

أمسكت بي أمي وقالت " ماذا ستفعل به "

قلت " لا تخافي لن أقتل أحدا "

ثم صرخت به " بسرعة يا صهيب علينا فتح الباب قبل أن يقتلها تعلم أنها حامل "

ركض كالبرق للأعلى وأحضر مسدسه فضربت قفل الباب ودخلت وهوا معي وأمسكنا

غيث وأبعدناه عنها قبل أن يقضي عليها ففك نفسه منا وخرج غاضبا دون كلام ودخلت

حينها والدتي وحور وميس وحتى والدتها فخرجت أنا وصهيب

سماح يبدوا أن الفرح هنا لا يدوم فما أن تحسنت أحوال غيث وزوجته حتى عدنا من حيث

بدأنا أنا لا أصدق أن غيث يضرب امرأة كانت من تكون , دخلنا مسرعين فوجدناها

ملقاة أرضا وغائبة عن الوعي تماما حاولنا إيقاظها ولكن دون جدوى فصعقت وأنا

أرى النزيف ينزل منها بشدة خرجت مسرعة وصرخت بهما

" إنها تنزف علينا أخذها للمستشفى قبل أن تموت هي وابنها "

جاءت سيارة الإسعاف في لحظات لأخذها وأصررت على الذهاب معها وركضت

حور خلفي قائلة " خالتي خدي معك حقيبة الطفل قد تحتاجونها "

آه يا لها من فكرة سديدة قلت مغادرة " شكرا لك يا حور جيد أنك تذكرتها "

وصلنا المستشفى وأدخلوها حجرة الولادة ومرت بنا الساعات ننتظر

" صهيب ألم يجب شقيقك بعد "

تنهد بضيق وقال " لا , وأغلق هاتفه أيضا "

قلت بحزن " يا رب سلمها يا رب "

قال " ماذا حدث يا أمي ألا تعلمي شيئا "

قلت بحيرة " لا لقد كانت أحوالهم على أحسن ما يرام مؤخرا لا أعلم ما حل بهما فجئه "

خرج حينها الطبيب فركضنا نحوه ثلاثتنا وقال زبير

" ماذا حدث أيها الطبيب طمئنا عنهما "

قال بهدوء " لقد أجرينا لها عملية قيصرية لإنقاذ الطفل فهي في نهاية حملها "

قلت بخوف " وهل هما بخير "

قال " حمدا لله على سلامتهما إنه مولود ذكر وبصحة جيدة ولكن والدته نزفت

كثيرا وتحتاج لنقل الدم "

قال صهيب " أنا جاهز "

قال زبير " وأنا كذلك "

قال الطبيب " ما هي فصيلتكما "

قال صيب " أي سالبة "

قال " جيد ضننت أننا لن نجد هذه الفصيلة بسهولة تعاليا معي "

وبعد قليل اتصلت حور فأجبت في الفور " نعم يا حور "

قالت بلهفة " ماذا حدث معكم "

قلت بسرور " حمدا لله لقد أجروا لها عملية وهي والمولود بخير "

قالت بدموع " حمدا لله على سلامتهما لقد خفنا عليها كثيرا , هل رأيتها "

قلت " لا ليس بعد فلم تستفق حتى الآن "

قالت " طمئنيني عنها حينما تستفيق , وداعا الآن "

وبعد ساعات استفاقت رنيم مسحت على شعرها وقلت

" حمدا لله على سلامتك يا ابنتي هل تشعرين بشيء "

قالت بتألم " ماذا حدث لي "

قلت بابتسامة " لقد اجروا لك عملية لإخراج الطفل حمدا لله على سلامتكما يا رنيم "

قالت " أين هوا ابني "

قلت " إنه في الحضانة سيكملون بعض الإجراءات ويحضرونه لك "

نزلت من طرف عينيها دمعة عبرت طريقها فمسحتها ونزلت تلحقها الأخرى فأمسكت

بيدها وقلت " رنيم ما الذي حدث بينكما يا ابنتي "

قالت بعد صمت " لا شيء يا خالتي مجرد مشكلة بسيطة "

قلت بضيق " وأي مشكلة هذه التي تجعل غيث يضربك فلم يربي شامخ أبنائه

على ضرب النساء أبدا "

قالت ببكاء " ابني يا خالتي أحضروه لي لا تدعوه يأخذه مني "

قلت وأنا أمسح على كتفها

" لن يأخذه منك أحد يا رنيم ارتاحي الآن فأنتي لازلت متعبة "

سمعت طرقا على الباب فخرجت وكان صهيب فقال

" أمي عليك العودة للمنزل الآن وسوف أحضر ميس أو والدتها يجب أن ترتاحي "

قلت " سأبقى معها أنا لست متعبة "

قال بنفاذ صبر " أمي أرجوك لا تعاندي "

قلت بقلة حيلة " حسننا فعلينا إحضار بعض الثياب من أجلها كيف هوا الصغير "

ابتسم وقال " يشبه غيث كثيرا وبصحة جيدة لقد أنهينا الإجراءات وسيحضرونه لها حالا "

قلت " حمدا لله وهل جاء غيث "

قال " لا لم نره منذ الصباح لقد قمنا نحن بكل شيء لقد أتعبونا كثيرا معهم هيا يا أمي بسرعة "

صهيب كان هذا اليوم مرهقا ومتعبا ومليء بالمفاجئات ولكن حمدا لله أن الطفل ووالدته بخير

عليا الآن اخذ والدتي للمنزل لترتاح وجلب ميس لتكون معها حتى نرى ما سنفعل إما

نُعلم والدتها أو نذهب لجلبها ولا أعلم ما ينوي غيث فعله فقد خرج كالإعصار صباحا

وها قد حل الليل ولم يرجع ولم يفتح هاتفه وزبير خرج للبحث عنه منذ وقت ولم يجده

" صهيب ماذا بشأن البقية هل أخبرتهم "

قلت بهدوء " ما من داعي لذلك يا أمي فبحر غادر اليوم وسيسافر في الغد خارج البلاد

وأديم كما تعلمين لا يمكنه المجيء حتى نهاية الأسبوع فما من جدوى من أخبارهم مادامت

رنيم والطفل بخير "

تنهدت وقالت " ولكن غيث مختفي منذ الصباح قد يكون به مكروه ما "

قلت " ذهب زبير للبحث عنه وسألحق به أنا أيضا , ولكن هل قالت لك رنيم

شيئا عن سبب شجارهما "

قالت بحزن " قالت مشكلة بسيطة ولكن أي مشكلة تلك التي تجعله يضربها هكذا

فلازالت أثار صفعاته لها واضحة على وجهها والكدمات في جسمها "

قلت بضيق " لقد كادوا يفتحوا لنا تحقيقا لولا صديق لزبير طبيب هناك "

تنهدت وقالت " لا أعلم متى سنخرج من مصيبة ولا تلحقها أخرى "

وصلنا القصر ونزلت من السيارة مسرعا قبلها دخلت وكانت ميس ووالدتها وحور مجتمعات

وينتظرن فقفزت ميس راكضة نحوي وأمسكت بيدي وقالت

" كيف هي الآن يا صهيب "

قلت متوجها للأعلى وممسكا يدها

" إنها بخير لا تقلقوا ستذهبين معي الآن للمستشفى بدلا عن والدتي "

دخلت لغرفتي أمسكت وجهها وقبلتها وقلت

" ميس هلا أخرجت لي ثيابا من غرفة الملابس عليا الاستحمام سريعا "

قالت بابتسامة " بالتأكيد ولكن أيها تريد "

قلت وأنا آخذ المنشفة وادخل الحمام

" لا يهم أي شيء تجدينه أمامك وجهزي ملابس لرنيم لنأخذها معنا "

غادرنا القصر وفي الطريق اتصل بي زبير وأخبرني أنه وجد غيث ولكنه رفض المجيء

معه وأخبره أنه سيقوم بتسجيل ابنه بنفسه وغادر , حمدا لله هذا غيث وجدناه وضننت أنها

المشكلة الأخيرة لهذا اليوم حتى وردني اتصال آخر فأجبت من فوري

" نعم يا عصام هل من جديد "

قال بتردد " عمك جسار كما توقعت يا صهيب "

قلت بصدمة " ماذا !!! كيف ذلك "

قال " إنه متورط معهم والأخبار أكيدة "

قلت بحيرة " ولكن ما علاقته بهم وبتلك الأعمال "

قال بهدوء " إنها عصابة "

قلت بغيض " سحقا علمت أنه سيكون وراء ذلك "

قال " كيف ونحن لم نتأكد بعد من مسئوليته عن ما حدث لعمك "

قلت بجدية " سوف نتأكد وسيكون كما ظننا وسترى , حسننا وداعا "

نظرت لي ميس وقالت " ماذا هناك هل أحد إخوتك به مكروه "

قلت بضيق " ليس من أخوتي إنه عمي جسار "

قالت بصدمة " ما به "

قلت " سنتحدث فيما بعد حبيبتي دعيني أعلم كل شيء أولا "

قالت " هوا وراء كل شيء أليس كذلك "

قلت " لم أتأكد بعد ولكن وجدت الطريقة التي سوف أعلم بها وسيرى كان من يكون "

وصلت المستشفى دخلت ميس عند رنيم ووجدت زبير هناك فغادر

زبير وبقيت أنا بالمقربة منهم

غيث لا أصدق أن رنيم تفعل بي هذا لقد وتقت بها لقد ....... لقد أحببتها حقا

لماذا يا رنيم لماذا كنتي مثلهن ما كان عليا الوثوق بك يوما ولا قبولك في حياتي

لقد اثبتي لي صدق نظريتي خائنات كلكن هكذا ولا تختلفن عن بعض لم ألقى في

حياتي نموذجا مختلفا أبدا إلا الخيانة

الماضي

" ابتعدي عني ماذا تريدين , سوف أشتكيك لوالدتي سمعتي "

ابتسمت بسخرية وقالت " حسننا تعالى لترى والدتك "

تبعتها أخذتني لغرفة في الملحق الخارجي وقالت لي

" انظر من هناك في الغرفة تعالى "

نظرت هي من فتحة الباب ثم قالت " انظر من هنا "

نظرت فكانت والدتي مع زوج هذه .... مع زوج الخادمة

نظرت لها بصدمة فابتسمت بسخرية فتحت الباب بسرعة وهي تحاول

منعي نظرت لي والدتي بصدمة وقالت

" غيث ماذا .... "

قلت بصراخ " أمي ماذا تفعلان هنا "

وقفت وتوجهت ناحيتي ومدت يدها وقالت " غيث تعالى "

لكنني ركضت مسرعا للخارج فلحقت بي أمسكتني من يدي وقالت بحدة

" غيث انتظر قلت لك "

قلت بغضب وبكاء " ماذا كنتي تفعلي ماذا "

قالت " غيث هذا شيء عادي ماذا فهمت أنت "

قلت " إنه ليس زوجك "

قالت " هوا خادمنا "

قلت " الخادمة تضايقني لا أريدها اطرديها "

قالت " لا استطيع ولا تكترث لها لن تؤذيك "

قلت بغيض " لماذا لا تستطيعي وأين هوا زوجك أين ذهب "

قالت بحزن " لقد رحل ولن يعود "

قلت " أريد والدي لا أريدك "

قالت بغضب " بل ستبقى معي والدك لا يريدك سمعت "

قلت " كذب والدي كان يحبني دائما لم أره ينام مع امرأة غيرك ولا يتحدث في

الهاتف مع غرباء مثلك لماذا أنتي تفعلين ذلك ولما هوا لا ينام مع الخادمة "

الحــاضر

هه كم كنت مغفلا وطفلا ساذجا وكم كنتي خائنة وحتى حسام صديقي المقرب الذي لم

أنساه يوما قتل نفسه بسبب خيانة زوجته له لم أنسى يومها حين كان يبكي ويقول لي

( أحبها يا غيث كيف لي أن أنساها وكيف لي أن أغفر خيانتها لي ومع من مع صديقي )

وبالرغم من كل ذلك وثقت بك وأحببتك يا رنيم يا خائنة ومع من مع ابن خالتك استغفلتماني

وضحكتي عليا أنتي وهوا يا خائنان ولكن ابني لن تريه ولو طلتِ النجوم والسحاب ولن تربيه

خائنة ليعيش طفولة والده من جديد

ابقي هناك مع ابن خالتك واشبعي به وأنا وابني سنعيش بعيدا عنكم جميعا لا أريد منهم ثروة

ولا شيء ولن أضحي من أجل أحد بعد الآن هي مدة قصيرة انهي فيها كل شئون الشركات

ليستلمها إخوتي ولن اربط نفسي بك بعد اليوم

أديم لم أذهب الإجازة الماضية لعائلتي بسبب ظرف حدث لصديقي لقد مر أسبوعان على ولادة

رنيم وصار غيث أبا ولم يزدني ذاك إلا شوقا لابنتي وزوجتي يبدوا أنني سوف أنتظر حتى

آخر العمر ولن أراهم لقد بدأت افقد الأمل حقا دخلت المنزل الخالي الذي لا يملأه إلا الغبار

من كثرة فتح بابه ووجدت سيدة تقف بالداخل شبه مولية ظهرها لي لم يكن يظهر عليها أنها

حامل فليان الآن ستكون في نهاية الشهر السابع فتحت شفتاي لأسألها من تكون فالتفتت قبل

أن أفعل وكانت .............................................. ليان

ركضت ناحيتي فحضنتها بقوة ونزلت الدموع من عيناي الواحدة تتبع الأخرى لم أكن مصدقا أن

ليان تقف أمامي وبين ذراعاي الآن كنت أشدها لحظني بقوة وأبكي وهي تبكي بمرارة وعبرات

متتابعة وتقول " وسيم هذا أنت أمامي هنا لا أصدق ذلك أبدا "

كنت احضنها بقوة وأقبل رأسها وأمسح على ظهرها في صمت وصدمة يصعب معها

الاستيعاب والتصديق تنهدت تنهيدة طويلة مرة حارقة ومريحة ذات الوقت ثم تذكرت

أن بطنها لم يكن كبيرا هل ماتت طفلتي يا ترى ولكن المهم أن ليان عادت لي أخيرا

أبعدتها عني نظرت لجسمها فابتسمت وابتعت قليلا وعادت بقطعة قماش ملفوفة ومدتها

لي نظرت غير مصدق للوجه الصغير للغاية الذي كان يوجد في فتحة من تلك اللفافة

نظرت لليان في دهشة فابتسمت وقالت

" ابنتك يا وسيم كما كنت تريد إنها فتاة "

أخذتها من يديها وحملتها بين ذراعي أنظر لها غير مصدق ثم غمرت وجهي في وجهها

الصغير استنشقت رائحتها الطفولية الجميلة وقبلتها على خدها وبين عينيها ونزلت دموعي

تتساقط فوق وجهها وخرجت مني عبرة أسمعها للمرة الأولى جلست على الكرسي وفتحت

اللفافة عنها وأخرجت يدها الصغيرة الحجم وكأنها يد دمية كانت ناعمة وبيضاء قبلتها مرة

واثنتين وثلاثة وعشرة حتى تغيرت ملامح وجهها دليل الضيق وفتحت عيناها الجميلتان ببطء

كانتا كعيني ليان كبيرتان جدا وعسليتا اللون كعيناي شعرها كلون شعري تماما وتبدوا صغيرة

للغاية وكأنها لم تكمل نموها بعد نظرت لليان التي كانت تقف مكانها تنظر إلينا وتمسح دموعها

مددت يدي لها فاقتربت وأمسكت بيدي وجلست بجواري فطوقتها بها والأخرى تمسك ابنتي

وحضنتهما لصدري كليهما وحمدت الله في قلبي كثيرا

بعد قليل وصلت رسالة عبر هاتفي فأخرجته وفتحتها فكانت من صديقي خيري وفيها

" هل وصلتك الأمانة "

ابتسمت بحب وأعدت الهاتف لجيبي نظرت لليان ومررت أصابعي في شعرها وقبلتها

بعمق ثم حضنتها فقالت بدموع

" كم اشتقت لك يا وسيم وافتقدتك كثيرا وضننت أنني لن أراك أبدا وأني فقدتك كما فقدت كل

شيء يالي من حمقاء لو أني عدت إلى هنا لوجدتك في المنزل , لا تتركني ثانيتا أرجوك "

أعطيتها الصغيرة ودخلت الغرفة أحضرت الدفتر والقلم ومددتهما لها فضحكت من

بين دموعها وقالت " هل سأكتب لك ما حدث خلال كل هذه الأشهر "

ثم أخذت مني الدفتر والقلم وكتبت كلمات قليلة وناولتني إياه فكان مكتوب فيه

( أحبك يا وسيم أحبك وهذا كل شيء )

حضنتها مطولا ثم كتبت لها ( كيف أنجبتها الآن )

كتبت لي ( لقد مرضت كثيرا وأنجبتها في بداية الشهر السابع ونجت من الموت بأعجوبة )

كتبت ( هل صحتها جيدة هل هي بخير )

هزت رأسها بنعم دون كلام فكتبت ( كيف علمتِ أنني هنا )

كتبت ( بعد ولادتي وبعد أن تعافيت توجهت للسجل المدني لتسجيل الطفلة فطلبوا

مني عقد الزواج الموثق في المحكمة حاولت معهم جاهدة وحكيت له قصتي فقال

أعطني اسمك كاملا وعندما رآه اتصل من فوره بشخص يعمل ضابطا في المخابرات

فحضر وتحدث معي وقال لي أن أعود للمنزل عند هذا الوقت تحديدا وسوف أجد

الأوراق ولكنني وجدت ما هوا أهم وهوا أنت )

رميت الدفتر وحضنتها مجددا أذا هي أيضا لم تكن تعلم أنني هنا لقد لعبها خيري بشطارة

كيف لم يخطر في بالي أنها ستلجأ للسجل المدني لتسجيل الطفلة يا لا سعادتي بهما ويا له

من يوم لا يضاهيه أي يوم , أخذت الطفلة منها وحضنتها بقوة أستشعر وجودها أمسكت

كتفي وقالت بابتسامة

" وسيم سوف تبكيها رفقا بها فهي لم تكمل نموها بعد "

دخلت الغرفة أخرجت جواز سفري وجوازها وأوراقنا ثم خرجت كتبت لها أن تبقى

مكانها ذهبت وسجلت طفلتي الحبيبة باسمي ( ميسم أديم شامخ آل يعقوب ) كاملا لا

ينقصه أي حرف وكما أردته دائما , حجزت تذاكر لنا فغدا إجازتي وعليا أن آخذها

هناك وتعلم كل الحقيقة أعلم أنها مهمة صعبة للغاية ولكن لن أعيش معها على الكذب

بعد الآن اتصلت بصهيب وطلبت منه استقبالنا عند المساء في المطار وشرحت له أن

لا يتحدث بشيء أمامها

عدت للمنزل وجدتها كما توقعت تحاول تنظيف الغبار أمسكت يديها قبلتهما ثم أجلستها

وقضيت باقي اليوم وهما في حضني غير مصدق لما حدث معي , خرجت لجلب الطعام

وعدت من فوري وكأنني أخاف أن ارجع ولا أجدهما وعند الثامنة مساء حملت حقيبة

ابنتي على كتفي وحملتها وناولتها لها خرجت بهما وفتحت باب سيارتي فنظرت لي

بصدمة ثم للسيارة وقالت

" نركب هذه ولكن كيف تحصلت عليها ممن استعرتها "

ابتسمت وحثتها على الركوب وركبنا الطائرة كله في صمت وصدمة على وجه ليان من

كل ما يجري ولكني لم أتحدث معها في شيء وكنت ممسكا ابنتي طوال الرحلة وعيناي

لا تفارقانها وكأنها حلم تحول فجئه لحقيقة

سماح" خالتي إنه لا يتوقف عن البكاء "

تنهدت وقلت " لا حل لدي يا ميس فعلت كل شيء وبلا فائدة "

قالت " لقد مر على ذهاب رنيم أكثر من أسبوع والطفل على حاله يبكي طوال الوقت "

آه لو أعرف فقط ما جرى بينهما فكلاهما لا يريد الكلام و رنيم جاء زوج خالتها وأخذها

من المستشفى مباشرة أنا حقا لا أفهم شيئا , ولما يحرم غيث الطفل من والدته لما كل هذه

القسوة ترى ما حدث ليتحول غيث لقاسي معها هكذا كالسابق , خرجت حور من المطبخ

متجهة جهتنا وهي ترج رضاعة الحليب الخاصة بشامخ الصغير وقالت

" لقد غيرت نوع الحليب ثانيتا أحضره زبير للتو قد يتقبله "

قلت بقلة حيلة " هاتي لنجربه ناوليني الطفل يا ميس "

تحسس الحليب بلسانه ثم أمسك رأس المرضعة بشفتيه ورضع ببطء

قالت ميس بسرور " حمدا لله وأخيرا "

ضحكت وقلت " ميس يبدوا أنك كنتي متضايقة منه جدا "

دخل صهيب قائلا " كنت استغرب أنها لم ترمه خارجا "

قالت بضيق " ما تضنني متوحشة لهذه الدرجة "

اقترب مني قبل رأسي وقبل الطفل ثم جلس بجانب ميس قبلها على خدها فوكزته

بمرفقها في ضيق فضحك وقال " يا لي من محضوض بك يا ميس "

ميس تخجل كثيرا من جنون صهيب الذي لا يعرف الخجل رغم شراستها وحدتها إلا

أنها تستحي منا كثيرا قلت بهدوء

" ميس تعبت معي كثيرا لقد أمضت البارحة كلها تحاول إسكاته "

همس لها شيئا في أذنها فنظرت له بصدمة ووقفت مغادرة في ضيق وهوا يضحك فقلت

" صهيب خف على زوجتك قليلا إنك تزودها أحياننا "

قال مبتسما " دعيني آخذ حقي منها فيما فات "

تنهدت وقلت " أخشى أن يتحول الأمر لمشاحنات ميس تخجل مني ومن والدتها كثيرا

وأنت لا ضوابط لديك أبدا "

قال بضيق " أمي إنها زوجتي ماذا في ذلك "

قلت " لست المتزوج الوحيد هنا لما غيث وزبير لا يفعلان ذلك "

قال بتذمر " وماذا في الأمر لما تعقدونها هكذا ما ذنبي إن كانا لا يحبان زوجاتهم "

هززت رأسي بيأس ونظرت لشامخ وقلت بسرور

" ها قد نام أخيرا الحمد لله "

قال " هاتي دعيني أحمله "

قلت معترضة " لا هل تريد إيقاظه بعد أن نام بأعجوبة "

دخلت حور وقالت بسعادة " هل نام أخيرا ياله من مسكين لم ينم منذ يومين "

وقفت برفق وقلت " سوف آخذه لسريره وسنتناوب على مراقبته , آه لن أتخلص

من تربية الأطفال أبدا "

ضحك صهيب وقال " أحمدي الله أنه معك مساعدات هذه المرة "

قلت مغادرة بابتسامة " أجل فلولاهن لتركت لكم القصر منذ أول يوم "

تلقى صهيب مكالمة غادرت وعدت فقال لي بابتسام

" أمي لدي لك خبر يساوي الملايين "

قلت " ليس لدي شيء أعطيه لك "

ضحك وقال " أديم قادم اليوم مع زوجته وابنته "

قلت بفرح وأنا أركض ناحيته وأجلس وأمسك بيده

" قل أنك لا تمزح قل قسما أنها حقيقة يا بني "

قال " أقسم أنه تحدث معي للتو لقد وجدهما يا أمي "

قلت بدموع وفرح غامر " حمدا لله ما أسعدني بهذا الخبر "

مد يده وقال " هيا هاتي مليونا واحدا فقط "

ضربته على يده وقلت " هذا الخبر لا تضاهيه النقود متى قال أنه قادم "

قال بابتسامة " عند المساء "

جلست وقلت ببكاء " أخيرا أقر الله عينه برؤيتهما وطمئن قلبي عليه وعليهما حمدا

لك يا رب على كل ما تعطي , سوف اتصل به "

قال معترضا " لا أمي لقد قال أنه لم يخبرها حقيقته بعد فعليكم أن تكونوا حذرين من

الأمر حين مجيئها هنا "

مسحت دموعي وقلت بهدوء

" حسننا ولكن أخبرني هل تحدثت مع غيث هل قال شيئا "

هز رأسه وقال " لم يترك لي مجالا حتى للحديث في الأمر أنا خائف مما قد يقدم عليه "

نظرت له بصدمة وقلت " هل تقصد أن ينفصل عن رنيم ويتركنا "

تنهد وقال " تحركات غيث في الأملاك لا تعجبني أخشى انه يفكر في ذلك "

شعرت بالأرض تتحرك بي فوضعت يدي على راسي وقلت

" يا لا المصيبة "

قال " أمي ما بك إنه مجرد تخمين مني ولا شيء واضح حتى الآن "

مرت ميس فقلت لها منادية " هلا تفقدت شامخ يا ميس "

قالت بابتسامة " لا تخافي فصوته يشق الجدران ويصل إلينا بسهولة "

وغادرت ضاحكة فضحك صهيب وقال

" لا اعلم كيف ستربي أبنائنا عليا جلب مربية منذ البداية "

ضحكت وقلت " تزوج عليها حينها "

نظر لي بصدمة ثم قال بصوت مرتفع

" ميس تعالي واسمعي ما تقول زوجة عمك "

قلت بخوف " صهيب هل جننت لا توقع بيني وبينها يا محتال "

ضحك وقال " سأقول الحقيقة واعدك أن لا اكذب في شيء "

وقفت ميس بعيدا وقالت " هل ناديتني "

نظر لي بمكر وأنا أهدده بيدي ثم ضحك وقال

" أديم وزوجته وابنته أيضا قادمون الليل "

اقتربت وقالت بسرور " حقا "

ثم احتضنتني وقالت " حمدا لله على سلامتهم يا خالتي "

قال صهيب بتذمر " أنا من نقل لك الخبر وليس أمي "

نظرت له بضيق وقالت " هل تعرف ما هوا اكبر أخطائي "

ضحك وقال " اعلم , انك وافقت على الزواج بي ... قديمة "

قالت بضيق " خالتي جدي لي حلا مع ابنك هذا "

قلت بابتسامة " ليس لدي حل يمسح الحب من القلوب "

قال بابتسامة " عاشت والدتي "

تركتنا ومضت فتبعها جهة المطبخ هذا الفتى سيجعلها تكرهه بالتأكيد , أتمنى من الله أن يوفقهما

زبير

كان عليا اليوم زيارة عم حور برفقة جبير لقد أجل الأمر كل هذا الوقت من أجلي ومن

أجل ظروفي كم أصبح عالمي كئيبا دون وجود جود ودون رؤيتي لها والقصر أصبح

أشبه بالخراب دون ضحكاتها وصوتها وزد عليه أنها تغلق هاتفها منذ غادرت القصر

أكاد أجن ولا أعلم كيف أصل لها فلم تعد تحت نظري لكي أبعد كل من يقترب منها وبحر

شبه مختفي ولا أخبار لدي عنها

" ألم نصل بعد "

قلت بتذمر " أعطني شجرة عائلتك يا جبير في أقرب وقت "

ضحك وقال " لا تتعب نفسك فوالدتك لا تقرب لي "

تأففت وقلت " ها قد وصلنا أصمت الآن "

نزلنا وكان السيد راجي في استقبالنا فقال مرحبا

" مرحبا زبير لم نعد نراك "

