الاعتبار والنظر والعاقبة والأثر

صفا النعمان

الادارة
طاقم الإدارة
[FONT=&quot]سبب صلاح الأخيار النظر، وسببُ فسادِ الأشرار إهمال النظرِ [/FONT]
[FONT=&quot]بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب رالعالمين، نحمده، ونستعينه، ونستهديه، ونستغفره، لا نحصي ثناءً عليك، أنت كما أثنيت على نفسك، ولله غيب السمواتِ والأرض، وإليه يرجع الأمر كله، فـاعبده وتوكل عليه، { مَا رَبُّكَ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ‏ }[/FONT]
[FONT=&quot]والصلاة والسلام على من دلنا إلى الطريق إلى الله، وعلى خير من علمنا، كيف نتأدب مع الله، والذي علمنا كيف نخشعُ بين يدي قيوم السموات والأرض، محمد سيد الفريقين، والثقلين، من عرب، ومن عجم .[/FONT]
[FONT=&quot]دعا إلى اللهِ، فـالمستمسكون به... مستمسكون بـ حبل غير منفصل[/FONT]
[FONT=&quot]مرحباً بكم أيها القراء الأعزاء ومع مقالنا الجديد بعنوان : (الاعتبار والنظر والنتيجة والأثر ) وهو في الأصل عبارةٌ عن خواطر تكلمت بها حول قول للإمام ابن الجوزي، رحمه الله تعالى يقول فيه : سببُ صلاحِ الأخيارِ النظر، وسببُ فساد الأشرار إهمال النظرِ .[/FONT]
[FONT=&quot]حياكم ربي بـالقبول وكتب لنا ولكم في الآخرةِ نعيماً لا يفنى ولا يزول .[/FONT]
[FONT=&quot]النظر، بـ معنى الاعتبار، والتفكر، والتدبر، وهذه حكمة، من أهم حكم الحياة، في مجال التوحيد { قُلْ سِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانْظُرُوا كَيْفَ بَدَأَ الْخَلْقَ }[/FONT]
[FONT=&quot]الله أكبر إذا أردتَ أن تعرف قدرةَ الله تعالى عز وجل وعظمة الله عز وجل تخيل لا كونَ، ولا عدم، ولا نور، ولا ظلام، ولا شمس، ولا قمر، ولا أرض، ولا جبال، حالةٌ من الصعب تصورها، وبعد هذا كانت الحياة فـمن أوجد كل هذا حيث لم تكن موجودة هذا هو النظر العاقل المتأمل المتدبر يقول : هذه تحتاج إلى حكم الخالق إلى عظمة المبدع إلى قدرة الخبير جل جلالك يا الله . والمفلس في قلبه وفي عقله، والمتأبلس في تفكيره والمتشيطن في عقيدته يقول : هذه من الطبيعة وعلى هذا فـإن النظر هو أساسٌ للإيمان، { فَانْظُرْ إِلَى طَعَامِكَ وَشَرَابِكَ لَمْ يَتَسَنَّهْ وَانْظُرْ إِلَى حِمَارِكَ وَلِنَجْعَلَكَ آيَةً }[/FONT]
[FONT=&quot]الله أكبر، تأمل أنه بعد مائة سنة، قلت لكم من قبل العُزير، بعد مائة سنة أحياه الملك، ونظر إلى حماره، وانظر إلى حمارك، نظر، سبحان الملك .[/FONT]
[FONT=&quot]انظر إلى هذه العظام، انظر إلى طعامك، كله، انظر، انظر الله أكبر مجموع هذا النظر أن الله تعالى جعله آيةً للناس، الله أكبر، احذر أن تنظرَ بـعينيك فـإن النظر بـالعينين سلاح المفسدين لكن انظر بـقلبك انظر بـفؤادك انظر بما خلف عينيك .[/FONT]
[FONT=&quot]دعني أقول لك، انظر بـقلبك أنك مهما عمرت طويلا وعشت بعيدا ومهما شرقت،ومهما غربت،فـإن بيتاً ينتظرك هو القبر .[/FONT]
[FONT=&quot]وأن ملك الموت، الذي مر على أجدادك، ومر على والديك، يُوشك أن يمر عليك، انظر، لا تنظر إلى المقابر، بـ اعتبارك تترحم على أهلها، تستغفر لأهلها، لكن انظر إلى المقابر، بـاعتبارك ساكنٌ فيها، ولك فيها محل، ينتظرك يوما، أو غدا، أو بعد حين .[/FONT]
