موجز أحكام الصيام

ياسر المنياوى

شخصية هامة
الصيام

تبشير المسلمين بقدوم رمضان، وبيان فضله، وحثهم على الاستزادة من عمل الخير فيه مما استفاض في السنة المطهرة، وعلم من سيرة السلف الصالح بالضرورة.



ففي هذا الشهر تفتح أبواب الجنة فلا يغلق منها باب، وتغلق أبواب جهنم فلا يفتح منها باب، وتصفد الشياطين، وتتنزل فيه الرحمات، وتستجاب فيه الدعوات، وتضاعف فيه الحسنات.

والصيام هو الإمساك عن الطعام والشراب والشهوة من طلوع الفجر إلى مغيب الشمس تعبدا لله - تعالى -

وقد كان وجوبه على التدريج: ففرض أولا صيام ثلاثة أيام من كل شهر، وصيام عاشوراء ثم نسخ بصيام رمضان، وكان في ابتداء الأمر على التخيير: من شاء صام، ومن شاء أفطر وأطعم مسكينا عن كل يوم يفطره، ثم نسخ التخيير وصار الصيام عزيمة لا تخيير فيه، ثم كان الفطر إلى صلاة العشاء الآخرة أو النوم، فمن أدى الصلاة أو نام قبلها لزمه الإمساك إلى مغيب شمس اليوم التالي، ثم نسخ ذلك بإباحة المفطرات في الليل كله من مغيب الشمس إلى طلوع الفجر.

والصوم ركن من أركان الإسلام، ووجوبه ثابت بالكتاب والسنة والإجماع.

ويجب الصوم برؤية الهلال في حال الصحو، أو بإكمال العدة شعبان ثلاثين يوما في حال تعذر الرؤية بغيم أو نحوه، وفي صيام يوم الشك خلاف فقهي، والأرجح أنه محرم.

اعتبار اختلاف المطالع أو عدم اعتباره في ثبوت الشهر من مسائل الاجتهاد، ولأهل العلم في كل موقع اختيار أرجح القولين حسب اجتهادهم، ومن تفرد برؤية الهلال أو باجتهاد في قضية اختلاف المطالع فليس له الاستعلان بهذه المخالفة مراعاة لمعنى الجماعة والائتلاف.

ووجوب الصوم إنما يكون على المسلم المكلف القادر على الصوم.

ولمن كان مريضا أو على سفر أن يترخص بالفطر ويقضى عدة من أيام أخر

وللمسافر والمريض أن يتخير الأيسر له من الصوم أو الفطر، فإن استويا فالصوم أولى، لكونه أيسر على المكلف، وأسرع في إبراء الذمة، ولوقوعه في الزمن الفاضل وهو شهر رمضان، فإن كان في الصوم ضرر توجه القول بالكراهة أو الحرمة.



وعلى من عجز عن الصوم لكبر أو مرض لا يرجى له برء أن يطعم مسكينا عن كل يوم: نصف صاع من طعام، أو يدعوه إلى ما يشبعه من الطعام من أوسط ما يطعم منه أهله



وإذا عوفي المريض، أو قدم المسافر مفطرا أثناء النهار، تعين عليه أن يمسك بقية يومه مراعاة لحرمة الزمان، ثم يقضي بدلا منه يوما آخر، وقيل لا يلزمه ذلك بل عليه القضاء فحسب، لأنه أفطر صدر اليوم بإذن من الشارع فلا يلزمه الإمساك في آخره، ومثل ذلك الحائض إذا طهرت أثناء النهار.



ومن حملته الضرورة من أصحاب الأعمال الشاقة إلى الفطر أخذ ما يدفع عنه الضرورة ثم يمسك بقية يومه وعليه القضاء.

والحامل والمرضع إن خافتا على نفسهما أو على ولدهما أفطرتا وعليهما القضاء

وعلى من أخر القضاء لغير عذر حتى أدركه رمضان آخر القضاء والفدية

ويفسد الصوم بتعمد الأكل أو الشرب أو القئ أو الجماع بلا خلاف بين أهل العلم، ومع النسيان خلاف فقهي والأرجح عدم الفساد.



وفي فساد الصوم بالجماع القضاء والكفارة، وهي عتق رقبة، فإن لم يستطع فصيام شهرين متتابعين، فإن لم يستطع فإطعام ستين مسكينا، لكل مسكين نصف صاع من طعام، أو يدعوه إلى ما يشبعه من الطعام من أوسط ما يطعم منه أهله كما كان يفعل أنس - رضي الله عنه -. وفي فساده بالطعام والشراب وسائر المفطرات القضاء دون الكفارة في أرجح قولي العلماء.



ولا يفسد الصوم بالاحتلام، ولا بالإنزال بمجرد التفكر، ولا بنظرة الفجاءة، فإن كرر النظر فأمنى فسد صومه، لأنه له الأولى وليست له الثانية، ولا يفسد بالمذي في أصح قولي العلماء.



ومن أكل شاكا في طلوع الفجر صح صومه لأن الأصل بقاء الليل، ومن أكل شاكا في غروب الشمس بطل صومه لأن الأصل بقاء النهار.



وشروط المفطرات ثلاثة: العلم، والذكر، والتعمد، فمن تناول شيئا منها جاهلا، أو ناسيا، أو مكرها، فلا يفسد صومه، على الصحيح من قولي العلماء. وسواء أكان الجهل بالحكم الشرعي أو الجهل بالحال فإن كليهما عذر على الصحيح، أما الجهل بما يترتب على التحريم من آثار فليس بعذر .

وفي فساد الصوم بالكحل والقطرة والحقنة والبخور خلاف فقهي والأرجح عدم الفساد.



ويسن تعجيل الفطر وكونه على رطب أو تمر أو ماء، كما يسن تأخير السحور، فلا تزال هذه الأمة بخير ما عجلوا الفطر وأخروا السحور.



ومن مات وعليه صوم صام عنه وليه في أرجح أقوال أهل العلم، إلا إذا كان معذورا في تركه للصيام لكبر أو مرض لا يرجى برؤه.



وتجب زكاة الفطر بمغيب شمس أخر يوم من أيام شهر رمضان، ويتعين إخراجها قبل الصلاة، ويشرع تقديمها على العيد بيومين أو ثلاثة ليتسنى وصولها إلى المستحقين في وقت مناسب، وفي تقديمها على ذلك خلاف فقهي، والأمر في ذلك واسع، وهي صاع من طعام من غالب قوت أهل البلد، وفي إخراج القيمة خلاف، والراجح أن مرد ذلك إلى المصلحة.



ويسن الاعتكاف في العشر الأواخر من هذا الشهر، وهو لزوم المسجد طاعة لله - تعالى -، قطعا للعلائق عن كل الخلائق، واشتغالا بخدمة الخالق، وشرطه النية واللبث في المسجد، فعلى المعتكف أن يشتغل بالقرب من ذكر وقراءة للقرآن وصلاة نافلة ونحوه، ويجتنب ما لا يعنيه، والاعتكاف مشروع في حق الرجال والنساء، ولا حد لأقله في أصح قولي العلماء، ولا يبرح المعتكف المسجد إلا لما لا بد له منه من قضاء حاجة أو طعام ونحوه، أو لعذر كحيض أو مرض لا يتسنى معه المكث في المسجد، والمعتكف المتطوع أمير نفسه، ويبطل الاعتكاف بالوطء وبالخروج من المسجد لغير حاجة، وفي خروج المعتكف لعيادة المريض خلاف فقهي
 
الوسوم
أحكام الصيام موجز
عودة
أعلى