أبو فراس الحمداني شاعر وأمير وفارس من العصر العباس

نغم السماء

من الاعضاء المؤسسين
السيره الذاتيه للشعراء على مر العصور...........

بعد أن قدمت عن أمير الشعراء أحمد شوقي حروف قليله عنه لا توفيه حقه انتقل اليوم للحديث عن سيرة ذاتيه لشاعر آخر اثرى الشعر العربي حق إثراء هو
أبو فراس الحمداني شاعر وأمير وفارس من العصر العباس
اسمه وكنيته ونسبه :


أبو فراس الحارث بن سعيد بن حمدان بن حمدون بن الحارث بن تغلب الحمداني التغلبي.
ولادته :

ولد الشاعر أبو فراس عام 320 ه (932 م) بمدينة الموصل في العراق .
نشأته :

نشأ الشاعر أبو فراس يتيما وعاش في ظلّ والدته التي حدبت على تربيته وكان ابنا عمّه السلطان ناصر الدولة وسيف الدولة فأصبح فارس ميدان العقل والفراسة والشجاعة والرياسة وجمع بين ريادة الشعر وقيادة العسكر عنده هيبة الأمراء ولطف الشعراء ومفاكهة الأدباء فلا الحرب تخيفه ولا القوافي تعصيه واشترك في معارك ابن عمّه سيف الدولة مع الروم وأسر مرّتين. شاعر أمير فارس ابن عم سيف الدولة. له وقائع كثيرة قاتل بها بين يدي سيف الدولة وكان سيف الدولة يحبه ويجله ويستصحبه في غزواته ويقدمه على سائر قومه وقلده منبج وحران وأعمالها فكان يسكن بمنبج ويتنقل في بلاد الشام. جرح في معركة مع الروم فأسروه وبقي في القسطنطينية أعواما ثم فداه سيف الدولة بأموال عظيمة.
قال الذهبي: كانت له منبج وتملك حمص وسار ليتملك حلب فقتل في تدمر وقال ابن خلّكان: مات قتيلا في صدد (على مقربة من حمص) قتله رجال خاله سعد الدولة
شعره:

دخل التشيّع في مدينة حلب قبل عهد الحمدانين وانتشر وقوى فيها على عهد الحمدانين فقد كانوا يكرمون الأدباء والشعراء والعلماء والمحدثين ومن أبرز شعراء الحمدانين أبو فراس شاعر الشجاعة والبطولة والولاء فله قصائد كثيرة في الشجاعة والفروسية وكما له في حقّ أهل البيت ( عليهم السلام ) فقد ألقى قصيدته الشهيرة على جسر بغداد أنذاك يفضح فيها مساوئ خلفاء بني العباس حتّى قال المعتصم العباسي : لو خيّرنا بينها وبين مليون سيف مشهورة لاخترنا المليون سيف المشهورة على هذه القصيدة.
أقوال العلماء فيه : نذكر منهم ما يلي :

1 قال أبو منصور الثعالبي : كان فرد دهره وشمس عصره أدبا وفضلا وكرما ونبلا ومجدا وبلاغة وبراعة وفروسية وشجاعة وشعره مشهور سائر بين الحسن والجودة والسهولة والجزالة والعذوبة والفخامة والحلاوة والمتانة .

2 قال الصاحب بن عبّاد : ( بدأ الشعر بملك وختم بملك ) يعني امرئ القيس وأبا فراس الحمداني .

لم يهتم أبو فراس بجمع شعره أو تنقيحه إلا أن ابن خالويه وقد عاصره جمع قصائده ثم اهتم الثعالبي بجمع الروميات من شعره في يتيمته. وقد طبع ديوانه في بيروت سنة 1873 م ثم في مطبعة قلفاط سنة 1900 م ببيروت أيضا وتعتمد الطبعتان على ما جمعه ابن خالويه ولا تخلوان من التصحيف والتحريف. وقد نقل بعض شعره إلى اللغة الألمانية على يد المستشرق بن الورد. وأول طبعة للديوان كاملا كانت للمعهد الفرنسي بدمشق سنة 1944 م.

وفاته :

قتل الشاعر الحمداني في الثامن من ربيع الأوّل 357 ه (967 م) ودفن في قرية صدد قرب حمص في سورية وقبره معروف يزار
ولي عوده لاستكمال الحديث عن هذا الشاعر الرائع


تقبلوا تحيتي
 
التعديل الأخير:
في يومي الثاني للحديث عن اعظم شعراء العصر العباسي اقدم لاهم النقاط المضيئه والمعتمه في حياته
والخيانه التي تعرض لها بسبب سيف الدوله الحمداني انه
أبو فراس الحمداني شاعر وأمير وفارس من العصر
العباسي

استقرّ أبو فراس في بلاد الحمدانيين في حلب. درس الأدب والفروسية ثم تولّى منبج وأخذ يرصد تحرّكات الروم. وقع مرتين في أسر الروم. وطال به الأسر وهو أمير فكاتب ابن عمه سيف الدولة ليفتديه لكنّ سيف الدولة تباطأ وظلّ يهمله.

