زاد الحاج والمعتمر

خالدالطيب

شخصية هامة

التَّجَهُّز للحجِّ


وجوبُ الحج واستطاعته

إذا نوى المرء الحج فعليه أن ينظر إلى الإستطاعة في نفسه وهي:
1. الإستطاعة المالية: بأن يملك مالاً حلالاَ زائداً عن نفقاته الضرورية، ويكفيه لأداء المناسك من تكاليف السفر والإقامة والمؤنة وغيرها، وينوب عن ذلك إذا كان معه صنعة يحتاج إليها الحجيج وتكفيه مؤنة ذلك، كالحلاقة والجزارة والطبيب البيطرى والسائق والحمَّال وغيرها مما هو معلوم.
2. الإستطاعة الصحية: أي القدرة على أداء المناسك وينوب عن ذلك القدرة على اصطحاب رفيق على نفقته بالنسبة للأعمى والمريض الذي لا يستطيع أن يمشي بمفرده، وأيضاً القدرة المالية لتأجير الحمّالين فى الطواف والسعى لمن لا يستطيع ذلك.
3. أمن الطريق: أى لا يكون هناك حالة أمنية فى الطريق الموصل إلى هذه الأماكن، أو قطاع طريق أو أي مانع يشبه ذلك.
4. أخريات :بالإضافة إلى هذا يجب أن يكون من نوى الحج بالغاً عاقلاً، فإذا حج الصبى فلذلك أجره إلا أن هذا لايسقط عنه حج الفريضة إذا بلغ والرجل يستأذن والداه إن كانا أحياءأً وإن كان ليس لهما أن يمنعاه من حجة الإسلام ولكن استحسنت الشريعة ذلك جبراً لخاطرهما والمرأة تستأذن زوجها وليس له أن يمنعها من حجة الفريضة، وإن كان له منعها من النافلة.
ملاحظة هامة عن المحرم: يجب أن يكون مع المرأة محرم فى الحج لقوله النبى{لا يَحِلُّ لامْرَأَةٍ تُؤْمِنُ باللَّهِ واليَوْمِ الآخِرِ أن تُسَافِرَ مَسِيرَةَ ثلاث لَيَالٍ إلا وَمَعَها ذو مَحْرَمٍ } [1]
وقد أجمع العلماء أن الرفقة الصالحة من النساء تكفى لأداء فريضة الحج بالنسبة للمرأة وتغنيها عن اصطحاب المحرم فى حالة عدم القدرة على اصطحابه.فإذا انطبقت هذه المواصفات على فرد، وجب عليه الحج فوراً، ويحرم عليه التأخير على رأي معظم المذاهب، ويجب عليه الحج على التراخى ولايأثم على مذهب الإمام الشافعى لقول الله{وَلِلّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً وَمَن كَفَرَ}أي بترك الحج مع الإستطاعة {فَإِنَّ الله غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ } [97آل عمران].
وقول النبى{ مَنْ لَمْ يَحْبِسْهُ مَرَضٌ أَوْ حاجةٌ ظاهرةٌ أوسلطانٌ جائزٌ ولم يَحْجَّ، فَلْيَمُتْ إنْ شَاءَ يهوديًّا أو نصرانيًّا } [2]،وقول عمر : { لقد هممت أن آمر بضرب الجزية على من لم يحج ممن يستطيع إليه سبيلا }- الإحياء.
الحج عن الغير: يجوز أن يحج الإنسان عن غيره سواء كان ميتاً أو عاجزاً أو مريضاً بمرض لا يرجى شفائه- غير أنه إذا شفى المريض لا بد له من أداء الفريضة عن نفسه.
ويجوز أن تحج المرأة عن الرجل والرجل عن المرأة، لقول النبى للمراة التى أتت إليه فقالتْ:
{ إنَّ أُمِّي نَذَرَتْ أَنْ تَحُجَّ فماتَتْ قَبْلَ أن تَحُجَّ، أَفَأَحُجُّ عنها؟، قالَ:نَعَمْ فحُجَّي عَنْهَا، أَرَأَيْتِ لوكانَ عَلَى أُمُّكِ دَيْنٌ أَكُنْتِ قَاضِيَتَهُ، قالتْ: نَعَمْ، قالَ: قْضُوا الله،فَإنَّ الله أحقُّ بالوفاءِ } [3]
وأيضا قوله للمْرَأَةٌ التى أتت تَسْتَفْتِيهِ فَقَالَتْ: { يَا رَسُولَ اللَّهِ إنَّ فَرِيضَةَ اللَّهِ فِي الْحَجِّ عَلَى عِبَادِهِ أَدْرَكَتْ أَبِي شَيْخا كَبِيرا لاَ يَسْتَطِيعُ أَنْ يَثْبُت َعَلَى الرَّاحِلَةِ أَفَأَحُجُّ عَنْهُ؟ قَالَ: نَعَمْ، وَذٰلِكَ فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ } [4].
لكن يشترط لمن يحج عن غيره:
- أن يكون حج عن نفسه أولاً لقول النبى للرجل الذي كان يقول: لبيك عن شبرمة فقال {أفحججت عن نفسك، قال:لا، قال : حُجَّ عَنْ نَفْسِكَ ثُمَّ حُجَّ عَنْ شَبْرَمَةَ } [5]
- وأيضاً يكون المال الذي ينفق في الحج من مال المحجوج عنه إن كان حياً أو أوصى به قبل موته إن كان ميتاً أو تبرع به أحد أولاده أو أقاربه ويكون المال من مال حلال.


[1] عنِ ابنِ عُمَرَ صحيح ابن حبان.[2] عن أبي أُمَامَة رضي الله عنه سنن البيهقى الكبرى

[3] عن ابنِ عباسٍ سنن البيهقى الكبرى ورواه البخاري في الصحيح عن مُسَدَّدٍ.

[4] رواه مسلم فى صحيحه عن عبدالله بن عباس

[5] رواه أبو داود عن ابنِ عبَّاسٍ رضيَ اللَّهُ عنهُمَا.(جامع الأحاديث والمراسيل)
يتبع إن شـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــاء الله
 

أخطاء شائعة في الإستطاعة
1. بعض الناس يستدين ليحج وهذا ليس من الشرع فقد سُئِل النبى{عنَ الرَّجُلِ لَمْ يَحُجّْ أيَسْتَقْرِضُ لِلْحَجِّ؟ قال : لاَ}[1].
2. بعض الناس ممن تلطخوا بالمال الحرام ينوى الحج منه معتقداً رفع الوزر وهذا وهمٌ لقول رسول الله { إِذَا حَجَّ الرَّجُلُ بِمَالٍ مِنْ غَيْرِ حِلهِ فَقَالَ: لَبَّيْكَ اللَّهُمَّ لَبَّيْكَ قَالَ اللَّهُ: لاَ لَبَّيْكَ وَلاَسَعْدَيْكَ هٰذَا مَرْدُودٌ عَلَيْكَ } [2]
3. يتشدَّد بعض العلماء فيبطل حج من يعمل بالأماكن المباركة أو ما جاورها أو أصحاب المهن أثناء المناسك بحجة أنه لم يقصد البيت لذاته، وهذا ليس بشيء لأنه يقصد بتوجهه إلى البيت ولو كان في مكة أداء هذه الفريضة تنفيذا لأمر الله ورسوله وإن كان لايستوى فى الأجر مع من جاء من بعيد لأن الأجر على قدر المشقة ولكن عمله صحيح يثاب عليه ما دام أخلص فيه النية لله
4. يفتى البعض بأن مال الحج إذا أخذه عن طريق الهبة كأن يعطيه إنسان نفقات الحج أو يقوم بتجهيزه بأن هذا العمل باطل وهذا غير صحيح لأن رسول الله وسع الأمر وأباح الحج عن الغير وفيه يتحمل الحاج عنه تكاليف الحج وبل مشقة أداء المناسك نفسها وتكتب الحجة كلها لمن وهبها له فضلاً من الله ومنة فالمال الموهوب هو من أحلّ الحلال فى نظر الشريعة الإسلامية فلا شيىء فى ذلك.
5. بعض الناس يتردد عن الحج ويلتمس لنفسه العذر لأنه يحسب نفقات المشتريات والهدايا التى تعوّد عليها الناس وهذا رأى خاطئ لأن الحاج غير مكلف بإحضار هدايا للأهل وللرفاق وخير هدية يهديها لهم أن يدعو ويستغفر لهم وهذا فعل السلف الصالح وفيه يقول النبى{ اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِلْحاجّ وَلِمَنِ اسْتَغْفَرَ لَهُ الحاجُّ}[3]ويقول:{ تَلَقُّوا الْحُجَّاجَ وَالْعُمَّارَ وَالْغُزَاةَ فَلْيَدْعُوا لَكُمْ قَبْلَ أَنْ يَتَدَنَّسُوا }[4]
6.والبعض يعتذر عن الحج مع وجود الاستطاعة بحجة أنه يريد المال لتزويج أولاده فإن كان أبنائه فى سن الزواج وأقدموا عليه ويحتاجون هذا المال فالأولى له أن يؤخر الحج ويزوجهم أما إن كانوا صغار السن فعليه التعجيل بالحج ويأثم إذا أخّره عن ذلك الوقت.
7. يخطئ الكثيرون ظناً أن نفقات الحج غرامة يتحملونها مع أنه فى الحقيقة كل درهم ينفقونه يعوضه الله لهم بنسبة كبيرة جداً جداً يقول فيها النبى{ النفقة فى الحج كالنفقة فى سبيل الله، الدرهم بسبعمائة ألف درهم }[5] ووعد الله بإخلاف كل مال ينفقه المؤمن فى هذا الطريق فى قوله تعالى:{وَمَا أَنفَقْتُم مِّن شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ }




[1]رواه البيهقى ومسند الشافعى،عن عبد الله بن أبى أوفى

[2] الديلمى فى مسند الفرودس وابن عدى فى الكامل عن ابن عمر

[3] عن أبي هريرة سنن البيهقى الكبرى.

[4] عن عمرt رواه ابن أبى شيبة، جامع المسانيد والمراسيل.

[5] رواه ابن أبى شيبة والإمام أحمد فى مسنديهما عن بريدة.


 

الإعداد لرحلة الحج
وينقسم إلى عدة نواحى:
1. تجهيز المستندات اللازمة: وتقوم بذلك وزارة الداخلية أو الجمعيات الدينية أو المكاتب السياحية ويقوم الحاج بعمل إجراءات الإجازة وتصريح السفر ومايلزم مما يناسب وظيفته.
2. الإعداد البدني: ويكون بإجراء بعض الفحوصات الطبية للتمكن من أداء المناسك وخاصة كشف القلب والصدر وقياس الضغط والسكر وعمل بعض التحليلات اللازمة واصطحاب إرشادات الأطباء والأدوية التى تعين فى رحلته ولا يفوته التحصين فى مكاتب الصحة من الأمراض الوبائية لإزدحام هذه الأماكن وخشية العدوى أو التلوث.
3-الإعداد الفكرى: ويكون بدراسة مناسك الحج وأحكامه ويستحسن أن يكون ذلك على يد العلماء العاملين خاصة الذين سبق لهم أداء الفريضة ولا عذر لمسلم يذهب لأداء المناسك وهو جاهل بكيفيتها لقول الله{ فَاسْأَلُواْ أَهْلَ الذِّكْرِ إِن كُنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ } وجعل النبى هذا العلم فريضة فى قوله {طَلَبُ العِلْمِ فَريضةٌ على كلِّ مسلمٍ } [1].
ويستحب أن يصحب الحاج فى سفره كتاباً فى المناسك يرجع إليه فى وقت فراغه وقبل أداء كل منسك لتصحيح عمله قبل الشروع فيه.
4. الإعداد النفسي: حيث يترك لأهله المكلف بالإنفاق عليهم ما يحتاجون إليه من حين سفره إلى عودته حتى لا ينشغل بهم عن إقباله وطاعته لله وأيضاً عليه أن يطوف على أقاربه وذوى رحمه قبل سفره مودعاً لهم ومستحثاً لدعائهم ومستجلباً لعطفهم ونازعاً للإحن والأحقاد إن كانت فى صدورهم وعليه بعد ذلك أن يصلح ما بينه وبين جميع الخلق حتى لا يصير فى صدره شيءٌ لأحد ولو كانت عليه مظالم يستطيع ردها قام بردها ولايخاف لومة لائم.أما المظالم التى إن ردها تؤلب النزاع وتثير المشاكل مع أهلها فعليه أن يتوب إلى الله منها ويستغفر لأهلها ويدعو الله أن يتحملها عنه فقد قال النبى{ إنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ غَفَرَ لاًّهْلِ عَرَفَاتَ وَأَهْلِ الْمَشْعَرِ وَضَمِنَ عَنْهُمُ التَّبِعَاتِ}[2]أي المظالم التى عجزوا عن ردها مع بذلهم كل ما فى الوسع فى سبيل ذلك وهذا يجعل باله مستريحاً وصدره منشرحاً مما يجلب له السعادة الروحية والسكينة القلبيه فى كل أحواله.
5. الإعداد الحسِّي: ويشمل الطلبات والأشياء التى يحتاجها الحاج فى سفره وهى حقيبة يد صغيرة يحمل فيها أوراقه و حقيبة الأمتعة و صيدلية الحاج: مثل أقراص أو حبوب: للصداعل لإسهال للإمساك للكحة مغص للسيدات للدوار (الدوخة) مضاد حيوي علاج إنفلونزا قطرة للعين بالطبع مع العلاج المعتاد للحاج لأى مرض معين يشكو منه باستمرار وتذكرةا لدواء الخاصة بهذا العلاج وكشف مقاس النظارة.
تنبيـــــــهات
1. ينتشر بين كثير من العوام عبارة "لا تسأل عن شيء -ويقصدون من المناسك - واعمل كما يعمل الناس هناك" وهذا يجعل الحاج لا يهتم بالتعرف على مناسك الحج فيذهب هناك ويفاجأ بأن كثيراً من الناس مثله فيقع فى حيرة ويتخبط وقد يبطل عمله لأن الشريعة لا تعذره فى إصراره على جهله فأول شيء يطالب به المسلم العلم ثم العمل.
2- يشغل بعض الناس أنفسهم بعمل كشوف بالمشتريات فإذا ذهبوا إلى هذه الأماكن شغلوا أوقاتهم بالبحث عن المشتريات مع توفرها هنا وتركوا ماجاءوا لأجله ولا يجدونه إلا هناك من عمل البر والخير الذى جعله الله أضعافاً كثيرة كما قال النبى{ صَلاَةٌ فِي مَسْجِدِي هٰذَا أَفْضَلُ مِنْ أَلْفِ صَلاَةٍ فِيما سِواهُ إِلا المَسْجِدَ الحَرَامَ، وَصَلاةٌ فِي المَسْجِدِ الحرامِ أَفْضَلُ مِنْ مَائَةِ أَلْفِ صَلاةٍ فِيما سِواهُ } [3]
حتى قال بعض العارفين أنَّ صلاة الجماعة الواحدة فى البيت الحرام أكثر من عمر نوح فى طاعة الله قيل: كيف؟ قال: الصلاة الواحدة بمائة ألف صلاة وفى الجماعة تكون بسبع وعشرين ضعفا وهى أصلاً تكتب بعشر فاضرب كل هذا فى بعضه تجد الناتج عجيباً وليست الصلاة فقط ولكن أعمال البر تتضاعف إلى مئات الآلاف التسبيحة بمائة ألف والصدقة مثلها وهكذا إكراماً من الرحمن لضيوفه فالمؤمن الموفق من لا يشغله شيء عن طاعة الله والإقبال عليه فى سوق الفضل الإلهى الذي أقامه الله لإكرام العباد فى مقام الكريم أبو الكرام سيدنا إبراهيم الخليل الذي جعل ماله للضيفان وقلبه للرحمن وولده للقربان وبدنه للنيران فكوفئ بمقام الخلة من الرحمن { وَاتَّخَذَ اللّهُ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلاً }
3. من آداب سفر الحج أيضا توسعة الحاج فى الزاد والنفقة على نفسه وعلى من معه من الأهل أو الإخوان والرفاق.

[1] عن عبدِ الله بن مسعودٍ رواه الطبراني في الكبير والأوسط

[2] عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ الترغيب والترهيب

[3] عن جابر بن عبد الله مسند الإمام أحمد


 
الإحْرَام

الإستعداد للسفر

وعندما يتحدد موعد السفر، يتأهب الحاج فيتم التجهيزات اللازمة له قبل سفره وأهمها:

1. عمل وصية لأهله وأولاده والإشهاد عليها، وأقلها أن يثبت ماله وما عليه.

2. تقليم أظافر اليدين والرجلين.

3. حلق الشعر الزائد الذي على الجسد وخاصة شعر العانة وتحت الإبط.

4. يأتى أهله حتى لا يشتهى هذا الأمر بعد مغادرته لهم وسفره للحج.

الإحرام: مواقيت الإحرام

والقاعدة الشرعية أن أى ميقات يمر به الحاج بالبر، أويحاذيه بالبحر أو الجو، لا يجوز له أن يمر به إلا محرماً، فإن مرّ بهمن غير إحرام يجب عليه أن يرجع إليه ليحرم أو يذبح فدية أو يطعم ستة مساكين أويصوم ثلاثة أيام.

وعليه فيجوز للحاج أن يحرم من بيته، أو من المطار إن كان مسافراً بالطائرة ويحرم بحذاء رابغ وهى ميقات أهل مصر[1] إن كان مسافراً بالباخرة، ويحرم من آبار على بالقرب من المدينة المنورة إن كان مسافراً بالطريق البرى.

الْغُسْل

ويبدأ عمل المحرم بالغسل أو الوضوء لمن لا يستطيع وكيفيته كالآتى:

يتوضأ وضوءه للصلاة ما عدا غسل القدمين، وينوى بقلبه غسل الإحرام، ثم يفيض الماء على رأسه أولاً، فجانبه الأيمن، ثم الأيسر مع التدليك بغير صابون، فإذا غسل بصابون لا يحسب هذه المرة من الغسل، والتثليث (أى غسل كل عضو ثلاث مرات) مستحب، ويدعو بهذا الدعاء عند الإغتسال:

دعاء الإغتسال

{ بسم الله اللهم اجعله لى نوراً وطهوراً وحرزاً وأمناً من كل خوف، وشفاءًمن كل داء وسقم، اللهمَّ طهِّرنى وطهِّر قلبى واشرح لى صدري وأجرى على لسانى محبتك ومدحك والثناء عليك، فإنه لا قوة لى إلا بك، وقد علمت أن قوام دينى التسليم لك والإتباع لسنة نبيك وعلى آله وصحبه وسلم }

لبس الإحرام

وبعد الإغتسال يلبس الحاج ملابس الإحرام، وهى للرجل البشكيرين أحدهما يلفه على نصفه الأسفل ويسمى الإزار ويمسكه من الوقوع الكَمر الجلد الذي يلفه على وسطه، والثانى الرداء الذي يضعه على كتفيه.

