إعلام النبلاء بطرف من آداب الدعاء (2)

صفا النعمان

الادارة
طاقم الإدارة
[FONT=&quot]ومن الآداب التي ينبغي أن يتحلى بها الداعي ويتخلق بها كيما يكون دعائه أرجى للقبول
(9) بسط يديه ورفعها حذو منكبيه لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إن الله حيى كريم يستحى إذا رفع الرجل يديه إليه أن يردهما خائبتين " (أخرجه أبو داود والترمذى وابن حبان والحاكم وقال: صحيح على شرط الشيخين. وصححه الألبانى).
(10)التأدب والخشوع والمسكنة : فأما ما يدل على التأدب: ما رواه أبو داود برقم (760) وصححه الألبانى من حديث على وفيه : " أنا عبدك ظلمت نفسى واعترفت بذنبى " وأما ما يدل على الخشوع : ما رواه ابن أبى شيبة من قول مسلم بن يسار قال: " لو كنت بين يدى ملك تطلب حاجة لسرك أن تخشع له " أخرجه ابن أبى شيبة فى المصنف برقم (35662)، وأما ما يدل على المسكنة: ما ورد عن النبى صلى الله عليه وسلم فى أحاديث الاستسقاء.
(11)أن يسأل بأسماء الله تعالى الحسنى : ويدل على ذلك قول الله : )وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا ( (الأعراف:180) وقد اختلف العلماء فى تعيين اسم الله الأعظم على نحو أربعين قولاً، ولكن أرجح ما ورد فى تعيين الاسم الأعظم ، ثلاثة أقوال. وسوف نتناول الدعاء بأسماء الله الحسنى تفصيلاً فى مقالٍ قادمٍ بمشيئة الله تعالى.
أ-" اللهم إنى أسألك بأنى أشهد أنك أنت الله لا إله إلا أنت الأحد الصمد الذى لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفواً أحد ". (أخرجه أبو داود برقم (1493) والترمذى برقم (3475) وابن حبان برقم (891) والحاكم برقم (1858) وصححه الألبانى ، وقال: صحيح على شرطهما من حديث عبدالله بن بريدة عن أبيه : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سمع رجلاً يقول : " اللهم إنى أسألك بأنى أشهدك أنك أنت الله لا إله إلا أنت الواحد الأحد الصمد " فقال : " لقد سألت الله تعالى باسمه الأعظم الذى إذا دعى أجاب وإذا سئل به أعطى " أخرجه النسائى فى السنن الكبرى برقم (7667).
ب-" اللهم إنى أسألك بأن لك الحمد لا إله أنت المنان بديع السماوات والأرض يا ذا الجلال والإكرام، يا حى يا قيوم " (أخرجه أهل السنن الأربعة، وابن حبان، وصححه واللفظ لابن ماجة عن أنس بن مالك قال : سمع النبى صلى الله عليه وسلم رجلاً يقول : اللهم إنى أسألك بأن لك الحمد ... فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " لقد دعا الله باسمه الأعظم الذى إذا دعى به أجاب، وإذا سئل به أعطى ". أخرجه ابن ماجة برقم (3857) وصححه الألبانى.
ج-" لا إله إلا أنت سبحانك إنى كنت من الظالمين " الحديث أخرجه الترمذى وصححه الألبانى فى "صحيح سنن النسائى"، والحاكم فى "المستدرك"، وأحمد فى "المسند"، ولفظ الترمذى: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " دعوة ذى النون إذ دعا بها وهو فى بطن الحوت : لا إله إلا أنت سبحانك إنى كنت من الظالمين، فإنه لم يدع بها رجل مسلم فى شئ قط إلا استجاب الله له " وزاد الحاكم فى طريق عنده : فقال رجل : يا رسول الله، هل كانت ليونس عليه السلام خاصة أم للمؤمنين عامة؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " ألا تسمع قول الله تعالى : ) وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الْغَمِّ ( أى: يونس) وَكَذَلِكَ نُنْجِي الْمُؤْمِنِينَ( (الأنبياء: 88).
د-عن أنس مرفوعاً : ما من عبد يقول: يارب، يارب، يارب، إلا قال له ربه: لبيك لبيك. وعن عطاء قال : ما قال عبد: يارب ثلاث مراتٍ إلا نظر الله إليه فذكر ذلك للحسن فقال: أما تقرءون القرآن ثم تلا قوله تعالى: (الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَاماً وَقُعُوداً وَعَلَى جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذَا بَاطِلاً سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ * رَبَّنَا إِنَّكَ مَنْ تُدْخِلِ النَّارَ فَقَدْ أَخْزَيْتَهُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أنْصَارٍ * رَبَّنَا إِنَّنَا سَمِعْنَا مُنَادِياً يُنَادِي لِلْإِيمَانِ أَنْ آمِنُوا بِرَبِّكُمْ فَآمَنَّا رَبَّنَا فَاغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَكَفِّرْ عَنَّا سَيِّئَاتِنَا وَتَوَفَّنَا مَعَ الْأَبْرَارِ * رَبَّنَا وَآتِنَا مَا وَعَدْتَنَا عَلَى رُسُلِكَ وَلا تُخْزِنَا يَوْمَ الْقِيَامَة) (آل عمران: 191: 194) (جامع العلوم والحكم).
(12)أن يدعو بالأدعية المأثورة مثال ذلك: من كان عليه دين، فلو أنه قال: اللهم اقض دينى، فهذا خير، ولكن الدعاء المأثور عن النبى صلى الله عليه وسلم هنا: ما رواه الترمذى عن على أن مكاتباً له جاءه فقال: إنى عجزت عن كتابى، فأعنى، فقال: ألا أعلمك كلماتٍ علمنيهن رسولُ الله صلى الله عليه وسلم لو كان عليك مثل جبل أحد دينا إلا أداه الله عنك، قل : "اللهم اكفنى بحلالك عن حرامك وأغننى بفضلك عمن سواك". صحيح سنن الترمذى.

