مختـصر سـيرة الرسل( صلى الله عليهم وسلم )

ياسر المنياوى

شخصية هامة
بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم وبارك على محمد وعلى آله وصحبه أجمعين

اعلم رحمك الله أن أفرض ما فرض الله عليك معرفة دينك . الذي معرفته والعمل به سبب لدخول الجنة والجهل به وإضاعته سبب لدخول النار .

ومن أوضح ما يكون لذوي الفهم قصص الأولين والآخرين قصص من أطاع الله وما فعل بهم وقصص من عصاه وما فعل بهم . فمن لم يفهم ذلك ولم ينتفع به فلا حيلة فيه . كما قال تعالى ( 50 : 36 )
مختـصر سـيرة الرسل( صلى الله عليهم  وسلم )
وكم أهلكنا قبلهم من قرن هم أشد منهم بطشا فنقبوا في البلاد هل من محيص
مختـصر سـيرة الرسل( صلى الله عليهم  وسلم )
.


وقال بعض السلف " القصص جنود الله " يعني أن المعاند لا يقدر يردها .

فأول ذلك ما قص الله سبحانه عن آدم وإبليس إلى أن هبط آدم وزوجه إلى الأرض . ففيها من إيضاح المشكلات ما هو واضح لمن تأمله . وآخر القصة قوله تعالى ( 2 : 38 ، 39 )
مختـصر سـيرة الرسل( صلى الله عليهم  وسلم )
قلنا اهبطوا منها جميعا فإما يأتينكم مني هدى فمن تبع هداي فلا خوف عليهم ولا هم يحزنون والذين كفروا وكذبوا بآياتنا أولئك أصحاب النار هم فيها خالدون
مختـصر سـيرة الرسل( صلى الله عليهم  وسلم )
وفي الآية الأخرى ( 20 : 133 - 137 )
مختـصر سـيرة الرسل( صلى الله عليهم  وسلم )
فمن اتبع هداي فلا يضل ولا يشقى ومن أعرض عن ذكري فإن له معيشة ضنكا
مختـصر سـيرة الرسل( صلى الله عليهم  وسلم )
- إلى قوله -
مختـصر سـيرة الرسل( صلى الله عليهم  وسلم )
ولعذاب الآخرة أشد وأبقى
مختـصر سـيرة الرسل( صلى الله عليهم  وسلم )
.


وهداه الذي وعدنا به هو إرساله الرسل . وقد وفى بما وعد سبحانه فأرسل الرسل مبشرين ومنذرين . لئلا يكون للناس على الله حجة بعد الرسل . فأولهم نوح . وآخرهم نبينا صلى الله عليه وعليهم وسلم .

فاحرص يا عبد الله على معرفة هذا الحبل الذي بين الله وبين عباده الذي من استمسك به سلم ومن ضيعه عطب . فاحرص على معرفة ما جرى لأبيك آدم وعدوك إبليس وما جرى لنوح وقومه وهود وقومه وصالح وقومه و إبراهيم وقومه ولوط وقومه وموسى وقومه وعيسى وقومه ومحمد صلى الله عليه وعليهم وسلم وقومه .

واعرف ما قصه أهل العلم من أخبار النبي صلى الله عليه وسلم وقومه وما جرى له معهم في مكة ، وما جرى له في المدينة .

واعرف ما قص العلماء عن أصحابه وأحوالهم وأعمالهم . لعلك أن تعرف الإسلام والكفر . فإن الإسلام اليوم غريب وأكثر الناس لا يميز بينه وبين الكفر . وذلك هو الهلاك الذي لا يرجى معه فلاح .

وأما قصة آدم . وإبليس فلا زيادة على ما ذكر الله في كتابه . ولكن قصة ذريته . فأول ذلك أن الله أخرجهم من صلبه أمثال الذر وأخذ عليهم العهود أن لا يشركوا به شيئا ، كما قال تعالى ( 7 : 172 )
مختـصر سـيرة الرسل( صلى الله عليهم  وسلم )
وإذ أخذ ربك من بني آدم من ظهورهم ذريتهم وأشهدهم على أنفسهم ألست بربكم قالوا بلى شهدنا
مختـصر سـيرة الرسل( صلى الله عليهم  وسلم )
ورأى فيهم الأنبياء مثل السرج . ورأى فيهم رجلا من أنورهم . فسأله عنه ؟ فأعلمه أنه داود . فقال كم عمره ؟ قال ستون سنة . قال وهبت له من عمري أربعين سنة وكان عمر آدم ألف سنة . ورأى فيهم الأعمى ، والأبرص والمبتلى . قال يا رب لم لا سويت بينهم ؟ قال إني أحب أن أشكر . فلما مضى من عمر آدم ألف سنة إلا أربعين أتاه ملك الموت . فقال إنه بقي من عمري أربعون سنة . فقال إنك وهبتها لابنك داود . فنسي آدم فنسيت ذريته وجحد آدم فجحدت ذريته .


فلما مات آدم . بقي أولاده بعده عشرة قرون على دين أبيهم دين الإسلام . ثم كفروا بعد ذلك . وسبب كفرهم الغلو في حب الصالحين . كما ذكر الله تعالى في قوله ( 70 : 23 )
مختـصر سـيرة الرسل( صلى الله عليهم  وسلم )
وقالوا لا تذرن آلهتكم ولا تذرن ودا ولا سواعا ولا يغوث ويعوق ونسرا
مختـصر سـيرة الرسل( صلى الله عليهم  وسلم )
وذلك أن هؤلاء الخمسة قوم صالحون كانوا يأمرونهم وينهونهم . فماتوا في شهر . فخاف أصحابهم من نقص الدين بعدهم . فصوروا صورة كل رجل في مجلسه لأجل التذكرة بأقوالهم وأعمالهم إذا رأوا صورهم ولم يعبدوهم ثم حدث قرن آخر فعظموهم أشد من تعظيم من قبلهم ولم يعبدوهم تم طال الزمان ومات أهل العلم . فلما خلت الأرض من العلماء ألقى الشيطان في قلوب الجهال أن أولئك الصالحين ما صوروا صور مشايخهم إلا ليستشفعوا بهم إلى الله فعبدوهم .


فلما فعلوا ذلك أرسل الله إليهم نوحا عليه السلام ليردهم إلى دين آدم وذريته الذين مضوا قبل التبديل . فكان من أمرهم ما قص الله في كتابه ثم عمر نوح وأهل السفينة الأرض وبارك الله فيهم وانتشروا في الأرض أمما ، وبقوا على الإسلام مدة لا ندري ما قدرها ؟ .

تم حدث الشرك . فأرسل الله الرسل . وما من أمة إلا وقد بعث الله فيها رسولا يأمرهم بالتوحيد وينهاهم عن الشرك . كما قال تعالى ( 16 : 36 )
مختـصر سـيرة الرسل( صلى الله عليهم  وسلم )
ولقد بعثنا في كل أمة رسولا أن اعبدوا الله واجتنبوا الطاغوت
مختـصر سـيرة الرسل( صلى الله عليهم  وسلم )
وقال تعالى ( 23 : 44 )
مختـصر سـيرة الرسل( صلى الله عليهم  وسلم )
ثم أرسلنا رسلنا تترى كل ما جاء أمة رسولها كذبوه
مختـصر سـيرة الرسل( صلى الله عليهم  وسلم )
الآية .


ولما ذكر القصص في سورة الشعراء ختم كل قصة بقوله
مختـصر سـيرة الرسل( صلى الله عليهم  وسلم )
إن في ذلك لآية وما كان أكثرهم مؤمنين
مختـصر سـيرة الرسل( صلى الله عليهم  وسلم )
فقص الله سبحانه ما قص لأجلنا . كما قال تعالى ( 12 : 111 )
مختـصر سـيرة الرسل( صلى الله عليهم  وسلم )
لقد كان في قصصهم عبرة لأولي الألباب ما كان حديثا يفترى
مختـصر سـيرة الرسل( صلى الله عليهم  وسلم )
الآية .


ولما أنكر الله على أناس من هذه الأمة - في زمن النبي صلى الله عليه وسلم أشياء فعلوها . قال ( 9 : 70 )
مختـصر سـيرة الرسل( صلى الله عليهم  وسلم )
ألم يأتهم نبأ الذين من قبلهم قوم نوح وعاد وثمود وقوم إبراهيم وأصحاب مدين
مختـصر سـيرة الرسل( صلى الله عليهم  وسلم )
الآية . وكذلك كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقص على أصحابه قصص من قبلهم ليعتبروا بذلك . وكذلك أهل العلم في نقلهم سيرة رسول الله صلى الله عليه وسلم وما جرى له مع قومه وما قال لهم وما قيل لهم . وكذلك نقلهم سيرة الصحابة وما جرى لهم مع الكفار والمنافقين وذكرهم أحوال العلماء بعدهم . كل ذلك لأجل معرفة الخير والشر .



