صحابة رسول الله الكرام ... فى سطور

بسمه

الاعضاء
إن دراسة التاريخ الإسلامى عامة .. وتاريخ الخلفاء الراشدين وسائر الصحابة ( خاصة ) يمثل خطوة عظيمة فى طريق بعث الأمة . لإنه يدفع الأمة المسلمة لأن تقوم مرة أخرى وتنفض غبار الغفلة . فتستعيد أمجادها وتعود مرة أخرى لتقود العالم كله الى خيرى الدنيا والآخرة ..
ما أجمل ما قاله إبن مسعود – رضى الله عنه – عن أصحاب الحبيب صلى الله عليه وسلم حيث يقول :
" إن الله نظر فى قلوب العباد . فوجد قلب محمد صلى الله عليه وسلم خير قلوب العباد فإصطفاه لنفسه فإبتعثه برسالته ، ثم نظر فى قلوب العباد بعد قلب محمد ، فوجد قلوب أصحابه خير قلوب العباد فجعلهم وزراء نبيه يقاتلون على دينه ،
فما رأى المسلمون حسنا فهو عند الله حسن وما رأوا سيئا فهو عند الله سيىء"
رواه أحمد فى المسند(1/397) ( رقم 3600 )

من أجل ذلك جاءت الحاجة الى معرفة أحوال هؤلاء الصحب الكرام الذين تربوا بين يدى الحبيب صلى الله عليه وسلم الذى رباه الحق جلا وعلا – ليربى به الأمم والأجيال فى كل زمان ، بل وفى كل مكان ..
لقد خرجوا من أموالهم وديارهم وبذلوا النفس والنفيس من أجل إعلاء كلمة
( لاإله إلا الله ) فدانت لهم الأرض كلها من مشرقها الى مغربها وكانت راية الإسلام خفاقة عالية .


لذلك فإن الكتابة عن هؤلاء العظماء وكشف الستارعن الصفحات الناصعة التى سطروها على جبين التاريخ بسطور من النور لهى من الواجب الذى يحتمه علينا هذا العصر الذى نعيش فيه معمعة الأفكار واضطراب الموازين وموالاة غير المسلمين ..
قال بن أبي داود في الحائية
وقل خير قول في الصحابة كلهمْ ............. ولا تك طعانا تعيب وتجرحُ
فقد نطق الوحي المبين بفضلهمْ............. وفي الفتح آي للصحابة تمدحُ

وإذا أردت أن تعرف المزيد عن صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم ... فى سطور فإليكم الحلقة الاولى

 
الحلقة الأولى : أبو بكر الصديق رضي الله عنه


صاحبُ الشّمائل الطيّبة.... والنّفس النقيّة... واللسان الصّادق..

ذو العقل الذي يتكلّل بالوقار، والروح التي تُفيض عذوبةً ومحبّة..
إنّه أعظم البشر بعد الأنبياء، وصاحب رسول الله ورفيقه إلى أعظم هجرة.
وثاني اثنين إذهما في الغار...
اشتُهر بقوّة العزيمة وحُسن الرأي، والحلم والتواضع.. والشّجاعة، والعطف على الفقراء.
كان كريماً لا يردّ السّائل والمحتاج، وبسّاماً لا يَعْبِسُ في وجوه الآخرين، ومتواضعاً ومتعاونا يعطف على الصغار ويوقّر الشيوخ الطاعنين في السنّ.
ثمّ ألا يكون صحابي هذه صفاته مبشراً بالجنّة ؟ بلى.. إنه من المبشّرين بالجنّة
نعم هو عبد الله بن أبي قُحافة التيميّ القرشيّ الذي وُلد بمكة سنة إحدى وخمسين قبل الهجرة.
- وهو أول من أسلم من الرجال، كما أسلمَ على يده الكثير من الصّحابة.
- والد أم المؤمنين عائشة، والصحابية الجليلة أسماء ذات النطاقين.

- كان ماشياً ذات يومٍ في طرقات مكّة فأبصر أميّة بن خلف يعذّبُ بلالاً تعذيباً لا يُطاق، فقال لأميّة: "ألا تتّقي الله في هذا المسكين؟ قال: أنت الذي أفسدتَه فأنقِذه مما ترى، فقال أبو بكر: أفعلُ، عندي غلام أسود أجلَد منه وأقوى، على دينك، أعطيكه به، قال: قد قبلت، فقال: هو لك، فأعطاه أبو بكر الصديق رضي الله عنه غلامه ذلك، وأخذه فأعتقه".
- لقّبَ بالصّديق لأنه صدّق الرسول برسالته، وصدّقه في خبر الإسراء والمعراج.
- لما أخبره رسول الله أنه انتفع بماله كثيراً، بكى وقال: أنا ومالي لك يا رسول الله!

- تولّى خلافة المسلمين بعد رسول الله.
- فأرسلَ جيش أسامة لقتال الروم في بلاد الشام.
- وقاتلَ المرتدّين، وانتصرّ عليهم.