قلت بابتسامة " مشاغل الحياة وأنت تعرف الأعمال والسفر , أقدم لك صديقي جبير عسلاني "

مد يده له مصافحا وقال " هل أنت صاحب محلات العسلاني لقطع الغيار "

قال مبتسما " نعم تشرفت بمعرفتك سيد راجي "

قال بذات الابتسامة " ولي الشرف أيضا وقد نصبح شركاء عمل فمحلاتكم سمعتها كبيرة

وطيبة بين الجميع ونحن نحتاج لمثلها في شركتنا "

قلت ضاحكا " هذه ليست زيارة عمل فدعونا ندخل أولا "

قال راجي " لنجعلها اثنين في واحد هيا تفضلا "

دخلنا وجلس جبير وبدأ بالتوتر وهوا ينظر لي وكأنه ينتظر أن أتحدث ياله من مخادع

هل أحضرني لأتحدث أنا , ثم بعد صمت قال راجي

" تفضل يا بني قال زبير أنك تريدني في أمر "

قال بتوتر " نعم , لقد جئت طالبا التقرب منك فأنا لا والد ولا إخوان لدي وزبير هوا

صديقي المقرب وصهركم فطلبت منه المجيء معي "

قال بهدوء " التقرب مني أنا ولكن في من "

قال " في ابنتك الكبرى لقد سمعت عنها طيبا ولدي شقيقان صغيران أنا من يقوم برعايتهم

حاليا وأريدها زوجة لي إن وافقت على أن يكونوا معها وتحت رعايتها "

قال بحيرة " شقيقاك طفلان "

قال " نعم هما شقيقاي من والدي أصغرهما ملاك في الثالثة وأمجد في الخامسة "

لاذ بالصمت فقال جبير " خد وقتك في التفكير وسأكون من يدك هذه لتلك وكل ما

تشترطونه أوافق عليه فيما عدا أمر شقيقاي "

قال بهدوء " بارك الله فيك يا جبير وفي من رباك لكن ابنتي خطبها حتى الآن ثلاثة خلال

هذا الشهر ولم أعطي الرد لأي منهم وأنا سأترك الخيار لها فلا شيء يعيبك ويعيبهم ومن

اختارته هي وافقت أنا عليه فلا تلمني في ذلك مهما كان قرارها "

قال " وأنا في انتظار ما تقرر ولن يغير رأيها شيئا فيما تحدثنا عنه "

وقف جبير ووقفت بعده فقال راجي " مهلكما فلم تشربا شيئا "

قال بابتسامة " في المرة القادمة "

ضحكت وقلت " قهوة الموافقة من العروس "

ثم غادرت و جبير وأوجع رأسي طوال الطريق وهوا يصر على أن تتحدث حور

معها كي توافق , بعد أن أوصلته لمنزله فسيارته هناك توجهت لمكتب الشركة

واتصلت بجود وكان هاتفها للمصادفة مفتوحا ولكنها لم تجب حاولت مرارا ودون

جدوى فأرسلت لها

( لا تجعليني أجن وأفعل ما لا يحمد عقباه )

بعد وقت أجابت فقلت بغضب " ما معنى الذي تفعلينه معي الآن "

قالت بهدوء " لقد وجد أخي رقمك يتصل بي وكدت اخسره للأبد "

قلت بصدمة " متى "

قالت " لا يهم متى ولكنه وجده ولولا أن أحدهم عرض نفسه ساعتها للخطر

لأجلي لكبرت المسألة "

قلت " حسننا والحل "

قالت بحزن " عندما تنتهي ظروفك فأوفي لي بعهدك وأنا سأكون عند وعدي وانتظرك

فأعذرني عن مواصلة المشوار أحبك أكثر من نفسي ولكن حتى هنا يكفي "

قلت بصدمة " ماذا تعني بذلك "

قالت ببكاء " الأمر ليس بيدي أعذرني "

قلت بغضب " كيف تتخلي عني الآن كيف "

قالت والعبرة تخنقها " أنا لا أتخلى عنك أخبرتك أني سأكون عند وعدي "

قلت بأسى " وتحرميني منك ومن الحديث معك لماذا "

قالت " أنا أخطئ بما أفعل وأدمر علاقتي بالأقربين لو كنت بدل شقيقي ما كنت ستفعل

ولو كنت شقيقتك كيف كانت ستكون ردة فعلك حين تعلم "

صرخت بغضب " الآن تقوليها يا جـ.... الآن الآن بعد كل هذا الوقت "

قالت ببكاء " لا تضع اللوم علي فأنت من تحدث معي إن كنت ستتخلى عن وعدك لي فأخبرني "

قلت بهدوء ممزوج بالضيق

" يبدو أنه لا يمكننا التحدث الآن فكري مليا فيما تقولين وهدئي من روعك وسنتحدث

لاحقا حسننا .......... وداعا "

وأغلقت الخط على صوت شهقاتها , ما الذي تهدي به يا جود ما هذا الهراء الذي

تقولينه كيف تتركينني حتى تنتهي ظروفي بل ومتى ستنتهي ولكن معها حق يا

زبير أنت نفسك لا تعلم متى ستنتهي مأساتك آه منك يا جود فقد زدتني فوق

همومي هموم وها قد عادت لغلق هاتفها من جديد

رن هاتفي فكان المتصل عم حور استغربت أن يتصل بي وأنا كنت معه منذ قليل هل

وافقت ابنته يا ترى أجبت فجاء صوته هادئا

" أعذرني يا زبير ولكن ثمة أمر مهم عليا التحدث معك فيه "

قلت بتوجس " لا عليك خد راحتك "

قال " أخاف أن تغضب مني حور لأنني خيرت ابنتي وفرضت عليها هي الزواج بك "

قلت بعد صمت " ولكن حور تعلم أن الأمر خارج عن إرادتك "

قال بجدية " تحدث معها يا زبير لا أريد أن تأخذ على خاطرها مني فلو

كان الأمر بيدي ما أجبرتها "

قلت بهدوء " حسننا سأتحدث معها هل تأمرني بشيء آخر "

قال " شكرا لك يا زبير لا شيء غيره وداعا "

لقد ظلمناك يا حور ظلمك الجميع من والدك لوالدي لعمك لي أنا , أنا الذي لازلت أكمل

مأساتك ومأساتي ولكن ما بيدي حيلة فرسالة والدي لي لازالت تعيق أي فكرة تخطر ببالي

أريد ترك كل شيء الثروة وحور والفوز بمن أحببت لأرتاح وترتاح هي ويرتاح شقيقي

ولكن كيف أخيب ظن والدي بي , أنا من لم ارفض له طلبا أبدا وهوا على قيد الحياة

فكيف بعد موته وكلماته المكتوبة لازالت نصب عيني

( لا تترك شرط الوصية حتى اقتسام الميراث يا زبير أنا أعتمد عليك )

آه منك يا والدي ومن وصيتك فليست حور الخاسر الوحيد فبحر وأنا أيضا معها

بحر" لقد قررت وانتهى يا صهيب هي مسألة وقت فقط "

قال بحدة " هل جننت يا بحر بما تهدي الآن "

تنهدت وقلت " لا خيار أمامي يجب أن تعيش حور حياتها كالبقية عليا أن أفكر بها أيضا

وأتوقف عن التفكير في نفسي فقط , انظر كيف أن حياة الجميع تسير للأفضل غيث أصبح

أبا وأديم تزوج ولديه ابنة وأنت تزوجت بمن أردت وحده زبير من يسير للخلف بينكم وانظر

كم من الأشهر مضت وحور ليست لي ولا له سوف تنسى وتتعايش مع واقعها يوما "

قال بهدوء " وأنت "

قلت بحزن " أنا حُرِمت عليا النساء بعدها سوف آخذ شقيقاي بعد أن أصبحا تحت

وصايتي ووالدتهم أيضا وأسافر وأعمل هناك وتنهي شقيقتي دراستها ويبتعدوا

عن همز الناس لهم إنه الخيار الأفضل للجميع من أجلهم وليس من أجلي فقط "

قال بأسى " ونحن يا بحر ووالدتك ألم تفكر بنا "

قلت بحزن " أنتم عائلة ستكونون سعداء معا ووالدتي لديها غيري أما أخوتي فليس لديهم

غيري وليس لي غيرهم بعد الآن وما أن تصير حور حرة فستكون لي "

قال بغيض " اقسم أنك جننت يا بحر جننت وستحطم قلبك وقلبها وقلوب الجميع "

قلت بألم " وماذا تريد مني أن أفعل أن أموت كل يوم وأقتلها معي وهي لن تكون لي أو أن

أطلب من زبير أن يترك عائلته وثروة والده من أجلي وأجلها أقسم لو كان الأمر بيدي لحاربت

كل شيء لأحصل عليها فقد تعلمت درسا قاسيا يجعلني أفكر مليا قبل ترك الأشياء التي بين يدي "

قال بضيق " وما الذي تفعله الآن أليس تخلي "

قلت بابتسامة سخرية " تخلي عن ماذا فهي ليست بين يدي الآن لأتخلى عنها لقد ضاعت

للأبد لو كنت مكاني ما كنت ستفعل يا صهيب أخبرني صراحة "

قال بحزن " لا أعلم ما أقول ولكني لا أريد أن نخسرك يا بحر لا أريد "

قلت بهدوء وأنا أنظر لعرض البحر

" لا تخبر أحدا بما قلت لك فلم يعلم بما أفكر غيرك "

قال بحزن " ألن تكون معنا اليوم وتستقبل أديم "

ابتسمت بألم وقلت " اليوم لا , سأزور والدتي خلال الأيام القادمة "

تنهد وغادر في ضيق وصمت وها هم عائلتي اليوم يستقبلون أديم وزوجته وابنته

ولا مكان لي هناك يكفيني عذاب وحزن وألم ولهفة واشتياق هكذا أفضل لي ولها

وللجميع فلست سوى سببا لدموعها ولتعاستي آآآآه ما أشد ذلك وأقساه أن تترك شيئا هوا

قطعة من قلبك لغيرك وترحل للبعيد لحيت لا شيء سوى أحلامك الميتة وذكرياتك

المتوجعة , وقفت وغادرت لصديقي حامد جلست معه في صمت جسدي في أرض

وعقلي في أرض وقلبي في القصر

" بحر "

نظرت له وقلت بهدوء " نعم يا حامد "

قال وهوا يبحث عن الكلام في عينيا قبل لساني " ما بك "

أبعدت نظري عنه وقلت بحزن

" لا شيء سوى الموت البطيء يقترب مني وأنا أركض إليه "

قال بحيرة " أنا لم اعد أفهمك أبدا "

ابتسمت بألم وقلت " ولا أنا أفهم نفسي هل جربت يوما الموت حيا "

قال بعد صمت " لا "

قلت بحسرة " أتمنى أن لا تجربه فهوا أقسى من الموت ذاته , أخبرني

ماذا حدث فيما طلبته منك "

قال بهدوء " سأسافر قريبا وكل شيء سيكون كما تريد "

صهيب ياله من هم حملني به بحر اليوم , أنا أعرف شقيقي جيدا لا يفكر في أمر إن كان غير مقتنع

به وغيث أنا متأكد من انه ينوي على ذات الشيء فهل سأخسر إخوتي واحدا تلو الآخر يا ترى

" صهيب هلــ ..... "

بترت كلماتها ثم قالت بصدمة " صهيب ما بك تبدوا حزينا جدا "

تنهدت وخفضت بصري للأسفل وقلت " لا شيء حبيبتي "

اقتربت مني جلست بجواري وأمسكت يدي وقالت " لا ليس لا شيء ماذا هناك "

قلت بحزن " إنهم أشقائي يا ميس بث أخشى بل أرى فقدنا لهم واحدا واحدا سيكون قريبا "

ثم نزلت من عيني دمعة وكأنها تريد رواية ما كنت أكبته منذ أيام مرة حارقة لا اعلم

كيف سقطت مني , دمعة لم أرها يوما تسقط من عيني , ضمتني ميس بذراعيها واتكأت

برأسها على كتفي وقالت

" صهيب لا تبتئس ولا تحزن , من أجلي أرجوك "

قلت " رغما عني كيف لي أن لا أحزن "

قالت بحزن " وكيف علمت بذلك هل هم من أخبروك "

قلت بأسى " لا يحتاج الأمر أن يخبروني إنه واضح تماما "

لازال هناك أديم فقد لا تقبل زوجته عيش عالمه هذا ويتركنا من أجلها ومن أجل ابنته أخشى

أن لا يبقى غيري في النهاية , تنهدت وقلت

" أخشى أن أفقدك أنتي أيضا ذات يوم يا ميس "

قالت بدموع " لا تقل ذلك أرجوك نحن لن نفترق أبدا "

طوقتها بذراعي وقبلت رأسها وقلت " أتمنى أن لا يحدث كل ما أتوقعه "

جلست مقابلة لي فمسحت دموعها بأصابعي وقلت

" لا أريد رؤية هذه مرة أخرى حسننا "

ابتسمت بحزن وقالت " وأنا لا أريد أن أراك حزينا أبدا "

حضنتها وقلت " ما رأيك لو تزوجنا الآن لتبددي بعض حزني "

ضحكت وغمرت وجهها في صدري أكثر وقالت

" يالك من محتال "

ثم ابتعدت عن حضني وقالت " ماذا عن عمك جسار لم تحكي لي ما حدث "

تنهدت وقلت بضيق " إنه متورط في تجارة مشبوهة وأفكر في تهديده بذلك "

قالت بصدمة " تجارة مشبوهة "

قلت " نعم ومتورط فيها حتى القاع وله صلة بالرجل الذي دبر تهمة والدك هناك "

قالت بغيض " إذا كما توقعت هوا من وراء ذلك "

ثم نظرت لعيناي وقالت " لكن قد تعرض نفسك للخطر بذلك أنا أتنازل عن شرطي "

ضحكت وأمسكت وجهها بكلى يداي وقلت " هل تخافين علي يا ميس "

قالت ودموعها عادت للنزول " أحمق لا أخاف عليك طبعا "

قبلتها على شفتيها وقلت " يالك من كاذبة , تم ألم أقل أني لا أريد رؤية دموعك "

هزت رأسها بالنفي ولم تتكلم فقلت بحزم

" ميس أنا لن أتخلى عن حقكم وبراءة عمي نبيل ولو كلفني ذلك حياتي "

ارتمت في حضني وقالت " وما نريد بكل ذلك لو فقدت حياتك "

مسحت على رأسها وقلت

" وما أريد بحياتي وعمي يموت مجرما وهوا بريء وحقكم يضيع وأنتم أحياء "

طرق حينها أحدهم باب الغرفة ابتعت ميس عن حضني ودخلت أمي وقالت بعد

صمت وهي تتأملنا " ما بك تبكي يا ميس هل تشاجرتما "

نزلت دموع ميس من جديد في صمت فقلت بابتسامة

" لا شيء يا أمي فقط زوجتي تريد إفراغ خزاناتها الممتلئة منذ سنين "

قالت ميس بابتسامة حزينة " أحمق "

ضحكت وقلت " ما أجملها من شفتيك "

ثم حضنتها فابتعدت عني وهربت خارجا في خجل فضحكت وقلت

" أعرف كيف أتخلص منها في وجودكم "

قالت أمي بضيق " صهيب توقف عن إحراجها أمامنا لما تتعمد فعل ذلك "

قلت " أحبها أمي ما عساي أفعل "

قالت " أحبها برفق بني , ألم يخبرك أديم متى سيصل يبدوا لي تأخر "

نظرت للساعة في يدي وقلت " بعد قليل عليا الذهاب لاستقبالهم الآن , أمي لا

تنسي ما أوصيتكم به لا تتحدثوا أمامها بشيء "

قالت " نعم أعلم وكن مطمئننا "

رنيم " افتحي هذه حبيبتي وانظري "

ابتسمت وقلت " أتمنى أن لا تكون فخا "

ضحك وقال " لم يخطر ببالي هذا لكنت جربته "

ضربته بقبضة يدي ثم نمت على صدره وقلت " كم احبك يا غيث "

ضحك وضمني بيديه وقال " ألن تفتحيه "

جلست وقلت بابتسامة " بلى "

ثم فتحته فكان سلسال به الماسة مرسوم بداخلها أول حروف اسمي نظرت له وقلت

" أمتأكد انك غيث ذاته ولم تتغير "

قال بضيق مصطنع " هل هذا شكرك لي على الهدية "

حضنته وقلت بحب " ما أسعدني بك "

مسحت دمعة نزلت حارقة على خدي وأنا اجلس أمام نافدة غرفتي أشاهد الشارع والمارة

وضحكات الناس وتلك الذكريات لا تفارق مخيلتي كم أخطأت يوم قررت أن أصهر الجليد

والغي الفجوة التي كانت بيننا فما كان حالي سيكون هكذا حينها .... آه من الذكريات

صرخ بغضب " خائنة ووثقت بك يا رنيم تبيعينني من أجل ابن خالتك "

قلت ببكاء " لم أخنك يا غيث لم يحدث اقسم لك "

قال بصراخ أكبر " وماذا تفعلين به تسألينه عن الأحوال أم عن الطقس هناك "

قلت " ليس الأمر كما فهمت "

قال بغضب " كيف إذا كيف وأنتي تطلبي من بحر أن لا يخبرني وتتحدثين معه من

ورائي لقد سمعتك بأذني تقولينها "

قلت بتألم " ولكني لم أخنك أقسم لك فلا تفهم الأمر خطأ "

قال بسخرية " وكيف أفهمه "

قلت " كان بخصوص والدتي فقط فخفت أن تغضب مني لذلك ..... "

امسكني من شعري وقال بغضب

" وتكذبين عليا يا رنيم هل تضنينني طفلا لأصدق هذا "

قلت بتألم " آه غيث إنك تؤلمني "

ثم انهال عليا بالضرب حتى فقدت الوعي

آآآآه من تلك الذكريات فبعضها من جمالها تتمنى أن تعود وبعضها من قسوتها تحاول

حذفها من عقلك ما الذي كنت سأتوقعه منه بعد ما سمعه مني ولكن ابني لما يحرمني

من ابني أنا والدته ومن حقي أيضا أن يكون معي

طرقت أمي الباب ودخلت اقتربت مني وقالت

" رنيم ارحمي نفسك يا ابنتي فأنتي لازلتِ متعبة "

قلت ببكاء " أريد ابني أريده إنه من حقي فغيث لم يرد الأبناء أبدا وتضايق حين

علم به لما يأخذه مني الآن "

حضنتني وقالت بحزن " ما الذي حصل بينكما يا رنيم أخبريني "

قلت بعبرة ودموع " لا شيء لا شيء "

قالت بحدة " وكيف سننهي المشكلة ولا أحد منكما يريد التحدث "

ابتعدت عن حضنها وقلت

" لما أنا من يخسر كل شيء لما , تحدثي معهم يا أمي أرجوك "

قالت بيأس " لقد تحدثت مع زوجة والده أكثر من مرة وقالت أنه يرفض حتى الخوض

في الأمر ويثور ويغضب من ذكره "

قلت بحزن " أطلبي من زوج خالتي أن يتحدث معه "

قالت بيأس " منذ اتصل به غيث وأنتي في المستشفى وقال له ابنتكم تعالوا لتأخذوها وابني

لدي علمت أن الأمر ليس طبيعيا حاولت معه أن لا يذهب لجلبك عل الأمور تنحل بينكم هناك

ولكنه رفض بشدة وقال أنه لن يرضى على نفسه أن تنهاني ويسكت وقال لن يراها ولو طال

النجوم وهذا ما سيعقد الأمور أكثر "

قلت بحزن " هوا لن يفكر في إرجاعي على أية حال ولكن ابني ..... "

تنهدت وقالت " رنيم إن لم تخبريني ما حدث فلن أستطع مساعدتك في شيء "

قلت بهدوء " هوا يضن أنني أخونه "

قالت بصدمة " ألم تنتهوا من الموال القديم "

قلت بأسى " ظننت ذلك ولكن شيء ما أعاد كل شيء كما كان بل أسوأ مما كان "

قالت " ما هوا "

قلت " لا أستطيع يا أمي لقد أقسمت أن لا أقول ذلك لا أستطيع "

قالت بضيق " وهل ظنونه حقيقة أم ماذا "

قلت بصدمة " أمي هل تصدقي ذلك بي "

قالت بحدة " رنيم لقد حيرتني معك يا ابنتي "

اكتفيت بالصمت فقالت " ولكن بينكما وصية ما سيحل بها "

قلت " لا اعلم لابد وأنه يفكر في ترك كل شيء أعرفه جيدا "

وقفت وقالت مغادرة " ابن خالتك جاء اليوم أيضا لرويتك وأنا صرفته "

قلت بضيق " لا أريد رؤية احد أمي أرجوك "

غادرت دون تعليق فأمسكت بالهاتف الذي اشتراه لي غيث ذاك الصباح الذي لم

أجد فيه الفرصة حتى لفتحه ولم افتحه من يومها فتحته فكانت خلفيته صورة

لي وأنا نائمة ومكتوب عليها ( حبيبتي للأبد )

نزلت دموعي وأغلقته دون أن افعل أي شيء

ليان ظننت أنني نسيت السعادة وأن السعادة نسيت أن لي وجود حتى اليوم حين ذهبت للمنزل

الذي ظننت طويلا أنه ضاع كما وسيم وصدمت حين اخبرني ضابط المخابرات ذاك أن

المنزل ما يزال مفتوحا منذ غادرته واقترح عليا أن آتي لأبحث فيه عن أوراقي دخلت

ووضعت ابنتي في أنظف مكان فيه فقد كان مليء بالغبار ويبدوا لي أن بابه لم يغلق كما

قال , كان ثمة أكياس للطعام استغربت وجودها وخفت أن يكون احدهم يعيش هنا هممت

بالخروج عندما سمعت خطوات ورائي التفتت فكان وسيم أمامي كالحلم بل كالمعجزة فلم

تسعني الدنيا من فرحتي وركضت مرتمية في الحضن الذي كان ملاذي لأشهر طويلة

والذي فقدته لأشهر أيضا ولم اشعر بالأمان إلا وأنا أغوص فيه الآن

قضيت اليوم غير مصدقة لما أنا فيه يوم كأيامنا الجميلة تلك مع فارق بسيط وهوا وجود

ابنتي الحبيبة معنا الطفلة التي طالما تمناها وسيم وانتظرها كثيرا ثم عند أول المساء

خرجنا من المنزل وركبنا سيارة لا أعلم من أين لوسيم بمثل هذه السيارة الفاخرة جدا

فراتبه كله ما كان يكفي لاستئجارها والأغرب من ذلك أنه أخذني للمطار وركبنا الطائرة

أيضا وهوا لم يقل شيئا لا أين سنذهب ولا لما ولا شيء كانت الرحلة قصيرة لم يفارق

خلالها ابنته وعيناه لم تتحول عنها وها قد نزلنا مطار دولتنا ذاتها كما يبدوا من الأعلام

واللافتات لذلك كانت الرحلة قصيرة كنا في المطار حين توجه ناحيتنا شاب تشابه ملامحه

لوسيم بعض الشيء وثياب لا تقل عنه أناقة بل قد تكون أرقى توجه وسيم ناحيته صافحه

بحرارة ثم تعانقا

من يكون يا ترى هل هوا شقيقه ولكن لم يكن له أشقاء وما يدريني وهوا رفض الحديث عن

عائلته قد يكون ابن عمه أو ما شابه ابتعدا قليلا ثم عاد وسيم أخد ابنته وحملها إليه أخذها

ذاك الشاب منه وقبلها بحب وداعب خدها بأصابعه على ما يبدوا لي فالمسافة كانت بعيدة

بعض الشيء ثم اقتربا مني في صمت وضع وسيم ذراعه حول كتفاي حاثا إياي على السير

معهم ولكن أين لا اعلم ومادمت مع وسيم فلن أخاف شيئا ركبنا سيارة لا تقل فخامة عن تلك

يبدوا لي الأمر مريبا جدا ما سر كل هذه التغييرات في حقيقة وسيم هل كان هذا المكان الذي

يأتيه أوقات الإجازات هل يكون صديقه آآآآه رأسي سينفجر من كثرة التحليلات فلنرى إلى أين

سننتهي سرنا مسافة لم يتحدث خلالها ذاك الشاب سوى رادا على بعض المكالمات التي وردته

بعضهم صرخ في وجههم غاضبا هكذا هم الأغنياء دائما كم أبغضهم وإحدى المكالمات كانت

من امرأة نادها بحبيبتي يبدوا أنها زوجته وكانت وكأنها تستعلم عن وقت وصوله ما كل هذه

المتاهات اشعر أنني في لغز أو ما شابه ثم توقفنا أمام سور ضخم جدا لا يكاد يرى ما خلفه

ثم عبرنا بوابته الضخمة ودخلنا إلى مبنى أشبه بقصور التلفاز الذي أحضره وسيم سابقا

حديقة خيالية نافورات ومراجيح فخمة ومسبح وأضواء تزين كل المكان وكأنني في الجنة

نزلا ثم فتح لي وسيم الباب وأخذ الطفلة ومد يده لي لأنزل معه نظرت له بحيرة فابتسم ومد

يده أكثر وبإصرار فأمسكت بيده ودخلنا ذاك المكان وقفت عند الباب انظر بصدمة وحيرة

وتساؤل كانت الفخامة بالداخل أكثر من الخارج وهناك سيدة وشابان وفتاتان يقفون بعيدا

فتوجه وسيم والشاب ناحيتهم

أديم

كان لابد لهذا اليوم أن يأتي وأن تعرف ليان بحقيقتي قررت سابقا أن لا اخبرها وأن

يبقى وسيم هوا عالمها وهي عالمي المخفي والجانب الغير مرئي من حياتي ولكن كل

ذلك قد تغير بعدما أحببتها وصارت تحمل طفلتي في أحشائها وبعد أن فقدتها تعلمت

معنى أن تكون حياتي من غيرها اعلم أنها لن تكون بالمهمة السهلة ولكن لا خيار أمامي

فعلى وسيم أن يموت كما ولد فسافرت بهما وصلنا , نزلنا , ركبنا سيارة صهيب ودخلنا

حتى القصر وليان على غير عادتها صامتة تماما لا اعلم هل هي الصدمة بعد أن

خمنت من سأكون أم هي الدهشة والحيرة لما يجري أمامها فمن عادة ليان أن تتحدث

حتى إن كانت موقنة أن من أمامها لا يمكنه سماعها اقتربت من والدتي والبقية احمل

بين ذراعاي صغيرتي الحبيبة التي انتظر الجميع قدومها وإيجادها وما أن وصلت

لهم حتى أخذتها مني أمي والدموع بدأت ترسل مراسيلها من عينيها فقلت هامسا

" أمي لما البكاء الآن "

قالت بعبرة " لا اصدق أننا وجدناهم أخيرا حفيدتي الحبيبة الجميلة , ماذا سميتها "

قلت مبتسما بهمس " ميسم "

قالت ميس بابتسامة

" دعوني أراها ياااااه كم هي جميلة وصغيرة جدا تبدوا أصغر حجما من شامخ بكثير "

قلت بهمس " لقد أنجبتها في شهرها السابع فهي لم تكمل نموها بعد لذلك هي نائمة اغلب الوقت "

ضحكت ميس وقالت " يعني لن تصدع رؤوسنا بصراخها "

نظرت لها بضيق وقلت " صهيب أنقذ زوجتك مني "

ضحك وقال " لو لمست زوجتي بسوء يتمت ابنتك ثم من حق غيث أن يغضب وليس أنت "

