كلام غير عادي في عيد الأم!

صفا النعمان

الادارة
طاقم الإدارة
بعيدا عن الكلام الجميل المنمّق في عيد الأم ...
"أمي نبع الحنان الدائم.."
"أمي ... الشمعة التي تحترق ... العطاء بغير حدود"
بعيدا عن هذا الكلام المعتاد .. تعالوا معي إلى معانٍ أخرى في عيد الأم!!!
******************
"عيد الأم" كمناسبة اجتماعية نستعيد ونحتفل ونهتم بـ "الأمومة" كحالة إنسانية عظيمة، يجب أن نفعّلها لتكون "أمومة إيجابية" في اتجاهات صحيحة، تخدم بناء الإنسان، بناءاً صحيحاً، ليكون منتجاً وربما مبدعاً....
لا أن تكون "الأمومة" حالة مقدّسة إلهية مثالية، مبرأة من كلًّ عيبٍ ونقصٍ!
نعم ...
ربما ضخم البعض "الأم" وجعلها في مقامات إلهية!
فالأم "بشر" ..
تخطأ وتصيب ... تتعب وتغضب ... تغار وتحزن ... وقد تعتدي وتظلم ..
تصيبها كل الحالات البشرية ....
***************
ربما لا تستطيع الأم إلا أن تكون نبعاً من الحنان والرحمة لما يكون طفلها رضيعا لسنة أو سنتين من عمره، وهذا له تفسيرٌ بيولوجيٌ، سببه إفراز الجسد متفاعلاً مع نفس الأم لهرمونات خاصة تعزز مشاعر العطف وتحبب عنايتها بطفلها الرضيع (هرمون البرولاكتين والأوكسيوتوسين)، وحالة المحبة والعطف والرحمة تكاد أن تكون مطلقة في هذه الفترة خاصةً...
لكن ...
أن تكون الأم هكذا نبعاً مطلقاً للحنان والرحمة طيلة عمرها، وكأنها ليست بشراً لها مشاعرها وطباعها .. ولها مطامعها أيضاً.. ومخاوفها أيضاً وأيضاً..

لذلك يوجبون على الأم (كونها نبعاً لا ينضب من الحنان) أن تحترق لأجل أبنائها، ولا يجب أن تحترق الأم (ولا أي أحد) لأجل أحد !!
لذلك يُصرُّ بعض الأبناء أن يستمر في حالة الطفولة مع أمه "نبع العطاء"، حتى ولو بلغ الأربعين أو الخمسين...
آه ...
متى يرشد هؤلاء الأبناء؟!، ويرعون حق هذه الأم بأن تحيا حياتها دون تلك السلسلة الطويلة من العطاءات اللامحدودة التي يقيد حياتها وحياة أبناءها؟!!!
******************
أمهات في عيادتي النفسية ..
في عيادتي النفسية لم أجد أماً تعجز مهما كان أبنائها إلا أن تقدم المحبة والرحمة لهم، مهما فعلوا ومهما عانوا من مصاعب نفسية أو تعليمية أو كانوا مصابين بتأخر عقلي أو حالات توحد شديد او خفيف ..
تجد الأم فعلاً "آية من آيات الله" في رحمتها بأبنائها مهما كانوا، ولسنوات وسنوات..
تجد الأم رمزاً مكثّفاُ أو جزءاً يسيراً من تلك الرحمة العظيمة عند الله سبحانه وتعالى...
.
.
وفي عيادتي النفسية أيضاً
حيث أطلع على أسرار البيوت وخفايا الأسر...
وجدت حالات من الأمهات العجيبات، التي استغلت مهمة الأمومة أو هذا المنصب لإفساد بيتها أو بيوت أبنائها من حيث تعلم أو لا تعلم، بوعي أو بغير وعي...
فوجدت الأم القاسية والأم الظالمة والأم الجاهلة والأم المهملة...
أما الأم غير المحبة لأبناءئها فلم أشهد –لله الحمد- خلال أكثر من 15 عام في العيادة النفسية إلا حالة واحد فقط لأم أخبرتني أنها تكره ابنها وتريد موته لشدة معاناتها معه!!!
إذاً "الأم" ليست على إطلاقها، مجرد ان تكون "أما" لا يعني أنك -كما ذكرت- في مقامٍ مقدّسٍ إلهيًّ ..
دعونا نعود بالأم إلى بشريتها...
***********
الأم مدرسة .. نعم ...
إذا أعددتها!!
أعددت شعبا طيب الأعراق...
أن نعتني بهذه المدرسة نطوّرها ... نحسّنها ...نطوّر طرق تعليمها لأبنائها (التربية ، الوالدية)
لا نجعل منها مهمّة مقدّسة، بمعنى غير قابلة للتغيير أو التعديل، وكأن الأم لا تخطأ أبدا!!!
******************
علينا -كما امرنا شرعا وعرفاً- أن نحسن إليها ونحسن صحبتها، أن نختار أفضل وأحسن طرق المعاملة .... وخاصة لما ينقلب الحال حين كبرها وهرمها!!!
حتى ولو بدت هذه الطرق لا ترضيها الآن، ولكن في النهاية تؤدي إلى تحسين نوعية أمومتها ومنتجها الإنسان .... وسترضيها فيما بعد...
***************
تحية إلى كل أنثى من الأمهات تستطيع أن تظهر أنوثتها وبشريتها في زحمة انشغالاتها...
تحية إلى كل أنثى من الأمهات جعلتني أعشق الأنوثة الممزوجة مع الأمومة في اتساقٍ عجيبٍ...
ربما الأم ليس مقدسة ولكن تذكّرني بالإله المقدس، كيف يعطي ويرحم بغير حدود ؟!!!
يحب الشاكرين الذين يشكرون لأمهاتهم وآبائهم، شكراً عملياً نجد ثماره على أرض الواقع...
تعلمني علاقتي بأمي تقديس الله وحده دون سواه، وشكره عملاً صالحاً منتجاً..
وهنا يكون الاختبار الدقيق !!!
****************
إلى أمي وإلى كل أم..
كل عام وأنتم بشراً في مقام الأمومة العجيب..
جزاكم الله عنا كل خير..
#الدكتور_ملهم
 
الوسوم
الأم عادي عيد غير في كلام
عودة
أعلى