عندما تستريح الأمهات!

  • تاريخ البدء

صفا النعمان

الادارة
طاقم الإدارة
قبل نحو عام، كانت طفلتي "شام" متعلقة بشكل كبير بمشاهدة مقاطع الفيديو الخاصة بالأطفال على "اليوتيوب"، فتمكث ساعات طوال وهي تحمل هاتفي بين يديها، فأراها تشاهد كل ما يقع أمام ناظريها بدهشة، وكأنها تكتشف الحياة من خلال شاشة محمول. في الوقت الذي أقضيه كأم في عمل المنزل وإتمام مهمات الأمومة.
ذات مرة افتقدتُها داخل البيت، ناديت مراراً، بحثت في كل مكان فلم أجدها، كانت تمتلك مهارةً في كتم صوت الهاتف مع الاحتفاظ بمشاهدة الصورة؛ شعرت بأنها اختفت، لا أدري كيف خطر لي أن أفصل شبكة الانترنت، وعندما قمت بذلك، خرجت من أسفل السرير تتذمر " ليش فصلتِ النت" ..ماما..!
كانت هذه الحادثة بمثابة المرحة الفاصلة؛ شعرتُ بحجم الإدمان الالكتروني الذي يستحوذ على حياة طفلتي، والذي يسرق طفولتها وبراءة اكتشافها للحياة.
هنا..بدأت بالعديد من الخطوات لعلاج المشكلة من بينها:
- إخفاء جهاز المحمول تماماً عن ناظريها، ففي كثير من الأحيان يتسبب الأهل بإلحاق الأذى بأطفالهم، فقررت بشكل شخصي أن أطفئ هاتفي فور دخولي المنزل، ليبقى الوجه الذي أراه في البيت ملامح طفلتي، وحتى نستطيع سوياً تبادل الحديث والابتسامات بدل أن يلعب كل منا الدور ذاته مع الشاشة.
- أوجدتُ شيئاً بديلاُ، فانقطاع طفلتي عن ممارسة سلوك كانت تعتاده سيجعلها تشعر بفراغ ما؛ لذلك قمت بخلق بديل، كابتكار ألعاب عديدة من الممكن أن نمارسها سوياً داخل المنزل كاللعب بالمعجون، أو صنع كعكة لذيذة، أو قراءة قصة؛ والكثير من الأمور.
- في بعض الأحيان، كانت تود أن تشاهد ما تحب كما اعتادت، كنت أحدد لها وقتاً معيناً، وأحدد المضمون كذلك. وحتى أضمن أن لا يترتب على المشاهدة ضررا، قمت بتصفح العديد من التطبيقات الخاصة بالأطفال والتي من الممكن استخدامها دون الحاجة للشبكة، لاسيما الخاصة منها بتعلم الحروف والأرقام، وحفظ السور القرآنية. ورغم ذلك كانت هذه مرات نادرة، فواجبي كأم أن أمارس دور "التعليم" وليس ما ينوب عني.
استغرب في واقع الأمركيف تتفاخر بعض الأمهات أن طفلها يتقن استخدام الهاتف ويجيد عملية التصفح، وتلتقط بعضهن صوراً لأطفالها وهم ينظرون في شاشة " الآي باد" بشكل عميق، ويشعرها الفعل بسعادة ما!
الأم الجيدة.. تدرك تماماً أن التربية عملية شاقة، مرهقة، يكتنفها الغموض والتعب والليالي الطوال التي تقضيها الأم بالبحث والقراءة لحل مشكلة ألمت بطفلها.
الأم الجيدة.. لا توكل للآخرين مهمات التربية، فلا تهوى محطات الاستراحة، ولا تجيد خلق الأعذار!
الأم الجيدة.. لاتسمح بأن تسرف أمومتها بغير أطفالها، لأنها تعلم أن التربية عبادة كما الصلاة!
الأم الجيدة.. محاورةٌ حكيمة، ومستمعةٌ منصته، في النصح رؤومة، وفي العطاء أخّاذة، وعند الغضب حليمة!
الكلام ينطبق على الآباء كما الأمهات، لا تزهدوا بتخصيص وقت لأبنائكم، ستتذكرون أيام طفولتهم، وتتمنون لو شاركتموهم اللعب، أو حظيتم بابتسامات طويلة عصية على النسيان.
هذه الذكرى الخالدة..لاشيء بعدها..ولا شيء قبلها.. ذكرياتك مع طفلك!
 
الوسوم
الأمهات تستريح عندما
عودة
أعلى