المسافة = السرعة × الزمن

ياسر المنياوى

شخصية هامة
المسافة = السرعة × الزمن


إن الناظر لعنواني يُخيل إليه أنه درس بحت في مادة الفيزياء . . ولكن الأمر يختلف هنا . . فلم تكن تعلم عزيزي القارئ ولا حتى مخترع هذا القانون أنه يفيد المؤمن في حياته . . إن البشرية تعيش في هذه الأيام معجزةً أخبر عنها نبي الرحمة صلى الله عليه وسلم . . ألا وهي تقارب الزمان . . قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( لا تقوم الساعة حتى يتقارب الزمان فتكون السنة كالشهر . . ويكون الشهر كالأسبوع . . ويكون الأسبوع كاليوم . . ويكون اليوم كاحتراق السعفة ) ( 1 ) رواه أحمد . . فما يحل عام جديد إلا ويفاجئنا قدوم عام آخر . . فيقف العاقل مندهشا أهو بحلمٍ أم يقظة ؟ ! وهل ما يراه من إقبال الناس على اقتناء التقاويم للعام الجديد حقيقة أم خيال ؟ !.

فحري بمن تهمه نفسه أن يقف وقفة محاسبة ليعلم أين يسري به هذا الزمان . . ويتعلم أن المسافة بينه وبين الجنة تسير بسرعة كبيرة وزمنها قليل جدا.

إن ثلث العمر تقريباً يذهب في النوم . . وثلثه الآخر يذهب في العمل الوظيفي . . وما يقارب من الربع يذهب قبل سن التكليف . . ولم يتبق من العمر إلا القليل أو أقل من القليل فيذهب في أكل وشرب . . وفي لعب ونزهة . . وفي زيارات وقضاء حاجيات . . فضلاً عن أنه يمضي جزء منه ليس بالقليل في قراءة الجرائد ومجلات غير نافعة . . أو أمام القنوات الفضائية لمشاهدة مالا طائل من ورائه . . أو متنقلاً بين المواقع المعلوماتية على الإنترنت إلى غير ذلك مما يسمى بوسائل الترفيه والتسلية.

أنظر معي إلى هذه العملية الحسابية


• 8 ساعات نوم في اليوم x365 يوم في العام = 2920 ساعة نوم ÷ 24 ساعة = 122 يوم نوم في السنة . .
وفي خلال الستون عاماً تكون مجموع هذه الأيام 122 يوما x 60 عاما = 7296 يوما ÷ 365 يوما = 20 عاما

• 8 ساعات عمل في اليوم x 365 يوم في السنة = 2920 ساعة عمل ÷ 24 ساعة = 122 يوم عمل في السنة . .
وفي خلال الستون عاماً تكون مجموع هذه الأيام 122 يوما x 60 عاما = 7296 يوما ÷ 365 يوما = 20 عاما

• المجموع = 20 سنة نوم 20 سنة عمل = 40 عاما . . وليس هذا كل شيء بل هناك طامة أكبر . . وهي:

• 15 عاما لم يكتب لك الملك أي عمل قبل البلوغ . . . . . . . أعد العملية الحسابية

• 20 عاما نوم 20 عاما عمل 15 عاما براءة وطفولة = 55 عاما لم تعمل فيها لله أي شيء . . على فرض أننا في أحسن الظروف عشنا الستون عاما . . كم تبقي لك من العمر لتعمل للدار الأخرة ؟ ؟ والجنة وما في من نعيم مقيم ؟ ؟


عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( لا تزولا قدما عبدٍ يوم القيامة حتى يسأل عن أربع . . عن عمره فيما أفناه . . وعن شبابه فيما أبلاه . . وعن ماله من أين اكتسبه وفيما أنفقه . . وعن عِلمه ماذا عمل به ) . . وفي هذا دليل واضح على أن الإنسان سيُسأل عن العمر كله ولا يُستثنى من ذلك لحظة واحدة !! . . وحتى تتضح الصورة ويعرف الإنسان مدى الخسارة التي سيخسرها إذا كان يرى أن العبادة هي فقط الصلاة والصيام وقراءة القرآن وبعض الشعائر التعبدية التي يمارسها الناس في حياتهم . . أما الأمور العادية فهي مجرد عادات لا دخل للعبادة فيها . . فسيجد أن كل عمره أو جله ذهب خسارة فيما لا ينفعه يوم القيامة.

وهنا تكون الحسرة والندامة . . والخسارة التي لا تعدلها خسارة . . فمالذي يبقى من العمر يا هل ترى !! . . إذا كان في سنوات المتبقية الأخيرة يذهب أكثره في مرض وسكري وضغط وروماتزم ومراكز صحية ونقاهة !! فلا إله إلا الله ما أعظم الخسارة . . وما أفدحها . . وما أطمها وما أكبرها.

لكن المؤمن يستطيع بالنية الصالحة أن يحول كثيراً من هذه العادات إلى عبادات . . فالنوم مثلاً إذا قصد به الإنسان التقوي على طاعة الله . . والاستيقاظ في جوف الليل للصلاة والاستغفار . . وحضور صلاة الفجر في جماعة كل ذلك عبادة . . ومثل ذلك في الأكل والشرب وقراءة الصحف . . ومشاهدة ما تجوز مشاهدته من القنوات . . أو المواقع النافعة على شبكة المعلومات العالمية . . و مثل ذلك في وقت العمل الوظيفي . . فإن هذه الأعمال وغيرها لا تكون عبادة يؤجر عليها الإنسان ويجدها عند الله في موازين وسجلات الحسنات إلا بتحقيق النية الصالحة فيها . . وتحقيق هذه النية ليس بالأمر الهين وكل حسيب نفسه.

أنستكثر على أنفسنا الخشوع في الصلاة في هذه الأيام القلائل التي نعيشها ؟ هل نستكثر أن نجلس لبرهة نسبح الله ونذكره بعد الصلاة ؟ لماذا لا تبقى ألسنتنا تلهج بذكر الله ؟ صدقني يا أخي ويا أختي ستخسر الكثير بهذا التقصير . . إن أبو بكر الصديق رضي الله عنه كان يستعين بحجر يضعه تحت لسانه إذا دخل الخلاء مخافة أن يذكر الله في الخلاء . . استشعر دينك يا رعاك الله . . اعلم أن أيامك قلائل . . قال تعالى: ( قل إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين . . لا شريك له وبذلك أمرت وأنا أول المسلمين ) الأنعام: 163 . . وقال تعالى : ) وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ) الذاريات 56 . . نسأل الله تعالى أن يستعملنا في طاعته وأن يرزقنا اغتنام الأوقات في مرضاته . . إنه ولي ذلك والقادر عليه وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.

وصلي اللهم وسلم على حبيبي وقرة عيني محمد بن عبد الله وعلى آله وصحبه ومن والاه وسلم يا رب تسليما كثيرا

منقووووووول

 
الوسوم
× الزمن السرعة المسافة
عودة
أعلى