ما هي ضرورة الخشوع في الصلاة

إِنَّ الْحَـــــــمْدَ لِلهِ تَعَالَى، نَحْمَدُهُ وَ نَسْتَعِينُ بِهِ وَ نَسْتَهْدِيهِ وَ نَسْــتَنْصِرُه

وَ نَــــعُوذُ بِالْلهِ تَعَالَى مِنْ شُــــرُورِ أَنْفُسِنَا وَ مِنْ سَيِّئَــــاتِ أَعْمَالِنَا

مَنْ يَـــهْدِهِ الْلهُ تَعَالَى فَلَا مُضِــــلَّ لَهُ، وَ مَنْ يُـضْلِلْ فَلَا هَــــادِىَ لَه

وَ أَشْــــــــــهَدُ أَلَّا إِلَهَ إِلَّا الْلهُ وَحْــــــدَهُ لَا شَــــــرِيكَ لَه

وَ أَشْـــهَدُ أَنَّ مُحَمَّداً عَبْدُهُ وَ رَسُولُهُ، صَلَّى الْلهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ تَسْلِيمَاً كَثِيرَا

أَمَّـــا بَعْــــد
ما هي ضرورة الخشوع في الصلاة

ما هي ضرورة الخشوع في الصلاة

:*:*:[الخشوع المفقود ] :*:*:

:*:*:الكاتب :عبد الله بن علي بصفر:*:*:

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين وبعد:

فإن موضوع الخشوع في الصلاة من المواضيع التي يسأل عنها الناس كثيراً، خاصة من نوَّر الله قلبه بالهداية، وسلك طريق النجاة، فتراه يسأل كل شيخ وإمام وطالب علم، عن الطريق إلى الخشوع في الصلاة كما كان حالُ سلف هذه الأمة.

ومشاركة مني في الإجابة على هذا السؤال الذي أنا أحوج الناس إليه كتبت هذه الرسالة، والتي أصلها محاضرة ألقيتها بجدة، ولما رغَّب إليَّ بعض الأحباب أن أطبعها ليعم نفعها حرصت على ذلك، إلا أنني قد تأخرت في إجابة هذه الرغبة كثيراً، وذلك لقلة بضاعتي، وخشيتي أن أكون قد زاحمت العلماء وطلبة العلم الذين هم أولى مني بالكتابة، وأكثر علماً، وبعد زمن طويل وافقت على نشر هذه الرسالة على استحياء طمعاً في ثواب الله - عز وجل -، وأن أكون من الثلاثة الذين يستمر أجرهم بعد موتهم كما قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: ((إذا مات الإنسان انقطع عنه عمله إلا من ثلاثةٍ: صدقةٍ جارية، أو علمٍ ينتفع به، أو ولد صالح يدعو له)).

أسأل الله - تعالى - أن يتقبل مني هذا العمل خالصاً لوجهه الكريم، وأن يجعله في ميزان حسناتي وحسنات من ساعدني عليه، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العلمين.

تعريف الخشوع:

الخشوع في أصل اللغة: الانخفاض والذل والسكون.

فمنه: وصف الله - تعالى - الأرض بالخشوع؛ في قوله - تعالى -: (وَمِنْ آيَاتِهِ أَنَّكَ تَرَى الأَرْضَ خَاشِعَةً فَإِذَا أَنْزَلْنَا عَلَيْهَا الْمَاءَ اهْتَزَّتْ وَرَبَتْ إِنَّ الَّذِي أَحْيَاهَا لَمُحْيِي الْمَوْتَى إِنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ).

ومنه: وصف سكون أصوات الخلائق يوم القيامة بالخشوع؛ في قوله - جل وعلا -: (وَخَشَعَتِ الأَصْوَاتُ لِلرَّحْمَنِ فَلاَ تَسْمَعُ إِلاَّ هَمْسًا).

ومنه: وصف الكفار والمجرمين يوم القيامة بخشوع أبصارهم ووجوههم؛ كما في قوله - سبحانه وتعالى -: (هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ الْغَاشِيَةِ * وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ خَاشِعَةٌ).