 
رد: مختـصر سـيرة الرسـول ( صلى الله عليه وسلم )

إذا فهمت ذلك فاعلم أن كثيرا من الرسل وأممهم لا نعرفهم . لأن الله لم يخبرنا عنهم لكن أخبرنا عن عاد ، التي لم يخلق مثلها في البلاد . فبعث الله إليهم هودا عليه السلام .​
فكان من أمرهم ما قص الله في كتابه وبقي التوحيد في أصحاب هود إلى أن عدم بعد مدة لا ندري كم هي ؟ وبقي في أصحاب صالح . إلى أن عدم مدة لا ندري كم هي ؟ .​
تم بعث الله إبراهيم عليه السلام وليس على وجه الأرض يومئذ مسلم . فجرى عليه من قومه ما جرى ، وآمنت به امرأته سارة​
ثم آمن له لوط عليه السلام ومع هذا نصره الله ورفع قدره وجعله إماما للناس .​
ومنذ ظهر إبراهيم عليه السلام لم يعدم التوحيد في ذريته كما قال تعالى ( 43 : 28 )
مختـصر سـيرة الرسل( صلى الله عليهم  وسلم )
وجعلها كلمة باقية في عقبه لعلهم يرجعون
مختـصر سـيرة الرسل( صلى الله عليهم  وسلم )
فإذا كان هو الإمام فنذكر شيئا من أحواله لا يستغني مسلم عن معرفتها ،فنقول في الصحيح أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال
مختـصر سـيرة الرسل( صلى الله عليهم  وسلم )
لم يكذب إبراهيم النبي صلى الله عليه وسلم قط . إلا ثلاث كذبات ثنتين في ذات الله قوله ( 37 : 89 )
مختـصر سـيرة الرسل( صلى الله عليهم  وسلم )
إني سقيم
مختـصر سـيرة الرسل( صلى الله عليهم  وسلم )
وقوله ( 21 : 63 )
مختـصر سـيرة الرسل( صلى الله عليهم  وسلم )
بل فعله كبيرهم هذا
مختـصر سـيرة الرسل( صلى الله عليهم  وسلم )
وواحدة في شأن سارة فإنه قدم أرض جبار ومعه سارة وكانت أحسن الناس فقال لها : إن هذا الجبار إن يعلم أنك امرأتي : يغلبني عليك ، فإن سألك ، فأخبريه أنك أختي ، فإنك أختي في الإسلام فإني لا أعلم في الأرض مسلما غيري وغيرك ، فلما دخل أرضه رآها بعض أهل الجبار فأتاه فقال لقد قدم أرضك امرأة لا ينبغي أن تكون إلا لك ، فأرسل إليها ، فأوتي بها ، فقام إبراهيم إلى الصلاة فلما دخلت عليه لم يتمالك أن بسط يده إليها ، فقبضت يده قبضة شديدة فقال لها : ادعي الله أن يطلق يدي ، فلك الله أن لا أضرك . ففعلت فعاد فقبضت يده أشد من القبضة الأولى ، فقال لها مثل ذلك فعاد فقبضت يده أشد من القبضتين الأولتين فقال لها : ادعي الله أن يطلق يدي ، ولك الله أن لا أضرك ، ففعلت فأطلقت يده ودعا الذي جاء بها ، فقال له إنك إنما جئتني بشيطان ولم تأتني بإنسان . فأخرجها من أرضي ، وأعطاها هاجر ، فأقبلت فلما رآها إبراهيم . انصرف فقال لها : مهيم ؟ قالت خيرا ، كف الله يد الفاجر وأخدم خادما " . قال أبو هريرة : فتلك أمكم يا بني ماء السماء
مختـصر سـيرة الرسل( صلى الله عليهم  وسلم )
وللبخاري
مختـصر سـيرة الرسل( صلى الله عليهم  وسلم )
أن إبراهيم لما سئل عنها ؟ قال هي أختي ، ثم رجع إليها ، فقال لا تكذبي حديثي . فإني أخبرتهم أنك أختي . والله ما على الأرض مؤمن غيري وغيرك ، فأرسل بها إليه فقام إليها ، فقامت تتوضأ وتصلي ، فقالت اللهم إن كنت آمنت بك وبرسولك ، وأحصنت فرجي إلا على زوجي ، فلا تسلط علي يد الكافر . فغط حتى ركض برجله الأرض . فقالت اللهم إن يمت يقال هي قتلته فأرسل ثم قام إليها فقامت تتوضأ وتصلي ، وتقول اللهم إن كنت آمنت بك وبرسولك ، وأحصنت فرجي إلا على زوجي ، فلا تسلط علي هذا الكافر فغط حتى ركض برجله . فقالت اللهم إن يمت يقال هي قتلته فأرسل في الثانية أو الثالثة فقال والله ما أرسلتم إلي إلا شيطانا ، أرجعوها إلى إبراهيم وأعطوها هاجر . فرجعت إلى إبراهيم فقالت أشعرت ؟ إن الله كبت الكافر وأخدم وليدة "
مختـصر سـيرة الرسل( صلى الله عليهم  وسلم )
 
رد: مختـصر سـيرة الرسـول ( صلى الله عليه وسلم )

وكان عليه السلام في أرض العراق . وبعد ما جرى عليه من قومه ما جرى هاجر إلى الشام . واستوطنها ، إلى أن مات فيها . وأعطته سارة الجارية التي أعطاها الجبار . فواقعها . فولدت له إسماعيل عليه السلام فغارت سارة . فأمره الله بإبعاده عنها . فذهب بها وبابنها فأسكنها في مكة . تم بعد ذلك وهب الله له ولسارة إسحاق عليه السلام كما ذكر الله بشارة الملائكة له ولها بإسحاق . ومن وراء إسحاق يعقوب .
وفي الصحيح عن ابن عباس قال
مختـصر سـيرة الرسل( صلى الله عليهم  وسلم )
لما كان بين إبراهيم وبين أهله ما كان خرج بإسماعيل وأم إسماعيل ومعه شنة فيها ماء . فجعلت أم إسماعيل تشرب من الشنة فيدر لبنها على صبيها ، حتى قدم مكة . فوضعها تحت دوحة فوق زمزم في أعلى المسجد - وليس بمكة يومئذ أحد ، وليس بها ماء - ووضع عندهما جرابا فيه تمر وسقاء فيه ماء . ثم قفى إبراهيم منطلقا ، فتبعته أم إسماعيل . فلما بلغوا كداء ، نادته من ورائه يا إبراهيم أين تذهب وتتركنا بهذا الوادي الذي ليس به أنيس ولا شيء ؟ فقالت له ذلك مرارا ، وجعل لا يلتفت إليها . فقالت له آلله أمرك بهذا ؟ قال نعم . قالت إذن لا يضيعنا - وفي لفظ إلى من تكلنا ؟ قال إلى الله . قالت رضيت - ثم رجعت .​
فانطلق إبراهيم حتى إذا كان عند الثنية . حيث لا يرونه استقبل بوجهه البيت ثم دعا بهؤلاء الدعوات ورفع يديه فقال ( 14 : 37 )
مختـصر سـيرة الرسل( صلى الله عليهم  وسلم )
ربنا إني أسكنت من ذريتي بواد غير ذي زرع عند بيتك المحرم ربنا ليقيموا الصلاة فاجعل أفئدة من الناس تهوي إليهم وارزقهم من الثمرات لعلهم يشكرون
مختـصر سـيرة الرسل( صلى الله عليهم  وسلم )
وجعلت أم إسماعيل ترضعه . وتشرب من الشنة . فيدر لبنها على صبيها . حتى إذا نفد ما في السقاء عطشت وعطش ابنها . وجعلت تنظر إليه يتلوى - أو قال يتلبط - فانطلقت كراهية أن تنظر إليه . فوجدت الصفا أقرب جبل إليها ، فقامت واستقبلت الوادي تنظر هل ترى أحدا ؟ فلم تر أحدا . فهبطت من الصفا ، حتى إذا بلغت الوادي رفعت طرف درعها . ثم سعت سعي الإنسان المجهود حتى جاوزت الوادي ثم أتت المروة ، فقامت عليها . فنظرت هل ترى أحدا ؟ فم تر أحدا . ففعلت ذلك سبع مرات
مختـصر سـيرة الرسل( صلى الله عليهم  وسلم )
قال ابن عباس : قال النبي صلى الله عليه وسلم
مختـصر سـيرة الرسل( صلى الله عليهم  وسلم )
فذلك سعي الناس بينهما
مختـصر سـيرة الرسل( صلى الله عليهم  وسلم )
- ثم قالت لو ذهبت فنظرت ما فعل ؟ - تعني الصبي - فذهبت فنظرت . فإذا هو على حاله كأنه ينشغ للموت . فلم تقر نفسها . فقالت لو ذهبت لعلي أحس أحدا ؟ فذهبت فصعدت الصفا . فنظرت . فلم تحس أحدا . حتى أتمت سبعا . ثم قالت لو ذهبت فنظرت ما فعل ؟ فإذا هي بصوت . فقالت أغث إن كان عندك خير . فإذا بجبريل . قال فقال بعقبه على الأرض . فانبثق الماء فذهبت أم إسماعيل فجعلت تحفر فقال أبو القاسم صلى الله عليه وسلم
مختـصر سـيرة الرسل( صلى الله عليهم  وسلم )
يرحم الله أم إسماعيل لو تركت زمزم - أو قال لو لم تغرف من الماء - لكانت زمزم عينا معينا
مختـصر سـيرة الرسل( صلى الله عليهم  وسلم )
- وفي حديثه فجعلت تغرف الماء في سقائها - قال فشربت وأرضعت ولدها . فقال لها الملك لا تخافي الضيعة . فإن ههنا بيتا لله يبنيه هذا الغلام وأبوه إن الله لا يضيع أهله . وكان البيت مرتفعا من الأرض الرابية . تأتيه السيول فتأخذ عن يمينه وشماله . فكانت كذلك حتى مرت بهم رفقة من جرهم ، مقبلين من طريق كداء ، فرأوا طائرا عائفا ، فقالوا : إن هذا الطائر ليدور على ماء . لعهدنا بهذا الوادي وما فيه ماء فأرسلوا جريا ، أو جريين . فإذا هم بالماء فرجعوا فأخبروهم فأقبلوا ، وقالوا لأم إسماعيل أتأذنين لنا أن ننزل عندك ؟ قالت نعم ولكن لا حق لكم في الماء . قالوا : نعم - قال ابن عباس : قال النبي
مختـصر سـيرة الرسل( صلى الله عليهم  وسلم )
فألفى ذلك أم إسماعيل وهي تحب الأنس - فنزلوا
مختـصر سـيرة الرسل( صلى الله عليهم  وسلم )
وأرسلوا إلى أهليهم فنزلوا معهم . حتى إذا كان بها أهل أبيات منهم وشب الغلام . وتعلم العربية منهم . وأنفسهم وأعجبهم حين شب فلما أدرك زوجوه امرأة منهم . وماتت أم إسماعيل . وجاء إبراهيم - بعد ما تزوج إسماعيل - يطالع تركته فلم يجد إسماعيل فسأل امرأته عنه ؟ فقالت خرج يبتغي لنا . ثم سألها عن عيشهم وهيئتهم ؟ فقالت نحن بشر نحن في ضيق وشدة . فشكت إليه .​
قال فإذا جاء زوجك أقرئي عليه السلام وقولي له يغير عتبة بابه . فلما جاء إسماعيل كأنه آنس شيئا . فقال هل جاءكم من أحد ؟ قالت نعم جاءنا شيخ - كذا وكذا - فسألنا عنك ؟ فأخبرته ، وسألني : كيف عيشنا ؟ فأخبرته أنا في جهد وشدة .​
قال فهل أوصاك بشيء ؟ قال نعم . أمرني أن أقرأ عليك السلام و يقول غير عتبة بابك . قال ذاك أبي . وقد أمرني أن أفارقك . الحقي بأهلك ، فطلقها . وتزوج منهم امرأة أخرى ، فلبث عنهم إبراهيم ما شاء الله فقال لأهله إني مطلع تركتي . فجاء فقال لامرأته أين إسماعيل ؟ قالت ذهب يصيد . قالت ألا تنزل فتطعم وتشرب ؟ قال وما طعامكم وما شرابكم ؟ قالت طعامنا اللحم وشرابنا الماء .​
قال اللهم بارك لهم في طعامهم وشرابهم - قال فقال أبو القاسم صلى الله عليه وسلم بركة دعوة إبراهيم فهما لا يخلو عليهما أحد بغير مكة إلا لم يوافقاه . قال النبي صلى الله عليه وسلم ولم يكن لهم يومئذ حب . ولو كان لهم حب دعا لهم فيه - وسألها عن عيشها وهيئتهم ؟ فقالت نحن بخير وسعة وأثنت على الله .​
قال إذا جاء زوجك : فاقرئي عليه السلام ومريه يثبت عتبة بابه . فلما جاء إسماعيل قال هل أتاكم من أحد ؟ قالت نعم . شيخ حسن الهيئة - وأثنت عليه - فسألني عنك ؟ فأخبرته . فسألني : كيف عيشنا : فأخبرته أنا بخير . قال هل أوصاك بشيء ؟ قالت نعم هو يقرأ عليك السلام ويأمرك أن تثبت عتبة بابك . قال ذاك أبي . وأنت العتبة أمرني أن أمسكك . ثم لبث عنهم ما شاء الله فقال لأهله إني مطلع تركتي ، فجاء . فوافق إسماعيل يبري نبلا له تحت دوحة قريبا من زمزم : فلما رآه قام إليه فصنعا كما يصنع الوالد بالولد والولد بالوالد .​
ثم قال يا إسماعيل إن الله أمرني بأمر قال فاصنع ما أمرك ربك . قال وتعينني ؟ قال وأعينك . قال فإن الله أمرني أن أبني ههنا بيتا - وأشار إلى أكمة مرتفعة على ما حولها - قال فعند ذلك رفعا القواعد من البيت . فجعل إسماعيل يأتي بالحجارة وإبراهيم يبني . حتى إذا ارتفع البناء جاء بهذا الحجر ، فوضع له . فقام عليه وهو يبني ، وإسماعيل يناوله الحجارة وهما يقولان ( 3 : 127 )
مختـصر سـيرة الرسل( صلى الله عليهم  وسلم )
ربنا تقبل منا إنك أنت السميع العليم
مختـصر سـيرة الرسل( صلى الله عليهم  وسلم )
. هذا آخر حديث ابن عباس .​
فصارت ولاية البيت ومكة لإسماعيل . ثم لذريته من بعده وانتشرت ذريته في الحجاز وكثروا . وكانوا على الإسلام دين إبراهيم وإسماعيل قرونا كثيرة . ولم يزالوا على ذلك حتى كان في آخر الدنيا : نشأ فيهم عمرو بن لحي فابتدع الشرك وغير دين إبراهيم وتأتي قصته إن شاء الله .​
 
