درس التطير لمادة التوحيد للصف الثاني المتوسط الفصل الثاني

املي بالله

نائبة المدير العام
درس التطير لمادة التوحيد للصف الثاني المتوسط الفصل الثاني



الحمد لله رب العالمين،والصلاة والسلام على نبينا محمد،وعلى آله وصحبه أجمعين.

أمَّا بعدُ :

إن ثمة أمرٍ من الأمور؛ ما تغلغل في صدر إنسان إلا عاش حزيناً كئيباً وقد نهى الشارع الحكيم عنه وحذَّر منه أشدَّ التحذير؛ إنه التشاؤم أو التطير، فما هو ؟ وماحكمه واقسامه ؟..

التعريف:

التَطَيُّر في اللغة: التشاؤم، وهو توقع حصول الشر.

وسُمِّيَ التشاؤم تطيراً؛ لأنَّ العرب كانُوا في الجاهلية إذا خرج أحدُهم لأمرٍ قصد عش طائر فيهيجه، فإذا طار الطيرُ من جهة اليمين تيمن به ومضى في الأمر، ويسمون هذا الطائر في هذه الحالة: (السانح). أما إذا طار جهة يسار الإنسان تشاءم به، ورجع عما عزم عليه، وكانوا يسمون الطير في هذه الحالة: (البارح).

فجاء الإسلام فأبطل هذا الأمر ونهى عنه، وشدد في النكير على فاعله، ورد الأمور إلى سنن الله الثابتة وإلى قدرته المطلقة. وضد التطيّر: التفاؤل: وهو التَّيَمُّن بسماع كلمة طيبة، ويشمل كل قول أو فعل يُستَبْشَر به، والفرق بين التطير والتفاؤل أن الفأل يستعمل فيما يُستَحب، والتطير فيما يُكرَه غالباً.

ومثال التفاؤل: أن يسمع عند عزمه على فعل أمر كلمة طيبة أو اسماً حسناً أو يرى شيئاً طيباً.

وقد كان النبي- صلى الله عليه وسلم-يتفاءل ولا يتطير)(1).

وكان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إذا خرج من بيته يحب أن يسمعيا راشد يا نجيح)(2).



تاريخ التطيُّر وأمثلته:

كان التطيرُ موجوداً عند العرب على الصفة المذكورة آنفاً وصفات أخرى تقاربها. قال البيهقي:"كان التطيرفي الجاهلية في العرب إزعاج الطير عند إرادة الخروج للحاجة، وهكذا كانوا يتطيرون بصوت الغراب، وبمرور الظباء، فسمُّوا الكل تطيراً، قال: وكان التشاؤم في العجم إذا رأى الصبي ذاهباً إلى المعلم تشاءم، أو راجعاً تيمن، وكذا إذا رأى الجمل مُوقَراً حِملاً تشاءم، فإن رآه واضعاً حِمْلَهُ تيَّمن، ونحو ذلك، فجاء الشرع برفع ذلك كله)(3). والتطير قديم الوجود في الأمم؛ فقد أخبرنا الله –سبحانه- أن فرعون وقومه تطيروا بموسى- عليه السلام-ومن معه:{فَإِذَا جَاءتْهُمُ الْحَسَنَةُ قَالُواْ لَنَا هَذِهِ وَإِن تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ يَطَّيَّرُواْ بِمُوسَى وَمَن مَّعَهُ أَلا إِنَّمَا طَائِرُهُمْ عِندَ اللّهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ}(4).وقبل ذلك تشاءم قوم صالح بصالح-عليه السلام-{قَالُوا اطَّيَّرْنَا بِكَ وَبِمَن مَّعَكَ قَالَ طَائِرُكُمْ عِندَ اللَّهِ بَلْ أَنتُمْ قَوْمٌ تُفْتَنُونَ}(5)وكذلك أصحاب القرية تطيروا برسل الله إليهم:{قَالُوا إِنَّا تَطَيَّرْنَا بِكُمْ}(6).وكان الرد عليهم جميعاً: أن ما حل بهم من شر أو نقص في نفس أو مال، أو ما نزل بهم من عقوبة ما هو إلا من قِبَل أنفسهم بسبب كفرهم وعنادهم واستكبارهم، {أَلا إِنَّمَا طَائِرُهُمْ عِندَ اللّهِ}(7) وما زال الناس وإلى يومنا هذا يتطيرون، وتطيُّرهم دليل ضعف توكُّلهم على ربهم، ونقص عقولهم فأي شأن للطير أو غيره بمستقبل الإنسان وقدره؟!

وللناس في التشاؤم أيام معينة أو ساعات محددة أو أعداد معينة مما لا ينقضي منه العجب. فالرافضة (يكرهون التكلم بلفظ العشرة، أو فعل شيء يكون عشرة حتى البناء لا يبنون على عشرة أعمدة،ولا بعشرة جذوع ونحو ذلك؛لكونهم يبغضون خيار الصحابة، وهم العشرة المشهود لهم بالجنة)(8).وكثير من الناس في الغرب يتشاءمون بالرقم( 13)؛ ولذا حذفته بعض شركات الطيران من ترقيم المقاعد كما حذفوه في ترقيم المصاعد والأدوار في العمائر الكبار. وآخرون يتشاءمون بنعيق البوم والغراب، ورؤية الأعور والأعرج والعليل والمعتوه. قال الشيخ ابن عثيمين(9)والإنسان إذا فتح على نفسه باب التشاؤم فإنها تضيق عليه الدنيا، وصار يتخيل كل شيء أنه شؤم، حتى إنه يوجد أناس إذا أصبح وخرج من بيته ثم قابله رجل ليس له إلا عين واحدة تشاءم، وقال: اليوم يوم سوء وأغلق دكانه، ولم يبع ولم يشتَرِ -والعياذ بالله- وكان بعضهم يتشاءم بيوم الأربعاء،ويقول: إنه يوم نحس وشؤم،ومنهم من يتشاءم بشهر شوال،ولاسيما في النكاح،وقد نقضت عائشة -رضي الله عنها- هذا التشاؤم بأنه-صلى الله عليه وسلم-عقد عليها في شوال؛وبنى بها في شوال،فكانت تقول: أيُّكن كانت أحظى عنده مني ؟)(10)

حكم التطير:

التطير محرم مخل بالتوحيد، وقد نفى النَّبيُّ-صلى الله عليه وسلم-تأثيره،وجعله شركاً.أما نفي تأثيره ففي قوله-صلى الله عليه وسلم- لا عدوى ولا طيرة ولا هامة ولا صفر)(11)حيث نفى تأثير الطيرة.وأمَّا جعلُهُ-عليه الصلاة والسلام-الطيرة شركاً،ففي قولهالطيرة شرك، الطيرة شرك، الطيرة شرك)(12).وقوله في حديث عبد الله بن عمرومن ردته الطيرة عن حاجته فقد أشرك)(13)وإنما جعل التطيرشركاً لاعتقادهم أن ذلك يجلب نفعاً أو يدفع ضرراً؛ فكأنهم أشركوه مع الله-تعالى-وهذا الاعتقاد منافٍ لقوله-تعالى-:{وَإِن يَمْسَسْكَ اللّهُ بِضُرٍّ فَلاَ كَاشِفَ لَهُ إِلاَّ هُوَ وَإِن يُرِدْكَ بِخَيْرٍ فَلاَ رَآدَّ لِفَضْلِهِ يُصَيبُ بِهِ مَن يَشَاء مِنْ عِبَادِهِ وَهُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ}(14)فالله هو النافع الضار، وهذه الطيور لا تعلم الغيب،ولا تدل على المخبَّأ من الأمور بوجه.