وليس عليه شيء أن يضع عطراً قبل اللبس أما المرأة فتلبس ملابسها المعتادة مع كشف الوجه والكفّين وتجوز الثياب البيضاء وغيرها ويدعو الحاج عند لبس الإحرام بهذا الدعاء.

دعاء لبس الإحرام

{ الحمد لله الذى رزقنى ما أوارى به عورتى،وأؤدى فيه فرضي، وأعبد فيه ربى، وأنتهى فيه إلى ما أمرنى. الحمد لله الذي قصدته فبلغنى، وأردته فأعاننى وقبلنى ولم يقطع بى، ووجهه أردت فسلمنى، فهو حصنى، وكهفى،وحرزى، وظهرى، وملاذى، ورجائي، ومنجايا، وذخرى، وعونى، فى شدتى ورخائى.}

ثم يخرج من مغتسله وقد لبس ملابس الإحرام، وعليه بعد ذلك ما يلى:

- يصلى ركعتا الإحرام إن لم يكن فى وقت الفريضة، فإن كان فى وقت فريضة كالظهر أو العصر، أغنت عن ركعتى السنة، ويستحب أن يقرأ فيهما بعد الفاتحة } قل يا أيها الكافرون. {فى الركعةالأولى، و } قل هو الله أحد {فى الركعة الثانية إن كان حافظاً لهما، وإلا فليصلي بما شاء.

- ينوى الحج فقط، أو الحج والعمرة، أو العمرة فقط، وهى ما نفضله للقادمين من خارج مكة لما فيها من يسر على الحاج، ولما فيهامن بذل للفقراء لأنه يثبت عليه بها الْهَدْىُ، وتمكينه من التمتع فى البيت الحرام ويدعو بدعاء الإحرام قائلا:

دعاء الإحرام

اللهم إنى نويت الحج - أو الحج والعمرة - أوالعمرة - وأحرمت بها لله تعالى فيسّرها لي، وتقبَّلها مني، وأعني على أداء الفريضة.

اللهم إني أسألك أن تجعلنى ممن استجاب لك وآمن بوعدك واتبع أمرك.

اللهم إني خرجت من شُقّة بعيدة وأنفقت مالى ابتغاء مرضاتك، فإن عرض لى عارض يحبسنى فخلّنى حيث حبستنى لقدرتك التى قدرت على واجعلنى من وفدك الذين رضيت وارتضيت وسميت وكتبت.

اللهم أحرم لك لحمى، وشعرى، ودمى، وعظامى، ومخى، وأعصابى أبتغى بذلك وجهك والدار الآخرة.

لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك لبيك، إن الحمد والنعمة لك والملك،لا شريك لك. لبيك اللهم ربي وسعديك، لبيك لبيك، لك الحمد لا شريك لك، والنعمة والشكر والثناء الحسن الجميل لك، لا شريك لك.

لبيك لبيك، عبدك المضطر العائذ بجنابك العلى من شر نفسى وشر شيطانى، العائذ بجمالك من جلالك، وبرضاك من سخطك، وبمعافتك من عقوبتك، وبك منك، لا شريك لك.

بعد ذلك يتحرك الحاج فى إتجاه الأماكن المقدسة، ويدعو بدعاء السفر بعد ركوبه وهو:

دعاء السفر

{ بسم الله (ثلاثاً)، سبحان الذي سخَّر لنا هذا وما كنا له مقرنين (ثلاثاً)، اللهم أنت الصاحب فى السفر والخليفة فى الأهل والمال والولد، اللهم إنى أعوذ بك من وعثاء السفر وسوء المنقلب ومن كآبة المنظر وأعوذ بك من الجزع فى غير ما جزع وأعوذ بك من الفتن ماظهر منها وما بطن، اللهم إنى أسألك فى سفرى هذا البر والتقوى والعمل بما ترضى.

اللهم إنى ما خرجت بطراً ولا رياءً ولا كبراً ولا سمعة ولا شهرة ولكن خرجت ابتغاء مرضاتك وإتقاء سخطك جل جلالك.

فنسألك اللهم من الخير أكثر مما نرجو ونعوذ بك من الشر أكثر مما نخاف ونحذر.

اللهم اطوِلنا البعد وهَوّن علينا السفر، وأشهدنا الخير فيمن نقبل عليه، ويسرنا للخير، ويسر الخير لنا حيثما حللنا وأينما نزلنا، ووجِّه لنا الخير حيثما وجهنا وجوهنا }

التَّلبيــة

ويظل بعد ذلك يلبِّى بصوت يسُمِعُ نفسه، للرجل وبصوت خافت للمرأة.

وتتأكد التلبية عن كل ركوب أو نزول، وصعود أو هبوط، وعند تغير الأحوال، ولايقطع التلبية إلا عند دخوله البيت الحرام ... لأنها سنة مؤكدة.

آداب الْمُحْرم

تـجَنُّب الأمور التى أشار إليها الله :
{فَمَن فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلاَ رَفَثَ وَلاَ فُسُوقَ وَلاَ جِدَالَ فِي الْحَجِّ}

والرفث: اسم جامع لكل لغو وخَنى وفجور الكلام، كالحديث بشأن النساء أو الجماع أومعهن بصورة لا تليق بالآداب الشرعية.

والفسوق: الخروج من كل طاعة، والوقوع فى أى معصية، كالكذب والغيبة والنميمة وقول الزور والشتم والقذف وغيرها.

والجدال: هو الخصومة والمشادة فى الكلام والحديث ولو مع الرفاق فضلاً عن غيرهم، فلا يجوز الجدال حتى فى البيع والشراء، وكذا الجدال فى أى أمر من الأمور لا يليق بمن قصد الله إبتغاء رضوانه.

محظورات الإحرام ومباحاته

بالإضافة إلى ما سبق، هناك اشياء يمتنع على المحرم القيام بها وهى:

1. عدم ملامسة النساء لمن كان معه زوجته ولو بالتقبيل أو الضم أو غيره.

2. لا يجوز له أن يستخدم الطيب ولو فى الصابون، فيستخدم صابوناً ليس به رائحة.

3. يحرم عليه تقليم الأظافر أو قص الشعر

4. لا يضع شيئاً فوق رأسه مباشرة إلا المظلة أوالشمسية، فمسموح بها لضرورتها.

5. يحرم عليه صيد البَرّ، ويحل صيد البحر

6. لا تغطى المرأة وجهها ولا كفيها.

7. لا يجوز للرجل لبس شيء مخيط من الثياب أو الأحذية إلا الحزام الجلد فقد أبيح لضرورته، فإذا إرتكب الحاج شيئاً من هذه المحرمات فعليه بذبح شاة، أو إطعام ستة مساكين، أو صيام ثلاثة أيام.

8. ويجوز له أن يغتسل، وأن يغسل رأسه بغير إسقاط شعر منها، ويجوز له قتل الفواسق الخمسة ولو فى الحرم وهى العقرب، الحية، الحدأة، الغراب، والفأر، وكذا الكلب العقور.

9. ويجب عليه أن يشغل وقته بعد التلبية بالذكر والإستغفار وتلاوة القرآن والدعاء وتعلم مناسك الحج.

10. ويلاحظ الحاج فى كل ذلك أنه بتجرده من ثيابه يعيش كاللحظة التى يتجرد فيها من دنياه، وبلبسه لملابس الإحرام، يستحضر لفه بالأكفان، وبخروجه من بلده بذهابه إلى قبره وذلك لتقوى أحواله الروحانية، وتخمد شهواته النفسانية، وتسكن نوازعه الحيوانية فيكون مقبلاً بالكلية على ربه

أخطاء شائعة فى الإحرام

1. كثير من الناس يكشف كتفه الأيمن عند لبسه الإحرام وهذا يعرف بالاضطباع، وهو سنة بعد دخول البيت وعند بدء الطواف، فيعرِّى الحاج كتفه الأيمن ويغطيه بعد إنتهاء الطواف مباشرة أما فى غير ذلك فلم يرد.

2. بعض الذاهبين للعمل أيام الحج فى خدمة الحجيج يدخل الأماكن المقدسة بملابسه العادية بدون إحرام ويتعلل بأنه صار من أهل البلد، وهذا خطأ لأن الإحرام من داخل الميقات لأهل الإقامة الدائمة كسكان البلد، أو العاملين المستديمين أصحاب الإقامات المحلية، وغير هؤلاء لا بد أن يدخلوا البيت محرمين، ويكون ذلك من ميقاتهم.

3. تتمسك بعض النساء بالنقاب ولبس القفّازين مع أن الحديث نهى نهياً صريحاً عن ذلك فى قول النبى :
{ لاَ تَنْتَقِبِ الْمَرْآةُ الْمُحْرِمَةُ، وَلاَ تَلْبَسِ الْقُفَّازَيْنِ } [2]

[1] أما بالنسبة للمواقيت للبلاد الأخرى فهى كالآتى:
( أ ) قرن المنازل:وهى ميقات أهل نجد والكويت أو من جاء من ناحيتهم.
(ب) يَلَمْلَم:وهى ميقات أهل اليمن أو من جاء على طريقهم.
(جـ) ذَاتِ عِرْق:وهى ميقات أهل العراق أو أي حاج سلك هذا الطريق.

[2]صحيح ابن خزيمة والبيهقى فى السنن عن ابنِ عُمَرَ
 
دخول مكة وآداب البيت الحرام وآياته

دعاء معاينة معالم مكة

ولا يزال الحاج مشتغلاً بالتلبية أثناء سفره حتى يقترب من مكة فإذا عاين بيوتها دعا قائلاً:

{ اللهم اجعل لى بها قراراً وارزقنى فيهارزقاً حلالاً وطهرني من الذنوب والخطايا بماء العفو وثلج المغفرة وبرد السماح وتُبْ علىّ توبة تحفظنى بعدها من كل صغيرة وكبيرة، وألهمنى عند الغفلة أو المعصية ندماً أقلع به عن المعاصي وإنابة أؤوب بها إلى جنابك العلى إلهى إلهى إلهى إنى أعوذ بك من الفقر والفاقة، والذل والمسكنة، ومن الإحتياج إلى شرار خلقك إلهى أشهدنى فى أهلى وإخوانى مشاهد الحسن والإحسان، والكرم والإنعام، واشغلنى واشغلهم بك سبحانك حتى نحيا حياة طيبة فى ميادين الأنس بذكرك سبحانك ورياض المؤانسة معك سبحانك ومتعنى ومتعهم يا واسع يا عليم بواسع جودك، وعميم فضلك وسابق إحسانك، مع الوقاية والسلامة من كل مؤذٍ فى بدن أو مال، أو دين يا رب العالمين، وصلى الله على سيدنا محمد صلاة تجيب بها دعائنا وتقبل بها ابتهالنا يا مجيب الدعاء لا إله إلا أنت سبحانك إنى كنت من الظالمين فاستجبنا له ونجيناه من الغم وكذلك ننجى المؤمنين،وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم }
دعاء دخول مكة
ويواصل بعد ذلك السير ملبياً حتى إذا دخل شوارع مكة دعا بهذا الدعاء:
{ اللهم إن هذا الحرم حرمك، والبلد بلدك والأمن أمنك والعبد عبدك جئتك من بلاد بعيدة بذنوب كثيرة وأعمال سيئة أسألك مسألة المضطرين إليك المشفقين من عذابك أن تستقبلنى بمحض عفوك وأن تدخلنى فى فسيح جناتك جنة النعيم اللهم إن هذا حرمك وحرم رسولك فحرّم لحمى وعظمى على النار اللهم آمنى من عذابك يوم تبعث عبادك أسألك بأنك الله الذي لاإله إلا أنت الرحمن الرحيم أن تصلى وتسلم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه تسليماً كثيراً أبداً }
التأهب لدخول البيت الحرام
ينزل الحاج إلى سكنه المعدّ له أولاً فيعرف مكانه ويترك حاجته بعد أن يطمئن عليها، وكذا يترك نقوده بعد الإطمئنان عليها فى سكنه، ولا يأخذ معه عندخروجه بعد ذلك إلا قدر نفقاته اليسيرة التى ربما يحتاج إليها وعليه أن يريح جسمه من عناء السفر الطويل بأخذ قسط ولو قليل من النوم فإذا أخذ قسطه من الراحة فالأولى أن يغتسل وإلا فليتوضأ ثم يخرج من مقره ملبياً حتى يدخل الحرم من باب السلام أو أى باب قريب لمكان إقامته فإذا وصل البيت الحرام يخلع حذاءه ويدخل برجله اليمنى ويقول:{اللهم افتح لنا أبواب رحمتك وهب لنا من فضلك العظيم، وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم }فإذا عاين الكعبة دعا قائلاً:
دعاء النظر إلى الكعبة
{اللهم أنت السلام ومنك السلام فحينا ربَّنا بالسلام وأدخلنا الجنة دارك دار السلام تباركت وتعاليت يا ذا الجلال والإكرام اللهم افتح لى أبواب رحمتك ومغفرتك وأدخلنى فيها بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا محمد رسول الله لا إله إلاالله ، لا إله إلا الله ، لا إله إلا الله، الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير أعوذ برب البيت من الكفر والفقر، ومن عذاب القبر وضيق الصدر اللهم زِدْ بيتك هذا تشريفاً وتكريماً وتعظيماً ومهابة ورفعة وبراً وزِدْ يارب من كرَّمه وشرَّفه تشريفاً وتعظيماً ومهابة ورفعة وبراً وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم }
آداب وخصائص البيت الحرام
1. الصلاة أو الذكر أو التسبيح أو أي عبادة فيه تعدل مائة ألف فيما سواه، لقول رسول الله{ صَلاَةٌ فِي مَسْجِدِي هٰذَا أَفْضَلُ مِنْ أَلْفِ صَلاَةٍ فِيما سِواهُ إِلا المَسْجِدَ الحَرَامَ وَصَلاةٌ فِي المَسْجِدِ الحرامِ أَفْضَلُ مِنْ مَائَةِ أَلْفِ صَلاةٍ فِيما سِواهُ }[1]
2. يجوز التنفل فيه فى أي وقت من أوقات الليل أو النهار فقد خصه سيدنا رسول الله بهذه الميزة الكبرى فى قوله{ يَابَنِي عَبْدِ مَنَافِ، لا تَمْنَعُنَّ أَحَداً طافَ بِهٰذا البَيْتِ، وَصَلَّى أَيَّ ساعَةٍ شاءَ مِنْ لَيْلٍ وَنَهَارٍ }.[2]
3. أباحت الشريعة المرور أمام المصلى أو الجلوس بين يديه ويسجد المصلى على ظهره إذا لم يكن هناك فرجة وذلك منعاً لشدة الزحام.
4. لا يحل للحاج لُقطة البيت الحرام، كما أنه لايجوز له أن يأخذ شيئاً من حاجيات الحرم لنفسه أو لغيره.
5. لا يحل للحاج أن يروِّع حمام الحرم ولو وقف على كتفه كما أنه يحرم عليه أن يخلع أو يقطع أى نبتة خضراء بالحرم لقول النبى{ إِنَّ هٰذا البَلَدَ حَرَامٌ حرَّمهُ اللَّهُ إِلى يَوْمِ القِيَامَةِ، لا يُنَفَّرُ صَيْدُهُ، ولايُعْضَدُ شَوْكُهُ، ولا تُلْتقط لُقَطَتُهُ إِلا من عرَّفَها، ولا يُخْتَلى خلاؤهُ} [3]
6. وليعلم الحاج علم اليقين أن الله لا يؤاخذ الإنسان بالذنب لمجرد الهمِّ به وقبل وقوعه إلا فى الحرم قد قال النبى{وَمَن يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحَادٍ بِظُلْمٍ نُذِقْهُ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ }وهذا ما جعل سيدنا عمر عندما كان ينتهى الحج يأخذ دُرَّته ويضرب بها الحجيج ويأمرهم بمغادرة مكة والتوجه إلا بلادهم وعندما سُئل عن ذلك قال{ حتى لا يأنسوا بالبيت فتذهب هيبته من قلوبهم فيقعون فى الذنب وهم لا يشعرون } وهذا أيضاً ما حدا بكثير من أصحاب رسول الله إلى ترك المجاورة بالحرم كسيدنا عبدالله بن عباس فقد أقام فى الطائف ورفض المجاورة بمكة وقال:{ لا آمن على نفسي أن أقع فى المخالفة بمكة وأنا لا أشعر}وأيضاً قال سيدنا عبدالله بن مسعود فى ذلك:{ لأن أذنب سبعين ذنباً بركية [4]خير من أن أذنب ذنباً واحداً بمكة }، وكانوا يرون أن السيئات تتضاعف بمكة كما تتضاعف الحسنات.
7. جعل الله النظر إلى الكعبة عبادة ولو كان بغير تلفُّظ بذكر أو تأمل بفكر فقد قال النبى{ إِنَّ الله يُنْزِلُ في كُلِّ يَوْمٍ ولَيْلَةٍ عشرينَ ومئة رحمةٍ يُنزلُ على هذا البيتِ ستونَ للطّائِفينَ، وأَرْبَعُونَ للمصلِّينَ، وعشرونَ للنَّاظِرِينَ }[5]
8. من خصائص البيت أن المطاف حوله يتسع للطائفين مهما كان العدد، فعلى الحاج أن يمشي بالسكينة ولا يزاحم ولايؤذي أحداً فى طوافه أو سعيه بلسانه أو يده أو بأي جارحة.
9. جعل الله هذا البيت مهبطاً لرحماته، ووعد زواره بالمغفرة، فعلى الحاج أن يستحضر ذنوبه وعيوبه ويتوجه إلى الله فيها راجياً غفرانه، فمن أتيح له زيارة هذه الأماكن ولم يغفرالله له فمتى؟ وأين يغفر له؟
10. قدّس الله هذا المكان وما حوله، وجعل أبواب السماء مفتوحة لإجابة الدعاء، سواء عند الحجر الأسعد، أو عند الركن اليمانى، أو عند الميزاب، أو عند الملتزم، أو حجْر إسماعيل، أو عند زمزم، أو عند مقام إبراهيم عليه السلام.
فعلى الحاج أن يتأدب فى هذه الأمَاكن ولا يدعو بإثم ولا بقطيعة رحم فقد قال النبى{ الكعبة محفوفة بسبعين ألفٍ من الملائكة يستغفرون الله لمن طاف بها ويصلون عليه }[6].
آيات البيت الحرام
وهى التى أشار إليها الله فى قوله: {إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبَارَكاً وَهُدًى لِّلْعَالَمِينَ فِيهِ آيَاتٌ بَيِّـنَاتٌ مَّقَامُ إِبْرَاهِيمَ وَمَن دَخَلَهُ كَانَ آمِناً }
وهذه الآيات تنقسم إجمالاً إلى قسمين:
أولاً: آيات معنوية: وهى أن من دخله يكون آمناً من غضب الله وسخط الله وعذاب الله وفى ذلك يقول سيدنا رسول الله {إن هذا البيت دعامة الإسلام ومن خرج يؤم هذا البيت من حاج أو معتمر زائراً كان مضموناً على الله إن ردّه ردّه بأجر وغنيمة، وإن قبضه أن يُدخله الجنة}[7] هذا بالإضافة إلى استجابة الدعاء، وتحقيق الرجاء، وغفران الذنوب، وشرح الصدور وغيرها من أنواع الفضل الإلهي والفتح الرباني.
ثانياً: الآيات الحسية: وهي الأماكن التى خصها الله بالفضل فى البيت أو حوله ومنها:
1. الحجر الأسود:وهو ياقوتة من الجنة يقول النبى في شأنها {الحجر الأسود يمين الله فى الأرض يصافح بها عباده كما يصافح أحدكم أخاه}[8] وقد ورد أنه{اسْتَقْبَلَ رَسُولُ اللَّهِ الْحَجَرَ.ثُمَّ وَضَعَ شَفَتَيْهِ عَلَيْهِ يَبْكِي طَوِيلاً. ثُمَّ الْتَفَتَ فَإِذَا هُوَ بِعُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ يَبْكِي. فَقَالَ: يَا عُمَرُ هـهُنَا تُسْكَبُ الْعَبَرَاتُ [9] وقال النبى{ يَأتي الرُّكْنُ يَوْمَ القِيَامَةِ أَعْظَمَ مِنْ أَبِي قُبَيْسٍ، له لِسَانٌ وشَفَتَانِ }[10].وفى رواية زاد:{ يَشْهَدُ لِمَنِ اسْتَلَمَهُ بالحقِّ،وهو يَمينُ الله يُصَافِحُ بها خَلْقَهُ } ويفسر الإمام على السرَّ فى هذا الحجر فى الحديث الذي دار بينه وبين عمر بن الخطاب أنه َلَمَّا دَخَلَ الطَّوَافَ اسْتَقْبَلَ الْحَجَرَ فَقَالَ: {إِني لأَعْلَمُ أَنَّكَ حَجَرٌ لاَ تَضُرُّ وَلاَ تَنْفَعُ، وَلَوْلاَ أَني رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ يُقَبلُكَ مَا قَبَّلْتُكَ، ثُمَّ قَبَّلَهُ، فَقَالَ عَلِيُّ بنُ أَبِي طَالِبٍ: يَا أَمِيرَ المُؤْمِنِينَ إِنَّهُ يَضُرُّ وَيَنْفَعُ، قَالَ:بِمَ ؟ قَالَ: بِكِتَابِ اللَّهِ قَالَ: وَأَيْنَ ذٰلِكَ مِنْ كِتَابِ اللَّهِ ؟ قَالَ: قَالَ تَعَالٰى: { وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُريَّتَهُمْ } إِلَّىِ: بَلٰى،خَلَقَ اللَّهُ آدَمَ وَمَسَحَ عَلٰى ظَهْرِهِ، فَقَرَّرَهُمْ بِأَنَّهُ الرَّبُّ وَأَنَّهُمُ الْعَبِيدُ، وَأَخَذَ عُهُودَهُمْ وَمَوَاثِيقَهُمْ وَكَتَبَ ذٰلِكَ في رَقَ، وَكَانَ لِهَذا الْحَجَرِ عَيْنَانِ وَلِسَانَانِ، فَقَالَ: افْتَحْ فَاكَ، فَفَتَحَ فَاهُ، فَأَلْقَمَهُ ذٰلِكَ الرَّقَّ، فَقَالَ: اشْهَدْ لِمَنْ وَافَاكَ بِالمُوَافَاةِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَإِني أَشْهَدُ لَسَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ يَقُولُ: يُؤْتَىٰ يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِالْحَجَرِ الأَسْوَدِ وَلَهُ لِسَانٌ ذَلِقٌ يَشْهَدُ لِمَنِ اسْتَلَمَهُ بِالتَّوْحِيدِ فَهُوَ يَا أَمِيرَالمُؤْمِنِينَ يَضُرُّ وَيَنْفَعُ، فَقَالَ عُمَرُ: أَعُوذُ بِاللَّهِ أَنْ أَعْيشَ في قَوْمٍ لَسْتَ فِيهِمْ يَاأَبَا الْحَسَنِ } [11]
2. الركن اليمانى:وهو الركن المواجه للحجر فى الجهة الأخرى من الكعبة قال فيه النبى{على الركن اليمانى ملكان يؤمّنَان على دعاء من مرّ بهما}[12] وأيضاً يقول النبى{ إِنَّ مَسْحَ الرُّكْنِ الْيَمَانِيِّ وَالرّكْنِ الأْسْوَدِ يَحُطُّ الْخَطَايَا حَطَّاً }[13]
وقد ورد أيضاً: {بَيْنَ الرُّكْنِ وَالْمَقَامِ وَزَمْزَمَ قُبُورُ تِسْعَةٍ وَتِسْعِينَ نَبِيًّا وَأَنَّ قَبْرَ هُودٍ وَصَالِحٍ وَشُعَيْبٍ وَإِسْمَاعِيلَ فِي تِلْكَ الْبُقْعَةِ }[14]
13. الملتزم: وهو المكان الذي بين الحجر الأسود وباب الكعبة، ويقابله المسْتجار وهو ما بين الركن اليمانى والباب المسدود خلف الكعبة، ويسمى بالملتزم لأن الناس يلتزمونه للدعاء عنده تحقيقاً لقوله النبى { مَا دَعَا أَحَدٌ بِشَيْءٍ فِي هٰذَا الْمُلْتَزَمِ إِلاَّ اسْتُجِيبَ لَهُ } [15]
4- مقام إبراهيم:
وهو الحجر الذي وقف عليه الخليل عليه السلام لبناء البيت أو للآذان بالحج وفى الحديث عَنْ عُمَرَ رَضِيَ الله عَنْهُ قَالَ: قُلْتُ:{ يَا رَسُولَ الله لَوِ اتَّخَذْتَ مِنْ مَقَامِ إبْراهِيمَ مُصَلَّى، فَأنْزَلَ الله {وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إبْراهِيمَ مُصَلَّى}[125 البقرة]}.[16]
وقد قال النبى فى شأنه: { من صلى خلف المقام ركعتين غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر، وحشر يوم القيامة من الآمنين }[17].
5. حِجْر إسماعيل:
وهو المكان الملاصق للكعبة والذي عليه جدار على صورة نصف دائرة، وسمي حِجْر إسماعيل لأنه ورد:{ إنَّ إسْمَاعِيلَ عَلَيْهِ السَّلامُ شَكَا إلَى رَبِّهِ حَرَّ مَكَّةَ؛ فَأَوْحَى اللَّهُ إلَيْهِ أَنْ افْتَحْ لَك بَابًا مِنْ الْجَنَّةِ فِي الْحِجْرِ يَخْرُجُ عَلَيْك الرَّوْحُ إلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ } [18] وهو جزء من الكعبة ولذا فإنه من أراد أن يدخل الكعبة وتعذّر عليه ذلك فعليه بالصلاة فى الحجر لما قد روى عن عائشة أنها أخبرت عن رسول الله فقالت{ كُنْتُ أُحِبُّ أنْ أدْخُلَ البيْتَ فأُصَلِّي فيهِ فأَخَذَ رسولُ الله بِيَديِ فأَدْخَلَنيِ الْحِجْرَ وقال صَلِّي في الْحِجْرِ إن أرَدْتِ دُخُولَ البيتِ فإِنَّما هُوَ قِطْعَة مِنَ البَيْتِ } [19]ومن فضائله أن فيه قبر سيدنا إسماعيل وأمه هاجر، وفيه الميزاب الذي ينزل فيه المطر المتجمع من على سقف الكعبة ويقول النبى{ ما من أحد يدعو تحت الميزاب إلا استجيب له }[20].
6. الحطيم:
وهو الجزء الواقع ما بين الحجر الأسود ومقام إبراهيم وزمزم والحِجْر، وسمى بذلك لأنه يحطم الذنوب يعنى يكسرها ويقضى عليها، وفيه المَلك الذي أخبر النبى أنه يقول للمرء بعد فراغه من الطواف وصلاة ركعتين: { استأنف العمل فيما بقي فقد كفيت ما مضى وشفع في سبعين من أهلبيته } [21]
آيات جامعة
فمنها إلقاء هيبة هذا البيت وتعظيمه فى قلوب الناس وكف الجبابرة عنه على مرّ الدهور والعصور وتعجيل العقوبة لمن قصده بسوء كأصحاب الفيل.ومنها أن الفرقة من الطير تُقْبل حتى إذا كادت تبلغه إنفرقت فرقتين، فلايعلوه شيء منها إلا الطائر المريض فإنه يعلو ظهره للحظات فيشفى بإذن الله.ومنها أن المطر إذا عم جميع جوانبه دل ذلك على حصول الخصب فى جميع جهات الأرض وإن كان المطر من جانب أخصب الجانب الذي تجاهه من الأرض ومنها أنه منذ خلقه الله تعالى، ما خلا عن طائف به من إنس أو جن أو مَلَكأو غيرهم. وغيرها الكثير .والكثير



[1]عن جابر بن عبد الله مسند الإمام أحمد.

[2]صحيح ابن حبان عن جُبير بنِ مطعم.

[3]عن ابنِ عباس مسند الإمام أحمد وصحيح ابن حبان

[4] موضع قريب من مكة.

[5] عن ابن عباس رواه الطبراني في الكبير والأوسط

[6]أخرجه من ظهيره فى الجامع اللطيف.

[7] ورد فى مجمع الزوائد وشفا الغرام وتاريخ مكة للأزرقى.

[8] رواه الأزرقى فى أخبار مكة والمحب الطبرى فى القرى عن ابن عباس.

[9] أى تصبَّ الدموع، سنن ابن ماجه عن ابن عمر.

[10] عن عبد الله بن عمرو بن العاص رواه أحمد، والطبراني في الأوسط.

[11] عن أَبي سعيد الخدري، رواه الهندي في فضائلِ مَكَّةَ، وأَبو الحسن القَطَّانِ في المطوالات،جامع المسانيد والمراسيل

[12]عن ابن عمر، مسند الإمام أبى حنيفة، وأخرجه الأرزقى موقوفاً.

[13]عن ابن عمر ،رواه أحمد والنسائي.

[14]تحفة المحتاج في شرح المنهاج، قاله ابن اسباط، وفى كثير غيرها

[15]عن ابنِ عبَّاسٍ رضيَ اللَّهُ عنهُمَا، جامع الأحاديث والمراسيل.

[16]عن عمر سنن النسائي الكبرى

[17] رواه الديلمى والقاضى عياض فى الشفاء

[18]حاشية البيجرمي على الخطيب،أخرجه الحسن.

[19]عن عائشة سنن الترمذي

[20] رواه الجامع اللطيف وشفاء الغرام.

[21]عن عمرو بن شعيب ، عن أبيه،عن جده،أخبار مكة للأزرقي،قال أبو محمد الخزاعي حدثنا يحيى بن سعيد بن سالم بإسناده مثله