- ثمّ أمر بجمع القرآن خوفاً عليه من الضّياع.
- وليس ذلك فحسب ولكنّ الفتوحات الإسلامية في العراق والشام بدأت في عهده

- ويكفيه فخراً أنّ عليّا عندما سُئلَ من خيرُ الناس بعد النبي صلى الله عليه وسلأشار إليه رضوان
الله عليهم أجمعين..

هذه هي أبرزُ أعمال الغصن المزهر والقلب العاطر والداعية الحكيم والصّادق الصّدوق أبو بكر الصّديق.. الذي قدّم للإسلام أسمى وأغلى مايملك... وقدّم في سبيل صاحبه رسول الله كلّ غالٍ ونفيس.. وظلّ يمضي الصحابي الجليل في رحلة النور حتى وافته المنية عام ثلاث عشرة للهجرة، ودُفن بجوار المصطفى صلى الله عليه وسلّم عن عمر يناهز ثلاثة وستين عاماً. رضي الله عن أبي بكر، وجزاه عن الإسلام والمسلمين خير الجزاء...


 
الحلقة الثانية : عمر بن الخطاب رضي الله عنه

أيُّ قلبٍ ذاك الذي يجمعُ بين الحنان الدافق والعَدل المُنصف...قامتُه الشمّاء تفوق الجبال هيبةً ولكنّها، تنحني وتتواضع لطفلٍ صغير أو عجوز طاعنة... عيونه سهامٌ حادّة تُرهب أعداءَ الله ورسوله في النهار، وسحابةٌ نديّة تهمي بالدمع بين يدي الخالق في الليل.
كان صُلباً شديداً مع الكفار والقُساة، ورحيماً ليّناً مع المسلمين الفقراء والمساكين.
قلّده ملوكُ الدّنيا وحكّامُها وسامَ العَدل الرّفيع، وشهادة الفارس الصّنديد الذي لا يخشى في الله لومة لائم...
إنه البطل الذي يخاف منه الشيطانُ ويفرّ....
هاجر علانيةً أمام أنظار المشركين فكان بطلاً في هجرته.. وبطلاً في بدر.. وبطلاً في أحد.. وبطلاً في جوف الليل بين يدي ربه.. وبطلاً في النهار بين رعيته.. كان ينصح ويقول: لا تقع فيما لا يعنيك واعرِف عدوك، واحذر صديقك إلا الأمين ولا أمين إلا من يخشى الله.
إنّه عمر بن الخطاب بن نفيل العدويّ القُرشيّ، ولد بمكّة سنة أربعين قبل الهجرة، يُكنى أبا حفص.
كان لإسلامه أثرٌ كبيرٌ في رفعة الإسلام، فلقّبه رسول الله -صلى الله عليه وسلّم- بالفاروق؛ لأنّه فرق بين الكفر والإيمان...وكان أحدَ العشرة المبشّرين بالجنّة.
- قال عبد الله بن مسعود: "إنّ إسلام عمر كان فتحاً، وإنّ هجرته كانت نصراً، وإنّ إمارته كانت رحمة، ولقد كنّا ما نُصلّي عند الكعبة حتى أسلمَ عمر، فلما أسلم قاتل قريشاً حتى صلّى عند الكعبة وصلّينا معه".
- خلف أبا بكر في الخلافة، وكان أول من سُمّي بأمير المؤمنين.
- كانت خلافته خيرًا وعزًّا للمسلمين؛ فهو أول من وضعَ التاريخ الهجريّ، وأول من أدخلَ نظام العسس، وأوّل من دوّنَ الدواوين في الإسلام، وهي ديوان الجند وديوان الخراج
- فتحَ العراقَ وفارس والشام ومصر، وتمّ في عهده بناءُ مدينتي الكوفة والبصرة في العراق ومدينة الفسطاط في مصر.
هذه هي حياة عمر الفاروق التي كانت ربيعاً زاهياً يمتّع النفوس، ويوسّع الصدور، وكانت خلافته - التي دامت عشرَ سنين وستّة أشهر- مثالاً للعدل والصّدق والزّهد والتّواضع.. وظلّ عمر - رضي الله عنه- يسطّر المآثر تلو المآثر حتى امتدّت إلى جسمه الشّامخ يدُ كافرٍ مملوكٍ فارسي اسمه فيروز ويعرف بأبي لؤلؤة فطعنه، وعندما عرفَ عمرُ من طعنه، قال: الحمد لله إذ لم يقتُلْني رجلٌ سجدَ لله". استُشهد - رضي الله عنه - سنة ثلاث وعشرين للهجرة، ودُفن إلى جوار الحبيب المصطفى وأبي بكر الصّديق...
رضي الله عنك يا عمر الفاروق، وجزاك الله عنّا وعن الإسلام خيراً
 
الحلقة الثالثة : عثمان بن عفان رضي الله عنه

قصّة الحياء الشذيّ، والإيمان النديّ، والقلب الزكيّ... والورَع المحبَّب.


ريحانةٌ زاهية، ونخلة باسقة ، نَمت في ظلال التوحيد، وترعرعت في ظلال

القرآن الكريم.

