هذا الحديث ثلث الاسلام (عند العلماء)

  • تاريخ البدء

ياسر المنياوى

شخصية هامة
كتاب الطهارة​

الحديث الأول​


هذا الحديث ثلث الاسلام (عند العلماء)
الرحيم الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام علي سيدنا ونبينا محمد امام المتقين.
قال المصنف رحمة الله تعالي كتاب الطهاره
{
عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال سمعت رسول الله صلي الله عليه وسلم يقول انمالاعمال بالنيات وفي رواية بالنية وانما لكل امرئ مانوي فمن كانت هجرته الي الله ورسوله فهجرته الي الله ورسوله ومن كانت هجرته لدنيا يصيبها او امراة يتزوجها فهجرته الي ماهاجر اليه}.
قال الشيخ/
هذا الحديث ثلث الاسلام (عند العلماء)
الرحيم الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام علي المبعوث رحمة للعالمين وعلي اله وصحبه أجمعين أما بعد :
ذكر المصنف رحمة الله تعالي حديث عمر بن الخطاب رضي الله عنه وارضاه ان النبي صلي الله عليه وسلم قال :
{
انما الاعمال بالنيات وفي رواية بالنية وانما لكل امرئ مانوي فمن كانت هجرته الي الله ورسوله فهجرته الي الله ورسوله ومن كانت هجرته إلي دنيا يصيبها او امراة يتزوجها فهجرته الي ماهاجر اليه }
استفتح المصنف رحمه الله كتابه المبارك بهذا الحديث الشريف الذي عظم العلماء رحمهم الله امره حتي عدوه قاعدة من قواعد الإسلام وأصلا من
أصوله الجليلة العظام ولذلك قال عبد الرحمن بن مهدي رحمه الله ينبغي لكل مؤلف أن يبدأ بحديث { إنما الأعمال بالنيات } وما ذلك منه إلا لتعظيم هذا الحديث الشريف وقد قال الامام عبد الرحمن بن مهدي لو صنفت كتابا لجعلته في فاتحة كل باب وكان الإمام أحمد رحمة الله عليه يقول أصول الإسلام علي أحاديث وذكر منها حديث عمر بن الخطاب رضي الله عنه وأرضاه {انما الاعمال بنيات } وكذلك قال الامام الخطابي والامام ابو داود وكان العلماء رحمهم الله يستفتحون كتبهم بهذا الحديث كما هو صنيع أبي عبد الله محمد بن إسماعيل البخاري حيث إستفتح الجامع الصحيح بهذا الحديث إشارة إلي فضله وعميم شأنه كما أنه جعله بمثابة الخطبة والمقدمة للجامع الصحيح وقال العلماء رحمهم الله إن البخاري إستفتح كتابه بهذا الحديث لكي ينبه علي أمر عظيم وهو إخلاص النية في طلب العلم وقراءته وذلك بمثابة التنبيه علي الإخلاص لله عز وجل واستفتح المصنف رحمه الله كتابه لهذا المعني وكان العلماء يقولون إن هذا الحديث ثلث الاسلام قال الامام الشافعي رحمه الله حديث عمر بن الخطاب { إنما الأعمال بالنيات } ثلث العلم ويدخل في سبعين بابا من الفقه قال البيهقي مراده بقوله ثلث العلم بقوله إنه ثلث العلم إن أعمال الناس تقوم علي ثلاثة أمور فإما أن تكون متعلقة بالقلوب أو متعلقة بلألسنة اومتعلقة بالجوارح والأركان وحديثنا يتعلق بالقلوب والنيات فكان ثلث العلم من هذا الوجه وقال بعض العلماء إن هذا الحديث يدخل في ألف مسألة من الفقه وهذا صحيح إذا نظرنا إلي مسائل النيات وفروعها فما من مسألة من مسائل النية متفق علي إعتبار النية فيها إلا وهو محتج بعله وقد احتج العلماء بهذا الحديث لإيجاب النيه وما من مسألة اختلفو فيها فقال قائل بوجوب النية الا وهو يستند علي هذا الحديث يقول المصنف رحمه الله عن عمر بن الخطاب هو أمير المؤمنين عمر بن الخطاب بن نفيل بن عبد العزي بن رياح بن عبد الله بن قرط بن رزاح بن عدي بن كاد العدوي القرشي أبو حفص ولد رضي الله عنه وأرضاه سنة ثلاث عشرة من باد عام الفيل فهو أصغر من النببي