السباق والمتسابقين

صفا النعمان

الادارة
طاقم الإدارة
[FONT=&quot]
إن استطعتَ ألا يتقدمَ عليك أحدٌ فـي الإيمان فـافعل .
بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين، إن الحمد لله، له الملك، والملكوت، وهو الحي الذي لا يموت، سبحَ الرعدُ بـ حمده، والملائكةُ من خيفتِهِ، ويرسلُ الصواعقَ فـ يصيبُ بها من يشاء، وهم يجادلون في الله، وهو شديد المحال، له دعوةُ الحق، لك الحمد على نعمةِ العافية، ولك الحمدُ على تمام العافية، ولك الحمدُ على مزيد الإنعام، وكريمِ الإحسان، تتفضل علينا بـ فضلك، وتجود علينا بـ جودك، فـ أنت الجواد، وأنت الكريم، وأنت العظيم، وأنت الحليم، الصلاة والسلام على خير الخلق وإمامهم، وسيدهم في بعثهم ونشرهم، البشير النذير، السراج المنير، الصادق الوعد الأمين .
إن استطعتَ ألا يسبقكَ إلى الله أحدٌ فـي الإيمان فـافعل .
وهي من حكمِ التابعي وُهيب بن الورد ذلك العبدُ الصالحُ الذي تأثرتُ به في حياتي كثيراً، وهو من كبارِ الصالحين، وهذه الحكم التراثيةُ تعلمُنَا بـأمثالِ هؤلاء الأكابر لأن هذه الحكم ليست كلماتٌ تملأ بها المجالس وتملأُ بها الأفواهُ إنما هي أنوارٌ تجددُ خلايا الإيمان في جسدِ أُمةِ الإسلام .
إن استطعتَ أن لا يتقدمَ عليك أحدٌ في الإيمان فافعل .
إن استطعتَ ألا يتقدمَ عليك أحدٌ في ذكرِ اللهِ تعالى فافعل .
إن استطعتَ ألا يتقدمَ عليك أحدٌ في مهنتِكَ فافعل .
إن استطعتَ أن تكونَ أولَ من يدخلُ المسجدَ فافعل .
إن استطعتَ أن تكونَ آخر من يخرجُ من المسجد فافعل .
موضوعُ الأسبقيةِ إلى الله تعالى، موضوعٌ جميلٌ جداً، الحياة كلُها عبارةٌ عن كلمةٍ واحدةٍ، أُينا أسبقُ، الحياةُ الشريفةُ، عبارةٌ عن تنافس، كما يقولُ الإمامُ الحسنُ بن علي، رضي الله تعالى عنه، إذا نافسَكَ الناسُ في الدنيا، فـ نافِسهُم في الآخرة، المقصود بـ هذا أن موضوعَ المنافسة، مع النفس، والمنافسةِ مع الآخرين، في مجالِ الطاعة، هي التي تُعطي لك الهمةَ العالية .
الهمةُ العاليةُ لا تأتي إلا بـ هذا، الإنسان ينظرُ إلى أصحابِ الهمم .
ماذا كانوا يفعلون ؟ ويفعل بعض ما يفعلون، لن أقول لك كن أبا خيثمة، ولن أقول لك كن كـ أبي حنيفة النعمان، الذي ظل أربعينَ سنةً، يصلي صلاةَ الفجرِ، بـ وضوءِ صلاةِ العشاء، هذه مسألةٌ صعبةٌ عليك .
لن أقولَ لك اخرج في طلبِ العلم، كما خرجَ ابنُ القيم، وغيرُهُ، وسافر ستةَ أشهر، لكي تتعلم حديثاً شريفا واحداً، هذه مجالاتٌ في المنافسة، لكنها صعبةٌ عليك، ولن أقول لك، قم من الليل حتى تنفطر قدماك، كما كان يفعلُ سيدُنَا صلى الله عليه وسلم، ولن أقولَ لك، نافِس في أبوابِ الإنفاق، حتى تكون كـ عبد الرحمن بن عوف، ولن أقول لك تصدق بـ كل ما تملك، كما فعل الصديق، رضي الله تعالى عنه .
