الأحكام المتعلقة بالدعاء 8

صفا النعمان

الادارة
طاقم الإدارة
[FONT=&quot]هل يجوز إطلاق لفظ (رحمه الله) على الحى أم هو مقيد بالموتى؟[/FONT]
[FONT=&quot]الدعاء بالرحمة ينفع الحى والميت، ويشرع للمسلم أن يدعو لإخوانه المسلمين بالرحمة والمغفرة وبكل خير للأحياء والأموات، وكل واحد محتاج إلى رحمة الله، لا غنى لأحد عن رحمته سبحانه وتعالى وقد جرت عادة الناس أنهم إذا ذكروا الميت يقولون : رحمه الله، وإذا ذكروا الحى قالوا: حفظه الله، ووفقه الله، وهذا أمر عادى ليس بشرعى، والتوفيق والحفظ هو من رحمته سبحانه وتعالى فإذا قال المسلم : وفق الله فلاناً ، وحفظ الله فلاناً، فهذا من أنواع الرحمة، والرحمة تشمل هذا وغيره من أنواع الخير والحفظ والإحسان، وهو سبحانه وتعالى أرحم الراحمين، ولكن ينبه إلى أنه إذا دعى بالرحمة بصيغة الفعل: رحمه الله فلا تقيد بالمشيئة فلا يقال : فلان رحمه الله إن شاء الله ، أما إذا قيل : فلان المرحوم فلابد من التقييد بالمشيئة ، تقول : فلان المرحوم إن شاء الله ، وتقول : فلان رحمه الله دون تعليق على المشيئة. [/FONT]
[FONT=&quot]هل يجوز رفع اليدين عند التأمين على دعاء الإمام فى خطبة الجمعة؟[/FONT]
[FONT=&quot]رفع اليدين عند الدعاء من أسباب الإجابة ، ولكنه يشرع مطلقاً ومقيداً، فيشرع مطلقاً فى الدعاء المطلق، ويشرع مقيداً فى ما ورد له دليل من أنواع الدعاء المقيد، ومعنى ذلك أنه لا يشرع رفع اليدين فى كل دعاء مقيد كالدعاء فى آخر الصلاة قبل السلام أو بعد السلام، إذ لم يرد فى السنة ما يدل على ذلك وإنما يشرع رفع اليدين فيما دلت السنة على مشروعية ذلك فيه كالدعاء بعد رمى الجمرة الأولى والثانية وعلى الصفا والمروة، وفى الاستسقاء وغير ذلك مما دلت السنة على رفع اليدين فيه، وعلى هذا فلا يشرع للمأمومين أن يرفعوا أيديهم عند دعاء الخطيب على المنبر يوم الجمعة. [/FONT]
[FONT=&quot]وقد أخرج مسلم رحمه الله عن عمارة بن رؤيبة أنه رأى بشر بن مروان رافعاً يديه على المنبر فقال: قبح الله هاتين اليدين، لقد رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم ما يزيد على أن يقول بيده هكذا : وأشار بأصبعه المسبحة. قال النووى: فيه أن السنة ألا يرفع اليد فى الخطبة. [/FONT]
[FONT=&quot]هل يوجد دعاء للنبى محمد صلى الله عليه وسلم فيما معناه اللهم الخير بين يديك، والشر ليس إليك ، وإن ثبت فما معنى هذا؟ [/FONT]
[FONT=&quot]إن هذا الدعاء الوارد فى سؤال السائل صحيح، وقد أخرجه الإمام مسلم رحمه الله (771)، وهو جزء من حديث طويل، ونصه عن على بن أبى طالب رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه كان إذا قام إلى الصلاة قال: "وجهت وجهى للذى فطر السماوات والأرض حنيفاً وما أنا من المشركين، إن صلاتى ونسكى ومحياي ومماتى لله رب العالمين لا شريك له وبذلك أمرت وأنا من المسلمين، اللهم أنت الملك لا إله إلا أنت ، أنت ربى وأنا عبدك ظلمت نفسى واعترفت بذنبى فاغفر لى ذنوبى جميعاً إنه لا يغفر الذنوب إلا أنت واهدنى لأحسن الأخلاق لا يهدى لأحسنها إلا أنت، واصرف عنى سيئها لا يصرف عنى سيئها إلا أنت، لبيك وسعديك