قال غيث ببرود " إن لم يصرخ الرجال فمن سيصرخ "

قالت حور " لما زوجتك مبتعدة عن الجميع هل أخبرتها بشيء "

قالت أمي بهمس

" أديم يبدوا لي زوجتك مصدومة أو تائهة ألا تعلم شيئا !!!! لما لا تعرفها علينا "

قلت " ليس بعد سأتحدث معها أولا "

تركتهم وتوجهت ناحيتها أمسكتها من يدها وسحبتها معي للداخل وتخطيت الجميع في

صمت تام وصعدت بها للأعلى كنت أصعد السلالم حين انطلقت الكلمات الأولى منها قائلة

" وسيم أين تأخذني , يا إلهي أين نحن وما الذي يجري لا افهم شيئا هل هم عائلته أم ماذا "

وهاهي ليان عادت لطبيعتها أخيرا ويبدوا أنها تجاوزت نصف الصدمة وصلت لجناحي في

الأعلى فتحت الباب وأدخلتها للغرفة التي خصصتها لميسم غرفة أطفال جاهزة ومهد فخم

وجميل والمئات من الألعاب والثياب نظرت ليان لكل شيء بحيرة فقلت بهدوء

" ليان "
 
رد: أنا من خذلت نفسي

الجزء الثامن والثلاثون + الجزء التاسع والثلاثون ⚘

أديم نظرت ليان لكل شيء حولها بحيرة فقلت بهدوء

" ليان "

نظرت خلفها وكأنها تتوقع أن من ناداها من عند الباب ثم نظرت لي بصدمة وقالت

" وســ وسيم "

هززت راسي نفيا وقلت " ووسيم أيضا ليس أسمي "

شهقت بصدمة وعادت بضع خطوات للوراء وقالت

" مستحيل هل ..... هل أنت تتحدث معي "

نظرت للأسفل وقلت " نعم "

ثم نظرت لها وفتحت ذراعيا مشيرا لكل شيء حولي وقلت

" وهذا هوا عالمي الحقيقي "

هزت رأسها نفيا بصدمة وكأنها مخدرة وقالت

"لا اصدق أنت لست أخرس ولست ..... ولكن "

اقتربت منها أمسكتها من ذراعيها وقلت

"نعم لست اخرس أسمع وأتحدث ووسيم ليس اسمي "

قالت بصدمة " من أنت إذا "

جئنا هنا للحظة الأصعب والموقف الأشد تنفست بقوة عدة مرات ثم قلت بهدوء

"أديم شامخ آل يعقوب "

رمت بيداي عنها وصرخت " لاااااااااااا ..... غير ممكن "

قلت مهدئا إياها ومحاولا إمساكها من جديد " ليان اهدئي حبيبتي دعيني ..... "

قاطعتني بغضب وهي تبتعد قائلة " ابتعد عني لا تلمسني فهمت ولا تقل حبيبتي "

قلت " ليان أرجوك استمعي إلي "

قالت وقد بدأت بالبكاء " كاذب يالك من محتال وكاذب لو كنت ثريا فقط ما قبلت بك

كيف وأنت أديم الذي أهانني ومسح بكرامتي الأرض "

قلت " ليان توقفي عن البكاء واسمعيني "

قالت بصراخ " لا أريد أن أسمعك كيف طاوعتك نفسك أن تكذب علي لأعيش معك

طوال الشهور الماضية على الكذب , بسببك فقدت عملي ثم منزلي ثم تشردت وابنتي

في الشارع كله بسببك يا هذا "

تنهدت وقلت " دعيني اشرح لك أسبابي "

قالت ببكاء وهي تمسك رأسها " أديم ... أديم ابن آل يعقوب , الأبناء الذين يتحدث عنهم كل

موظفات الشركة ويتمنينهن وأنا وحدي من كنت أبغض الحديث عنهم وانعتهن

بالسخيفات ... أنا أكون زوجة لأحدهم لا اصدق , كيف كيف ذلك "

قلت بهدوء "هذا لأنك تستحقين الحياة الكريمة "

قالت بغضب " بل لأني أستحق الذل والمهانة والاستصغار قل كيف ستقدم زوجتك هذه

للعائلات الثرية النبيلة كيف سينظر لي الناس "

قلت بضيق " لا يهم ما يقولون فأنتي في نظري ..... "

قاطعتني قائلة " توقف عن قول الحماقات ليتك لم تتحدث ليتك بقيت أخرسا بقيت وسيم

الشاب الذي فعل الكثير من أجلي وأجل عمي "

ثم شهقت بعبرة وقالت " ليثني لم أجدك اليوم بل ليثني لم ألتقي بك يوما ليثني تزوجت بشاهد

أو شقيق شروق أو حتى صاحب الxxxxات على الزواج بك أنت ... أنت أنت أنا لا اصدق "

قلت بغضب " توقفي عن إهانتي يا ليان أنا كنت رهنا لظروفي وهي من فرضت عليا

أن أكون هناك وأن التقي بك وأتزوجك أيضا ولمعرفتي كرهك الأغنياء لم أتحدث ولم

أحكي لك عن حقيقتي "

قالت بأسى " ومادمت تعرف أنني أكره الأغنياء لماذا تزوجتني لماذا "

قلت بحدة " لأحميك من شاهد ومن أخوتك ومن كل شيء "

ابتسمت بسخرية وقالت

" لا أصدق أن من أهانني يقوم بذلك هلا شرحت لي هذا الأمر "

قلت بضيق " لأنك كنتي تهينينني على مرأى ومسمع مني هل كنت سأسكت لك "

قالت بأسى " إن قلت أن الأغنياء يستصغرون الناس أكون أهنتك اعترف بغير ذلك

إن كان كلامي غير صحيح "

تنهدت وقلت " ليان دعينا نجلس ونتحدث بروية "

قالت بحدة " لا لن أشوه لكم كراسيكم بملابسي المتسخة "

صرخت غاضبا " ومن قال ذلك يا ليان وحدك من يعتقد هذا أنتي لم

تتعرفي عائلتي بعد لتحكمي عليها "

فتحت باب الغرفة وقالت مغادرة

" لن أعرفهم ولن أتعرف عليهم ولن أنسى لك إذلالي وتعريضي للمهانة وخداعي أيضا "

وخرجت وأنا اتبعها محاولا ردعها ودون جدوى وصلت للأسفل توجهت

حيث البقية أخذت ميسم من والدتي وقالت

" عذرا فهذه لن تشرفكم ابنة الفقيرة الدونية المعدومة "

وخرجت من باب القصر فتبعتها وأمسكت بها وقلت غاضبا

" ليان هل جننتي أين ستذهبين في هذا الليل وليس لك أحد هنا "

قالت بدموع " للشارع فليست المرة الأولى "

قلت بصراخ " ليان أنا زوجك ومن عليه أمرك وعليك طاعته وتوقفي عن هذا الجنون "

قالت بصراخ أكبر" لا لست زوجي , زوجي مات منذ نطق بما سمعت "

خرجت حينها والدتي اقتربت منا وقالت " ليان يا ابنتي أديم كان خائفا عليك وبحث عنك

كثيرا هوا ابني وأنتي من مقامه عندنا , الوقت متأخر وخروجك فيه خطر عليك وعلى ابنتك "

أشاحت بنظرها وقالت بضيق " لن أبقى هنا ولا للحظة أخرى بعد "

قلت بهدوء " أين تريدي الذهاب وسوف آخذك "

قالت " أعدني من حيث جئت بي "

فتحت باب السيارة وقلت " هيا اركبي "

قالت والدتي بصدمة " هل ستذهب للجنوب الآن "

قلت بحدة " وما تريدي مني فعله يا أمي اتركها تخرج للشارع وتنام فيه لا لن يحدث ذلك "

ركبت ليان في صمت ما أشرس هذه الفتاة عندما يتعلق الأمر بالغنى والأغنياء وهذا

هوا الوجه الذي لم أره لليان طوال بقائي معها , توقعت أن تثور وتغضب ولكن ليس

لهذا الحد توجهت والدتي لنافذتها وقالت

" ليان أنا في سن والدتك إن كنتي لا تعتبرينني في مقامها الوقت ليل وبرد والمسافة

طويلة وابنتكم صغيرة دعي الأمر للصباح وافعلي ما تريدين "

نزلت ليان وأعطت ميسم لوالدتي في صمت وتوجهت للطاولة في الحديقة وجلست

هناك تبكي في صمت فأشرت لوالدتي براسي أن تدخل بالصغيرة وتوجهت ناحيتها

جلست وقلت بهدوء " ليان أدخلي ودعينا نتحدث "

قالت ببكاء وهي تشيح بوجهها عني " لن أدخل هناك ولو قتلتني "

قلت بضيق " أنا لا أفهم لما كل هذا الموقف منا يا ليان "

اكتفت بالبكاء في صمت فقلت بهدوء

" أنا لم أكذب عليك في حقيقتي أخبرتك أن لا تسأليني شيئا عني ولكنني لم أكذب "

قالت بأسى " بل حاولت الانتقام مني وإهانتي ثم شعرت بالشفقة علي بسبب

ما صنعت بي أليس كذلك "

صدمت من تفسيرها للأمر ثم قلت " بلى هوا كذلك ولكنني أحببتك حقا وكدت اجن لفقدي لك

عندما اختفيتِ صدقيني يا ليان هي الحقيقة لقد غيرتي بي أشياء كثيرة وصرت أنظر للفقر

والفقراء من منظور مختلف تماما "

قالت بضيق " ولكن نظرتي أنا لم ولن تتغير "

تنهدت وقلت " هل رأيت شقيقي الذي أتى بنا إلى هنا زوجته أحدى الموجودات في

الداخل هي ابنة عمي وجاءت من الفقر ولا أحد يشعرها بذلك "

قالت بتذمر " هي ابنة عمكم على كل حال "

قلت بضيق " شقيقي الأكبر أيضا زوجته ليست من طبقتنا , ليان لا تتعبيني معك أكثر "

قالت بغضب " ها أنت ذا بنفسك تعيرهن بفقرهن وأنكم تصدقتم عليهن بالزواج بهن ماذا

سيقولون عنك وعني ها هوا أخونا المبجل تزوج بمعدومة من الشارع فما في الأمر "

قلت بنفاذ صبر " والحل الآن "

قالت ببكاء " أعدني من حيث جئت بي هوا وحده الحل "

قلت بغضب " وأنا ألم تفكري بي وابنتنا أنا أريدكما يا ليان "

قالت بعبرة " لن أنسى لك ما قلت لي لن أنسى إذلالك لي ما حييت كل ذلك لأنك

السيد والمالك والكل في الكل ولأني المحتاج الفقيرة كان عليا السماع دون رد

إهاناتك عن نفسي يا لكم من مغرورين وزد عليه خداعك لي "

مر وقت طويل وهي تجلس مكانها وتبكي ولا شيء سوى الصمت ثم قالت

" لا تتعب نفسك بالجلوس هنا فأنا لن أدخل ولن ابقي "

دخلت بعد وقت فكانت أمي وحور وزبير على حالهم توجهت ناحيتهم فوقفت

والدتي وقالت " ماذا حدث معك "

قلت بيأس " لم يحدث شيء إنها غاضبة مني حد الجنون وترفض الدخول "

قالت بحيرة " كيف لامرأة أن تكره أن تكون زوجة احد الأثرياء أنا لا أفهم "

قلت بأسى " كما أخبرتكم عنها هي تكرههم بشدة وزاد الأمر سوأ أنها تكره

أديم خصيصا كرها خاصا به "

نظرت لصغيرتي وقلت " هل استيقظت "

قالت حور التي كانت تمسك بها

" لا إنها نائمة منذ أدخلتها خالتي هل علينا إعطائها الحليب يا ترى "

قالت أمي " آه كيف نسينا ذلك كان يجب إطعامها منذ مدة "

أخذتها منها وقلت " سوف آخذها لوالدتها لترضعها لقد أعماها غضبها

حتى عن التفكير في ابنتها "

قالت والدتي معترضة " الجو بارد في الخارج إنها طفلة "

قلت بغضب " وما في يدي لأفعله هل سنتركها تموت جوعا "

فتحت حينها عينيها وبكت فقالت أمي " أديم لما الصراخ لقد أفزعتها "

خرجت حينها ميس بشامخ يبكي بشدة وقالت " لقد استيقظ يا خالتي "

وأصبح الصراخ على نوعين ونبرتين مختلفتين فقال زبير ضاحكا

" ها قد وجد له مساعدا "

قلت بضيق " لا نفع لك سوى في السخرية "

قال بغضب " لا تفرغ غضبك بي ليس ذنبي إن أنجبتم الأبناء وتخلصتم من الأمهات "

قلت بحدة " زبير لا تدفعني للشجار معك الآن واحترمني فأنا اكبر منك "

خرج مغتاظا وترك القصر بمن فيه تلك أفضل عادات زبير فبقائه سيؤدي لمشاحنة أكيدة

حور أحوال هذه العائلة سيئة دائما لما لا تنتهي مشاكلهم أبدا وبكاء الأطفال يزيد

التوتر هنا فمنذ غادرت زوجة أديم ونحن ننام ونستيقظ على صوت الطفلين

قلت متسائلة " ترى ماذا فعل أديم وزوجته "

تنهدت وقالت بضيق " لا أعلم فمنذ غادرا لم يتصل بنا ولم يجب ولست أعلم شيئا "

قلت بهدوء " هل سيتركها هناك وابنتها هنا "

قالت بأسى " أبنائي سيصيبونني بالجنون لقد تعبت منهم جميعهم "

دخل حينها بحر ملقيا التحية فقالت بضيق " حمدا لله أننا رأيناك ظننتك مت "

قال بهدوء ممزوج بالضيق " أمي ألن ننتهي من هذا الأمر "

قالت بتنهيدة " فوضت أمري لله فيكم "

اقترب وقال " كيف تعيشون مع كل هذا الصراخ ما بهما "

قالت بتذمر " ابنة أديم معدتها ليست بخير بسبب الحليب وابن غيث لا

يحتاج أن تسأل لما يبكي فهوا يبكي دون سبب "

ضحكت رغما عني لما قالت فنظرت لبحر ووجدته ينظر لي بحزن نظرة لم أفهمها ثم قال

" أعطني الفتاة سآخذها معي علها تسكت "

قالت " لا خذ شامخ ودعها هي "

قال باعتراض ملوحا بيده " لا لا لا كل شيء إلا هوا أعطوني الفتاة أو لن آخذ أحدا "

ضحكت وقالت " لما لا يحبه أحد هنا سوى ميس "

قلت بابتسامة " لا يبدوا لي ذلك قد تكون مجرد مساعدة منها "

ضحكنا كلينا ونظرت له فكان على ذات النظرة لا أفهم ما يدور في رأسه وما سر

هذه النظرة الحزينة أخذ مني الطفلة وما أن حملها حتى سكتت فورا فقالت خالتي

" لما لا تحمل هذا يبدوا أن الأطفال يسكتون بين يديك "

غادر من فوره مسرعا وقال " لا تورطيني يا أمي فلن أخذه ولو قتلتموني "

وغادر حاملا عينيا معه وهما تراقبانه حتى خرج , كم يغيب عني وكم اشتاق إليه

" أسأل الله أن أرى أبناءه يوما فبحر تعب في حياته كثيرا "

نظرت لها بصدمة فتابعت في حزن وعيناها على مكان خروجه

" بعدما طلقني والده وكبر قليلا تشرد بيننا ولم يشعر بالاستقرار يوما وكان يلومني

دائما على تفكك عائلتنا ويقارن نفسه بأصدقائه وزادت همومه عندما كبر أخوته وها

هوا الآن ينهار أمام عيني ولا املك من أمري شيئا كم أخشى أن أخسره للأبد "

نزلت من عينيا دموع دون شعور وقلت " خالتي لما تقولين ذلك "

قالت بحزن " لأنني أم وشعور الأم لا يخطئ "

زاد بكائي رغما عني لتصوري ما قالته أن يحدث حقيقة فنظرت لي وقالت بهدوء

" حور هل أنتي الفتاة التي كان بحر يريد الزواج بها "

نظرت للأسفل في صمت وبكاء ولم أجب

ربتت على كتفي وقالت " توقعت ذلك , سامحك الله يا شامخ سامحك الله "

دخل حينها زبير وقال بدهشة " ما بك تبكي يا حور "

ثم قال بضيق " وما به هذا لا يسكت أبدا "

وقفت خالتي مغادرة بشامخ في صمت وجلس زبير بجانبي حضنني وقال

" حور توقفي عن البكاء هيا "

مسحت دموعي وقلت " حسننا "

أبعدني عن حضنه وقال

" جبير سيصيبني بالجنون تحدثي مع ابنة عمك وأريحيه ليرحمني "

قلت باستغراب " فيما سأتحدث معها أيضا "

قال " والدها قال أن الخيار لها فيمن تقدموا لخطبتها "

نظرت للأسفل بحزن فضمني لحظنه من جديد وقال " أعلم أنك حزنتِ لذلك ولكنك

تعلمين ظروف زواجنا جيدا وعمك طلب مني التحدث معك خشية أن يغضبك الأمر "

قلت ببكاء " وسيقيم لها حفلا أيضا وستتسوق كالأخريات فهل طلب والدي

منه حرماني من كل ذلك "

زاد من احتضاني وقال

" سأعوضك عن كل ذلك أقسم لك يا حور أن تأخذي كل ما حرمتي منه "

دخل حينها بحر قائلا " أين أمي لقد نامت الـ ..... "

نظر لنا بصدمة فابتعدت عن زبير ونظرت للأسفل في صمت ولم أرى سوى خطواته

تقترب ووضع الصغيرة في حجري ثم قال بهدوء

" أتمنى أن أرى أبنائكما قريبا "

وخرج من فوره مخلفا ورائه بقايا زلزال بعد أن ضربني به بما قال فشهقت بعبرة دون

بكاء فوقف زبير وغادر في صمت حضنت الطفلة وبكيت بمرارة وألم وأنا أشتم رائحة

عطره في ثيابها بعد قليل دخلت ميس وركضت نحوي وقالت بصدمة

" حور ما بك "

قلت بتعب " ميس خذيها مني لم يعد بإمكاني التحمل "

ركضت جهة الباب نادت خالتي بصوت مرتفع ثم عادت نحوي أخذت الطفلة فاستندت

بيدي على طرف الكرسي ودخلت خالتي مرعوبة وقالت

" ما بكما ماذا هناك "

قالت ميس " إنها حور تبدوا متعبة تعالي لها بسرعة "

ثم ركضت خارجا حاملة الطفلة وجاءت خالتي نحوي مسرعة أمسكتني وقالت

" حور ما بك يا ابنتي ماذا حدث لك "

قلت بصوت متعب " خذيني لغرفتي رجاء ليس بإمكاني الجلوس "

زبير ركضت مسرعا خلف بحر لقد جن هذا الفتى بالتأكيد هل ينقص حور صفعات ليصفعها

عمها ثم هوا , لحقت به أمسكته من ذراعه وقلت

" بحر أين أنت ذاهب "

نظر لي مطولا ثم قال " ولما السؤال "

قلت بعد تردد " أنت لم تصل إلا الآن فأين ستذهب علينا التحدث في أمر مهم "

ابتسم بسخرية وقال " سوف أترك البلاد كلها سآخذ أخوتي ووالدتهم وأغادر للأبد "

نظرت له بصدمة وقلت " ماذا !!! تغادر "

قال وهوا يركب سيارته " نعم أغادر , أتمنى لك السعادة يا أخي "

وغادر من أمامي وأنا جامد في مكاني من هول ما سمعت ليقل لي أحدكم أن ما قاله

حقيقة وليس كذبا ولست أتوهم أو أتخيل نظرت للخلف وفكرت في القابعة بالداخل حين

ستعلم , وجود أجل جود سوف يأخذها معه ويمضي أخرجت هاتفي اتصلت بها وهاتفها على

حاله مقفل ولم تنتهي المأساة هناك فقد لازمت حور الفراش من جديد كم أخشى أن تموت هذه

الفتاة بسببنا فكل هذا وهي لا تعلم بما دار بيني وبينه

هل عليا ضرب أوامر والدي عرض الحائط كنت أخشى أن أتركها ولا يترك بحر نصيبه

وتذهب منه حور أما الآن فعليا فعل ذلك ولو من أجله وليس من أجلي عليا تركها له ثم

جلب جود من حيث سيفنيها بعيدا عني أقسم أنني المظلوم الوحيد بين الجميع

بحر أعلم أن الهروب ليس حلا ولكن الوجود هنا أسوء وأشقى منه فهل سأبقى كل حياتي

أراها تضيع من بين يدي شيئا فشيئا , عليا الرحيل من أجلها وأجلي ومن أجل زبير فمن

حقه أن يحيا حياة سعيدة , رفعت هاتفي واتصلت بصديقي حامد

" مرحبا حامد كيف أنت "

قال بهدوء " مرحبا بحر أنا بخير وأنت "

قلت بأسى " لست بخير طبعا ماذا بشأن ما تحدثنا عنه "

قال " هل قررت ألن تغير رأيك "

قلت بحزن " أجل قررت وسأطلب من غيث أن أسافر هناك لأتم كل شيء وأستأجر

منزلا , فقط أنت تحدث معهم "

قال بهدوء " بالتأكيد فمكانك جاهز فقط تعال وأتم وضعك وأوراقك "

قلت بامتنان " حسننا شكرا لك يا حامد "

أنهيت الاتصال واتصلت من فوري بغيث الذي أجاب من فوره

" مرحبا بحر كيف حالك "

قلت بأسى " لست بخير "

قال بتوجس " بحر ماذا بك "

قلت " لا شيء مهم أريد منك طلبا "

قال " بالتأكيد أنا في الخدمة "

قلت بعد صمت " أريد أن أسافر شهرا خلال الأيام القادمة لأمر شخصي ومهم "

قال " هل من مكروه "

قلت " لا ولكن تكتم عن الأمر فأنت تعرف والدتي ستضع ألف تحليل "

قال بعد صمت " حسننا كما تريد "

قلت " شكرا لك يا غيث وداعا "

ثم رميت الهاتف وتوجهت لصديق همومي الوحيد البحر

صهيب توجهت اليوم لشركة عمي جسار طلبت سكرتيرته إذنا فأدخلني على الفور وهذا

ما كنت أتوقع , دخلت بخطى ثابتة فوقف ونظر لي بحدة وقال

" ماذا تريد مني يا صهيب "

قلت بجدية " تعلم ما أريد "

جلس وقال " سوف أعطي الفتاة بعض النقود وانتهى الأمر "

قلت ببرود " ليس هذا كل شيء "

قال بحدة " ماذا بعد "

قلت " نصيبها كاملا وبراءة عمي "

قال بغضب " هل تهدي أنت وأنصحك أن لا تعبث معي كي لا تخسر "

قلت مغادرا " إذا السجن ينتظرك ولن أتوانى لحظة في فعلها "

خرجت من عنده متوجها للقصر دخلت غرفتي أخذت الأوراق من خزانتي وتوجهت

لغرفة ميس دخلت ووجدتها تمسك شامخ فقلت بابتسامة

" يبدوا لي أنه لن يفارقك أبدا لقد بدأت أشعر بالغيرة منه "

وضعته على السرير وقالت بابتسامة " وما عساي أفعل عليا مساعدة والدتك المسكينة فهي

تتعب كثيرا وحقيقة الأمر أنا لم أحب الأطفال يوما "

اقتربت منها جلست بجوارها وقلت " ومن سيحب أبناءنا إذا "

ضحكت وقالت " أنت تكفي "

نظرت لها بضيق فقالت " ما هذه الأوراق في يدك "

مددتها لها وقلت بجدية " ميس أسمعي جيدا ما سأقوله لك إن حدث لي أي مكروه

فهذه الأوراق ستكون طريقك الوحيد لتبرئة والدك والدليل على قاتلي "

أمسكت قلبها بيدها وقالت بخوف " ماذا تقول يا صهيب "

قلت " ميس أرجوك أسمعيني عمي جسار وراء كل شيء ولن يتوانى في فعل المزيد "

نزلت الدموع من عينيها وقالت "لا , لا تقل ذلك إنك تخيفني كيف تتركني وترحل "

حضنتها وقلت " تخافين عليا إذا "

قالت ببكاء وهي تشد بيديها علي " بلى أخاف عليك ألست زوجي "

أبعدتها وقلت " زوجك فقط "

قالت بحياء " وحبيبي أيضا فلا تعرض نفسك للخطر أرجوك "

قبلتها وقلت " لا تخافي يا ميس فلا يموت أحد قبل أوانه "

هزت رأسها نفيا وقالت " ولكني لن أتوقف عن لوم نفسي حينها "

ثم غطت وجهها بيديها وقالت بنحيب

" لا أريد أن أفكر في ذلك ولا مجرد التفكير "

حضنتها وقلت " هيا يا غبية لم أعرفك ضعيفة هكذا سابقا "

بكى حينها شامخ فابتعدت عني وأمسكته محاولة إسكاته فقلت بضيق

" أقسم أنني بدأت أغار "

ضحكت بهدوء فقلت

" نعم هكذا أريدك دائما ولا تحزني يوما يا ميس مهما كان "

دخلت حينها والدتي وقالت " عذرا ظننتك وحدك يا ميس متى أتيت أنت "

قلت بتذمر " منذ أن أصبحت زوجتي مربية خاصة لابنكم "

ضحكت وقالت " دعها تعتاد على الأمر لتكون أم صالحة "

ضحكت وقلت " إذا كان الأمر كذلك فلا بأس "

ثم وقفت وقلت " حبيبتي لا تنسي ما تحدثنا عنه وخبئي هذه جيدا حسننا "

قالت بدموع تملأ عينيها " ولا تنسى ما قلت لك "

قبلتها على خدها وقلت مغادرا

" أمي لقد أصبحت أموت من الغيرة من طفلكم هذا فجدوا له حلا "

ضحكت وقالت بصوت مرتفع لأسمعه

" جد لك عقاقير ضد مرض الغيرة فلا أحد لدي الآن سوى ميس "

غادرت ضاحكا وخرجت متوجها لحيت سيبدأ اللعب الحقيقي مع الموت

أديم كان عليا أخذ ليان من هناك صباح اليوم التالي فقد قضت تلك الليلة في الحديقة ورفضت

كل محاولاتي لإدخالها ولو للملحق الخارجي , توجهت صباحا لوالدتي لأخذ ميسم معنا

فأصرت على إبقائها حتى ننظر ما سنفعل حيال الأمر وفي رأيي هوا عين الصواب فليان

كالبركان ولا تفكر في أحد الآن ويبدوا أنها ستكرهها هي أيضا فهي ابنة أديم عدوها

اللدود , غادرنا القصر وركبنا الطائرة وليان في صمت تام ولا تنظر حتى ناحيتي, تحدثت

كثيرا حاولت شرح أسبابي حكيت لها كل ما يخص وصية والدي وهي لا جواب وها قد انقلبت

الأدوار وصرت أنا ليان وهي وسيم وصلنا للجنوب توجهت لشقتي نزلت فقالت أخيرا

" أين سنذهب "

قلت " هذه شقتي هنا "

قالت بحدة " لن أنزل هنا "

قلت " نذهب لمنزلنا إذا "

قالت بضيق " ولا هناك "

قلت بغضب ونفاذ صبر " ليان ما هذا بحق الله "

قالت ببكاء وغيض " لا تصرخ بي يا هذا فلست أرفع مني في شيء "