عندنا نماذج من أصحابِ الهمةِ العالية، الذين إذا ذكرناهم في مجالِسِنَا، ارتفعت قيمةُ المجالس، وإذ ذكرناهم في دروسِنَا، ارتفعت قيمةُ هذه الدروسِ العلمية، والدينية، لن أحدثكم عن علو الهمةِ، هذا موضوعٌ كبيرٌ عظيم .
لكن سـ أحدثكم، عن المنافسة، بين أحمد، وأحمد، أي بينك، وبين نفسك، المنافسة بين محمد، ومحمد، وهكذا .
يجب أن ينتصرَ أحمد على أحمد، أحمد عبارة عن جزئيتين، جزئية كلها ضعف، وكسل، وجزئية أخرى كلها إيجابية، ونشاط .
الجانب الذي فيه كسل، فيه موات، والجانب الذي فيه حيوية، فيه نشاط، وهمةٌ عالية، لابد أن ينتصرَ أحمد القوي، على أحمد الضعيف، كلُ واحدٍ منا لديه نقاطُ ضعفٍ معينة، لابد أن يتغلب عليها، لكي يتفوق على الآخرين .
مباهاة الملائكة
من الذين يباهي اللهُ تعالى بهم في الملأ الأعلى ؟
ما نوعية البشر الذين يقول الملكُ لملائكته انظروا إلى عبدي فلان فـإنه يفعل كذا، وكذا، هل وصلت إلى هذه المرحلة ؟
في الإجتهاد، في الإخلاص في عمل الخير سرا، حتى يباهي الملكُ بك ملائكتَهُ يقول عبدي فلان، يفعل كذا، أو يفعل كذا، وعبدي فلان، وفلان، جالسين في مكان، كذا، وكذا، أو في مجلس كذا، أُشْهِدُكُم أني قد غفرتُ لهم هذا معنى كلام وُهيب بن الورد إذا وجدتَ غيرَكَ يتقدمُ عليك في الطاعة وانصدع قلبُكَ وتحركت مشاعِرُكَ فـأنت إنسانٌ مسلم.
صادق، وإذا رأيتَ غيرك، يتقدمُ عليك في الطاعةِ، وأنت لا تبالي، فابحث عن أحمد الجديد، وعن إبراهيم الجديد، وعن سعاد الجديدة، وعن عائشة الجديدة .
هذه الحكمة بـالنسبة لي عبارةٌ عن هدفٍ أساسي نربي الأمةَ الإسلامية عليها في مجال الدنيا، والتميز لماذا تأخرنا كثيراً في مجال الركب الحضاري، لماذا تفوق غيرُنَا علينا، جميع الأجهزة التي تأتي إليك مكتوبٌ عليها صُنِعَ في أمريكا، صُنِعَ في اليابان، صُنِعَ في ألمانيا، صُنِعَ في الصين،
لماذا سبقونا ؟ هل هم أعقلُ منا، لا، هل هم أزكى منا، لا، ولكن معيار التنافس، معيار العطاء معيار القوة هذه المعايير هي التي ترفع من شأنِ الدول من شأن الأمم .
النواحي المادية، لها اعتبارُها، لكن لا تمثلُ شيئاً .
المصانعُ تُغلقُ، لأن العنصرَ البشريّ لا يقومُ بها، الشركاتُ تغلقُ، ليس لأنها أفلست، لا، لكن لأن العنصرَ البشريَ، لا يُنافس، ولا يتنافس .
إذا رأيتُكَ موظفاً، تذهبُ إلى عملِكَ، بـ حضورٍ، وإنصراف، من الساعة الثامنة، إلى الساعة الخامسة، أو الساعة السادسة، سيغضبُ منك، إني أحبُ أن أراكَ صاحبَ رسالةٍ، تنافس أفضل واحد منك في العالم كله .
