ما أروع أن أشتكي إليك يابحر

خالدالطيب

شخصية هامة
ما أروع أن أشتكي إليك


اشتاقت نفسي إلى البحر
فزرته اليوم ...
وقفتُ على حافته أنظر إليه
استقبلني بترحاب
آه كم أحب الجلوس على شواطئك
و يزداد حبي لك في هذا الفصل
أعلم يا بحر أنك في الخريف تحزن كما أحزن أنا
و تبكي و تنتفض و تزمجر كما أبكي و أنتنفض أنا
تلقي بما في جوفك من بقايا كما ألقي بأوزاري أنا
تكون أكثر ما تكون قويا حينما تتخاصم مع نفسك و تأكل أمواجك بعضها بعضا
فترتطم كالجبال العاتيات على الشواطىء الهادئة فتصير زبدا لا قوة فيك و لا ضرر
إنك كالرجل الغاضب المجروح المتألم حينما يضع رأسه على صدر أمه فتربت عليه فيهدأ كما تهدأ الطبيعة
أو كالذي تأخذه حبيبته بين يديها تحتضنه و تلفه فيصير حملا وديعا
و تهمس في أذنيه بهمس الحب فتتلاشى آحزانه
و تدندن على أسماعه بترانيم الوجد فتهدأ جوانحه و ينام نومة الطفولة و يحلم أحلام الملائكة.
إنك يا بحر بين قوة و ضعف و بين جبروت و إنكسار
و إنني أنا بين قلب طائر و روح خفاقة و بين إرادة مشلولة و قيد في اليدين
ما أروع أن أشتكي إليك
إنك تسمع أنيني
و تُرْثِى لشكواي
فخذني بِـــمَدِك إلى آفاقك
و أَعِدْني بجزرك إلى أعماقك
و اكشف لي عن خباياك و أسرارك
فأنسى ما أَلمً بي فأنا بحاجة إليك
و يمتدُ بصري في سحر زرقتك
فتذوب روحي و اتلاشى فيك
و في هذا الإستغراق النفسي
و في تلك النظرات المترامية
تولد صورة من رحم سراب الماء اللامع في ذلك الأفق البعيد من أعاليك
تتقارب كفلق الفجر من وراء العتمة
و تتسرب كأشعة الشمس من بين أشجار الأكمة
تتقارب أكثر فألمحها فإذا هي أنتِ
إنها بالفعل أنت ...
فتنسرب أخيلتها التي أعرفها إلى أعماق قلبي
فتأخذ مسارها في عروقي
فتختلط بدماء كبدي
فتصير غذاءا تحيا به المشاعر كما تحيا بكريات الدم الأحمر الجوارح
و أسأل البحر ... و اقول له أترى أين هي الآن ؟


 
ما أروع أن أشتكي إليك يابحر
 
الوسوم
أروع أشتكي أن إليك يابحر
عودة
أعلى