تفسير الجلالين

رد: بعض من تفسير الجلاين

106. ولما طمع الكفار في النسخ وقالوا إن محمدا يأمر أصحابه اليوم بأمر وينهى عنه غدا نزل: ( ما ) شرطية ( نَنَسخ من آية ) نزل حكمها: إما مع لفظها أو لا. وفي قراءة بضم النون من أنسخ: أي نأمرك أو جبريل بنسخها ( أو نَنْسأها ) نؤخرها فلا ننزل حكمها ونرفع تلاوتها أو نؤخرها في اللوح المحفوظ وفي قراءة بلا همز في النسيان { نُنْسِها } : أي ننسكها ، أي نمحها من قلبك وجواب الشرط ( نأت بخير منها ) أنفع للعباد في السهولة أو كثرة الأجر ( أو مثلها ) في التكليف والثواب ( ألم تعلم أن الله على كل شيء قدير ) ومنه النسخ والتبديل ، والاستفهام للتقرير
107. ( ألم تعلم أن الله له ملك السماوات والأرض ) يفعل ما يشاء ( وما لكم من دون الله ) من غيره ( من ) زائدة ( ولي ) يحفظكم ( ولا نصير ) يمنع عذابه إن أتاكم ، ونزل لما سأله أهل مكة أن يوسعها ويجعل الصفا ذهباً
108. ( أم ) بل أ ( تريدون أن تسألوا رسولكم كما سئل موسى ) أي سأله قومه ( من قبل ) من قولهم : أرِنا الله جهرة وغير ذلك ( ومن يتبدل الكفر بالإيمان ) أي يأخذه بدله بترك النظر في الآيات البينات واقتراح غيرها ( فقد ضل سواء السبيل ) أخطأ الطريق الحق والسواء في الأصل الوسط
109. ( ود كثير من أهل الكتاب لو ) مصدرية ( يردونكم من بعد إيمانكم كفارا حسدا ) مفعول له كائناً ( من عند أنفسهم ) أي حملتهم عليه أنفسهم الخبيثة ( من بعد ما تبين لهم ) في التوراة ( الحق ) في شأن النبي ( فاعفوا ) عنهم أي اتركوهم ( واصفحوا ) أعرضوا فلا تجازوهم ( حتى يأتي الله بأمره ) فيهم من القتال ( إن الله على كل شيء قدير )
110. ( وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة وما تقدموا لأنفسكم من خير ) طاعة كصلة وصدقة ( تجدوه ) أي ثوابه ( عند الله إن الله بما تعملون بصير ) فيجازيكم به
111. ( وقالوا لن يدخل الجنة إلا من كان هودا ) جمع هائد ( أو نصارى ) قال ذلك يهود المدينة ونصارى نجران لما تناظروا بين يدي النبي صلى الله عليه وسلم أي قال اليهود لن يدخلها إلا اليهود وقال النصارى لن يدخلها إلا النصارى ( تلك ) القولة ( أمانيهم ) شهواتهم الباطلة ( قل ) لهم ( هاتوا برهانكم ) حججكم على ذلك ( إن كنتم صادقين ) فيه
112. ( بلى ) يدخل الجنة غيرهم ( من أسلم وجهه لله ) أي انقاد لأمره وخص الوجه لأنه أشرف الأعضاء فغيره أولى ( وهو محسن ) موحد ( فله أجره عند ربه ) أي ثواب عمله الجنة ( ولا خوف عليهم ولا هم يحزنون ) في الآخرة

 
رد: بعض من تفسير الجلاين

113. ( وقالت اليهود ليست النصارى على شيء ) مُعْتدٍّ به وكفرت بعيسى ( وقالت النصارى ليست اليهود على شيء ) معتد به وكفرت بموسى ( وهم ) أي الفريقان ( يتلون الكتاب ) المنزل عليهم ، وفي كتاب اليهود تصديق عيسى ، وفي كتاب النصارى تصديق موسى والجملة حال ( كذلك ) كما قال هؤلاء ( قال الذين لا يعلمون ) أي المشركون من العرب وغيرهم ( مثل قولهم ) بيان لمعنى ذلك: أي قالوا لكل ذي دين ليسوا على شيء ( فالله يحكم بينهم يوم القيامة فيما كانوا فيه يختلفون ) من أمر الدين فيُدخِل المحقَّ الجنةَ والمبطل النار
114. ( ومن أظلم ) أي لا أحد أظلم ( ممن منع مساجد الله أن يذكر فيها اسمه ) بالصلاة والتسبيح ( وسعى في خرابها ) بالهدم أو التعطيل ، نزلت إخباراً عن الروم الذين خربوا بيت المقدس أو في المشركين لما صدوا النبي صلى الله عليه وسلم عام الحديبية عن البيت ( أولئك ما كان لهم أن يدخلوها إلا خائفين ) خبر بمعنى الأمر أي أخيفوهم بالجهاد فلا يدخلها أحدٌ آمناً0 ( لهم في الدنيا خزي ) هوان بالقتل والسبي والجزية ( ولهم في الآخرة عذاب عظيم ) هو النار
115. ونزل لما طعن اليهود في نسخ القبلة أو في صلاة النافلة على الراحلة في السفر حيثما توجهت ( ولله المشرق والمغرب ) أي الأرض كلها لأنهما ناحيتاها ( فأين ما تولوا ) وجوهكم في الصلاة بأمره ( فثم ) هناك ( وجه الله ) قبلته التي رضيها ( إن الله واسع ) يسع فضله كل شيء ( عليم ) بتدبير خلقه
116. ( وقالوا ) بواو وبدونها اليهود والنصارى ومن زعم أن الملائكة بنات الله ( اتخذ الله ولداً ) قال تعالى ( سبحانه ) تنزيها له عنه ( بل له ما في السماوات والأرض ) ملكاً وخلقاً وعبيداً والملكية تنافي الولادة وعبر بما تغليباً لما لا يعقل ( كل له قانتون ) مطيعون كل بما يراد منه وفيه تغليب العاقل
117. ( بديع السماوات والأرض ) موجدهم لا على مثال سبق ( وإذا قضى ) أراد ( أمراً ) أي إيجاده ( فإنما يقول له كن فيكون ) أي فهو يكون ، وفي قراءة بالنصب جواباً للأمر
118. ( وقال الذين لا يعلمون ) أي كفار مكة للنبي صلى الله عليه وسلم ( لولا ) هلا ( يكلمنا الله ) أنك رسوله ( أو تأتينا آية ) مما اقترحناه على صدقك ( كذلك ) كما قال هؤلاء ( قال الذين من قبلهم ) من كفار الأمم الماضية لأنبيائهم ( مثل قولهم ) من التعنت وطلب الآيات ( تشابهت قلوبهم ) في الكفر والعناد ، فيه تسلية للنبي صلى الله عليه وسلم ( قد بينا الآيات لقوم يوقنون ) يعلمون أنها آيات فيؤمنون فاقتراحُ آيةٍ معها تعنُّت
119. ( إنا أرسلناك ) يا محمد ( بالحق ) بالهدى ( بشيراً ) من أجاب إليه بالجنة ( ونذيراً ) من لم يجب إليه بالنار ( ولا تُسْأَلُ عن أصحاب الجحيم ) النار ، أي الكفار ما لهم لم يؤمنوا إنما عليك البلاغ ، وفي قراءة بجزم تسألْ نهياً

 
رد: بعض من تفسير الجلاين

120. ( ولن ترضى عنك اليهود ولا النصارى حتى تتبع ملتهم ) دينهم ( قل إن هدى الله ) أي الإسلام ( هو الهدى ) وما عداه ضلال ( ولئن ) لام قسم ( اتبعت أهواءهم ) التي يدعونك إليها فرضاً ( بعد الذي جاءك من العلم ) الوحي من الله ( ما لك من الله من ولي ) يحفظك ( ولا نصير ) يمنعك منه
121. ( الذين آتيناهم الكتاب ) مبتدأ ( يتلونه حق تلاوته ) أي يقرؤونه كما أنزل ، والجملة حال وحقَّ نصبٌ على المصدر والخبر ( أولئك يؤمنون به ) نزلت في جماعة قدموا من الحبشة وأسلموا ( ومن يكفر به ) أي بالكتاب المؤتى بأن يحرفه ( فأولئك هم الخاسرون ) لمصيرهم إلى النار المؤبدة عليهم
122. ( يا بني إسرائيل اذكروا نعمتي التي أنعمت عليكم وأني فضلتكم على العالمين ) تقدم مثله
123. ( واتقوا ) خافوا ( يوما لا تجزي ) تغني ( نفس عن نفس ) فيه ( شيئا ولا يقبل منها عدل ) فداء ( ولا تنفعها شفاعة ولا هم ينصرون ) يمنعون من عذاب الله
124. ( و ) اذكر ( إذ ابتلى ) اختبر ( إبراهيمَ ) وفي قراءة إبراهام ( ربُّه بكلمات ) بأوامر ونواه كلفه بها ، قيل هي مناسك الحج ، وقيل المضمضة والاستنشاق والسواك وقص الشارب وفرق الشعر وقلم الأظفار ونتف الإبط وحلق العانة والختان والاستنجاء ( فأتمهن ) أداهن تامات ( قال ) تعالى له ( إني جاعلك للناس إماما ) قدوة في الدين ( قال ومن ذريتي ) أولادي اجعل أئمة ( قال لا ينال عهديْ ) بالإمامة ( الظالمين ) الكافرين منهم دل على أنه ينال غير الظالم
125. ( وإذ جعلنا البيت ) الكعبة ( مثابة للناس ) مرجعا يثوبون إليه من كل جانب ( وأمنا ) مأمنا لهم من الظلم والإغارات الواقعة في غيره ، كان الرجل يلقى قاتل أبيه فيه فلا يهيجه ( واتخِذوا ) أيها الناس ( من مقام إبراهيم ) هو الحجر الذي قام عليه عند بناء البيت ( مصلَّى ) مكان صلاة بأن تصلوا خلفه ركعتي الطواف ، وفي قراءة بفتح الخاء خبر ( وعهدنا إلى إبراهيم وإسماعيل ) أمرناهما ( أن ) أي بأن ( طهرا بيتي ) من الأوثان ( للطائفين والعاكفين ) المقيمين فيه ( والركع السجود ) جمع راكع وساجد المصلين
126. ( وإذ قال إبراهيم رب اجعل هذا ) المكان ( بلداً آمناً ) ذا أمن ، وقد أجاب الله دعاءه فجعله حرما لا يسفك فيه دم إنسان ولا يظلم فيه أحد ولا يصاد صيده ولا يختلى خلاه ( وارزق أهله من الثمرات ) وقد فعل بنقل الطائف من الشام إليه وكان أقفر لا زرع فيه ولا ماء ( من آمن منهم بالله واليوم الآخر ) بدل من أهله وخصهم بالدعاء لهم موافقة لقوله لا ينال عهدي الظالمين ( قال ) تعالى ( و ) أرزق ( من كفر فأمتِّعه ) بالتشديد والتخفيف في الدنيا بالرزق ( قليلاً ) مدة حياته ( ثم أضطره ) ألجِئه في الآخرة ( إلى عذاب النار ) فلا يجد عنها محيصا ( وبئس المصير ) المرجع هي

