الإيمان وشخصية المسلم

صفا النعمان

الادارة
طاقم الإدارة
[FONT=&quot]إن التربية الإيمانية هي الأساس في تكوين الشخصية المسلمة وصناعتها، وبذلك تحدد قوته الإيمانية، فمتى صحت عناصر الإيمان لديه استقامت شخصيته، فقائده الإيماني هو الذي يرشده إلى دوره في هذه الحياة، وما له وما عليه. فمثلاً: يعلم باعتقاده أن الله تعالى هو الرزاق، فبذلك يعلم أن الرزق لا يسوقه حرص حريص، ولا يرده كراهية كارهٍ، وبذلك - أيضًا - فهو يتخلص من البخل .[/FONT]
[FONT=&quot] [/FONT]
[FONT=&quot] [/FONT]
[FONT=&quot]ومن ذلك: أن يهديه اعتقاده أن الله - تعالى - هو الذي يقدر الأشياء بقدره، وأننا مملوكون له - عز وجل - وليس لنا التصرف فيما قدره وقضاه، وبذلك فيكون المسلم صابرًا إذا ما قضي عليه ابتلاء من الله - عز وجل - وبذلك يكون جلدًا صابرًا، وتكون شخصيته قوية بناءة مفيدة للمجتمع. [/FONT]
[FONT=&quot]فيعلم المسلم أن للإيمان مظهرين : فعل، وترك، وأن جوهر الدين يتمثل في أداء الفرائض واجتناب النواهي، بل إن اتقاء المحارم أجلى مظهر للعبادة، وأقرب طريق إلى صدق الإيمان، كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: اتق المحارم تكن أعبد الناس .[/FONT]
[FONT=&quot]إن التنمية الإيمانية تجعل المسلم في سعادة نفسية، واطمئنان قلبي، وتوازن في كيان الإنسان، بعكس اليهودية التي أرادت أن تجسد المادية في الإنسان، والنصرانية التي حاولت عبثًا أن تصنع من الإنسان ملكًا... ويرجع ذلك إلى أن التنمية الإيمانية نظام متكامل لترقية الإنسان الخليفة؛ حتى يستحق هذا المقام الكريم، ويؤدي التكليف الإلهي له على الوجه الأكمل.[/FONT]
[FONT=&quot]على أن النظام العبادي في الإسلام لا يؤدي إلى الانقطاع عن الحياة؛ لأن الإنسان عندما يرتفع بالنظام الروحي لا يبقى في علم الروح المجرد، وإنما يرجع على هذا العالم المادي؛ لكي ينظفه، ويطرد منه شياطين الإنس والجن.[/FONT]
[FONT=&quot]وتتناول التنمية الإيمانية الفرد المسلم من خلال المقومات الرئيسة للشخصية المسلمة؛ تلك المقومات الأساسية هي: العقيدة والعبادة والأخلاق. والمسلم الذي تكونه هذه العناصر الفاضلة هو الفرد الصالح الذي يسعد به المجتمع، ويؤدي دوره في الحياة، أما الذي ينحرف عن دينه، ويجهل مقوماته فهو خطر على نفسه، وعلى المجتمع، وهو عنصر هدام.[/FONT]
[FONT=&quot]نعم، فالإنسان حين يخلو من العقيدة الدافعة والمثل الموجهة، والضوابط الخلقية يسهل عليه حينئذ خيانة كل عهد، والانحراف عن كل خير.[/FONT]
[FONT=&quot]كما تجعل التنمية الفرد يحيا بأخلاق صحيحة، ويظل مستمسكًا بهذه الأخلاق مهما تغيرت أمامه الظروف، فهي أشبه بالتمارين الرياضية التي يقبل الإنسان ملتمسًا من المداومة عليها عافية البدن وسلامة الحياة.[/FONT]
[FONT=&quot]والقرآن الكريم والسنة المطهرة يكشفان بوضوح عن هذه الحقائق؛ فالصلاة الواجبة عندما أمر الله تعالى بها أبان الحكمة من إقامتها فقال: [وَأَقِمِ الصَّلاَةَ إِنَّ الصَّلاَةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنكَرِ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ] [العنكبوت: 45].[/FONT]
[FONT=&quot]والتنمية الإيمانية تعنى بتشكيل الفرد المسلم إلى الخضوع لله والانقياد له سبحانه؛ بامتثال أمره واجتناب نهيه، والانشغال بالتفكر فيه، وبسلوك المسالك المحببة إليه عن رغبة وحب، فهي لها عنصران: عنصر الامتثال والانقياد، وعنصر الشوق والمحبة والتذلل له سبحانه.[/FONT]
[FONT=&quot]كما يجعله أيضًا مفتاحًا للخير، مصدرًا للبركة، مقدامًا عند الملمات، معاونًا لكل المحتاجين، مخلصًا في أعماله جميعًا؛ لأنه يطيع الله بذلك ويعبده، وينتظر عليه الجزاء [يَوْمَ لاَ يَنفَعُ مَالٌ وَلاَ بَنُونَ * إِلاَّ مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ] [الشعراء: 88 - 89].[/FONT]
[FONT=&quot]كما تجعل التنمية الإيمانية المسلم -بجانب تضرعه لله وانقياده له- راضيًا عن قضاء الله وقدره خيره وشره.[/FONT]
[FONT=&quot]فكما أن سنة الله قد ربطت الشبع والري بالطعام والشراب في عالم المادة، فإن سنته تعالى في عالم النفس والروح ربطت الفرح والروح، وهذا من شأنه أن يصنع شخصية المسلم صناعة فريدة، تجعله أهلاً لتحمل تكاليف ربه سبحانه وتعالى؛ فإن شخصية المسلم لا تتغير ولا تتبدل بتغير وتبدل أحواله، ولا بتغير الزمان والمكان.[/FONT]
[FONT=&quot]فالمسلم إذا حزن فهو حزن عارض موقوت كغمام الصيف، سرعان ما ينقشع إذا ذهبت عليه ريح الإيمان، حتى النفوس المنقبضة الطبائع المتشائمة ينشر الإيمان عليها من ضيائه وإشراقه؛ فيبدد كثيرًا من ظلامها، ويخفف كثيرًا من انقباضها، ويطارد أسباب السخط والتشاؤم من وجودها.[/FONT]
[FONT=&quot]نخلص مما سبق أن التنمية الإيمانية تعمل على الارتقاء والسمو بالفرد المسلم من خلال:[/FONT]