قال ابن القيم التطير: هو التشاؤم بمرئيٍ أو مسموع،فإذا استعملها الإنسان فرجع بها من سفر وامتنع بها عما عزم عليه فقد قرع باب الشرك،بل ولجه، وبرئ من التوكل على الله- سبحانه-،وفتح على نفسه باب الخوف والتعلق بغير الله،وذلك قاطع على مقام{إياك نعبد وإياك نستعين}(15)، وقوله –تعالى-:{فاعبده وتوكل عليه}(16)، وقوله –تعالى-:{ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ }(17) فيصير قلبه متعلقاً بغير الله عبادة وتوكلاً، فيفسد عليه قلبه وإيمانه وحاله،ويبقى هدفاً لسهام الطيرة،ويساق إليه من كل أرب، ويقيض له الشيطان من يفسد عليه دينه ودنياه،وكم هلك من هلك بسبب ذلك وخسر الدنيا والآخرة.

وقال الشيخ ابن عثيمين: فإذا تطير الإنسان بشيء رآه أو سمعه، فإنه لا يعد مشركاً شركاً يخرجه من الملة؛ لكنه أشرك من حيث أنه اعتمد على هذا السبب الذي لم يجعله الله سبباً،وهذا يُضعف التوكل على الله ويوهن العزيمة، وبذلك يعتبر شركاً من هذه الناحية والقاعدةأنَّ كُلَّ إنسانٍ اعتمدَ على سَبَبٍ لم يجعلْهُ الشَّرعُ سَبَباً فإنه مُشْرِكٌ) وهذا نوع من الإشراك مع الله: إما في التشريع إن كان هذا السبب شرعياً،وإما في التقدير إن كان السبب كونياً.لكن لو اعتقد هذا المتشائم المتطير أن هذا فاعلٌ بنفسه دون الله فهو مشرك شركاً أكبر؛ لأنه جعل لله شريكاً في الخلق والإيجاد)(18).

وأما إخباره بأن الطيرة تنافي حقيقة الإسلام ويخشى على صاحبها فقد قال النبي- صلى الله عليه وسلم-ليس منا من تطير أو تُطُيِّرَ له، أو تكهن أو تكهن له، أو سحر أو سحر له، ومن أتى كاهناً فصدقه بما يقول فقد كفر بما أنزل على محمد صلى الله عليه وسلم)(19).







وروى أبو داود بسند صحيح عن عقبة بن عامر قال: ذُكِرَتِ الطيرةُ عند رسول الله- صلى الله عليه وسلم- فقالأحسنها الفأل، ولا ترد مسلماً)(20).

والطيرة من الجبت،قال-صلى الله عليه وسلم-العيافة والطيرة والطرق من الجبتِ)(21).والجِبت: السِّحرُ كما فسَّره به عمرُ بنُ الخطَّاب. وذلك أنَّ المتطير يعتمدُ في معرفة المغيَّبات على أمر خفيٍّ كالساحر الذي يعتمدُ في قلب حقائق الأشياء على أمر خفيٍّ.

أقسام الناس في الطيرة:

ينقسم الناس تجاه الطيرة ثلاثة أقسام:

القسم الأول: من يتطير، ويستجيب لداعي التطير فيُحجم عن أمر، أو يُقدم عليه بدافع من طيرته؛ فهذا قد واقع المحرم،وولج بابَ الشرك على التَّفصيلِ المذكورِ سابِقاً.

القسم الثاني: مَنْ إذا وقع له ما يدعُو إلى الطِّيرة عند الناسِ لم يترك ما بدا له فعلُهُ، لكنه يمضي في قلق واضطراب وغمٍّ، يخشى من تأثير الطيرة، فهذا أهون من الأول؛ حيث لم يُجِبْ داعي الطيرة، لكن بقي فيه شيءٌ من أثرها، وعليه أن يمضي متوكِّلاً على اللهِ –سبحانه- مُفوِّضاً أمورَهُ إليهِ.

القسم الثالث: وهم أعلى الأقسام وهم مَنْ لا يتطيَّرون، ولا يستجيبون لداعي الطِّيرة، ولا يعني ذلك أنه لا يخطر في قلوبهم شيءٌ أصلاً، ولكن متى عرض لقلوبهم شيءٌ ردُّوه بالتوكل على اللهِ وتفويض الأمورِ إليه، قال معاوية بن الحَكَم: قلت: يا رسولَ اللهِ ! منَّا رجالٌ يتطيَّرون ! قال: ذلك شيءٌ يجدونه في صدورِهم فلا يصدنهم)(22).

علاج الطيرة وكفارتها:

بيَّن النبي-صلى الله عليه وسلم- أنه لا يجوز أن يلتفت المسلم إلى الطيرة فترده عن حاجته، وعليه أن يمضي متوكِّلاً على الله مُردداً الذكرَ الوارد في ذلك؛ فعن عبد الله بن عمرو، قال: قال رسولُ اللهِ-صلى الله عليه وسلم-من ردته الطيرة عن حاجته فقد أشرك. قالوا: فما كفارة ذلك ؟ قال: أن تقول: اللهم لا خير إلا خيرك، ولا طير إلا طيرك، ولا إله غيرك)(23). اللهم وفقنا للعمل بكتابك وسنة نبيك يا أرحم الراحمين. والحمد لله رب العالمين.

1- أخرجه أحمد في مسنده برقم (2213).



2- أخرجه الترمذي وصححه كتاب السير عن رسول الله باب ما جاء في الطيرة برقم (1541).



3- فتح الباري، 10/213.



4- (131) سورة الأعراف.



5- (47) سورة النمل.



6 - (18) سورة يــس.



7- (131) سورة الأعراف .



8-منهاج السنة لا بن تيمية، 1/10.



9- المجموع المفيد، 2/32.



10-رواه مسلم، كتاب النكاح باب استحباب التزوج والتزويج في شوال برقم (2551).



11-رواه البخاري كتاب الطب باب لا صفر وهو داء يأخذ البطن برقم(5278).



12-رواه أبو داود كتاب الطب باب في الطيرة برقم(3411).



13- أخرجه أحمد في مسنده برقم (6748).



14- (107) سورة يونس.



15- الفاتحة 5



16- هود 123



17- الشورى 10



18- القول المفيد على كتاب التوحيد، 2/ 93.



