من أنواع التكافل الاجتماعى فى الإسلام

صفا النعمان

الادارة
طاقم الإدارة
[FONT=&quot]مفهوم التكافل الاجتماعى فى الإسلام مفهوم واسع، لا يقتصر على نوع واحد، بل يشمل أنواعاً كثيرة، منها:
1-التكافل الأدبى: وهو أن يشعر الإنسان باحترام الآخرين، وحبه لهم، والتعاون معهم في جميع المجالات؛ لأن هذا هو الطريق المنطقى الذي يقوم عليه المجتمع الصالح، وقد دعا النبي صلى الله عليه وسلم إلى هذا في كثير من أحاديثه فقال: "مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم مثل الجسد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى" ، وقال أيضاً: "لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه" رواه البخاري ومسلم وأحمد، وهكذا نرى أن الإسلام يدعو إلى بناء المجتمع على أساس المحبة والتعاون بين الأفراد، وهذا هو مفهوم التكافل في معناه الحقيقي.
2-التكافل العلمي: دعا الإسلام إلى العلم، وحض عليه، وجعل المتعلمين في مرتبة عالية، قال تعالى: { يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ }[المجادلة: 11]،قال أيضاً: {وَتِلْكَ الْأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ وَمَا يَعْقِلُهَا إِلَّا الْعَالِمُونَ}[العنكبوت:43]، وقال النبي صلى الله عليه وسلم: "إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث: صدقة جارية، أو علم ينتفع به، أو ولد صالح يدعو له"، وقال أيضاً: "العالم والمتعلم شريكان في الأجر ولا خير في سائر الناس"رواه ابن عبد البر.
العلم يحظى في المجتمع الإسلامي بمكانة كبيرة، وكان العلماء في التاريخ الإسلامي يجلسون في المساجد، ويعلمون الناس، ويحتسبون أجرهم عند الله.
3-التكافل الدفاعي: وهو مسئولية الأفراد عن مستقبل أمتهم ووطنهم، وتعاونهم في هذا المجال لمنع الانحراف الذي يصدر عن السلطة القائمة، قال النبي r: "كلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته" رواه البخاري ومسلم، استطاع هذا التكافل أن يقف في وجه الانحراف الذي كان يقع في التاريخ الإسلامي من بعض القائمين بالأمر. ويجب على كل فرد في المجتمع الإسلامي أن يسهم في الدفاع عن بلاده ضد الأعداء، قال تعالى: {انْفِرُوا خِفَافاً وَثِقَالاً }[التوبة: 41]. وقرر الفقهاء أن العدو إذا استطاع أن يأسر مسلماً في أقصى المشرق فعلى المسلمين جميعاً أن يهبوا للدفاع عن هذا الأسير لتخليصه من الأسر، وقصه المرأة المسلمة التى أسرها الروم فنادت، وهي في الأسر (وامعتصماه) مشهورة في كتب التاريخ والسنة.
4- التكافل الجنائي:
اتفق الفقهاء على أن القاتل إذا قتل خطأ فإن الدية تجب على عائلته وهم أقاربه وعشيرته، وثبت هذا الحكم بالسنة والإجماع، وصح عنه صلى الله عليه وسلم أنه قضى بدية المرأة المقتولة ودية جنينها على عصبة القاتلة، والأصل أن تبعة جناية الشخص تقع على نفسه، ولكن السنة جاءت بتعميم هذا الخصوص؛ لأن فرض جميع الدية على القاتل وحده قد يأتى على جميع ماله، ولما كان القتل خطأ، ولا يؤمن تتابع الخطأ- أوجبت الشريعة الإسلامية على أقارب القاتل أن يساهموا في دفع الدية تكافلا وتضامنا.
