- ما تأخر حكمه عن نزوله

المنسي

الاعضاء
- ما تأخر حكمه عن نزوله


ما تأخر حكمه عن نزوله وما تأخر نزوله عن حكمه




- ما تأخر حكمه عن نزوله

قال الزركشي في البرهان‏:‏ قد يكون النزول سابقاً على الحكم كقوله‏:‏ (قَدْ أَفْلَحَ مَنْ تَزَكَّى، وَذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ فَصَلَّى) [الأعلى: 14، 15] فقد روى البيهقي وغيره عن ابن عمر أنها نزلت في زكاة الفطر‏، وقال بعضهم‏:‏ لا ادري ما وجه التأويل؛ لأن السورة مكية ولم يكن بمكة عيد ولا زكاة ولا صوم.

أجاب البغوي بأنه يجوز أن يكون النزول سابقاً على الحكم كما قال: (لَا أُقْسِمُ بِهَذَا الْبَلَدِ، وَأَنْتَ حِلٌّ بِهَذَا الْبَلَدِ) [البلد: 1، 2] فالسورة مكية وقد ظهر أثر الحل يوم فتح مكة حتى قال عليه الصلاة والسلام: "أحلت لي ساعة من نهار"

وكذلك نزلت بمكة: (سَيُهْزَمُ الْجَمْعُ وَيُوَلُّونَ الدُّبُرَ) [القمر: 45] قال عمر بن الخطاب‏‏ فقلت: أي جمع فلما كان يوم بدر وانهزمت قريش نظرت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم في آثارهم مصلتاً بالسيف يقول: (سَيُهْزَمُ الْجَمْعُ وَيُوَلُّونَ الدُّبُرَ) فكانت ليوم بدر‏، أخرجه الطبراني في الأوسط‏.

وكذلك قوله: (جُنْدٌ مَا هُنَالِكَ مَهْزُومٌ مِنَ الْأَحْزَابِ) قال قتادة‏:‏ وعده الله وهو يومئذ بمكة أنه سيهزم جنداً من المشركين فجاء تأويلها يوم بدر‏، أخرجه ابن أبي حاتم‏.‏

ومثله أيضاً قوله تعالى: (قُلْ جَاءَ الْحَقُّ وَمَا يُبْدِئُ الْبَاطِلُ وَمَا يُعِيدُ) [سبأ: 49] أخرج ابن أبي حاتم عن ابن مسعود ما أخرجه الشيخان من حديثه أيضاً قال: دخل النبي صلى الله عليه وسلم مكة يوم الفتح وحول الكعبة ثلاثمائة وستون صنماً فجعل يطعنها بعود كان في يده ويقول‏:‏ (جَاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقًا) [الإسراء: 81] (وَمَا يُبْدِئُ الْبَاطِلُ وَمَا يُعِيدُ).

وقال ابن الحصار‏:‏ قد ذكر الله الزكاة في السور المكية كثيراً تصريحاً وتعريضاً بأن الله سينجز وعده لرسوله ويقيم دينه ويظهر حتى يفرض الصلاة والزكاة وسائر الشرائع ولم تؤخذ الزكاة إلا بالمدينة بلا خلاف وأورد من ذلك قوله تعالى: (وَآَتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ) وقوله في سورة المزمل: (وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآَتُوا الزَّكَاةَ) ومن ذلك قوله فيها: (وَآَخَرُونَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ...) [المزمل: 20] ومن ذلك قوله تعالى: (وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحًا) [فصلت: 33] فقد قالت عائشة وابن عمر وعكرمة وجماعة: إنها نزلت في المؤذنين والآية مكية ولم يشرع الأذان إلا بالمدينة‏.‏


- ما تأخر نزوله عن حكمه‏

ومن أمثلته:‏ آية الوضوء ففي صحيح البخاري عن عائشة قالت: سقطت قلادة لي بالبيداء ونحن داخلون المدينة فأناخ رسول الله صلى الله عليه وسلم ونزل فثنى رأسه في حجري راقداً وأقبل أبو بكر فلكزني لكزة شديدة وقال‏:‏ حبست الناس في قلادة ثم إن النبي صلى الله عليه وسلم استيقظ وحضرت الصبح فالتمس الماء فلم يوجد فنزلت: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ...) إلى قوله: ‏(لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ) [المائدة: 6] فالآية مدنية إجماعاً وفرض الوضوء كان بمكة مع فرض الصلاة‏.‏

قال ابن عبد البر‏:‏ معلوم عند جميع أهل المغازي أنه صلى الله عليه وسلم لم يصلّ منذ فرضت عليه الصلاة إلا بوضوء ولا يدفع ذلك إلا جاهل أومعاند قال‏:‏ والحكمة في نزول آية الوضوء مع تقدم العمل به ليكون فرضه متلواً بالتنزيل‏.‏

وقال غيره‏:‏ يحتمل أن يكون أول الآية نزل مقدماً مع فرض الوضوء ثم نزل بقيتها وهو ذكر التيمم في هذا القصة‏، قلت‏:‏ يرده الإجماع على أن الآية مدنية‏.‏

ومن أمثلته أيضاً‏:‏ آية الجمعة فإنها مدنية والجمعة فرضت بمكة‏، وقول ابن الغرس‏:‏ إن إقامة الجمعة لم تكن بمكة قط يرده ما أخرجه بن ماجة عن عبد الرحمن بن كعب بن مالك قال‏:‏ كنت قائد أبي حين ذهب بصره فكنت إذا خرجت به إلى الجمعة فسمع الأذان يستغفر لأبي أمامة أسعد بن زرارة فقلت‏:‏ يا أبتاه ارأيت صلاتك على أسعد بن زرارة كلما سمعت النداء بالجمعة لم هذا قال‏:‏ أي بنيّ كان أول من صلى بنا الجمعة قبل مقدم رسول الله صلى الله عليه وسلم من مكة‏.‏

ومن أمثلته قوله تعالى: (إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ...) الآية [التوبة: 60] فإنها نزلت سنة تسع وقد فرضت الزكاة قبلها في اوائل الهجرة‏، قال ابن الحصار‏:‏ فقد يكون مصرفها قبل ذلك معلوماً ولم يكن فيه قرآن متلو كما كان الوضوء معلوماً قبل نزول الآية ثم نزلت تلاوة القرآن تأكيداً به‏.


==============
 
- ما تأخر حكمه عن نزوله
 
الوسوم
تأخر حكمه عن نزوله
عودة
أعلى