19-رواه البزار قال المنذري: إسناده جيد (الترغيب 4/33).



20- رواه أبو داود، ح/ 3418.



21- رواه أحمد، 3/477، وأبو داود، 4/228.



22- رواه مسلم، 4/1748.



23- رواه أحمد، 2/220، وابن السني (293)، والطبراني كما في المجمع، 5/105.
 
التعديل الأخير بواسطة المشرف:
د. تيسير الفتياني



حث رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم في أكثر من مناسبة على التفاؤل، حيث قال في هذا الصدد "تفاءلوا بالخير تجدوه" ونهى عن التشاؤم الذي اعتاد أهل الجاهلية على ممارسته في مناسبات عدة ولأسباب مختلفة، فالبعض كان يتشاءم من يوم أو رقم أو شهر أو نوع من الطير أو الشجر إلى غير ذلك من مسميات وذرائع يتذرعون بها لتبرير تشاؤمهم المنهي عنه.



فيما يتشاءم بعض الناس بشهر صفر ويقولون إنه شهر مشؤوم، فيمتنعون عن السفر أو إجراء أي عقد فيه، غافلين ومتناسين قدرة الله اللطيف الخبير الذي يملك الأمر من قبل ومن بعد، فهو سبحانه خالق ومقدر كل شيء، من خير وشر، ولا يملك المرء من أمره شيئاً، وللوقوف على تفاصيل الحكم الشرعي لمسألة التطير، من حيث تعريفه وحكمه الشرعي والحكمة من تحريمه







فأصل التطير أن العرب في الجاهلية كانوا يعتمدون على الطير وكانوا يسمونه بالسانح إذا مر بيمين المتطير، وبالبارح إذا مر عن يساره، فيتيمنون بالأول، ويتشاءمون بالثاني، فإن رأى الطير طار يمنة، تيمن به وخرج في قضاء حاجته، وإن رآه طار يسرة تشاءم به ورجع.



أما تعريف التطير اصطلاحًا: فهو التشاؤم بما يرى من مجيء الطير والظباء ونحو ذلك ناحية الشمال أو بما يسمع من صوت طائر.







فالحكمة من تحريم التطير هي الاعتقاد بأن الضرر يأتي من عند غير الله تعالى وفي هذا تكلف بتعاطي ما لا أصل له وفيه جهل بمن يعتقد به أو من فاعله لأنه طلب العلم من غير مكانه وهو يضر من أشفق منه وخاف، أما من لم يبال به ولم يعبأ به فلا يضره وأنه باب من أبواب الشرك وإلقاء الشيطان في قلب الإنسان، وتخويفه ووسوسته و أنه يفتح للإنسان أبواب الوساوس فيما يسمعه ويراه ويتعاطاه فيفتح له الشيطان أبوابا تفسد عليه دينه وتنكد عليه عيشه فالمتطير متعب القلب، متنكد الصدر، كاسف البال، سيئ الخلق، يتخوف من كل ما يراه ويسمعه.











و يعتبر العلماء التطير من الكبائر لحديث الرسول صلى الله عليه وسلم (الطيرة شرك، الطيرة شرك وما منا إلا متطير، ولكن الله يذهبه بالتوكل) ، رواه الترمذي وقال حديث حسن صحيح ولحديث (من ردته الطيرة فقد قارف الشرك) رواه أحمد 2/220.











وقد وضع الاسلام كفارة التطير فيما روي عن عبد الله بن عمرو بن العاص عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قالمن رجعته الطيرة عن حاجته فقد أشرك) قيل: وما كفارة ذلك يا رسول الله؟ قالأن يقول أحدهم: اللهم لا طير إلا طيرك، ولا خير إلا خيرك، ولا إله غيرك، ثم يمضي لحاجته).



أما علاجه فقد ذكر العلماء بأنه من ابتلي في نفسه بالتطير، فعليه أن يتذكر بأن الله تعالى هو النافع وهو الضار، فلا يجوز أن يعتقد بالأسباب وينسى المسبب لها فمن أضاف شيئا إلى غير الله، مع اعتقاده أنه ليس من الله فهو مشرك حقيقة، ومع اعتقاد انه من عند الله تعالى فهو نوع من الشرك الخفي، وعليه أن يصرف عن نفسه دواعي الخيبة وذرائع الحرمان، ولا يجعل للشيطان سلطانا عليه.



وعلى المسلم أن يعلم أن قضاء الله تعالى عليه غالب، وأن رزقه له طالب، والحركة سبب في حصول ذلك، فلا يثنيه عنها ما لا يغير مخلوقا، ولا يدفع مقدورا، وليمض في أموره واثقا بالله تعالى راضيا بمنعه وإعطائه، وأن الله تعالى يذهبه بالتوكل أي إذا ظهر له عارض التطير فتوكل على الله وسلم إليه، ولم يعمل بذلك الخاطر غفر الله له ولم يؤاخذه به.







و للتطير مضار كثيرة فإذا اعتقد أنها تجلب له النفع أو تدفع عنه الضرر، وعمل بموجب ذلك فهو الشرك وأنه ينافي الإيمان ويخالف التوكل على الله و التطير دليل على الجهل، وقلة العقل، وذهاب الحلم.



فيه فتح لأبواب الوساوس، ويجعل الإنسان عبدًا للخزعبلات والدجل.



ويسبب اضطرابا للنفس، وبلبلة للفكر، ما يؤدي إلى الفشل في الحياة وتعطيل المصالح وترك السعي كما أنه من صفات الجاهلية، ومن عاداتها المذمومة.











وفيه دعوة صريحة للكفر بالقضاء والقدر و فيه مخالفة صريحة لأمر الرسول صلى الله عليه وسلم والمتطير متعب القلب، منكد الصدر، كاسف البال، سيئ الخلق، يتخوف من كل ما يراه ويسمعه والمتطير أشد الناس وجلا، وأنكدهم عيشا، وأضيقهم صدرا، وأحزنهم قلبا والتطير يحرم الإنسان من حظوظه، ويمنعه من أرزاقه، ويقطع عنه كثيرا من الفوائد.







و أما يدفع بلاء التطير











فالدعاء أولها ومن الأدعية " اللهم لا طير إلا طيرك، ولا خير إلا خيرك، ولا رب غيرك، ولا حول ولا قوة إلا بك " ، قال عنهم عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنه : "والذي نفسي بيده إنها لرأس التوكل، وكنز العبد في الجنة ولا يقولها عبد عند ذلك ثم يمضي إلا لم يضره شيء"



و كذلك قول الرسول صلى الله عليه وسلم (ليس عبد إلا سيدخل قلبه طيرة، فإذا أحس بذلك، فليقل أنا عبد الله ما شاء الله لا قوة إلا بالله لا يأتي بالحسنات إلا الله، ولا يذهب بالسيئات إلا الله اشهد أن الله على كل شيء قدير ثم يمضي لوجه) وقول الرسول صلى الله عليه وسلم: عندما ذكرت الطيرة عنده فقال (أحسنها الفأل ولا ترد مسلما فإذا رأى أحدكم ما يكره فليقل اللهم لا يأتي بالحسنات إلا أنت ولا يدفع السيئات إلا أنت ولا حول ولا قوة إلا بك).