عيونٌ دامعة من خشية الله ، ووجه يتهلّل بالنور، ويتدفّقُ بالبِشر، ونفسٌ

أنقى من الثّلج، وأطهر من السحابة البيضاء في حضن السّماء...

عُرف بدماثة الخلق، ورقّة الطّبع، ورهافة الإحساس. وكان من العشرة

المبشّرين بالجنّة.

إنّه عثمان بن عفان الذي ولد بالطائف سنة سبع وأربعين قبل الهجرة.

وكان يُكنى بأبي عمرو..

لُقّب بذي النورين؛ لأنّه تزوّج بنتي رسول الله -صلى الله عليه وسلّم- رقيّة

وأم كلثوم.

- هاجر الهجرتين، وكان أحد كتاب الوحي.

- قال رسول الله -صلى الله عليه وسلّم-: "من يحفر بئرَ رُومة فله الجنّة"، فحفرها عثمان، وقال: "من جهّزَ جيشَ العُسرة فله الجنّة"، فجهّزه عثمان. فما أكرمَك وأجودَكَ يا عثمان ! ما أشدّ غيرتَك على المسلمين!
ما أعلى همّتكَ في البَذل العطاء!


- ثمّ تأمّلوا ما قاله رسول الله -صلى الله عليه وسلّم- عن عثمان: "ألا أستحيي من رجلٍ تستحيي منه الملائكة".

- إنّه خليفة المسلمين الثالث... عُرف بالزهد والورع والكرم وكثرة التصدّق...

- ومن أبرز أعماله -رضي الله عنه- كتابةُ القرآن الكريم في مصحف واحد، عُرفَ بالمصحف العثمانيّ، وإرسالُ نُسَخٍ منه للبلدان الإسلاميّة... كما وسّع -

رضي الله عنه- المسجدَ الحرام والمسجدَ النبويّ عندما ضاقا بالمصلّين.

- ثمّ في سنة ست وعشرين للهجرة أرسلَ -رضي الله عنه- جيشاً بقيادة عبد

الله بن أبي السّرح إلى تونس ففتحها، وفتحَ بلاد النّوبة سنة اثنتين وثلاثين

للهجرة...

هذه هي سيرةُ الخليفة التقيّ الذي أعطى الإسلام والمسلمين حُبّه وماله ووقته

وتفكيره طوال اثنتي عشرة سنة أمضاها في الخلافة.

استُشهد سنة خمسٍ وثلاثين من الهجرة وعمره اثنتان وثمانون سنة، رضي

الله عنه وأرضاه، وجزاه عن الإسلام والمسلمين خير الجزاء
 
الحلقة الرابعة : علي بن أبي طالب رضى الله عنه


فتح عينيه منذ نعومة أظفاره، لتكتحل بأخلاقِ المبعوث رحمة للعالمين، محمدٍ
-صلى الله عليه وسلّم-، فتشرّبت نفسه الصّافية النّبلَ من معينه السلسبيل، واشتمّ
الأريج من أطيب الزهر، تنسّمَ مبادئ الأخلاق من بيت النبوّة، فاتخذها دأباً
وديدناً، وعاشها صدقاً ويقيناً، وحكاها بطولةً وشجاعة وفروسية وإقداماً... كما
عُرف - رضي الله عنه - بالكرم والفصاحة..
- فهو أول من أسلمَ من الصبيان، وهو من المبشرين بالجنّة، ثمّ قامَ بعملٍ بطوليّ
كبير عندما نامَ في فراش النبيّ -صلى الله عليه وسلّم- عندما هاجر إلى المدينة
المنوّرة.
- إنّه علي بن أبي طالب بن عبد المطّلب، ابنُ عمّ رسول الله -صلى الله عليه
وسلّم- وكان يُكنى بأبي الحسن. ولد بمكّة سنة ثلاث وعشرين قبل الهجرة.
- تزوّج فاطمة بنت رسول الله، فولدت له سيدي شباب أهل الجنة الحسن
والحسين.
- وهو أحدُ كتّاب الوحي، وتولّى القضاء في اليمن في عهد رسول الله -صلى الله
عليه وسلّم-.
- شهدَ الغزوات كلّها مع رسول الله -صلى الله عليه وسلّم- عدا غزوة تبوك.
- وأعطاه رسول الله الراية يوم خيبر، وما أدراك ما يوم خيبر!
- رابع الخلفاء الراشدين، ومن أهمّ أعماله أنه نقلَ عاصمة الخلافة من المدينة
إلى الكوفة في العراق.
- ونظّم الشّرطة وأطلق على رئيسها صاحب الشّرطة.
- وهكذا كان عليّ مثالاً للحكمة والشجاعة والفِطنة والتقوى حتى استشهد على يدِ
أحد الخوارج وعمره ثلاث وستون سنة وذلك عام 40 للهجرة.
كانت سيرة عليّ بن أبي طالب مثالا يُحتذى في الزّهد والشجاعة والحكمة
والقضاء والتقوى.
رضي الله عنه وأرضاه وجعل الجنّة مأواه... وجزاه عن الإسلام والمسلمين خير
الجزاء.
 