صل الله عليه وسلم بثلاث عشرة سنة ولكنه توفي في سنته صلوات الله وسلامه عليه لانه إستكملها بعد وفاة رسول الله صل الله عليه وسلم حيث بقي في خلافته ثلاث عشرة سنه وتوفي لأربع أو ثلاث باقين من ذي الحجه سنة ثلاث وعشرين من الهجره كان رضي الله عنه وأرضاه سيدا من سادات قريش في الجاهليه وكانت قريش قد أوعزت إليه بالسفاره فلا ينافرها منافر ولايفاخرها مفاخر إلا ورضو بعمر رضي الله عنه منافرا ومفاخرا ولما كان الاسلام وبعث النبي صل الله عليه وسلم كان شديدا علي المسلمين حتي شرح الله صدره في قصة إسلامه المشهورة مع ختنه وأخته رضي الله عن الجميع ولما أسلم أعزه الله بلإسلام وأعز الإسلام به ولذلك قال عبد الله بن مسعود رضي الله عنه رحم الله عمر بن الخطاب لقد كان إسلامه نصرا وهجرته فتحا وخلافته رحمة بالمسلمين وهاجر من المدينه وشهد المشاهد كلها مع رسول الله صل الله عليه وسلم كان محدثا ملهما رفيقا للنبي صل الله عليه وسلم في السراء والضراء واليسر والبلاء وكانت له المناقب المشهورة والفضائل المأثورة حتي كان النبي صل الله عليه وسلم ربما راجعه عمر فنزل الوحي بلسان عمر رضي الله عنه وأرضاه كما في قصة أسري بدر وقال عليه الصلاة والسلام لو نزل عذاب من السماء ما نجي منه إلاعمر وقد وافق الوحي في ثلاثين مسألة ذكرها العلماء رحمهم الله وفي الحديث الصحيح عند البخاري إن النبي صلي الله عليه وسلم رأي رؤيا أنه يشرب اللبن حتي رأي الري في أظفاره صلوات الله وسلامه عليه ثم ناول عمر اللبن قالوا يارسول فما أولتها قال العلم فكان محدثا ملهما عالما رضي الله عنه وارضاه وفي الحديث الصحيح عن النبي صل الله عليه وسلم أنه قال إنه كان فيمن كان قبلكم محدثون ان يكن في امتي فعمر ولما توفي أبو بكر رضي الله عنه وأرضاه عهد إليه بالخلافه فصار بحسن السيرة وكانت له المناقب العظيمة المشهورة ففتح الأمصار والأقطار ودون الدواوين وجند الأجناد رضي الله عنه وأرضاه وأعز الله به دينه وأعلي به كلمته فسار بالرعية وقسم بالسوية وكانت مأثره مشهورة رضي الله عنه وأرضاه ولما كان اليوم السادس والعشرون من ذي الحجه دخل رضي الله عنه وأرضاه إلي مسجد النبي صلي الله عليه وسلم في صلاة الفجر وكان يطول في صلاته فلما كبر التكبيرة الاولي دخل عليه أبو لؤلؤة المجوسي عليه لعنة الله فطعنه بخنجره فلما ادركه حر القتل قال قتلني الكلب وما زال عدو الله يطعن حتي قتل سبعة من الأنفس ثم طعن نفسه ليذوق عذاب الدنيا قبل الأخرة ثم إنه عاش بعدها سويعات وأسلم روحه لله راضيا مرضيا عنه وفي صحيح البخاري ان عبد الله بن عباس دخل عليه وهو يتألم من الطعنه فقال له يا أمير المؤمنين لإن كان ذاك فلقد صحبت النبي صل الله عليه وسلم فأحسنت الصحبه ثم فارقته وهو عنك راض ثم صحبت أبو بكر فأحسنت الصحبه ثم فارقته وهو عنك راض ثم صحبت صحبتهم واليوم تفارقهم وهم عنك راضون رضي الله عنه وأرضاه وقوله رحمه الله عن أمير المؤمنين عمر بن الخطاب قال سمعت رسول الله صل الله عليه وسلم قوله سمعت السماع يعتبر من أعلي درجات الروايه في الحديث وإذا صرح الراوي بالسماع فقد نفي الواسطة بينه وبين من روي عنه والصحابه إذا روو عن الني صل الله عليه وسلم فإن روايتهم تأتي علي وجهين :

[FONT=times new roman (arabic)][/FONT]
 
الوجه الاول: ان تكون بدون واسطة وهي الروايه المباشره ويصرح فيها الصجابي بالسماع من النبي صل الله عليه وسلم وقد يقول قال رسول الله صل الله عليه وسلم ودلالتها حينئذ علي السماع ظاهرة .