 
رد: بعض من تفسير الجلاين

127. ( و ) اذكر ( إذ يرفع إبراهيم القواعد ) الأسس أو الجدر ( من البيت ) يبنيه ، متعلق بيرفع ( وإسماعيل ) عطف على إبراهيم ، يقولان ( ربنا تقبل منا ) بناءنا ( إنك أنت السميع ) للقول ( العليم ) بالفعل
128. ( ربنا واجعلنا مسلمين ) منقادين ( لك و ) اجعل ( من ذريتنا ) أولادنا ( أمة ) جماعة ( مسلمة لك ) ومن للتبعيض ، وأتى به لتقدم قوله لا ينال عهدي الظالمين ( وأرنا ) علمنا ( مناسكنا ) شرائع عبادتنا أو حجنا ( وتب علينا إنك أنت التواب الرحيم ) سألاه التوبة مع عصمتهما تواضعاً وتعليماً لذريتهما
129. ( ربنا وابعث فيهم ) أي أهل البيت ( رسولاً منهم ) من أنفسهم ، وقد أجاب الله دعاءه بمحمد صلى الله عليه وسلم ( يتلو عليهم آياتك ) القرآن ( ويعلمهم الكتاب ) القرآن ( والحكمة ) أي ما فيه من الأحكام ( ويزكيهم ) يطهرهم من الشرك ( إنك أنت العزيز ) الغالب ( الحكيم ) في صنعه
130. ( ومن ) أي لا ( يرغب عن ملة إبراهيم ) فيتركها ( إلا من سفه نفسه ) جهل أنها مخلوقة لله يجب عليها عبادته أو استخف بها وامتهنها ( ولقد اصطفيناه ) اخترناه ( في الدنيا ) بالرسالة والخلة ( وإنه في الآخرة لمن الصالحين ) الذين لهم الدرجات العلى
131. واذكر ( إذ قال له ربه أسلم ) انقد لله وأخلص له دينك ( قال أسلمت لرب العالمين )
132. ( ووصَّى ) وفي قراءة أوصى ( بها ) بالملة ( إبراهيمُ بنيه ويعقوبُ ) بنيه قال: ( يا بني إن الله اصطفى لكم الدين ) دين الإسلام ( فلا تموتن إلا وأنتم مسلمون ) نهى عن ترك الإسلام وأمر بالثبات عليه إلى مصادفة الموت
133. ولما قال اليهود للنبي ألست تعلم أن يعقوب يوم مات أوصى بنيه باليهودية نزل: ( أم كنتم شهداء ) حضورا ( إذ حضر يعقوبَ الموتُ إذ ) بدل من إذ قبله ( قال لبنيه ما تعبدون من بعدي ) بعد موتي ( قالوا نعبد إلهك وإله آبائك إبراهيم وإسماعيل وإسحاق ) عدُّ إسماعيلَ من الآباء تغليب ، ولأن العم بمنزلة الأب ( إلها واحدا ) بدل من إلهك ( ونحن له مسلمون ) وأم بمعنى همزة الإنكار أي لم تحضروه وقت موته فكيف تنسبون إليه ما لا يليق به
134. ( تلك ) مبتدأ والإشارة إلى إبراهيم ويعقوب وبنيهما وأُنِّث لتأنيث خبره ( أمة قد خلت ) سلفت ( لها ما كسبت ) من العمل أي جزاؤه استئناف ( ولكم ) الخطاب لليهود ( ما كسبتم ولا تسألون عما كانوا يعملون ) كما لا يسألون عن عملكم والجملة تأكيد لما قبلها
 
رد: بعض من تفسير الجلاين

135. ( وقالوا كونوا هودا أو نصارى تهتدوا ) أو للتفصيل وقائل الأول يهود المدينة والثاني نصارى نجران ( قل ) لهم ( بل ) نتبع ( ملة إبراهيم حنيفا ) حال من إبراهيم مائلاً عن الأديان كلها إلى الدين القيم ( وما كان من المشركين
136. ( قولوا ) خطاب للمؤمنين ( آمنا بالله وما أنزل إلينا ) من القرآن ( وما أنزل إلى إبراهيم ) من الصحف العشر ( وإسماعيل وإسحاق ويعقوب والأسباط ) أولاده ( وما أوتي موسى ) من التوراة ( وعيسى ) من الإنجيل ( وما أوتي النبيون من ربهم ) من الكتب والآيات ( لا نفرق بين أحد منهم ) فنؤمن ببعض ونكفر ببعض كاليهود والنصارى ( ونحن له مسلمون )
137. ( فإن آمنوا ) أي اليهود والنصارى ( بمثل ) مثل ، والباء زائدة ( ما آمنتم به فقد اهتدوا وإن تولوا ) عن الإيمان به ( فإنما هم في شقاق ) خلاف معكم ( فسيكفيكهم الله ) يا محمد شقاقهم ( وهو السميع ) لأقوالهم ( العليم ) بأحوالهم ، وقد كفاه إياهم بقتل قريظة ونفي النضير وضرب الجزية عليهم
138. ( صبغةَ الله ) مصدر مؤكد لآمنا ونصبه بفعل مقدر ، أي صبغنا الله والمراد بها دينه الذي فطر الناس عليه لظهور أثره على صاحبه كالصبغ في الثوب ( ومن ) أي لا أحد ( أحسن من الله صبغة ) تمييز ( ونحن له عابدون ) قال اليهود للمسلمين: نحن أهل الكتاب الأول وقبلتنا أقدم ولم تكن الأنبياء من العرب ولو كان محمد نبيا لكان منا فنزل:
139. ( قل ) لهم ( أتحاجُّوننا ) تخاصمونا ( في الله ) أن اصطفى نبيا من العرب ( وهو ربنا وربكم ) فله أن يصطفي من يشاء ( ولنا أعمالنا ) نجازى بها ( ولكم أعمالكم ) تجازون بها فلا يبعد أن يكون في أعمالنا ما نستحق به الإكرام ( ونحن له مخلصون ) الدين والعمل دونكم فنحن أولى بالإصطفاء والهمزة للإنكار والجمل الثلاث أحوال
140. ( أم ) بل أ ( تقولون ) بالتاء والياء ( إن إبراهيم وإسماعيل وإسحاق ويعقوب والأسباط كانوا هودا أو نصارى قل ) لهم ( أأنتم أعلم أم الله ) أي الله أعلم ، وقد برأ منها إبراهيم بقوله { ما كان إبراهيم يهوديا ولا نصرانيا } والمذكورون معه تبع له ( ومن أظلم ممن كتم ) أخفى عن الناس ( شهادة عنده ) كائنة ( من الله ) أي لا أحد أظلم منه وهم اليهود كتموا شهادة الله في التوراة لإبراهيم بالحنيفية ( وما الله بغافل عما تعملون ) تهديد لهم
141. ( تلك أمة قد خلت لها ما كسبت ولكم ما كسبتم ولا تسألون عما كانوا يعملون ) تقدم مثله