أخوكم الفقير، وضعتُ لـ نفسي، وأنا صغير، ولازلت حتى الآن صغير، قاعدة كنتُ أقولُ لـِنفسي لماذا يتقدمُ فلانٌ عليّ ؟
لماذا لا أكونُ أنا الأول ؟ في المدرسة، الجامعة، على مصر كلها في الدراسة .
الذي يتقدمُ عليَّ لماذا يسبقني ؟ لماذا لا أسبقه ؟
الذي يصلي ليلاً، ثُلثَ الليل، لماذا لا أسبقهُ ؟ الذي يُنفقُ بـ جهده، لا بـ ماله، لماذا لا أسبقه ؟
إن الله تعالى يحبُ منكَ عملاً مؤثراً، أي يتركُ أثراً
{ فَمَنْ كَانَ يَرْجُوا لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلا صَالِحًا وَلا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا (110) .}
انظر، فَلْيَعْمَلْ عَمَلا صَالِحًا، ومن هنا لابدَ أن نتنافسَ في بابٍ من أبواب الخير لا يتقدمُ عليك أحدٌ فيه .
عمرُ بنُ عبد العزيز رضي اللهُ تعالى عنه، يقول : تاقت نفسي إلى الإمارة، تمنيتُ أن أكونَ أميراً، فـ بلغتُها، كي أُعطي الأمة، وتاقت نفسي إلى الخلافة، فـ بلغتُها، كي أنفعَ الأمة، والآن تاقت نفسي إلى الجنة .
مؤكد أن ساكني الفردوس الأعلى، من الجنة، لهم أعمالٌ ارتقت بهم، إلى هذه المكانة، أكيد، أن الذين سـ يرافقون سيدنا صلى الله عليه وسلم، يوم القيامة، ليسوا كـ أي أحد، لا، إنهم لهم عطايا الإيمان، يفعلون أعمال لا يقوم بها غيرهم .
رجل ارتفع عند الله تعالى، وباهى الله تعالى به ملائكته، لـ أنه أخذ مصحفاً ممزقاً، في مسجدٍ قديم في قريةٍ قديمة، وظل يُلصقُ بعضَهُ لبعض، حتى أقامَ المصحف، ظل يسهرُ الليالي كلها، كي يعيدَ المصحف إلى حالتِهِ، لأن المصحف، هو كلامُ اللهِ تعالى الملكُ .
إن استطعت أن لا يتقدمَ عليك أحدٌ، في الآخرة فـافعل .
أما في الدنيا، فـنافس، لكن نافس كي تنفع، وليس من باب الحقد، أو الغل، لا، أو النظر إلى ما في يد الآخرين، نافس كي تنفع المكان، نافس، وتعلم، وجدد خبراتك، كي تنتفع بك، ومعك، ومنك أمة الإسلام .
لماذا لا تكون أفضل طبيب في المستشفى ؟ أو في إدارتك، ولماذا لا تكون أفضل معلم، في المدرسة، أو في الإدارة، أو في مصر، أو في الجزائر، أو في تونس، لماذا يتقدم الناس عليَّ وأنا جالسٌ هكذا ؟ ويذهبُ عمري سُدى، ولا ينتفعُ به، هل يأتي لكَ عمرٌ جديدٌ ؟ لا .
الزفرات، والشهقات، التي تعبر عن صدرك هذا، محسوبةٌ عليك، من أصعبِ المشاهد، التي ذكرها القرآنُ الكريم، مشهدُ الصحابةِ الكرام، رضيَ اللهُ تعالى عنهم، الذين أتوا رسولَ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم، يوم تبوك، في ساعةِ العُسرة، وكان الجو صعبٌ صعيبٌ، وأراد هؤلاء اللحوق مع سيدنا صلوات ربي وسلامُهُ عليه، من أقوى الدروس التي قدمتُها في حياتي، درسٌ عنوانه كن أبى خيثمة وتأثرَ به كثيرون في العالم كله، وغير مجرى حياتهم، في سياق أبي خيثمة، وهم الناس الذين هم سابقون سابقون .