كانت مدة الأسر الأولى سبع سنين وأشهرا على الأرجح. وقد استطاع النجاة بأن فرّ من سجنه في خرشنة وهي حصن على الفرات. أما الأسر الثاني فكان سنة 962 م. وقد حمله الروم إلى القسطنطينية فكاتب سيف الدولة وحاول استعطافه وحثّه على افتدائه وراسل الخصوم . وفي سنة (966) م تم تحريره.
وفي سجنه نظم الروميات وهي من أروع الشعر الإنساني وأصدقه.
لماذا تأخّر سيف الدولة في تحريره؟
علم سيف الدولة أن أبا فراس فارس طموح فخاف على ملكه منه ولهذا أراد أن يحطّ من قدره وان يكسر شوكته ويخذله ويذلّه بإبقائه أطول فترة ممكنة في الأسر.
ولهذا قام بمساواته مع باقي الأسرى رغم انه ابن عمه وله صولات وجولات في الكرم والدفاع عن حدود الدولة وخدمة سيف الدولة الحمداني.
أبو فراس الحمداني بين فكّي التاريخ
سقوط الفارس في ساحة الميدان
بعد سنة من افتداء الشاعر توفي سيف الدولة (967) م وخلفه ابنه أبو المعالي سعد الدولة وهو ابن أخت الشاعر. وكان أبو المعالي صغير السن فجعل غلامه التركي فرعويه وصيا عليه.
وعندها عزم أبو فراس الحمداني على الاستيلاء على حمص فوجّه إليه أبو المعالي مولاه فرعويه فسقط الشاعر في أوّل اشتباك في الرابع من نيسان سنة 968 م وهو في السادسة والثلاثين من عمره.
وهكذا نجد أنّ رأي سيف الدولة الحمداني فيه كان صادقا وفي محله. فقد كان أبو فراس الحمداني طموحا الأمر الذي جرّ عليه الويلات.
أشعاره :
من آخر أشعاره مخاطبته ابنة أخيه:
أبنيّتي لا تحزني كل الأنام إلى ذهاب
أبنيّتي صبرا جميلا للجليل من المصاب
نوحي عليّ بحسرة من خلف سترك والحجاب
قولي إذا ناديتني وعييت عن ردّ الجواب
زين الشباب أبو فراس لم يمتّع بالشباب
ومن روائع شعره ما كتبه لأمه وهو في الأسر:
لولا العجوز بمنبج ما خفت أسباب المنيّه
ولكان لي عمّا سألت من فدا نفس أبيّه
وفي قصيدة أخرى إلى والدته وهو يئن من الجراح والأسر يقول:
مصابي جليل والعزاء جميل وظني بأنّ الله سوف يديل
جراح وأسر واشتياق وغربة أهمّك؟ أنّي بعدها لحمول
وأثناء أسره في القسطنطينية بعث إلى سيف الدولة يقول:
بمن يثق الإنسان فيما نواه؟
ومن أين للحرّ الكريم صحاب؟
وفي قصيدة "أراك عصيّ الدمع" الشهيرة يقول:

أراك عصيّ الدمع شيمتك الصبر

أما للهوى نهي عليك ولا أمر؟
نعم أنا مشتاق وعندي لوعة

ولكنّ مثلي لا يذاع له سرّ
إذا الليل أضواني بسطت يد الهوى
وأذللت دمعا من خلائقه الكبر

كلمة أخيرة
أبو فراس الحمداني الشاعر والفارس الذي لا يهاب الموت عاني الكثير من سيف الدولة الذي خاف من فروسيته وشعبيته فأحبّ أن يبقيه في أسر الروم. أما نحن القراء فأمتعنا ما كتبه الشاعر من كتابة صادقة في الحب والفخر والرثاء والشكوى.
يقول:
لم أعد فيه مفاخري ومديح آبائي النّجب
لا في المديح ولا الهجاء ولا المجون ولا اللعب
ولما تحرر من أسره حاول ردّ اعتباره واستعادة مجده لكنّ يد الموت كانت أطول . وفي معركة غير متكافئة سقط شاعرنا ومات وهو يلفظ الشعر الصادق فهو لم يكن يكتب الشعر للتكسّب مثل شعراء العصر العباسي
و من اجمل قصائده الرائعة التي أنشدها في أهل البيت ( عليهم السّلام ) قصيدة تسمى بالشافية جاء فيها :
الحق مهتضم و الدّين مخترم * و فيء رسول الله مقتسم
و الناس عندك لاناس فيحفظهم * سوم الرّعاة و لا شاء و لا نعم
إني أبيت قليل النوم أرّقني * قلب تصارع فيه الهمّ و الهمم
يا للرجال أما لله منتصر * من الطّغاة ؟ أما لله منتقم ؟
بنو علي رعايا في ديارهم * و الأمر تملكه النسوان و الخدم
محلّئون فأصفى شربهم وشل * عند الورود و أوفى ودهم لمم
أتفخرون عليهم لا أبا لكم * حّتى كأنّ رسول الله جدّكم !
و لا توازن فيما بينكم شرف * و لا تساوت لكم في موطن قدم
بئس الجزاء جزيتم في بني حسن * أباهم العلم الهادي و أمّهم
يا باعة الخمر كفّوا عن مفاخركم * لمعشر بيعهم يوم الهياج دم
الركن و البيت و الأستار منزلهم * و زمزم و الصّفا و الحجر و الحرم
رحم الله الشاعر الفذ ابو فراس الحمداني
ولي عوده لاستكمال
سيرته
خالص تحيتي لكم


