تفسير الجلالين

ياسر المنياوى

شخصية هامة
تفسير الجلالين

للإمام جلال الدين المحلِّي وجلال الدين السيوطي

نقاش وتصحيح، مقتبس من مقدمة الأستاذ مروان سوار

تنبيه رقم 1: قوله تعالى: { ولا تقربا هذه الشجرة } ( سورة البقرة، آية 36 )
تنبيه: ذكر العلماء أقوالا كثيرة في تعيين هذه الشجرة، معظمها مقتبسة من الإسرائيليات والأحاديث الضعيفة. لذلك لم يعينها المؤلف بل قال: وهي الحنطة أو الكرم أو غيرهما، وفي قوله « أو غيرهما » إشارة إلى عدم أهمية تعيينها.
فينبه القارئ أن الله قد أبهم تعيين هذه الشجرة. والمستفاد من هذه الآية أن الشجرة ابتلاء وامتحان من الله تعالى لآدم وزوجه، كما هو شأن حياتنا الدنيا: ـ « خلق الموت والحياة ليبلوكم أيكم أحسن عملا »

تنبيه رقم 2: قوله تعالى: { فقلنا اضربوه ببعضها } سورة البقرة آية 73
تنبيه: لم يرد في الأخبار الصحيحة تعيين العضو الذي ضرب به القتيل ليحيا، وظاهر الآية أن أي عضو من أعضاء البقرة ضرب به القتيل أعاد الحياة إليه، وأعرب عن قاتله.

تنبيه رقم 3: قوله تعالى: { واتبعوا ما تتلوا الشياطين على ملك سليمان... } سورة البقرة آية 102
تنبيه: قال الشيخ أحمد مصطفى المراغي في تفسيره: وقد زعموا أن سليمان هو الذي جمع كتب السحر من الناس ودفنها تحت كرسيه، ثم استخرجها الناس وتناقلوها، وهذا من مفتريات أهل الأهواء فنسبوها إليه كذبا وبهتانا.
والسيوطي رحمه الله نقل كلاما قيل قبله، فنقله كما قيل، ولم يعتمده ولم يرده بل ترك الأمر للقارىء ليمحص هو، والشيخ كان على معرفة كاملة بصحة ما قيل، أو بعدم صحته، ولكن العلماء كانت لهم أساليبهم، فربما نقلوا الخبر دون تعليق وربما علقوا عليه بحسب ما يرون من الحاجة، وفي كل ذلك كانت مقاصدهم عظيمة ورائعة، ولا يجوز بحال الطعن فيهم، والنقص من قدرهم، رحمهم الله ورضي عنهم، فإنهم على سلم فضلهم صعد الخلف.

تنبيه رقم 4: قوله تعالى: { وإذ ابتلى إبراهيم ربه بكلمات فأتمهن } سورة البقرة آية 124.
تنبيه: اختلف العلماء في الكلمات التي ابتلى الله بها ابراهيم خليله، لأن القرآن لم يعينها، ومن ثم تعددت الآراء فيها، والظاهر أنها أوامر الدين ونواهيه، فكل ما كلف به ابراهيم عليه السلام من أمر ونهي قام به أتم قيام. والمضمضة والاستنشاق وغيرهما من خصال الفطرة التي ذكرها الإمام السيوطي وغيره بعض من هذه الأوامر.

تنبيه رقم 5: قوله تعالى: { وقال لهم نبيهم إن آية ملكه أن يأتيكم التابوت... } سورة البقرة آية 248.
تنبيه: ما ذكره الشيخ السيوطي هنا هو ما ذكر عامة المفسرين عند هذه الآية ولكن الشيء الذي يلفت النظر، هو أن التابوت كما قال الشيخ المراغي وصف في بعض الكتب ( الأخرى ) بأوصاف هي غاية في الغرابة في كيفية صنيعه، وجمال منظره، وما تحلى به من الذهب ودخل في تركيبه من الخشب الثمينة.
والأولى في هذا كله أن يترك لفظ التابوت على إطلاقه ما لم يرد نص يعتمد عليه فعندها تعين ماهيته.

تنبيه رقم 6: قوله تعالى: { كل الطعام كان حلا لبني إسرائيل إلا ما حرم إسرائيل على نفسه من قبل أن تنزل التوراة } سورة آل عمران آية 93.
تنبيه: ما ذكره الشيخ السيوطي هنا ذكره كذلك عامة المفسرين، وقد روى الطبري بسنده عن ابن عباس أن عصابة من اليهود حضرت رسول الله ( ص ) فقالوا: يا أبا القاسم، أخبرنا أي الطعام حرم إسرائيل على نفسه من قبل أن تنزل التوراة، فقال رسول الله ( ص ) : أنشدكم بالله الذي أنزل التوراة على موسى هل تعلمون أن إسرائيل يعقوب مرض مرضا شديدا، فطال سقمه منه، فنذر لله نذرا، لئن عافاه الله من سقمه ليحرمن أحب الطعام والشراب إليه، وكان أحب الطعام إليه لحم الإبل، وأحب الشراب إليه ألبانها فقالوا: اللهم نعم.

تنبيه رقم 7: قوله تعالى: { وكتبنا له في الألواح من كل شيء موعظة وتفصيلا لكل شيء... } سورة الأعراف آية 145.
تنبيه: ما ذكره المؤلف هنا من وصف الألواح بأنها كانت من سدر الجنة، أو ذبرجد، لا يستخلص منه حكم شرعي، ولذلك تساهل في ذكر هذه الأوصاف المبنية على أحاديث ضعيفة، وذلك مقبول في التفسير والوعظ. قال الإمام أحمد بن حنبل أنهم في الرقائق ( أي الأمور المتعلقة بالأخلاق ) يتساهلون في الأسانيد، أما في الحلال والحرام، « فنريد رجالا هكذا » ، وقبض بيده إشارة إلى القوة.
أما في الأمور التي يبنى عليها استنتاج الأحكام الشرعية، فإن العلماء والمفسرون، ومنهم السيوطي والمحلي، لا يأخذون إلا بالآثار الصحيحة.
وقد سها عن هذا التفصيل وعن هذه القاعدة الكثير من الكتاب والمعلقين، فبالغوا في التهويل على من تساهل في أسانيد التفسير، بدون تمييز حول موضوع التفسير ونوعه.

تنبيه رقم 8: قوله تعالى: { ولقد همت به وهم بها لولا أن رأى برهان ربه } سورة يوسف آية 24.
تنبيه: أجمع المفسرون على أن يوسف عليه السلام لم يفعل المنكر، لأنه رأى برهان ربه فاقتنع.
أما الهم على المعنى الذي ذكره السيوطي رحمه الله، فقد قال به كثير من المفسرين. وقد أنكره الكثيرون، ومنهم الفخر الرازي الذي قال ( في « عصمة الأنبياء » ) :ـ
( ( إن يوسف عليه السلام كان بريئا من العمل الباطل، والهم المحرم، وهذا قول المحققين من المفسرين والمتكلمين، وبه نقول، وعنه نذب، فإن الدلائل قد دلت على عصمة الأنبياء عليهم الصلاة والسلام... وأما ما روي عن ابن عباس أنه جلس فيها مجلس الخائن فحاشا ابن عباس أن يقول مثل هذا عن يوسف عليه الصلاة والسلام، ولعل بعض أصحاب القصص وأصحاب الأخبار وضعوه على ابن عباس، وكذلك ما روي عن مجاهد وغيره أيضا فإنه لا يكاد يصح بسند صحيح، وبطل ذلك كله، وثبت ما بيناه من براءة يوسف عليه الصلاة والسلام ) ) .
وقد فسر همه بزجرها ووعظها، وقيل: هم بضربها ودفعها، وقيل: هذا كله كان قبل نبوته. وعلى كل حال، فالهم همان: هم ثابت، وهو ما كان معه عزم وقصد وعقيدة ورضا مثل هم امرأة العزيز، فالعبد مأخوذ به، وهم عارض، وهو الخطرة في القلب، وحديث النفس من غير اختيار ولا عزم، مثل هم يوسف عليه الصلاة والسلام، فالعبد غير مأخوذ به مالم يتكلم أو يعمل به، ولو كان همه كهمها لما مدحه الله تعالى بأنه من عباده المخلصين.

تنبيه رقم 9: { وما أبرئ نفسي إن النفس لأمارة بالسوء... } سورة يوسف آية 53.
تنبيه: ما ذكره الإمام السيوطي هنا هو أحد قولين للمفسرين، وهو أنه من كلام يوسف عليه السلام، وقد بين السيوطي رحمه الله تعالى أنه قاله تواضعا لله، لأنه ما أراد أن يزكي نفسه { فلا تزكوا أنفسكم } فكان في قوله: { وما أبرئ نفسي } هضم للنفس، وإنكسار وتواضع لله عز وجل، فإن تبرئة النفس في مقام العصمة والتزكية ذنب عظيم فأراد إزالة ذلك عن نفسه فإن حسنات الأبرار سيئات المقربين.
والإمام السيوطي بين أن المراد من النفس في قوله { إن النفس } الجنس أي النفوس من حيث هي تأمر بالسوء لا النفوس الشريفة العالية كنفوس الأنبياء عليهم الصلاة والسلام والقول الثاني للمفسرين أنه من كلام امرأة العزيز، وعلى هذا يكون المعنى، وما أبرئ نفسي من مراودتي يوسف عن نفسه وكذبي عليه.

تنبيه رقم 10: قوله تعالى: { حتى إذا لقيا غلاما فقتله } سورة الكهف آية 74
ما ذكر الإمام جلال الدين المحلي هنا من وصف الآلة والهيئة التي قتل بها وعليها الغلام يحتاج إلى نص يصلح للإعتماد، ثم لا حاجة إلى معرفة ذلك، والمهم أن صاحب موسى قتل الغلام، والسلام.
 