قلت بأسى " لا حول ولا قوة إلا بالله "

ثم قلت بهدوء " ليان أنا لا أراك اقل مني في شيء صدقيني "

قالت " أعدني من حيث أتيت لمنزل السيدة التي عملت لديها خادمة هوا

مكاني ومكانتي ولن تشرفك أبدا "

قلت بصدمة " خادمة "

قالت بألم " وما تضن سأكون وقد تركتني للشارع هل ستجدني وزيرا أم رئيسا نعم

خادمة هوا خير لي من أن أعيش عالة عليها فلم أرضى أن تتصدق علي بمالها "

قلت " ليان لما كل هذا فأنتي من المفترض أن تخدمك الخادمات لا أن تكوني خادمة "

قالت بغضب " خدني هناك أو ذهبت لوحدي وأحضر لي ابنتي "

قلت بأسى " وأنا لمن تتركاني أنا أريدكما وهي ابنتي أيضا "

نزلت من السيارة وقالت " إذا خدها وأحرق قلبي عليها لكن لا تنسى إخبارها حين

تكبر عن حقيقة والدتها كي لا يفاجئها الناس وتكرهني "

غادرت سيرا على قدميها فتبعتها وأمسكت بيدها وقلت

" إلى أين ستذهبين "

قالت " لقد أخبرتك إلى أين "

سحبتها جهة السيارة وقلت

" حسننا سوف أخذك إلى هناك فأنتي تحتاجين لأن تفكري مليا "

ركبت السيارة في صمت متجاهلة لكل ما قلت ونزلت عند منزل تلك السيدة في

صمت أيضا أيعقل أن تكره الأغنياء لهذه الدرجة , لدرجة أن تتخلى عن ابنتها على

العودة معي أم أن كرهها لي هوا السبب

عدت لشقتي ومرت بي أيام الأسبوع أحاول التحدث معها ولكنها كانت ترفض الخروج

إلي , عليا الذهاب لإحضار ميسم لها نهاية الأسبوع القادم فلن أحرمها من ابنتها مهما كان

آه ولكني سوف أحرم منها أنا ولكن لا بأس فأنا سأكون هنا وسأزورها يوميا لعل رأس ليان

يلين يوما

ليان أشعر أنني في حلم بل في فلم لا في كابوس فحقيقة أن وسيم ليس بأخرس وحدها كفيلة

بجعلي أجن من الصدمة فكيف وهوا ليس أسمه وليس فقيرا وأديم أيضا وهذه أبشع الحقائق

ها قد مر أسبوعان على عودتي بعد أن عرفت كل تلك الحقائق البشعة القاسية وابنتي بعيدة
عني والمدعو والدها لا يتوقف عن محاولة التحدث معي ما يضن نفسه هل سأنزل نفسي

له ليدلني هوا وعائلته وطبقته المترفة تلك , كيف أكون أنا زوجة ابن شامخ آل يعقوب مالك

كل تلك الشركة وكل تلك الأملاك كيف وأنا من رفضت من يملك بعض الxxxxات فقط

هل هوا انتقام الله مني لأني رفضته لأنه يملك المال آه ما أقسى الواقع وما أسوءه , طرقت

حياة الباب ودخلت تحمل ابنتي بين ذراعيها فركضت ناحيتها وأخذتها منها وضممتها

لصدري بحب وقلت " كم اشتقت لك يا حبيبتي "

ابتسمت حياة وقالت " زوجك قال أنه سماها ميسم وقد أحضرها لتبقى معك "

نظرت لها بصدمة فقالت " وقد جلب معه ما لا يكفي منزلنا لاستيعابه وحتى أبناء ابني لم

ينسهم ولولا إصرارنا كان يود دفع المال لأجل بقائكم هنا ووافق شريطة أن لا تعملي شيئا "

غمرت وجهي في وجه ابنتي وقبلتها بحب وفي صمت فأجلستني حياة وقالت بهدوء

" ليان أنا سأكون سعيدة ببقائك معي طوال العمر ولكن هل من حقك أن تحرمي زوجك أو

نفسك من ابنتكما هل ترضي أن تكبر وتجد نفسها مشردة بين والدين كل منهما في أرض "

تنهدت وقلت " حياة إن كان وجودنا يضايقك .... "

قاطعتني قائلة " أخبرتك منذ البداية أنني أتمنى أن تبقي معي كل العمر يا ليان تأكدي من

ذلك ولكن فكري في ابنتك وفي والدها الذي كان بإمكانه حرمانك منها بكل سهولة ولكنه رفض

إلا أن تكون معك لقد حدثني ابني عن أبناء شامخ فهوا عمل في العاصمة لسنوات وقال أن أديم

هوا الأكثر غرورا بينهم ومع هذا أنظري كيف يتمنى رضاك عنه ولو مرة وقد قال بنفسه لابني

أنك غيرتي فيه الكثير "

نظرت لها مطولا في صمت فقالت " اخرجي للحديث معه هذه المرة من أجلي يا ليان "

مسحت دموعي وقلت " لن تفهمي ما اشعر به أبدا يا حياة "

قالت بحنان " بل أشعر وأشعر بما يشعر به زوجك وما ستشعر به ابنتك في المستقبل "

قلت " ولكن ..... "

قاطعتني قائلة " ليان تذكري أن من فعل كل تلك الأشياء من أجلك هوا أديم فهوا نفسه من

تزوجك ليحميك من شاهد ومن أخوتك أيضا و قتله لأنه اقترب منك وهوا من بحث عنك

لأشهر وفعل كل ما فعل وهوا يعلم من يكون ومن تكونين "

ثم وضعت يدها على كتفي وقالت

" هيا يا ليان أعطني الصغيرة واذهبي للتحدث معه جربا التحدث فقط ولا تغادري

معه مادمت لا تريدين ذلك "

ترددت كثيرا ثم وقفت أعطيتها الصغيرة وخرجت ببطء متوجهة لمجلس الضيوف

فتحت الباب ودخلت كان جالسا في الداخل لوحده فوقف ونظر لي بصدمة وكأنه

غير مصدق ثم اقترب مني وحضنني بحب فنزلت دموعي مباشرة , آه ليتك وسيم

وليتك أخرس ليتك الشاب الذي فعل كل ذلك من أجلي ولست أديم لقد اكتشفت الآن

أنني أشتاق لك حقا اشتاق لهذا الوجه ولهذا الحضن لوسيم وليس للآخر شهقت ببكاء

وقلت " وسيم "

أبعدني عن حضنه وامسك وجهي بيديه وقال " ليان ارحميني أرجوك "

أبعدت يديه وهززت رأسي بالنفي وقلت

" لماذا تحدثت الآن كنت تركتني أحلم قليلا "

ثم أمسكت قميصه بقبضة يدي سحبنه جهتي وغمرت وجهي فيه وقلت بألم

" أريد وسيم أعده إلي أعده مثلما سرقته مني "

قال بأسى " أنا وسيم يا ليان أنا هوا وسأكون هوا إن أردتي وسأترك حتى ثروة والدي

ووصيته إن كنتي تريدين ذلك لكن عودي لي ولابنتنا لنعيش معا كما في السابق فقراء

ومعدومين إن أحببتي "

أنزلت رأسي للأسفل دون كلام فقال " إذا هذا هوا جوابك , حسننا يا ليان اعتني بنفسك وبميسم

جيدا وإن احتجتما شيئا فاتصلي بي "

ثم غادر خارجا من الغرفة ومن المنزل كله

غيث لقد تركتي لي مكانا شاغرا تعودت على وجودك فيه يا رنيم لماذا كنتي مثل

الجميع خائنة وبلا مشاعر

" غيث ألن تأخذ الصغير لوالدته خذه لتراه وأعده "

قلت بضيق " أمي لن نتحدث في نفس الموضوع دائما "

قالت بحدة " تذكر أن ما تفعله ستحاسب عليه فالله لا يرضى بذلك يا غيث "

ثم غادرت من فورها لأنها كانت واقفة أمام الباب ودخل بعدها بحر جلس

بجواري وقال بهدوء " غيث أريد التحدث معك في أمر "

لذت بالصمت فتابع قائلا " سوف أغادر البلاد وآخذ عائلتي معي "

نظرت له بصدمة وصمت فقال " لم أراك تعترض "

ابتسمت بسخرية وقلت " حالي ليس بأفضل منك وأنا سأترك كل شيء أيضا "

نظر لي مطولا بصدمة ثم قال " تترك كل شيء "

قلت " نعم آخذ ابني وأرحل فالوصية ستعيد رنيم وتربطني بها لقد حسمت أمري وانتهى كل شيء "

قال بعد صمت طويل وعيناه لا تفارق ملامحي " وأين ستذهب "

قلت بهدوء " لقد جمعت بعض المال من رواتبي وسأتدبر أمري به "

تنهد وقال " أما أنا فلم يترك لي والدي مالا لأدخره وسأبدأ من الصفر واعمل

بشهادتي , متى ستغادر "

قلت " سوف أبلغ المحامي عن قراري الأسبوع القادم , يعز عليا فراق الجميع لكن هذه

هي الحياة لا يأخذ الإنسان منها كل ما يريد "

قال بهدوء " أحيانا يكون الهروب أفضل حل للنسيان "

نظرت له وقلت " لم يكن هذا كلامك عندما كنا عند البحر "

ابتسم بألم وقال

" ومن قال أن كلامي تغير أنا لازلت مصرا عليه فلن أتزوج بغيرها ما حييت "

هززت رأسي بيأس وقلت

" الوصية وآه من الوصية بسببها عرفت رنيم وتزوجتها وصار لي ابن منها "

ثم ابتسمت بسخرية وتابعت

" وبسببها أحببتها واكتشفت أنها ليست تختلف عن غيرها وبسببها أنا مطر للرحيل "

ثم نظرت له وقلت " وكما ترى فما فعلته الوصية بك ليس بأقل مما فعلته بي "

دخلت حينها والدتي ونظرت لنا بصدمة ثم قالت

" هل ما سمعته صحيح أم أنني أتخيل "

نظر بحر للأرض وقال بهدوء " بلى صحيح "

صرخت قائلة " هل جننتم يا أبناء شامخ هل فقدتم عقولكم بسبب النساء "

ثم أشارت بأصبعها لي وقالت " أنت تترك عائلتك هربا من امرأة "

ثم أشارت لبحر وتابعت " وأنت تهرب من حب امرأة وها هوا أديم يقول أنه مستعد أن

يترك كل شيء من أجل أن ترضى عنه امرأة أخبروني هل رباكم رجل لتفرقكم النساء "

لذنا بالصمت فقالت بحدة " وحتى متى كنتم تودون إخفاء الأمر عني "

قال بحر " كنتي ستعلمين على أية حال "

ثم وقف وقال مغادرا " لقد قررت وانتهى الأمر "

وخرج وخرجت تتبعه صارخة به " إن فعلتم ذلك فلستم أبنائي ولا أعرفكم "

وقد غضبت بعدها من الجميع وسجنت نفسها في غرفتها , سوف تعتاد على

الفكرة هوا ابنها أما أنا فلم يعد لدي شيء أخسره ولا أحد يخسرني

⚘⚘⚘الجزء التاسع والثلاثون⚘⚘⚘

رنيم

لقد مر قرابة الشهرين على تركي تلك البلاد لم أرى خلالهم أحد من تلك العائلة ولا حتى

ابني ما أقسى قلبك يا غيث وها هوا يقترب وقت مهلة تركي هنا حسب شروط الوصية فما

سيفعله غيث يا ترى , آه ليته كان القرار بيدي لما كنت تركته هوا من يقرر ذلك طرقت والدتي

الباب ودخلت قائلة

" رنيم هناك امرأة تريد رؤيتك في الأسفل "

نظرت لها بحيرة وقلت " من هي "

قالت " لا أعلم لم تخبرني من تكون وتصر على رؤيتك "

وقفت وقلت " حسننا سأنزل لها حالا "

نزلت للأسفل فكان هناك سيدة في نهاية الخمسين من العمر تقريبا ويبدوا على

ملامحها المرض والتعب وصلت عندها فابتسمت ومدت يدها قائلة

" مرحبا يا ابنتي هل أنتي رنيم "

صافحتها وقلت " نعم ومن تكونين أنتي "

جلسنا فقالت " أنا والدة غيث "

نظرت لها بصدمة ولم ترمش عينيا فقالت

" كنتي تضنين أنني ميتة أليس كذلك "

قلت بدهشة " نعم ولكن كيف "

تنهدت بحزن وقالت " لقد كنت في السجن لسنين وخرجت منه منذ سنتين فقط "

فتحت فمي من الصدمة وقلت " السجن ... ولكن لما "

لاذت بالصمت ثم بدأت دموعها بالنزول وهي تحكي لي ماضيها منذ كانت شابة حتى

تزوجت وأنجبت غيث وطلقها والده وما حدث بعدها حتى اليوم وأنا في صمت من الصدمة

ثم تنهدت وقالت " وهذه هي حكايتي لقد عشت طفولة جعلت مني فتاة فاسدة جدا تزوجني شامخ

مرغمة بسبب والدي ولكن الزواج لم يردعني عن شيء كان ينقصني الحنان طوال عمري وكنت

أبحث عنه دائما عند الرجال ولم أجده لذلك كنت أتنقل بينهم كالتائهة حتى خسرت نفسي وابني

وكل شيء لقد أخبره والده أنني مت بعد أن دخلت السجن وكانت صديقة لي تأتيني بأخباره دائما

وبعد خروجي علمت أنه تزوج وعلمت الآن أن لديه ابن , بسببي كرهني غيث مند صغره

وبسببي خسر دراسته وكرهها رغم تفوقه "

قلت " وحسام من يكون "

قالت بحزن " إنه صديقه المقرب منذ طفولته لقد انتحر بسبب خيانة زوجته له مع صديقه "

ثم قالت ببكاء " دعيني أرى ابنه ولو لمرة في حياتي قبل أن أموت لأنني أعرف جيدا أنه لن

يسمح لي برؤيته لو علم بي "

قلت بأسى " لست أفضل حالا منك فقد حرمني غيث من ابني ولم أره منذ ولدته لقد قمتي

بتدميره لقد صنعتي منه حطام رجل يكره النساء ولا يتق بهن وهذي أنا ادفع ثمن أخطائك "

وقفت وقالت " أنا آسفة لإزعاجي لك واعتبري أنك لم تريني "

خرجت من فورها دون أن تترك لي حتى رقم هاتفها ولكن ما سأفعله لها وحالي ليس بأفضل

منها ترى هل سيأتي يوم يتزوج فيه ابني وينجب ولا أراه ولا أرى أبنائه ولكني لست مثلها

فهل سيخبر غيث ابني أنني خائنة وأني كنت أخونه , لهذا إذا كان غيث يتصرف هكذا , معه

حق فمن رأى ما رآه في حياته لن يكون أحسن حالا من هكذا وعلى الرغم من ذلك وتق بي

مؤخرا , لماذا صنعت به والدته هكذا لماذا ولماذا أنا تزوجت به دونا عن غيره

سجنت نفسي في غرفتي طوال اليوم والدموع لم تفارق عيناي لست أعلم هل ابكي حالي

أم حال غيث أم حالنا معا , علمت الآن لما رفض غيث أن يترك ابننا لأربيه أنا هوا يرى أن

ماضيه سيتكرر مع ابنه أمسكت بهاتفي الذي أهداه لي فتحته وبحثت في الأرقام المخزنة فيه

فكان رقما واحدا فقط تحت اسم ( أبو شامخ ) نزلت دموعي وقلت بشهقة

" رغم كل شيء مررت به يا غيث وثقت بي "

اتصلت به مرارا ولم يجب هوا يعرف انه رقم هاتفي لذلك يرفض الإجابة ولكن عليا التحدث

معه أرسلت له رسالة كتبت فيها ( غيث أرجوك أن تجيب على اتصالي ولو تكون المرة الأولى

والأخيرة أجب هذه المرة ولن اتصل بك ثانيتا )

ثم اتصلت به فأجاب فقلت " غيث اسمعني أرجوك ولا تغلق الخط "

قال بضيق " ماذا تريدي مني ابني لن تريه ولا شيء آخر لدي "

قلت ببكاء " غيث ارحمني إنه ابني أيضا وأنت تذكر جيدا حين قلت أنك لا تريد أبناء "

قال بغضب " إن كان هذا ما اتصلت لأجله فالمكالمة انتهت ولا نقاش في الأمر "

قلت بعبرة " غيث أنا لم أخنك اقسم لك لقد كانت ..... "

قاطعني قائلا بحدة " وفري على نفسك الكلام يا رنيم وأحب إعلامك أنني سأترك كل شيء

وأطلقك وآخذ ابني وأرحل فاشبعي بابن خالتك وأنجبي لك غيره "

قلت " أنا لا أريد ابن خالتي ولا غيره أنا ...... أنا أريدك أنت وأريد ابني "

قال بهدوء " كاذبة "

ثم أغلق الخط في وجهي وتركني لدموعي وحزني اللذان لا ينتهيان

جود

كانت كلمات رنيم طوال الفترة الماضية تدور في راسي إنها محقة فانا لم أفكر في غيري

أنا فكرت في نفسي فقط فماذا لو علم بحر يومها أنني أتحدث مع شاب عبر الهاتف , نحن دائما

نحتاج لصفعة لنستفيق ولكني لا استطع نسيانه وأكاد أحترق شوقا لسماع صوته وأخباره سحقا

لي فأنا السبب في كل ما يحدث معي هل كان عليا الاستماع له من أول مكالمة هل كان عليا أن

أحبه وأتعلق به , لقد أغلقت هاتفي منذ غادرت قصر عائلة بحر وانقطعت عن كل العالم الخارجي

لعلي أنسى وليس لي سوى الحزن والتفكير والنظر بشغف لهذا الهاتف المغلق مانعة نفسي من فتحه

سمعت طرقا على الباب فقلت بهدوء

" تفضل "

انفتح الباب ودخل بحر فارتميت في حضنه باكية وقلت

" سامحني يا بحر سامحني على كل أخطائي في حقك "

مسح على ظهري وقال

" لا أذكر أنك أخطئت في حقي يا جود هيا توقفي عن البكاء واجلسي سنتحدث في أمر "

جلست فقال بهدوء " جود سوف نترك البلاد ونسافر "

نظرت له بصدمة وقلت " لماذا "

تنهد وقال " هكذا حكمت الظروف ولهذا سافرت طوال الشهر الماضي سوف نعيش في بلد

آخر وسأعمل هناك وستدرسين , لن استطيع توفير الحياة التي كنتم تعيشونها هنا ولكن كل

شيء سيتحسن بالتدريج "

نظرت له في حيرة وقلت " ولكن لماذا , أنا لا افهم "

وقف وقال مغادرا

" أخبرتك أنها الظروف من حكمت بذلك سنسافر نهاية الأسبوع القادم فاستعدوا "

خرج وتركني كالبلهاء لا أفهم شيئا مما يجري كيف يترك بحر عائلته ووالدته وكل تلك الثروة

وحتى عمله ويرحل لماذا يا ترى , أخرجت هاتفي وفتحته اتصلت بحور كثيرا ولم تجب فاتصلت

بوالدة بحر فكان هاتفها مقفلا فلم يبقى أمامي سوى ميس اتصلت بها فأجابت على الفور قائلة

" مرحبا يا جود أين أنتي لقد اشتقت لك "

قلت بهدوء " أنا بخير ما هذا الصراخ لديك "

قالت " إنه ابن غيث سيصيبني بالجنون ولا أحد غيري ليهتم به وبالمطبخ لما

تركتموني وذهبتم جميعكم "

قلت بصدمة " من الذين ذهبوا وتركوك "

قالت بحزن " أنتي لا تعلمي ما حدث بعدك لقد مرضت حور كثيرا وأخذها زبير

لمنزل عمها وقد تشاجر غيث و رنيم وضربها وأنجبت طفلها ذاك اليوم وها هوا

هنا وهي عند والدتها وخالتي تسجن نفسها في غرفتها بعدما علمت أن بحر وغيث

سيتركان القصر نهائيا "

قلت بصدمة " يا إلهي ولكن لما كل هذا "

تنهدت وقالت " لا اعلم فحور ترفض الحديث عما أتعبها و رنيم وغيث لا يريدان

قول حقيقة ما حدث يومها وأنا بقي لي هذا الصغير الذي لا يتوقف عن البكاء ولا

مساعد لي سوى والدتي وهي مريضة كما تعلمي "

قلت " ولما سيغادر بحر وغيث "

قالت " لا أستطيع قول أكثر من ذلك يا جود "

قلت " حسننا ولما تشاجر غيث و رنيم ومتى "

قالت " أخبرتك أنهم لم يخبرا أحدا عما حدث فبعد أن غادرت وشقيقك

سمعنا صراخها وهوا يضربها "

وضعت يدي على فمي من الصدمة هل علم بما حدث يومها في المطبخ يا ترى هل

أخبره بحر ولكن بحر خرج أمامي ولكنه تحدث مع أحدهم في الخارجي يا إلهي يا لها

من كارثة قالت ميس " جود أمازلت معي "

قلت " نعم يا ميس هل لديك رقم رنيم "

قالت " لا فأنتي تعلمي أنه لا هاتف لديها لقد طلبت مني عند بقائي معها في المستشفى

أن احضر لها هاتفا كان موجودا في جناحها ولا أعلم إن كان لها أم لا ولا أعلم رقمه

أيضا , خالتي تملك رقم والدتها ولكنها تسجن نفسها ولا تتحدث مع احد "

قلت بأسى " يا لها من مشكلة وداعا الآن يا ميس "

أغلقت هاتفي وخرجت باحثة عن بحر ولم أجده فعدت لغرفتي واتصلت به فأجاب بعد

حين فقلت " بحر هل غادرت المدينة "

قال " لا ليس الآن خلال يومين تقريبا "

قلت " أريد الذهاب معك لقصر عائلتك في أقرب وقت "

قال بحيرة " لماذا "

قلت بجدية " لأمر مهم جدا يخصني أرجوك يا بحر "

قال بهدوء " عليا الذهاب بعد الغد لوحدي لا يمكنني أخذك معي لأمر مهم في القصر وبعدها

سوف آخذك قبل سفرنا حسننا "

قلت " أريد الذهاب سريعا بحر أرجوك "

تنهد وقال " سأرى "

قلت " شكرا لك يا بحر ولكن لا تتأخر رجاءا "

رنيم لماذا تحملتِ كل ذلك عني لماذا , لقد دمرتِ نفسك وعائلتك من أجل أن تتكتمي على

سري يا لي من مغفلة هاهي نتائج خطئي تظهر وتضر بغيري بدل أن تضرني أنا

في اليوم التالي أخذني بحر لقصر عائلته تحت إصرار مني وسيعود بي ليرجع وحده غدا

وصلت هناك ودخلت فوجدت ميس احتضنتني بحب وقالت

" جود مرحبا بك ما هذه المفاجأة السعيدة "

قلت لها بهمس " ميس أين غيث عليا رؤيته حالا "

قالت بحيرة " غيث ولكن لما "

قلت " إنه أمر خاص وضروري جدا "

قالت بهدوء " لا أعلم متى سيأتي إنه متغيب أغلب الوقت "

ثم ابتسمت وقالت " تعالي يا جود ألن تري ابني بالتربية "

ضحكت وقلت " لا أصدق أنك تربين طفلا فأنتي لازلتِ طفلة "

قالت بضيق " طفلة في السابعة عشرة "

قلت بابتسامة " بل تبدين أصغر من ذلك بكثير "

توجهنا حيث غرفة الصغير كان نائما بسلام ياله من طفل جميل سامحني على ما

فعلت لك ولوالديك نظرت لميس وقلت

" هيا لنخرج عليا انتظار غيث حتى يأتي "

خرجنا ومر بعض الوقت ثم دخل غيث نظر لنا في صمت ثم تخطانا وغادر وقفت

ولحقته حتى صعد للأعلى وأنا اتبعه ثم قلت " غيث "

التفتت وقال ببرود " ماذا هناك "

قلت بهدوء " أود التحدث معك في أمر "

قال بحدة " لا حديث بيننا عن شيء يا جود لقد قبلتك هنا من أجل بحر ورأيت فيك

فتاة محترمة ولم أكن أتوقع أن تساعدي النساء على خيانة أزواجهن "

إذا كما توقعت قلت برجاء " اسمع الحقيقة مني يا غيث أرجوك "

قال مغادرا " لن اصدق الأكاذيب "

قلت وأنا اتبعه " أنا من كانت تتحدث مع ذاك الشاب و رنيم لا تعرفه لقد حكيت لها عنه

مرة وطلبت منها أن لا تخبر أحدا وهي أقسمت لي أن لا تفعل وعندما أكتشف بحر الأمر

قالت أنها هي من تتكلم بهاتفي وأنه ابن خالتها لقد نهتني كثيرا عن فعل ذلك ولكني لم استمع

لها حتى وقعت الفأس في الرأس "

التفت ونظر لي بتشكك فقلت

" اقسم أنها الحقيقة وها هوا رقمه لدي سأتصل به أمامك لتتأكد "

فتحت هاتفي واتصلت به وفتحت مكبر الصوت فأجاب من فوره قائلا

" هل تذكرتي أنني موجود أخيرا "

نظرت لغيث ثم قلت " من أنت وما هوا اسمك فأنا لا أعرف حتى من تكون "

قال " هل هذا فقط ما يغضبك "

قلت " لقد أخبرتك أن شقيقي رأى اسمك وقامت أحداهن بإنقاذي من الموقف وها هي

تذمرت حياتها بسببي وسببك أنت "

قال بهدوء " ولكنك تعلمين جيدا أنني أحبك وأريد الزواج بك ما أن تنتهي

ظروفي لماذا تفعلين هذا بي "

ثم أغلقت الخط وناولته الهاتف وقلت " يمكنك التأكد من تواريخ المكالمات والرسائل لتعلم

أنني أتحدث معه منذ وقت طويل وقبل مجيئي إلى هنا وليست لعبة مني وحتى اتصاله بي

ذاك اليوم مدون بالتاريخ والوقت "

أخذ الهاتف مني فتش فيه قليلا ثم نظر بصدمة ونظر بعدها لي وقال

" من أين تعرفت على هذا الرجل "

قلت " إنها قصة طويلة لقد حدث الأمر بالمصادفة اقسم أنني لست من هذا

النوع ولم أعرف في حياتي غيره "

هز رأسه بحيرة وقال " لماذا فعلت رنيم ذلك "

قلت بحزن " فعلته من أجلي كما أخبرتك "

قال " ولما لم تخبرني حين واجهتها بالأمر "

قلت " لأنها وعدتني وأقسمت لي سابقا أنها لن تخبر أحد ولا حتى أنت "

ضرب بقبضة يده على الجدار وقال " وهل يعلم ذاك الشاب من تكونين أنتي "

قلت ونظري للأرض

" لا فأنا لم أخبره اقسم أنني ندمت على تهوري فلا تحرم رنيم من ابنها بسببي "

ثم قلت ببكاء

" أنا من يستحق العقاب وليس هي لقد ضحت بكل شيء لأجلي وتكتمت على مساوئي أيضا "

تنفس بضيق وبقوة عدة مرات ثم قال من بين أسنانه

" لماذا فعلتي ذلك يا جود لماذا ولكن اللوم ليس عليك وحدك بل على ذاك النكرة الذي جرك معه "

أعطاني هاتفي وقال مغادرا

" أتمنى أن تكوني تعلمت الدرس جيدا يا جود فما حدث دمر الكثيرين "

