حاشيه الروض المربع الجزء الأول

املي بالله

نائبة المدير العام




جمع


الفقير إلى الله تعالى


عبد الرحمن بن محمد بن قاسم العاصمي النجدي


الحنبلي رحمه الله


1312-1392هـ

تقدمه لكم بحر الشوق وسمااايل






المجلد الأول






بسم الله الرحمن الرحيم



ترجمة مؤلف الحاشية


هو الشيخ الإمام العالم العلامة العامل المحقق المدقق المجتهد المتفنن عبد الرحمن ابن محمد بن قاسم العاصمي نسبة إلى عاصم وهو جد القبيلة المشهورة بنجد من قبائل قحطان ولد رحمه الله سنة 1312 هـ في بلدة البير القرية المعروفة شمال الرياض وابتدأ في صغره بحفظ القرآن الكريم حتى أتقنه عن ظهر قلب ثم قرأ في مبادئ العلوم على مشايخ بلده ومن بقربه ثم انتقل إلى الرياض وكانت إذ ذاك حافلة بالعلماء الكبار فواصل دراسته وجد واجتهد في التعلم بعد أن ذاق حلاوة العلم وأدرك من نفسه إقبالاً كلياً على القراءة والحفظ والاستفادة حتى فاق أقرانه ومن أشهر مشايخه الشيخ عبد الله بن عبد اللطيف والشيخ إبراهيم بن عبد اللطيف والشيخ حمد بن فارس والشيخ سعد بن حمد بن عتيق والشيخ عبد الله العنقري والشيخ محمد بن إبراهيم والشيخ محمد بن مانع وغيرهم من علماء ذلك الزمان. ولم يزل مكبا على الدراسة والحفظ والاستفادة حتى حصل على جانب كبير في أكثر العلوم وتضلع في علم التوحيد والفقه والحديث ونحوها من العلوم الدينية. وكان رحمه الله حسن الخط سريع الكتابة فنسخ بيده شيئاً كثيراً ورزقه الله الصبر والقوة بحيث لا يعتريه ملل ولا سآمة فأكب على المطالعة والبحث والاستفادة والتنقيب عن أفراد المسائل وأماكن الأدلة حتى نال ما تمناه، ثم حرص على العمل والتطبيق فانطبعت في أخلاقه آثار تلك الفوائد فلا يخلو حديثه من فائدة دينية أو مسألة فقهية أو استشهاد بآية أو حديث.
وكان رحمه الله غيورًا على حرمات الله آمراً بالمعروف ناهياً عن المنكر يصدع
 
التعديل الأخير:
رد: حاشيه الروض المربع

بالحق ولا يخاف في الله لومة لائم ثم هو مع ذلك حسن السمت دمث الأخلاق دائم البشر، كريم النفس متعززًا عن رزائل الأمور وسفاسف الأخلاق وكان متواضعًا لربه لا يستنكف ولا يرفع نفسه عن إجابة الصغير والكبير ومحادثة الغني والفقير مع ما رزقه الله من الهيبة والاحترام في قلوب الخاص والعام.
وقد نفع الله بعلومه وبارك في أوقاته فصنف عدة كتب في مختلف الفنون فمنها في الحديث:
1- (أصول الأحكام) مختصر قيم انتقى فيه الأدلة الواضحة الصحيحة بإيجاز.
2- (الأحكام شرح أصول الأحكام) وقد طبع منه ثلاثة أجزاء في حياته رحمه الله ثم طبع الجزء الرابع الأخير هذا الزمان. ومنها في الفقه.
3- حاشية على كتاب الروض المربع شرح زاد المستقنع وتقع في عدة مجلدات هذا المجلد هو الأول منها والبقية تهيأ للطبع.
4- حاشية على نظم الرحبية في علم الفرائض تكرر طبعها.
5- نبذة مفيدة في تحريم حلق اللحى وقد طبعت مراراً.
6- وظائف رمضان نبذة لخصها من لطائف المعارف.
ومنها في علوم القرآن:
7- مقدمة في أصول التفسير مفيدة في بابها.
8- حاشية مقدمة التفسير. وهي شرح للنبذة المذكورة وقد نشرت في حياة المؤلف ومنها في النحو:
9- حاشية على متن الآجرومية طبعت ونشرت فانتفع بها.
ومنها في التوحيد:
10- (السيف المسلول في الرد على عابد الرسول طبع قديماً وانتشر).


 
رد: حاشيه الروض المربع

- حاشية ثلاثة الأصول للشيخ محمد بن عبد الوهاب تكرر طبعها في حياة المؤلف وبعد وفاته.
12- حاشية (كتاب التوحيد) طبعت قريباً وهي من أنفس ما كتب على هذا الكتاب.
13- الدرر السنية في الأجوبة النجدية، ترتيب رسائل ومسائل علماء نجد الأعلام من زمن الشيخ محمد بن عبد الوهاب إلى زمن المؤلف وقد بذل جهدا في استقصائها وتتبعها في مختلف البلاد وصبر على ما لقي من صعوبات ونفقات وأخطار وسهر وتعب في البحث والنسخ والمقابلة والتصحيح ثم قسمها فنونا ورتبها على الكتب والأبواب فجاءت مجموعة ضخمة بلغت أحد عشر جزءا مختلفة الأحجام.
14- تراجم أصحاب تلك الرسائل والأجوبة، ذيل به الدرر السنية في جزء مستقل هو الجزء الثاني عشر، وقد أحسن في السناء على أولئك المشايخ بما هم أهله.
15- ترتيب مجموعة رسائل وفتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية، عثر على بعضها أثناء جمعه لرسائل علماء نجد فواصل البحث في المكاتب القريبة والبعيدة بمساعدة ابنه محمد وقد تكبد في سبيل جمعها من الشدة والمشقة ما يرجى له به جزيل البر والأجر عند الله وقد رتبها وقسمها فنونا وأبوابا وأضاف إليها المطبوع من الرسائل الصغيرة والفتاوى فبلغت خمسة وثلاثين مجلدا احتوت على علم جم لا يقدر قدره ثم عمل عليها ابنه محمد وفقه الله فهرسا مفصلا كان كالتقريب لها ويقع في مجلدين ضخمين.
وقد اشتغل المؤلف رحمه الله أيضا بالتحقيق لكثير من الكتب المفيدة التي طبعت بعد أن تولى تصحيحها والتعليق عليها.
وأما أعماله الإدارية فقد تنقل مدة تزيد على اثنين وثلاثين عاما بين التدريس في المساجد وإدارة المكاتب والإشراف على طبع الكتب ونحو ذلك وقد أدى جهدا كبيرا وأنتج ثمرة يانعة لا يزال أثرها باقيا بين المسلمين .

 
رد: حاشيه الروض المربع

وقبل وفاته بثمان سنين طلب الإحالة للتقاعد فهناك تفرغ للكتابة وإتمام ما ابتدأ فيه من المؤلفات وأصيب بألم في الرأس بسبب حادث سيارة لازمه عدة سنوات حتى وافاه الأجل المحتوم وذلك لثمان خلت من شعبان عام 1392 هـ فوقع بالمسلمين الخطب الجسيم والكارثة العظمى حيث فقدوا الرجل الفذ العامل المخلص الناصح للأمة فرحمه الله وأكرم مثواه.
ولم ينقطع عمله والحمد لله حيث خلف علماً جماً ينتفع به من بعده كما خلف ذرية صالحين إن شاء الله يخلفونه بخير ويزودونه بالدعوات والصدقات، وقد رثاه كثير من العلماء وأظهروا الحزن والأسى على فقده فمن ذلك مرثية للشيخ محمد بن عبد العزيز بن هليل جزاه الله خيراً مطلعها:
مصاب على الإسلام بين العوالم