الوجه الثاني
: رواية الصحابي بالواسطه واذا روي الصحابي بالواسطه إنه علي دربين فإما أن يذكر الواسطة ويسميها كما في حديث بن عباس في النسيئة يروي عن أسامة رضي الله عنه وقد صرح بالرواية عنه كما في صحيح مسلم وقد لا يصرح بالواسطة فيحذفها وحذق الواسطة من أصحاب النبي صل الله عليه وسلم فيما بينهم لايضر لأن اصحاب اصحاب النبي صل الله عليه وسلم كلهم عدول وجهالة الراوي المباشر للرواية لاتضر لذالك لما قال رضي الله عنه سمعت قد صرح بالسماع والتصريح بالسماع هو اعلي درجات الروايه .
ولذلك قال الأصوليون إذا تعارضت رواية السماع مع رواية العنعنة وغيرها قدمت رواية السماع لأن رواية السماع نص في الإتصال بخلاف غيرها المحتمل والسماع يعتبر شرطا من شروط الإتصال الذي هو شرط للحكم بصحة الرواية عن النبي صل الله عليه وسلم فإذا ثبت السماع ثبت الإتصال .
كما قال الناظم :
وما بسمع كل راو يتصل اسناده للمصطفي فالمتصل
فشرط الإتصال السماع ممن روي عنه وقوله سمعت النبي صل الله عليه وسلم وفي رواية الصحيح وهو علي المنبر وهي جملة حاليه اي حال كونه علي المنبر
.
وكونه علي المنبر لايخلو من حالتين :
اما ان يكون في خطبة الجمعة .
اما ان يكون في مواضعه العامه صلوات الله وسلامه عليه .
فان كان في خطبة الجمعه فلا اشكال في دلالته علي اهمية التنبيهة علي اخلاص الاعمال لله عز وجل في خطب الجمعة ونحوها مما يوعظ به الناس وقوله علي المنبر المنبر مأخوذ من النبر وهو الصوت وانما جعل المنبر لكي يكون قوة علي بلاغ الصوت ومعونة عليه ومنبرالنبي صل الله عليه وسلم انما صنع بعد عام الوفود وذلك ان النبي صل الله عليه وسلم كان يخطب مستندا علي الجزع فلما كثر عليه الناس قال كما في الصحيح من حديث سهل بن سعد الساعدي رضي الله عنه قال لأمراة من الانصار أنظري غلامك النجار فليصنع لي أعواد أكلم عليها الناس فصنع له منبره صلوات الله وسلامه عليه من طرفاء الغاب فقام عليه الصلاة والسلام علي المنبر في خطبه وما زال هذا المنبر من ثلاث درجات الي عهد عثمان رضي الله عنه وأرضاه فزاد ثلاثا أخر اوزديادا الي معني السنه ومقصود الشرع من وضع المنبر في مسجده صلوات الله وسلامه عليه ومازال في المسجد حتي إحترق في السنة التي احترق فيها مسجد النبي صل الله عليه وسلم وذلك سنة مائة واربع وخمسين من الهجره وقوله رضي الله عنه وهويقول {انما الاعمال بالنيات} قال بعض العلماء لهذا الحديث سبب وذلك ان إمرأة من المهاجرات كانت بالمدينة وأراد رجل أن يتزوجها وهو بمكة فكتبت إليه إنها لا تقبله حتي يهاجر إليها فهاجر إليها فسمي مهاجرا ابن قيس رجحه الحافظ بن حجر وغيره من العلماء إن هذا السبب ليس موردا للحديث اذ يحتمل أن الحديث ورد علي العموم وما ورد فيه من الهجره بالزواج لايقتضي تخصيص صدد ورود الحديث