رد: مختـصر سـيرة الرسـول ( صلى الله عليه وسلم )

وأما إسحاق عليه السلام
فإنه بالشام . وذريته هم بنو إسرائيل والروم .​
أما بنو إسرائيل : فأبوهم يعقوب عليه السلام ابن إسحاق ، ويعقوب هو إسرائيل .​
وأما الروم : فأبوهم عيص بن إسحاق . ومما أكرم الله به إبراهيم عليه السلام أن الله لم يبعث بعده نبيا إلا من ذريته كما قال تعالى ( 29 : 27 )
مختـصر سـيرة الرسل( صلى الله عليهم  وسلم )
وجعلنا في ذريته النبوة والكتاب
مختـصر سـيرة الرسل( صلى الله عليهم  وسلم )
وكل الأنبياء والرسل من ذرية إسحاق .​
وأما إسماعيل فلم يبعث من ذريته إلا نبينا محمد صلى الله عليه وسلم بعثه الله إلى العالمين كافة . وكان من قبله من الأنبياء كل نبي يبعث إلى قومه خاصة . وفضله الله على جميع الأنبياء بأشياء غير ذلك .​
 
رد: مختـصر سـيرة الرسـول ( صلى الله عليه وسلم )

وأما قصة عمرو بن لحي وتغييره دين إبراهيم​
فإنه نشأ على أمر عظيم من المعروف والصدقة والحرص على أمور الدين . فأحبه الناس حبا عظيما . ودانوا له لأجل ذلك . حتى ملكوه عليهم . وصار ملك مكة وولاية البيت بيده . وظنوا أنه من أكابر العلماء وأفاضل الأولياء . تم إنه سافر إلى الشام . فرآهم يعبدون الأوثان . فاستحسن ذلك وظنه حقا . لأن الشام محل الرسل والكتب . فلهم الفضيلة بذلك على أهل الحجاز وغيرهم . فرجع إلى مكة ، وقدم معه بهبل . وجعله في جوف الكعبة ، ودعا أهل مكة إلى الشرك بالله . فأجابوه . وأهل الحجاز في دينهم تبع لأهل مكة . لأنهم ولاة البيت وأهل الحرم . فتبعهم أهل الحجاز على ذلك ظنا أنه الحق . فلم يزالوا على ذلك حتى بعث الله محمدا صلى الله عليه وسلم بدين إبراهيم عليه السلام وإبطال ما أحدثه عمرو بن لحي .​
وكانت الجاهلية على ذلك وفيهم بقايا من دين إبراهيم لم يتركوه كله . وأيضا يظنون أن ما هم عليه وأن ما أحدثه عمرو : بدعة حسنة . لا تغير دين إبراهيم . وكانت تلبية نزار لبيك . لا شريك لك ، إلا شريكا هو لك ، تملكه وما ملك فأنزل الله ( 30 : 27 )
مختـصر سـيرة الرسل( صلى الله عليهم  وسلم )
ضرب لكم مثلا من أنفسكم هل لكم من ما ملكت أيمانكم من شركاء في ما رزقناكم فأنتم فيه سواء تخافونهم كخيفتكم أنفسكم كذلك نفصل الآيات لقوم يعقلون
مختـصر سـيرة الرسل( صلى الله عليهم  وسلم )
.​
ومن أقدم أصنامهم " مناة " وكان منصوبا على ساحل البحر بقديد . تعظمه العرب كلها ، لكن الأوس والخزرج كانوا أشد تعظيما له من غيرهم . وبسبب ذلك أنزل الله ( 2 : 158 )
مختـصر سـيرة الرسل( صلى الله عليهم  وسلم )
إن الصفا والمروة من شعائر الله فمن حج البيت أو اعتمر فلا جناح عليه أن يطوف بهما
مختـصر سـيرة الرسل( صلى الله عليهم  وسلم )
.​
ثم اتخذوا " اللات " في الطائف ، وقيل إن أصله رجل صالح كان يلت السويق للحاج فمات فعكفوا على قبره .​
ثم اتخذوا " العزى " بوادي نخلة بين مكة والطائف .​
فهذه الثلاث أكبر أوثانهم . تم كثر الشرك . وكثرت الأوثان في كل بقعة من الحجاز .
وكان لهم أيضا بيوت يعظمونها كتعظيم الكعبة . وكانوا كما قال تعالى ( 3 : 164 )
مختـصر سـيرة الرسل( صلى الله عليهم  وسلم )
لقد من الله على المؤمنين إذ بعث فيهم رسولا من أنفسهم يتلو عليهم آياته ويزكيهم ويعلمهم الكتاب والحكمة وإن كانوا من قبل لفي ضلال مبين
مختـصر سـيرة الرسل( صلى الله عليهم  وسلم )
ولما دعاهم رسول الله إلى الله اشتد إنكار الناس له علمائهم وعبادهم وملوكهم وعامتهم حتى إنه لما دعا رجلا إلى الإسلام قال له " من معك على هذا ؟ قال حر وعبد " ومعه يومئذ أبو بكر وبلال رضي الله عنهما .​
وأعظم الفائدة لك أيها الطالب وأكبر العلم وأجل المحصول - إن فهمت ما صح عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال
مختـصر سـيرة الرسل( صلى الله عليهم  وسلم )
بدأ الإسلام غريبا . وسيعود غريبا كما بدأ
مختـصر سـيرة الرسل( صلى الله عليهم  وسلم )
. وقوله
مختـصر سـيرة الرسل( صلى الله عليهم  وسلم )
لتتبعن سنن من كان قبلكم حذو القذة بالقذة حتى لو دخلوا جحر ضب لدخلتموه . قالوا : يا رسول الله اليهود والنصارى ؟ قال فمن ؟
مختـصر سـيرة الرسل( صلى الله عليهم  وسلم )
. وقوله
مختـصر سـيرة الرسل( صلى الله عليهم  وسلم )
ستفترق هذه الأمة على ثلاث وسبعين فرقة . كلها في النار إلا واحدة
مختـصر سـيرة الرسل( صلى الله عليهم  وسلم )
.​
فهذه المسألة أجل المسائل . فمن فهمها فهو الفقيه . ومن عمل بها فهو المسلم . فنسأل الله الكريم المنان أن يتفضل علينا وعليكم بفهمها والعمل بها .​
 
