نظرية التعلق تشرح أحد أبعاد الفشل الدراسي

ام البشاير

منسقة المحتوى
نظرية التعلق تشرح أحد أبعاد الفشل الدراسي

نظرية التعلق تشرح أحد أبعاد الفشل الدراسي

نظرية التعلق تشرح أحد أبعاد الفشل الدراسي

نظرية التعلق تشرح أحد أبعاد الفشل الدراسي

نظرية التعلق تشرح أحد أبعاد الفشل الدراسي











إن محاولة فهم الطفل والتعرف على خصائص عالمه الخاص وعلاقاته مع والديه
ومحيطه، من بين أهم الأمور التي قد تقود إلى تقييم مستواه الدراسي بطريقة
مثالية، سواء من طرف الأطر التربوية داخل المؤسسات التعليمية أو من قِبل الوالدين.


في هذا الصدد، سنحاول أن نقدم من خلال هذا الموضوع نظرية التعلق والتي تعتبر
من بين أهم النظريات التي تم تطويرها والتي تهتم بالعلاقات طويلة الأمد بين
البشر، مبرزين لكيفية استغلالها من أجل فهم أبعاد الفشل الدراسي.




نظرية التعلق.. ما هي؟
تشير نظرية التعلق كما طورها ج. بولبي J. Bowlby، إلى أن الطفل يحتاج إلى
أن يكون آمنًا منذ الولادة، ذلك الأمان الذي يحصل عليه من البالغين الذين يلبّون احتياجاته
بصفة دائمة. وهنا فاحتياجات التعلق هذه هي حيوية ونشطة طوال حياة الإنسان
(بما في ذلك في فترة المراهقة ومرحلة البلوغ وما بعدها)، بل وقد تتطور رغم اختلاف


صورتها، حيث أن تفسير الأمان بالنسبة للطفل قد يتمثل في تلبية الحاجات الأساسية
من أكل وشرب ولعب وتغيير ملابس… بينما في الفترة التي تليها يأخذ الأمان شكل
أكبر وأكثر عمقًا نظرًا لإدراك الشخص نفسه لمشاعره ولمفهومي الأمان
والرابط سواء العائلي أو غيره.


في هذا الصدد، تهدف نظرية التعلق إلى الحفاظ على قرب الطفل من الشخص
الذي يرتبط به (في الغالب الأم) حتى يلبي الأخير احتياجاته الحيوية. وفي حال ت
قاعس عن أداء ذلك بما يتطلبه الصغير، فإن هذا الأخيرة يلجأ إلى سلوكياته التي
تسمح له بالحصول على الأمان الذي يطلبه وذلك إما بالبكاء مثلًا أو
الصراخ، مدّ اليدين، التشبث بالأصابع…




أنواع التعلق حسب هذه النظرية
من خلال ملاحظة ردود فعل الأطفال وطبيعة علاقتهم مع والداتهم، حددت
ماري أينسورث Mary Ainsworth، بعد بولبي، ثلاث فئات لتعلق الأطفال، وهي:


التعلق الآمن / Secure attachment
التعلق غير الآمن المتناقض-القلق / Insecure ambivalent / anxious attachment
التعلق غير الآمن التجنبي / Insecure avoidant attachment


السمة الرئيسية التي تميز التعلق الآمن عن التعلق غير الآمن تتعلق بحقيقة أنه في الحالة
الأولى، يستجيب الوالد (أو الأم تحديدًا) بشكل كافٍ لإشارات واحتياجات الطفل، فهذا
الأخير ليس مضطرًا لبذل جهد خاص حتى يصبح مسموعًا وموضوعًا للاهتمام والمودة.


أما في الحالة الثانية، فتكون الاستجابة من طرف الوالد إما غير مناسبة أو غير متناسقة، مما
يدفع الطفل إلى تنفيذ استراتيجيات تكيف محددة، إما من النوع التناقضي-القلق بحيث
يشعر الطفل أنه محبوب فقط إن كان ناجحًا وذلك للضغط الذي يمارسه الوالد عليه بكونه
يختار كل شيء يخص الطفل دون مراعاة لرغباته، وفي هذه الحالة يضطر الطفل إلى بذل


جهد للحفاظ على تعلقه بالوالد، أو من النوع التجنبي، بحيث يتمنى نوع من الاستقلالية
بين الطفل ووالده، كون أن هذا الأخير لا يعير الأول أي اهتمام، وبالتالي يلجأ الطفل
إلى التعلق بالغرباء أكثر من الوالد كلما أبدوا اهتمامًا به.