ثم غادر وتركني لندمي وحسرتي , نزلت للأسفل وجدت بحر داخلا فغادرت معه على الفور

حور

" توقفي عن البكاء يا حور فستموتين من بكائك المتواصل "

قلت بنحيب " يريد تركي والرحيل يا مرام هذا فقط ما يستطيع فعله دائما "

قالت بضيق " حور أنتي متزوجة ولك حياتك وهوا يفعل الصواب فإلى متى ستستمران

في هذا سوف تنسيه وتعيشي حياتك فزبير شاب رائع جدا "

قلت بصراخ " لا أريد أحدا , أريد الموت فقط أريد الموت الذي أخذ والداي أن يأتي ليحملني

ويريحني ويريح الجميع "

ثم شهقت ببكاء وقلت " حتى إن كان لا يفكر بي فلما لا يفكر بوالدته التي تسجن نفسها أو بأخوته "

ربتت على كتفي وقالت

" حور هوا ليس بأفضل حالا منك وما كان ليختار الابتعاد عن أهله إلا لأنه يتعذب "

قلت بأسى " دعيني وشأني يا مرام أخرجي واتركيني وحدي "

وقفت وغادرت في صمت وبعد وقت طرق أحدهم الباب ودخل فكان عمي راجي

سويت من جلستي ومسحت دموعي فاقترب وجلس بجواري وقال بحزم

" حور ما بك أخبريني الآن "

قلت " لاشيء يا عمي "

تنهد بضيق وقال بجدية " لن أخرج قبل أن اعلم ما بك إن كنتي غاضبة مني بسبب خطبة

مرام ألغيث كل شيء وزوجتها كما زوجتك "

قلت بنفي " لا ليس ذلك أبدا فلا ترفض جبير أرجوك فهم يحتاجونها وهوا يريدها "

قال " إذا ماذا بك "

لذت بالصمت فتنهد وقال " غدا عليك الذهاب مع زوجك لقصر عائلته لأمر مهم "

نظرت بصدمة فقال " تعلمين أن شقيقاه قد قرروا التخلي عن شرط الوصية والمحامي

طلب حضورك معهم من أجل إتمام الإجراءات "

قلت " وما علاقتي أنا بالأمر "

وقف وقال " تلك إجراءات قانونية نحن لا نعلم عنها شيئا لابد أن يحظر الجميع كل شيء

ويوقعوا أيضا إنها محكمة وليست لعبا "

قلت بدموع " لا أريد الذهاب يا عمي أرجوك "

قال مغادرا " ليس الأمر كما نريد ستذهبين وتعودي فور إكمال كل شيء "

ولكني لا أريد رؤيته الآن لا أريد فيكفيني ما حل بي لا أريد أن أراه أبدا بعد اليوم

زبير

هاهي الأمور تتراجع للأسوأ فالأسوأ بحر وغيث والكارثة التي فاجأنا بها لا اصدق أن يذهبا

ويتركانا ليثني أستطيع تركها لك يا بحر لأرتاح وترتاح فأنت لا تعلم انك تأخذ قلبي معك مثلما

تترك قلبك معي فأنا بين نارين لا استطيع الكلام ولا السكوت ليثني استطيع مخالفة وصية والدي

ولكن يستحيل ذلك فالموت أهون عندي من مخالفة أوامره لي وهوا على قيد الحياة فكيف بعد موته

ووالدتي سوف يجن جنونها إن فعلتها أنا أيضا عليا التصرف فور تخليهم يجب أن أجد طريقة

وحل , خالف والدك يا زبير ما بك هكذا أحمق

وها هي حور قد وصلت لأسوء حالاتها بعدما سمعت بقرار بحر , وغيث يريد إحراق قلب رنيم

بأخذه لابنها وتطليقها وأديم ليس أفضل حالا منا وحتى صهيب يواجه الخطر مع أعمامي

سحقا للوصايا وسحقا لي

كنت كمن تاه في متاهة ولا يعرف لها مخرج فدخل غيث عليا المكتب ووجهه لا يبشر

بخير وقفت فتوجه ناحيتي وأمسكني من ثيابي وقال بغضب

" جود يا زبير شقيقة شقيقك تتلاعب بها وتعدها بالزواج "

نظرت له بصدمة فقال

" تكلم لما فعلت ذلك لما وأنت متزوج ألم تفكر في زوجتك وأنت تخونها "

أبعدت يده عني وقلت " لا شأن لك بي يا غيث "

قال بصراخ غاضب " بلى لي كل الشأن لأنك دمرتني معك يا غبي "

قلت بحدة " وما علاقتي بك فأنا لم أطلب منك أن ترمي زوجتك وتترك ثروتك "

قال بغضب " أنت تعلم من يكون شقيقها الذي أخبرتك أنه رأى اسمك في هاتفها ولكنك

لا تعلم أن من أنقذتها من الموقف ودمرت حياتها تكون رنيم "

نظرت له بصدمة وقلت " رنيم "

قال بحدة " أجل رنيم فقد قالت لبحر أنها من تتحدث معك بهاتف شقيقته من ورائي وطلبت

منه أن لا يخبرني وأنا سمعت ما دار بينهم بالمصادفة عند دخولي للمطبخ وضننت ما سمعت

ولولا أن جود جاءت لإخباري لما علمت أبدا "

قلت بدهشة " جود أخبرتك "

قال بغضب " نعم وهي لا تعلم عن أكاذيبك شيئا ولكنها قالت بالحرف الواحد أنها

ندمت على ما فعلت فلعلك تستفيق أنت وتندم على تهورك "

قلت بضيق " ولكنني أحبها حقا وأريد الزواج بها "

نظر لي بصدمة ثم قال " وحور "

قلت مشيحا بنظري عنه " سأنفصل عنها ما أن يتم اقتسام الإرث "

صفعني على وجهي وقال بغضب " هل هذا ما تستحقه منك يا زبير "

قلت بصراخ ممسكا وجهي بيدي " كيف تتجرأ على ضربي هكذا "

قال بحدة " لعلك تستفيق لنفسك وجنونك أنا اكبر منك ولي الحق في ردعك عن التهور فهمت "

قلت بأسى "أنت لا تعلم شيء يا غيث لا تعلم "

قال بحدة أكبر " بلى أعلم , من أجل بحر أليس كذلك ولكنه يريد تركها والرحيل

فهل تتخلى عنها أنت أيضا "

قلت بسخرية " وها أنت تريد الانفصال عن زوجتك وتركها دون سند ولا حتى ابن

فكيف تلومني على ترك حور وأنت تعلم أنها تريد غيري ولها عمها وثروته وإرث

والدها وليس لدينا أبناء ولم المسها يوما "

قال بغضب " لا تقارن يا زبير فذاك شيء وهذا شيء ولا مبرر لاستغفالك وخيانتك لها "

قلت مغادرا " لن يفهمني أحد مهما قلت سحقا لك يا غيث فلن أنسى صفعك لي أبدا "

وخرجت كالبركان يحتاج مكانا لينفجر فيه وليس لي من أحد فحتى جود لم تعد تستمع

لي وتغلق هاتفها ولا تريد الاستمرار معي وستترك البلاد أيضا مع شقيقها وبقيت وحدي

الخاسر الأول والأخير دائما ما أن ينفصل غيث وبحر عن هذه الوصية المشئومة سأتحدث

مع المحامي عارف

ميس

في الغد سيكون على الجميع الحضور هنا وحتى محامي عمي شامخ رحمه الله فلما

يحضر الجميع لا أفهم فهذه الأمور القانونية معقدة ولو سألت لتهت أكثر فعلى زوجات

الجميع الحضور أيضا وحتى ليان التي لم تذكر في الوصية

" ما بها جميلتي "

تنهدت وقلت " لما علينا الحضور جميعنا غدا "

جلس بجواري وقال " لأنه علينا أتبات وجودنا وشهادتنا "

ثم تنهد بحزن وطأطأ برأسه للأسفل أعلم علم اليقين كما الجميع ما هوا سبب حزنه الآن

فهذا القصر تحول لسحابة من الكآبة والحزن رغم خلوه من اغلب ساكنيه فليس هناك سوى

صهيب وزبير يدخلان ويخرجان ويتأففان طوال الوقت والضيق الشيء الوحيد البادئ على

ملامحهم طوقته بيداي عند خصره واتكأت برأسي على كتفه وقلت

" عليك أن تكون قويا هذا هوا قدركم واختيارهم "

لف ذراعه حولي وقال بحزن " ما أشد ذلك يا ميس بث أخشى أن يلحق بهم البقية "

غمرت وجهي في صدره وقلت " ابق لي يا صهيب لا تتركني يوما أرجوك "

تنهد بحزن ثم قال " ليثني أستطيع منعهم نحن لم نفترق يوما أبدا "

قلت بهدوء " يمكنكم التواصل معهم دائما هم لن يموتوا "

تنهد بحزن واكتفى بالصمت فقلت " لقد ظلمكم عمي حقا هل كان عليه فعل ذلك "

أبعدني عنه أمسك بوجهي وقبل شفتاي وقال بابتسامة حزينة

" أين هوا ابنك المزعج ذاك كيف لم يفسد علينا جلستنا "

قلت بحزن وعينيا امتلأتا بالدموع

" سوف أشتاق له كثيرا لقد اعتدت حتى على صراخه "

ضمني لحظنه وقال

" سننجب واحدا لنا ولكن ليس مزعجا مثله فارأفي بحالنا ودعينا نتزوج رسميا "

قلت بهدوء " ليس قبل أن تخرج من الخطر الذي تقحم نفسك فيه "

ثم ابتعدت عن حضنه وقلت وأنا انظر لعينيه

" إنسا الأمر كله فلم أعد أرغب بشيء ولا تعرض نفسك للخطر وسنتزوج حالا "

أمسك وجهي وقال بجدية

" لا يمكنني ذلك يا ميس فلن يرتاح لي بال مالم تظهر براءة عمي ويرجع حقكم "

هززت رأسي بالنفي ودموعي بدأت بالنزول وقلت " لا أريد منهم شيئا جدك لم يعطنا شيء

ليكون حقا لنا ووالدي لو كان على قيد الحياة ما رضي أن تعرض نفسك للخطر من أجله "

قال بحزم " انتهى الكلام في الأمر يا ميس "

وقفت وقلت بحدة وبكاء

" أنت لا تفكر بي أبدا لا تفكر في أحد لا والدتك ولا أخوتك ولا حتى أنا ووالدتي "

قال بهدوء " ميس توقفي عن البكاء وأجلسي "

قلت بضيق " لن أجلس وأنا غاضبة منك ولن أرضى عنك مالم توقف كل شيء "

قال بانزعاج " ميس ما بك لقد كان هذا شرطك فما تغير الآن "

قلت بغضب " كان ولم يعد يهمني أنت صرت أهم بالنسبة لي لما لا تريد أن تفهم ذلك لماذا "

وخرجت راكضة وصعدت لغرفتي ابكي بحزن ولم أتحدث معه طيلة النهار ونفذت تهديدي

ولم أنم تلك الليلة وأنا أفكر في شيء ليس إلغاء شروط الوصية بل في صهيب وما أن جاء

الصباح وحضر أديم حتى توجهت ناحيته وقلت

" مرحبا أديم جيد أنك جئت قبل الجميع "

قال بحيرة " ماذا هناك يا ميس "

أخرجت له الأوراق وقلت " صديقك ضابط في المخابرات أليس كذلك "

قال بتوجس " نعم ولكن لما "

قلت " إنه صهيب يبدوا لي يواجه خطرا كبيرا "

قال بقلق " وكيف علمتِ "

أعطيته الأوراق وأخبرته بكل شيء , صحيح أن صهيب أمنني عليها ولكنني لست على

استعداد لأن أخسره من أجل النقود أو حتى براءة والدي , نظر لي بصدمة مما قلت وقال

" عليا التصرف سريعا سأعود اليوم مباشرة للجنوب وأتحدث مع خيري شخصيا لا تخبري

صهيب أنني علمت حسننا "

هززت رأسي بالموافقة وقلت " ولا تخبره أنني أخبرتك سيغضب مني بالتأكيد "

نظر للخلف وقال " تعالي ادخلي يا ليان "

دخلت زوجته تحمل ميسم وكان باديا على وجهها كرهها للتواجد هنا أنا أفهمها فقد سبق

وشعرت بما تشعر الآن وأذكر أول دخول لي جيدا كنت أسوء حالا منها ولكن هذه العائلة

غيرت منظوري لهم اقتربت منا فقال أديم

" هذه ابنة عمي ميس وهي زوجة شقيقي صهيب "

كانت ستقول شيئا يبدوا لي سيئا جدا ثم أغلقت شفتيها وأشاحت بنظرها وقالت

" لقد سررت بلقائك "

ليان

كان عليا الذهاب اليوم لقصر تلك العائلة لم أشأ أن أذهب لولا برقيات محامي العائلة

مصرا على قدومي وإقناع حياة المتواصل لي , لم أرى أديم منذ ذاك اليوم كان يأتي

دائما لرؤية ميسم ويحضر معه من كل شيء الكثير حتى أصبح قدومه يوم عيد لتلك

العائلة يبدوا أن الله كان يكافئهم لإيوائهم لي ولابنتي سابقا حتى أنني صرت أخجل من

بقائي معهم وهم يرون بأعينهم زوجا يملك كل شيء وينتظر أن أرضى للرحيل معه

فأصبحت أرى نفسي شخصا لا مبرر لوجوده معهم ولكن أين كنت سأذهب فلا أحد لي

لقد زارتني شروق وبمساعدة أديم طبعا فلكم أن تتخيلوا كيف كانت ردة فعلها حين

علمت مني أن وسيم ليس أخرسا وأنه أديم أيضا من صدمتها تلكأ لسانها وأصبح يخرج

حروفا مبعثرة ثم ضحكت عليا تلك الحمقاء كثيرا لأنه كان يسمعني وأنا أناديه بالوسيم

وكذلك عندما أسخر منه على أنه أديم ثم قضت وقتا طويلا تسترجع ما كنا نقوله أمامه

وكأنه شيء غير موجود كان ثمة أشياء سخيفة جدا وأشياء محرجة للغاية

لقد تعلمت درسا جيدا وهوا أن أحسب حسابا لمن هوا أمامي ولو كنت موقنة كل اليقين

أنه لا يسمعني أو لا يراني وبث أشك أن عمي كان يرى أيضا ويخفي ذلك عني ولو كان

حيا لأخبرني كم كنت أنام بحضن وسيم ونتبادل القبل أمامه دون اكتراث له

خرجت اليوم باكرا برفقة وسيـــ آه لا أقصد السيد أديم وركبنا الطائرة في صمت تام سوى

من صوت ملاعبته لابنته طوال الرحلة وهي تبتسم له باستمرار أعلم أنني أحرمه من وجودها

معه ولكنني لا أستطيع أن أستوعب ذلك ولا أن اقنع نفسي بشيء عشت كل سنين عمري مقتنعة

بعكسه أقسم أنني أحتاج لوسيم لحضنه لابتسامته لوجوده ولكن كيف لي أن أدمج الشخصين معا

فكلما سمعت في منزل حياة أنه حضر أشعر برغبة عارمة أن أركض حيث يكون وارتمي في

أحضانه ولكن فكرة أنه أديم ومن يكون تجعل تلك الرغبة تموت في مكانها

وصلنا العاصمة واستقبلنا عند المطار شقيق آخر له اسمه على ما أذكر زبير وأقلنا

في سيارته , الحزن والاستياء كان باديا جدا على ملامحه يبدوا أن قرار أخوتهم ذاك

يؤثر في الجميع لقد حكا لي أديم كل شيء عن الأمر عند خروجنا من منزل حياة وها

قد دخلنا قصرهم بعدما وضعنا شقيقه هنا وغادر فقدمني لابنة عمهم كنت أود أن أقول

( آه أجل هذه الفقيرة التي قلت أنكم زوجتموها ابنكم )

ولكنني تراجعت كي لا أجرحها فلابد أنهم يدلونها بما فيه الكفاية تحدثت معه عند وصوله

وأعطته أوراقا يبدوا أنها مهمة جدا فقد طلب مني وضعها في حقيبة ميسم والاهتمام بها

جيدا أخذتني الفتاة لجناح مخصص للضيوف كما قالت بعدما غادر أديم لحيت لا أعلم ولم

يخبرني , غابت لوقت ثم عادت تحمل بين يديها طفلا وجلست بجواري وقالت بابتسامة

" انظري هذا ابني الذي لم أنجبه "

ثم قالت بحزن " وسوف يغادرنا اليوم مع والده للأبد "

رفعته قليلا ثم قالت " هيا يا شامخ انظر هذه ابنة عمك الجميلة ميسم "

لا أعلم لما شعرت حينها بالحزن على هذه العائلة فقلت

" ألا يوجد غيرك هنا "

تنهدت وقالت " والدتهم تسجن نفسها منذ علمت بما سيقوم به ابنها وابن زوجها

وزوجة أحدهما التي هي والدة هذا الطفل عند والدتها ويريد الانفصال عنها وأخذ

ابنه والرحيل أما زوجة زبير فمتعبة وأخذها لمنزل عمها فلم يعد هنالك غيري هنا

ووالدتي وهذا الطفل "

قلت بهدوء وحيرة " لما يحدث كل هذا معهم "

قالت بحزن وهي تنظر للصغير

" الناس الجيدون هم من يخسرون دائما "

ثم نظرت لي وقالت " أعلم بما تشعرين به فأنا عند قدومي إلى هنا كنت أكرههم كرها

جنونيا وتعاملت مع الجميع بقسوة وكره وبرود لأنهم تخلوا عن والدي جميعهم الجد وأبنائه

وتركونا نعيش الذل والفقر وما هوا أبشع من ذلك اكتشفته فيما بعد ولكن كل ذلك تغير عندما

عرفتهم جيدا وعشت معهم وأحببتهم وأحبوني وعلمت ما فعله عمي شامخ لأجلنا لقد رحبوا

بي وبوالدتي ويعاملونا كفردين من العائلة واعترفوا حتى بحقنا في مالهم كورثة لمال الجد

الذي اقتسمه بين أبنائه متجاهلا والدي وها قد صرت زوجة لأحدهم ومن كنت أكرهه أكثر

من الجميع وأصبح يعني لي الكثير "

ثم وقفت وقالت " عليا أخذ شامخ لوالدتي فهي لن تحظر معنا وهذا الصغير لو تواجد هناك

فلن يستمع أحد لأحد بسبب صراخه الدائم "

صاح حينها الطفل فقالت بابتسامة

" الم أخبرك بذلك ولن يسكت الآن إلا بعد وقت طويل "

وغادرت به وتركتني وابنتي هناك كم أرأف لحال هذا الصغير سيعيش بعيدا عن والدته

كم سيؤلمها ذلك نظرت لابنتي وتخيلت أن يأخذها مني والدها للأبد ولا أراها حمدا لله انه

لم يفكر في ذلك

غيث

لم انم ليلة البارحة ولم يغمض لي جفن كيف يحدث كل ذلك الآن لما لم تأتي يا جود

منذ البداية لتخبريني فما سأقول لهم ( غيرت رأيي وأريد زوجتي ) هل سأتصرف

كالأطفال أمسي برأي وأصبح بآخر

كنت واقفا في الخارج انتظر قدوم المحامي لقد قال أنه قادم ولكن يبدوا لي تأخر كثيرا

دخلت حينها سيارة لم تكن له بل لزوج خالة رنيم التي تجبرها شروط الوصية على القدوم

وقفت سيارتهم ونزلت رنيم أولا توجهت جهة باب القصر لتدخل فتخطتني في صمت وهي

تنظر للأرض فقلت بهدوء " رنيم "

التفتت إليا فقلت " لما لم تخبريني بالحقيقة لماذا تكتمت على جود "

نظرت لي ثم نزلت من عينيها دمعتان وقالت

" حاولت إخبارك عندما اتصلت بك ولكنك كالعادة لا تصدقني ولا تعطني أي فرصة للحديث "

قلت بهدوء " لقد علمت البارحة فقط من جود لماذا فعلتي ذلك بنفسك "

اقترب زوج خالتها وقال بحدة

" رنيم أدخلي للداخل وأنا انتظرك ما أن يخرج المحامي تخرجين بعده على الفور "

نظرت له وقلت " هي زوجتي ويحق لي التحدث معها كيف شئت "

قال بحزم " رنيم أدخلي "

دخلت في صمت فنظر لي وقال " لن تكون كذلك بعد قليل وليكن في علمك أن ابنتنا

ليست لعبة بيدك ترميها متى شئت ثم تعود للتحدث معها بصفتها زوجتك أي زوجة هذه

التي ترمي بها لشهرين دون أن تسال عنها وتحرمها من فلذة كبدها لا وتتصل بي لآتي

لأخذها وكأنها فاجرة في قسم الشرطة , لن تحلم بها بعد اليوم يا غيث ولا أعتقد أنها تهمك

وما نحن فيه اليوم أكبر دليل "

قلت بغضب " هي شاركت في ذلك أيضا لما أخفت الحقيقة فما كنت سأضن بها بعدما سمعت "

قال بحدة " لا دخل لي بما حدث ولا أفهم مما تقول شيئا ولا يعنيني سأركب سيارتي وما أن

يخرج المحامي تخرج بعده أو دخلت لإخراجها رغما عنك وعن الجميع ويا حبذا لو أنهى

محاميكم معاملات الطلاق أيضا واختصرنا الوقت "

فتحت فمي لأتحدث فدخلت حينها سيارة زبير ومعه حور وخلفه صهيب وبحر خلفهم أيضا

وحتى المحامي عارف وكأنهم متفقون على المجيء سويا

غادر السيد هاشم لسيارته وركبها دون أن يتحدث مع احد نزلت حور ودخلت وكان

باديا على وجهها التعب والمرض فها هي جاءت لتحتفل معنا بنهاية هذه العائلة

اقترب أخوتي وما هي إلا لحظات ودخل أديم أيضا وصرنا خمستنا نقف في الخارج

كنت أود قول أي شيء ولكن ما لدي لأقوله لقد حسم الأمر وانتهى ولن أحلم برنيم

كما قال والتراجع عن الأمر سيجعله يجبرها على ترك القصر والوصية ويصير

الجميع إلى الشارع فهل عليا التضحية يا ترى

رنيم

لقد كان خبر قرار غيث وقعه عليا كالجحيم رغم أنني كنت أتوقعه ولكن هذا يعني

شيئا واحدا أنني لن أرى ابني ما حييت وانتهى من حياتي شيء اسمه غيث وشيء

اسمه ابني منه

كان عليا اليوم السفر لقصر العائلة وها هوا التاريخ يعيد نفسه من جديد ولكن بقلب

محطم وحلم ضاع مع الريح لأصبح بعد حين مطلقة ومحرومة من ابني ومن الرجل

الوحيد الذي أحببت وتركني ما الذي أريده بثروتهم فانا لم أردها يوما ليعطوني ابني

ويأخذوها كلها

لقد رفض زوج خالتي قدومي بشدة وأحضرني مكرها فهوا يرى أنه لا داعي لقدومي

هنا ثانيتا وكان طوال الطريق يتحدث بغضب عن تحكمهم في مصيري ويسألني أسئلة

كثيرة عن سبب مجيئي هنا وما يجري وكنت أحاول تضليله قدر الإمكان فلا يمكنني

البوح بالحقيقة حسب الاتفاق بيننا يوم فتح الوصية

عند دخولنا القصر وقعت عيناي على الواقف أمام بابه الرجل الذي تزوجني بفرض

وصية والده وسيطلقني بملأ إرادته , ما أن رايته حتى قفزت كل تلك الذكريات أمامي

بجمالها وبشاعتها وحتى يوم التقيت به هنا أول مرة وها هوا ذا اليوم الأخير الذي سأراه

فيه ولكن استيقافه لي كان كالصدمة بالنسبة إلي فقد توقعت أن يدخل ويترك المكان ما أن

يراني أدخل أو حتى أن يضربني من جديد وما كان اشد صدمة بالنسبة لي هي كلماته ولكن

كيف علمت جود بما حدث بيننا هل خمنت ذلك يا ترى لقد حاولت الاتصال بها سابقا بهاتف

والدتي وكان هاتفها مقفلا على الدوام

دخلت وتركته بعدما رأيت الغضب والحدة على ملامح زوج خالتي ودرأ للمزيد من المشكلات

توجهت للداخل فوجدت ميس حضنتها بحب ودموع وأنا أحاول استنشاق رائحة طفلي فيها

ثم نزلت خالتي وكان باديا عليها الوهن والتعب أنا لا ألومها فما تمر به لا يمكن استحماله

فإن كنت أنا أكاد اجن لفراق ابني الذي ولد حديثا فكيف بها هي

اقتربت مني تعانقنا بشدة وقالت بدموع

" سامحيني يا رنيم لقد حاولت قدر استطاعتي ولم أفلح "

قلت بحنان " لا عليك يا خالتي أنا أتفهم موقفك "

كنت أود السؤال عن ابني أين هوا دعوني أراه ولو للحظات ولكنني اكتفيت بالصمت فذلك

سيزيد ناري اشتعالا بدل إطفائها , بعد قليل خرجت زوجة أديم من جهة جناح الضيوف متوجهة

ناحيتنا وتمسك طفلتها بين ذراعيها وفي ذات اللحظة دخلت حور بوجه متعب ومرهق مسكينة يا

حور فلا أسوء مني ومن الجميع إلا أنتي ويبدوا أنها كانت في منزل عمها فلا مفر لها من هنا إلا

هناك , تعانقنا ببكاء مرير وبكت حور حتى ضننت أنها ستموت حينها , كنت أتمنى مواساتها بشيء

ولكن لا يمكنني فعل ذلك أمامهم حتى أن ليان بكت معنا رغم جهلها للسبب وما هي إلا لحظات ودخل

المحامي وأبناء والدي شامخ جميعهم متوجهين لمكتبه قديما المكتب الذي رفضت العائلة تغييره أو

إعطائه لأي منهم ولحقنا بهم حيث محرقة القلوب والمصائر ذات المكان وذات الموقف مع اختلاف

عدد الأشخاص وأقدارهم التي آلوا إليها

نهاية الجزء التاسع والثلاثون

توقعاتكم الحلوة ما سيحدث مع غيث وبحر بعد انفصالهم عن العائلة وما سيكون موقف البقية

ما مصير غيث ورنيم وأديم وليان وزبير بين النيران المشتعلة التي يقف وسطها في حيرة

ومن سيكون التالي

الجزء القدام يجيب عن كل هذه الأسئلة

يتبع ..........??????
 