والذكرثانيها والصدقة ثالثها وتحقيق التوكل على الله عز وجل رابعها والإيمان بقضاء الله وقدره خامسها







وخلاصة القول فإن الله تعالى وحده الفاعل لما يشاء، ولكنه يعقد أسبابا للعذاب، وأسبابا للرحمة؛ فأسباب العذاب يخوف الله بها عباده ليتوبوا إليه ويتضرعوا إليه، وأسباب الرحمة يرجى بها عباده.







و الله الموفق للصواب ...
 
التعديل الأخير بواسطة المشرف:
التطير











د. نايف بن أحمد الحمد



الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده نبينا محمد وعلى آله وصحبه ومن اقتفى أثره واستن بسنته أما بعد فمع التقدم العلمي والتقني إلا أنه لا يزال طائفة من هذه الأمة عامة وخاصة يتصفون ببعض الصفات المذمومة ولعل منها صفة التطير والتي سأتكلم عنها بإيجاز واختصار مبينا الحكم الشرعي لها وكذا بعض صورها وأقسام الناس فيها والعلاج فأقول مستعينا بالله تعالى :



تعريف التطير :

التطير هو التشاؤم بمرئي أو مسموع . مفتاح دار السعادة 3/311 فتح المجيد 2/525



سبب تسمية التشاؤم تطيرا :

أن العرب في الجاهلية إذا خرج أحدهم لأمر قصد عش طائر فهيجه فإذا طار من جهة اليمين تيمن به ومضى في الأمر , ويسمون الطائر " السانح " , أما إذا طار جهة اليسار تشاءم به ورجع عما عزم عليه ، ويسمى الطائر هنا " البارح " انظر : مفتاح دار السعادة 3/268 قال النووي رحمه الله تعالى : " التطير هو التشاؤم وكانوا يتطيرون بالسوانح والبوارح فينفرون الظباء والطيور فإن أخذت ذات اليمين تبركوا به ومضوا في سفرهم وحوائجهم وإن أخذت ذات الشمال رجعوا عن سفرهم وحاجتهم وتشاءموا بها فكانت تصدهم في كثير من الأوقات عن مصالحهم فنفى الشرع ذلك وأبطله ونهى عنه وأخبر أنه ليس له تأثير ينفع ولا يضر " ا.هـ الديباج على مسلم 5/241

وقال الحافظ ابن حجر رحمه الله تعالى : " وأصل التطير أنهم كانوا في الجاهلية يعتمدون على الطير فإذا خرج أحدهم لأمر فإن رأى الطير طار يمنة تيمن به واستمر وأن رآه طار يسرة تشاءم به ورجع وربما كان أحدهم يهيج الطير ليطير فيعتمدها فجاء الشرع بالنهي عن ذلك وكانوا يسمونه السانح بمهملة ثم نون ثم حاء مهملة والبارح بموحدة وآخره مهملة فالسانح ما ولاك ميامنه بأن يمر عن يسارك إلى يمينك والبارح بالعكس وكانوا يتيمنون بالسانح ويتشاءمون بالبارح لأنه لا يمكن رميه إلا بأن ينحرف إليه " ا.هـ فتح الباري 10/212عمدة القاري 21/273 شرح سنن ابن ماجه للسيوطي 1/252



التطير في القرآن :

قال ابن القيم رحمه الله تعالى :" لم يحك الله التطير إلا عن أعداء الرسل كما قالوا لرسلهم ( إِنَّا تَطَيَّرْنَا بِكُمْ لَئِنْ لَمْ تَنْتَهُوا لَنَرْجُمَنَّكُمْ وَلَيَمَسَّنَّكُمْ مِنَّا عَذَابٌ أَلِيمٌ (18) قَالُوا طَائِرُكُمْ مَعَكُمْ أَئِنْ ذُكِّرْتُمْ بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ مُسْرِفُونَ ) (يس:19) وكذلك حكى سبحانه عن قوم فرعون ( وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ يَطَّيَّرُوا بِمُوسَى وَمَنْ مَعَهُ أَلَا إِنَّمَا طَائِرُهُمْ عِنْدَ اللهِ &nbsp (الأعراف:131) " ا.هـ مفتاح دار السعادة 3/273 وقال قوم صالح عليه السلام ( قَالُوا اطَّيَّرْنَا بِكَ وَبِمَنْ مَعَكَ قَالَ طَائِرُكُمْ عِنْدَ اللهِ بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ تُفْتَنُونَ ) (النمل:47) .



الفرق بين الطيرة والتطير :

قال العز بن عبد السلام رحمه الله تعالى : " التطير هو الظن السيء الذي في القلب , والطيرة هي الفعل المرتب على الظن السيء " ا.هـ عون المعبود 10/406



الفرق بين الطيرة والفأل :

الطيرة منهي عنها كما سيأتي أما الفأل فمحبوب مندوب إليه فعن أنس رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( لا عدوى ولا طيرة ويعجبني الفأل ) قالوا : وما الفأل ؟ قال ( الكلمة الطيبة ) رواه البخاري ( 5440) ومسلم (2224) وعن أَنَسٍ أَنَّ نَبِيَّ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قال ( لَا عَدْوَى ولا طِيَرَةَ وَيُعْجِبُنِي الْفَأْلُ الْكَلِمَةُ الْحَسَنَةُ الْكَلِمَةُ الطَّيِّبَةُ ) رواه مسلم (2224). قال الكرماني رحمه الله تعالى : وقد جعل الله تعالى في الفطرة محبة ذلك كما جعل فيها الارتياح بالمنظر الأنيق والماء الصافي وإن لم يشرب منه ويستعمله . عون المعبود 10/293

ولأن الفأل تقوية لما فعله بإذن الله والتوكل عليه أما الطيرة فمعارضة ذلك . مجموع الفتاوى 4/81

ويعجبه الفأل لأن التشاؤم سوء ظن بالله تعالى بغير سبب محقق والفأل حسن ظن بالله تعالى والمؤمن مأمور بحسن الظن بالله تعالى على كل حال . انظر : فتح المجيد 2/519 والمنهاج 2/25

قال النووي رحمه الله تعالى : " قال العلماء وإنما أحب الفأل لأن الإنسان إذا أمَّل فائدة الله تعالى وفضله عند سبب قوى أو ضعيف فهو على خير في الحال وإن غلط في جهة الرجاء فالرجاء له خير وأما إذا قطع رجاءه وأمله من الله تعالى فإن ذلك شر له والطيرة فيها سوء الظن وتوقع البلاء ومن أمثال التفاؤل أن يكون له مريض فيتفاءل بما يسمعه فيسمع من يقول يا سالم أو يكون طالب حاجة فيسمع من يقول يا واجد فيقع في قلبه رجاء البرء أو الوجدان والله أعلم " ا.هـ شرح النووي على صحيح مسلم 14/ 220