(13)أن يكون صوته بين الجهر والإخفات: قال تعالى: ( وَلا تَجْهَرْ بِصَلاتِكَ وَلا تُخَافِتْ بِهَا ) (الإسراء: 110) أى بدعائك ، ولحديث "أربعوا على أنفسكم فإنكم لا تدعون أصم ولا غائباً " (رواه البخارى ومسلم).
وقال أبو موسى الأشعرى رضي الله عنه : قدمنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فلما دنونا من المدينة كبر وكبر الناس ورفعوا أصواتهم- فقال النبى أن يكون صوته بين الجهر والإخفات : قال تعالى: ( وَلا تَجْهَرْ بِصَلاتِكَ وَلا تُخَافِتْ بِهَا ) (الإسراء: 110) أى بدعائك ، ولحديث "أربعوا على أنفسكم فإنكم لا تدعون أصم ولا غائباً" (رواه البخارى ومسلم).
وقال أبو موسى الأشعرى رضي الله عنه: قدمنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فلما دنونا من المدينة كبر وكبر الناس ورفعوا أصواتهم- فقال النبى صلى الله عليه وسلم : " يا أيها الناس أربعوا على أنفسكم- أى ارفقوا بها واخفضوا أصواتكم- إن الذى تدعون ليس أصماً ولا غائباً إنكم تدعون سميعاً بصيراً " (رواه البخارى (11/187) ومسلم (17/2625)) وقد أثنى الله تعالى على نبيه زكريا عليه السلام. فقال ( إِذْ نَادَى رَبَّهُ نِدَاءً خَفِيّاً ) (مريم:3) وقال تعالى: ( ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعاً وَخُفْيَةً)(الأعراف: 55).
(14)ويعترف بذنبه : لقوله صلى الله عليه وسلم فى حديث علىَّ : " ظلمت نفسى واعترفت بذنبى فاغفر لى ذنوبى جميعاً " (رواه مسلم).
(18)ويبدأ بنفسه : لقول ابن عمر –رضى الله عنهما- : " كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا ذكر أحداً فدعا له بدأ بنفسه " . (أخرجه الترمذى وقال: حديث حسن).
قال الله تعالى: ( قَالَ رَبِّ اغْفِرْ لِي وَلِأَخِي وَأَدْخِلْنَا فِي رَحْمَتِكَ وَأَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ ) (الأعراف:151) .
(16)ولا يخص نفسه إن كان إماماً : لحديث " لا يؤم رجلٌ قوماً فيخص نفسه بالدعاء دونهم فقد خانهم ". أخرجه الترمذى وحسنه والحديث ضعيف وفى آخره جملة صحيحة وهى " ولا يقوم إلى الصلاة وهو حاقن". (صحيح سنن الترمذى للألبانى).
(17)ويسأل بعزم ورغبة وجد واجتهاد : لقوله صلى الله عليه وسلم : " إذا دعا أحدكم فلا يقول: اللهم اغفر لى إن شئت، وارحمنى إن شئت، وليعزم مسألته إنه يفعل ما يشاء ولا مكره له ". (رواه البخارى) برقم (5979).
(18)ويحضر قلبه ويحسن رجاءه : ووجه ذلك ما أخرجه أحمد فى مسنده برقم (6655) بإسناد حسن عن عبد الله بن عمر –رضى الله عنهما- أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " القلوب أوعية وبعضها أوعى من بعض، فإذا سألتم الله تعالى أيها الناس فاسألوه وأنتم موقنون بالإجابة ، فإن الله لا يستجيب لعبد دعاه عن ظهر قلب غافل".
(19)ويكرر الدعاء ويلح فيه : لقوله صلى الله عليه وسلم : " إن الله يحب الملحين فى الدعاء "، حديث باطل . أخرجه ابن عدى فى "الكامل" 7/163، والبيهقى فى "الشعب" رقم (1108)، وينظر السلسلة الضعيفة رقم (637)، وأخرج مسلم فى "صحيحه": أنه صلى الله عليه وسلم "كان إذا دعا كرر ثلاثاً" أخرجه مسلم برقم (542).
(20)ولا يدعو بإثم ولا قطيعة رحم : لقوله صلى الله عليه وسلم : " يستجاب للعبد ما لم يدع بإثم أو قطيعة رحم " أخرجه مسلم برقم (2735).
(21)ولا يدعو بأمر قد فرغ منه : روى مسلم والنسائى ما يدل على ذلك من حديث أم حبيبة –رضى الله عنها- لما سمعها النبى صلى الله عليه وسلم تدعو له صلى الله عليه وسلم ولأبيها ولأخيها أن يمتعها الله بهم فقال صلى الله عليه وسلم : " لن يُعجِّلَ اللهُ شيئاً قد أجله " أخرجه مسلم برقم (2663).
(22)ولا يدعو بمستحيل : ووجه ذلك أن الدعاء بالمستحيل من الاعتداء، وقد ثبت النهى القرآنى عنه فقال الله تعالى : ( ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعاً وَخُفْيَةً إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ) (الأعراف:55).
(23)ولا يتحجر: ووجه ذلك أن النبى صلى الله عليه وسلم لما سمع الأعرابى يقول: اللهم ارحمنى ومحمداً ولا ترحم معنا أحداً، قال له: " لقد تحجرت واسعاً ". وهو ثابت فى "الصحيح" أخرجه البخارى فى صحيحه برقم (5664).
(24)ويسأل اللهَ حاجته كلها لقوله صلى الله عليه وسلم: " ليسأل أحدكم حاجته كلها حتى يسأل شسع نعله إذا انقطع "، (أخرجه الترمذى، وابن حبان برقم (866) وإسناده صحيح).
(25)ويؤمن الداعى والمستمع : وذلك لما روى عنه صلى الله عليه وسلم لما سمع رجلاً يدعو، فقال: "وجبَ إن ختمَهُ بآمين" (أخرجه أبو داود) برقم (938) وضعفه الألبانى.
(26)ولا يستعجل أو يقول: دعوت ولم يستجب لى لحديث أبى هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " يستجاب لأحدكم ما لم يعجل يقول: دعوت فلم يستجب لى " رواه البخارى برقم (5981) قال ابن بطال: المعنى أن يسأل فيترك الدعاء فيكون كالمانُ_ أي الذي يمن_ بدعائه أو أنه أتى من الدعاء ما يستحق به الإجابة فيصير كالمبخل للرب الكريم الذى لا تعجزه الإجابة ولا ينقصه العطاء، وفى الحديث أدب من آداب الدعاء وهو أن يلازم الطلب ولا ييأس من الإجابة لما فى ذلك من الاستسلام والانقياد وإظهار الافتقار.
(27)الجثو على الركبتين: لم يثبت فى هذه الهيئة شئ يصلح للاحتجاج به، وقد روى ما يد ل عليه عند أبو عوانه.