على العلم والدين القوي الدعائم


رحيل رجال العلم والمجد والتقى



أولي الصدق والإخلاص من كل عالم


نجوم الهدى والرشد والحق والعلى



رجوم العدا من كل غاو وآثم


فكم فاضل حبر جليل مهذب



حكيم حليم ثابت الجأش حازم


تصرمت الأيام أيام عمره



وبات بأطباق الثرى المترادم


وفي اليوم ذا تجري الدموع غزيرة



كهتان وبل من خلال السواجم


وتتقد الأحشاء حزنا ولوعة



تجيش بها الأشجان مثل الضرائم


لفد التقي الألمعي أخي الوفا



أخي السبق في شأو العلى والمكارم


هو العابد الرحمن نجل محمد



أكيد الإخا الشيخ الأديب ابن قاسم
هو الصالح المحبوب والناصح الذي



يسير على النهج المنير المعالم


على الأصل والتقوى وحسن عقيدة



وصحة إيمان ورشد القوادم


عفاف وزهد صادق وتورع



وحسن اعتناء في الأدا والتفاهم


ونصح وإرشاد وحزم وغيره



بحكمة داع مشفق غير ناقم


وحرب على الإلحاد والغي والردى



وكل انحراف زائغ أو جرائم


سخاء ونبل فائق وسماحة



وعون مع الإخوان أوفى مساهم


 
رد: حاشيه الروض المربع

وترتيل آيات الكتاب تدبرا



وخشية رب بالسرائر عالم


مفيد بما يدري وما صح علمه



بحسن بيان واضح غير كاتم


وما ليس بالمعنيه عنه بمعزل



وعن كل خوض سيئ أو تخاصم


له في سبيل العلم والحق والهدى



جهاد بمجهود الدءوب الملازم


حريص على نشر العلوم ونصرها



وتأليفها والجمع بين الملازم


فنون بحوث ضم بعضا لبعضها



بترتيب فن لائق متلائم


له القلم الموهوب عزما وقوة



بخط رشيد شيق السطر راقم


بعزم وجد واهتمام مواظب



ولم يثنه وهن ولا لوم لائم


إلى آخر ما قال والله أعلم وصلى الله على محمد وآله وسلم.
بقلم المشرف على الطبع والتصحيح
عبد الله بن عبد الرحمن بن عبد الله بن جبرين


 
رد: حاشيه الروض المربع

مقدمة
ينبغي لكل مبتدئ في فن من فنون العلم أن يعرف مبادئه قبل الشروع فيه، ولما كان فن الفقه من أنفع العلوم وأهمها، كما قال ابن الجوزي رحمه الله: «الفقه عليه مدار العلوم، فإن اتسع الزمان للتزيد فليكن من الفقه، فإنه الأنفع، وقيد المهم من كل علم، فهو سيد العلوم» انتهى، فلذلك نذكر المبادئ العشرة المشارة إليها في قول بعضهم، ونمثل لها بالفقه وهي هذه:
إن مبادئ كل فن عشره



الحد والموضوع ثم الثمره


وفضله ونسبة والواضع



والاسم الاستمداد حكم الشارع


مسائل والبعض بالبعض اكتفى



ومن درى الجميع حاز الشرفا


فالمهم من ذلك معرفة الحد وهو أصل كل علم، ومعناه الوصف المحيط الكاشف عن ماهية الشيء، وشرطه طرد وعكس، ومعنى الطرد إدخال المحدود، والعكس إخراج ما عداه، فإن لم يطرد وينعكس فليس بحد، والموضوع وهو ما يقصد بيانه، والثمرة ويقال لها الفائدة أيضا، وهي ما ينتجه، إذا عرفت ذلك فحد الفقه: معرفة الأحكام الشرعية الفرعية عن أدلتها التفصيلية، وموضوعه أعمال المكلفين من العبادات والمعاملات، وثمرته الاحتراز من الخطأ في القيام بالعبودية، وفضله ما فضل به على غيره، ونسبته إلى العلوم كنسبة الفرع إلى أصله، والواضع هو الله تعالى، والاسم يعني الفقه، والاستمداد يعني من كلام الله تعالى وكلام رسوله صلى الله عليه وسلم، وحكمه أنه فرض عين فيما يجب، وفرض كفاية فيما زاد على ذلك، ومسائله ما يذكر في كل باب من أبوابه، وهي جمع مسألة وهي القضايا المبرهن عنها في العلم، ويقال في كل فن من العلم كما في فن الفقه، فافهم ذلك والله أعلم.
 
رد: حاشيه الروض المربع

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله المتوحد في الكمال، الأحد الصمد الحكم العدل ذي العزة والجلال، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ولا ند ولا مثال، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله الذي أكمل الله به الدين، وأوضح به السبيل للسالكين، فاتضح الحرام من الحلال، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه والتابعين أعلام الهداية والبيان، وسلم تسليما كثيرا.
أما بعد فإن زاد المستقنع وشرحه وقد رغب فيهما طلاب العلم غاية الرغب، واجتهدوا في الأخذ بهما أشد اجتهاد وطلب، لكونهما مختصرين لطيفين، ومنتخبين شريفين، حاويين جل المهمات، فائقين أكثر المطولات والمختصرات، بحيث إنه يحصل منهما الحظ للمبتدي، والفصل للمنتهي، وخدمهما علماء العصر كالشيخ عبد الله أبا بطين، والشيخ عبد الله العنقري، عبد الوهاب بن فيروز بالحواشي مفردة، وعلى الهوامش، من لا أحصيهم مكثر ومقل. فتطلفت بوضع هذه الحاشية منتخبة من تلك الحواشي، ومن تقرير شيخنا محمد بن إبراهيم آل الشيخ ومن كتب الأصحاب. كالتنقيح والمغني والزركشي والشرح والمبدع، والمطلع والمحرر، والفروع والتصحيح، والإنصاف، والإقناع والمنتهى، وحواشيهما ومن كتب فتاوى شيخ الإسلام وتلميذه ابن القيم وابن رجب، ومن كتب الحديث وشروحها، وكتب أهل المذاهب كالبغوي، والنووي وابن رشد وغيرهم، مجتهدا في نقل الإجماع عمن تقدم ذكرهم، وعن ابن جرير وابن كثير وابن عبد البر وابن المنذر، وابن هبيرة وغيرهم من أهل التحقيق، مفتشا على خلاف يعتبر ومجتهدا في إبراز الدليل والتعليل، وتوضيح القول الصحيح ([1]).



http://www.dardashchat.net/vb/showthread.php?p=109810&posted=1#_ftnref1([1]) إثبات المسألة بدليلها تحقيق، وبدليل آخر تدقيق، والتعبير عنها بفائق العبارة ترقيق، وبمراعاة علم المعاني والبديع في تركيبها تنميق، والسلامة فيها من اعتراض الشرع توفيق، ونسأل الله بأسمائه الحسنى الهداية والتوفيق، لما اختلف فيه من الحق إلى أقوم طريق.
 
رد: حاشيه الروض المربع

وقد انتشرت في هذا العصر فكرة التوسع في الاطلاع على المذاهب الأربعة وغيرها، والأخذ منها، وعدم الاقتصار على مذهب واحد، ليبنى الحكم على الأقوى دليلا، فأذكر غالبا ما أجمع عليه إن كان، أو ما عليه الجمهور أو ما انفرد به أحد الأئمة وساعده الدليل حسب الإمكان، بحيث يغني عن مطالعة الأسفار الضخمة، ولست وإن بذلت الجهد قد بلغت النهاية، بل خطوة في البداية، فميدان العمل فيه سعة لمن شحذ همته، وبذل نصحه، وشرعه لمن خلصت نيته، وأحرص إن شاء الله أن لا أطيلها إلا بقواعد وبراهين ومهمات تثلج الصدر وتبرد الوحر، ويطمئن لها قلب من له طلب مليح. وقصد صحيح، إذ لا التفات لكراهة ذوي البطالة والمهانة، بل قال ابن رشد: ما من مسألة وإن كانت جلية في ظاهرها إلا وهي مفتقرة إلى الكلام على ما يخفى من باطنها. وقد يتكلم الشخص على ما يظنه مشكلا، وهو غير مشكل على كثير من الناس، وقد يشكل عليهم ما يظنه هو جليا، والكلام على بعض المسائل دون بعض تعب وعناء بدون فائدة تامة. وإنما الفائدة التامة التي يعظم نفعها، ويستسهل العناء فيها، أن يتكلم الشخص على جميع المسائل كي لا يشكل على أحد مسألة إلا وجد التكلم عليها، والشفاء مما في نفسه منها، والحال دون ما ذكر ولكن ما لا يدرك كله لا يترك كله.