الحلقة الخامسة : حمزة بن عبد المطلب رضى الله عنه

لم يجد نورُ الإسلام إلا سلاسة في دخول قلب حمزة الرّحيم، الممتلئ بالشهامة

والحنان.
حمزة بن عبد المطّلب الذي عُرف بالشّجاعة والفروسيّة.
واشتهر بالرحمة ومساعدة المحتاجين، ونُصرة المظلومين؛ فلو سأل طفلٌ صغيرٌ
حمزةَ عن حاجة لفزعَ له ملبّياً حاجته.
كان يَصِلُ الرّحم، ويُكثرُ من فعل الخير ويدلّ عليه.
خفقَ قلبه بالرحمة والمحبّة عندما سمع بإيذاء أبي جهل لابن أخيه محمد -صلى
الله عليه وسلّم-، فسرعان ما انتقمَ له، ورفعَ قوسه، فضربه بها وشجّ رأسه...
- نعم إنّه حمزة بن عبد المطلب عمّ رسول الله -صلى الله عليه وسلّم-، وكان
يُكنى بأبي عمارة، وقيل أبي يعلى..
أعلنَ إسلامه في السنة الثانية من بعثة رسول الله -صلى الله عليه وسلّم-، فكان
إسلامه درعاً واقية وحصناً منيعاً للإسلام والمسلمين.. كان قويّ الشخصية،
ضخم البنية، راجح العقل، قويّ الإرادة، ومع هذا كلّه كان رحيماً، شَفوقاً...
كان أمير أول سريّة خرج فيها المسلمون للقاء العدو، كما أنّ أول راية عقدها
رسول الله -صلى الله عليه وسلّم- كانت له.
- أبلى بلاءً حسناً في غزوة بدر، وقاتلَ ببسالة؛ إذ قاتلَ بسيفين، وبارزَ شيبة بن
ربيعة فأرداه قتيلاً. فسمّاه رسول الله -صلى الله عليه وسلّم- أسد الله، وأسد
رسوله.
- كان فارس الميدان، والثابت الباسل في غزوة أحد، حيث قتل واحداً وثلاثين
مشركاً في يوم واحد.
- أصابته حربة وحشيّ الغادرة فصار شهيداً يعطّر ثرى أُحُد الظامئ.
- قال رسول الله -صلى الله عليه وسلّم-: "سيّد الشهداء عند الله -تعالى- يوم
القيامة حمزة".
- رضي الله عنه وأرضاه وجعل الجنّة مثواه، وجزاه عن الإسلام والمسلمين
خير الجزاء.
 

الحلقة السادسة : الزبير بن العوام رضى الله عنه

نشأ في بيتٍ عنوانُه الشّرف والمجد، وأركانه الحَسبُ والرّفعة، ربَّته صفيّة
فتشرّب قلبه حبّ الشجاعة والجرأة...إنه الزبير بن العوام -رضي الله عنه-...
من أين أبدأ بالحديث عن الزبير بن العوام؟ أمن يوم تبشيره بالجنة، أم من يوم
هجرته إلى الحبشة وهجرته إلى المدينة...
وُلد الفارسُ المقدام حواريّ رسول الله -صلى الله عليه وسلّم- بمكّة سنة ثمان
وعشرين قبل الهجرة، أسلمَ وهو صغير السنّ وكان من السّابقين الأولين إلى
الإسلام..

ومما يدلّ على شجاعته أنّه أوّل من سلّ سيفاً في سبيل الله، وذلك عندما تناقل
الناسُ خبرَ مقَتل النبي -صلى الله عليه وسلّم-، فخرج مُمتشقاً سيفه يريدُ قتال
الكفار.. ولكنّ النبي -صلى الله عليه وسلّم- لقيه، وردّه إلى منزله.. وقد سُرّ من
شجاعته.
وكيف لا يكون شجاعاً ومخلصاً وحمزةُ خالُه، وصفيّة أمُّه، وأسماء زوجته،
ومحمد -صلى الله عليه وسلّم- نبيّه؟
أرسله الرسول -صلى الله عليه وسلّم- لتعقّب جيش المشركين يوم أحد حتى يروا
أنّ في المسلمين قوّة فلا يفكّروا في الرجوع إلى المدينة ومعاودة القتال.
شهدَ اليرموك وقدّم أروع الصّور في البسالة والإقدام..
كان تقيّا ورعاً عظيم الشّمائل.
كان لا يحبّ تولّي المناصب وتولّي أمر الناس خوفاً من الوقوع في الزلل مع أحد
المسلمين ولو بمقدار ذرّة.
كان من أصحابِ الشورى الستّة الذين وكل عمر إليهم أمر اختيار الخليفة بعده.
كانت حياته كتاباً مليئاً بأصدق العبارات وأنضر السّطور وأعطر الزهور حتى
وافته المنية.
فرضي الله عنه وأرضاه وجعل الجنّة مثواه، وجزاه الله عن الإسلام والمسلمين
خير الجزاء.

