الأحكام المتعلقة بالدعاء 2

صفا النعمان

الادارة
طاقم الإدارة
[FONT=&quot]وفي هذا المقال نستكملُ ما كنا قد شرعنا فيه من طرح الأسئلة والأجوبة المتعلقة بالدعاء والتي تشغل بال المسلم[/FONT]
[FONT=&quot]هل يجوز الدعاء بأحد أسماء الله الحسنى ؟ هل يجوز الدعاء بالتسعة والتسعين اسماً فقط ؟ أو هل يجوز الدعاء باسم الحنان المنان أو دليل الحائزين ؟ وهى أسماء زائدة على التسعة والتسعين ؟
ذهب جمهور العلماء من السلف والخلف إلى أن الدعاء يجوزُ بكل اسمٍ له سواء كان من الأسماء الحسنى أو غيرها وكل أسمائه سبحانه حسنى لما يلى:
الوجه الأول : أن التسعة والتسعين اسماً لم يرد فى تعيينها حديث صحيح عن النبى صلى الله عليه وسلم وأشهر ما عند الناس فيها حديث الترمذى الذى رواه الوليد بن مسلم عن شعيب عن أبى حمزة وحفاظ أهل الحديث يقولون هذه الزيادة مما جمعه الوليد بن مسلم عن شيوخه من أهل الحديث وفيها القائل الذى حصر أسماء الله فى تسعة وتسعين لم يمكنه استخراجها من القرآن.
وإذا لم يقم على تعيينها دليلٌ يجب القول به، لم يمكن أن يقال هى التى يجوز الدعاء بها دون غيرها؛ لأنه لا سبيلَ إلى تمييز المأمور من المحظور، فكلُ اسمٍ يجهل حاله يمكن أن يكون من المأمور ويمكن أن يكون من المحظور، وإن قيل: لا تدعوا إلا باسم له ذكرٌ فى الكتاب والسنة قيل: هذا أكثر من تسعة وتسعين.
الوجه الثانى: أنه إذا قيل تعيينها على ما فى حديث الترمذى مثلاً، ففى الكتاب والسنة أسماء ليست فى ذلك الحديث مثل اسم (الرب) فإنه ليس فى حديث الترمذى وأكثر الدعاء المشروع إنما هو بهذا الاسم، كقول آدم:
(رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنْفُسَنَا) (الأعراف : 23) وقول نوح: ( رَبِّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ أَنْ أَسْأَلَكَ مَا لَيْسَ لِي بِهِ عِلْم) (هود: 47)وقول إبراهيم: ( رَبَّنَا اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ ) (إبراهيم:41) وقول موسى: (رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي فَاغْفِرْ لِي) (القصص: 16) وقول المسيح: ( اللَّهُمَّ رَبَّنَا أَنْزِلْ عَلَيْنَا مَائِدَةً مِنَ السَّمَاء) (المائدة : 114).
وأمثال ذلك حتى أنه يذكر عن مالك وغيره أنهم كرهوا أن يقال: يا سيدى بل يقال: يا رب لأنه دعاء النبيين وغيرهم كما ذكر الله فى القرآن.
وكذلك اسم (المنان) ففى الحديث الذى رواه أهل السنن، أن النبى صلى الله عليه وسلم : " سمع داعياً يدعو: اللهم إنى أسألك بأن لك الملك أنت المنان بديع السموات والأرض يا ذا الجلال والإكرام يا حي يا قيوم، فقال النبى صلى الله عليه وسلم : لقد دعا الله باسمه الأعظم الذى إذا دعى به أجاب وإذا سئل به أعطى" أخرجه أبو داود فى سننه برقم (1495) وصححه الألبانى وهذا رد لقول من زعم أنه لا يوجد فى أسمائه المنان.
وقد قال الإمام أحمد رضي الله عنه لرجل ودعه قل: يا دليل الحائرين دلنى على طريق الصادقين واجعلنى من عبادك الصالحين.
وقد أنكر طائفة من العلماء أن يكون من أسمائه (الدليل) لأنهم ظنوا أن الدليل هو الدلالة التى يُستدلُ بها والصواب ما عليه الجمهور؛ لأن الدليل فى الأصل هو المعرف للمدلول ولو كان الدليل ما يستدل به فالعبد يستدل به أيضاً فهو دليل من الوجهين جميعاً.