وقوله - جل وعلا - أيضاً: (خَاشِعَةً أَبْصَارُهُمْ تَرْهَقُهُمْ ذِلَّةٌ).

أما تعريفه عند العلماء، فقد قال ابن القيم - رحمه الله تعالى -: "الخشوع: قيام القلب بين يدي الرب بالخضوع والذل والجمعية عليه أي: اجتماع القلب عليه، وقيل: الخشوع الانقياد للحق، وهذا من موجبات الخشوع، وقيل: خمود نيران الشهوة، وسكون دخان الصدور، وإشراق نور التعظيم في القلب، وقال الجنيد - رحمه الله -: الخشوع تذلُّل القلوب لعلام الغيوب".

أهمية الخشوع ومنزلته في الصلاة:

الصلاة صلة بين العبد وربه، وروح الصلاة الخشوع والتدبر وحضور القلب، والصلاة بغير خشوع كجسد بلا روح، وكيف يحيا الجسد بعد أن نزعت منه الروح؟.

ولهذا افتقد الناس اليوم لذة المناجاة في صلواتهم، لأنَّهم ضيَّعوا روحها وأهملوا الخشوع فيها، فأصبحوا بعيدين عن ثمراتها وبركاتها، ومن أعظم تلك الثمرات:

1-الفلاح في الدنيا والآخرة:

ومصداق ذلك قول الله - عز وجل – (قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ * الَّذِينَ هُمْ فِي صَلاَتِهِمْ خَاشِعُونَ).

2-تكفير الذنوب والخطايا:

وقد جاء في ذلك أحاديث كثيرة منها ما رواه عثمان بن عفان - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: ((ما من امرئ مسلم تحضره صلاة مكتوبة، فيحسن وضوءها وخشوعها وركوعها إلا كانت كفارة لِما قبلها من الذنوب ما لم يُوْتِ كبيرةً، وذلك الدهر كلَّه)).

وله في حديث أيضاً عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: ((من صلَّى ركعتين لا يُحدِّث فيهما نفسه غُفر له ما تقدَّم من ذنبه)).

قال الإمام المقدسي - رحمه الله -: "واعلم أنَّ للصلاة أركاناً وواجبات وسنناً، وروحها النية والإخلاص والخشوع وحضور القلب، فإن الصلاة تشتمل على أذكار ومناجاة وأفعال".

ومع عدم حضور القلب لا يحصل المقصود بالأذكار والمناجاة؛ لأن النطق إذا لم يعرب عما في الضمير كان بمنزلة الهذيان، وكذلك لا يحصل المقصود من الأفعال؛ لأنه إذا كان المقصود من القيام الخدمة، ومن الركوع والسجود الذل والتعظيم، ولم يكن القلب حاضراً، لم يحصل المقصود، فإن الفعل متى خرج عن مقصوده بقي صورة لا اعتبار بها، قال الله - تعالى -: (لَنْ يَنَالَ اللهَ لُحُومُهَا وَلاَ دِمَاؤُهَا وَلَكِنْ يَنَالُهُ التَّقْوَى مِنْكُمْ).

الخشوع محله القلب وثـمرته أعمال الجوارح:

يشمل الخشوع عدداً من المعاني:

1- حضور القلب، وسببه الهم والانشغال، وشدة الارتباط، فإنه متى أهمك أمرُ الصلاة وكان انشغالك بها دون سواها، حضر قلبك ضرورةً.

2- ثم التفهم لكل لفظ يتلفظ به من قرآن وأدعية.

3- ثم التعظيم لله والهيبة، وهو يترتب على ما سبقه من الهم والفهم، فالتكبير يعبر عن تعظيم، الله فوق كل عظيم واستشعار ذلك يحمل على الخشوع.

4- ثم الهيبة وهي مترتبة على التعظيم وداعية إلى الخشوع.