عندما نعمل، يكون هو أول من وضع يدهُ، ويعمل، هؤلاء هم السابقون، عنده إيمانٌ بـ الرسالة، ليس لأنهُ موظفٌ في المكان، أو حتى أنه صاحب المكان، لا، مسئولية المكان، ومسئولية العمر، لا تتكرر أبدا .
وما يتاحُ لك اليوم، وأنت واقفٌ على قدميك، لن يتاحَ لك غدا، عندما تجلس على مقعد، ويدفعك الناسُ، وقد لا تجد وقتها، من يدفعك .
أنت الآن عندك دافعيةُ العطاء، عندك دافعيةٌ الإنجاز، عندك الرغبة في أن تسابقَ، احذر أن تجلسَ في مكانٍ، كله جو إيماني، وغيرك يعمل، ويجري أمامك، وأنت جالس تتأمل الفيحاء، والروحاء، أمثال هؤلاء مكانهم في الحياة، ليس لهم، يشغل مكان خطأ .
قد يعطي غيرُهُ أحسن منه، ويعطي بحب، ويعطي بـ إخلاص .
قبسٌ من حياة الصحابة
إني أتكلم عن معاني الحياة، التي أعيشها، وتعلمتها، ولازلت أتعلمها، لن أنسى أبدا، الصحابة الفقراء، الذين أتوا سيدنا صلوات ربي وسلامه عليه، يوم تبوك، يا رسول الله، خذنا معك، خذنا نكون في حضرتك، في معيتك، يا رسول الله، كيف تخرجُ أنت لـ الجهاد، في سبيل الله، ونجلس ها هنا .
خذنا معك يا حبيب الله، نحب أن ننافس، فـ ينظر النبيُ حوله صلوات ربي وسلامه عليه، فـ إذا بـ الأجواء، والظروف، لا تسمح بـ نقلهم، ليس هناك مؤنة، ولا زاد، ولا زواد، ولا راحلة، فقال سيدنا لا أجدُ ما أحملكم عليه، كما قال الملك { وَلَا عَلَى الَّذِينَ إِذَا مَا أَتَوْكَ لِتَحْمِلَهُمْ قُلْتَ لَا أَجِدُ مَا أَحْمِلُكُمْ عَلَيْهِ تَوَلَّوْا وَأَعْيُنُهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ حَزَناً أَلَّا يَجِدُوا مَا يُنْفِقُونَ (92(} تولوا أي انصرفوا، وَأَعْيُنُهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ حَزَناً، أَلَّا يَجِدُوا مَا يُنْفِقُونَ، الله أكبر، وجلسوا في المدينة، على كُرهٍ منهم وهم مكرهون على هذا، وأنصتوا إلى كلام سيدنا ولم يجادلوه .
لَا أَجِدُ مَا أَحْمِلُكُمْ عَلَيْهِ، ناس كانوا يحبون أن يُشاركوا في العمل الإيماني، الجهاد، لكن حيل بينهم وبينه، كتبَ اللهُ لهم الأجرَ، كما أخبرَ المعصومُ، صلى اللهُ عليه وسلم، إن استطعت أن لا يتقدم عليك أحدٌ فـافعل .
خاصة في أمور الآخرة، إذا نظرتَ في الآخرةِ، ودرجاتِهَا، ومراتبِهَا، فانظر إلى من هو أعلى منك حاول أن تصلَ إلى مرتبتهِ حاول أن تنافِسَهُ حاول أن تكون مثلَهُ لا ينبغي أن يتقدم أحدٌ عليك فـإن الجنةَ تُنَادي على أصحابِها، أين المتصدقون، أين الصائمون، أين القائمون، أين المتباذلون في الله، أين المتحابون في الله، أين أين .