 
رد: بعض من تفسير الجلاين

142. ( سيقول السفهاء ) الجهال ( من الناس ) اليهود والمشركين ( ما ولاهم ) أيُّ شيء صرف النبي صلى الله عليه وسلم والمؤمنين ( عن قبلتهم التي كانوا عليها ) على استقبالها في الصلاة وهي بيت المقدس ، والإتيان بالسين الدالة على الاستقبال من الإخبار بالغيب ( قل لله المشرق والمغرب ) أي الجهات كلها فيأمر بالتوجه إلى أي جهة شاء لا اعتراض عليه ( يهدي من يشاء ) هدايته ( إلى صراط ) طريق ( مستقيم ) دين الإسلام أي ومنهم أنتم دل على هذا:
143. ( وكذلك ) كما هديناكم إليه ( جعلناكم ) يا أمة محمد ( أمة وسطا ) خياراً عدولاً ( لتكونوا شهداء على الناس ) يوم القيامة أن رسلهم بلغتهم ( ويكون الرسول عليكم شهيدا ) أنه بلغكم ( وما جعلنا ) صيرنا ( القبلة ) لك الآن الجهة ( التي كنت عليها ) أولا وهي الكعبة وكان صلى الله عليه وسلم يصلي إليها فلما هاجر أمر باستقبال بيت المقدس تألفا لليهود فصلى إليه ستة أو سبعة عشر شهرا ثم حول ( إلا لنعلم ) علم ظهور ( من يتبع الرسول ) فيصدقه ( ممن ينقلب على عقبيه ) أي يرجع إلى الكفر شكا في الدين وظنا أن النبي صلى الله عليه وسلم في حيرة من أمره وقد ارتد لذلك جماعة ( وإن ) مخففة من الثقيلة واسمها محذوف أي: وإنها ( كانت ) أي التولية إليها ( لكبيرة ) شاقة على الناس ( إلا على الذين هدى الله ) منهم ( وما كان الله ليضيع إيمانكم ) أي صلاتكم إلى بيت المقدس بل يثيبكم عليه لأن سبب نزولها السؤال عمن مات قبل التحويل ( إن الله بالناس ) المؤمنين ( لرؤوف رحيم ) في عدم إضاعة أعمالهم ، والرأفة شدة الرحمة وقدم الأبلغ للفاصلة
144. ( قد ) للتحقيق ( نرى تقلب ) تصرف ( وجهك في ) جهة ( السماء ) متطلعاً إلى الوحي ومتشوقا للأمر باستقبال الكعبة وكان يود ذلك لأنها قبلة إبراهيم ولأنه أدعى إلى إسلام العرب ( فلنولينك ) نحولنك ( قبلة ترضاها ) تحبها ( فول وجهك ) استقبل في الصلاة ( شطر ) نحو ( المسجد الحرام ) أي الكعبة ( وحيث ما كنتم ) خطاب للأمة ( فولوا وجوهكم ) في الصلاة ( شطره وإن الذين أوتوا الكتاب ليعلمون أنه ) أي التولي إلى الكعبة ( الحق ) الثابت ( من ربهم ) لما في كتبهم من نعت النبي صلى الله عليه وسلم من أنه يتحول إليها ( وما الله بغافل عما تعملون ) بالتاء أيها المؤمنون من امتثال أمره وبالياء أي اليهود من إنكار أمر القبلة
145. ( ولئن ) لام القسم ( أتيت الذين أوتوا الكتاب بكل آية ) على صدقك في أمر القبلة ( ما تبعوا ) أي لا يتبعون ( قبلتك ) عناداً ( وما أنت بتابع قبلتهم ) قطع لطمعه في إسلامهم وطمعهم في عوده إليها ( وما بعضهم بتابع قبلة بعض ) أي اليهود قبلة النصارى وبالعكس ( ولئن اتبعت أهواءهم ) التي يدعونك إليها ( من بعد ما جاءك من العلم ) الوحي ( إنك إذا ) إن اتبعتهم فرضا ( لمن الظالمين )

 
رد: بعض من تفسير الجلاين

146. ( الذين آتيناهم الكتاب يعرفونه ) أي محمدا ( كما يعرفون أبناءهم ) بنعته في كتبهم قال ابن سلام: لقد عرفته حين رأيته كما أعرف ابني ومعرفتي لمحمد أشد ( وإن فريقا منهم ليكتمون الحق ) نعته ( وهم يعلمون ) هذا الذي أنت عليه
147. ( الحقُّ ) كائن ( من ربك فلا تكونن من الممتَرين ) الشاكين فيه أي من هذا النوع فهو أبلغ من لا تمتر
148. ( ولكل ) من الأمم ( وجهة ) قبلة ( هو مولِّيها ) وجهه في صلاته ، وفي قراءة مُوَلاها ( فاستبقوا الخيرات ) بادروا إلى الطاعات وقبولها ( أينما تكونوا يأت بكم الله جميعا إن ) يجمعكم يوم القيامة فيجازيكم بأعمالكم ( إن الله على كل شيء قدير )
149. ( ومن حيث خرجت ) لسفر ( فول وجهك شطر المسجد الحرام وإنه للحق من ربك وما الله بغافل عما تعملون ) بالتاء والياء تقدم مثله ، وكرره لبيان تساوي حكم السفر وغيره
150. ( ومن حيث خرجت فول وجهك شطر المسجد الحرام وحيث ما كنتم فولوا وجوهكم شطره ) كرره للتأكيد ( لئلا يكون للناس ) اليهود أو المشركين ( عليكم حجة ) أي مجادلة في التولي إلى غيره لتنتفي مجادلتهم لكم من قول اليهود يجحد ديننا ويتبع قبلتنا ، وقول المشركين يدَّعي ملة إبراهيم ويخالف قبلته ( إلا الذين ظلموا منهم ) بالعناد فإنهم يقولون ما تحول إليها إلا ميلا إلى دين آبائه والاستثناء متصل والمعنى: لا يكون لأحد عليكم كلام إلا كلام هؤلاء ( فلا تخشوهم ) تخافوا جدالهم في التولي إليها ( واخشوني ) بامتثال أمري ( ولأتم ) عطف على لئلا يكون ( نعمتي عليكم ) بالهداية إلى معالم دينكم ( ولعلكم تهتدون ) إلى الحق
151. ( كما أرسلنا ) متعلق بأتم أي إتماما كإتمامها بإرسالنا ( فيكم رسولا منكم ) محمدا صلى الله عليه وسلم ( يتلو عليكم آياتنا ) القرآن ( ويزكيكم ) يطهركم من الشرك ( ويعلمكم الكتاب ) القرآن ( والحكمة ) ما فيه من الأحكام ( ويعلمكم ما لم تكونوا تعلمون )
152. ( فاذكروني ) بالصلاة والتسبيح ونحوه ( أذكركم ) قيل معناه أجازيكم ، وفي الحديث عن الله « من ذكرني في نفسه ذكرته في نفسي ومن ذكرني في ملأ ذكرته في ملأ خيرٍ من ملئه » ( واشكروا لي ) نعمتي بالطاعة ( ولا تكفرون ) بالمعصية
153. ( يا أيها الذين آمنوا استعينوا ) على الآخرة ( بالصبر ) على الطاعة والبلاء ( والصلاة ) خصها بالذكر لتكررها وعظمها ( إن الله مع الصابرين ) بالعون

 
رد: بعض من تفسير الجلاين

154. ( ولا تقولوا لمن يقتل في سبيل الله ) هم ( أموات بل ) هم ( أحياء ) أرواحهم في حواصل طيور خضر تسرح في الجنة حيث شاءت لحديث بذلك ( ولكن لا تشعرون ) تعلمون ما هم فيه
155. ( ولنبلونكم بشيء من الخوف ) للعدو ( والجوع ) القحط ( ونقص من الأموال ) بالهلاك ( والأنفس ) بالقتل والموت والأمراض ( والثمرات ) بالجوائح ، أي لنختبرنكم فننظر أتصبرون أم لا ( وبشر الصابرين ) على البلاء بالجنة
156. وهم ( الذين إذا أصابتهم مصيبة ) بلاء ( قالوا إنا لله ) ملكا وعبيدا يفعل بنا ما يشاء ( وإنا إليه راجعون ) في الآخرة فيجازينا ، وفي الحديث « من استرجع عند المصيبة آجره الله فيها وأخلف الله عليه خيرا » وفيه أن مصباح النبي صلى الله عليه وسلم طفئ فاسترجع فقالت عائشة: إنما هذا مصباح فقال: « كل ما أساء المؤمن فهو مصيبة » رواه أبو داود في مراسيله
157. ( أولئك عليهم صلوات ) مغفرة ( من ربهم ورحمة ) نعمة ( وأولئك هم المهتدون ) إلى الصواب
158. ( إن الصفا والمروة ) جبلان بمكة ( من شعائر الله ) أعلام دينه جمع شعيرة ( فمن حج البيت أو اعتمر ) أي تلبس بالحج أو العمرة ، وأصلهما القصد والزيارة ( فلا جناح عليه ) إثم عليه ( أن يطَّوف ) فيه إدغام التاء في الأصل في الطاء ( بهما ) بأن يسعى بينهما سبعا ، نزلت لما كره المسلمون ذلك لأن أهل الجاهلية كانوا يطوفون بهما وعليهما صنمان يمسحونهما ، وعن ابن عباس أن السعي غير فرض لما أفاده رفع الإثم من التخيير وقال الشافعي وغيره ركن ، وبين صلى الله عليه وسلم فريضته بقوله « إن الله كتب عليكم السعي » رواه البيهقي وغيره وقال « ابدؤوا بما بدأ الله به » يعني الصفا. رواه مسلم ( ومن تطوع ) وفي قراءة بالتحتية وتشديد الطاء مجزوما وفيه إدغام التاء فيها { يطَّوعْ } ( خيرا ) أي بخير ، أي عمل ما لم يجب عليه من طواف وغيره ( فإن الله شاكر ) لعمله بالإثابة عليه ( عليم ) به
159. ونزل في اليهود: ( إن الذين يكتمون ) الناس ( ما أنزلنا من البينات والهدى ) كآية الرجم ونعت محمد صلى الله عليه وسلم ( من بعد ما بيناه للناس في الكتاب ) التوراة ( أولئك يلعنهم الله ) يبعدهم من رحمته ( ويلعنهم اللاعنون ) الملائكة والمؤمنون أو كل شيء بالدعاء عليهم باللعنة
160. ( إلا الذين تابوا ) رجعوا عن ذلك ( وأصلحوا ) عملهم ( وبينوا ) ما كتموا ( فأولئك أتوب عليهم ) أقبل توبتهم ( وأنا التواب الرحيم ) بالمؤمنين
161. ( إن الذين كفروا وماتوا وهم كفار ) حال ( أولئك عليهم لعنة الله والملائكة والناس أجمعين ) أي هم مستحقون ذلك في الدنيا والآخرة. والناس قيل: عام. وقيل: المؤمنون
162. ( خالدين فيها ) أي اللعنة والنار المدلول بها عليها ( لا يخفف عنهم العذاب ) طرفة عين ( ولا هم ينظرون ) يمهلون لتوبة أو لمعذرة
163. ونزل لما قالوا صف لنا ربك: ( وإلهكم ) المستحق للعبادة منكم ( إله واحد ) لا نظير له في ذاته ولا في صفاته ( لا إله إلا هو ) هو ( الرحمن الرحيم ) وطلبوا آية على ذلك فنزل:

 
رد: بعض من تفسير الجلاين

164. ( إن في خلق السماوات والأرض ) وما فيهما من العجائب ( واختلاف الليل والنهار ) بالذهاب والمجيء والزيادة والنقصان ( والفلك ) السفن ( التي تجري في البحر ) ولا ترسب موقرة ( بما ينفع الناس ) من التجارات والحمل ( وما أنزل الله من السماء من ماء ) مطر ( فأحيا به الأرض ) بالنبات ( بعد موتها ) يبسها ( وبث ) فرق ونشر به ( فيها من كل دابة ) لأنهم ينمون بالخصب الكائن عنه ( وتصريف الرياح ) تقليبها جنوبا وشمالا حارة وباردة ( والسحاب ) الغيم ( المسخر ) المذلل بأمر الله تعالى يسير إلى حيث شاء الله ( بين السماء والأرض ) بلا علاقة ( لآيات ) دالات على وحدانيته تعالى ( لقوم يعقلون ) يتدبرون
165. ( ومن الناس من يتخذ من دون الله ) أي غيره ( أندادا ) أصناما ( يحبونهم ) بالتعظيم والخضوع ( كحب الله ) أي كحبهم له ( والذين آمنوا أشدُّ حبا لله ) من حبهم للأنداد لأنهم لا يعدلون عنه بحال ما ، والكفار يعدلون في الشدة إلى الله. ( ولو ترى ) تبصر يا محمد ( الذين ظلموا ) باتخاذ الأنداد ( إذ يرون ) بالبناء للفاعل والمفعول يبصرون ( العذاب ) لرأيت أمرا عظيما وإذ بمعنى إذا ( أن ) أي لأن ( القوة ) القدرة والغلبة ( لله جميعا ) حال ( وأن الله شديد العذاب ) وفي قراءة { يرى } والفاعل ضمير السامع ، وقيل الذين ظلموا فهي بمعنى يعلم وأن وما بعدها سدت مسد المفعولين وجواب لو محذوف والمعنى لو علموا في الدنيا شدة عذاب الله وأن القدرة لله وحده وقت معاينتهم له وهو يوم القيامة لما اتخذوا من دونه أندادا
166. ( إذ ) بدل من إذ قبله ( تبرأ الذين اتُّبِعوا ) أي الرؤساء ( من الذين اتَّبَعوا ) أي أنكروا إضلالهم وقد ( و ) قد ( رأَوا العذاب وتقطعت ) عطف على تبرأ ( بهم ) عنهم ( الأسباب ) الوصل التي كانت بينهم في الدنيا من الأرحام والمودة
167. ( وقال الذين اتَّبعوا لو أن لنا كرة ) رجعة إلى الدنيا ( فنتبرأ منهم ) أي المتبوعين ( كما تبرؤوا منا ) اليوم ولو للتمني ونتبرأ جوابه ( كذلك ) أي كما أراهم شدة عذابه وتبرأ بعضهم من بعض ( يريهم الله أعمالهم ) السيئة ( حسرات ) حال ندامات ( عليهم وما هم بخارجين من النار ) بعد دخولها
168. ونزل فيمن حرم السوائب ونحوها: ( يا أيها الناس كلوا مما في الأرض حلالاً ) حال ( طيباً ) صفة مؤكدة أي مستلذاً ( ولا تتبعوا خطوات ) طرق ( الشيطان ) أي تزيينه ( إنه لكم عدو مبين ) بين العداوة
169. ( إنما يأمركم بالسوء ) الإثم ( والفحشاء ) القبيح شرعا ( وأن تقولوا على الله ما لا تعلمون ) من تحريم ما لم يحرم وغيره
 
رد: بعض من تفسير الجلاين

170. ( وإذا قيل لهم ) أي الكفار ( اتبعوا ما أنزل الله ) من التوحيد وتحليل الطيبات ( قالوا ) لا ( بل نتبع ما ألفينا ) وجدنا ( عليه آباءنا ) من عبادة الأصنام وتحريم السوائب والبحائر. قال تعالى: ( أ ) يتبعونهم ( ولو كان آباؤهم لا يعقلون شيئا ) من أمر الدين ( ولا يهتدون ) إلى الحق والهمزة للإنكار
171. ( ومثل ) صفة ( الذين كفروا ) ومن يدعوهم إلى الهدى ( كمثل الذي ينعق ) يصوت ( بما لا يسمع إلا دعاء ونداء ) أي صوتا ولا يفهم معناه أي في سماع الموعظة وعدم تدبرها كالبهائم تسمع صوت راعيها ولا تفهمه ، هم ( صم بكم عمي فهم لا يعقلون ) الموعظة
172. ( يا أيها الذين آمنوا كلوا من طيبات ) حلالات ( ما رزقناكم واشكروا لله ) على ما أحل لكم ( إن كنتم إياه تعبدون
173. ( إنما حَرَّم عليكم الميتة ) أي أكلها إذ الكلام فيه وكذا ما بعدها وهي ما لم يذك شرعا ، وألحق بها بالسنة ما أبين من حي وخص منها السمك والجراد ( والدم ) أي المسفوح كما في الأنعام ( ولحم الخنزير ) خص اللحم لأنه معظم المقصود وغيره تبع له ( وما أهل به لغير الله ) أي ذبح على اسم غيره والإهلال رفع الصوت وكانوا يرفعونه عند الذبح لآلهتهم ( فمن اضطر ) أي ألجأته الضرورة إلى أكل شيء مما ذكر فأكله ( غير باغ ) خارج على المسلمين ( ولا عاد ) متعد عليهم بقطع الطريق ( فلا إثم عليه ) في أكله ( إن الله غفور ) لأوليائه ( رحيم ) بأهل طاعته حيث وسع لهم في ذلك ، وخرج الباغي والعادي ويلحق بهما كل عاص بسفره كالآبق والمكَّاس فلا يحل لهم أكل شيء من ذلك ما لم يتوبوا وعليه الشافعي
174. ( إن الذين يكتمون ما أنزل الله من الكتاب ) المشتمل على نعت محمد صلى الله عليه وسلم وهم اليهود ( ويشترون به ثمنا قليلا ) من الدنيا يأخذونه بدله من سفلتهم فلا يظهرونه خوف فوته عليهم ( أولئك ما يأكلون في بطونهم إلا النار ) لأنها مآلهم ( ولا يكلمهم الله يوم القيامة ) غضبا عليهم ( ولا يزكيهم ) يطهرهم من دنس الذنوب ( ولهم عذاب أليم ) مؤلم هو النار
175. ( أولئك الذين اشترَوا الضلالة بالهدى ) أخذوها بدله في الدنيا ( والعذاب بالمغفرة ) المعدة لهم في الآخرة لو لم يكتموا ( فما أصبرهم على النار ) أي ما أشد صبرهم ، وهو تعجيب للمؤمنين من ارتكابهم موجباتهم من غير مبالاة وإلا فأيُّ صبرٍ لهم
176. ( ذلك ) الذي ذكر من أكلهم النار وما بعده ( بأن ) بسبب أن ( الله نزل الكتاب بالحق ) متعلق بنزل فاختلفوا فيه حيث آمنوا ببعضه وكفروا ببعضه بكتمه ( وإن الذين اختلفوا في الكتاب ) بذلك وهم اليهود وقيل المشركون في القرآن حيث قال بعضهم شعر وبعضهم سحر وبعضهم كهانة ( لفي شقاق ) خلاف ( بعيد ) عن الحق
 
