القرآن ينزل بما يقول عمر

بسم الله الرحمن الرحيم

متى يقف المريد في أرض السلوك؟، ويطلبه ملك الملوك؟، إذا كان كما
قال تعالى:? وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ ? (9 سورة الحشر)

إذا آثر أخاه على نفسه، ولو بالخير والبِّر والمعروف.
فإذا كان عنده مرض منها؟، فعليه أن يعالج هذه الأمراض كــــيف ؟

لابد وأن يتردد على الحكماء الربانيين لكن بصدق ويقين، فالمريد الذي يذهب للطبيب، ويبلغه الطبيب أنه مريض، فيقول المريد، أنا صحيح معافى، متى يبرأ مثل هذا من مرضه؟

والحبيب صلَّى الله عليه وسلم علَّم أصحابه حتى الذين طابوا وغابوا، وكان اللوح المحفوظ ينزل منه القرآن بما يقولون وبما ينطقون، فقد كان القرآن ينزل بما يقول عمر، وقد قال فيه صلَّى الله عليه وسلم :

( إِن الله تَعَالى جَعَل الحقَّ على لِسانِ عُمر وقَلْبِه )(1)
ومع ذلك كان يقول كما روت كتب السير و المناقب:
( أجمعوا إلىَّ أصحاب رسول الله صلَّى الله عليه وسلم، ونادوا الصلاة جامعة!، فينادون، ويعتلي عمر المنبر، ويقول: الحمد لله ، أني كنت أرعى غنماً لأهلي على قراريط قليلة، وقراريط يعني ملاليم، وكنت أدعى عمير، وأصبحت اليوم أدعى عمر أمير المؤمنين، ثم نزل. فقـالوا، لم جمعتنا يا أمير المؤمنين؟، قال إن نفسي حدثتني أني أصبحت شيئاً، فأردت أن أضعها، وأعرِّفها حقيقتها)

هؤلاء هم الرجال أهل الكمال، الذي علَّمهم سيِّد أهل الكمـال والوصال صلَّى الله عليه وسلم، فعندما شعر أنه لا أحد فوقه غير الله، أحبَّ أن يُعلِم نفسه أين كانت؟، وكيف أصبحت؟

وعلى ذلك كان ولا يزال الصالحون ،فالإمام أبو العزائم رَضِيَ الله عنه وأرضاه علَّمنا هذا المشهد، فبعد إسرائه ومعراجه، وقربه من حبيب الله ومصطفاة، وبعد أن وصف كل المشاهد العليَّة، عاد ليقول:

علمت نفسي أني كنت لا شيء
صرت لا شيء في نفسي وفي كلِّي
به تنــــزَّه صرت الآن موجــــــــــوداً
به وجــــودي وإمدادي به حــولي
ومن أنا عــــــــدمُ اللهُ جمَّلـني
فصرت صــــــــورته العليا بلا نيـــــــل

ولذلك فإن من هم في البداية،ومعهم بعض الرؤى والمنامات، أو بعض المكاشفات، أو يملكون بعض التطلُّعات أو بعض الإلهامات، قد يلتفُّ حولهم الجموع الغفيرة وذلك لأنهم يرون أنفسهم

أما من وصل لمقام العبودية، وأصبح وارثاً لخير البرية
فإن الناس أحياناً قد تستهزأ به، وتسخر منه، ومع ذلك لا تتحرك منه شعرة، ولا يعرفه إلا من عرَّفه الله به

وهذا ما يغرُّ، ويضرُّ يغـرُّ المريدين؛ فربما يتركون الأدب معه: فيغضب من أجله ربُّ العالمين عزَّ وجلَّ, ولذلك فإنهم قالوا:

{ حافظ على الأدب، ولو رقيت لأعلى الرتب }

نسأل الله عزَّ وجلَّ أن يرزقنا حقيقة الإسراء وأنوار المعراج، وأن يتفضل علينا بالأخلاق الربانية، وصدق العزائم القلبية، وصفاء النوايا بالكلية للحضرة الإلهية، ويجعل أنفاسنا كلها في رضاه، ولا يشغلنا عن حضرته طرفة عين بخلق أو كون، حتى نكون لحضرته دائماً مشاهدين، وبنوره أبداً متصلين، ولا ننقطع عن مدد جوده وفضله طرفة عين ولا أقل.

(1)مسند الإمام أحمد وسنن الترمذي.، عن عبد الله بن عمر رضي الله عنه

http://www.fawzyabuzeid.com/table_b...A%20%C7%E1%C5%D3%D1%C7%C1-%20%CC2&id=18&cat=4

منقول من كتاب {إشراقات الإسراء الجزء الثاني}
اضغط هنا لتحميل الكتاب مجاناً

https://www.youtube.com/watch?v=WibfX6ihSeo
القرآن ينزل بما يقول عمر

 
الوسوم
القرآن بما عمر يقول ينزل
عودة
أعلى