بهذه القصه وقوله عليه الصلاة والسلام { إنما الأعمال بالنيات }الأعمال جمع عمل والعمل يشمل القول والفعل فالقول متعلق بالسان والفعل متعلق بالجوارح والأركان وقال العلماء قوله انما الأعمال أي إنما إعتبار الأعمال وصحتها وهذا هو مذهب الجمهور من المالكية والشافعية والحنابلة والظاهريه رحمة الله علي الجميع يقو لون قوله {إنما الأعمال بالنيات }أي إنما إعتبارها وصحتها بالنيه والنيايات جمع نية بالتشديد ويالتخفيف نيه وهي القصد في لغة العرب يقال نو ي الشئ ينويه نية إذا قصده والمراد من النية في الشرع قصد التقرب لله سبحانه وتعالي بفعل الطاعه وهذا القصد متعلق بالقلوب فهو أمر متعلق بالقلب الذي لايعلم ما فيه الا علام الغيوب سبحانه وتعاله وقوله عليه الصلاة والسلام إنما الأعمال بالنيات فيه دليل علي إعتبار النية
 
[font=times new roman (arabic)]الوجه الاول[/font]: [font=times new roman (arabic)]ان تكون بدون واسطة وهي الروايه المباشره ويصرح فيها الصجابي بالسماع من النبي صل الله عليه وسلم وقد يقول قال رسول الله صل الله عليه وسلم ودلالتها حينئذ علي السماع ظاهرة [/font].
[font=times new roman (arabic)]الوجه الثاني[/font]
: [font=times new roman (arabic)]رواية الصحابي بالواسطه واذا روي الصحابي بالواسطه إنه علي دربين فإما أن يذكر الواسطة ويسميها كما في حديث بن عباس في النسيئة يروي عن أسامة رضي الله عنه وقد صرح بالرواية عنه كما في صحيح مسلم وقد لا يصرح بالواسطة فيحذفها وحذق الواسطة من أصحاب النبي صل الله عليه وسلم فيما بينهم لايضر لأن اصحاب اصحاب النبي صل الله عليه وسلم كلهم عدول وجهالة الراوي المباشر للرواية لاتضر لذالك لما قال رضي الله عنه سمعت قد صرح بالسماع والتصريح بالسماع هو اعلي درجات الروايه [/font].
[font=times new roman (arabic)]ولذلك قال الأصوليون إذا تعارضت رواية السماع مع رواية العنعنة وغيرها قدمت رواية السماع لأن رواية السماع نص في الإتصال بخلاف غيرها المحتمل والسماع يعتبر شرطا من شروط الإتصال الذي هو شرط للحكم بصحة الرواية عن النبي صل الله عليه وسلم فإذا ثبت السماع ثبت الإتصال [/font].
[font=times new roman (arabic)]كما قال الناظم [/font]:
[font=times new roman (arabic)]وما بسمع كل راو يتصل اسناده للمصطفي فالمتصل
فشرط الإتصال السماع ممن روي عنه وقوله سمعت النبي صل الله عليه وسلم وفي رواية الصحيح وهو علي المنبر وهي جملة حاليه اي حال كونه علي المنبر
[/font].
[font=times new roman (arabic)]وكونه علي المنبر لايخلو من حالتين [/font]:
[font=times new roman (arabic)]اما ان يكون في خطبة الجمعة [/font].
[font=times new roman (arabic)]اما ان يكون في مواضعه العامه صلوات الله وسلامه عليه [/font].