هناك نوعٌ رابع أضافته باحثة علم النفس Mary Main وهو التعلق غير الآمن المشوش
أو غير المنظم. حيث يكون للطفل سلوك فوضوي وغير مستقر لافتقاده الارتباطَ
بمشاعره وحياته العاطفية. يتحدث المتخصصون هنا عما يسمى بـ “الخوف الذي لم يتم حله”.
لكون أن الطفل لا يملك أي استراتيجية محددة لضمان التعلق مع الوالد.


التعلق غير الآمن ونمادج العمل الداخلية
بالنسبة للأطفال الذين لديهم تعلق غير آمن بوالديهم، فإن استكشاف العالم من طرفهم وتعلم
أشياء جديدة يعتبر من التحديات التي لا يمكن التغلب عليها. فعندما لا يوفر الوالدان للأطفال
قاعدة آمنة يمكن الرجوع إليها في أي وقت وذلك من خلال رفضهم لسلوكيات التعلق، أو


السخرية من الأطفال، أو عدم الاهتمام بهم أو ببساطة عن طريق عدم التواجد، يصبح الأطفال
محدودين في استكشافاتهم التي يرون أنها ربما قد تكون خطيرة أو صعبة دون مساعدة.


في هذا الصدد، يقول عالم التربية النفسية Jean-Pierre Thielland في كتابه
“Je peux la taper, elle est de ma famille Attachement et violence éducative ordinaire” إن
احترام الذات هو أحد مكونات نموذج التشغيل الداخلي الذي يختلف اعتمادًا على كيفية
معاملة الوالدين للطفل. هنا، يقصد بنموذج التشغيل الداخلي نمط السلوك الذي يتم تطويره خلال
مرحلة الطفولة والمراهقة استنادًا إلى تجارب الطفل التي ترتبط في الأساس بتجاربه مع والديه.


إنها تسمح للبشر بمعرفة ما يمكن توقعه في الحياة ومن الآخرين دون الحاجة إلى إعادة معالجة
جميع المعلومات الخارجية في كل مرة. تعمل نماذج العمل الداخلية كآليات تفكير تقدم طرقًا
للتفاعل مثل ردود الفعل. مثلًا، ومن الخلال تراكم التجارب التي يحصل عليها الطفل من
والديه، يدرك كيفية إجابة من هم أكبر سنًّا بلباقة، وكيفية احترام الآخر…


يجب أن تكون نماذج العمل الداخلية هذه قادرة على البقاء مرنة وقابلة للتعديل من أجل دمج
المعلومات الجديدة التي لم يتم مصادفتها من قَبل أو وجب تغييرها
(نظرًا لتغير الظروف أو اختلافها). وهنا، نشير إلى أن الأشخاص –الأطفال، حتى بعد كبرهم–
الذين يعانون من التعلق غير الآمن يمثلون أساسًا هشًا نظرًا لافتقادهم احترامًا لذواتهم، وذلك يحد


بشكلٍ كبير من الاستكشاف ويعيق التعلم لافتقارهم لأي نوع من نماذج العمل الداخلية أو ربما لضعف
هاته الأخيرة نظرًا لقلة الخبرات بسبب غياب الوالد ودوره الموجه في المراحل الأولى من حياة الطفل.






التعلق غير الآمن والفشل الدراسي
في كتابه، يوضح Jean-Pierre Thielland أن هناك علاقة بين التعلق غير
الآمن وبين العنف التعليمي (الضرب، سحب الشعر أو الأذن، العقاب، العزلة القسرية، الإهمال
العاطفي، قمع عواطف الطفل واحتياجاته، الكلمات المهينة، وما إلى ذلك)، بما يسمح
بحدوث فشل دراسي. ويأسف لأن هذا الجانب لا يؤخذ بعين الاعتبار بما فيه الكفاية
في خطط الدعم المدرسي.