  • تصفية فطرة الإنسان، وتنقيتها من الشوائب التي علقت بها، وردها إلى فطرتها التي خلقها الله عليها: [فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا فِطْرَةَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لاَ تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لاَ يَعْلَمُونَ] [الروم: 30].
[FONT=&quot] - الرقي بالنفس البشرية من الشهوانية إلى الروحية.[/FONT]
[FONT=&quot]- منع النفس البشرية من الانزلاق في مهاوي الهلاك والهبوط إلى دركات الحيوانية.[/FONT]
[FONT=&quot]- توجيه سلوك المسلم إلى الحقيقة الإنسانية، ومِن ثم التحرر من الأباطيل والخرافات، والموروثات القبلية والجاهلية.[/FONT]
[FONT=&quot]وقد عمل الإسلام على تحرير المسلم من كل الموروثات القبلية والعادات الجاهلية، وتحويلها على شخصية ربانية تعمل وفق كتاب الله تعالى، وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم.[/FONT]
[FONT=&quot]فالمرأة كانت قبل الإسلام تألف التبرج، وتستهين بالعقاب، فجاء الإسلام فصان كرامتها، وأخذ بيدها إلى مستوى الإنسانية، وحدد لها رسالة تقوم بها في الحياة، فلماذا يريدون لها في هذا العصر أن تنتكس إلى الجاهلية شيئًا فشيئًا، وأن تمتهن كرامتها، وتكتسب بعرضها، وتعيش على حساب أنوثتها! وأي سند لهذا العبث من علم أو فكر! وأي صلة له بالتقدم والحضارة![/FONT]
[FONT=&quot]والخمر التي أثبت العلم أنها داء مدمر، وعدو مخيف، ومن أجل هذا حرمها الله، فأيّ صلة لها بالحضارة والتقدم، حتى تصبح طابعًا عصريًّا للمدنية في هذا الزمان .[/FONT]
[FONT=&quot]وختامًا، فإن منهج التربية الإيمانية له هدف وغاية؛ فهدفه العمل على القضاء على الفساد في الأرض، وطرح الطمأنينة والسلام، وغايته رفاهية العقل بالعلم وبناء شخصية المسلم مؤمنًا بالله والعقل والعلم، وتعضده بالدليل، وتخضع لأوامر الله ونواهيه وقضائه وقدره.[/FONT]
[FONT=&quot]فبالتنمية الإيمانية ينتشر نور الحق، وتعم الهداية؛ فإن الباطل سيفر بطبيعته؛ لأن هذه سنة الحياة، قال تعالى: [وَقُلْ جَاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقًا] [الإسراء: 81].[/FONT]
 
الوسوم
الإيمان المسلم وشخصية
عودة
أعلى