 
الطواف
معناه: الطواف لغة معناه الدوران أو اللف حول شيء ثابت ولكنه إذا أطلق مفرداً فيقصد به الطواف بالكعبة التى هى البناء المربع الذي بناه سيدنا إبراهيم وولده اسماعيل عليهما وعلى نبينا أفضل الصلاة وأتم التسليم، وهى تقع فى وسط البيت الحرام.
كيفيته: يبدأ الحاج فى الطواف ابتداءاً من الحجر الأسود أو ما يوازيه فيتجه إلى الحجر الأسود ويقبله أو يستلمه (يضع يد عليه) إن استطاع فإن لم يستطع أشار إليه بكفه وقال :
دعاء بدء الطواف
{ بسم الله، الله أكبر، نويت طواف البيت العظيم سبعة أشواط لوجه الله الكريم- طواف العمرة، أو طواف القدوم، أو الإفاضة أوالوداع- اللهم إيمانا بك، وتصديقاً بنبيك ووفاءً بعهدك } ثم يسير ويشتغل بذكر الله أو الدعاء ونستحسن كما قرر جمهور العلماء أن يدعو الحاج بما يخطر على قلبه فى تلك الساعة من أمـور الدنيا أو الآخرة، لأن ذلك أرجـى للإجابة، ولا يشغل الحاج نفسه بالدعاء من كتاب أوصحيفة أو غيرها ويراعى أن يكون الطواف من خارج حِجْر إسماعيل، لأنه من البيت فمن طاف من داخله فَسَدَ طوافه، وأيضاً يراعى أن يكون مشيه بعيداً عن "الشّذْرَوَان" وهو الجزء الذي فضل من عرض جدار الكعبة، وأيضاً يستلم الركن اليماني إن استطاع، ويدعو في ما بين الركن اليمانى والحجر الأسود بهذا الدعاء الوارد :
{ ربنا آتنا فى الدنيا حسنة وفى الآخرة حسنة وقنا عذاب النار }حتى ينتهى إلى الحجر الأسود فيكون قد قضى شوطاً واحداً، فيكرر التكبير أمام الحجر الأسود مُقَبّلاً أو مستلماً أو مشيراً ويمضى حتى ينهى السبعة أشواط.
ركعتا الطواف
ثم يذهب خلف مقام سيدنا إبراهيم ويصلي ركعتين سُنّة الطواف إن استطاع وإلا فليصلي فى أى موضع من المسجد وينوى الصلاة قائلاً {نويت صلاة ركعتى سنة الطواف لله تعالى الله أكبر" ويندب أن يقرأ فى الركعة الأولى } قل يا أيها الكافرون { وفي الثانية } قل هو الله أحد }إن كان حافظاً لهما وإلا فليقرأ بماشاء وليس هناك وقت للمنع أو للكراهة بالنسبة لركعتى الطواف للحديث الذي ذكرناه آنفاً وهو قول النبى { يَا بَنِي عَبْدِ مَنَافِ، لا تَمْنَعُنَّ أَحَداً طافَ بِهٰذا البَيْتِ، وَصَلَّى أَيَّ ساعَةٍ شاءَ مِنْ لَيْلٍ وَنَهَارٍ }[1]
شروط صحة الطواف
ولكى يكون الطواف صحيحاً يجب على الحاج أن يراعى الشروط الآتية:
1. الطهارة الظاهرة والباطنة فى الثوب والجسد طوال مدةا لطواف:
أى أنه يبدأ الطواف متوضأ وإذا انتقض وضوءه أثناءه؛ فعليه أن يقطع طوافه ويذهب ويتوضأ ثم يعود فيكمل طوافه ويبنى على ما سبق، فإن كان طاف ثلاثاً مثلاً يكمل الأربعة والأفضل أن يبدأ من عند الحجر الأسود.
2- أن يستر عورته:
وهى كما حددتها الشريعة من السُّرّة إلى الركبتين بالنسبة للرجل وجميع أعضاء البدن ما عدا الوجه والكفين بالنسبة للمرأة وهذا ما أجمعت عليه المذاهب الفقهية إلا مذهب الإمام مالك، فإنه جعل عورة الرجل السوءتين فقط.
3. أن يراعى أن تكون بداية كل شوط ابتداء من الحجر الأسود: والشوط الذي لايبدأ من الحجر أو لا ينتهى إليه لا يُحْسَب.
4. أن يستكمل الأشواط إلى سبعة: فإن قل عن ذلك فسد طوافه.
5. أن يكون البيت عن يساره: ويطوف على يمينه، ولا يجوز خلاف ذلك.
ما يباح للطائف
ويباح للطائف أثناء طوافه أمورٌ لا تبطل الطواف، ويكون صحيحاً مع فعلها، منها:
1. إذا أدركته الفريضة: ولم يكمل أشواطه، فعليه أن يصلي الفريضة فى مكانه ثم يكمل أشواطه عقب الصلاة وكذا يباح له أن يقطع الطواف للصلاة على جنازة أو للخروج للوضوء أو بسبب رعاف حصل له، ويكمل بعد زوال هذه الأسباب.
2. إذا كان ضعيفاً أو مُسناً أو مريضاً ولا يستطيع أن يؤدى الطواف كله متتالياً: يباح له أن يقعد خارج المطاف ليستريح ثم يكمل طوافه حتى ولو تكرر ذلك.
3. يباح للطائف الكلام فى الطواف لقول النبى{ إنَّ الطَّوافَ بِالْبَيْتِ مِثْلُ الصَّلاةِ إِلا أَنَّكُمْ تَتَكَلَّمونَ، فَمَنْ تَكَلَّمَ فَلا يَتَكَلَّمْ إِلا بِخَيْرٍ } [2]وتجدر الإشارة إلى أن النبى مع أنه أباح الكلام فى الطواف إلا أنه بيَّن الأدب الواجب عندها وهو ألا يتكلم أثناءه إلا فى أمور شرعية مثل السلام أو رده السؤال عن الحال والأهل إذا قابل من يعرف الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر، تعليم الجاهل أو إجابة سؤال و مثلها.
4. إذا احتاج الطائف إلى الماء فلا مانع أن يخرج ليشرب ثم يرجع إلى مطافه: { فقد روى أن النبي شَرِبَ وهو يطوفُ } [3]
5. يباح للطائف أن يطوف راكباً إن تيسر ذلك فقد ورد أن النبى{ طَافَ فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ عَلَىٰ بَعِيرٍ. يَسْتَلِمُ الرُّكْنَ بِمِحْجَنٍ } [4]
6. إذا كان الإنسان يطوف تطوعاً، فليس عليه شيء إن بدا له أمر جعله قطع طوافه ولم يكمله، وليس عليه لزاماً أن يعيده مرة ثانية.
سنن الطواف
وهى الأمور التى لو تركها الطائف فطوافه صحيح وليس عليه شيء مثل:
1. تقبيل الحجر أواستلامه أو الإشارة إليه: وقد ورد [5] أنه e قبَّله، وورد أيضاً أن النبى استلمه أى مسحه بيده ثم وضع يده على فمه وقبّلها وورد أيضاً: { أنَّ رسولَ اللّهِ طاف بالبيتِ وهوَ على بعيرٍ كلَّما أتى على الرُّكنِ أشارَ إليه بشيءٍ في يدِهِ وكبَّرَ } [6].
ومن هنا جاز للحاج أن يفعل أى واحدة من الثلاث (التقبيل أو الاستلام أو الإشارة) وأى واحدة فعلها أجزأته ( أى كفته) ولا يجب المزاحمة على الركن أو على الحجر للأقوياء لقوله لسيدنا عمر:{ يَا عُمَرُ إِنَّكَ رَجُلٌ قَوِيٌّ، لاَ تُؤْذِ الضُّعَفَاءَ إِذَا أَرَدْتَ اسْتِلاَمَ الْحَجَرِ، فَإِنْ خَلاَ لَكَ فَاسْتَلِمْهُ وَإِلاَّ فَاسْتَقْبِلْهُ وَكَبرْ } [7]،هذا بالنسبة للرجال أما بالنسبة للنساء فيكره لهنَّ المزاحمة على الحجر كراهة شديدة.
2. مسح الركن اليمانى: فقد ورد { أن النبى مسحه بيده } ولم يثبت أنه استلم شيئاً من أركان البيت غير الأسود واليمانى.
3. الرّمَل: وهو نوع من المشي السريع لإظهار القوة، وقد فعله النبى وأصحابه فى الثلاثة أشواط الأولى من الطواف، وأكمل الأربعة الآخرة بالمشي المعتاد، فإذا كان المطاف خالياً، فعلى الحاج ألا يترك هذه السنة،أما فى الزحام حيث لا يستطيع ذلك فليس عليه شيء.
4. الإضطباع: وهو أن يعرى الحاج كتفه الأيمن عند بدء الطواف بأن يضع أوسط البشكير تحت إبطه ويضع طرفيه على كتفه الأيسر بحيث يتدلى أحد طرفيه على صدره، والآخر على ظهره فإذا انتهى الطواف رده إلى هيئته المعتادة.
أنواع الطواف
وللطواف أنواع كثيرة بحسب النية فى فعله ومن الأمور التى يجب ان يعلمه االحاج، أن له أن يغير نيته ويحدد (نوع حجه)[8]ما لم يبدأ بالطواف فإذا كان مثلاً عند إحرامه نوى الإفراد ووجد فيه مشقة فيستطيع قبل بداية الطواف أن ينوى التمتع وهكذا.
وأهم أنواع الطواف هى:
1. طواف القدوم:
وهو سنة لمن أحرم بالحج، فإن وصل مكة متأخراً، فعليه أن يتوجه إلى عرفة مباشرة من غير طواف القدوم، وليس عليه شيء.
2. طواف الإفاضة:
وهو ركن أساسي فى الحج لا يصح الحج إلا به ومن تركه كان حجه باطلاً ويكون وقته بعد النزول من عرفه ورمي جمرة العقبة ولأهميته فقد أباحت الشريعة للمرأة التى حان ميعاد سفرها وحبسها الحيض عن طواف الإفاضة ولا تستطيع أن تتخلف عن رفقتها أن تضع شيئاً يمتص الدم حتى لا يقععلى أرض الحرم كالفوط الصحية وتطوف طواف الإفاضة، وذلك لعذرها، أما فى غير هذافلا يجوز للحائض أن تدخل البيت.
3. طواف الوداع:
ويكون بعد انتهاء الحاج من نسكه وعزمه على السفر فيكون آخر شيء يفعله بمكة أن يودع البيت بالطواف وهو طواف الوداع وبعده لا يشترى شيئاً من مكة إلا أكل ضرورى أو شيء لزمه لسفره كدواء وهو واجبٌ أى أن من تركه بغير عذر فعليه دم إلا الحائض والنفساء فليس عليهما طواف وداع.
4. طواف التطوع:
وهو مستحب للحاج كلما امكنه ذلك لأنه من خير العبادات التى يتقرب بها إلى الله لقول النبى { مَنْ طَافَ بِهٰذَا الْبَيْتِ أُسْبُوعاً فَأَحْصَاهُ كُتِبَتُ لَهُ بِكُل خُطْوَةٍ حَسَنَةٌ وَكُفرَتْ عَنْهُ سَيئَةٌ، وَرُفِعَتْ لَهُ دَرَجَةٌ، وَكَانَ لَهُ كَعَدْلِ عِتْقِ رَقَبَة } [9] فعلى الحاج أن يكثر من هذه العبادة طوال مقامه بمكة، رغبة فى الفوز بالوعد الكريم الذي قال فيه النبى فيما يرويه ابن عباس{ مَنْ طَافَ بِالْبَيْتِ خَمْسِينَ مَرَّةً خَرَجَ مِنْ ذُنُوبِهِ كَيَوْم وَلَدَتْهُ أُمُّهُ }[10] قال العلماء فى تأويل هذا الحديث: خمسين مرة فى صحيفته، أى من طاف خمسين مرة فى عمره كله نال هذا الثواب.
أفضل أوقات الطواف
وهناك أوقات يستحب فيها الطواف عن غيرها، أشارت إليها بعض الأحاديث الشريفة وهى وإن كانت ضعيفة من حيث السند إلا أنه يعمل بالحديث الضعيف فى فضائل الأعمال، وخير هذه الأوقات هى:
1. عند طلوع الشمس وعند غروبها: وذلك لقول النبى{طَوَافَانِ لايُوَافِقُهُمَا عَبْدٌ مُسْلِمٌ إلا خَرَجَ مِنْ ذُنُوبِهِ كَيَوْمَ وَلَدَتْه ُأُمُّهُ يُغْفَرُ لَهُ ذُنُوبُهُ كُلُّهَا بَالِغَةً مَا بَلَغَتْ طَوَافٌ بَعْدَصَلاةِ الْفَجْرِ فَرَاغُهُ مَعَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَطَوَافٌ بَعْدَ صَلاةِ الْعَصْرِ فَرَاغُهُ مَعَ غُرُوبِ الشَّمْسِ }[11].
2. الطواف فى المطر: لأنه من الأوقات التى ينزل فيها الخير ويستجاب فيها الدعاء ورد عن أنس بن مالك {طفْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ في مَطرٍ فَلَمَّا فَرَغْنَا قَالَ: ائْتَنِفُوا الْعَمَلَ فَقَدْ غُفِرَ لَكُمْ مَا مَضَىٰ } [12]
3. الطواف في شدة الحر: وذلك لما يتحمله الطائف من مشقة فى هذا الوقت، والأجر دائماً وأبداً فى أى عمل على قدر المشقة، وقد جاء عن النبى :
{ من طاف حول البيت سبعا في يوم صائف شديدٌ حره، وحسر عن رأسه وقارب بين خطاه وقل التفاته وغضَّ بصره وقلَّ كلامه إلا بذكر الله، واستلم الحجر في كل طواف من غير أن يؤذي أحدا ،كتب الله له بكل قدم يرفعها ويضعها سبعين ألف حسنة ومحا عنه سبعين ألف سيئة، ورفع له سبعين ألف درجة، ويعتق عنه سبعين رقبة ثمن كل رقبة عشرة آلاف درهم، ويعطيه الله سبعين شفاعة إن شاء في أهل بيته من المسلمين، وإن شاء في العامة، وإن شاء عُجَّلت له في الدنيا، وإن شاء أخِّرت له في الآخرة }[13]
ماء زمزم
وبعد أن ينتهى الحاج من ركعتى الطواف يذهب إلى زمزم ليشرب من مائها المبارك وليستحضر نيَّة طيبة عند شرابه كأن يشرب بنيَّة الشفاء من مرض يعانى منه، أو يشرب بنيَّة الرّي يوم الفزع الأكبر، وذلك لقول رسول الله rفيما ورد فى فضل ماء زمزم: { مَاءُ زَمْزَمَ لـمَا شُرِبَ لَهُ } [14]ويجوز أن يشرب من ماء زمزم بنية شفاء غيره مريضاً ويحقق الله له ذلك وقد قال النبى عن ماء زمزم{إنَّهَا مُبَارَكَةٌ إِنَّهَا طعامُ طُعْمٍ وشِفَاءُ سُقْمٍ)[15]
وروى عن الإمام الشافعى أنه قال{ شربت ماء زمزم لثلاثة أشياء للعلم فصرت فى العلم كما ترون وللرّمى فصرت لا أخطئ واحداً من عشرة ولطول عطش يوم القيامة، وأرجو أن يحقق الله لي ذلك }
دعاء الشرب من ماء زمزم
{ بسم الله، اللهمَّ اجعله طهوراً،ونوراً، وارزقنى به علماً نافعاً، وقلباً خاشعاً، وعملاً رافعاً }
أخطاء شائعة فى الطواف
1. الإصرار على لمس الحجر:
بعض الحجاج يعتقد أن لمس الحجر الأسود فريضة لا بد منها ويزاحم أشد المزاحمة فى سبيل ذلك، فيتعرض للإيذاء ويؤذي غيره، وهذا ينافى الأدب فى بيت الله ويكفي أن يشير إلى الحجر باليد إن لم يستطع أن يصل إليه بسهولة.
2. مزاحمة النساء للمس الحجر:بعض النساء يذهبن فى جموع الرجال ويزاحمن أيضاً للوصول إلى الحجر، مما يعرضهن لكشف العورات،فيفسد طوافهن من حيث لا يشعرن، والمرأة لا يجب عليها أن تذهب إلى الحجر إلا عند خلوّه خلواً تاماً.
3. سوء الكلام والتصرف: بعض الحجاج يتكلم بكلام لا يليق بعظمة هذا المكان، أو يتصرف بيده أو بقدمه مع الحجيج ضرباً أو رَكْلاً أو حتى مدافعة باليد أو بالجسم، وهذا ينافى هذه العبادة التى وصفها سيدنا رسول الله بأنها كالصلاة.
4. الدعاء على الغير:
يدعو البعض على من أساءوا إليهم، فى هذا المكان رغبة فى التشفّى منهم والدعاء المستجاب هو ما قال فيه النبى{ لا يَزَالُ يُسْتَجَابُ لِلْعَبْدِ مَا لَمْ يَدْعُ بِإِثْمٍ، أوْ قَطِيعَةِ رَحِمٍ، مَا لَمْ يَسْتَعْجِلْ }[16]
فعلى الحاج أن يتروى، فربما يرى نفسه مظلوماً وهو فى الحقيقة ظالماً عندالله، وخصمه معذوراً؛ فَيُرَدّ الدعاء عليه، والأفضل أن يفوض أمره إلى الله ولا يدعو على أحد أبداً، إلا على كافر، أو فاسق مجاهر بفسقه فلا مانع، وإن كان الأولى أن يدعو للفاسق بالهداية.
[1]عن جُبير بنِ مطعم صحيح ابن حبان.

[2]عن ابن عباس رضي الله عنهما المستدرك للحاكم وسنن البيهقى الكبرى

[3]الشَّافِعِيُّ فـي سننه و الإملاءِ، رُوِيَ عن ابنِ عبَّاسٍ ورواه أبو حاتم.

[4]عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ صحيح البخارى ومسلم، والمحجن هو عصا معوجة الطرف كان النبى يشير بها إلى الحجر.

[5]عن ابنعباس رواه الطبراني في الكبير والأوسط
أخرجه من ظهيره فى الجامع اللطيف.

[6]عن ابنِ عبَّاسٍ رضي اللّهُ عنهما صحيح البخارى.

[7]أحمد فى مسنده وللشيخين والدَّيلمي عن عمر

[8] أنواع الحج ثلاثة:
الإفراد: وهو أن ينوى الحج أولاً، فإذا أتم مناسك الحج قضى العمرة من مسجد التنعيم بمكة، وهذا ليس عليه هدى، وهذا يناسب الأقوياء والشباب أو الذين يأتون قبيل يوم عرفة مباشرة.
القران: وهو أن ينوى الحج والعمرة معاً، وتندرج أعمال فى الحج فتكون عملاً واحداً، أي يكفيه طوافاً واحداً وسعياً واحداً للحج والعمرة معاً، وعليه هدى، وهذا يناسب من عنده ضيق فى الوقت كالحكام والرؤساء ورجال الأعمال وغيرهم من أصحاب المشاغل أو المسئوليات.
التمتع: وهو ان ينوى العمرة أولاً، فإذا أتمها، خلع ملابس الإحرام وتمتع بالمباحات، حتى إذا كان يوم الثامن من ذى الحجة (يوم التروية) أحرم للحج من مكة، وعليه هدى من لحظة إنتهاء عمرته، وهذا هو الذي يلائم حجاج الآفاق الذين يأتون من أماكن بعيدة وخاصة المرضى وكبار السن.

[9] أحمدفى مسنده والطبرانى فى الكبير والبيهقى فى شعب الإيمان وفى السنن عن ابنِ عُمر رضيَ اللَّهُ عنهُمَا.

[10] أخرجه الترمذى عن ابنِ عبَّاسٍ (جامع الأحاديث والمراسيل)

[11]عن انس بن مالك وسعيد بن مالك، تحفة المحتاج في شرح المنهاج، كما أخرجه الأزرقى فى تاريخ مكة.

[12] ابن ماجة والبيهقى فى شعب الإيمان، عن أنس بن مالك

[13] عن ابن عباس رواه ابن الحاج فى منسكه والحسن البصري فى رسالته.

[14]عن جابرٍ رواه أحمد وابن ماجة والبيهقى

[15] رواه مسلـم فـي الصحيح عن هَدَّابٍ بن خالد.

[16] عن أبي هريرة صحيح مسلم

 
السعى بين الصفا والمروة
التوجه إلى الملتزم
وبعد أن يشرب الحاج من ماء زمزم يتوجه إن استطاع إلى الملتزم وهو الجزء الذي بين باب الكعبة والحجر الأسود.فإن وصل إليه ألصق به جسده ورفع ذراعيه إلى أعلى، ثم يدعو الله بما شاء فإنه موضع إجابة وإن لم يستطع الوصول إليه لشدة الزحام، توجه مباشرة إلى الصفا ليبدأ السعي.
والسعي هو المشي بين جبلي الصفا والمروة ذهاباً وإياباً.
مشروعية السعى
وقد شُرع السعى ووجب على الحاج والمعتمر للحديث الصحيح الوارد عن حبيبة بنت أبى تجْراة قالت:{ رأيت رسول الله يطوفُ بين الصفا والمروة والناس بين يديه، وهو وراءهم، وهو يسعى حتَّى أَرَى رُكبتيه من شدّة السعي، يدور به إزاره وهو يقول: اسْعَوْا فإنَّ الله كَتَبَ عَلَيْكُمُ السَّعْيَ }عن حُبيبة بنت أبي تَجْرَاة رواه أحمد والطبراني في الكبير
حُكْمه وشروط صحته
والسعى ركن عند معظم المذاهب أى أن من تركه بطل حجه إلا عند الإمام أبى حنيفة فهو واجب أى أن تركه يَجْبُره بدم ولكى يكون السعى صحيحاً يجب أن يلاحظ الحاج الشروط الآتية:
1.أن يكون السعى بعد طواف صحيح بالبيت، أى يكون بعد طواف القدوم أو طواف الإفاضة، فلا يصح بعد طواف نافلة، ولا يجوز أن يبدأ بالسعى أولاً قبل الطواف أبداً.
2.أن يبدأ السعى على طهارة، وإن كان لا يشترط أن يظل على طهارته طوال السعي.
3.أن يبدأ أولاً بالصفا فلا يجوز من المروة
4.أن يأتى بالسبع أشواط متتابعة وإن كان يجوز أن يتخللها بالقعود للإستراحة أو أداء الصلاة المفروضة ولكن تكون السبع أشواط متتابعة.
كيفيته
يتوجه الحاج إلى الصفا، فإذا اقترب منه قال كما قال الله{إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِن شَعَآئِرِ اللّهِ فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْهِ أَن يَطَّوَّفَ بِهِمَا وَمَن تَطَوَّعَ خَيْراً فَإِنَّ اللّهَ شَاكِرٌ عَلِيمٌ }أبدأ بما بدأ الله به} ثم يرقى على الصفا حتى يلمس أحجاره بقدميه، ويتجه إلى الكعبة وينظر إليها ويقول{ الله أكبر (ثلاثاً) لا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد يحيى ويميت بيده الخير وهو على كل شيء قدير، نويت سعي العمرة أو الحج أو العمرة والحج" ثم يهبط قائلاً: "الله أكبر كبيراً والحمد لله كثيراً وسبحان الله بكرة وأصيلاً، لا إله إلا الله وحده، صدق وعده، ونصر عبده وأعز جنده، وهزم الأحزاب وحده، لا إله إلا الله ولا نعبد إلا إياه مخلصين له الدين ولو كره الكافرون }ويدعو الله بما يفتح الله به عليه ويمشي حتى يصل إلى الميل الأخضر فيهرول أى يمشي مسرعاً حتى يصل إلى الميل الأخضر الآخر فإذا وصل إلى المروة كان هذا شوطاً واحداً فيصعد فوقها ويتجه إلى الكعبة ويكبِّر{ الله أكبر }ويهبط متجهاً إلى الصفا وعندما يصل الصفا يعود ثانية من الصفا إلى المروة، ثم إلى الصفا، وهكذا حتى ينتهى الشوط السابع عند المروة.
فعندها يتحلل من عمرته إن كان نوى التمتع، وذلك بقص جزء من شعره لا يقل عن خمس شعرات.
ويغتسل ويلبس ملابسه العادية، ويحل له كل شيء لأنه انتهى من عمرته ويستحسن أن يذبح هديه فوراً بمكة ليتمكن من الإنتفاع به وتوزيع لحمه على فقراء الحجيج لقول النبى عند المروة: { هٰذَا المَنْحَرُ يَعْنِي المَرْوَةَ وَكُلُّ فِجَاجِ مَكَّةَ وَطُرُقِهَا مَنْحَرٌ }(موطأ الإمام مالك عن مالك)وقوله{فَمَن تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ} فالفاء هنا فاء الفورية أي يجب عليه فوراً وإن كان لو أخّره إلى أيام منى فلا شيء عليه أما إن كان الحاج نوى الإفراد أو القران فيبقى محرماً كما هو ولا يتحلل إلا بعد الرمى يوم العيد والحلق أو التقصير وهو التحلل الأصغر، أو.بعد طواف الإفاضة وهو التحلل الأكبر .
سنن السعى
1.الهرولة: وهو سرعة المشي بين العلمين الأخضرين ( الميلين الأخضرين )، وهو سنة للرجل القادر دون المرأة أو العاجز والمسن.
2.الوقوف على الصفا والمروة للتهليل والتكبير والدعاء فوقهما.
3.تكرار ذلك فى الأشواط السبعة كلها.
أخطاء شائعة فى السعى
1.مشاركة النساء للرجال فى الهرولة:
يشارك بعض النساء الرجال فى الهرولة بين الميلين الأخضرين هذا خطأ لأن الهرولة للرجال وللقادرين منهم فقط وليست على النساء ولا العجزة ولا المسنين من الرجال.
2.الهرولة فى الشوط كله:
بعض الحجيج يهرول فى سعيه كله من أوله إلى آخره، وهذا خلاف السنة التى حددت الهرولة فيما بين الميلين الأخضرين فقط.
3.الحاج يحلل نفسه بنفسه:
كثير من الحجيج يقع فى خطأ فادح وهو أنه يحمل مقصاً معه ويقص شعرات من رأسه بنفسه ليحلل نفسه وهذا خطأ كبير لأنه لا يحلله، ولا يقص له شعره إلا محلل، فلا يجوز له ولا لمحرم لم يتحلل أن يقص شعره.
4.كشف المرأة شعرها ليحللها أجنبى:
بعض النساء تكشف شعرها ليحللها بعض الرجال، وهذا حرام، والصحيح أن يقوم رجل معه زوجته بعد تحلله هو نفسه بإحلال زوجته فتقوم زوجته بجمع شعرها كله فى قبضتها فيقص هو منه قدر أنملة (طرف الإصبع) فتصير هى متحللة، ثم تقوم هى بعد ذلك بإحلال النسوة ممن معها.
5.حساب الشوط بالذهاب والإياب:
يخطئ بعض الحجيج فيحسب الذهاب من الصفا إلى المروة والرجوع من المروة إلى الصفا شوطاً واحداً، وهو فى الحقيقة شوطان فيشق على نفسه وعلى من معه حيث أنه عند انتهاء سعيه بهذه الكيفية يكون قد سعى سعيين كاملين وهو يعدهما سعياً واحداً، والدين بنى على اليسر ورفع المشقة.
 