التعديل الأخير:
رد: بعض من تفسير الجلاين

تنبيه رقم 11: قوله سبحانه: { وما أرسلنا من قبلك من رسول ولا نبي... } سورة الحج آية 52
ذكر الإمام الصاوي في حاشيته ما نصه: وما ذكره المفسر من قصة الغرانيق ورواية عامة المفسرين الظاهريين، قال الرازي: أما أهل التحقيق فقد قالوا: هذه الرواية باطلة موضوعة، واحتجوا على البطلان بالقرآن والسنة والمعقول، أما القرآن فبوجوه: أحدهما قوله تعالى: { ولو تقول علينا بعض الأقاويل لأخذنا منه باليمين ثم لقطعنا منه الوتين فما منكم من أحد عنه حاجزين } ثانيهما { قل ما يكون لي أن أبدله من تلقاء نفسي إن أتبع إلا ما يوحى إلي إني أخاف إن عصيت ربي عذاب يوم عظيم } ثالثهما قوله تعالى: { وما ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى } وأما السنة فمنها ما روي عن محمد بن خزيمة أنه سئل عن هذه القصة، فقال: هي من وضع الزنادقة، وقال البيهقي: هذه القصة غير ثابته من جهة النقل، فقد روى البخاري في صحيحه أنه ( ص ) قرأ سورة النجم وسجد المسلمون والكفار والإنس والجن، وليس فيه حديث الغرانيق وأما المعقول فمن أوجه. أحدهما أنه من جوز على النبي ( ص ) تعظيما للأوثان فقد كفر، ثانيهما لو كان الإلقاء على الرسول ثم الإزالة عنه لكانت عصمته من أول الأمر أولى، وهو الذي يجب علينا اعتقاده في كل نبي، ثالثهما وهو أقوى الأوجه أنا لوجوزنا ذلك لارتفع الأمان عن شرعه، ثم قال الرازي وقد عرفنا أن هذه القصة موضوعة، وخبر الواحد لا يعارض الدلائل العقلية والنقلية المتواترة، قال الخطيب، ثم قال: وهذا هو الذي يطمئن إليه القلب، وإن أطنب ابن حجر العسقلاني في صحتها ( إنتهى ) .ـ
ويكون معنى الآية على هذا التحقيق: ألقى الشيطان في أمنيته. أي تلاوته شبها وتخيلات في قلوب الأمم، بأن يقول لهم الشيطان: هذا سحر وكهانة، فينسخ الله تلك الشبه من قلوب من أراد لهم الهدى، ويحكم الله آياته في قلوبهم، والله عليم بما ألقاه الشيطان في قلوبهم، حكيم في تسليطه عليهم، ليميز المفسد من المصلح ( إنتهى ) .

تنبيه رقم 12: قوله تعالى: { فكذبوه فأخذهم عذاب يوم الظلة... } سورة الشعراء آية 198.
ما ذكره المفسر هنا هو قول ابن عباس رضي الله عنهما, فقد قال محمد بن جرير: حدثني الحارث... حدثني يزيد الباهلي، سألت ابن عباس عن هذه الآية { فأخذهم عذاب يوم الظلة } قال: بعث الله عليهم رعدة وحرا شديدا، فأخذ بأنفاسهم فخرجوا من البيوت هرابا، إلى البرية، فبعث الله عليهم سحاب فأظلتهم من الشمس فوجدوا لها بردا ولذة، فنادى بعضهم بعضا، حتى إذا اجتمعوا تحتها أرسل الله عليهم نارا. قال ابن عباس: فذلك عذاب يوم الظلة، إنه كان عذاب يوم عظيم.

تنبيه رقم 13: قوله تعالى: { ولها عرش عظيم } سورة النمل آية 23.
ما وصف به الإمام المحلي هذا السرير لم يرد به دليل صحيح يعتمد عليه، والواصفون له أخذوا هذه الأوصاف من فهمهم لقوله تعالى: { ولها عرش عظيم } فقد وصفه الله بالعظم، فمهما بالغوا في وصفه، فإنه متوافق مع قوله تعالى: { عظيم } والأولى الوقوف عند ما ذكر القرآن دون التخيل لأوصاف لم يرد يها تفصيل، وحسبنا أنه عرش عظيم.

تنبيه رقم 14: قوله تعالى: { وإني مرسلة إليهم بهدية فناظرة بم يرجع المرسلون } سورة النمل الآية 35.
وكذلك ما وصفه المفسرون لهذه الآية، وما ذكره هنا لم يرد به ما يعتمد عليه وحسبنا أنها أرسلت إليه بهدية تليق به. وقد قال ابن كثير: سأبعث إليه بهدية تليق بمثله، وأنظر ماذا يكون جوابه، وقال أيضا: ذكر غير واحد من المفسرين من السلف وغيرهم أنها بعثت إليه بهدية عظيمة من ذهب وجواهر ولآلىء وغير ذلك وقال بعضهم: أرسلت إليه بلبن من ذهب والصحيح أنها أرسلت إليه بآنية من ذهب إلى أن قال: فأجرى أي سليمان الخيل حتى عرقت إلى أن قال: وأكثره مأخوذ من الإسرائيليات والظاهر أن سليمان لم ينظر إلى ما جاؤوا به بالكلية، ولا اعتنى به، بل أعرض عنه، وقال منكرا « أتمدونن بمال... » .
 
رد: بعض من تفسير الجلاين

تنبيه رقم 15: قوله تعالى: { قيل لها ادخلي الصرح... } سورة النمل رقم 44.
ما ذكره المفسر هنا هو ما ذكره عامة المفسرين، وهذا كأمثاله يحتاج إلى سند صحيح، والله أعلم بصحة ذلك، غير أن البخاري أخرج في تاريخه والعقيلي عن أبي موسى الأشعري قال: قال رسول الله ( ص ) : « أول من صنعت له الحمامات سليمان » .

تنبيه رقم 16: قوله تعالى: { وإذ تقول للذي أنعم الله عليه وأنعمت عليه... } سورة الأحزاب الآية 37.
ما ذكره المفسر هنا من أنه ( ص ) كان يخفي في نفسه محبتها مردود وغير لائق بجناب النبي صلوات الله وسلامه عليه إذ لا يعقل أن تقع في نفسه امرأة هي على عصمة رجل آخر وحاشاه من ذلك فقد قال الإمام الصاوي: وهذا القول مردود لما تقدم أنه ينزه عنه رسول الله والصواب أنه يقول: إن الذي أخفاه في نفسه هو ما أخبره الله به من أنها ستصير إحدى زوجاته بعد طلاق زيد لها.

تنبيه رقم 17: { يا أيها الذين آمنوا لا تكونوا كالذين آذوا موسى فبرأه الله مما قالوا... } سورة الأحزاب الآية 67.
ما ذكره المفسر هنا جاء في حديث صحيح، فقد قال الإمام السيوطي في تفسيره الدر المنثور: أخرج عبد الرزاق وأحمد وعبد بن حميد والبخاري والترمذي وابن جرير وابن أبي حاتم وابن مردويه من طرق عن أبي هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله ( ص ) إن موسى عليه السلام كان رجلا حييا ستيرا، لا يرى من جلده شيء استحياء منه، فآذاه من آذاه من بني إسرائيل وقالوا: ما يستتر هذا الستر إلا من عيب بجلده، إما برص، وإما أدرة، وإما آفة، وإن الله أراد أن يبرأه مما قالوا، وإن موسى عليه السلام خلا يوما وحده فوضع ثيابه على حجر ثم اغتسل، فلما فرغ أقبل إلى ثيابه ليأخذها، وإن الحجر عدا بثوبه، فأخذ موسى عليه السلام عصاه، وطلب الحجر، فجعل يقول: ثوبي حجر، ثوبي حجر، حتى انتهى إلى ملأ من بني إسرائيل فرأوه عريانا أحسن ما خلق الله، وأبرأه الله مما يقولون، وقام الحجر فأخذ ثوبه فلبسه، وطفق بالحجر ضربا بعصاه، فوالله إن بالحجر لندبا من أثر ضربه: ثلاثا أو أربعا أو خمسا.

تنبيه رقم 18: قوله تعالى: { وهل أتاك نبأ الخصم إذ تسوروا المحراب... } سورة ص الآيات 21 و 22 و 23 و 24.
قال الصاوي في حاشيته على الجلالين عند هذا الكلام: « مشى المفسر على أن داود سأل أوريا طلاق زوجته، ثم بعد وفاء عدتها تزوجها داود ودخل بها، وهو أحد أقوال ثلاثة، والثاني أن داود لما تعلق قلبه بها أمر » أوريا « ليذهب للجهاد ليقتل فيتزوجها، ففعل، فلما قتل في الجهاد تزوجها داود، والثالث أن » أوريا « لم يكن متزوجا بها، وإنما خطبها فقط، فخطبها داود على خطبته وتزوجها ثم قال الصاوي: وكان ذلك كله جائزا في شرعه، وإنما عاتبه الله لرفعة قدره، وللسيد أن يعاقب عبده على ما يقع منه، وإن كان جائزا من باب » حسنات الأبرار سيئات المقربين « ( إنتهى ) .
»ولكن قال في الخازن عند تفسير هذه الآية أو عند ذكر هذه القصة التي ذكرها المفسر: « أعلم أن من خصه الله بنبوته، وأكرمه برسالته، وشرفه على كثير من خلقه لا يليق أن ينسب إليه ما لو نسب إلى آحاد الناس لاستنكف أن يحدث عن نفسه، فكيف يجوز أن ينسب إلى بعض أعلام الأنبياء، والصفوة الأمناء ذلك، وقد روي عن علت بن أبي طالب أنه قال:


 
رد: بعض من تفسير الجلاين

« من حدثكم بحديث داود على ما يرويه القصاص جلدته مائة وستين جلده، وهو حد الفرية على الأنبياء » . وقال القاضي عياض: « لا يجوز أن يلتفت إلى ما سطره الاخباريون من أهل الكتاب الذين بدلوا وغيروا ونقله بعض المفسرين ولم ينص الله تعالى على شيء من ذلك، ولا ورد في حديث صحيح، وليس في قصة داود وأوريا خبر ثابت، ولا يظن بنبي محبة قتل مسلم، وهذا هو الذي ينبغي أن يقول عليه من أمر داود » وقال الإمام فخر الدين الرازي: « حاصل القصة يرجع الى السعي في قتل رجل مسلم بغير حق، وإلى الطمع في زوجته، وكلاهما منكر عظيم فال يليق بعاقل أن يظن بداود عليه الصلاة والسلام هذا » . وقال غيره: « إن الله تعالى أثنى على داود قبل القصة وبعدها، وذلك يدل على استحالة ما نقلوه من القصة، فكيف يتوهم عاقل أن يقع بين مدحين ذم، ولو جرى ذلك من بعض الناس في كلامه لاستهجنه العقلاء، ولقالوا: أنت في مدح شخص فكيف تجري ذمه أثناء مدحك، والله تعالى منزه عن مثل ذلك.
»وقد قيل: إن داود تمنى أن تكون امرأة « أوريا » له، فاتفق أن « أوريا » هلك في الحرب فلما بلغ داود قتله لم يجزع عليه كما جزع على غيره من جنده، ثم تزوج امرأته فعاتبه الله على ذلك لأن ذنوب الأنبياء وإن صغرت فهي عظيمة عند الله تعالى فهذه هي الفتنة في قوله: { وظن داود أنما فتناه فاستغفر ربه... } ( إنتهى ) كلام الخازن ببعض تصرف. أما ابن كثير فلم يذكر القصة بل قال: « قد ذكر المفسرون ها هنا قصة أكثرها مأخوذ من الإسرائيليات ولم يثبت فيها عن المعصوم حديث يجب اتباعه.
»
تنبيه رقم 19: قوله تعالى: { ردوها علي فطفق مسحا بالسوق والأعناق } سورة ص الآية 33.
إن الذي ذكرهه المفسر هو قول ابن عباس وأكثر المفسرين وكان ذلك مباحا له لأن نبي الله سليمان لم يكن ليقدم على محرم، ولم يكن ليتوب عن ذنب وهو ترك الصلاة بذنب آخر، وهو عقر الخيل، وقال الإمام فخر الدين: بل التفسير الحق المطابق لألفاظ القرآن أن نقول: « إن رباط الخيل كان مندوبا إليه في دينهم، كما أنه كذلك في ديننا، ثم إن سليمان عليه الصلاة والسلام احتاج إلى غزو فجلس وأمر بإحضار الخيل، وأمر بإجرائها، وذكر أني لا أحبها لأجل الدنيا ونصيب النفس، وقد أمر بإعدائها وإجرائها حتى توارت بالحجاب أي توارت عن بصره، ثم أمر برد الخيل إليه وهوقوله: { ردوها علي } فلما عادت إليه طفق يمسح سوقها وأعناقها والغرض من ذلك المسح أمور، الأول: تشريفا لها لكونها أعظم الأعوان في دفع العدو، والثاني أنه أراد أن يظهر أنه من ضبط السياسة والمملكة يبلغ إلى أن يباشر الأمور بنفسه، الثالث أنه كان أعلم بأحوال الخيل وأمراضها وعيوبها من غيره فكان يمسح سوقها وأعناقها حتى يعلم هل فيها ما يدل على المرض، فهذا التفسير الذي ذكرناه ينطبق عليه لفظ القرآن، ولا يلزمنا شيء من تلك المنكرات والمحظورات،والعجب من الناس كيف قبلوا هذه الوجوه السخيفة ( إنتهى ) ملخصا من تفسير الخازن.
»
تنبيه رقم 20: قوله تعالى: { ولقد فتنا سليمان وألقينا على كرسيه جسدا ثم أناب } سورة ص الآية 34.
جاء في حاشية الصاوي عند كلام المفسر هذا، قال القاضي عياض وغيره من المحققين: لا يصح ما نقله الأخباريون من تشبه الشيطان بسليمان وتسلطه على ملكه، وتصرفه في أمته بالجور في حكمه، وإن الشياطين لا يتسلطون على مثل هذا، وقد عصم الله تعالى الأنبياء من مثل هذا، والذي ذهب إليه المحققون أن سبب فتنته ما أوحاه ما جاء في الصحيحين من حديث أبي هريرة رضي الله تعالى عنه قال: قال رسول الله ( ص ) : قال سليمان: لأطوفن اللبلة على تسعين امرأة، وفي رواية على مائة امرأة كلهن يأتي بفارس يجاهد في سبيل الله تعالى: فقال له صاحبه: قل إن شاء الله، فلم يقل: إن شاء الله، فطاف عليهن جميعا، فلم تحمل منهن إلا امراة واحدة، جاءت بشق رجل، و أيم الله الذي نفسي بيده، لو قال: إن شاء الله لجاهدوا في سبيل الله فرسانا أجمعون « قال العلماء: » والشق هو الجسد الذي ألقي على كرسيه وفتنته من نسيان المشيئة فامتحن بهذا فتاب ورجع.

تنبيه رقم 21: قوله تعالى: { في لوح محفوظ } سورة البروج الآية 22.
ما ذكره المفسرون من وصف اللوح يحتاج إلى نص يصح الإعتماد عليه، ولا حاجة إلى وصف اللوح بأوصاف لم ترد في كتاب الله ولم تصح عن سيدنا رسول الله ( ص ) ، وقد قال الشيخ المراغي في تفسيره: واللوح المحفوظ شيء أخبرنا الله به، وأنه أودعه كتابه، ولكن لم يعرفنا حقيقته، فعلينا أن نؤمن به، وليس علينا أن نبحث فيما وراء ذلك مما لم يأت به خبر من المعصوم صلوات الله عليه وسلامه.

تفسير الإمام جلال الدين السيوطي من أول سورة البقرة إلى آخر سورة الإسراء ( أما تفسير سورة الكهف إلى آخر القرآن، فهو للإمام جلال الدين المحلي )
 
رد: بعض من تفسير الجلاين

. سورة الفاتحة
1. بسم الله الرحمن الرحيم
2. ( الحمد لله ) جملة خبرية قصد بها الثناء على الله بمضمونها على أنه تعالى مالك لجميع الحمد من الخلق أو مستحق لأن يحمدوه ، والله علم على المعبود بحق ( رب العالمين ) أي مالك جميع الخلق من الإنس والجن والملائكة والدواب وغيرهم وكل منها يطلق عليه عالم ، يقال عالم الإنس وعالم الجن إلى غير ذلك ، وغلب في جمعه بالياء والنون أولي العلم على غيرهم وهو من العلامة لأنه علامة على موجده
3. ( الرحمن الرحيم ) أي ذي الرحمة وهي إرادة الخير لأهله
4. ( مَلِكِ يوم الدين ) أي الجزاء وهو يوم القيامة ، وخُصَّ بالذكر لأنه لا ملك ظاهراً فيه لأحد إلا لله تعالى بدليل { لمن الملك اليوم لله } ومن قرأ { مالك } فمعناه مالك الأمر كله في يوم القيامة أو هو موصوف بذلك دائماً { كغافر الذنب } فصح وقوعه صفة لمعرفة
5. ( إياك نعبد وإياك نستعين ) أي نخصك بالعبادة من توحيد وغيره ونطلب المعونة على العبادة وغيرها
6. ( اهدنا الصراط المستقيم ) أي أرشدنا إليه
7. ويبدل منه : ( صراط الذين أنعمت عليهم ) بالهداية ويبدل من الذين بصلته ( غير المغضوب عليهم ) وهم اليهود ( ولا ) غير ( الضالين ) وهم النصارى ، ونكتة البدل إفادة أن المهتدين ليسوا يهوداً ولا نصارى والله أعلم بالصواب وإليه المرجع والمآب ، وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً دائماً أبداً ، وحسبنا الله ونعم الوكيل ، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم . [ وعن الشيخ محمود الرنكوسي تفسير ألطف ورد في مختصر تفسير ابن كثير مفاده أن المغضوب عليهم هم الذين عرفوا الحق وخالفوه أما الضالين فلم يهتدوا إلى الحق أصلاً . دار الحديث ]
 
رد: بعض من تفسير الجلاين

. سورة البقرة [ مدنية 286 أو 287 آية ]
1. ( الم ) الله أعلم بمراده بذلك
2. ( ذلك ) أي هذا ( الكتاب ) الذي يقرؤه محمد ( لا ريب ) لا شك ( فيه ) أنه من عند الله ، وجملة النفي خبر مبتدؤه ذلك والإشارة به للتعظيم ( هدى ) خبر ثان أي هاد ( للمتقين ) الصائرين إلى التقوى بامتثال الأوامر واجتناب النواهي لاتقائهم بذلك النار
3. ( الذين يؤمنون ) يصدقون ( بالغيب ) بما غاب عنهم من البعث والجنة والنار ( ويقيمون الصلاة ) أي يأتون بها بحقوقها ( ومما رزقناهم ) أعطيناهم ( ينفقون ) في طاعة الله
4. ( والذين يؤمنون بما أنزل إليك ) أي القرآن ( وما أنزل من قبلك ) أي التوراة والإنجيل وغيرهما ( وبالآخرة هم يوقنون ) يعلمون
5. ( أولئك ) الموصوفون بما ذكر ( على هدى من ربهم وأولئك هم المفلحون ) الفائزون بالجنة الناجون من النار
 