رد: مختـصر سـيرة الرسـول ( صلى الله عليه وسلم )

أما البيت المحرم فإن إبراهيم وإسماعيل عليهما السلام لما بنياه صارت ولايته في إسماعيل وذريته . ثم غلبهم عليه أخوالهم من جرهم .​
ولم ينازعهم بنو إسماعيل لقرابتهم وإعظامهم للحرمة أن لا يكون بها قتال . ثم إن جرهم بغوا في مكة . وظلموا من دخلها ، فرق أمرهم . فلما رأى ذلك بنو بكر بن عبد مناف بن كنانة . وغبشان من خزاعة ، أجمعوا على جرهم ، فاقتتلوا ، فغلبهم بنو بكر وغبشان ونفوهم من مكة .
وكانت مكة في الجاهلية لا يقر فيها ظلم ولا يبغي فيها أحد إلا أخرج ولا يريدها ملك يستحل حرمتها إلا هلك .
ثم إن غبشان - من خزاعة - وليت البيت دون بني بكر . وقريش إذ ذاك حلول وصرم وبيوتات متفرقون في قومهم من بني كنانة . فوليت خزاعة البيت يتوارثون ذلك . حتى كان آخرهم حليل بن حبيشة . فتزوج قصي بن كلاب ابنته .
فلما عظم شرف قصي ، وكثر بنوه وماله هلك حليل فرأى قصي أنه أولى بالكعبة وأمر مكة من خزاعة وبني بكر وأن قريشا رءوس آل إسماعيل وصريحهم فكلم رجالا من قريش وكنانة في إخراج خزاعة وبني بكر من مكة . فأجابوه .​
وكان الغوث بن مرة بن أد بن طابخة بن إلياس بن مضر يلي الإجازة للناس بالحج من عرفة وولده من بعده . لأن أمه كانت جرهمية لا تلد . فنذرت لله إن ولدت رجلا : أن تتصدق به على الكعبة يخدمها . فولدت الغوث . فكان يقوم على الكعبة مع أخواله من جرهم . فولي الإجازة بالناس لمكانه من الكعبة فكان إذا رفع يقول​
اللهم إني تابع تباعة

إن كان إثما فعلى قضاعة
وكانت " صوفة " تدفع بالناس من عرفة وتجيزهم إذا نقروا من منى . فإذا كان يوم النضر أتوا رمي الجمار ورجل من صوفة يرمي لهم لا يرمون حتى يرمي لهم . فكان المتعجلون يأتونه يقولون ارم حتى نرمي . فيقول لا والله حتى تميل الشمس . فإذا مالت الشمس رمى ورمى الناس معه . فإذا فرغوا من الرمي وأرادوا النفر من منى أخذت صوفة بالجانبين . فلم يجز أحد حتى يمروا ، ثم يخلون سبيل الناس .​
فلما انقرضوا ورثهم بنو سعد بن زيد مناة من بني تميم .​
وكانت الإفاضة من مزدلفة في " عدوان " يتوارثونها . حتى كان آخرهم كرب بن صفوان بن جناب الذي قام عليه الإسلام . فلما كان ذلك العام فعلت صوفة ما كانت تفعل قد عرفت العرب ذلك لهم . هو دين لهم من عهد جرهم وولاية خزاعة .​
فأتاهم قصي بمن معه من قريش وقضاعة وكنانة عند العقبة ، فقال نحن أولى بهذا منكم فقاتلوه فاقتتل الناس قتالا شديدا . ثم انهزمت صوفة . وغلبهم قصي على ما كان بأيديهم . وانحازت عند ذلك خزاعة وبنو بكر عن قصي ، وعرفوا أنه سيمنعهم كما منع صوفة . ويحول بينهم وبين الكعبة وأمر مكة .​
فلما انحازوا بادأهم وأجمع لحربهم . فالتقوا واقتتلوا قتالا شديدا . تم تداعوا إلى الصلح فحكموا يعمر بن عوف أحد بني بكر . فقضى بينهم بأن قصيا أولى بالكعبة وأمر مكة من خزاعة وكل دم أصابه قصي منهم موضوع شدخه تحت قدميه وما أصابت خزاعة وبنو بكر ففيه الدية وأن يخلى بين قصي وبين الكعبة ومكة . فسمي يومئذ يعمر الشداخ .​
فوليها قصي . وجمع قومه من منازلهم إلى مكة . وتملك عليهم وملكوه . لأنه أقر للعرب ما كانوا عليه . لأنه يراه دينا لا يغير فأقر النسأة وآل صفوان وعدوان ، ومرة بن عوف على ما كانوا عليه . حتى جاء الإسلام فهدم ذلك كله . وفيه يقول الشاعر​
قصي ، لعمري كان يدعى مجمعا
به جمع الله القبائل من فهر
فكان قصي بن لؤي أصاب ملكا أطاع له به قومه فكانت إليه الحجابة والسقاية والرفادة والندوة ، واللواء . وقطع مكة رباعا بين قومه . فأنزل كل قوم منهم منازلهم .​
وقيل إنهم هابوا قطع الشجر عن منازلهم . فقطعها بيده وأعوانه فسمته قريش " مجمعا لما جمع من أمرهم وتيمنت بأمره فلا تنكح امرأة منهم ولا يتزوج رجل ولا يتشاورون فيما نزل بهم ولا يعقدون لواء حرب إلا في داره يعقده لهم بعض ولده . - 15 - فكان أمره في حياته - وبعد موته - عندهم كالدين المتبع واتخذ لنفسه دار الندوة .​
 
رد: مختـصر سـيرة الرسـول ( صلى الله عليه وسلم )

فلما كبر قصي ورق عظمه - وكان عبد الدار بكره . وكان عبد مناف قد شرف في زمان أبيه وعبد العزى وعبد الدار . فقال قصي لعبد الدار لألحقنك بالقوم وإن شرفوا عليك . لا يدخل أحد منهم الكعبة حتى تكون أنت تفتحها له . ولا يعقد لقريش لواء لحربها إلا أنت . ولا يشرب رجل بمكة إلا من سقايتك . ولا يأكل أحد من أهل الموسم طعاما إلا من طعامك . ولا تقطع قريش أمرا من أمورها إلا في دارك .​
فأعطاه دار الندوة ، والحجابة واللواء والسقاية والرفادة وهي خرج تخرجه قريش في الموسم من أموالها إلى قصي ، فيصنع به طعاما للحاج يأكله من لم يكن له سعة ولا زاد . لأن قصيا فرضه على قريش . فقال لهم إنكم جيران الله وأهل بيته . وإن الحاج ضيف الله وهم أحق الضيف بالكرامة . فاجعلوا لهم طعاما وترابا أيام الحج حتى يصدروا عنكم . ففعلوا .​
وكان قصي لا يخالف ولا يرد عليه شيء صنعه .​
فلما هلك أقام بنوه أمره لا نزاع بينهم . ثم إن بني عبد مناف أرادوا أخذ ما بيد عبد الدار ورأوا أنهم أولى بذلك فتفرقت قريش : بعضهم معهم . وبعضهم مع عبد الدار .​
فكان صاحب أمر عبد مناف . عبد شمس . لأنه أسنهم . وصاحب أمر بني عبد الدار عامر بن هاشم بن عبد مناف بن عبد الدار . فعقد كل قوم حلفا مؤكدا . فأخرج بنو عبد مناف جفنة مملوءة طيبا . فغمسوا أيديهم فيها ، ومسحوا بها الكعبة . فسموا " المطيبين " وتعاقد بنو عبد الدار وحلفاؤهم فسموا " الأحلاف " ثم تداعوا إلى الصلح على أن لعبد مناف السقاية والرفادة وأن الحجابة واللواء والندوة لبني عبد الدار فرضوا . وثبت كل قوم مع من حالفوا ، حتى جاء الله بالإسلام . فقال صلى الله عليه وسلم
مختـصر سـيرة الرسل( صلى الله عليهم  وسلم )
كل حلف في الجاهلية لم يزده الإسلام إلا شدة
مختـصر سـيرة الرسل( صلى الله عليهم  وسلم )
.​
 
رد: مختـصر سـيرة الرسـول ( صلى الله عليه وسلم )

وأما حلف الفضول فاجتمعوا له في دار عبد الله بن جدعان لشرفه وسنه وهم بنو هاشم ، وبنو المطلب ، وأسد بن عبد العزى ، وزهرة بن كلاب ، وتيم ابن مرة تعاهدوا على أن لا يجدوا بمكة مظلوما من أهلها ، أو ممن دخلها ، إلا أقاموا معه حتى ترد إليه مظلمته فقال الزبير بن عبد المطلب :​
إن الفضول تحالفوا وتعاقدوا


أن لا يقيم ببطن مكة ظالم
أمر عليه تحالفوا وتعاقدوا


فالجار والمعتر فيهم سالم
فولي السقاية والرفادة هاشم بن عبد مناف لأن عبد شمس سفار قلما يقيم بمكة . وكان مقلا ذا ولد . وكان هاشم موسرا ، وهو أول من سن الرحلتين رحلة الشتاء والصيف . وأول من أطعم الثريد بمكة فقال بعضهم​
عمرو الذي هشم الثريد لقومه