رد: بعض من تفسير الجلاين

177. ( ليس البرَّ أن تولوا وجوهكم ) في الصلاة ( قبل المشرق والمغرب ) نزل رداً على اليهود والنصارى حيث زعموا ذلك ( ولكن البرَّ ) أي ذا البر وقرئ بفتح الباء أي البار ( من آمن بالله واليوم الآخر والملائكة والكتاب ) أي الكتب ( والنبيين وآتى المال على ) مع ( حبه ) له ( ذوي القربى ) القرابة ( واليتامى والمساكين وابن السبيل ) المسافر ( والسائلين ) الطالبين ( وفي ) فك ( الرقاب ) المكاتبين والأسرى ( وأقام الصلاة وآتى الزكاة ) المفروضة وما قبله في التطوع ( والموفون بعهدهم إذا عاهدوا ) الله أو الناس ( والصابرين ) نصب على المدح ( في البأساء ) شدة الفقر ( والضراء ) المرض ( وحين البأس ) وقت شدة القتال في سبيل الله ( أولئك ) الموصوفون بما ذكر ( الذين صدقوا ) في إيمانهم أو ادعاء البر ( وأولئك هم المتقون ) الله
178. ( يا أيها الذين آمنوا كتب ) فرض ( عليكم القصاص ) المماثلة ( في القتلى ) وصفاً وفعلاً ( الحُرُّ ) يقتل ( بالحر ) ولا يقتل بالعبد ( والعبد بالعبد والأنثى بالأنثى ) وبينت السنة أن الذكر يقتل بها وأنه تعتبر المماثلة في الدين فلا يُقتَل مسلمٌ ولو عبدا بكافر ولو حرا ( فمن عفي له ) من القاتلين ( من ) دم ( أخيه ) المقتول ( شيء ) بأن ترك القصاص منه ، وتنكير شيء يفيد سقوط القصاص بالعفو عن بعضه ومن بعض الورثة ، وفي ذكر أخيه تعطف داع إلى العفو وإيذان بأن القتل لا يقطع أخوة الإيمان ومن مبتدأ شرطية أو موصولة والخبر ( فاتباع ) أي فعلى العافي اتباع للقاتل ( بالمعروف ) بأن يطالبه بالدية بلا عنف ، وترتيب الاتباع على العفو يفيد أن الواجب أحدهما وهو أحد قولي الشافعي والثاني الواجب القصاص والدية بدل عنه فلو عفا ولم يسمها فلا شيء ورجح ( و ) على القاتل ( أداء ) الدية ( إليه ) أي العافي وهو الوارث ( بإحسان ) بلا مطل ولا نجس ( ذلك ) الحكم المذكور من جواز القصاص والعفو عنه على الدية ( تخفيف ) تسهيل ( من ربكم ) عليكم ( ورحمة ) بكم حيث وسع في ذلك ولم يحتم واحدا منهما كما حتم على اليهود القصاص وعلى النصارى الدية ( فمن اعتدى ) ظلم القاتل بأن قتله ( بعد ذلك ) أي العفو ( فله عذاب أليم ) مؤلم في الآخرة بالنار أو في الدنيا بالقتل
179. ( ولكم في القصاص حياة ) أي بقاء عظيم ( يا أولي الألباب ) ذوي العقول لأن القاتل إذا علم أنه يقتل ارتدع فأحيا نفسه ومن أراد قتله فشرع ( لعلكم تتقون ) القتل مخافة القود
180. ( كُتب ) فرض ( عليكم إذا حضر أحدَكم الموتُ ) أي أسبابه ( إن ترك خيراً ) مالا ( الوصيَّة ) مرفوع بكتب ومتعلق بإذا إن كانت ظرفية ودال على جوابها إن كانت شرطية وجواب إن أي فليوص ( للوالدين والأقربين بالمعروف ) بالعدل بأن لا يزيد على الثلث ولا يفضل الغني ( حقاً ) مصدر مؤكد لمضمون الجملة قبله ( على المتقين ) الله. وهذا منسوخ بآية الميراث وبحديث: « لا وصية لوارث » رواه الترمذي
181. ( فمن بدّله ) أي الإيصاء من شاهد ووصي ( بعد ما سمعه ) علمه ( فإنما إثمه ) أي الإيصاء المبدل ( على الذين يبدلونه ) فيه إقامة الظاهر مقام المضمر ( إن الله سميع ) لقول الموصي ( عليم ) بفعل الوصي فمجاز عليه

 
رد: بعض من تفسير الجلاين

182. ( فمن خاف من مُوصٍ ) مخففا ومثقلا ( جَنَفا ) ميلا عن الحق خطأ ( أو إثما ) بأن تعمد ذلك بالزيادة على الثلث أو تخصيص غني مثلا ( فأصلح بينهم ) بين الموصي والموصى له بالأمر بالعدل ( فلا إثم عليه ) في ذلك ( إن الله غفور رحيم )
183. ( يا أيها الذين آمنوا كُتب ) فرض ( عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم ) من الأمم ( لعلكم تتقون ) المعاصي فإنه يكسر الشهوة التي هي مبدؤها
184. ( أياماً ) نصب بالصيام أو يصوموا مقدرا ( معدودات ) أي قلائل أو مؤقتات بعدد معلوم وهي رمضان كما سيأتي ، وقلّله تسهيلا على المكلفين ( فمن كان منكم ) حين شهوده ( مريضاً أو على سفر ) أي مسافر سفر القصر وأجهده الصوم في الحالين فأفطر ( فعدة ) فعليه عدة ما أفطر ( من أيام أخر ) يصومها بدله يصومها بدله ( وعلى الذين ) لا ( يطيقونه ) لكبر أو مرض لا يرجى بُرْؤه ( فدية ) هي ( طعام مسكين ) أي قدر ما يأكله في يومه وهو مُدٌّ من غالب قوت البلد لكل يوم ، وفي قراءة بإضافة فدية وهي للبيان وقيل لا غير مقدرة وكانوا مخيرين في صدر الإسلام بين الصوم والفدية ثم نسخ بتعيين الصوم بقوله من شهد منكم الشهر فليصمه ، قال ابن عباس: إلا الحامل والمرضع إذا أفطرتا خوفا على الولد فإنها باقية بلا نسخ في حقهما ( فمن تطوع خيرا ) بالزيادة على القدر المذكور في الفدية ( فهو ) أي التطوع ( خير له ، وأن تصوموا ) مبتدأ خبره ( خير لكم ) من الإفطار والفدية ( إن كنتم تعلمون ) أنه خير لكم فافعلوه
185. تلك الأيام ( شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن ) من اللوح المحفوظ إلى السماء الدنيا في ليلة القدر ، منه ( هدى ) حال هاديا من الضلالة ( للناس وبينات ) آيات واضحات ( من الهدى ) مما يهدي إلى الحق من الأحكام ( و ) من ( الفرقان ) بما يفرق بين الحق والباطل ( فمن شهد ) حضر ( منكم الشهر فليصمه ومن كان مريضا أو على سفر فعدة من أيام أخر ) تقدم مثله وكرر لئلا يتوهم نسخه بتعميم من شهد ( يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر ) ولذا أباح لكم الفطر في المرض والسفر ولكون ذلك في معنى العلة أيضا للأمر بالصوم عطف عليه ( ولتكْمِلوا ) بالتخفيف والتشديد ( العدة ) أي عدة صوم رمضان ( ولتكبروا الله ) عند إكمالها ( على ما هداكم ) أرشدكم لمعالم دينه ( ولعلكم تشكرون ) الله على ذلك
186. وسأل جماعة النبي صلى الله عليه وسلم: أقريب ربنا فنناجيه أم بعيد فنناديه ، فنزل: ( وإذا سألك عبادي عني فإني قريب ) منهم بعلمي فأخبرهم بذلك ( أجيب دعوة الداع إذا دعان ) بإنالته ما سأل ( فليستجيبوا لي ) دعائي بالطاعة ( وليؤمنوا ) يداوموا على الإيمان ( بي لعلهم يرشدون ) يهتدون

 
رد: بعض من تفسير الجلاين

187. ( أحل لكم ليلة الصيام الرفث ) بمعنى الإفضاء ( إلى نسائكم ) بالجماع ، نزل نسخا لما كان في صدر الإسلام على تحريمه وتحريم الأكل والشرب بعد العشاء ( هن لباس لكم وأنتم لباس لهن ) كناية عن تعانقهما أو احتياج كل منهما إلى صاحبه ( علم الله أنكم كنتم تختانون ) تخونون ( أنفسكم ) بالجماع ليلة الصيام ، وقع ذلك لعمر وغيره واعتذروا إلى النبي صلى الله عليه وسلم ( فتاب عليكم ) قبل توبتكم ( وعفا عنكم فالآن ) إذ أحل لكم ( باشروهن ) جامعوهن. ( وابتغوا ) اطلبوا ( ما كتب الله لكم ) أي أباحه من الجماع أو قدَّره من الولد ( وكلوا واشربوا ) الليل كله ( حتى يتبين ) يظهر ( لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر ) أي الصادق بيان للخيط الأبيض وبيان الأسود محذوف أي من الليل شبه ما يبدو من البياض وما يمتد معه من الغبش بخيطين أبيض وأسود في الامتداد ( ثم أتموا الصيام ) من الفجر ( إلى الليل ) أي إلى دخوله بغروب الشمس ( ولا تباشروهن ) أي نساءكم ( وأنتم عاكفون ) مقيمون بنية الاعتكاف ( في المساجد ) متعلق بعاكفون ، نهي لمن كان يخرج وهو معتكف فيجامع امرأته ويعود ( تلك ) الأحكام المذكورة ( حدود الله ) حدها لعباده ليقفوا عندها ( فلا تقربوها ) أبلغ من لا تعتدوها المعبر به في آية أخرى ( كذلك ) كما بين لكم ما ذكر ( يبين الله آياته للناس لعلهم يتقون ) محارمه
188. ( ولا تأكلوا أموالكم بينكم ) أي يأكل بعضكم مال بعض ( بالباطل ) الحرام شرعا كالسرقة والغصب ولا ( و ) لا ( تدلوا ) تلقوا ( بها ) أي بحكومتها أو بالأموال رشوة ( إلى الحكام لتأكلوا ) بالتحاكم ( فريقا ) طائفة ( من أموال الناس ) متلبسين ( بالإثم وأنتم تعلمون ) أنكم مبطلون
189. ( يسألونك ) يا محمد ( عن الأهلة ) جمع هلال ، لم تبدو دقيقة ثم تزيد حتى تمتلئ نورا ثم تعود كما بدت ولا تكون على حالة واحدة كالشمس ( قل ) لهم ( هي مواقيت ) جمع ميقات ( للناس ) يعلمون بها أوقات زرعهم ومتاجرهم وعدد نسائهم وصيامهم وإفطارهم ( والحج ) عطف على الناس أي يعلم بها وقته فلو استمرت على حالة لم يعرف ذلك ( وليس البر بأن تأتوا البيوت من ظهورها ) في الإحرام بأن تنقبوا فيها نقبا تدخلون منه وتخرجون وتتركوا الباب وكانوا يفعلون ذلك ويزعمونه برا ( ولكن البر ) أي ذا البر ( من اتقى ) الله بترك مخالفته ( وأتوا البيوت من أبوابها ) في الإحرام ( واتقوا الله لعلكم تفلحون ) تفوزون
190. ولما صُدَّ صلى الله عليه وسلم عن البيت عام الحديبية وصالح الكفار على أن يعود العام القابل ويخلوا له مكة ثلاثة أيام وتجهز لعمرة القضاء وخافوا أن لا تفي قريش ويقاتلوهم وكره المسلمون قتالهم في الحرم والإحرام والشهر الحرام نزل ( وقاتلوا في سبيل الله ) أي لإعلاء دينه ( الذين يقاتلونكم ) الكفار ( ولا تعتدوا ) عليهم بالابتداء بالقتال ( إن الله لا يحب المعتدين ) المتجاوزين ما حد لهم ، وهذا منسوخ بآية براءة أوبقوله:

 
رد: بعض من تفسير الجلاين

191. ( واقتلوهم حيث ثقفتموهم ) وجدتموهم ( وأخرجوهم من حيث أخرجوكم ) أي من مكة وقد فعل بهم ذلك عام الفتح ( والفتنة ) الشرك منهم ( أشد ) أعظم ( من القتل ) لهم في الحرم أو الإحرام الذي استعظمتموه ( ولا تقاتلوهم عند المسجد الحرام ) أي في الحرم ( حتى يقاتلوكم فيه فإن قاتلوكم ) فيه ( فاقتلوهم ) فيه ، وفي قراءة بلا ألف في الأفعال الثلاثة ( كذلك ) القتل والإخراج ( جزاء الكافرين )
192. ( فإن انتهوا ) عن الكفر وأسلموا ( فإن الله غفور ) لهم ( رحيم ) بهم
193. ( وقاتلوهم حتى لا تكون ) توجد ( فتنة ) شرك ( ويكون الدين ) العبادة ( لله ) وحده لا يعبد سواه ( فإن انتهوا ) عن الشرك فلا تعتدوا عليهم دل على هذا ( فلا عدوان ) اعتداء بقتل أو غيره ( إلا على الظالمين ) ومن انتهى فليس بظالم فلا عدوان عليه
194. ( الشهر الحرام ) المحرم مقابل ( بالشهر الحرام ) فكما قاتلوكم فيه فاقتلوهم في مثله رد لاستعظام المسلمين ذلك ( والحُرُمات ) جمع حُرمة ما يجب احترامه ( قصاص ) أي يقتص بمثلها إذا انتكهت ( فمن اعتدى عليكم ) بالقتال في الحرم أو الإحرام أو الشهر الحرام ( فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدى عليكم ) سمى مقابلته اعتداء لشبهها بالمقابل به في الصورة ( واتقوا الله ) في الانتصار وترك الاعتداء ( واعلموا أن الله مع المتقين ) بالعون والنصر
195. ( وأنفقوا في سبيل الله ) طاعته بالجهاد وغيره ( ولا تلقوا بأيديكم ) أي أنفسكم والباء زائدة ( إلى التهلكة ) الهلاك بالإمساك عن النفقة في الجهاد أو تركه لأنه يقوي العدو عليكم ( وأحسنوا ) بالنفقة وغيرها ( إن الله يحب المحسنين ) أي يثيبهم
196. ( وأتموا الحج والعمرة لله ) أدوهما بحقوقهما ( فإن أُحصِرتم ) منعتم عن إتمامها بعدو ( فما استيسر ) تيسر ( من الهدي ) عليكم وهو شاة ( ولا تحلقوا رؤوسكم ) أي لا تتحللوا ( حتى يبلغ الهدي ) المذكور ( محله ) حيث يحل ذبحه وهو مكان الإحصار عند الشافعي فيذبح فيه بنية التحلل ويُفَرَّق على مساكينه ويحلق وبه يحصل التحلل ( فمن كان منكم مريضاً أو به أذىً من رأسه ) كقمل وصداع فحلق في الإحرام ( ففدية ) عليه ( من صيام ) الثلاثة أيام ( أو صدقة ) بثلاثة آصع من غالب قوت البلد على ستة مساكين ( أو نسك ) أي ذبح شاة وأو للتخيير وألحق به من حلق لغير عذر لأنه أولى بالكفارة ، وكذا من استمتع بغير الخلق كالطيب واللبس والدهن لعذر أو غيره ( فإذا أمنتم ) العدو بأن ذهب أو لم يكن ( فمن تمتع ) استمتع ( بالعمرة ) أي بسبب فراغه منها بمحظورات الإحرام ( إلى الحج ) أي إلى الإحرام به بأن يكون أحرم بها في أشهره ( فما استيسر ) تيسر ( من الهدي ) عليه وهو شاة يذبحها بعد الإحرام به والأفضل يوم النحر ( فمن لم يجد ) الهدي لفقده أو فقد ثمنه ( فصيام ) أي فعليه صيام ( ثلاثة أيام في الحج ) أي في حال الإحرام به فيجب حينئذ أن يحرم قبل السابع من ذي الحجة والأفضل قبل السادس لكراهة صوم يوم عرفة ولا يجوز صومها أيام التشريق على أصح قولي الشافعي ( وسبعة إذا رجعتم ) إلى وطنكم مكة أو غيرها وقيل إذا فرغتم من أعمال الحج وفيه التفات عن الغيبة ( تلك عشَرَة كاملة ) جملة تأكيد لما قبلها. ( ذلك ) الحكم المذكور من وجوب الهدي أو الصيام على من تمتع ( لمن لم يكن أهله حاضري المسجد الحرام ) بأن لم يكونوا على دون مرحلتين من الحرم عند الشافعي فإن كان فلا دمَ عليه ولا صيام وإن تمتع. وفي ذكر الأهل إشعار باشتراط الاستيطان ، فلو أقام قبل أشهر الحج ولم يستوطن أو تمتع فعليه ذلك وهو أحد وجهين عند الشافعي والثاني لا ، والأهل كناية عن النفس وألحق بالمتمتع فيما ذكر بالسنة القارن وهو من أحرم بالعمرة والحج معا أو يدخل الحج عليها قبل الطواف ( واتقوا الله ) فيما يأمركم به وينهاكم عنه ( واعلموا أن الله شديد العقاب ) لمن خالفه
 
رد: بعض من تفسير الجلاين

197. ( الحج ) وقته ( أشهر معلومات ) شوال وذو القعدة وعشر ليال من ذي الحجة وقيل كله ( فمن فرض ) على نفسه ( فيهن الحج ) بالإحرام به ( فلا رفثٌ ) جماعٌ فيه ( ولا فسوقٌ ) معاصٍ ( ولا جدالَ ) خصامٌ ( في الحج ) وفي قراءة بفتح الأوَّلَين ، والمراد في الثلاثة النهي ( وما تفعلوا من خير ) كصدقة ( يعلمه الله ) فيجازيكم به ، ونزل في أهل اليمن وكانوا يحجون بلا زاد فيكونون كَلاً على الناس: ( وتزودوا ) ما يبلغكم لسفركم ( فإن خير الزاد التقوى ) ما يتقي به سؤال الناس وغيره ( واتقون يا أولي الألباب ) ذوي العقول
198. ( ليس عليكم جناح ) في ( أن تبتغوا ) تطلبوا ( فضلاً ) رزقا ( من ربكم ) بالتجارة في الحج نزل رداً لكراهتهم ذلك ( فإذا أفضتم ) دفعتم ( من عرفات ) بعد الوقوف بها ( فاذكروا الله ) بعد المبيت بمزدلفة بالتلبية والتهليل والدعاء ( عند المشعر الحرام ) هو جبل في آخر المزدلفة يقال له قُزَح وفي الحديث أنه صلى الله عليه وسلم وقف به يذكر الله ويدعو حتى أسفر جدّا. رواه مسلم ( واذكروه كما هداكم ) لمعالم دينه ومناسك حجه والكاف للتعليل ( وإن ) مخففة ( كنتم من قبله ) قبل هداه ( لمن الضالين )
199. ( ثم أفيضوا ) يا قريش ( من حيث أفاض الناس ) أي من عرفة بأن تقفوا بها معهم وكانوا يقفون بالمزدلفة ترفعا عن الوقوف معهم وثم للترتيب في الذكر ( واستغفروا الله ) من ذنوبكم ( إن الله غفور ) للمؤمنين ( رحيم ) بهم
200. ( فإذا قضيتم ) أديتم ( مناسككم ) عبادات حجكم بأن رميتم جمرة العقبة وطفتم واستقررتم بمنى ( فاذكروا الله ) بالتكبير والثناء ( كذكركم آباءكم ) كما كنتم تذكرونهم عند فراغ حجكم بالمفاخرة ( أو أشدَ ذكراً ) من ذكركم إياهم ، ونصب أشدَ على الحال من ذكر المنصوب باذكروا إذ لو تأخر عنه لكان صفة له ( فمن الناس من يقول ربنا آتنا ) نصيباً ( في الدنيا ) فيؤتاه فيها ( وما له في الآخرة من خلاق ) نصيب
201. ( ومنهم من يقول ربنا آتنا في الدنيا حسنة ) نعمة ( وفي الآخرة حسنة ) هي الجنة ( وقنا عذاب النار ) بعدم دخولها وهذا بيان لما كان عليه المشركون ولحال المؤمنين والقصد به الحث على طلب خير الدارين كما وعد بالثواب عليه بقوله:
202. ( أولئك لهم نصيب ) ثواب ( مـ ) ن أجل ( ما كسبوا ) عملوا من الحج والدعاء ( والله سريع الحساب ) يحاسب الخلق كلهم في قدر نصف نهار من أيام الدنيا لحديثٍ بذلك