رد: بعض من تفسير الجلاين

6. ( إن الذين كفروا ) كأبي جهل وأبي لهب ونحوهما ( سواء عليهم أأنذرتهم ) بتحقيق الهمزتين وإبدال الثانية ألفا وتسهيلها وإدخال ألف بين المُسَهَّلَة والأخرى وتركه ( أم لم تنذرهم لا يؤمنون ) لعلم الله منهم ذلك فلا تطمع في إيمانهم ، والإنذار إعلام مع تخويف
7. ( ختم الله على قلوبهم ) طبع عليها واستوثق فلا يدخلها خير ( وعلى سمعهم ) أي مواضعه فلا ينتفعون بما يسمعونه من الحق ( وعلى أبصارهم غشاوة ) غطاء فلا يبصرون الحق ( ولهم عذاب عظيم ) قوي دائم
8. ونزل في المنافقين : ( ومن الناس من يقول آمنا بالله وباليوم الآخر ) أي يوم القيامة لأنه آخر الأيام ( وما هم بمؤمنين ) روعي فيه معنى من ، وفي ضمير يقول لفظها
9. ( يخادعون الله والذين آمنوا ) بإظهار خلاف ما أبطنوه من الكفر ليدفعوا عنهم أحكامه الدنيوية ( وما يخادعون إلا أنفسهم ) لأن وبال خداعهم راجع إليهم فيفتضحون في الدنيا بإطلاع الله نبيه على ما أبطنوه ويعاقبون في الآخرة ( وما يشعرون ) يعلمون أن خداعهم لأنفسهم والمخادعة هنا من واحد كعاقبت اللص وذكر الله فيها تحسين ، وفي قراءة وما يخدعون
10. ( في قلوبهم مرض ) شك ونفاق فهو يمرض قلوبهم أي يضعفها ( فزادهم الله مرضا ) بما أنزله من القرآن لكفرهم به ( ولهم عذاب أليم ) مؤلم ( بما كانوا يكذبون ) بالتشديد أي نبيَّ الله ، وبالتخفيف أي قولهم آمنا
11. ( وإذا قيل لهم ) أي لهؤلاء ( لا تفسدوا في الأرض ) بالكفر والتعويق عن الإيمان ( قالوا إنما نحن مصلحون ) وليس ما نحن فيه بفساد.
12. قال الله تعالى رداً عليهم : ( ألا ) للتنبيه ( إنهم هم المفسدون ولكن لا يشعرون ) بذلك
13. ( وإذا قيل لهم آمنوا كما آمن الناس ) أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ( قالوا أنؤمن كما آمن السفهاء ) الجهال أي لا نفعل كفعلهم قال تعالى ردا عليهم: ( ألا إنهم هم السفهاء ولكن لا يعلمون ) ذلك
14. ( وإذا لقوا ) أصله لقيوا حذفت الضمة للاستثقال ثم الياء لالتقائها ساكنة مع الواو ( الذين آمنوا قالوا آمنا وإذا خلوا ) منهم ورجعوا ( إلى شياطينهم ) رؤسائهم ( قالوا إنا معكم ) في الدين ( إنما نحن مستهزئون ) بهم بإظهار الإيمان
15. ( الله يستهزئ بهم ) يجازيهم باستهزائهم ( ويمدهم ) يمهلهم ( في طغيانهم ) بتجاوزهم الحد في الكفر ( يعمهون ) يترددون تحيرا حال
16. ( أولئك الذين اشتروا الضلالة بالهدى ) أي استبدلوها به ( فما ربحت تجارتهم ) أي ما ربحوا فيها بل خسروا لمصيرهم إلى النار المؤبدة عليهم ( وما كانوا مهتدين ) فيما فعلوا

 
رد: بعض من تفسير الجلاين

17. ( مثلهم ) صفتهم في نفاقهم ( كمثل الذي استوقد ) أوقد ( ناراً ) في ظلمة ( فلما أضاءت ) أنارت ( ما حوله ) فأبصر واستدفأ وأمن ممن يخافه ( ذهب الله بنورهم ) أطفأه ، وجُمع الضمير مراعاة لمعنى الذي ( وتركهم في ظلمات لا يبصرون ) ما حولهم متحيرين عن الطريق خائفين فكذلك هؤلاء أمنوا بإظهار كلمة الإيمان فإذا ماتوا جاءهم الخوف والعذاب
18. هم ( صمٌّ ) عن الحق فلا يسمعونه سماع قبول ( بكمٌ ) خرسٌ عن الخير فلا يقولونه ( عُمْيٌ ) عن طريق الهدى فلا يرونه ( فهم لا يرجعون ) عن الضلالة
19. ( أو ) مثلهم ( كصيِّب ) أي كأصحاب مطر ، وأصله صيوب من صاب يصوب أي ينزل ( من السماء ) السحاب ( فيه ) أي السحاب ( ظلمات ) متكاثفة ( ورعد ) هو الملك الموكل به وقيل صوته ( وبرق ) لمعان صوته الذي يزجره به ( يجعلون ) أي أصحاب الصيب ( أصابعهم ) أي أناملها ( في آذانهم من ) أجل ( الصواعق ) شدة صوت الرعد لئلا يسمعوها ( حذر ) خوف ( الموت ) من سماعها ، كذلك هؤلاء إذا نزل القرآن وفيه ذكر الكفر المشبه بالظلمات والوعيد عليه المشبه بالرعد والحجج والبينة المشبهة بالبرق ، يسدون آذانهم لئلا يسمعوه فيميلوا إلى الإيمان وترك دينهم وهو عندهم موت ( والله محيط بالكافرين ) علما وقدرة فلا يفوتونه
20. ( يكاد ) يقرب ( البرق يخطف أبصارهم ) يأخذها بسرعة ( كلما أضاء لهم مشوا فيه ) أي في ضوئه ( وإذا أظلم عليهم قاموا ) وقفوا ، تمثيل لإزعاج ما في القرآن من الحجج قلوبهم وتصديقهم لما سمعوا فيه مما يحبون ووقوفهم عما يكرهون ( ولو شاء الله لذهب بسمعهم ) بمعنى أسماعهم ( وأبصارهم ) الظاهرة كما ذهب بالباطنة ( إن الله على كل شيء ) شاءه ( قدير ) ومثله إذهاب ما ذكر
21. ( يا أيها الناس ) أي أهل مكة ( اعبدوا ) وحدوا ( ربكم الذي خلقكم ) أنشأكم ولم تكونوا شيئا ( و ) خلق ( الذين من قبلكم لعلكم تتقون ) بعبادته عقابا ، ولعل في الأصل للترجي ، وفي كلامه تعالى للتحقيق
22. ( الذي جعل ) خلق ( لكم الأرض فراشا ) حال بساطا يفترش لا غاية في الصلابة أو الليونة فلا يمكن الاستقرار عليها ( والسماء بناء ) سقفا ( وأنزل من السماء ماء فأخرج به من ) أنواع ( الثمرات رزقا لكم فلا تجعلوا لله أنداداً ) شركاء في العبادة ( وأنتم تعلمون ) أنه الخالق ولا تخلقون ، ولا يكون إلها إلا من يخلق
23. ( وإن كنتم في ريب ) شك ( مما نزَّلنا على عبدنا ) محمد من القرآن أنه من عند الله ( فأتوا بسورة من مثله ) أي المنزل ومن للبيان أي هي مثله في البلاغة وحسن النظم والإخبار عن الغيب .24. ولما عجزوا عن ذلك قال تعالى ( فإن لم تفعلوا ) ما ذُكر لعجزكم ( ولن تفعلوا ) ذلك أبداً لظهور إعجازه
 
رد: بعض من تفسير الجلاين

25. ( وبشر ) أخبر ( الذين آمنوا ) صدقوا بالله ( وعملوا الصالحات ) من الفروض والنوافل ( أن ) أي بأن ( لهم جنات ) حدائق ذات شجر ومساكن ( تجري من تحتها ) أي تحت أشجارها وقصورها ( الأنهار ) أي المياه فيها ، والنهر هو الموضع الذي يجري فيه الماء ينهره أي يحفره وإسناد الجري إليه مَجاز ( كلما رزقوا منها ) أطعموا من تلك الجنات ( من ثمرة رزقاً قالوا هذا الذي ) أي مثل ما ( رزقنا من قبل ) أي قبله في الجنة لتشابه ثمارها بقرينه ( وأتوا به ) أي جيئوا بالرزق ( متشابهاً ) يشبه بعضه بعضاً لوناً ويختلف طعماً ( ولهم فيها أزواج ) من الحور وغيرها ( مطهَّرة ) من الحيض وكل قذر ( وهم فيها خالدون ) ماكثون أبداً لا يفنون ولا يخرجون . ونزل ردَّاً لقول اليهود لمَّا ضرب الله المثل بالذباب في قوله: { وإن يسلبهم الذباب شيئا } والعنكبوت في قوله : { كمثل العنكبوت } ما أراد الله بذكر هذه الأشياء الخسيسة فأنزل الله :
26. ( إن الله لا يستحيي أن يضرب ) يجعل ( مثلاً ) مفعول أول ( ما ) نكرة موصوفة بما بعدها مفعول ثان أي مثل كان أو زائدة لتأكيد الخسة فما بعدها المفعول الثاني ( بعوضةً ) مفرد البعوض وهو صغار البق ( فما فوقها ) أي أكبر منها أي لا يترك بيانه لما فيه من الحكم ( فأما الذين آمنوا فيعلمون أنه ) أي المثل ( الحق ) الثابت الواقع موقعه ( من ربهم وأما الذين كفروا فيقولون ماذا أراد الله بهذا مثلا ) تمييز أي بهذا المثل ، وما استفهام إنكار مبتدأ ، وذا بمعنى الذي بصلته خبره أي: أي فائدة فيه قال تعالى في جوابهم ( يضل به ) أي بهذا المثل ( كثيرا ) عن الحق لكفرهم به ( ويهدي به كثيرا ) من المؤمنين لتصديقهم به ( وما يضل به إلا الفاسقين ) الخارجين عن طاعته
27. ( الذين ) نعت ( ينقضون عهد الله ) ما عهده إليهم في الكتب من الإيمان بمحمد صلى الله عليه وسلم ( من بعد ميثاقه ) توكيده عليهم ( ويقطعون ما أمر الله به أن يوصل ) من الإيمان بالنبي والرحم وغير ذلك وأن بدل من ضمير به ( ويفسدون في الأرض ) بالمعاصي والتعويق عن الإيمان ( أولئك ) الموصوفون بما ذكر ( هم الخاسرون ) لمصيرهم إلى النار المؤبدة عليهم
28. ( كيف تكفرون ) يا أهل مكة ( بالله و ) قد ( كنتم أمواتا ) نطفا في الأصلاب ( فأحياكم ) في الأرحام والدنيا بنفخ الروح فيكم ، والاستفهام للتعجب من كفرهم مع قيام البرهان أو للتوبيخ ( ثم يميتكم ) عند انتهاء آجالكم ( ثم يحييكم ) بالبعث ( ثم إليه ترجعون ) تردون بعد البعث فيجازيكم بأعمالكم . وقال دليلا على البعث لما أنكروه:
29. ( هو الذي خلق لكم ما في الأرض ) أي الأرض وما فيها ( جميعا ) لتنتفعوا به وتعتبروا ( ثم استوى ) بعد خلق الأرض أي قصد ( إلى السماء فسوَّاهن ) الضمير يرجع إلى السماء لأنها في معنى الجملة الآيلة إليه : أي صيرها كما في آية أخرى { فقضاهن } ( سبع سماوات وهو بكل شيء عليم ) مجملاً ومفصلاً ، أفلا تعتبرون أن القادر على خلق ذلك ابتداء وهو أعظم منكم قادرٌ على إعادتكم
 
