مارد القرن الواحد والعشرين (الحلقة الأولى)

  • تاريخ البدء

صفا النعمان

الادارة
طاقم الإدارة
حُرِمَ علاءُ الدّين لذيذَ المنامِ بعد أن غدت قصتهُ مسلسلاً على شاشات التّلفزة في شهر الصّيامِ. قام ليتفقّد أحوال العباد على طول وعرض البلاد، راعه شدّة احتمال الأنام لحياة فقدت الودّ والحنان بين أحفاد دعاةِ السّلام؛ توجّه إلى مصباحه، نفض عنه غبار السّنين، وبصوت بُحَّ من الأنين نادى صاحبه المستكين: قم أيّها المارد المغوار لتنفيذ رغبات الصبيان في الجوار.
قهقه المارد ساخراً: ألا تراهم مشغولين بالتلفاز ويتابعون برامج لا تليق بالبنات ولا بالبنين وهم يلتهمون أطعمة لا تلذ إلا في فم الكسالى الخائبين؟ أم أنّك لم تعرف الحاسب وما جرّ من برامج لم يقف في وجه أبالستها محاسب؟ بربّك لا تظهر لي جهلك بالجوال ذاك الشيطان اللعين الذي جعل الأولاد بضياع أعمارهم على شاشته فرحين؟ مع أنه والحقّ يقال اختراع رائع ووصيته في بلدان غيرنا بالخير ذائع.
- اُسكت يا مارد! لم أقصد هذه الفئة.
- نعم... نعم... على من تريدني أن أظهر يا علاء الدّين؟
- على يتيم يتمنّى أن يضيع عن الشّفاه الكلام. كيف لي أن أعيد له والداً غادر الحياة مرغماً بالموت الزؤام؟ أم إنّك تدفعني لمقابلة مشرّد؟ حرام عليك ما تفعل بي . بالله عليك كيف أبني له بيتاً ستتطاير منه الحجارة قبل أن أبدأ بالعمارة، فالحرب الدّائرة مجنونة وبمنظر الخراب مفتونة؟ أم لعلك تشير عليّ بمقابلة فتى مسؤول عن إطعام عائلة: اتّق الله بعجزي كيف أقابله خالي اليدين، فالخضار تشتعل بالنّار، واللحم بات خيّالاً في الحلم؟
إليك عنّي واتركني بمرارة حزني على صبيّ كان سيد الكتاب وغدا صانعا عند جاهل يظنّ نفسه ربّ الأرباب.
أرجوك يا صاحبي اتركني مارداً في خيالهم، فأنا عاجز عن تأمين وجبة إفطار لعائلة منكوبة تفترش الأرض وتتدثر في الهواء.
 
الوسوم
الأولى الحلقة القرن الواحد مارد والعشرين
عودة
أعلى