قصّة (لا عزاء )

صفا النعمان

الادارة
طاقم الإدارة
قصّة (لا عزاء )

للرّيحِ عواءُ ذئبٍ جائع. تمدّ الأمُّ ذراعيها لاحتضان صغارها، تتناغم دقات القلوب مع اصطكاك الأسنان في عزف سمفونيّة الذّعر، تسعى لإغلاق آذانهم عن سماع همهمات الجموع المتراصة في قبو مهجور: اقتربُوا؟؟؟لا بدّ أنهم سيقتلوننا جميعاً بالرّصاص؟؟؟ لا ربّما ذبح النّعاج... يجهش الأطفال بالبكاء، ويتشبثون بأمهات شلّ الخوف ألسنتهنّ فلم تعد الدّعوات تغادر الشفاه، وباتت الأمنيات محصورة أن يكون الموت جماعياً فلا تبقى أمّ ثكلى و لا طفل يتيم.
هجعت القذائفُ، وارتاح السّحر من أزيز الرّصاص، تبادل المعذبون بالتّرقّبِ نظرات القرار بالتسلّل، وبدأت رحلة الرّكض في درب بلا نهاية، رفيقهم الخوف من أن يسقط ولد من يد أمه، أن تتناثر أشلاءهم ليغدو الخلاءُ لحدَهم، حطّت بهم الرّحلة في قرية مرّ عليها الخراب، فبيتٌ يستقبلهم، وآخر يلفظهم دماره.
أيامٌ... رفيقُهم القلقُ وشيطانُ جذبِ الهمومِ، فارقَُهم النّوم وشَبَعُ البطونِ إلى أن اتّفقَ المتناحرون على هدنةٍ، وسمحوا لأولئك المشردين بالعودة إلى منازلهم.
لم تجدْ دمعاً يبكي مقتنيات البيت التي جمعتها بأحلام الصّبيّة، بعمر هدرت نصفه في الغربة، بتعب الصّباح والمساء مع زوجها وتحمّل أولادها.
لم تلق في جسدها خليّة عصبيّة تؤذيها آثار أحذية وطَأت السّجاد والأسرّة، لم تسعفها دعوة مقهور تنزلها على يدٍ مجرمة
حطّمت خزانة الثياب، ونهبت ما أعجبها من قطع كهربائيّة وتحفٍ جداريّة. لم تصفعْها نوافذ بلا زجاجٍ وأبوابٍ على الأرض مرميّة. ابتسمت لرؤيةِ أولادِها مع والدِهم احتضنوا بعضهم. وبات الحلمُ لقاءَ الجفونِ في نومٍ عميقٍ تحت سقف دارهم وبين جدرانها في استراحة تمنّتها أن تطول.
 
الوسوم
عزاء قصّة لا
عودة
أعلى