قوم بمكة مسنتين عجاف
ولما مات هاشم ولي ذلك المطلب بن عبد مناف . فكان ذا شرف فيهم يسمونه الفياض لسماحته . وكان هاشم قدم المدينة . فتزوج سلمى بنت عمرو ، من بني النجار فولدت له عبد المطلب . فلما ترعرع خرج إليه المطلب ليأتي به فأبت أمه . فقال إنه يلي ملك أبيه . فأذنت له . فرحل به . وسلم إليه ملك أبيه . فولي عبد المطلب ما كان أبوه يلي . وأقام لقومه ما أقام آباؤه . وشرف فيهم لم يبلغه أحد من آبائه . وأحبوه وعظم خطره فيهم .​
 
رد: مختـصر سـيرة الرسـول ( صلى الله عليه وسلم )

نسب النبي صلى الله عليه وسلم

محمد بن عبد الله بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف بن قصي بن كلاب بن مرة بن كعب بن لؤي بن غالب بن فهر بن مالك بن النضر بن كنانة بن خزيمة بن مدركة بن إلياس بن مضر بن نذار بن معد بن عدنان . إلى هنا معلوم الصحة . وما فوق عدنان مختلف فيه . ولا خلاف أن عدنان من ولد إسماعيل وإسماعيل هو الذبيح على القول الصواب . والقول بأنه إسحاق باطل .​
ولا خلاف أنه صلى الله عليه وسلم ولد بمكة عام الفيل . وكانت وقعة الفيل تقدمة قدمها الله لنبيه وبيته وإلا فأهل الفيل نصارى أهل كتاب دينهم خير من دين أهل مكة . لأنهم عباد أوثان . فنصرهم الله نصرا لا صنع للبشر فيه تقدمة للنبي الذي أخرجته قريش من مكة . وتعظيما للبلد الحرام .




 
رد: مختـصر سـيرة الرسـول ( صلى الله عليه وسلم )

قصة الفيل

وكان سبب قصة أصحاب الفيل - على ما ذكر محمد بن إسحاق - أن أبرهة بن الصباح كان عاملا للنجاشي ملك الحبشة على اليمن فرأى الناس يتجهزون أيام الموسم إلى مكة - شرفها الله - فبنى كنيسة بصنعاء . وكتب إلى النجاشي " إني بنيت لك كنيسة لم يبن مثلها ، ولست منتهيا حتى أصرف إليها حج العرب " فسمع به رجل من بني كنانة فدخلها ليلا . فلطخ قبلتها بالعذرة . فقال أبرهة من الذي اجترأ على هذا ؟ قيل رجل من أهل ذلك البيت سمع بالذي قلت . فحلف أبرهة ليسيرن إلى الكعبة حتى يهدمها . وكتب إلى النجاشي يخبره بذلك فسأله أن يبعث إليه بفيله . وكان له فيل يقال له محمود لم ير مثله عظما وجسما وقوة . فبعث به إليه . فخرج أبرهة سائرا إلى مكة . فسمعت العرب بذلك فأعظموه ورأوا جهاده حقا عليهم .​
فخرج ملك من ملوك اليمن ، يقال له ذو نفر . فقاتله . فهزمه أبرهة وأخذه أسيرا ، فقال أيها الملك فاستبقني خيرا لك ، فاستبقاه وأوثقه .​
وكان أبرهة رجلا حليما . فسار حتى إذا دنا من بلاد خثعم خرج إليه نفيل بن حبيب الخثعمي ، ومن اجتمع إليه من قبائل العرب . فقاتلوهم فهزمهم أبرهة . فأخذ نفيلا ، فقال له أيها الملك إنني دليلك بأرض العرب ، وهاتان يداي على قومي بالسمع والطاعة . فاستبقني خيرا لك . فاستبقاه . وخرج معه يدله على الطريق .​
فلما مر بالطائف خرج إليه مسعود بن معتب في رجال من ثقيف . فقال له أيها الملك نحن عبيدك . ونحن نبعث معك من يدلك . فبعثوا معه بأبي رغال مولى لهم . فخرج حتى إذا كان بالمغمس مات أبو رغال ، وهو الذي يرجم قبره . وبعث أبرهة رجلا من الحبشة - يقال له الأسود بن مفصود - على مقدمة خيله وأمر بالغارة على نعم الناس . فجمع الأسود إليه أموال الحرم . وأصاب لعبد المطلب مائتي بعير .​
ثم بعث رجلا من حمير إلى أهل مكة ، فقال أبلغ شريفها أنني لم آت لقتال بل جئت لأهدم البيت . فانطلق فقال لعبد المطلب ذلك .​
فقال عبد المطلب : ما لنا به يدان . سنخلي بينه وبين ما جاء له . فإن هذا بيت الله وبيت خليله إبراهيم . فإن يمنعه فهو بيته وحرمه . وأن يخل بينه وبين ذلك فوالله ما لنا به من قوة .​
قال فانطلق معي إلى الملك - وكان ذو نفر صديقا لعبد المطلب - فأتاه فقال يا ذا نفر هل عندك غناء فيما نزل بنا ؟ فقال ما غناء رجل أسير لا يأمن أن يقتل بكرة أو عشيا ، ولكن سأبعث إلى أنيس سائس الفيل فإنه لي صديق فأسأله أن يعظم خطرك عند الملك .​
فأرسل إليه فقال لأبرهة إن هذا سيد قريش يستأذن عليك . وقد جاء غير ناصب لك ولا مخالف لأمرك ، وأنا أحب أن تأذن له .​
وكان عبد المطلب رجلا جسيما وسيما . فلما رآه أبرهة أعظمه وأكرمه . وكره أن يجلس معه على سريره . وأن يجلس تحته . فهبط إلى البساط فدعاه فأجلسه معه . فطلب منه أن يرد عليه مائتي البعير التي أصابها من ماله .​
فقال أبرهة لترجمانه قل له إنك كنت أعجبتني حين رأيتك . ولقد زهدت فيك . قال لم ؟ قال جئت إلى بيت - هو دينك ودين آبائك ، وشرفكم وعصمتكم - لأهدمه . فلم تكلمني فيه وتكلمني في مائتي بعير ؟ قال أنا رب الإبل . والبيت له رب يمنعه منك .​
فقال ما كان ليمنعه مني . قال فأنت وذاك . فأمر بإبله فردت عليه . ثم خرج وأخبر قريشا الخبر . وأمرهم أن يتفرقوا في الشعاب ويتحرزوا في رءوس الجبال خوفا عليهم من معرة الجيش . ففعلوا . وأتى عبد المطلب البيت . فأخذ بحلقة الباب وجعل يقول​
يا رب لا أرجو لهم سواكا


يا رب فامنع منهمو حماكا
إن عدو البيت من عاداكا


فامنعهمو أن يخربوا قراكا
وقال أيضا :​
لا هم إن المرء يمنع رحله


وحلاله فامنع حلالك
لا يغلبن صليبهم


ومحالهم غدوا محالك
جروا جموعهم وبلادهم


والفيل كي يسبوا عيالك
إن كنت تاركهم وكعب


تنا فأمر ما بدا لك
ثم توجه في بعض تلك الوجوه مع قومه . وأصبح أبرهة بالمغمس قد تهيأ للدخول . وعبأ جيشه . وهيأ فيه . فأقبل نفيل إلى الفيل . فأخذ بأذنه . فقال ابرك محمود . فإنك في بلد الله الحرام . فبرك الفيل فبعثوه فأبى . فوجهوه إلى اليمن ، فقام يهرول . ووجهوه إلى الشام ففعل مثل ذلك . ووجهوه إلى المشرق ففعل ذلك . فصرفوه إلى الحرم فبرك . وخرج نفيل يشتد حتى صعد الجبل فأرسل الله طيرا من قبل البحر مع كل طائر ثلاثة أحجار . حجرين في رجليه وحجرا في منقاره . فلما غشيت القوم أرسلتها عليهم . فلم تصب تلك الحجارة أحدا إلا هلك . وليس كل القوم أصابت . فخرج البقية هاربين يسألون عن - 36 - نفيل ليدلهم على الطريق إلى اليمن . فماج بعضهم في بعض . يتساقطون بكل طريق ويهلكون على كل منهل . وبعث الله على أبرهة داء في جسده . فجعلت تساقط أنامله حتى انتهى إلى صنعاء وهو مثل الفرخ . وما مات حتى انصدع صدره عن قلبه ثم هلك .​
 
رد: مختـصر سـيرة الرسـول ( صلى الله عليه وسلم )

وفاة عبد الله والد رسول الله


قد اختلف في وفاة أبيه هل توفي بعد ولادته أو قبلها ؟ الأكثر على أنه توفي وهو حمل . ولا خلاف أن أمه ماتت بين مكة والمدينة بالأبواء منصرفها من المدينة من زيارة أخواله . ولم يستكمل إذ ذاك ست سنين .

فكفله جده عبد المطلب . ورق عليه رقة لم يرقها على أولاده . فكان لا يفارقه . وما كان أحد من ولده يجلس على فراشه - إجلالا له - إلا رسول الله صلى الله عليه وسلم .

وقدم مكة قوم من بني مدلج من القافة . فلما نظروا إليه قالوا لجده احتفظ به . فلم نجد قدما أشبه بالقدم الذي في المقام من قدمه . فقال لأبي طالب اسمع ما يقول هؤلاء واحتفظ به .