 
أنه يومي الاخير للحديث عن اعظم سعراء العصر العباسي
ودرة شعراء عقده المتلألأ انه الشاعر المظلوم المقتول غدرا
ابو فراس الحمداني
فبعد ان تصفحنا ترجمه بسيطه جدا ونبذه عن حياة هذا العظيم اختم حديثي بتقديم بعض من قصائده الرائعه
قصيدة الفداء
خرج ابن أخت ملك الروم إلى نواحي منبج في ألف فارس من الروم فصادف أبا فراس يتصيد سبعين فارسا فقاتلهم حين لم يجد من لقائهم بدا بغير الفرار فأصيب بسهم فأخذوه أسيرا وطلب الروم فداء لأبي فراس إطلاق سراح أخي "بودرس" ابن أخت ملك الروم الذي كان أسيرا لدى سيف الدولة فكتب إليه أبو فراس يحثه على الفداء:
دعوتك للجفن القريح المسهّد
لديّ وللنوم القليل المشرّد
وما ذاك بخلا بالحياة وإنها
لأول مبذول لأول مجتد
وما الأسر مما ضقت ذرعا بحمله
وما الخطب مما أن أقول له قد
وما زل عني أن شخصا معرضا
لنبل العد ىإن لم يصب فكأن قد
ولست أبالي إن ظفرت بمطلب
يكون رخيصا أو بوسم مزوّد
ولكنني أختار موت بني أبي
على صهوات الخيل غير موسد
وتأبى وآبى أن أموت موسدا
بأيدي النصارى موت أكمد أكبد
نضوت على الأيام ثوب جلادتي
ولكنني لم أنض ثوب التجلد
دعوتك والأبواب ترتج دوننا
فكن خير مدعوّ وأكرم منجد
فمثلك من يدعى لكلّ عظيمة
ومثلي من يفدى بكلّ مسوّد
أناديك لا أني أخاف من الرّدى
ولا أرتجي تأخير يوم إلى غد
متى تخلف الأيام مثلي لكم فتى
طويل نجاد السيف رحب المقلّد
متى تلد الأيام مثلي لكم فتى
شديدا على البأساء غير ملهّد
يطاعن عن أعراضكم بلسانه
ويضرب عنكم بالحسام المهنّد
فما كلّ من شاء المعالي ينالها
ولا كل سيّار إلى المجد يهتدي
وإنك للمولى الذي بك أقتدي
وإنك للنجم الذي به أهتدي
وأنت الذي عرّفتني طرق العلا
وأنت الذي أهويتني كلّ مقصد
وأنت الذي بلغتني كل رتبة
مشيت إليها فوق أعناق حسّدي
فيا ملبسي النعمى التي جلّ قدرها
لقد أخلقت تلك الثياب فجدّد
أراك عصي الدمع
أراك عصي الدمع شيمتك الصبر
أما للهوى نهي عليك ولا أمر
بلى أنا مشتاق وعندي لوعة
ولكن مثلي لا يذاع له سر
إذا الليل أضواني بسطت يد الهوى
وأذللت دمعا من خلائقه الكبر
تكاد تضيء النار بين جوانحي
إذا هي أذكتها الصبابة والفكر
معللتي بالوصل والموت دونه
إذا بت ظمآنا فلا نزل القطر
حفظت وضيعت المودة بيننا
وأحسن من بعض الوفاء الغدر
وما هذه الأيام إلا صحائف
لأحرفها من كف كاتبها بشر
بنفسي من الغادين في الحي غادة
هواي لها ذنب وبهجتها عذر
تروغ إلى الواشين في وإن لي
لأذنابها عن كل واشية وقر
بدوت وأهلي حاضرون لأنني
أرى أن دارا لست من أهلها قفر
وحاربت قومي في هواك وإنهم
وإياي لولا حبك الماء والخمر
فإن يك ما قال الوشاة ولم يكن
فقد يهدم الإيمان ما شيد الكفر
وفيت وفي بعض الوفاء مذلة
لإنسانة في الحي شيمتها الغدر
وقور وريعان الصبا يستفزها
فتأرن أحيانا كما أرن المهر
تسائلني : من انت ؟ وهي عليمة
وهل بفتى مثلي على حاله نكر
فقلت لها : لو شئت لم تتعنتي
ولم تسألي عني وعندك بي الخبر
فقالت : لقد أزرى بك الدهر بعدنا
فقلت : معاذ الله بل انت لا الدهر
وما كان للأحزان لولاك مسلك
الى القلب لكن الهوى للبلى جسر
وتهلك بين الهزل والجد مهجة
إذا ما عداها البين عذبها الهجر
فأيقنت أن لا عز بعدي لعاشق
وأن يدي مما علقت به صفر
وقلبت أمري لا أرى لي راحة
اذا البين أنساني الح بي الهجر
فعدت إلى الزمان وحكمها
لها الذنب لا تجزي به ولي العذر
فلا تنكريني يا ابنة العم انه
ليعرف من انكرته البدو والحضر
ولا تنكريني إنني غير منكر
إذا زلت الأقدام واستنزل الذعر
وإني لجرار لكل كتيبة
معودة أن لا يخل بها النصر
وإني لنزال بكل مخوفة
كثير الى نزالها النظر الشزر
فاظمأ حتى ترتوي البيض والقنا
وأسغب حتى يشبع الذئب والنسر
ولا أصبح الحي الخلوف بغارة
ولا الجيش ما لم تأته قبلي النذر
ويا رب دار لم تخفني منيعة
طلعت عليها بالردى أنا والفجر
وحي رددت الخيل حتى ملكته
هزيما وردتني البراقع والخمر
وساحبة الأذيال نحوي لقيتها
فلم يلقها جافي اللقاء ولا وعر
وهبت لها ما حازه الجيش كله
ورحت ولم يكشف لأبياتها ستر
ولا راح يطغيني بأثوابه الغنى
ولا بات يثنيني عن الكرم الفقر
وما حاجتي بالمال أبغي وفوره
إذا لم أصن عرضي فلا وفر الوفر
أسرت وما صحبي بعزل لدى الوغى
ولا فرسي مهر ولا ربه غمر
ولكن إذا حم القضاء على امرئ
فليس له بر يقيه ولا بحر
وقال أصيحابي : الفرار أو الردى؟
فقلت : هما أمران احلاهما مر
ولكنني أمضي لما لا يعيبني
وحسبك من أمرين خيرهما الأسر
يقولون لي بعت السلامة بالردى
فقلت : أما والله ما نالني خسر
وهل يتجافى الموت عني ساعة
إذا ما تجافى عني الأسر والضر ؟
هو الموت فاختر ما علا لك ذكره
فلم يمت الانسان ما حيي الذكر
ولا خير في دفع الردى بمذلة
كما ردها يوما بسوءته عمرو
يمنون أن خلو ثيابي وإنما
علي ثياب من دمائهمو حمر
وقائم سيف فيهمو اندق نصله
وأعقاب رمح فيه قد حطم الصد
سيذكرني قومي إذا جد جدهم
وفي الليلة الظلماء يفتقد البدر
فإن عشت فالطعن الذي يعرفونه
وتلك القنا والبيض والضمر الشقر
وإن مت فالإنسان لا بد ميت
وإن طالت الأيام وانفسح العمر
ولو سد غيري ما سددت اكتفوا به
وما كان يغلو التبر لو نفق الصفر
ونحن اناس لا توسط بيننا
لنا الصدر دون العالمين أو القبر
تهون علينا في المعالي نفوسنا
ومن يخطب الحسناء لم يغلها المهر
أعز بني الدنيا وأعلي ذوي العلا
وأكرم من فوق التراب ولا فخر
وقوفك في الدّيار
وقوفك في الدّيار عليك عار
وقد ردّ الشّباب المستعار
أبعد الأربعين مجرّمات
تماد في الصّبابة واغترار ؟
نزعت عن الصّبا إلاّ بقايا
يحفّدها على الشّيب العقار
وقال الغانيات : سلا غلاما
فكيف به وقد شاب العذار ؟
وما أنسى الزّيارة منك وهنا
وموعدنا معان والحيار
وطال اللّيل بي ولربّ دهر
نعمت به لياليه قصار
عشقت بها عواريّ اللّيالي
أحقّ الخيل بالرّكض المعار
وندماني : السّريع إلى لقائي
على عجل وأقداحي الكبار
وكم من ليلة لم أرو منها
حننت لها وأرّقني ادّكار
قضاني الدّين ماطله ووافى
إليّ بها الفؤاد المستطار
فبتّ أعلّ خمرا من رضاب
لها سكر وليس لها خمار
إلى أن رقّ ثوب اللّيل عنّا
وقالت : قم ! فقد برد السّوار
وولّت تسرق اللّحظات نحوي
على فرق كما التفت الصّوار
دنا ذاك الصّباح فلست أدري
أشوق كان منه ؟ أم ضرار ؟
وقد عاديت ضوء الصّبح حتّى
لطرفي عن مطالعه ازورار
ومضطغن يراود فيّ عيبا
سيلقاه إذا سكنت وبار
وأحسب أنّه سيجرّ حربا
على قوم ذنوبهم صغار
كما خزيت براعيها نمير
وجرّ على بني أسد يسار
وكم يوم وصلت بفجر ليل
كأنّ الرّكب تحتهما صدار
إذا انحسر الظّلام امتدّ آل
كأنّا درّه وهو البحار
يموج على النّواظر فهو ماء
ويلفح بالهواجر فهو نار
إذا ما العزّ أصبح في مكان
سموت له وإن بعد المزار
مقامي حيث لا أهوى قليل
ونومي عند من أقلي غرار
أبت لي همّتي وغرار سيفي
وعزمي والمطيّة والقفار
ونفس لا تجاورها الدّنايا
وعرض لا يرفّ عليه عار
وقوم مثل من صحبوا كرام
وخيل مثل من حملت خيار
وكم بلد شتتناهنّ فيه
ضحى وعلا منابره الغبار
وخيل خفّ جانبها فلمّا
ذكرنا بينها نسي الفرار
وكم ملك نزعنا الملك عنه
وجبّار بها دمه جبار
وكنّ إذا أغرنا على ديار
رجعن ومن طرائدها الدّيار
فقد أصبحن والدّنيا جميعا
لنا دار ومن تحويه جار
إذا أمست نزار لنا عبيدا
فإنّ النّاس كلّهم نزار