[font=times new roman (arabic)]فان كان في خطبة الجمعه فلا اشكال في دلالته علي اهمية التنبيهة علي اخلاص الاعمال لله عز وجل في خطب الجمعة ونحوها مما يوعظ به الناس وقوله علي المنبر المنبر مأخوذ من النبر وهو الصوت وانما جعل المنبر لكي يكون قوة علي بلاغ الصوت ومعونة عليه ومنبرالنبي صل الله عليه وسلم انما صنع بعد عام الوفود وذلك ان النبي صل الله عليه وسلم كان يخطب مستندا علي الجزع فلما كثر عليه الناس قال كما في الصحيح من حديث سهل بن سعد الساعدي رضي الله عنه قال لأمراة من الانصار أنظري غلامك النجار فليصنع لي أعواد أكلم عليها الناس فصنع له منبره صلوات الله وسلامه عليه من طرفاء الغاب فقام عليه الصلاة والسلام علي المنبر في خطبه وما زال هذا المنبر من ثلاث درجات الي عهد عثمان رضي الله عنه وأرضاه فزاد ثلاثا أخر اوزديادا الي معني السنه ومقصود الشرع من وضع المنبر في مسجده صلوات الله وسلامه عليه ومازال في المسجد حتي إحترق في السنة التي احترق فيها مسجد النبي صل الله عليه وسلم وذلك سنة مائة واربع وخمسين من الهجره وقوله رضي الله عنه وهويقول [/font]{[font=times new roman (arabic)]انما الاعمال بالنيات[/font]} [font=times new roman (arabic)]قال بعض العلماء لهذا الحديث سبب وذلك ان إمرأة من المهاجرات كانت بالمدينة وأراد رجل أن يتزوجها وهو بمكة فكتبت إليه إنها لا تقبله حتي يهاجر إليها فهاجر إليها فسمي مهاجرا ابن قيس رجحه الحافظ بن حجر وغيره من العلماء إن هذا السبب ليس موردا للحديث اذ يحتمل أن الحديث ورد علي العموم وما ورد فيه من الهجره بالزواج لايقتضي تخصيص صدد ورود الحديث بهذه القصه وقوله عليه الصلاة والسلام [/font]{ [font=times new roman (arabic)]إنما الأعمال بالنيات [/font]}[font=times new roman (arabic)]الأعمال جمع عمل والعمل يشمل القول والفعل فالقول متعلق بالسان والفعل متعلق بالجوارح والأركان وقال العلماء قوله انما الأعمال أي إنما إعتبار الأعمال وصحتها وهذا هو مذهب الجمهور من المالكية والشافعية والحنابلة والظاهريه رحمة الله علي الجميع يقو لون قوله [/font]{[font=times new roman (arabic)]إنما الأعمال بالنيات [/font]}[font=times new roman (arabic)]أي إنما إعتبارها وصحتها بالنيه والنيايات جمع نية بالتشديد ويالتخفيف نيه وهي القصد في لغة العرب يقال نو ي الشئ ينويه نية إذا قصده والمراد من النية في الشرع قصد التقرب لله سبحانه وتعالي بفعل الطاعه وهذا القصد متعلق بالقلوب فهو أمر متعلق بالقلب الذي لايعلم ما فيه الا علام الغيوب سبحانه وتعاله وقوله عليه الصلاة والسلام إنما الأعمال بالنيات فيه دليل علي إعتبار النية [/font]
 
القاعدة الشرعية المشهورة الامور بمقاصدها :
وهي احدي القواعد الخمس التي انبني عليها قواعد الفقه الإسلامي
:
أولها الأمور بمقاصدها
.
والثانية اليقين لايزال بالشك
.
والثالثة الضرر يزال
.
والرابعة تجلب التيسير
.
والخامسة العادة محكمه
.
فقولهم الأمور بمقاصدها إنبنت علي قوله عليه الصلاة والسلام في هذا الحديث إنما الأعمال بالنيات أي إنما إعتبارها وإجزائها بالنيه وذلك قوله إنما لكل إمرء ما نوي وقد اعترض علي هذه القاعدة باعتراضات قال بعضهم ان هذة القاعدة يخرمها أمور منها ان الإنسان لوقال لرجل زوجتك بنتي وهو هازل غير قاصد وجاد وقال قبلت فإن النكاح يقع مع أنه قد قصد الهزل ولم يقصد الجد ولذلك لوقال لعبده انت حر يريد الهزل فإنه يمضي عليه عتقه ولارجعة فيه مع أنه لم يقصد العتق وكذلك إذا نذر نذرا فإنه يمضي عليه النذر ولو كان هازلا مع أنه غير قاصد للنذر وهكذلك لوقال لأمرأته أنت طالق قال إنما قصدت الهزل فإنه تطلق عليه إمرأته ولايلتفت إلي نيته وقصده وقالوا قد ثبت عن النبي صل الله عليه وسلم أنه قال ثلاث جدهن جد وهزلهن جد النكاح والطلاق والعتاق وقال عمر رضي الله عنه وأرضاه أربع جاءزات إذا تكلم بهن النكاح والطلاق والعتاق والنذر فكيف يمكننا أن نقول أن الامور بمقاصدها مع أن الهازل في نكاحه وطلاقه وعتقه ونذره لا نية له في الإيقاع وقد أجاب العلماء رحمهم الله بأن هذا الإيقاع مرتبط بالحكم الوضعي لا بالحكم التكليفي وذلك لأن الشرع جعل ايقاع الطلاق والعتاق والنذر والنكاح من باب الاسباب التي إذا وجدت بأسبابها بغض النظر عن كون الإنسان قاصدا للطلاق اوغير قاصد وهذا هو اقوي الوجوه كما ذكر الامام الشاطبي رحمه الله في الموافقات وعلي هذا فقد سلمت القاعده واعتبر العلماء النية في العبادات والمعاملات
.