 
رد: حاشيه الروض المربع

أصول وقواعد وتنبيهات
(أصول الأحكام)
قال شيخ الإسلام وغيره: أجمع المسلمون على أن الأصول ثلاثة الكتاب والسنة والإجماع، فأما الكتاب والسنة فهما أصل الأصول، وكلية الشريعة وعمدة الملة والغاية التي تنتهي إليها أنظار النظار، ومدارك أهل الاجتهاد، ولا طريق إلى الجنة إلا بالكتاب والسنة، وليسا بمحتاجين إلى تقريب واستدلال، والأصل الثالث الإجماع.
قال: ويجب تقديمه على ما يظن من معاني الكتاب والسنة، وعلى المجتهد أن ينظر إليه أول شيء في كل مسألة، فإن وجده لم يحتج إلى النظر في سواه، لكونه دليلا قاطعا، ثابتا في نفس الأمر، قالعا للشواغب، لا يقبل نسخا ولا تأويلا، ولا شك أن مستنده الكتاب والسنة، وأنه قطعي معصوم فإن أهل العلم بالأحكام الشرعية لا يجمعون على تحليل حرام، ولا تحريم حلال، وكثير من الفرائض التي لا يسع أحدًا جهلها إذا قلت أجمع الناس لا تجد أحدا يقول: هذا ليس بإجماع، ومجرد النزاع لا يوجب سقوط استصحاب حكم الإجماع.
قال: ومعنى الإجماع أن يجتمع علماء المسلمين على حكم من الأحكام، وإذا ثبت إجماع الأمة لم يكن لأحد أن يخرج عنه فإنها لا تجتمع على ضلالة، فقد عصمها الله على لسان نبيه محمد صلى الله عليه وسلم، كما هو مضمون قوله (ويتبع غير سبيل المؤمنين) ومفهوم (لا تزال طائفة من أمتي على الحق)، ولكن كثيرا من المسائل يحكي بعض الناس فيها إجماعا، ولا يكون الأمر كذلك، بل قد يكون فيها قول آخر أرجح في الكتاب والسنة، وقول بعض الأئمة كالأربعة وغيرهم ليس حجة لازمة، ولا إجماعا باتفاق المسلمين، وإذا خرج من خلافهم متوخيا مواطن الاتفاق مهما أمكنه كان آخذا بالحزم، وعاملا بالأولى، وكذلك إذا قصد في مواطن، وتوخى ما عليه الأكثر منهم والعمل بما قاله الجمهور دون الواحد، فإنه قد أخذ بالحزم والأحوط والأولى، ما لم يخالف كتابا أو سنة، قال: وكل مسألة دائرة بين نفي وإثبات لا بد فيها من حق ثابت في نفس الأمر، أو تفصيل، وإن كان لا يمكن أن يعمل فيها بقول يجمع عليه، لكن ولله الحمد القول الصحيح عليه دلائل شرعية، تبين الحق.

 
رد: حاشيه الروض المربع

إحاطة الشرع بالأحكام
وأجمع المسلمون على أن الله أعطى نبيه محمدا صلى الله عليه وسلم جوامع الكلم فيتكلم بالكلمة الجامعة العامة التي هي قضية كلية، وقاعدة عامة، تتناول أنواعا كثير، وتلك الأنواع تتناول أعيانا لا تحصى، وبهذا الوجه تكون النصوص المحيطة بأحكام أفعال العباد، ولا ينكر ذلك إلا من لا يفهم معاني النصوص العامة وشمولها قال تعالى: ]الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ[ وقال صلى الله عليه وسلم: «تركتم على البيضاء، ليلها كنهارها، لا يزيغ عنها بعدي إلا هالك».
قواعد تدور عليها الأحكام
وقال هو وشيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب رحمهما الله تعالى: تدور الأحكام على قواعد. منها أن الله أكمل لنا الدين، فلا يحتاج إلى زيادة، وتقدم قوله: ]الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ[ ومنها أن كل ما سكت عنه فهو عفو، لا يحل لأحد أن يحرمه أو يوجبه أو يستحبه أو يكرهه قال تعالى: ]لا تَسْأَلُوا عَنْ أَشْيَاءَ إِنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ[ وقال r «وسكت عن أشياء رحمة لكم غير نسيان فلا تبحثوا عنها» ومنها أن الله حرم القول عليه بلا علم، قال الله تعالى: ]قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَنْ تُشْرِكُوا بِاللهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللهِ مَا لا تَعْلَمُونَ[ فجعل تعالى منزلة القول عليه بلا علم فوق منزلة الشرك، وقال عليه الصلاة والسلام «من كذب علي متعمدا فليتبوأ مقعده من النار»، ومنها أن ترك الدليل الواضح والاستدلال بلفظ متشابه هو طريق أهل الزيغ، قال تعالى: ]فَأَمَّا الَّذِينَ في قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاء الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاء تَأْوِيلِهِ[، وقال r: «إذا رأيتم الذين يتبعون ما تشابه منه فأولئك الذين سمى الله فاحذروهم» فالواجب اتباع المحكم، فإن عرف معنى المتشابه وجده لا يخالف المحكم بل يوافقه، ومنها أن الحرام بين والحلال بين وبينهما مشتبهات لا يعلمهن كثير من الناس، فمن لم يتفطن لهذه القاعدة، وأراد أن يتكلم في كل مسألة بكلام فاصل فقد ضل وأضل.

 
رد: حاشيه الروض المربع

حفظ الأحكام
قيض الله سبحانه لحفظ كتابه وسنة نبيه r وتمييز الصحيح من السقيم، حتى استقر الثابت المعمول به فحولا جهابذة أئمة للمسلمين، ورثة لسيد المرسلين، وسائط ووسائل بين الناس وبين الرسول r يبلغون الناس ما قاله، ويفهمونهم مراده، يقولون هذا عهده إلينا، ونحن عهدناه إليكم، وهكذا يتلقاه خالف عن سالف، قال عليه الصلاة والسلام «يحمل هذا الدين من كل خلف عدوله، ينفون عنه تحريف الغالين، وانتحال المبطلين وتأويل الجاهلين» فهموا عن الله ورسوله، فاستنبطوا أحكاما فهموا معانيها من الكتاب والسنة، تارة من نفس القول، وتارة من معناه، وتارة من علة الحكم حتى نزلوا الوقائع التي لم تذكر على ما ذكر، وسهلوا لمن جاء بعدهم طريق ذلك، وهكذا جرى الأمر في كل علم توقف فهم الشريعة عليه، واحتيج في إيضاحها إليه، وهو عين الحفظ الذي تضمنته الأدلة، وكثيرا ما يتبين الحق فيكون فهمهم من النصوص هو الذي تشهد العقول والفطر بأنه هو العلم النافع، ومن تمام العصمة أن جعل تعالى عددا من العلماء إذا أخطأ الواحد في شيء كان الآخر قد أصاب فيه، حتى لا يضيع الحق، وجاء بعدهم من تعقب أقوالهم، فبين ما كان خطأ عنده، كل ذلك حفظ لهذا الدين، حتى يكون أهله كما وصفهم الله به ]يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ[.
سؤال أهل العلم بها
ولما كان كثير من المسائل لا يعرفها كثير من الناس، أمروا بسؤال أهل العلم بالأحكام، قال تعالى: ]فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ *[ وقال صلى الله عليه وسلم: «ألا سألوا إذا لم يعلموا، فإنما شفاء العي السؤال» فالواجب على المكلف إذا لم تكن فيه أهلية لمعرفة الدليل من الكتاب والسنة سؤال أهل العلم، وليس المراد التقليد المذموم، وهو أن يقلد الرجل شخصًا بعينه في التحريم والتحليل، بغير دليل، بل المراد الاقتداء الذي لا يعرف الحق إلا به، وهو الاقتداء بمن يحتج لقوله بكتاب الله وسنة نبيه محمد صلى الله عليه وسلم، وليس في الحقيقة، بمقلد بل متبع لتلك الأدلة الشرعية، مجتهد فيما اختاره، داخل تحت قوله ]وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا[ أئمة نقتدي بمن قبلنا، ويقتدي بنا من بعدنا.

