الإيمان علاج اليأس والإحباط

صفا النعمان

الادارة
طاقم الإدارة
[FONT=&quot]عندما يرتفع رصيد الإيمان في قلب المسلم ، ترتفع معه قدرته على التحمل ، كما قال النبي الكريم صلى الله عليه وسلم " وَمِنَ اليَقِينِ مَا تُهَوِّنُ بِهِ عَلَيْنَا مُصِيبَاتِ الدُّنْيَا " ومصائب الدنيا تبدأ كبيرة ثم تصغر بالإيمان واليقين ؛ وهنا تظهر أهمية الإيمان للتغلب على اليأس والإحباط والقنوط من رحمة الله تعالى حيث ينشأ من الإيمان بالله أنفة النفس وعزتها؛ فينشأ عن ذلك تواضع من غير ذل، وترفع من غير كبر، فلا يكاد ينفخ أوداجه شيطان الغرور ويزهيه بقوته؛ لأنه يعلم ويستيقن أن الله الذي وهبه كل ما عنده قادر على سلبه إياه إذا شاء، أما الملحد فإنه يتكبر ويبطر إذا حصلت له نعمة عاجلة.

كما أن المؤمن بالله يعلم علم يقين أنه لا سبيل إلى النجاة والفلاح إلا بتزكية النفس والعمل الصالح، أما المشركون والكفار فإنهم يقضون حياتهم على آمال كاذبة، فمنهم من يقول: إن ابن الله قد أصبح كفارة عن ذنوبنا عند أبيه! ومنهم من يقول: نحن أبناء الله وأحباؤه فلن يعذبنا بذنوبنا! ومنهم من يقول: إنا سنشفِّع عن الله كبراءنا وأتقياءنا! ومنهم من يقدم النذور والقرابين إلى آلهته، زاعمًا أنه قد نال بذلك رخصة في العمل بما يشاء.
أما الملحد الذي لا يؤمن بالله فيعتقد أنه في هذه الدنيا غير مقيد بشرع الله تعالى، وإنما إلهه هواه وشهوته وهو عبدها.
والمؤمن بالله تعالى لا يتسرب إليه اليأس، ولا يقعد به القنوط؛ لأنه مؤمن أن الله له خزائن السماوات والأرض، ومن ثم فهو على طمأنينة وسكينة وأمل، حتى ولو طُرد وأُهين وضاقت عليه سبل العيش.
إن عين الله لا تغفل عنه، ولا تسلمه لنفسه، وهو يبذل جهده متوكلاً على الله تعالى، بخلاف الكافر الذي يعتمد على قواه المحدودة، وسرعان ما يدب إليه اليأس، ويساوره القنوط عند الشدائد مما يفضي به أحيانًا إلى الانتحار.
والإيمان بالله يربي الفرد على قوة عظيمة من العزم والإقدام والصبر والثبات والتوكل، حينما يضطلع بمعالي الأمور ابتغاء مرضاة الله، إنه يشعر أنه وراء قوة مالك السماوات والأرض؛ فيكون ثباته ورسوخه وصلابته التي يستمدها من هذا التصور كالجبال الراسية وأنى للكفر والشرك بمثل هذه القوة والثبات؟!
والإيمان يشجع الإنسان ويملأ قلبه جرأة؛ لأن الذي يجبن الإنسان ويوهن عزمه شيئان :
حبه للنفس والمال والأهل، واعتقاده أن هناك أحدًا غير الله يميت الإنسان، فإيمان المرء بالله تعالى، ينزع عن قلبه هذين السببين؛ فيجعله موقنًا أن الله هو المالك الوحيد لنفسه وماله، فعندئذ يضحي في سبيل مرضاة ربه بكل غال ورخيص عنده، وينزع الثاني بأن يلقي في روعه ألا يقدر على سلب الحياة منه إنسان ولا حيوان ولا قنبلة ولا مدفع ولا سبع ولا حجر، وإنما يقدر على ذلك الله وحده .
ومن أجل ذلك لا يكون في الدنيا أشجع ولا أجرأ ممن يؤمن بالله، فلا يكاد يخيفه، أو يثبت في وجهه زحف الجيوش، ولا السيوف المسلولة، ولا مطر الرصاصات والقنابل، بعكس المشركين والكفار والمنافقين الذين لا يقاتلون إلا في قرى محصنة أو من رواء جدر.

ويتلخص دور الإيمان في حياة المؤمن فيما يلي :

  • في جانب العقيدة: يعتقد ألا إله إلا الله، فلا معبود إلا الله.
  • في جانب التشريع: لا حاكم ولا مشرع إلا الله، فهو المنظم لحياة البشر ولعلاقاتهم وارتباطاتهم بالكون والأحياء وبني الإنسان، فيتلقى المسلم منهج حياته ونظام معيشته وقواعد ارتباطاته وميزان قيمه من الله عز وجل.
  • في جانب الفكر والوجدان: حالة من الانضباط؛ لأن من يوقن أنه خاضع لله خضوعًا مطلقًا، وأن إلهه إله واحد لا شريك له، وهو المشرع الموجه له، فإنه بذلك يتحدد اتجاهه، فيعرف من هو؟ وما غاية و جوده؟ وما حدود سلطاته؟ فيعمل مع ما ومَن حوله في حدود مضبوطة، دون زلل أو زيغ، فلا ينظر إلى نفسه نظرة دونية كمن يعتبر الإنسان ينحدر من سلالة القرود، أو ينظر إليه نظرة مغالية فيعطيه أكبر من حقه؛ كمن يتصور الإنسان طاغية جبارًا يصارع الأقدار. أو بتعبير آخر: إلهًا صغيرًا، فالإنسان المسلم إنسان فقط خلق لرسالة وغاية شرفه بها مرسله وخالقه .
فيعتقد المسلم أن كل ما في الكون من ثروات طبيعية أو غير طبيعية إنما هو ملك الله عز وجل، بما في ذلك الإنسان والحيوان والنبات الجماد والملائكة والجن... إلخ؛ لأنه خالق كل شيء وموجده، والمتصرف فيه كيف يشاء، قال الله تعالى: [قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَن تَشَاءُ وَتَنزِعُ الْمُلْكَ مِمَّن تَشَاءُ وَتُعِزُّ مَن تَشَاءُ وَتُذِلُّ مَن تَشَاءُ بِيَدِكَ الْخَيْرُ إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ] [آل عمران: 26]. وقال تعالى: [وَلِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ] [آل عمران: 129].
والله عز وجل استخلف الإنسان لعمارة هذه الأرض، وسخر له كل شيء فيها، ولم يقيده إلا بطاعته والاهتداء بهديه، فماذا لله عز وجل؟ وماذا للإنسان من ملكية في هذه الأرض؟
إن الملك لله حقيقة وللبشر استخلافًا ونيابة، ولكن ما معنى هذا؟ إن معنى هذا أن المالك الحقيقي للأشياء هو الله تعالى؛ لأن منطقنا البشري يقتضي أن يكون خلاق كل شيء هو مالكه، وأن الإنسان مستخلف فيما وهبه الله من مال؛ لينتفع به، والإنسان هنا ليس فردًا أو شخصًا معينًا به، بل هو الناس جميعًا.
[/FONT]


 
الوسوم
الإيمان اليأس علاج والإحباط
عودة
أعلى