والخير كله فى يديك والشر ليس إليك أنا بك وإليك تباركت وتعاليت أستغفرك وأتوب إليك" والمعنى الخاص بالجزء الوارد فى السؤال وهو: "والخير كله فى يديك والشر ليس إليك" قال الخطابى وغيره فيه الإرشاد إلى الأدب فى الثناء على الله تعالى ومدحه بأن تضاف إليه محاسن الأمور دون مساويها على جهة الأدب، وأما قوله والشر ليس إليك فما يجب تأويله؛ لأن مذهب أهل الحق أن كل المحدثات فعل الله تعالى وخلقه، سواء خيرها وشرها، وحينئذ يجب تأويله، وفيه خمسة أقوال :[/FONT]
[FONT=&quot]أحدها: معناه لا يتقرب به إليك. معناه لا يضاف إليك على انفراده، لا يقال يا خالق القردة والخنازير ويا رب الشر، ونحو هذا، وإن كان خالق كل شئ ، ورب كل شئ، وحينئذ يدخل الشر فى العموم، والثالث: معناه والشر لا يصعد إليك، إنما يصعد الكلم الطيب والعمل الصالح، والرابع: معناه والشر ليس شراً بالنسبة إليك، فإنك خلقته بحكمة بالغة، وإنما هو شر بالنسبة إلى المخلوقين، والخامس: أنه كقولك فلان إلى بنى فلان إذا كان عداده فيهم أو صفوة إليهم، (شرح صحيح مسلم للإمام النووى . كتاب صلاة المسافرين وقصرها ـ باب الدعاء فى صلاة الليل وقيامه رقم (201) ص303-304] .[/FONT]
[FONT=&quot]ما معنى "لا ينفع ذا الجد منك الجد" وأيضاً "تبارك اسمك وتعالى جدك"؟ [/FONT]
[FONT=&quot]معنى "لا ينفع ذا الجد منك الجد" [البخارى (844)، ومسلم (471)] الجد هو: الغنى، أو الحظ والمعنى: لا ينفع ذا الغنى عندك غناه، وإنما ينفعه العمل الصالح.[/FONT]
[FONT=&quot]وقيل معناه : لا ينجيه منك حظه من مال، أو ولد، أو سلطان، وإنما ينجيه فضلك ورحمتك.[/FONT]
[FONT=&quot]ومعنى "تبارك اسمك" [مسلم (399)] البركة : ثبوت الخير الإلهى فى الشئ، وإضافة البركة إلى اسم الله إشارة إلى اختصاص أسماء الله بالبركات، "وتعالى جدك" تعالى، أى تفاعل ، من العلو، والجد: العظمة، والمعنى: علت عظمتك كل شئ. [/FONT]
[FONT=&quot]عندى ذنوب كثيرة، وأدعو الله كل يوم أن يغفر لى، ولكن الدنيا تأخذنى ولا أعلم ماذا أفعل ، أحاول ولكن أرجع ، فإذا تفضلتم أعطونى الدعاء الذى أدعوه ليثبت قلبى على الإيمان وطاعة الرحمن؟ [/FONT]
[FONT=&quot]إن شعور الإنسان بكثرة ذنوبه وخوفه منها ورغبته فى التخلص من تبعتها علامة حياة القلب ونبضه بالإيمان، وعلاج مَنْ هذا شأنه سهل ومُيَسَّر –بحمد الله- إذ إن أولى خطوات تصحيح المسار واستدراك الفائت الاعتراف بوجود الخطأ والشعور بوخز الضمير، والإقبال الذاتى إلى مدارج الصالحين والتائبين. [/FONT]
[FONT=&quot]ومعاودة الوقوع بالذنوب بعد التوبة منها لا تعطى فرصة لليأس ليستولى على النفوس، أو يفسح مجالاً للقنوط يحول بين العبد وتجديد الاستغفار والندم مما حدث وكان. [/FONT]
[FONT=&quot]وحسن من السائل أن تطلب تذكيرها ببعض الأدعية التى تعينها على الثبات ولزوم الاستقامة، إذ أن الدعاء خير وسيلة يستعان بها فى خضم هذا الزمن المتلاطم فتناً ومحناً، كيف وهو سلاح الصفوة المرسلين من [/FONT]
[FONT=&quot]الأنبياء وأتباعهم.[/FONT]
