تاريخ الكعبة المشرفة :

صفا النعمان

الادارة
طاقم الإدارة
تقع الكعبة المشرفة فى أرض الله الحرام؛ لأن الله سبحانه وتعالى كما يقول ابن عباس ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ قَالَ: «لَمَّا كَانَ الْعَرْشُ عَلَى الْمَاءِ قَبْلَ أَنْ يَخْلُقَ اللَّهُ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضَ بَعَثَ اللَّهُ تَعَالَى رِيحًا هَفَّافَةً، فَصَفَقَتِ الْمَاءَ، فَأَبْرَزَتْ عَنْ خَشْفَةٍ، فِي مَوْضِعِ هَذَا الْبَيْتِ كَأَنَّهَا قُبَّةٌ فَدَحَا اللَّهُ الْأَرَضِينَ مِنْ تَحْتِهَا فَمَادَتْ، ثُمَّ مَادَتْ فَأَوْتَدَهَا اللَّهُ تَعَالَى بِالْجِبَالِ، فَكَانَ أَوَّلُ جَبَلٍ وُضِعَ فِيهَا أَبُو قُبَيْسٍ، فَلِذَلِكَ سُمِّيَتْ مَكَّةُ أُمَّ الْقُرَى»(2) ، ومكة هى القرية، وبكة موضع البيت، ولهذا قال الحق سبحانه وتعالى :(إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِى بِبَكَّةَ مُبَارَكاً وَهُدىً لِلْعَالَمِينَ) (آل عمران:96)
وقد ثبت أن الكعبة هى محور الكرة الأرضية ومركز ارتكازها، وقد أعلن الدكتور حسين كمال الدين ، رئيس قسم الهندسة المدنية بكلية الهندسة / جامعة الرياض بالسعودية، بتصريح نشرته جريدة الأهرام المصرية فى العدد رقم 132898 لسنة 103 فى 15 محرم سنة 1397 هـ ، الموافق 5 يناير سنة 1977م. أنه توصل إلى ما يشبه النظرية الجغرافية التى تؤكد أن مكة المكرمة هى مركز اليابسة فى الكرة الأرضية، وقد بدأ بحثه برسم خريطة تحسب أبعاد كل الأماكن على الأرض عن مدينة مكة المكرمة، وكان بحثه لتصميم جهاز علمى يساعد على تحديد القبلة، وفجأة اكتشف على الخريطة أن مكة المكرمة تقع فى وسط العالم، ولهذا السبب كان الاختيار الإلهى أن تكون هذه البقعة مقرًا لبيت الله الحرام، ومنطلقا للرسالة السماوية وصدق الله العظيم حين يقول ( لِتُنْذِرَ أُمَّ الْقُرَى وَمَنْ حَوْلَهَا) (الأنعام: 92)
ولذلك ورد أن اليهود قالوا ( بيت المقدس)أعظم من الكعبة ، فأنزل الله تعالى )إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِى بِبَكَّةَ مُبَارَكاً وَهُدىً لِلْعَالَمِينَ* فِيهِ آيَاتٌ بَيِّنَاتٌ مَقَامُ إِبْرَاهِيمَ وَمَنْ دَخَلَهُ كَانَ آمِناً )(آل عمران 96 : 97) وعَنْ أَبِي ذَرٍّ، قَالَ: سَأَلْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَيُّ مَسْجِدٍ وُضِعَ فِي الْأَرْضِ أَوَّلُ؟ قَالَ: "الْمَسْجِدُ الْحَرَامُ " قُلْتُ: ثُمَّ أَيٌّ؟ قَالَ: "ثُمَّ الْمَسْجِدُ الْأَقْصَى " قُلْتُ: كَمْ بَيْنَهُمَا؟ قَالَ: "أَرْبَعُونَ سَنَةً ، قُلْتُ ثُمَّ أَيٌّ؟ قَالَ: "ثُمَّ حَيْثُمَا أَدْرَكْتَ الصَّلَاةَ فَصَلِّ، فَكُلُّهَا مَسْجِدٌ "(1)
ولا تشد الرحال لأداء عبادة معينة فى أوقات محددة إلا إلى ثلاثة مساجد حددها الرسول)فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: " لَا تُشَدُّ الرِّحَالُ إِلَّا إِلَى ثَلَاثَةِ مَسَاجِدَ: مَسْجِدِ الْحَرَامِ وَمَسْجِدِي هَذَا وَالْمَسْجِدِ الْأَقْصَى"(2)
وقد وضع الله سبحانه وتعالى مكان هذا البيت قبل أن يخلق شيئًا من الأرض بألفى سنة ، ولما خلق الله السماوات والأرض والملائكة أمرهم أن يبنوا بيتًا فى الأرض تحت البيت المعمور؛ ليطوف به أهل الأرض كما يطوف أهل السماء بالبيت المعمور، وإذا بعث الله ملكًا من الملائكة لبعض الأمور فى الأرض، استأذنه ذلك الملك فى الطواف بالبيت،
