كعب بن مالك

  • تاريخ البدء

بندق

من الاعضاء المؤسسين
كعب ابن مالك :
[font=arial, helvetica][font=arial, helvetica]
[/font]ذلك الصحابي ارتكب خطاء بأنه لم ينفر مع رسول الله (صلى الله عليه وسلم) والله يأمرهم أن ينفروا معه يقول:

( مالكم إذا قيل لكم انفروا في سبيل الله، اثاقلتم إلى الأرض ).

وقفل النبي (صلى الله عليه وسلم) راجعا من المعركة فجعل كعب يزوق في خاطره كلاما، ويجمع في نفسه أعذارا ليعرضها على رسول الله (صلى الله عليه وسلم) عند المسائلة التي كان موقنا أنه سيُسائلها.

وإذا به يجد نفسه بين يدي رسول الله (صلى الله عليه وسلم) يستقبل هذا السؤال: يا كعب ما خلّفك؟

وإذا بكل هذه الأعذار تتبخر، وإذا بكل هذا الكلام يتلاشى، وإذ به لا يجد إلا الصدق.

فيقول يا رسول الله لم يكن لي من عذر.

فيجئ به حكم الله أن يخلف، فيقاطع لا يكلم فكانت حاله كما وصفها الله:

( ضاقت عليهم الأرض بما رحبت وضاقت عليهم أنفسهم).

كان يتقلب في الأسواق لا تفرج له شفة ببسمة، ولا تنبس له شفة بكلمة، حتى قال تغيرت علي الأرض فما هي بالأرض التي أعرف، وتغير علي الناس فما هم بالناس الذين أعرف.

وهذا موقف – أيها الأخ الحبيب- لم نجربه، لكن لو جربناه لوجدناه موقفا قاسيا بالغ المرارة أن يتقلب المرء بين الناس فلا يجد من يرد عليه سلاما أو يفضي إليه كلاما.

وحمل كعب مرارته كلها إلى أحب الناس إليه، ابن عمه أبا قتادة رضي الله عنهما.

فتسور عليه الحائط ودخل عليه في بستانه، ولم يكن هناك رصد من المباحث يسترقون السمع أبدا.

ولم تكن هناك أجهزة للاستخبارات تطلع على الموقف.

كان هناك اثنان فقط أبو قتادة وكعب رضي الله عنهما كل منهما يصف الأخر بأنه أحب الناس إليه، أقبل إليه كعب تلقاء وجهه يقول السلام عليك ورحمة الله وبركاته ي أبن عم.

قال كعب: فو الله ما رد علي السلام.

فإذا بالمرارة تتكسر في صدره حتى أصبح مع نفسه في صراع مرير، فإذا به يواجه أبا قتادة ويقول:

يا أبا قتادة أنشدك بالله أتعلم أني أحب الله ورسوله؟
فيجيبه أبو قتادة جوابا مجردا حافا جافا ليس فيه أي كلمة من فضول:

يقول ( الله ورسوله أعلم ). قال كعب: فاستعبرت عيناي وحق له أن يبكي.

هل تصورنا الآن هذا الظرف النفسي الذي يعيش فيه كعب.

وفي وسط هذه المحنة والمرارة يأتي إليه رسالة ملكية ممن ؟ من ملك غسان.

وقد كان شعراء المدينة وفي مقدمتهم حسان رضي الله عنه يذهبون إلى ملك غسان يمدحونه بالقصائد الطوال ليحضوا منه بلفتة أو صلة.

إذا به يرسل رسالة إلى كعب يأتي بها مندوب خاص يسلمها إليه فيقرأها كعب فإذا نص الرسالة كالتالي:

( إنه قد بلغنا أن صاحبك قد جفاك، ولم يجعلك الله بدار مهانة، فالحق بنا نواسك ).

الحق بنا لتعين ضمن الحاشية في البلاط، تتمتع بكل ما في بلاط الملوك من لذة، بكل ما في بلاط الملوك من شهوة، بكل ما في بلاط الملوك من ترف، تتمتع بكل مميزات البلاط، وتكون خدينا للملك.

الحق بنا لتنال المخصصات والجوائز والصلاة، الحق بنا نواسك ونعوضك عن كل هذه المقاطعة التي تعيشها، فماذا قال كعب لحامل الرسالة:

هل قال انتظر إلى الغد حتى أفكر في أمري؟

أم قال انتظر حتى أصلي صلاة الاستخارة ؟

أم قال انتظر حتى أستشير ذوي الرأي من أهلي ؟

أم قال انتظر حتى أنظر ما ينجلي عليه الأمر، فإما أن نبي الله أنهى المقاطعة وبقيت في قومي، وإلا نظرت في أمري؟

لم يجب بأي جواب من هذه الأجوبة، ولكن استرجع وقال:

إنا لله و إنا إليه راجعون لقد طمع بي رجل كافر.

الولاء للإسلام، الولاء للإسلام الذي لا يهن حبله ولا تخبو ناره مهما قست الظروف وكلحت الأيام واشتدت المصائب يبقى الولاء للإسلام أعظم من هذا كله.

أعظم من كل محنة وأقوى من كل إغراء وأشد من كل مواجهة.

لقد طمع بي رجل كافر، فما هو حق الرسالة ؟

تحفظ في الأرشيف ؟ كلا ، تحفظ في التنور وهو مشتعل، يقول كعب:

فسجرت بها التنور ولأتحمل لوعة المقاطعة وأسى الهجران وألم النظر إلى وجوه لا تتكلم، وشفاه لا تتبسم. أتحمل كل ذلك ما دمت موصولا بالله، أحتفظ بشرف الانتماء إلى هذا الدين.

أليس هذا درسا لكل صاحب خطيئة ولكل مقارف ذنب أن انتمائه للإسلام أقوى وأعظم وأشرف وأزكى عند الله من كل سبب في الأرض ونسب فيها ؟؟ بلا.
[font=arial, helvetica]
[/font]
[/font][font=verdana,arial]
[/font]
 
الوسوم
بن كعب مالك
عودة
أعلى