[FONT=&quot]إلا أن من أفضل الأدعية فى هذا المقام ما ورد فى الكتاب العزيز ، وما صح من سنة إمام المتوكلين، وسيد الخاشعين المتضرعين نبينا محمد عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم ومن ذلك: قوله تعالى : (رَبَّنَا أَفْرِغْ عَلَيْنَا صَبْراً وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا وَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ)(البقرة: 250)، وقوله : (رَبَّنَا لا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ) (آل عمران:8) .[/FONT]
[FONT=&quot]وصح عنه عليه السلام من حديث عبد الله بن عمرو بن العاص [/FONT]
[FONT=&quot]رضى الله عنهما "اللهم مصرف القلوب ، صرف قلوبنا على طاعتك" أخرجه مسلم (2654) وغيره، وأخرج كذلك من حديث ابن عباس رضى الله عنهما أن النبى صلى الله عليه وسلم كان يقول : "اللهم لك أسلمت وبك آمنت وعليك توكلت وإليك أنبت وبك خاصمت اللهم إنى أعوذ بعزتك لا إله إلا أنت أن تضلنى، أنت الحى الذى لا يموت والجن والإنس يموتون" رواه مسلم (2717) وأمثلة هذه الأدعية لا تحصى كثرة بحمد الله، وصنفت فيها كتب كثيرة، وأفردها الأئمة بأبواب مستقلة من الصحاح والسنن، ولخصها آخرون فى مصنفات مفردة، ومن أفضلها الكلم الطيب لابن تيمية والوابل الصيب لابن القيم .[/FONT]
[FONT=&quot]ما حكم الدعاء بالأمور الدنيوية أثناء السجود فى الصلاة المفروضة كالدعاء بالتوفيق ، أو الدعاء بالشفاء من مرض، أو الدعاء بحل مشكلة؟ [/FONT]
[FONT=&quot]هذه لا بأس بها من الأمور الجائزة، والنبى صلى الله عليه وسلم يقول : ".. وأما السجود فاجتهدوا فى الدعاء فقمن أن يستجاب لكم" (رواه مسلم (479) من حديث ابن عباس رضى الله عنهما يعنى : حرى أن يجيب الله تعالى دعاءكم؛ لأن العبد أقرب ما يكون من ربه وهو ساجد، والإنسان إذا لم يدع بإثم أو قطيعة رحم فإنه ترجى إجابته إذا لم يعتد فى دعائه ، والأمثلة التى ذكرها ليس فيها شئ من الاعتداء [/FONT]
[FONT=&quot]هل الوقت الذى يخطب فيه الخطيب يوم الجمعة هو من ساعات الإجابة، فيجوز لى الدعاء وعدم الإنصات للخطبة؟ [/FONT]
[FONT=&quot]أما كونه من الساعات التى ترجى فيها الإجابة فهذا قد ورد أن فى الجمعة ساعة لا يوافقها عبد قائم يصلى يسأل الله خيراً إلا أعطاه إياه، وأشار النبى صلى الله عليه وسلم بيده يقللها، رواه البخارى (5295)، ومسلم (852) من حديث أبى هريرة رضي الله عنه وورد فى وقتها أقوال كثيرة ، ولكن أرجح الأقوال، قولان: أحدهما: أنها من جلوس الإمام إلى انقضاء الصلاة، واستدل العلماء لهذا بما ورد فى مسلم (853) من حديث أبى بردة بن أبى موسى رضي الله عنه أن عبد الله بن عمر رضى الله عنهما قال : أسمعت أباك يحدث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فى شأن ساعة الجمعة؟ قال: نعم سمعته يقول :سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم "هى ما بين أن يجلس الإمام إلى أن تقضى الصلاة" . القول الثانى: أنها بعد العصر، وهذا هو الأرجح عند جماهير العلماء، وحجة هذا القول ما رواه أحمد فى مسنده (7631) من حديث أبى سعيد وأبى هريرة رضى الله تعالى عنهما أن النبى صلى الله عليه وسلم قال: "إن فى الجمعة ساعة لا يوافقها عبد مسلم يسأل الله عز وجل فيها خيراً إلا أعطاه إياه وهى بعد العصر" وروى أبو داود (1048)، والنسائى (1389) عن جابر رضي الله عنه عن النبى صلى الله عليه وسلم أنه قال: "يوم الجمعة اثنتا عشرة ساعة لا يوجد فيها عبد مسلم يسأل الله شيئاً إلا أتاه إياه فالتمسوها آخر ساعة بعد العصر" فالأرجح من هذه الأقوال هو أن ساعة الإجابة بعد العصر أو هى آخر ساعة بعد العصر، وعلى كل فالإنسان إذا كان يستمع إلى الخطبة وهو فى انتظار الصلاة فلا يجوز له أن يشتغل بغير الخطبة، لا دعاء ولا حركة ولا غيرها؛ لأن الإنصات لخطبة الجمعة واجب، ومن لغا فى جمعته فى غير الإنصات فلا جمعة له، والنبى صلى الله عليه وسلم قال: "إذا قلت لصاحبك والإمام يخطب أنصت فقد لغوت" رواه البخارى (934)، ومسلم (851) من حديث أبى هريرة رضي الله عنه، فيجب على المسلم أن يكون حال خطبة الخطيب مستمعاً ومنصتاً ولا يشتغل بدعاء ولا غيره. [/FONT]
[FONT=&quot]هل يجوز للإنسان أن يدعو الله أن يرزقه جمال الوجه أولا؟ وماذا لو ألح العبد وتضرع إلى ربه أن يمنحه جمال الوجه والمظهر؛ فإن الله على كل شئ قدير، وهو أرحم الراحمين؟ [/FONT]
[FONT=&quot]جرت سنة الله أن تختلف صور المخلوقات، سواء كانت صوراً للإنسان أو الحيوان، والجمال فى الحقيقة هو جمال الروح والخلق ، وأنت ترى كثرة خلق الله وعدم تشابههم، والعقلاء والناجحون لا يعولون على هذا الأمر كثيراً، فإن هذا ليس بمقدور الإنسان، إنما الذى بمقدوره هو إنتاجه ونجاحه، ووصوله لهدفه ورضا ربه، وهذا يستطيعه كل أحد، والله سبحانه لا ينظر إلى الصور والأشكال، بل المنظور إليه منه سبحانه القلوب والأعمال. [/FONT]
[FONT=&quot]وأخيراً أدعوك أخى بعدم التفكير فى هذا الأمر كثيراً؛ فإنه قد يصيبك بالمرض أو الهوس أو الوسواس، وعليك أن تثق بنفسك وما وهبك الله. [/FONT]
[FONT=&quot]هل يوجد دعاء يسمى دعاء التوبة ؟ وما هو؟[/FONT]
[FONT=&quot]التوبة يجب فيها الندم على المعصية، والعزم على عدم العودة إليه ، والسعى للعمل الصالح ، وكره ما فعل الإنسان. [/FONT]
[FONT=&quot]وليس للتوبة دعاء خاص، ولكن هناك بعض الأدعية الطيبة فى هذا، من ذلك: [/FONT]
[FONT=&quot]اللهم إنى أستغفرك لكل ذنب خطوت إليه برجلى.[/FONT]
[FONT=&quot]أو مددت إليه يدى وتأملته ببصرى. [/FONT]
[FONT=&quot]أو أصغيت إليه بأذنى أو نطق به لسانى.. [/FONT]
[FONT=&quot]أو أتلفت فيه ما رزقتنى ثم استزرقتك على عصيانى فرزقتنى. [/FONT]
[FONT=&quot]ثم استعنت برزقك على عصيانك فسترته على، وسألتك الزيادة فلم تحرمنى، ولا تزال عائداً على بحلمك وإحسانك[/FONT]
[FONT=&quot] [/FONT]
[FONT=&quot]يا أكرم الأكرمين.. [/FONT]
[FONT=&quot]اللهم إنى أستغفرك من كل سيئة ارتكبتها فى وضح النهار أو سواد الليل[/FONT]
[FONT=&quot]فى ملأ أو خلوة فى سر أو علانية فلم أستحى منك وأنت ناظر إلى .. اللهم إنى أستغفرك من كل فريضة أوجبتها على فى الليل أو النهار تركتها خطأ أو عمداً أو نسياناً أو جهلاً، وأستغفرك من كل سنة من سنن خاتم النبيين محمد صلى الله عليه وسلم تركتها غفلة أو سهواً أو نسياناً أو تهاوناً أو جهلاً.. أستغفر الله وأتوب إليه مما يكرهه الله قولاً أو فعلاً باطناً أو ظاهراً، أستغفر الله وأتوب إليه وأحسب أن هذا دعاء نافع بإذن الله تعالى لمن يدعو به.[/FONT]