 
رد: بعض من تفسير الجلاين

203. ( واذكروا الله ) بالتكبير عند رمي الجمرات ( في أيام معدودات ) أي أيام التشريق الثلاثة ( فمن تعجل ) أي استعجل بالنفر من مِنى ( في يومين ) أي في ثاني أيام التشريق بعد رمي جماره ( فلا إثم عليه ) بالتعجيل ( ومن تأخر ) بها حتى بات ليلة الثالث ورمى جماره ( فلا إثم عليه ) بذلك أي هم مخيرون في ذلك ونفي الإثم ( لمن اتقى ) الله في حجه لأنه الحاج في الحقيقة ( واتقوا الله واعلموا أنكم إليه تحشرون ) في الآخرة فيجازيكم بأعمالكم
204. ( ومن الناس من يعجبك قوله في الحياة الدنيا ) ولا يعجبك في الآخرة لمخالفته لاعتقاده ( ويشهد الله على ما في قلبه ) أنه موافق لقوله ( وهو ألد الخصام ) شديد الخصومة لك ولأتباعك لعداوته لك وهو الأخنس بن شريق كان منافقاً حلوَ الكلام للنبي صلى الله عليه وسلم يحلف أنه مؤمن ومحب له فيدنى مجلسَه فأكذبه الله في ذلك ومرَّ بزرعٍ وحُمُرٍ لبعض المسلمين فأحرقه وعقرها ليلاً كما قال تعالى:
205. ( وإذا تولى ) انصرف عنك ( سعى ) مشى ( في الأرض ليفسد فيها ويهلك الحرث والنسل ) من جملة الفساد ( والله لا يحب الفساد ) أي لا يرضى به
206. ( وإذا قيل له اتق الله ) في فعلك ( أخذته العزة ) حملته الأنفة والحمية على العمل ( بالإثم ) الذي أمر باتقائه ( فحسبه ) كافيه ( جهنم ولبئس المهاد ) الفراش هي
207. ( ومن الناس من يشري ) يبيع ( نفسه ) أي يبذلها في طاعة الله ( ابتغاء ) طلب ( مرضات الله ) رضاه ، وهو صهيب لما آذاه المشركون هاجر إلى المدينة وترك لهم ماله ( والله رؤوف بالعباد ) حيث أرشدهم لما فيه رضاه
208. ونزل في عبد الله بن سلام وأصحابه لما عظَّموا السبت وكرهوا الإبل بعد الإسلام ( يا أيها الذين آمنوا ادخلوا في السَّلم ) بفتح السين وكسرها الإسلام ( كافة ) حال من السلم أي في جميع شرائعه ( ولا تتبعوا خطوات ) طرق ( الشيطان ) أي تزيينه بالتفريق ( إنه لكم عدو مبين ) بين العداوة
209. ( فإن زللتم ) ملتم عن الدخول في جميعه ( من بعد ما جاءتكم البينات ) الحجج الظاهرة على أنه حق ( فاعلموا أن الله عزيز ) لا يعجزه شيء عن انتقامه منكم ( حكيم ) في صنعه
210. ( هل ) ما ( ينظرون ) ينتظر التاركون الدخول فيه الدخول فيه ( إلا أن يأتيهم الله ) أي أمره كقوله أو يأتي أمر ربك أي عذابه ( في ظلل ) جمع ظلة ( من الغمام ) السحاب ( والملائكة وقضي الأمر ) تم أمر هلاكهم ( وإلى الله تَرجِع الأمور ) بالبناء للمفعول والفاعل في الآخرة فيجازي كلا بعمله
 
رد: بعض من تفسير الجلاين

211. ( سل ) يا محمد ( بني إسرائيل ) تبكيتاً ( كم آتيناهم ) كم استفهامية معلقة سل عن المفعول الثاني وهي ثاني مفعول آتينا ومميزها ( من آية بينة ) ظاهرة كفلق البحر وإنزال المن والسلوى فبدلوها كفرا ( ومن يبدل نعمة الله ) أي ما أنعم به عليه من الآيات لأنها سبب الهداية ( من بعد ما جاءته ) كفراً ( فإن الله شديد العقاب ) له
212. ( زُين للذين كفروا ) من أهل مكة ( الحياة الدنيا ) بالتمويه فأحبوها ( و ) هم ( يسخرون من الذين آمنوا ) لفقرهم كبلال وعمار وصهيب أي يستهزئون بهم ويتعالون عليهم بالمال ( والذين اتقوا ) الشرك وهم هؤلاء ( فوقهم يوم القيامة والله يرزق من يشاء بغير حساب ) أي رزقاً واسعاً في الآخرة أو الدنيا بأن يملك المسخور منهم أموال الساخرين ورقابهم
213. ( كان الناس أمة واحدة ) على الإيمان فاختلفوا بأن آمن بعض وكفر بعض ( فبعث الله النبيين ) إليهم ( مبشرين ) من آمن بالجنة ( ومنذرين ) من كفر بالنار ( وأنزل معهم الكتاب ) بمعنى الكتب ( بالحق ) متعلق بأنزل ( ليحكم ) به ( بين الناس فيما اختلفوا فيه ) من الدين ( وما اختلف فيه ) أي الدين ( إلا الذين أوتوه ) أي الكتاب فآمن بعض وكفر بعض ( من بعد ما جاءتهم البينات ) الحجج الظاهرة على التوحيد ، ومِن متعلقة بـ اختلف وهي وما بعدها مقدم على الاستثناء في المعنى ( بغياً ) من الكافرين ( بينهم فهدى الله الذين آمنوا لما اختلفوا فيه من ) للبيان ( الحق بإذنه ) بإرادته ( والله يهدي من يشاء ) هدايته ( إلى صراط مستقيم ) طريق الحق
214. ونزل في جهد أصاب المسلمين ( أم ) بل أ ( حسبتم أن تدخلوا الجنة ولما ) لم ( يأتكم مثل ) شبه ما أتى ( الذين خلوا من قبلكم ) من المؤمنين من المِحَن فتصبروا كما صبروا ( مستهم ) جملة مستأنفة مبينة ما قبلها ( البأساء ) شدة الفقر ( والضراء ) المرض ( وزُلزلوا ) أزعجوا بأنواع البلاء ( حتى يقولَ ) بالنصب والرفع أي قال ( الرسول والذين آمنوا معه ) استبطاء للنصر لتناهي الشدة عليهم ( متى ) يأتي ( نصر الله ) الذي وُعِدناه فأُجيبوا من قبل الله ( ألا إن نصر الله قريب ) إتيانه
215. ( يسألونك ) يا محمد ( ماذا ينفقون ) أي الذي ينفقونه ، والسائل عمرو بن الجموح وكان شيخا ذا مال فسأل صلى الله عليه وسلم عما ينفق وعلى من ينفق ( قل ) لهم ( ما أنفقتم من خير ) بيانٌ لما شامل للقليل والكثير وفيه بيان المنفق الذي هو أحد شقي السؤال وأجاب عن المصرف الذي هو الشق الآخر بقوله: ( فللوالدين والأقربين واليتامى والمساكين وابن السبيل ) أي هم أولى به ( وما تفعلوا من خير ) إنفاق أو غيره ( فإن الله به عليم ) فمجاز عليه

 
رد: بعض من تفسير الجلاين

216. ( كتب ) فرض ( عليكم القتال ) للكفار ( وهو كره ) مكروه ( لكم ) طبعا لمشقته ( وعسى أن تكرهوا شيئا وهو خير لكم وعسى أن تحبوا شيئا وهو شر لكم ) لميل النفس إلى الشهوات الموجبة ونفورها عن التكليفات الموجبة لسعادتها فلعل لكم في القتال وإن كرهتموه خيراً لأن فيه إما الظفر والغنيمة أو الشهادة والأجر وفي تركه وإن أحببتموه شرا لأن فيه الذل والفقر وحرمان الأجر ( والله يعلم ) ما هو خير لكم ( وأنتم لا تعلمون ) ذلك فبادروا إلى ما يأمركم به
217. وأرسل النبي صلى الله عليه وسلم أول سراياه وعليها عبد الله بن جحش فقاتلوا المشركين وقتلوا ابن الحضرمي آخر يوم من جمادى الآخرة والتبس عليهم برجب فعيرهم الكفار باستحلاله فنزل: ( يسألونك عن الشهر الحرام ) المُحرَّم ( قتال فيه ) بدل اشتمال ( قل ) لهم ( قتال فيه كبير ) عظيم وزرا مبتدأ وخبر ( وصد ) مبتدأ منع للناس ( عن سبيل الله ) دينه ( وكفر به ) بالله ( و ) صد عن ( المسجد الحرام ) أي مكة ( وإخراج أهله منه ) وهم النبي صلى الله عليه وسلم والمؤمنون وخبر المبتدأ ( أكبر ) أعظم وزرا ( عند الله ) من القتال فيه ( والفتنة ) الشرك منكم ( أكبر من القتل ) لكم فيه ( ولا يزالون ) أي الكفار ( يقاتلونكم ) أيها المؤمنون ( حتى ) كي ( يردوكم عن دينكم ) إلى الكفر ( إن استطاعوا ومن يرتدد منكم عن دينه فيمت وهو كافر فأولئك حبطت ) بطلت ( أعمالهم ) الصالحة ( في الدنيا والآخرة ) فلا اعتداد بها ولا ثواب عليها والتقيد بالموت عليه يفيد أنه لو رجع إلى الإسلام لم يبطل عمله فيثاب عليه ولا يعيده كالحج مثلا وعليه الشافعي ( وأولئك أصحاب النار هم فيها خالدون )
218. ولما ظن السرية أنهم إن سلموا من الإثم فلا يحصل لهم أجر نزل ( إن الذين آمنوا والذين هاجروا ) فارقوا أوطانهم ( وجاهدوا في سبيل الله ) لإعلاء دينه ( أولئك يرجون رحمة الله ) ثوابه ( والله غفور ) للمؤمنين ( رحيم ) بهم
219. ( يسألونك عن الخمر والميسر ) القمار ما حكمهما ( قل ) لهم ( فيهما ) أي في تعاطيهما ( إثم كبير ) عظيم ، وفي قراءة بالمثلثة { كثير } لما يحصل بسببهما من المخاصمة والمشاتمة وقول الفحش ( ومنافع للناس ) باللذة والفرح في الخمر وإصابة المال بلا كد في الميسر ( وإثمهما ) أي ما ينشأ عنهم من المفاسد ( أكبر ) أعظم ( من نفعهما ) ولما نزلت شربها قوم وامتنع عنها آخرون إلى أن حرمتها آية المائدة ( ويسألونك ماذا ينفقون ) أي ما قدره ( قل ) أنفقوا ( العفوَ ) أي الفاضل عن الحاجة ولا تنفقوا ما تحتاجون إليه وتضيعوا أنفسكم ، وفي قراءة بالرفع بتقدير هو ( كذلك ) أي كما بين لكم ما ذكر ( يبين الله لكم الآيات لعلكم تتفكرون )
 