إن الله تعالى لما تاب على آدم أمره أن يسير إلى مكة ، وطوى له الأرض فلم يضع قدمه فى شيء من الأرض إلا صار عمرانًا حتى انتهى إلى مكة ، وكان قد اشتد بكاؤه وحزنه لِم ألمَّ به واقترفه ، وعَنْ وهب بْن منبه، قَالَ " لما تاب الله عَزَّ وَجَلَّ عَلَى آدم أمره أن يسافر إِلَى مَكَّة، فطوى لَهُ الأرض والمفاوز، فصار كُلّ مفازة يمر بِهَا خطوة، وقبض لَهُ مَا كَانَ فِيهَا من مخاض أَوْ بحر، فجعله لَهُ خطوة، فلم يضع قدمه فِي شَيْء من الأرض إِلا صار عمرانا وبركة حَتَّى انتهى إِلَى مَكَّة، وَكَانَ قبل ذَلِكَ قَدِ اشتد بكاؤه وحزنه لما كَانَ بِهِ من عظم المصيبة، حَتَّى إن لتبكي لبكائه، وتحزن لحزنه، فعزاه الله عَزَّ وَجَلَّ بخيمة من خيام الْجَنَّة وضعها لَهُ بمكة فِي موضع الكعبة قبل أن تكون الكعبة، وتلك الخيمة ياقوتة حمراء من ياقوت الْجَنَّة، فِيهَا ثلاثة قناديل من ذهب نور تلتهب من نور الْجَنَّة، ونزل معها يومئذ الركن، وَهُوَ يومئذ ياقوتة بيضاء من ربض الْجَنَّة، وَكَانَ كرسيا لآدم يجلس عَلَيْهِ، فَلَمَّا صار آدم بمكة حرسه الله، وحرس لَهُ تلك الخيمة بالملائكة كانوا يحرسونها، ويذودون عنها سكان الأرض، وسكانها يومئذ الجن والشياطين، فلا ينبغي لَهُمْ أن ينظروا إِلَى شَيْء من الْجَنَّة، لأنه من نظر إِلَى شَيْء من الْجَنَّة، وجبت لَهُ،
والأرض يومئذ طاهرة نقية لم تنجس، ولم يسفك فِيهَا الدماء، ولم يعمل فِيهَا بالخطايا، فلذلك جعلها الله مسكن الملائكة، وجعلهم فِيهَا كَمَا كانوا فِي السَّمَاء يسبحون اللَّيْل والنهار لا يفترون، وَكَانَ وقوفهم عَلَى أعلام الحرم صفا واحدا مستديرين، فالحرم كله من خلفهم، والحرم كله من أمامهم، فلا يجوزهم جني وَلا شيطان، ومن أجل مقلم الملائكة حرم الحرم حَتَّى الْيَوْم، ووضعت أعلامه حيث كَانَ مقام الملائكة، وحرم عَلَى حواء دخول الحرم، والنظر إِلَى خيمة آدم من أجل خطيئتها الَّتِي أخطأت فِي الْجَنَّة فلم تنظر إِلَى شَيْء من ذَلِكَ، حَتَّى قبضت "(1) ، ومن أجل مقام الملائكة أصبح الإلحاد فى الحرم من أكبر الكبائر، ومن يرتكب فى الحرم ذنبًا أو يفعل معصية فعقابه أضعاف أضعافه ، ولهذا لا تلتقط لقطة ولا يسرق فيه أحد شيئًا، ومن همَّ بذنب أو فكر فى معصية فعليه وزر كأنه عمله ؛ لأن هذه البقعة اختارها الله تعالى ، وجعلها حرمًا آمنا ، ومن فضل الله على أهلها أن كل خير فى الدنيا يُساق إلى هذه البقعة المباركة ، قال تعالى:)وَقَالُوا إِنْ نَتَّبِعِ الْهُدَى مَعَكَ نُتَخَطَّفْ مِنْ أَرْضِنَا أَوَلَمْ نُمَكِّنْ لَهُمْ حَرَماً آمِناً يُجْبَى إِلَيْهِ ثَمَرَاتُ كُلِّ شَيْءٍ رِزْقاً مِنْ لَدُنَّا وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لا يَعْلَمُونَ) (القصص:57) .
وربما يسأل سائل ، لماذا اختار الله تعالى هذه البقعة ؟ لله سبحانه أن يخلق ما يشاء ويختار ما شاء ، فهو سبحانه خلق الملائكة واصطفى منهم بعض الرسل وخلق الناس واختار منهم بعض الرسل، وفضَّل بعض الرسل على بعض، وقال سبحانه:[ تِلْكَ الرُّسُلُ فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ ](البقرة: 253)، وخلق الزمان وفضل بعض الأيام على بعض، وبعض الليالى على بعض، وفضل بعض الساعات على غيرها كما خلق الأرض وفضل بعض أماكنها على بعض ، وتلك حكمة الله الذى لا يُسأل عنها؛ لأنه صاحب الأمر، وأعلى وأعلم)لا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْأَلُونَ) (الأنبياء:23)، وهو سبحانه له الفضل لأنه الخالق :)هَلْ مِنْ خَالِقٍ غَيْرُ اللَّهِ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ فَأَنَّى تُؤْفَكُونَ) (فاطر:3).
ولقد قال الحق سبحانه وتعالى يبين لنا ذلك*) وَرَبُّكَ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَيَخْتَارُ مَا كَانَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ سُبْحَانَ اللَّهِ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ) (القصص:68).
 
الوسوم
الكعبة المشرفة تاريخ
عودة
أعلى