موضوع تعبيري عن دراسة و التخصص في المستقبل الصف السابع المنهاج الفلسطيني

دعم المناهج

مشرف الاقسام التعليمية
طاقم الإدارة
موضوع تعبيري عن دراسة و التخصص في المستقبل الصف السابع المنهاج الفلسطيني



المستقبل..كلمة لذيذة ومقلقة في الوفت نفسه,لأنها تحمل الأمل والتوتر في آن واحد.تحمل الأمل في ظروف أفضل وحالة أفضل,فالمستقبل هو الأمل والأمل هو المستقبل,إذ إنهما كلمتان في كلمة,أو شقان متكاملان من وحدة واحدة.ويعني المستقبل ايضاً التوتر والقلق لأنه عبارة عن خيارات واحتمالات لاندري أيها يحكم عليه بالوجود وأيها يحكم عليه بالعدم,وتلك كانت المعضلة التي أقام عليها فلاسفة الوجودية فكرة القلق المرافق لأي حياة إنسانية.إلا أن هذا القلق وتلك الحيرة المرافقة للإحساس بالمستقبل,بخياراته واحتمالاته,هما جوهر الحرية الإنسانية التي عليها أن تختار وعليها أن تنتقي وفق إرادة معينة ومن ثم تحمل مسؤولية ذلك الخيار.إنها المسؤولية البشرية النابعة من الحرية نفسها والقائمة عليها.أن تكون حراً يعني أن تكون قادراً على الاختيار مريداً للانتقاء,وبعد ذلك مسؤولاً أمام نفسك والاخرين (سواء أكانت هذه النفس ذاتاً خاصة أم عامة,وسواء أكان الآخرون أفراداً أم جماعات) عن نتائج هذا الاختيار وذاك الانتقاء.
المستقبل,إذاً,إرادة وحرية وقدرة وليس مجرد حتم يفرض نفسه أو سيل جارف يكتسح كل شيء أمامه من دون قدرة على التصدي.إنه اختيار أولاً وأخيراً,ولكن مثل هذا الاختيار يعتمد على الحرية والإرادة اللتين تشكلان جوهر الاختيار.وبغير ذلك يتحول المستقبل فعلاً الى حتم غاشم وسيل جارف لاراد له.
من هذا المنطلق ومن هذه المقدمة,تنبثق شرعية السؤال: "المستقبل العربي,الى أين؟".مثل هذا السؤال يحاول أن يستشف مضمون القادم من أيام من خلال قراءة الحاضر,إذ إنه كما كان الماضي مقدمة للحاضر,فإن الحاضر هو بدوره مقدمة ضرورية للمستقبل وفق سلسلة زمنية أو تاريخية جدلية معينة.بمعنى أنه كما قام الأقدمون في حاضرهم بوضع أسس المستقبل الذي هو حاضرنا,فإننا نضع المستقبل من خلال سلوكنا وفكرنا وأسلوبنا الحاضر,وذلك يلقي علينا مسؤولية كبيرة خاصة في عالم مثل هذا الذي نعيشه.
وإذا كان المستقبل عبارة عن خيار ضمن خيارات,نحكم على أحدها بالوجود والآخر بالعدم,فإن المسؤولية (الوجه الآخر للحرية) تتعاظم لا من أجل الخيار نفسه ولكن من أجل كيفية الاختيار التي سوف تحدد واقعاً وحالاً لايمكن مع تحققهما الرجوع الى الوراء بتاتاً.ومن أجل ذلك,نجد هذا القلق العظيم والحيرة الواسعة المرافقة لنا (ابناء هذه الامة أفراداً وجماعات) حين نطرح سؤالاً حول المستقبل.وحيثما ذهبت وأينما توجهت في هذه الرقعة الواسعة من أرض العرب,تجد السؤال مطروحاً بحرقة وقلق وتوتر: "ماذا يخبىء لنا المستقبل وماذا نحن صانعون تجاهه؟".إنه سؤال وجودي معيشي وليس مجرد سؤال فلسفي بحيث يحاول أن يجيب عن اسئلة الكون الكبرى من دون التصاق حقيقي بأرض الواقع المحسوس.إنه سؤال حول ماذا نحن فاعلون في ظل الكم الهائل من المتغيرات والتحولات والتغيرات والصراعات والمنافسات التي نجد أنفسنا حيالها في حالة من الحيرة والضياع في كثير من الأحيان: غير قادرين على السلوك والتصرف.بمعنى أننا أصبحنا في ظل كل ذلك,نوعاً من الأيتام على موائد اللئام,وفق مضمون المثل.