رد: بعض من تفسير الجلاين

30. ( و ) اذكر يا محمد ( إذ قال ربك للملائكة إني جاعل في الأرض خليفة ) يخلفني في تنفيذ أحكامي فيها وهو آدم ( قالوا أتجعل فيها من يفسد فيها ) بالمعاصي ( ويسفك الدماء ) يريقها بالقتل كما فعل بنو الجان وكانوا فيها فلما أفسدوا أرسل الله عليهم الملائكة فطردوهم إلى الجزائر والجبال ( ونحن نسبح ) متلبسين ( بحمدك ) أي نقول سبحان الله وبحمده ( ونقدس لك ) ننزهك عما لا يليق بك فاللام زائدة والجملة حال أي فنحن أحق بالاستحلاف ( قال ) تعالى ( إني أعلم ما لا تعلمون ) من المصلحة في استخلاف آدم وأن ذريته فيهم المطيع والعاصي فيظهر العدل بينهم ، فقالوا لن يخلق ربنا خلقا أكرم عليه منا ولا أعلم لسبقنا له ورؤيتنا ما لم يره فخلق الله تعالى آدم من أديم الأرض أي وجهها بأن قبض منها قبضة من جميع ألوانها وعجنت بالمياه المختلفة وسواه ونفخ فيه الروح فصار حيواناً حساساً بعد أن كان جماداً
31. ( وعلم آدم الأسماء ) أي أسماء المسميات ( كلها ) بأن ألقى في قلبه علمها ( ثم عرضهم ) أي المسميات وفيه تغليب العقلاء ( على الملائكة فقال ) لهم تبكيتا ( أنبئوني ) أخبروني ( بأسماء هؤلاء ) المسميات ( إن كنتم صادقين ) في أني لا أخلق أعلم منكم أو أنكم أحق بالخلافة ، وجواب الشرط دل عليه ما قبله
32. ( قالوا سبحانك ) تنزيهاً لك عن الاعتراض عليك ( لا علم لنا إلا ما علمتنا ) إياه ( إنك أنت ) تأكيد للكاف ( العليم الحكيم ) الذي لا يخرج شيء عن علمه وحكمته
33. ( قال ) تعالى ( يا آدم أنبئهم ) أي الملائكة ( بأسمائهم ) المسميات فسمّى كل شيء باسمه وذكر حكمته التي خلق لها ( فلما أنبأهم بأسمائهم قال ) تعالى لهم موبخاً ( ألم أقل لكم إني أعلم غيب السماوات والأرض ) ما غاب فيهما ( وأعلم ما تبدون ) ما تظهرون من قولكم أتجعل فيها الخ ( وما كنتم تكتمون ) تُسِرُّون من قولكم لن يخلق أكرم عليه منا ولا أعلم
34. ( و ) اذكر ( إذ قلنا للملائكة اسجدوا لآدم ) سجود تحيةٍ بالانحناء ( فسجدوا إلا إبليس ) هو أبو الجن كان بين الملائكة ( أبى ) امتنع عن السجود ( واستكبر ) تكبّر عنه وقال : أنا خير منه ( وكان من الكافرين ) في علم الله
35. ( وقلنا يا آدم اسكن أنت ) تأكيد للضمير المستتر ليعطف عليه ( وزوجك ) حواء بالمد وكان خلقها من ضلعه الأيسر ( الجنة وكلا منها ) أكلاً ( رغداً ) واسعاً لا حجر فيه ( حيث شئتما ولا تقربا هذه الشجرة ) بالأكل منها وهي الحنطة أو الكرم أو غيرهما ( فتكونا ) فتصيرا ( من الظالمين ) العاصين . [ المُرجَّح عند الشيخ محمود الرنكوسي أن الجنة التي كانا فيها كانت على الأرض وليست هي جنة الخلد ، دار الحديث ]
36. ( فأزلَّهما الشيطان ) إبليس أي أذهبهما ، وفي قراءة { فأزالهما } نحَّاهما ( عنها ) أي الجنة بأن قال لهما : هل أدلكما على شجرة الخلد وقاسمهما بالله أنه لهما لمن الناصحين فأكلا منها ( فأخرجهما مما كانا فيه ) من النعيم ( وقلنا اهبطوا ) إلى الأرض أي أنتما بما اشتملتما عليه من ذريتكما ( بعضكم ) بعض الذرية ( لبعض عدو ) من ظلم بعضكم بعضا ( ولكم في الأرض مستقر ) موضع قرار ( ومتاع ) مما تتمتعون به من نباتها ( إلى حين ) وقت انقضاء آجالكم
37. ( فتلقى آدمُ من ربه كلماتٍ ) ألهمه إياها ، وفي قراءة بنصب آدم ورفع كلمات ، أي جاءه وهي { ربنا ظلمنا أنفسنا } الآية
 
رد: بعض من تفسير الجلاين

38. ( قلنا اهبطوا منها ) من الجنة ( جميعا ) كرره ليعطف عليه ( فإمَّا ) فيه إدغام نون إنْ الشرطية في ما الزائدة ( يأتينكم مني هدى ) كتاب ورسول ( فمن تبع هداي ) فآمن بي وعمل بطاعتي ( فلا خوف عليهم ولا هم يحزنون ) في الآخرة أن يدخلوا الجنة
39. ( والذين كفروا وكذبوا بآياتنا ) كتبنا ( أولئك أصحاب النار هم فيها خالدون ) ماكثون أبدا لا يفنون ولا يخرجون
40. ( يا بني إسرائيل ) أولاد يعقوب ( اذكروا نعمتي التي أنعمت عليكم ) أي على آبائكم من الإنجاء من فرعون و فلق البحر و تظليل الغمام و غير ذلك بأن تشكروها بطاعتي ( وأوفوا بعهدي ) الذي عهدته إليكم من الإيمان بمحمد ( أوف بعهدكم ) الذي عهدت إليكم من الثواب عليه بدخول الجنة ( وإياي فارهبون ) خافون في ترك الوفاء به دون غيري
41. ( وآمنوا بما أنزلت ) من القرآن ( مصدقا لما معكم ) من التوراة بموافقته له في التوحيد والنبوة ( ولا تكونوا أول كافر به ) من أهل الكتاب لأن خلفكم تبع لكم فإثمهم عليكم ( ولا تشتروا ) تستبدلوا ( بآياتي ) التي في كتابكم من نعت محمد صلى الله عليه وسلم ( ثمنا قليلا ) عرضا يسيرا من الدنيا أي لا تكتموها خوف فوات ما تأخذونه من سلفتكم ( وإياي فاتقون ) خافون في ذلك دون غيري
42. ( ولا تلبسوا ) تخلطوا ( الحق ) الذي أنزلت عليكم ( بالباطل ) الذي تفترونه ولا ( وتكتموا الحق ) نعت محمد ( وأنتم تعلمون ) أنه الحق
43. ( وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة واركعوا مع الراكعين ) صلّوا مع المصلين محمد وأصحابه ، ونزل في علمائهم وكانوا يقولون لأقربائهم المسلمين اثبتوا على دين محمد فإنه حق
44. ( أتأمرون الناس بالبر ) بالإيمان بمحمد ( وتنسون أنفسكم ) تتركونها فلا تأمرونها به ( وأنتم تتلون الكتاب ) التوراة وفيها الوعيد على مخالفة القول العمل ( أفلا تعقلون ) سوءَ فعلِكم فترجعون ، فجملة النسيان محل الاستفهام الإنكاري
45. ( واستعينوا ) اطلبوا المعونة على أموركم ( بالصبر ) الحبس للنفس على ما تكره ( والصلاة ) أفردها بالذكر تعظيما لشأنها وفي الحديث « كان صلى الله عليه وسلم إذا حزبه أمر بادر إلى الصلاة » وقيل الخطاب لليهود لما عاقهم عن الإيمان الشره وحب الرياسة فأمروا بالصبر وهو الصوم لأنه يكسر الشهوة ، والصلاة لأنها تورث الخشوع وتنفي الكبر ( وإنها ) أي الصلاة ( لكبيرة ) ثقيلة ( إلا على الخاشعين ) الساكنين إلى الطاعة
46. ( الذين يظنون ) يوقنون ( أنهم ملاقوا ربهم ) بالبعث ( وأنهم إليه راجعون ) في الآخرة فيجازيهم
47. ( يا بني إسرائيل اذكروا نعمتي التي أنعمت عليكم ) بالشكر عليها بطاعتي ( وأني فضلتكم ) أي آباءكم ( على العالمين ) عالمي زمانهم [ وعن الشيخ محمود الرنكوسي أن تفضيلهم على العالمين بكثرة الأنبياء فيهم وفي الحديث : « علماء أمتي كأنبياء بني إسرائيل » أي في الكثرة ]
48. ( واتقوا ) خافوا ( يوما لا تجزي ) فيه ( نفس عن نفس شيئاً ) وهو يوم القيامة ( ولا يقبل ) بالتاء والياء ( منها شفاعة ) أي ليس لها شفاعة فتقبل { فما لنا من شافعين } ( ولا يؤخذ منها عدلٌ ) فداءٌ ( ولا هم ينصرون ) يمنعون من عذاب الله
 