[FONT=&quot]هل الدعاء أفضل أم تركه والاستسلام للقضاء أفضل ؟ [/FONT]
[FONT=&quot]اختلف العلماء في ذلك إلى رأيين: [/FONT]
[FONT=&quot]الرأي الأول: رأي الجمهور، وهم القائلون بأن الدعاء أفضل من تركه والركون إلى الاستسلام للقضاء والقدر، ثم ساقوا أدلتهم في هذا المقام :[/FONT]
[FONT=&quot]1-قال الرسول صلى الله عليه وسلم "الدعاء مخ العبادة". (أخرجه الترمذي من حديث أنس رضي الله عنه) حديث ضعيف سبق تخريجه. [/FONT]
[FONT=&quot]2-قال الرسول صلى الله عليه وسلم : "من لم يسأل الله يغضب عليه". (حديث حسن وقد سبق تخريجه فى الترمذي برقم (3373 )وصححه ابن حبان والحاكم)[/FONT]
[FONT=&quot]3-قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه : "إني لا أحمل هم الإجابة ولكن أحمل هم الدعاء فإذا أتممت الدعاء علمت أن الإجابة معه) هذا الأثر ذكره ابن تيمية فى الفتاوى (8/193) واقتضاء الصراط المستقيم جـ359، ودقائق التفسير (2/517) وذكره ابن القيم فى مدارج السالكين (3/103). [/FONT]
[FONT=&quot]وفي هذا المعنى يقول الشاعر : [/FONT]
[FONT=&quot]لو لم ترد نيل ما أرجو وآمله [/FONT]
[FONT=&quot] ** من جود كفك ما عودتني الطلبا[/FONT]
[FONT=&quot] [/FONT]
[FONT=&quot]ثم قال هذا الفريق لقد تواترت الأخبار عن الرسول صلى الله عليه وسلم بالترغيب في الدعاء والحث عليه. [/FONT]
[FONT=&quot]فالله سبحانه يحب تذلل عباده بين يديه وسؤالهم إياه وطلبهم حوائجهم منه وشكواهم إليه وعبادتهم به منه وفرارهم منه إليه. [/FONT]
[FONT=&quot]كما قيل : [/FONT]
[FONT=&quot]قالوا أتشكو إليه [/FONT]
[FONT=&quot] ** ما ليس يخفى عليه [/FONT]

[FONT=&quot]فقلت ربي يرضى [/FONT]
[FONT=&quot] ** ذل العبيد لديه [/FONT]

[FONT=&quot]الرأي الثاني: هو من رأى أن الاستسلام للقضاء والقدر أفضل من الدعاء واستدلوا على صحة رأيهم هذا بقول الله تعالى : [/FONT]
[FONT=&quot](وَقَالَ رَبكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ ) (غافر: من الآية60) ، قائلين بأن آخر الآية دل على أن المراد بالدعاء هو العبادة. [/FONT]
[FONT=&quot]غير أن الشيخ تقي الدين السبكي تعقبهم ورد عليهم وعلى من سار على دربهم بقوله: حمل الدعاء في الآية على ظاهره أولى .. ثم عرج على قولهم في الاستدلال بأن الله ذكر في آخر الآية ما يدل على أن المراد من الدعاء هو العبادة وهو قوله تعالى: ( إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ ) (غافر: 60) ، قائلاً: أما وجه الربط بين الدعاء والعبادة فهو أن الدعاء أخص من العبادة فمن استكبر عن العبادة استكبر عن الدعاء وعلى هذا فالوعيد فيه إنما هو في حق من ترك الدعاء استكباراً ومن فعل ذلك كفر. [/FONT]
[FONT=&quot]وأما من تركه لقصد من المقاصد فلا يتوجه إليه الوعيد المذكور .. وإن كنا نرى أن ملازمة الدعاء والاستكثار منه أرجح من القول بتركه لكثرة الأدلة الواردة فيه. [/FONT]