قال الخطابي رحمه الله تعالى : " الفرق بين الفأل والطيرة أن الفأل من طريق حسن الظن بالله والطيرة لا تكون إلا في السوء فلذلك كرهت " ا.هـ فتح الباري 10/215

وقال النووي رحمه الله تعالى " الفأل يستعمل فيما يسوء وفيما يسر وأكثره في السرور والطيرة لا تكون إلا في الشؤم وقد تستعمل مجازا في السرور ا.هـ شرح مسلم 14/219

قال الحافظ ابن حجر رحمه الله تعالى " وكأن ذلك بحسب الواقع وأما الشرع فخص الطيرة بما يسوء والفأل بما يسر ومن شرطه أن لا يقصد إليه فيصير من الطيرة " ا.هـ فتح الباري 10/215



حكم التطير :

أولا : الطيرة باب من أبواب الشرك :

عن ابن مسعود رضي الله عنه قال : قال رسول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ( الطِّيَرَةُ شِرْكٌ ) وما مِنَّا إلا وَلَكِنَّ اللَّهَ يُذْهِبُهُ بِالتَّوَكُّلِ . رواه أحمد ( 3687) وأبو يعلى (5219) والبخاري في الأدب(909) وأبو داود (10/405 والترمذي (1614) وقال : حسن صحيح . وصححه ابن حبان (6122) والحاكم 1/65 وقوله : " وما منا إلا ولكن الله يذهبه بالتوكل " من كلام ابن مسعود أدرج في الخبر وقد بينه سليمان بن حرب شيخ البخاري فيما حكاه الترمذي عن البخاري عنه . علل الترمذي 1/266 فتح الباري 10/213 وصوب الإدراج ابن القيم في مفتاح دار السعادة 3/280 والمنذري في الترغيب والترهيب 4/33 وانظر : نيل الأوطار 7/372

وعن عبد اللَّهِ بن عَمْرٍو رضي الله عنهما قال : قال رسول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ( مَن رَدَّتْهُ الطِّيَرَةُ من حَاجَةٍ فَقَدْ أَشْرَكَ ) رواه أحمد (7045) قال الهيثمي :" رواه أحمد والطبراني وفيه ابن لهيعة وحديثه حسن وفيه ضعف وبقية رجاله ثقات " ا.هـ مجمع الزوائد 5/105

وإنما جعل ذلك شركا لاعتقادهم أن ذلك يجلب نفعا أو يدفع ضرا فكأنهم أشركوه مع الله تعالى . فتح الباري 10/213 شرح سنن ابن ماجه للسيوطي 1/10 مرقاة المفاتيح 10/398 عون المعبود 10/405 نيل الأوطار 7/372

قال ابن القيم رحمه الله تعالى : " ومن امتنع بها عما عزم عليه فقد قرع باب الشرك بل ولجه وبرئ من التوكل على الله وفتح على نفسه باب الخوف والتعلق بغير الله " ا.هـ مفتاح دار السعادة 3/311 وقال المناوي رحمه الله تعالى " إن العرب كانت تعتقد تأثيرها وتقصد بها دفع المقادير المكتوبة عليهم فطلبوا دفع الأذى من غير الله تعالى وهكذا كان اعتقاد الجاهلية " ا.هـ فيض القدير 2/342

والقاعدة في هذا كما قرره شيخنا العلامة ابن عثيمين رحمه الله تعالى : أن كل من اعتمد على سبب لم يجعله الشارع سببا لا بوحيه ولا بقدره فإنه مشرك . القول المفيد 2/93 فكيف وقد نهى الشارع عنه ونص على أنه شرك .



ثانيا : الطيرة ضرب من ضروب السحر :

عن قَبِيصَةَ بن مُخَارِقٍ رضي الله عنه أَنَّهُ سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول ( الْعِيَافَةُ وَالطِّيَرَةُ وَالطَّرْقُ مِنَ الْجِبْتِ ) رواه أحمد( 15956) وابن أبي شيبة (884) وأبو داود (3989) مع عون المعبود والطبراني في المعجم الكبير 18/369 وصححه ابن حبان (6131) وحسنه النووي في الرياض (1670) أما الألباني فقد ضعفه . ضعيف الترغيب والترهيب (1794) قال ابن الأثير : العيافة زجر الطير والتفاؤل بأسمائها وأصواتها وممرها . النهاية في غريب الأثر 3/330 عون المعبود 10/287

قال المناوي رحمه الله تعالى : العيافة بالكسر زجر الطير والطيرة أي التشاؤم بأسماء الطيور وأصواتها وألوانها وجهة مسيرها عند تنفيرها كما يتفاءل بالعقاب على العقوبة وبالغراب على الغربة وبالهدهد على الهدى كما ينظر إن طار إلى جهة اليمين تيمن أو اليسار تشاءم والطرق الضرب بالحصى والخط بالرمل من الجبت أي من أعمال السحر فكما أن السحر حرام فكذا هذه الأشياء أو مماثل عبادة الجبت في الحرمة . فيض القدير 4/395 مرقاة المفاتيح 8/398

وذكر إبراهيم الحربي والجوهري : إن الجبت كلمة تقع على الصنم والكاهن والساحر ونحو ذلك . غريب الحديث للحربي 3/1177 رياض الصالحين /307 عون المعبود 10/287



ثالثا : الوعيد للمتطيرين

عن عمران بن حصين رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( ليس منا من تطير أو تطير له ) رواه البزار (3578) والطبراني 18/132 رقم (355) قال المنذري : رواه البزار بإسناد جيد ورواه الطبراني من حديث ابن عباس .. بإسناد حسن . الترغيب والترهيب 4/17 وقال الهيثمي : رواه البزار ورجاله رجال الصحيح خلا اسحق بن الربيع وهو ثقة . مجمع الزوائد 5/117وقال الألباني : صحيح لغيره . صحيح الترغيب والترهيب 3/170



أقسام الناس في الطيرة

الأول : من يتطير ويستجيب لداعي التطير ويترك ما همَّ بفعله أو يفعله بدافع التطير فهذا قد وقع في المحرم وولج باب الشرك كما ذكر ابن القيم رحمه الله تعالى للأدلة السابقة .



الثاني : مَن إذا وقع ما يدعو إلى الطيرة عند الناس لم يترك ما بدا له فعله ولكنه يمضي في قلق ويخشى من تأثير الطيرة . فهذا أهون من الأول حيث لم يُجب داعي الطيرة لكن بقي فيه شيء من أثرها والواجب عليه أن يمضي متوكلا على الله تعالى لحديث ابن مسعود رضي الله عنه قال : قال رسول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ( الطِّيَرَةُ شِرْكٌ ) وما مِنَّا إلا وَلَكِنَّ اللَّهَ يُذْهِبُهُ بِالتَّوَكُّلِ . وقد تقدم تخريجه قريبا .