قصيدة (ربع الصبا ))
أما إنه ربع الصبا ومعالمه
فلا عذر إن لم ينفذ الدمع ساجمه
لئن بت تبكيه خلاء فطالما
نعمت به دهرا وفيه نواعمه
رياح عفته وهي أنفاس عاشق
ووبل سقاه والجفون غمائمه
وظلامة قلدتها حكم مهجتي
ومن ينصف المظلوم والخصم حاكمه
مهاة لها من كل وجد مصونه
وخود لها من كل دمع كرائمه
وليل كفرعيها قطعت وصاحبي
رقيق غرار مخذم الحد صارمه
تغذ بي القفر الفضاء شملة
سواء عليها نجده وتهائمه
تصاحبني آرامه وظباؤه
وتؤنسني أصلاله وأراقمه
وأيّ بلاد الله لم أنتقل بها
ولا وطئتها من ب**** مناسمه
ونحن أناس يعلم الله أننا
إذا جمح الدهر الغشوم شكائمه
إذا ولد المولود منا فإنما
الأسنة والبيض الرقاق تمائمه
ألا مبلغ عني ابن عمي ألوكة
بثثت بها بعض الذي أنا كاتمه
أيا جافيا ماكنت أخشى جفاءه
وإن كثرت عذاله ولوائمه
كذلك حظي من زماني وأهله
يصارمني الخل الذي لا أصارمه
وإن كنت مشتاقا إليك فإنه
ليشتاق صب إلفه وهو ظالمه
أودك ودا لا الزمان يبيده
ولا النأي يفنيه ولا الهجر ثالمه
وأنت وفي لايذم وفاؤه
وأنت كريم ليس تحصى مكارمه
أقيم به أصل الفخار وفرعه
وشد به ركن العلا ودعائمه
أخو السيف تعديه نداوة كفه
فيحمر حداه ويخضر قائمه
أعندك لي عتبى فأحمل مامضى
وأبني رواق الود إذ إنت هادمه

خالص تحيتي لكم ولي عوده مع السيره الذاتيه لشاعر آخر

 
اليوم اقدم لسيرة شاعر له خصوصيه فريده تميز بها عن شعراء عصره بل والعصور الاخرى التي تليه
أنه شاعر الرسول

حسان بن ثابت
أبو الوليد حسان بن ثابت بن المنذر الخزرجي الأنصاري (ولد 60 ق.ه. - 54 ه) صحابي جليل كان ينشد الشعر قبل الإسلام وبعد إسلامه أعتبر شاعر رسول الله محمد بن عبد الله.

سجلت كتب الأدب والتاريخ الكثير من الأشعار التي ألقاها في هجاءالكفار ومعارضتهم وكذلك في مدح المسلمين ورثاء شهدائهم وأمواتهم.

نبذة حول الشاعر

حسان بن ثابت? - 54 ه / ? - 673 حسان بن ثابت بن المنذر الخزرجي الأنصاري أبو الوليد. شاعر النبي (صلى الله عليه وسلم) وأحد المخضرمين الذين أدركوا الجاهلية والإسلام عاش ستين سنة في الجاهلية ومثلها في الإسلام. وكان من سكان المدينة. واشتهرت مدائحه في الغسانيين وملوك الحيرة قبل الإسلام وعمي قبل وفاته.لم يشهد مع النبي (صلى الله عليه وسلم) مشهدا لعلة أصابته. توفي في المدينة. قال أبو عبيدة: فضل حسان الشعراء بثلاثة: كان شاعر الأنصار في الجاهلية وشاعر النبي في النبوة وشاعر اليمانيين في الإسلام. وقال المبرد في الكامل: أعرق قوم في الشعراء آل حسان فإنهم يعدون ستة في نسق كلهم شاعر وهم: سعيد بن عبد الرحمن بن حسان بن ثابت بن المنذر بن حرام.
حسان بن ثابت..شاعر الرسول

في تاريخ الشعر العربي عدد من الشعراء الفحول لا تنحسر عنهم دائرة الضوء فأسماؤهم دائما بارزة في قوائم المبدعين ووجودهم ساطع متألق لا يخبو وميضه مع حركة الزمن ولا تنقصف أعواده من مهب الريح والأعاصير.
ويبرز من بين هذا الوجود الشامخ والحضور المتوهج حسان بن ثابت الأنصاري لا باعتباره طاقة شعرية هائلة فحسب بل باعتبار انه شاعر استطاع في مرحلة من مراحل حياته أن يوظف هذه الطاقة لتؤدي دورا هو

بلا شك أجل وأعظم دور قام به شاعر في تاريخ الشعر العربي كله. وهل هناك ما هو أشرف وأعظم من الدفاع عن الإسلام والوقوف إلى جانب النبي عليه الصلاة والسلام في مواجهة الشرك والوثنية وتأييد الدعوة التي جاء بها رسول الله لتخرج الناس من الظلمات إلى النور والإشادة بما تنطوي عليه من قيم إنسانية عليا والتغني بانتصارات المسلمين على طريق نشر الدعوة الإسلامية ورثاء شهدائهم الأبرار وهل يمكن أن يعمل إنسان شاعرا كان أو غير شاعر لغاية أشرف من هذه الغاية؟ حسان بن ثابت من أهل المدينة ينحدر من بيت شريف من بيوت الخزرج وينتمي إلى بني النجار أخوال رسول الله صلى الله عليه وسلم أما أبوه فهو ثابت بن المنذر الخزرجي من سادة قومه ومن أشرفهم وأما أمه فهي الفزيعة بنت خنيس بن لوزان بن عبدون وهي أيضا خزرجية.