(28)ويمسح وجهه بيديه بعد فراغة، وهل يمسح بهما (كفيه) وجهه كما فى القنوت فى الصلاة؟ فالأصح لا، لعدم وروده فيه، قال البيهيقى: لا أحفظ فيه عن أحد من السلف شيئاً، وإن روى عن بعضهم فى الدعاء خارج الصلاة، وقد روى فيه عن النبى صلى الله عليه وسلم خارج الصلاة خبر ضعيف، وأما فيها، فلم يثبت فيه لا خبر ولا أثر، وسوف نفصل القولَ فى هذه المسألة فى مقالٍ قادمٍ بمشيئة الله تعالى وغيرها من المسائل.
(29)ويتوسل إليه تعالى بأنبيائه والصالحين : أما التوسل بالصالحين: فمنه ما ثَبُتَّ عن الصحابة فى "الصحيح" أنهم استسقوا بالعباس رضي الله عنه عم رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال عمر رضي الله عنه : اللهم إنا كنا إذا أجدبنا نتوسل إليك بنبيك فتسقينا، فالآن نتوسل إليك بعم نبيك فاسقنا، ثم طلب من العباس أن يدعو الله، فقام العباس فدعا الله تعالى، فسقاهم الله. أخرجه ابن خزيمة فى صحيحه برقم (1421)، وابن حبان برقم (2861)
قال الشوكانى فى " تحفة الذاكرين " : ومن التوسل بالأنبياء ما أخرجه الترمذى برقم (3578) وقال: حسن صحيح غريب، والنسائى برقم (10496) وابن ماجة وابن خزيمة برقم (1219) فى "صحيحه" والحاكم برقم (1180) وصححه الألبانى، وقال : صحيح على شرط البخارى ومسلم من حديث عثمان ابن حنيف رضي الله عنه أن أعمى أتى النبى صلى الله عليه وسلم فقال : يا رسول الله ادع الله أن يكشف لى عن بصرى، قال: أو أدَعُك. فقال: يا رسول الله، إنى قد شق علىَّ ذهاب بصرى، قال: " فانطلق فتوضأ فصل ركعتين ثم قل : اللهم إنى أسألك وأتوجه إليك بنبيك محمد نبى الرحمة، يا محمد إنى أتوجه بك إلى ربى فى حاجتى هذه لتقضى لى اللهم فشفعه فى" "صحيح الجامع". من "تحفة الذاكرين".
ويرى ابن تيمية : أنه لا يجوز التوسل بالنبى صلى الله عليه وسلم فى مغيبه ولا بعد موته..
جاء فى كتاب "الزيارة" لابن تيمية تحت عنوان السؤال بالجاه ونحوه من البدع ما مختصره وقالت طائفة : ليس فى هذا جواز (أى: فى حديث الأعمى) التوسل به صلى الله عليه وسلم بعد مماته، وفى مغيبه، بل إنما فيه التوسل فى حياته بحضوره، كما فى حديث عمر بن الخطاب رضي الله عنه السابق .
وذلك التوسل به أنهم كانوا يسألونه أنه يدعو الله لهم، فيدعو لهم، ويدعون معه، ويتوسلون بشفاعته ودعائه.
كما فى "الصحيح" أخرجه البخارى فى صحيحه برقم (891) عن أنس بن مالك رضي الله عنه أن رجلاً دخل المسجد يوم جمعة من بابٍ كان نحو باب دار القضاء- ورسول الله صلى الله عليه وسلم قائم يخطب- واستقبل رسول الله صلى الله عليه وسلم قائماً فقال: يا رسول الله هلكت الأموال، وانقطعت السبل، فادع الله يمسكها عنا. قال: فرفع رسول الله صلى الله عليه وسلم يديه، ثم قال: " اللهم حوالينا ولا علينا، اللهم على الآكام والظراب وبطون الأودية ومنابت الشجر". قال وأقلعت، وخرجنا نمشى فى الشمس. ففى هذا الحديث أنه قال: ادع الله لنا أن يمسكها عنا.
فهذا كان توسلهم فى الاستسقاء ونحوه، ولما مات توسلوا بالعباس رضي الله عنه، كما كانوا يتوسلون به ويستسقون، وما كانوا يستسقون به فى موته، ولا فى مغيبه، ولا عند قبره، ولا عند قبر غيره انتهى كلام ابن تيمية كتاب زيارة القبور لابن تيمية (1/41). فلو كان التوسل بالنبى صلى الله عليه وسلم بعد موته جائزاً، فلمَّ ترك الصحابةُ رضوان الله عليهم التوسل به صلى الله عليه وسلم ثم توسلوا بالعباس، فقالوا : وإنا نتوسل إليك بعم نبينا فاسقنا؟! سبحان الله! لو كان خيراً لسبقونا إليه.
والصواب فى هذه المسألة أن يقول المتوسل: اللهم إنى أدعوك وأتوسل إليك بإيمانى بنبيك صلى الله عليه وسلم ومحبتى واتباعى لسنته عليه الصلاة والسلام؛ لأن الإيمان بالنبى عليه الصلاة والسلام ومحبته واتباع سنته من أعظم الأعمال وأجلها وأنفعها عند الله، ومن توسل إلى الله ودعا بهذه الأعمال فقد توسل إليه بأحب الأعمال وأعظمها عند الله تعالى.

