لمحة في تاريخ التعليم العالي الفلسطيني

رنون

من الاعضاء المؤسسين
إتحاد لجان الطلبة الثانويين​

مقالات


لمحة في تاريخ التعليم العالي الفلسطيني


د. جوني الأطرش




دأبت سلطات الاحتلال ومنذ 1967 على ممارسة المضايقات المتواصلة ضد التعليم العالي في المناطق المحتلة وذلك بهدف عدم تطويره من الناحيتين الكمية والنوعية, وذلك لإبقاء المناطق المحتلة عبارة عن مجموعة من العمال غير المهرة الذين يعملون بأجور زهيدة في المنشآت الإسرائيلية, ولتشجيع الشباب على مغادرة البلاد كخطوة من سلسلة خطوات تتبعها السلطات لتفريغ الأرض من سكانها وللحد من التفاعل الفكري بين أبناء مختلف الأرض المحتلة لأنه في نظرها يؤدي إلى ازدياد الشعور بالتماسك والشعور بالهوية والانتماء, والى التصدي للاحتلال ومناهضته.
وذلك أن غالبية الشعب الفلسطيني وجد في التعليم طريقاً يؤدي إلى حمايته اجتماعياً واقتصادياً.
وعبر ظروف صعبة تمكن المزيد من الطلبة الفلسطينيين من شق طريقهم باتجاه الجامعات العربية, خاصة في القاهرة ودمشق وغيرهما من العواصم العربية في وقت تيسر لأبناء العائلات الغنية إيفاد أبنائهم إلى الجامعات الغربية وخاصة الأمريكية منها.
لم يغب عن بال الفلسطينيين إنشاء كيان أكاديمي خاص بهم إلا أنه ونتيجة للظروف السياسية الخاصة حرموا من تحقيق طموح كهذا. وهنا لا بد من الإشارة إلى أن فكرة إنشاء جامعة فلسطينية تعود أصولها إلى فترة الثلاثينات وتحديداًً لدعوة الحاج أمين الحسيني إلى إنشاء "جامعة المسجد الأقصى" رداً على إنشاء الجامعة العبرية عام 1925, إلا أن سلطات الانتداب قامت برفض طلب الحاج أمين الحسيني, وتلا هذه الدعوة مبادرة جورج شبر لإقامة جامعة عربية في القدس عام 1947, إلا أن هذا الاقتراح لم يحظ بالنجاح.
وكانت أولى الخطى باتجاه تأسيس جامعة فلسطينية هو ما قامت به مدرسة بير زيت عندما قدمت مواد دراسية فوق المستوى الثانوي عام 1951, وفي العام 1953 اكتمل الصف الجامعي الأول, ثم أعقبه الصف الجامعي الثاني في العام 1961, وسميت بكلية بير زيت. ولم تتمكن الكلية من تطوير نفسها إلى جامعة حتى عام 1972 وبذلك فقد كانت الضفة الغربية وقطاع غزة خلواً من أية جامعة, غداة الاحتلال الإسرائيلي عام 1967. كانت الحركة الطلابية للخريجين ضعيفة ومشتته, وتنشط في الأساس في الجامعات العربية والأجنبية. ومن الجدير ذكره أنه كان للخريجين دور بارز في الدعوة لتأسيس جامعة فلسطينية وبشكل خاص فقد جاءت الدعوة من أولئك الخريجين الذين آثروا العودة إلى الوطن.
اتخذ النضال الأكاديمي غداة الاحتلال طابع الحفاظ على الشخصية الوطنية الفلسطينية مقابل المحاولات الإسرائيلية لإلغائها, وكانت الدعوة لتأسيس جامعة فلسطينية دعوة علمية ذات طابع وطني ونضالي شامل وبشكل يربط ما بين النضال الاجتماعي والسياسي, ربطاً واضحاً مؤداه مقاومة الاحتلال ودحره. وبنظرة سريعة على مجمل ممارسات الاحتلال الإسرائيلي, بشأن التربية والتعليم في الضفة والقطاع, يبرز واضحاً, أن ما ترمي إليه سلطات الاحتلال هو طمس الهوية الوطنية الفلسطينية وإلغائها, وذلك عبر ما كانت تسنه من قوانين وخاصة ما يتعلق بالمناهج الدراسية. وفي هذا السياق أقدمت سلطات الاحتلال على حذف ما لا يتناسب مع سياستها التوسعية ومصالحها الاستعمارية, ثم ألحقت ذلك بعملية تغيير وتبديل للعبارات والجمل والأسماء في المناهج الدراسية الإلزامية, أو ما يمكن أن ينمي الاتجاهات القومية والوطنية. بل تعدى الأمر ذلك ليشمل حظر الكتب بأكملها وذلك في منهاج الثانوية. وكذلك تم إصدار قوائم بأسماء الكتب الممنوع تداولها في المدارس والمكتبات العامة وحظر المصورات الجغرافية والأطالس العربية.
وبالمقابل خلقت الإجراءات الإسرائيلية أجواء ومناخات فلسطينية مقاومة وبدأت تظهر وعلى أكثر من صعيد وكان في المقدمة الدعوة لقيام الجامعات عبر تطوير المعاهد. وفي هذا السياق كان تطوير كلية بير زيت وتحويلها إلى جامعة عام 1972. وبعد ذلك بعام تأسست جامعة بيت لحم في 1\10\1973. وفي عام 1977 تطورت كلية النجاح وأصبحت في 15\11\1977 جامعة. وإزاء هذا التطور وبناء على اعتبار التعليم العالي عملاً وطنياً مميزاً وشكلاً من أشكال مقاومة الاحتلال تداعت النقابات المهنية في فلسطين لعقد ندوتين تم تخصيصها للتعليم العالي وذلك في مقر مجمع النقابات المهنية بالقدس بتاريخ 17\6\1977 و 18\9\1977. وبعد مناقشة الدراسات المقدمة والاستماع إلى آراء الحضور الذين بلغ عددهم 40 شخصاً يمثلون مختلف مناطق الضفة الغربية وقطاع غزة ومن بينهم رؤساء البلديات وممثلو النقابات ومديرو المؤسسات التعليمية والجمعيات والشخصيات ذات الخبرة في شؤون التربية والتعليم, تقرر تأسيس مجلس التعليم العالي وإقرار نظامه الأساسي وانتخاب لجنة تنفيذية وشكلت لجان متخصصة لتنفيذ الأهداف والغايات التي تأسس من أجلها المجلس, كما وضعت اللجنة التنفيذية خطة للعمل تسير بموجبها.
وحدد الباب الأول من النظام الأساسي أهداف مجلس التعليم العالي على النحو التالي:
1- العمل على إنشاء جامعات ومعاهد عليا ومراكز ثقافية ومكتبات, حسبما تقتضي الحاجة وفي نطاق الإمكانيات المتاحة.
2- التنسيق بين الجامعات القائمة وتطويرها إلى مستويات أرفع.
3- إجراء الدراسات والبحوث والنشاطات التي تستهدف الارتفاع بمستوى التعليم والثقافة.
4- تطوير بعض الكليات القائمة إلى المستوى الجامعي حسب خطة يضعها المجلس.
5- التنسيق مع الجامعات العربية لتنظيم عملية القبول للطلاب في تلك الجامعات.
6- توفير الأموال في الداخل والخارج لفائدة التعليم العالي وبهدف توسيع ورفع مستوى خدماته.
7- المساعدة المادية والمعنوية للطلبة المؤهلين لمواصلة تعليمهم محلياً وفي الخارج.
8- إعداد الكوادر القادرة على التدريس في الجامعات والمعاهد العليا بتأهيلها وإرسالها إلى الخارج.
واعتبر النظام الأساسي, مجلس التعليم العالي هيئة ذات صفة علمية وثقافية. وتألف المجلس من السادة رؤساء بلديات بيت لحم, بيت ساحور, بيت جالا, الخليل, نابلس, بير زيت, طولكرم, وكذلك السيد د.حيدر عبد الشافي, إسحق موسى الحسيني, رمزي ريحان, د.محمد الحلاج, حسن العتيق, رشيد مرعي, يسرى صلاح, مدحت كنعان, وديع ترزي, حسني الأشهب, سبأ عرفات, يوسف جلاجل, هاني عرفات وذلك عن الجمعيات الخيرية.