 
رد: حاشيه الروض المربع

صفة المسئول
ينبغي أن يكون عارفا بآثار السلف، ومقاصد أفعالهم، وحقيقة ما جاء به الكتاب والسنة وحقيقة المعقول الصحيح، الذي لا يتصور أن يناقض ذلك، عالما بقول من تقدمه، وإلا لم يمكنه أن يقول بمبلغ علمه، وإن كان عنده شواهد وبينات مما شاهده أو وجده أو عقله أو عمله، وذلك قد ينتفع به هو في نفسه إن وافق، فإن بصيرة المؤمن قد تنطق بالحكمة، وإن لم يسمع أثرا، فإذا جاء الأثر كان نورا على نور، وأما حجة الله على عباده فهي الكتاب والسنة.
إذا اجتهد
وإذا اجتهد الفاضل بحسب ما أدركه في زمانه ومكانه، وكان مقصوده متابعة الرسول r بحسب إمكانه، فبان له الحق، فله أجران، وإن اقتضى اجتهاده قولا آخر فعليه أن يعمل به، لا لأنه أمر بذلك القول، بل لأن الله أمره أن يعمل بما يقتضيه اجتهاده، وبما يمكنه معرفته، وهو لم يقدر إلا على ذلك، وهو مأجور غير مؤاخذ بما أخطأ، وهذا حكم من الله من جهة العمل بما قدر عليه من الأدلة، وإن كان في نفس الأمر دليل معارض راجح لم يتمكن من معرفته، فليس عليه اتباعه إلا إذا قدر عليه، فإن ظهور المدارك الشرعية للأذهان، وخفاءها أمر لا ينضبط وقد أحسن من انتهى إلى ما سمع.
وتمكن
ومن تمكن من الحكم بنفسه بالقوة القريبة من الفعل، لكونه أهلا للاجتهاد فلا خلاف في أنه لا يجوز له تقليد غيره، سواء كان الغير أعلم منه أم لا، مع ضيق الوقت أو سعته، ويجب عليه اتباع النص، وإن لم يفعل كان متبعا للظن ]وَمَا تَهْوَى الأَنْفُسُ[ ومن أكبر العصاة لله ولرسوله، ومن بلغته السنة، وتبين له حقيقة الحال لم يبق له عذر، ولا يجوز له أن يرغب عما شرعه الله ورسوله، لأجل اجتهاد غيره، وقد أجمع أهل العلم على تحريم التقليد بعد ظهور الحجة، وتحريم تقليد من ليس بأهل أن يؤخذ بقوله: أو تقليد واحد من الناس في جميع ما قال دون غيره.
 
رد: حاشيه الروض المربع

إذا نظر في مسألة متنازع فيها
ومن نظر في مسألة تنازع العلماء فيها، ورأى مع أحد القولين نصا لم يعلم له معارضا، فهو بين أمرين، إما أن يتبع القول الذي ترجح في نظره بالنص، وهو واجبه فقد أجمع المسلمون على تحريم القول في دين الله بما يخالف النص، ويسقط حينئذ الاجتهاد والتقليد، وإما أن يتبع قول القائل لمجرد كونه إمامًا اشتغل على مذهبه، وقد علم بالضرورة من كلام الأئمة الأربعة وغيرهم أن من قلد أحدا منهم أو من غيرهم في نازلة بعد ظهور كون رأيه فيها مخالفًا نص كتاب أو سنة أو إجماعا أو قياسا جليا عند القائل به فهو كاذب في دعواه التقليد له، متبع لهواه وعصبتيه، فقد أجمع المسلمون على أن من استبانت له سنة رسول الله r لم يكن له أن يدعها لقول أحد من الناس، ولا يلتفت إلى الآراء مع وجود سنة تخالفها.
القول الصحيح يخرج على مذاهبهم
وكل قول صحيح فهو يخرج على قواعد الأئمة الأربعة بلا ريب، فقد اتفقوا على أصول الأحكام، فإذا تبين رجحان قول وصحة مأخذه خرجوا على قواعد إمامه، فهو مذهبه، وقد صرحوا بأن النصوص الصحيحة الصريحة التي لا معارض لها ولا ناسخ، وكذا مسائل الإجماع لا مذاهب فيها، وإنما المذاهب فيما فهموا من النصوص، أو علمه أحد دون أحد، أو في مسائل الاجتهاد ونحو ذلك، واتفقوا على أنه لا يجوز أن يقال قول هذا صواب دون قول هذا إلا بحجة.
أقوالهم يحتج لها
أقوال أهل العلم يحتج لها بالأدلة الشرعية، لا يحتج بها على الأدلة الشرعية، وتذكر وتورد في المعارضات والالتباس، والعلم بها من أسباب الفهم عن الله ورسوله، فإنهم قصدوا تجريد المتابعة، للرسول صلى الله عليه وسلم، والوقوف مع سنته، ولم

 
رد: حاشيه الروض المربع

يلتفتوا إلى خلاف أحد، بل أنكروا على من خالف سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم كائنا من كان، ولا يجوز تعليل الأحكام بالخلاف، فإن تعليلها بذلك علة باطلة في نفس الأمر، فإن الخلاف ليس من الصفات التي يعلق الشارع بها الأحكام في نفس الأمر وإنما ذلك وصف حادث بعد النبي صلى الله عليه وسلم، وليس يسلكه إلا من لم يكن عالما بالأدلة الشرعية في نفس الأمر، لطلب الاحتياط.
تدوينها
حكاية القولين والثلاثة إنما دونت لفائدة، وهي التنبيه على مدارك الأحكام، واختلاف القرائح والآراء، وربما يستنير أهل العلم ممن بعدهم بما فيها من الآراء، وربما يظهر من مجموعها ترجيح بعضها، وذلك من المطالب المهمة، والقياس أن لا تدون تلك الأقوال، وهو أقرب إلى ضبط الشرع، إذ ما لا عمل عليه لا حاجة إليه، فتدوينه تعب محض، ولكن جرت طريقة أهل العلم في طلب أقوال العلماء، وضبطها والنظر فيها، وعرضها على الكتاب والسنة، فما وافق ذلك قبلوه وقضوا به وإلا لم يلتفتوا إليه وردوه، وما لم يتبين لهم كان عندهم من مسائل الاجتهاد التي غايتها أن تكون سائغة الاتباع، ولا واجبة الاتباع، من غير أن يلزموا بها أحدا، ولا يقولوا إنها الحق دون ما خالفها، بل قد نهونا عن الأخذ بما يخالف هدي رسول الله صلى الله عليه وسلم وكل منهم يدعو إلى متابعة الكتاب والسنة، وكانوا أول العاملين بها، الداعين إليها، ولم يكتبوا كتبا بآرائهم في الدين، يكلفون الناس العمل بها، والكتب المنسوبة إليهم إنما كتبها خلفهم، لنشر آرائهم، وإظهار اجتهادهم ورأى بعضهم من يكتب عنه كل ما يقول فنهاه، وقال أتكتب عني رأيا فتجعله دينا للناس؟ وربماأرجع عنه غدا.
ما لا يجوز نقله
لا يجوز لمطلع على قول مخالف لأصل شرعي، من كتاب أو سنة أو إجماع
نقله للناس إلا للتنبيه عليه، ولا يجوز له أن يفتي به في دين الله، فــإن الفتوى بغير


