حروف في مناهج اوراقي

املي بالله

نائبة المدير العام
في ليلة ذات مساء والجو هادئ ..
والسماء صافيه من كل شي فيما عدا نجوم الأمس ..

صعدت إلى سفينة مخيلتي هربا من ضجيج الحياة ..
وصخب المدينة ..

وشاركني رحلتي هذه كم هائل من الركاب منهم ..
أحرفي وكلماتي ..
حبري و أقلامي ..
واسطري وأوراقي ..
وهمومي وآلامي ..
أوجاعي وآهاتي ..
جروحي وأحزاني ..
أفكاري وتأملاتي ..
صعد جميع الركاب إلا شخص واحد لم يأتي بعد ..!!
انتظرته طويلا لعله يأتي لكن لا أمل ..
فهو مسجون خلف قضبان الحياة وأبقى معه ..
جميع أفراحي .. وابتسامتي .. وجميل ذكرياتي ..
فلم أبالي ولم التفت إلى الوراء ..
هربت من كل شي وصعدت إلى السفينة ..
لأهرب من أوجاع هذه الحياة ..
وكان هذا حال جميع الركاب ..
صعدنا جميعا ولكل منا همومه بمفترق طرق صفحات السنين والأيام ..
في هذه الأثناء علا صوت صافرة السفينة ..

لتبدأ رحلتها المسار .. ولكن إلى أين هذا المسار ؟؟
إلى جحيم أنين مظلم كعتمة مساء ليلها ؟؟
أم إلى جنه جزيرة الأحلام ؟؟!!
إلى أي شي .. فلا اهتم ..

فقد اعتراني بعض الجمود و الصمت ..
وخذلني ذلك الشعور والإحساس بأي شي سوى ..
تأمل الهدوء والإحساس بنسيم الليل وروعه ذلك البحر ..
كل منا ذهب إلى مقطورته ليرتاح من عناء هذه الدنيا ..
لم استطع حينها النوم فذهبت إلى مقدمه السفينة ..
أتأمل نجومي المبعثرة في ليل أمسي ..
فجأة ..
إذا بي اسمع صوت همسات الأنين ..
فأخذت انظر إلى كل من حولي ..
فإذا كل من فيهم يشكو حاله لطرفه الآخر ..
فهذه أوراقي تشتكي لأسطري ..
وأسطري تشتكي للأقلام .. وأقلامي تشكو الحبر ..

والحبر يشكو الحرف .. والحرف يشكو الكلمات ..
والكلمات تشكو المشاعر .. كما تشكو المشاعر الآلام ..
وكذلك الآهات والأحزان .. وغيرهم من ركاب هذه السفينة ..
إلا أنا لم أجد أحد حولي أشكو إليه ..
أو حتى يشاركني وحدتي وحرفي ..!!
فأخذت انظر بصمت إلى أرض سطح السفينة تارة ..
وإلى مقدمتها تارة ..
أتأمل السماء بلا إحساس الوجود ..
يداعب نسيم الليل ونسيم البحر أطراف شعري فلا أبالي ولا أشعر ..
نعم .. لا أشعر بأي شيء ..
لا أعلم حقيقة هل هربت من ضجيج الحياة من حولي ..؟؟
أم هربت من نفسي لأجد نفسي ولأجدها هي أيضا تهرب معي ؟؟
حاولت أن أبحث بداخلي عن شيء حي يقتل هذا الصمت !!
فنظرت إلى أطراف البحر من خلف السياج وكان ساكنا للغاية ..
لا أعلم أكان حقا ساكنا حينها أم أن موت ..
الإحساس فيني والشعور جعلاني أراه ساكنا ..

توقف كل شي عن الدوران .. والكل من حولي يدور ..
نظرت مرة أخرى للسماء لعل لإحساسي أن يوجد أو يكون ..
أو أرى شعورا لامعا بين تلك النجوم ..
فجأة ..
شعرت برهبة تملئ كل من حولي وتسكن الصدور ..

علمت حينها أن إلهي خالقي يراني ..
وتذكرت كم أمتن علي بأن أكون مسلم ..
كيف لا .. وهو الذي يقول للشيء كن فيكون ..
سبحانه تعالى ربي ذا الجلال والإكرام ..
فذهبت وفرشت سجادتي .. وحمدت ربي على من أكون ..

بعدها ابتسمت ..!!
لأني هربت إلى أجمل حضن في الوجود
.. وهو أن تحضن الأرض وأنت ساجد لله الودود ..
 
حروف في مناهج اوراقي
 
موضوع جميل
اشكرك علي الطرح الرائع
بنتظار جديدك دوما
 
عودة
أعلى