ولكن السؤال يبقى: هل كتب علينا ان نبقى أيتاماً مدى الدهر,وهل قدر علينا البقاء حيارى ضائعين غير قادرين على الاستيعاب والسلوك ابد الزمن؟ هذا هو السؤال الذي تعتمد إجابته,ومن ثم تحديد مستقبلنا,على مانصنع اليوم وما نختار ومالانختار.فالمستقبل صناعة نقوم بها في الحاضر,فكيف نصنع مستقبلنا.
إن التخبط الذي نعيشه اليوم,وهذه الحالة من الضياع وعدم "القيمة" في مثل عالم اليوم برغم الإمكانات والثروات والقدرات,مردهما أولاً وأخيراً الى أننا (نخباً وعامة,حكاماً ومحكومين) لم نحسن الاختيار في الماضي ولم نجد فن التعامل مع المتغيرات والتغيرات,وكانت النتيجة أن غيرنا ممن أجاد "اللعبة" واستوعب قوانينها وأحسن التعامل مع محيطه,استطاع ان يجد له موقعاً في عالم اليوم وفي سلم التدرج الاجتماعي والسياسي الدولي.وسواء أتحدثنا عن الشؤون المحلية أم الوطنية أم الدولية,فالنتيجة واحدة: أحداث عنف هنا وهناك,حالة من الاغتراب هائلة,فساد سياسي وإداري أدى الى عدم استقرار سياسي واجتماعي,قمع وكبت في كل مكان,وأخيراً هو ان كامل في أي شأن دولي أو عالمي برغم الإمكانات والقدرات كما ذكرنا سابقاً.هذا كله,وغيره كثير,ليس إلا نتيجة لخيارات سيئة سابقة قد لانكون مسؤولين عن خياراتنا الحالية التي سوف تشكل مستقبلنا,فهل نكون قارين على الاختيار مستوعبين الدروس السابقة من أجل خيار أفضل؟
هذه مسألة مناطة بنا وبإرادتنا أولاً وآخراً,وبالظروف التي نخلقها من أجل خيار ومستقبل أفضل.
يقودنا مثل هذا الحديث الى لب الموضوع وجوهره,متمثلين بتلك الظروف التي يمكننا بوجودها الاختيار الجيد وصناعة مستقبل جيد بالتالي,وذلك كله مناط بالإدارة أولا وآخراً كما ذكر سابقاً,إلا أننا نستطيع أن نركز هنا عليها أكثر.إن أهم ظرف يجب أن يتواجد من أجل خيار ومستقبل أفضل,هو الحرية ولاشيء غيرها.فالخيار من دون حرية ليس خياراً,بل هو حتم مفروض يجعل من الظرف سيداً علينا بدلاً من أن نكون أسياداً للظروف.فالحرية هي البئية الحاضرة الضرورية للمستقبل الأفضل الذي هو مستقبل مختار وليس مفروضاً كما هي الحال حتى هذه اللحظة,على الأقل.والحرية التي نتحدث عنها هنا,هي مفهوم شامل تنبثق عنه عدة مفاهيم لابد من ان تترجم الى واقع مختلف.فالحرية تعني أولاً الانتماء,سواء أبالنسبة الى الفرد أم الى الجماعة,إذ إن الانتماء في جوهره عملية اختيارية ولايمكن أن يكون مفروضاً,وإن حصل مثل هذا الوضع,أي الانتماء المفروض,فالنتيجة سوف تكون من دون ريب كارثية,إذ يتناقض حينها الشكل مع المضمون :شكل من الانتماء ومضمون من الاغتراب,والنتيجة نوع من الضياع وعدم معرفة الذات.وإذا نظرت حولك في رقعتنا العربية الممتدة لوجدت أن هذه النتيجة تفرض نفسها في كل مكان من هذه الرقعة.أما الانتماء في ظل جو من الحرية فهو الانتماء الحق لأنه يلغي ذلك التعارض بين الشكل والمضمون في هذا المجال,وتكون ترجمة ذلك كله سلوكاً فعالاً إيجابياً صانعاً للمستقبل فعلاً.