شرع الله حرام، وإن لم يعص صاحب القول، بل يؤجر لاجتهاده، بخلاف المطلع عليه المخالف عمدا فيأثم.
الاحتياط
رجح عامة العلماء الدليل الحاظر على الدليل المبيح، وسلك كثير من الفقهاء دليل الاحتياط في كثير من الأحكام، بناء على هذا، وأما الاحتياط في الفعل فكالمجمع على حسنه بين العقلاء في الجملة، والاحتياط ما لم تتبين السنة، فإذا تبينت فالاحتياط اتباعها، فإن أفضى الاحتياط إلى خلافها كان خطأ، والعلماء متفقون على الخروج من الخلاف إذا لم يلزم منه إخلال بسنة أو وقوع في خلاف آخر.
الاعتناء بالشرع
يتعين الاعتناء بالكتاب والسنة، فقد قال الله تعالى: ]وَأَطِيعُوا اللهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ[ في غير موضع من كتابه، أي اتبعوا كتاب الله وسنة رسوله، واعتنوا بهما، ففيهما الهدى والنور، وحذر عن مخالفتهما، فعلى المتمسكين بالمذاهب أن يعتنوا بالشريعة المطهرة أكثر، ويعرضوا أقوال الأئمة عليها، ليعلموا بذلك مذاهب أئمتهم الحقة، وعليهم أن يرجعوا إلى الأدلة الشرعية التي اشتهر العمل بها بين علماء المسلمين، خلاف ما لهج به غالب المتأخرين من أتباع الأئمة، من اقتصارهم على الكتب الخالية من الدليل، وإعراضهم عن الكتاب والسنة وعن نقل بعض ما صح عن أئمتهم المطابق للكتاب والسنة وكثير من الآراء التي يعتقدونها مذاهب لأئمتهم، بعضها مخالف لمذاهب أئمتهم. فضلا عن الكتاب والسنة، وما عليه جمهور الأمة، وما كان كذلك ليس بمذهب لأحد من الأئمة، كما علم ذلك عنهم.
كتب المتأخرين
وقال مجدد هذه الدعوة شيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب رحمه الله
أكثر ما في الإقناع والمنتهى مخالف لمذاهب أحمد ونصه، فضلا عن نص رسـول الله

 
رد: حاشيه الروض المربع

صلى الله عليه وسلم يعرف ذلك من عرفه، وقال نحو ذلك في كتب المتأخرين من أهل المذاهب، ولشيخ الإسلام عن أهل عصره نحو ذلك، فكيف بكتب عصرنا؟ وقال ابن القيم: المتأخرون يتصرفون في نصوص الأئمة، ويبينونها على ما لم يكن لأصحابها ببال، ولا جرى لهم في مقال، ويتناقله بعضهم عن بعض، ثم يلزمهم من طرد لوازم لا يقول بها الأئمة، فمنهم من يطردها ويلزم القول بها، ويضيف ذلك إلى الأئمة، وهم لا يقولون به، فيروج بين الناس بجاه الأئمة، ويفتي به، ويحكم به، والإمام لم يقله قط، بل يكون نص على خلافه، وقال لا يحل أن ينسب إلى إمامه القول، ويطلق عليه أنه قوله، بمجرد ما يراه في بعض الكتب التي حفظها أو طالعها من كلام المنتسبين إليه، فإنه قد اختلطت أقوال الأئمة، وفتاويهم بأقوال المنتسبين إليهم واختياراتهم، فليس كل ما في كتبهم منصوصا عن الأئمة بل كثير منه يخالف نصوصهم، وكثير منه لا نص لهم فيه وكثير منهم يخرج على فتاويهم وكثير منهم أفتوا به بلفظه، أو بمعناه، فلا يحل لأحد أن يقول هذا قول فلان ومذهبه، إلا أن يعلم يقينا أنه قوله ومذهبه اهـ.
وإذا تتبع المنصف تلك الكتب، واستقرأ حال تلك الأتباع، وعرضها على الكتاب والسنة، وعلى أصول الأئمة، وما صح عنهم، وجدها كما قالوا رحمهم الله، وقد يؤصل أتباعهم ويفصلون على ما هو عن مذاهب أئمتهم الصحيحة بمعزل يعرف ذلك من كان خبيرا بأصولهم ونصوصهم، ومع ذلك عند بعضهم كل إمام في اتباعه بمنزلة النبي في أمته، لا يلتفت إلى ما سواه، ولو جاءته الحجة كالشمس في رابعة النهار.

التأويل

وكثير منهم إذا رأى حديثا يخالف مذهبه تلقاه بالتأويل، وحمله على خلاف ظاهره، مهما وجد إليه سبيلا، فإن جاءه ما يغلبه فزع إلى دعوى الإجماع على خلافه، فإذا رأى من الخلاف ما لا يمكنه معه دعوى الإجماع، فزع إلى القول بأنه منسوخ، أو إلى أن متبوعه أعلم، وأنه ما خالفه إلا وقد صح عنده ما يقتضي مخالفته.


وليست هذه طريقة السلف، بل كلهم على خلاف هذه الطريقة، فإنهم إذا وجدوا سنة صحيحة لم يبطلوها بتأويل، ولا دعوى إجماع، ولا نسخ ولا ادعاء علم متبوع، وقد علم بالاضطرار من دين الإسلام أنَّ الأئمة لا تضيع نقل سنة صحيحة متأخرة وتحفظ المنسوخ.

التعصب

التعصب إلى المذاهب والمشايخ، وتفضيل بعضهم على بعض، والدعوى إلى ذلك، والموالاة عليه من دعوى الجاهلية، بل كل من عدل عن الكتاب والسنة فهو من أهل الجاهلية، والواجب على المسلم أن يكون أصل قصده طاعة الله وطاعة رسوله، يدور على ذلك ويتبعه أينما وجده، ولا ينتصر لشخص انتصارًا مطلقا إلا لرسول الله صلى الله عليه وسلم، ولا لطائفة انتصار مطلقا عاما إلا لأصحابه فإن الهدى يدور مع رسول الله صلى الله عليه وسلم حيث دار ويدور مع أصحابه دون غيرهم، خلاف ما درج عليه بعض متأخري الأصحاب وغيرهم، حتى قال أبو الحسن الكرخي الحنفي، الأصل قول أصحابنا فإن وافقه نصوص الكتاب والسنة فذاك، وإلا وجب تأويلها، وجرى العمل عليه، وفي جامع الراموز وغيره، المذاهب أنه لا يقلد أحد من الصحابة ولا التابعين إلا أبا حنيفة، بل منهم من أدخل في الإسلام المذهب، وادعى الجويني وغيره وجوب انتحال مذهب الشافعي على كافة المسلمين حتى على العوام الطغام، بحيث لا يبغون عنه حولا، ولا يريدون به بدلا، وقيل غير ذلك مما يستحي العاقل من حكايته فضلا عن نقله.


فضل الأئمة

فضل الأئمة الأربعة وكذا غيرهم من أئمة الدين، ووجوب توقيرهم واحترامهم والتحذير من بغضهم وأذاهم، فقد تظاهرت به الآيات وصحيح الأخبار
والآثار، وتواترت به الدلائل العقلية والنقلية، وتوافقت، وهم أهل الفضل علينا، ونقلوا الدين إلينا، وعول جمهور المسلمين على العمل بمذاهبهم، من صدر الإسلام إلى
يومنا هذا، بل لا يعرف العلم إلا من كتبهم، ولم يحفظ الدين إلا من طريقهم. فيجب احترامهم، وتوقيرهم والاعتراف بقدرهم وتحسين الظن بهم، فهم من خيار الأمة، وخلفاء الرسول صلى الله عليه وسلم، ومعرفة أقوالهم سبب للإصابة ومعرفة الحق، لا سيما أهل الحديث فإنهم أعظم الناس بحثا عن أقواله صلى الله عليه وسلم وأفعاله وتقريراته، وطلبا لعلمها، وأرغب الناس في اتباعها، وأبعد الناس عن اتباع ما يخالفها ومقدمهم الإمام أحمد بن حنبل، الذي قال فيه شيخ الإسلام وغيره: أحمد أعلم من غيره بالكتاب والسنة، وأقوال الصحابة والتابعين، ولا يكاد يوجد له قول يخالف نصا، كما يوجد لغيره، لكن لا ندعي فيه ولا في أحد منهم العصمة، ولا نتخذهم أربابا من دون الله، وما وجد في بعض كتبهم من خطأ فمردود على قائله مع إحسان الظن به، والفقهاء المنتسبون إليهم لم يختاروا مذاهبهم عند عدم الدليل، إلا عن اجتهاد، لا مجرد رأي وتقليد، كما ظنه من لم يحقق النظر في مصنفاتهم، ومع ذلك فليسوا بمعصومين.
التمذهب
ولا يجب التزام مذهب معين إلا رسول الله صلى الله عليه وسلم ومن التزم مذهبا معينا ثم فعل خلافه من غير تقليد لعالم آخر أفتاه، ولا استدلال بدليل يقتضي خلاف ذلك، ومن غير عذر شرعي يبيح له فعله، فإنما يكون متبعا لهواه فإنه ليس لأحد أن يعتقد الشيء واجبا أو محرما، ثم يعتقد الواجب حراما والمحرم واجبا، بمجرد هواه، كمسألة الجد وشرب النبيذ وأما إذا تبين له ما يوجب رجحان قول على قول بدليل، أو رجحان مفت فيجوز بل يجب، والعاجز إذا اتبع من هو من أهل العلم والدين، ولم يتبين له أن قول غيره أرجح، فهو محمود مثاب، والله الموفق للصواب.