 
الحلقة السابعة : أبو عبيدة بن الجراح رضى الله عنه

كان شامخَ القامة، قويَّ الشخصيّة، صبوحَ الوجه، باسمَ الثّغر، طيّبَ النّفس...
كان رونقُ الخُلقُ الطيب بادياً على محيّاه، وعلاماتُ الرجولة الفذّة تسكُن نظراتِه الصّادقة...
كانت إشراقةُ خصاله النبيلة تتألّق في جبينه الشّامخ.
إنّه عامر بن عبدالله بن الجراح الذي وُلدَ بمكّة سنة أربعين قبل الهجرة، ودرَجَ حول حمى
الكعبة التي كانت تتلهّف لسماع كلمات التوحيد، لم يحتمل قلبُ أبي عبيدة أكثرَ من جلسة
قصيرة واحدة حتى أسلمَ على يدِ أبي بكر، فكان من
السّابقين الأوّلين إلى الإسلام..

قال عنه رسول الله -صلى الله عليه وسلّم-: "لكلّ أمّة أمينٌ، وأمين هذه الأمة أبو عبيدة".
قدّمَ للإسلام زهرة شبابه وإخلاص قلبه الفتيّ؛ فشارك في كلّ الغزوات والسّرايا، فصالَ
وجالَ في بدر، وكان من العشرة الذين ثبتوا في أحد يُحامون
عن رسول الله -صلى الله عليه وسلّم-.. وكان له موقفٌ عظيم مع رسول الله
عندما غارت حلقتا الدرع في وجنته الشريفة فانتزعهما أبو عبيدة بثنيّتيه فكُسرتا...
أرادَ عمر أن يُبايعه بعد وفاة رسول الله، ولكنّ أبا عبيدة قال: "ما كنت لأتقدّم بين يَدي رجُلٍ
أمره رسول الله -صلى الله عليه وسلّم- أن يؤمّنا في الصلاة فأمّنا حتى مات".
ومن مواقفه المشرّفة أنّه أخفى كتاب عمر بن الخطاب الذي يقضي بِعَزْل خالد بن الوليد عن
قيادة جيش اليرموك
وتولية أبي عبيدة.. أخفى أبو عبيدة كتابَ عمر حتى لا يحرمَ خالداً فرحة النّصر..
وراحَ أبو عبيدة ينتقلُ من نصر إلى نصر، ومن فتح إلى فَتح، حتى أُصيب بمرض
الطاعون، وفاضت روحه الزكيّة
في الأردن بعد أن ضربَ أروع الأمثلة في الحكمة والشجاعة وبُعد النّظر..
رضي الله عن أبي عبيدة وأرضاه، وجعل الجنّة مثواه، وجزاه عن الإسلام والمسلمين خير
الجزاء...
 
االحلقة الثامنة : سعد بن ابي وقاص

مولده :
ولد في مكة سنة 23 قبل الهجرة. نشأ سعد في قريش، سادة العرب وأعزهم، واشتغل في بري السهام وصناعة القسي، وهذا عمل يؤهل صاحبه للائتلاف مع الرمي، وحياة الصيد والغزو، وكان يمضي وقته وهو يخالط شباب قريش وساداتهم ويتعرف على الدنيا من خلال معرفة الحجيج الوافد إلى مكة المكرمة في أيام الحج ومواسمها، المتباينة الأهداف والمتنوعة الغايات.

نسبه الشريف
أبوه ابن سيد بني زهرة: مالك بن أهيب بن عبد مناف بن زهرة بن كلاب بن مرة بن كعب بن لؤي بن غالب بن فهر بن مالك بن النضر بن كنانة بن خزيمة بن مدركة عامر بن إلياس بن مضر بن نزار بن معد بن عدنان. ومالك هذا هو ابن عم امنة بنت وهب أم رسول الله صلى الله عليه وسلم لحاً وخال حمزة وصفية ابنا عبد المطلب .
أمه: حمنة بنت سفيان بن أمية الأكبر بن عبد شمس بن عبد مناف بن قصي بن كلاب بن مرة بن كعب بن لؤي بن غالب بن فهر بن مالك بن النضر بن كنانة بن خزيمة بن مدركة عامر بن إلياس بن مضر بن نزار بن معد بن عدنان. وهي ابنة عم الصحابي الجليلابي سفيان لحاً.
فهو من بني زهرة أهل امنة بنت وهب أم الرسول صلى الله عليه وسلم، وقد كان الرسول صلى الله عليه وسلم يعتز بهذه الخؤولة فقد ورد أنهصلى الله عليه وسلم كان جالسا مع نفر من أصحابه فرأى سعد بن أبي وقاص مقبلا فقال لمن معه: "هذا خالي فليرني أمرؤ خاله ".