5- ثم الرجاء وهو الرغبة في تحقق المطلوب من صالح الدنيا والآخرة؛ فمن علم أن مصالح دنياه وآخرته بيد الملك الديان وحده لا يمنحها غيره، كان عليه أن يخشع ويتذلل له؛ لأنه لا يستطيع الاستغناء عنْ ما عند الله، ولا يمكن تحصيله من غيره.

6- ثم الحياء - وهو ثمرة ذلك كله -: وهو حالة نفسية تحجز صاحبها عن مخالفة أوامر الملك الديان ونواهيه، وعن كل مالا ينبغي.

قال ابن قيم الجوزية - رحمه الله تعالى -: "وأجمع العارفون على أن الخشوع محله القلب، وثمرته على الجوارح".

ولذلك عندما رأى سعيد بن المسيب - رحمه الله - رجلاً يعبث بلحيته في الصلاة قال: "لو خشع قلب هذا لخشعت جوارحه".

وقال حذيفة - رضي الله عنه -: "إياكم وخشوع النفاق، فقيل له: وما خشوع النفاق؟ قال: أن ترى الجسد خاشعاً والقلب ليس بخاشع".

وعن معاذ بن جبل - رضي الله عنه - قال: "مَن عَرَف من على يمينه وشماله متعمداً وهو في الصلاة فلا صلاة له".

ورأى عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - رجلاً طأطأ رقبته في الصلاة فقال: "يا صاحب الرقبة ارفع رقبتك، ليس الخشوع في الرقاب، وإنما الخشوع في القلوب".

ورأت عائشة - رضي الله عنها - شباباً يمشون ويتماوتون في مشيتهم، فقالت لأصحابـها: من هؤلاء؟ قالوا: نُسَّاك، فقالت: كان عمر بن الخطاب إذا مشى أسرع، وإذا قال أسمع، وإذا ضرب أوجع، وإذا أطعم أشبع، وكان هو الناسك حقاً.

وكان الفضيل بن عياض - رحمه الله - يقول: كان يُكْرَهُ أن يُرِيَ الرجلُ من الخشوعِ أكثرَ مما في قلبه.

وقال سهل: من خشع قلبه لم يقرب منه الشيطان.

ورأى بعض العارفين رجلاً خاشع المنكبين والبدن، فقال: يا فلان، الخشوع هاهنا، وأشار إلى صدره، لا هاهنا وأشار إلى منكبيه.

وقال سفيان الثوري - رحمه الله -: "من لم يخشع فسدت صلاته".

وقال الحسن: "كل صلاة لا يحضر فيها القلب فهي إلى العقوبة أسرع".

أول ما يرفع من هذه الأمة: الخشوع:

عن أبي الدرداء - رضي الله عنه - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: ((أول شيء يرفع من هذه الأمة الخشوع، حتى لا ترى فيها خاشعاً)).

وقال حذيفة - رضي الله عنه -: "أول ما تفقدون من دينكم الخشوع، وآخر ما تفقدون من دينكم الصلاة، وربَّ مصلٍّ لا خير فيه، ويوشك أن تدخل مسجد الجماعة فلا ترى فيهم خاشعاً".

الدواء الناجع لحضور القلب والخشوع:

لا يلهي عن الخشوع إلا الخواطر الواردة الشاغلة، وعلاج ذلك في دفع تلك الخواطر ولا يُدفع الشيء إلا بدفع سببه، والسبب إما أن يكون ظاهراً أو باطناً.

- فأما الظاهر، فما يقرع السمع أو يظهر للبصر؛ فإن ذلك يختطف الهم، فعلاجه أن يزيل السبب ويغض البصر ويبتعد عن الصلاة في الشارع وعما يشغله، ففي الحديث: "لما لبس رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الخميصة التي أتاه بها أبو جهم وعليها علم وصلى بها نزعها بعد صلاته، وقال: ((اذهبوا بخميصتي هذه إلى أبي جهم، وأْتُونِي بأنِبجَانِيَّةِ أبي جهم، فإنها ألهتني آنفاً عن صلاتي))، وكذلك لما جُدد شراك نعله ثم نظر إليه في صلاته.