[FONT=&quot]هذا هو النظر، النظر هذا يؤدي هدوءِ النفس، وصلاح النفس، وعدم الطمع، وعدم النظر في ما في يد غيرك[/FONT]
[FONT=&quot]لمن تجمع الدنيا ، وأنت تموت، على حد قول ابنتي، من الجزائر، الإنسان أتى من لفة، إلى لفة، عندما ولد استقبل في لفة بيضاء، وعندما يعيشُ، ويغرد في الحياة، ضاحك مرة، مضحوك عليه مرة، باكي مرة، مبكيٌ عليه مرة، في الأخير لازم اللفة، حـ تلف ألف لفة، في الحياة، وفي الآخر لازم اللفة البيضاء، وقد لا يتحصلُ الإنسانُ عليها، ولا يقدرُ أهلُهُ على وضعهِ في لفة، ولا يصلوا إليه .[/FONT]
[FONT=&quot]أعزالئي الكرام، حكمة اليوم، من أجمل الحكم، التي تعيدُ الإنسان، إلى أصل حقيقته، من أين خرجت من الأرض، منها خلقناكم، وفيها نعيدكم، مهما طولت، فـإن أمك، تنادي عليك، وأمك هي الأرض، وأما أمك الحقيقية، التي حملتك في بطنها، وتعبت لأجلك، فـ إنها تنادي عليك يوم القيامة، يا ولدي، يا كذا، باسمه، تعالى يا بني، تعالى خفف عني، إن حملي ثقيل يا ولدي، ياولدي حملتك في بطني يا ولدي، خفف عني يا ولدي، فـتنظر إليها، وتقول لها، باكيا، ومن يحمل عني يا أماه، كفاني ما أنا فيه .[/FONT]
[FONT=&quot]وترى الناسَ سكارى، { وَتَرَى النَّاسَ سُكَارَىٰ وَمَا هُم بِسُكَارَىٰ وَلَٰكِنَّ عَذَابَ اللَّهِ شَدِيدٌ }[/FONT]
[FONT=&quot]تأمل أنظر معي، جلست أعواماً طويلة، أَؤلف كتابا، بـ عنوان الإشارات العلمية في القرآن الكريم، فـ وجدت زلزلة، وجدت بواعث الإيمان، في عظمة المنان، وجدت أنه لابد أن تنظر إلى القمر، وأن تعاين هذا القمر، وأن تنظر إلى السماء، بـ تأمل، وتقول لها كما قال النبي، سيدنا صلى الله عليه وسلم، عندما كان يطالع السماء، ربنا ما خلقت هذا باطلا، سبحانك، سبحانك، فقنا عذاب النار، وددت أن يكون معي كتابٌ مهم جدا، وهو كتاب مفتاح دار السعادة، ومنشور الولاية، للشيخ الجليل، العالم السلفي، أستاذي الكبير، الإمام ابن القيم، هذا الكتاب من أعظم، ما كتب في تاريخ الإسلام، في النظر، والتأمل .[/FONT]
[FONT=&quot]تأثرت بـ هذا الكتاب، تأثراً شديداً في حياتي، كان زلزلة كبيرة، كان شيئا عظيماً، أنه تناول ابن القيم، تناول كل شيء، وأرجعه إلى الخالق سبحانه وتعالى، البيضة معجزة، تأمل، اللبن معجزة، تأمل، الجبال معجزة تأمل، الأنهار معجزة تأمل، ذرات الأرض معجزة تأمل، الحديد معجزة تأمل، شكل أنفك معجزة تأمل، شكل عينيك معجزة تأمل، شكل رأسك معجزة تأمل، شكل خديك معجزة تأمل، شكل يديك معجزة تأمل، شكل قامتك معجزة تأمل، مشيتك معجزة تأمل، نومك معجزة تأمل، عظامك معجزة تأمل، دمك معجزة تأمل، الهواء الذي أتنفس، معجزة تأمل، الريح التي تمر، معجزة تأمل، الروح أكبر معجزات تأمل، من أمر ربي .[/FONT]
[FONT=&quot]ابن القيم، في كتابه مفتاح دار السعادة، أصدق تحقيق، لحكمة اليوم، لأنه من أسباب صلاح العباد، النظر والتأمل .[/FONT]
[FONT=&quot]{ والأرض مددناها وَالْأَرْضَ مَدَدْنَاهَا وَأَلْقَيْنَا فِيهَا رَوَاسِيَ وَأَنبَتْنَا فِيهَا مِن كُلِّ شَيْءٍ مَّوْزُونٍ }[/FONT]