الحج عرفة
التوجُّه إلى منى
ويمكث الحاج فى مكة حتى يوم التروية وهو اليوم الثامن من ذي الحجة، وفى صبيحة هذا اليوم المبارك: يغتسل غسل الإحرام ويلبس ملابس الإحرام ويصلى ركعتا سنة الإحرام كما فصلنا فيما سبق ثم ينوى الحج قائلاً:{نويت الحج وأحرمت به لله تعالى، اللهم يَسّرْهُ لى وتقبله منى، لبيك اللهم لبيك، لبيك بحجة حقاً تعبُّداً ورِقَّـاً}وذلك إن كان متمتعاً وأما القارن والمفرد فيغتسل فقط ويجدد تلبيته ويتوجه الحاج إلى منى إن كان بمفرده ليصلى هناك الظهر والعصر والمغرب والعشاء وفجر يوم عرفة، ويتوجه بعدها إلى عرفات أما إن كان مع رفقة يصعب عليه فراقهم، أو مرتبطاً بنظام التسيير الذي تشرف عليه مكاتب الحج، واقتضى الأمر لحرص الجميع على وقوف الحجيج بعرفات باعتبارها الركن الأعظم فى الحج أن يذهب مباشرة من مكة إلى عرفات ماراً بمنى فلا عليه أن يتوجه مباشرة إلى عرفات سواء فى يوم التروية أو يوم عرفة، لأن المبيت بمنى ليلة الذهاب إلى عرفة من السنَّة ومن تركه فليس عليه شيء.
فضائل يوم عرفة
سبب التسمية:
وقد سمى هذا اليوم بيوم عرفة لأن آدم وحواء تعارفا فيه، أو لأن سيدنا إبراهيم عليه السلام لما بيَّن له جبريل مناسك الحج قال له: عرفت فسمى عرفه أو لأنه الحاج يتعرف في هذا اليوم على ذنوبه، أو على رحمة ربه وإجابة دعائه ولهذا اليوم فضائل لا تعد منها:
1- يوم المغفرة:
فإنه يوم يغفر الله فيه للحجاج ذنوبهم وآثامهم لما أخبره النبى فى الحديث الشريف{إذَا كَانَ يَوْمُ عَرَفَةَ، فَإنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى يُبَاهِي بِهِمُ الْمَلاَئِكَةَ فَيَقُولُ: ٱنْظُرُوا إلَى عِبَادِي أَتَوْنِي شُعْثاً غُبْراً ضَاحِينَ مِنْ كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ أُشْهِدُكُمْ أَنِّي قَدْ غَفَرْتُ لَهُمْ فَتَقُولُ الْمَلاَئِكَةُ: إنَّ فِيهِمْ فُلاَناً مُرَهَّقاً وَفُلاَناً. قَالَ: يَقُولُ اللَّه : قَدْ غَفَرْتُ لَهُمْ» }[1]
2- يوم العتق من النار:
فإن الله يعتق فيه كثيرا من عباده من النار لقول النبى{وَمَا مِنْ يَوْمٍ أَفْضَلُ عِنْدَ اللَّهِ مِنْ يَوْمِ عَرَفَةَ يَنْزِلُ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى إلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا فَيُبَاهِي بِأَهْلِ الأَرْضِ أَهْلَ السَّمَاءِ، فَيَقُولُ: ٱنْظُرُوا إلَى عِبَادِي جَاؤُونِي شُعْثاً غُبْراً ضَاحِينَ جَاؤُوا مِنْ كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ يَرْجُونَ رَحْمَتِي وَلَمْ يَرَوْا عَذَابِي، فَلَمْ يُرَ يَوْمٌ أَكْثَرُ عَتِيقاً مِنَ النَّارِ مِنْ يَوْمِ عَرَفَةَ } [2]
3- يوم استجابة الدعاء:
فإن الله ينظر إلى عباده فيستجيب دعائهم ويحقق رجائهم، قال النبى{الْحُجَّاجُ وَالْعُمَّارُ وَفْدُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ يُعْطِيهِمْ مَا سَأَلُوا وَيَسْتَجِيبُ لَهُمْ مَا دَعَوْا وَيُخْلِفُ عَلَيْهِمْ مَا أَنْفَقُوا الدِّرْهَمُ أَلْفُ أَلْفٍ }[3].
4- يوم تحمُّل التبعات:
فإن الله من كرمه وجوده لا يغفر لعباده ما بينه وبينهم فقط: بل إنه يتحمل عنهم التبعات أى الذنوب التى هى فى حق العباد وذلك فى الحديث الذي يقول فيه النبى{ أُشْهِدُكُمْ أَني قَدْ أَجَبْتُ دَعْوَتَهُمْ وَشَفَعْتُ رَغْبَتَهُمْ وَوَهَبْتُ مُسِيئَهُمْ لِمُحْسِنِهِمْ وَأَعْطَيْتُ مُحْسِنَهُمْ جَمِيع مَا سَأَلَ وَتَحَمَّلْتُ عَنْهُمُ التَّبِعَاتِ الَّتِي بَيْنَهُمْ }[4]
5- يوم دحر الشيطان:
فقد قال النبى فى سرَّ ذلك:{ مَا رُؤِيَ الشَّيْطَانُ يَوْماً هُوَ فِيهِ أَصْغَرُ وَلاَ أَدْحَرُ وَلاَ أَغْيَظُ وَلاَ أَحْقَرُ مِنْهُ يَوْمَ عَرَفَةَ، وَمَاذٰلِكَ إِلاَّ مِمَّا يَرَىٰ مَنْ تَنَزُّلَ الرَّحْمَةِ، وَتَجَاوُزِ اللَّهِ عَنِ الذُّنُوبِ الْعِظَامِ } [5]
الحضور بعرفة
وهو ركن الحج الأعظم، ولذا قال فيه النبى{الْحَجُّ عَرَفَةُ }[6] ويبدأ بأن يصلي الحاج الظهر والعصر قصراً وجمعاً ركعتين ركعتين بآذان واحد وإقامتين وذلك بعد سماع خطبة عرفة والتى تكون بعد الأذان وقبل الصلاة وذلك بمسجد نَمِرَه لمن تيسر له أو بأى مكان على أرض عرفه على أن الذي يصلي بمسجد نمرة لا بد أن يخرج منه مباشرة بعد الصلاة إلى أرض الموقف والتى قال فيها النبى{وَقَفْتُ هَـٰهُنَا و عَرَفَةُ كُلُّهَا مَوْقِفٌ،وَٱرْتَفِعُوا عَنْ بَطْنِ عُرَنَة}[7]،وهى واد يفصل بين عرفة والمزدلفة.
ونقول الحضور بعرفة:
لأنه يكفى للقيام بهذا الركن أن يحضر الحاج بأرض عرفة سواء كان قائماً أوجالساً أو مضجعاً أو نائماً، ما دام ذهب إلى هذا المكان فى الوقت بين زوال الشمس من يوم التاسع (يوم عرفة) إلى فجر يوم النحر (يوم العيد)ويكفى لإتمام هذا الركن أن يقف الحاج على أرض عرفة ولو لحظة من الليل قبل فجر يوم النحر أما من وقف بالنهار فلا بد أن يقف ولو لحظة بعد غروب الشمس، وإلا لو نزل قبل غروب الشمس كان عليه دم أما من تأخر عن الحضور إلى عرفة حتى فجر يوم العيد فلا ينفع حجه، وعليه أن يعيده فى العام التالى إن أمكنه ذلك لقول النبى{ مَنْ أَدْرَكَهُ الفَجْرُ مِنْ لَيْلَةِ المُزْدَلِفَةِ، وَلَمْ يَقِفْ بِعَرَفَةَ، فَقَدْ فَاتَهُ الحَجُّ، وَمَنْ وَقَفَ بِعَرَفَةَ مِنْ لَيْلَةِ المُزْدَلِفَةِ قَبْلَ أَنْ يَطْلُعَ الفَجْرُ، فَقَدْ أَدْرَكَ الحَجَّ } [8]
سنن يوم عرفة
ومن سنن هذا اليوم المبارك:
1. أن يغتسل الحاج له قبل الزوال: إن أمكن، وإلا فليتوضأ ويحرص على البقاء على وضوء طوال يومه، فكلما أحدث توضأ.
2. حضور الخطبة المقررة فى هذا اليوم قبل صلاة الظهر بمسجد نمرة أو حيث هو .
3. أن يصلى الظهر والعصر جمعاً وقصراً بأذان واحد وإقامتين ومن لم يتمكن من أدائها فى جماعة أداها بمفرده بهذه الكيفية.
4. الدعاء: فيشغل الحاج نفسه فى هذا اليوم بالدعاء أو الذكر أو الإستغفار أو تلاوة القرآن أو يجمع بينهما جميعاً فقد قال النبى{ أَفْضَلُ الدعاءِ دُعَاءُ يومِ عَرَفَةَ، وَأَفْضَلُ ما قلتُ أنَا والنبيونَ من قَبْلِي: لا إلَهَ إلا الله وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ } [9]
5.صيام هذا اليوم لغيرالحاج لقول النبى{صِيَامُ يَوْمِ عَرَفَةَ إِنِّي أَحْتَسِبُ عَلَى اللَّهِ أَنْ يُكَفِّرَ السَّنَةَ الَّتِي قَبْلَهُ وَالَّتِي بَعْدَهُ}[10]
أما الحاج فيكره له صيام هذا اليوم ليتمكن من العبادة والدعاء ولذا روى أبو هريرة t قال:{ نهى رسول الله عن صيام يوم عرفة بعرفات }[11] وإن كان لايجب على الحاج أن يُشْغَل بنهى من صام عن صيامه أو لَوْمَه، فمن شاء صام ومن شاءأفطر.
ما يُنْهَى عنه الحاج فى يوم عرفة
1. قطع أى شجرة أو جزء منها من الأشجار المزروعة على عرفات فإن فعل ذلك فعليه أن يكفر عن ذلك بإخراج ما تيسر من الصدقات والإستغفار.
2. قتل أى حيوان أو صيده إلا العقرب أوالفأر أو السبع لإيذائهم.
3. لا يغطِّى الرجل المحرم قدميه إذا نام لأنهما من مواضع الإحرام التى أمر الله بكشفها وكذا رأسه إلا المظلة فقد أبيحت له.
4. لغو الكلام: وهو الكلام الذي لا فائدة فيه فضلاً عن الكلام الذي يأثم بسببه كالغيبة والنميمة والسب والشتم والقذف وغيرها فإن الحديث بمثل هذه الأمور فى هذا اليوم دليل على القطيعة من الله لهذا العبد المتعدِّى الذى يخوض فى مثل هذه الأمور.
تنبيــــهات
1.المشى فى الشمس: على الحاج أن يحترس من المشى بدون مظلة فى الشمس أو حتى الإكثار من المشي بالمظلة فى الشمس حتى لا يصاب بضربة شمس.
2. إذا وافق يوم عرفة يوم جمعة، فليس على الحاج جمعة فى ذلك اليوم، وكذلك إذا وافق يوم العيد يوم جمعة فلا صلاة جمعة فى منى وأيضاً لاصلاة عيد على الحجيج سواء بمنى أو بمكة وذلك لإشتغاله بأعمال المناسك.
3. على الحاج ألا ينسى التكبير من فجر يوم عرفة إلى عصر اليوم الرابع من أيام العيد عقب الصلوات المكتوبات والنوافل والعبادات.
4. المرأة الحائض: يجب علي الحائض أن تقف بعرفة وتدعو الله وتستغفر غير أنها لا تصلى ولا تقرأ القرآن ولا تمسّ المصحف ولا تدخل المسجد.
أخطاء شائعة فى يوم عرفة
1. التنافس فى صعود جبل الرحمة: لم يثبت شيء فى هذا الشأن عن النبي
2. البقاء بمسجد نمرة طوال يوم عرفة: خطأ لأن المسجد ليس كله من أرض عرفه فيجب على من صلى به أن يخرج عقب الصلاة إلى أرض الموقف أو يذهب حيث هو بعرفة، وهناك علامات واضحة بالمسجد توضح ذلك.
3. تعجل الدفع أو الخروج من عرفات: يتعجل بعض الحجيج، فينزل من عرفات قبل غروب الشمس مما يجعل وقوفه غير تام، لأنه يشترط أن يقف بعرفات ولو لحظة بعد غروب شمس يوم عرفة.
4. تعاطى حبوب منع الحمل لمنع الدورة: بعض النسوة يتعاطين حبوب منع الحمل حتى لا تأتيها حيضتها فتتمكن من أداء المناسك وهذا أمر لا بأس به شرعاً لأن سيدنا عبدالله بن عمر أباحه للنساء وكان يصف لهن ماء الآراك لذلك وقد أباحه الأئمة فى هذا العصر بالوسائل المستحدثة والتى تنفع لذلك حتى تتمتع النساء بجمال هذه الشعائر.
1]صحيح ابن خزيمة عن جابر ، مُرَهَّقا: يغشى المحارم.
[2] رواه أبو يعلى والبزار، وابن خزيمة، وابن حبان في صحيحه

[3] رواه ابن حبان وابن ماجه من حديث أبى هريرة.

[4]الْخطيب في المتفق والمفترق عن أنسٍ رضيَ اللَّهُ عنهُ

[5](مالك هب ) عن طلحةَ بن عبداللَّه

[6] رواه الترمذيُّ، وأبو داود، والنسائي عن عبدالرحمن بن يعمر.

[7] موطأ الإمام مالك، وسنن ابن ماجة عن جابر.

[8]عَنْ هِشَام بْن عُرْوة ،عَنْ أَبِيهِ موطأ الإمام مالك

[9]عن طَلْحَةَ بنِ عُبَيْدِالله بنِ كَرِيزٍ سنن البيهقى الكبرى

[10] عَنْ أَبِي قَتَادَةَ سنن ابن ماجة

[11] رواه أحمد وابن ماجة عن أبى هريرة.
 
ليلة العيد ويومها
النزول إلى المزدلفة
وبعد غروب شمس يوم عرفة يتوجه الحجيج إلى المزدلفة أو المشعر الحرام أوجُمَع.
وكل هذه الأسماء بمعنى واحد وتدل على مكان واحد، وسميت بذلك لإجتماع الناس بها أو لاقترابهم من منى أو لتقربهم إلى الله بالطاعات فيها وذلك تنفيذاً لقول الله {فَإِذَا أَفَضْتُم مِّنْ عَرَفَاتٍ فَاذْكُرُواْ اللّهَ عِندَ الْمَشْعَرِ الْحَرَامِ } ويؤخر صلاة المغرب ليصليها جمع تأخير مع العشاء بالمزدلفة، إلا إذا تعذرعليه الخروج من أرض عرفة حتى انتصف الليل، فيصلي المغرب والعشاء بمكانه من عرفة أوفى أى مكان شاء.
آداب المشي إلى المزدلفة والوقوف بها
ويمشي الحاج ملبياً مهللاً مكبراً بالسكينة والطمأنينة وعدم المزاحمة وذلك لما ورد من أَنَّ رسولَ الله الْتَفَتَ بِعَرَفَةَ فـي النَّفْرِ والناسُ يَضْرِبُونَ، فقالَ: { السَّكِيْنَةَ أَيَّهَا الناسُ، فإنَّ البِرَّ لـيسَ بالإِيْضَاعِ } [1]فإذا وصل الحاج إلى المزدلفة فإنه يقف فى أى موضع منها لقول رسول الله فى ذلك{وَقَفْتُ هٰهُنَا بِجَمْعٍ وَجَمْعٌ كُلُّهَا مَوْقِفٌ }[2] والوقوف بالمشعر الحرام واجب، أى أن من لم يقف به فعليه دم وإن كان يكفى لتحقيق ذلك مجرد الحضور به قبل فجر يوم العيد ولو لحظة أو المرور به كما عليه جمهور العلماء ويبيت الحاج بالمزدلفة، ويبكر بصلاة الصبح، ويأخذ فى الدعاء بعد أداء صلاة الصبح حتى مشرق الشمس.ثم يتوجه إلى منى بعد جمع الجمار إن استطاع ذلك، وإن كان يتعذر عليه المبيت فيكفيه أن ينزل ويصلى المغرب والعشاء ويجمع الجمار ثم يتوجه إلى منى لما روى عن عطاء قال{ أخبرني ابن عبّاس أن رسول الله قال للعبّاس ليلة المزدلفة: اذْهَبْ بِضُعَفائِنَا وَنِسَائِنَا، فَلْيَصَلُّوا الصُّبْحَ بِمِنًى وَلْيَرْمُوا جَمْرَةَ العَقَبَةِ قَبْلَ أَنْ يُصِيبَهُمْ دَفَعَةُ النَّاسِ} [3]كما ورد عن عن ابن عمر أن النبي{ أَذِنَ لَضَعَفَةِ النَّاسِ مِنْ الْمُزْدَلِفَةِ بِلَيْلٍ}[4] بل روى أن { عبدالرحمن بن عوف tكان يصلى بأمهات المؤمنين الصبح بمنى }[5].
سنن الحاج بالمزدلفة

1. الجمع بين المغرب والعشاء بأذان واحد وإقامتين، وتكون الصلاة قصراً فيصلي المغرب ثلاث ركعات والعشاء ركعتين، ولا يصلي بينهما ولا بعدهما شيئاً.