يشرح الكاتب أن الطفل الذي يعاني من تعلق غير آمن يعاني من بعد عواطفه الحقيقية
الداخلية وتصريحه باحتياجاته، إذ لا يستطيع الاعتماد على بوصلته الداخلية، التي تمثل
عواطفه والتي من المفترض أن تبعده عما هو سيئ بالنسبة له بينما تجذبه نحو ما
هو جيد، لا يستطيع الوثوق بمشاعره لتوجيه نفسه ومساعدتها، لافتقاره للثقة لاستكشاف
المجهول ومواجهة المواقف الجديدة المزعزعة للاستقرار التي قد يواجهها في مرحلة التعلم المدرسي.


الطفل الذي ينكرُ والداه بشكل أو بآخر عواطفه وذلك بالغضب أو صراخ في وجهه أو معاقبه
بعزله في غرفته… يشعر بأنه مهجور ويكتسب تدريجيًا القناعة بأن لا أحد هنا من أجله
وبالتالي، لا يستطيع بأي شكلٍ من الأشكال أن يعود إلى قاعدة الآمان التي تخول له التعلم والتقدم.


أيضًا، وكمظهر آخر للتعلق غير الآمن وعلاقته بالتعلم، فإن الطفل قد يخاف من الاكتشاف
لخوفه من الفشل، والذي يصاحبه في الغالب تعنيف من الوالدين
(سواء جسدي بالضرب، أو لفظي باستخدام عبارات مثلًا “أنت فاشل”، “الكل يستطيع النجاح إلا أنت”…)،
والذي يساهم في الرفع من عمق الفجوة بينهما وبين الطفل بشكل يحدث تعلقًا غير آمن. وهنا، يصبح
التعلم مصدرًا للخطر بالنسبة للطفل، فينزوي دون رغبة في التعلم ليقع في
دائرة الفشل الدراسي “دون جهد أو محاولة”.


وبالتالي، فالفشل الدراسي قد لا يرتبط في الأساس بمستوى ذكاء الطفل أو ذاكرته
أو طريقة التدريس وغيرها، وإنما قد يكون مجرد افتقار لنموذج العمل الداخلي الخاص
به إثر حدوث تعلق غير آمن مع والديه، أو بسبب الضغط الذي يمارسه هذين الأخيرين
بطريقة غير مباشرة على الطفل.


لتجنب إثارة ذاكرته المؤلمة، يضع الطفل سلوكيات التحكم والتجنب تجاه كل ما يحتمل
أن يتسبب في انفجارها: الابتعاد عن التعلم المدرسي، الانسحاب الفكري، الخوف من
المجهول والتهيج وعدم تحمل الإجهاد. – Jean-Pierre Thielland


3 محاور للتغلب على الفشل الدراسي
لمنع الفشل الدراسي، يرى الكاتب Jean-Pierre Thielland
ضرورة اتحاد 3 محاور من أجل مساعدة الطفل، وهي:


توعية الآباء بعواقب العنف التربوي وباحتياجات الأطفال للتعلق الآمن بهما، حيث أن
الكثير من الآباء لا يتخيلون وجود صلة بين الصعوبات التعليمية التي يعاني منها
أطفالهم وأفعال سوء المعاملة الخاصة بهم فيما يتعلق بمتطلباتهم التعليمية
(عليك أن تنجح، عليك أن تحصل على درجة كاملة، عليك أن “تصبح ذكيًّا”…).


توعية المعلمين بأهمية نظرية التعلق وربطها ببعض الصعوبات الأكاديمية التي قد تواجه
الأطفال، كما يجب تلقينهم أسس التعلق الآمن بشكل يسمح لهم بأن يصبحوا “شخص التعلق”
بالنسبة للأطفال في حال غياب الآباء أو تقاعسهم عن أداء دورهم.


تدريب التربويين النفسيين على آلية الذاكرة المؤلمة traumatic memory
ليصبحوا قادرين على متابعة حالات الأطفال الذين يعانون من فشل
دراسي أساسه التعلق غير الآمن.
 
الوسوم
أبعاد أحد التعلق الدراسي الفشل تشرح نظرية
عودة
أعلى