وتوفي جده في السنة الثامنة من مولده . وأوصى به إلى أبي طالب . وقيل إنه قال له
أوصيك يا عبد مناف بعدي


بمفرد بعد أبيه فرد
وكنت كالأم له في الوجد


تدنيه من أحشائها والكبد
فأنت من أرجى بني عندي


لرفع ضيم ولشد عض
 
رد: مختـصر سـيرة الرسـول ( صلى الله عليه وسلم )

عبد المطلب جد رسول الله

قال ابن إسحاق : وكان عبد المطلب من سادات قريش ، محافظا على العهود . متخلقا بمكارم الأخلاق . يحب المساكين ويقوم في خدمة الحجيج ويطعم في الأزمات . ويقمع الظالمين . وكان يطعم حتى الوحوش والطير في رءوس الجبال . وكان له أولاد أكبرهم الحارث . توفي في حياة أبيه . وأسلم من أولاد الحارث عبيدة . قتل ببدر وربيعة ، وأبو سفيان وعبد الله .​
ومنهم الزبير بن عبد المطلب شقيق عبد الله . وكان رئيس بني هاشم وبني المطلب في حرب الفجار . شريفا شاعرا . ولم يدرك الإسلام . واسم من أولاده عبد الله . واستشهد بأجنادين . وضباعة ومجل وصفية وعاتكة .​
وأسلم منهم حمزة بن عبد المطلب ، والعباس .​
ومنهم أبو لهب مات عقيب بدر . وله من الولد عتيبة الذي دعا عليه النبي صلى الله عليه وسلم فقتله السبع . وله عتبة ومعتب . أسلما يوم الفتح . ومن بناته أروى . تزوجها كرز بن ربيعة بن حبيب بن عبد شمس . فولدت له عامرا وأروى . فتزوج أروى عفان بن أبي العاص بن أمية . فولدت له عثمان ثم خلف عليها عقبة بن أبي معيط ، فولدت له الوليد بن عقبة ، وعاشت إلى خلافة ابنها عثمان .​
ومنهن برة بنت عبد المطلب ، أم أبي سلمة بن عبد الأسد المخزومي .​
ومنهن عاتكة أم عبد الله بن أبي أمية . وهي صاحبة المنام قبل يوم بدر . واختلف في إسلامها .​
ومنهن صفية أم الزبير بن العوام . أسلمت وهاجرت .​
وأروى أم آل جحش - عبد الله وأبي أحمد وعبيد الله وزينب وحمنة .​
وأم عبد المطلب : هي سلمى بنت زيد من بني النجار ، تزوجها أبوه هاشم بن عبد مناف . فخرج إلى الشام - وهي عند أهلها ، وقد حملت بعبد المطلب - فمات بغزة . فرجع أبو رهم بن عبد العزى وأصحابه إلى المدينة بتركته . وولدت امرأته سلمى : عبد المطلب . وسمته شيبة الحمد . فأقام في أخواله مكرما . فبينما هو يناضل الصبيان فيقول أنا ابن هاشم سمعه رجل من قريش ، فقال لعمه المطلب إني مررت بدور بني قيلة فرأيت غلاما يعتزي إلى أخيك . وما ينبغي ترك مثله في الغربة . فرحل إلى المدينة في طلبه . فلما رآه فاضت عيناه وضمه إليه وأنشد شعرا :​
عرفت شيبة والنجار قد جعلت


أبناءها حوله بالنبل تنتصل
عرفت أجلاده فينا وشيمته


ففاض مني عليه وابل هطل
فأردفه على راحلته فقال يا عم ذلك إلى الوالدة . فجاء إلى أمه . فسألها أن ترسل به معه فامتنعت . فقال لها : إنما يمضي إلى ملك أبيه وإلى حرم الله . فأذنت له . فقدم به مكة ، فقال الناس هذا عبد المطلب . فقال ويحكم إنما هو ابن أخي هاشم .​
فأقام عنده حتى ترعرع . فسلم إليه ملك هاشم من أمر البيت والرفادة والسقاية وأمر الحجيج وغير ذلك .​
وكان المطلب شريفا مطاعا جوادا ، وكانت قريش تسميه الفياض لسخائه . وهو الذي عقد الحلف بين قريش وبين النجاشي . وله من الولد الحارث ومخرمة وعباد وأنيس وأبو عمر وأبو رهم وغيرهم .​
ولما مات وثب نوفل بن عبد مناف على أركاح شيبة . فغصبه إياها ، فسأل رجالا من قريش النصرة على عمه . فقالوا : لا ندخل بينك وبين عمك فكتب إلى أخواله من بني النجار أبياتا معها :​
يا طول ليلي لأحزاني وإشغالي


هل من رسول إلى النجار أخوالي ؟
بني عدي ودينار ومازنها


ومالك عصمة الحيران عن حالي
قد كنت فيهم وما أخشى ظلامة ذي


ظلم عزيزا منيعا ناعم البال
حتى ارتحلت إلى قومي ، وأزعجني


لذاك مطلب عمي بترحالي
فغاب مطلب في قعر مظلمة


ثم انبرى نوفل يعدو على مالي
لما رأى رجلا غابت عمومته


وغاب أخواله عنه بلا والي
فاستنفروا وامنعوا ضيم ابن أختكم


لا تخذلوه فما أنتم بجذالي
فلما وقف خاله أبو سعد بن عدي بن النجار على كتابه بكى . وسار من المدينة في ثمانين راكبا ، حتى قدم مكة . فنزل بالأبطح فتلقاه عبد المطلب ، وقال المنزل يا خال . فقال لا والله حتى ألقى نوفلا . فقال تركته بالحجر جالسا في مشايخ قومه . فأقبل أبو سعد حتى وقف عليهم فقام نوفل قامئا ، فقال يا أبا سعد أنعم صباحا . فقال لا أنعم الله لك صباحا ، وسل سيفه . وقال ورب هذا البيت لئن لم ترد على ابن أختي أركاحه لأمكنن منك هذا السيف . فقال رددتها عليه . فأشهد عليه مشايخ قريش . ثم نزل على شيبة فأقام عنده ثلاثا . ثم اعتمر ورجع إلى المدينة . فقال عبد المطلب :​
ويأبى مازن وأبو عدي


ودينار بن تيم الله ضيمي
بهم رد الإله علي ركحي


وكانوا في انتساب دون قومي
فلما جرى ذلك حالف نوفل بني عبد شمس بن عبد مناف على بني هاشم وحالفت بنو هاشم : خزاعة على بني عبد شمس ونوفل . فكان ذلك سببا لفتح مكة . كما سيأتي .​
فلما رأت خزاعة نصر بني النجار لعبد المطلب قالوا : نحن ولدناه كما ولدتموه فنحن أحق بنصره . وذلك أن أم عبد مناف منهم . فدخلوا دار الندوة وتحالفوا وكتبوا بينهم كتابا .​
 
رد: مختـصر سـيرة الرسـول ( صلى الله عليه وسلم )

عبد الله والد رسول الله

وأما عبد الله والد النبي صلى الله عليه وسلم فهو الذبيح .​
وسبب ذلك أن عبد المطلب أمر في المنام بحفر زمزم . ووصف له موضعها . وكانت جرهم قد غلبت آل إسماعيل على مكة ، وملكوها زمانا طويلا . ثم أفسدوا في حرم الله . فوقع بينهم وبين خزاعة حرب وخزاعة من قبائل اليمن ، من أهل سبأ . ولم يدخل بينهم بنو إسماعيل . فغلبتهم خزاعة . ونفت جرهما من مكة . وكانت جرهم قد دفنت الحجر الأسود ، والمقام وبئر زمزم . وظهر بعد ذلك قصي بن كلاب على مكة . ورجع إليه ميراث قريش . فأنزل بعضهم داخل مكة - وهم قريش الأباطح - و بعضهم خارجها - وهم قريش الظواهر - فبقيت زمزم مدفونة إلى عصر عبد المطلب . فرأى في المنام موضعها . فقام يحفر فوجد فيها سيوفا مدفونة وحليا ، وغزالا من ذهب مشنفا بالدر . فعلقه عبد المطلب على الكعبة . وليس مع عبد المطلب إلا ولده الحارث . فنازعته قريش ، وقالوا له أشركنا ، فقال ما أنا بفاعل . هذا أمر خصصت به . فاجعلوا بيني وبينكم من شئتم أحاكمكم إليه .​
فنذر حينئذ عبد المطلب : لئن آتاه الله عشرة أولاد وبلغوا أن يمنعوه لينحرن أحدهم عند الكعبة . فلما تموا عشرة . وعرف أنهم يمنعونه أخبرهم بنذره فأطاعوه . وكتب كل منهم اسمه في قدح . وأعطوها القداح قيم هبل - وكان الذي يجيل القداح - فخرج القدح على عبد الله . وأخذ عبد المطلب المدية ليذبحه . فقامت إليه قريش من ناديها فمنعوه . فقال كيف أصنع بنذري ؟ فأشاروا عليه أن ينحر مكانه عشرا من الإبل . فأقرع بين عبد الله وبينها . فوقعت القرعة عليه . فاغتم عبد المطلب ، ثم لم يزل عشرا عشرا ، ولا تقع القرعة إلا عليه إلى أن بلغ مائة . فوقعت القرعة على الإبل . فنحرت عنه . فجرت سنة وروي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال
مختـصر سـيرة الرسل( صلى الله عليهم  وسلم )
أنا ابن الذبيحين
مختـصر سـيرة الرسل( صلى الله عليهم  وسلم )
يعني إسماعيل عليه السلام وأباه عبد الله . ثم ترك عبد المطلب الإبل لا يرد عنها إنسانا ولا سبعا . فجرت الدية في قريش والعرب مائة من الإبل وأقرها رسول الله صلى الله عليه وسلم في الإسلام . وقالت صفية بنت عبد المطلب :​
نحن حفرنا للحجيج زمزم


سقيا الخليل وابنه المكرم
جبريل الذي لم يذمم


شفاء سقم وطعام مطعم
 
رد: مختـصر سـيرة الرسـول ( صلى الله عليه وسلم )

أبو طالب عم رسول الله


وأما أبو طالب فهو الذي يتولى تربية رسول الله صلى الله عليه وسلم من بعد جده كما تقدم ورق عليه رقة شديدة . وكان يقدمه على أولاده .

قال الواقدي : قام أبو طالب - من سنة ثمان من مولد رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى السنة العاشرة من النبوة ثلاث وأربعين - يحوطه ويقوم بأمره ويذب عنه . ويلطف به .

