همم العارفين ومنازل الصابرين !

صفا النعمان

الادارة
طاقم الإدارة
الصبر
الصبر قرين اليقين، وبالصبر واليقين تُنالُ الإمامة في الدين، والذي لا يصبر على القضاء فإنه من السهل أن ينخلع عن دينه لأي شيء يعترضُ طريقه، ومن السهل أن يتخلى عن دينه عند حلول النوائب ولذلك قال الله تعالى لنبيه - صلى الله عليه وسلم - : (فَاصْبِرْ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَلَا يَسْتَخِفَّنَّكَ الَّذِينَ لَا يُوقِنُونَ) [ الروم : 60]
والصبر على المصيبة واحتساب الأجر في ذلك دليلٌ على قوة الإيمان وهو سببٌ لنيل رحمة الله والعاقبة الحسنة منه، ولذلك وجه الرسول صلى الله عليه وسلم إلى الصبر عند المصائب، وعلم أمته ما يقال في ذلك.
إن الإنسان الذي يصاب بمصيبة في نفسه، ومصيبة في أهله، ومصيبة في أصحابه، ومصيبة في غير ذلك فإذا قابل هذه المصائب بالصبر وانتظار الفرج من الله صارت المصائب تكفيرًا لسيئاته ورفعة في درجاته.
ومن علامة الصبر الوافر أن تكون بقلبك راضيًا عن الله، ونفسك طيبة مع الله فيما حكم ورضيت نفسك بالمصيبة وأيقنت أنها من علامات لطف الله ورحمته بك.

ومن الأحاديث التي جاءت تحض على الصبر نسوق ما يلي:
1- عن شداد بن أوس رضي الله عنه عن النبي – صلى الله عليه وسلم - قال الله تعالى : (إِذَا ابْتَلَيْتُ عَبْدًا مِنْ عِبَادِي مُؤْمنًا؛ فَحَمِدَنِي وَصَبَرَ عَلَى مَا بَلَيْتُهُ، فَإِنَّهُ يَقُومُ مِنْ مَضْجَعِهِ ذَلِكَ كَيَوْمِ وَلَدَتْهُ أُمُّهُ مِنَ الخطَايَا، وَيَقُولُ الرَّبُّ - عَزَّ وَجَلَّ - للحَفَظَةِ : إِنِّي أَنَا قَيَّدْتُ عَبْدِي هَذَا، وَابْتَلَيْتُهُ فَأَجْرُوا لَهُ مَا كُنْتُمْ تُجْرُونَ لَهُ قَبْلَ ذَلِكَ مِنَ الأَجْرِ وَهُوَ صَحِيحٌ)

2- عن أبي كبشة الأنماري - رضي الله عنه - أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (ثَلَاثٌ أُقْسِمُ عَلَيْهِنَّ، وَأُحَدِّثُكُمْ حَدِيثًا فَاحْفَظُوهُ، قَالَ: مَا نَقَصَ مَالُ عَبْدٍ مِنْ صَدَقَةٍ، وَلَا ظَلَمَ عَبْدٌ مَظْلَمَةً صَبَرَ عَلَيْهَا إِلَّا زَادَهُ اللهُ عِزًّا، وَلَا فَتَحَ عَبْدٌ بَابَ مَسْأَلَةٍ إِلَّا فَتَحَ اللهُ عَلَيْهِ بَابَ فَقْرٍ)
3- عن محمود بن لبيد رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : (إذَا أَحَبَّ اللهُ قَوْمًا ابْتَلَاهُمْ، فَمَنْ صَبَرَ فَلَهُ الصَّبْرُ، وَمَنْ جَزَعَ فَلَهُ الجزَعُ)
4- عن محمد بن خالد عن أبيه عن جده، وكانت له صحبة من رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (إِنَّ العَبْدَ إِذَا سَبَقَتْ لَهُ مِنَ اللهِ مَنْزِلَةً، فَلَمْ يَبْلُغْهَا بِعَمَلٍ ابْتَلَاهُ اللهُ فِي جَسَدِهِ أَوْ مَالِهِ، أَوْ فِي وَلَدِهِ، ثُمَّ صَبَرَ عَلَى ذَلِكَ حَتَّى يُبَلِّغَهُ الْمَنْزِلَةَ الَّتِي سَبَقَتْ لَهُ مِنَ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ)
5- وعن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (إِنَّ مِنْ وَرَائِكُمْ زَمَانُ صَبْرٍ، لِلْمُتَمَسِّكِ فِيهِ أَجْرُ خَمْسِينَ شَهِيدًا مِنْكُمْ)

كيفية تحفيز الهمة في الصبر
- استشعار المؤمن أن البلاء هو علامة الحب من الله تعالى هو دافع قوي على الصبر، فقد بين النبي صلى الله عليه وسلم أن الله سبحانه إذا أحب قومًا ابتلاهم، فالمبتلى محبوبٌ من علام الغيوب، فأي دافع أقوى على الصبر من هذا الدافع أن يكون من المحبوبين عند الملك العظيم.
- في قول النبي صلى الله عليه وسلم أن المبتلى سبقت له من الله المنزلة، هو نوع من التحفيز، وإشاعة الرضا في قلب المبتلى، حيث يعلم يقيناً أنه سبقت له من الله المنزلة الحسنى، منزلة خاصة أعدها الله للصابرين، وهذا يزيدُ المؤمن صبراً على صبر، وثباتاً على ثبات .
- ولأن الصبر على الظلم من أشد الأمور على النفوس، فقد أقسم النبي صلى الله عليه وسلم أنه ما ظلم عبدٌ مظلمة فصبر عليها إلا زاده الله بها عزًّا، ولذلك يعد قسم النبي صلى الله عليه وسلم دافعًا للمؤمن على الصبر ؛ فالمؤمن إذا استشعر مرارة الصبر على الظلم تذكر قسم النبي صلى الله عليه وسلم الصادق الأمين بأن الله عز وجل سيزيده بهذا الصبر عزًّا ورفعة .
الصبر علامة المحبة لأن المحب يصبر على إرادة حبيبه وقضائه بنفس مطمئنة ، والصبر قائد إلى أعظم الجزاء ، وهو العز في الدنيا والآخرة ومن أبواب الخير التي تعود على المؤمن بسعة الدنيا والآخرة صلة الرحم ، فما مكانة هذا الخلق في القرآن والسنة ، وكيف تحفز همة المسلم إليه؟
وهذا كا سنتعرف عليه في المقال القادم بإذن الله تعالى
 
الوسوم
الصابرين العارفين همم ومنازل
عودة
أعلى