رد: بعض من تفسير الجلاين

49. ( و ) اذكروا ( إذ نجيناكم ) أي آباءكم ، والخطاب به وبما بعده للموجودين في زمن نبينا بما أنعم الله على آبائهم تذكيراً لهم بنعمة الله تعالى ليؤمنوا ( من آل فرعون يسومونكم ) يذيقونكم ( سوء العذاب ) أشده والجملة حال من ضمير نجيناكم ( يذبحون ) بيان لما قبله ( أبناءكم ) المولودين ( ويستحيون ) يستبقون ( نساءكم ) لقول بعض الكهنة له إن مولوداً يولد في بني إسرائيل يكون سبباً لذهاب ملكك ( وفي ذلكم ) العذاب أو الإنجاء ( بلاء ) ابتلاء أو إنعام ( من ربكم عظيم )
50. ( و ) اذكروا ( إذ فرقنا ) فلقنا ( بكم ) بسببكم ( البحر ) حتى دخلتموه هاربين من عدوكم ( فأنجيناكم ) من الغرق ( وأغرقنا آل فرعون ) قومه معه ( وأنتم تنظرون ) إلى انطباق البحر عليهم
51. ( وإذ واعدنا ) بألف ودونها ( موسى أربعين ليلة ) نعطيه عند انقضائها التوراة لتعملوا بها ( ثم اتخذتم العجل ) الذي صاغه لكم السامريُّ إلها ( من بعده ) أي بعد ذهابه إلى ميعادنا ( وأنتم ظالمون ) باتخاذه لوضعكم العبادة في غير محلها
52. ( ثم عفونا عنكم ) محونا ذنوبكم ( من بعد ذلك ) الاتخاذ ( لعلكم تشكرون ) نعمتنا عليكم
53. ( وإذ آتينا موسى الكتاب ) التوراة ( والفرقان ) عطف تفسير أي الفارق بين الحق والباطل والحلال والحرام ( لعلكم تهتدون ) به من الضلال
54. ( وإذ قال موسى لقومه ) الذين عبدوا العجل ( يا قوم إنكم ظلمتم أنفسكم باتخاذكم العجل ) إلها ( فتوبوا إلى بارئكم ) خالقكم من عبادته ( فاقتلوا أنفسكم ) أي ليقتل البريء منكم المجرم ( ذلكم ) القتل ( خير لكم عند بارئكم ) فوفقكم لفعل ذلك وأرسل عليكم سحابة سوداء لئلا يبصر بعضكم بعضا فيرحمه حتى قتل منكم نحو سبعين ألفا ( فتاب عليكم ) قبل توبتكم ( إنه هو التواب الرحيم )
55. ( وإذ قلتم ) وقد خرجتم مع موسى لتعتذروا إلى الله من عبادة العجل وسمعتم كلامه ( يا موسى لن نؤمن لك حتى نرى الله جهرة ) عَيانا ( فأخذتكم الصاعقة ) الصيحة فَمُتُّم ( وأنتم تنظرون ) ما حل بكم
56. ( ثم بعثناكم ) أحييناكم ( من بعد موتكم لعلكم تشكرون ) نعمتنا بذلك
57. ( وظللنا عليكم الغمام ) سترناكم بالسحاب الرقيق من حر الشمس في التيه ( وأنزلنا عليكم ) فيه ( المن والسلوى ) هما الترنجبين والطير السماني بتخفيف الميم والقصر وقلنا : ( كلوا من طيبات ما رزقناكم ) ولا تدخروا فكفروا النعمة وادخروا فقطع عنهم ( وما ظلمونا ) بذلك ( ولكن كانوا أنفسهم يظلمون ) لأن وباله عليهم
 
رد: بعض من تفسير الجلاين

58. ( وإذ قلنا ) لهم بعد خروجهم من التيه ( ادخلوا هذه القرية ) بيت المقدس أو أريحا ( فكلوا منها حيث شئتم رغداً ) واسعاً لا حجْر فيه ( وادخلوا الباب ) أي بابها ( سجدا ) منحنين ( وقولوا ) مسألتنا ( حِطَّة ) أي أن تحط عنا خطايانا ( نغفر ) وفي قراءة بالياء والتاء مبينا للمفعول فيهما ( لكم خطاياكم وسنزيد المحسنين ) بالطاعة ثوابا
59. ( فبدل الذين ظلموا ) منهم ( قولا غير الذي قيل لهم ) فقالوا : حبة في شعرة ودخلوا يزحفون على أستاههم ( فأنزلنا على الذين ظلموا ) فيه وضع الظاهر موضع المضمر مبالغة في تقبيح شأنهم ( رجزا ) عذابا طاعونا ( من السماء بما كانوا يفسقون ) بسبب فسقهم أي خروجهم عن الطاعة فهلك منهم في ساعة سبعون ألفا أو أقل
60. ( و ) اذكر ( وإذ استسقى موسى ) أي طلب السقيا ( لقومه ) وقد عطشوا في التيه ( فقلنا اضرب بعصاك الحجر ) وهو الذي فر بثوبه ، خفيف مربع كرأس الرجل رخام أو كذان فضربه ( فانفجرت ) انشقت وسالت ( منه اثنتا عشرة عينا ) بعدد الأسباط ( قد علم كل أناس ) سبط منهم ( مشربهم ) موضع شربهم فلا يشركهم فيه غيرهم . وقلنا لهم ( كلوا واشربوا من رزق الله ولا تعثوا في الأرض مفسدين ) حال مؤكدة لعاملها من عثِى بكسر المثلثة أفسد
61. ( وإذ قلتم يا موسى لن نصبر على طعام ) أي نوع منه ( واحد ) وهو المن والسلوى ( فادع لنا ربك يخرج لنا ) شيئا ( مما تنبت الأرض من ) للبيان ( بقلها وقثائها وفومها ) حنطتها ( وعدسها وبصلها قال ) لهم موسى ( أتستبدلون الذي هو أدنى ) أخس ( بالذي هو خير ) أشرف أتأخذونه بدله ، والهمزة للإنكار فأبوا أن يرجعوا فدعا الله تعالى ( اهبطوا ) انزلوا ( مصرا ) من الأمصار ( فإن لكم ) فيه ( ما سألتم ) من النبات ( وضربت ) جعلت ( عليهم الذلة ) الذل والهوان ( والمسكنة ) أي أثر الفقر من السكون والخزي فهي لازمة لهم ، وإن كانوا أغنياء لزوم الدرهم المضروب لسكته ( وباؤوا ) رجعوا ( بغضب من الله ذلك ) أي الضرب والغضب ( بأنهم ) أي بسبب أنهم ( كانوا يكفرون بآيات الله ويقتلون النبيين ) كزكريا ويحيى ( بغير الحق ) أي ظلما ( ذلك بما عصوا وكانوا يعتدون ) يتجاوزون الحد في المعاصي وكرره للتأكيد
 
رد: بعض من تفسير الجلاين

62. ( إن الذين آمنوا ) بالأنبياء من قبل ( والذين هادوا ) هم اليهود ( والنصارى والصابئين ) طائفة من اليهود أو النصارى ( من آمن ) منهم ( بالله واليوم الآخر ) في زمن نبينا ( وعمل صالحا ) بشريعته ( فلهم أجرهم ) أي ثواب أعمالهم ( عند ربهم ولا خوف عليهم ولا هم يحزنون ) روعي في ضمير آمن وعمل لفظ من وفيما بعد معناها
63. ( و ) اذكر ( إذ أخذنا ميثاقكم ) عهدكم بالعمل بما في التوراة ( و ) قد ( رفعنا فوقكم الطور ) الجبل اقتلعناه من أصله عليكم لما أبيتم قبولها وقلنا ( خذوا ما آتيناكم بقوة ) بجد واجتهاد ( واذكروا ما فيه ) بالعمل به ( لعلكم تتقون ) النار أو المعاصي
64. ( ثم توليتم ) أعرضتم ( من بعد ذلك ) الميثاق عن الطاعة ( فلولا فضل الله عليكم ورحمته ) لكم بالتوبة أو تأخير العذاب ( لكنتم من الخاسرين ) الهالكين
65. ( ولقد ) لام قسم ( علمتم ) عرفتم ( الذين اعتدوا ) تجاوزوا الحد ( منكم في السبت ) بصيد السمك وقد نهيناهم عنه وهم أهل إيلة ( فقلنا لهم كونوا قردة خاسئين ) مبعدين فكانوا وهلكوا بعد ثلاثة أيام
66. ( فجعلناها ) أي تلك العقوبة ( نكالا ) عبرة مانعة من ارتكاب مثل ما عملوا ( لما بين يديها وما خلفها ) أي الأمم التي في زمانها أو بعدها ( وموعظة للمتقين ) الله وخصوا بالذكر لأنهم المنتفعون بخلاف غيرهم
67. ( و ) اذكر ( إذ قال موسى لقومه ) وقد قتل لهم قتيل لا يُدرى قاتله وسألوه أن يدعوَ الله أن يبينه لهم فدعاه ( إن الله يأمركم أن تذبحوا بقرة قالوا أتتخذنا هزوا ) مهزوءاً بنا حيث تجيبنا بمثل ذلك ( قال أعوذ ) أمتنع ( بالله أن أكون من الجاهلين ) المستهزئين
68. فلما علموا أنه عزم ( قالوا ادع لنا ربك يبين لنا ما هي ) أي ما سنُّها ؟ ( قال ) موسى ( إنه ) أي الله ( يقول إنها بقرة لا فارض ) مسنة ( ولا بكر ) صغيرة ( عوان ) نصف ( بين ذلك ) المذكور من السنين ( فافعلوا ما تؤمرون ) به من ذبحها
69. ( قالوا ادع لنا ربك يبين لنا ما لونها قال إنه يقول إنها بقرة صفراء فاقع لونها ) شديد الصفرة ، ( تسر الناظرين ) إليها بحسنها أي تعجبهم