رد: أنا من خذلت نفسي

الجزء الأربعون +الجزء الواحد والأربعون + الجزء الثاني والأربعون ⚘

عارف أعلم أنني مصدر إزعاج لكم جميعا وأنني لا أظهر إلا في المواقف السيئة من الحكاية ولكن

لا حيلة لدي في ذلك وها أنا أزور مكتب صديقي العزيز شامخ بعد قرابة العامين من زيارتي

السابقة أحمل ذات الحقيبة

وذات الأوراق وهذا ما توقعته أن تدمر تلك الوصية أفراد العائلة , وصلت والجميع كان يدخل

أمامي أعلم أنهم يرونني اليوم كابوسا يتمنون زواله ولكنه قرارهم وليس بيدي شيء

نزلت من السيارة تصافحنا وكانت ملامح كل واحد منهم لا تقل حزننا عن الآخر فقلت بجدية

" دعونا ندخل الآن "

دخلنا جميعنا ولحقن بنا نساء العائلة كان ذات المكتب لم يتغير ولكن ليس نفس اليوم والتاريخ

ومع اختلاف في عدد الأشخاص , توجهت جهة المكتب وضعت حقيبتي وجلست جلسوا

جميعهم وجلست رنيم في ذات مكانها السابق وكأنها تسترجع ذكرياتها السابقة وجلست زوجة

أديم وقد عرفتها من الطفلة التي تحملها وحور أيضا مبتعدتان عن الجميع السيدة سماح اتخذت

مكانا متطرفا عن البقية وتبدوا لي ملامحها متعبة للغاية أعانها الله على ما أتاها

وحده صهيب كانت تجلس بجانبه فتاة ويبدوا لي أنها ابنة عمهم التي تزوجها وحضرتُ

عقد قرانهم , كما يبدوا أنهما الوحيدان على وفاق , حور كانت اشد تعبا من والدتهم ويبدوا

أنها ستنهار أرضا بعد قليل حتى أنها كانت تتنفس بصعوبة وقف زبير توجه ناحيتها وتحدث

معها بكلمات فـأشارت برأسها نفيا فعاد مكانه

وضعت الأوراق على المكتب وقلت

" سأقول أسماء الجميع وستوقعون على حضوركم كما في السابق تلك هي القوانين "

لاذ الجميع بالصمت فأمسكت الورقة وقلت " غيث أديم صهيب وزبير شامخ آل يعقوب

سماح عاكف وبحر جابر رنيم حيان ميس نبيل آل يعقوب حور علام وأخيرا ليان سعد

عبد القادر الجميع هنا "

استلم الجميع الورقة ووقعوا أمام أسمائهم حمحمت قليلا ثم قلت

" أطلب منكم كما في السابق أن يلتزم الجميع الصمت حتى ننهي ما بدأنا "

وضعت الأوراق مرتبة أمامي ثم نظرت لهم وقلت

" نحن هنا اليوم بطلب من شخصين من أفراد هذه العائلة والملزمين بإتباع الوصية

لأجل الانفكاك من شروطها والخروج من هذا المكان خاليا الوفاض محرومان من

كل شيء كما اختارا ليتحول نصيبهم لرنيم كما اشترطت الوصية ولا يحق لهم

التراجع بعد الآن فإن كان لديكما ما تقولان فأنا في الانتظار "

لاذ الجميع بالصمت سوى من دموع والدتهم نظر بحر للأسفل في حزن وصمت

وغيث نظر باتجاه رنيم التي نظرت للأرض أما حور فقد سندت يدها بطرف

الكرسي محاولة إمساك نفسها عن السقوط أرضا ولاذ البقية بالحزن والصمت

أخرجت إحدى الأوراق ونظرت لهم مجددا وقلت

" هذه الأوراق طلب السيد شامخ فتحها حين يكون يوم كهذا اليوم فأحب إعلامكم أنه كما

علمتم سابقا وقت اقتسام الإرث حدده بسرية وربطه بقرار كقراركم اليوم فلم تكن هناك سنة

معينة لاقتسامه ولا عدد معين من السنين أيضا "

نظر الجميع لي بصدمة وعدم استيعاب فتابعت

" أي أن وقت إبطال الوصية السابقة مرهون بكم فلو أن أحدكم طلب أن يخل بشرطه يوم فتحها

منذ قرابة العامين لألغيت من فورها "

نظروا لبعضهم بصدمة فقال زبير " ماذا تعني بذلك "

قلت " أعني ما سمعتم فالوصية كانت ستلغى ما أن يطلب أي منكم ما طلبه بحر وغيث

اليوم وفي أي وقت كان , فوالدكم ما كان ليرضى أن يصير أحد أبنائه للشارع "

قال صهيب بصدمة " مستحيل ما هذا الذي أسمعه "

أمسكت بإحدى الأوراق وقلت " وبما أنه تحقق الشرط لإلغاء الوصية الأولى فعليه سنقوم

اليوم بفتح الوصية الجديدة لتقسيم الإرث ولن يكون هناك مطرود من هذه العائلة "

بدا السرور جليا على وجه والدتهم وكأن الحياة قد عادت لها من جديد أما أبنائها

وزوجاتهم لم يخرجوا من الصدمة بعد فيما عدا زوجة أديم التي كانت وكأن الأمر

لا يعنيها أو لا تفهم منه شيئا

نظرت لهم وقلت " سنقرأ الآن ما ترك لكم والدكم في هذه الأوراق "

نظرت للورقة وقرأت بتبات " أبنائي غيث بحر أديم صهيب وزبير زوجتي العزيزة

سماح وبناتي ميس رنيم حور وليان "

وهنا صدم الجمع لذكر شامخ لليان ونظروا لها بصدمة و أنا الوحيد لم أصدم للأمر

لأني على علم باستدعائها في كل الأحوال ثم تابعت

" لا اعلم كم سيكون مر من الوقت بين فتح الوصية الأولى وهذه ولكنني موقن أنكم

ستعذرون قسوتي عليكم أتمنى وقت فتحكم لها أن تكونوا بصحة جيدة وأحياء جميعكم

لقد اتفقت مع صديقي المحامي عارف على أن يكون وقت اقتسام الميراث وفتح الوصية

الثانية مرهون بكم ففي حين تعايشتم مع واقعكم لن تطروا لفتحها فيما عدا بعض الأمور

التي تناقشت فيها والمحامي وفي حال لم يحدث ذلك فلن أظلم منكم أحدا وسأتحدث معكم

الآن على مسمع من الجميع وعلى لسان المحامي فلا رسائل أتركها لكم بسرية هذه المرة "

أبعدت الورقة الأولى وأمسكت بالأخرى وقرأت

" منذ اثنين وعشرين عاما دارت في بلادنا رحى الحرب وفقدت فيها أغلى وأعز

أصدقائي حيان والد رنيم الذي تعرفت عليه في الحرب ومن ضحى بحياته لأجلي

وعلام والد حور وسعد والد ليان أصدقاء طفولتي وشبابي رغم أنهم يصغرونني ببضع

سنين من ماتوا أمام عيني وأوصوني بفلذات أكبادهم وحملوهن أمانة في عنقي

ابني غيث لا تغضب لما وضعتك فيه أنت وحدك من كان يمكنني الاعتماد عليه لحماية

رنيم فعند موت والدها كان خائفا على عائلته من طالبي الثأر منه فكان يوصيني بها

ووالدتها حتى انقطعت أنفاسه

رنيم لا تغضبي مني يا ابنتي فأقسم لو أنجبت ابنة ما أحببتها وراعيتها مثلك فأنتي

الوحيدة من بنات أصدقائي من ساعدتني الظرف لأن أقوم برعايتها بنفسي وقد

اخترتك لغيث لأنه وحدك من ستكسر الحديد الذي يغلف قلبه فأنا أعرفك جيدا كما

أعرف ماضيه الأسود وطفولته السيئة التي أكرهته في النساء كما أن غيث وحده

من سيحميك ممن يشكلون خطرا على حياتك وها أنا أضع اليوم الخيار بين يديكما

في تحديد مصيركما ولكن اعلما أنني لن أطمأن إلا إن كنتما معا حتى آخر العمر فلا

تترك رنيم تواجه الخطر وحدها يا غيث مهما كان قراركم

ليان يا ابنتي أنتي من اختفيت ووالدتك بعد الحرب مباشرة لأنكم انتقلتم من الجنوب

بسبب الحرب ولم يهنأ لي بال حتى وجدتكم بعد عودتكم للجنوب من جديد بعد أن

هدأت الحرب بسنين حاولت مساعدتكم بشتى الطرق بعد أن علمت عن أفكارك

وقناعاتك ورفضك لأي مساعدة من أي كان ولم أترك وسيلة واتبعتها لأساعدكم

وقد باءت كلها بالفشل حتى أن السبب الرئيسي لبنائي شركة الجنوب أن تعملي أنتي

بها وقد عملت على قبولك فيها على الفور ووضعت قرارا يلزم عدم فصلك تحت

أي ظرف كان وعدم الخصم من راتبك لأكثر من يوم واحد وألزمت أديم في الوصية

أن لا يطرد الموظفين كي لا يطردك

الجميع ضن أن والدك خائنا وأنه خان وطنه ولكنه مات أمام عيني وهوا يدافع عنه وقد

غادركم ولم يخبر أحدا إلى أين ذهب وقد قال لي بلسانه

( فليتهموني كما أرادوا ولأكون شهيدا عند الله فقط وليس على ألسن الناس لذلك

لم أخبر حتى زوجتي عن مجيئي إلى هنا )

لقد كان يدعوا الله طالبا الشهادة كل ليلة وكل صلاة وقد كان والدك يشدد عليا لأرعاك

لعلمه بحالكم ولأنه ليس لكم سوى شقيقه الضرير ولكنك ما تركتي لي مجالا لأفعل ذلك

لهذا وضعت أديم معك لأني أردتك لأحد أبنائي فغيث لرنيم وبحر لا يحق لي فرضك عليه

زبير لحور وصهيب لديه مهمة سيبعده الجنوب عنها بقي الذي يلي الأكبر وهوا أديم ولكن

كان يلزمني أن أغير قناعة كل منكما قبل أن أفكر في تزويجكما مرغمين كما فعلت

مع البقية فكان الحل أن أقرب أديم من عالمك فإن تزوجك حصل ما أردت والحمد لله

وإن لم يحدث ذلك فأنا متأكد من أنه سيحميك من مخاوفك أوقد تتغير أفكاره على الأقل

أديم ليكن بعلمك بني أنني ما وضعتك هناك لكرهي لك أو لما تفكر به من معتقدات

ولكني أردتك زوجا وحاميا وسندا لليان أعرفك شهما ولا ترضى أن يهان أحد أمامك

وليان تواجه ظلم إخوتها وستكون عند ظني بك فإن كانت زوجتك الآن فأحفظها

وأرعاها وبيض وجهي أمام والدها يوم ألقاه فهي أمانتك سواء نفذتم الوصية أم ألغيت

من حينها

ليان يا ابنتي إن لم تكوني زوجته الآن فأريحي قلبي في قبري وتزوجي به ليحميك منهم

بحر أنت ابني الذي لم أنجبه ولم أراك يوما ابن غيري أو مختلفا عن أبنائي يمكنك

الآن فعل ما تريد وأنا متأكد أنك ستكون ممن يطلبون اليوم الفكاك من الوصية وإن

كان واحدا فسيكون أنت لأني قسوت عليك كثيرا أعلم أنك أردت حور زوجة لك

وأنك طلبتها من عمها ورفضك مرارا "

نظرت له فكانت عيناه ستخرج من الصدمة وقال " ولكن لماذا "

تابعت القراءة دون تعلق " لقد علمت بذلك من صديقي راجي بعد ذلك بعامين فلم أجده

إلا حينها وقد فقدته منذ كان في الخارج وعلمت أنه عاد للوطن وبحثت عنه طويلا دون

فائدة وقد علمت منه بعد لقائي به وطلبي منه إيفائي بكل أخبار حور أن شابا قام بخطبتها

كثيرا وقد أثنى عليه دونا عن خاطبيها جميعهم وأنه رفضه لتكمل دراستها ولأنها كانت

صغيرة حينها فقط وليس لأي سبب آخر وأنه ما أن تنهي دراستها سيعطيها إياه إن تقدم

لخطبتها مجددا وحين سألته من يكون قال أن اسمه بحر جابر جبران فطلبت منه بنفسي

أن لا يزوجها بك ولا بأحد حتى أقرر ذلك حسب وصية والدها لي ولعلمي بأنك ستستهتر

وتضيعها من بين يديك كما تفعل بأشيائك دائما

حور يا ابنتي لا تغضبي من والدك شامخ لقد عملت جهدي لأخرجك من ظلم

وجبروت أعمامك ولكني لم استطع وفور توصلي لمكان عمك راجي تواصلت

معه لأخبره ما يحل بك فعاد سريعا لأخذك وفقدته حتى التقيت به بعد انتقاله للعاصمة

لدينا , حور والدك أكثر من كان منشغلا لأمرك يبدوا لعلمه بما سيفعله أشقائه بك وبورثتك

منه فالزمني ليس بحمايتك أو رعايتك ماديا بل أن أجعل لك سندا يحميك لآخر العمر كان

يمسك يدي ويقول بإصرار

( لا أريد لابنتي زوجا أو رعاية منك أريد من يسندها حتى تموت )

وكانت هذه كلماته التي يكررها حتى خرجت روحه فعند عودتي من الحرب كنتي حديثة

ولادة فلقد علم والدك بولادتك وهوا هناك وكان ابني زبير في العام والنصف من العمر

فطلبت من والدتك أن ترضعه ليكون شقيقك "

وقف حينها الجميع من الصدمة فيما عداي أنا وليان وزبير كان هذا الخبر الأعنف الذي

تلقاه الجميع فوقفوا ينظرون لها بصدمة ثم لزبير الذي اكتفى بالنظر للأرض في صمت فيبدوا

أنه على علم بالأمر منذ الوصية الأولى ومن خلال رسالته له ولم يكن حال حور بأحسن منهم فقد

ظننت أنها تحولت لصورة أو لتمثال حجري ولكنني أعذرها فهي عاشت لقرابة العامين مع رجل

تضنه زوجها لتكتشف الآن أنه شقيقها

خرجت من صمتي وقلت " هلا جلستم رجاءا لأكمل "

جلسوا جميعهم ولازالت الدهشة تعتلي ملامحهم وكأنهم يجبرون أنفسهم على عدم

الحديث عما سمعوا للتو

شربت بعض الماء وتابعت القراءة قائلا " حور يا ابنتي سامحيني فما أردت أن يتزوجك

بحر ليرميك بسهولة ما كنت ارضي لك ذلك فأنا أعلم أن عيب بحر الوحيد استهتاره بما

بين يديه ولا يعرف قيمته إلا حين يفقده وكان هذا أكبر مخاوفي وقد طلبت مني والدتك أن

أجعل أمر إرضاعها لزبير سرا خوفا من أعمامك حتى تكبري ويكبر زبير ويشد بيدك

ويحميك وحمدا لله أني لم أعمل بفكرة أنني سأطلب من زوجتي سماح إرضاعك ليكونوا

جميعهم أشقائك لأني بذلك سأكون ارتكبت جرما كبيرا بحقك وحق بحر حينما ستعلمان

حقيقة الأمر فالله كان رحيما بنا جميعا

ولم يعلم أحد بالأمر إلا عمك راجي بعد لقائي به هنا وزبير يوم فتح الوصية السابقة

في الورقة التي تركتها له والمحامي عارف من أجل المحكمة

زبير بني أنا متأكد أنك لم تثني كلمتي ولم تتخلى عن شرط الوصية كما طلبت منك ولم تخبر

أحدا من عائلتك فأنا أعرفك لا ترفض لي طلبا ولا تبوح بسر أبدا وقد طلبت أن لا تتزوج في

وصيتي الأولى مع حور كي لا تتزوج بزمرد فتظلم الأخرى حور وتتعبها لأني أعرف ابنة

شقيقي جيدا فاعذرني لأني حرمتك الزواج بها ويمكنك الآن الزواج بمن تريد وأرعى شقيقتك

مادمت حيا فأنت تنفيذ وصية والدها لي

بحر هاهي ذي حور حرة طليقة الآن إن تزوجتها أتمنى أن تكون علمت قيمتها ولن

تفرط فيها يوما فقد فعلت ما فعلته باتفاق مع راجي وزبير لأجل هذا لكي تقدر قيمتها

ولا تتركها يوما وما كنت لأستكثرها عليك وأعطها أحد أبنائي لأنك مثلهم في نظري

صهيب أنت من لم ألزمك بشرط لتنفذ ما طلبت منك لأنني أعلم جيدا من يكون ابني

صهيب وأنك ستخرج بحق ميس ووالدتها ووالدها من ظالميهم مهما طال بك العمر

فأحفظ ابنة عمك وأرعاها وجميعكم كذلك ولا تتخلوا عنها يوما وعن والدتها ويا حبذا

لو كانت زوجة لأحدكم

ميس يا ابنتي وابنة شقيقي التي لم تسعفني الحياة لأراها ولو لمرة وأعتذر منها لظلمنا

لها ووالدها ووالدتها لقد حفيت بحثا عنكم حتى أنني أسست جمعية خيرية في دبلن لعلي

بذلك أساعدكم وإن بالمصادفة ولم أجدكم إلا وأنا على فراش الموت فكلفت من يكمل

المهمة عني فسامحي قلة حيلتي واغفري لي

وأخيرا زوجتي الغالية سماح سامحيني على ما فعلت لأبنائك ولكن ها قد علمت

الآن أنني ما فعلت ذلك إلا لمصلحتهم ومن أجلهم ومن أجل أصدقائي الذين عاهدتهم

عهدا تحت القصف والموت وخفت أن يُخل أبنائنا به ويفسدوا كل ما بنيت أتمنى أن

تعذروني جميعا ولا تنسوني من دعواتكم "

شربت باقي كوب الماء ثم قلت " والآن سأقرأ عليكم ورقة اقتسام الميراث "

أخرجت الورقة الأخيرة الموقعة باسمه والموثقة في المحكمة وقرأت

" أولا مجمع المصانع في المنطقة الساحلية نصفه خارج أملاكي لأنه لصديق لي لقد

بدأنا به مصنعا صغيرا فكبر خلال السنين الماضية ليصبح مجمعا لمصانع وعليكم

إعطاء صاحب الحق حقه فنصف ذاك المجمع بعائداته وأرباحه كله لليان "

هذا هوا يوم الصدمات العالمي لهذه العائلة وأول ما كان هي شهقة قوية من ليان

ونظرات مصدومة لها فنظرت للورقة وتابعت

" ذاك المكان نصفه من حقك يا ليان خالصا مخلصا , وحتى تطويره ليصير مجمع

مصانع كان من أرباح المصنع أي أنني لم أزد عليه قرشا واحدا من جيبي فلك النصف

وللورثة النصف وليس لأحد الحق أن يمن عليك به فهوا حق والدك والأوراق كلها

موجودة وموثقة فقد كان تحت الركام لسنين بعد أن فشل مشروعنا أنا ووالدك وقمت

بتطويره خلال العامين الماضيين ورفضت تسليمه لك خوفا من أخوتك كي لا يأكلوا

حقك مرغمة ظلما وجورا

باقي تركتي فستقسم كالتالي الثلث لميس كاملا فهوا حقها من ورثة والدها التي لم يعطه

والدي إياها فكل واحد منا أنا وأخوتي يملك نبيل رحمه الله الثلث من ثروته والباقي يقسم

بين أبناني ووالدتهم حسب الشرع وبحر من ضمنهم وله ما لهم فإن أردتم الاستمرار معا

كما كنتم دائما فلكم ذلك وإن أراد كل منكم نصيبه فله ذلك أيضا وأكرر وأقول اعذروا لي ما

فعلت فأنا أردتكم أن تكونوا كما صنعت لسنين رجالا وليس أشباه ظلال رجال وأوصيكم خيرا

ببنات أصدقائي وبأن تراعوا حق الله في أنفسكم وفي المحتاجين "

جمعت الأوراق وقلت " انتهى كل شيء والإجراءات سنقوم بها حال يقرر كل واحد

منكم البقاء مع البقية أو الانفصال عنهم الورقة الأخيرة موثقة في المحكمة ولا جدال

في حق ليان وميس فيها أما البقية فكما قلت لكم الخيار وكل من احتاج الاستفسار عن

شيء أو قرر ما يريد عليه الحضور إلي أو الاتصال بي "

جمعت أوراقي في حقيبتي وغادرت تاركا وجوه لا تزال تعيش الصدمة وأعين

وعقول تائهة وحائرة فيما سمعت أذانهم

⚘⚘⚘الجزء الواحد والأربعون⚘⚘⚘



سماح يوم فتحنا الوصية الأولى هالني ما سمعت ولم أتوقعها بكل ذاك السوء واليوم لم أتوقع أن يكون أقل سوءا من ذاك اليوم وكنت اجزم أنني في الغد سأصبح دون غيث وابنه و رنيم وبحر ولم أتوقع أن ينقشع ذاك الكابوس الذي يسمى وصية فكم كرهتها وكرهت اليوم الذي عرفناها فيه أما اليوم علمت ما كانت تحصد من منافع ونحن لا ندري ظننتها دمرت حياة غيث وحتى رنيم ولكنها كانت سببا لحمايتها ولتزوج

غيث الذي لم يكن ينوي الزواج يوما بل وجعلته يحب امرأة رغم كرهه الشديد للنساء وأنا مع شامخ في أنه لو كانت غير رنيم ما كانت كسرت حواجز قلبه فليس هناك امرأة تتقن الصمت والصبر مثلها كما ضننت أنه بسبب تلك الوصية تحطم قلب بحر وفقد حلمه وبهجته ولكنها كانت

تعلمه درسا ليتخلص من أكبر عيوبه وهوا إهماله لما بين يديه ضننت أن بسببها سجن أديم ونفي للجنوب لكن كله كان من أجل حماية ليان من المقتول ومن كل مشاكلها بل وجعلت أديم شخصا مختلفا وبفضل الله ثم الوصية جاءت ميس ووالدتها وأصبحت زوجة لصهيب , بقي

زبير هوا من أخشى أن يأتينا بزمرد وأتمنى أن تكون كشفت حقيقتها له سبحان الله كيف يكون الشيء شرا ظاهره وخيرا باطنه فما أن سمعت أولى كلمات المحامي عن إلغاء تلك الوصية حتى شعرت أن الحياة دبت في جسدي من جديد وكأنني كنت في كابوس وصحوت منه

, كيف لعب شامخ لعبته تلك ببراعة وحقق ما يريده وهوا غير موجود معنا يالك من رجل يا شامخ وكل شيء كان سيستوعبه عقلي إلا أن يكون زبير وحور شقيقان, لأجل هذا إذا كان يقول لي إنسي أمر الأطفال لأنه يعرف جيدا أنه أمر مستحيل ولهذا كان يعاملها برفقومودة

وكأنها شقيقته وليست زوجته , كم تحملت يا زبير وأنت ترى أنك تسرق حلم شقيقك وتراهما ينهاران أمامك وليس بيدك شيء لتفعله ما أن خرج المحامي حتى كان الجميع كتماثيل بأعين حية لاشيء يتحرك فيهم سوى أحداق أعينهم وكأنهم لازالوا تحت تأثير الصدمة وأول من

تحرك كان زبير وقف وتوجه ناحية حور التي كانت تتكئ برأسها على يدها تنظر للأرض وصل عندها أمسك يدها وأوقفها فنظرت له ونزلت دموعها مباشرة وارتمت في حضنه فطوقهابيديه يشدها لصدره بقوة ويقبل رأسها ثم قال " يكفي يا حور يكفي يا شقيقتي هل تريدي أن

تموتي وتحرميني منك من الأخت التي لم أحضا بها يوما , أقسم أنني سأكون سندا لك ما حييت ولن تتزوجي إلا من تختارينه ومتى أردتِ أنتي ذلك وسأقيم لك حفلا يتحدث عنه الجميع وستتجهزين من كل دول العالم ولن أسمح للنسيم أن يجرحك " بكينا جميع النساء

الموجودات هنا وحتى ليان ثم تحدثت حور بصوت متعب ومبحوح قائلة " خدني لمنزل عمي يا زبير "فغادر بها من فوره وخرجا لافا ذراعه حول كتفيها مسندا إياها وغادرا وعينا بحر تتبعانهم وكأنهما استلا أحشائه وغادرا بها فنظر لنا جميعا ثم خرج خلفهم ووقفت رنيم بعده

مباشرة فوقف غيث وقال " انتظري يا رنيم "قالت مغادرة " عذرا فزوج خالتي سيغضب مني إن تأخرت

" ثم وقفت عند الباب ونظرت له وقالت

" فلم يعد لدي أحد غيره "

قال بهدوء " ألن تري ابنك "

ابتسمت بألم ثم خرجت فلحق بها مسرعا ووقفت ميس واضعة يديها وسط

جسدها وقالت موجهة كلامها لصهيب بضيق

" ألم تجد مكانا تجلس فيه إلا بجانبي ألست تعلم أنني غاضبة منك "

قال صهيب بتذمر " آه حبيبتي لما الغضب لا أفهم "

قالت بحدة " بل تفهم ولن أرضى حتى تترك ذلك "

تنهد وقال " ألم ننتهي من ذلك ميسونتي "

قالت بقرف " ما هذا الاسم السيئ ألم تجد أفضل منه لا تنادني به ثانيتا "

ضحك وقال " وما عساي أفعل فابن غيث سرقك مني وابنة أديم سرقت اسمك ولم يجد والدها إلا اسمك ليزيد عليه حرفا ويسميه لابنته "

خرجت غاضبة تردد " كم تحب الضحك حين تراني غاضبة يالك من زوج "

وخرج خلفها مناديا " ميس انتظري لنتفاهم "

ساد الصمت المكان حتى ضننت أنني وحدي فيه ثم سمعت صوت مناغاة لطفل نظرت يمينا فكانت ميسم بين يدي والدتها ثم نظرت يسارا فكان أديم لا يزال جالسا مكانه وقفت وتوجهت ناحيتها وقلت

" هل تسمحين لي بحملها قليلا أنا مشتاقة لرؤيتها "

نظرت لي بصدمة ثم قالت " بالتأكيد "

أخذتها منها وخرجت بها كم هي هادئة ووديعة وجميلة للغاية خرجت فقابلتني والدة ميس تحمل شامخ وهوا في صيحة واحدة فقلت بتذمر ملوحة بيدي

" أبعديه كي لا يعدي ميسم "

ثم ضحكت كم أحب هذا الطفل لو أنه فقط يتوقف عن البكاء

نظرت لي باستغراب فقلت لها" ميس ميس "

لتفهم أن تأخذه لها فوحدها من تجيد التعامل مع هذا الطفل المزعج المتعب

زبير

كنت أتوقع ردة فعل الجميع حين سيعلمون بالأمر لأني لم أكن أقل منهم صدمة يوم قرأت رسالة والدي وعلمت بالأمر وعلمت ما يريد مني فعله فلو كان شخصا آخر غيره ما كنت رضيت بذلك ولو ذبحني أخرجت حور لآخذها لمنزل عمها كما أرادت فلو طلبت مني الذهاب بها للقمر

حينها لفعلت وصلنا السيارة فتحت لها الباب فخرج بحر و نادى بهدوء " حور "

التفتت له ثم نظرت للسيارة وقالت " ارحل لحيت كنت تريد الرحيل أليس ذاك اختيارك "

ثم ركبت وأغلقت الباب فركبت أيضا , اقترب منها وقف عند النافذة وقال

" حور إنــــ ..... "

أغلقت النافذة ونزلت من عينيها دمعتان مسحتهما بكفها وقالت

" هيا يا زبير ماذا تنتظر "

انطلقت خارجا من القصر , حور معها حق فذلك الأمر كان جارحا لها وبحر معه حق أيضا فما كان لشخص أن يحتمل كل ما تحمله قلت بعد صمت

" حور سامحيني على كل شيء فلم أكن أستطع مخالفة أوامر والدي "

قالت بهدوء " لا بأس "

ولم تزد عليها شيئا فقلت " لا تقولي لا بأس وكفى قولي ما لديك يا حور مهما كان قاسيا وجارحا فسأستحمله "

قالت بحزن ونظرها على يديها " لقد حدث ما حدث وانتهى فما سيجدي الكلام الآن "