وقد ثبت فى الصحيح عن النبى صلى الله عليه وسلم أنه قال: " إن الله وتر يحب الوتر " وليس هذا الاسم فى هذه التسعة والتسعين. أخرجه مسلم برقم (2677)، وثبت عنه فى الصحيح أنه صلى الله عليه وسلم قال: "إن الله جميل يحب الجمال" أخرجه مسلم برقم (3789) وليس هو فيها وفى الترمذى وغيره أنه صلى الله عليه وسلم قال: "إن الله نظيف يحب النظافة " أخرجه الترمذى فى سننه برقم (2799) وضعفه الألبانى وليس هذا فيها، وفى الصحيح عنه أنه صلى الله عليه وسلم قال: " إن الله طيب لا يقبل إلا طيباً " أخرجه مسلم برقم (1015)، وليس هذا فيها وتتبع هذا يطول.
الوجه الثالث: ما احتج به الخطابى وغيره، وهو حديث ابن مسعود رضي الله عنه عن النبى صلى الله عليه وسلم أنه قال: "ما أصاب عبداً قط همٌ ولا حزنٌ فقال: اللهم إنى عبدك وابن عبدك وابن أمتك ناصيتى بيدك ماضٍ فىَّ حكمك عدلٌ فى قضاؤك أسألك بكل اسم هو لك سميت به نفسك، أو أنزلته فى كتابك أو أعلمته أحداً من خلقك أو استأثرت به فى علم الغيب عندك أن تجعل القرآن العظيم ربيع قلبى وشفاء صدرى، وجلاء حزنى وذهاب غمى وهمى، إلا أذهب الله همه وغمه وأبدله مكانه فرحاً قالوا: يا رسول الله: أفلا نتعلمهن قال: بلى ينبغى لمن سمعهن أن يتعلمهن " أخرجه أحمد فى مسنده برقم (3712) وابن حبان فى صحيحه برقم (972) وإسناده ضعيف.
قال الخطابى وغيره : فهذا يدل على أن له أسماءً استأثر بها وذلك يدل على أن قوله: " إن لله تسعة وتسعين اسماً من أحصاها دخل الجنة" أخرجه البخارى برقم (2585) كما يقول القائل : إن لى ألف درهم أعددتها للصدقة وإن كان ماله أكثر من ذلك، والله فى القرآن قال : ( وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا ) (الأعراف : 180) فأمر أن يدعى بأسمائه الحسنى مطلقاً ولم يقل: أسماؤه الحسنى تسعة وتسعين اسماً والحديث قد سلم معناه.
ما المراد بقول الله تعالى: ( وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ) (البقرة: 238) وما حكم القنوت فى الصلاة؟
قال الشافعى (رحمه الله): قد يحتمل القنوت: القيام كله فى الصلاة وروى عن عبدالله بن عمر رضى الله عنهما: قيل أى الصلاة أفضل؟ قال: طول القنوت هذا حديث مرفوع إلى النبى صلى الله عليه وسلم أخرجه مسلم فى صحيحه برقم (756)وقال طاووس : القنوت طاعة الله عز وجل.
وقال الشافعى رحمه الله: فلما كان القنوت بعض القيام دون بعض لم يجز -والله أعلم- أن يكون إلا ما دلت عليه السنة من القنوت للدعاء دون القراءة قال: واحتمل قول الله (عز وجل): ( وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ) قانتين فى الصلاة كلها وفى بعضها دون بعض.
فلما قنت رسول الله صلى الله عليه وسلم فى الصلاة، ثم ترك القنوت فى بعضها وحفظ عنه القنوت فى الصبح بخاصة، دل هذا على أنه إن كان الله أراد القنوت فى الصلاة قلما أراد به خاصاً واحتمل أن يكون فى الصلوات عند النوازل واحتمل طول القنوت: طول القيام واحتمل القنوت: طاعة الله واحتمل السكات.
قال الشافعى : ولا أرخص فى ترك القنوت فى الصبح قال: لأنه إن كان اختيار من الله ومن رسوله صلى الله عليه وسلم : لم أرخص فى ترك الاختيار وإن كان فرضاً: كان مما لا يتبين تركه ولو تركه تارك: كان عليه أن يسجد للسهو؛ كما يكون ذلك عليه لو ترك الجلوس فى شئ.