 
رد: بعض من تفسير الجلاين

70. ( قالوا ادع لنا ربك يبين لنا ما هي ) أسائمة أم عاملة ( إن البقر ) أي جنسه المنعوت بما ذكر ( تشابه علينا ) لكثرته فلم نهتد إلى المقصودة ( وإنا إن شاء الله لمهتدون ) إليها ، وفي الحديث « لو لم يستثنوا لما بُيِّنَت لهم لآخر الأبد »
71. ( قال إنه يقول إنها بقرة لا ذلول ) غير مذللة بالعمل ( تثير الأرض ) تقلبها للزراعة ، والجملة صفة ذلول داخلة في النهي ( ولا تسقي الحرث ) الأرض المهيأة للزراعة ( مسَلَّمة ) من العيوب وآثار العمل ( لا شية ) لون ( فيها ) غير لونها ( قالوا الآن جئت بالحق ) نطقت بالبيان التام فطلبوها فوجدوها عند الفتى البار بأمه فاشتروها بملء مَسكها ذهباً ( فذبحوها وما كادوا يفعلون ) لغلاء ثمنها وفي الحديث : « لو ذبحوا أي بقرة كانت لأجزأتهم ولكن شددوا على أنفسهم فشدد الله عليهم »
72. ( وإذ قتلتم نفسا فادَّارأتم ) فيه إدغام الدال في التاء أي تخاصمتم وتدافعتم ( فيها والله مخرج ) مظهر ( ما كنتم تكتمون ) من أمرها ، وهذا اعتراض وهو أول القصة
73. ( فقلنا اضربوه ) أي القتيل ( ببعضها ) فضرب بلسانها أو عجب ذنبها فحيي وقال : قتلني فلان وفلان لابني عمه ومات فحُرما الميراث وقُتلا ، قال تعالى : ( كذلك ) الإحياء ( يحيي الله الموتى ويريكم آياته ) دلائل قدرته ( لعلكم تعقلون ) تتدبرون فتعلموا أن القادر على إحياء نفس واحدة قادر على إحياء نفوس كثيرة فتؤمنون
74. ( ثم قست قلوبكم ) أيها اليهود صلبت عن قبول الحق ( من بعد ذلك ) المذكور من إحياء القتيل وما قبله من الآيات ( فهي كالحجارة ) في القسوة ( أو أشد قسوة ) منها ( وإن من الحجارة لما يتفجر منه الأنهار وإن منها لما يشقَّق ) فيه إدغام التاء في الأصل في الشين ( فيخرج منه الماء وإن منها لما يهبط ) ينزل من علو إلى أسفل ( من خشية الله ) وقلوبكم لا تتأثروا ولا تلين ولا تخشع ( وما الله بغافل عما تعملون ) وإنما يؤخركم لوقتكم وفي قراءة بالتحتانية وفيه التفات عن الخطاب
75. ( أفتطمعون ) أيها المؤمنون ( أن يؤمنوا لكم ) أي اليهود ( وقد كان فريق ) طائفة ( منهم ) أحبارهم ( يسمعون كلام الله ) في التوراة ( ثم يحرفونه ) يغيرونه ( من بعد ما عقلوه ) فهموه ( وهم يعلمون ) أنهم مفترون والهمزة للإنكار أي لا تطعموا فلهم سابقة بالكفر
76. ( وإذا لقوا ) أي منافقو اليهود ( الذين آمنوا قالوا آمنا ) بأن محمد صلى الله عليه وسلم نبي وهو المبشر به في كتابنا ( وإذا خلا ) رجع ( بعضهم إلى بعض قالوا ) أي رؤساؤهم الذين لم ينافقوا لمن نافق ( أتحدثونهم ) أي المؤمنين ( بما فتح الله عليكم ) أي عرفكم في التوراة من نعت محمد صلى الله عليه وسلم ( ليحاجُّوكم ) ليخاصموكم واللام للصيرورة ( به عند ربكم ) في الآخرة ويقيموا عليكم الحجة في ترك اتباعه مع علمكم بصدقه ( أفلا تعقلون ) أنهم يحاجونكم إذا حدثتموهم فتنبهوا

 
رد: بعض من تفسير الجلاين

77. قال تعالى: ( أولا يعلمون ) الاستفهام للتقرير والواو الداخل عليها للعطف ( أن الله يعلم ما يسرون وما يعلنون ومنهم ) ما يخفون وما يظهرون من ذلك وغيره فيرعَوُوا عن ذلك
78. ( ومنهم ) أي اليهود ( أميون ) عوام ( لا يعلمون الكتاب ) التوراة ( إلا ) لكن ( أمانيَّ ) أكاذيبَ تَلَقَّوها من رؤسائهم فاعتمدوها ( وإن ) ما ( هم ) في جحد نبوة النبي وغيره مما يختلقونه ( إلا يظنون ) ظنا ولا علم لهم
79. ( فويل ) شدة عذاب ( للذين يكتبون الكتاب بأيديهم ) أي مختلقا من عندهم ( ثم يقولون هذا من عند الله ليشتروا به ثمنا قليلا ) من الدنيا وهم اليهود غيروا صفة النبي في التوراة وآية الرجم وغيرهما وكتبوها على خلاف ما أنزل ( فويل لهم مما كتبت أيديهم ) من المختلق ( وويل لهم مما يكسبون ) من الرُّشا جمع رشوة
80. ( وقالوا ) لما وعدهم النبي النار ( لن تمسنا ) تصيبنا ( النار إلا أياما معدودة ) قليلة أربعين يوما مدة عبادة آبائهم العجل [ وقيل أربعة أيام ] ثم تزول ( قل ) لهم يا محمد ( أتخذتم ) حذفت منه همزة الوصل استغناء بهمزة الاستفهام ( عند الله عهدا ) ميثاقا منه بذلك ( فلن يخلف الله عهده ) به ، لا ( أم ) بل ( تقولون على الله ما لا تعلمون )
81. ( بلى ) تمسكم وتخلدون فيها ( من كسب سيئةً ) شركاً ( وأحاطت به خطيئته ) بالإفراد وبالجمع أي استولت عليه وأحدقت به من كل جانب بأن مات مشركا ( فأولئك أصحاب النار هم فيها خالدون ) روعي فيه معنى من
82. ( والذين آمنوا وعملوا الصالحات أولئك أصحاب الجنة هم فيها خالدون )
83. ( و ) اذكر ( إذ أخذنا ميثاق بني إسرائيل ) في التوراة وقلنا ( لا تعبدون ) بالتاء والياء ( إلا الله ) خبر بمعنى النهي ، وقرئ: { لا تعبدوا } ( و ) أحسنوا ( بالوالدين إحسانا ) برا ( وذي القربى ) القرابة عطف على الوالدين ( واليتامى والمساكين وقولوا للناس ) قولاً ( حَسَنا ) من الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والصدق في شأن محمد والرفق بهم ، وفي قراءة بضم الحاء وسكون السين مصدر وصف فيه مبالغة ( وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة ) فقبلتم ذلك ( ثم توليتم ) أعرضتم عن الوفاء به ، فيه التفات عن الغيبة والمراد آباؤهم ( إلا قليلا منكم وأنتم معرضون ) عنه كآبائكم

 
رد: بعض من تفسير الجلاين

84. ( وإذ أخذنا ميثاقكم ) وقلنا ( لا تسفكون دماءكم ) تريقونها بقتل بعضكم بعضا ( ولا تخرجون أنفسكم من دياركم ) لا يخرج بعضكم بعضاً من داره ( ثم أقررتم ) قبلتم ذلك الميثاق ( وأنتم تشهدون ) على أنفسكم
85. ( ثم أنتم ) يا ( هؤلاء تقتلون أنفسكم ) بقتل بعضكم بعضا ( وتخرجون فريقا منكم من ديارهم تظَّاهرون ) فيه إدغام التاء في الأصل في الظاء ، وفي قراءة التخفيف على حذفها تتعاونون ( عليهم بالإثم ) بالمعصية ( والعدوان ) الظلم . ( وإن يأتوكم أسارى ) وفي قراءة أسرى ( تفدوهم ) وفي قراءة: { تفادوهم } تنقذونهم من الأسر بالمال أو غيره وهو مما عهد إليهم ( وهو ) أي الشأن ( محرم عليكم إخراجهم ) متصل بقوله وتخرجون والجملة بينهما اعتراض : أي كما حرم ترك الفداء، وكانت قريظة حالفوا الأوس ، والنضير الخزرج ، فكان كل فريق يقاتل مع حلفائه ويخرب ديارهم ويخرجهم فإذا أسروا فدوهم ، وكانوا إذا سئلوا لم تقاتلونهم وتفدونهم ؟ قالوا أمرنا بالفداء فيقال فلم تقاتلونهم ؟ فيقولون حياء أن تستذل حلفاؤنا . قال تعالى : ( أفتؤمنون ببعض الكتاب ) وهو الفداء ( وتكفرون ببعض ) وهو ترك القتل والإخراج والمظاهرة ( فما جزاء من يفعل ذلك منكم إلا خزي ) هوان وذل ( في الحياة الدنيا ) وقد خزوا بقتل قريظة ونَفيِ النَّضير إلى الشام وضرب الجزية ( ويوم القيامة يردون إلى أشد العذاب وما الله بغافل عما تعملون ) بالياء والتاء
86. ( أولئك الذين اشتروا الحياة الدنيا بالآخرة ) بأن آثروها عليها ( فلا يخفف عنهم العذاب ولا هم ينصرون ) يمنعون منه
87. ( ولقد آتينا موسى الكتاب ) التوراة ( وقفينا من بعده بالرسل ) أي أتبعناهم رسولاً في إثر رسول ( وآتينا عيسى ابن مريم البينات ) المعجزات كإحياء الموتى وإبراء الأكمه والأبرص ( وأيدناه ) قويناه ( بروح القدُس ) من إضافة الموصوف إلى الصفة أي الروح المقدسة جبريل لطهارته يسير معه حيث سار فلم تستقيموا ( أفكلما جاءكم رسول بما لا تهوى ) تحب ( أنفسكم ) من الحق ( استكبرتم ) تكبرتم عن اتباعه جواب كلما وهو محل الاستفهام ، والمراد به التوبيخ ( ففريقا ) منهم ( كذبتم ) كعيسى ( وفريقا تقتلون ) المضارع لحكاية الحال الماضية: أي قتلتم كزكريا ويحيى
88. ( وقالوا ) للنبي استهزاء ( قلوبنا غلف ) جمع أغلف أي مغشاة بأغطية فلا تعي ما تقول قال تعالى: ( بل ) للإضراب ( لعنهم الله ) أبعدهم من رحمته وخذلهم عن القبول ( بكفرهم ) وليس عدم قبولهم لخلل في قلوبهم ( فقليلا ما يؤمنون ) ما زائدة لتأكيد القلة أي: إيمانهم قليل جدا

