أخلاق الصائم

صفا النعمان

الادارة
طاقم الإدارة
الأستاذ الدكتور/ أحمد عبده عوض
إن للصوم رسالة تهذيبية فهو ينشئ فى الصائم خلق المراقبة، ويقيم منه حارسًا عامًّا على نفسه إذا هى خالفت أو حاولت أن تخالف، ولذا تأخذ الأخلاق بالصوم صفة عملية فى الحياة، كما تأخذ صفة الثبات والاستمرار والاستقرار؛ لأنها نابعة من الداخل، وليست بريقًا من الظاهر، فيحدث ائتلاف بين الأخلاق الباطنة والأخلاق الظاهرة فهى أخلاق ظاهرها كباطنها، وباطنها كظاهرها، توحد بين الصائم وداخله.
وتتضح هذه التكاملية فى أخلاق الصائم فى قوله – صلى الله عليه وسلم - : ((الصيام جنة فإذا كان يوم صوم أحدكم فلا يرفث ولا يفسق، ولا يجهل، فإن امرؤ قاتله أو شاتمه فليقل : إنى صائم، إنى صائم، إنى صائم)).
والرفث هو الجماع ومقدماته من قول أو عمل، وهو ينافى الصوم.
والفسق هو الخروج عن طاعة الله تعالى، ومعصية أوامره، والإصرار على عدم التوبة.
والجهل هو التصرف الأحمق الذى يصدر من غير تثبت وروية.
والصائم لا ينبغى له أن يفعل إلا الخير فقط، ولا يقول ولا يفعل الشر أبدًا فلا يجلس مع قوم يغتابون، أو يخوضون فى أعراض الناس، ولا يسمع منكرا، وفى كل وقت يذكر نفسه أنه صائم، بل الأكثر من هذا إذا ما أغضبه أحد أو أسمعه ما يكره؛ فليقل: إنى صائم، ولا يرد عليه بما يسيء، ولا يفعل معه ما يضر، والأكثر من ذلك أيضًا إذا ما شاتمه أحد، أو ضربه فعليه أن يتحلى بالصبر ويتجمل بالحلم، ويتخلق بالعفو، قائلًا: إنى صائم، وهو فى هذا يتحقق قوله – تعالى - :{وجزاء سيئة سيئة مثلها فمن عفا وأصلح فأجره على الله إنه لا يحب الظالمين} [ الشورى: 40].
ومن شأن الصائم كذلك اجتنابه الزور: شهادة وقولا وعملا مما مع فى قوله- صلى الله عليه وسلم - : ((من لم يدع قول الزور والعمل به فليس لله حاجة أن يدع طعامه وشرابه)) فالصائم الحق لا يفعل هذه الثلاث، فلا يقول إلا الحق، ولا يشهد إلا بالحق، ولا يعمل إلا بالحق.
ومن شأن الصائم كذلك عدم الغيبة والنميمة، فقد قال – صلى الله عليه وسلم-: ((خصلتان تفسدان الصوم: الغيبة والنميمة)). وهما من أقبح الذنوب التى يفعلها الصائم أن يذكر أخاه بما يكره مما كان فيه اغتيابا أو لم يكن فيه بهتانا ((هاتان امرأتان صامتا عما أحل الله لهما، وأفطرتا على ما حرم الله تعالى)) وهو لذلك لا يليق به أن يسعى بالنميمة بين الناس، ليفرق بينهم، وقد قال عنه – صلى الله عليه وسلم - : ((لا يدخل الجنة نمام)).
فأخلاق الصائم تتحقق بكف السمع والبصر واللسان وسائر الجوارح عن الآثام والمحرمات صغيرها وكبيرها، وهذا هو صوم الخصوص، وأما صوم خصوص الخصوص فهو أن يضم إلى ذلك صوم القلب، وطهارة السر عن الهمم الدنيئة، والخواطر الرديئة، والأفكار الدنيوية، ولا يتم له ذلك إلا بالكف عما سوى الله أصلًا ورأسًا .
ومن أخلاق الصائم كف السمع عن الإصغاء إلى كل محرم أو مكروه، وكف سائر الجوارح عن المكروه أو المحرم ككف البطن عن الشبع وقت الفطر، إذ الصائم عن الطعام الحلال المفطر على غيره كمن بنى قصرا ويهدم مصرا.
ومن أخلاق الصائم شغل يومه وليله بالشكر والعبادة، ولا يكثر النوم بالنهار حتى يزيد إحساسه بألم الجوع والعطش، فحينئذ يكون على مدرجة الصدق وطريق الحق من كونه شاكرا لنعمة الشبع، ويعلم مقدار ما أنعم الله به عليه خاصة إذا كان غنيًّا من أن الله وسع عليه وأحوج غيره، فلعله يجعل من ذلك الشكر إطعامه والإحسان إليه.
اللهم أجرنا من عذابك، وأمن خوفنا من عقابك، وهب لنا ما وهبته لأحبابك، وانقلنا من التفريط إلى نعمة الطاعة والرحمة، وحقق رجاءنا، وأعتق رقابنا من النار، وطهرنا من الخطايا والذنوب، يا أكرم الأكرمين، ويا رب العالمين.
 
الوسوم
أخلاق الصائم
عودة
أعلى