اسلامه :
سعد بن أبي وقاص دخل الاسلام وهو ابن سبع عشرة سنة, وكان إسلامه مبكرا, ويتحدث عن نفسه فيقول: «".. ولقد أتى عليّ يوم, واني لثلث الإسلام"..!!»، يعني أنه كان ثالث أول ثلاثة سارعوا إلى الإسلام، وقد أعلن إسلامه مع الذين أعلنوه بإقناع ابي بكر الصديق إياهم, وهم عثمان بن عفان, والزبير بن العوام, وعبد الرحمن بن عوف, وطلحة بن عبيد الله

مكانته عند رسول الله :
عَنْ سَعِيْدِ بنِ المُسَيِّبِ، عَنْ سَعْدٍ، قُلْتُ: يَا رَسُوْلَ اللهِ! مَنْ أَنَا؟ قَالَ: (سَعْدُ بنُ مَالِكِ بنِ وُهَيْبِ بنِ عَبْدِ مَنَافِ بنِ زُهْرَةَ، مَنْ قَالَ غَيْرَ هَذَا فَعَلَيْهِ لَعنَةُ اللهِ). عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: أَرِقَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ذَاتَ لَيْلَةٍ فَقَالَ: (لَيْتَ رَجُلاً صَالِحاً مِنْ أَصْحَابِي يَحْرُسُنِي اللَّيْلَةَ). قَالَتْ: فَسَمِعْنَا صَوْتَ السِّلاَحِ. فَقَالَ رَسُوْلُ اللهِ: (مَنْ هَذَا؟). قَالَ سَعْدُ بنُ أَبِي وَقَّاصٍ: أَنَا يَا رَسُوْلَ اللهِ! جِئْتُ أَحْرُسُكَ. فَنَامَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- حَتَّى سَمِعْتُ غَطِيْطَهُ. عَنْ جَابِرٍ، قَالَ: كُنَّا مَعَ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِذْ أَقْبَلَ سَعْدُ بنُ مَالِكٍ. فَقَالَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: (هَذَا خَالِي، فَلْيُرِنِي امْرُؤٌ خَالَهُ). قُلْتُ: لأَنَّ أُمَّ النَّبِيِّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- زُهْرِيَّةٌ، وَهِيَ: آمِنَةُ بِنْتُ وَهْبِ بنِ عَبْدِ مَنَافٍ، ابْنَةُ عَمِّ أَبِي وَقَّاصٍ. قَالَ سَعْدٌ بن ابى وقاص: اشْتَكَيْتُ بِمَكَّةَ، فَدَخَلَ عَلَيَّ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَعُوْدُنِي، فَمَسَحَ وَجْهِي وَصَدْرِي وَبَطْنِي، وَقَالَ: (اللَّهُمَّ اشْفِ سَعْداً). فَمَا زِلْتُ يُخَيَّلُ إِلَيَّ أَنِّي أَجِدُ بَرْدَ يَدِهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَلَى كَبِدِي حَتَّى السَّاعَةَ.
الرامي الاول :
يعتبر أول من رمى بسهم في سبيل الله, وأول من رمي أيضا، وأنه الوحيد الذي افتداه الرسول بأبويه فقال له يوم أحد: «" ارم سعد فداك أبي وأمي"..»، ويقول علي بن ابي طالب «" ما سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يفدي أحدا بأبويه الا سعدا, فاني سمعته يوم أحد يقول: ارم سعد.. فداك أبي وأمي"». كان سعد يعدّ من أشجع فرسان العرب والمسلمين, وكان له سلاحان رمحه ودعاؤه. وكان مجاهداً في معركة بدر وفي معركة احد.
احد المبشرين بالجنة :
كان الرسول صلى الله عليه وسلم يجلس بين نفر من أصحابه، فرنا ببصره إلى الأفق في إصغاء من يتلقى همسا وسرا، ثم نظر في وجوه أصحابه وقال لهم يطلع عليكم الآن رجل من أهل الجنة وأخذ الصحاب يتلفتون ليروا هذا السعيد، فإذا سعد بن أبي وقاص آت وقد سأله عبد الله بن عمرو بن العاص أن يدله على ما يتقرب به إلى الله من عبادة وعمل فقال له لا شيء أكثر مما نعمل جميعا ونعبد، غير أني لا أحمل لأحد من المسلمين ضغنا ولا سوء

محاولات رده عن الاسلام :
أخفقت جميع محاولات رده وصده عن الاسلام، فلجأت أمه إلى وسيلة لم يكن أحد يشك في أنها ستهزم روح سعد وترد عزمه إلى وثنية أهله وذويه. لقد أعلنت أمه صومها عن الطعام والشراب, حتى يعود سعد إلى دين آبائه وقومه, ومضت في تصميم مستميت تواصل إضرابها عن الطعام والشراب حتى وصلت على الهلاك. وحين كانت تشرف على الموت, أخذه بعض أهله إليها ليلقي عليها نظرة وداع مؤملين أن يرق قلبه حين يراها في سكرة الموت. وذهب سعد ورأى مشهد أمه وهي تتعذب ولكن إيمانه بالله ورسوله كان قد تفوّق على كل شيء, وقال لها: «" تعلمين والله يا أمّه.. لو كانت لك مائة نفس, فخرجت نفسا نفسا ما تركت ديني هذا لشيء. فكلي ان شئت أو لا تأكلي".» وعدلت أمه عن صومها، ونزل الوحي يحيي موقف سعد, ويؤيده فيقول:
وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلَى أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا وَاتَّبِعْ سَبِيلَ مَنْ أَنَابَ إِلَيَّ ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ{15}(سورة لقمان)