[FONT=&quot]ثم ذكر الإمام القشيري ملخصاً موجزاً عن الرأيين ودليل كلٍ متسائلاً: أي الأمرين أولى الدعاء أو السكوت والرضا ؟ فقال: [/FONT]
[FONT=&quot]أ ) قيل: الدعاء والذي ينبغي ترجيحه لكثرة الأدلة ولما فيه من إظهار الخضوع والافتقار. [/FONT]
[FONT=&quot]ب ) وقيل: السكوت والرضا أولى لما في التسليم من الفضل ثم ذكر شبهة هؤلاء قائلاً: إن كان الداعي لا يعرف ما قدر له فدعاؤه إن كان على وفق القدر فهو تحصيل الحاصل وإن كان على خلافه فهو معاند ثم ذكر الرد على هذا التلازم قائلاً إن اعتقد أنه لا يقع إلا ما قدره الله تعالى كان إذعاناً لا معاندة ولأن فائدة الدعاء تحصيل الثواب بامتثال الأمر ولاحتمال أن يكون المدعو به موقوفاً على الدعاء؛ لأن الله خلق الأسباب والمسببات. [/FONT]
[FONT=&quot]ولقد ذكر الإمام النووي في مؤلفه الأذكار كلاماً حسناً نقلاً عن الإمام القشيري أحببت ذكره في هذا المقام قال : [/FONT]
[FONT=&quot]اختلف الناس في أن الأفضل الدعاء أم السكوت والرضا ؟ [/FONT]
[FONT=&quot]فمنهم من قال: الدعاء عبادة للحديث السابق : (الدعاء مخ العبادة)؛ ولأن الدعاء إظهار الافتقار إلى الله تعالى. [/FONT]
[FONT=&quot]وقالت طائفة: السكوت والخمود تحت جريان الحكم أتم والرضا بما سبق به القدر أولى. [/FONT]
[FONT=&quot]وقال قوم: يكون صاحب دعاء بلسانه ورضا بقلبه ليأتي بالأمرين جميعاً. [/FONT]
[FONT=&quot]ثم قال القشيري : والأولى أن يقال: الأوقات مختلفة. [/FONT]
[FONT=&quot]أ ) ففي بعض الأحوال السكوت أفضل من الدعاء وهو الأدب. [/FONT]
[FONT=&quot]ب ) وفي بعض الأحوال الدعاء أفضل من السكوت وهو الأدب. [/FONT]
[FONT=&quot]وإنما يعرف ذلك بالوقت فإذا وجد في قلبه إشارة إلى الدعاء فالدعاء أولى به، وإذا وجد إشارة إلى السكوت فالسكوت أتم ، ثم قال: ويصح أن يقال ما كان للمسلمين فيه نصيب ، أو لله سبحانه وتعالى فيه حق فالدعاء أولى، لكونه عبادة وإن كان لنفسك فيه حظ فالسكوت أتم. [/FONT]
[FONT=&quot] [/FONT]
[FONT=&quot]وقالوا في هذا : لأن الخير المتعدي أولى من الخير القاصر على واحد [/FONT]
[FONT=&quot]والمتأمل لدعوة نبي الله زكريا عليه السلام : ( فَهَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ وَلِيّاً * يَرِثُنِي وَيَرِثُ مِنْ آلِ يَعْقُوبَ وَاجْعَلْهُ رَبِّ رَضِيّاً ) (مريم: من الآية5-6) ، يجد أنها لحق الحق وليست لحفظ نفس زكريا عليه السلام ولذلك استجاب الله له. [/FONT]
[FONT=&quot]عن أنس بن مالك رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " عجباً لأمر المؤمن لا يقضي الله له شيئاً إلا كان خيراً له". حديث صحيح أخرجه أحمد فى المسند برقم (12181).[/FONT]
[FONT=&quot]وروى عن صهيب بن سنان رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "عجباً لأمر المؤمن إن أمره كله له خير وليس ذلك لأحد إلا للمؤمن إن أصابته سراء شكر وكان خيراً له وإن أصابته ضراء صبر فكان خيراً له". رواه مسلم برقم (2999). [/FONT]