ونلاحظ أن هذا مثال رفيع على وجوب التكافل الجنائي في المجتمع الإسلامي؛ لأن القاتل في حالة الخطأ لا يُسأل مسئولية كاملة عن جريمته؛ لأن القصد السيء لم يتوفر فيها، ولا يمكن أن يهدر دم المقتول في جميع الظروف سواء أكان القتل عمداً أم خطأ؛ لأن فعل القتل قد وقع، فكانت المصلحة أن تشترك عشيرة القاتل في دفع الدية عنه، دفعاً للضرر الذي يلحقه نتيجة تصرف غير مقصود، وتأميناً لحق أهل القتيل فى دية قتيلهم.
5- التكافل الأخلاقي: ونعني به مسئولية المجتمع الإسلامي بجميع أفراده، عما يصدر من هؤلاء الأفراد من تصرفات تسيء إلى المجتمع وقيمه ومقدساته؛ لأن المجتمع ملك للجميع، وكل ضرر يلحق به من جراء تصرف فرد فيه فإن هذا الضرر يلحق بجميع أفراده؛ ولذلك يجب أن يشترك المسلمون جميعاً في الحفاظ على هذا المجتمع، بأن يكونوا حراساً عليه، فيأمروا بالمعروف وينهوا عن المنكر،ـ لقول النبي صلى الله عليه وسلم"من رأى منكم منكراً فليغيره بيده فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه، وذلك أضعف الإيمان" رواه الترمذي وقد عبر النبي الكريم عن معنى التكافل تعبيراً دقيقاً، وبين الأضرار التي تلحق بالمجتمع من التصرفات السيئة التي يقوم بها بعض أفراده، كما ذكرنا فى حديث السفينة.
6- التكافل الاقتصادي: وهو أن يشعر الأفراد بواجبهم نحو أفراد مجتمعهم، فلا يقدمون على بعض التصرفات التي قد تلحق الضرر بالناس، كالغش في المعاملات، والتطفيف في الكيل، واحتكار الأقوات الضرورية، التي يحتاج إليها الناس، واستغلال حاجة المحتاجين لإجبارهم على التعامل بالربا، وغير ذلك من التصرفات التي حرمها الإسلام لأنها تلحق أضراراً كبيرة بالناس.
ولم يكتف الإسلام بتحريم هذه التصرفات بل اتخذ طريقاً إيجابياً لمنع وجودها،
فأوجب على الدولة أن تتدخل في المجالات الاقتصادية عند الحاجة إلى ذلك لتمنع المحتكرين من الاحتكار، وسمح لولي الأمر أن يصادر هذه الأموال المحتكرة، وكل كسب ينتج عن طريق الإضرار بالناس؛ لأنه كسب غير صحيح، ولذلك أجاز بعض الفقهاء لولي الأمر أن يتدخل في الأسواق ليسعر الحاجات والسلع، حتى لا يتلاعب البائعون في الأسعار ويستغلوا جهل الناس، ليحققوا من وراء ذلك ربحاً كبيراً.

7-التكافل المعاشي والمادي:
وهو التكافل المادى بين أفراد المجتمع، ويطلق عليه مجازاً "التكافل الاجتماعي" مع أن كلمة التكافل الاجتماعي أعم بكثير من التكافل المعاشي، وقد انتقلت إلينا هذه التسمية من الحضارة الغربية التي تطلق كلمة التكافل الاجتماعي على التكافل المعاشي، لأنها لا تعرف إلا النواحي المادية دون غيرها.
وفيه تكفل الدولة حقوق الفقراء، والمحتاجين والمقعدين وغيرهم، كما أن لهم حقوقاً فى بيت مال المسلمين من الأموال التي تجبى من الصدقات والضرائب.
ولا شك أن هذه الموارد قادرة على تغطية جميع النفقات التي تحتاج إليها الدولة للإنفاق على هؤلاء المحتاجين.
هذه هى بعض صور التكافل بين المجتمع المسلم الذى يقوم فيه كل فرد بدوره ليكتمل البناء الإسلامى الشامخ.

[/FONT]


 
الوسوم
أنواع الإسلام الاجتماعى التكافل فى من
عودة
أعلى