وهنا نبذة عن الأيام والسنوات الأولى للجامعات الفلسطينية:

جامعة بير زيت:
تعتبر جامعة بيرزيت أول مؤسسة فلسطينية في الضفة الغربية وقطاع غزة تمنح درجة البكالوريوس. فمنذ عام 1972 تطورت كلية بير زيت التي أسست عام 1953 إلى جامعة بعدما كانت قبل ذلك مدرسة ابتدائية يعود تاريخ تأسيسها للعام 1924. وكانت تعرف باسم "مدرسة البنات الأهلية".
تضم الجامعة عدة أقسام وكليات هي:
كلية الآداب وتشمل الأقسام التالية:
قسم اللغة العربية, قسم اللغة الإنكليزية, قسم التربية وعلم النفس, دراسات شرق أوسطية, علم الاجتماع وعلم الإنسان, التربية الرياضية, الموسيقى, الآثار, علم المكتبات.
كلية العلوم وتشمل الأقسام التالية:
قسم الرياضيات, الفيزياء, الكيمياء الحيوية والأحياء, الكيمياء.
كلية التجارة وتشمل الأقسام التالية:
الهندسة الميكانيكية, الهندسة المدنية, الهندسة الكهربائية.
أقامت الجامعة في العام 1975-1976 "مكتب الوثائق والأبحاث" وذلك بهدف جمع الوثائق والمعلومات الخاصة بالشعب الفلسطيني وتاريخه وقضيته. انضمت جامعة بير زيت إلى اتحاد الجامعات العربية في عام 1976 وإلى اتحاد الجامعات العالمي في نفس الوقت.