[FONT=&quot]وعن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "من نزلت به فاقة فأنزلها بالناس لم تسد فاقته ومن نزلت به فاقة فأنزلها بالله فيوشك الله له برزق عاجل أو آجل" أخرجه الترمذى برقم (2326) وصححه الألبانى.[/FONT]
[FONT=&quot]هل الدعاء يغير المكتوب أو القدر؟ [/FONT]
[FONT=&quot]يحسن بنا أن نجلى هذه القضية فى النقاط التالى: [/FONT]
[FONT=&quot]1-هناك أمور لا دخل للإنسان فيها، فهو مسير فيها رغما عنه كلون بشرته، ونوعه ذكراً أو أنثى وكجنسيته، وكمولده فى التاريخ الذى ولد فيه ، فهذه أمور لا دخل للإنسان فيها، ولذلك لا يحاسب عليها.[/FONT]
[FONT=&quot]2-وما عدا هذه الأمور وهى المساحة الواسعة فى حياة الإنسان داخلة فى اختيار الإنسان وحريته فالإنسان هو الذى يقرر هل سيلتزم بمنهج الله، أم يتمرد عليه؟ ويقرر: هل يسكن هنا أم هناك؟[/FONT]
[FONT=&quot]3-لكن هذه الأمور التى يقررها الإنسان قد سبق فى علم الله تعالى على أى وجه ستكون ، فالإنسان لا يعلم سيتزوج من فى دنياه قبل الزواج، ولكن الله يعلم من قبل أن يخلق الإنسان من ستكون زوجته فعلم الله يحيط بهذا كله، وقد أودع الله كتابه المحفوظ كل أفعال العباد واختياراتهم وآمالهم وآلامهم وديانتهم وغير ذلك، وليس معنى هذا أنه أجبرهم على هذه الأمور، ولكنه علم بعلمه المحيط دقائق هذه الأمور قبل أن تقع . يقول تعالى: (مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَلا فِي أَنْفُسِكُمْ إِلَّا فِي كِتَابٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَهَا إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ) (الحديد:22) . ولتقرير هذا المعنى نضرب هذا المثال: بينما يجلس أحد الأباء مع أولاده إذا بصديقه يطرق عليه الباب، فأراد الأب أن يصرف أولاده ليصفو له الجو مع صديقه، فأعطى لكل ولد من أولاده ديناراً ليتفرقوا من حوله، وأعطاهم حرية التصرف فى هذه الأموال. ثم أقبل الرجل إلى صديقه يحدثه فقال له : أنا أعلم تحديداً ماذا سيفعل كل ولد بما معه من مال. فقال له وماذا سيفعلون؟ فقال: أما الأكبر فإنه سيدخر ديناره ولن ينفق منه شيئاً مهما كثرت المغريات أمامه، وأما الأوسط فإنه سيتصدق به، ولن يأخذ منه شيئاً لنفسه، وأما الأصغر فإنه سيشترى به حلوى نوعها كذا. وبينما هما كذلك إذ أقبل الأولاد الثلاثة وقد صنع كل واحد منهم مثلما أخبر عنه أبوه وكأنما كانوا ينفذون خطة مدروسة، أو صفقة محكمة فتعجب الصديق، فقال له الأب: إنهم أولادى وأنا أعلم بهم، ولله المثل الأعلى ، فالله تعالى يعلم من عباده ماذا سيفعلون فكتب ذلك كله فتأتى أفعالهم على وفق المكتوب تماماً. [/FONT]
[FONT=&quot]4-فهذا هو معنى أن الزواج نصيب ومقدور: معناه أن الله يعلم ذلك، وقد كتبه قبل وقوعه، ولم يجبر الناس على اختياره، والناس لا يعلمون شيئاً عن هذا المكتوب إلا بعد وقوعه، ولم يخبر ربنا الناس بهذه الأمور، وترك لهم الحرية الكاملة فيما يختارون. [/FONT]
[FONT=&quot]5-ولو أن الله أطلع عبداً على ما كتبه الله عنه، فإن العبد لن يملك أن يفعل إلا ما هو مكتوب، مع أنه يفعله باختياره وإرادته، وقد حدث أن أظهر الله تعالى للناس بعضاً من هذه الأمور فلم يملك أصحابها أن يغيروها. [/FONT]