وأخرج الإمام مالك- رحمه الله - أن أبا طلحة - رضي الله عنه - كان يصلى في حائط له فطار دُبْسِيٌّ فطفق يتردد يلتمس مخرجاً فلا يجد، فأعجبه ذلك، وجعل يتبعه بصره ساعة ثم رجع إلى صلاته، فإذا هو لا يدري كم صلى، فقال: لقد أصابني في مالي هذا فتنة فجاء إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فذكر له الذي أصابه في حائطهِ من الفتنةِ، وقال: "يا رسول الله، هو صدقةٌ لله فضعهُ حيث شئت".

- وأما الأسباب الباطنة فهي أشد، فإن من تشعبت به الهموم في أودية الدنيا، لا ينحصر فكره في أمر واحد بل لا يزال يطير من جانب إلى جانب.

وعلاجه: أن لا يدخل في صلاة إلا وقد أتم أموره وقضى ما عليه من واجبات، فقد روى أبو داود أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال لعثمان بن طلحة - رضي الله عنه -: ((إني نسيت أن آمرك أن تخمّر القَرْنَيْنِ، فإنه ليس ينبغي أن يكون في البيت شيء يشغل المصلي)).

ثم اليقين فإنه يعينه على الاشتغال بالصلاة وذكر الله، وقد بيّن الإمام ابن القيم أن نمو الخشوع إنما يكون:

1- بترقب آفات النفس والعمل.

2- ورؤية كل ذي فضل عليك.

فإن انتظار ظهور نقائص نفسك وعملك، وعيوبهما لك يجعل القلب خاشعاً لا محالة؛ لمطالعته عيوب نفسه وأعماله ونقائصها من الكبر والعجب والرياء، وضعف الصدق وقلة اليقين.

وأما رؤية فضل كل ذي فضل عليك فهو أن تراعي حقوق الناس فتؤديها، ولا ترى أن ما فعلوه من حقوقك عليهم، فلا تعاوضهم عليها.

قال ابن القيم: وسمعت شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله - يقول: "العارف لا يرى له على أحد حقاً، ولا يشهد له على غيره فضلاً، ولذلك لا يعاتب، ولا يطالب، ولا يضارب".

ويكمل الخشوع: أولاً بتصفية الوقت من مراءاة الخلق، فيخفي أحواله عن الخلق جهده، كخشوعه وذله وانكساره؛ لئلا يراها الناس فيعجبه اطلاعهم عليها، ورؤيتهم لها، فيفسد عليه وقته وقلبه وحاله مع الله، فلا شيء أنفع للصادق من التحقق بالمسكنة والفاقة والذل، وأنه لاشيء، وأنه ممن لم يصح له بعدُ الإسلامُ حتى يدَّعِى الشرف فيه.

قال ابن القيم: "ولقد شاهدت من شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله - من ذلك أمراً لم أشاهده من غيره، وكان يقول كثيراً: مالي شيء، ولا مني شيء، ولا فيّ شيء، وكان كثيراً ما يتمثل بهذا البيت:

أنا المُكدِّي وابن المكدِّي *** وهكذا كان أبي وجدِّي

وكان إذا أُثنِيَ عليه في وجهه يقول: والله إني إلى الآن أْجَدِّدُ إسلامي كل وقت، وما أسلمت بعدُ إسلاماً جيداً.

وبعث إِليَّ في آخرِ عمره قاعدة في التفسير بخطه، وعلى ظهرها أبيات بخطه من نظمه:

أنا الفقير إلى ربِّ البريات *** أنا المُسَيْكين في مجموع حالاتي

أنا الظَّلومُ لنفسي وهي ظالمتي *** والخيرُ إن يأتِنا من عنده يأتي

لا أستطيع لنفسي جلبَ منفعةٍ *** ولا عن النفس لي دفع المضرات

والفقر لي وصفُ ذاتٍ لازمٌ أبـداً *** كما الغنى أبداً وصف له ذاتي

ثانياً: تجريد رؤية الفضل: وهو أن لا يرى الفضل والإحسان إلا من الله، فهو المانُّ به بلا سبب من العبد، بل إن جميع ما وصله من خير فمن مِنِّةِ الله عليه، من غير استحقاق منه ولا بذل عوض استوجب له ذلك؛ كما قال - تعالى -: (يَمُنُّونَ عَلَيْكَ أَنْ أَسْلَمُوا قُلْ لاَ تَمُنُّوا عَلَيَّ إِسْلاَمَكُمْ بَلِ اللهُ يَمُنُّ عَلَيْكُمْ أَنْ هَدَاكُمْ لِلإِيمَانِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ) [سُورَةُ الْحُجُرَاتِ: 17].

صلِّ صلاة مُودِّع:

مما يعين على الخشوع ويدعو إليه، أن تدخل الصلاة وأنت ترى أنها آخر صلاةٍ لك، فالأعمار بيد الله، وقد يفاجأك الموتُ بعد هذه الصلاة فلا تدرك غيرها؛ فإذا كنتَ فيها محسناً خاشعاً كان هذا من سعادتك وحسن خاتمتك.

أتى النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - رجل فقال: يا رسول الله، حدثني حديثاً واجعله موجزاً، فقال له النبي - صلى الله عليه وسلم -: ((صلِّ صلاة مودع، كأنك تراه، فإن كنت لا تراه، فإنه يراك، وأْيَس مما في أيدي الناس تعش غنياً، وإياك وما يتعذر منه)).

وعن سعد بن عمارة أخي سعد بن بكر-وكانت له صحبة-أن رجلاً قال له: عظني في نفسي يرحمك الله. قال: "إذا أنت قمت إلى الصلاة فأسبغ الوضوء، فإنه لا صلاة لمن لا وضوء له، ولا إيمان لمن لا صلاة له"، ثم قال: "إذا أنت صليت فصلِّ صلاة مودع، واترك طلب كثير من الحاجات؛ فإنه فقر حاضر، واجمع اليأس مما في أيدي الناس فإنه هو الغني، وانظر إلى ما تعذر منه من القول والفعل فاجتنبه".

نماذج من الخاشعين:

1- في ذات ليلة في غزوة ذات الرقاع قال النبي - صلى الله عليه وسلم - لأصحابه: ((مَنْ رجَلٌ يكلؤنا؟)) فانتدب رجل من المهاجرين، ورجل آخر من الأنصار فقالا: نحن يا رسول الله، فقال: ((كُونا بفم الشِعب))، فلما خرج الرجلان إلى فم الشِعب اضطجع المهاجري، وقام الأنصاري فصلى فأتى الرجل -يعني من المشركين- فلما رأى شخصه عرف أنه ربيئةٌ للقوم، فرماه بسهم فوضعه فيه، فنزعه حتى رماه بثلاثة أسهم، ثم ركع وسجد، ثم انتبه صاحبه، فلما عرف أنهم قد نذروا به هرب، فلما رأى المهاجري ما بالأنصاري من الدماءِ قال: سبحان الله! أَنْبَهتَني أول ما رمى؟! قال: كنت في سورة أقرؤها، فلم أحب أن أقطعها.

2- وعن أبي نوح الأنصاري قال: وقع حريق في بيت فيه علي بن الحسين، وهو ساجد؛ فجعلوا يقولون له: يا ابن رسول الله، يا ابن رسول الله، النار، فما رفع رأسه حتى أطفئت، فقيل له: ما الذي ألهاك عن النار؟ قال: ألهتني عنها النار الأخرى.

وكان إذا توضأ أصابته رعدة؛ فقيل له: مالك؟ فقال: أتدرون بين يدي من أقوم ومن أناجي؟!.

3- وعن يحيى بن وثَّاب: "أن ابن الزبير كان يسجد حتى تنـزل العصافير على ظهره لا تحسبه إلا جذع حائط".

4-عن جعفر بن زيد قال: خرجنا في غزاة على كابل، وفي الجيش صلة ابن أشيم قال: فترك الناس عند القمة، ثم اضطجع فالتمس غفلة الناس، حتى إذا قلت- هدأت- العيون وثب فدخل غيضه قريباً منه، فدخلت في أثره فتوضأ، فقام يصلي فافتتح الصلاة.