ثم نظرت لي وابتسمت بحزن وقالت " لن أغضب من شقيقي أبدا هل سأخسره وهوا وحده شقيق لي "

ابتسمت لها بارتياح وقلت " ولن أخيب ظنك بي ما حييت يا حور "

حمدا لله فقد خفت كثيرا من ردة فعلها حيال الأمر نظرت ليديها مجددا وقالت

" ولكنكم دمرتموني لأشهر طويلة ألم تعوا ذلك "

قلت بهدوء " أعلم وليس لدي سوى الاعتذار منك "

لذنا بالصمت لوقت ثم قلت " حور لا تغضبي من بحر فله أسبابه "

نظرت جهة النافذة وقالت " ذلك لأنه شقيقك "

قلت بجدية " لا يا حور ليس لأنه شقيقي بل لأني موقن من أنه يحبك "

قالت بعبرة مكتومة " لقد فعلها مرتين وتركني دون أن يفكر بي أو يعطني تبريرا واضحا ويأخذ رأيي في الأمر هل هذا تسميه حبا "

قلت " حور أنا لازلت عند وعدي ولن تتزوجي إلا من اخترته ولو حاربت عمك من أجل ذلك لكن اعلمي أن بحر ...... "

قاطعتني بحدة " لننهي الحديث في الأمر أرجوك يا زبير "

وصلنا حينا فنزلت ونزلت واقفا خارج السيارة فقالت

" ألن تدخل "

قلت بابتسامة " في وقت آخر بلغي سلامي للجميع فهم عائلة عمي مثلك الآن "

ابتسمت وقالت " وكأنه ينقصك أعمام فهناك اثنين آخران أيضا "

ضحكت وقلت " لا فلا ينقصني أمثالهم وداعا الآن يا شقيقتي وسأراك قريبا وإن احتجت أي شيء فأخبريني على الفور "

قالت بابتسامة عذبة " بالتأكيد وقم بزيارتي دائما "

قلت وأنا أركب السيارة " سترين كيف ستملين من رؤيتي في كل وقت "

ركبت سيارتي وغادرت وحور تلوح لي مودعة وها هوا الجبل انزاح عن أكتافي أخيرا فلم أربح من تلك الوصية سوى أنني اكتشفت حقيقة

زمرد وتعرفت على جود وهذه الأخت الرائعة طبعا

ليان

شعرت أنني أشاهد فيلما لا أعرف أصفه من أي نوع من الأفلام هوا , كيف يفعل والدهم كل ذلك ويضعهم في تلك المواقف وكيف لأقدار

الله أن تسير كما تمنى هوا آخر ما كنت أتوقعه أن يكون صديقا لوالدي كنت ألحض المساعدات الغريبة التي تقدم إلينا من أشخاص

مجهولين وكل واحد منهم بحكاية مختلفة لكنه لم يخطر في بالي أن يكون هوا وراء ذلك وكنت علمت من والدتي سابقا أن لوالدي مشروع

قديم جدا فشل وخسر فيه كل ما ادخره ولكنني لم أتصور أن يكون تحول لمجمع مصانع ونصفه ملك لي وكله في كفة وأن يكون والدي

توفي في الحرب في كفة لوحده كم ظلمك الناس يا والدي وكم جرحونا بعدكلا اعلم ما الذي أصدقه وما لا أصدق وفيما أفكر وأحلل وما

أترك لكن ما زاد من مفاجأتي طلب والدتهم وهي تستأذنني أن تحمل ميسم , غريب أن تطلب مني ذلك وكأنها امرأة غريبة وليست ميسم حفيدتهاخرجت بها ونظري يتبعهما فوقف أديم وتوجه ناحيتي فوقفت وعينيا أرضا فقال بهدوء

" ليان أنا مازلت عند كلمتي لن أجبرك علىشيء ولن أحرمك ابنتك ولكني الآن لم أعد مطرا للعمل في الجنوب فهل سأسافر دائما فقط

لأجل رؤيتها وهل ستبقي طوال عمرك في منزل الغرباء , ليان أنتي الآن صاحبة ثروة ولم تعودي من الفقراء المعدومين كما كنتي تقولين

دائما فها نحن تساوينا ولو بعض الشيء ولن يناديك أحد بالفقيرة ,ليان حبيبتي ارحميني من بعدكما عني "

لذت بالصمت مطولا ثم ارتميت في حضنه وبدأت في البكاء فمسح على ظهري وقبل رأسي وقال

" كم اشتقت لهذا الحضن "

قلت بعبرة " لماذا أهنتني وجرحتني لماذا "

قال وهوا يشد من حضنه لي " لأني مغفل وغبي ومغرور أرى نفسي أفضل من الغير ولكن أقسم انك غيرتي بي أشياء كثيرة يا ليان حتى أنني بث أصادق الفقراء واكتشفت أنهم عالم رائع بل أروع من الأثرياء بكثير فهم لا يتحدثون عن

الصفقات والمشاريع والنقود والسيارات بل كل همهم ما سيأتي لهم به الغد من الجديد فيتحدثون عن قراراتالدولة وزيادة الرواتب والتسهيلات والتخفيضات وأمور كثيرة لا تشغل بال الأغنياء أبدا لقد بث أحبهم بسببك "

قلت بصوت مبتسم " ولكنني لن أحب الأغنياء أبدا ولو صرت منهم "

قال ضاحكا " لن تكوني ليان لو فعلتها "

ثم أبعدني عن حضنه وقال بابتسامة "

بماذا ستنادينني الآن وسيم أم أديم "

قلت بابتسامة حزينة " بل أديم الوسم "

طوقني بيديه وضحك وقال " لقد كدت تصيبينني بالتخمة من الغرور سابقا "

قلت " محتال كنت ممثلا بارعا تستمع لكل ما أقول "

ثم ابتعدت عنه وقلت " بث أخشى أن يكون عمي كان يرى "

ضحك كثيرا وقال " ستكون مصيبة حينها "

خرجنا وصعد بي لجناحه أو جناحنا كان عالما آخر كل شيء فيه كالخيال لازلت لا استوعب أن هذا بيته

وعالمه وأن هذا هوا زوجي كنت انظر في حيرة وضياع وصمت فأمسك يدي وقبلها وقال

" ليان حبيبتي أعلم ما تشعرين به الآن ولكن ..... "

نزلت دموعي فحضنني وقال " ليان لما البكاء الآن أخبريني "

ولكني اكتفيت بالبكاء في صمت وهوا يمسح على ظهري ويقبل رأسي كل فترة وفي صمت كيف سأستوعب ذلك لا أعلم

رنيم

خرجت منفوري قبل أن يغضب زوج خالتي مني وينفذ تهديده بل وهربا من رؤية ابني الذي أحترق شوقا لأراه كي لا ألتقيه ويزداد

تعلقي به فهوا لن يكون معي حتى إن سمح لي غيث برؤيته متى أشاء ولا أعتقد أنه سيفعلها وما أن خرجت من باب القصر حتى سمعت

صوت غيث يناديني التفتت فقال متوجها نحوي " رنيم انتظري أود التحدث معك "

نزل حينها زوج خالتي من السيارة واقترب مني أمسكني من يدي وقال وهوا يسحبني معه

" علينا المغادرة فورا ورحم الله امرأ عرف قدر نفسه "

أمسكني غيث من يدي الأخرى حتى أوقفهوقال بحدة

" هي لا تزال زوجتي ويحق لي التحدث معها بل ومنعها من الذهاب معك "

قال بغضب " سوف تطلقها يا غيث شئت أم أبيت فلِما لم تتذكر أنها زوجتك يوم رميت بها في المستشفى ولو لم يكن لها

أهل لكانت في الشارع "

قال غيث بغضب " أنا لازلت أقدرك وأحترمك يا سيد هاشم فلا تجعلني أخطأ في حقك "

سحبني من يد غيث بقوة وفتح باب السيارة ركبت وأغلق الباب خلفي بقوة ثم توجه ناحية بابه ونظر لغيث وقال بصراخ غاضب

" لن تعيدها إلا على جثتي يا ابن شامخ "

وركب السيارة وغادرنا القصر بسرعة جنونية وخرجنا من فورنا من البلاد وقال بغضب

" سيرى ذاك المتحجر المغرور , من يظن نفسه ليرميك متى شاء ثم يفرض عليا أن يتحدث معك بصفتك زوجته هل يسخر مني ويعتقد أني

طفلا يرميك لي ثم يتجاهلني وكأنه لا يراني سوف يطلقك رغما عن انفه وسنأخذ منه ابنك أيضا وبالقانون , ماذا يضن بك ليس لك من

يردعه عنك أم ماذا , لقد رضيت بادئ الأمر حين قالت والدتك أنها وصية الرجل الذي رباك ورعاك وحماكم من طالبي الثأر لكن أن تنهاني

فلن أرضى بها ولو كنت مجرد زوج لخالتك وعمك من الرضاعة "

ومرت الرحلة كلها على ذاك المنوال يصرخ ويزمجر ويتأفف بعصبية ويخرج كل ما في قلبه من غل وأنا أستمع في صمت , قد يكون غيث

يستحق ذلك بالرغم من علمي من والدته عن كل ما مر به ولكن عليه أن يعلم أنني لست شيئا مملوكا له يرميه ويعيده متى شاء وليعلم أنه

ما كان عليه أن يفكر في فعل ذلك بي منذ البداية وصلنا المنزل ونزل معي وأكمل باقي توعده وتهديده على مسمع من والدتي وأقسم إن

خالفناه أننا سننسى أن لنا عائلة خالة ما حيينا , هذا ولم يعلم باتهاماته وضربه لي فما كان سيفعل حينها ومرت بي الأيام اسجن نفسي في

غرفتي ولا شيء سوى البكاء وقد اتصل غيث وخالتي بوالدتي مرارا ولكنها اعتذرت منهم وأخبرتهم أن زوج خالتي يمنعني من التحدث

معهم فقد اقسم إن علم أنني تحدثت لشخص منهم أن ينفذ تهديده طرقت والدتي باب غرفتي ودخلت تحمل لي مفاجئة ما كنت أتوقعها

ابني شامخ بين يديها أخذته منها واحتضنته بحب وبكيت بمرارة وأنا أضمه لصدري , ابني الذي حرمت منه لأشهر ولم أره منذ ولادته ها هوا

بين يداي الآن نظرت لوجهه وقبلته عشرات القبل ثم عدت أحتضنه من جديد كم كبر وتغير شكله رغم أنها ثلاثة أشهر فقط قلت من بين دموعي

" لقد تغير عن ولادته "

ابتسمت أمي وقالت " لقد أخذ لون بشرتك وشكل عينيك وباقي ملامحه كوالده تماما "

ثم خرجت وجلبت معها حقيبة كبيرة وحقيبة أطفال نظرت لها بحيرة فقالت

" لقد أحضره غيث ليبقى معك "

قلت بصدمة " يبقى معي أنا "

قالت " نعم معك أنتي يا رنيم وقال بأنه سيتكفل بكل مصاريفه "

نظرت له بسعادة ثم حضنته بشدة توقعت أنه أحضره لأراه وسيأخذه معه ولم أتوقع أبدا أن يرجعه لي قالت بهدوء

" رنيم غيث في الأسفل ويصر على رؤيتك أو يذهب لزوج خالتك فورا "

قلت بعد صمت " لقد اقسم علينا عمي هاشم فكيف سنكسر يمينه "

تنهدت وقالت " إذا ليس عليا إلا إبلاغه بهذا وأتمنى أن لا ندخل في مشاكل نحن في غنى عنها فغيث غاضب جدا لعلمه بالقضية التي رفعها

هاشم ويريد إعادتك حالا "

قلت برجاء " أمي حاولي تهدئته كي لا يكبر الموضوع أكثر "

قالت " وهل سنحرم نحن غيث من ابنه , سيكون عليه السفر كلما أراد رؤيته نحن لم نرضى بهذا لك فكيف سنرضى بها له , كل

ما أستطيع فعله أن أحاول إقناعه أن يتحدث معه بلين ليصلوا لحل يرضي الجميع "ونزلت وتركتني مع الحلم الذي تحول لحقيقة دون

محاكم وقضايا ومشاكل فما أسعده من يوم يومي هذا توجهت للنافذة أراقب غيث يركب سيارته ويغادر ثم قبلت ابني وعدت به جهة

سريري وضعته عليه وفتحت الحقيبة لأرتب ملابسه في خزانتي وكأنني أريد أن أتأكد من أنني لست أتوهم ذلك

وأول ما وقعت عليه عيناي موضوعا أعلى الحقيبة البذلة التي أعجبت غيث في محل ملابس الأطفال الخاصة برجال الجيش

, رفعتها فسقطت منها ورقة نظرت لهاباستغراب ثم وضعت البذلة من يدي وأخذت الورقة وفتحتها فكانت رسالة مكتوب فيها

( رنيم أعتذر عما بذر مني أقسم أنني نادم وأنتي تعلمي أن أي رجل كان في موقفي ما كان سيفعل أقل من ذلك عودي لي وإن تكرر

وأخطأت في حقك فاتركيني للأبد أقسم أن حياتي خالية بدونك ولم أتوقع يوما أن يكون حب أحدى النساء شيئا لا يمكنك التخلص منه

هكذا ولم أكن أتوقع أنني سأجرب ذلك إلا بعد أن أحببتك سوف أتحدث مع زوج خالتك وسأتقاتل معه إن لزم الأمر ولن أطلقك ولو ذبحني

.... أحبك رنيم )

طويت الورقة وحضنتها وبكيت وقلت

" وأنا لم أكن أتوقع أن حب رجل سيجعلني أتحمل على نفسي وكرامتي "طرقت والدتي الباب ودخلت فقلت

" ماذا حدث يبدوا غاضبا جدا وهوا خارج "

قالت وهي تحمل شامخ من على السرير

" سيذهب لمقابلة هاشم لا يبدوا الأمر مبشرا بالخير أبدا "

ميس

" ميس حبيبتي ما بك توقفي عن البكاء الآن "

قلت بعبرات " سأشتاق له كثيرا أنت لا تعي ما أشعر به "

جلس بجانبي وقال ممسكا بيدي " أعلم أنك من اعتنى به طوال الفترة الماضية ولكنها والدته وهي أحق به "

شهقت ببكاء وقلت " أعلم ولكنني أحببته وأريده معي دائما "

قال بضيق " ميس عليك أن تراعي مشاعري فأنا أغار منه جدا "

نظرت له بصدمة فقال بغضب " نعم فحتى الوالد يغار من أبنائه فكيف بي أنا "

دخلت حينها خالتي وقالت " ما بك بني صوتك في الخارج ألن تتوقفا عن الشجار "

نظر صهيب للجانب الآخر بضيق فنظرت لخالتي وقلت

" ابنك متضايق من حبي لشامخ "

نظرت له بصدمة وقالت " هل هذا صحيح بني "

قال بغضب مشيحا بنظره عنا " نعم صحيح "

ضحكت خالتي كثيرا وقالت " معه حق والخطأ عليك يا ميس "

نظرت لها بصدمة وقلت " أنا "

قالت " نعم فأنتي تغدقين شامخ بحنانك طوال النهار وتتشاجرين مع زوجك دائما "

قلت بضيق " هوا يعلم لما وعليه أن يعدل عن أفكاره ومخططاته "

وقف وغادر غاضبا دون كلام فجلست خالتي بجانبي وقالت بهدوء

" ميس بنيتي عليك مراعاة مشاعره فهوا يحبك والرجال كالأطفال تماما "

قلت بحزن " وأنا أحبه أيضا وأخاف على سلامته لما هوا لا يفكر بي "

قالت بحيرة " أنا لا أفهمك يا ميس ما الذي يفعله صهيب يجعلك تغضبين منه دائما "

قلت ببكاء " يريد أن أخسره للأبد "

قالت بخوف " ماذا تعني بذلك يا ميس "

مسحت دموعي وقلت " لا شيء يا خالتي قد تكونين محقة "

وقفت وقالت " هيا عليك إرضاء زوجك حالا صغيرتي "

تنهدت وقلت " هل ذلك ضروري "قالت بجدية " بلى ضروري جدا لا أعلم كيف تقولين أنك تحبينه "

قلت بقلة حيلة " حسننا "

ثم نظرت لها وقلت " ألن نرى شامخ ثانيتا أبدا "

قالت بحزن " أتمنى أن لا يحدث ذلك "

ثم قالت بحزم " هيا اذهبي إليه وحاذري أن تقولي هذا أمامه "

خرجت بحثا عنه فوجدته في غرفة الجلوس بالأسفل وما أن رآني حتى نظر للجانب الآخر بضيق يبدوا أن المهمة لن

تكون سهلة جلست بجانبه وقلت

" صهيب أنا آسفة لا تغضب مني "

ولكنه لم يجب فقلت " صهيب هل تسمعني "

فلم يجب أيضا طوقته بيداي وقلت " لن يتكرر ذلك أقسم لك ولا أريد شامخ ولا غيره هيا صهيب ما بك قاسي هكذا "

فلم ينطق الحجر ولم يتحرك فابتعدت عنه وقلت ببكاء وأنا أمسح دموعي

" أنت لا تحبني أبدا "

نظر لي وقال " ولما البكاء الآن يا ميس "

قلت ببكاء أشد " لأنك لا تريد أن ترضى عني "

ضمني إليه بذراعه وقال " هيا توقفي عن البكاء يا طفلة "

جميل نجحت الخطة قلت بحزن " هل أنت راض عني ولم تعد غاضبا "

قال " لا لم أعد غاضبا على أن يتوقف شجارنا الدائم "

طوقته بيداي وقلت بدموع " لا أريد أن أخسرك يا صهيب لما لا تفهمني "

" جميل يبدوا أنكم تراضيتم بسرعة "

كان هذا صوت خالتي فابتعدت عنه وركضت مسرعة للخارج فسمعت صوت صهيب يضحك قائلا

" أمي جدي لي حلا مع هروبها منكم "

قالت " الحياء زينة النساء بني "

فركضت مبتعدة عنهم وصعدت لغرفتي ولم استطع صبرا فاتصلت بوالدة رنيم وسألتهم عن ابني , لما كل هذا

الظلم فعندما توقف عن بكائه الدائم عندي أخذوه مني هكذا بسهولة ولكنني سعيدة حقا من أجل رنيم

⚘⚘⚘الجزء الثاني والأربعون⚘⚘⚘



صهيب نظرت للجانب الآخر وقلت بجدية

" لن أتراجع خطوة يا عصام "

قال بحزم " لا تلعب مع عصابات غسيل الأموال يا صهيب مشكلتك مع عمك فقط "

قلت بحدة " ولكنهم هم من ساعدوه على ذلك بل فعل ما فعل ليحميهم "

ثم تابعت بغيض " سحقا يبدوا أنه كما توقعت فعمي نبيل اكتشف كل شيء وحين واجهه بالأمر ورطه في تلك القضية كي يطرد من العائلة

بل ويخرج مكرها من كل البلاد وقام بسجنه هناك أيضا وكل ذلك كان بمساعدة المسمى التنين ذاك , كم عانى عمي ظلما وجورا ليث

بإمكاني إرجاع حقه وهوا حي يرزق بل أن لا يخسر شيئا منذ البداية "

قال بهدوء " صهيب أنا أعرفك لا ترضى بالظلم ولكنك تضر بنفسك فقد تلقى ذات مصير عمك هذا إن أبقوك على قيد الحياة "

قلت بحزم " بل سأهددهم مباشرة فإما أن يخرج حق عمي أو أن أموت دون ذلك "

قال بغضب " فكر في ابنته إذا أليست زوجتك من سيرحمها من كلام الناس حينها "

وهذا ما يشغلني حقا وليس أمامي سوى حل واحد هوا أشد على نفسي من لسع النار ولكن لا خيار لي ابتعدت عنه أخرجت هاتفي

واتصلت بعوف فأجاب من فوره

" مرحبا صهيب أين أنت منذ الصباح "

قلت " دعك من ذلك عوف لدي شيء أود الاعتماد عليك فيه هل أجدك أم كالمرة السابقة "

قال بجدية " ابعد والدي وكل العائلة ولك ما تريد "

قلت بتذمر " أعلم انك لا تجدي نفعا في المواقف تلك إنه أمر مختلف "

قال " حسننا قل ما لديك "

قلت بعد صمت وكأني أجبر الكلمات على الخروج

" إنها ميس "

قال باستغراب " ميس !!!! ما بها "

قلت " إن حدث لي مكروه فأنت تعلم كلام الناس سابقا عنها أريد تركها أمانة بين يديك أي .... أعني "

بلعت ريقي بمرارة وقلت " تزوجها "

قال بصدمة " أتزوجها ولما وأنت أين ستكون "

قلت " لم اتصل بك لأشرح هذا هل أعتمد عليك يا عوف "

قال " كيف لزوج امرأة أن يطلب من صديقه أن يتزوج زوجته وليس أي صديق ابن عمه وعمها "

قلت بحدة " إذا أنت ترفض حماية ابنة عمك من ألسن الناس أم تريد رفض طلب قد يكون الأخير مني لك "

قال بغضب " صهيب ما الذي يحدث معك أخبرني لما كل هذا التحسب للمجهول "

تنهدت وقلت بهدوء " عوف لا تخذلني أرجوك ميس أمانتك إن أنا مت ..... وداعا "

لا شيء أقسى على قلبي من قول ذلك ولكن لا خيار لي غيره فوحده وعصام من يعلمان أن ميس بريئة من كل ما نسب إليها
عدت جهة عصام وقلت

" عليا المغادرة الآن , هل أخبرت الرجل أنني سألتقي به غدا "

قال " نعم أخبرته , صهيب كن حذرا يا صديقي "

ابتسمت وقلت " لا تخف عليا يا عصام فلا أحد يموت قبل أوانه "

قال " ولا تلقوا بأيديكم للتهلكة "

قلت مغادرا " والظلم واكل مال اليتيم لا يرضاه الله أيضا والساكت عن الشر كفاعله "

غادرت ورن هاتفي فأجبت على الفور وقلت ضاحكا

" مرحبا بميسونتي "

قالت بغضب " صهيييييييييييييب "

قلت بابتسامة " يا ويل صهيب من هذا الصوت حينما ينطق باسمه "

قالت بحدة " إن ناديتني بهذا ثانيتا غضبت منك حتى آخر العمر "

قلت بهدوء " حبيبتي أنتي يا ميس إن غضبتي مني تزوجت عليك أخرى هههههه "

أغلقت الخط في وجهي , هذه الطفلة لا تتخلى عن عاداتها السيئة مهما هددتها

اتصلت بها فلم تجب فأرسلت لها ( أحبك يا حمقاء يا طفلة يا غبية يا من تملكين قلبي

وكل جوارحي إن أغلقت الهاتف في وجهي مرة أخرى حطمت أنفك )

ثم ركبت سيارتي ومضيت

غيث

أخذت شامخ اليوم من بين دموع ميس وكأنني آخذه من والدته لوالدته , كان عليا أخذه لها حتى أجد حلا مع زوج خالتها ذاك إنه يحاصرها

ويغلق أي باب للنقاش أو التفاوض لا ويرفع قضية طلاق لقد جن بالتأكيد لم أتخيل أن يتعامل معي بكل هذه الشراسة ويبدوا أنهم لم

يخبروه بما حدث يوم ولادتها لكان قتلني بالتأكيد وصلت لمنزلهم وأنا عازم على أمرين إعطاء ابنها لها تكفيرا ولو عن بعض ذنوبي في حقها

والتحدث معها أو مع عمها ولن أرجع دونهما أو دون قرار منه بإرجاعها لي طرقت باب المنزل متأملا أن تفتح لي رنيم لذلك لم أتصل

بوالدتها لأعلمهم بقدومي ولكن يا لا خيبة الأمل كانت والدتها من فتحت الباب ولم أجدها حتى بالمصادفة في الداخل أخذت مني شامخ

مباشرة وقبلته بحنان ودموع يا لي من متحجر جدته ولم تره إلا الآن دعتني للدخول وفي عينيها نظرات عتب واضحة ترى هل أخبرتها رنيم

بشيء جلست فجلست أمامي وقالت

" لم تخبرني رنيم بشيء مما دار بينكما ولا حتى سبب خلافكم وتركتني تائهة في الأمر فهلا علمت منك ما حدث "

قلت بعد صمت " لقد كان سوء فهم مني وخطأ منها لأنها لم تشرح لي الحقيقة وقتها وحدث ما حدث "

قالت باستياء " ألن تتوقفا عن سرد الألغاز على مسمعي كلما سألتكما "

قلت بهدوء " أنا أريد زوجتي يا خالة وأريد إرجاعها بأي طريقة كانت "

قالت بجدية " أنت تعلم موقف عمها هاشم جيدا ولابد أنك معي في أنه على حق "

قلت بضيق " كل البشر خطاءون وحتى الله يقبل توبة عباده فلما هوا لا "

قالت " حتى التوبة لله لها شروطها "

قلت بهدوء " أنا تحت أمركم "

قالت " هذا تقوله له وليس لي "

قلت بضيق " وما رأي رنيم في الأمر "

قالت بأسى " تلوذ بالصمت التام وتسجن نفسها في غرفتها ولا شيء سوى البكاء "

قلت " أريد رؤيتها والتحدث معها "

لاذت بالصمت فقلت " رجاءا يا خالة دعيني أراها "

قالت بهدوء " لست أنا من يمنعها , سأخبرها بما قلت لي "

قلت بغضب " كيف له أن يمنعني عنها ويريد تطليقها مني أيضا بأي حق يدمر عائلتي إن لم تنزل لي ذهبت

له فورا فإما أن نتفاهم أو نتقاتل "

وقفت فوقفت معها وقلت " سأحضر ثيابه لتأخذيها "

نظرت لي باستغراب فقلت " سوف أتركه هنا مع والدته فإما نرجع سويا وهذا هوا ما أنا عازم عليه أو يبقى في حضنها "

قالت بسعادة " حقا ستتركه لها "

قلت " ما أريده هوا أخذه وأخذها معا وإن لم يحدث ذلك تركتهما معا "

خرجت برفقتي أحضرت لها حقائب ثيابه أخذت والدتها شامخ والحقائب للأعلى كم تمنيت لو تبعتها ووضعتهم في الأمر الواقع

ولكن لهذا المنزل حرمته وعليا احترامه وإن لم يكن بالأعلى أحد سواها , بعد وقت طويل نزلت والدتها وتوجهت نحوي فقلت مباشرة

" أين هي ألن أراها "

قالت وعيناها أرضا " لا تستطيع مخالفة عمها لقد أقسم عليها أن لا تقابلك أو تتحدث معك وهي لا تريد كسر يمينه "

ثم نظرت لي وقالت " غيث أنا من ربى رنيم وأعرفها جيدا لا يمكن أن تكسر كلمة ثلاثة أشخاص عمها ووالدك رحمه الله وكلمتي مهما كان وأنت قد شهدت ذلك بنفسك عدة مرات "

قلت بضيق " ليس من حقكم منعي من رؤيتها هي ما تزال زوجتي "

قالت متجاهلة كلامي " لا تضع اللوم علي "

قلت " أعطني عنوان منزله إذا "

قالت برجاء " غيث لا تقحم نفسك وتقحمنا في مشاكل نحن في غنى عنها "

قلت بحدة " وما الحل برأيك هل أتركه يطلقها مني لا لن يحدث ذلك أبدا , أعطني العنوان يا خالة "

تنهدت بضيق وأعطتني عنوان منزله وهي تصر علي أن أتعامل مع الأمر بلين فغادرت له من فوري طرقت الباب ففتح لي ..... أدهم