وقال أبومحمد بن قدامة : كان يقر بنبوة النبي صلى الله عليه وسلم . وله في ذلك أشعار . منها :
ألا أبلغا عني على ذات بيننا


لؤيا . وخصا من لؤي بني كعب
بأنا وجدنا في الكتاب محمدا


نبيا كموسى ، خط في أول الكتب
وأن عليه في العباد محبة


ولا خير ممن خصه الله بالحب

ومنها :
تعلم خيار الناس أن محمدا


وزيرا لموسى والمسيح ابن مريم
فلا تجعلوا لله ندا وأسلموا


فإن طريق الحق ليس بمظلم

ولكنه أبى أن يدين بذلك خشية العار .
مختـصر سـيرة الرسل( صلى الله عليهم  وسلم )
ولما حضرته الوفاة . دخل عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم وعنده أبو جهل وعبد الله بن أبي أمية - فقال يا عم قل لا إله إلا الله كلمة أحاج لك بها عند الله فقالا له أترغب عن ملة عبد المطلب ؟ فلم يزل صلى الله عليه وسلم يرددها عليه وهما يرددان عليه حتى كان آخر كلمة قالها هو على ملة عبد المطلب فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأستغفرن لك ما لم أنه عنك فأنزل الله تعالى ( 9 : 113 )
مختـصر سـيرة الرسل( صلى الله عليهم  وسلم )
ما كان للنبي والذين آمنوا أن يستغفروا للمشركين ولو كانوا أولي قربى من بعد ما تبين لهم أنهم أصحاب الجحيم
مختـصر سـيرة الرسل( صلى الله عليهم  وسلم )
ونزل قوله تعالى ( 38 : 56 )
مختـصر سـيرة الرسل( صلى الله عليهم  وسلم )
إنك لا تهدي من أحببت ولكن الله يهدي من يشاء
مختـصر سـيرة الرسل( صلى الله عليهم  وسلم )
- الآية
مختـصر سـيرة الرسل( صلى الله عليهم  وسلم )
.

قال ابن إسحاق : وقد رثاه ولده علي بأبيات منها :
أرقت لطير آخر الليل غردا


يذكرني شجوا عظيما مجددا
أبا طالب مأوى الصعاليك ذا الندى


جوادا إذا ما أصدر الأمر أوردا
فأمست قريش يفرحون بموته


ولست أرى حيا يكون مخلدا
أرادوا أمورا زيفتها حلومهم


ستوردهم يوما من الغي موردا
يرجون تكذيب النبي وقتله


وأن يفترى قدما عليه ويجحدا
كذبتم وبيت الله حتى نذيقكم


صدور العوالي والحسام المهندا

خلف أبو طالب أربعة ذكور وابنتين . فالذكور طالب وعقيل وجعفر وعلي ، وبين كل واحد عشر سنين . فطالب أسنهم ثم عقيل ثم جعفر ثم علي .

فأما طالب فأخرجه المشركون يوم بدر كرها . فلما انهزم الكفار طلب فلم يوجد في القتلى ، ولا في الأسرى ، ولا رجع إلى مكة ، وليس له عقب .

وأما عقيل فأسر ذلك اليوم . ولم يكن له مال . ففداه عمه العباس . ثم رجع إلى مكة . فأقام بها إلى السنة الثامنة . ثم هاجر إلى المدينة . فشهد مؤتة مع أخيه جعفر . وهو الذي قال فيه النبي صلى الله عليه وسلم
مختـصر سـيرة الرسل( صلى الله عليهم  وسلم )
وهل ترك لنا عقيل من منزل ؟
مختـصر سـيرة الرسل( صلى الله عليهم  وسلم )
واستمرت كفالة أبي طالب لرسول الله صلى الله عليه وسلم - كما ذكرنا -

فلما بلغ اثنتي عشرة سنة - وقيل تسعا خرج به أبو طالب إلى الشام في تجارة فرآه بحيري الراهب وأمر عمه أن لا يقدم به إلى الشام ، خوفا عليه من اليهود . فبعثه عمه مع بعض غلمانه إلى المدينة .

ووقع في الترمذي " أنه بعث معه بلالا " وهو غلط واضح . فإن بلالا إذ ذلك لعله لم يكن موجودا .​
 
رد: مختـصر سـيرة الرسـول ( صلى الله عليه وسلم )

خروجه إلى الشام وزواجه خديجة


فلما بلغ رسول الله صلى الله عليه وسلم خمسا وعشرين سنة خرج إلى الشام في تجارة لخديجة رضي الله عنها ، ومعه ميسرة غلامها . فوصل بصرى .

ثم رجع فتزوج عقب رجوعه خديجة بنت خويلد . وهي أول امرأة تزوجها ، وأول امرأة ماتت من نسائه . ولم ينكح عليها غيرها . وأمره جبريل " أن يقرأ عليها السلام من ربها ويبشرها ببيت في الجنة من قصب " .​
 
رد: مختـصر سـيرة الرسـول ( صلى الله عليه وسلم )

تحنثه في غار حراء

ثم حبب إليه الخلاء . والتعبد لربه فكان يخلو بغار حراء يتعبد فيه . وبغضت إليه الأوثان ودين قومه . فلم يكن شيء أبغض إليه من ذلك . وأنبته الله نباتا حسنا ، حتى كان أفضل قومه مروءة وأحسنهم خلقا ، وأعزهم جوارا ، وأعظمهم حلما ، وأصدقهم حديثا . وأحفظهم لأمانة . حتى سماه قومه " الأمين " لما جمع الله فيه من الأحوال الصالحة . والخصال الكريمة المرضية





 
رد: مختـصر سـيرة الرسـول ( صلى الله عليه وسلم )

بناء الكعبة


ولما بلغ رسول الله صلى الله عليه وسلم خمسا وثلاثين سنة قامت قريش في بناء الكعبة حين تضعضعت .

قال أهل السير كان أمر البيت - بعد إسماعيل عليه السلام - إلى ولده ثم غلبت جرهم عليه . فلم يزل في أيديهم حتى استحلوا حرمته . وأكلوا ما يهدى إليه . وظلموا من دخل مكة ثم وليت خزاعة البيت بعدهم إلا أنه كان إلى قبائل من مضر ثلاث خلال-
الإجازة بالناس من عرفة يوم الحج إلى مزدلفة ، تجيزهم صوفة .​

والثانية الإفاضة من جمع ، غداة النحر إلى منى . وكان ذلك إلى يزيد بن عدوان ، وكان آخر من ولي ذلك منهم أبو سيارة .

والثالثة إنساء الأشهر الحرم . وكان إلى رجل من بني كنانة يقال له حذيفة ثم صار إلى جنادة بن عوف .

قال ابن إسحاق : ولما بلغ رسول الله صلى الله عليه وسلم خمسا وثلاثين سنة جمعت قريش لبنيان الكعبة . وكانوا يهمون بذلك ليسقفوها ، ويهابون هدمها ، وإنما كانت رضما فوق القامة فأرادوا رفعها وتسقيفها . وذلك أن قوما سرقوا كنز الكعبة وكان في بئر في جوف الكعبة . وكان البحر قد رمى سفينة إلى جدة لرجل من تجار الروم ، فتحطمت . فأخذوا خشبها فأعدوه لسقفها .

وكان بمكة رجل قبطي نجار . فهيأ لهم بعض ما كان يصلحها . وكانت حية تخرج من بئر الكعبة التي كان يطرح فيه ما يهدى لها كل يوم فتتشرق على جدار الكعبة ، وكانت مما يهابون . وذلك أنه كان لا يدنو منها أحد إلا اخزألت وكشت وفتحت فاها . فبينما هي ذات يوم تتشرق على جدار الكعبة ، بعث الله إليها طائرا فاختطفها . فذهب بها . فقالت قريش : إنا لنرجو أن يكون الله قد رضي ما أردنا . عندنا عامل رفيق وعندنا خشب . وقد كفانا الله الحية .

فلما أجمعوا أمرهم في هدمها وبنائها : قام أبو وهب بن عمرو بن عائذ المخزومي فتناول من الكعبة حجرا . فوثب من يده حتى رجع إلى موضعه فقال يا معشر قريش ، لا تدخلوا في بنيانها من كسبكم إلا طيبا ، لا يدخل فيها مهر بغي ولا بيع ربا . ولا مظلمة أحد من الناس .

ثم إن قريشا تجزأت الكعبة . فكان شق الباب لبني عبد مناف وزهرة . وما بين الركن الأسود واليماني - 44 - لبني مخزوم . وقبائل من قريش انضافت إليهم . وكان ظهر الكعبة : لبني جمح وبني سهم . وكان شق الحجر : لبني عبد الدار ولبني أسد بن عبد العزى ، ولبني عدي . وهو الحطيم .

ثم إن الناس هابوا هدمها . فقال الوليد بن المغيرة : أنا أبدؤكم في هدمها ، فأخذ المعول . ثم قام عليها . وهو يقول اللهم لا ترع - أو لم نزغ - اللهم إنا لا نريد إلا الخير . ثم هدم من ناحية الركنين . فتربص الناس تلك الليلة . وقالوا : إن أصيب لم نهدم منها شيئا . ورددناها كما كانت وإلا فقد رضي الله ما صنعنا . فأصبح الوليد من ليلته غاديا على عمله . فهدم وهدم الناس معه .

حتى إذا انتهى الهدم بهم إلى الأساس - أساس إبراهيم عليه السلام - أفضوا إلى حجارة خضر كالأسنة أخذ بعضها بعضا . فأدخل بعضهم عتلة بين حجرين منها ليقلع أحدهما . فلما تحرك الحجر : انتفضت مكة بأسرها . فانتهوا عند ذلك الأساس .