[FONT=&quot] كل حاجة في الكون بـ وزن، بـ ميزان دون خرافات، ودون أساطير، ودون حكايات، ودون قصص، والسماء رفعها، { وَالسَّمَاءَ رَفَعَهَا وَوَضَعَ الْمِيزَانَ }[/FONT]
[FONT=&quot]كل حاجة عند الملك، وحق له أن يكون الملك، بـ ميزان دقيق، لو اختلت موازين النظر لحظة، لـ انتهت الحياة، لو أن الشمس، هبطت عن مدارها، نصف سنتي فقط، لـ احترقت الأرض، لو ارتفعت إلى أعلى عن مدارها، نصف سنتي، لـ جمدت الأرض، صارت قطعة ثلج، سبحان الملك .[/FONT]
[FONT=&quot]انظر كيف أن الله تعالى، حفظ الأرض بـ السماء، ولولا السموات، ما كانت الأرض،" وَجَعَلْنَا السَّمَاءَ سَقْفًا مَحْفُوظًا وَهُمْ عَنْ آَيَاتِهَا مُعْرِضُونَ "([/FONT]
[FONT=&quot]أي تحفظ الأرض، سبحان الملك .[/FONT]
[FONT=&quot]انظر إلى ولدك الصغير، كيف كان في لفة، وهو الآن أطول منك، من الذي كبره، ورباه، ونماه، نظرت أنت في ابنك، الذي صار مثلك، وخط له شارب، وخشن له صوتٌ، وقويت له عظام، وبرزت له عضلات، الله أكبر.[/FONT]
[FONT=&quot]وبينما هو يكبر، ويكبر، فـ إذا بدائرة الزمان، تلف عليك أنت، فـ إذا بك تنحني، وتنحني، وتنحني، وتقترب من الأرض، وابنك يكبر، ويكبر، وتذهب أنت إلى رحمة الله، وابنك يتزوج، وينجب، ويأتي له أولاد صغار، وهو الآخر يذبل، ويذبل، ويموت هو الآخر، إلى رحمة الله، وحفيدك، وكذا، كذا، ما بقيت لأحد كي تبقى لك .[/FONT]
[FONT=&quot]وما دامت لأحد كي تدوم لك، وما خلد الله تعالى عز وجل أحد .[/FONT]
[FONT=&quot] { وَمَا جَعَلْنَا لِبَشَرٍ مِنْ قَبْلِكَ الْخُلْدَ أَفَإِنْ مِتَّ فَهُمُ الْخَالِدُونَ }[/FONT]
[FONT=&quot]التراب الذي تسير عليه، احذر أن تتكبر عليه، لماذا ؟ لأنه تراب آبائك، وأجدادك، وأجداد أجداد أجداد أجدادك .[/FONT]
[FONT=&quot]هذا التراب هو عظامهم، إنك لن تخرق الأرض، ولن تبلغ الجبال طولا[/FONT]
[FONT=&quot]{ وَلَا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحًا ۖ إِنَّكَ لَن تَخْرِقَ الْأَرْضَ وَلَن تَبْلُغَ الْجِبَالَ طُولًا } ما هذا الجمال كلام الملك عاد وثمود الذين جابوا الصخر بالواد، ونحتوا الجبال وجعلوها أكنة وسراديب عاشوا فيها وحولوها إلى منتجعات قوية لازالت آثارهم دالةٌ على حضارتهم أين ذهبوا ؟[/FONT]
[FONT=&quot]انظر أين ذهبوا انظر كم عاشوا، كم تركوا من جناتٍ وعيون كما قال الملك عن الفراعنة الذين عاشوا في مصر مئات السنين وكسرهم التوحيد سيدنا موسى عليه السلام وجعل الله الذين يستضعفون في الأرض ملوكا، وأئمةً، وأورثهم الله تعالى أرض مصر ودخلوا الجنات والقصور، والعيون والأبهة، التي عاش فيها الفراعنة كم تركوا ؟[/FONT]
[FONT=&quot]الله تعالى يسأل كم تركوا ؟ كم كم كم ، لكن ما أغنت عنهم شيئاً، لا تنفع وما عاشوا وما داموا وما استقروا،وما هنأوا قل متاع الدنيا قليل، ولابد أن يكون قليل لكي تحظى بـمتاع الآخرة الكثير الذي لا حدود له { فَلَا تَعْلَم نَفْس مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّة أَعْيُن جَزاءً بِما كانُوا يَعْمَلُونَ }[/FONT]