قال: وجاء أسد حتى دنا منه فصعدت إلى شجرة، فقلت: الآن يفترسه، فلا شيء، فجلس ثم سلم، فقال: أيها السبع اطلب الرزق من مكان آخر، فولى وله زئير - أقول: تصدعت منه الجبال -، فمازال كذلك يصلي حتى لما كان عند الصبح جلس فحمد الله بمحامد لم أسمع بمثلها ما شاء الله، ثم قال: اللهم إني أسألك أن تجيرني من النار، أو مثلي يجترئ أن يسألك الجنة؟! ثم رجع فأصبح كأنه بات على الحشايا، وقد أصبحت وبي من الفترة شيء الله به عليم.

5- كان منصور بن المعتمر يصلي في سطحه، فلما مات قال غلام لأمه- جار له-: يا أماه، الجذع الذي كان في سطح آل فلان- يعني آل منصور- ليس أراه، قالت: يا بني ليس ذلك جذعاً، ذاك منصور قد مات.

6-وقال أحمد بن إسحق في وصف محمد بن نصر ما رأيت أحسن صلاة منه، ولقد بلغني أن زنبوراً قعد على جبهته، فسالت الدماء على وجهه ولم يتحرك.

7- قدم عروة بن الزبيـر على الوليد بن عبد الملك حين دويت رجله، فقيل لعروة: اقطعها، فقال: إني لأكره أن أقطع مني طائفاً؛ فارتفع الداء إلى الركبة، فقيل له: إن وقعتْ في ركبتك قَتلَتك؛ فقطعها، فلما كان بعد أيام قام محمد بن عروة ليلاً فسقط من أحد الأسطح في إسطبل دواب الوليد، فضربته بقوائمها حتى قَتَلَتْه، فأتى رَجُلٌ عروةَ يُعَزِّيه، فقال له عروة: إن كنت جئت تعزِّي برجلي، فقد احتسبتها، فقال: بل أعزِّيك في محمد ابنك، قال: وماله؟ فخبِّر بشأنه فأنشد:

وكنت إذا الأيام أحدّثْن نكبةً *** أقول شوىً مالم يصبن صميمي

ثم رفع يديه يدعو ويقول: "اللَّهُمَّ أخذتَ عضواً وتركت أعضاء، وأخذت ابناً وتركت أبناء، ولئن كنت أخذت لقد أبقيت، وإن كنت أبليت فقد عافيت".

ولما نزل المدينة نزل مسكنه بالعقيق، فأتاه محمد ابن المنكدر، فقال له: كيف كنت؟ قال: (لَقَدْ لَقِينَا مِنْ سَفَرِنَا هَذَا نَصَبًا) [سُورَةُ الكَّهْفِ: 62]

وتمثَّل بأبيات معن بن أوس:

لعمرك ما أهديت كفي لريبة *** ولا حملتني فوق فاحشة رجلي

ولا قادني سمعي ولا بصري لها *** ولا دلَّني رأيي عليها ولا عقلي

وأعلم أني لم تصبني مصيبة *** من الدهر إلاَّ قد أصابت فتى قبلي

فما أعظم قوَّة الإيمان، وما أبدع الرضا والسكينة التي يتحلى بها المؤمنون الصادقون.

اللَّهُمَّ ارزقنا الرضا بقضائك وقدرك يا ربَّ العالمين.

ما هي ضرورة الخشوع في الصلاة



 
شكرااااااا

شكرااااااا

شكرااااااا

شكرااااااا

شكرااااااا

شكرااااااا

شكرااااااا

شكرااااااا

شكرااااااا

شكرااااااا​
 
التعديل الأخير بواسطة المشرف:
يسعدني ويشرفني مروووووورك العطر
لك مني اجمل باقات الشكر والتقدير
 
الوسوم
الخشوع الصلاة ضرورة في هي
عودة
أعلى