الفرق بين الصـيام، الصـوم

صفا النعمان

الادارة
طاقم الإدارة
هناك قول بأنه لا فرق بين الصيام والصوم لا في اللغة ولا في الشرع فكلاهما مصدر صام،

و في لسان العرب: الصوم ترك الطعام والشراب والنكاح،
صام يصوم صوما وصياما. انتهى،

وهو لغة الإمساك، ولكن القرآن الكريم فرق ما بينهم

قال تعالى : الله نزّل أحسن الحديث كتابا متشابها مثاني تقشعر منه جلود الذين يخشون ربهم، ومن

بين هذه المثاني الرائعة في بلاغتها ميز القرآن الكريم بين الصيام والصوم لأن القرآن الكريم ليس فيه

مترادفات أبدا فهو كتاب أحكمت آياته ثم فصلت من لدن حكيم خبير، ومن حسن حظنا أن الله كتب علينا

الصيام ولم يكتب علينا الصوم فالأخيرة هي أكثر مشقة وتحتاج إلى عزيمة أقوي ،
فما الفرق بين الصيام والصوم؟

الصيام: قال الله تعالى:" يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام " فالصيام يتعلق بالمعدة وبأوقات تناول الطعام ،فحينما

قال عز وجل "كتب عليكم الصيام" بدأ بالحديث عن مواعيد تناول الطعام فقال: "وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى

يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ"

وأما
الصوم: قال الله تعالى : { فَكُلِي وَاشْرَبِي وَقَرِّي عَيْنًا فَإِمَّا تَرَيِنَّ مِنَ الْبَشَرِ أَحَدًا فَقُولِي إِنِّي نَذَرْتُ لِلرَّحْمَنِ صَوْمًا فَلَنْ أُكَلِّمَ الْيَوْمَ إِنسِيًّا سورة مريم: 26.

والمراد بكلمة ( صوماً ) هنا الامتناع عن الكلام فقط بدليل ما جاء بعدها مباشرة : { فَلَنْ أُكَلِّمَ الْيَوْمَ إِنسِيًّا }.

فالقرآن يستعمل الكلمة بميزان أدق من ميزان الذهب والفضة فهو يستعمل اللفظ على الوجه الأكمل والأفضل والأدق.

والصيام في شهر رمضان هو دورة تدريبية لكي ننتهي بنهاية رمضان إلى الصوم ،فالصوم يأتي مع الأحد

عشر شهرا الأخرى بغير رمضان وبذلك يكون الصيام في رمضان فقط أما الصوم فهو في رمضان وغير رمضان .

والصوم درجات:

1- أدنى درجات الصيام هي الصيام الظاهري فقط أي ما يسمى بصيام المعدة. صائمي هذه الدرجة

همهم فقط تحقيق الشروط الظاهرية بالامتناع عن الطعام والشراب وغيره مما يضر بالصوم دون

مراعاة الجوانب الروحية الباطنية للصوم. وبذلك يحققون ظاهر الصيام ويحرمون أنفسهم من روحانية

الصوم وفوائده الباطنية مع أنهم أدوا تكليفم الشرعي بالامتناع عن المفطرات من بداية وقت

الصيام اليومي إلى أن يحين وقت الإفطار.

2- درجة صيام المسلم بكل جوارحه. وفي تلك الدرجة لا يقتصر الصائم على التكليف الشرعي وقواعد

المفطرات وإنما تصوم معه عيناه وأذناه ولسانه وقدماه وكل جوارحه واضعاً نصب عينيه أن يتقبل

الله سبحانه وتعالى صيامه وأن ينال من ذلك الصيام البركات العظيمة والرحمة الواسعة التي وعد

الله بها من أخلص له صيامه وقيامه في شهر رمضان الكريم شهر ضيافة الله سبحانه وتعالى.

ولا يخفى أن من يقبل على الصوم بهذا الأسلوب فإنه ينال الكثير من الفوائد الروحية

التكامل الأخلاقي الناتجين عن تحقيق الصيام على هيئته الصحيحة.

3- أعلى درجات الصوم هي صوم المتقين وفي تلك الدرجة يحرص الصائم إلى جانب الدرجتين

السابقتين من صيام الجسد والجوارح على صيام القلب والنفس. فهو يتحكم بنفسه ويروضها و

لا يدعها توقعه في مكائدها من نيات وأحاسيس ومشاعر وظنون وأفعال. عندما يتمكن الإنسان

الصائم من الوصول إلى تلك الدرجة وتحقيق جميع شرائطها يكون قد حصل على الفائدة

التامة من صيامه ونبذ من قلبه كل الشوائب والأدران ليصبح قلبه نقياً ساطعاً بنور الله عز وجل.

إذن الصيام هو فريضة يجب أن تؤدى لكن الغاية منها أن أصل إلى الصوم فالرسول الأعظم

- صلى الله عليه وسلم - قال في الحديث :"من لم يدع قول الزور والعمل به ، والجهل، فليس

لله حاجة في أن يدع طعامه وشرابه " فالغاية من الصيام في الشهر الفضيل أن نصل فيه

إلى الصوم ويمكن أن نحقق ثواب الصوم على مدار العام فقال تعالى في الحديث القدسي

:" كل عمل ابن آدم له إلا الصوم فهو لي وأنا أجزي به" فإذا وصلت الأمة إلى الصوم انتهت

كل المشاكل ومن هنا ميز القرآن الكريم بين الصوم والصيام .
 
الوسوم
الصـوم الصـيام، الفرق بين
عودة
أعلى