[FONT=&quot]إذن الأخيار الصالحون يعيشون على نعمة النظر والتأمل، والأشرار أهملوا النظر فـلما أهملوه ضاعوا المقصود بهذا فعل المعصية والفاحشة ولم ينظر قلبه أن الله يراه، ولم ينظر بعينيه أن الله تعالى يراه، ولو شاهد طفلا رضيعا أمامه ما فعل هذه المعصية ولو نظر أن الله تعالى يراه واللهِ ما فعلها .[/FONT]
[FONT=&quot]واللهِ ما سرق واللهِ ما كذب واللهِ ما قتل، إذن عدم النظر إلى مصيره إلى مَآلِه هو الذي جعله يستمر في المعاصي، ويديم على هذه المعاصي لماذا ؟ للغفلة التي نزلت به، للغفلة التي حلت به، للغفلة التي ملأت قلبه بـ النسيان، بـ الزوغان، أتدري ما الزوغان ؟ أتدري ما الغفلة ؟ عدم النظر .[/FONT]
[FONT=&quot]عدم النظر يؤدي بك إلى الزوغان، وإلى الغفلة .[/FONT]
[FONT=&quot]لقد بدأت طريق سفر، كلنا مسافر، والسفر له نهاية، ولابد أن تعود إلى مستقرك { إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ .}[/FONT]
[FONT=&quot]وأنت مُعافى، أنظر في أحوال المرضى، وكيف يعانون، وأنت مريض، انظر في أحوال أهل العافية، وكيف يقعُ البلاء عليهم، بهذه العافية .[/FONT]
[FONT=&quot]وأنت فقيرٌ، تأمل حال الغني، وهو مبتلى بـ ماله، وأنت غني تأمل، حال الفقير، وهو لا يجد قوت يومه، ولا قوت أولاده، وأنت في السلطة، تذكر حالك بعد السلطة، وأن الناس الذين يركعون أمامك الأن، بعد أن تترك المكان، لا حس، ولا خبر .[/FONT]
[FONT=&quot]تذكر أحوال المحبوسين، والمعتقلين، ذنبا، أو ظلما، وما يعانون في سجونهم، وترقب الفرج، وأنت آمن في بيتك، تذكر أحوال الخائفين، الذين يعيشون في أماكن بعيدة، لا أمان عندهم، وأنت سعيد بأهلك، وأولادك، تذكر أحوال التعساء، الذين فقدوا أحبابهم، وعاشوا وحدهم، وامتلأت عليهم الدنيا بـ الأماني، والذكريات، ولم يبق من الحياة، إلا كان، وكان، وكان .[/FONT]
[FONT=&quot]ولا ينبيك عن سهر الليالي، كمن فقد الأحبة، والصحابا .[/FONT]
[FONT=&quot]هذه الحكمة مليئة بـ العبرة، وهي من أجمل ما قرأت في حياتي، ومن أعظم الحكم، التي أقولها، لأنها لمست جانباً، مغفولٌ عنه، عند كثير من الناس، وهو التحول من حال إلى حال، الحال الذي ستأتي عليه بعد هذا، تأمله .[/FONT]
[FONT=&quot]فـ إذا ما تأملت اعتبرت، فـ إذا ما اعتبرت جاءك اليقين .[/FONT]
[FONT=&quot] { وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّىٰ يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ }[/FONT]
[FONT=&quot] [/FONT]
[FONT=&quot]سبب صلاح الأخيار النظر ، ومعنى النظر، التأمل، وتدبر، وتعقل، في ما كان، وما هو حادث، وما سيكون .[/FONT]
[FONT=&quot]{ إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا(56 )[/FONT]
[FONT=&quot]حقا : { يُؤْتِي الحِكْمَةَ مَن يَشَاءُ وَمَن يُؤْتَ الحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْراً كَثِيراً وَمَا يَذَّكَّرُ إلاَّ أُوْلُوا الأَلْبَابِ } [البقرة : 269] .[/FONT]
[FONT=&quot] [/FONT]
 
الوسوم
الاعتبار والأثر والعاقبة والنظر
عودة
أعلى