اعتزاله الفتنة :
اعتزل سعد في الفتنة الكبرى بين علي بن ابي طالب ومعاوية بن ابي سفيان, وأمر أهله وأولاده ألا ينقلوا إليه شيئا من أخبارها، وقد ذهب إليه ابن أخيه هاشم بن عتبة بن وقاص ويقول له: يا عم, ها هنا مائة ألف سيف يروك أحق الناس بهذا الأمر. فيجيبه سعد ‎
وإذا ضربت به الكافر قطع". فيتركه وعزلته. وحين انتهى الأمر لمعاوية بعد الاتفاق الشائك الذي تم بعد معركة صفين واستقرت بيده مقاليد الحكم سأل سعدا: مالك لم تقاتل معنا..؟؟ فأجابه:" إني مررت بريح مظلمة, فقلت: أخ.. أخ..، وإتخذت من راحلتي حتى انجلت عني.."
فقال معاوية: ليس في كتاب الله أخ.. أخ.. ولكن قال الله: (وان طائفتان من المؤمنين اقتتلوا, فأصلحوا بينهما, فان بغت إحداهما على الأخرى, فقاتلوا التي تبغي حتى تفيء إلى أمر الله). وأنت لم تكن مع الباغية على العادلة, ولا مع العادلة على الباغية. أجابه سعد -رضي الله عنه- قائلا: " ما كنت لأقاتل رجلا قال له رسول الله: أنت مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبي بعدي".

وفاته وقبره :
عمر سعد بن أبي وقاص كثيرا وأفاء الله عليه من المال الخير الكثير لكنه حين أدركته الوفاة دعا بجبة من صوف بالية وقال كفنوني بها فإني لقيت بها المشركين يوم بدر وإني أريد أن ألقى بها الله عز وجل أيضا وكان رأسه بحجر ابنه الباكي فقال له ما يبكيك يا بني ؟ إن الله لا يعذبني أبدا، وإني من أهل الجنة فقد كان إيمانه بصدق بشارة رسول الله صلى الله عليه وسلم كبيرا وكانت وفاته سنة خمس وخمسين من الهجرة النبوية وكان آخر المهاجرين وفاة، ودفن في البقيع
 
الحلقة (9) عبدالله بن عباس

فتحَ الفتى اللبيبُ عينيه على الدنيا فاكتحلَت بقمر النبوّة الساطع، ولازمَ رسول الله -صلى الله عليه وسلّم- في جميع أحواله مع صغر سنّه. وأقبلَ على العلم برغبة وفرح، فدعا له رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم- قائلاً: "اللهم فقّهه في الدين وعلّمه التأويل".


- واشتهر كذلك بالسّخاء ونقاء النفس وطهارة القلب ووسامة الوجه ورجاحة العقل.

- عُرفَ بغزارة علمه. وسموّ أخلاقه. وذكاء قلبه. واتساع معارفه. حتى ملأ الدنيا علماً وفقهاً، لُقّبَ بِحَبْر الأمة، والبحر، وترجمان القرآن.

- كان عمره ثلاث عشرة سنة عندما مات النبي -صلى الله عليه وسلّم- ومع ذلك فقد روى ألفاً وستَّمائة وستين حديثاً.

- فعن عبد الله بن عبّاس -رضي الله عنهما- أنه قال: كنتُ خلف رسول الله -صلى الله عليه وسلّم- يوماً، فقال: يا غلام، إني أعلّمك كلمات، احفظ الله يحفظك، احفظ الله تجده تُجاهك، إذا سألت فاسأل الله، وإذا استعنت فاستعن بالله، واعلم أنّ الأمّة لو اجتمعت على أن ينفعوك بشيء لم ينفعوك إلا بشيء قد كتبه الله لك، ولو اجتمعوا على أن يضرّوك بشيء لم يضرّوك إلا بشيء قد كتبه الله عليك، رُفعت الأقلام وجَفّت الصّحف". [حسن، صحيح، أخرجه الترمذي في جامعه، كتاب صفة القيامة باب 59،4/667 برقم 2516].

- وصفه سعد بن أبي وقاص فقال عنه: "ما رأيت أحداً أحضَرَ فهماً، ولا أكثرَ علماً، ولا أوسع حلماً منه"..

- جعله عمر -رضي الله عنه- مستشاراً له، وقال عنه: إنّه فتى الكهول، له لسان سؤول، وقلب عقول".

- ولاه علي -رضي الله عنه- البصرة.

- انتقل إلى جوار ربّه وهو ابن واحد وسبعين عاماً عام 68هـ في الطائف..