2. فى جمع الجمار: يقوم الحاج بجمع الجمار من هذا المكان بنفسه ويجوز أن ينيب من يقوم بجمعها عنه ويجمع سبعين حصاة، ويلاحظ أن تكون صغيرة فى مثل حجم حبة الفول، وأن تكون من أرض المزدلفة وليست من بقايا الأسفلت التى على الطريق ويضعها فى كيس لحين وصوله إلى الجمرات، وإن نسى جمع الجمرات فليس عليه شيء ويجمعها من منى.

3. يُحيى ليلة العيد بالتلبية والذكر والطاعة لقول النبى{مَنْ أَحْيَا لَيْلَةَ الْفِطْرِ وَلَيْلَةَ الأَضحَىٰ لَمْ يَمُتْ قَلْبُهُ يَوْمَ تَمُوتُ الْقُلُوبُ}[6]

4. التبكير بصلاة الصبح لمن بات بالمزدلفة والإكثار من الدعاء بعدها.

5. الإسراع عند جواز وادى مُحَسّر عند التوجه إلى منى لأنه المكان الذي هلك فيه أصحاب الفيل.
أعمال يوم النحر أول أيام العيد
وسمى يوم النحر: لأن أفضل عبادة هذا اليوم هو نحر البُدْن وإراقة دمائها فقد قال النبى:{ مَا عَمِلَ آدَمِيٌّ مِنْ عَمَلٍ يَوْمَ النَّحْرِ أَحَبَّ إِلَى اللَّهِ مِنْ إِهْرَاقِ الدَّمِ، إِنَّهَا لَتَأْتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِقُرُونِهَا وَأَشْعَارِهَا وَأَظْلاَفِهَا، وَإِنَّ الدَّمَ لَيَقَعُ مِنَ اللَّهِ بِمَكَانٍ قَبْلَ أَنْ يَقَعَ عَلَى الأَرْضِ، فَطِيبُوا بِهَا نَفْساً }[7]
والأعمال التى يقوم بها الحاج فى هذا اليوم على الترتيب هى:

1. رمى جمرة العقبة.

2. الحلق أو التقصير.

3. النحر.

4. طواف الإفاضة لمن استطاع.
وإن كان من خالف هذا الترتيب بتقديم أو تأخير في أي منها ليس عليه شيء لما ورد عَنِ ابْنِ عَبَّاس{ أَنَّ النَّبِىَّ جَاءَهُ رَجُلٌ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ حَلَقْتُ وَلَمْ أَنْحَرْ. قَالَ لاَ حَرَجَ وَانْحَرْ وَجَاءَهُ آخَرُ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ نَحَرْتُ قَبْلَ أَنْ أَرْمِىَ. قَالَ فَارْمِ وَلاَ حَرَجَ }[8] حتى أنه ورد فى الصحيحين عن جابر أنه ما سئل فى ذلك اليوم عن شيء إلا قال: {افْعَلْ وَلا حَرَج }
والآن إلى بعض من التفصيل :
أولاً: الرمى: رمى جمرة العقبة
وهي الجمرة التى تلى مسجد الخيف، ووقتها الذي رمى فيه رسول الله كان بعد شروق الشمس لما روى عن جابر أنه قال{ رَمَىٰ رَسُولُ اللّهِ الْجَمْرَةَ يَوْمَ النَّحْرِ ضُحًى. وَأَمَّا بَعْدُ، فَإِذَا زَالَتِ الشَّمْسُ }[9]وهذا للأقوياء أما الضعفاء والنساء والمسنين فقد جوّز الإمام مالك وأبو حنيفة وأحمد لهم أن يرموا بعد الفجر وقبل طلوع الشمس وذهب الشافعى إلى جوازه بعد نصف الليل واستند فى ذلك بما ورد عن عائشة حيث قالت{أَرْسَلَ النَّبيُّ بأُمِّ سَلَمَةَ لَيْلَةَ النَّحْرِ فَرَمَتِ الْجَمْرَةَ قَبْلَ الفَجْرِ ثُمَّ مَضَتْ فأَفَاضَتْ وكَانَ ذٰلِكَ الْيَومُ الْيَومَ الَّذِي يَكُونَ رَسُولُ الله تَعْنِي عِنْدَها}[10] وأيضاً ما روى عن أسماء: { أَنَّهَا رَمَتِ الْجَمْرَةَ. قُلْتُ: إِنَّا رَمَيْنَا الْجَمْرَةَ بِلَيْلٍ. قالَتْ: إِنَّا كُنَّا نَصْنَعُ هٰذَا عَلَى عَهْدِ رَسُولِ الله }[11] فإذا تعذر على الحاج الوصول إلى منى قبل غروب الشمس وهو آخر وقت لرمى جمرة العقبة فعليه أن يرمى فى أى وقت وصل إلى منى لما روى أن سائلاً قال لابن عمر:{ إِنِّى أَمْسَيْتُ وَلَمْ أرْمِ، قَالَ: إرْمِ وَلا حَرَج}
آداب الرمى
ويجب على الحاج أن يحافظ على هذه الجملة من الآداب أثناء الرمى سواءاً فى رمى جمرة العقبة أو الأيام التالية وهي أيام التشريق:

1. الوضوء: أن يتوضأ قبل الرمى أو يغتسل إن تيسر له ذلك.

2. الإفراد فى رم الحصى: أن يرمى حصاة واحدة فى كل مرة ويكبر عند رميها.

3. إصابة الهدف: يلاحظ أثناء الرمى إصابة الحصا للهدف، والحصاة التى تسقط قبل الهدف أو بعيداً عنه يرمى بدلاً منها.

4. يكمل العدد إلى سبع إلا إذا شك فى العدد هل رمى ست أوسبع فلا شيء عليه، لما روى عن سعد بن مالك قال{رَجَعْنَا فِي الْحَجَّةِ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى وَبَعْضَنَا يَقُولُ: رَمَيْتُ بِسَبْعِ حَصِيَّاتٍ وَبَعْضُنَا يَقُولُ رَمَيْتُ بِسِتِّ حَصِيَّاتٍ، وَلَمْ يَعِبْ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ}[12]

5. إذا فقد الحاج جمراته أو بعضها فليجمع غيرها من منى على أن تكون من الجمرات التى لم يرم بها الناس لما روى عن أبى سعيد الخدرى قال{قُلْنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ هذِهِ الْجِمَارُ الَّتِي تُرْمَى كُلَّ سَنَةٍ فَنَحْسِبُ أَنَّهَا تَنْقُصُ قَالَ: «مَا تُقُبِّلَ مِنْهَا رُفِعَ، وفى رواية: وَ مَالا تُرِكَ وَلَوْلاَ ذلِكَ رَأَيْتُمُوهَا مِثْلَ الْجِبَالِ }[13].

6. التوجه للقبلة: يندب للحاج أن يتجه للكعبة أثناء الرمى، فإن لم يقدر رمى كما أمكنه

7. الدعاء: يكثر الحاج من الدعاء قبل الرمى وبعده تأسياً برسول الله .

8. جواز الإنابة: فيجوز أن يرمى الحاج عن المريض الذي لا يستطيع الرمى أوالمسن الذي لا يطيق الذهاب إلى هناك ويجوز أن يرمى الرجل عن المرأة، أو المرأة عن الرجل ولا تجوز الإنابة إلا لمن لا يستطيع أن يذهب فى الأوقات التى أباحها الفقهاء للضعفاء ويشترط فيها، أن يرمى الحاج عن نفسه أولاً حتى يتم ما عليه، ثم يرمى بعد ذلك عمن أنابه، وذلك عند رمى جمرة العقبة يوم النحر أما في الأيام التالية فقد أباح له العلماء نظراً لشدة الزحام أن يرمى كل جمرة عن نفسه أولاً ثم يرميها عمن ينيبه قبل أن ينتقل إلى غيرها وهكذا بقية الرمى ويقول مع كل جمرة:{ بسم الله عن فلان الله أكبر }
ثانياً: الحلق أو التقصير
فإذا انتهى الحاج من رمى جمرة العقبة، سارع إلى الحلق وهو الأفضل أو إلى التقصير لما روى أن النبي قال{ رَحِمَ اللّهُ الْمُحَلِّقِينَ» قَالُوا:وَالْمُقَصِّرِينَ؟ يَا رَسُولَ اللّهِ قَالَ: رَحِمَ اللّهُ الْمُحَلِّقِينَ،قَالُوا: وَالْمُقَصِّرِينَ؟ يَا رَسُولَ اللّهِ قَالَ:رَحِمَ اللّهُ الْمُحَلِّقِينَ(كرَّرَ ذلك ثَلاَثاً)قَالُوا: وَالْمُقَصِّرِينَ؟ يَا رَسُولَ اللّهِ قَالَ: وَالْمُقَصِّرِينَ[14] فلم يذكر المقصرين إلا بعد ذكر المحلقين للمرة الثالثة دليلاً على فضل الحلق ويكون بالمُوسى أو بماكينة الحلاقة للرجال أما النساء فليس عليهن حلق لقول ابن عباس عنه صلوات الله وسلامه عليه { لَيْسَ عَلَى النِّسَاءِ الْحَلْقُ إِنَّمَا عَلَى النِّسَاءِ التَّقْصِيرُ }[15]، وكيفيته كما رواه ابن عمر عن النبي قال{ تجمع رأسها – أى طرف شعرها- وتأخذ قدر أنملة }[16]أى قدر طرف الإصبع، أما الأصلع، أى الذي ليس فى رأسه شعر، فإنه يمرر المُوسى على رأسه.
آداب الحلق والتقصير
ويجمعها هذه الحادثة التى رواها الإمام أبوحنيفة عن نفسه حيث قال فيما رواه وكيع عنه إذ قال{ أَخْطَأْت فِي سِتَّةِ أَبْوَابٍ مِنْ الْمَنَاسِكِ عَلَّمَنِيهَا حَجَّامٌ وَذَلِكَ أَنَّنِي حِينَ أَرَدْت أَنْ أَحْلِقَ رَأْسِي وَقَفْت عَلَى حَجَّامٍ فَقُلْت لَهُ بِكَمْ تَحْلِقُ رَأْسِي فَقَالَ لِي أَعِرَاقِيٌّ أَنْتَ قُلْت نَعَمْ قَالَ النُّسُكُ لا يُشَارَطُ عَلَيْهِ اجْلِسْ فَجَلَسْت مُنْحَرِفًا عَنْ الْقِبْلَةِ فَقَالَ لِي حَوِّلْ وَجْهَك إلَى الْقِبْلَةِ فَحَوَّلْته وَأَرَدْت أَنْ يَحْلِقَ رَأْسِي مِنْ الْجَانِبِ الأَيْسَرِ فَقَالَ لِي أَدِرْ الشِّقَّ الأَيْمَنَ مِنْ رَأْسِك فَأَدَرْته وَجَعَلَ يَحْلِقُ وَأَنَا سَاكِتٌ فَقَالَ لِي كَبِّرْ فَجَعَلْت أَكْبَرُ حَتَّى قُمْت لأَذْهَب فَقَالَ أَيْنَ تُرِيدُ فَقُلْت رَحْلِي قَالَ ادْفِنْ شَعْرَك ثُمَّ صَلِّ رَكْعَتَيْنِ ثُمَّ امْضِ فَقُلْت لَهُ مِنْ أَيْنَ لَك مَا أَمَرَتْنِي بِهِ فَقَالَ رَأَيْت عَطَاءَ بْنَ أَبِي رَبَاحٍ يَفْعَلُ هَذَا}[17]
ومن هنا كانت آداب الحلق كما يلى:

1. عدم الإشتراط على أجر.

2. الجلوس متجهاً إلى القبلة.

3. بدء الحلق بالجهة اليمنى ثم اليسرى.

4. التكبير أثناء الحلق أو التقصير.

5. أن يصلى ركعتين بعده.

6. الأخذ من لحيته إن كان تاركاً لها وشاربه كذلك، لما روى عن ابن عمر: { أنه كان إذا حلق رأسه فى حج أو عمرة أخذ من لحيته وشاربه }.[18]، وروى مُجاهِدٍ فقالَ :{ رَأيْتُ ابْنَ عُمَر قَبضَ عَلى لحْيَتِهِ يَومَ النَّحْرِ، ثُمَّ قالَ لِلحجَّامِ: خُذْ ما تَحْتَ القبضةِ } [19]

7. أن يدفن شعره فى الأرض ويخفيه، وكذا يقلم أظافره ويدفنها فى الأرض.

ثالثاً: النحر
والنحر واجب لمن حج متمتعاً أو قارناً أما المفرد بالحج فليس عليه هدى فإن كان الحاج المتمتع نحر هديه بمكة بعد العمرة فقد أدَّى ما عليه وإلا فعليه أن ينحر بعد رمى جمرة العقبة ويمتد وقت النحر إلى آخر أيام التشريق الثلاثة، ويصح فى أى مكان من منى لقوله r:{كُلُّ مِنًى مَنْـحَرٌ، وكُلُّ أيامِ التشريقِ ذَبْحٌ }[20] وإذا كان الحاج لا يستطيع أن يذبح بنفسه فليوكل البنك أو مؤسسات الحج عنه،ويدفع له أو لهم ما عليه، وتقوم هذه الجهات بالنيابة عنه بأداء هذا النسك أما إذا كان سيذبح بنفسه فيجب أن يراعى الشروط الآتية، وهى خمسة شروط :

شروط الهدى

1. أن تكون شاة زادت عن ستة أشهر وهى لا تكفى إلا فرداً واحداً.

2. أو يشترك سبعة حججاج فى بعير أو بقرة، لما روى عن جابر tحيث قال:

{ حَجَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللّهِ فَنَحَرْنَا الْبَعِيرَ عَنْ سَبْعَةٍ وَالْبَقَرَةَ عَنْ سَبْعَةٍ }[21]

3. أن تكون خالية من العيوب،أي لا تكون مريضة ولا عرجاء ولا عوراء ولا مشقوقة الأذن ولا جرباء.

4. ألا يعطى الجزار أجرته منها لقول النبى لسيدنا على كرَّم الله وجهه{أعْطِ الجزَّارَ أجْرَهُ مِنْ عِنْدِنَا}[22]

5. ألا يبيع شيئاً منها حتى جلدها، بل ينتفع به، أو يتصدق به، أو يهديه.

6. أن يذبحها بيده، أو يحضر ذبحها.

7. وأن يستقبل بها القبلة، ويريحها على جنبها الأيمن، ويراعى فيها شروط الذبح الشرعية.

حكم من عجز عن الهدى
أما من عجز عن الهدى لقلة نفقاته الضرورية ( وتعريف العاجز عن الهدى هو من إذا اشترى هدياً لا يستطيع أن يكمل حجه ) وحكمه شرعاً:أنه يصوم ثلاثة أيام فى الحج أى من وقت أن يحرم بالحج ويباح له خاصة أن يصوم يوم عرفة وأيام التشريق الثلاثة، ويصوم سبعة أيام إذا رجع لبلدته لقول الله {فَمَن لَّمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ وَسَبْعَةٍ إِذَا رَجَعْتُمْ تِلْكَ عَشَرَةٌ كَامِلَةٌ} وهذا للذي يحجُّ من الآفاق البعيدة أما أهل مكة فليس عليهم هدى.
رابعاً: التحلل من الإحرام
فإذا فعل الحاج ما سبق فقد حَلّ له كل شيء إلا النساء أى إلا الجماع فقط وإن كان يحل له المقدمات، فيغتسل ويخلع ملابس الإحرام، ويلبس ملابسه المعتادة ويشير إلى ذلك قول النبى{ إِذَا رَمَى أَحَدُكُم جَمْرَةَ الْعَقَبَةِ فَقَدْحَلَّ لَهُ كلُّ شَيْءٍ إِلاَّ النِّسَاءَ }[23]وهذا ما يسمى بالتحلل الأصغر فإذا استطاع أن يذهب إلى مكة ويطوف طواف الإفاضة فقد حل له كل شيء حتى النساء وهذا ما يسمى بالتحلل الأكبر وإن لم يستطع مكث فى منى حتى ينتهى من الرمى ويطوف طواف الإفاضة بعد رجوعه إلى مكة.
تنبيـــــــه

1. يستحسن أن تذهب النسوة اللائى يخشين أن يأتيهن الحيض أوالدورة الشهرية مع رفقة مأمونة بعد رمى جمرة العقبة مباشرة ليعجلن بسرعة أداء طواف الإفاضة قبل أن يأتيهن الحيض، فقد ورد عن عائشة رضى الله عنها أنها كانت تأمر النساء بتعجيل الإفاضة يوم النحر مخافة الحيض.

2. الذي تسوِّل له نفسه أن يجامع زوجته قبل التحلل الأكبر بطواف الإفاضة: أفسد حجَّه وحجَّ زوجته، وحكمه أن يتم حجه مع فساده وعليه أن يقضى هو وزوجته الحج من العام القابل مباشرة ولا عذر له.
أخطاء شائعة فى الرمى والهدى

1. إدعاء عدم القدرة على الهدى:
بعض الناس يدّعى أنه غير قادر على الهدى ويصوم على الرغم من أنه قدحمّل نفسه بأثقال أثمان وتكاليف الهدايا والمشتريات وهذا لا يجوز شرعاً أى أن يشترى الهدايا ثم لايجد ثمن الهدى أو يدعى ذلك

2. إنابة لا تجوز:
ينيب بعض الناس عنه فرداً آخر فى الرمى مع توفر القدرة والإستطاعة عنده وهذا لا يجوز؛ لأنه نسك، ولا ينيب الإنسان إلا إذا فقد القدرة والإستطاعة على أدائه.

3. رجمٌ غير جائز:

يخرج بعض الحجيج عن شعوره فيرمى الجمرات بشبشب أو حجر كبير أو عصى أو ماشابه ذلك وهذا لا يجوز.