نظر لي بغل ثم قال " ماذا تريد "

قلت بحدة " أريد والدك وليس أنت "

قال بغضب " ليس لدينا شيء لك يا هذا و رنيم لي ما أن تطلقها "

أمسكته من ثيابه وقلت بغضب " إياك أن تتحدث عن زوجتي هكذا أمامي أو قطعت لك لسانك و رنيم لن أطلقها ولن تراها مادمت حيا "

ضحك بسخرية وقال " المحكمة بيننا يا ابن آل يعقوب وأنا أولى منك بها فهي ابنة خالتي وعمي "

زدت من شدي لثيابه وقلت من بين أسناني " لن تطال ظفرها يا جبان "

" ماذا هناك يا أدهم مع من تتشاجر عند الباب "

كان هذا صوت والده خارجا أفلتت أدهم من يدي فقال بسخرية وهوا يعدل ثيابه

" هذا طليق رنيم جاء يستعرض عضلاته علينا "

نظرت له بغيض فقال هاشم " ماذا تريد يا غيث "

قلت " التحدث معك "

ثم نظرت جهة أدهم وقلت " ووحدنا طبعا "

قال بهدوء " أدخل للمجلس "

قال أدهم بغضب " ولكن ..... "

قاطعه قائلا بحدة " لست طفلا لتعارضني يا أدهم قلت يدخل يعني يدخل وأنت لا تتبعنا "

غادر غاضبا ودخلت برفقته لمجلس الضيوف التفت جهتي وقال " ماذا تريد "

قلت " زوجتي "

قال ببرود " لا زوجة لك لدينا وسبق وقلت لك ذلك "

قلت بحدة " جئتك طالبا التسامح فلا تطرني لاستخدام القانون مثلك لردها إلي "

قال بغضب " عندما تتصرف كرجل وتعرف قيمتها قل أنها زوجتك وحتى في ذلك الوقت لن تطالها "

قلت بغضب اكبر " أنت تهينني في بيتك يا سيد هاشم أنا ما جئت إلا للتفاهم معكم وتلبية مطالبكم لإرجاع زوجتي "

قال بتجاهل " رافقتك السلامة "

قلت مغادرا " إذا تختار المحاكم لك ذلك "

وخرجت كالبركان الثائر سحقا يخططون لأخذها مني وتزويجها ابنهم إذا , الموت أرحم ليمن أن يحدث ذلك , عدت لدولتي

وللقصر كالقذيفة الملتهبة قابلتني والدتي عند الباب وقالت

" ماذا حدث معك يا غيث لا أراك أحضرتهما "

قلت بغضب متوجها ناحية السلالم " يريدون كلام القانون إذا لهم ذلك ولنرى من كلمته ستنفذ "

صعدت لجناحي استحممت وغيرت ثيابي وتوجهت من فوري للمحامي عارف

سماح

يبدوا أنه بالوصية أو بدونها لن نتحرر من مشاكلنا غيث ومشاكله التي يستحقها على ضربه لها وبحر وما يستحقه أيضا على قراره المجنون

ذاك وصهيب الذي يواجه الخطر ويخفيه وميس عن الجميع ليان التي تمضي جل يومها في جناحها وكأنها تهرب من الجميع آه من هم الأبناء

الذي يكبر معهم مر بحر متوجها للأعلى فقلت منادية إياه

" بحر بني تعال "

التفت للخلف وعاد ناحيتي وقال " مرحبا أمي عذرا فلم أرك "

قلت بابتسامة " لا بأس بني أين أنت يا بحر هل أعتدت الغياب عنا "

قبل رأسي وجلس بجواري وقال بهدوء

" لدي بعض الأعمال المهمة وستملين مني بعدها

"تنهدت وقلت " حالك لا يعجبني بني "

لاذ بالصمت فقلت " ماذا بشأن حور "

نظر للأرض مطولا ثم لي وقال

" لا جديد حتى الآن ولكن لن أترك غيري يأخذها مني مادمت حيا "

قلت بحزن " وماذا إن بقيت على رأيها "

وقف وقال " لن أتوانى عن فعل أي شيء مهما كان جنونيا حتى ترجع إلي فلن أكرر خطأ الماضي مهما حدث "

نظرت له بصدمة وقلت " ماذا تعني بالجنوني "

وضع يديه في جيوبه وقال مغادرا للأعلى

" أحبها أمي وسأتهور وأفعل أي شيء ولن يهمني لومة لائم "

يا إلهي هل هذا بحر الذي أنجبته أم أنه شخص آخر ماذا ترك لزبير لو كان هوا سيتصرف بجنون

تنهدت بقلة حيلة ثم وقفت وصعدت للأعلى وصلت عند جناح أديم طرقت الباب بخفة ففتحت لي ليان نظرت لي بصمت ثم قالت بهدوء

" مرحبا خالتي تفضلي بالدخول "

ابتسمت وقلت " اشتقت لك فقلت سأصعد لأرها مادامت لا تريد زيارتي "

نظرت للأرض وقالت بخجل " آسفة ليس هذا ما أقصده بتصرفي "

دخلت وقلت " لا بأس يا ابنتي أنا أفهمك جيدا "

جلست على الأريكة وجلست هي بجواري أمسكت يدها وقلت بحنان

" ليان يا ابنتي اعتبريني في مقام والدتك وأخبريني ما يضايقك هنا "

لاذت بالصمت فقلت " عندما تزوجت شامخ رحمه الله كنت فقيرة ومطلقة ومعي ابن من زوجي الأول الذي أكرهني في الزواج ويتيمة

مثلك بلا أهل ولا أقارب سوى ابنة عم واحدة ووحيدة مثلي لم تكن حينها ثروة شامخ كما هي الآن ولكنه كان يملك المال الكثير عانيت بادئ

الأمر من وضعي الجديد ووجدت صعوبة بالغة في أن انسجم مع طبقة زوجي ولكني اكتشفت فيما بعد أنني أنا من تهول الأمر وتعطيه

أكبر من حجمه حتى أنني كنت حين أرى اثنتين تضحكان معا بهمس أفكر دون تردد أنهما تضحكان علي رغم أني أرتدي أرقى الثياب

وخرجت للتو من المزين ووجدت نفسي أضيع وقتي وراحة بالي وحتى زوجي وأبنائي بتلك الأفكار واكتشفت أن هؤلاء الأثرياء لا يختلفون

عنا فالله خلقنا مثل بعض هم فقط يتقون بأنفسهم كثيرا هذا هوا السر في الأمر فبعضهم من أنذل ما خلق الله ولكن ثقته بنفسه تجعلك

ترين له حجما غير حجمه بينما الفقير خير منه ألف مرة "

بكت ليان ومسحت دموعها وقالت " لم أحب الأغنياء يوما ولم أتخيل أن أكون منهم "

حضنتها بحب وقلت " ليان لا تضيعي عمرك عبثا حال أديم لا يعجبني أراه تائها ومهموما يبدوا لي لا يعلم كيف يجد حلا لما تعانينه هنا "

ابتعدت عني وقالت " هل هوا قال لك ذلك "

قلت " لا أبدا هوا لم يتكلم عن الأمر ولكني أم وأعرف أبنائي من نظرة أعينهم ودون كلام وستعرفين ذلك يوما حين يكون لك أبناء كثر ويكبروا "

نظرت للأرض ثم قالت ببكاء " أنا آسفة , آسفة حقا ولكني لم أستطع ذلك مهما حاولت "

وضعت يدي على كتفها وقلت " عليك أن تحاولي من أجل أديم ومن أجل ابنتكما "

حضنتني وقالت " شكرا لك يا خالة أنتي طيبة حقا "

قلت وأنا أمسح على كتفها بحنان

" أنتي مثل أبنائي يا ليان تأكدي من ذلك ولن يهينك أحد مهما كان فها قد علمتِ الآن أنني كنت مثلك يوما فناذرون هم

من ولدوا وفي أفواههم ملاعق من ذهب فالأغلب ولد وعاش فقيرا "

ثم أبعدتها عني وقلت " هيا انزلي معي وتعرفي العائلة والأصدقاء فسنقدمك الآن ليس على أنك زوجة ابني فقط بل ومالكة جزء من ثروتنا "

حور

لكم أن تضعوا أنفسكم في موقفي تتزوجين بشخص يعاملك كأمه أو أخته ليشعرك بأنك امرأة لا تميل نفسه للمسها وإن كنتي لا تحبينه ثم

تكتشفي بعد مقربة العامين أنه شقيقك , كان ذلك اليوم من اغرب أيام حياتي فكل ما رايته من ظلم وقهر وحرمانسنين حياتي كلها لا

يساوي شيئا أمام معاناتي في قصرهم لماذا كلما ابتسم الحظ لي أغلق في وجهي بابه ما أجمل ما حدث لو أن بحر لم يكن قرر ذاك

القرار لماذا يقتلني دائما ماذا كان سيحدث لو أنه تكلم معي , أنا من تنتظر كل ثانية أن يتخلص زبير من وصية والده لتكون له فيفعل بي

ذلك , وعاد ليعدني ويخلف بوعوده يقول أن النساء محرمات عليه وأني سأكون له ما أن أتحرر من زبير ثم يقرر أن يهاجر خارج البلاد وها

أنا قد عادت بي عجلة الزمن للوراء وعدت كما كنت فتاة في منزل عمي ولكن بقلب محطم أكثر ومأساة يصعب على السنين مسحها

لتنسيني فيها

طرق أحدهم الباب طرقات متسارعة ثم دخلت مرام كالقذيفة وقالت

" حور اسمعي آخر المستجدات "

قلت بتذمر " مرام ألن تتخلصي من عادتك السيئة تلك "

قفزت بجواري على السرير وقالت " والدي قال لوالدتي أن بحر خطبك منه ويصر عليه يوميا "

قلت بلا مبالاة " لا يهمني ذلك "

قالت بتذمر " غبية ومن كانت تبكي عليه حد المرض "

قلت بضيق " مرام انهي الكلام في الأمر "

وقفت وقالت مغادرة " مجنونة وستندمين يوما "

ثم وقفت عند الباب وقالت " شقيقك في الأسفل يريد رؤيتك "

نهضت من السرير مسرعة لقد وعدني البارحة في الهاتف أن يأتي اليوم ليحكي لي حكايته

زبير أجمل ما حدث لي على الإطلاق إنه يهاتفني يوميا ويزورني على الدوام حتى أنه يصر على

أخذي للتنزه والسفر غير أنني رفضت لأني اعلم كم ينشغلون بأعمال شركاتهم خصوصا أنهم

قرروا ترك ممتلكاتهم كما هي دون تقسيم , نزلت للأسفل قابلت أحمد في طريقي فقال

" حور زوجك هنا "

ضحكت وقلت " هوا شقيقي وليس زوجي "

رمى بيده وقال مغادرا " شقيقي وزوجي ثم زوجي ثم شقيقي يا لكم من كاذبين "

ضحكت ودخلت المجلس حيث زبير فقال

" ما الذي يضحك شقيقتي الجميلة "

قلت بضحكة " أحمد قال لي زوجك هنا وعندما صححت له الأمر تذمر مني ونعتني بالكاذبة "

ضحك وقال " سيعتاد الأمر كيف حالك يا حور "

قلت بابتسامة وأنا أجلس " بخير وأنت "

تنهد وقال " لست بخير "

قلت بحيرة " ما بك يا زبير لقد وعدتني أن تحكي لي اليوم "

تنهد بحزن ثم بدأ بسرد حكايته لي عن الفتاة التي تعرف عليها عبر الهاتف وأنا استمع باهتمام وتشويق حتى وقف فجأة فقلت

" نعم ماذا حدث بعدها "

ابتسم وقال " في الحلقة القادمة في الأسبوع القادم "

قلت بإصرار " أرجوك زبير لما هكذا أكمل الآن "

قال " حسننا , حينها أصبحت معنا في القصر "

نظرت له بصدمة وقلت " معنا في القصر "

قال " نعم إنها جود "

شهقت بقوة وقلت " جود شقيقة بحر "

قال بأسى " نعم ولم أكتشف ذلك إلا يوم نسيت هاتفها في جناحنا تذكرين ذلك جيدا بالتأكيد "

ضحكت وقلت " يا لا المصادفات جود !!!! جود , كيف حدث ذلك "

قال بهدوء " حتى أنا لم أجد لذلك تفسيرا "

قلت بفضول " وماذا حدث بعد ذلك "

حكا لي باقي ما حدث حتى آخر مرة تحدث معها فيها فقلت

" ولما ترفض التحدث معك "

قال بحزن " لأن بحر وجد اسمي في هاتفها فقالت رنيم أنه يخصها لذلك ضربها غيث فلقد سمعها تحدث

بحر فقررت جود أن تقطع علاقتها بي "

قلت بأسى " مسكينة يا جود "

قال بضيق " هل جود هي المسكينة ماذا عني أنا "

قلت بحزن " بل رنيم المسكينة لقد تحملت ذلك عنها وها هي تعاني حتى الآن

جود معها حق يا زبير فهي رأت نتائج تحدثها معك فقررت ذلك "

قال بضيق " ولكنني أخبرتها بكل شيء عن الوصية حتى أنك شقيقتي ووعدتها أن أتزوج

بها ما أن تنتهي ظروفي وقبل حتى أن اعرف من تكون وهي وعدتني أن تنتظرني "

قلت بهدوء " لما لا تخطبها إذا وتتزوجا جود فتاة رائعة جدا كم أحببتها وأتمنى أن تكون زوجتك "

قال " أخشى أن يغضب بحر من الأمر ويرفض أو أن تكون جود لا تريدني زوجا لأني زبير وقد حدثت

لي مواقف سيئة معها في القصر "

قلت بحماس " إن كانت تحبك فهي ستراك ذاك الشاب صدقني حدثت لأشخاص كثيرين "

قال بفضول " من "

ضحكت وقلت " في الأفلام والمسلسلات "

قال بضيق " حور يبدوا أنك تسخرين مني "

قلت نافية " أبدا يا زبير أقسم أنني لم أقصد ذلك ولكن انظر لنفسك عندما علمت أنها جود ما شعرت ناحيتها "

تنهد وقال " كدت أقفز أمامها وأحتضنها من فرحتي "

قلت بابتسامة " إذا سيحدث معها ذات الشيء مادامت تحبك "

قال بحيرة " لا أعرف كيف أتصرف ساعديني أنتي "

قلت بحزن " لا يمكنني ذلك وأنت تعلم لما "

قال بهدوء " حور بحر يحبك ستصبين الفتى بالجنون "

نزلت من عينيا دمعتان وقلت بألم " لما لا يفهمني أحد "

توجه ناحيتي جلس بجانبي وحضنني بذراعه وقال

" لما البكاء يا حور دموعك غالية عليا توقفي هيا "

قلت بشهقات متتالية " لقد جرحني يا زبير جرحني كثيرا ووعدني واخلف مرارا وتركني بلا أسباب "

مسح على شعري وقال بحنان " حسننا يا حور كما تريدين يا شقيقتي ولن يجبرك أحد على شيء هيا يكفي بكاء "

مسحت دموعي وقلت بابتسامة حزينة " عندي لك فكرة جميلة ما رأيك "

قال بحماس " هاتي بها فورا وأريحيني "

ضحكت وقلت " عاش العشاق "

قرص خدي وقال " وعاشت أروع شقيقة في الوجود "

شرحت له فكرتي فقال بحيرة " هل سينجح الأمر يا ترى "

قلت " قد ينجح "

قال بأسى "لا اعتقد ذلك قد لا يوافق بحر "

قلت بعد صمت " اشترط عليه أن يفعل ذلك كي تقنعني بالتحدث معه "

نظر لي بصدمة وقال " حقا تفعلينها , لن نقوم بخداعه يا حور "

قلت بحزن " لن نخدعه ولن أغفر له أبدا سأفعل ذلك من أجلك فقط فلا أريد رؤيتك حزينا أبدا "

ضمني بحب وقال " وهل أراك أنتي حزينة ولا أفعل شيئا "

قلت بهدوء " لا تكترث للأمر يا زبير فقد اعتدت على ذلك "

قال " إذا سأجرب هذه المخاطرة ولو فشلت فويلك مني "

ضحكت وقلت " ولو نجحت "

قال بابتسامة " جلبت لك هدية لم تتخيليها يوما "

قلت بحماس " رائع سوف أدعوا الله كل ليلة أن ينجح الأمر "قال بضيق " من أجل الهدية "

قلت بابتسامة " بل من أجلك أولا ثم هي بالتأكيد "ضحك وقال " من يسمعك لا يصدق أنك تملكين ثروة "

قلت " مهما كنت ثريا فهدايا من تحبهم لها طعم آخر "

قال وهوا يقف مغادرا " إذا على بركة الله فقد نضرب عصفورين بحجر "

نظرت له بضيق وقلت " أخبرتك أنني لن أغفر له أبدا فلا تلجأ لهذا الخيار إلا إن رفض مفهوم "قال " مفهوم "

وقفت وقلت " هل ستغادر يا لي من حمقاء فأنت لم تشرب شيئا "قال مغادرا وأنا أتبعه " لا تهتمي يا حور هل ستضيفينني كلما أتيت "

قلت بضيق " اللوم ليس علي بل على البقرتان في الأعلى لم تخبرا الخادمة أن تحضر لابن عمهم شيئا "

قال وهوا يفتح الباب مغادرا " حور لا تكبري المسألة أنا لم آتي لأشرب أو آكل بلغي سلامي للجميع "

غادر مبتعدا ثم التفت إليا وقال " صحيح كدت أنسى والدتي تريد زيارتك لقد طلبت مني ذلك مرارا ولكني كنت

منشغلا وآتي إلى هنا من الشركة مباشرة "

قلت بابتسامة " وأنا مشتاقة لها كثيرا أحضرها وميس ووالدتها في أقرب وقت "

قال مغادرا وهوا يلوح بيده " حسننا وداعا الآن "

سماح يبدوا أنه بالوصية أو بدونها لن نتحرر من مشاكلنا غيث ومشاكله التي يستحقها على

ضربه لها وبحر وما يستحقه أيضا على قراره المجنون ذاك وصهيب الذي يواجه

الخطر ويخفيه وميس عن الجميع ليان التي تمضي جل يومها في جناحها وكأنها

تهرب من الجميع آه من هم الأبناء الذي يكبر معهم مر بحر متوجها للأعلى فقلت منادية إياه " بحر بني تعال "

التفت للخلف وعاد ناحيتي وقال " مرحبا أمي عذرا فلم أرك "

قلت بابتسامة " لا بأس بني أين أنت يا بحر هل أعتدت الغياب عنا "قبل رأسي وجلس بجواري وقال بهدوء

" لدي بعض الأعمال المهمة وستملين مني بعدها "تنهدت وقلت " حالك لا يعجبني بني "

لاذ بالصمت فقلت " ماذا بشأن حور "نظر للأرض مطولا ثم لي وقال

" لا جديد حتى الآن ولكن لن أترك غيري يأخذها مني مادمت حيا "قلت بحزن " وماذا إن بقيت على رأيها "

وقف وقال " لن أتوانى عن فعل أي شيء مهما كان جنونيا حتى ترجع

إلي فلن أكرر خطأ الماضي مهما حدث "نظرت له بصدمة وقلت " ماذا تعني بالجنوني "

وضع يديه في جيوبه وقال مغادرا للأعلى" أحبها أمي وسأتهور وأفعل أي شيء ولن يهمني لومة لائم "

يا إلهي هل هذا بحر الذي أنجبته أم أنه شخص آخر ماذا ترك لزبير لو كان هوا

سيتصرف بجنون تنهدت بقلة حيلة ثم وقفت وصعدت للأعلى وصلت عند جناح

أديم طرقت الباب بخفة ففتحت لي ليان نظرت لي بصمت ثم قالت بهدوء" مرحبا خالتي تفضلي بالدخول "

ابتسمت وقلت " اشتقت لك فقلت سأصعد لأرها مادامت لا تريد زيارتي "

نظرت للأرض وقالت بخجل " آسفة ليس هذا ما أقصده بتصرفي "دخلت وقلت " لا بأس يا ابنتي أنا أفهمك جيدا "

جلست على الأريكة وجلست هي بجواري أمسكت يدها وقلت بحنان" ليان يا ابنتي اعتبريني في مقام والدتك وأخبريني ما يضايقك هنا "لاذت بالصمت فقلت " عندما تزوجت شامخ رحمه الله كنت فقيرة ومطلقة ومعي ابن

من زوجي الأول الذي أكرهني في الزواج ويتيمة مثلك بلا أهل ولا أقارب سوى ابنة

عم واحدة ووحيدة مثلي لم تكن حينها ثروة شامخ كما هي الآن ولكنه كان يملك المال

الكثير عانيت بادئ الأمر من وضعي الجديد ووجدت صعوبة بالغة في أن انسجم مع

طبقة زوجي ولكني اكتشفت فيما بعد أنني أنا من تهول الأمر وتعطيه أكبر من حجمه

حتى أنني كنت حين أرى اثنتين تضحكان معا بهمس أفكر دون تردد أنهما تضحكان

علي رغم أني أرتدي أرقى الثياب وخرجت للتو من المزين ووجدت نفسي أضيع

وقتي وراحة بالي وحتى زوجي وأبنائي بتلك الأفكار واكتشفت أن هؤلاء الأثرياء لا

يختلفون عنا فالله خلقنا مثل بعض هم فقط يتقون بأنفسهم كثيرا هذا هوا السر في الأمر

فبعضهم من أنذل ما خلق الله ولكن ثقته بنفسه تجعلك ترين له حجما غير حجمه بينماالفقير خير منه ألف مرة "

بكت ليان ومسحت دموعها وقالت" لم أحب الأغنياء يوما ولم أتخيل أن أكون منهم "

حضنتها بحب وقلت " ليان لا تضيعي عمرك عبثا حال أديم لا يعجبني أراه تائها

ومهموما يبدوا لي لا يعلم كيف يجد حلا لما تعانينه هنا "ابتعدت عني وقالت " هل قال لك ذلك "

قلت " لا أبدا هوا لم يتكلم عن الأمر ولكني أم وأعرف أبنائي من نظرة أعينهم ودون

كلام وستعرفين ذلك يوما حين يكون لك أبناء كثر ويكبروا "

نظرت للأرض ثم قالت ببكاء " أنا آسفة , آسفة حقا ولكني لم أستطع ذلك مهما حاولت "

وضعت يدي على كتفها وقلت " عليك أن تحاولي من أجل أديم ومن أجل ابنتكما "

حضنتني وقالت " شكرا لك يا خالة أنتي طيبة حقا "

قلت وأنا أمسح على كتفها بحنان " أنتي مثل أبنائي يا ليان تأكدي من ذلك ولن يهينك أحد

مهما كان فها قد علمتِ الآن أنني كنت مثلك يوما فناذرون هم من ولدوا وفي أفواههم ملاعقمن ذهب فالأغلب ولد وعاش فقيرا "

ثم أبعدتها عني وقلت " هيا انزلي معي وتعرفي العائلة والأصدقاء فسنقدمك الآن ليس علىأنك زوجة ابني فقط بل ومالكة جزء من ثروتنا "حور لكم أن تضعوا أنفسكم في موقفي تتزوجين بشخص يعاملك كأمه أو أخته ليشعرك

بأنك امرأة لا تميل نفسه للمسها وإن كنتي لا تحبينه ثم تكتشفي بعد مقربة العامين

أنه شقيقك , كان ذلك اليوم من اغرب أيام حياتي فكل ما رايته من ظلم وقهر وحرمان

سنين حياتي كلها لا يساوي شيئا أمام معاناتي في قصرهم لماذا كلما ابتسم الحظ لي

أغلق في وجهي بابه ما أجمل ما حدث لو أن بحر لم يكن قرر ذاك القرار

لماذا يقتلني دائما ماذا كان سيحدث لو أنه تكلم معي , أنا من تنتظر كل ثانية أن

يتخلص زبير من وصية والده لتكون له فيفعل بي ذلك , وعاد ليعدني ويخلف

بوعوده يقول أن النساء محرمات عليه وأني سأكون له ما أن أتحرر من زبير ثم

يقرر أن يهاجر خارج البلاد

وها أنا قد عادت بي عجلة الزمن للوراء وعدت كما كنت فتاة في منزل عمي ولكن

بقلب محطم أكثر ومأساة يصعب على السنين مسحها لتنسيني فيها طرق أحدهم الباب

طرقات متسارعة ثم دخلت مرام كالقذيفة وقالت" حور اسمعي آخر المستجدات "قلت بتذمر " مرام ألن تتخلصي من عادتك السيئة تلك

قفزت بجواري على السرير وقالت" والدي قال لوالدتي أن بحر خطبك منه ويصر عليه يوميا "قلت بلا مبالاة " لا يهمني ذلك "

قالت بتذمر " غبية ومن كانت تبكي عليه حد المرض "قلت بضيق " مرام انهي الكلام في الأمر "

وقفت وقالت مغادرة " مجنونة وستندمين يوما "ثم وقفت عند الباب وقالت " شقيقك في الأسفل يريد رؤيتك "

نهضت من السرير مسرعة لقد وعدني البارحة في الهاتف أن يأتي اليوم ليحكي

لي حكايته , زبير أجمل ما حدث لي على الإطلاق إنه يهاتفني يوميا ويزورني

على الدوام حتى أنه يصر على أخذي للتنزه والسفر غير أنني رفضت لأني

اعلم كم ينشغلون بأعمال شركاتهم خصوصا أنهم قرروا ترك ممتلكاتهم كما هي

دون تقسيم , نزلت للأسفل قابلت أحمد في طريقي فقال" حور زوجك هنا "

ضحكت وقلت " هوا شقيقي وليس زوجي "رمى بيده وقال مغادرا

" شقيقي وزوجي ثم زوجي ثم شقيقي يا لكم من كاذبين "

ضحكت ودخلت المجلس حيث زبير فقال" ما الذي يضحك شقيقتي

قلت بضحكة " أحمد قال لي زوجك هنا وعندما صححت له الأمر تذمر مني ونعتني بالكاذبة "

ضحك وقال " سيعتاد الأمر كيف حالك يا حور "

قلت بابتسامة وأنا أجلس " بخير وأنت "

تنهد وقال " لست بخير "

قلت بحيرة " ما بك يا زبير لقد وعدتني أن تحكي لي اليوم "

تنهد بحزن ثم بدأ بسرد حكايته لي عن الفتاة التي تعرف عليها عبر الهاتف وأنا

استمع باهتمام وتشويق حتى وقف فجأة فقلت

" نعم ماذا حدث بعدها "

ابتسم وقال " في الحلقة القادمة في الأسبوع القادم "

قلت بإصرار " أرجوك زبير لما هكذا أكمل الآن "

قال " حسننا , حينها أصبحت معنا في القصر "

نظرت له بصدمة وقلت " معنا في القصر "

قال " نعم إنها جود "

شهقت بقوة وقلت " جود شقيقة بحر "

قال بأسى " نعم ولم أكتشف ذلك إلا يوم نسيت هاتفها في جناحنا تذكرين ذلك جيدا بالتأكيد "

ضحكت وقلت " يا لا المصادفات جود !!!! جود , كيف حدث ذلك "

قال بهدوء " حتى أنا لم أجد لذلك تفسيرا "

قلت بفضول " وماذا حدث بعد ذلك "

يتبع ......??????
 
الوسوم
أنا خذلت من نفسي
عودة
أعلى