أنت مع من ؟ حضرتك مع من ؟ ابحث لـ نفسك عن دورٍ في الحياة، وابحث لـ نفسك عن شيء تتميزُ به يومَ القيامة، الله أكبر .
قصة الثلاثة
وهكذا، أقبلَ ثلاثةٌ من الناس، إلى سيدنا صلى اللهُ عليه وسلم، وكان في مجلس، الأول ظل يبحثُ عن مكانٍ حتى جلس في الصف الأول، انظر هنا الأسبقية، أين عيناك، أين رجلاك، أين همتك .
الثاني، جلس بعيداً، الثالث، خرج، وأعرض .
هم ثلاثة، الثلاثة يعبرون عن الحياة، الأول جلس في الصف الأول، أقبل على الله، فـأقبل الله تعالى عليه، والثاني استحيىَ من الناس فـ استحيى الله تعالى منه، والثالث أعرض عن الله، فـ أعرض الله تعالى عز، وجل عنه، هكذا حياة البشر .
لماذا تذهب يوم الجمعة متأخراً في نصف الخطبة، أو في آخرها ؟
وغيُرك ذهب من الساعة التاسعة صباحاً، لماذا لا تكونُ أنت المبادر إلى الذهاب، جارك، زميلك، يختم المصحف في الشهر مرتين، لماذا لا تكون مثله ؟ أو تتقدم عليه، هذه هي الحياة، التي أتقدمُ بها على نفسي، وأنافس بها نفسي، وأنافسُ بها غيري، لأن الله تعالى يحبُ لك، أن تكون صاحبَ ميزان، قال رسولُ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم، إن اللهَ وملائكتَهُ يصلونَ على الصف الأول، كن مع الأول، نافس أن تكون في الصف الأول .
نافس أن تكون مؤذناً، نافس أن تزور مريضا، نافس أن تمسح على رأسِ يتيم، نافس أن تأخذ بيد عجوزٍ، أو عجوزةٍ، نافس أن تحملَ فقيراً حتى يبلغَ مراده في الحياة، تساعده إلى أن يصل .
نصف رغيف أدخل صاحبه الجنةَ، سُقْيا ماءٍ لكلب أدخل صاحبَهُ الجنة، أخذك غصن من الطريق أو شجرة، أو حجر، من الطريق تُدخلك الجنة .
سورة قل هو الله أحد، تُدخِلُكَ الجنة، الصلاة على حضرة النبي صل الله عليه وسلم، تدخلُ بها الجنة، أنت متميز في ماذا ؟
عندما تأتي يومَ القيامة، ويسألك الملكُ بم سبقت الآخرين ؟
تقول يارب كنتُ أنامُ كثيراً، وكنت ألهو كثيراً، ولا وقت لديَّ للعبادة، عيبٌ عليك، سبقتَ الناس في ماذا، أنت متميزٌ في ماذا عند الله تعالى، أنت عند الله مكتوب كيف؟ ما صفتُكَ في الملأ الأعلى، ما أنت متميزٌ فيه عند الله تعالى، كي ترتقي من مرتبةٍ إلى مرتبة، وجبَ عليك أن تكون متفوقاً في المرتبة السابقة، كي ترتفع، وترتفع { فَأُولَٰئِكَ لَهُمُ الدَّرَجَاتُ الْعُلَىٰ }
رأيتُ لسانك جافاً، لماذا أنت معطل ؟ أين ذكرك ؟ رأيت عينيك زائغتين، لماذا هما زائغتان ؟ رأيت قلبك شارداً، رأيتُ وقتك كُلَهُ مع المحمول، حياتك كلها محمول في محمول، ما رأيتُ معك المصحفَ ذاتَ مرةٍ، ما رأيتُ معك المصلاة ذاتَ مرةٍ، ما رأيتُ معك المسبحةَ ذاتَ مرةٍ، ما شاهدتُ معك كتاباً ذات مرة، هذه هي الأسبقية .