وآخر هذه الآداب التي ينبغي على الداعي أن يتعرفها
(30)أن يترصدَ لدعائِهِ الأوقاتَ الشريفة كيومِ عرفة من السنة، ورمضان من الأشهر، ويوم الجمعة من الأسبوع، ووقت السحر من ساعات الليل، عن أبى هريرة رضي الله عنه قال : قال صلى الله عليه وسلم : " ينزل الله كل ليلة إلى سماء الدنيا حين يبقى ثلث الليل الأخير فيقول : من يدعونى فأستجيب له؟، من يسألنى فأعطيه؟، من يستغفرنى فأغفر له؟".البخارى رقم(1094)ومسلم رقم (768).
قيل: إن يعقوب عليه السلام إنما قال: ( سَوْفَ أَسْتَغْفِرُ لَكُمْ رَبِّي) (يوسف: 98) ليدعو فى وقت السحر.
أن يغتنم الأحوال الشريفة عند زحف الصفوف فى سبيل الله عز وجل، وعند نزول الغيث لتسمية الغيث رحمة قال تعالى: ( وَهُوَ الَّذِي يُنَزِّلُ الْغَيْثَ مِنْ بَعْدِ مَا قَنَطُوا وَيَنْشُرُ رَحْمَتَه) (الشورى: 28).
(31)أن يسأل الله تعالى ببطن كفه لا بظهرها:
ومد إليه كف فقرك ضارعا