ففي العبادات لو ان انسانا اغتسل ونوي بالغسل أن يتنظف أو يتبرد فإن غسله لايجزيه عن الجنابة الفرض وهكذا لو توضأ في الصيف ويقصد البرودة فإن وضوئه علي هذا الوجه لا يقع عباده لأنه لم يقصد التقرب إلي الله سبحانه وتعالي بوضوئه وهكذا الحال بالنسبة لأفراد العبادات فلو أنه طاف بالبيت فإن نوي بالطواف طواف النافلة لم يقع عن الفريضه وهكذا لو نوي الفريضه لم تجزئ عن فريضة اخري فلو أنه طاف طواف الإفاضه ونوي بذلك طواف الوداع فإن كان طوافه للإفاضه في اخر ايامه اجزأه عن الوداع تبعا لا من جهة القصد والنيه وانما من جهة كون الشرع جعل العبرة بجعل الطواف اخر عهد الانسان بالبيت لقوله عليه الصلاة والسلام إجعلو اخرعهدكم بالبيت طوافا فقالو فالعبرة بوقوع الطواف بغض النظر عن كونه طوافا للافاضه او غيره فذا نوي اندراج طواف الوداع تحت الإفاضة أجزأه وهكذا بالنسبه للصور الأخري التي يتحقق بها مقصود الشرع في الإندرج كمن دخل إلي المسجد وصلي راتبة الظهر فإنها تجزيه عن تحية المسجد لأن مقصود الشرع أن يصلي قبل أن يجلس وهكذا بالنسبه لبقية العبادات التي نص عليها العلماء علي صحتها الإدراج فيها كما هو الحال في دعاء الإستخاره فإنه إذا صلي راتبة الفجر ثم دعا بعدها دعاء الاستخارة أجزي لا من باب النية ولكن من باب قصد الشرع ان يوقع صلاة الركعتين من باب الفريضه وقوله عليه الصلاة والسلام { فمن كانت هجرته الي الله ورسوله فهجرته الي الله ورسوله } الهجرة في لغة العرب المفارقة والترك ومنه الهجران وهو ترك الكلام و المباعدت و المفارقة للمهجور وفي الحديث الصحيح عن النبي صلي الله عليه وسلم انه قال والمهاجر من هجر ماحرم الله عليه أي ترك محارم الله وحدوده وأما الهجرة في الشرع فإنها تطلق علي عدد من الهجر الهجرة الأولي هجرة الصحابة رضوان الله عليهم من مكة إلي الحبشه وقد وقعت بعد ايذاء الشركين لأصحاب النبي صلي الله عليه وسلم لما توفي أبو طالب فقال عليه الصلاة والسلام { إن في الحبشة ملكا لا يظلم عنده احد } فتحول المهاجون من الصحابة إلي الحبشه وأما الهجرة الثانية فهي من مكة الي المدينه التي ورد المدح والثناء عليها في النصوص والهجرة الثالثة وهي هجرة الوفود وقد وقعت بعد فتح مكة وأما بالنسبة إلي النوع الرابع من الهجرة فهي مفارقة ديار الكفر إلي ديار المسلمين وهي باقية إلي قيام الساعة لحديث أحمد في مسنده لاتنقطع الهجرة حتي تنقطع التوبة ولاتنقطع التوبة حتي تطلع الشمس من مغربها فدل علي بقاء الهجرة الي هذا الزمان وزمان طلوع الشمس من مغربها هو الزمان الذي لاينفع نفس ايمانها لم تكن امنت من قبل أو كسبت في إيمانها خيرا ولا يعارض هذا الحديث ما ثبت في الصحيح من حديث عبد الله بن عباس رضي الله عنهما ان النبي صلي الله عليه وسلم قام في اليوم الثاني من فتحه لمكة فقال الهجرو بعد الفتح ولكن جهاد ونية واذا استنفرتم فانفروا فان قوله عليه الصلاة والسلام لاهجرة بعد الفتح هذا النفي مسلط علي نوع خاص من الهجرة وهو الإنتقال من مكة إلي