والحرية تعني,في ماتعني,التعددية في الفكر والرأي والسلوك القائمة على كل ذلك.وهذا يعني اجتماعياً وسياسياً أن المجتمع بكل فئاته وطوائفه وطبقاته وغير ذلك من تصنيفات,سوف يكون قادراً على التعبير عن نفسه وعن حقه في الاختيار والسلوك وفقاً لهذا الاختيار,وهذا بدوره سوف يعزز من مسألة الانتماء التي بدونها لاقيام لأي كيان,وبدون وجود أي كيان فإنه من العبث الحديث عن مستقبل أو حاضر أو حتى ماض,لأن أي اعتبار للوقت يختفي ويصير بلاقيمة أو تأثير باختفاء الكيان ذاته.
والحرية تعني العقلانية في الاختيار في نهاية المطاف,لأن هذه الحرية نفسها تعني تعددية الخيار وتعني أيضاً حرية التجربة والاختيار بالنسبة الى كل هذه الخيارات,ويعني ذلك ان السيادة في النهاية هي لذاك الخيار الذي يثبت أنه الأفضل والأصلح (ومعيار الأفضلية والصلاح هنا هو المصلحة العامة للكيان سواء أكان هذا الكيان جماعة أم دولة أو أمة),ولايمكن الوصول الى الأفضل والأصلح إلا بعد المقارنة والمعاينة وذلك لايكون إلا بتدخل العقل في الموضوع,إذ إن المقارنة والموازنة ونحو ذلك,ليست سوى عمليات عقلية لاعلاقة لها بثورات الوجدان أو تأجج العاطفة.بمعنى آخر,فإن الحرية في هذا المجال تعني انتشار قيم العقلانية في المجتمع,وإذا انتشرت مثل هذه القيم فلا خوف على الكيان,أي كيان,من الحاضر أو المستقبل,لأنه سوف يكون قادراً على الخيار والاختيار بما يكفل له استمرارية الوجود والمنافسة الواعية الفاعلة مع الكيانات الأخرى.
والحرية أخيراً تعني الواقعية.ونحن نتحدث عن الواقعية هنا,لانهدف أن ننصرف الى المعنى الفج أو الساذج الذي يتضمن مجرد الخضوع القانع المسالم لواقع الحال,بقدر ما أن الهدف هنا منصرف الى المعنى الإيجابي,والذي يعني,بكل إيجاز,معرفة الواقع وآلياته ومتغيراته من أجل التعامل معه تعاملاً إيجابياً فاعلاً يحقق أهداف الجماعة وغاياتها على أرض هذا الواقع وليس في عوالم الحلم والوهم والشعار.والواقعية بهذا المعنى هي الترجمة العملية,بل التجسيد المحسوس للعقلانية وقيمها.
هذه هي الظروف التي إذا سادت وهيمنت,حق لنا الحديث عن المستقبل وصناعته بما يتوافق مع أهدافنا وغاياتنا ومالنا,وإذا اختفت كان كل حديث عن المستقبل مجرد عبث وهراء وطواحين هواء لاتطحن إلا الهواء.فأن تسود مثل هذه الظروف أو لاتسود,مسألة,ونكرر هنا,منوطة بالإرادة والاختيار الحاضر.
وعلى ذلك نستطيع القول بكل ثقة إنه,في لحظات الضياع والحيرة التي نعيشها هذه الأيام مع مايرافقها من قلق وتشتت وتخبط,مازالت الفرصة قائمة لأن نريد (والنحن هنا راجعة إلينا كلنا على اختلاف مراتبنا ومواقعنا) من أجل خلق ظروف الاختيار المناسب ومن ثم صناعة المستقبل.إنها قضية من قضايا "نكون أو لانكون".فهل نكون أو لانكون؟ هذه هي المسألة!
 
الوسوم
التخصص السابع الصف الفلسطيني المستقبل المنهاج تعبيري دراسة عن في موضوع
عودة
أعلى