 
التعديل الأخير:
رد: حاشيه الروض المربع

بسم الله الرحمن الرحيم ([1])

الحمد لله الذي شرح صدر من أراد هدايته للإسلام ([2]) وفقَّه في الدين من أراد به خيرا ([3])، وفهمه فيما أحكمه من

([1]) لم يكتب أحد بسم الله الرحمن الرحيم قبل سليمان عليه السلام، وكان صلى الله عليه وسلم يكتب «باسمك اللهم» حتى نزلت عليه ]إِنَّهُ مِنْ سُلَيْمَانَ وَإِنَّهُ بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ[ قال الحافظ: وقد استقر عمل الأئمة المصنفين على افتتاح كتب العلم بالتسمية، وكذا معظم كتب الرسائل، وقدمت هنا على التعوذ دون القرآن لأن التعوذ هناك للقراءة، والبسملة من القرآن فقدم التعوذ عليها وابتدئ بها هنا للتبرك.

([2]) الحمد: هو الثناء بالقول على المحمود، قال شيخ الإسلام: الحمد ذكر محاسن المحمود مع حبه وإجلاله وتعظيمه، وشرح أي وسع قلب من أراد هدايته وتوفيقه وإرشاده لاتباع الرسل، وفي الحديث قالوا: يا رسول الله كيف يشرح صدره؟ قال: «نور يقذفه فيه فينشرح له وينفسح»، والإسلام هو الاستسلام لله بالتوحيد، والانقياد له بالطاعة والبراءة من الشرك وأهله، وفيه اقتباس، وهو أن يضمن المتكلم كلامه بشيء من القرآن أو الحديث، لا على أنه منه، ولا يضر فيه التغيير، لا لفظا ولا معنى، وشرح فيه أيضا إشارة إلى أن هذا الكتاب شرح: ومثل هذا يسمى براعة الاستهلال، وهو من المحسنات البديعة، وكذا قوله: فقه: و: من الأحكام، وبيان الحلال والحرام.

([3]) أي علم وأرشد من أراد به خيرا، والخير كلمة جامعة لجميع ما يحبه الله ويرضاه من الطاعات، ضد الشر، يشير إلى قوله r «من يرد الله به خيرا يفقه في الدين»، والدين الإسلام، والعبادة، والطاعة، والذل، والتوحيد، واسم لجميع ما يتعبد به.



لم يكتب أحد بسم الله الرحمن الرحيم قبل سليمان عليه السلام، وكان صلى الله عليه وسلم يكتب «باسمك اللهم» حتى نزلت عليه ]إِنَّهُ مِنْ سُلَيْمَانَ وَإِنَّهُ بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ[ قال الحافظ: وقد استقر عمل الأئمة المصنفين على افتتاح كتب العلم بالتسمية، وكذا معظم كتب الرسائل، وقدمت هنا على التعوذ دون القرآن لأن التعوذ هناك للقراءة، والبسملة من القرآن فقدم التعوذ عليها وابتدئ بها هنا للتبرك.
([1]) الحمد: هو الثناء بالقول على المحمود، قال شيخ الإسلام: الحمد ذكر محاسن المحمود مع حبه وإجلاله وتعظيمه، وشرح أي وسع قلب من أراد هدايته وتوفيقه وإرشاده لاتباع الرسل، وفي الحديث قالوا: يا رسول الله كيف يشرح صدره؟ قال: «نور يقذفه فيه فينشرح له وينفسح»، والإسلام هو الاستسلام لله بالتوحيد، والانقياد له بالطاعة والبراءة من الشرك وأهله، وفيه اقتباس، وهو أن يضمن المتكلم كلامه بشيء من القرآن أو الحديث، لا على أنه منه، ولا يضر فيه التغيير، لا لفظا ولا معنى، وشرح فيه أيضا إشارة إلى أن هذا الكتاب شرح: ومثل هذا يسمى براعة الاستهلال، وهو من المحسنات البديعة، وكذا قوله: فقه: و: من الأحكام، وبيان الحلال والحرام.
([1]) أي علم وأرشد من أراد به خيرا، والخير كلمة جامعة لجميع ما يحبه الله ويرضاه من الطاعات، ضد الشر، يشير إلى قوله r «من يرد الله به خيرا يفقه في الدين»، والدين الإسلام، والعبادة، والطاعة، والذل، والتوحيد، واسم لجميع ما يتعبد به.
 
التعديل الأخير:
رد: حاشيه الروض المربع

الأحكام([1]). أحمده أن جعلنا من خير أمة أخرجت للناس([2]) وخلع علينا خلعة الإسلام خير لباس([3]) وشرع لنا من الدين ما وصى به نوحا وإبراهيم وموسى وعيسى وأوحاه إلى محمد عليه وعليهم أفضل الصلاة والسلام([4])، وأشكره وشكر المنعم واجب على

http://www.dardashchat.net/vb/showthread.php?t=15738&************=2#_ftnref1([1]) أي علمه وعرفه، فيما أحكمه أبرمه وأتقنه، من الأحكام جمع حكم، وهو مدلول خطاب الشرع المتعلق بأفعال المكلفين، وينقسم إلى خمسة أقسام: واجب، وحرام ومستحب ومباح، ومكروه.

http://www.dardashchat.net/vb/showthread.php?t=15738&************=2#_ftnref2([2]) أي أصفه بالجميل على أن جعلنا من أمة هي خير الأمم، وأنفع الناس للناس، وفيه إشارة إلى قوله تعالى: ]كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ[ وكرر الحمد إيذانا بتكرره، حيث أعاده بالجملة الفعلية، واتباعا لقوله r «إن الحمد لله نحمده ونستعينه».

http://www.dardashchat.net/vb/showthread.php?t=15738&************=2#_ftnref3([3]) أي جعل علينا خلعة الإسلام، وكذا الإيمان، لا ستلزام كل واحد منهما الآخر عند الانفراد خير لباس وأجمله، لمن أخذ به، وخلعة بكسر الخاء ما يخلع على الإنسان، وخير بالنصب صفة لخلعة، ولم يؤنثه لأنه اسم تفضيل مضاف لنكرة.

http://www.dardashchat.net/vb/showthread.php?t=15738&************=2#_ftnref4([4]) أي وسن لنا طريقا واضحا من الدين الذي تطابقت على صحته الأنبياء، وهو ما أوحاه تعالى وأمر به، وعهده إلى هؤلاء الخمسة، وخصهم لأنهم أفضل الأنبياء، وأصحاب الشرائع المعظمة، والأتباع الكثيرة، وأولو العزم من الرسل عليه، وعليهم أسنى الثناء وأزكى التحية، والشرع لغة البيان والإظهار، يقال شرع الله كذا، أي جعله طريقا ومذهبا، واصطلاحا تجويز الشيء أو تحريمه، والشريعة ما شرعه الله لعباده على ألسن رسله والشرائع ثلاث منزلة ناسخة أو منسوخة، فالناسخة شريعة محمد r والمنسوخة جميع الشرائع والثانية المبدلة وهي التي لم تشرع أصلا، والثالثة المؤولة وهي المستنبطة من النصوص
وربما يصيب التأويل وربما يخطئ، فالمنزلة يجب العمل بها، والمبدلة يحرم العمل بها والمؤولة سائغ العمل بها.