الثالث : مَن لا يتطير ولا يستجيب لداعي التطير : فهؤلاء أفضل الأقسام وأكملهم وأرفعهم درجة عند الله تعالى فعن عِمْرَانَ بن حُصَيْنٍ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قال ( يَدْخُلُ الْجَنَّةَ من أُمَّتِي سَبْعُونَ أَلْفًا بِغَيْرِ حِسَابٍ ) قالوا من هُمْ يا رَسُولَ اللَّهِ ؟ قال ( هُمْ الَّذِينَ لَا يَسْتَرْقُونَ ولا يَتَطَيَّرُونَ ولا يَكْتَوُونَ وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ ) رواه البخاري (5378) ومسلم ( 218) واللفظ له .



صور مما يتشاءم الناس به

* بعض الناس يتشاءم برؤية الأعور فقد خرج أحد الولاة لبعض مهماته فاستقبله رجل أعور فتطير به وأمر به إلى الحبس فلما رجع أمر بإطلاقه , فقال : سألتك بالله ما كان جرمي الذي حبستني لأجله ؟ فقال : تطيرت بك . فقال : فما أصبت في يومك برؤيتي ؟ فقال : لم ألق إلا خيرا . فقال : أيها الأمير أنا خرجت من منزلي فرأيتك فلقيت في يومي الشر والحبس , وأنت رأيتني فلقيت الخير والسرور فمن أشأمنا ؟ والطيرة بمن كانت ؟ فاستحيا منه الوالي ووصله . مفتاح دار السعادة 3/272



* وآخرون يتشاءمون بيوم الأربعاء أو بشهر شوال عن عَائِشَةَ قالت تَزَوَّجَنِي رسول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم في شَوَّالٍ وَبَنَى بِي في شَوَّالٍ فَأَيُّ نِسَاءِ رسول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كان أَحْظَى عِنْدَهُ منى قال وَكَانَتْ عَائِشَةُ تَسْتَحِبُّ أَنْ تُدْخِلَ نِسَاءَهَا في شَوَّالٍ . رواه مسلم (1423) قال النووي رحمه الله تعالى : " فيه استحباب التزويج والتزوج والدخول في شوال وقد نص أصحابنا على استحبابه واستدلوا بهذا الحديث وقصدت عائشة بهذا الكلام رد ما كانت الجاهلية عليه وما يتخيله بعض العوام اليوم من كراهة التزوج والتزويج والدخول في شوال وهذا باطل لا أصل له وهو من آثار الجاهلية كانوا يتطيرون بذلك لما في اسم شوال من الأشالة والرفع " ا.هـ شرح النووي على صحيح مسلم 9/209

وقال القاري رحمه الله تعالى : " قيل إنما قالت هذا رداً على أهل الجاهلية فإنهم كانوا لا يرون يمناً في التزوّج والعرس في أشهر الحج وقيل لأنها سمعت بعض الناس يتطيرون ببناء الرجل على أهله في شوّال لتوّهم اشتقاق شوال من أشال بمعنى أزال فحكت ما حكت رداً لذلك وأزاحه للوهم وفي شرح النقاية لأبى المكارم كره بعض الروافض النكاح بين العيدين , وقال السيوطي في حاشيته على مسلم : روى ابن سعد في طبقاته عن أبى حاتم قال إنما كره الناس أن يتزوّجوا في شوال الطاعون وقع في الزمن الأوّل " ا.هـ مرقاة المفاتيح 6/276



* الرافضة يكرهون التكلم بلفظ العشرة أو فعل شيء يكون عشرة لكونهم يبغضون خيار الصحابة وهم العشرة المشهود لهم بالجنة . منهاج السنة النبوية 1/38



* وآخرون يتشاءمون بشهر صفر وقابلهم آخرون فصاروا يسمونه صفر الخير وذكر العلامة ابن عثيمين رحمه الله تعالى أن هذا من باب مداواة البدعة بالبدعة والجهل بالجهل فهو ليس شهر خير ولا شهر شر .



* وآخرون إذا سافر مثلا أو خرج إلى عمل ما وتلف أحد إطارات سيارته في الطريق يترك السفر ويرجع إلى أهله تشاؤما بما حصل .



* وآخرون يتشاءمون ببعض منازل القمر والأبراج وهذا منتشر وتتبناه كثير من المجلات قال ابن عبد الحكم : خرج عمر بن عبد العزيز من المدينة والقمر في الدبران فكرهت أن أخرج به فقلت : ما أحسن استواء القمر في هذه الليلة فنظر فقال كأنك أردت أن تخبرني أن القمر في الدبران إنا لا نخرج بشمس ولا بقمر ولكنا نخرج بالله الواحد القهار . أبجد العلوم 2/368



* وآخرون يتشاءمون ببعض الحيوانات أو ببعض حركاتها عن زياد بن أبي مريم قال : خرج سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه في سفر قال فأقبلت الظباء نحوه حتى إذا دنت منه رجعت فقال له رجل : أيها الأمير ارجع .فقال له سعد : أخبرني من أيها تطيرت أمن قرونها حين أقبلت أم من أذنابها حين أدبرت ثم قال سعد عند ذلك : إن الطيرة لشعبة من الشرك. رواه ابن أبي شيبة (26399) وعبد الرزاق (19506) وابن عبد البر في التمهيد 24/193



* وكذا آخرون يتشاءمون برؤية بعض الطيور كالغربان والبومة وغيرها عن عكرمة أنه قال : كنا عند ابن عمر وعنده ابن عباس رضي الله عنهم ومر غراب يصيح فقال رجل من القوم : خير خير . فقال ابن عباس : لا خير ولا شر . التمهيد 24/ 194 فتح الباري 10/215



* وآخرون قد يتشاءمون ببعض الآيات بحيث يقوم بفتح المصحف للتفاؤل فإذا رأى ذكر النار تشاءم وإذا رأى ذكر الجنة تفاءل قال العلامة ابن عثيمين رحمه الله تعالى : " وهذا مثل عمل الجاهلية الذين يستقسمون بالأزلام " ا.هـ القول المفيد 1/86



* تشاؤم بعض الناس بمن يشبك أصابعه أو يكسر عودا في مجلس عقد النكاح وهذا مما لا أصل له شرعا .



* وهناك من يتشبه بالمتشائمين فمثلا لو رأى رجلا أو شيئا لم يعجبه قال : خير يا طير . وهذا وإن لم يُرد معناها ولكنها من بقايا الجاهلية لذا ينبغي مجاهدة النفس على ترك تلك الكلمة .



علاج الطيرة وكفارتها

أولا : التوكل على الله تعالى وعدم الالتفات إليها عن ابن مسعود رضي الله عنه قال : قال رسول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ( الطِّيَرَةُ شِرْكٌ ) وما مِنَّا إلا وَلَكِنَّ اللَّهَ يُذْهِبُهُ بِالتَّوَكُّلِ .وتقدم تخريجه .



