سر نقاء العمل وبقائه

  • تاريخ البدء

صفا النعمان

الادارة
طاقم الإدارة
فإن العمل الصالح لكى يكون صالحاً فإنه يحتاج إلى أمرين: النقاء والبقاء أما النقاء فهو: خلو العمل من الرياء والسمعة, ووصوله إلى مرحلة الصفاء والتجرد , وهذه المعانى القرآنية لمعنى صلاح العمل , نورد من الآيات الكريمة مايعطينا الفهم الحقيقى لصلاح العمل , قال الله - عز وجل-:
] مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثى وَهُومُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً [ [النحل: 97].
] فَمَن كَانَ يَرْجُو لِقَاء رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا [ [الكهف:110] .
] وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِّمَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا ثُمَّ اهْتَدَى [ [ طه:82] .
] يَا أَيُّهَا الرُّسُـلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَاعْمَلُوا صَالِحًا [ [المؤمنون:51] .

] وَمَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُوْلَئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ يُرْزَقُونَ فِيهَا بِغَيْرِ حِسَابٍ [ [غافر:40] .
] وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِّمَّن دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحًا [ [فصلت:33] .
] وَمَن يُؤْمِن بِاللَّهِ وَيَعْمَلْ صَالِحًا يُكَفِّرْ عَنْهُ سَيِّئَاتِهِ [ [التغابن:9] .
وصلاح العمل ونقاؤه مرتبطان بالإخلاص فيه , واستحضار الهمة عند عمله , والقصد والتجرد , وهذه المعانى يمكن توضيحها من آيات الذكر الحكيم: ] قُلْ إِنِّي أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ اللَّهَ مُخْلِصًا لَّهُ الدِّينَ [ [الزمر: 11] .
] قُلِ اللَّهَ أَعْبُدُ مُخْلِصًا لَّهُ دِينِي [ [الزمر:14] .
] وَأَقِيمُواْ وُجُوهَكُمْ عِندَ كُلِّ مَسْجِدٍ وَادْعُوهُ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ [
[الأعراف:29] .
] فَادْعُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ [ [غافر:14].
] هُوَ الْحَيُّ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ فَادْعُوهُ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ [ [غافر:65] .
] وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاء [ البينة :5] .

وأما البقاء فهو : بقاء أثر العمل الصالح ذخراً لصاحبه فى الدنيا والآخرة , وهذا البقاء للعمل لا يكون إلا فى حالة صدق هذا العمل والإخلاص فيه , وعلى قدر الإخلاص فيه والصدق فيه , يأتى له
البقاء , بإذن الله سبحانه وتعالى , وسنتعلم الآن من القرآن الكريم سمات العمل الباقى الدائم أثره , المتحقق رسوخه بإذن الله تعالى, ونورد من الآيات الكريمة مايلى :
] وَاللَّهُ خَيْرٌ وَأَبْقَى [ [طه:73] .
] وَرِزْقُ رَبِّكَ خَيْرٌ وَأَبْقَى [ [طه:131] .
] وَمَا عِندَ اللَّهِ خَيْرٌ وَأَبْقَى [ [القصص:60] .
] وَمَا عِندَ اللَّهِ خَيْرٌ وَأَبْقَى لِلَّذِينَ آمَنُوا وَعَلَى رَبِّهِمْ
يَتَوَكَّلُونَ [ [الشورى :36] .
] وَالْآخِرَةُ خَيْرٌ وَأَبْقَى [ [الأعلى:17] .
] مَا عِندَكُمْ يَنفَدُ وَمَا عِندَ اللّهِ بَاقٍ [ [النحل:96] .
] وَالْبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ خَيْرٌ عِندَ رَبِّكَ ثَوَابًا وَخَيْرٌ أَمَلًا [ [الكهف:46] .
] وَالْبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ خَيْرٌ عِندَ رَبِّكَ ثَوَابًا وَخَيْرٌ مَّرَدًّا [ [مريم:76] .
] بَقِيَّةُ اللّهِ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ [ [هود:86] .
البقاء والنقاء معاً يجتمعان فى الأخلاق الإسلامية الطيبة , وفى حسن الخلق وصلاح النفوس , والتأدب مع البشر, وهذه هى المعانى التى نركز عليها فى الصفحات التالية؛ حيث نبرز أهمية الأخلاق الحسنة فى الإسلام التى هى مظهرٌ للنقاء والبقاء.
إن تزكية النفوس أصعب من علاج الأبدان وأشدُّ , وطريق تهذيبها وتأديبها وتصفيتها هو طريق الرسل الكرام - صلوات ربى وسلامه عليهم- فالرسل أطباء القلوب , فلا سبيل إلى تزكيتها وصلاحها إلا من طريقهم , وعلى أيديهم , والتسليم لهم , وتزكية النفس إحدى مراتب الإحسان.
لقد حدّد رسول الله $ الغاية الأولى من بعثته , والمنهاج المبين فى دعوته بقوله : ( إنما بعثتُ لأتمم مكارم الأخلاق) (أخرجه الإمام مالك) والعبادات التى شرعت فى الإسلام , واعتبرت أركانًا فى الإيمان به هى أساس الأخلاق الصحيحة , وأن يظل مستمسكًا بهذه الأخلاق مهما تغيّرت أمامه الظروف.

والقرآن الكريم والسنة المطهرة , يكشفان - بوضوح- عن هذه الحقائق الأخلاقية , فالصلاة الواجبة - عندما أمر الله بها- أبان الحكمة من إقامتها , فقال عز وجل:
] وَأَقِمِ الصَّلَاةَ إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاء وَالْمُنكَرِ [ [العنكبوت:45].
فالابتعاد عن الرذائل , والتطهير من سوء القول وسوء العمل, هو حقيقة الصلاة .. وقد قال $ :
{ إنما أتقبل الصلاة ممن تواضع بها لعظمتى , ولم يستطل بها على خلقى , ولم يبت مصراً على معصيتى , وقطع النهار فى ذكرى , ورحم المسكين وابن السبيل والأرملة ورحم المصاب } [رواه البزار].
والزكاة المفروضة ليست تؤخذ قهراً , بل هى -أولاً- غرس لمشاعر الحنان والرأفة , وتوطيد لعلاقات التعارف والألفة بين شتى الطبقات .. وقد نص القرآن الكريـم على الغاية من إخراج الزكاة بقوله:
] خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِم بِهَا [ [التوبة:103] .
وكذلك شرع الإسلام الصوم , فلم ينظر إليه على أنه حرمان مؤقت من بعض الأطعمة والأشربة , بل اعتبره خطوة إلى حرمان النفس دائماً من شهواتها المحظورة , وإقرار لهذا المعنى قال رسول الله $:
{ من لم يدع قول الزور, والعمل به فليس لله حاجة فى أن يدع طعامه وشرابه } [رواه البخارى].
والقرآن الكريم يذكر ثمرة الصوم بقوله:
]يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ [ [البقرة:183].
هذا العرض المجمل لبعض العبادات التى فرضها الإسلام , وعرفت على أنها أركانه الأصلية , نستبين منه متانة الأواصر التى تربط الدين بالأخلاق .. إنها عبادات متباينة فى جوهرها ومظهرها, ولكنها تلتقى عند الغاية التى رسمها رسول الله $ فى قوله :
{ إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق }.

فإذا لم يستفد المرء من هذه العبادات مايزكى قلبه , وينقى لبّـه , ويهذب صلته بالله ثم بالناس فقد هوى.

 
التعديل الأخير بواسطة المشرف:
الوسوم
العمل سر نقاء وبقائه
عودة
أعلى