وحسان بن ثابت أحد المخضرمين الذين أدركوا الجاهلية والإسلام عاش ستين سنة في الجاهلية ومثلها في الإسلام ولد بالمدينة ونشأ في الجاهلية وعاش على الشعر فكان يمدح المناذرة والغساسنة وبالغ في مدح آل جفنة من ملوك غسان فأغدقوا عليه العطايا وملأوا يديه بالنعم ولم ينكروه بعد إسلامه فجاءته رسلهم بالهدايا من القسطنطينية ولما هاجر رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المدينة أسلم حسان مع الأنصار وانقطع إلى مدحه والذود عنه وأصبح الشاعر المنافح عن دين الإسلام فاشتهر بذلك ذكره وارتفع قدره وعاش ما عاش موفور الكرامة مكفي الحاجة من بيت المال حتى توفي سنة 54 للهجرة بالغا من العمر مائة وعشرين سنة وقد كف بصره في آخر أيامه.
صورتان فنيتان

يقول الأديب الدكتور محمد مصطفى سلام: لقد كان حسان يتغنى بالشعر وربة الشعر تطاوعه في جاهليته وإسلامه حتى ملأ به القلوب والأسماع وأجمعت العرب على انه اشعر أهل المدر وشعره كشعر غيره من المخضرمين يجمع بين صورتين فنيتين صادقتين للشعر إحداهما جاهلية والأخرى إسلامية تعد مظهرا قويا لتأثر الأدب الإسلامي بالقرآن والحديث وأحداث الإسلام وعقائده.

لقد دعا حسان إلى التغني بالشعر وأجود الشعر عنده ما جادت به القريحة مطابقا للواقع وسلامة المنطق وشاعريته محلقة تستلهم السماء فتوحي إليه بالعذب المعجز وهو أمير نفسه في شعره فلم يلتزم مذاهب غيره من شعراء عصره كزهير والنابغة والأعشى والحطيئة وغيرهم ولم يعمد إلى التكلف في شعره ولم يحفل بتنقيحه بل كان يرسله كما أوصت به القريحة وحدثت به النفس ودعت إليه الحال وكثيرا ما اضطرته بعض المواقف الإسلامية إلى الارتجال فلا غرابة أن تتنوع أساليبه ومعانيه وتتباين ألفاظه ومبانيه وأن تجتمع في قصائده الفخامة واللين والغريب والمألوف.

حول موهبة حسان وشاعريته يقول الشاعر الإسلامي صلاح الدين السباعي: لقد عاش حسان في الجاهلية شاعرا قبليا يصوغ شعره في روية وأناة ويراجعه ويجوده قبل أن يخرج به على الناس مما وفر لقصائده مستوى فنيا عاليا وعندما دخل حسان الإسلام اكتشف أن دوره في تأييده ومؤازرة النبي صلى الله عليه وسلم والدفاع عنه في مواجهة المشركين يفرض عليه جانبا تسجيليا وتاريخيا للمواقف والأحداث التي شهدتها الدعوة الإسلامية ولم يكن حسان يمتلك أداة للتسجيل والتأريخ افضل من الأداة التي تمرس على استخدامها طويلا قبل الإسلام وهي هذه الأوزان العروضية التي كان في الجاهلية يعبر من خلالها عن أفكاره ومشاعره.

وهكذا اتخذ حسان من هذه الأوزان وسيلة لتسجيل تلك المواقف والأحداث شأن أي مؤرخ حريص على تدوين حقائق التاريخ ومن هنا جاء إنتاجه بالنسبة لهذا الجانب التسجيلي خاليا تماما من نبض الشعر ودقته وحرارته بمعنى انه عندما كانت الأحداث تتوالى فإن كل اهتمامه كان ينصرف إلى الحرص على تسجيلها فقط وبالتالي فإنه يتحول من حين إلى آخر إلى ناظم وفقا لحركة الأحداث. وعندئذ تغطي عنده الحقيقة التاريخية على الحقيقة الشعرية وبحيث تتوارى وذلك على نحو ما نرى في رده على أبي سفيان بن حرب وفخره على حسان بمقتل عدد من المسلمين من بينهم حمزة عم الرسول
في واقعة أحد:

ذكرت القروم الصيد من آل هاشم ولست لزور قلته بمصيب أتعجب أن أقصدت حمزة منهم نجيبا وقد سميته بنجيب ألم يقتلوا عمرا وعتبة وابنه وشيبة والحجاج وابن حبيب غداة دعا العاص عليا فراعه بضربه عضب بله بخضيب

فهذه الأبيات كما نرى ليس فيها إلا تذكير لأبي سفيان بانتصار المسلمين في واقعة بدر وتسجيل لأسماء سراة المشركين الذين قتلوا فيها. وفي شعر حسان الكثير والكثير جدا مما يسجل هذه الأحداث والمواقف ومما يؤرخ لحياة الرسول مما أشاع الاستشهاد بشعره في الكتب التي تناولت السيرة النبوية.
بين الجاهلية والإسلام

يؤكد النقاد أن شعر حسان بعد إسلامه لم يكن في قوته وجزالته في الجاهلية حيث افتقر شعره الإسلامي من وجهة نظر بعض النقاد وأساتذة الأدب العربي إلى الجزالة وقوة الصياغة التي كانت له في الجاهلية.

لكنه في مقابل ذلك كان يتمتع بقدر كبير من الحيوية والرقة والسلاسة ويتوهج من حين إلى آخر بتدفق عاطفي يكشف عما في قلبه من دفء وحرارة ويثبت للذين ارجعوا ضعف شعره إلى شيخوخته أن قلب الشاعر لا يشيخ.