ثانيا : أن يلح في دعائه الله تعالى أن يجنبه شرها فإن وقع فيها قال الدعاء الوارد في حديث عبد اللَّهِ بن عَمْرٍو رضي الله عنهما قال : قال رسول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ( مَن رَدَّتْهُ الطِّيَرَةُ من حَاجَةٍ فَقَدْ أَشْرَكَ ) قالوا : يا رَسُولَ اللَّهِ ما كَفَّارَةُ ذلك ؟ قال ( أن يَقُولَ أَحَدُهُمْ اللهم لاَ خَيْرَ إلا خَيْرُكَ وَلاَ طَيْرَ إلا طَيْرُكَ وَلاَ إِلَهَ غَيْرُكَ ) رواه أحمد(7045 ) قال ابن عبد البر رحمه الله تعالى " ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه نهى عن التطير وقال لا طيرة وذلك أنهم كانوا في الجاهلية يتطيرون فنهاهم عن ذلك وأمرهم بالتوكل على الله لأنه لا شيء في حكمه إلا ما شاء ولا يعلم الغيب غيره " ا.هـ التمهيد 24/195 وقال المناوي رحمه الله تعالى : " فينبغي لمن طرقته الطيرة أن يسأل الله تعالى الخير ويستعيذ به من الشر ويمضي في حاجته متوكلا عليه " ا.هـ فيض القدير 6/136



ثالثا : أن يرد الطيرة متى ما وردت عليه ولا يستجيب لداعيها فعن عروة بن عامر رضي الله عنه قال : ذُكِرتِ الطِيرةُ عندَ رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال ( أحْسَنُها الفألُ ولا تردَّ مسلماً فإذا رأى أحدكم ما يكره فليقل اللهمَّ لا يأتي بالحسناتِ إِلا أنتَ ولا يدفعُ السيِّئاتِ إِلا أنت ولا حولَ ولا قوَّةَ إِلا بالله ) رواه أبو داود (3919) والبيهقي 18/139قال النووي " أبو داود بإسناد صحيح " ا.هـ رياض الصالحين /494



الرابع : أن لا يتشبه بالمتطيرين ويأتي بأفعالهم

عن أُمِّ كُرْزٍ رضي الله عنها قالت : سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول ( أَقِرُّوا الطَّيْرَ على مَكِنَاتِهَا ) رواه أحمد(27183) وأبو داود (2835) وصححه الحاكم 4/265 وابن حبان (6126) وقال ابن حبان " قوله صلى الله عليه وسلم ( أقروا الطير على مكناتها) لفظة أمر مقرونة بترك ضده وهو أن لا ينفروا الطيور عن مكناتها والقصد من هذا الزجر عن شيء ثالث وهو أن العرب كانت إذا أرادت أمرا جاءت إلى وكر الطير فنفرته فإن تيامن مضت للأمر الذي عزمت عليه وإن تياسر أغضت عنه وتشاءمت به فزجرهم النبي صلى الله عليه وسلم عن استعمال هذا الفعل بقوله اقروا الطير على مكناتها " ا.هـ مرقاة المفاتيح 8/76 فيض القدير 2/70 عون المعبود 10/29 غريب الحديث لابن الجوزي 2/369

وقال ابن جرير رحمه الله تعالى " معنى الكلام حينئذ أقروا الطير التي تزجرونها في مواضعها المتمكنة فيها التي هي بها مستقرة وامضوا لأموركم فإن زجركم إياها غير مجد عليكم نفعا ولا دافع عنكم ضرا " ا.هـ تهذيب الآثار مسند عمر بن الخطاب 1/204 غريب الحديث لأبي عبيد 2/138 النهاية في غريب الأثر 4/350



الخامس : استحضار الأدلة الناهية عن التطير فلو كان فيه خير لما نهينا عنه بل كان عقلاء الجاهلية لا يفعلونه قال الحافظ ابن حجر رحمه الله تعالى : " وإنما هو تكلف بتعاطي ما لا أصل له إذ لا نطق للطير ولا تمييز فيستدل بفعله على مضمون معنى فيه وطلب العلم من غير مظانه جهل من فاعله وقد كان بعض عقلاء الجاهلية ينكر التطير ويتمدح بتركه قال شاعر منهم



ولقد غدوت وكنت لا *** أغدو على واق وحاتم



فإذا الأشائم كالأيا *** من والأيامن كالأشائم





وقال آخر :



الزجر والطير والكهان كلهم *** مضللون ودون الغيب أقفال





وقال آخر :



وما عاجلات الطير تدنى من الفتى *** نجاحا ولا عن ريثهن قصور





وقال آخر :



لعمرك ما تدري الطوارق بالحصى *** ولا زاجرات الطير ما الله صانع





قال آخر :



تخير طيرة فيها زياد *** لتخبره وما فيها خبير



تعلم أنه لا طير إلا *** على متطير وهو الثبور



بلى شيء يوافق بعض شيء *** أحايينا وباطله كثير





وكان أكثرهم يتطيرون ويعتمدون على ذلك ويصح معهم غالبا لتزيين الشيطان ذلك وبقيت من ذلك بقايا في كثير من المسلمين " ا.هـ فتح الباري 10/213



السادس : أن التطير يفتح باب الوسواس والهموم على المتطير قال ابن القيم رحمه الله تعالى : " وأما من كان معتنيا بالطيرة فهي أسرع إليه من السيل إلى منحدره قد فتحت له أبواب الوسواس فيما يسمعه ويراه ويفتح له الشيطان فيها من المناسبات البعيدة والقريبة ما يفسد عليه دينه وينكر عليه معيشته " ا.هـ أبجد العلوم 2/368

وقال رحمه الله تعالى : " المتطير مُتْعب القلب مُنكَّد الصدر كاسف البال سيء الخلق يتخيَّل من كل ما يراه أو يسمعه , أشد الناس خوفا , وأنكدهم عيشا وأضيق الناس صدرا , وأحزنهم قلبا , كثير الاحتراز والمراعاة لما يضره ولا ينفعه , وكم قد حرم نفسه بذلك من حظٍّ , ومنعها من رزق وقطع عليها من فائدة " ا.هـ مفتاح دار السعادة 3/273



والحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين



حرر في 27/8/1427هـ

كتبه د. نايف بن أحمد الحمد
 
التعديل الأخير بواسطة المشرف:
شرح حديث: ((لا عدوى ولا طيرة...))