**
بقلب منيب وادع تعط وتسعد


مد أيها الداعى فى دعائك إليه سبحانه وتعالى كفك أى راحتك قال الأزهرى : الكف الراحة مع الأصابع، سميت بذلك ؛ لأنها تكف الأذى عن البدن، أى أنك إذا قمت فى جوف الليل، وقت ذلك بعد النصف الأول من الليل، فتوجه بكُليتك إلى الله جل وعلا، ومد إليه كف فقرك إليه اللازم لوجودك، فلا يتصور انفكاكك عنه لحظة واحدة. وإليه أشار شيخ الإسلام ابن تيمية برد الله مضجعه فى قوله:
الفقر إلي وصف ذات لازم أبد اً


**
كما الغنى أبداً وصف له ذاتي


حال كونك ضارعاً أى متذللا مبالغاً فى السؤال والرغبة، يقال ضرع يضرع بالكسر والفتح، وتضرع إذا خضع وذل. قاله فى النهاية. وقال الجوهرى: وتضرع إلى الله أى ابتهل. وفى القاموس: ضرع إليه ويثلث ضرعاً محركة وضراعة خضع وذلَّ واستكان، أو كفرح ومنع تذلل فهو ضارع، لما روى عن سلمان الفارسى رضي الله عنه عن النبى صلى الله عليه وسلم قال: " إن الله يستحى أن يبسط العبد يديه يسأله فيهما خيراً فيردهما خائبتين" رواه الخمسة إلا النسائى. أبو داود رقم (1488) ، والترمذى رقم (3556)، وابن ماجة رقم (3865) وصححه الألبانى ، وقال صلى الله عليه وسلم : " إذا سألتم الله فاسألوه ببطون أكفكم ولا تسألوه بظهورها " رواه أبو داود. رقم (1486) وقال الألبانى : حسن صحيح.
وكان صلى الله عليه وسلم يرفع يديه فى الدعاء. وقوله (بقلب منيب) متعلق بضارع، أى تائب راجع إلى الله عز وجل من الذنوب إلى الطاعات، أو من الفرار منه إليه، يقال تاب إلى الله تاب كأناب (وادع) الله سبحانه.

وينبغى لك أن تتحرى المأثور عن منبع الهدى صلى الله عليه وسلم وينبوع النور مع مراعاة آداب الدعاء. فإن فعلت ذلك (تعط) ما سألته من خيرى الدنيا والآخرة (وتسعد) سعادة لا شقاوة بعدها بتضرعك لمولاك وقيامك بالأدعية المأثورة، وتنج من أليم العذاب وألم الحجاب، وتجاور رباً كريما إذا سئل أعطى وإذا دعى أجاب.
[/FONT]


 
الوسوم
آداب إعلام الدعاء النبلاء بطرف من
عودة
أعلى