ويتفق النقاد على أن أساليب حسان بن ثابت بعد إسلامه قد سلمت من الحوشية والأخيلة البدوية لكن خالطها لين الحضارة ولم تخل في بعض الأغراض من جزالة اللفظ وفخامة المعنى والعبارة كما في الفخر والحماسة والدفاع عن النبي صلى الله عليه وسلم ورسالته ومعارضته المشركين وهجومهم.

يقول الدكتور محمد مصطفى سلام: لقد غلبت على أساليب حسان الشعرية الصبغة الإسلامية كتوليد المعاني من عقائد الدين الجديد وأحداثه والاستعانة بصيغ القرآن وتشبيهاته ولطيف كناياته وضرب أمثاله واقتباس الألفاظ الإسلامية من الكتاب والسنة وشعائر الدين كما غلبت عليها الرقة واللين والدماثة واللطف وسهولة

المأخذ وواقعية الصورة وقرب الخيال واكثر ما نرى ذلك في شعر الدعوة إلى توحيد الله وتنزيهه وتهجين عبادة الأوثان ووصف الشعائر الإسلامية وذكر مآثرها وبيان ثواب المؤمنين وعقاب المشركين وبعض ما مدح به الرسول صلى الله عليه وسلم أصحابه أو رثاهم به.
نماذج من إبداعاته

تحدد بشكل حاسم القيمة الفنية لشعره الإسلامي تومئ إلى مستوى الآفاق التي حلق فيها. يقول عن الرسول مشيرا إلى مكانة قومه واعتزازه بتأييده عليه الصلاة والسلام والوقوف إلى جانبه في مواجهة المشركين:

نصرناه لما حل وسط رحالنا بأسيافنا من كل باغ وظالم جعلنا بنينا دونه وبناتنا وطبنا له نفسا بفيء المغانم

أما مدائح حسان في الرسول صلى الله عليه وسلم فتكشف عن عمق إيمانه به وعن مدى حبه وإجلاله له عليه الصلاة والسلام من ذلك قوله:

وأحسن منك لم تر قط عيني وأجمل منك لم تلد النساء خلقت مبرأ من كل عيب كأنك قد خلقت كما تشاء

فإذا انتقلنا من المدح إلى الرثاء وجدنا حسان يرثي الرسول بمجموعة من القصائد التي تنم عن شعور صادق بالحزن والتي تنصهر فيها المعاني في بوتقة داكنة قاتمة وتكاد الكلمات تتحول فيها إلى دموع ومن ذلك قوله:

فابكي رسول الله يا عين عبرة ولا أعرفنك الدهر دمعك يجمد وجودي عليه بالدموع وأعولي لفقد الذي لا مثله الدهر يوجد فما فقد الماضون مثل محمد ولا مثله حتى القيامة يفقد
ولي عوده لاستكمال السيرة الذاتيه لشاعر
الرسول
صلى الله عليه وسلم

 
في يومي الثاني عن الحديث عن الشاعر صاحب العصرين
الجاهليه والاسلام
حسان بن ثابت شاعر الرسول صلى الله عليه و سلم
نسبه

هو أبو الوليد حسان بن ثابت من قبيلة الخزرج التي هاجرت من اليمن إلى الحجاز وأقامت في المدينة مع الأوس.. ولد في المدينة قبل مولد الرسول- صلى الله عليه وسلم- بنحو ثماني سنين فعاش في الجاهلية ستين سنة وفي الإسلام ستين سنة أخرى وشب في بيت وجاهة وشرف منصرفا إلى اللهو والغزل فأبوه ثابت بن المنذر بن حرام الخزرجي من سادة قومه وأشرافهم وأمه الفريعة خزرجية مثل أبيه
وحسان بن ثابت ليس خزرجيّا فحسب بل هو أيضا من بني النجار أخوال رسول الله- صلى الله عليه وسلم- فله به صلة وقرابة.
حياته قبل الإسلام
كانت المدينة في الجاهلية ميدانا للنزاع بين الأوس والخزرج تكثر فيها الخصومات والحروب وكان قيس بن الخطيم شاعر الأوس وحسان بن ثابت شاعر الخزرج الذي كان لسان قومه في تلك الحروب التي نشبت بينهم وبين الأوس في الجاهلية فصارت له في البلاد العربية شهرة واسعة.
وقد اتصل حسان بن ثابت بالغساسنة يمدحهم بشعره ويتقاسم هو والنابغة الذبياني وعلقمة الفحل أعطيات بني غسان وقد طابت له الحياة في ظل تلك النعمة الوارفة الظلال ثم اتصل ببلاط الحيرة وعليها النعمان بن المنذر فحلّ محلّ النابغة حين كان هذا الأخير في خلاف مع النعمان إلى أن عاد النابغة إلى ظل أبي قابوس النعمان فتركه حسان مكرها وقد أفاد من احتكاكه بالملوك معرفة بشعر المديح وأساليبه ومعرفة بشعر الهجاء ومذاهبه ولقد كان أداؤه الفني في شعره يتميز بالتضخيم والتعظيم واشتمل على ألفاظ جزلة قوية وهكذا كان في تمام الأهبة للانتقال إلى ظل محمد- صلى الله عليه وسلم- نبي الإسلام والمناضلة دونه بسلاحي مدحه وهجائه.
حياته في الإسلام
لما بلغ حسان بن ثابت الستين من عمره وسمع بالإسلام دخل فيه وراح من فوره يرد هجمات القرشيين اللسانيّة ويدافع عن محمد والإسلام ويهجو خصومهما.. قال- صلى الله عليه وسلم- يوما للأنصار: "ما يمنع القوم الذين نصروا رسول الله بسلاحهم أن ينصروه بألسنتهم؟!" فقال حسان بن ثابت: أنا لها وأخذ بطرف لسانه وقال عليه السلام: "والله ما يسرني به مقول بين بصرى وصنعاء".
ولم يكن حسان بن ثابت وحده هو الذي يرد غائلة المشركين من الشعراء بل كان يقف إلى جانبه عدد كبير من الشعراء الذين صحّ إسلامهم وكان النبي- صلى الله عليه وسلم- يثني على شعر حسان وكان يحثّه على ذلك ويدعو له بمثل: "اللهم أيده بروح القدس" وعطف عليه وقرّبه منه وقسم له من الغنائم والعطايا إلا أن حسان بن ثابت لم يكن يهجو قريشا بالكفر وعبادة الأوثان وإنما كان يهجوهم بالأيام التي هزموا فيها ويعيرهم بالمثالب والأنساب ولو هجاهم بالكفر والشرك ما بلغ منهم مبلغا.. وكان حسان بن ثابت لا يقوى قلبه على الحرب فاكتفى بالشعر ولم ينصر رسول الله- صلى الله عليه وسلم- بسيفه ولم يشهد معركة مع رسول الله- صلى الله عليه وسلم- ولا غزوة.
ومما لا شك فيه أن حسان بن ثابت كان يحظى بمنزلة رفيعة يجلّه الخلفاء الراشدون ويفرضون له في العطاء في الوقت نفسه فإننا لا نجد في خلافة أبي بكر- رضي الله عنه- موقفا خاصّا من الشعر ويبدو أن انشغاله بالفتوحات وحركة الردّة لم تدع له وقتا يفرغ فيه لتوجيه الشعراء أو الاستماع إليهم في حين نجد أن عمر- رضي الله عنه- يحب الشعر خاصة ما لم يكن فيه تكرار للفظ والمعنى وقد روي عن كلّ من الخليفتين الراشدين عدد من الأبيات لسنا في صدد إيرادها.
حسان يؤيده الروح القدس