رضي الله عنه وجزاه عن الإسلام والمسلمين خير الجزاء
 
االحلقة (10) أبو ذر جندب بن جنادة
كان قلبُ أبي ذر نبيلاً، وخصاله كريمةً، ونفسه توّاقة للقاء الحقّ والخير والعدالة. فما إن سمعَ بأخبار رسول الله -صلى الله عليه وسلّم- حتى أرسلَ أخاه أنيساً إلى مكة يستقصي له أخبارَ المبعوث رحمة للعالمين، ثمّ ذهبَ بنفسه عندما لم تَروِ أخبارُ أنيس شوقَه المتوقّد. قصد مكّة، ولقيَ رسولَ الله -صلى الله عليه وسلّم- فحيّاه قائلاً: "السلام عليك يا رسول الله.." فكان أول من حيّا رسول الله بتحيّة الإسلام..
إنه جندب بن جنادة الغفاريّ، ويكنى بأبي ذرّ، كان من السابقين الأولين إلى الإسلام، ولقيَ من الأذى ما لقيَ بسبب إسلامه..
عُرف بالزّهد والحكمة والصّدق والعلم والشّجاعة.
أعلنَ إسلامه على مرأى ومسمع من أهل قريش، غير آبهٍ بقوّتهم وبطشهم، فانهالوا عليه ضرباً حتى خلّصه العباسُ بن عبد المطّلب من بين أيديهم.
عاد إلى قبيلته، فراح يدعو الناس إلى الإسلام، وأسلم على يده ناسٌ كثيرون من غِفار.
خدمَ رسول الله في المدينة مدةً من الزمن، فسعد رسول الله بصحبته.
بايعَ رسولَ الله -صلى الله عليه وسلّم- أن لا تأخذَه في الله لومةُ لائم.
ويكفيه شرفاً ما قاله رسول الله فيه: "ما أقلّت الغبراءُ ولا أظلّت الخضراءُ أصدق من أبي ذرّ"..
وعن أبي ذر -رضي الله عنه- أنه قال: "يا رسول الله، الرجل يحب القوم ولا يستطيع أن يعمل بعملهم، قال: أنت يا أبا ذرّ مع من أحببت. قال: فإني أحبّ الله ورسوله. قال: فإنّك مع من أحببت". [حياة الصحابة].
وهكذا أمضى أبو ذرّ حياتَه متنقلا ما بين الشام والبادية والمدينة داعياً إلى الله وإلى مكارم الأخلاق حتى وافته المنية سنة اثنتين وثلاثين للهجرة..
رضي الله عنه وأرضاه، وجعل الجنّة مثواه.
 
الحلقة (11) أبو أيوب الأنصاري


أي كلماتٍ تعبّرُ، وأيّ بيانٍ يصفُ رجُلاً أطهر من السّحابة في السّماء، وأروع من القمر ليلة اكتماله...


رجلٌ عرَفَ الدّنيا صدقًا، وعاشها زُهداً ومحبّةً... تواضعَ لله فرفعه، وأصبح بيته مهوى فؤاد رسول الله صلى الله عليه وسلّم عندما قدِمَ إلى يثرب مهاجراً:

من ذلكم الصحابي النّبيل؟
إنه الصّحابي الجليل أبو أيوب الأنصاريّ... خالد بن زيد، الذي:- بايع الرسول صلى الله عليه وسلّم مع السبعين مؤمناً في العقبة الثانية.

- والذي كان مُضيفَ رسول الله صلى الله عليه وسلّم الأوّل عندما هاجر إلى المدينة المنوّرة.
- كان متسامحًا، محبًّا لجميع الناس، يساعدُ المحتاجين، ويحترم كبار السنّ.
- اشتهر بالتواضع وسموّ الأخلاق، فأحبّه من يعرفه ومن لا يعرفه.
- كان أبو أيوب يقضي حاجات إخوانه ويساعدهم، قبل أن يفكّر في نفسه.
- أبو أيوب الأنصاري حضَر كلّ المشاهد والمغازي مع رسول الله صلى الله عليه وسلّم، وتابع سيرة الجهاد بعد وفاته.
- أصرّ على المشاركة في فتح القسطنطينية مع جيش يزيد بن معاوية وهو شيخٌ يُقاربُ الثمانين، ولكنّ المرضَ حال بينه وبين متابعة القتال، وكانت وصيّته أن يحملَ المسلمونَ جثمانه في أرض العدو، ويدفنوه تحت أسوار القسطنطينيّة.
- وعندما فاضت روحُه الكريمة، حمله المسلمون الشّجعان على خيولهم الفاتحة، ثمّ هجموا على صفوف العدوِّ هجوماً كاسحاً، حتى وصلوا إلى أسوار القسطنطينيّة، وهم يحملون الجثمان الطاهر، وهناك دفنوه، ليعطّروا ثرى القسطنطينية بجسد أبي أيوب....
- لم تكن حياته سوى دعوةٍ إلى الإسلام وجهاد في سبيل الله وحبّ لله ورسوله. رضي الله عنه وأرضاه وجعل الجنة مثواه
 
ميدوووو

صحابة رسول الله الكرام ... فى سطور

 
الوسوم
الكرام الله رسول سطور صحابة فى
عودة
أعلى