4. حصىٌ لا يصح :

يلتقط بعض الحجاج الجمرات التى سقطت من الحجيج ولم تصل إلى الهدف ليرميها عن نفسه، وهذا لا يصح شرعاً.

5. رمىٌ خاطىء:

يخطئ البعض فيرمى الجمرات كلها دفعة واحدة، وهذا لا يصح لأنه يجب أن يفردها واحدة بواحدة ويكبر مع كل حصاة.

6. مبالغة :

يبالغ بعض الحجيج فيغسل الجمرات وهذا ليس من النسك لقول النبى{ إنماالحاج الشعث التفث }[24].

7. صيامٌ مخالف:
يبدأ بعض من أراد الصيام لعدم استطاعته الهدى من أول ذى الحجة وهذا مخالف للآية الشريفة فى قوله U::{فَصِيَامُ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ } وأجمع الفقهاء على أن صيام الثلاثة أيام، لا يجوز ولا يصح إلا بعد لبس الحاج للإحرام الذي ينوى به الحج.



[1]عن ابنِ عَبَّاسٍ أخرجه البخاري فـي الصحيح الإيضاع: المشى السريع.

[2] سنن أبى داوود عن جابر.

[3]عن ابن عباس، فتح البارى وشرح المعانى والآثار

[4] رواه أحمد.

[5] رواه سعيد بن منصور فى سننه.

[6] الطبرانى عن عبادةَ رضَي اللَّهُ عنهُ

[7] الترمذى وابن ماجه والحاكم فى مستدركه عن عائشةَ رضَي اللَّهُ عنهَا.

[8]عن ابن عباس ، أخرجه أحمد.

[9] رواه مسلم فى الصحيح.

[10] سنن أبى داوود.

[11] سنن أبى داوود.

[12] رواه أحمد والنسائي.

[13] سنن الدار قطنى.

[14] صحيح البخارى ومسلم عن ابن عمر.

[15] سنن أبى داوود.

[16] رواه سعيد بن منصور.

[17]أَخْرَجَهُ أَبُو الْفَرَجِ فِي مُثِيرِ الْغَرَامِ، كنز الدقائق لعبدالله بن أحمد النسفى

[18]رواه مالك وأبو ذر

[19]الإستذكار لإبن عبدالبر القرطبى، عن مجاهد

[20] سنن البيهقى الكبرى عن جبير بن مطعم.

[21] صحيح مسلم.

[22] رواه الشيخان.

[23] سنن أبى داوود عن عائشة وابن عباس

[24] رواه الترمذي وابن ماجه من حديث ابن عمر.

 
عمل الحاج أيام منى
أيام التشريق
أيام منى : هى أيام التشريق الثلاثة أى اليوم الثانى والثالث والرابع من أيام العيد.
سبب التسمية: وسميت أيام التشريق لكثرة قيام الحجيج بتشريق اللحم يعنى نشر اللحم فى الشمس فيها بعد تقطيعه وتقديده (تجفيفه) وسميت منى بهذا الإسم لكثرة ما يمنى أى يسقط فيها من الدماء بذبح الهدى وحدود منى من العقبة إلى وادى مُحَسّر وهى رغم ضيقها وإحاطتها بالجبال من الجانبين إلا أنها تسع الحجيج مهما كثر عددهم وسئل ابن عباس عن ذلك فقال{إن منى يتسع بأهله كما يتسع الرحم للولد}[1]
الواجب على الحاج أيام منى
1. الرمى:
فيقوم الحاج برمى الجمرات الثلاث الصغرى ثم الوسطى ثم الكبرى بترتيبها ويرمى كل واحدة بسبع حصيات متفرقات ويكبر عند كل حصاة وذلك فى اليوم الثانى والثالث لمن تعجّل على أن ينفر من منى قبل غروب الشمس فإن غربت عليه الشمس فى اليوم الثالث بات فى منى ورمى فى اليوم الرابع وذلك ظاهر فى قول الله{فَمَن تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ فَلاَ إِثْمَ عَلَيْهِ وَمَن تَأَخَّرَ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ لِمَنِ اتَّقَى} ووقت الرمى للأقوياء عند الزوال أما أصحاب الأعذار فيبدأ الرمي لهم من الفجر وقد روى ذلك عن أبى حنيفة والرافعى من الشافعية والإمام جعفر الصادق وعطاء وطاووس فقال الإمام جعفر الصادق{رمى الجمار ما بين طلوع الشمس إلى غروبها}[2] وقال أبو حنيفة(يجوز الرمى فى اليوم الثالث قبل الزوال إستحساناً }وذهب عطاء إلى أن من نسى رمى يوم من أيام التشريق فليرمه وقت تذكره ما دام فى أيام التشريق قال{من نسى رمى الجمار أيام التشريق فذكر وكان فى أيام التشريق فليرم ولا شيء عليه فإن مضت أيام التشريق فقد ذهب وقت الرمى فليهرق دماً ومن فاته رمى الجمار يوماً فليتصدق بدرهم }وجملة ما يرميه الحاج من الحصيات إن تعجل ثنتان وأربعون حصاة بالإضافة إلى سبع فى اليوم الأول ويكون جملته لمن تأخر ثلاث وستون حصاة بالإضافة إلى سبع فى اليوم الأول فيكون جملتها سبعين حصاة.
الإنابة: ويجوز لأصحاب الأعذار إنابة من يرمى عنهم بشرط أن يرمى عن نفسه أولاً ثم يرمى عمن استنابه وتكون الإنابة لأصحاب الأعذار الشديدة أما أصحاب الأعذار البسيطة فيستطيعون أن يرموا بعد الفجر مباشرة ولا مشقة عليهم فى ذلك.
2- المبيت فى منى:
وهو واجب عند معظم المذاهب أى من ترك المبيت يجبره بدم إلاّ على مذهب الإمام أبى حنيفة فهو سنة وإن كان وقت المبيت كما حدده الأئمة يكفى في أن يحضرالحاج ولو بعد منتصف الليل واستثنى من هذا الحكم أصحاب الأعمال التى لا تمكنهم من المبيت بمنى وخاصة الأعمال التى تتعلق بخدمة الحجيج وهذا استناداً إلى ما روى عن ابن عمر{أن العباس استأذن رسول الله أن يبيت بمكة ليالي منى من أجل سقايته فأذن له }[3] وأيضاً ما ورد فى أنه{أَرْخَصَ لِرِعَاءِ الإِبلِ فِي البَيْتُوتَةِ خَارِجِينَ عَن مِنًى يَرْمُونَ يَوْمَ النَّحْرِ ثُمَّ يَرْمُونَ الغَد، وَمِنْ بَعْدِ الغَدِ لِيَوْمَيْنِ، ثُمَّ يَرْمُونَ يَوْمَ النَّفْر }[4] وهذا يبيح لذوى الأعذار أيضاً أن يرموا جمرة العقبة ثم يرمون فى اليوم الأول اليوم الأول والثاني معاً فى وقت واحد ويرمون اليوم الثالث عند نفرهم من منى وقد رخّص ابن عباس أيضاً فى البيات بمكة لمن معه شيء يخاف عليه هناك فقال:{ لا بأس إذا كان للرجل متاع بمكة يخشى عليه أن يبيت بها ليالى منى }[5].
مباحات منى
ومما يباح للحاج فى منى ما يلى:
1. قصر الصلاة:
وقد ورد القصر فى رواية حارثة{صَلَّيْتُ مَعَ رَسُولِ الله بِمنًى وَالنَّاسُ أَكْثَرَ ما كَانُوا فَصَلَّى بِنَا رَكْعَتَيْنِ في حَجَّةِ الْوَدَاعِ }[6] وورد الإتمام عن عائشة وعن عثمان{أَنَّ عُثْمانَ بنَ عَفَّانَ أَتَمَّ الصَّلاَةَ بِمِنًى مِنْ أَجْلِ الأَعْرَابِ لأَنَّهُمْ كَثُرُوا عامَئِذٍ، فَصَلَّى بالنَّاسِ أَرْبعاً لِيُعَلِّمَهُمْ أَنَّ الصَّلاَةَ أَرْبَعٌ }[7] وعلى هذا فيباح للحاج القصر فى منى ويصح منه الإتمام ولا يجوز أن يعيب القاصر على المتم ولا أن يلوم المتم على القاصر لأن الأمر هنا على السعة وأشد من ذلك كله الخلاف فليتأسى الحجيج بنهج وهدى الأصحاب وللتدليل على خطورة الخلاف فقد ورد عن عَبْدِ الرَّحْمٰنِ بنِ يَزِيدَ،قال{ صَلَّى عُثْمانُ بِمِنًى أَرْبَعاً، فقال عَبْدُالله: صَلَّيْتُ مَعَ النَّبيِّ رَكْعَتَيْنِ وَمَعَ أبي بَكْرٍ رَكْعَتَيْنِ،وَمَعَ عُمَرَ رَكْعَتَيْنِ، وَمَعَ عُثْمانَ صَدْراً مِنْ إمَارَتِهِ ثُمّ َأَتمَّهَا ثُمَّ تَفَرَّقَتْ بِكُمُ الطُّرُقُ فَلَوَدِدْتُ أَنَّ لِي مِنْ أرْبَعِ رَكَعَاتٍ رَكْعَتَيْنِ مُتَقَبَّلَتَيْنِ. قال الأَعمَشُ: فحَدَّثَني مُعَاوِيَةُ بنُ قُرَّةَ عن أشْيَاخِهِ أنَّ عَبْدَ الله صَلَّى أرْبَعاً قال فقِيلَ لَهُ: عِبْتَ عَلَى عُثْمانَ ثُمَّ صَلَّيْتَ أرْبعاً قال: الْخِلاَفُ شَرٌّ }[8] والقصر رخصة والإتمام عزيمة والأخذ بالرخصة عند مقتضاها عزيمة، فمن أخذ بالرخصة وقصر صلاته فحسن، ومن أخذ بالعزيمة وأتم صلاته، فقد أحسن.
2. التجارة:
هى من الأمور المباحة فى أيام منى ولا شيء فيها البتة إلا إذا دخل فيها الجدال فهو مكروه لأنها أيام حج وهذا أيضاً فى عرفات وفى ذلك يقول ابن عباس : كانوا لا يتجرون فى أيام منى ويوم عرفة فأنزل الله {لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَن تَبْتَغُواْ فَضْلاً مِّن رَّبِّكُمْ } إلى آخرالآية.
3. جواز تعجيل النَّفر:
والنفر أى النزول من منى إلى مكة فيجوز أن ينزل من منى بعد رميه لليوم الثانى من أيام التشريق الثالث من أيام العيد ويجوز أن يتأخر حتى اليوم الثالث من أيام التشريق الرابع من أيام العيد وأيضاً لا يعيب هذا على ذاك ولا يحسب أحد أنه أفضل فى عمله من الآخر بعد أن أجاز الله الفعلين وأقرّ الأمرين{فَمَن تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ فَلاَ إِثْمَ عَلَيْهِ وَمَن تَأَخَّرَ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ لِمَنِ اتَّقَى} على أن يلاحظ الحاج إن تعجل أن يكون نزوله من منى قبل غروب الشمس لما ورد عن ابن عمر قال: { مَنْ غرَبَتْ علـيهِ الشمسُ وهو بـِمِنًى من أَوْسَطِ أيامِ التشريقِ فلا يَنْفِرَنَّ حتـى يَرْمِيَ الـجِمَارَ من الغَدِ }[9] وهذا للأقوياء، أما الضعفاء وأصحاب الأعذار فقد أجاز لهم الإمام أبو حنيفة النزول ما لم يطلع فجر اليوم الرابع من أيام العيد الثالث من أيام التشريق فقال:{ له أن ينفر ما لم يطلع الفجر، ولو غربت الشمس وقد شدَّ رحله لم يلزمه الحطّ }.
ما يندب للحاج بمنى
1. أن يشغل نفسه بذكر الله لقوله{وَاذْكُرُواْ اللّهَ فِي أَيَّامٍ مَّعْدُودَاتٍ}والذكر يشمل التسبيح والتهليل والتكبير والإستغفار وتلاوة القرآن والصلاة على النبى والصلاة وغيرها.
2. لا بأس أن يزور الأماكن المباركة فى منى مثل مسجد الخيف وهو يقع قريباً من الجمرات وقد ورد فى الصحيحين أن النبى صلى به كما روى عن ابن عباس أن النبى قال{صَلَّى في مَسْجِدِ الخِيفِ سَبْعُونَ نَبيّاً مِنْهُمْ موسى انِّي أَنْظُرُ إليهِ وعَلَيْهِ عَبَاءَتَانِ قَطَوانِيَّتَانِ وهُوَ مُحْرِمٌ على بَعِيرٍ من إبِلِ شَنُوءَةَ مَخْطُومٌ بخُطَامٍ مِنْ لِيفٍ عَلَيْهِ ضَفِيرَتانِ }[10].
تنبيهات فى الرمى
1. أباحه العلماء وإن كان خلاف الأولى:
بعض الحجاج الذين يستنابون فى رمى الجمار يرمى عن نفسه فى الجمرة الصغرى ثم يرمى عمن استنابوه قبل أن يكمل الرمى عن نفسه فى الجمرتين الأخيرتين وقد أباح العلماء والأئمة ذلك نظراً لشدة وكثرة الزحام وإن كان خلاف الأولى.
2. بعض العلماء المتشددين يفتى الحجيج بأن من رمى قبل الظهر فرميه باطل ويأمرهم بالإعادة بعد الظهر وفى هذا مشقة بالغة للمرضى والمسنين وذوى الأعذار وكما وضحنا فيما سبق بأنه لا بأس لهؤلاء أن يرموا بعد الفجر.
3. يشدد بعض المتفقهين فى الدين على الناس فى منى فى قصر الصلاة ويصروا على أن الإتمام لا يجوز وهذا غير مقبول لأن الأصل فى الصلاة الإتمام والقصر جعل لأصحاب الأعذار وهو رخصة أى أن أصحاب الأعذار لو لم يأخذوا به وأتموا لكان ذلك أفضل لهم ومادام الأمر فيه سعة فيجب على العلماء رفع الحرج والتيسير على المسلمين.

1-رواه الأزرقى فى أخبار مكة عن ابن عباس

[2] رواه سعيد بن منصور.

[3] مسند الإمام أحمد.

[4] سنن الترمذي والدارمى وأبو داوود.

[5] رواه أبو داوود عن حارثة بن وهب الخزاعى.

[6] صحيح مسلم.

[7] سنن أبى داوود رواه الزهرى عن عثمان.

[8] سنن أبى داوود عن أبى معاوية عن عبدالرحمن بنزيد.

[9] سنن البيهقى الكبرى.

[10]رواه الطبرانى فى الكبير.
 
أحكامٌ متفرقة
إتمام المناسك : فإذا انتهت أيام الرمى ونزل الحاج إلى مكة طاف طواف الإفاضة إن لم يكن طافه فى أيام التشريق وسعى بعده بين الصفا والمروة إن كان متمتعاً أما إذا كان مفرداً أو قارناً فإن كان سعى بعد طواف القدوم فليس عليه سعى أما إن كان طاف طواف القدوم ولم يسع بعده أو جاء متأخراً وتوجه إلى عرفة مباشرة بدون طواف قدوم فيجب عليه سعى الحج للمفرد وسعى الحج والعمرة معاً للقارن بعد طواف الإفاضة وبعد ذلك يحلّ له كل شيء حتى النساء.
عمل الحاج بعد أداء المناسك
وبعد أداء الحاج لمناسك الطواف والسعى يبقى عليه عدة أشياء:
1. العمرة التى هى قرينة الحج: بالنسبة للحاج المفرد عليه أن يتوجه إلى التنعيم (مسجد السيدة عائشة) وينوى العمرة بعد إحرامه وصلاته ركعتين بالمسجد ثم يتوجه إلى البيت الحرام فيطوف ويسعى ويحلق أو يقصر وبذلك يكون قد انتهى من نسكه لأن العمرة قرينة للحج وفى ذلك يقول ابن عباس إنها لقرينته فى كتاب الله{وَأَتِمُّواْ الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلّهِ }
2. تعجيل الرجوع: يستحب للحاج التعجيل بالرجوع إلى الأهل لما روى عن عائشة أنها قالت قال النبى{إِذَا قَضَىٰ أَحَدُكُمْ حَجَّهُ فَلْيُعَجلِ الرُّجُوعَ إِلَى أَهْلِهِ فَإنَّهُ أَعْظَمُ لأَجْرِهِ }[1].
3. أحكام فى العمرة: إذا كان عنده وقت لارتباطه بفوج فلا بأس عليه أن يؤدى عمرة لنفسه أو لغيره بعد أيام التشريق أما العمرة فى أيام الحج وهى شوال وذي القعدة وخمس عشرة يوماً من ذى الحجة، فإن أداها الحاج عن نفسه أو غيره فى هذا الوقت فعليه دم ما دام قد انتظر للحج أما إذاأداها ورجع إلى أهله ( أى لم يؤدِ الحج ) فلا شيء عليه.
4- يندب للحاج أثناء إقامته بمكة أن يزور الأماكن الفاضلة إن تيسر له ذلك، فإن لم يتيسر له ذلك فلا شيء عليه، ومنها:

· غار حراء: وهو الذي كان يتعبد فيه رسول الله وفيه بدأ نزول الوحى عليه.

· غار ثور: وهو الذي اختبأ فيه رسول الله مع أبى بكر عند الهجرة إلى المدينة.

· المعلى: وهو مقبرة مكة وفيها يقول رسول الله{ من قُبر بمكة مُسلماً بعث آمناً يوم القيامة }[2]ويقول أيضاً{ مَنْ مَاتَ في أَحَدِ الحَرَمَيْنِ بُعِثَ آمِناً يَوْمَ القِيَامَةِ }[3].

· ختم القرآن بمكة: يستحب للحاج أن يختم القرآن بمكة مرة على الأقل لأنها تعدل مائة ألف ختمة بغيرها من البلاد.
طواف الوداع
فإذا عزم الحاج على مغادرة مكة فليكن آخر شيء يعمله بمكة أن يودِّع البيت بالطواف به فى ملابسه العادية ويكثر فى دعائه{ألاّ يكون آخر عهده بالبيت ويسأل الله أن يرزقه زيارة هذا البيت مرات وكرات}فإذا طاف طواف الوداع وصلى ركعتين بعده سنّة الطواف فلا يحل له أن يشترى شيئاً من مكة إلا الطعام أو شراب أو علاج أو شيء أوجبته الضرورة وذلك إلا الحائض والنفساء فليس عليهما طواف وداع.
الفوات والإحصار
وهما شيئان قد يتعرض لهما الحاج فلا يستطيع أن يؤدى فريضة الحج وحكمهما:

1. الفوات: وهو أن يتأخر الحاج بسبب السفر أو المرض أو تعطل لوسائل المواصلات فيصل إلى عرفة وقد فاته وقت الوقوف(أي يصل بعد فجر يوم العيد)فعليه فى هذا الوقت أن يغير نيته بالحج وينوى عمرة ويذهب إلى البيت ويعتمر ويذبح هدياً فإن تيسر له الحج من عام قابل فبها ونعمت، وإلا فليس عليه شيء.

