خطر الغلو على المسلم

املي بالله

نائبة المدير العام
خطر الغلو على المسلم

اَلْحَمْدُ لِلهِ حَقَّ الْحَمْدِ وَاَوْفَاه؟ وَاَشْهَدُ اَنْ لَا اِلَهَ اِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لَاشَرِيكَ لَه؟ وَاَشْهَدُ اَنَّ مُحَمَّداً عَبْدُ اللهِ وَرَسُولُهُ وَمُصْطَفَاه؟ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَاَزْوَاجِهِ وَذُرِّيَّتِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ تَسْلِيماً كَثِيراً اِلَى يَوْمِ الدِّين؟ اَمَّا بَعْدُ؟ فَاَسْاَلُ اللهَ جَلَّ وَعَلَا لِي وَلَكُمُ الْعِلْمَ النَّافِعَ وَالْعَمَلَ الصَّالِحَ وَالْقَلْبَ الْخَاشِعَ وَالدُّعَاءَ الْمَسْمُوع؟ وَنَعُوذُ بِاللهِ اَنْ نَذِلَّ اَوْ نُذَلّ اَوْ نَزِلَّ اَوْ نُزَلَّ اَوْ نَضِلَّ اَوْ نُضَلَّ اَوْ نَجْهَلَ اَوْ يُجْهَلَ عَلَيْنَا؟ اَمَّا بَعْدُ اَيُّهَا الْاِخْوَة؟ فَهَذِهِ الْمَشَارَكَةُ بِعُنْوَان؟ اَلتَّحْذِيرُ مِنَ الْغُلُوِّ فِي الدِّين؟ نَتَحَدَّثُ فِيهَا عَنْ اَصْلِ الْغُلُوِّ وَمَنْشَئِهِ؟ وَاَسْبَابِهِ؟ وَكَيْفِيَّةِ الْوِقَايَةِ مِنْهُ؟ نَعَمْ اَخِي؟ مِنَ الْمَعْلُومِ اَنَّ اللهَ جَلَّ جَلَالُهُ رَحِيمٌ بِعِبَادِهِ؟ عَظِيمُ الرَّحْمَةِ؟ رَؤُوفٌ بِهِمْ؟ وَلِهَذَا جَعَلَ سُبْحَانَهُ هَذَا الدِّينَ يُسْراً؟ بَلْ مَااَنْزَلَ الْقُرْآنَ لِيَشْقَى بِهِ الْعِبَادُ؟ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى{طَهَ؟ مَااَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لِتَشْقَى(قَالَ الْمُفَسِّرُون؟ هَذِهِ الْآيَةُ بِمَعْنَى؟ اَنَّ اللهَ مَااَنْزَلَ الْقُرْآنَ لِعِلَّةِ اَنْ يُشْقِيَكَ بِهِ يَامُحَمَّدُ وَاُمَّتَكَ؟ بَلْ لِعِلَّةِ اَنْ يُسْعِدَكَ وَاُمَّتَك؟ لِاَنَّ الْقُرْآنَ يُسْرٌ يَدْعُو لِلْيُسْرَى بِدَليِلِ قَوْلِهِ تَعَالَى{وَنُيَسِّرُكَ لِلْيُسْرَى{وَالْمَعْنَى نُيَسِّرُكَ لِلطَّرِيقِ الْمُسْتَقِيمِ غَيْرِ الْمُنْحَنِي وَغَيْرِ الْمُعْوَجّ؟ وَنُيَسِّرُكَ لِلسُّنَّةِ الَّتِي هِيَ اَيْسَرُ وَاَبْعَدُ عَنِ التَّكْلِيفِ بِمَا لَايُطَاقُ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى{رَبَّنَا وَلَاتُحَمِّلْنَا مَالَاطَاقَةَ لَنَا بِه(وَحِينَمَا دَعَا الْمُؤْمِنُونَ بِهَذَا الدُّعَاءِ فِي هَذِهِ الْآيَة؟ قَالَ اللهُ جَلَّ وَعَلَا [قَدْ فَعَلْتُ( بِدَلِيلِ مَارَوَى مُسْلِمٌ فِي صَحِيحِهِ مِنْ هَذَا الشَّاْن؟ نَعَمْ اَخِي فَهَذَا الدِّينُ مَبْنِيٌّ عَلَى التَّيْسِير بِدَلِيلِ مَاثَبَتَ فِي الصَّحِيحِ مِنْ قَوْلِهِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَام[اِنَّ هَذَا الدِّينَ يُسْرٌ وَلَنْ يُشَادَّ الدِّينَ اَحَدٌ اِلَّا غَلَبَه(بِمَعْنىَ اَنَّ الدِّينَ الَّذِي اَنْزَلَهُ اللهُ جَلَّ وَعَلَا وَرَضِيَهُ لِعِبَادِهِ وَقَامَ بِهِ الْمُصْطَفَى قَوْلاً وَعَمَلاً وَظَهَرَتْ فِيهِ سُنَّتُهُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَام؟ هُوَ الدِّينُ الْيُسْرُ الَّذِي يَجْلِبُ السَّعَادَةَ وَالرَّاحَةَ وَالطَّمَاْنِينَة[وَلَنْ يُشَادَّهُ اَحَدٌ اِلَّا غَلَبَه(وَهَذَا مِنْ بَشَائِرِ الْخَيْرِ الَّذِي يَجْلِبُ غَيْرَالْمُسْلِمِ لِلدُّخُولِ فِي هَذَا الدِّينِ الْعَظِيم؟ لِاَنَّ الدِّيَانَاتِ السَّمَاوِيَّةَ الَّتِي قَبْلَ الْاِسْلَام؟ بُنِيَتْ عَلَى كَثِيرٍ مِنَ التَّكَالِيف؟ وَاَمَّا دِينُ الْاِسْلَامِ وَلِلهِ الْحَمْدُ وَالْفَضْلُ وَالْمِنَّة؟ فَقَدْ جَاءَ يُسْراً مُيَسَّراً سَهْلاً بِدَلِيلِ قَوْلِهِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَام[اِنَّ هَذَا الدِّينَ مَتِين؟ فَاَوْغِلْ فِيهِ بِرِفْقٍ؟ فَاِنَّ الْمُنْبَتَّ؟ لَا اَرْضاً قَطَعَ؟ وَلَاظَهْراً اَبْقَى(نَعَمْ اَخِي هَذَا هُوَ دِينُك؟ اِنَّهُ الدِّينُ الْاِسْلَامِيُّ الْعَظِيمُ الَّذِي بُنِيَ عَلَى الْيُسْرِ وَالسَّمَاحَةِ الَّتِي كَانَ عَلَيْهَا رَسُولُ الله؟ فَجَعَلَ اللهُ الْاُمَّةَ بِهَذَا الدِّينِ الْعَظِيمِ؟ عَدْلاً خِيَاراً؟ نَعَمْ جَعَلَهَا عَدْلاً فِي شَهَادَتِهَا عَلَى الْاَقْوَامِ السَّابِقِينَ وَالْمُعَاصِرِينَ وَاللَّاحِقِين؟ وَجَعَلَهَا خِيَاراً مِنْ اَحْسَنِ الْاُمَمِ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى{وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ اُمَّةً وَسَطاً لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ؟ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدَا(وَكَلِمَةُ وَسَطاً فِي الْآيَة بِمَعْنَى اَنَّ هَذِهِ الْاُمَّةَ عَدْلٌ خِيَار؟ لِاَنَّ الْوَسَطَ هُوَ الْعَدْلُ؟ وَهُوَ الْخِيَارُ الْمُصْطَفَى؟ لِاَنَّ الْعَرَبَ كَانَتْ تَمْتَدِحُ الشَّيْءَ بِكَوْنِهِ وَاسِطَةَ الشَّيْءِ الْآخَرِ بِمَعْنَى اَنَّهُ اَحْسَنُهُ وَاَفْضَلُه؟ نَعَمْ اَخِي فَجَعَلَ اللهُ هَذِهِ الْاُمَّةَ اُمَّةً وَسَطاً لِمَاذَا{لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ؟ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدَا(وَقَدْ جَاءَ فِي صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ عِنْدَ تَفْسِيرِ هَذِهِ الْآيَة؟ اَنَّ النَّاسَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ يَاْتُونَ؟ فُيُقِيمُ اللهُ تَعَالَى الْحُجَّةَ عَلَيْهِمْ؟ فَيَاْتِي اِلَى قَوْمِ نُوحٍ؟ فَيَقُولُ لَهُمْ قَدْ جَاءَتْكُمُ الْحُجَّةُ وَجَاءَكُمُ النَّذِيرُ فِي الدُّنْيَا؟ فَيَقُولُونَ بَلْ مَاجَاءَنَا مِنْ نَذِير؟ فَيَقُولُ اللهُ تَعَالَى بَلْ عَلَيْكُمْ شُهُود؟ وَهَذِهِ اُمَّةُ مُحَمَّدٍ تَشْهَدُ عَلَيْكُمْ؟ نَعَمْ اَخِي فَتَاْتِي اُمَّةُ مُحَمَّدٍ فَتَقُولُ نَعَمْ يَارَبّ؟ قَدْ جَاءَهُمْ نُوحٌ بِالْبَيِّنَاتِ وَالنُّذُر؟ نَعَمْ اَخِي اَوْ كَمَا قَالَ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَام؟ نَعَمْ اَخِي وَهَذَا الْحَدِيثُ فِيهِ بَيَانُ اَنَّ هَذِهِ الْاُمَّةَ بِعُلَمَائِهَا وَفُقَهَائِهَا وَعُقَلَائِهَا الَّذِينَ عَقِلُوا الدِّينَ عَنْ رَسُولِ الله؟ شَاهِدَةٌ عَلَى النَّاس؟ بَلْ لَايَزَالُ فِي هَذِهِ الْاُمَّةِ طَائِفَةٌ ظَاهِرَةٌ بِالْحَقّ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَام[لَاتَزَالُ طَائِفَةٌ مِنْ اُمَّتِي عَلَى الْحَقِّ ظَاهِرِين؟ لَايَضُرُّهُمْ مَنْ خَذَلَهُمْ وَلَا مَنْ خَالَفَهُمْ حَتَّى يَاْتِيَ اَمْرُ الله(وَالْمَعْنَى اَنَّ ظُهُورَ هَذِهِ الطّائِفَةِ اِمَّا اَنْ يَكُونَ ظُهُوراً بِالسَّيْفِ وَالسِّنَان؟ اَوْ اَنْ يَكُونَ ظُهُوراً بِالْحُجَّةِ وَالْبَيَان؟ نَعَمْ اَخِي؟ فَلَابُدَّ اَنْ يَكُونَ فِي هَذِه الْاُمَّةِ طَائِفَةٌ ظَاهِرَةٌ بِالْحَقِّ وَعَلَى الْحَقّ؟ اِمَّا اَنْ يَكُونَ ظُهُورُهَا عَلَى غَيْرِهَا مِنَ الْاُمَمِ بِالسِّنَانِ فَتَكُونَ هِيَ الْقَوِيَّةُ وَالْغَالِبَةُ وَالْمُنْتَصِرَة؟ اَوْ اَنْ يَكُونَ ظُهُورُهَا بِمَا هُوَ اَعْظَمُ مِنَ السَّيْفِ وَالسِّنَانِ وَهُوَ الْحُجَّةُ وَالْبَيَانُ لِمَاذَا؟ لِاَنَّ ظُهُورَهَا بِالْحُجَّةِ وَالْبَيَانِ فِي الْعَهْدِ الْمَكِّيِّ؟ كَانَ قَبْلَ ظُهُورِهَا بِالسَّيْفِ وَالسِّنَانِ فِي الْعَهْدِ الْمَدَنِيّ؟ نَعَمْ اَخِي{وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ اُمَّةً وَسَطَا(أيْ كَلَّفْنَاكُمْ فِي تَشْرِيعِنَا لِتَكُونُوا اُمَّةً وَسَطَا؟ وَاَمَّا فِي قَضَائِنَا وَقَدَرِنَا وَفِي مُقْتَضَى اِيمَانِكُمْ بِخَيْرِهِ وَشَرِّهِ؟ فَلَابُدَّ اَنْ يَكُونَ فِي هَذِهِ الْاُمَّةِ طَرَفَانِ مُرَافِقَانِ لِمَا اَرَدْنَاهُ مِنْ طَرَفٍ وَسَطٍ بَيْنَهُمَا؟ وَهُمَا طَرَفٌ يَجْفُو وَيُفَرِّطُ فِي جَنْبِ اللهِ وَدِينِهِ وَاَوَامِرِهِ وَنَوَاهِيه؟ وَطَرَفٌ آخَرُ يَغْلُو ويُفْرِط؟ نَعَمْ اَخِي وَلِذَلِكَ كَانَتْ اَقْسَامُ النَّاسِ ثَلَاثَة؟ وَهُمُ الْوَسَطُ الْخِيَارُ الَّذِينَ اتَّبَعُوا الْمُصْطَفَى عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ وَاَصْحَابَهُ وَاَهْلَ الْعِلمِ الرَّاسِخِين؟ وَطَرَفٌ يَمِينِيٌّ يَجْفُو وَهُمُ الَّذِينَ فَرَّطُوا فِي اَوَامِرِ اللهِ وَلَمْ يَتَّبِعُوا اَوَامِرَاللهِ بَلِ ارْتَكَبُوا مَنْهِيَّاتِهِ وَلَمْ يَرْفَعُوا رَاْساً بِسُنَّتِهِ عليه الصلاة والسلام وَلَامَاجَاءَ فِي الْقُرْآنِ الْكَرِيم؟ وَاَمَّا الطَّرَفُ اليَسَارِيّ فَهُوَ الَّذِي يَغْلُو وَهُمُ الَّذِينَ غَلَوْا بِمَعْنَى تَجَاوَزُا الْحَدَّ؟ لِاَنَّ مَعْنَى الْغُلُوِّ هُوَ مُجَاوَزَةُ الْحَدِّ فِي تَحْقِيقِ الشَّيْءِ اَوْ مَايُوصِلُ اِلَيْه؟ فَكَلِمَةُ غَلَا بِمَعْنَى جَاوَزَ الْحَدَّ؟ نَقُولُ مَثَلاً غَلَا السِّعْرُ بِمَعْنَى اَنَّهُ جَاوَزَ الْمَعْهُودَ اَوِ الْمَعْلُومَ اَوِ الْمَعْرُوفَ اَوِ الْمَعْقُولَ فِي الْاَسْعَارِ الْمُتَدَاوَلَةِ بَيْنَ النَّاس؟ نَعَمْ اَخِي؟ فَهَؤُلَاءِ الْغُلَاةُ غَلَوْا فِي الدِّينِ بِمَعْنَى اَنَّهُمْ تَجَاوَزُوا الْحَدَّ الَّذِي اُذِنَ لَهُمْ بِهِ؟ فَلَمْ يَكُونُوا مَعَ الْاُمَّةِ الْوَسَطِ الْعَدْلِ الْخِيَار؟ وَاِنَّمَا زَادُوا عَلَيْهِمْ رَغْبَةً فِي التَّعَبُّدِ وَرَغْبَةً فِي رِضَا اللهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى؟ وَلَكِنَّهُمْ اَخْطَؤُوا الطَّرِيقَ فِي الْوُصُولِ اِلَى مَرْضَاتِهِ سُبْحَانَهُ لِمَاذَا؟ لِاَنَّهُ لَيْسَ كُلُّ مَنْ اَرَادَ رِضَا اللهِ يَحْصَلُ عَلَيْهِ حَتَّى يَاْتِيَ بِالْبُرْهَانِ وَهُوَ اتِّبَاعُ الْمُصْطَفَى صلى الله عليه وسلم فِي صَمِيمِ الْاَمْرِ وَقَلِيلِهِ وَكَثِيرِهِ مِنْ جِهَةِ عَدَمِ تَحْكِيمِهِ عَلَى اتِّبَاعِ الْهَوَى وَعَلَى مَاتُرِيدُهُ النَّفْسُ بَلْ عَلَى اتِّبَاعِ اللهِ وَرَسُولِهِ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى{قُلْ اِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللهَ؟ فَاتَّبِعُونِي؟ يُحْبِبْكُمُ اللهُ؟ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ{لِمَاذَا؟ لِاَنَّ{مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ؟ فَقَدْ اَطَاعَ الله{وَمَاكَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ اِذَا قَضَى اللهُ وَرَسُولُهُ اَمْراً اَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ اَمْرِهِمْ{فَلَا وَرَبِّكَ لَايُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَايَجِدُوا فِي اَنْفُسِهِمْ حَرَجاً مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمَا[كُلُّ اُمَّتِي يَدْخُلُ الْجَنَّةَ اِلَّا مَنْ اَبَى؟ فَقَالُوا وَمَنْ يَاْبَى دُخُولَ الْجَنَّةِ اِلَّا الْاَحْمَقُ يَارَسُولَ الله؟ فَقَالَ مَنْ اَطَاعَنِي دَخَلَ الْجَنَّةَ؟ وَمَنْ عَصَانِي فَقَدْ اَبَى(نَعَمْ اَخِي؟ وَلِهَذَا جَاءَ فِي الْقُرْآنِ النَّهْيُ عَنِ الْغُلُوِّ؟ وَالنَّهْيُ عَنِ الطُّغْيَان؟ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى مُخَاطِباً اَهْلَ الْكِتَاب{يَااَهْلَ الْكِتَابِ لَاتَغْلُوا فِي دِينِكُمْ؟ وَلَاتَقُولُوا عَلَى اللهِ اِلَّا الْحَقَّ؟ اِنَّمَا المَسِيحُ عِيسَى بْنُ مَرْيَمَ رَسُولُ اللهِ؟ وَكَلِمَتُهُ اَلْقَاهَا اِلَى مَرْيَمَ؟ وَرُوحٌ مِنْهُ؟ فَآمِنُوا بِاللهِ وَرُسُلِه(وَالْآيَةُ فِي آخِرِ سُورَةِ النِّسَاء؟ وَقَالَ جَلَّ جَلَالُهُ اَيْضاً فِي سُورَةِ الْمَائِدَة{يَااَهْلَ الْكِتَابِ لَاتَغْلُوا فِي دِينِكُمْ غَيْرَ الْحَقّ(وَقَالَ عَزَّ وَجَلَّ اَيْضاً{فَاسْتَقِمْ كَمَا اُمِرْتَ وَمَنْ تَابَ مَعَكَ وَلَاتَطْغَوْا(وَالْآيَاتُ فِي هَذَا الْمَعْنَى مُتَعَدِّدَة؟ نَعَمْ اَخِي؟ فَدَلَّتْ هَذِهِ الْآيَات؟ عَلَى اَنَّ اللهَ قَدْ نَهَى عَنِ الطُّغْيَانِ وَمُجَاوَزَةِ الْحَدِّ وَالْغُلُوِّ؟ بِدَلِيل{يَااَهْلَ الْكِتَابِ لَاتَغْلُوا فِي دِينِكُمْ؟ وَلَاتَقُولُوا عَلَى اللهِ اِلَّا الْحَقّ(نعم اخي وَالْعِبْرَةُ فِي هَذِهِ الْآيَةِ لِعُمُومِ اللَّفْظِ؟ لَا لِخُصُوصِ السَّبَبِ لِمَاذَا؟ لِاَنَّ النَّهْيَ عَنِ الْغُلُوِّ لِاَهْلِ الْكِتَاب؟ هُوَ اَيْضاً نَهْيٌ لَنَا لِمَاذَا؟لِاَنَّنَا اَيْضاً نَحْنُ الْمُسْلِمِينَ اَهْلُ كِتَابٍ وَهُوَ الْقُرْآنُ الْكَرِيم؟ لِاَنَّ الْغُلُوَّ فِي الدِّينِ هُوَ اَمْرٌ مَذْمُومٌ لِكُلِّ مَنِ اتَّبَعَ رِسَالَةً مِنْ رِسَالَاتِ اَنْبِيَاءِ اللهِ عَلَيْهِمُ الصَّلَاةُ وَالسَّلَام؟ نَعَمْ اَخِي؟ فَدَلَّنَا قَوْلُهُ تعالى{لَاتَغْلُوا فِي دِينِكُمْ(عَلَى اَنَّ الْغُلُوَّ فِي الدِّينِ مُحَرَّم؟ لِاَنَّ النَّهْيَ فِي الْآيَةِ هُوَ مِنْ اَجْلِ التَّحْرِيم؟ بَلْ هُوَ مِنْ اَشَدِّ الْمُحَرَّمَاتِ؟ لِاَنَّهُ يَبْعَثُ عَلَى ارْتِكَابِ كَثِيرٍ مِنَ الْمُحَرَّمَاتِ لِمَاذَا؟ لِاَنَّهُ وَسِيلَةٌ لِآَثَارٍ وَمُحَرَّمَاتٍ كَثِيرَة؟ قَالَ تَعَالَى{يَااَهْلَ الْكِتَابِ لَاتَغْلُوا فِي دِينِكُمْ(بِمَاذَا غَلَا اَهْلُ الْكِتَابِ فِي دِينِهِمْ؟ نَعَمْ اَخِي بِاَنَّهُمْ جَعَلُوا عِيسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ ابْناً لِله؟ فَجَعَلُوا لَهُ بَعْضَ خَصَائِصِ الْاُلُوهِيَّة؟ وَلِذَلِكَ جَاءَ فِي الصَّحِيحِ اَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال[لَاتُطْرُونِي كَمَا اَطْرَتِ النَّصَارَى ابْنَ مَرْيَمَ؟ وَلَكِنْ قُولُوا عَبْدُ اللهِ وَرَسُولُه(وَالْمَعْنَى أيْ لَاتُجَاوِزُوا الْحَدَّ فِي مَدْحِي كَمَا تَجَاوَزَ النَّصَارَى الْحَدَّ فِي مَدْحِهِمْ لِعِيسَى؟ فَبَلَغَ بِهِمْ ذَلِكَ اَنْ عَبَدُوهُ وَاَلَّهُوهُ؟ وَلَكِنْ قُولُوا عَنِّي اَنِّي عَبْدُ اللهِ وَرَسُولُه(نَعَمْ اَخِي وَمَااَعْظَمَهَا مِنْ مَكَانَةٍ اَنْ يَكُونَ عَبْداً وَرَسُولاً لِلهِ جَلَّ جَلَالُه؟ نَعَمْ اَخِي؟ وَلِذَلِكَ فَاِنَّ هَذِهِ الْاُمَّةَ الْاِسْلَامِيَّةَ نَهَاهَا اللهُ عَنِ الْغُلُوّ؟ فَخَافَ عَلَيْهَا الْمُصْطَفَى عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ اَنْ يَكُونَ فِيهِمُ الْغُلَاة بَلْ حِينَمَا كَانَ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ فِي حَجَّةِ الْوَدَاع؟ اَمَرَ مَنْ يَلْقِطُ لَهُ الْحَصَى؟ فَالْتَقَطُوهَا لَهُ وَقَالَ[ بِمِثْلِ هَذِهِ فَارْمُوا؟ وَاِيَّاكُمْ وَالْغُلُوّ؟ فَاِنَّمَا اَهْلَكَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمُ الْغُلُوّ(نَعَمْ اَخِي حَتَّى فِي حَجْمِ الْحَصَاةِ الْمُنْتَقَاةِ وَهِيَ الْجَمَرَاتُ الْمَعْرُوفَةُ الَّتِي يُرْمَى بِهَا؟ فَاِنَّهُ قَالَ[اِيَّاكُمْ وَالْغُلُوّ(وَالْمَعْنَى اِيَّاكَ اَنْ تَظُنَّنَّ اَنَّ الْخَيْرَ وَالتَّعَبُّدَ وَالْقُرْبَ مِنَ اللهِ وَكَثْرَةَ الْحَسَنَاتِ؟ يَكُونُ فِي تَكْبِيرِ الْحَصَاة؟ وَاِنَّمَا يَكُونُ بِضَبْطِ ذَلِكَ كُلّهِ عَلَى مُرَادِ اللهِ وَرَسُولِهِ مِنْ دُونِ اِفْرَاطٍ وَلَاتَفْرِيط؟ وَلِذَلِكَ بِمِثْلِ هَذِهِ فَارْمِ؟ وَاِيَّاكَ اَنْ تَغْلُوَ فِي دِينِ الله؟ نَعَمْ اَخِي؟ وَلِهَذَا خَافَ النَّبِيُّ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى هَذِهِ الْاُمَّةِ مِنَ الْغُلُوّ؟ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ[اِنَّمَا اَهْلَكَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمُ الْغُلُوُّ(لِمَاذَا؟ لِاَنَّ الْغُلُوَّ سَبَبٌ مِنْ اَسْبَابِ الِاضْطّرَابِ وَالْفُرْقَةِ الْوَخِيمَةِ فِي هَذِهِ الْاُمَّة؟ مِمَّا يَجْعَلُهَا يَضْرِبُ بَعْضُهَا رِقَابَ بَعْض؟ وَسَبَبٌ مِنْ اَسْبَابِ الِافْتِرَاقِ الْوَخِيم؟ وَلِذَلِكَ فَاِنَّ مِنَ الْقَوَاعِدِ الشَّرْعِيَّةِ الْمُقَرَّرَة؟ مَاقَالَهُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَام[اَلْجَمَاعَةُ رَحْمَة؟ وَالْفُرْقَةُ عَذَاب(نَعَمْ اَخِي؟ وَلِهَذَا كَانَ اَوَائِلُ الْغُلُوِّ فِي عَهْدِهِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَام؟ وَمَرَّةً مِنَ الْمَرَّاتِ؟ كَانَ رَجُلٌ بَيْنَ يَدَيِ النَّبِيِّ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَام؟ يُشَاهِدُهُ وَهُوَ يَقْسِمُ الْمَالَ بَيْنَ النَّاس؟ فَقَالَ لَهُ هَذَا الرَّجُل؟ يَارَسُولَ اللهِ؟ اِعْدِلْ فِي قَسْمِ الْمَال؟ فَقَالَ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَام[وَيْحَكَ؟ مَنْ يَعْدِلُ اِذَا لَمْ اَعْدِل؟ ثُمَّ انْصَرَفَ الرَّجُلُ؟ فَالْتَفَتَ رَسُولُ اللهِ اِلَى النَّاسِ قَائِلاً[ يَخْرُجُ مِنْ ضِئْضِىءِ هَذَا(مَنْ عَلَى شَاكِلِتهِ وَاَمْثَالِهِ[اَقْوَام(جَمَاعَة[ يَقْرَؤُونَ الْقُرْآنَ لَايُجَاوِزُ حَنَاجِرَهُمْ؟ يَقْتُلُونَ اَهْلَ الْاِسْلَامِ؟ وَيَدَعُونَ اَهْلَ الْاَوْثَان(نَعَمْ اَخِي وَالْمَعْنَى؟ اَنَّ الْغُلُوَّ كَانَ عِنْدَ هَذَا الرَّجُلِ؟ وَكَانَ مِنْ آثَارِ غُلُوِّهِ؟ اَنَّهُ سَيَتَّبِعُهُ اَقْوَامٌ عَلَى غُلُوِّهِ فِيمَا يَقُولُ وَفِيمَا يَفْهَمُ مِنْ مَفَاهِيمَ يَهُودِيَّةٍ خَاطِئَةٍ خَطِيرَةٍ جِدّاً عَلَى الْاِسْلَامِ وَالْمُسْلِمِينَ لِمَاذَا؟ لِاَنَّ الْيَهُودَ اَيْضاً فِي الْجَاهِلِيَّةِ قَبْلَ الْاِسْلَام؟ كَانُوا يَقْتُلُونَ بَعْضَهُمْ؟ اِرْضَاءً لِاَهْلِ الْاَوْثَانِ مِنَ الْاَوْسِ وَالْخَزْرَج؟ وَاَمَّا فِي اَيَّامِنَا؟ فَاِنَّ الْخَوَارِجَ مِنْ دَاعِشْ وَمَنْ عَلَى شَاكِلَتِهِمْ؟ يَقْتُلُونَ اَهْلَ الْاِسْلَامِ؟ اِرْضَاءً لِاَحْفَادِ الْقِرَدَةِ الْيَهُودِ وَالْخَنَازِيرِ الصُّلْبَانِ؟ الَّذِينَ يَعْبُدُونَ الْعِجْلَ الذَّهَبِيَّ وَالْاَوْثَانَ مِنَ الصُّلْبَان؟ بِدَلِيلِ قَوْلِ رَسُولِ اللهِ لِعَدِيِّ بْنِ حَاتِم[ يَاعَدِيّ؟ اِنْزَعْ عَنْكَ هَذَا الْوَثَن(وَالْمَقْصُودُ بِهَذَا الْوَثَنِ هُوَ الصَّلِيبُ الْمُنْكَرُ الْوَثَنُ الْمَعْبُودُ مِنْ دُونِ الله وَالَّذِي كَانَ يَضَعُهُ عَدِيٌّ عَلَى صَدْرِهِ قَبْلَ اَنْ يُسْلِم؟ نَعَمْ اَخِي؟ كَذَلِكَ مِنَ الْغُلُوِّ الَّذِي حَصَلَ فِي عَهْدِ النَّبِيِّ؟ حِكَايَةُ الثَّلَاثَةِ الَّذِينَ اَرَادُوا التَّعَبُّدَ؟ فَسَاَلُوا عَنْ عِبَادَةِ النَّبِيِّ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَام؟ فَاُخْبِرُوا بِهَا اَنَّهُ كَانَ يَتَزَوَّجُ النِّسَاءَ؟ وَيَقُومُ بَعْضَ اللَّيْلِ ثُمَّ يَنَامُ بَعْضَه؟وَيَصُومُ وَيُفْطِرُ؟ وَاَنَّهُ كَانَ يَاْكُلُ اللَّحْمَ؟ فَقَالُوا اَيْنَ نَحْنُ مِنْ رَسُولِ اللهِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَام وَقَدْ غَفَرَ اللهُ لَهُ مَاتَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ وَمَاتَاَخَّر؟ نَعَمْ اَخِي؟ يَقُولُ رَاوِي الْحَدِيثِ عَنْ هَؤُلَاء؟ فَلَمَّا اُخْبِرُوا بِهَا؟ كَاَنَّهُمْ تَقَالُّوهَا؟أيْ زَهِدُوا بِهَا؟ بِمَعْنَى اَنَّهُمْ قَالُوا نَحْنُ مَاخُلِقْنَا اِلَّا لِعِبَادَةِ الله؟ وَهَذِهِ عِبَادَةٌ قَلِيلَةٌ تَكْفِي رَسُولَ اللهِ؟ وَلَاتَكْفِينَا نَحْنُ لِدُخُولِ الْجَنَّة؟ فَقَالَ اَحَدُهُمْ؟ اَمَّا اَنَا فَلَنْ آكُلَ اللَّحْمَ وَلَنْ اَتَزَوَّجَ النِّسَاء؟ وَقَالَ الْآخَرُ وَاَمَّا اَنَا فَسَاَصُومُ وَلَااُفْطِرُ؟ وَقَالَ الثَّالِثُ وَاَنَا سَاَقُومُ اللَّيْلَ وَلَااَنَام؟ فَلَمَّا اُخْبِرَ النَّبِيُّ بِقَوْلِهِمْ؟ غَضِبَ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ وَقَال[اَنَا اَخْشَاكُمْ لِلهِ وَاَتْقَاكُمْ لِلهِ؟ وَاِنِّي اَقُومُ وَاُصَلّي لَيْلاً ثُمَّ اَنَام؟ وَاَصُومُ وَاُفْطِر؟ وَآكُلُ اللَّحْمَ؟ وَاَتَزَوَّجُ النِّسَاءَ؟ فَمَنْ رَغِبَ عَنْ سُنَّتِي؟ فَلَيْسَ مِنِّي(نَعَمْ اَخِي؟ وَهَذَا الْحَدِيثُ مُتَّفَقٌ عَلَيْه؟ وَهُوَ يَشْرَحُ الْغُلُوَّ الَّذِي كَادَ اَنْ يَحْصَلَ فِي عَهْدِ النَّبِيِّ فِيمَا يَتَعَلَّقُ بِالْعِبَادَات؟؟ نَعَمْ اَيُّهَا الْاِخْوَةُ الْكِرَام؟ اَللهُ تَعَالَى بَعَثَ نَبِيَّهُ مُحَمَّداً صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقّ؟ وَجَعَلَ شَرِيعَتَهُ شَرِيعَةَ الْيُسْرِ؟ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى حِينَمَا فَرَضَ الصِّيَامَ وَبَيَّنَ حُكْمَ الْمُسَافِرِ وَغَيْرِهِ{يُرِيدُ اللهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَايُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ( فَاَخْبَرَنَا هُنَا سُبْحَانَهُ اَنَّهُ يُرِيدُ بِنَا التَّيْسِيرَ عَلَيْنَا؟ وَلَايُرِيدُ مَافِيهِ التَّعْسِيرَ بِنَا وَلَاعَلَيْنَا؟ فَقَالَ جَلَّ جَلَالُهُ اَيْضاً{وَمَاجَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ؟ مِلَّةَ اَبِيكُمْ اِبْرَاهِيم{وَقَالَ عَزَّ وَجَلَّ فِي حَقِّ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ{وَيَضَعُ عَنْهُمْ اِصْرَهُمْ وَالْاَغْلَالَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ(بِمَعْنَى اَنَّ مُحَمَّداً عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَام وَضَعَ اللهُ بِهِ عَنَّا الْآصَارَ وَالْاَغْلَالَ الَّتِي كَانَتْ عَلَى مَنْ قَبْلَنَا اِمَّا عُقُوبَةً لَهُمْ؟ وَاِمَّا اَنْ تَكُونَ هَكَذَا شَرِيعَتُهُمْ؟ وَلِذَلِكَ فَاِنَّ اللهَ تَعَالَى؟ وَضَعَ بِمُحَمَّدٍ عَنَّا الْآصَارَ وَالْاَغْلَالَ الَّتِي كَانَتْ عَلَى مَنْ قَبْلَنَا؟ فَصَارَتْ شَرِيعَتُنَا يُسْراً وَسُهُولَة؟ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم[يَسِّرُوا؟ وَلَاتُعَسِّرُوا؟ وَبَشِّرُوا؟ وَلَاتُنَفِّرُوا[اِنَّمَا بُعِثْتُمْ مُيَسِّرِينَ؟ وَلَمْ تُبْعَثُوا مُعَسِّرِين[اِنَّ هَذَا الدِّينَ يُسْرٌ؟ وَلَنْ يُشَادَّ الدِّينَ اَحَدٌ اِلَّا غَلَبَه؟ فَسَدِّدُوا؟ وَقَارِبُوا؟ وَاَبْشِرُوا(نَعَمْ اَخِي؟ فَاِذَا تَاَمَّلْتَ شَرِيعَةَ الْاِسْلَامِ؟ وَجَدْتَّهَا بَعِيدَةً عَنْ مَظَاهِرِ الْغُلُوِّ؟ وَوَجَدْتَّ مَظْهَرَهَا مَظْهَرَ الْيُسْرِ فِي كُلِّ اَحْوَالِهَا؟ سَوَاءٌ فِي مُعْتَقَدَاتِهَا؟ اَوْ فِي عِبَادَاتِهَا؟ وَلَكِنَّ هَذَا الْيُسْرَ؟ لَايَظْهَرُ اِلَّا لِمَنْ وَفَّقَهُ اللهُ؟ وَبَصَّرَ قَلْبَهُ وَاَنَارَهُ؟ وَشَرَحَ صَدْرَهُ لِلْحَقِّ؟ فَعَرَفَ الْحَقَّ عَلَى حَقِيقَتِهِ؟ وَالْبَاطِلَ عَلَى حَقِيقَتِهِ؟ وَلَمْ تَلْتَبِسْ اَمَامَهُ وَلَاعَلَيْهِ الْاَشْيَاء؟ نَعَمْ اَخِي؟ تَعَالَ مَعِي اِلَى قَضِيَّةِ الْاِيمَان؟ فَاَهْلُ السُّنَّةِ وَالْجَمَاعَةِ يَقُولُون؟ اَلْاِيمَانُ اَقْوَالٌ؟ وَاَعْمَال؟ وَهُوَ قَوْلٌ بِاللّسَانِ؟ وَاعْتِقَادٌ بِالْقَلْبِ؟ وَعَمَلٌ بِالْجَوَارِح؟ وَكُلُّ ذَلِكَ يَزِيدُ وَيَنْقُص؟ نَعَمْ اَخِي؟ يَزِيدُ الْاِيمَانُ وَيَنْقُص{فَاَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا فَزَادَتْهُمْ اِيمَاناً وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُون؟ وَاَمَّا الَّذِينَ كَفَرُوا فَزَادَتْهُمْ رِجْساً اِلَى رِجْسِهِمْ؟ وَمَاتُوا وَهُمْ فَاسِقُون{وَيَزِيدُ اللهُ الَّذِينَ اهْتَدَوْا هُدَى(فَالْاِيمَانُ عِنْدَ هَؤُلَاءِ يَزِيدُ وَيَنْقُص؟ وَالنَّاسُ مُتَفَاوِتُونَ فِي هَذَا الْاِيمَانِ قُوَّةً وَضَعْفاً؟ نَعَمْ اَخِي؟ وَيَرَى اَهْلُ السُّنَّةِ اَيْضاً؟ اَنَّ الْمُؤْمِنَ قَدْ يَجْتَمِعُ فِيهِ اِيمَانٌ وَفِسْقٌ؟ وَطَاعَةٌ وَمَعْصِيَة؟ وَصَلَاحٌ وَفَسَادٌ؟ فَهُوَ مِنْ جِهَةِ اِيمَانِهِ مُؤْمِن؟ وَلَكِنَّهُ مِنْ جِهَةِ اِخْلَالِهِ بِبَعْضِ وَاجِبَاتِ الْاِيمَانِ فَاسِق؟ وَلَكِنَّ فِسْقَهُ اَوْ مَعْصِيَتَهُ لَاتَسْلُبُ عَنْهُ مُسَمَّى الْاِيمَانِ لِمَاذَا؟ لِاَنَّ اللهَ وَصَفَ الْمُؤْمِنِينَ بِالْاِيمَانِ مَعَ وُجُودِ بَعْضِ الْمُخَالَفَاتِ مِنْهُمْ وَلَوْ وَصَلَتْ اِلَى حَدِّ الْقَتْلِ؟ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى{فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ اَخِيهِ شَيْءٌ(وَهُوَ قَاتِلُهُ؟ بِمَعْنَى اَنَّ عَلَى اَهْلِ الْقَتِيلِ الَّذِينَ عَفَوْا عَنْ اَخِيهِمُ الْقَاتِل{اِتَّبَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ(وَهُوَ الدِّيَةُ عِوَضاً عَنِ الْقِصَاص{وَاَدَاءٌ اِلَيْهِ بِاِحْسَان(بِمَعْنَى اَنْ يُؤَدُّوا اِلَيْهِ اِحْسَانَهُمْ وَهُوَ التَّقْسِيطُ الْمُرِيحُ فِي اَدَائِهِ لِلدِّيَةِ لَهُمْ؟ اَوْ بِالتَّخْفِيفِ عَنْهُ وَهُوَ اِسْقَاطُهُمْ لِشَيْءٍ مِنْ ثَمَنِهَا اَوْ قِيمَتِهَا؟ اَوْ بِتَنَازُلِهِمْ عَنْهَا نِهَائِيّاً وَهُوَ الْعَفْوُ الشَّامِلُ مِنْهُمْ عَنْ اَخِيهِمُ الْقَاتِلِ وَالتَّنَازُلُ عَنْ حَقّهِمْ نِهَائِيّاً فِي الْقِصَاصِ مِنْهُ اَوْ تَغْرِيمِهِ بِالدِّيَة؟ اَوْ بِمَعْنَى اَنَّ عَلَى اَخِيهِمُ الْقَاتِلِ اَنْ يُؤَدِّيَ لَهُمُ الدِّيَةَ بِاِحْسَانٍ وَذَلِكَ بِاَنْ يَدْفَعَهَا دَفْعَةً وَاحِدَةً وَزِيَادَةً عَلَيْهَا اَيْضاً؟ نَعَمْ اَخِي؟ وَمِمَّا يَدُلُّ عَلَى اَنَّ الْعَبْدَ يُوجَدُ فِيهِ اِيمَانٌ وَمَعْصِيَة؟مَاوَرَدَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى{وَاِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا( فَجَعَلَهُمْ سُبْحَانَهُ مُؤْمِنِينَ عَلَى الرَّغْمِ مِنِ اقْتِتَالِهِمْ؟ مِمَّا يَدُلُّ عَلَى اَنَّكَ اَخِي الْقَاتِل مَازَالَ فِيكَ خَيْطٌ رَفِيعٌ مِنَ الْاِيمَان؟ وَلَكِنَّهُ قَوِيٌّ كَقُوَّةِ الْخَيْطِ الرَّفِيعِ الَّذِي تَشْبِكُهُ بِصَنَّارَتِكَ لِتَصْطَادَ بِهِ السَّمَك؟ فَلَايَجُوزُ لِاَحَدٍ مِنَ النَّاسِ اَنْ يَقْطَعَ خَيْطَ الْاِيمَانِ هَذَا بَيْنَكَ وَبَيْنَ اللهِ لِيُغْلِقَ بَابَ التَّوْبَةِ فِي وَجْهِكَ وَلَوْ صَدَرَ مِنْكَ مَعْصِيَة؟بَلْ وَلَوْ لَمْ تَنْهَكَ صَلَاتُكَ عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَر؟ فَمَا زَالَ فِيكَ خَيْطٌ رَفِيعٌ قَوِيٌّ وَهُوَ هَذِهِ الصَّلَاة؟ نَعَمْ اَخِي؟ وَحَتَّى وَلَوْ كُنْتَ قَاتِلاً؟ فَاِنَّكَ مَعَ ذَلِكَ مُؤْمِنٌ نَاقِصُ الْاِيمَان؟ وَلَايَرْفَعُ عَنْكَ مُسَمَّى الْاِيمَانِ اِلَّا كُفْرُكَ وَتَكْذِيبُكَ لِلهِ وَرَسُولِهِ وَالْعَيَاذُ بِالله؟ نَعَمْ اَخِي؟ هَذِهِ هِيَ حَقِيقَةُ الْاِيمَانِ عِنْدَ اَهْلِ السُّنَّة؟ وَاَمَّا الْخَوَارِجُ الَّذِينَ غَلَوْا فِي دِينِ الله؟ فَجَاؤُوا اِلَى قَضِيَّةِ الْاِيمَانِ؟ وَقَالُوا اِنَّ الْاِيمَانَ كُلٌّ وَاحِدٌ لَايَتَجَزَّاُ؟ اِمَّا اَنْ تَعْمَلَهُ اَوْ تُطَبِّقَهُ كُلَّهُ فَتَكُونَ بِذَلِكَ مُؤْمِناً حَقّاً؟ فَاِنْ اَخْلَلْتَ بِشَيْءٍ مِنْهُ؟ فَاَنْتَ اَخِي كَافِرٌ كَمَا يَزْعُمُون؟ وَقَالُوا اَيْضاً؟ كُلُّ مَنْ خَالَفَ الْاِيمَانَ بِاَدْنَى مُخَالَفَة؟ فَهُوَ كَافِرٌ مُخَلَّدٌ فِي النَّار؟ وَنَقُولُ لِلْخَوَارِج؟ هَلْ خَلَقَ اللهُ الْبَشَرَ جَمِيعاً مَعْصُومِينَ مِنَ الزَّلَلِ وَالْخَطَا؟ نَعَمْ اَخِي لَاجَوَابَ عِنْدَهُمْ؟ لِاَنَّهُمْ بَنَوْا عَلَى هَذَا الْمَذْهَبِ الْفِكْرِيِّ الظَّلَامِيِّ الشَّيْطَانِيِّ الْخَبِيث؟ اَنَّ مُجَرَّدَ الْمُخَالَفَةِ وَلَوْ بِشَيْءٍ بَسِيط؟ فَاِنَّهُمْ يَسْتَبِيحُونَ بِهَا دِمَاءَ النَّاسِ وَاَمْوَالَهُمْ؟ وَلِذَلِكَ فَاِنَّهُمْ لَايَتَقَبَّلُونَ أيَّ مُخَالَفَةٍ مَهْمَا كَانَتْ صَغِيرَة؟ حَتَّى وَلَوْ صَدَرَتْ هَذِهِ الْمُخَالَفَةُ مِنَ الصَّحَابَةِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ؟ وَلِذَلِكَ فَاِنَّهُمْ يُكَفِّرُونَ عُثْمَانَ وَعَلِيّاً وَمُعَاوِيَةَ وَطَلْحَةَ وَالزُّبَيْرَ وَبَقِيَّةَ الْعَشَرَةِ الْمُبَشَّرِينَ بِالْجَنَّةِ وَسَائِرَ اَصْحَابِ رَسُولِ الله؟ وَلَافَرْقَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ الشِّيعَةِ فِي هَذَا التَّكْفِير؟ اِلَّا فِي بَعْضِ الصَّحَابَةِ الَّذِينَ يُوَالُونَ عَلِيّاً رَضِيَ اللهُ عَنْهُ وَلَايُوَالِيهِ الْبَاقِي الْكَافِرُ بِزَعْمِهِمْ؟ فَهَؤُلَاءِ الْمُوَالُونَ لَايُكَفِّرُونَهُمْ؟ وَلَايُكَفِّرُونَ عَلِيّاً مَعَهُمْ؟ بَلْ يَكْفُرُونَ فِي عِبَادَتِهِ؟ حِينَمَا يَجْعَلُونَهُ وَلِيّاً مَعْبُوداً مِنْ دُونِ اللهِ؟ لَا وَلِيّاً عَبْداً وَعَابِداً لِله؟ وَلِذَلِكَ يَقُولُ الْخَوَارِجُ وَالشِّيعَةُ عَنِ الصَّحَابَةِ؟ هَؤُلَاءِ اَذْنَبُوا وَفَسَقُوا وَكَفَرُوا فَلَادِينَ لَهُمْ؟ نَعَمْ اَخِي؟ بَلْ اِنَّ الشِّيعَةَ وَالْخَوَارِجَ يَقُولُونَ عَنْ حَمَلَةِ السُّنَّةِ وَاَهْلِهَا؟ اَنَّهُمْ كُفَّارٌ لَادِينَ لَهُمْ؟ نَعَمْ اَخِي؟ هَكَذَا هُوَ مَذْهَبُ الشِّيعَةِ وَالْخَوَارِجِ الْبَاطِل؟ وَلِذَلِكَ حِينَمَا حُكِّمَ الْحَكَمَانِ فِي عَهْدِ عَلِيٍّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ؟ قَالَ الْخَوَارِجُ لِلْمُسْلِمِين؟ اَنْتُمْ بَيْنَ اَمْرَيْنِ؟ اِمَّا اَنْ تَتُوبُوا مِنْ كُفْرِكُمْ لِاَنَّكُمْ كُفَّارٌ حَكَّمْتُمُ الرِّجَالَ فِي شَرْعِ اللهِ؟ وَاِلَّا قَاتَلْنَكُمْ؟ فَمَاذَا حَدَثَ بَعْدَ ذَلِك؟ نَاظَرَهُمْ عَلِيٌّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ وَبَعَثَ اِلَيْهِمْ مَنْ يُنَاظِرُهُمْ؟ فَرَجَعَ مَنْ رَجَعَ مِنْهُمْ عَنْ رَاْيِهِ اِلَى رُشْدِهِ وَصَوَابِهِ؟ وَاَصَرَّ مَنْ اَصَرَّ مِنْهُمْ عَلَى ضَلَالِهِ؟ فَقَاتَلَ عَلِيٌّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ مَنْ اَصَرَّ مِنْهُمْ؟ وَكَانَتْ سُيُوفُ هَؤُلَاءِ الْمُصِرِّينَ عَلَى بَاطِلِهِمْ؟ مَسْلُولَةً دَائِماً عَلَى اَهْلِ الْاِيمَان؟ وَمَغْمُودَةً عَنْ اَهْلِ الْكُفْرِ وَالْاَوْثَان؟ وَهَكَذَا هُمُ الشِّيعَةُ اَيْضاً؟ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَام عَنْهُمْ[يُقَاتِلُونَ اَهْلَ الْاِسْلَام؟ وَيَدَعُونَ اَهْلَ الْاَوْثَان( نَعَمْ اَخِي؟ وَاَيُّ مَعْصِيَةٍ عِنْدَ هَؤُلَاءِ الْخَوَارِج؟ فَاِنَّهُمْ يَحْكُمُونَ بِكُفْرِ صَاحِبِهَا؟ وَيَحْتَجُّونَ بِاَنَّ الْاِيمَانَ لَايَتَجَزَّاُ؟ وَلَايُمْكِنُ اَنْ يَجْتَمِعَ الْاِيمَانُ مَعَ الْمَعْصِيَةِ اَوِ الْمُخَالَفَةِ فِي رَجُلٍ وَاحِد؟ فَاِمَّا اِيمَانٌ؟ وَاِمَّا كُفْرٌ؟ وَنَقُولُ لِلْخَوَارِجِ وَالشِّيعَة؟ مَاذَا تَقُولُونَ اِذاً فِي قَوْلِهِ تَعَالَى{وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا؟ فَاَلْهَمَهَا فُجُورَهَا؟ وَتَقْوَاهَا(مَاذَا تَقُولُونَ فِي هَذِهِ النَّفْسِ الَّتِي اجْتَمَعَ فِيهَا الْاِيمَانُ وَالتَّقْوَى؟ وَالْفُجُورُ وَالْمَعْصِيَة؟ مَاذَا تَقُولُونَ عَنْهَا وَقَدْ جَعَلَهَا اللهُ نَفْساً مُقَدَّسَة؟ بِدَلِيلِ اَنَّهُ اَقْسَمَ بِهَا سُبْحَانَهُ فِي هَذِهِ الْآيَة؟ نَعَمْ اَخِي لَاجَوَابَ عِنْدَهُمْ؟ لِاَنَّهُمْ يُرِيدُونَ اَنْ يَقْضُوا عَلَى نُصُوصِ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ بِضَلَالِهِمْ وَاَقْوالِهِمُ الْوَقِحَةِ الْقَبِيحَةِ الْمُنْتِنَة؟ اِرْضَاءً لِلْيَهُودِ وَالنَّصَارَى الَّذِينَ يُرِيدُونَ الْقَضَاءَ عَلَى الْقُرْآنِ مُنْذُ قَدِيمِ الزَّمَانِ اِلَى اَيَّامِنَا؟ وَلَكِنَّ اللهَ الَّذِي يَقُولُ{اِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذّكْرَ وَاِنَّا لَهُ لَحَافِظُون(لَهُمْ دَائِماً بِالْمِرْصَاد؟ نَعَمْ اَخِي؟ اِنَّهُمُ الْخَوَارِجُ الْعُبَّاد؟ وَمَااَكْثَرَ عِبَادَتَهُمْ لِله؟ وَمَااَكْثَرَ صَلَاتَهُمْ وَصِيَامَهُمْ وَقِيَامَهُمْ وَقِرَاءَتَهُمْ لِلْقُرْآن؟ وَمَعَ ذَلِكَ زَاغَتْ قُلُوبُهُمْ عَنْ فَهْمِ الْحَقّ؟ فَعَارَضُوا نُصُوصَ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ؟ بِمَا وَقَعَ فِي قُلُوبِهِمْ مِنَ الزَّيْغِ وَالضَّلَال؟ فَلَمْ تَنْشَرِحْ صُدُورُهُمْ لِلْحَقّ؟ لِاَنَّهُمْ لَمْ يَسْتَطِيعُوا فِي عُقُولِهِمُ الْقَاصِرَة؟ اَنْ يَجْمَعُوا بَيْنَ سِعَةِ رَحْمَةِ اللهِ وَفَضْلِهِ؟ وَبَيْنَ قُصُورِ الْاِنْسَانِ وَضَعْفِهِ وَمُخَالَفَتِهِ الَّتِي تَسْتَوْعِبُهَا رَحْمَةُ اللهِ وَتَسَعُهَا جَمِيعاً بِفَضْلِهِ وَمَنِّهِ وَجُودِهِ وَكَرَمِهِ وَاِحْسَانِهِ اِذَا اَقْبَلَ اِلَيْهِ عَبْدُهُ تَائِباً نَاصِحاً لِلهِ اَنْ يَغْفِرَ لَهُ بِتَوْبَةٍ نَصُوح؟ فَلَا مَجَالَ لِمَغْفِرَةِ الْخَطَايَا عِنْدَهُمْ اَبَداً؟ اِلَّا اِذَا اَقْبَلَ الْعَبْدُ تَائِباً لَهُمْ وَعَائِداً اِلَى حُضْنِ الْوَطَنِ الْخَارِجِيِّ الشِّيعِيِّ السَّارِقِ التَّشْبِيحِيِّ الْمُجْرِمِ هَاتِكِ الْاَعْرَاض؟ نَعَمْ اَخِي؟ وَمِنْ هَذَا الْغُلُوِّ اَيْضاً؟ اَنَّ بَعْضَهُمْ فِي اَيَّامِنَا؟ تَشَاءَمُوا مِنْ كُلِّ النَّاسِ؟ وَتَشَاءَمُوا مِنَ الْمُجْتَمَعَاتِ الْاِنْسَانِيَّة؟ وَغَلَبَ عَلَيْهِمْ هَذَا التَّشَاؤُمُ اِلَى دَرَجَةٍ يَعْتَقِدُونَ بِهَا اَنَّ النَّاسَ جَمِيعاً يَعِيشُونَ فِي جَاهِلِيَّةٍ جَهْلَاءَ وَضَلَالَةٍ عَمْيَاء؟ نَعَمْ اَخِي؟ وَمِنْ آثَارِ هَذَا الْغُلُوِّ الَّذِي اسْتَبَاحُوا بِهِ دِمَاءَ النَّاسِ وَاَمْوَالَهُمْ وَاَعْرَاضَهُمْ؟ مَاهُمْ عَلَيْهِ مِنَ التَّاْوِيلَاتِ الْخَاطِئَةِ؟ وَالْاَفْهَامِ الزَّائِفَةِ الَّتِي اسْتَحَلُّوا بِهَا دِمَاءَ الْمُسْلِمِينَ وَدِمَاءَ الْمُعَاهَدِينَ وَالْمُسْتَاْمَنِين؟ فَاَغْلَقُوا مَنَافِذَ عُقُولِهِمْ وَتَفْكِيرِهِمْ؟ لِكَيْ لَا يَفْهَمُوا نُصُوصَ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ الَّتِي تَدْعُو اِلَى احْتِرَامِ الدِّمَاءِ وَالْاَمْوَالِ وَالْاَعْرَاضِ فِي اَهْلِ الْاِسْلَامِ وَفِي اَهْلِ الذّمَّةِ وَفِي مَعْصُومِي الدَّمِ وَالْمَال؟؟ نَعَمْ اَخِي؟ وَهَذَا الْغُلُوُّ يُؤَثِّرُ عَلَيْكَ حَتَّى فِي وُضُوئِكَ؟ فَكَمْ يُوَسْوِسُكَ الشَّيْطَانُ فِي وُضُوئِكَ حَتَّى يَجْعَلَكَ تَعْتَدِي فِيهِ وَفِي طَهَارَتِكَ؟ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَام[يَاْتِي عَلَى النَّاسِ زَمَانٌ يَعْتَدُونَ فِي الْوُضُوءِ وَالطَّهَارَةِ وَالدُّعَاء(نَعَمْ اَخِي؟ اَلْاِسْرَافُ هُوَ اعْتِدَاءٌ يَكْرَهُهُ الله؟ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ{اِنَّهُ لَايُحِبُّ الْمُسْرِفِين(وَرُبَّمَا يُوَسْوِسُكَ الشَّيْطَانُ؟ فَتَسْتَجِيبُ لَهُ فِي هَذَا الْاِسْرَافِ؟ وَلَاتَكْتَفِي بِغَسْلِ اَعْضَائِكَ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ فِي الْوُضُوءِ كَمَا اَمَرَ اللهُ وَرَسُولُهُ؟ بَلْ رُبَّمَا تَغْسِلُهَا عَشْرَ مَرَّات؟ بَلْ رُبَّمَا تَذْهَبُ اِلَى دَوْرَةِ الْمِيَاهِ اَيْضاً وَتَبْقَى فِيهَا سَاعَةً كَامِلَةً مِنْ اَجْلِ اِزَالَةِ نَجَاسَتِكَ اَوْغَسْلِ اَعْضَائِكَ بِاِسْرَافٍ عِنْدَ اسْتِعْمَالِكَ لِلْمَاءِ مِنْ اَجْلِ الْوُضُوء؟ وَلَكِنَّكَ كُلَّمَا اَزَلْتَ النَّجَاسَةَ؟ فَاِنَّكَ تَسْتَجِيبُ لِوَحْيِ الشَّيْطَانِ فِيهَا بِاَنَّهَا بَاقِيَة؟ وَاَنَّكَ لَمْ تَفْعَلْ شَيْئاً مِنْ اَجْلِ اِزَالَتِهَا؟ وَلَكِنَّكَ اَيْضاً كُلَّمَا تَوَضَّاْتَ؟ تَرَى بِعَيْنَيْ شَيْطَانٍ؟ اَنَّكَ مَازِلْتَ نَجِساً؟ فَكَانَتِ النَّتِيجَةُ؟ اَنَّكَ غَلَوْتَ فِي دِينِكَ غُلُوّاً خَرَجْتَ بِهِ عَنِ الْمَشْرُوعِ وَالْمَسْمُوحِ؟ حِينَمَا تَجَاوَزْتَهُ اِلَى الْاِسْرَافِ وَالْغُلُوِّ غَيْرِ الْمَشْرُوع؟ نَعَمْ اَخِي؟ وَمِنَ الْغُلُوِّ اَيْضاً؟ مَاكَانَ يَفْعَلُهُ الْيَهُودُ وَاَشْبَاهُهُمْ فِي اَيَّامِنَا اَيْضاً؟ مِنَ الْمُبَالَغَةِ فِي التَّحَرُّجِ مِنَ النَّجَاسَة؟ فَكَانُوا لَايُؤَاكِلُونَ الْحَائِضَ؟ وَلَايُشَارِبُونَهَا؟ وَلَايَنَامُونَ مَعَهَا فِي سَرِيرٍ وَاحِد؟ وَقَدْ حَرَّمَ اللهُ عَلَيْهِمْ وَعَلَيْنَا مُجَامَعَتَهَا وَالْاِيلَاجَ فِي رَحِمِهَا فَقَطْ؟ وَسَمَحَ لَهُمْ وَلَنَا فِيمَا عَدَا ذَلِك؟ وَمَعَ ذَلِكَ اَصَرَّ الْيَهُودُ عَلَى هَذَا الْغُلُوِّ وَالْمُبَالَغَةِ فِي هَجْرِ الْحَائِضِ؟ حَتَّى كَانَ بَعْضُهُمْ يَخْرُجُ مِنْ بَيْتِهِ نِهَائِيّاً طَوَالَ فَتْرَةِ حَيْضِ زَوْجَتِهِ؟ نَعَمْ اَخِي؟ وَاَمَّا النَّصَارَى؟ فَاِنَّهُمْ بِعكْسِ الْيَهُود غَلَوْا غُلُوّاً مُعَاكِساً آخَرَ جَعَلَهُمْ لَايُبَالُونَ بِالنَّجَاسَةِ؟ بَلْ اِنَّ شِعَارَهُمْ؟ هُوَ عَدَمُ التَّنَزُّهِ مِنْ نَجَاسَةِ الْبَوْلِ وَالتَّطَهُّرِ مِنْهُ؟ وَاَمَّا دِينُ الْاِسْلَامِ؟ فَقَدْ جَاءَ وَسَطاً بَيْنَ طَرِيقَةِ الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى؟ نَعَمْ وَسَطٌ فِي الْاُمُورِ كُلّهَا وَاعْتِدَالٌ فِي كُلِّ الْاَحْوَال؟ نَعَمْ اَخِي؟وَقَدْ يُؤَثّرُ عَلَيْكَ الْغُلُوُّ حَتَّى فِي صَلَاتِكَ؟ فَرُبَّمَا سَبَّبَ لَكَ هَذَا الْغُلُوُّ مِنَ الذُّهُولِ وَالسَّهْوِ الْكَثِيرِ وَالنِّسْيَانِ وَالْغَفْلَة؟ وَكُلُّ هَذَا مِنَ الْخَطَاِ الْفَادِحِ لِمَاذَا؟ لِاَنَّ الصَّلَاةَ الْمُعْتَدِلَةَ؟ هِيَ مَاكَانَ عَلَيْهِ رَسُولُ اللهِ وَاَصْحَابُهُ؟ فَلَا مُبَالَغَةَ فِي قِيَامِ اللَّيْلِ اِلَى دَرَجَةٍ تَجْعَلُكَ تُحَارِبُ النَّوْمَ؟ وَلَا نَقْرَ كَنَقْرِ الدِّيكِ بِصَلَاةٍ خَاطِفَةٍ سَرِيعَةٍ تَسْرِقُ فِيهَا مِنْ صَلَاتِكَ اَخِي مِنْ رُكُوعِهَا وَمِنْ سُجُودِهَا وَعِنْدَ الِاعْتِدَالِ مِنْ رُكُوعِهَا وَعِنْدَ الْقُعُودِ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ؟ لِاَنَّكَ بِذَلِكَ تَكُونُ شَرَّ النَّاسِ السَّارِقِينَ الْمُغَالِينَ عِنْدَ الله؟ لِاَنَّكَ تَسْرِقُ مِنْ صَلَاتِكَ وَلَاتُتِمُّ رُكُوعَهَا وَلَاسُجُودَهَا وَلَا مَابَيْنَهُمْا؟ نَعَمْ اَخِي؟ وَقَدْ يُؤَثّرُ عَلَيْكَ الْغُلُوُّ حَتَّى فِي صِيَامِكَ؟ وَلِهَذَا نَهَا رَسُولُ اللهِ عَنْ صِيَامِ الدَّهْرِ؟ فَقَالَ[لَا صَامَ مَنْ صَامَ الدَّهْرَ(لِمَاذَا؟ لِاَنَّ صِيَامَ الدَّهْرِ؟ يَجْعَلُ الْاِنْسَانَ لَايُفَّرِّقُ بَيْنَ الْفِطْرِ وَالصِّيَامِ؟ فَلَايَذُوقُ بِذَلِكَ حَلَاوَةَ الصِّيَامِ؟ وَلَاحَلَاوَةَ الْاِفْطَار؟ وَاللهُ تَعَالَى قَدْ جَعَلَ عِيداً شَرْعِيّاً سَمَّاهُ عِيدَ الْفِطْرِ السَّعِيد؟ وَلَمْ يُسَمِّهِ عِيدَ الصِّيَامِ وَاِنْ كَانَ يَاْتِي بَعْدَ الصِّيَام؟ نَعَمْ اَخِي؟ وَقَدْ يُؤَثّرُ عَلَيْكَ الْغُلُوُّ اَيْضاً حَتَّى فِي وَرَعِك؟ فَلَابُدَّ لَكَ مِنَ الِاعْتِدَالِ وَعَدَمِ الْغُلُوِّ حَتَّى فِي وَرَعِكَ وَتَقْوَاكَ وَاِيمَانِكَ وَفِي كُلِّ اَحْوَالِكَ حَتَّى تَكُونَ مُسْلِماً بِحَقٍّ وَعَلَى بَصِيرَةٍ مِنْ دِينِكَ وَتَسِيرَ عَلَى طَرِيقٍ مُسْتَقِيم؟ لِاَنَّ هَذِهِ الشَّرِيعَةَ شَرِيعَةٌ وَسَطٌ وَعَدْلٌ؟ فَعَلَيْكَ اَنْ تَدْعُوَ اللهَ اَنْ يَهْدِيَكَ اِلَى طَرِيقِهَا الْمُسْتَقِيمِ الْبَعِيدِ عَنِ الْغُلُوِّ بِقَوْلِكَ{اِهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيم(فَهَذِهِ الشَّرِيعَةُ السَّمْحَاءُ هِيَ صِرَاطٌ مُسْتَقِيمٌ فِي كُلِّ الْاَحْوَال؟ نَعَمْ اَخِي؟ وَقَدْ يُؤَثِّرُ عَلَيْكَ الْغُلُوُّ اَيْضاً حَتَّى فِي قَضَايَا التَّكْفِيرِ وَالتَّفْسِيقِ وَالتَّبْدِيعِ وَالتَّضْلِيل؟ فَيَجِبُ عَلَيْكَ اَخِي هُنَا اَيْضاً؟ اَنْ تَتَّقِيَ اللهَ؟ وَتَقِفَ عِنْدَ مَا حَدَّدَتْهُ لَكَ الشَّرِيعَةُ مِنْ ضَوَابِطَ شَرْعِيَّةٍ صَارِمَةٍ فِي هَذِهِ الْقَضَايَا الْخَطِيرَةِ جِدّاً؟ وَلَايَجُوزُ لَكَ اَخِي اَنْ تَتَجَاوَزَ هَذِهِ الضَّوَابِطَ اِلَى اَنْ تُكَفِّرَ النَّاسَ وَتُبَدِّعَهُمْ وَتُفَسِّقَهُمْ وَتُضَلِّلَهُمْ بِغَيْرِ حَقٍّ؟ وَاِلَّا رَجَعَ ذَلِكَ كُلُّهُ عَلَيْكَ يَااَخِي نَكَالاً مِنَ اللهِ؟ وَانْتِقَاماً مِنْكَ؟ وَجَزَاءً وِفَاقاً عَلَى مَاجِئْتَ بِهِ مِنْ بُهْتَانٍ عَظِيمٍ عِنْدَ اللهِ وَهُوَ هَذِهِ التُّهَمُ الَّتِي تَتَّهِمُ النَّاسَ بِهَا بِغَيْرِ حَقٍّ وَلَادَلِيلٍ شَرْعِيٍّ مِنَ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ عَلَيْهَا؟ بَلْ يَجِبُ عَلَيْكَ اَنْ تَقُولَ فِي حَقِّ هَؤُلَاءِ الْمُتَّهَمِينَ اِذَا لَمْ تَمْلِكْ دَلِيلاً شَرْعِيّاً ضِدَّهُمْ[اَحْمِي سَمْعِي وَبَصَرِي مَاعَلِمْتُ عَلَيْهِمْ اِلَّا خَيْراً{سُبْحَانَكَ هَذَا اِفْكٌ مُبِين{سُبْحَانَكَ هَذَا بُهْتَانٌ عَظِيم( وَكَمَا تَعْلَمُ اَخِي اَنَّ الْاَصْلَ فِي الْاِنْسَانِ هُوَ الْبَرَاءَة؟ وَكُلُّ مُتَّهَمٍ بَرِيءٌ حَتَّى تَثْبُتَ اِدَانَتُهُ سَوَاءٌ كَانَ مُتَّهَماً بِكُفْرٍ اَوْ مُتَّهَماً بِفِسْقٍ اَوْ مُتَّهَماً بِبِدْعَةٍ اَوْ مُتَّهَماً بِزَنْدَقَةٍ وَضَلَال؟ نَعَمْ اَخِي؟ لَايَجُوزُ لَكَ شَرْعاً اَنْ تُكَفِّرَ النَّاسَ اَوْ تُزَنْدِقََََهُمْ اَوْ تُفَسِّقَهُمْ اَوْ تُبَدِّعَهُمْ اِلَّا عَنْ عِلْمٍ وَيَقِينٍ وَهُدَى؟ وَلَايَغُرَّنَكَ اَقْوَالُ الْقَائِلِين؟ وَلَا اِرْجَافَاتُ الْمُرْجِفِين؟ وَلَا الْاَفَّاكِينَ مِمَّنْ لَايُبَالُونَ بِمَا يَقُولُون؟ وَلَايَحْسَبُونَ لِمَا يَقُولُونَ حِسَاباً؟ وَلَايَخَافُونَ اللهَ؟ بَلْ{يَحْسَبُونَهُ هَيِّناً وَهُوَ عِنْدَ اللهِ عَظِيم[يَتَكَلَّمُ اَحَدُهُمْ بِالْكَلِمَةِ مِنَ التَّكْفِيرِ اَوْ التَّفْسِيقِ اَوِ التَّبْدِيع اَوِ الزَّنْدَقَةِ فَيَتَّهِمُ بِهَا اَوْ بِجَمِيعِهَا النَّاس؟ وَلَايُلْقِي لَهَا بَالاً؟ فَتَهْوِي بِهِ فِي نَارِ جَهَنَّمَ سَبْعِينَ خَرِيفاً(فَعَلَيْكَ اَخِي اَنْ تَكُونَ مُعْتَدِلاً فِي الْاُمُورِ كُلِّهَا؟ تَتَّبِعُ نُصُوصَ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ؟ وَتُحَكِّمُهُمَا؟ وَتَعْمَلُ بِهِمَا؟ وَبِمَا فِيهِمَا مِنْ وَسَطِيَّةٍ وَاعْتِدَالٍ فِي الْاُمُورِ كُلِّهَا؟ نَعَمْ اَخِي؟ اِيَّاكَ اَنْ تُخْطِىءَ كَمَا اَخْطَاَ الْخَوَارِجُ الَّذِينَ اَخَذُوا آيَاتِ الْوَعِيدِ الْقُرْآنِيَّةَ وَالنَّبَوِيَّةَ وَغَلَوْا بِمَا فِيهَا مِنْ عَذَابٍ وَنَكَالٍ وَجَحِيمٍ وَنَارٍ مُحْرِقَةٍ اَبَدِيَّةٍ اَوْ غَيْرِ اَبَدِيَّة؟ فَجَعَلُوهَا اَبَدِيَّةً عَلَى مَنْ يَسْتَحِقُّهَا وَعَلَى مَنْ لَايَسْتَحِقُّهَا اَيْضاً؟ وَلَمْ يَكْتَفُوا بِذَلِكَ؟ بَلْ تَجَاهَلُوا اَيْضاً آيَاتِ الْوَعْدِ وَالْبُشْرَى الْقُرْآنِيَّةِ وَالنَّبَوِيَّةِ وَمَافِيهَا مِنْ نَعِيمٍ مُقِيمٍ يَسْتَحِقُّهُ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى اِذَا اَسْلَمُوا وَاسْتَمَرُّوا وَمَاتُوا عَلَى اِسْلَامِهِمْ؟ فَمَاذَا فَعَلَ الْخَوَارِج؟ حَرَمُوا مُرْتَكِبَ الْكَبِيرَةِ مِنْ هَذَا النَّعِيمِ فِي عَقِيدَتِهِمْ وَاَفْكَارِهِمُ الضَّالَّةِ الْبَاطِلَةِ الْمُبْطِلَةِ الْمُجْحِفَةِ حَتَّى وَلَوْ كَانَ مُسْلِماً وَاسْتَمَرَّ وَمَاتَ عَلَى اِسْلَامِهِ وَتَوْبَتِهِ؟ وَتَجَاهَلُوا قَوْلَ اللهِ تَعَالَى لِنَبِيِّ ذَلِكَ الزَّمَان؟ مَنْ هَذَا الَّذِي يَتَاَلَّى عَلَيَّ اَنِّي لَااَغْفِرُ لِمُرْتَكِبِ الْكَبِيرَة؟ قَدْ غَفَرْتُ لِمُرْتَكِبِ الْكَبِيرَةِ؟ وَاَحْبَطْتُّ عَمَلَ الْخَوَارِجِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ مَهْمَا كُنْتُمْ اَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ تَحْقِرُونَ صَلَاتَكُمْ بِصَلَاتِهِمْ؟ وَصِيَامَكُمْ بِصِيَامِهِمْ؟ وَقِيَامَكُمْ بِقِيَامِهِمْ؟ وَمَهْمَا كَانَ الرَّجُلُ الْخَارِجِيُّ وَالْمَرْاَةُ الْخَارِجِيَّةُ مِنْهُمْ كَثِيرَيِ الصَّلَاةِ وَكَثِيرَيِ الصِّيَام؟ وَلَكِنَّهَا تُؤْذِي جِيرَانَهَا؟ وَتَبْعَثُ بِالْاَجْسَادِ وَالسَّيَّارَاتِ الْمُفَخَّخَةِ الَّتِي تَتَطَايَرُ مِنْهَا اَجْسَادُ الْاَبْرِيَاءِ مِنَ النِّسَاءِ وَالْاَطْفَالِ وَالضُّعَفَاءِ لِتُصْبِحَ اَشْلَاءً مُمَزَّقَةً؟ وَتَقْصِفُ جِيرَانَهَا مِنَ الْمَدَنِيِّينَ الْآمِنِينَ الْاَبْرِيَاءِ الْعُزَّلِ بِالْبَرَامِيلِ الْمُتَفَجِّرَةِ الْكِيمَاوِيَّةِ؟ لِتُحَرِّضَهُمْ عَلَى قَتْلِ بَعْضِهِمْ بَعْضاً؟ وَعَلَى قَتْلِ الْجُنُودِ الشُّرَفَاءِ الَّذِينَ يَحْمُونَ الْوَطَنَ؟ اِرْضَاءً لِاَحْفَادِ الْقِرَدَةِ مِنَ الْيَهُودِ الصَّهْيُوصَفَوِيِّين وَالْخَنَازِيرِالصُّلْبَانِ الْخَوَنَةِ؟ وَتَنْفِيذاً لِاَجِنْدَاتِهِمْ وَمُخَطَّطَاتِهِمْ؟ وَتَمْهِيداً وَتَسْهِيلاً وَتَيْسِيراً لِدُخُولِ الْجُيُوشِ الْيَهُودِيَّةِ الصَّلِيبِيَّةِ الشُّيُوعِيَّةِ الْغَازِيَّةِ لِتَحْتَلَّ بِلَادَ الْمُسْلِمِين؟ وَمَعَ ذَلِكَ فَاِنَّ رَسُولَ اللهِ يَقُولُ عَنْ هَذَا الرَّجُلِ الْخَارِجِيِّ وَالْمَرْاَةِ الْمُجْرِمَةِ الْخَارِجِيَّةِ الَّتِي تُؤْذِي جِيرَانَهَا[لَاخَيْرَ فِي صَلَاتِهَا وَلَاصِيَامِهَا وَلَا فِي قِيَامِهَا وَلَوْ ظَلَّتْ عَلَى هَذِهِ الْحَالِ مِنَ الْعِبَادَةِ الْعَظِيمَةِ سِتِّينَ سَنَة[فَلَا خَيْرَ فِيهَا هِيَ فِي النَّار(وَالْعَيَاذُ بِالله؟ نَعَمْ اَخِي؟ وَاَمَّا اَهْلُ السُّنَّةِ؟ فَجَاؤُوا اِلَى آيَاتِ الْوَعْدِ وَالْوَعِيدِ؟ فَوَفَّقُوا بَيْنَهُمْا؟ وَجَمَعُوا بَيْنَهُمْا؟ فَلَمْ يَسْلُكُوا مَسْلَكَ الْخَوَارِج؟ وَلَامَسْلَكَ الْمُرْجِئَةِ؟ وَاِنَّمَا كَانَ مَسْلَكُهُمْ مَسْلَكَ الِاعْتِدَالِ فِي كُلِّ الْاَحْوَال؟ نَعَمْ اَخِي؟ وَلِذَلِكَ نَقُولُ لِلْخَوَارِجِ وَالْمُرْجِئَةِ؟خَابَ ظَنُّكُمْ وَخَابَتْ عَقِيدَتُكُمْ وَخَابَتْ فَتَاوِيكُمْ؟ نَعَمْ نَحْنُ نَتَّفِقُ مَعَكُمْ اَنَّ الْمَعَاصِي عَلَى الْعُمُومِ فِعْلُهَا خَطَاٌ كَبِير؟ وَمَنْ فَعَلَهَا مُسْتَحِلّاً اَوْ مُسْتَبِيحاً لَهَا وَاسْتَمَرَّ عَلَى ذَلِكَ حَتَّى مَاتَ فَهَذَا كَافِرٌ خَارِجٌ عَنْ دِينِ الْاِسْلَامِ نَتَعَامَلُ مَعَهُ كَمَا نَتَعَامَلُ مَعَ الْكَافِرِ الْمُسَالِمِ وَنُسَالِمُهُ وَكَمَا نَتَعَامَلُ مَعَ الْكَافِرِ الَّذِي يُحَارِبُنَا فَنُحَارِبُهُ دِفَاعاً عَنْ اَنْفُسِنَا؟ وَلَكِنْ لِمَاذَا هُوَ كَافِرٌ سَوَاءٌ كَانَ مُسَالِماً اَوْ مُحَارِباً؟ لِاَنَّهُ لَوْ قَالَ اِنَّ الْخَمْرَ حَلَال اَوْ اَنَّ الرِّبَا حَلَال؟ لَقُلْنَا هَذَا مُكَذِّبٌ لِلهِ وَرَسُولِهِ؟ وَالْمُكَذِّبُ لِلهِ وَرَسُولِهِ اِذَا كَانَ مُتَعَمِّداً لِهَذَا التَّكْذِيبِ وغَيْرَ جَاهِلٍ جَهْلاً شَدِيداً بَلْ وَجَدَ مَنْ يُرْشِدُهُ اِلَى الْحَقِيقَةِ وَيُزِيلُ عَنْهُ الْخَلْطَ وَالِالْتِبَاسَ وَالْاِشْكَالَ الَّذِي عَلِقَ فِي ذِهْنِهِ*( مَثَلاً فِي قَضِيَّةِ الْخَمْرِ الَّتِي اَشْكَلَ تَحْرِيمُهَا فِي آيَةٍ مُتَشَابِهَةٍ عَلَى الصَّحَابَةِ فِي عَهْدِ عُمَرَ فَكَانَتْ هَذِهِ الْآيَةُ فِيهَا شُبْهَةٌ تُوحِي بِاَنَّ الْخَمْرَ حَلَالٌ وَلَيْسَتْ حَرَاماً كَمَا سَيَاْتِي)* وَلَكِنَّهُ مَعَ ذَلِكَ الْبَيَانِ وَالتَّوْضِيحِ اَصَرَّ عَلَى عَنَادِهِ وَتَكْذِيبِهِ فَهَذَا كَافِرٌ خَارِجٌ عَنْ دِينِ الْاِسْلَامِ بِالْاِجْمَاع؟ لَكِنَّهُ لَوِ اقْتَرَفَهَا مِنْ غَيْرِ اعْتِقَادٍ لِحِلِّهَا؟ فَهُوَ عَاصٍ لِلهِ عَلَى قَدْرِ مَافَعَل؟ وَلَايُمْكِنُنَا فِي هَذِهِ الْحَالَةِ اَنْ نُخْرِجَهُ عَنْ دِينِ الْاِسْلَام؟ وَاِنَّمَا يَفْتَحُ اللهُ لَهُ فَتْحَةً صَغِيرَةً تُخْرِجُهُ بَعِيداً عَنْ دَائِرَةِ الْاِيمَان؟ لَكِنَّهُ مَازَالَ يَحْتَفِظُ بِخَيْطٍ رَفِيعٍ قَوِيٍّ كَقُوَّةِ خَيْطِ الصَّيْدِ الْمُعَلَّقِ بِالصَّنَّارَةِ يَسْتَطِيعُ مِنْ خِلَالِهِ الْعَوْدَةَ اِلَى مَرْكَزِ دَائِرَةِ الْاِيمَانِ اَوْ اَطْرَافِهَا مِنْ خِلَالِ هَذَا الْخَيْطِ الرَّفِيعِ الْقَوِيِّ اَلَا وَهُوَ صَلَاتُهُ؟ لِاَنَّ صَلَاتَهُ هِيَ اِيمَانُهُ؟ فَاِيَّاكَ اَخِي اَنْ تَكُونَ مِنَ الْمُجْرِمِينَ الَّذِينَ يَقْطَعُونَ عَلَيْهِ هَذَا الْخَيْطَ الرَّفِيعَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللهِ بِقَوْلِهِمْ لَهُ اَنْتَ تُنَجِّسُ الْجَامِعَ لِاَنَّكَ تُصَلّي الْعِشَاءَ ثُمَّ تَفْعَلُ بَعْدَ ذَلِكَ مَاتَشَاء؟ نَعَمْ اَخِي؟ عَلَيْكَ اَنْ تَكُونَ عَلَى حَذَرٍ شَدِيدٍ جِدّاً مِنْ قَوْلِهِ تَعَالَى{اَرَاَيْتَ الَّذِي يَنْهَى؟ عَبْداً اِذَا صَلَّى؟ اَرَاَيْتَ اِنْ كَانَ عَلَى الْهُدَى اَوْ اَمَرَ بِالتَّقْوَى؟ اَرَاَيْتَ اِنْ كَذَّبَ وَتَوَلَّى اَلَمْ يَعْلَمْ بِاَنَّ اللهَ يَرَى؟ كَلَّا لَئِنْ لَمْ يَنْتَهِ لَنَسْفَعاً بِالنَّاصِيَةِ نَاصِيَةٍ كَاذِبَةٍ خَاطِئَة؟ فَلْيَدْعُ نَادِيَهْ؟ سَنَدْعُ الزَّبَانِيَة؟ كَلَّا لَاتُطِعْهُ وَاسْجُدْ وَاقْتَرِبْ(نَعَمْ اَخِي؟ فَهَذَا الَّذِي يَفْعَلُ الْكَبَائِرَ وَالْفَوَاحِشَ مَاظَهَرَ مِنْهَا وَمَابَطَنَ وَلَايَعْتَقِدُ بِاِبَاحَتِهَا؟ لَايُكَذِّبُ اللهَ وَرَسُولَهُ؟ وَلَكِنَّهُ مِنْ اَصْحَابِ قَوْلِ اللهِ وَرَسُولِهِ{قَالَتِ الْاَعْرَابُ آمَنَّا؟ قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا؟ وَلَكِنْ قُولُوا اَسْلَمْنَا؟ وَلَمَّا يَدْخُلِ الْاِيمَانُ فِي قُلُوبِكُمْ[لَايَزْنِي الزَّانِي حِينَ يَزْنِي وَهُوَ مُؤْمِن؟ وَلَايَشْرَبُ الْخَمْرَ شَارِبُهَا حِينَ يَشْرَبُهَا وَهُوَ مَؤْمِن(نَعَمْ اَخِي وَفِي عَهْدِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ؟ تَاَوَّلَ اُنَاسٌ مِنَ الصَّحَابَةِ فِي قَضِيَّةِ شُرْبِ الْخَمْرِ؟ وَاَشْكَلَتْ عَلَيْهِمْ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى{لَيْسَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جُنْاحٌ فِيمَا طَعِمُوا اِذَا مَااتَّقَوْا وَآمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ ثُمَّ اتَّقَوْا وَآمَنُوا ثُمَّ اتَّقَوْا وَاَحْسَنُوا وَاللهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِين(فَقَالَ الصَّحَابَةُ لَنْ نَتْرُكَ شُرْبَ الْخَمْرِ لِاَنَّ الْآيَةَ هُنَا لَاتُحَرِّمُ عَلَيْنَا شُرْبَ الْخَمْرِ اِذَا مَااتَّقَيْنَا وَآمَنَّا وَعَمِلْنَا الصَّالِحَاتِ ثُمَّ اتَّقَيْنَا وَآمَنَّا ثُمَّ اتَّقَيْنَا وَاَحْسَنَّا وَاللهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِين؟ فَبَلَغَ عُمَرَ اَمْرُهُمْ؟ فَجَمَعَ الصَّحَابَةَ وَاسْتَشَارَهُمْ؟ وَقَالَ مَارَاْيُكُمْ فِيمَا يَقُولُهُ هَؤُلَاء؟ فَقَالُوا يَااَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ نَاظِرْهُمْ؟ فَاِنِ اسْتَحَلُّوهُ كَفَرُوا؟ وَاِنِ اعْتَقَدُوا حُرْمَتَهُ جُلِدُوا؟ فَدَعَاهُمْ عُمَرُ وَقَالَ لَهُمْ هَذِهِ الْآيَةُ الَّتِي اَشْكَلَتْ عَلَيْكُمْ نَزَلَتْ فِي حَقِّ اُنَاسٍ شَرِبُوهَا قَبْلَ التَّحْرِيمِ وَمَاتُوا؟ فَخَافَ اَحْبَابُهُمْ وَاَصْحَابُهُمْ عَلَيْهِمْ مِنْ عَذَابِ جَهَنَّمَ فَاَنْزَلَ اللهُ هَذِهِ الْآيَةَ مُطَمْئِناً لِاَصْحَابِهِمْ وَاَحْبَابِهِمْ عَلَى اَمْوَاتِهِمْ اَنَّهُمْ حِينَمَا شَرِبُوهَا لَمْ يَشْرَبُوهَا وَقْتَ التَّحْرِيمِ وَلَمْ تَكُنْ مُحَرَّمَةً بَعْدُ؟ نَعَمْ اَخِي؟ فَاقْتَنَعَ الصَّحَابَةُ الَّذِينَ اَشْكَلَتْ عَلَيْهِمْ هَذِهِ الْآيَةُ بِمَا قَالَهُ عُمَرُ؟ وَاَقَرُّوا بِاَنَّ الْخَمْرَ حَرَامٌ؟ فَلَمَّا اَقَرُّوا بِذَلِكَ؟ حَدَّهُمْ عُمَرُ حَدَّ الشَّارِبِينَ ثَمَانِينَ جَلْدَة؟ نَعَمْ اَخِي؟ وَهَكَذَا يَكُونُ اِقْنَاعُ الْمُخَالِفِ وَاِقَامَةُ الْحُجَّةِ عَلَيْهِ وَاِزَالَةُ مَاعَلِقَ فِي ذِهْنِهِ مِنْ شُبْهَةٍ سَيْطَرَتْ عَلَيْهِ رَغْماً عَنْهُ وَاَغْلَقَتْ عَلَيْهِ مَنَافِذَ تَفْكِيرِهِ سَوَاءٌ كَانَ خَارِجِيّاً اَوْ دَاعِشِيّاً اَوْ شِيعِيّاً اَوْ مُسْلِماً اَوْ غَيْرَ مُسْلِمٍ بِنَفْسِ الطَّرِيقَةِ الَّتِي فَعَلَهَا عُمَرُ حَتَّى يَتَّضِحَ الْاَمْرُ جَيِّداً لِهَذَا الْمُخَالِفِ عَسَى وَلَعَلَّ اَنْ يَهْدِيَهُ اللهُ اِلَى سَوَاءِ السَّبِيل؟ نَعَمْ اَخِي؟ وَلَقَدْ كَانَ الْحَارِثُ الْمُحَاسِبِيُّ فِي زَمَنِ الْاِمَامِ اَحْمَد؟ ذَا عِلْمٍ وَوَرَعٍ وَزُهْدٍ؟ اِلَّا اَنَّ اَحْمَدَ رَحِمَهُ الله بَلَغَهُ عَنْهُ الْقَولُ فِي صِفَاتِ اللهِ كَمَا يَقُولُ الْقَدَرِيَّةُ بِاَنَّ عِلْمَ اللهِ مُسْتَاْنَفٌ لَهُ بِدَايَةٌ وَلَيْسَ عِلْماً اَزَلِيّاً لَابِدَايَةَ لَهُ وَلَانِهَايَة؟ نَعَمْ اَخِي وَهَذَا الْقَوْلُ مِنَ الْقَدَرِيَّةِ يَطْعَنُ فِي عُمُومِ عِلْمِ اللهِ وَيَطْعَنُ فِي شُمُولِهِ لِمَاذَا؟ لِاَنَّ عِلْمَ اللهِ فِي حَقِيقَتِهِ عَامٌّ يَشْمَلُ الْاَزَلَ وَالْمَاضِي السَّحِيقَ بِلَا بِدَايَة؟ وَيَشْمَلُ الْحَاضِرَ وَالْمُسْتَقْبَلَ الْقَرِيبَ وَالْبَعِيدَ وَالْاَبْعَدَ اَيْضاً بِلَا نِهَايَة؟ وَلَايُمْكِنُ اَنْ يَكُونَ عِلْماً مُسْتَحْدَثاً طَارِئاً جَدِيداً عَلَى الله؟ وَلَكِنَّهُ جَدِيدٌ عَلَيْنَا نَحْنُ الْبَشَر؟ وَلِذَلِكَ لَايُمْكِنُنَا اَنْ نَقُولَ اَنَّ الْقُرْآنَ مَخْلُوقٌ كَمَا يَقُولُ الْمُعْتَزِلَة لِمَاذَا؟ لِاَنَّهُ وَلَوْ كَانَ كَلَامُ الْخَالِقِ الْقُرْآنِي جَدِيداً طَارِئاً عَلَيْنَا نَحْنُ الْمَخْلُوقِين؟ وَلَكِنَّهُ لَيْسَ جَدِيداً مَخْلُوقاً طَارِئاً عَلَى اللهِ وَلَابَدَا لَهُ فِيهِ مَالَمْ يَبْدُ مِنْ قَبْل؟ وَاِنْ كَانَ{يَمْحُو مَايَشَاءُ وَيُثْبِتُ(لِمَاذَا؟ لِاَنَّ الْاَرْشِيفَ الْاَزَلِيَّ بِلَا بِدَايَةٍ مَحْفُوظٌ عِنْدَهُ سُبْحَانَهُ فِيمَا مَحَا؟ وَفِيمَا اَثْبَتَهُ لَاحِقاً اَيْضاً؟ وَفِيمَا نَسَخَ؟ وَفِيمَا اَتَى بِخَيْرٍ مِنْهَا؟ وَفِيمَا اَنْسَاهُ مِنَ الْآيَاتِ اَيْضاً؟ وَفِيمَا تَشَابَهَ؟ وَفِيمَا اُحْكِمَ مِنَ الْقُرْآنِ اَيْضاً؟ وَلِذَلِكَ فَاِنَّ عَقِيدَةَ الْبَدَاءِ هِيَ عَقِيدَةٌ شِيعِيَّةٌ ضَالَّةٌ بَاطِلَةٌ اِذَا قَصَدُوا بِهَا تَفْعِيلَ الْبَدَاءِ عَلَى اللهِ الْخَالِقِ لِمَاذَا؟ بِسَبَبِ وُجُودِ هَذَا الْاَرْشِيفِ الْاَزَلِيِّ الْقَدِيمِ وَهُوَ اللَّوْحُ الْمَحْفُوظُ وَمَا فِيهِ مِنْ كَلَامِ اللهِ الْاَزَلِيِّ الْقَدِيمِ بِلَا بِدَايَة؟ وَاَمَّا اِنْ اَرَادُوا بِهَا تَفْعِيلَ الْبَدَاءِ عَلَى الْمَخْلُوقِينَ مِنْ دُونِ عِبَادَتِهِمْ لَهُمْ فَهِيَ عَقِيدَةٌ صَحِيحَة ؟وَلِذَلِكَ اَيُّهَا الْاِخْوَة لَايُمْكِنُنَا الْقَوْلُ بِمَخْلُوقِيَّةِ الْقُرْآنِ لِمَاذَا؟ لِاَنَّنَا لَانَسْتَطِيعُ اَنْ نَقِيسَ حَالَنَا عَلَى حَالِ اللهِ؟ لِاَنَّ الْقُرْآنَ هُوَ كَلَامُ اللهِ الْخَالِقِ؟ وَلَيْسَ كَلَامَنَا نَحْنُ الْمَخْلُوقِين؟ نَعَمْ اَخِي؟ وَاَمَّا الْحَارِثُ الْمُحَاسِبِيُّ هَذَا؟ فَكَانَ عِنْدَهُ نَوْعٌ مِنْ مَذْهَبِ الْقَدَرِيَّةِ وَالْمُعْتَزِلَةِ الدَّاعِمِينَ لِفِكْرِهِمْ وَالْمُتَاَثِّرِينَ بِمَذْهَبِهِمْ؟ فَكَانَ يَدْعَمُ الْمَذْهَبَيْنِ وَيُؤَيِّدُهُمَا اَيْضاً؟ وَكَانَ عِنْدَهُ شَكٌّ فِيمَنْ يَتَّهِمُ الْمُعْتَزِلَةَ بِالْبِدْعَةِ فِي قَوْلِهِمْ بِخَلْقِ الْقُرْآن؟ فَكَانَ لَايَرَى اَنَّ الْمُعْتَزِلَةَ مُبْتَدِعَةٌ ضَالُّونَ فِيِ هَذَا الْقَوْل؟ وَلِهَذَا هَجَرَهُ الْاِمَامُ اَحْمَد؟ وَاَنْكَرَ عَلَيْهِ مَاعِنْدَهُ مِنْ مُخَالَفَات؟ وَاِنْ كَانَتْ مُخَالَفَاتُهُ لَمْ تَبْلُغِ الدَّرَجَةَ الَّتِي بَلَغَتْهَا مُخَالَفَاتُ الْمُعَطِّلَةِ مِنَ الْجَهْمِيَّةِ الضَّلَالِيِّين؟ لَكِنْ كَانَ عِنْدَهُ شَيْءٌ مِنْ مَذْهَبِ الْقَدَرِيَّةِ يَدْعَمُهُ؟ وَكَانَ مُتَرَدِّداً فِي تَكْفِيرِ الْجَهْمِيَّةِ الْمُعَطِّلَةِ فِي بَعْضِ الْاُمُورِ الَّتِي يَسْتَحِقُّونَ اَنْ يُكَفَّرُوا عَلَيْهَا فِعْلاً؟ وَمَعَ ذَلِكَ كَانَ الْاِمَامُ اَحْمَدُ يُحِبُّ اَنْ يَسْمَعَ كَلَامَهُ وَمَوَاعِظَهُ وَرَقَائِقَهُ الْقَلْبِيَّةَ الَّتِي كَانَتْ تُرَقِّقُ قَلْبَ الْاِمَامِ اَحْمَدَ وتُلَيِّنُهُ اِلَى ذِكْرِ الله؟ وَلَكِنَّهُ كَانَ لَايَسْتَمِعُ اِلَيْهِ اِلَّا مِنْ وَرَاءِ حِجَاب؟ فَسُئِلَ عَنْ ذَلِكَ؟ فَقَالَ الْاِمَامُ اَحْمَد؟ لَااُحِبُّ اَنْ يَعْلَمَ النَّاسُ اَنِّي اُجَالِسُهُ وَاَسْتَمِعُ اِلَى مَوَاعِظِهِ؟ فَقِيلَ لَهُ لِمَاذَا؟ فَقَالَ خَوْفاً مِنْ اَنْ يَظُنُّوا اَنِّي رَاضٍ بِاَقْوَالِهِ وَاَفْعَالِهِ؟ وَلَكِنَّ الْاِمَامَ اَحْمَدَ مَعَ ذَلِكَ كَانَ يُحِبُّ مَوَاعِظَهُ؟ وَاِنْ كَانَ يَكْرَهُ مِنْهُ مَاهُوَ عَلَيْهِ مِنَ الْمُخَالَفَات؟ وَلِذَلِكَ فَاِنَّ الْاِمَامَ اَحْمَدَ هَجَرَ الِاسْتِمَاعَ اِلَيْهِ مُبَاشَرَةً لَا مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ؟ بِسَبَبِ اَخْطَائِهِ؟ لِاَنَّهُ كَانَ يُحِبُّ مِنْهُ فَقَطْ اَنْ يَسْمَعَ رَقَائِقَهُ وَمَوَاعِظَهُ لِيَعِظَ بِهَا قَلْبَهُ؟وَاِنْ كَانَ يَكْرَهُ مِنْهُ مَاسِوَى ذَلِكَ مِنَ الْمُخَالَفَاتِ الَّتِي ذَكَرْنَاهَا؟نَعَمْ اَخِي؟ وَهَكَذَا اَهْلُ الْعِلْمِ صُدُورُهُمْ رَحْبَة؟ فَاِنَّهُمْ مَعَ مُخَالَفَتِهِمْ لِخَصْمِهِمْ؟ لَايَتَجَاهَلُونَ جَوَانِبَ الْخَيْرِ فِيه؟ بَلْ يَاْخُذُونَ مِنَ الْمُخَالِفِ الْحَقَّ الَّذِي عِنْدَهُ؟ وَاِنْ كَانُوا يَمْقُتُونَهُ عَلَى مَا عِنْدَهُ مِنْ بَاطِل؟ نَعَمْ اَخِي؟ وَهَكَذَا الصُّدُورُ الرَّحِبَة؟ وَالنُّفُوسُ الطَّيِّبَةُ؟ الَّتِي لَيْسَ لَهَا غَرَضٌ وَلَاهَوىً اِلَّا فِي اتِّبَاعِ الْحَقِّ اَيْنَمَا وُجِدَ؟ نَعَمْ اَخِي لَقَدْ اَخْطَاَ الْحَارِثُ الْمُحَاسِبِيُّ وَزَلَّتْ قَدَمُهُ وَنَحْنُ لَانُنْكِرُ ذَلِكَ؟ لَكِنْ كَوْنُنَا نَتَجَاهَلُ كُلَّ خَيْرٍ عِنْدَهُ لِخَطَاٍ وَقَعَ فِيهِ وَقَدْ يَكُونُ مَقْصُوداً وَقَدْ يَكُونُ غَيْرَ مَقْصُود؟ فَهَذَا اَمْرٌ لَايَنْبَغِي؟ وَلَيْسَ مِنْ دَيْدَنِ الْمُتَّقِينَ الَّذِينَ يَخَافُونَ اللهَ كَالْاِمَامِ اَحْمَدَ وَاَمْثَالِهِ الَّذِينَ كَانُوا مِنْ اَهْلِ الِاعْتِدَالِ فِي الْاُمُورِ يَقْبَلُونَ الْحَقَّ مِمَّنْ جَاءَ بِهِ وَيَرْفُضُونَ الْبَاطِلَ مِمَّنْ جَاءَ بِهِ؟ وَحَتَّى وَلَوْ كَرِهُوا مِنْ شَخْصٍ بَاطِلاً عِنْدَهُ؟ فَاِنَّهُمْ لَايُنْكِرُونَ عَلَيْهِ حَقّاً عِنْدَهُ؟ اَللَّهُمَّ اِلَّا الْغُلَاةُ الضُّلَّالُ اَمْثَالُ ابْنِ جَهْمٍ وَابْنِ بِشْرٍ مِنْ دُعَاةِ الضَّلَالِ الَّذِينَ لَانَاقَةَ لَهُمْ وَلَاجَمَلَ وَلَانَصِيبَ فِي الْحَقِّ؟لِاَنَّهُمْ كَانُوا مِمَّنْ كَانَ لِاَهْلِ الْعِلْمِ مَوْقِفٌ مِنْهُمْ مِنْ اَجْلِ تَحْذِيرِ النَّاسِ مِنْ ضَلَالِهِمْ وَبِدْعَتِهِمْ وَتَنْفِيرِ النَّاسِ مِنْهَا؟ نَعَمْ اَخِي؟ وَاَمَّا مَنْ عِنْدَهُ اشْتِبَاهٌ وَالْتِبَاسٌ وَاُمُورٌ تَخْفَى عَلَيهِ اَحْيَاناً كَالْحَارِثِ الْمُحَاسِبِيِّ؟ فَاِنَّ اَهْلَ الْعِلْمِ وَاَئِمَّةَ الْاِسْلَامِ كَالْاِمَامِ اَحْمَدَ؟ كَانُوا يَكْرَهُونَ مِنْ هَؤُلَاءِ بَاطِلَهُمْ؟ وَمَعَ ذَلِكَ كَانُوا لَايَتَاَبَّوْنَ عَنْ قَبُولِ حَقٍّ عِنْدَهُمْ؟ نَعَمْ اَخِي؟ وَقَدْ اَرْسَلَ اِلَيَّ اَحَدُ الْاِخْوَةِ بِرِسَالَةٍ يَقُولُ فِيهَا؟ هَلِ الْمُبْتَدِعُ الَّذِي يَشْرَعُ اَحْكَاماً مَااَنْزَلَ اللهُ بِهَا مِنْ سُلْطَانٍ وَيَشْرَعُ فِي دِينِ اللهِ مَالَمْ يَشْرَعْهُ اللهُ ثُمَّ يَحْكُمُ بِغَيْرِ مَااَنْزَلَ الله؟ فَهَلْ هُوَ مِمَّنْ قَالَ اللهُ فِيهِمْ{وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا اَنْزَلَ اللهُ فَاُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُون( وَاَقُولُ لَكَ اَخِي؟ اِنْ كَانَ هَذَا الْمُشَرِّعُ شَرَّعَ مُعْتَقِداً صِحَّةَ قَوْلِهِ وَتَشْرِيعَاتِهِ وَيَتَعَمَّدُ مُخَالَفَةَ مَااَنْزَلَ اللهُ؟ فَهَذَا كَافِرٌ خَارِجٌ عَنْ دِينِ الْاِسْلَام؟ وَاَمَّا اِنْ كَانَ مُبْتَدِعاً بِدْعَةً بِسَبَبِ مَاعَرَضَ لَهُ مِنْ سُوءِ فَهْمٍ وَتَاْوِيل؟ فَهَذَا يُنْصَحُ وَيُبَيَّنُ لَهُ وَيُسَلَّطُ الضَّوْءُ عَلَى مَاعَمِيَ وَاَظْلَمَ وَحُجِبَ عَنْ عَقْلِهِ وَاَفْكَارِهِ مِنَ الْحَقِّ الَّذِي لَمْ يَفْطَنْ وَلَمْ يَنْتَبِهْ اِلَيْهِ وَلَمْ يُخْطُرْ عَلَى بَالِهِ؟ فَرُبَّمَا زَلَّتْ قَدَمُهُ رَغْماً عَنْهُ؟ وَرُبَّمَا حَفِظَ شَيْئاً وَغَابَتْ عَنْهُ اَشْيَاءُ؟ وَكَمْ مِنْ صَالِحٍ وَعَالِمٍ وَفَاضِلٍ؟ خَفِيَتْ عَلَيْهِ اُمُورٌ وَاَشْيَاءُ لَمْ تَكُنْ بِحُسْبَانِهِ؟ وَلَاتَخْطُرُ عَلَى بَالِ اِلَّا مَنْ وَفَّقَهُ اللهُ اِلَى فَهْمِهَا؟ وَلَا اَحَدَ مِنَّا كَامِلٌ يَااَخِي؟ وَالْكَمَالُ لِلهِ وَحْدَهُ؟ فَعَلَيْكَ اَخِي اَنْ تُبَادِرَ اِلَى تَنْبِيهِهِ وَاِصْلَاحِ خَطَئِهِ وَمُنَاظَرَتِهِ وَالْحِوَارِ مَعَهُ اِذَا سَمِعْتَ مِنْهُ قَوْلاً مُخَالِفاً؟ لَعَلَّهُ يَرْعَوِي وَيَعُودُ عَنْ ضَلَالِهِ؟؟ نَعَمْ اَخِي؟ وَنَعُودُ الْآنَ لِاِلْقَاءِ مَزِيدٍ مِنَ الضَّوْءِ عَلَى مَاحَصَلَ بَعْدَ وَفَاةِ النَّبِيِّ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ مِنْ اَنْوَاعٍ مِنَ الِاضْطِّرَابَاتِ وَالْخِلَافَاتِ؟ وَخَاصَّةً فِي اَوَاخِرِ عَهْدِ عُثْمَانَ ثُمَّ فِي عَهْدِ عَلِيٍّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا حَتَّى بَدَاَتْ فِتْنَةُ الْخَوَارِج؟ وَكَانَ سَبَبُ بِدَايَتِهَا مَسْاَلَةُ التَّحْكِيمِ حَيْثُ دَعَا عَلِيٌّ وَمُعَاوِيَةُ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا اِلَى اَنْ يَخْتَارَا مَنْ يَحْكُمُ فِي الْقَضِيَّةِ الْمَعْرُوفَةِ مِنْ ذَوِي الْعِلْمِ وَالْفَهْمِ؟ وَلِذَلِكَ دَعَا كُلٌّ مِنْهُمَا اِلَى التَّحْكِيمِ عَمَلاً بِقَوْلِهِ تَعَالَى{وَاِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَاَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا(بِكِتَابِ اللهِ وَسُنَّةِ رَسُولِهِ بِدَلِيل{فَاِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ اِلَى اللهِ وَاِلَى الرَّسُول(فَانْفَصَلَتْ فِرْقَةٌ مِنْ جَيْشِ عَلِيٍّ وَسُمُّوا بِالْخَوَارِجِ وَقَالُوا لِعَلِيٍّ؟ كَيْفَ تُحَكِّمُ الرِّجَالَ فِي دِينِ الله؟ لِمَ لَاتُحَكِّمُ الْقُرْآن؟ لِمَاذَا تَتَجَاهَلُ قَوْلَ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ{وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا اَنْزَلَ اللهُ فَاُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُون(فَخَرَجُوا عَلَى عَلِيٍّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ وَكَفَّرُوهُ وَكَفَّرُوا الصَّحَابَةَ مَعَهُ لِاَجْلِ مَسْاَلَةِ التَّحْكِيم؟ فَذَهَبَ اِلَيْهِمُ ابْنُ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا وَجَادَلَهُمْ بِالَّتِي هِيَ اَحْسَنُ حَتَّى رَجَعَ مَعَهُ ثُلُثُ جَيْشِ الْخَوَارِجِ فِي قِصَّةٍ مَعْرُوفَة؟ فَكَانَ اَوَّلُ غُلُوٍّ فِي مَسْاَلَةِ التَّكْفِيرِ فِي هَذِهِ الْاُمَّةِ هُوَ غُلُوُّ الْخَوَارِجِ؟ وَقَدْ وَصَفَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْخَوَارِجَ بِقَوْلِهِ[هُمْ قَوْمٌ يَحْقِرُ اَحَدُكُمْ صَلَاتَهُ مَعَ صَلَاتِهِمْ وَصِيَامَهُ مَعَ صِيَامِهِمْ؟ وَقِيَامَهُ مَعَ قِيَامِهِمْ يَمْرُقُونَ مِنَ الدِّينِ كَمَا يَمْرُقُ السَّهْمُ مِنَ الرَّمِيَّةِ؟ اَيْنَمَا لَقِيتُمُوهُمْ فَاقْتُلُوهُمْ؟ فَاِنَّ فِي قَتْلِهِمْ لِمَنْ لَقِيَهُمْ اَجْراً عِنْدَ اللهِ سُبْحَانَه(وَطَبْعاً هَذَا الْحَدِيثُ مَحْمُولٌ عَلَى الْخَوَارِجِ الْمُحَارَبِينَ الَّذِينَ لَايَرْعَوُونَ عَنْ غَيِّهِمْ وَضَلَالِهِمْ وَسَفْكِهِمْ وَاِرَاقَتِهِمْ لِدِمَاءِ الْمُسْلِمِين فَهَؤُلَاءِ نَقْتُلُهُمْ مُضْطَّرِّينَ دِفَاعاً عَنْ اَنْفُسِنَا؟ وَاَمَّا مَنِ انْضَمَّ اِلَى جَيْشِ الْخَوَارِجِ مِنَ الشَّبَابِ الْمُغَرَّرِ بِهِمْ وَالْمُخَدَّرِينَ فِكْرِيّاً وَذِهْنِيّاً بِاَفْكَارٍ ضَالَّةٍ مَسْمُومَةٍ جَهَنَّمِيَّةٍ ظَلَامِيَّةٍ جَعَلَتْهُمْ مَسْلُوبِي الْاِرَادَةِ وَالتَّفْكِير فَهَؤُلَاءِ نَتَرَيَّثُ قَلِيلاً فِي قَتْلِهِمْ رَيْثَمَا نُوضِحُ لَهُمُ الْحَقِيقَةَ الْغَائِبَةَ عَنْ اَذْهَانِهِمْ؟وَ لَاحِظْ مَعِي اَخِي مُلَاحَظَةً مُهِمَّةً جِدّاً فِي هَذَا الْحَدِيثِ الشَّرِيف؟ وَهِيَ اَنَّ رَسُولَ اللهِ لَمْ يَذْكُرْ شَيْئاً عَنْ زَكَاتِهِمْ وَلَا عَمَّا نَحْقِرُ بِهِ مِنْ زَكَاتِنَا وَصَدَقَاتِنَا مَعَ زَكَوَاتِهِمْ وَصَدَقَاتِهِمْ؟ مِمَّا يَعْنِي وَبِالدَّلِيلِ الْقَاطِعِ عَلَى اَنَّ الْخَوَارِجَ طُلَّابُ دُنْيَا وَلَيْسُوا طُلَّابَ دِينٍ وَلَا آخِرَةٍ لِمَاذَا؟ لِاَنَّ حَقِيقَةَ الْاِيمَانِ لَاتَظْهَرُ مِنَ الْمُسْلِمِ اِلَّا اِذَا اَخْرَجَ مِنْ زَكَاةِ اَمْوَالِهِ صَرْفاً وَعَدْلاً بِمَعْنَى فَرْضاً وَنَفْلاً وَتَطَوُّعاً؟ وَاِلَّا فَاِنَّ أيَّ اِنْسَانٍ يَسْتَطِيعُ اَنْ يُصَلِّيَ الصَّلَوَاتِ الْمَفْرُوضَةَ بِالْمَجَّانِ وَدُونَ اَنْ يَدْفَعَ مِنْ جَيْبِهِ لَيْرَةً وَاحِدَةً ثُمَّ يَتْرُكُ الْمُسْلِمِينَ يَتَضَوَّرُونَ مِنَ الْجُوعِ وَالْعَطَشِ وَالْعُرِيِّ وَقِلَّةِ الدَّوَاءِ ثُمَّ نَشْهَدُ لَهُ بِالْاِيمَان؟ فَهَلْ يَقُولُ بِهَذَا الْكَلَامِ عَاقِلٌ اَيُّهَا الْاِخْوَة؟ اَمْ لَابُدَّ مِنْ قَوْلِهِ تَعَالَى وَقَوْلِ رَسُولِهِ بَعْدَه{وَاَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ( مَعاً[مَاآمَنَ بِي مَنْ بَاتَ شَبْعَانَ وَجَارُهُ اِلَى جَنْبِهِ جَائِعٌ وَهُوَ يَعْلَمُ بِهِ؟[وَاللهِ لَايُؤْمِنُ؟ وَاللهِ مَاآمَن؟ وَاللهِ لَمْ يُؤْمِنْ؟ قِيلَ مَنْ يَارَسُولَ الله؟قَالَ مَنْ لَايَاْمَنُ جَارُهُ بَوَائِقَهُ وَشُرُورَه(وَهَلْ مَايَفْعَلُهُ الْخَوَارِجُ الدَّاعِشِيُّونَ مِنْ حِصَارِ الشُّرُورِ وَعَلَى رَاْسِهَا الْجُوعُ وَالْعُرِيُّ وَالدَّوَاءُ وَالْمَآسِي الَّتِي جَلَبُوهَا لِلْمُسْلِمِينَ بِحِصَارِهِمْ وَقَتْلِهِمْ وَتَنْكِيلِهِمْ بِهِمْ وَتَهْجِيرِهِمْ لَهُمْ هُوَ دَلِيلٌ عَلَى اِيمَانِهِمْ اَيُّهَا الْاِخْوَة{اُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِاَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَاِنَّ اللهَ عَلَى نَصْرِهِمْ لَقَدِير اَلَّذِينَ اُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ بِغَيْرِ حَقّ(لَاحِظْ مَعِي اَخِي الْمَظْلُوم فِي هَذِهِ الْآيَة اَنَّ اللهَ وَرُسُلَهُ وَخُلَفَاءَهُ فِي الْاَرْضِ وَهُمُ الْعُلَمَاءُ وَرَثَةُ الْاَنْبِيَاءِ هُمُ الْوَحِيدُونَ الْمُخَوَّلُونَ بَعْدَ اللهِ اَنْ يَاْذَنُوا لَكَ بِاَنَّكَ مَظْلُوم؟ بِمَعْنَى لَايَنْتَبِهُ اِلَيْهِ كَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ وَهُوَ اَنَّهُمْ وَحْدَهُمْ اَصْحَابُ الْحَقِّ اَنْ يُطْلِقُوا عَلَيْكَ صِفَةَ الْمَظْلُومِيَّةِ وَلَيْسَ لَكَ مِنْ هَذَا الْاَمْرِ شَيْءٌ اَخِي بَلْ لَيْسَ لِرَسُولِ اللهِ مِنْ هَذَا الْاَمْرِ شَيْءٌ اَيْضاً لَا فِي اِثْبَاتِ صِفَةِ الْمَظْلُومِيَّةِ وَلَا فِي اتّهَامِ النَّاسِ بِالظُّلْمِ اِلَّا بِالضَّوَابِطِ الشَّرْعِيَّةِ الَّتِي قَرَّرَهَا اللهُ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى لِرَسُولِهِ وَمِنْ بَابِ اَوْلَى لِآلِ بَيْتِهِ وَمِنْ بَابِ اَوْلَى لِلْحُسَيْنِ عَلَيْهِمُ الصَّلَاةُ وَ السَّلَامُ جَمِيعاً{لَيْسَ لَكَ مِنَ الْاَمْرِ شَيْءٌ اَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ اَوْ يُعَذِّبَهُمْ فَاِنَّهُمْ ظَالِمُون(بِمَعْنَى اَنَّهُ لَايَجُوزَ لَكَ شَرْعاً اَخِي اَنْ تَتَحَرَّكَ مِنْ اَجْلِ اَنْ تَنْتَصِرَ مِنْ بَعْدِ ظُلْمِكَ اِلَّا بِاِذْنٍ مِنَ اللهِ وَرَسُولِهِ بَعْدَ اَنْ تُشَاوِرَ الْاَكْثَرِيَّةَ السَّاحِقَةَ مِنْ عُلَمَائِهِ وَرَثَةِ اَنْبَيَائِهِ وَخُلَفَائِهِ فِي الْاَرْضِ وَالَّذِينَ لَايَجْتَمِعُونَ عَلَى ضَلَالَةٍ فِي فَتَاوِيهِمْ اَبَداً بِشَرْط؟ اَنْ يَكُونُوا اَكْثَرِيَّةً سَاحِقَةً بِشُورَى عَالَمِيَّة وَلَيْسَ مَحَلِّيَّة فََقَطْ وَان يَكُونُوا اَكْثَرِيَّة غَالِبَةً اَيْضاً عَلَى هَذِهِ الْفَتَاوَى الْجِهَادِيَّةِ وَاَنْ تَحْصَلَ هَذِهِ الْفَتَاوَى وَاَنْ تَحْصَلَ اَنْتَ اَيْضاً اَخِي الْمَظْلُوم عَلَى اِذْنِهِمْ وَاِجْمَاعِهِمْ وَمُوَافَقَتِهِمْ لِمَاذَا؟ حَتَّى لَاتَحْصَلَ فَوْضَى عَارِمَة فِي الْمُجْتَمَعَاتِ الْاِنْسَانِيَّةِ اِذَا خَرَجَ الْمَظْلُومُونَ يُطَالِبُونَ بِحُقُوقِهِمْ مِنْ دُونِ ضَوَابِطَ شَرْعِيَّةٍ يُرْشِدُهُمْ اِلَيْهَا هَؤُلَاءِ الْعُلَمَاءُ وَرَثَةُ الْاَنْبِيَاءِ وَخُلَفَاءُ اللهِ فِي اَرْضِهِ لِمَاذَا؟ حَتَّى لَايَاْخُذَ الْمَظْلُومُونَ اَكْثَرَ مِنْ حُقَوقِهِمْ فَيَصِيرُوا بِذَلِكَ ظَالِمِينَ بَعْدَ اَنْ كَانُوا مَظْلُومِينَ وَلَايَتَحَقَّقُ بِذَلِكَ الْهَدَفُ الَّذِي جَاءَ مِنْ اَجْلِهِ الْاِسْلَامُ وَهُوَ مُنَاصَحَةُ الظَّالِمِينَ وَالْمُفْسِدِينَ اِنِ اسْتَجَابُوا؟ وَاِلَّا مُحَارَبَةُ الظُّلْمِ وَالْفَسَادِ اِنْ اَصَرُّوا؟ نَعَمْ اَخِي وَاِنَّ مِنْ اَعْظَمِ الْغُلُوِّ الِاسْتِبْدَادِيِّ الدِّيكْتَاتُورِيِّ الْمُجْرِمِ عِنْدَ الله؟ اَنْ يَتَقَوْقَعَ النَّاسُ عَلَى عُلَمَاءِ اَهْلِ بَلَدِهِمْ وَخَاصَّةً فِيمَا يَتَعَلَّقُ بِفَتَاوَى الدِّمَاءِ الَّتِي تَسِيلُ بِسَبَبِهَا حَرْبٌ اَهْلِيَّةٌ بَيْنَ اَبْنَاءِ الْبَلَدِ الْوَاحِدِ كَمَا يَحْدُثُ فِي لِيبْيَا؟ فَلَاتَدْرِي اَخِي فَرُبَّمَا يَكُونُ عُلَمَاءُ لِيبْيَا بِاَجْمَعِهِمْ مَعَ احْتِرَامِنَا لَهُمْ لَدَيْهِمُ قِصَرُ نَظَرٍ فِي هَذَهِ الْمَسَائِلِ؟ وَرُبَّمَا يَفْتَقِرُونَ اِلَى الْحِكْمَةِ الَّتِي رُبَّمَا لَاتُوجَدُ اِلَّا عِنْدَ عُلَمَاءِ بَلَدٍ مُجَاوِرٍ كَالْجَزَائِرِ مَثَلاً؟ نَعَمْ اَخِي اِيَّاكَ اَنْ تُصَدِّقَ اَنَّ اَهْلَ مَكَّةَ اَدْرَى بِشِعَابِهَا فِي كُلِّ بَلَدٍ اِسْلَامِيٍّ كَلِيبْيَا وَالْعِرَاق وَالْيَمَن وَسُورِيَا مَثَلاً؟ فَلَايُمْكِنُنَا بِحَالٍ مِنَ الْاَحْوَالِ اَنْ نَاْخُذَ قَاعِدَةً عَامَّةً مِنْ شِعَابِ مَكَّةَ بَلْ كُلُّ قَاعِدَةٍ لَهَا اسْتِثْنَاءَاتٌ لِمَاذَا؟ لِاَنَّهُ لَوْ كَانَ اَهْلُ مَكَّةَ اَدْرَى بِشِعَابِهَا فِعْلاً لِمَاذَا اِذاً اَرْسَلَ اللهُ اِلَيْهِمْ رَسُولَ اللهِ بَشِيراً وَنَذِيراً لَهُمْ بَيْنَ يَدَيْ عَذَابٍ شَدِيد؟ نَعَمْ اَخِي وَاِنَّ مِنْ اَعْظَمِ غُلُوِّ الْعُلَمَاءِ عِنْدَ اللهِ اِجْرَاماً هُوَ الغُلُوُّ فِي اَدَاءِ الشَّهَادَةِ بِتَحْرِيفِهَا اَوْ تَزْوِيرِهَا اَوْ كِتْمَانِهَا بِغَيْرِ وَجْهِ حَقٍّ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى{وَلَاتَكْتُمُوا الشَّهَادَةَ؟ وَمَنْ يَكْتُمْهَا فَاِنَّهُ آثِمٌ قَلْبُه{وَاِذْ اَخَذَ اللهُ مِيثَاقَ الَّذِينَ اُوتُوا الْكِتَابَ لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَلَاتَكْتُمُونَهُ؟ فَنَبَذُوهُ وَرَاءَ ظُهُورِهِمْ وَاشْتَرَوْا بِهِ ثَمَناً قَلِيلَا(مِنْ مَتَاعِ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَعَرَضِهَا{فَرَضُوا بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَاطْمَاَنُّوا بِهَا(بِحُجَّةِ اَنَّهُمْ لَايُرِيدُونَ التَّدَخُّلَ فِي شُؤُونِ الدُّوَل ِالْاُخْرَى؟ وَهِيَ حُجَّةٌ اَقْبَحُ مِنْ ذَنْبٍ وَاللهِ الَّذِي لَا اِلَهَ اِلَّا هُو؟ اَنْ يَبْقَى عُلَمَاءُ السُّوءِ وَمَشَايِخُ الضَّلَالِ مُتَفَرِّجِينَ عَلَى اَهْلِ الْبَلَدِ الْوَاحِدِ يَقْتُلُ بَعْضُهُمْ بَعْضاً دُونَ اَنْ يُحَرِّكُوا سَاكِناً؟ بَلْ يَخْرَسُوا بِدَرَاهِمَ مَعْدُودَةٍ دُونَ اَنْ يُدْلُوا بِدَلْوِهِمْ فِي اَدَاءِ الشَّهَادَةِ الَّتِي اَمَرَ اللهُ بِاَدَائِهَا عَلَى وَجْهِهَا الْحَقِّ وَعَدَمِ كِتْمَانِهَا؟ اَلَا وَهِيَ تَحْدِيدُ الْاَكْثَرِيَةِ السَّاحِقَةِ مِنْ عُلَمَاءِ الْمُسلِمِينَ فِي جَمِيعِ اَنْحَاءِ الْعَالَم لِلْفِئَةِ الْبَاغِيَةِ بَعْدَ فَشَلِ جَمِيعِ مُحَاوَلَاتِ الْاِصْلَاح؟ وَمَنْ هِيَ الْفِئَةَ الْبَاغِيَةُ بِالضَّبْطِ وَبِالتَّحْدِيد؟وَمَنْ هِيَ الْفِئَةُ الْبَاغِيَةُ الَّتِي تَرْفُضُ الْاِصْلَاحَ الَّذِي اَمَرَ اللهُ بِهِ فِي هَذَا الْبَلَدِ صَاحِبِ الْحَرْبِ الْاَهْلِيَّةِ وَلَاتُرِيدُ اِلَّا عُلُوّاً مَادِّيّاً ظَالِماً فِي الْاَرْضِ وَفَسَاداً؟ وَمَاهُوَ دَلِيلُكُمُ الْقَاطِع عَلَى اَنَّهَا هِيَ الْفِئَةُ الْبَاغِيَةُ بِعَيْنِهَا بِمَا لَايَقْبَلُ مَجَالاً لِلشَّكّ؟ نَعَمْ اَخِي؟ وَالْفَتْوَى الْجِهَادِيَّة الْمُنْضَبِطَة عَلَى الْحُجَّةِ وَالْبَيَانِ اَوِ السَّيْفِ وَالسِّنَانِ؟ هِيَ اَعْظَمُ شَهَادَةٍ اَمَرَ اللهُ بِاَدَائِهَا وَتَوَعَّدَ عَلَى كِتْمَانِهَا بِقَوْلِهِ{وَمَنْ يَكْتُمْهَا فَاِنَّهُ آثِمٌ قَلْبُه(فَاِذَا فَسَدَ الْقَلْبُ فَسَدَ الْجَسَدُ كُلُّهُ بِدَلِيل[اَلَا وَاِنَّ فِي الْجَسَدِ مُضْغَةً اِذَا صَلَحَتْ صَلَحَ الْجَسَدُ كُلُّهُ؟ وَاِذَا فَسَدَتْ فَسَدَ الْجَسَدُ كُلُّهُ؟ اَلَا وَهِيَ الْقَلْب(فَاِذَا فَسَدَ عُلَمَاءُ الْاُمَّةِ بِقُلُوبِهِمْ وَاَجْسَادِهِمْ؟ فَسَدَتِ الْاُمَّةُ كُلُّهَا لِمَاذَا؟ لِاَنَّ النَّاسَ سَيَتَّخِذُونَ رُؤُوساً جُهَّالاً يَمْلَؤُونَ الْفَرَاغَ الْكَبِيرَ الَّذِي تَرَكَهُ الْعُلَمَاءُ؟ فَاِذَا بِهَؤُلَاءِ الرُّؤَوسِ الْجُهَّالِ قَدْ اَفْتَوْا وَضَلُّوا وَاَضَلُّوا النَّاسَ بِغَيْرِ عِلْمٍ[وَمَنْ اَفْتَى بِغَيْرِ عِلْمٍ لَعَنَهُ كُلُّ شَيْءٍ حَتَّى حِيتَانُ الْبَحْرِ( لِمَاذَا؟ لِاَنَّهُمْ بِفَتَاوِيهِمُ الْجَاهِلَةِ يَجْعَلُونَ النَّاسَ يَعِيشُونَ عَلَى شَرِيعَةِ الْغَابِ لَا عَلَى شَرْعِ الله؟ وَهَاهُمُ الشِّيعَةُ اَكْبَرُ دَلِيلٍ عَلَى مَانَقُول؟ فَاِنَّهُمْ بِسَبَبِ فَتَاوَى مُعَمَّمِيهِمُ الْجَاهِلَةِ؟ غَلَوْا وَبَالَغُوا فِي اِثْبَاتِ مَظْلُومِيَّةِ الْحُسَيْنِ وَاَهْلِ الْبَيْتِ؟ فَاِذَا بِهِمْ{ يَبْغُونَ فِي الْاَرْضِ وَيَظْلِمُونَ النَّاسَ بِغَيْرِ الْحَقِّ(وَاِذَا بِهِمْ قَدْ{سَعَوْا فِي الْاَرْضِ لِيُفْسِدُوا فِيهَا وَيُهْلِكُوا الْحَرْثَ وَالنَّسْلَ وَاللهُ لَايُحِبُّ الْفَسَاد؟ وَاِذَا قِيلَ لَهُمُ اتَّقُوا اللهَ اَخَذَتْهُمُ الْعِزَّةُ بِالْاِثْمِ(كَهَؤُلَاءِ الْعُلَمَاءِ الْآثِمِينَ فِي قُلُوبِهِمْ وَالَّذِينَ يَكْتُمُونَ الْفَتَاوَى الْجِهَادِيَّةَ الْاِصْلَاحِيَّة{فَحَسْبُهُمْ جَهَنَّم(نَعَمْ اَخِي فَغُلُوُّ الشِّيعَةِ فِي اِثْبَاتِ مَظْلُومِيَّةِ اَهْلِ الْبَيْتِ قَادَهُمْ اِلَى عِبَادَتِهِمْ مِنْ دُونِ اللهِ بَلْ اِلَى الِاسْتِئْثَارِ بِهِمْ وَالطَّعْنِ عَلَى الَّذِي خَلَقَهُمْ وَعَلَى قُرْآنِهِ الْكَرِيمِ وَعَلَى رَسُولِهِ وَعَلَى صَحَابَةِ رَسُولِهِ وَعَلَى اَزْوَاجِهِ الطَّاهِرَاتِ اللَّوَاتِي هُنَّ مِنْ آلِ بَيْتِهِ؟ وَمَنْ طَعَنَ بِزَوْجَةٍ وَاحِدَةٍ فَقَطْ مِنْهُنَّ فَكَاَنَّمَا طَعَنَ بِجَمِيعِ اَزْوَاجِهِ وَآلِ بَيْتِهِ وَاَوْلَادِهِ وَعَلَى رَاْسِهِمْ فَاطِمَةُ عَلَيْهِمُ الصَّلَاةُ وَالسَّلَام وَلَنْ يَنْفَعَهُ اَحَدٌ مِنْ اَهْلِ الْبَيْتِ مَهْمَا عَبَدَهُ مِنْ دُونِ الله بِدَلِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى عَنْ مَوْقِفِ اَهْلِ الْبَيْتِ مِنَ الشِّيعَةِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَعَنْ مَوْقِفِ مَرْيَمَ وَعِيسَى مِنَ النَّصَارَى اَيْضاً وَمَنْ شَابَهَهُمْ مِنَ الْبُوذِيِّينَ الَّذِينَ يَعْبُدُونَ نَبِيَّ اللهِ بُوذَا عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَام{كَلَّا سَيَكْفُرُونَ بِعِبَادَتِهِمْ وَيَكُونُونَ عَلَيْهِمْ ضِدَّا(لِمَاذَا؟ لِاَنَّ آلَ الْبَيْتِ مَهْمَا كَانُوا مَظْلُومِينَ فِي نَظَرِ الشِّيعَةِ؟ وَمَهْمَا غَلَوْا فِي اِثْبَاتِ مَظْلُومِيَّتِهِمْ؟ فَاِنَّ مَظْلُومِيَّتَهُمْ لَاتُعْدِلُ ذَرَّةً مِنَ الْمَظْلُومِيَّةِ الَّتِي ظَلَمُوا بِهَا الله؟ نَعَمْ لَقَدْ ظَلَمَ الشِّيعَةُ وَغَيْرُ الْمُسْلِمِينَ اللهَ تِسْعَةً وَتِسْعِينَ ظُلْماً وَمَظْلُومِيَّةً بِعَدَدِ اَسْمَائِهِ الْحُسْنَى سُبْحَانَهُ؟ حِينَمَا اَلْحَدُوا فِي اَسْمَائِهِ الْحُسْنَى وَاَبْطَلُوا مَفْعُولَهَا عَلَى اللهِ وَجَعَلُوهَا سَارِيَةَ الْمَفْعُولِ عَلَى الْاَئِمَّةِ(بِدَلِيلِ اَنَّ اللهَ تَعَالَى لَايَقْبَلُ التَّرْقِيعَ وَلَااَنْصَافَ الْحُلُولِ فِي تَوْحِيدِهِ اَبَداً لِمَاذَا؟ لِاَنَّ اللهَ تَعَالَى قُدُّوسٌ طَاهِرٌ لَايَقْبَلُ فِي وِعَاءِ تَوْحِيدِهِ نُقْطَةً مَهْمَا كَانَتْ صَغِيرَةً مِنْ شِرْكِهِمُ النَّجِسِ بِدَلِيلِ{وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ(مِنَ الشِّرْكِ النَّجِسِ وَغَيْرِهِ{ شَرّاً يَرَهُ( وَلِذَلِكَ اَشْرَكُوا بِاَسْمَائِهِ مَالَمْ يُنْزِّلْ بِهِ سُبْحَانَهُ سُلْطَاناً كَمِثْلِ سُلْطَانِ اَسْمَائِهِ الْحُسْنَى فِي اسْتِحْقَاقِهَا لِلْعُبُودِيَّةِ وَتَوْحِيدِ الْاُلُوهِيَّةِ وَالرُّبُوبِيَّةِ وَاَسْمَائِهَا وَصِفَاتِهَا؟ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى{اِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيم{وَهَلْ اَتَاكَ نَبَاُ الْخَصْمِ اِذْ تَسَّوَرُوا الْمِحْرَابَ؟ اِذْ دَخَلُوا عَلَى دَاوُودَ فَفَزِعَ مِنْهُمْ؟ قَالُوا لَاتَخَفْ خَصْمَانِ بَغَى بَعْضُنَا عَلَى بَعْضٍ فَاحْكُمْ بَيْنَنَا بِالْحَقِّ وَلَاتُشْطِطْ وَاهْدِنَا اِلَى سَوَاءِ الصِّرَاط؟ اِنَّ هَذَا اَخِي لَهُ تِسْعٌ وَتِسْعُونَ نَعْجَة؟ وَلِيَ نَعْجَةٌ وَاحِدَةٌ؟ فَقَالَ اَكْفِلْنِيهَا وَعَزَّنِي(غَلَبَنِي بِالْعَبْطَة وَالْخَجْلَة{ فِي الْخِطَاب[وَمَااُخِذَ بِسَيْفِ الْحَيَاءِ فَهُوَ حَرَام{قَالَ لَقَدْ ظَلَمَكَ بِسُؤَالِ نَعْجَتِكَ اِلَى نِعَاجِهِ(نَعَمْ لَقَدْ ظَلَمَ الشِّيعَةُ وَغَيْرُ الْمُسْلِمِينَ اللهَ بِسُؤَالِ غَيْرِهِ مِنْ مَخْلُوقَاتِهِ بِقَوْلِهِمْ مَثَلاً مَدَدْ يِاسِيدِي الْحُسِين؟ مَدَدْ يَاجِيلَانِي؟ مَدَدْ يَارِفَاعِي؟ مَدَدْ يَافَاطِمَة؟ مَدَدْ يَازَيْنَبْ؟ مَدَدْ يَارَسُولَ الله؟ وَرَسُولُ اللهِ وَاِخْوَانُهُ وَآلُ بَيْتِهِ جَمِيعاً بَرِيئُونَ مِنْ اَمْثَالِ هَؤُلَاءِ السَّائِلِينَ لِمَاذَا؟ لِاَنَّ رَسُولَ اللهِ اَوْصَى وَاحِداً مِنْ آل ِبَيْتِهِ بِقَوْلِهِ[وَاِذَا سَاَلْتَ فَاسْاَلِ الله؟ وَاِذَا اسْتَعَنْتَ فَاسْتَعِنْ بِالله؟ وَاعْلَمْ اَنَّ الْاُمَّة بِمَنْ فِيهِمْ مِنْ(زَيْنَاااابْ؟ فَاطِمَة؟عَدْرَا؟ يَسُوع؟ مُوسَى؟ شِيعْتَكْ فِي خَطَرْ يَاعَلِي؟اَلْغَوْثُ الْاَعْظَم وَالْمَدَدُ الْاَكْبَر سِيدِي عَبْدُ الْقَادِرِ الْجِيلَانِي[لَوِ اجْتَمَعَ هَؤُلَاءِ جَمِيعاً اِنْساً وَجِنّاً عَلَى اَنْ يَنْفَعُوكَ لَمْ يَنْفَعُوكَ اِلَّا بِشَيْءٍ قَدْ كَتَبَهُ اللهُ لَكَ؟ وَلَوِ اجْتَمَعَ هَؤُلَاءِ جَمِيعاً اَيْضاً عَلَى اَنْ يَضُرُّوكَ لَمْ يَضُرُّوكَ اِلَّا بِشَيْءٍ قَدْ كَتَبَهُ اللهُ عَلَيْك رُفِعَتِ الْاَقْلَامُ وَجَفَّتِ الصُّحُف{وَاِنَّ كَثِيراً مِنَ الْخُلَطَاءِ لِيَبْغِي بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ اِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَقَلِيلٌ مَاهُمْ؟ وَظَنَّ(اَيْقَنَ{ دَاوُودُ اَنَّمَا فَتَنَّاهُ؟ فَاسْتَغْفَرَ رَبَّهُ وَخَرَّ رَاكِعاً وَاَنَاب؟ يَادَاوُودُ اِنَّا جَعَلْنَاكَ خَلِيفَةً فِي الْاَرْضِ؟ فَاحْكُمْ بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ؟ وَلَاتَتَّبِعِ الْهَوَى فَيُضِلَّكَ عَنْ سَبِيلِ الله؟ اِنَّ الَّذِينَ يَضِلُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللهِ لَهُمْ عَذَابٌ اَلِيمٌ بِمَا نَسُوا يَوْمَ الْحِسَابِ(لِمَاذَا لَمْ تَسْتَمِعْ اِلَى صَاحِبِ النَّعْجَاتِ التِّسْعَةِ وَالتِّسْعِينَ يَادَاوُود؟ فَرُبَّمَا يَكُونُ مَظْلُوماً لِمَاذَا؟ لِاَنِّي اَنَا اللهُ صَاحِبُ تِسْعَةٍ وَتِسْعِينَ اسْماً حَسَناً مِنْ اَسْمَائِي الْحُسْنَى؟ وَمَعَ ذَلِكَ فَقَدْ ظَلَمَنِي الشِّيعَةُ وَغَيْرُ الْمُسْلِمِين؟ وَاَلْحَدُوا فِي اَسْمَائِي وَصِفَاتِي؟ وَجَعَلُونِي مَعَهَا كُفْؤاً فِي عِبَادَتِهِمْ لِمَنْ هُوَ دُونِي مِنْ اَوْلِيَائِي مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ مِنْ آلِ الْبَيْتِ وَمِنَ الْاَئِمَّةِ الِاثْنَيْ عَشَرِيَّةَ وَغَيْرِهِمْ؟ وَاَنَا اللهُ الْاَحَدُ الصَّمَد؟ لَمْ اَلِدْ وَلَمْ اُولَدْ؟ وَلَمْ يَكُنْ لِي كُفُؤاً اَحَدٌ مِنْ هَؤُلاَءِ الْمَعْبُودِينَ مِنْ دُونِي جَمِيعاً؟ لِمَاذَا يَادَاوُود؟ لِمَاذَا لَمْ تَسْتَمِعْ اِلَى شَكْوَى الْاَكْثَرِيَّةِ الْمَظْلُومَةِ الَّتِي تَقُومُ الْاَقَلّيَّاتُ الْمُجْرِمَةُ بِاِبَادَتِهَا عَنْ بَكْرَةِ اَبِيهَا؟ لِمَاذَا يَادَاوُودُ لَاتَسْتَمِعُ اِلَى قَاتِلِ تِسْعَةٍ وَتِسْعِينَ نَفْساً وَقَدْ جَاءَكَ تَائِباً مُسْتَغْفِراً نَادِماً؟ هَلْ تُرِيدُ اَنْ تُغْلِقَ بَابَ التَّوْبَةِ فِي وَجْهِهِ؟؟ نَعَمْ اَخِي فَحَصَلَ غُلُوُّ الْخَوَارِجِ فِي التَّكْفِيرِ حِينَمَا كَفَّرُوا الصَّحَابَةَ؟ لِاَنَّهُمْ بِزَعْمِهِمْ لَمْ يُحَكِّمُوا الْقُرْآنَ بَلْ حَكَّمُوا الرِّجَالَ؟ وَاحْتَجُّوا بِقَوْلِهِ تَعَالَى{اِنِ الْحُكْمُ اِلَّا لِله(فَلَا حُكْمَ اِلَّا لِله(وَنَقُولُ لِلْخَوَارِج؟ مَاذَا تَقُولُونَ فِي قَوْلِ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا عَنْ رَسُولِ الله[كَانَ خُلُقُهُ الْقُرْآن( بِمَعْنَى اَنَّهُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ كَانَ قُرْآناً يَمْشِي عَلَى الْاَرْض؟ وَمَاهُوَ الْمَانِعُ الشَّرْعِيُّ عِنْدَكُمْ اَنْ يَكُونَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْ هَؤُلَاءِ الرِّجَالِ الَّذِينَ تَرْفُضُونَ تَحْكِيمَهُمْ قُرْآناً يَمْشِي عَلَى الْاَرْضِ اَيْضاً اُسْوَةً بِرَسُولِ اللهِ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى{لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللهِ اُسْوَةٌ حَسَنَة(نَعَمْ اَخِي لَاجَوَابَ عِنْدَهُمْ اَبَداً؟ لِاَنَّ هَذَا هُوَ مَبْدَاُ الْغُلُوِّ عِنْدَهُمْ؟ وَكَانَ مِنْ اَسْبَابِ ظُهُورِهِ اخْتِلَافُ الْوَضْعِ وَاخْتِلَاطُ الْحَابِلِ بِالنَّابِلِ حِينَمَا حَصَلَ الْقِتَالُ بَيْنَ مُعَاوِيَةَ وَعَلِيٍّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا؟ نَعَمْ اَخِي بَعْدَ ذَلِكَ حَصَلَ اَيضاً غُلُوٌّ آخَرُ؟ وَهَذَا الْغُلُوُّ جَاءَ فِي اِثْبَاتِ الصِّفَات؟ فَنَظَرَ قَوْمٌ فِي صِفَاتِ اللهِ تَعَالَى وَقَالُوا؟ اِنَّ الْقُرْآنَ فِيهِ اِثْبَاتُ الصِّفَات؟ وَالسُّنَّةُ كَذَلِكَ فِيهَا اِثْبَاتُ الصِّفَات؟ فَجَاوَزُا الْحَدَّ فِي اِثْبَاتِهَا حَتَّى جَعَلُوا صِفَاتِ اللهِ تَعَالَى دَالَّةً عَلَى التَّجْسِيم؟ فَقَالُوا اِنَّ اللهَ تَعَالَى جِسْمٌ؟ وَلَهُ وَجْهٌ كَوَجْهِ الْاِنْسَانِ؟ وَلَهُ عَيْنَانِ وَيَدَانِ كَعَيْنَيِ الْاِنْسَانِ وَيَدَيْهِ اِلَى آخِرِ مَاهُنَالِكَ؟ فَغَلَوْا وَبَالَغُوا فِي اِثْبَاتِ الصِّفَات؟ مَعَ الْعِلْمِ اَنَّ اِثْبَاتَ هَذِهِ الصِّفَاتِ بِمَا اَثْبَتَهُ اللهُ لِنَفْسِهِ فِي الْقُرْآنِ وَالسُّنَّةِ مَشْرُوع؟ وَلَكِنَّ الْغُلُوَّ فِي اِثْبَاتِ هَذِهِ الصِّفَاتِ عَلَى هَذَا النَّحْوِ مِنَ التَّجْسِيمِ غَيْرِ اللَّائِقِ بِجَلَالِ الْخَالِقِ سُبْحَانَهُ؟ هُوَ الْمَحْظُورُ لِمَاذَا؟ لِاَنَّهُمْ زَادُوا فِيهِ وَقَالُوا عَلَى اللِه مَالَايَعْلَمُونَ؟ حَتَّى جَعَلُوا الْاِثْبَاتَ تَجْسِيماً فِي آيَاتٍ قُرْآنِيَّةٍ مُتَشَابِهَةٍ فِيهَا شُبْهَة غَيْرُ حَاسِمَةٍ فِيمَا يَتعَلَّقُ بِالصِّفَات؟ مُتَجَاهِلِينَ الْآيَةَ الْمُحْكَمَةَ الْحَاسِمَةَ الَّتِي حَسَمَتْ مَوْضُوعَ الصِّفَاتِ كُلِّهَا بِقَوْلِهِ تَعَالَى{لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ(نَعمْ نَحْنُ لَانُنْكِرُ اَنَّ مِنَ الْمَخْلُوقِينَ مَنْ هُوَ رَحِيمٌ كَمَا اَنَّ اللهَ رَحِيم؟ وَلَكِنْ هَلْ رَحْمَةُ هَؤُلَاءِ الْمَخْلُوقِينَ مِثْلُ رَحْمَةِ الْخَالِق؟ اَمْ{لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْء(لَيْس كَمِثْلِ رَحْمَتِهِ شَيْءٌ اَيُّهَا الْاِخْوَة؟{هَاتُوا بَرْهَانَكُمْ اِنْ كُنْتُمْ صَادِقِين(نَعَمْ اَخِي لَابُدَّ لِهَذِهِ الصِّفَاتِ الْاِلَهِيَّةِ مِنْ اِثْبَاتٍ بِلَا تَجْسِيم؟ وَتَنْزِيهٍ لَهُ تَعَالَى عَنِ النَّقْصِ بِلَاتَعْطِيل؟ لِاَنَّكَ اَخِي لَاتَسْتَطِيعُ اَنْ تُعَطِّلَ صِفَةً اَثْبَتَهَا اللهُ لِنَفْسِهِ فِي الْقُرْآنِ وَالسُّنَّة؟ وَفِي نَفْسِ الْوَقْتِ لَاتَسْتَطِيعُ اَيْضاً اَنْ تُقِيمَ الْوَزْنَ بِالْقِسْطِ بَيْنَ صِفَاتِ الْخَالِقِ وَصِفَاتِ الْمَخْلُوقِين؟ اِلَّا اَنْ تَكُونَ كَفَّةُ اللهِ هِيَ الطَّاغِيَةُ وَالرَّاجِحَةُ دَائِماً عَلَى كَفَّةِ الْمَخْلُوقِينَ فِي جَمِيعِ اَسْمَائِهِ وَصِفَاتِه؟ بَلْ اِنَّكَ سَتَجِدُ نَفْسَكَ مُضْطَّرّاً رَغْماً عَنْكَ اِلَى اَنْ تُخْسِرَ الْمِيزَانَ دَائِماً فِي صِفَاتِ الْمَخْلُوقِينَ الَّتِي لَاتَعْدِلُ كُلُّهَا مُجْتَمِعَةً ذَرَّةً فِي صِفَةٍ وَاحِدَةٍ فَقَطْ مِنْ صِفَاتِ الْخَالِقِ الْمُنْعِمِ سُبْحَانَه وَمِنْهَا نَعْمَاؤُهُ الَّتِي لَاتُعَدُّ وَلَاتُحْصَى وَالَّتِي يَعْجَزُ الْمَخْلُوقُونَ جَمِيعاً عَنْ شُكْرِ نِعْمَةٍ وَاحِدَةٍ مِنْهَا فَقَطْ مَهْمَا فَعَلُوا مِنَ الطَّاعَات؟ وَمَعَ ذَلِكَ{مَنْ يَعْمَلْ مِثقَالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ( فَاِنَّ اللهَ يَقْبَلُ هَذِهِ الذَّرَّةَ مِنْ عَمَلِهِمُ الصَّالِحِ بِجُودِهِ وَكَرَمِهِ وَاِحْسَانِهِ الَّذِي تَطْغَى ذَرَّةٌ مِنْهُ فَقَطْ فِي الْمِيزَانِ اَيْضاً عَلَى كَفَّةِ الْاِنْسِ وَالْجِنِّ وَالْخَلَائِقِ مُجْتَمِعِينَ بِكَرَمِهِمْ وَجُودِهِمْ وَاِحْسَانِهِمْ وَرَحْمَتِهِمْ؟ وَلَنْ يُكَافِئُوا اللَهَ تَعَالَى مَهْمَا فَعَلُوا عَلَى ذَرَّةٍ صَغِيرَةٍ جِدّاً لَاتُرَى بِالْعَيْنِ الْمُجَرَّدَةِ مِنْ جُودِهِ وَكَرَمِهِ وَاِحْسَانِهِ سُبْحَانَهُ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ{وَاِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللهِ لَاتُحْصُوهَا؟ اِنَّ الْاِنْسَانَ لَظَلُومٌ كَفَّار}نَعَمْ اَخِي بَعْدَ ذَلِكَ حَصَلَ اَيْضاً غُلُوٌّ آخَرُ مُعَاكِسٌ لِغُلُوِّ الْمُجَسِّمِينَ الَّذِينَ غَلَوْا فِي اِثْبَاتِ التَّجْسِيمِ عَلَى غَيْرِ مُرَادِ الله؟ فَقَابَلَهُمْ فِي ذَلِكَ الْغُلُوِّ التَّجْسِيمِيِّ فِرْقَةٌ اُخْرَى غَلَتْ فِي اِثْبَاتِ التَّنْزِيهِ وَهُمُ الْجَهْمِيَّةُ وَالْمُعْتَزِلَةُ؟ فَقَالُوا اِنَّ تَنْزِيهَ اللهِ تَعَالَى عَنِ التَّجْسِيمِ وَالتَّعَدُّدِ فَرْضٌ؟ وَلَايُصْلُحُ اَنْ نُنَزِّهَهُ اِلَّا بِاَنْ نَنْفِيَ عَنْهُ الصِّفَات؟ فَغَلَوْا فِي التَّنْزِيهِ نَكَايَةً بِبِدْعَةِ الْمُجَسِّمَةِ وَغُلُوِّهِمْ وَمُقَابَلَةً لَهُمْ عَلَى غُلُوِّهِمْ بِغُلُوٍّ آخَرَ لَايَحُلُّ مُشْكِلَةَ التَّجْسِيم؟ وَلَايُمْكِنُ لِهَذَا الْغُلُوِّ اَنْ يَتَجَاهَلَ مَا اَثْبَتَهُ اللهُ لِنَفْسِهِ مِنَ الْاَسْمَاءِ وَالصِّفَات؟ وَمَعَ ذَلِكَ غَلَوْا حَتَّى قَالُوا لَاصِفَةَ لِلرَّحْمَنِ جَلَّ وَعَلَا اِلَّا صِفَةَ الْوُجُودِ اَوْ ثَلَاثَ صِفَاتٍ اِلَى آخِرِ مَاهُنَالِك؟ فَكَانَ سَبَبُ غُلُوِّهِمْ اَنَّهُمْ اَرَادُوا تَطْبِيقَ الْقُرْآنِ بِطَرِيقَةٍ تُنَزِّهُ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ عَمَّا لَايَلِيقُ بِجَلَالِهِ وَعَظَمَتِهِ؟ فَغَلَوْا فِي اِثْبَاتِ الْآيَةِ الْمُحْكَمَةِ الَّتِي تَقُولُ{لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ(فَبَدَلَ اَنْ يُكَحِّلُوهَا وَيُكَحِّلُوا اَعْيُنَهُمْ وَاَعْيُنَ النَّاسِ بِهَا؟ اِذَا بِهِمْ يُكَحِّلُونَهَا بِمَا{لَاتَعْمَى الْاَبْصَارُ؟ وَلَكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُور(فَجَعَلُوا ذَلِكَ دَلِيلاً عَلَى اَنَّ اللهَ تَعَالَى لَيْسَ لَهُ صِفَة؟ بَلْ صِفَاتُهُ هِيَ عَيْنُ ذَاتِهِ؟ حَتَّى لَاتَتَعَدَّدَ الْآلِهَةُ؟ وَحَتَّى لَا يَتَعَدَّدَ اللهُ بِتَعَدُّدِ مَوْصُوفَاتِهِ سُبْحَانَهُ فَيُصْبِحُ الْعَلِيمُ اِلَهاً؟ وَيُصْبِحُ الْحَلِيمُ اِلَهاً آخَرَ اِلَى اَنْ يُصْبِحَ الْمَجْمُوعُ تِسْعَةً وَتِسْعِينَ اِلَهاً بِزَعْمِهِمْ؟ وَهَكَذَا طَبَّقُوا هَذِهِ الْقَاعِدَةَ الشَّيْطَانِيَّةَ عَلَى بَقِيَّةِ اَسْمَائِهِ وَصِفَاتِهِ؟ لِيَجِدُوا لِاَنْفِسِهِمْ مُبَرِّراً شَيْطَانِيّاً فِيمَا يَقُولُونَهُ مِنَ الْغُلُوِّ وَمُجَاوَزَةِ الْحَدِّ فِي تَنْزِيهِ اللهِ عَمَّا لَايَلِيقُ بِهِ مِنَ التَّجْسِيمِ وَالتَّعَدُّدِ بِزَعْمِهِمْ وَتَعَالَى اللهُ عَنْ قَوْلِهِمْ عُلُوّاً كَبِيراً لِمَاذَا؟ لِاَنَّهُمْ بِالنَّتِيجَةِ اَنْكَرُوا صِفَاتِهِ سُبْحَانَهُ؟ فقَالُوا مَثَلاً اَللهُ عَلِيمٌ بِلَا عِلْمٍ؟ وَحَلِيمٌ بِلَا حِلْمٍ؟ وَكَرِيمٌ بِلَا كَرَمٍ؟ اِلَى آخِرِ مَاهُنَالِك؟ وَنَقُولُ لِهَؤُلَاء؟ اِذَا كَانَ الْمَخْلُوقُ كَالْاِنْسَانِ مَثَلاً قَابِلاً وَغَيْرَ عَاجِزٍ عَنِ التَّعَدُّدِيَّةِ فِي الْمَوَاهِبِ وَالصِّفَاتِ الْمُخْتَلِفَةِ الَّتِي اَنْعَمَهَا اللهُ عَلَيْهِ وَجَمَعَهَا فِي شَخْصٍ وَاحِدٍ؟ وَيُمْكِنُكَ اَخِي اَنْ تَرَى مَثَلاً اِنْسَاناً مُتَعَدِّدَ الْمَوَاهِبِ يَتَكَلَّمُ عِدَّةَ لُغَات؟ انكليزية؟ و فرنسية؟ وروسية؟ والمانية؟ الى آخر ماهنالك؟ فَهَلْ يَعْجَزُ اللهُ اَنْ يَجْمَعَ هَذِهِ الصِّفَاتِ مِنْ اَسْمَائِهِ الْحُسْنَى وَلَوْ كَانَتْ مُخْتَلِفَة فِي اِلَهٍ وَاحِدٍ وَهُوَ ذَاتُهُ الْعَلِيَّةُ سُبْحَانَهُ؟ اَمْ هُوَ اِلَهٌ مُصَابٌ بِعَمَى الْاَلْوَانِ الْمُخْتَلِفَة؟ بَلْ اَنْتُمْ اَيُّهَا الْاَفَّاكُونَ مُصَابُونَ بِهَذَا الْعَمَى الَّذِي يَجْعَلُكُمْ لَا تُمَيِّزُونَ بَيْنَ هَذِهِ الصِّفَاتِ الْمُخْتَلِفَةِ الْمَجْمُوعَةِ فِي رَبِّ وَاحِدٍ ثُمَّ تَدْمُجُونَهَا وَتُغَيِّبُونَهَا وَتُذِيبُونَهَا جَمِيعاً فِي ذَاتِهِ الْعَلِيَّةِ مِنْ اَجْلِ الْغُلُوِّ فِي تَنْزِيهِ اللهِ عَنِ التَّعَدُّدِيَّةِ بِزَعْمِكُمْ تَعَالَى اللهُ عَمَّا تَقُولُونَ عُلُوّاً كَبِيرَا؟ لِمَاذَا كُلُّ هَذَا اَيُّهَا الْخَرَّاصُون؟ اَمَا عَلِمْتُمْ اَنَّ مَنْ اَنْكَرَ رَسُولاً وَاحِداً فَقَطْ مِنَ الرُّسُلِ؟ فَقَدْ اَنْكَرَ جَمِيعَ الْمُرْسَلِينَ بِدَلِيل{كَذَّبَتْ عَادٌ الْمُرْسَلِين(وَهُمْ لَمْ يُكَذّبُوا اِلَّا رَسُولَهُمْ هُوداً؟وَكَذَلِكَ يَاهَؤُلَاء مِنْ بَابِ اَوْلَى اَنَّ مَنْ اَنْكَرَ صِفَةً وَاحِدَةً فَقَطْ؟ فَقَدْ اَنْكَرَ جَمِيعَ صِفَاتِهِ سُبْحَانَهُ وَهُوَ مُلْحِدٌ بِهَا جَمِيعاً؟ وَنَحْنُ مَاْمُورُونَ بِقَوْلِهِ تَعَالَى{وَلِلهِ الْاَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا؟ وَذَرُوا الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي اَسْمَائِهِ؟ سَيُجْزَوْنَ مَاكَانُوا يَعْمَلُون( نَعَمْ اَخِي؟ ثُمَّ ظَهَرَتْ طَائِفَةٌ اُخْرَى جَدِيدَة؟ فَدَرَسُوا مَسَائِلَ الْقَدَرِ؟ وَنَظَرُوا اِلَيْهَا بِعَيْنَيْ شَيْطَان؟ وَغَلَوْا فِيهَا؟ فَوَجَدُوا اَنَّ الْقُرْآنَ فِيهِ اِثْبَاتُ الْقَدَرِ؟ فَذَهَبُوا اِلَى عَقِيدَةِ الْجَبْرِ وَاَنَّ الْاِنْسَانَ لَيْسَ بِمُسَيَّرٍ اَصْلاً؟ بَلْ هُوَ كَالرِّيشَةِ فِي مَهَبِّ الرِّيحِ بِزَعْمِهِمْ؟ لِاَنَّ اللهَ هُوَ الَّذِي يَخْلُقُ اَفْعَالَ الْعِبَادِ؟ وَهُوَ الَّذِي يُقَدِّرُ الْاَشْيَاءَ؟ وَالْقَدَرُ سَابِقٌ عَلَى اَفْعَالِ الْمَخْلُوقِين؟ وَمَعْنَى اَنَّهُ سَابِقٌ بِزَعْمِهِمْ؟هُوَ اَنَّ الْاِنْسَانَ مَجْبُورٌ عَلَيْه؟ وَنَقُولُ لِهَؤُلَاء؟ نَعَمْ اَللهُ عَزَّ وَجَلَّ قَدَّرَ الْاَشْيَاءَ؟ وَكَتَبَهَا فِي اللَّوْحِ الْمَحْفُوظ؟ وَسَبَقَ عِلْمُهُ الْاَزَلِيُّ الْقَدِيمُ بِهَا عَلَى ظُهُورِهَا اَنَّهَا سَتَقَعُ لَامَحَالَةَ كَمَا اَرَادَهَا اللهُ لِيَظْهَرَ مَاحَجَبَهُ سُبْحَانَهُ عَنْ خَلِيقَتِهِ مِنْ عِلْمِهِ بِهَا مَكْشُوفاً وَاضِحاً اَمَامَهُمْ وَاَنَّهُ جَلَّ جَلَالُهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيم؟فَمَثَلاً اَخِي قَوْلُهُ تَعَالَى{اَوَلَمْ يَرَ الْاِنْسَانُ اَنَّا خَلَقْنَاهُ مِنْ قَبْلُ وَلَمْ يَكُ شَيْئَا(فَاِنَّ هَذِهِ الْآيَة يَحْتَمِلُ مَعْنَاهَا اَنَّهُ سُبحَانَهُ يُشِيرُ فِيهَا عَلَى اَنَّهُ قَادِرٌ عَلَى خَلْقِ الْاِنْسَانِ وَجَمِيعِ الْمَخْلُوقَاتِ مِنَ الْعَدَم؟ لَكِنَّهَا تَحْتَمِلُ مَعْنىً آخَرَ اَيْضاً وَهُوَ اَنَّهُ هَلْ مِنَ الْمَعْقُولِ اَنَّ اللهَ يَخْلُقُ شَيْئاً مَعْدُوماً لَاوُجُودَ لَهُ؟ وَالْجَوَابُ عَلَى ذَلِكَ نَعَمْ خَلَقَهُ بِتَقْدِيرِهِ وَعِلْمِهِ الْاَزَلِيِّ السَّابِقِ وَاِرَادَتِهِ قَبْلَ اَنْ يُوجَدَ وَحِينَمَا كَانَ مَعْدُوماً فِي عَالَمِ الْاَزَل ثُمَّ قَالَ لَهُ لَاحِقاً كُنْ فَكَانَ حَسَبَ اِرَادَتِهِ سُبْحَانَهُ اَباً لِلْبَشَرِيَّة؟ ثُمَّ خَلَقَ اللهُ ذُرِّيَّتَهُ فِي عَالَمِ الذَّرِّ{وَاَشْهَدَهُمْ عَلَى اَنْفُسِهِمْ اَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى شَهِدْنَا( لِمَاذَا؟ لِاَنَّهُ لَامَاضِي وَلَاحَاضِرَ وَلَامُسْتَقْبَلَ عِنْدَهُ سُبْحَانَهُ وَالْكُلُّ عِنْدَهُ سَوَاء؟ نَعَمْ اَخِي وَنَقُولُ لِلْجَبْرِيَّةِ رَدّاً عَلَى عَقِيدَتِهِمُ الْبَاطِلَة؟ لَكِنَّ مَاذَكَرْتُمُوهُ مِنْ بَاطِلِكُمْ لَايَمْنَعُ مِنْ اَنَّ اللهَ اَعْطَى الْاِنْسَانَ وَالْجَانَّ حُرِّيَّةَ الِاخْتِيَارِ فِيمَا جَعَلَهُ مَنَاطَ التَّكْلِيفِ فِي الْقَضَاءِ لَا فِي الْقَدَر؟ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى فِي الْقَضَاء{وَقَضَى رَبُّكَ اَلَّا تَعْبُدُوا اِلَّا اِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ اِحْسَانَا(فَهُنَا اَعْطَى اللهُ الْاِنْسَانَ وَالْجَانَّ حُرِّيَّةَ الِاخْتِيَارِ فِي هَذَا الْقَضَاء؟ وَلَمْ يَجْعَلْهُ سُبْحَانَهُ مَجْبُوراً كَالرِّيشَةِ فِي مَهَبِّ الرِّيحِ كَمَا تَزْعُمُون؟ بِدَلِيلِ اَنَّهُ يُوجَدُ فِي الْاِنْسِ وَالْجِنِّ مَنْ يُخَالِفُ هَذَا الْقَضَاءَ فِي الْآيَةِ وَلَايُحْسِنُ اِلَى اللهِ بِعِبَادَتِهِ وَحْدَهُ لَاشَرِيكَ لَهُ وَلَا اِلَى الْوَالِدَيْن؟ فَلَوْ كَانَ هَذَا الْمُخَالِفُ مَجْبُوراً كَمَا تَزْعُمُون؟ فَهَلْ يَلِيقُ بِجَلَالِ اللهِ وَعَدْلِهِ وَرَحْمَتِهِ وَحِكْمَتِهِ وَاِحْسَانِهِ اَنْ يُعَامِلَهُ بِقَانُونِ الثَّوَابِ وَالْعِقَابِ بَعْدَ اَنْ يُلْقِيَهُ فِي الْيَمِّ اَوِ النَّهْرِ اَوْ الْبَحْرِ رَغْماً عَنْهُ مَكْتُوفاً مُقَيَّداً بِالسَّلاسِلِ وَالْاَغْلَالِ مَحْرُوماً مِنْ حُرِّيَّةِ الِاخْتِيَارِ بَيْنَ طَاعَتِهِ وَمَعْصِيَتِهِ ثُمَّ يَقُولَ لَهُ اِيَّاكَ اِيَّاكَ اَنْ تَبْتَلَّ بِمَاءِ الشِّرْكِ وَالْعُقُوقِ النَّجِسِ لِخَالِقِكَ وَوَالِدَيْك وَاِيَّاكَ اَنْ تَبْتَلَّ اَوْ تَنْغَمِسَ فِي اَوْحَالِ الزِّنَى وَالْكَذِبِ وَالْغِيبَةِ وَالنَّمِيمَةِ وَالسَّرِقَةِ وَالْغِشِّ وَالْخِدَاعِ وَالرِّبَا وَاَكْلِ اَمْوَالِ النَّاسِ بِالْبَاطِلِ وَتَرْكِ الصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ وَالصَّوْمِ وَالْحَجِّ وَتَرْكِ الْاَمْرِ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيِ عَنِ الْمُنْكَرِ اِلَى آخِرِ مَاهُنَالِكَ مِنَ الْمُحَرَّمَاتِ وَالْمُوبِقَات؟ نَعَمْ اَيُّهَا الْاِخْوَة؟ اِنَّهَا الطَّائِفَةُ الْجَبْرِيَّةُ الْحَمْقَاءُ الْغَبِيَّةُ المَلْعُونَةُ الَّتِي جَعَلَتْ مِنْ قَدَرِ اللهِ قَدَراً اَحْمَقَ الْخُطَا وَالْعَيَاذُ بِاللهِ حِينَمَا غَلَوْا فِي اِثْبَاتِ الْقَدَرِ حَتَّى جَعَلُوا الْاِنْسَانَ مَجْبُوراً لَا اخْتِيَارَ لَهُ؟نَعَمْ اَخِي ثُمَّ ظَهَرَتْ طَائِفَةٌ اُخْرَى جَدِيدَةٌ مُعَاكِسَةٌ لِلْجَبْرِيَّةِ نَوْعاً مَا وَهِيَ الْقَدَرِيَّة؟ فَدَرَسَتِ الْقُرْآنَ وَنَظَرَتْ اِلَى مَافِيهِ مِنْ مَسَائِلِ الْقَضَاءِ وَالْقَدَرِ اَيْضاً بِعَيْنَيْ شَيْطَان فَغَلَتْ فِي اِثْبَاتِ قَضِيَّةِ حُرِّيَّةِ الِاخْتِيَارِ بَيْنَ الْخَيْرِ وَالشَّرِّ الَّتِي اَعْطَاهَا سُبْحَانَهُ لِلْاِنْسِ وَالْجِنِّ فِي قَوْلِهِ{فَمَنْ شَاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شَاءَ فَلْيَكْفُرْ{اِنَّا عَرَضْنَا الْاَمَانَةَ(وَهِيَ حُرِيَّةُ الِاخْتِيَارِ بَيْنَ الْخَيْرِ وَالشَّرِّ{عَلَى السَّمَوَاتِ وَالْاَرْضِ وَالْجِبَالِ فَاَبَيْنَ اَنْ يَحْمِلْنَهَا وَاَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْاِنْسَانُ اِنَّهُ كَانَ ظَلُوماً جَهُولَا( فَقَالَتِ الْقَدَرِيَّة اِنَّ اللهَ لَمْ يَخْلُقِ الْاَعْمَالَ الَّتِي يَعْمَلُهَا الْاِنْسَانُ وَالْجَانُّ مِنْ خَيْرٍ اَوْ شَرِّ؟ وَاِنَّمَا الْاِنْسَانُ وَالْجَانُّ هُوَ الَّذِي يَخْلُقُهَا بِمُوجِبِ حُرِّيَّةِ الِاخْتِيَارِ الَّتِي اَعْطَاهَا اللهُ لَهُ؟ وَنَقُولُ لِلْقَدَرِيَّة؟ مَاذَا تَقُولُونَ اِذاً فِي قَوْلِهِ تَعَالَى{وَاللهُ خَلَقَكُمْ وَمَاتَعْمَلُون(قَالُوا نَعَمْ وَلَكِنَّ اللهَ لَايَتَدَخَّلُ فِيمَا تَعْمَلُون؟ وَنَقُول لِلْقَدَرِيَّة؟ بَلْ يَتَدَخَّلُ فِيمَا نَعْمَلُ قَبْلَ اَنْ نَعْمَلَهُ وَهُوَ مَشِيئَتُنَا لِهَذَا الْعَمَلِ الَّتِي يَتَدَخَّلُ فِيهَا سُبْحَانَهُ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى{وَمَاتَشَاؤُونَ اِلَّا اَنْ يَشَاءَ اللهُ رَبُّ الْعَالَمِين(قَالُوا؟ لَاحُجَّةَ لَكِ يَااُخْت غُصُون فَاِذَا تَدَخَّلَ اللهُ فِي مَشِيئَتِنَا لِهَذَا الْعَمَلِ فَعَلَى أيِّ اَسَاسٍ يُحَاسِبُنَا فَلَامَعْنَى اِذاً لِحُرِّيَّةِ الِاخْتِيَارِ الَّتِي اَعْطَانَا اِيَّاهَا بِسَبَبِ تَدَخُّلِهِ فِيهَا؟ وَنَقُولُ لِلْقَدَرِيَّة؟ بَلْ اَنْتُمْ لَاحُجَّةَ لَكُمْ لِاَنَّ اللهَ تَدَخَّلَ بِمَشِيئَتِهِ مِنْ اَجْلِ اِصْلَاحِ مَشِيئَتِنَا وَتَوْجِيهِهَا وَتَحْوِيلِهَا مِنَ الشَّرِّ اِلَى الْخَيْرِ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى{هُوَ الَّذِي يُصَلّي عَلَيْكُمْ وَمَلَائِكَتُهُ لِيُخْرِجَكُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ اِلَى النُّور( وَلَكِنَّنَا اَبَيْنَا اِلَّا اَنْ تُخَالِفَ مَشِيئَتُنَا مَشِيئَتَهُ فَاسْتَجَابَ سُبْحَانَهُ بِقَدَرِهِ خَيْرِهِ وَشَرِّهِ* (لَا بِقَضَائِهِ الْآمِرِ النَّاهِي) *لِمَا خَالَفْنَاهُ مِنْ مَشِيئَتِهِ بِمُوجِبِ حُرِّيَّةِ الِاخْتِيَارِ الَّتِي اَعْطَانَا اِيَّاهَا فَعَلَى هَذَا الْاَسَاسِ يُحَاسِبُنَا بِقَانُونِ الثَّوَابِ وَالْعِقَابِ يَوْمَ الْقِيَامَة وَقَدْ يُعَاجِلُ بِانْتِقَامِهِ مِنَّا فِي الدُّنْيَا قَبْلَ الْآخِرَة؟ نَعَمْ اَخِي وَلَيْسَ مَعْنَى ذَلِكَ اَنَّ اللهَ يَسْتَجِيبُ لِلشَّرِّ اِلَى دَرَجَةٍ تُمَكِّنُهُ مِنَ الْقَضَاءِ عَلَى الْاَخْضَرِ وَالْيَابِسِ فِي هَذَا الْكَوْنِ الْوَاسِعِ الْفَسِيح بِدَلِيلِ اَنَّ اللهَ لَمْ يَسْمَحْ لِلْاَشْرَارِ اَنْ يَتَحَكَّمُوا بِالْهَوَاءِ الَّذِي نَتَنَفَّسُهُ اِلَى دَرَجَةٍ تَجْعَلُهُمْ يَقْطَعُونَهُ عَنِ النَّاسِ نِهَائِيّاً لِمَاذَا؟ لِاَنَّ الْهَوَاءَ لَوْ قَطَعُوهُ* عَنِ النَّاسِ لِمُدَّةِ ثَلَاثِ دَقَائِقَ فَقَطْ؟ فَقَالُوا لَهُمْ مَنْ يَشْتَرِي مِنَّا هَوَاءً مِنْ اَجْلِ التَّنَفُّس؟ مَنْ يَشْتَرِي مِنَّا مَاءً صَالِحاً لِلشُّرْبِ؟ *لَمَاتَ النَّاسُ جَمِيعاً مُخْتَنِقِينَ عَطْشَانِين؟ وَقَدْ يَمُوتُونَ مِنَ الْجُوعِ اَيْضاً؟ نَعَمْ اَخِي؟ وَلَيْسَ مَعْنَى ذَلِكَ اَيْضاً اَنَّ الشَّرَّ يَسْتَطِيعُ اَنْ يَهْرُبَ اَوْ اَنْ يَنْجُوَ بِفَعْلَتِهِ مَهْمَا طَالَ الزَّمَان بِدَلِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى{وَاِنَّ جَهَنَّمَ لِمُحِيطَةٌ بِالْكَافِرِين{يَقُولُ الْاِنْسَانُ يَوْمَئِذٍ اَيْنَ الْمَفَرّ{يَامَعْشَرَ الْجِنِّ وَالْاِنْسِ اِنِ اسْتَطَعْتُمْ اَنْ تَنْفُذُوا مِنْ اَقْطَارِ السَّمَوَاتِ وَالْاَرْضِ فَانْفُذُوا لَاتَنْفُذُونَ اِلَّا بِسُلْطَان( نَعَمْ اَخِي وَحَتَّى الْحُجَجُ الْوَاهِيَة وَالْمَنْطِقُ الْاَعْوَجُ الَّذِي يَسْتَنِدُ اِلَيْهِ الشَّرُّ الْبَاطِلُ فِي الدِّفَاعِ عَنْ اَصْحَابِهِ فَاِنَّهُ{مَااَنْزَلَ اللهُ بِهِ مِنْ سُلْطَانٍ(عَلَى الْقُلُوبِ وَالْعُقُولِ وَالنُّفُوسِ؟ وَاِنْ كَانَ سُلْطَانُهُ بِقُوَّةِ الْاَسْلِحَةِ الْمَادِّيَّةِ الْفَتَّاكَة؟ وَلَكِنْ لَيْسَ لَهُ سُلْطَانٌ فِي اِقْنَاعِ النَّاسِ بِبَاطِلِهِ مَهْمَا تَفَشَّى فِي الْمُجْتَمَعَاتِ الْاِنْسَانِيَّة؟ نَعَمْ اَخِي بَعْدَ ذَلِكَ اَتَتْ طَائِفَةٌ اُخْرَى؟ وَاَتَوْا بِالْغُلُوِّ فِي التَّعَبُّدَاتِ؟ فَقَالُوا لَانَصِلُ اِلَى صَفَاءِ النَّفْسِ وَاِلَى تَزْكِيَةِ الْقَلْبِ حَتَّى نَنْقَطِعَ عَنِ النَّاسِ بِالْكُلّيَّة؟ فَخَرَجُوا عَنِ الْمُدُنِ؟ وَسَكَنُوا بَعْضَ الْاَدِيرَة وَبَعْضَ الْكُهُوفِ؟ وَاخْتَلَطُوا برُهْبَانِ النَّصَارَى؟ وَتَاَثَّرُوا بِهِمْ وَاعْتَزَلُوا مَعَهُمْ حَتَّى ظَهَرَ لَهُمْ بَعْدَ فَتْرَةٍ طَرِيقَةٌ جَدِيدَةٌ فِي التَّعَبُّدَاتِ اَظْهَرُوهَا لِلنَّاسِ فِيمَا بَعْد؟ وَهُمُ الَّذِينَ سُمُّوا فِيمَا بَعْدُ بِالصُّوفِيَّةِ الَّذِينَ يَزْعُمُونَ اَنَّهُمْ يُرِيدُونَ رِفْعَةَ الدَّرَجَاتِ عِنْدَ اللهِ تَعَالَى؟ وَاَنَّى لَهُمْ ذَلِكَ وَقَدْ غَلَوْا فِي طَلَبِ التَّعَبُّدِ؟ وَاَتَوْا بِغُلُوٍّ جَدِيدٍ فِي الْاَئِمَّةِ وَالصَّالِحِينَ وَاَصْحَابِ الطُّرُقِ وَاَتَوْا بِطَلَاسِمَ وَشَعْوَذَاتٍ وَسِحْرٍ شَيْطَانِيٍّ وَضَرْبِ شِيشٍ يَزْعُمُ اَوْلَادُ الْاَفَاعِي الْمُتَصَوِّفَةُ مِنْ خِلَالِهِ اَنَّهَا طَرِيقَةٌ صُوفِيَّةٌ حَرْبَجِيَّةٌ؟ وَلَكِنَّهَا فِي حَقِيقَتِهَا طَرِيقَة مُجْرِمَة حَقِيرَة مُنَافِقَة نَذْلَة خَسِيسَة لَئِيمَة دَيُّوثَة لَاتَغَارُ عَلَى الْمُسْلِمِينَ وَلَا عَلَى دِمَائِهِمْ وَلَا عَلَى اَمْوَالِهِمْ وَلَا عَلَى اَعْرَاضِهِمْ وَلَاتُحَارِبُ اَعْدَاءَ اللِه الَّذِينَ يَهْتِكُونَهَا وَيَقْتُلُونَ الْمُسْلِمِينَ وَلَاتُدَافِعُ عَنْ اَطْفَالِ الْمُسْلِمِينَ وَاَبْرِيَائِهِمُ الَّذِينَ يُقْتَلُونَ بِدَمٍ بَارِد؟ وَاِنَّمَا هَمُّ الْمُتَصَوِّفَةِ الْوَحِيدُ هُوَ اَنْ يَكُونُوا مُرْتَزَقَةً يَاْخُذُونَ الْاَمْوَالَ الْحَرَامَ مِنْ اَعْدَاءِ اللهِ مِنْ اَجْلِ اَنْ يَضْمَنَ اَعْدَاءُ اللهِ سُكُوتَهُمُ الْمُخْزِي الْحَقِير عَلَى مَايَحْصَلُ مِنْ فَظَائِعَ وَتَجَاوُزَاتٍ خَطِيرَةٍ جِدّاً بِحَقِّ الْمُسْلِمِينَ الْاَبْرِيَاءِ الَّذِينَ يُقْتَلُونَ بِدَمٍ بَارِدٍ ثُمَّ يَجْلِسُ الْخَنَازِيرُ الْمُتَصَوِّفَةُ لِيَتَفَرَّجُوا عَلَيْهِمْ شَامِتِينَ وَلَايُحَرِّكُونَ سَاكِناً لِاِنْقَاذِهِمْ؟ نَعَمْ اَخِي ثُمَّ اَتَوْا بتَعَبُّدَاتٍ جَدِيدَةٍ وَبِاَلْبِسَةٍ جَدِيدَةٍ لَيْسَ عَلَيْهَا هَدْيُ الْمُصْطَفَى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَاهَدْيُ صَحَابَتِهِ؟ نَعَمْ اَخِي غَلَوْا أيْ تَجَاوَزُوا الْحَدَّ فِي الِانْقِطَاعِ عَنِ النَّاسِ وَالرَّغْبَةِ بِالْخَلْوَى فِي تَعَبُّدِ اللهِ جَلَّ وَعَلَا وَتَسْخِيرِ الْقَلْبِ مِنْ اَجْلِ اَنْ يَجْتَمِعَ بِاَحَاسِيسِهِ وَمَشَاعِرِهِ جَمِيعاً عَلَى ذِكْرِ اللهِ وَالتَّفَكُّرِ بِمَلَكُوتِهِ؟ فَتَرَكُوا السُّنَّةَ الصَّحِيحَةَ فِي ذَلِكَ؟ وَخَرَجُوا عَمَّا اَذِنَ لَهُمُ الشَّرْعُ بِهِ؟ فَبَلَغَ بِهِمُ الْغُلُوُّ؟ اَنْ اَحْدَثُوا طَرِيقَةً جَدِيدَةً فِي الْعِبَادَاتِ وَالْاَذْكَارِ وَاَنْوَاعِ التَّعَبُّدَاتِ؟بَلْ اَضَافُوا اِلَيْهَا الطَّلَاسِمَ وَالشَّعْوَذَات؟ فَصَارُوا اَهْلَ فِرَقٍ وَاَهْلَ ضَلَالَاتٍ كَثِيرَةٍ تَوَسَّعَتْ مَعَ مُرُورِ الزَّمَنِ اِلَى رِفَاعِيَّةٍ وَشَاذِلِيَّةٍ وَنَقْشَبَنْدِيَّة اِلَى آخِرِ مَاهُنَالِكَ مِنْ غُلَاةِ الْمُتَصَوِّفَة؟ نَعَمْ اَخِي وَكُلُّ هَذِهِ الْمِلَلِ وَالنِّحَلِ وَالْفِرَقِ وَالطَّوَائِفِ الضَّالَّةِ فِي جَمِيعِ اَنْحَاءِ الْعَالَمِ؟ كَانَ مَنْشَؤُهَا هُوَ الْغُلُوُّ فِي الدِّينِ؟ وَخَاصَّةً فِي مَجَالِ الْعَقَائِدِ وَالْعِبَادَات؟ وَلَوْ اَخَذُوا بِالسُّنَّةِ الصَّحِيحَةِ وَالدِّينِ الْاِسْلَامِيِّ الصَّحِيحِ وَلَمْ يَزِيدُوا عَلَيْهَا وَلَا عَلَيْهِ مِنْ اَهْوَائِهِمْ؟ لَمَا حَصَلَ هَذَا الِافْتِرَاقُ الْعَظِيم؟ وَلَمَا حَصَلَ هَذَا التَّكْفِيرُ وَالتَّضْلِيلُ فِي الْاُمَّة؟ بَلْ بَقِيَتِ الْاُمَّةُ قَلْباً وَاحِداً؟ وَلَكِنْ هَكَذَا اقْتَضَتْ حِكْمَةُ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ اَحْكَمِ الْحَاكِمِينَ وَاَعْدَلِ الْعَادِلِينَ؟ وَهَذَا هُوَ الَّذِي خَشِيَ مِنْهُ الْمُصْطَفىَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَمَا قَال[اِيَّاكُمْ وَالْغُلُوُّ؟ فَاِنَّمَا اَهْلَكَ مَنْ كَانُ قَبْلَكُمُ الْغُلُوّ( وَلَكِنْ مَعَ الْاَسَفِ؟ وَقَعَ هَذَا الْغُلُوُّ فِي هَذِهِ الْاُمَّةِ كَمَا وَقَعَ فِي الْاُمَمِ قَبْلَهَا؟ نَعَمْ اَخِي؟ فَمَا هِيَ اَسْبَابُ هَذَا الْغُلُوّ؟ وَمَاهِيَ اَسْبَابُ ظُهُورِ هَؤُلَاءِ الْغُلَاةِ حَتَّى لَانَقَعَ فِيمَا وَقَعُوا فِيهِ مِنْ هَذَا الْغُلُوِّ وَالطُّغْيَانِ وَالْمُبَالَغَةِ وَمُجَاوَزَةِ الْحَدِّ الَّذِي شَرَعَهُ الله؟ نَعَمْ اَخِي؟ كُلٌّ مِنَّا يُرِيدُ الْخَيْرَ وَالتَّقَرُّبَ اِلَى اللهِ تَعَالَى؟ فَاِذَا عَرَفْنَا اَسْبَابَ هَذَا الْغُلُوِّ؟ فَاِنَّنَا نَجْتَنِبُ تِلْكَ الْاَسْبَابَ؟ وَنَاْخُذُ بِالْحَزْمِ فِي دِينِ اللهِ؟ حَتَّى لَانُسَاقَ اِلَى نَوْعٍ مِنَ الْغُلُوِّ مِنْ حَيْثُ نَشْعُرُ اَوْ مِنْ حَيْثُ لَانَشْعُر؟ نَعَمْ اَخِي؟ وَلَقَدْ كَانَتْ اَسْبَابُ ظُهُورِ هَذَا الْغُلُوِّ مُتَعَدِّدَةً؟ وَلَانَسْتَطِيعُ اسْتِقْصَاءَهَا كُلَّهَا؟ لَكِنْ سَنَذْكُرُ بَعْضَهَا فِي مُشَارَكَةٍ قَادِمَةٍ اِنْ شَاءَ اللهُ حَتَّى لَانُطِيلَ عَلَيْكُمْ؟ اللهم علمنا ما ينفعنا؟ وانفعنا بما علمتنا؟ سبحانك ربنا لاعلم لنا الا ماعَلَّمْتَنَا؟ وصلى الله على محمد وازواجه وذريته وآله واصحابه؟ وسلام الله عليكم ورحمته وبركاته من اختكم في الله غصون؟ وآخر دعوانا اَنِ الحمد لله رب العالمين
 
الوسوم
الغلو المسلم خطر على
عودة
أعلى