التميز
كل واحد منا، لابد أن يتميزَ في عملٍ حتى لو كان بسيطاً، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم، من سقى مُسلماً حتى يرتوي (يشبع) سقاهُ الله تعالى من الكوثر يومَ القيامة، المقصود، الدرجات العُلا لا ينالُها إلا من تميزوا على غيرهم، { إِنَّا وَجَدْنَاهُ صَابِراً نِعْمَ الْعَبْدُ إِنَّهُ أَوَّابٌ }
كان صادقَ الوعدِ { كَانَ صَادِقَ الْوَعْدِ وَكَانَ رَسُولًا نَبِيًّا﴾ كان مخلصاً، هذا كلامٌ عن الأنبياء، كل واحد منهم عليهم السلام وهم الأنبياء، متميزٌ في بابٍ معينٍ يسبقُ غيرَهُ فيه، سيدُنَا موسى عليه السلام كان مُخلصاً، سيدنا إسماعيل عليه السلام، صادقَ الوعد، وهكذا .
هذه الحكمة، أردتُ أن أهديها لـ كل من تذهب أعمارُهم، دونَ أن ينتفعَ بهم المجتمع، أو الأمة، أو أهلُهم، الذين يعيشون كسالى في كسالى، الذين ضربَ عليهم الشيطانُ سراديبَ الغفلة، وخيامَ الخيبة، فـ ظلوا جالسين، إلى أن تمطر عليهم السماءُ، الذهبَ، والفضةَ، هيهات هيهات .
وظلوا عالةً على آبائهم، وأمهاتهم، وربما على زوجاتهم، إلى متى ؟
إلى متى تضيعُ منك الفرص وأنت جالسٌ هكذا ؟
ركعتان في ظلام الليل تضيئانِ لك ظلماتِ القبر، تسبيحةٌ في صحيفتك، تعادلُ السمواتِ والأرض، ماذا تريد من الله ؟
اطلب، ما أغلقَ الملكُ بابَهُ، قل للملك أعني، أن أعينَ عبادك، سـيُعينُكَ الملك، يارب أعني أن أقيم الليل، سـ يعينك الملك .
لكن مستوى الطموحات، في حياتنا مستوى ضعيف .
بدأت الحكمة بسؤال، سأختم بـ نفس السؤال .
من الذين يباهي اللهُ تعالى ملائِكَتهُ بهم الآن ؟ في هذه اللحظة، الساعة كذا، اللهُ تعالى يقولُ لـ ملائكتِهِ، انظروا إلى عبدي، من في الأرض بـ الضبط، ومن يفعل، ويفعل .
ليس مهم في أي بلد أو في أي مكان، أو في أي قارة، لا .
ما الأعمالُ التي تجعلُ لك ذكراً عند حملة العرش ؟
يعرفُكَ حملةُ العرش من صوتِكَ من شُغلِكَ، من تسبيحِكَ، من بكائِكَ، من قلبك المتزلزل، حملة العرش يعرفون صوتَكَ، سُكانُ السموات يعرفونَ صوتك، هذا هو التميز، الأسبقية، التي يتكلم عنها وهيب بن الورد، رحمه الله تعالى : ـ
إن استطعت ألا يتقدم عليك أحدٌ إلى الله فـافعل .
وهي من المحاضرات المهمة التي ألقيتها في حياتي، محاضرة في فرنسا في المركز الإسلامي، كانت بـ عنوان كن مع السابقين .
لازلت أذكرها، وأذكر يومها الشاتي، لن أنسى هذه المحاضرة أبدا، تأثر بها الناسُ تأثراً لم أرى مثله في حياتي .
كن مع السابقين .
﴿ إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَعَلَى النَّبِيِّ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا(56) ﴾.
{يُؤْتِي الْحِكْمَةَ مَن يَشَاءُ ۚ وَمَن يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْرًا كَثِيرًا ۗ وَمَا يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُو الْأَلْبَابِ (269) }
[/FONT]


 
الوسوم
السباق والمتسابقين
عودة
أعلى