ثم إن القبائل من قريش جمعت الحجارة لبنائها ، كل قبيلة تجمع على حدة . ثم بنوها . حتى بلغ البنيان موضع الحجر الأسود . فاختصموا فيه كل قبيلة تريد أن ترفعه إلى موضعه حتى تحاوروا وتخالفوا وأعدوا للقتال فقربت بنو عبد الدار جفنة مملوءة دما . تعاهدوا - هم وبنو عدي بن كعب - على الموت وأدخلوا أيديهم في ذلك الدم . فسموا " لعقة الدم " فمكثت قريش على ذلك أربع ليال . أو خمسا .

ثم إنهم اجتمعوا في المسجد . فتشاوروا وتناصفوا .

فزعم بعض أهل الرواية أن أبا أمية بن المغيرة بن عبد الله بن عمرو بن مخزوم المخزومي - وكان يومئذ أسن قريش كلهم - قال اجعلوا بينكم أول من يدخل من باب المسجد . ففعلوا . فكان أول من دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم . فلما رأوه قالوا " هذا الأمين رضينا به هذا محمد " فلما انتهى إليهم أخبروه الخبر . فقال صلى الله عليه وسلم
مختـصر سـيرة الرسل( صلى الله عليهم  وسلم )
هلم إلي ثوبا " فأتي به . فأخذ الركن فوضعه فيه بيده . ثم قال لتأخذ كل قبيلة بناحية من الثوب . ثم ارفعوا جميعا " ففعلوا ، حتى إذا بلغوا به موضعه وضعه هو بيده صلى الله عليه وسلم ثم بنى عليه
مختـصر سـيرة الرسل( صلى الله عليهم  وسلم )
.

وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم ينقل معهم الحجارة . وكانوا يرفعون أزرهم على عواتقهم ففعل ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم فلبط به - أي طاح على وجهه - ونودي " استر عورتك " فما رئيت له عورة بعد ذلك .

فلما بلغوا خمسة عشر ذراعا سقفوه على ستة أعمدة .

وكان البيت يكسى القباطي . تم كسي البرود . وأول من كساه الديباج الحجاج بن يوسف .

وأخرجت قريش الحجر لقلة نفقتهم . ورفعوا بابها عن الأرض لئلا يدخلها إلا من أرادوا . وكانوا إذا أرادوا أن لا يدخلها أحد لا يريدون دخوله تركوه حتى يبلغ الباب ثم يرمونه .

فلما بلغ صلى الله عليه وسلم أربعين سنة بعثه الله بشيرا ونذيرا . وداعيا إلى الله بإذنه وسراجا منيرا .​
 
رد: مختـصر سـيرة الرسـول ( صلى الله عليه وسلم )

بعض ما كان عليه أهل الجاهلية


ونذكر قبل ذلك شيئا من أمور الجاهلية وما كانت عليه قبل مبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم .

قال قتادة : ذكر لنا : أنه كان بين آدم ونوح عشرة قرون . كلهم على الهدى ، وعلى شريعة من الحق . ثم اختلفوا بعد ذلك . فبعث الله نوحا عليه السلام . وكان أول رسول إلى أهل الأرض . قال ابن عباس في قوله تعالى ( 2 : 213 )
مختـصر سـيرة الرسل( صلى الله عليهم  وسلم )
كان الناس أمة واحدة
مختـصر سـيرة الرسل( صلى الله عليهم  وسلم )
قال على الإسلام كلهم . وكان أول ما كادهم به الشيطان هو تعظيم الصالحين وذكر الله ذلك في كتابه في قوله ( 71 : 23 )
مختـصر سـيرة الرسل( صلى الله عليهم  وسلم )
وقالوا لا تذرن آلهتكم ولا تذرن ودا ولا سواعا ولا يغوث ويعوق ونسرا
مختـصر سـيرة الرسل( صلى الله عليهم  وسلم )
قال ابن عباس : كان هؤلاء قوما صالحين . فلما ماتوا في شهر جزع عليهم أقاربهم . فصوروا صورهم .

وفي غير حديثه " قال أصحابهم لو صورناهم كان أشوق لنا إلى العبادة " قال فكان الرجل يأتي أخاه وابن عمه فيعظمه حتى ذهب ذلك القرن . ثم جاء قرن آخر . فعظموهم أشد من الأول . ثم جاء القرن الثالث فقالوا : ما عظم أولونا هؤلاء إلا وهم يرجون شفاعتهم عند الله فعبدوهم . فلما بعث الله إليهم نوحا - وغرق من غرق - أهبط الماء هذه الأصنام من أرض إلى أرض حتى قذفها إلى أرض جدة . فلما نضب الماء بقيت على الشط فسفت الريح عليها التراب حتى وارتها .​
 
رد: مختـصر سـيرة الرسـول ( صلى الله عليه وسلم )

صنم مناة


ومن أقدم أصنامهم مناة . وكان منصوبا على ساحل البحر من ناحية المشلل بقديد بين مكة والمدينة . وكانت العرب تعظمه قاطبة ولم يكن أحد أشد تعظيما له من الأوس والخزرج ، وبسبب ذلك أنزل الله تعالى ( 2 : 158 )
مختـصر سـيرة الرسل( صلى الله عليهم  وسلم )
إن الصفا والمروة من شعائر الله فمن حج البيت أو اعتمر فلا جناح عليه أن يطوف بهما
مختـصر سـيرة الرسل( صلى الله عليهم  وسلم )
- الآية فبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم عليا رضي الله عنه فهدمها عام الفتح .
صنم اللات


ثم اتخذوا اللات في الطائف ، قيل إن أصل ذلك رجل كان يلت السويق للحاج فمات . فعكفوا على قبره . وكانت صخرة مربعة وكان سدنتها ثقيف ، وكانوا قد بنوا عليها بيتا . فكان جميع العرب يعظمونها ، وكانت العرب تسمي زيد اللات ، وتيم اللات . وهي في موضع منارة مسجد الطائف . فلما أسلمت ثقيف ، بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم المغيرة بن شعبة فهدمها وحرقها بالنار .
صنم العزى


ثم اتخذوا العزى . وهي أحدث من اللات . وكانت بوادي نخلة . فوق ذات عرق وبثوا عليها بيتا . وكانوا يسمعون منها الصوت . وكانت قريش تعظمها . فلما فتح رسول الله صلى الله عليه وسلم مكة ، بعث خالد بن الوليد فأتاها فعضدها ، وكانت ثلاث سمرات . فلما عضد الثالثة فإذا بحبشية نافشة شعرها ، واضعة يدها على عاتقها ، تضرب بأنيابها . وخلفها سادنها . فقال خالد
يا عز كفرانك لا سبحانك


إني رأيت الله قد أهانك

ثم ضربها ففلق رأسها ، فإذا هي حممة . ثم قتل السادن .​
 
رد: مختـصر سـيرة الرسـول ( صلى الله عليه وسلم )

صنم هبل


وكانت لقريش أصنام في جوف الكعبة وحولها . وأعظمها : هبل . وكان من عقيق أحمر على صورة الإنسان . وكانوا إذا اختصموا ، أو أرادوا سفرا : أتوه فاستقسموا بالقداح عنده وهو الذي قال فيه أبو سفيان يوم أحد " اعل هبل " فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم " قولوا :
مختـصر سـيرة الرسل( صلى الله عليهم  وسلم )
الله أعلى وأجل
مختـصر سـيرة الرسل( صلى الله عليهم  وسلم )


وكان لهم إساف ونائلة . قيل أصلهما أن إسافا رجل من جرهم ، ونائلة امرأة منهم فدخلا البيت ففجر بها فيه . فمسخهما الله فيه حجرين فأخرجهما فوضعوهما ليتعظ بهما الناس فلما طال الأمد وعبدت الأصنام عبدا .
ذو الخلصة


وكان لخثعم وبجيلة صنم يقال له ذو الخلصة ، بين مكة والمدينة . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لجرير بن عبد الله البجلي
مختـصر سـيرة الرسل( صلى الله عليهم  وسلم )
ألا تريحني من ذي الخلصة ؟
مختـصر سـيرة الرسل( صلى الله عليهم  وسلم )
فسار إليه بأحمس . فقاتلته همدان ، فظفر بهم وهدمه .


وكان لقضاعة ولخم وجذام وعاملة وغطفان صنم في مشارف الشام . وكان لأهل كل واد بمكة صنم إذا أراد أحدهم سفرا كان آخر ما يصنع في منزله أن يتمسح به .
صنم عم أنس


قال ابن إسحاق ، وكان لخولان صنم يقال له عم أنس ، وفيهم أنزل الله ( 6 : 136 )
مختـصر سـيرة الرسل( صلى الله عليهم  وسلم )
وجعلوا لله مما ذرأ من الحرث والأنعام نصيبا فقالوا هذا لله بزعمهم وهذا لشركائنا فما كان لشركائهم فلا يصل إلى الله وما كان لله فهو يصل إلى شركائهم ساء ما يحكمون
مختـصر سـيرة الرسل( صلى الله عليهم  وسلم )


فلما بعث الله محمدا صلى الله عليه وسلم بالتوحيد قالت قريش ( 38 : 5 )
مختـصر سـيرة الرسل( صلى الله عليهم  وسلم )
أجعل الآلهة إلها واحدا إن هذا لشيء عجاب
مختـصر سـيرة الرسل( صلى الله عليهم  وسلم )


وكانت العرب قد اتخذت مع الكعبة طواغيت . وهي بيوت تعظمها كتعظيم الكعبة . ولما فتح رسول الله صلى الله عليه وسلم مكة : وجد حول البيت ثلاثمائة وستين صنما . فجعل يطعن في وجوهها وعيونها ، ويقول ( 17 : 81 )
مختـصر سـيرة الرسل( صلى الله عليهم  وسلم )
جاء الحق وزهق الباطل إن الباطل كان زهوقا
مختـصر سـيرة الرسل( صلى الله عليهم  وسلم )
وهي تتساقط على رءوسها ، ثم أمر بها فأخرجت من المسجد وحرقت .
 
الوسوم
الرسل الله سـيرة صلى عليهم مختـصر وسلم
عودة
أعلى