سمعت حديثا عن التشاؤم، يقول فيما معناه (ولا هام ولا صفر) أرجو منكم ذكر الحديث كاملاً مع شرح الكلمات التي لا أفهمها فيه؟[1]





ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((لا عدوى ولا طيرة ولا هامة ولا صفر، ولا نوء ولا غول، ويعجبني الفأل))[2] والمعنى إبطال ما يعتقده أهل الجاهلية، من أن الأشياء تعدي بطبعها، فأخبرهم صلى الله عليه وسلم أن هذا الشيء باطل، وأن المتصرف في الكون هو الله وحده، فقال بعض الحاضرين له صلى الله عليه وسلم: يا رسول الله الإبل تكون في الصحراء، كأنها الغزلان، فيدخل فيها البعير الأجرب فيجربها، فقال صلى الله عليه وسلم: ((فمن أعدى الأول))[3]. والمعنى أن الذي أنزل الجرب في الأول هو الذي أنزله في الأخرى، ثم بين لهم صلى الله عليه وسلم أن المخالطة تكون سبباً لنقل المرض من الصحيح إلى المريض، بإذن الله عز وجل، ولهذا قال صلى الله عليه وسلم: ((لا يورد ممرض على مصح))[4]. والمعنى: النهي عن إيراد الإبل المريضة ونحوها بالجرب ونحوه مع الإبل الصحيحة؛ لأن هذه المخالطة قد تسبب انتقال المرض مع المريضة إلى الصحيحة بإذن الله، ومن هذا قوله صلى الله عليه وسلم: ((فر من المجذوم فرارك من الأسد))[5]. وذلك لأن المخالطة قد تسبب انتقال المرض منه إلى غيره، وثبت عنه صلى الله عليه وسلم أن انتقال الجذام من المريض إلى الصحيح إنما يكون بإذن الله، وليس هو شيئاً لازماً.

والخلاصة: أن الأحاديث في هذا الباب تدل على أنه لا عدوى على ما يعتقده الجاهليون من كون الأمراض تعدي بطبعها، وإنما الأمر بيد الله سبحانه. إن شاء انتقل الداء من المريض إلى الصحيح وإن شاء سبحانه لم يقع ذلك.

ولكن المسلمين مأمورون بأخذ الأسباب النافعة، وترك ما قد يفضي إلى الشر.

أما قوله صلى الله عليه وسلم: ((ولا طيرة)) فمعناه: إبطال ما يعتقده أهل الجاهلية من التطير بالمرئيات والمسموعات مما يكرهون وتردهم عن حاجتهم فأبطلها النبي صلى الله عليه وسلم وقال في الحديث الآخر: ((الطيرة شرك الطيرة شرك)). وقال عليه الصلاة والسلام: ((إذا رأى أحدكم ما يكره فليقل: اللهم لا يأتي بالحسنات إلا أنت، ولا يدفع السيئات إلا أنت ولا حول ولا قوة إلا بك))[6].

وروي عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((من ردته الطيرة عن حاجته فقد أشرك))قالوا: وما كفارة ذلك يا رسول الله؟ قال: ((أن يقول: اللهم لا خير إلا خيرك ولا طير إلا طيرك ولا إله غيرك))[7].

وأما الهامة: فهو طائر يسمى البومة، يزعم أهل الجاهلية أنه إذا نعق على بيت أحدهم فإنه يموت هذا البيت، فأبطل النبي صلى الله عليه وسلم ذلك.

وأما قوله صلى الله عليه وسلم: ((ولا صفر)) فهو الشهر المعروف وكان بعض أهل الجاهلية يتشاءمون به. فأبطل النبي صلى الله عليه وسلم ذلك، وأوضح صلى الله عليه وسلم أنه كسائر الشهور ليس فيه ما يوجب التشاؤم. وقال بعض أهل العلم: إنها دابة تكون في البطن تسمى: صفر.. وكان بعض أهل الجاهلية يعتقدون فيها أنها تعدي فأبطل النبي صلى الله عليه وسلم ذلك.

وأما النوء فهو واحد الأنواء، وهي النجوم وكان بعض أهل الجاهلية يتشاءمون ببعض النجوم فأبطل النبي صلى الله عليه وسلم ذلك.

وقد أوضح الله سبحانه في القرآن العظيم: أنه خلق النجوم زينة السماء ورجوماً للشياطين، وعلامات يهتدى بها في البر والبحر؛ كما قال الله سبحانه: وَلَقَدْ زَيَّنَّا السَّمَاء الدُّنْيَا بِمَصَابِيحَ وَجَعَلْنَاهَا رُجُومًا لِّلشَّيَاطِينِ[8]، وقال سبحانه: وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ النُّجُومَ لِتَهْتَدُواْ بِهَا فِي ظُلُمَاتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ[9]، وقال سبحانه: وَعَلامَاتٍ وَبِالنَّجْمِ هُمْ يَهْتَدُونَ[10].

وأما الغول: فهو جنس من الجن يتعرضون للناس في الصحراء، ويضلونهم عن الطرق ويخوفونهم، وكان بعض أهل الجاهلية يعتقدون فيهم، وأنها تتصرف بقدرتها، فأبطل الله ذلك. وروي عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((إذا تغولت الغيلان فبادروا بالأذان))والمعنى أن ذكر الله يطردها، وهكذا التعوذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق، يقي من شرها وشر غيرها، مع الأخذ بالأسباب التي جعلها الله أسباباً للوقاية من كل شر.

أما الفأل: فهو أن يسمع الإنسان الكلمة الطيبة، فتسره، ولكن لا ترده عن حاجته، وقد فسر النبي صلى الله عليه وسلم الفأل بذلك فقال صلى الله عليه وسلم: ((ويعجبني الفأل)) قالوا: يا رسول الله وما الفأل؟ قال: ((الكلمة الطيبة)) أ.هـ.

ومن أمثلة ذلك أن يسمع المريض من يقول: يا سليم يا معافى فيسره وهكذا إذا سمع من ينشد ضالة: من يقول: يا واجد، أو يا ناجح أو يا موفق ذلك ويتفاءل به.

والله ولي التوفيق.

[1] من ضمن الأسئلة الموجهة لسماحته من مجلة الدعوة، وقد أجاب عنه سماحته بتاريخ 24/12/1418هـ.



[2] أخرجه مسلم في كتاب السلام، باب لا عدوى ولا طيرة ولا هامة ولا صفر ولا نوء، برقم 2222.



[3] أخرجه البخاري في كتاب الطب، باب لا صفر – وهو داء يأخذ البطن – برقم 5717، ومسلم في كتاب الطب، باب في الطيرة، برقم 2220.



[4] أخرجه البخاري في كتاب الطب، باب لا عدوى، برقم 5775، ومسلم في كتاب السلام، باب لا عدوى ولا طيرة ولا هامة ولا صفر ولا نوء، برقم 2221.



[5] أخرجه البخاري في كتاب الطب، باب الجذام، وأحمد في المسند، باقي مسند المكثرين، باقي المسند السابق، برقم 9429.



[6] أخرجه أبو داود في كتاب الطب، باب في الطيرة، برقم 3919.



[7] أخرجه الإمام أحمد في المسند، مسند المكثرين من الصحابة، مسند عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنه برقم 7005.



[8] سورة الملك، الآية 5.



[9] سورة الأنعام، الآية 97.



[10] سورة النحل، الآية 16.
 
التعديل الأخير بواسطة المشرف:
الوسوم
التطير التوحيد الثاني الفصل المتوسط درس للصف لمادة
عودة
أعلى