رد: بعض من تفسير الجلاين

220. ( في ) أمر ( الدنيا والآخرة ) فتأخذون بالأصلح لكم فيهما ( ويسألونك عن اليتامى ) وما يلقونه من الحرج في شأنهم فإن واكلوهم يأثموا وإن عزلوا ما لهم من أموالهم وصنعوا لهم طعاما وحدهم فحرج ( قل إصلاح لهم ) في أموالهم بتنميتها ومداخلتكم ( خير ) من ترك ذلك ( وإن تخالطوهم ) أي تخلطوا نفقتكم بنقتهم ( فإخوانكم ) أي فهم إخوانكم في الدين ومن شأن الأخ أن يخالط أخاه أي فلكم ذلك ( والله يعلم المفسد ) لأموالهم بمخالطته ( من المصلح ) بها فيجازي كلا منهما ( ولو شاء الله لأعنتكم ) لضيق عليكم بتحريم المخالطة ( إن الله عزيز ) غالب على أمره ( حكيم ) في صنعه
221. ( ولا تَنكِحوا ) تتزوجوا أيها المسلمون ( المشركات ) أي الكافرات ( حتى يؤمن ولأمة مؤمنة خير من مشركة ) حرة لأن سبب نزولها العيب على من تزوج أمة وترغيبه في نكاح حرة مشركة ( ولو أعجبتكم ) لجمالها ومالها وهذا مخصوص بغير الكتابيات بآية { والمحصنات من الذين أوتوا الكتاب } ( ولا تُنكِحوا ) تُزوِّجوا ( المشركين ) أي الكفار المؤمنات ( حتى يؤمنوا ولعبد مؤمن خير من مشرك ولو أعجبكم ) لماله وجماله ( أولئك ) أي أهل الشرك ( يدعون إلى النار ) بدعائهم إلى العمل الموجب لها فلا تليق مناكحتهم ( والله يدعو ) على لسان رسله ( إلى الجنة والمغفرة ) أي العمل الموجب لهما ( بإذنه ) بإرادته فتجب إجابته بتزويج أوليائه ( ويبين آياته للناس لعلهم يتذكرون ) يتعظون
222. ( ويسألونك عن المحيض ) أي الحيض أو مكانه ماذا يفعل بالنساء فيه ( قل هو أذى ) قذر أو محله ( فاعتزلوا النساء ) اتركوا وطأهن ( في المحيض ) أي وقته أو مكانه ( ولا تقربوهن ) بالجماع ( حتى يطَّهَّرن ) بسكون الطاء وتشديدها والهاء وفيه إدغام التاء في الأصل في الطاء أي يغتسلن بعد انقطاعه ( فإذا تطهرن فأتوهن ) بالجماع ( من حيث أمركم الله ) بتجنبه في الحيض وهو القبل ولا تعدوه إلى غيره ( إن الله يحب ) يثيب ويكرم ( التوابين ) من الذنوب ( ويحب المتطهرين ) من الأقذار
223. ( نساؤكم حرث لكم ) أي محل زرعكم الولد ( فأتوا حرثكم ) أي محله وهو القبل ( أنَّى ) كيف ( شئتم ) من قيام وقعود واضطجاع وإقبال وإدبار ونزل ردا لقول اليهود: من أتى امرأته في قبلها أي من جهة دبرها جاء الولد أحول ( وقدموا لأنفسكم ) العمل الصالح كالتسمية عند الجماع ( واتقوا الله ) في أمره ونهيه ( واعلموا أنكم ملاقوه ) بالبعث فيجازيكم بأعمالكم ( وبشر المؤمنين ) الذين اتقوه بالجنة
224. ( ولا تجعلوا الله ) أي الحلف به ( عرضة ) علة مانعة ( لأيمانكم ) أي نصباً لها بأن تكثروا الحلف به ( أن ) لا ( تبروا وتتقوا ) فتكره اليمين على ذلك ويسن فيه الحنث ويكفِّر بخلافها على فعل البر ونحوه فهي طاعة ( وتصلحوا بين الناس ) المعنى لا تمتنعوا من فعل ما ذكر من البر ونحوه إذا حلفتم عليه بل ائتوه وكفروا لأن سبب نزولها الامتناع من ذلك ( والله سميع ) لأقوالكم ( عليم ) بأحوالكم
 
رد: بعض من تفسير الجلاين

225. ( لا يؤاخذكم الله باللغو ) الكائن ( في أيمانكم ) وهو ما يسبق إليه اللسان من غير قصد الحلف نحو والله ، وبلى والله ، فلا إثم عليه ولا كفارة ( ولكن يؤاخذكم بما كسبت قلوبكم ) أي قصدته من الإيمان إذا حنثتم ( والله غفور ) لما كان من اللغو ( حليم ) بتأخير العقوبة عن مستحقها
226. ( للذين يؤلون من نسائهم ) أي يحلفون أن لا يجامعوهن ( تربُّص ) انتظار ( أربعة أشهر فإن فاؤوا ) رجعوا فيها أو بعدها عن اليمين إلى الوطء ( فإن الله غفور ) لهم ما أتوه من ضرر المرأة بالحلف ( رحيم ) بهم
227. ( وإن عزموا الطلاق ) أي عليه بأن لم يفيئوا فليوقِعوه ( فإن الله سميع ) لقولهم ( عليم ) بعزمهم المعنى ليس لهم بعد تربص ما ذكر إلا الفيئة أو الطلاق
228. ( والمطلقات يتربصن ) أي لينتظرن ( بأنفسهن ) عن النكاح ( ثلاثة قروء ) تمضي من حين الطلاق ، جمع قَرْء بفتح القاف وهو الطهر أو الحيض قولان وهذا في المدخول بهن أما غيرهن فلا عدة عليهن لقوله { فما لكم عليهن من عدة } وفي غير الآيسة والصغيرة فعدتهن ثلاثة أشهر والحوامل فعدتهن أن يضعن حملهن كما في سورة الطلاق والإماء فعدتهن قَرءان بالسنة ( ولا يحل لهن أن يكتمن ما خلق الله في أرحامهن ) من الولد والحيض ( إن كن يؤمن بالله واليوم الآخر وبعولتهن ) أزواجهن ( أحق بردهن ) بمراجعتهن ولو أَبَين ( في ذلك ) أي في زمن التربص ( إن أرادوا إصلاحا ) بينهما لا إضرار المرأة ، وهو تحريض على قصده لا شرط لجواز الرجعة وهذا في الطلاق وأحق لا تفضيل فيه إذ لا حق لغيرهم من نكاحهن في العدة ( ولهن ) على الأزواج ( مثل الذي ) لهم ( عليهن ) من الحقوق ( بالمعروف ) شرعا من حسن العشرة وترك الإضرار ونحو ذلك ( وللرجال عليهن درجة ) فضيلة في الحق من وجوب طاعتهن لهم لما ساقوه من المهر والإنفاق ( والله عزيز ) في ملكه ( حكيم ) فيما دبره لخلقه
229. ( الطلاق ) أي التطليق الذي يراجع بعده ( مرتان ) أي اثنتان ( فإمساك ) أي فعليكم إمساكهن بعده بأن تراجعوهن ( بمعروف ) من غير ضرار ( أو تسريح ) أي إرسال لهن ( بإحسان ولا يحل لكم ) أيها الأزواج ( أن تأخذوا مما آتيتموهن ) من المهور ( شيئا ) إذا طلقتموهن ( إلا أن يخافا ) أي الزوجان ( أ ) ن ( لا يقيما حدود الله ) أي أن لا يأتيا بما حده لهما من الحقوق وفي قراءة { يُخافا } بالبناء للمفعول فأن لا يقيما بدل اشتمال من الضمير فيه وقرئ بالفوقانية في الفعلين ( فإن خفتم أ ) ن ( لا يقيما حدود الله فلا جناح عليهما ) ( فيما افتدت به ) نفسهما من المال ليطلقها أي لا حرج على الزوج في أخذه ولا الزوجة في بذله ( تلك ) الأحكام المذكورة ( حدود الله فلا تعتدوها ومن يتعد حدود الله فأولئك هم الظالمون )
230. ( فإن طلقها ) الزوج بعد الثنتين ( فلا تحل له من بعد ) أي بعد الطلقة الثالثة ( حتى تنكح ) تتزوج ( زوجا غيره ) ويطأَها كما في الحديث رواه الشيخان ( فإن طلقها ) أي الزوج الثاني ( فلا جناح عليهما ) أي الزوجة والزوج الأول ( أن يتراجعا ) إلى النكاح بعد انقضاء العدة ( إن ظنا أن يقيما حدود الله وتلك ) المذكورات ( حدود الله يبينها لقوم يعلمون ) يتدبرون
 
الوسوم
الجلالين تفسير
عودة
أعلى