([1]) أي علمه وعرفه، فيما أحكمه أبرمه وأتقنه، من الأحكام جمع حكم، وهو مدلول خطاب الشرع المتعلق بأفعال المكلفين، وينقسم إلى خمسة أقسام: واجب، وحرام ومستحب ومباح، ومكروه.
([1]) أي أصفه بالجميل على أن جعلنا من أمة هي خير الأمم، وأنفع الناس للناس، وفيه إشارة إلى قوله تعالى: ]كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ[ وكرر الحمد إيذانا بتكرره، حيث أعاده بالجملة الفعلية، واتباعا لقوله r «إن الحمد لله نحمده ونستعينه».
([1]) أي جعل علينا خلعة الإسلام، وكذا الإيمان، لا ستلزام كل واحد منهما الآخر عند الانفراد خير لباس وأجمله، لمن أخذ به، وخلعة بكسر الخاء ما يخلع على الإنسان، وخير بالنصب صفة لخلعة، ولم يؤنثه لأنه اسم تفضيل مضاف لنكرة.
([1]) أي وسن لنا طريقا واضحا من الدين الذي تطابقت على صحته الأنبياء، وهو ما أوحاه تعالى وأمر به، وعهده إلى هؤلاء الخمسة، وخصهم لأنهم أفضل الأنبياء، وأصحاب الشرائع المعظمة، والأتباع الكثيرة، وأولو العزم من الرسل عليه، وعليهم أسنى الثناء وأزكى التحية، والشرع لغة البيان والإظهار، يقال شرع الله كذا، أي جعله طريقا ومذهبا، واصطلاحا تجويز الشيء أو تحريمه، والشريعة ما شرعه الله لعباده على ألسن رسله والشرائع ثلاث منزلة ناسخة أو منسوخة، فالناسخة شريعة محمد r والمنسوخة جميع الشرائع والثانية المبدلة وهي التي لم تشرع أصلا، والثالثة المؤولة وهي المستنبطة من النصوص

 
رد: حاشيه الروض المربع

الأنام([1]) وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ذو الجلال والإكرام([2]) وأشهد أن سيدنا ونبينا محمدًا عبده ورسوله([3]).

([1]) ثنى بالشكر، وهو مثل الحمد، إلا أن الحمد أعم منه، واجب أي لازم، يقال وجب وجوبا إذا ثبت ولزم، والواجب ما يثاب فاعله ويعاقب تاركه، وهو مرادف للفرض، والأنام الجن والإنس، وقيل ما على وجه الأرض من جميع الخلق.

([2]) معطوف على الجملة الاسمية، أي أقطع وأجزم أن لا معبود بحق إلا الله، وحده: حال من الاسم الشريف، تأكيد للإثبات، لا شريك له، تأكيد للنفي، قال الحافظ: تأكيد بعد تأكيد اهتمام بمقام التوحيد، ذو الجلال والإكرام، العظمة والكبرياء، فهو سبحانه الجليل الكامل في صفاته، الكريم الذي لا ينفد عطاؤه، له الجلال المطلق، والكمال المطلق، من جميع الوجوه، ولأبي داود من حديث أبي هريرة (كل خطبة ليس فيها شهادة فهي كاليد الجذماء) وجاءت كلمة لا إله إلا الله في سبعة وثلاثين موضعا من القرآن.

([3]) أي وأقطع أن سيدنا، أي أفضلنا، ويطلق على الشريف والرئيس والكريم، ومتحمل أذى قومه، ونبيًا أي أشرفنا، مأخوذ من النبوة وهي الارتفاع، لرفعته وشرفه على سائر الخلق، وآثر لفظ النبي لما فيه من الشرف والرفعة، ومحمد علم منقول من التحميد، مشتق من الحميد، والحميد اسم من أسماء الله تعالى، وإليه أشار حسان بقوله:
فذو العرش محمود وهذا محمد



وشق له من اسمه ليجله



ومحمد أشرف أسمائه صلى الله عليه وسلم، قال ابن القيم: اسم مفعول، من حمد فهو محمد، إذا كان كثير الخصال التي يحمد عليها من المضاعف للمبالغة
فهو الذي يحمد أكثر مما يحمد غيره من البشر، وعبده أشرف اسم فإنه لا أشرف ولا أتم للمؤمن من وصفه بالعبودية لله تعالى، وقدمه لأنه أحب الأسماء إليه، وأشرفها لديه تعالى، ولذا وصفه به في أشرف المقامات، ورسوله أي مرسله وسفيره بأداء شريعته، قال ابن الأنباري الرسول في اللغة الذي يتابع أخبار الذي بعثه.

وربما يصيب التأويل وربما يخطئ، فالمنزلة يجب العمل بها، والمبدلة يحرم العمل بها والمؤولة سائغ العمل بها.
([1]) ثنى بالشكر، وهو مثل الحمد، إلا أن الحمد أعم منه، واجب أي لازم، يقال وجب وجوبا إذا ثبت ولزم، والواجب ما يثاب فاعله ويعاقب تاركه، وهو مرادف للفرض، والأنام الجن والإنس، وقيل ما على وجه الأرض من جميع الخلق.
([1]) معطوف على الجملة الاسمية، أي أقطع وأجزم أن لا معبود بحق إلا الله، وحده: حال من الاسم الشريف، تأكيد للإثبات، لا شريك له، تأكيد للنفي، قال الحافظ: تأكيد بعد تأكيد اهتمام بمقام التوحيد، ذو الجلال والإكرام، العظمة والكبرياء، فهو سبحانه الجليل الكامل في صفاته، الكريم الذي لا ينفد عطاؤه، له الجلال المطلق، والكمال المطلق، من جميع الوجوه، ولأبي داود من حديث أبي هريرة (كل خطبة ليس فيها شهادة فهي كاليد الجذماء) وجاءت كلمة لا إله إلا الله في سبعة وثلاثين موضعا من القرآن.
([1]) أي وأقطع أن سيدنا، أي أفضلنا، ويطلق على الشريف والرئيس والكريم، ومتحمل أذى قومه، ونبيًا أي أشرفنا، مأخوذ من النبوة وهي الارتفاع، لرفعته وشرفه على سائر الخلق، وآثر لفظ النبي لما فيه من الشرف والرفعة، ومحمد علم منقول من التحميد، مشتق من الحميد، والحميد اسم من أسماء الله تعالى، وإليه أشار حسان بقوله:
فذو العرش محمود وهذا محمد



وشق له من اسمه ليجله



ومحمد أشرف أسمائه صلى الله عليه وسلم، قال ابن القيم: اسم مفعول، من حمد فهو محمد، إذا كان كثير الخصال التي يحمد عليها من المضاعف للمبالغة

 
رد: حاشيه الروض المربع بقلم (بحر & سمااايل )

وحبيبه وخليله المبعوث لبيان الحلال والحرام([1]) صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه وتابعيهم الكرام([2]) أما بعد فهذا شرح لطيف على مختصر المقنع([3]).

([1]) حبيبه بمعنى محبوبه، والله سبحانه يحب ويحب، وخليله أي صفيه والخلة فوق المحبة، وفي الصحيح «إن الله قد اتخذني خليلا، كما اتخذ إبراهيم خليلا» والمبعوث المرسل، أرسله الله إلى الثقلين لبيان أي: لتوضيح الحلال والحرام وهما ضدان والحلال شرعا: ما خلا عن مدح وذم لذاته، ويسمى مباحا وطلقا، والحرام ما ذم فاعله شرعا ولو قول وعمل قلب، ويسمى محظورا وممنوعا وغير ذلك.

([2]) آله أتباعه على دينه على المشهور، أو أهل بيته وعليه الأكثر واختاره الشيخ وتلميذه وفي اللغة يرجع إلى الجميع، وأصحابه جمع صاحب بمعنى الصحابي، وهو من اجتمع بالنبي r ولو لحظة ومات مؤمنا به، ويأتي وتابعيهم أي السائرين على منهاجهم إلى يوم القيامة، الكرام أي الجامعين لأنواع الخير والشرف والفضائل، وذكر ابن عبد البر عن بعضهم أنه قال: يجب أي من جهة الصناعة، على كل شارع في تصنيف أربعة أمور البسملة والحمدلة والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم والتشهد، ويسن له ثلاثة أمور تسمية نفسه، وتسمية كتابه، والإتيان بما يدل على المقصود، وهو المعروف ببراعة الاستهلال.