المدينة وذالك أن مكة قد فتحت وصارت من ديار الإسلام وحينئذ لا يوصف المنتقل منها إلي المدينة بكونه مهاجرا فنفي النبي صل الله عليه وسلم الهجرة بهذا المعني ولذالك قال العلماء ببقاء الهجره واعتبروا قوله عليه الصلاة والسلام لا هجرة بعد الفتح المراد به الخصوص وهو معجزة من معجزات الني صل الله عليه وسلم كما قال العلماء لأن فيه إشارة إلي أن مكة تبقي دار إسلام إلي قيام الساعه وقوله عليه الصلاة والسلام فمن كانت هجرته الي الله ورسوله بعتبر بمثابة التفصيل للجملة المتقدمة في قوله انما الاعمال بالنيات ووجوه ذلك أن الهجرة لله ورسوله درب من الأعمال التي انصرف عمل الإنسان إليها بالقربة والنيه وهذا من باب التمثيل لامن باب الحصر ولذلك قال العلماء فبه دليل علي مشروعية ضرب الامثلة لتقريب الأحكام و ذكر الصور والمسائل التي هي افراد لعموم القواعد والاصول حتي يتسني للإنسان معرفة الأصول بها وذالك أن النبي صل الله عليه وسلم ذكر نوعين من الهجرة النوع الأول يعتدد هجرة وطاعة وقربة لله عز وجل والنوع الثاني يعتبر من أمور العادات التي لا أجر فيها للإنسان فذكر النبي صل الله عليه وسلم هذين النوعين علي سبيل التمثيل للأصل الذي قدمه بقوله إنما الأعمال بالنيات وقوله عليه الصلاة والسلام فمن كانت هجرته إلي الله ورسوله المراد بذلك نية وقصدا فهجرته إلي الله ورسوله ثوابا واجرا وقوله عليه الصلاة والسلام ومن كانت هجرته الي دنيا يصيبها الدنيا اما مأخوذة من الدناءة والاحتقار وذلك لحقارتها وهوانها علي الله عز وجل ولذلك قال صل الله عليه وسلم { لو كانت الدنيا تزن عند الله جناح بعوضه ماسقي الكافر فيها شربة ماء } فسميت بهذا الاسم لدناءتها وحقارتها وقال بعض العلماء سميت بالدنيا لدنوها وقربها من الاخرة وقوله عليه الصلاة والسلام ومن كانت هجرته إلي دنيا يصيبها كأن يهاجر لتجارة أو نحو ذلك من عرض الدنيا ومتاعها وذكر مثالا علي ذلك بقوله أو أمرأة يتزوجها أو أمرأة ينكحها أو يتزوجها كل ذلك من باب عطف الخاص علي العام وذلك أن الزواج من باب الامور المتعلقة بالدنيا وقد يقع طاعة وقربة لله عز وجل إذا قصد الانسان من زواجه أن يعف نفسه عن الحرام ويحصن فرج أهله عن الاثام كما قال عليه الصلاة والسلام { وفي بضع أحدكم صدقه قالوا يارسول الله أيأتي احدنا شهوته وله بها اجر قال لو وضعها في الحرام أكان عليه وزر } فدل علي أن النكاح يكون عادتا ويكون عبادة ولكن النبي صل الله عليه وسلم أراد أن الهجرة يقصد منها النكاح وبناءا علي هذا انصرفت الهجرة منقصد القربة إلي قصد النيه وقوله عليه الصلاة والسلام أو إمرأة ينكحها أطلق النبي صل الله عليه وسلم بهذا و قال بعض العلماء من هاجر الي امرأة يتزوجها وقصد من نكاحه وزواجه أن يعف نفسه عن الحرام كانت هجرته طاعة لله عز و جل علي سبيل التبعية لنية الزواج وهذا المهاجر الذي هاجر لزواج بالمرأة إما قصد من هجرته النكاح والشهوة ولذلك انصرف إلي الدنيا ولم ينصرف إلي الأخرة استفتح المصنف رحمه الله