 
رد: بعض من تفسير الجلاين

89. ( ولما جاءهم كتاب من عند الله مصدق لما معهم ) من التوراة هو القرآن ( وكانوا من قبل ) قبل مجيئه ( يستفتحون ) يستنصرون ( على الذين كفروا ) يقولون اللهم انصرنا عليهم بالنبي المبعوث آخر الزمان ( فلما جاءهم ما عرفوا ) من الحق وهو بعثة النبي ( كفروا به ) حسدا وخوفا على الرياسة وجواب لما الأولى ذل عليه جواب الثانية ( فلعنة الله على الكافرين )
90. ( بئسما اشتروا ) باعوا ( به أنفسهم ) أي حظها من الثواب ، وما : نكرة بمعنى شيئا تمييز لفاعل بئس والمخصوص بالذم ( أن يكفروا ) أي كفرهم ( بما أنزل الله ) من القرآن ( بغيا ) مفعول له ليكفروا : أي حسدا على ( أن ينزل الله ) بالتخفيف والتشديد ( من فضله ) الوحي ( على من يشاء ) للرسالة ( من عباده فباؤوا ) رجعوا ( بغضب ) من الله بكفرهم بما أنزل والتنكير للتعظيم ( على غضب ) استحقوه من قبل بتصنيع التوراة والكفر بعيسى ( وللكافرين عذاب مهين ) ذو إهانة
91. ( وإذا قيل لهم آمنوا بما أنزل الله ) القرآن وغيره ( قالوا نؤمن بما أنزل علينا ) أي التوراة قال تعالى : ( ويكفرون ) الواو للحال ( بما وراءه ) سواه أو بعده من القرآن ( وهو الحق ) حال ( مصدقا ) حال ثانية مؤكدة ( لما معهم قل ) لهم ( فلم تقتلون ) أي قتلتم ( أنبياء الله من قبل إن كنتم مؤمنين ) بالتوراة وقد نهيتم فيها عن قتلهم ، والخطاب للموجودين من زمن نبينا بما فعل آباؤهم لرضاهم به
92. ( ولقد جاءكم موسى بالبينات ) بالمعجزات كالعصا واليد وفلق البحر ( ثم اتخذتم العجل ) إلها ( من بعده ) من بعد ذهابه إلى الميقات ، ( وأنتم ظالمون ) باتخاذه
93. ( وإذ أخذنا ميثاقكم ) على العمل بما في التوراة ( و ) قد ( رفعنا فوقكم الطور ) الجبل حين امتنعتم من قبولها ليسقط عليكم وقلنا ( خذوا ما آتيناكم بقوة ) بجد واجتهاد ( واسمعوا ) ما تؤمرون به سماع قبول ( قالوا سمعنا ) قولك ( وعصينا ) أمرك ( وأشربوا في قلوبهم العجل ) أي خالط حبه قلوبهم كما يخالط الشراب ( بكفرهم ، قل ) لهم ( بئسما ) شيئا ( يأمركم به إيمانكم ) بالتوراة عبادة العجل ( إن كنتم مؤمنين ) بها كما زعمتم. المعنى لستم بمؤمنين لأن الإيمان لا يأمر بعبادة العجل ، والمراد آباؤهم: أي فكذلك أنتم لستم بمؤمنين بالتوراة وقد كذبتم محمداً ، والإيمان بها لا يأمر بتكذيبه
 
رد: بعض من تفسير الجلاين

94. ( قل ) لهم ( إن كانت لكم الدار الآخرة ) أي الجنة ( عند الله خالصة ) خاصة ( من دون الناس ) كما زعمتم ( فتمنوا الموت إن كنتم صادقين ) تعلق بتمنوا الشرطان على أن الأول قيد في الثاني أي أن صدقتم في زعمكم أنها لكم ومن كانت له يؤثرها والموصل إليها الموت فتمنوه
95. ( ولن يتمنوه أبدا بما قدمت أيديهم ) من كفرهم بالنبي المستلزم لكذبهم ( والله عليم بالظالمين ) الكافرين فيجازيهم
96. ( ولتجِدَنَّهم ) لام قسم ( أحرص الناس على حياة و ) أحرص ( من الذين أشركوا ) المنكرين للبعث عليها لعلمهم بأن مصيرهم النار دون المشركين لإنكارهم له ( يود ) يتمنى ( أحدهم لو يعمر ألف سنة ) لو مصدرية بمعنى أن وهي بصلتها في تأويل مصدر مفعول يود ( وما هو ) أي أحدهم ( بمزحزحه ) مبعده ( من العذاب ) النار ( أن يعمر ) فاعل مزحزحه أي تعميره ( والله بصير بما يعملون ) بالياء والتاء فيجازيهم . وسأل ابن صوريا النبيَّ أو عمرَ عمَّن يأتي بالوحي من الملائكة فقال جبريل فقال هو عدونا يأتي بالعذاب ولو كان ميكائيل لآمنا لأنه يأتي بالخصب والسلم فنزل :
97. ( قل ) لهم ( من كان عدوا لجبريل ) فليمت غيظا ( فإنه نزله ) أي القرآن ( على قلبك بإذن ) بأمر ( الله مصدقا لما بين يديه ) قبله من الكتب ( وهدى ) من الضلالة ( وبشرى ) بالجنة ( للمؤمنين )
98. ( من كان عدوا لله وملائكته ورسله وجبريل ) بكسر الجيم وفتحها بلا همز وبه بياء ودونها ( وميكال ) عطف على الملائكة من عطف الخاص على العام وفي قراءة ميكائيل بهمزة وياء وفي أخرى بلا ياء ( فإن الله عدو للكافرين ) أوقعه موقع لهم بيانا لحالهم
99. ( ولقد أنزلنا إليك ) يا محمد ( آيات بينات ) أي واضحات حال ، رد لقول ابن صوريا للنبي ما جئتنا بشيء ( وما يكفر بها إلا الفاسقون ) كفروا بها
100. ( أو كلما عاهدوا ) الله ( عهداً ) على الإيمان بالنبي إن خرج ، أو النبي أن لا يعاونوا عليه المشركين ( نبذه ) طرحه ( فريق منهم ) بنقضه ، جواب كلما وهو محل الاستفهام الإنكاري ( بل ) للانتقال ( أكثرهم لا يؤمنون )
101. ( ولما جاءهم رسول من عند الله ) محمد صلى الله عليه وسلم ( مصدق لما معهم نبذ فريق من الذين أوتوا الكتاب كتاب الله ) أي التوراة ( وراء ظهورهم ) أي لم يعملوا بما فيها من الإيمان بالرسول وغيره ( كأنهم لا يعلمون ) ما فيها من أنه نبي حق أو أنها كتاب الله

 
رد: بعض من تفسير الجلاين

102. ( واتبعوا ) عطف على نبذ ( ما تتلوا ) أي تلت ( الشياطين على ) عهد ( مُلْك سليمان ) من السحر وكانت دفنتْه تحت كرسيه لما نزع ملكه أو كانت تسترق السمع وتضم إليه أكاذيب وتلقيه إلى الكهنة فيدوِّنونه وفشا ذلك وشاع أن الجن تعلم الغيب فجمع سليمان الكتب ودفنها فلما مات دلت الشياطين عليها الناس فاستخرجوها فوجدوا فيها السحر فقالوا إنما ملككم بهذا فتعلموه فرفضوا كتب أنبيائهم. قال تعالى تبرئة لسليمان وردَّاً على اليهود في قولهم انظروا إلى محمد يذكر سليمان في الأنبياء وما كان إلا ساحراً : ( وما كفر سليمان ) أي لم يعمل السحر لأنه كفر ( ولكنَّ ) بالتشديد والتخفيف ( الشياطين كفروا يعلمون الناس السحر ) الجملة حال من ضمير كفروا ( و ) يعلمونهم ( ما أنزل على المَلَكين ) أي ألهماه من السحر وقرئ بكسر اللام الكائنين ( ببابل ) بلد في سواد العراق ( هاروت وماروت ) بدل أو عطف بيان للملكين ، قال ابن عباس : هما ساحران كانا يعلمان السحر وقيل ملكان أنزلا لتعليمه ابتلاء من الله للناس ( وما يعلمان من ) زائدة ( أحد حتى يقولا ) له نصحاً ( إنما نحن فتنة ) بلية من الله إلى الناس ليمتحنهم بتعليمه فمن تعلمه كفر ومن تركه فهو مؤمن ( فلا تكفر ) بتعلمه فإن أبى إلا التعلم علماه ( فيتعلمون منهما ما يفرقون به بين المرء وزوجه ) بأن يبغض كلا إلى الآخر ( وما هم ) أي السحرة ( بضارِّين به ) بالسحر ( من ) زائدة ( أحد إلا بإذن الله ) بإرادته ( ويتعلمون ما يضرهم ) في الآخرة ( ولا ينفعهم ) وهو السحر ( ولقد ) لام قسم ( علموا ) أي اليهود ( لمن ) لام ابتداء معلقة لما قبلها ومن موصولة ( اشتراه ) اختاره أو استبدله بكتاب الله ( ما له في الآخرة من خلاق ) نصيب في الجنة ( ولبئس ما ) شيئا ( شروا ) باعوا ( به أنفسهم ) أي الشارين : أي حظها من الآخرة إن تعلموه حيث أوجب لهم النار ( لو كانوا يعلمون ) حقيقة ما يصيرون إليه من العذاب ما تعلموه
103. ( ولو أنهم ) أي اليهود ( آمنوا ) بالنبي والقرآن ( واتَّقَوا ) عقاب الله بترك معاصيه كالسحر ، وجواب لو محذوف: أي لأثيبوا دل عليه ( لمثوبة ) ثواب ، وهو مبتدأ واللام فيه للقسم ( من عند الله خير ) خبره مما شروا به أنفسهم ( لو كانوا يعلمون ) أنه خير لما آثروه عليه
104. ( يا أيها الذين آمنوا لا تقولوا ) للنبي ( راعِنا ) أمر من المراعاة وكانوا يقولون له ذلك وهي بلغة اليهود سب من الرعونة فسروا بذلك وخاطبوا بها النبي فنهى المؤمنون عنها ( وقولوا ) بدلها ( انظرنا ) أي انظر إلينا ( واسمعوا ) ما تؤمرون به سماع قبول ( وللكافرين عذاب أليم ) مؤلم هو النار
105. ( ما يود الذين كفروا من أهل الكتاب ولا المشركين ) من العرب عطف على أهل الكتاب ، ومِن للبيان ( أن ينزل عليكم من ) زائدة ( خير ) وحي ( من ربكم ) حسدا لكم ( والله يختص برحمته ) نبوته ( من يشاء والله ذو الفضل العظيم )

 
الوسوم
الجلالين تفسير
عودة
أعلى