إن رسول الله- صلى الله عليه وسلم- قال: "اهج قريشا فإنه أشد عليهم من رشق بالنبل" فأرسل إلى ابن رواحة فقال: "اهجهم" فهجاهم فلم يرض فأرسل إلى كعب بن مالك ثم أرسل إلى حسان بن ثابت فلما دخل عليه قال حسان: قد آن لكم أن ترسلوا إلى هذا الأسد الضارب بذنبه ثم أدلع لسانه فجعل يحركه فقال: والذي بعثك بالحق! لأفرينّهم بلساني فري الأديم.. فقال رسول الله- صلى الله عليه وسلم-: "لا تعجل فإن أبا بكر أعلم قريش بأنسابها وإن لي فيهم نسبا حتى يلخص لك نسبي" فأتاه حسان ثم رجع فقال: يا رسول الله قد لخص لي نسبك والذي بعثك بالحق!! لأسلنّك منهم كما تسل الشعرة من العجين.. قالت عائشة: فسمعت رسول الله- صلى الله عليه وسلم- يقول لحسان: "إن روح القدس لا يزال يؤيدك ما نافحت عن الله ورسوله" وقالت: سمعت رسول الله- صلى الله عليه وسلم- يقول: "هجاهم حسان فشفى واشتفى".
آثار حسان بن ثابت

اتفق الرواة والنقّاد على أن حسان بن ثابت أشعر أهل المدر في عصره وأشعر أهل اليمن قاطبة وقد خلف ديوانا ضخما رواه ابن حبيب غير أن كثيرا من الشعر المصنوع دخله لأنه لما كان لحسان بن ثابت موقف خاص من الوجهة السياسية والدينية دسّ عليه كثير من الشعر المنحول وقام بهذا العمل أعداء الإسلام كما قام به بعض كتّاب السير من مثل ابن إسحاق.

أغراض شعره
أكثر شعر حسان في الهجاء وما تبقى في الافتخار بالأنصار ومدح محمد- صلى الله عليه وسلم- والغساسنة والنعمان بن المنذر وغيرهم من سادات العرب وأشرافهم ووصف مجالس اللهو والخمر مع شيء من الغزل إلا أنه منذ إسلامه التزم بمبادئ الإسلام ومن خلال شعر حسان بن ثابت نجد أن الشعر الإسلامي اكتسب رقة في التعبير بعد أن عمّر الإيمان قلوب الشعراء وهي شديدة التأثير بالقرآن الكريم والحديث الشريف مع وجود الألفاظ البدوية الصحراوية.
ومهما استقلّت أبيات حسان بن ثابت بأفكار وموضوعات خاصّة.. فإن كلاّ منها يعبر عن موضوع واحد هو موضوع الدعوة التي أحدثت أكبر تغيير فكري في حياة الناس وأسلوب معاشهم وسنقسم شخصية حسان بن ثابت الشعرية إلى أربعة أقسام هي:
شعره القبلي
قبل أن يدخل حسان بن ثابت في الإسلام كان منصرفا إلى الذّود عن حياض قومه بالمفاخرة فكان شعره القبلي تغلب عليه صبغة الفخر أما الداعي إلى ذلك فالعداء الذي كان ناشبا بين قبيلته والأوس ولقد كان لفخر حسان نفحة عالية واندفاعا شديدا.
ارتباطه بالغساسنة
اتصل حسان بالبلاط الغساني فمدح كثيرا من أمراء غسان أشهرهم عمرو الرابع بن الحارث وأخوه النعمان ولاسيما جبلة بن الأيهم وقد قرب الغساسنة الشاعر وأكرموه وأغدقوا عليه العطايا وجعلوا له مرتبا سنويّا وكان هو يستدر ذلك العطاء بشعره:
يسقون من ورد البريص عليهم بردى يصفق بالرحيق السلل
بيض الوجوه كريمة أحسابهم شمّ الأنوف من الطراز الأول