هذا الكتاب بهذا الحديث و استفساحه له فيه دليل علي امربن الامر الاول ما تقدم في الاشارة اليه من كونه قصد تشديد النية بلاخلاص لله عز وجل واما الامر الثاني فقد اشار المصنف رحمه الله بهذا الحديث الي مسألة خلافيه بين العلماء وهي نية الطهارة من غسل من الجنابه و وضوء من الغسل سواءا كان من جنابة أو غيرها وكذلك الوضوء وقد أختلف العلماء رحمهم الله في الطهارة من الحدث هل تشترط النية لصحتها أو لا تشترط فذهب جمهور العلماء رحمهم الله إلي أن الوضوء والغسل لا يصح إلا بنيه وهذا هو مذهب المالكيه والشافعية والحنابلة والظاهرية رحمة الله علي الجميع وذهب الامام ابو حنيفة رحمة الله عليه إلي القول بصحة الوضوء والغسل بدون نية واستدل جمهور العلماء بهذا الحديث وذلك أن الني صل الله عليه وسلم { قال انما الأعمال } والوضوء عمل من الاعمال وهكذا الغسل من الجنابة والحيض والنفاس كل هذة الاغسال نعتبر من الاعمال فدخلت في عموم قوله عليه الصلاة والسلام انما الاعمال بالنيات فلا يصح الوضوء ولا الغسل إلا بالنيه أما الدليل الثاني ما ثبت في الحديث الصحيح عن الني عليه الصلاة والسلام الطهور شطر الإيمان وجه الدلة أن الني صل الله عليه وسلم جعل الطهور وهو جعل الطهارة من وضوء وغسل شطرا للايمان وهو الصلاة لان الله سمي الصلاة الايمان كما في قوله سبحانه وما كان الله ليضيع ايمانكم اي صلاتكم الي بيت المقدس فإذا كان الوضوء شطر الايمان هي الصلاة فتشترط النية للوضوء كما تشترط للصلاة وقالوا ان الوضوء عبادة غير معقولة المعني ولذاك اشتمل علي نوعين اعني الغسل والمسح وادخل الله الممسوح بين مغسولين وحدد اعضاء المسح والغسل فدل علي كونه عبادة غير معقوله المعني وقال الامام ابو حنيفة رحمة الله عليه ان الله عز و جل يقول { يأيها الذين ءامنوا اذا قمتم الي الصلاة فغسلوا وجوهكم } الايه فأمرنا بفعل الوضوء فمن فعل الوضوء فقد فعل المأمور ولم يأمرنا سبحانه بالنية فدل علي عدم وجوبها واشتراطها فرد الجمهور أن الاية أمرت بالوضوء للقيام إلي الصلاة وهذا الأمر لاينفي كون النية واجبه لأن السنة ذادت اشتراطها ودلت علي وجوبها وهذا هو الراجح من قولي العلماء أن الوضوء لايصح إلابنية وهكذا الغسل سواءا كان من الجنابة او من الحيض او من النفاس فلا بد من جميع ذلك من النية والفائدة من الخلاف ان الانسان اذا غتسل في اليوم الصائف شديد الحر وكان عليه جنابه فدخل في بركة ونحوها و اغتسل وكان يقصد ان يتبرد من الصيف ثم إذا ما خرج تذكر أنه جنب فإنه علي قول الجمهور لايجزيه الغسل عن الجنابه وعلي قول الامام أبي حنيفه رحمة الله عليه يجزيه لأن المقصود إنما يعمم بدنه بالماء بعد حصول الجنابة وقد وقع ذلك بغتساله ولذلك قال يصح غسله من هذا الوجه وهذا الحديث بناءا علي هذا الوجهه يكون حجة لجمهور العلماء وهو يشير الي الي اختيار المصنف رحمه الله الي اشتراط النية في عبادة الطهارة أعني الطهارة من الاحداث
.


 
الوسوم
الاسلام الحديث العلماء ثلث عند هذا
عودة
أعلى