([3]) أي بعدما تقدم ولما كانت أما متضمنة لمعنى الشرط أتى بعدها بالفاء الجزائية فقال: فهذا إشارة إلى المرتب الحاضر في الذهن، سواء تقدمت الديباجة أو تأخرت، إذ لا حضور للألفاظ المرتبة ولا لمعانيها في الخارج، وبعد ظرف مبهم لا يفهم معناه إلا بالإضافة لغيره، هو زمان متراخ عن السابق، واسم الإشارة وإن كان وضعه للأمور المبصرة الحاضرة في مرئي المخاطب، فقد يستعمل في الأمور المعقول لنكتة وهي الإشارة إلى إتقانه لهذه المعاني، حتى صار لكمال علمه بها كأنها مبصرة عنده، والشرح الكشف، تقول شرحت الغامض إذا فسرته، والمراد هنا ما يوضح المعاني ويكشفها، من شرحه شرحا كشفه وفسره وبينه، ولطيف فعيل من اللطافة، والمراد بها هنا صغر الحجم، وبديع الصناعة، والاختصار ضم بعض الشيء إلى بعض للإيجاز ويأتي.
ولا أتم للمؤمن من وصفه بالعبودية لله تعالى، وقدمه لأنه أحب الأسماء إليه، وأشرفها لديه تعالى، ولذا وصفه به في أشرف المقامات، ورسوله أي مرسله وسفيره بأداء شريعته، قال ابن الأنباري الرسول في اللغة الذي يتابع أخبار الذي بعثه.
([1]) حبيبه بمعنى محبوبه، والله سبحانه يحب ويحب، وخليله أي صفيه والخلة فوق المحبة، وفي الصحيح «إن الله قد اتخذني خليلا، كما اتخذ إبراهيم خليلا» والمبعوث المرسل، أرسله الله إلى الثقلين لبيان أي: لتوضيح الحلال والحرام وهما ضدان والحلال شرعا: ما خلا عن مدح وذم لذاته، ويسمى مباحا وطلقا، والحرام ما ذم فاعله شرعا ولو قول وعمل قلب، ويسمى محظورا وممنوعا وغير ذلك.
([1]) آله أتباعه على دينه على المشهور، أو أهل بيته وعليه الأكثر واختاره الشيخ وتلميذه وفي اللغة يرجع إلى الجميع، وأصحابه جمع صاحب بمعنى الصحابي، وهو من اجتمع بالنبي r ولو لحظة ومات مؤمنا به، ويأتي وتابعيهم أي السائرين على منهاجهم إلى يوم القيامة، الكرام أي الجامعين لأنواع الخير والشرف والفضائل، وذكر ابن عبد البر عن بعضهم أنه قال: يجب أي من جهة الصناعة، على كل شارع في تصنيف أربعة أمور البسملة والحمدلة والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم والتشهد، ويسن له ثلاثة أمور تسمية نفسه، وتسمية كتابه، والإتيان بما يدل على المقصود، وهو المعروف ببراعة الاستهلال.
([1]) أي بعدما تقدم ولما كانت أما متضمنة لمعنى الشرط أتى بعدها بالفاء الجزائية فقال: فهذا إشارة إلى المرتب الحاضر في الذهن، سواء تقدمت الديباجة أو تأخرت، إذ لا حضور للألفاظ المرتبة ولا لمعانيها في الخارج، وبعد ظرف مبهم لا يفهم معناه إلا بالإضافة لغيره، هو زمان متراخ عن السابق، واسم الإشارة وإن كان وضعه للأمور المبصرة
 
رد: حاشيه الروض المربع بقلم (بحر & سمااايل )

للشيخ الإمام العلامة([1]) والعمدة القدوة الفهامة([2]) وهو شرف الدين أبو النجا([3]) موسى بن أحمد بن موسى بن سالم بن عيسى المقدسي الحجاوي ثم الصالحي الدمشقي([4]) تغمده الله برحمته([5]) وأباحه بحبوحة جنته([6]).

http://www.dardashchat.net/vb/showthread.php?p=109899&posted=1#_ftnref1([1]) إطلاق الشيخ على العالم باعتبار الكبر في العلم والفضيلة، والإمام من يؤتم به أي يقتدى به من رئيس وغيره، والعلامة العالم جدا، والهاء للمبالغة.

http://www.dardashchat.net/vb/showthread.php?p=109899&posted=1#_ftnref2([2]) العمدة ما يعتمد عليه، والقدوة مثلثة من يستن به والأسوة، يقال فلان قدوة أي يقتدى به، والفهامة صيغة مبالغة، من فهم أي علم وعرف.

http://www.dardashchat.net/vb/showthread.php?p=109899&posted=1#_ftnref3([3]) الشرف المجد والعلو، ويجب تأخير اللقب مع الاسم، ويخير مع الكنية.

http://www.dardashchat.net/vb/showthread.php?p=109899&posted=1#_ftnref4([4]) مفتي الحنابلة بدمشق والصالحي نسبة إلى بلدة الصالحية بظاهر دمشق وله كتاب الإقناع، وحاشية التنقيح، وغيرهما، واشتهر بالحجاوي نسبة إلى حجة، قرية من قرى نابلس، توفي سنة تسعمائة وثمان وستين.

http://www.dardashchat.net/vb/showthread.php?p=109899&posted=1#_ftnref5([5]) أي غمده فيها وغمره بها، من غمد السيف وهو غلافه، وفي الحديث «إلا أن يتغمدني الله برحمته» قال أبو عبيد: يتغمدني يلبسني ويتغشاني ويغمرني بها.

http://www.dardashchat.net/vb/showthread.php?p=109899&posted=1#_ftnref6([6]) أي أسكنه وسطها، وفي الحديث «من سره أن يسكن بحبوحة الجنة فعليه بالجماعة».

وإن كان وضعه للأمور المبصرة الحاضرة في مرئي المخاطب، فقد يستعمل في الأمور المعقول لنكتة وهي الإشارة إلى إتقانه لهذه المعاني، حتى صار لكمال علمه بها كأنها مبصرة عنده، والشرح الكشف، تقول شرحت الغامض إذا فسرته، والمراد هنا ما يوضح المعاني ويكشفها، من شرحه شرحا كشفه وفسره وبينه، ولطيف فعيل من اللطافة، والمراد بها هنا صغر الحجم، وبديع الصناعة، والاختصار ضم بعض الشيء إلى بعض للإيجاز ويأتي.
([1]) إطلاق الشيخ على العالم باعتبار الكبر في العلم والفضيلة، والإمام من يؤتم به أي يقتدى به من رئيس وغيره، والعلامة العالم جدا، والهاء للمبالغة.
([1]) العمدة ما يعتمد عليه، والقدوة مثلثة من يستن به والأسوة، يقال فلان قدوة أي يقتدى به، والفهامة صيغة مبالغة، من فهم أي علم وعرف.
([1]) الشرف المجد والعلو، ويجب تأخير اللقب مع الاسم، ويخير مع الكنية.
([1]) مفتي الحنابلة بدمشق والصالحي نسبة إلى بلدة الصالحية بظاهر دمشق وله كتاب الإقناع، وحاشية التنقيح، وغيرهما، واشتهر بالحجاوي نسبة إلى حجة، قرية من قرى نابلس، توفي سنة تسعمائة وثمان وستين.
([1]) أي غمده فيها وغمره بها، من غمد السيف وهو غلافه، وفي الحديث «إلا أن يتغمدني الله برحمته» قال أبو عبيد: يتغمدني يلبسني ويتغشاني ويغمرني بها.
([1]) أي أسكنه وسطها، وفي الحديث «من سره أن يسكن بحبوحة الجنة فعليه بالجماعة».
 
الوسوم
الأول الجزء الروض المربع حاشيه
عودة
أعلى