جامعة النجاح الوطنية:
تم الإعلان رسمياً عن ولادة جامعة النجاح الوطنية في 15\11\1977 وتعود بدايتها إلى عام 1918 حيث كانت مدرسة ابتدائية ثم تطورت إلى ثانوية عام 1941. وفي العام 1965-1966 افتتح فيها معهد لإعداد المعلمين.
تضم الجامعة الكليات التالية:
-كلية الاقتصاد والعلوم الإدارية.
-كلية الآداب.
-كلية العلوم.
-كلية التربية.
-كلية الهندسة: مدنية, معمارية.
وتمنح الجامعة درجة البكالوريوس في الآداب, الهندسة, الاقتصاد, كما تمنح درجة الدبلوم في التعليم والدبلوم العالي في التربية.
وقد انضمت جامعة النجاح الوطنية إلى اتحاد الجامعات العربية بدءاً من كانون الأول 1977.

جامعة بيت لحم:
افتتحت جامعة بيت لحم في تشرين أول 1973 في مبنى مدرسة الفرير (الأخوة) تحت اسم "جامعة الفرير" ثم تحول اسمها إلى جامعة بيت لحم في العام ذاته. وجاء افتتاح الجامعة بناء على توصية القاصد الرسولي في القدس الأسقف بيولاغي في عام 1972 والداعية إلى تأسيس جامعة في بيت لحم. وعند تأسيس الجامعة أشرف عليها مجلس أمناء برئاسة رئيس بلدية بيت لحم إلياس فريج. وأشرف على الهيئة الإدارية العليا مؤسسة الفرير (الأخوة دي لاسال) والتي يرأسها الأب ميشيل صباح.
تضم الجامعة الكليات التالية:
- كلية الآداب وتشمل الأقسام التالية:
اللغة العربية, اللغة الإنكليزية, علم الاجتماع وعلم النفس/ الخدمة الاجتماعية.
-كلية العلوم وتشمل الأقسام التالية:
قسم الرياضيات ,قسم الأحياء, قسم رياضيات - كيمياء, قسم رياضيات - فيزياء.
- كلية إدارة الأعمال.
- كلية التمريض.
-معهد إدارة الفنادق.
-الإرشاد الصحي.
-رياضة الأطفال.
- كلية المعلمين.
وتمنح الجامعة شهادة البكالوريوس في كل من: العلوم, الآداب, إدارة الأعمال, التمريض. كما تمنح دبلوم إدارة فنادق والإرشاد الصحي ورياضة الأطفال.
وتقدمت الجامعة بطلب عضوية إلى اتحاد الجامعات العربية عام 1977,لكنها لم تقبل نظراً لاشتراط الاتحاد عليها تعيين رئيس عربي, وبعد تنفيذها لهذا الشرط أصبحت عضواً عام 1981.

الجامعة الإسلامية:
تأسست الجامعة الإسلامية في غزة في أيلول عام 1978, تطويراً لمعهد فلسطين الديني- الأزهر, والذي بدأت فيه منذ العام 1954, وشرعت الجامعة منذ تأسيسها بافتتاح ثلاث كليات هي:
كلية التربية والقانون, كلية أصول الدين,كلية اللغة العربية.
وفي العام 1980 تم افتتاح ثلاث كليات جدد هي:
كلية العلوم, كلية التجارة والاقتصاد, كلية التربية.
وهنالك الكثير الكثير من المعاهد والكليات في الضفة الغربية وقطاع غزة افتتحت أبوابها منذ السبعينيات. وقد طورت كافة الجامعات والمعاهد أنفسها منذ لحظاتها الأولى ولغاية يومنا هذا, لتصبح الجامعات الفلسطينية رمزاً شامخاً لثقافتنا الوطنية وأرضاً صلبة للمقاومة الفلسطينية بأشكالها الفكرية والثقافية والسياسية والأدبية.
وأخيراً نقول إن الحركة الطلابية الفلسطينية قد لعبت الدور الأكبر وعبر تاريخ النضال الوطني الفلسطيني في بناء القاعدة الأساسية لجامعاتنا الفلسطينية وفي بناء الثورة الفلسطينية, والدفاع عن حرمة الجامعات من القرارات التعسفية الإسرائيلية المتمثلة في إغلاق الجامعات ولفترات طويلة, وحملات الاعتقال الواسعة للطلبة والأساتذة والاقتحامات المتكررة واليومية, وذلك عبر تقديم الحركة الطلابية آلاف الشهداء و الجرحى والمعتقلين, ولتبقى جامعاتنا الفلسطينية شوكة في حلق الاحتلال الإسرائيلي...


 
التعديل الأخير بواسطة المشرف:
شكرا على المعلومات

تحياتى وتقديرى
 
شكرا رنا لما طرحت
والله يرزقنا ونتعلم في جامعة فلسطينية
تحياتي لك​
 
محمودياسين
ساره
أشكركم على روعه حضوركم
لكم ودي
 
الوسوم
التعليم العالي الفلسطيني تاريخ في لمحة
عودة
أعلى