دخوله الإسلام
نصب حسان نفسه للدفاع عن الدين الإسلامي والرد على أنصار الجاهلية وقد نشبت بين الفريقين معارك لسانية حامية فكان الشعر شعر نضال يهجو فيه الأعداء ويمدح فيه رجال الفريق ولم يكن المدح ولا الهجاء للتكسب أو الاستجداء بل للدفاع عن الرسول الكريم- صلى الله عليه وسلم- وهذا ينقسم لقسمين:
أما المدح الذي نجده في شعر حسان لهذا العهد فهو مقصور على النبي- صلى الله عليه وسلم- وخلفائه وكبار الصحابة والذين أبلوا في الدفاع عن الإسلام بلاء حسنا وهو يختلف عن المدح التكسّبي بصدوفه عن التقلب على معاني العطاء والجود والانطواء على وصف الخصال الحميدة ورسالة محمد- صلى الله عليه وسلم- وما إلى ذلك مما ينبثق من العاطفة الحقّة والعقيدة النفيسة قال حسان:
نبي أتانا بعد يأس وفترة من الرسل والأوثان في الأرض تعبد
فأمسى سراجا مستنيرا وهاديا يلوح كما لاح الصقيل المهند
وأنذرنا نارا وبشر جنة وعلمنا الإسلام فالله نحمد
وأنت إله الخلق ربي وخالقي بذلك ما عمرت في الناس أشهد
ويلحق بهذا المدح رثاء محمد- صلى الله عليه وسلم- فقد ذرف الشاعر دموعا حارة وضمنه لوعة وتذكرا لأفضال رسول الدين الجديد وحنينا إليه في النعيم:
مع المصطفى أرجو بذاك جواره وفي نيل ذلك اليوم أسعى وأجهد
وأما الهجاء النضالي فقد وجهه إلى القرشيين الذين قاموا في وجه الدين الجديد يحاربونه ويهجون محمدا- صلى الله عليه وسلم- وكان موقف الشاعر تجاههم حربا لما بينهم وبين محمد- صلى الله عليه وسلم- من نسب.
أما أسلوبه في هجائه فقد كان يعمد إلى الواحد منهم فيفصله عن الدوحة القرشية ويجعله فيهم طائرا غريبا يلجأ إليها كعبد ثم يذكر نسبه لأمه فيطعن به طعنا شنيعا ثم يسدد سهامه في أخلاق الرجل وعرضه فيمزقها تمزيقا في إقذاع شديد ويخرج ذلك الرجل موطنا للجهل والبخل والجبن والفرار عن إنقاذ الأحبة من وهدة الموت في المعارك.

وفاته

توفي حسان بن ثابت في المدينة المنورة سنة (54ه= 673/674م) في عهد معاوية بن أبي سفيان عن عمر قد ناهز المائة والعشرين عاما.
وللحديث بقيه إن شا الله

 
في يومي الاخير في الحديث عن شاعر الرسول صلى الله عليه وسلم اقدم لبعض من قصائده الجميله

حسان بن ثابت شاعر الرسول صلى الله عليه و سلم

إنه شاعر العصرين

عفت ذات الأصابع فالجواء

عفت ذات الأصابع فالجواء إلى عذراء منزلها خلاء
ديار من بني الحسحاس قفر تعفيها الروامس والسماء
وكانت لا يزال بها أنيس خلال مروجها نعم وشاء
فدع هذا ولكن من لطيف يؤرّقني إذا ذهب العشاء
لشعثاء التي قد تيمته فليس لقلبه منها شفاء
كأنّ خبيأة من بيت رأس يكون مزاجها عسل وماء
على أنيابها أو طعم غضّ من التفاح هصره الجناء
إذا ما الأسربات ذكرن يوما فهنّ لطيّب الراح الفداء
نولّيها الملامة إن ألمنا إذا ما كان مغث أو لحاء
ونشربها فتتركنا ملوكا وأسدا ما ينهنهنا اللقاء
عدمنا خيلنا إن لم تروها تثير النّقع موعدها كداء
يبارين الأسنّة مصعدات على أكتافها الأسل الظّماء
تظلّ جيادنا متمطّرات تلطمهنّ بالخمر النساء
فإما تعرضوا عنا اعتمرنا وكان الفتح وانكشف الغطاء
وإلا فاصبروا لجلاد يوم يعزّ الله فيه من يشاء
وجبريل أمين اللّه فينا وروح القدس ليس له كفاء
وقال اللّه: قد أرسلت عبدا يقول الحقّ إن نفع البلاء
شهدت به فقوموا صدّقوه! فقلتم: لا نقوم ولا نشاء
وقال اللّه: قد يسّرت جندا هم الأنصار عرضتها اللقاء
لنا في كلّ يوم من معدّ سباب أو قتال أو هجاء
فنحكم بالقوافي من هجانا ونضرب حين تختلط الدماء
ألا أبلغ أبا سفيان عني فأنت مجوف نخب هواء
وأن سيوفنا تركتك عبدا وعبد الدار سادتها الإماء
كأنّ سبيئة من بيت رأس تعفيّها الرّوامس والسّماء
هجوت محمدا فأجبت عنه وعند الله في ذاك الجزاء
أتهجوه ولست له بكفء فشرّكما لخيركما الفداء
هجوت مباركا برا حنيفا أمين الله شيمته الوفاء
فمن يهجو رسول اللّه منكم ويمدحه وينصره سواء
فإنّ أبي ووالده وعرضي لعرض محمد منكم وقاء
فإما تثقفنّ بنو لؤي جذيمة إنّ قتلهم شفاء
أولئك معشر نصروا علينا ففي أظفارنا منهم دماء
وحلف الحارث بن أبي ضرار وحلف قريظة منّا براء
لساني صارم لا عيب فيه وبحري لا تكدّره الّدلاء

وأحسن منك لم تر قطّ عيني

وأحسن منك لم تر قطّ عيني وأجمل منك لم تلد النّساء
خلقت مبرءا من كلّ عيب كأنك قد خلقت كما تشاء
صلّى الإله على الّذين تتابعوا
صلّى الإله على الّذين تتابعوا يوم الرّجيع فأكرموا وأثيبوا
رأس الكتيبة مرثد وأميرهم ابن البكير أمامهم وخبيب
وابن لطارق وابن دثنة فيهم وافاه ثمّ حمامه المكتوب
منع المقادة أن ينالوا ظهره حتى يجالد إنه لنجيب
والعاصم المقتول عند رجيعهم كسب المعالي إنه لكسوب
وغبنا فلم تشهد ببطحاء مكة
وغبنا فلم تشهد ببطحاء مكة رجال بني كعب تحزّ رقابها
بأيدي رجال لم يسلّوا سيوفهم بحقّ وقتلى لم تجنّ ثيابها
فيا ليت شعري! هل تنالنّ نصرتي سهيل بن عمرو وخزها وعقابها
وصفوان عودا حزّ من شفر استه فهذا أوان الحرب شدّ عصابها
فلا تأمننا يا ابن أمّ مجالد إذا لقحت حرب وأعصل نابها
ولو شهد البطحاء منّا عصابة لهان علينا يوم ذاك ضرابها

وفي ختام حديثي عن هذا الشاعر الرائع لا يسعني ان ادعو له بالرحمه والمغفره على ما قدمه للاسلام
وللنبي محمد صلى الله عليه وسلم
رحم الله حسان بن ثابت
وللحديث بقيه عن شاعر آخر
تقبلوا تحيتي
 
الوسوم
أبو الحمداني العباس العصر شاعر فراس من وأمير وفارس
عودة
أعلى