حكم الاستحداد وتعريفه

لاستحداد لغة:
مأخوذ من الحديدة، يقال: استحد، إذا حلق عانته، قال أبو عبيدة - كما في تاج العروس -: الاستحداد: استفعال من الحديدة؛ يعني الاحتلاق بالحديد، استعمله على طريق الكناية والتورية . [ تاج العروس: 4/412 ] .


الاستحداد اصطلاحًا:
لا يفترق المعنى اللغوي عن المعنى الاصطلاحي؛ حيث عرفه الفقهاء بقولهم: الاستحداد حلق العانة [ نيل الأوطار: 1/1414 ].


وقال النووي: الاستحداد: إزالة شعر العانة، هو الذي حول الفرج، سواء إزالته بنتف أو نورة أو حلق، مأخوذ من الحديدة، وهي الموسى التي يحلق بها [ تحرير ألفاظ التنبيه: 253 ].

وعرفه النفراوي من المالكية، فقال: حلق العانة: هي ما فوق العسيب والفرج، وما بين الدبر والأنثيين .

وقد روى البخاري في صحيحه، قال: حدثنا محمد بن الوليد، حدثنا محمد بن جعفر، حدثنا شعبة، عن سيار، عن الشعبي، عن جابر بن عبدالله - رضي الله تعالى عنهما - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: ((إذا دخلت ليلاً، فلا تدخل على أهلك حتى تستحد المغيبة، وتمتشط الشعثة))، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((فعليك بالكيس الكيس))[ صحيح البخاري ].

حكم الاستحداد:
ذهب جمهور الفقهاء إلى أن الاستحداد سنة.


وقيل: الاستحداد واجب، اختاره ابن العربي والشوكاني.

دليل الجمهور على الاستحباب:

ما رواه البخاري، قال: حدثنا أحمد بن يونس، حدثنا إبراهيم بن سعد، حدثنا ابن شهاب، عن سعيد بن المسيب، عن أبي هريرة - رضي الله عنه - سمعت النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول: ((الفطرة خمس: الختان، والاستحداد، وقص الشارب، وتقليم الأظفار، ونتف الآباط))[ صحيح البخاري: 5246].

قال ابن قدامة: وهو - يعني الاستحداد - مستحب؛ لأنه من الفطرة، ويفحش بتركه .

وقال النووي: معظم هذه الخصال ليست بواجبة عند العلماء، وفي بعضها خلاف في وجوبه كالختان، والمضمضة والاستنشاق، ولا يمتنع قرن الواجب بغيره، كما قال - تعالى -: ﴿ كلوا من ثمره إذا أثمر وآتوا حقه يوم حصاده ﴾، والإيتاء واجب، والأكل ليس بواجب[ شرح النووي: 3/148].

دليل القائلين بالوجوب:
قال ابن العربي: "والذي عندي أن الخصال الخمس المذكورة في هذا الحديث كلها واجبة؛ فإن المرء لو تركها لم تبق صورته على صورة الآدميين، فكيف من جملة المسلمين؟" .


ومما يدل على الوجوب حديث زيد بن أرقم - رضي الله تعالى عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: ((من لم يأخذ من شاربه فليس منا))[ مسند أحمد: 4-366-368].
[إسناده صحيح] .


فهذا الحديث يدل على أن الأخذ من الشارب واجب، بل لو قيل: إن تاركه مرتكب لكبيرة من كبائر الذنوب لم يكن بعيدًا لهذا العقاب.
فهذا الحديث، والحديث الذي قبله يدلان أن سنن الفطرة ليست مستحبة؛ وإنما هي واجبة، والاستحداد من سنن الفطرة.


فرع: إذا قلنا بأن الاستحداد سنة فهل له أن يجبر زوجته على الاستحداد؟.

قيل: له أن يجبرها إذا طال، وهو أصح القولين في مذهب الشافعية، وقولاً واحدًا في مذهب الحنابلة.
وقيل: ليس له إجبارها حتى يفحش بحيث ينفر التواق.


والراجح أن لكل الزوجين أن يجبر الآخر على التنظف له، وهو من العشرة بالمعروف المأمورِ بها الزوجُ بقوله تعالى: ﴿ وعاشروهن بالمعروف ﴾.

وكما أنه يجب للزوج على الزوجة، يجب على الزوج أيضًا؛ قال - تعالى -: ﴿ ولهن مثل الذي عليهن ﴾.
















 
الوسوم
الاستحداد حكم وتعريفه
عودة
أعلى