[FONT=&quot]6-أخبر أن أبا لهب سيموت كافراً هو وزوجته، فلم يملك أبو لهب أن يسلم ولو زوراً وبهتانا، واختار الكفر. [/FONT]
[FONT=&quot]7-أخبر بأن اليهود سيقولون للمسلمين إذا حول الله قبلتهم : ما ولاهم عن قبلتهم، فقالوها حينما تغيرت قبلة المسلمين وكأنه مشهد متفق عليه يقول تعالى : ( سَيَقُولُ السُّفَهَاءُ مِنَ النَّاسِ مَا وَلَّاهُمْ عَنْ قِبْلَتِهِمُ الَّتِي كَانُوا عَلَيْهَا قُلْ لِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ) (البقرة:142) [/FONT]
[FONT=&quot]8-والسبب فى أن العبد لا يستطيع تغيير ما هو مسطور حتى لو أظهره الله عليه أن العبد يحب أن يصنع هذا الذى يصنعه، ويختاره ويريده ولو أن أهل الخبرة جميعاً حاولوا أن يردوه فلن يستجيب[/FONT]
[FONT=&quot]9-ولنفترض أنك اطلعت على اللوح المحفوظ فرأيت أنك ستتزوجين فلاناً، وستعيشين معه حياة منغصة وسيريك الويلات وسيذيقك المر والعلقم فقد تقولين: لو أُطلعت على ذلك فلن أتزوجه ولكن الحقيقة أنك برغم اطلاعك هذا ستتزوجينه للأسباب التالية: قد تكونين محبة له ، والمحب لا يرى فى حبيبه عيباً، ولا يبصر منه سوءاً، لكنه يرى منه ما يحب أن يراه فقط، وقد تكونين تكرهينه لكن تضطرك أسباب من صنع البشر لم يجبر الله أحداً عليها على الزواج به، فقد يضطرك أبوك، أو تضرك عادات أو تقاليد، أو بعض المصالح ، وهذه كلها أمور لم يجبر الله الناس عليها، ولكنهم إما أنهم وضعوها بأنفسهم أو استسلموا فيها لغيرهم. [/FONT]
[FONT=&quot]هل قول الإنسان : اللهم اغفر لى إن شئت منهى عنه؟ [/FONT]
[FONT=&quot]يكره للإنسان عند الدعاء أن يقول : اللهم اغفر لى إن شئت، لحديث رواه البخارى ومسلم عن أبى هريرة رضي الله عنه أنه صلى الله عليه وسلم قال: " لا يقولن أحدكم : اللهم اغفر لى إن شئت، اللهم ارحمنى إن شئت، ليعزم المسألة فإنه لا مكره له". البخارى رقم (5979) ومسلم رقم (2679)، وفى رواية لمسلم "ولكن ليعزم وليعظم الرغبة، فإن الله لا يتعاظمه شئ أعطاه" وفى رواية لهما عن أنس رضي الله عنه "إذا دعا أحدكم فليعزم المسألة ولا يقولن: اللهم إن شئت فأعطنى، فإنه لا مستكره له". والكراهة فى هذا القول كراهة تنزيهية لا عقوبة فيها، كما صرح به النووى فى شرح صحيح مسلم.[/FONT]

[FONT=&quot]قال العلماء: سبب الكراهة أنه لا يتحقق استعمال المشيئة إلا فى حق من يتوجه إليه الإكراه، والله تعالى منزه عن ذلك ، وهو معنى قوله فى الحديث "فإنه لا مستكره.. الخ"، وقيل: سبب الكراهة أن فى هذا اللفظ صورة الاستغناء عن المطلوب، والمطلوب منه. [/FONT]

[FONT=&quot]كيف يكون الدعاء مستجاباً؟ [/FONT]
[FONT=&quot]المهم فى الدعاء الحضور والخضوع والخشوع، فعلى الداعى أن يكون حاضر الذهن خاضع القلب متحللاً من المظالم، متحرياً الحلال فى مكسبه متحرياً الأوقات الفاضلة كوقت السحر متحللاً من أسر المعاصى، مقبلاً على الله بتوبة صادقة مشرقة عازماً على الإصلاح، مصمماً على ترك المنكرات آملاً فى عمل الصالحات [/FONT]
[FONT=&quot]لا يحمل فى قلبه لأحد غلا ولا حسداُ ولا حقداً غير داع بسوء أو بقطيعة رحم.[/FONT]
 
الوسوم
الأحكام المتعلقة بالدعاء
عودة
أعلى