وروى عن أبى رجاء العطاردى أنه قال: صلى بنا ابن عباس رضى الله عنهما صلاة الصبح وهو أمير على البصرة فقنت ورفع يديه: حتى لو أن رجلا بين يديه لرأى بياض إبطيه، فلما قضى الصلاة أقبل علينا بوجهه فقال: هذه الصلاة: التى ذكرها الله (عز وجل) فى كتابه: ( حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلاةِ الْوُسْطَى وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ) (البقرة : 238).
ما حكم قولك فى الدعاء أسألك بمقعد العز من عرشك؟
والدعاء بمقعد العز من العرش مكروهٌ حيث يكره أن يقول : اللهم إنى أسالك بمعقد العز من عرشك وللمسألة عبارتان: بمعقد وبمقعد فالأولى من العقد والثانية من القعود تعالى الله عن ذلك علواً كبيراً ولا شك فى كراهية الثانية لاستحالة معناها على الله تعالى وكذا الأولى؛ لأنه يوهم أن عِزَّهُ متعلقٌ بالعرش والعرش حادث، وما يتعلق به يكون حادثاً ضرورةً والله متعالٍ عن تعلق عزهِ بالحادث بل إنَّ عِزَّهُ قديم؛ لأنه صفته وجميع صفاته قديمةٌ قائمةٌ بذاتِهِ لم يزل موصوفاً بها فى الأزل ولن يزال فى الأبد، ولم يزدد شيئاً من الكمال لم يكن له فى الأزل بحدوث العرش وغيره، وإن كان بعضُ العلماء أجازها دون كراهةً معتمداً على ما يلى: عن أبى يوسف رحمه الله أنه قال: لا بأس به وبه أخذ الفقيه أبو الليث لما روى أنه عليه الصلاة والسلام كان من دعائه: "اللهم إنى أسألك بمقعد العز من عرشك، ومنتهى الرحمة من كتابك وباسمك الأعظم وجدك الأعلى وكلماتك التامة " وفى تقديرى أن الأحوط الامتناع لكونه خبراً واحداً فيما يخالفُ القطعى إذ المتشابه يثبتُ بالقطعى ولو جعل العز صفةً للعرش كان جائزاً؛ لأن العرش موصوفٌ فى القرآن بالمجد والكرم فكذا بالعز ولا يشك أحدٌ أنه موضعُ الهيبة وإظهار كمال القدرة وإن كان الله تعالى مستغنياً عنه.

هل يجوز أن يسألَ المسلمُ ربَهُ بحق نبيه أو وليه أو بيته؟
يُكرهُ أن يقول المسلم فى دعائه (بحق فلان) وكذا بحق أنبيائك أو أوليائك أو رسلك أو بحق البيت أو المشعر الحرام إذ لا حق للخلق على الله تعالى، وإنما يختص برحمته من يشاء بلا وجوبٍ عليه ولو قال رجل لغيره : بحق الله أو بالله أن تفعل كذا لا يجب عليه أن يأتى به شرعاً وإن كان الأولى أن يأتى به.
ما الذى كان يعظمه النبى صلى الله عليه وسلم من الدعاء؟
ما كان النبى صلى الله عليه وسلم يعظمه من الدعاء هو ما حدثنا الفضل بن دكين عنه قال حدثنا فِطْرُ عن عبد الرحمن بن سابط قال : "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يدعو بهؤلاء الكلمات ويعظمهن: " اللهم فارج الهم وكاشف الكرب ومجيب المضطرين ورحمن الدنيا والآخرة ورحيمهما ارحمنى اليوم رحمة واسعة تغنينى بها عن رحمة من سواك " حديث موضوع ينظر: تذكرة الموضوعات (1/348) وضعيف الترغيب والترهيب 1/285 برقم (1143).
وعليه يجب الدعاء بجوامع الكلم الواردة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، انظر آداب الدعاء (الفصل الأول).
[/FONT]
 
الوسوم
الأحكام المتعلقة بالدعاء
عودة
أعلى