2. الإحصار: وهو أن يُحصر الحاج فى الطريق إلى مكة أى يُمنع،فيمنعه مانع أو يحبسه حابس من الوصول مثل عدوّ أو قطاع طريق أو وحش مفترس أو مرض مفاجئ فيمكث مكانه ولا يستطيع أن يكمل السفر إلى مكة حتى يفوته أداء الحج فماذا يفعل عندها؟ عليه فى هذا الموضع أن يذبح مكانه ويحلق أو يقصر ويرجع إلى أهله وليس عليه قضاء حجه، وهذا بإجماع المذاهب إلا الإمام أبو حنيفة فقد أوجب عليه ان يرسل هديه ليذبح بمكة ولا يتحرك من مكانه راجعاً إلى أهله حتى يتحقق ويتيقن بأن هديه قد ذبح بمكة.
العمرة
وهى: زيارة البيت فى أى وقت من العام وليس لها وقت محددٌ وإن كان أفضل أوقاتها شهر رمضان المبارك لقول رسول الله للرجل الذي قال له عقب حجة الوداع أن زوجته كانت تنوى أن تحج معه فقال له عليه الصلاة والسلام{ أَخْبرْهَا أَنَّهَا تَعْدِلُ حَجَّةً مَعِيَ عمرةٌ فـي رمضانَ }[4].
أركانها:
وأركانها هى: الإحرام الطواف بالبيت السعي بين الصفا والمروة، والحلق والتقصير وليس فيها لا وقوف بعرفة ولا ذهاب إلى منى وليس أيضاً على فاعلها هدى إلاإذا فعلها فى أيام الحج وانتظر حتى حج هذا العام أما من يؤديها بعد انتهاء أيام التشريق وإن كان فى الحج فليس عليه هدى.
فضلها:
قال النبى{الْعُمْرَةُ إِلَى الْعُمْرَةِ كَفَّارَةٌ لِمَا بَيْنَهُمَا}[5]وقال ايضاً{ تابِعُوا بَيْنَ الحَجِّ وَالعُمَرَةِ فَإنَّ مُتَابَعَةً بَيْنِهِمَا يَنْفِيانِ الذُّنُوبَ وَالفَقْرَ كَما يَنْفِي الكِيرُ الخَبَثَ}[6] وفى رواية أخرى: { تابِعُوا بَيْنَ الحَجِّ وَالعُمْرَةِ فَانَّ مُتابَعَةً بَيْنَهُمَا تَزِيدُ فِي العُمْرِ وَالرِّزْقِ وَتَنْفِيانِ الذُّنُـوبَ، كما يَنْفِي الكِيرُ خَبَثَ الحَدِيدِ }[7].
فضل الله على الحاج
وهذا حديث جامع يبين بعض ما يتفضل الله به على الحاج من حين يخرج من بيته إلى آخر طوافه بالبيت فقد ورد عن ابْنُ عُمَرَ قَالَ: كُنْتُ جَالِساً مَعَ النَّبِيِّ فِي مَسْجِدِ مِنًى فَأَتَاهُ رَجُلٌ مِنَ الأَنْصَارِ، وَرَجُلٌ مِنْ ثَقِيفٍ، فَسَلَّمَا ثُمَّ قَالاَ: يَارَسُولَ اللَّهِ جِئْنَا نَسْأَلُكَ فَقَالَ{إنْ شِئْتُمَا أَخْبَرْتُكُمَا بِمَاجِئْتُمَا تَسْأَلاَنِي عَنْهُ فَعَلْتُ وَإنْ شِئْتُمَا أَنْ أُمْسِكَ وَتَسْأَلاَنِي فَعَلْتُ؟»فَقَالاَ: أَخْبِرْنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ فَقَالَ الثَّقَفِيُّ لِلأَنْصَارِيِّ: سَلْ فَقَالَ: أَخْبِرْنِي يَا رَسُولَ اللَّهِ فَقَالَ: جِئْتَنِي تَسْأَلُنِي عَنْ مَخْرَجِكَ مِنْ بَيْتِكَ تَؤُمُّ الْبَيْتَ الْحَرَامَ وَمَا لَكَ فِيهِ، وَعَنْ رَكْعَتَيْكَ بَعْدَ الطَّوَافِ وَمَا لَك َفِيهِمَا، وَعَنْ طَوَافِكَ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ وَمَا لَكَ فِيهِ،وَعَنْ وُقُوفِكَ عَشِيَّةَ عَرَفَةَ وَمَا لَكَ فِيهِ وَعَنْ رَمْيِكَ الْجِمَارَ وَمَا لَكَ فِيهِ وَعَنْ نَحْرِكَ وَمَا لَكَ فِيهِ مَعَ الإفَاضَةِ فَقَالَ: وَالَّذِي بَعَثَكَ بِٱلْحَقِّ لَعَنْ هٰذَا جِئْتُ أَسْأَلُكَ قَالَ :فَإنَّكَ إذَا خَرَجْتَ مِنْ بَيْتِكَ تَؤُمُّ الْبَيْتَ الْحَرَامَ لاَ تَضَعُ نَاقَتُكَ خُفًّا، وَلاَ تَرْفَعُهَ إلاَّ كَتَبَ اللَّهُ لَكَ بِهِ حَسَنَةً،وَمَحَا عَنْكَ خَطِيئَةً، وَأَمَّا رَكْعَتَاكَ بَعْدَ الطَّوَافِ كَعِتْقِ رَقَبَةٍ مِنْ بَنِي إسْمَاعِيلَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ وَأَمَّا طَوَافُكَ بِٱلصَّفَا وَالْمَرْوَةِ كَعِتْقِ سَبْعِينَ رَقَبَةً وَأَمَّا وُقُوفُكَ عَشِيَّةَ عَرَفَةَ فَإنَّ اللَّهَ يَهْبِطُ إلَى سَمَاءِ الدُّنْيَا فَيُبَاهِي بِكُمُ الْمَلاَئِكَةَ يَقُولُ: عِبَادِي جَاؤُونِي شُعْثاً مِنْ كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ يَرْجُونَ جَنَّتِي فَلَوْ كَانَتْ ذُنُوبُكُمْ كَعَدَدِ الرَّمْلِ أَوْكَقَطْرِ الْمَطَرِ أَوْ كَزَبَدِ الْبَحْرِ لَغَفَرْتُهَا، أَفِيضُوا عِبَادِي مَغْفُوراً لَكُمْ وَلِمَنْ شَفَعْتُمْ لَهُ وَأَمَّا رَمْيُكَ الْجِمَارَ فَلَكَ بِكُلِّ حَصَاةٍ رَمَيْتَهَا تَكْفِيرُ كَبِيرَةٍ مِنَ الْمُوبِقَاتِ،وَأَمَّا نَحْرُكَ فَمَذْخُورٌ لَكَ عِنْدَ رَبِّكَ، وَأَمَّا حِلاَقُكَ رَأْسَكَ فَلَكَ بِكُلِّ شَعْرَةٍ حَلَقْتَهَا حَسَنَةٌ وَيُمْحَىٰ عَنْكَ بِهَاخَطِيئَةٌ، وَأَمَّا طَوَافُكَ بِٱلْبَيْتِ بَعْدَ ذٰلِكَ فَإنَّكَ تَطُوفُ وَلاَذَنْبَ لَكَ يَأْتِي مَلَكٌ حَتَّى يَضَعَ يَدَيْهِ بَيْنَ كَتِفَيْكَ فَيَقُولُ:ٱعْمَلْ فِيمَا تَسْتَقْبِلُ فَقَدْ غُفِرَ لَكَ مَا مَضَىٰ } [8]
فضل من مات حاجاً أو معتمراً
قال رسول الله{مَنْ مَاتَ فِي هٰذَا الْوَجْهِ حَاجّاً أَوْمُعْتَمِراً لَمْ يُعْرَضْ وَلَمْ يُحَاسَبْ وَقِيلَ لَهُ ادْخُلِ الْجَنَّةَ}[9] وعن أبى هريرة قال{مَنْ خَرَجَ حَاجّاً فَمَاتَ كُتِبَ له أَجْرُ الحَاجِّ إلى يَوْمِ القِيَامَة وَمَنْ خَرَجَ مُعْتَمِراً فَمَاتَ كُتِبَ لَهُ أَجْرُ مُعْتَمِرٍ إلى يَوْمِ القِيَامَةِ وَمَنْ خَرَجَ غازياً فَمَاتَ؛ كُتِبَ لَهُ أَجْرُ الغَازِي إلى يَوْمِ القِيَامَةِ}[10].
حكم من مات محرماً
من مات محرماً حالة لبسه ثياب الإحرام: فحكمه أن يدفن على هيئته بعد تغسيله أي لا يغطى وجهه ولا قدميه وذلك لقول النبى{مَنْ مَاتَ مُحْرِماً حُشِرَ مُلَبيَاً}[11]ويكفن بملابس الإحرام، فقد قال النبى{يُحْشَرُ الْمَرْءُ فِي ثَوْبَيْهِ الَّذِيْنَ مَاتَ فِيهِمَا }[12]
1- سنن البيهقى الكبرى والمستدرك للحاكم.

[2] رواه الحافظ أبو الفرج.

[3] رواه الطبرانى فى الصغير والأوسط.

[4] سنن البيهقى الكبرى.

[5] صحيح مسلم عن أبى هريرة.

[6] مسند الإمام أحمد عن بن عامر بن ربيعة عن أبيه.

[7] مسند الإمام أحمد عن عمر

[8]رواه الطبراني في الكبير والبزار ورواه ابن حبان في صحيحه

[9] عن عائشةَ جامع المسانيد والمراسيل

[10] مسند أبو يعلى.

[11] الخطيب فى التاريخ عن ابنِ عبَّاسٍ، جامع الأحاديث والمراسيل.

[12]عن أبو سعيد الخدري، الحاوي الكبير في الفقه الشافعي




 

زيارة المدينة المنورة

فضل المدينة المنورة

للمدينة المنورة فضائل عظيمة وكثيرة لا يتسع المقام لذكرها نكتفى منها بقول النبى{ اللَّهُمَّ اجْعَلْ بِالْمَدِينَةِ ضِعْفَيْ مَا بِمَكَّةَ مِنَ الْبَرَكَة}[1] ويقول أيضاً{إِنَّ الإِيمَانَ لَيَأْرِزُ(ينضم وينجمع) إِلَى الْمَدِينَةِ كَمَا تَأْرِزُ الْحَيَّةُ إِلَى جُحْرِهَا}[2]ويبين النبى صفاء جوهرها ونقاء معدنها فيقول{إِنَّمَا الْمَدِينَةُ كَالْكِيرِ تَنْفِي خَبَثَهَا وَيَنْصَعُ طَيِّبُهَا }[3](أى تخلص) وعندما كان عائداً من غزوة تبوك وخرج الناس لاستقباله وتأذّى البعض من التراب الذي ثار من أقدامهم ووضعوا أرديتهم على أنوفهم حتى لا يشموا التراب كشف اللثام عن وجهه الشريف وقال:{وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ إنَّ فِي غُبَارِهَا شِفَاءً مِنْ كُلِّ دَاءٍ }[4]ومما يدل على الغاية فى فضلها تحبيبه فى الموت بها قوله صلوات الله وسلامه عليه{مَنِ اسْتَطَاعَ أَنْ يَمُوتَ بِالْمَدِينَةِ فَلْيَمُتْ بِهَا فَإِني أَشْفَعُ لِمَنْ يَمُوتُ بِهَا}[5]وما أجمل قول السيدة عائشة فى فضلها:{كلُّ البلاد افتتحت بالسيف، وافتتحت المدينةُ بالقرآن}وهى مهاجر رسول الله وكل أزواجه بها، وفيها قبره وما أبهى قول مالك بن أنس حين يذكر بعض فضائلها فيقول:{ المدينة وعلى أنقابها ملائكة يحرسونها لا يدخلها الدجال ولا الطاعون وهي دار الهجرة والسنة وبها خيار الناس بعد النبي وهجرة النبي وأصحابه واختارها الله بعد وفاته فجعل بها قبره وبها روضة من رياض الجنة ومنبره وليس ذلك في البلاد غيرها ومنها تبعت أشراف هذه الأمة يوم القيامة} [6]

مشروعية زيارته صلى الله عليه وسلم

وقد اختار الله لنبيه المدينة المنورة ليكون التوجه إليه والذهاب إليه خاصاً بذاته الشريفة لأنه لو كان بمكة لكان تابعاً للبيت ومن هنا قال الله {وَمَن يَخْرُجْ مِن بَيْتِهِ مُهَاجِراً إِلَى اللّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ يُدْرِكْهُ الْمَوْتُ فَقَدْ وَقَعَ أَجْرُهُ عَلى اللّهِ}فجعل الهجرة هنا إلى الله يعنى لزيارة بيت الله الحرام و الهجرة إلى رسوله يعنى بزيارته فى مدينته المنورة ومن هنا جعل العلماء زيارته من أوجب الواجبات على الحاج وعَدّوا تركها بدون عذر من الجفاء الذي لا يستهان به فى مواجهة الشفيع الأعظم يوم لقاء الله واستنبط العلماء سرّ وجوب زيارته من الآية السابقة وأيضاً من قوله{وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذ ظَّلَمُواْ أَنفُسَهُمْ جَآؤُوكَ فَاسْتَغْفَرُواْ اللّهَ وَاسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ لَوَجَدُواْ اللّهَ تَوَّاباً رَّحِيماً }هذا بالإضافة إلى الأحاديث الكثيرة التى رويت فى هذا المعنى ومنها على سبيل المثال قوله عليه الصلاة والسلام { مَنْ زارَ قَبْرِي، أو قالَ: مَنْ زَارَنِـي كنتُ له شفـيعاً أو شهيداً ومن ماتَ فـي أَحَدِ الـحَرَمَيْنِ بَعَثَهُ الله فـي الآمِنِـيْنَ يومَ القـيامةِ }[7]ويؤكد هذا المعنى، أى استحقاق الشفاعة بزيارته فيقول{مَنْ جَاءَنِي زَائِراً لاَ يَعْمَدُهُ حَاجَةٌ إِلاَّ زِيَارَتِي كَانَ حَقّا عَلَيَّ أَنْ أَكُونَ لَهُ شَفِيعَاً يَوْمَ الْقِيَامَةِ }[8] ويقول أيضاً{ مَنْ زَارَ قَبَّري وَجَبَتْ لَهُ شَفَاعَتِي}[9]ويُعَرّض بأهل الجفاء الذين يمنعون زيارته {مَنْ حَجَّ الْبَيْتَ وَلَمْ يَزُرْنِي فَقَدْ جَفَانِي} [10] ويردّ rعلى من يدَّعى موته وحسب فيقول{ مَنْ زَارَ قَبْري بعدَ مَوْتي كَانَ كَمَنْ زَارَني في حَيَاتي } [11]ويقول أيضاً فى الحديث الصحيح{مَنْ حَجَّ فَزارَ قَبْرِيَ بَعْدَ مَوْتِـي كانَ كَمَنْ زَارَنِـي فـي حَيَاتِـي }[12]ونكفى أن نعلم أنه يرد السلام على من سلم عليه فى كل بقاع الأرض لقوله { مَا مِنْ أَحَدٍ يُسَلمُ عَلَيَّ إِلاَّ رَدَّ اللَّهُ عَلَيَّ رُوحِي حَتَّى أَرُدَّ عَلَيْهِ السَّلاَمَ }[13]وإخباره لنا أن صلاتنا عليه تعرض عليه{مِنْ أَفْضَلِ أَيَّامِكُمْ يَوْمُ الْجُمُعَةِ، فِيهِ خُلِقَ آدَمُ، وَفِيهِ قُبِضَ، وَفِيهِ النَّفْخَةُ وَفِيهِ الصَّعْقَةُ فَأَكْثِرُوا عَلَيَّ الصَّلاَةَ فِيهِ فَإِنَّ صَلاَتَكُمْ تُعْرَضُ عَلَيَّ، قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ كَيْفَ تُعْرَضُ صَلاَتُنَا عَلَيْكَ وَقَدْ أَرْمَمْتَ يَقُولُ: بَلِيتَ ؟، قَالَ: إِنَّ اللَّهَ تَعَالٰى حَرَّمَ عَلٰى الأَرْضِ أَنْ تَأْكُلَ أَجْسَادَ الأَنْبِيَاءِ } [14]بل أخبر أن أعمالنا تعرض عليه فقال:{ حَياتِـي خَيْرٌ لَكُمْ تُـحَدِّثُونَ ويُحْدَثُ لَكُمْ فإذا أنا مُتُّ كانَتْ وَفـاتِـي خَيْراً لَكُمْ تُعْرَضُ علـيَّ أعْمالَكُمْ فإنْ رَأيْتُ خَيْراً حَمِدْتُ الله وإِنْ رَأيْتُ شَراً اسْتَغْفَرْتُ لَكُمْ } [15]


[1]صحيح البخاري ومسلم عن أنس بن مالك.



[2]صحيح البخارى ومسلم عن أبي هريرة،.



[3]صحيح مسلم عن جابر.



[4]الترغيب والترهيب عن سعد.



[5]ابن ماجة والترمذى عن ابنِ عُمَرَ رضيَ اللَّهُ عنهُمَا.



[6]ترتيب المدارك وتقريب المسالك للقاضى عياض.



[7]سنن البيهقى الكبرى.



[8]الطبرانى عن ابن عمر، جامع الأحاديث والمراسيل.



[9]رواه البزار عن ابن عمر.



[10]الديلمى عن ابن عمر ومسند الإمام أبى حنيفة.



[11]رواه الطبراني فى الكبير والأوسط.



[12]سنن البيهقى الكبرى عن عبدالله بن عمر.



[13]رواه أبو داوود عن أبي هريرة.



[14]أحمد فى مسنده، وأَبو نعيم عن أوس بن أوس الثقفى.



[15]ابن سعد عن بكر بن عبد الله مرسلاً، الفتح الكبيرلجلال الدين السيوطى، وأخرجه البزار والطبرانى باختلاف بسيط

 
الوسوم
الحاج زاد والمعتمر
عودة
أعلى